شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار11%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187627 / تحميل: 9844
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

شرح الأخبار

 في

 فضائل الائمة الاطهار

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

١
٢

بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على القائل « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لامّتي » وعلى عترته الطيّبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

من الواضح المعلوم أنّ الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين أمناء الله على عباده وخلفاؤه في أرضه وهم السبل الواضحة التي تهتدي بها البشريّة وسفن النجاة التي لا يغرق من ركبها وهم معادن علم الله ومحطّ بركاته لا يعرف فضلهم ولا تدرك منزلتهم ولا يوصف ثناؤهم ، ولا يسع لأحد التعرّف عليهم بما هم إلاّ الله ورسوله. ولذالك نرى القرآن الكريم أبان فضلهم وعرّف قدرهم وبيّن مقامهم وأظهر شأنهم ومن جهة أخرى قام الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببيان مقامهم في ضمن أحاديث كثيرة جمعها أرباب الحديث في تصانيفهم وأخذ كلّ بقدر وسعة منها وسردها في كتابه ، منهم القاضى النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون الإماميّ المذهب في كتاب سمّاه بـ « شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار » وهو لم يطبع بعد بهذا الكيفية ، وقد قام العلاّمة السيّد محمّد الجلالي بتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه ومقابلته مع نسخ خطّية متعدّدة فجزاه الله خير الجزاء وجعله من أحسن موالي البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وقد قامت المؤسّسة ـ بحمد الله ومنّه ـ بطبع ونشر هذا السفر الشريف كي تتعرّف الأمّة الإسلاميّة أكثر على فضائل ومناقب آل الرسولعليهم‌السلام ، سائله المولى عزّ وجلّ لها وللسيّد المحقّق التوفيق لخدمة الإسلام ونشر علوم أهل البيت إنّه سميع مجيب.

مؤسّسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة

٣

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أفضل رسله وأشرف بريّته أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين. آمين يا ربّ العالمين.

٤

مقدّمة المحقّق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحقائق التاريخية هي منتهى آمال الباحثين ومطمح انظار المحققين ، فمن خلال الدراسة والتحقيق يتمّ التعرف على مدى ثقافة وعظمة الامم السالفة لمعرفة وتثمين وتقصّي النقاط الإيجابية منها. بيد أن الدوافع المادية والنزعات القبلية لذوي النفوس الشريرة فرضت بأساليب مختلفة وطرق متباينة من ترغيب وترهيب وتطميع وتعذيب لتدوين التاريخ المتداول ملائما لميولها ومنسجما مع أغراضها ومجانسا لمآربها ومشبعا لرغباتها ، فلو كان التاريخ على حقيقته لكشف لنا الكثير من نتائج المعادلات المجهولة التي لو كانت لدينا لحصلنا واكتسبنا مزيدا مما نروم إليه في حياتنا العملية وتعاملنا وتفاعلنا مع الحوادث والافراد والامم بالشكل الموضوعي الموصل بالمجتمع الى الخير والسعادة والتقدم والازدهار وتجنبنا المزيد من عوامل التخلف والشقاء والتفرق ، ومن البديهي ـ الغير القابل للجدل ـ أن يحاول المستبدون والجبابرة والمستعمرون بالإضافة الى طمس المعالم الخلقية والظواهر الطيبة والبوادر الخيرة لأجل تمرير أحقادهم وتسييب شعوبهم وتحكيم موقعهم منطلقين من مبادئهم وآرائهم التي تمخّضت عن تلكم النتائج البغيضة ، فرغم توليد الأحقاد وتباعد الشعوب والأفراد حرمان الأجيال القادمة من الارتواء من معرفة أسلافهم إلا النزر القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأوضح مصداق واكبر برهان لما

٥

ذكرنا ما عاناه أهل البيتعليهم‌السلام الذين جعلهم الله نبراسا ومنارا وملاذ لنا لنقتدي بهم ونتمسك بحبلهم ونلجأ إليهم ونستلهم من سيرتهم ، وهم الذين ارتضاهم الله وخصّهم بقوله : «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(١) .

من ذوي النفوس الخبيثة والمآرب الشريرة ـ كذوي الأعين المصابة بالرمد ـ آلوا على أنفسهم وشدوا العزم على إطفاء هذا النور الساطع والضياء المنتشر ، ليدوم سلطانهم ودولتهم بل لم يكتفوا بالقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل حتى شمّروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى الجهود وصرفوا اكثر ما في وسعهم لقلب الحقائق وتشويه الصور وتعكير الأجواء ، ففي أربعين عاما من أيام التاريخ الإسلامي كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يسبّ على منابر المسلمين في خطب الجمعة وغيرها وتلصق به أنواع التهم والإفترءات ، وقتل حتى من يحتمل موالاته ومحبته لعليعليه‌السلام ، حتى أن الحجاج أمر باحراق محلة بما فيها لأجل اختفاء موال فيها. و و ولكن ما أسرع أن تبدد الظلام ولاح نور الصباح في الافق وبانت الحقيقة وظهر الحق رغم قسره على الاختفاء. مصداقا لوعده وهو أصدق القائلين «وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ». والكتاب الذي بين يديك من تلك المظاهر مما حدى بي الى اختياره للتحقيق. وقد كانت منذ أمد بعيد تساورني هواجس وخلجات تحفزني فكرة تأليف سفر في هذا المعنى ، ولما وجدت هذا الكتاب موفيا لرغبتي زاد شوقي إليه ، وبادرت الى تحقيقه واخراجه الى عالم الطباعة.

__________________

(١) الاحزاب ٣٣.

٦

نسخ الكتاب :

إنه من الكتب العزيزة النزيرة النسخ ، ولعل السبب في ذلك إضافة الى تعدد أجزائه ، وتفرقة في البلاد هو قلة الناسخين له ، فلم يتعدّ ناسخوه المعدودين بالاصابع المنتمين الى الفرقة الإسماعيلية التي تحرص أشدّ الحرص للحفاظ على كتبها لئلا يطّلع عليها من هو خارج عن هذه الفرقة. ورغم ذلك فقد حاولت حثيثا وجهدت مليا حتى حصلت على جميع أجزاء الكتاب من بلدان عديدة في العالم. فهناك أجزاء وجدت في المكتبات الاوربية صوّرها وأرسلها لي مشكورا الأخ العلاّمة الحاج السيد محمد حسين الحسيني الجلالي دام توفيقه من امريكا وهناك أجزاء عثرت عليها في مكتبة جامعة طهران ، وهناك أجزاء خطية ومصوّرة وقفت عليها في مكتبة السيد المرعشي بقم ـ ولعل اكمل مجموعة من أجزاء الكتاب هي ما وقفت على مصوّرتها أخيرا في مكتبة السيد المرعشي دام ظله ـ.

وأمّا النسخ التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب فهي :

١ ـ نسخة جامعة طهران :

تحتوي على الأجزاء ١ ـ ٧ في ٢١٦ صفحة بمقياس ٢١ * ١٥ سم. وفي كل صفحة ٢١ سطرا.

وهذه النسخة كانت لدى الميرزا النوري ـ صاحب مستدرك الوسائل ـ ثم انتقلت الى السيد محمّد مشكاة الذي أهداها بدوره الى مكتبة جامعة طهران في سنة ١٣٢٨ هجرية.

وقد ذكرها الميرزا النوري في مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢١ بقوله : عثرنا بحمد الله تعالى على نسخة عتيقة منه إلا أنه ناقص من أوله وآخره ، أظنه أوراق

٧

يسيرة.

وفي الحقيقة أن الساقط من الكتاب ـ نسخة الجامعة ـ ما يقارب النصف الأول من الجزء الأول ، ومن آخره هو اكثر من نصف الكتاب ـ أي تسعة أجزاء ـ ، ولعل السبب في توهم العلاّمة النوري ـ ره ـ بأن الساقط أوراق يسيرة هو الكتابة الموجودة على صفحة الغلاف ، من أن الساقط من الكتاب هو ثلاثة أوراق.

وهذه النسخة محفوظة في مكتبة جامعة طهران برقم ٩١٦. وقد رمزنا لها بالحرف الألف.

٢ ـ نسخ مكتبة السيد المرعشي :

أ ـ نسخة خطية تحتوى على الأجزاء ١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ بخط محمّد بن يوسف علي وهو برقم ٤٢٠٢ ، وعدد صفحات هذه النسخة ٢٧٨ صفحة بمقياس ١٤ * ٥ / ٨ سم ، وفي كل صفحة ١٧ سطرا.

وقد رمزنا لها بالحرف ـ ب ـ.

ب ـ نسخة خطية في مجلّدين برقم ٣٧٣١ و ٣٧٥١ تحتوى على الأجزاء ٥ ، ٦ ، ٧ ، ٨ بخط حسين بن عبد العلي المباركفوري الأعظمي.

والمجلّد الأول المرقم ٣٧٣١ يحتوي على الجزءين ٥ و ٦ وهو مؤرخ بتاريخ ١٣١٦ هجرية والمجلّد الثاني المرقم ٣٧٥١ يحتوي على الجزءين ٧ و ٨ مؤرخ بتاريخ ١٣٥٠ هجرية.

وتقع هذه النسخة في ٣٠٦ صفحة بمقياس ٨ * ١٥ سم وفي كل صفحة ١٢ سطرا.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ج ـ.

٣ ـ نسخة مصورة محتوية على الأجزاء ١ ، ٢ ، ٤ ، ٦ ، ٧ وتقع في ٢٢٧

٨

صفحة بمقياس ٥ / ٢١ * ١١ سم وفي كل صفحة ٢٣ سطرا تقريبا.

وهذه النسخة مجهولة التاريخ والناسخ إلا أنها تمتاز بكونها مشكولة ، وعليها عدة بلاغات مما يدل على مقابلتها وتصحيحها.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ د ـ.

٤ ـ نسخة مصورة اخرى تحتوى على الأجزاء ٩ ـ ١٢ في ٢٦٧ صفحة بمقياس ٥ / ١٣ * ٥ / ٧ سم وفي كل صفحة ١٦ سطرا.

وهذه النسخة مجهولة الناسخ والتاريخ إلا أن عليها تملكا نصّه : مما منّ الله به على عبدوليه ( كلمة لا تقرأ ) بن الشيخ الفاضل الحاج حبيب الله.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ هـ ـ.

٥ ـ نسخة مصورة ـ ثالثة ـ تحتوى على الأجزاء ٦ ـ ١٠ في ٢١٧ صفحة بمقياس ١٣ * ٨ سم ، وفي كل صفحة ١٣ سطرا مؤرخة ١١١٦ هجري وعليها تملّك محمد علي بن فتح بهائي بن سليمان حي بهائي ساكن سكندرپور في محلة كوثر. كما ورد على ظهر النسخة. وهي من كتب الجمعية الاسماعيلية بلندن تحت الرقم ٥٨٤٥.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ و ـ.

٦ ـ نسخة مصورة ـ رابعة ـ تحتوى على الأجزاء ١٣ ـ ١٦ في ٢٨٥ صفحة بمقياس ١٤ * ٥ / ٨ سم وفي كل صفحة ١٥ سطرا.

والنسخة الخطية مؤرخة سنة ١٢٩٥ هجرية محفوظة في الجمعية الاسماعيلية في بمبئي برقم ١٦٧ الف و ١٢٩ ـ ن ـ.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ز ـ.

٧ ـ نسخة مصورة ـ خامسة ـ تحتوي على الجزءين : ١٣ و ١٤ في ١٥٥ صفحة ١٥ * ٥ / ٩ سم وفي كل صفحة ١٥ سطرا. أرسلها سماحة العلاّمة الأخ السيد محمّد حسين الجلالي وهي نسخة جامعة لندن غير مؤرخة برقم ٢٥٤٣٢. وعلى

٩

النسخة تملّك نصّه : ملك طيب علي ملاجيوا بهائي. وقد ضبط فيضي كلمة : ( ملاچى ) ، وقال : إنها اسرة معروفة لدى طائفة البهرة الداودية لما لها من مكانة علمية متوارثة. ( كما جاء في مقدمة الدعائم ١ / ١٨ / ط / القاهرة ١٢٨٩ هـ ) وعلى النسخة أبيات تدعو الى محبة نجم الدين الداعي وهو نجم الدين بن زكي الدين المتوفى سنة ١٢٣٢ هجرية.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف ـ ح ـ.

ولدينا نسخة مطبوعة من الجزء الخامس عشر ـ طبعة إيفانوف ـ غير أن هذه الطبعة منتخب من الجزء الخامس عشر طبعت عام ١٩٤٢ م بمطبعة اوكسفورد ضمن سلسلة البحوث الإسماعيلية وتقع في ٣٤ صفحة.

عملنا في الكتاب :

إن هذا الكتاب من الكتب النادرة ، وقد انفرد القاضي بإيراد روايات عزيزة لم نقف عليها في مصادر اخرى. أضف الى ذلك وجود روايات اخرى لم تكن من السهل العثور عليها في المصادر الحديثية الموجودة بأيدينا لأجل تقطيعها أو ذكر محل الحاجة منها ، ومع ذلك استقصينا الجهد في تخريج الروايات وشرح الغريب من ألفاظها بالاعتماد على المصادر الكثيرة والمراجع اللغوية. وألحقنا بكل جزء من أجزاء الكتاب ملحقا بعنوان ـ تخريج الأحاديث ـ وذكرنا فيه شواهد الروايات التي أوردها المؤلف ومتابعاتها كما حاولنا ذكر المزيد من المؤيدات لتلك الروايات اعتمادا على امّهات المراجع من كتب العامة والخاصة مع تقديم كل نصّ أقرب لما ذكره المؤلف. وذكرنا أسانيدها بايراد أسماء الرواة دون التعرض الى ما لا يلزم ذكره من قبيل الالقاب والكنى ، ومراعات عدم الإطالة والتكرار.

وقد قمنا أساسا في التحقيق بعد ضبط النصّ ومقابلته مع النسخ المتوفّرة

١٠

والمصادر الاخرى بما يلي :

أ ـ ترقيم الأحاديث بالتسلسل وفق ما وجدناه في النسخ المستحضرة لتحقيق الكتاب.

ب ـ جعل ما سقط من نسخة الأصل ووجدناه في النسخ الاخرى بين قوسين ، وما وجدناه في المصادر الاخرى ضمن معقوفتين هكذا [ ].

ج ـ الإشارة الى اختلاف الكلمات أو الجمل الموجودة بين النسخ في الهامش.

د ـ تبديل الكلمات التي وردت في تضاعيف الكتاب الى الرسم المتداول كالزكاة والصلاة الى الزكاة والصلاة.

هـ ـ تبديل ما رمز إليه في بعض النسخ من عبارات الإجلال والتعظيم للفظ الجلالة والصلاة على النبيّ والائمة والترضية على الصحابة الكرام بالعبارات الصريحة.

وختاما أسأل المولى القدير أن يوفقنا لما يحبّ ويرضى إنه سميع مجيب.

محمّد الحسينيّ الجلالي

شهر رمضان المبارك ١٤٠٧ هـ

١١

١٢

١٣

١٤

١٥

١٦

المؤلّف والكتاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

شارك المؤلّف أبو حنيفة النعمان الشيعي ـ المتوفّى سنة ٣٦٣ هـ ـ في الدعوة الفاطمية في مهدها بالمغرب ، وقام بتأصيل اصولها حتى أصبحت الدعوة تعتمد على النشاط الفكري للمؤلّف بقدر اعتمادها على النشاط السياسي للخلفاء الفاطميين.

ولدوره البارز في الدفاع عن حريم التشيّع اعتبرته بعض المصادر الشيعية إماميا اثنا عشريا ، بالرغم من كثرة مؤلّفاته التي تعتبر مصدر عطاء للمذهب الاسماعيلي ، ولا يزال أتباع المذهب الاسماعيلي يعبّرون عنه بألفاظ التجليل التي لا يصفون غيره بها ، كألفاظ « سيّدنا الأوحد » و « القاضي الأجل » و « سيّدنا القاضي ».

وبالرغم من انغلاق أبواب المكتبة الاسماعيلية في وجه الباحثين لعوامل التقيّة التي أصبحت متأصّلة في نفوسهم وحرمت العلم من أصحابه فقد تمكّن الأخ السيّد محمد الحسينيّ الجلالي ـ حفظ الله ـ بسعيه الحثيث أن يجمع أفراط هذا الكتاب « شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار » من مختلف المكتبات ويقدمها سلسلة منضودة كاملة.

ترجمة المؤلّف :

هو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون ، واتفقت

١٧

المصادر على وصفه بالفضل والعلم والنبل ، وصرّحت بتولّيه القضاء ، وانفرد ابن العماد الحنبلي ( ت / ١٠٨٩ هـ ) على نسبته الى التشيّع ظاهرا والزندقة باطنا ، وهو نابع من الخلاف المذهبي.

وقال معاصره المعز لدين الله ( ت / ٣٦٥ هـ ) رابع خلفاء الفاطميين : « من يؤدّي جزء ممّا أدّاه النعمان أضمن له الجنّة بجوار ربّه »(١) .

ووصفه ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي ( ت / ٣٨٧ هـ ) بقوله : « في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه ، وعالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والعقل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف »(٢) .

أمّا الأمير المختار عزّ الملك محمد الكاتب المسيحي فوصفه بقوله : « كان من أهل العلم والفقه والرأي والنبل على ما لا مزيد عليه وله عدّة تصانيف »(٣) .

وقال عنه محمد بن علي بن شهرآشوب ( ت / ٥٨٨ هـ ) : « ابن فياض القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي وكتبه حسان »(٤) .

وابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) قال : « أحد الائمة الفضلاء المشار إليهم وكان مالكيّ المذهب ثم انتقل الى مذهب الامامية »(٥) .

واليافعي ( ت / ٧٦٨ هـ ) قال : « كان من أوعية العلم والفقه والدين »(٦) .

وابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ( ت / ٨٥٢ هـ ) قال : « كان مالكيا ثم

__________________

(١) عن عيون الأخبار : للداعي إدريس ، راجع أعلام الاسماعيلية : ص ٥٩.

(٢) ابن خلكان : ٥ / ٤١٦ ، ويراجع البداية والنهاية.

(٣) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٥.

(٤) معالم العلماء : ص ١٢٦.

(٥) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٥.

(٦) مرآة الجنان : ٢ / ٢٧٨.

١٨

تحوّل إماميا وولّي القضاء للمعزّ العبيدي صاحب مصر وصنّف لهم التصانيف على مذهبهم ، وفي تصانيفه ما يدل على انحلاله »(١) .

والداعي إدريس عماد الدين القرشي ( ت / ٨٧٢ هـ ) يقول : « إن النعمان كان في مكانة رفيعة جدا قريبة من الأئمة ، وأنه كان دعامة من دعائم الدعوة »(٢) .

وابن تغرى بردى يوسف ( ت / ٨٧٤ هـ ) يقول : « قاضي مملكة المعز ، وكان حنفيّ المذهب ، لأن المغرب كان يومذاك غالبه حنفية الى أن حمل الناس على مذهب مالك فقط المعر بن باديس »(٣) .

وابن العماد الحنبلي ( ت / ١٠٨٩ ) يقول : « القاضي أبو حنيفة الشيعي ظاهرا الزنديق باطنا قاضي قضاة الدولة العبيدية »(٤) .

هذا ولم يذكر المتأخّرون شيئا جديدا في وصف المؤلّف ، راجع الحرّ العاملي ( ت / ١١٠٤ هـ )(٥) ، وبحر المعلوم ( ت / ١٢١٢ )(٦) وشيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ )(٧) ، ويعتبر ابن شهرآشوب ( ت / ٥٨٨ ) الوحيد الذي وصفه بابن الفيّاض ، ولم اهتد للوجه الصحيح لهذه النسبة سوى أن والد المؤلّف أبو عبد الله محمد القيرواني كان كما يقول ابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) : « قد عمّر ، ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة » فاذا صحّ تلقّبه بالفيّاض ، والمؤلّف بابن الفيّاض ، وربّما

__________________

(١) لسان الميزان : ٦ / ١٦٧.

(٢) عن عيون الأخبار له ، راجع مقدّمة اختلاف اصول المذاهب ص ١٣ لمصطفى غالب.

(٣) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٠٦.

(٤) شذرات الذهب : ٣ / ٤٧.

(٥) أمل الآمل : ٢ / ٣٣٢.

(٦) رجال بحر العلوم « الفوائد الرجالية » : ٤ / ٥.

(٧) نوابغ الرواة : ٤ / ٣٢.

١٩

عثر ابن شهرآشوب على مصدر لذلك ، فإن كتبه تشهد بأنه كان على اطّلاع واسع للمصادر التي لم تصل يد التتبّع إليها.

هذا واتفق المؤرخون على وفاة المؤلّف في سنة ٣٦٣ هـ ، ولكن لم ينصّ أحد منهم على تاريخ ولادته ، ممّا أدّى الى أعمال مجرّد الظنّ والحدس في نصّ ذكره المؤلّف في كتابه « المجالس » الذي يعتبر حافلا بالتواريخ الهامّة في الدعوة الإسماعيلية ، فقد قال : « وخدمت المهدي بالله [ ت ـ ٣٣٢ هـ ] من أواخر عمره تسع سنين وشهورا وأياما »(١) .

وحيث إن المهدي هو أول الخلفاء الفاطميين توفى في ١٤ ربيع الأول ٣٢٢ هـ فيكون تاريخ خدمة المؤلّف إيّاه في أواخر عام ٣١٢ هـ في عمر تؤهّله للخدمة ، ويصعب تحديد ذلك ، واذا قدرنا عمره آنذاك انه كان في العشرين من العمر فتكون ولادته حدود منه ٢٩٢ ه‍.

والمؤلّف يذكر في « المجالس » بعض الأعمال والوظائف التي قام بها والتي تعدّ قمّة المسئولية في عهد الخليفة المعز ، وإليك بعض التواريخ الهامّة في حياته.

٢٩٢ (؟ ) هـ حدود تاريخ ميلاده ٣١٣ ـ ٣٢٢ (؟ ) هـ تسع سنين وشهورا وأياما من أواخر عمر المهدي المتوفّى سنة ٣٢٢ هـ وبعده القائم.

وكان المؤلف ينقل « أخبار الحضرة إليهما في كلّ يوم طول تلك المدة إلا أقل الأيام »(٢) ولا أعرف بالضبط طبيعة هذه الوظيفة ، وربما تكون مجرد الخدمة أو المراقبة.

٣٢٢ ـ ٣٣٤ (؟ ) هـ في عهد الخليفة الثاني الفاطمي « القائم بأمر الله أبي القاسم محمد ( ت / ٣٣٤ هـ ) » كان المؤلّف يقوم بنفس دور

__________________

(١) المجالس : ص ٦٩.

(٢) المجالس : ص ٧٩.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ولا مكافإ الإفضال ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، ونحن على ذلكم من الشّاهدين ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

في صفّين حين بدأ القتال

ولمّا بدأ القتال في صفّين ، وزحف الإمام باللواء دعا بهذا الدعاء بعد البسملة :

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، اللهمّ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ، يا الله يا رحمان ، يا رحيم ، يا أحد يا صمد ، يا إله محمّد ، إليك نقلت الأقدام ، وأفضت القلوب ، وشخصت الأبصار ، ومدّت الأعناق ، وطلبت الحوائج ، ورفعت الأيدي.

اللهمّ افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر (2) .

__________________

(1) كتاب صفّين : 231.

(2) مستدرك الوسائل ـ كتاب الجهاد 11 : 111 ـ 112.

٢٦١

دعاؤه عليه‌السلام

في صفّين أيضا

من أدعية الإمام هذا الدعاء الجليل ، وقد دعا به في صفّين ، وهذا نصّه :

اللهمّ ربّ هذا السّقف المرفوع المكفوف المحفوظ ، الّذي جعلته مغيض اللّيل والنّهار ، وجعلت فيها مجاري الشّمس والقمر ، ومنازل الكواكب والنّجوم ، وجعلت ساكنه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة ؛ وربّ هذه الأرض الّتي جعلتها قرارا للنّاس ، والأنعام والهوامّ ، وما نعلم وما لا نعلم ، ممّا يرى ، وممّا لا يرى من خلقك العظيم ، وربّ الجبال الّتي جعلتها للأرض أوتادا ، وللخلق متاعا ، وربّ البحر المسجور المحيط بالعالم ، وربّ السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض ، وربّ الفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس ، إن أظفرتنا على عدوّنا ، فجنّبنا الكبر ، وسدّدنا للرّشد ، وإن أظفرتهم علينا فارزقنا الشّهادة ، واعصم بقيّة أصحابي من الفتنة (1) .

وتناول هذا الدعاء الفضاء الخارجي ، وما أودع الله فيه من روائع التكوين ففيه مجاري الشمس والقمر ، ومنازل المجرّات التي لا يحصي ما فيها من النجوم والكواكب إلاّ الله ، وقد حار الفكر وذهل علماء الفضاء بما اكتشفوه من العجائب التي يقف العقل أمامها حائرا وهو حسير ، فقد اكتشفت السفن الفضائية الدقّة الهائلة في

__________________

(1) مهج الدعوات : 102.

٢٦٢

مسيرة الكواكب ودورانها في فلكها ، وسعة بعضها بما لا يعلمه إلاّ الله ، كما حفل هذا الدعاء بذكر الأرض ، وما احتوت من الجبال التي جعلها الله أوتادا لها ، والبحار المحيطة بها ، وغير ذلك ممّا حوته الأرض ، فسبحان الله الخالق العظيم.

دعاؤه عليه‌السلام

في ليلة الهرير

ومن أشدّ أيام صفّين هولا ، وأكثرها محنة وبلاء هي ليلة الهرير ويومه ، فقد اشتدّ القتال بين الفريقين كأعظم ما يكون ، وكان كالصاعقة دوي وقع السيوف وأعمدة الحديد ، وصيحات المحاربين ، وسمع الإمام عليه‌السلام في تلك الليلة يدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أعوذ بك من أن اضام في سلطانك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أضلّ في هداك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتقر في غناك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أضيع في سلامتك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن اغلب والأمر لك وإليك (1) .

__________________

(1) بحار الأنوار 91 : 242.

٢٦٣

دعاؤه عليه‌السلام

في يوم الهرير

دعا الإمام عليه‌السلام بهذا الدعاء في يوم الهرير ، وهو من أثقل الأيام وأشدّها محنة وبلاء ، وهذا نصّه :

يا الله ، يا رحمان ، يا واحد ، يا صمد ، يا إله محمّد. اللهمّ إليك نقلت الأقدام ، وأفضت القلوب ، ورفعت الأيدي ، وامتدّت الأعناق ، وشخصت الأبصار ، وطلبت الحوائج.

اللهمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكثرة عدوّنا ، وتشتّت أهوائنا ، ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين (1) .

هذه بعض أدعية الإمام التي كان يدعو بها في ساحات الحروب وهي تحكي مدى ألمه ومحنته.

__________________

(1) وقعة صفّين : 477.

٢٦٤

ادعيته في مواضيع مختلفة

٢٦٥
٢٦٦

أثرت عن الإمام عليه‌السلام مجموعة من الأدعية دعا بها في مناسبات مختلفة لا يجمعها جامع خاصّ سوى عنوان الدعاء فإنّه بشموله تندرج في ظلاله ، وهذه بعضها :

دعاؤه عليه‌السلام

عند تناول الطعام

حدّث ابن أعبد (1) قال : قال لي عليّ : يا ابن أعبد ، هل تدري ما حقّ الطعام؟

فقلت : وما حقّه؟ قال : تقول :

بسم الله اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا.

ثمّ قال : أتدري ما شكره إذا فرغت؟

قلت : وما شكره؟ قال : تقول :

الحمد لله الّذي أطعمنا وسقانا (2) .

__________________

(1) في الخلاصة : ابن أغيد.

(2) حلية الأولياء 1 : 70.

٢٦٧

دعاؤه عليه‌السلام

عند النوم

كان الإمام عليه‌السلام إذا أراد النوم دعا بهذا الدعاء :

بسم الله ، وضعت جنبي لله على ملّة إبراهيم ، ودين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وولاية من افترض الله عليّ طاعته ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

بعد النوم

وإذا جلس الإمام عليه‌السلام من نومه دعا بهذا الدعاء :

حسبي الرّبّ من العباد ، حسبي الّذي هو حسبي ، حسبي منذ كنت حسبي ، حسبي الله ونعم الوكيل (2) .

__________________

(1) و (2) الصحيفة العلوية : 282.

٢٦٨

دعاؤه عليه‌السلام

في الاستعاذة من الرياء

ولم يعمل الإمام عليه‌السلام عملا إلاّ بقصد التقرّب إلى الله تعالى ، وكان يناهض الرياء ، لأنّ الرياء من أفحش النزعات النفسية وينمّ عن نفس لا إيمان لها ، لأنّك تعمل بعض الأعمال الصالحة لا لله ، وإنّما لأجل غيره ، ولذا لا تثاب على عملك ، وقد استعاذ إمام المتّقين منه. وكان يدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن تحسّن في لامعة العيون علانيّتي ، أو تقبّح فيما ابطن لك سريرتي ، محافظا على رياء النّاس من نفسي بجميع ما أنت مطّلع عليه منّي ، فأبدي للنّاس حسن ظاهري ، وافضي إليك بسوء عملي تقرّبا إلى عبادك ، وتباعدا من مرضاتك (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

عند مدح الناس له

كان عليه‌السلام ينفر ويسأم من مدح الناس له ، وكان يدعو بهذا الدعاء عند مدحهم :

اللهمّ إنّك أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم. اللهمّ اجعلني خيرا ممّا يظنّون ، واغفر لي ما لا يعلمون (2) .

__________________

(1) و (2) الصحيفة العلوية : 253 ـ 254.

٢٦٩

دعاؤه عليه‌السلام

إذا دخل السوق

كان الإمام عليه‌السلام إذا دخل السوق دعا بهذا الدعاء ، وكان يأمر أصحابه به :

أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

اللهمّ إنّي أعوذ بك من صفقة خاسرة ، ويمين فاجرة ، وأعوذ بك من بوار الأيّم (1) (2) .

دعاؤه عليه‌السلام

إذا نظر في المرآة

وكان الإمام عليه‌السلام إذا نظر إلى صورته الشريفة في المرآة دعا بهذا الدعاء :

الحمد لله الّذي خلقني فأحسن خلقي ، وصوّرني فأحسن صورتي ، وزان منّي ما شان من غيري ، وأكرمني بالإسلام (3) .

__________________

(1) من كسادها ، وعدم الرغبة فيه.

(2) و (3) الصحيفة العلوية : 253 ـ 254 ، 251.

٢٧٠

دعاؤه عليه‌السلام

في حفظ القرآن

وكان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء الشريف لحفظ القرآن الكريم :

اللهمّ ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من تكلّف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عنّي ، وأن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علّمتني ، وارزقني أن أتلوه على النّحو الّذي يرضيك عنّي.

اللهمّ نوّر بكتابك بصري ، واشرح به صدري ، وفرّج به قلبي ، وأطلق به لساني واستعمل به بدني ، وقوّني على ذلك ، وأعنّي عليه ، إنّه لا معين عليّ إلاّ أنت ، لا إله إلاّ أنت (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

في الخروج إلى السفر

وإذا أراد الإمام عليه‌السلام السفر دعا بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في النّفس والأهل والمال والولد. اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر ، وأنت الخليفة في

__________________

(1) الصحيفة العلوية : 249 ، 255.

٢٧١

الأهل ، ولا يجمعها غيرك لأنّ المستخلف لا يكون مستصحبا ، والمستصحب لا يكون مستخلفا (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

علّمه لولده الحسن عليه‌السلام

وعنى الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بتربية ولده الإمام الحسن عليه‌السلام سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد غذّاه بجميع ألوان التقوى ، وقد علّمه هذا الدعاء :

يا عدّتي عند كربتي ، يا غياثي عند شدّتي ، يا وليّي في نعمتي ، يا منجحي في حاجتي ، يا مفزعي في ورطتي ، يا منقذي من هلكتي ، يا كالئي في وحدتي ، اغفر لي خطيئتي ، ويسّر لي أمري ، واجمع لي شملي ، وانجح لي طلبتي ، واصلح لي شأني ، واكفني ما أهمّني ، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، ولا تفرّق بيني وبين العافية أبدا ما أبقيتني ، وفي الآخرة إذا توفّيتني برحمتك يا أرحم الرّاحمين (2) .

__________________

(1) كتاب صفين : 232.

(2) الصحيفة العلوية الاولى : 283.

٢٧٢

دعاؤه عليه‌السلام

علّمه لولده الحسين عليه‌السلام

أمّا الإمام الحسين عليه‌السلام فهو من أعزّ أبناء الإمام عليه‌السلام عنده وأكثرهم حبّا وإخلاصا له لأنّه أمل الإسلام ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، وريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد غذّاه بجميع ألوان التقوى ليكون صورة مشرقة منه ، وكان ممّا علّمه هذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أحمدك على كلّ نعمة ، وأشكرك على كلّ حسنة ، وأستغفرك من كلّ ذنب ، وأسألك من كلّ خير ، وأستعيذ بك من كلّ بلاء ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

لطلب الرزق

كان الإمام عليه‌السلام يدعو لطلب الرزق بهذا الدعاء :

الحمد لله الّذي عرّفني نفسه ، ولم يتركني عميّ القلب ، الحمد لله الّذي جعلني من أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الحمد لله الّذي جعل رزقي في يده ، ولم يجعله في أيدي النّاس ، الحمد لله الّذي ستر عيوبي ،

__________________

(1) الصحيفة العلوية الاولى : 283.

٢٧٣

ولم يفضحني بين النّاس (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

إذا وضع الميّت في القبر

وإذا وضع الميّت في القبر كان يدعو له بهذا الدعاء :

بسم الله ، وعلى ملّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . اللهمّ افسح له في قبره ، ونوّره له ، وألحقه بنبيّه ، وأنت عنه راض غير غضبان (2) .

وإذا حثا التراب في القبر دعا عليه‌السلام للميّت بهذا الدعاء :

اللهمّ إيمانا بك ، وتصديقا لرسلك ، وإيقانا ببعثك ، هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله (3) .

دعاؤه عليه‌السلام

إذا مرّ على القبور

وإذا اجتاز الإمام عليه‌السلام على القبور وقف عليهم ، وقال لهم :

__________________

(1) الصحيفة العلوية : 281.

(2) الصحيفة العلوية الثانية : 139.

(3) دعائم الإسلام 1 : 238.

٢٧٤

السّلام عليكم يا أهل الدّيار الموحشة ، والمحالّ المقفرة من المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، أنتم لنا سلف وفرط ونحن لكم تبع ، وعمّا قليل بكم لاحقون. اللهمّ اغفر لنا ولهم وتجاوز عنّا وعنهم (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

في الاستعانة بالله

روى الإمام الصادق عليه‌السلام عن أبيه باقر علوم الأوّلين والآخرين عليه‌السلام قال : كان جدّي أمير المؤمنين عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء في السجود :

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن تبتليني ببليّة تدعوني ضرورتها على أن أتغوّث بشيء من معاصيك.

اللهمّ ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من شرار خلقك ولئامهم ، فإن جعلت لي حاجة إلى أحد من خلقك فأجعلها إلى أحسنهم وجها وخلقا وخلقا ، وأسخاهم بها نفسا ، وأطلقهم بها لسانا ، وأسمحهم بها كفّا ، وأقلّهم بها عليّ امتنانا (2) .

__________________

(1) وقعة صفّين : 531.

(2) قرب الاسناد : 2.

٢٧٥

دعاؤه عليه‌السلام

في الزهد عن الدنيا

كان الإمام يدعو بهذا الدعاء في رفض الدنيا والتخلّي عن مباهجها وزينتها :

اللهمّ إنّي أسألك سلوا عن الدّنيا ، ومقتا لها ، فإنّ خيرها زهيد ، وشرّها عتيد ، وصفوها يتكدّر ، وجديدها يخلق ، وما فات فيها لم يرجع ، وما نيل فيها فتنة ، إلاّ من أصابته منك عصمة ، وشملته منك رحمة ، فلا تجعلني ممّن رضي بها ، واطمأنّ إليها ، ووثق بها ، فإنّ من اطمأنّ إليها خانته ، ومن وثق بها غرّته (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

في طلب الفقر

وكان من مظاهر رفضه للدنيا أنّه يدعو أن يتوفّاه الله فقيرا لا مال عنده ، استمعوا لدعائه :

اللهمّ توفّني فقيرا ، ولا تتوفّني غنيا ، واحشرني في زمرة المساكين (2) .

__________________

(1) إرشاد القلوب : 36.

(2) ارشاد القلوب : 26.

٢٧٦

دعاؤه عليه‌السلام

في الغاية لطلب المال

كان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء ليوسّع الله عليه رزقه في دار الدنيا حتى ينفق ما عنده في سبيل الله ، وهذا نصّ دعائه :

اللهمّ إنّي أسألك من الدّنيا وما فيها ما اسدّد به لساني ، واحصن به فرجي ، وأؤدّي به أمانتي ، وأصل به رحمي ، وأتّجر به لآخرتي (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

عند إرادة التزويج

وندب عليه‌السلام من أراد التزويج أن يصلّي ركعتين ، ثمّ يدعو الله تعالى بهذا الدعاء :

اللهمّ ارزقني زوجة صالحة ، ودودا ، ولودا ، شكورا ، قنوعا ، غيورا ، إن أحسنت شكرت ، وإن أسأت غفرت ، وإن ذكرت الله تعالى أعانت ، وإن نسيت ذكرت ، وإن خرجت من عندها حفظت ، وإن دخلت عليها سرّتني ، وإن أمرتها

__________________

(1) نظم درر السمطين : 151.

٢٧٧

أطاعتني ، وإن أقسمت عليها أبرّت قسمي ، وإن غضبت عليها أرضتني يا ذا الجلال والإكرام (1) .

دعاؤه عليه‌السلام

في الشكر ودفع المكاره

كان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء يذكر فيه نعم الله عليه ويسأله دفع المكاره عنه وهذا نصّه :

الحمد لله الّذي لم يصبح بي ميّتا ، ولا سقيما ، ولا مضروبا على عنقي بسوء ، ولا مأخوذا بسوء عملي ، ولا مقطوعا دابري ، ولا مرتدّا عن ديني ، ولا منكرا لربّي ، ولا مستوحشا من إيماني ، ولا ملتبسا على عقلي ، ولا معذّبا بعذاب الأمم من قبلي ، أصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي ، لك الحجّة عليّ ، ولا حجّة لي ، لا أستطيع أن آخذ إلاّ ما أعطيتني ، ولا أتّقي إلاّ ما وقيتني.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتقر في غناك ، أو أضلّ في هداك ، أو اضام في سلطانك ، أو اضطهد والأمر لك.

اللهمّ اجعل نفسي أوّل كريمة ترتجعها من ودائعك.

اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نذهب عن قولك أو نفتتن عن دينك ، أو تتابع بنا أهواؤنا دون الهدى الّذي جاء من عندك ، وصلّى الله على محمّد وآله (2) .

__________________

(1) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة : 249.

(2) بحار الأنوار 91 : 246.

٢٧٨

دعاؤه عليه‌السلام

عند وفاته

ولما حضرته الوفاة كان يلهج بذكر الله تعالى ، ويدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ اكفنا عدوّك الرّجيم.

اللهمّ إنّي أشهدك أنّك لا إله إلاّ أنت ، وأنت الواحد الصّمد ، الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لك كفوا أحد ، فلك الحمد عدد نعمائك لديّ ، وإحسانك عندي ، فاغفر لي وارحمني وأنت خير الرّاحمين.

ولم يزل يقول :

لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله عدّة لهذا الموقف ، وما بعده من المواقف.

اللهمّ ألحقني به ، ولا تحل بيني وبينه ، إنّك سميع الدّعاء ، رءوف غفور رحيم (1) .

ولم يزل يردّد هذا الدعاء حتى التحق بالرفيق الأعلى تحفّه ملائكة الله تعالى.

__________________

(1) دعائم الإسلام 2 : 354.

٢٧٩

دعاؤه عليه‌السلام

في طلب الخير

من أدعية الإمام عليه‌السلام هذا الدعاء الجليل ، وكان يسأل به الرحمة والنور من الله تعالى :

اللهمّ إنّي أسألك يا ربّ الأرواح الفانية ، وربّ الأجساد البالية ، أسألك بطاعة الأرواح الرّاجعة إلى أجسادها ، وبطاعة الأجساد الملتئمة إلى أعضائها ، وبانشقاق القبور عن أهلها ، وبدعوتك الصّادقة فيهم ، وأخذك بالحقّ بينهم إذا برز الخلائق ينتظرون قضاءك ، ويرون سلطانك ، ويخافون بطشك ، ويرجون رحمتك ، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ، ولا هم ينصرون ، إلاّ من رحم الله ، إنّه هو العزيز الرّحيم.

أسألك يا رحمن أن تجعل النّور في بصري ، واليقين في قلبي ، وذكرك باللّيل والنّهار على لساني أبدا ما أبقيتني ، إنّك على كلّ شيء قدير (1) .

وبهذا العرض الموجز لبعض أدعيته التي كان يدعو بها في المناسبات المختلفة ننهي هذا الفصل.

__________________

(1) المناقب 2 : 119. بحار الأنوار 92 : 3.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502