شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار11%

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 502

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 502 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 187808 / تحميل: 9853
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار

شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

القصيدة الفقهية لقّبها بالمنتخبة »(١) .

والظاهر أنّه إيّاها عنى اليافعي ( ت / ٧٦٨ هـ ) حيث عدّ من مؤلّفاته قصيدة فقهية(٢) .

وقد أخطأ إسماعيل پاشا ( ت / ١٣٣٩ هـ ) حيث قال : « الفتحية منظومة في الفقه لأبي حنيفة النعمان »(٣) .

فقد قال المؤلّف في المقدمة :

سمّيتها إذ تمت المنتخبة

لأنني انتخبتها للطلبة

من قول أهل البيت إذ حملته

عن الثقات بعد أن صنّفته

نقل هذه الأبيات پونا والا وأبياتا اخرى كثيرة في مصادر الكتب الاسماعيلية ص ٣٢ و ٣٣ ، وتوجد في م ـ المعهد الاسماعيلي بلندن شرح لهذه القصيدة لأمين جي بن جلال المتوفى سنة ١٠١٠ هـ وتاريخ النسخة ١٣٥٠ هـ وهي برقم ٥٥٠ في ٦٠ ورقة ، بخط أكبر علي بن ملاّ سلطان علي الداندلوي(٤) .

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة ١٣١٢ و ١٣٢١ و ١٣١٠ في م ـ الهمدانية ، ومؤرخة ١٣٢٠ و ١٣١٠ و ١٣٣١ في م ـ كيخا ، ومؤرخة ١٢٤٨ في م ـ كازى / بمبئي ، ومؤرخة ١٣٣٥ في م ـ قربان ، ومؤرخة ١٢٧٨ و ١٢٩٢ الجزء الأول و ١٢٥٨ و ١٣٠٦ و ١٣٠٧ و ١٣١٧ و ١٣٣٢ في م ـ الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة ١٣٣٧ في م ـ المعهد الاسماعيلي بلندن برقم ٧٢٢ ، وأيضا مؤرخة ١٣٣٧ برقم ٦٠١ ، ونسختين غير مؤرخين برقم ٥١٢ و ٧٠٢(٥) .

__________________

(١) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٦.

(٢) مرآة الجنان : ٢ / ٣٨٠.

(٣) إيضاح المكنون : ٢ / ١٧٦.

(٤) فهرس المعهد : ١ / ١١٨.

(٥) فهرس المعهد : ص ١٣٥.

٦١

٢٤ ـ منهاج الفرائض :

ذكر سزكين أنه ينسب الى القاضي النعمان ، وأن نسخة منه في مجموعة فيض ببمبئي برقم ٣٩ ـ ١ ، وآخر برقم ١ ب ٢٤(١) .

وذكر پونا والا لهذا الكتاب عدّة نسخ في ص ٦٧ في مكتبة كيخا والا بتاريخ ١٢٦٠ هـ ، وفي مكتبة قيوم بتاريخ ١٢٩٢ ، وفي مكتبة الوكيلي نسختان بتواريخ ١٣١٦ و ١٣١٧.

٢٥ ـ الهمّة في آداب اتباع الأئمة :

وصفه مجدوع بأنه « أحسن كلّ [ كذا ] كتاب جمع وصنّف ممّا هو عليه ممّا يجب على المؤمن لإمام زمانه ، ولا أعلم أن أحدا في كتب خزانة الدعوة اشتمل في باب الأئمة وآدابهم من المؤمنين بأبلغ من العبارة وأجمعها بمثل ما اشتمل عليه من هذا الكتاب »(٢) .

وقد طبع بتحقيق محمد كامل حسين بالقاهرة معتمدا على نسخة واحدة مؤرخة ١١٠١ هـ في ١٢٩ صفحة بخط حسن بن محمد علي بن محمد السورتي.

( نسخ الكتاب ) : منها مؤرخة ١٣١٣ هـ في م ـ فيض برقم ٣٢ في ١٠٢ ورقة ، واخرى بتاريخ ١٢٥٣ برقم ٣٣ في ١٠٩ ورقة ، وبتاريخ ١٣٣١ برقم ٣٤ في ٩٠ ورقة [ كما في سزكين ] ، ومؤرخة ١٣٤٧ في م ـ كيخا ، ومؤرخة ١٣٤٤ و ١٣٢٠ و ١٣٢٩ في م ـ الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة ١١٠١ في م ـ المعهد الاسماعيلي بلندن برقم ٦٨ في ٩١ ورقة ، وأيضا مؤرخة ١٢٤١ برقم ٦٩ [ كما في فهرس المعهد ] ، وفي المعهد أيضا نسخة غير مؤرخة برقم ٧٠ ، وذكر پونا

__________________

(١) راجع الذريعة. ٢٣ / ١٦٩.

(٢) فهرس مجدوع : ص ٥٠.

٦٢

وإلا في ص ٦٥ من الفهرس نسختين غير مؤرختين في م ـ قربان ، وآخر في المكتب الهندي برقم ١٤٢١.

٢٦ ـ الينبوع :

قال مجدوع : « مجلّد واحد مشتمل على ما اشتمل عليه النصف الثاني من كتاب الدعائم » ، ثم أورد مجدوع فهرس الكتاب(١) .

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة ١٣١٠ في م ـ كيني ، ومؤرخة ١٣٤٧ في م ـ نجم الدين ، ومؤرخة ١١٤٤ في م ـ قيوم ، ومؤرخة ١٣٥٧ في م ـ قربان ، ومؤرخة ١٣٥٦ و ١٢٩١ في م ـ الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة ١٣٤٦ في المعهد الاسماعيلي بلندن برقم ٢٤٠ ، ونقل پونا في ص ٥٤ نسخة غير مؤرخة في دار الكتب المصرية مصوّرة عن اليمن برقم ٤٦٢.

٢٧ ـ كتاب يوم وليلة في الصلاة المفروضة :

ذكره پونا والا في فهرسه ص ٥٥ وقال : إنه أجوبة القاضي النعمان لأسئلة فقهية سأله عنها خطّاب بن وسيم مقدم زواوة وحاكمهم ، ـ وأضاف ـ أن منه نسختان في مكتبة قيوم بالهند ضمن مجموعة ، واخرى في دار الكتب المصرية مصوّرة عن اليمن.

الكتب المفقودة :

وهناك طائفة من الكتب وصفت بأنها من تأليف النعمان أو منسوبة إليه ولم تقف عليها يد التتبّع ، وأظنّ أن قسما كبيرا منها مقتطفات من مؤلّفاته

__________________

(١) فهرس مجدوع : ص ٣٥.

٦٣

الاخرى أو رسائله الخاصّة التي انتزع القرّاء أسماء خاصّة لها من واضعيها أو لأسباب أخر ، فذكرها أصحاب التراجم والفهارس من دون ذكر أماكن وجودها وهي كالآتي : ـ.

٢٨ ـ الآثار النبوية :

قال الأفندي ( ق / ١٢ هـ ) : « كتاب الآثار النبوية للقاضي النعمان المذكور ـ أيضا ـ في الفقه ثم اختصر منه كتاب : مختصر الآثار »(١) وتبعه في ذلك شيخنا العلاّمة ( ت / ٣٨٩ هـ )(٢) .

ويظهر أن ذلك مجرّد ظنّ من الأفندي ـرحمه‌الله ـ وأن شيخنا العلاّمة تبعه لحسن ظنّه به ، فإنه ليس للمؤلّف كتاب بهذا العنوان وذلك لأن هذا الكتاب إنما هو اختصار لكتاب دعائم الاسلام. فإن مجدوع الاسماعيلي ( ق / ١٢ هـ ) أورد ذكر الدعائم ووصفه بقوله : « وهذا الكتاب نصفان كلّ نصف منهما مجلّد برأسه ، وفي النصف الأول سبعة كتب على قدر الدعائم السبعة »(٣) .

ثم أورد فهرس الدعائم بتفصيل مبتدأ بكتاب الولاية ، ثم ذكر بعد وصف الدعائم في ص ٣٢ من فهرسته كتاب مختصر الآثار ممّا روي عن الائمة الأطهار وقال : « وهو أيضا نصفان كلّ نصف منها مجلّد برأسه جامع لجميع ذلك الكتاب [ دعائم الاسلام ] غير كتاب الولاية فإنه [ كتاب الولاية ] ما أتى إلا فيه [ الدعائم ] »(٤) .

ولا أدري من أين أتى الأفندي ـرحمه‌الله ـ بوصف النبوية للآثار في اسم

__________________

(١) رياض العلماء : ٥ / ٢٧٦.

(٢) الذريعة : ٢ / ١٧٦ ، وتوابع الرواة : ٥ / ٦٢٥.

(٣) فهرس مجدوع : ص ٢٠

(٤) فهرس مجدوع : ص ٣٢.

٦٤

الكتاب مع أنه ليس في مختصر الآثار ولا غيره ، والله العاصم.

٢٩ ـ الاتّفاق والافتراق :

أشار إليه المؤلّف في شرح الأخبار قائلا : « والذي ذكرته في هذا الباب من ذكر علم عليعليه‌السلام ما جاء من قضاياه فيها غيره يخرج عن تفصّيه حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكر ذلك وبما جاء من مثله من الائمة في كتاب الاتفاق والافتراق وفي كتاب الايضاح وغيرها من كتب الفقه التي بسطت فيها قول الأئمة من أهل البيت ـعليهم‌السلام ـ في الحلال والحرام والقضايا والأحكام »(١) .

ويظهر أن الكتاب كان موجودا في القرن السادس حيث ذكره ابن شهر اشوب ( ت / ٥٨٨ هـ ) في كتابه « معالم العلماء ص ١١٣ » ، وذكر پونا والا في فهرسه ص ٥٥ أنه في أربعين جزء كما ذكر كتاب المقتصر ، ووصفه بأنه مختصر كتاب الاتفاق والافتراق على ما ذكره الادريس في « العيون ».

٣٠ ـ اصول الحديث :

ذكره پونا والا في فهرسه ص ٦٧ ولم يذكر مكان وجوده.

٣١ ـ الإمامة :

أشار إليه المؤلّف في شرح الأخبار في مواضع منها ج ١ ص ٢٦ و ٥١ و ٧٢ وج ٤ ص ٧٢ وذكره ابن شهر اشوب ( المتوفّى سنة ٥٨٨ هـ ) ممّا يدلّ على وجود الكتاب في القرن السادس.

__________________

(١) شرح الأخبار : ٨ / ٨١.

٦٥

وقال شيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ هـ ) : « قال [ النعمان ] في كتاب الزكاة من الدعائم في باب وجوب دفع الصدقات وحرمة منعها عن الائمة من آل محمد ما لفظه : استقصاء الكلام في ذكر إمامتهم والاحتجاج في ذلك يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد أفردنا له كتابا في ذكر الامامة خاصّة »(١) .

والحديث مذكور في دعائم الاسلام ج ٢ الحديث ٩٨٢ من طبعة القاهرة سنة ١٣٨٩ هـ ـ ١٩٦٩ م.

ووصف پونا والا هذا الكتاب في فهرسه ص ٦٢ بأنه في أربعة أجزاء ولم يذكر مكان وجوده.

٣٢ ـ البلاغ الأكبر والناموس الأعظم ـ في اصول الدين ـ :

نقل پونا والا في ص ٥٦ من فهرسه عن ابن كثير في البلاية والنهاية أن هذا الكتاب هو للنعمان ولكنه يظهر أن كلام ابن كثير قد التبس عليه فقد قال ابن كثير ( ت / ٧٧٤ هـ ) ما نصّه : « سنة ٣٨٦ وهي أيّام محمد بن النعمان قاضي الفاطميّين الذي صنّف البلاغ الذي انتصف فيه للردّ على القاضي البلاقلاني وهو أخو عبد العزيز بن النعمان »(٢) .

وآخر كلام أبي الفداء يدلّ بوضوح على أن البلاغ إنما هو من تأليف الابن « محمد بن النعمان » لا الأب « النعمان بن محمد » فراجع.

٣٣ ـ تأويل القرآن :

ذكره ابن حجر ( ت / ٨٥٢ هـ ) في لسان الميزان ج ٦ ص ١٦٧ ، وذكره پونا

__________________

(١) الذريعة : ٢ / ٢٦٧.

(٢) البداية والنهاية : ٩ / ٣٢١ ط / القاهرة سنة ١٩٣٢.

٦٦

وإلا في فهرسه ص ٦٣ باسم « حدود المعرفة في تفسير القرآن والتنبيه على التأويل » وقال : إنه في ٧٠ جزء.

٣٤ ـ التقريع والتعنيف لمن لم يعلم العلم :

وصفه پونا والا في فهرسه ص ٦٢ وقال بأنه جزءان.

٣٥ ـ الدامغ الموجز في الردّ على العتكي :

قال پونا والا في فهرسه ص ٦٣ بأنه أربعة أجزاء.

٣٦ ـ الدعاء :

قال پونا والا في فهرسه ص ٦٦ بأنه جزءان.

٣٧ ـ الردّ على الخوارج :

استظهره پونا والا في ص ٦٢ من فهرسه من قول المؤلّف : « والحجّة عليهم [ الخوارج ] يخرج أيضا عن حدّ هذا الكتاب ، وقد أفردت كتابا في الردّ عليهم ، فمن آثر النظر في ذلك وجده فيه ».

ولعلّ النعمان عنى به الارجوزة الآتية.

٣٨ ـ ذات المحنة :

قال شيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ هـ ) في وصفها : « منظومة في ثورة أبي يزيد مخلّد بن كيداد الخارجي »(١) .

__________________

(١) الذريعة : ١٠ / ٢.

٦٧

وإليه أشار النعمان حيث قال : « وقد بسطنا عن أخبار فتنة اللعين مخلّد وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور كتابا ضخما كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك »(١) .

وقد ذكرها پونا والا في ص ٥٨ من فهرسه وقال : إنها جزءان.

٣٩ ـ ذات المتن :

قال شيخنا العلاّمة ( ت / ١٣٨٩ هـ ) : « منظومة في بعض حوادث وقعت للخليفة الفاطميّ المعزّ »(٢) .

وذكرها ايفانوف في فهرسه ص ٣٨ نقلا عن العيون ، ووصفها پونا والا في ص ٥٨ بأنها في جزءين ، وأن المؤلّف أشار إليها في المجالس وشرح الأخبار ، راجع الجزء ١٥ ص ١٠١.

٤٠ ـ الرسالة المصرية في الردّ على الشافعي :

كذا عنونها پونا والا في ص ٦٣ من فهرسه وقال : إنها جزءان ، وقد عرفت في ترجمة المؤلّف ، أن كلاّ من ابن خلكان ( ت / ٦٨١ هـ ) واليافعي ( ت / ٧٦٨ هـ ) قال : بأن له ردود على المخالفين لأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن شريح(٣) .

٤١ ـ كيفيّة الصلاة على النبيّ :

ذكره پونا والا في ص ٦٤ من فهرسه.

__________________

(١) شرح الأخبار : ١٥ / ١١٦.

(٢) الذريعة : ١٠ / ٢.

(٣) وفيات الأعيان : ٥ / ٤١٦ ، مرآة الجنان : ٢ / ٣٨٠.

٦٨

٤٢ ـ كتاب فيما رفضته العامّة من كتاب الله وأنكرته :

ذكره پونا والا في ص ٦٣ من فهرسه وقال : إن النعمان أشار إليه في المجالس.

٤٣ ـ معالم الهدى :

جاء ذكره بالألف المقصورة في شرح الأخبار بخلاف المصادر الاخرى. فقد ذكره شيخنا العلاّمة بعنوان « معالم المهدي »(١) .

واستظهر ايفانوف أنه قطعة من قصيدة ذات المنن ، وليس بصحيح إذ أن النعمان أرجع إليه مستقلاّ بهذا الاسم في مواضع مختلفة من كتبه ، قال في شرح الأخبار : « أفردت كتابا قبل هذا لذلك وهو كتاب « معالم الهدى » ولكن نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه مجملا ـ إن شاء الله تعالى ـ ذكر معالم الهدى قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدناه في جملة الكتاب من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الأسانيد واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد في الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب ولنختصر الباب ممّا جاء من البشرى في المهدي »(٢) .

ومنه يظهر أن النعمان لخّص كتاب « معالم الهدى » في باب واحد وأدرجه في شرح الأخبار ، وذلك بحذف الأسانيد وعدم التكرار.

وقال في مقدّمة افتتاح الدعوة : « وقد أفردنا كتابا غير هذا في ذكر معالم المهدي وصفته وذكر قيامه وأيّامه وما تقدم في ذلك من الآثار عن

__________________

(١) الذريعة : ٢١ / ٢٠٢.

(٢) شرح الأخبار : ١٤ / ٧١ ـ.

٦٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما بشّر به منه »(١) .

ولم يحسن محقّق الكتاب حيث قال بأنه : « جزء من كتاب شرح الأخبار » فإن الموجود في شرح الأخبار ليس إلا ملخّصا من ذلك الكتاب.

ونقل پونا والا في فهرسه ص ٥٨ عن المناقب : « وقد ألّفنا في ذلك [ معجزات المهدي ] كتابا بذكر هجرته وقيامه وسيرته ودعوته وأيّامه من مقدار هذا الكتاب [ المناقب ] فمن أراد استقصاء ذلك وجده فيه بتمامه ».

٤٤ ـ نهج السبيل الى معرفة علم التأويل :

وصفه پونا والا في فهرسه ص ٦٣ بأنه جزءان.

وذكر كلّ من ايفانوف وپونا والا في فهرسيهما الأسماء التالية من دون أي وصف لها وهي.

٤٥ ـ التعقيب والانتقاد

٤٦ ـ الحلى والثياب

٤٧ ـ الشروط

٤٨ ـ منامات الائمة

٤٩ ـ رسالة الى المرشد الداعي بمصر في تربية المؤمنين :

٥٠ ـ كما انفرد پونا والا في ذكر كتاب المغازي في ص ٦٢ من الفهرس

وكما تقدم فإنه يغلب على الظنّ بأن هذه المذكورات هي مقتطفات من كتبه الاخرى الموجودة.

__________________

(١) افتتاح الدعوة : ص ٢.

٧٠

هذا الكتاب :

واسمه الكامل : « شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار »(١) ، وقد استعرض فيه النعمان النقاط الهامّة في حياة ائمة أهل البيت ـعليهم‌السلام ـ الى الإمام جعفر الصادق ـعليه‌السلام ـ ، وتوسّع في ما يتعلّق بفضائل الإمام عليعليه‌السلام وردّ شبهات المخالفين ، ثم انتصر فيه للاسماعيلية.

وبالرغم من المحافظة الاسماعيلية الشديدة على كتبهم فقد تمكّن عالمان من علماء الشيعة جلدان على التتبّع ـ كما يظهر من كتبهما ـ أن يقفا على هذا الكتاب وينقلا من نصوصه.

فقد وقف ابن شهر اشوب ( ت / ٥٨٨ هـ ) على الكتاب ونقل منه عدّة نصوص في كتابه « مناقب آل أبي طالب ج ٢ ص ٣٦٣ الى ص ٣٦٥ » فيما يتعلّق بقضايا الإمام علي في عهد الخليفة الثاني ، وعقبها بأحاديث رواها من النعمان وأبي القاسم الكوفي في كتابيهما.

والمجلسي ( ت / ١١١١ هـ ) من بعده ، نقل تلك النصوص نصّا عن المناقب في كتابه « بحار الأنوار ج ٤ ص ٢٢٩ ـ ٢٣١ » ممّا يظهر أنه لم يقف على الكتاب بنفسه.

ووقف على الكتاب أيضا المحدّث النوري ( ت / ١٣٢١ هـ ) ووصفه بقوله : « في الفضائل والمناقب وشطر من المثالب ، مشتمل على سبعة أجزاء ينبىء عن سعة اطلاعه وطول باعه وفضله وكماله »(٢) .

ويظهر أن نسخة النوري قد كتبت بواسطة كاتب اكتفى بالأجزاء السبعة الاولى من الكتاب وترك الأجزاء الاخرى ، ومن هنا ظنّها المحدّث النوري

__________________

(١) فهرس مجدوع : ص ٦٩.

(٢) مستدرك الوسائل : ٣ / ٣٢١.

٧١

ـرحمه‌الله ـ سبعة أجزاء فقط مع أنها ستة عشر جزء.

وقد وصف مجدوع فهرس هذا الكتاب بتفصيل ونقل شطرا من مقدّمة الكتاب ، ونكتفي بما يأتي :

الجزء الأول : في حديث أنا مدينة العلم وعليّ بابها.

الجزء الثاني : في سبق علي الى الاسلام.

الجزء الثالث : في جهاد علي.

الجزء الرابع : في جهاده مع جموع الناكثين والقاسطين والمارقين.

الجزء الخامس : في بقيّة أخبار القاسطين.

الجزء السادس : في تمام الاحتجاج المذكور.

الجزء السابع : في مناقب علي وردّ الحشوية.

الجزء الثامن : في بيان ما جاء من الأمر بطاعة علي.

الجزء التاسع : في ما نزل من الوحي والقرآن في علي.

الجزء العاشر : في ذكر معاوية.

الجزء الحادي عشر : تمام ما جاء من الأخبار مجملا من ذكر أهل بيته.

الجزء الثاني عشر : فضائل الحسن والحسينعليهما‌السلام .

الجزء الثالث عشر : في من قتل مع الحسينعليه‌السلام .

الجزء الرابع عشر : في مولانا جعفر بن محمّد والائمة المستورين.

الجزء الخامس عشر : في ذكر معالم المهدي وبشاراته.

الجزء السادس عشر : في صفات شيعة عليعليه‌السلام (١) .

وهذه الأجزاء الستة عشر ليست مجموعة بين دفتين ، بل هي متفرّقة متشتّتة ، ويظهر أن كلّ ناسخ استنسخ ما استطاب من موضوع الكتاب ممّا

__________________

(١) فهرس مجدوع : ص ٦٩ ـ ٧٣.

٧٢

يهمّه ، فجاء الكتاب مفرّط العقد تحتفظ المكتبات بنسخ مخطوطة من أجزاء مختلفة من الكتاب.

نسخ الكتاب :

نسخة شبه كاملة بتاريخ ١١٢٦ و ١١٢٧ في مكتبة فيض بمبئي برقم ٤٠ ـ ٤٥ ، يحتوي على الأجزاء ١ ـ ١٢ و ١٥ ـ ١٦ وينقصها الجزءان ١٣ و ١٤ فقط.

ونسخة غير مؤرخة من الجزء ١٣ و ١٤ في م ـ جامعة لندن برقم ٢٥٧٢٢ وأن منه مختصر في برلين برقم ٩٦٦٢ ومنه مصوّرة في القاهرة برقم ١٠٨٩٢ [ كما ذكره سزكين ].

وذكر پونا والا النسخ التالية : مؤرخة ١٢٤٩ في م ـ الهمداني تحتوي على الأجزاء ٥ ـ ٨. وأيضا الأجزاء ٩ ـ ١٢ بتاريخ ١٢٤٧ هـ ، ومؤرخة ١٢٦٤ هـ في م كيخا يحتوي الأجزاء ١ ـ ٤ ، وبتاريخ ١٣٠٥ هـ يحتوي الأجزاء ٧ ـ ١٦ ، وبتاريخ ١٢٨٨ يحتوى الأجزاء ١٣ و ١٤ ، وبتاريخ ١٢٨٩ الأجزاء ٩ ـ ١٢ ، وبتاريخ ١٣٦٠ في م ـ ناجي الجزء السادس ، ومؤرخة ١٣٧١ الأجزاء ٣ ـ ٤ ، ومؤرخة ١٢٣٤ الأجزاء ١ ـ ٩ ، ومؤرخة ١٢٨٧ الجزء الثاني ، ومؤرخة ١٣١٨ الأجزاء ٥ ـ ٨ والأجزاء ٩ ـ ١٢ ، ومؤرخة ١٢٧٨ الجزء الحادي عشر.

كما ذكر أجزاء غير مؤرخة كالآتي :

م ـ الاوقاف برقم ٣٠٨٧ الأجزاء ١ ـ ٤ ، وم ـ ناجي الأجزاء ١ ـ ٤ ، وم ـ هاروارد الجزء الأول ، وم ـ فيض الأجزاء ١ ـ ١٢ و ١٥ ـ ١٦ ، وم ـ الجمعية الاسماعيلية بباكستان الأجزاء ١ و ٣ و ٥ و ٧ و ٩ و ١٢ و ١٦ و ١٦ ، وم ـ لندن ـ الأجزاء ١٣ و ١٤ ، وم ـ قيوم الجزء ١ و ٢ و ٥ و ٨ ، وم ـ طهران الأجزاء ١ ـ ٧ ، وم ـ الهمداني ١ ـ ٤ ، وم ـ الوكيلي ١ ـ ٤ و ١٣ ـ ١٤ و ١٣ ـ ١٦ ، وفي اليمن الأجزاء ٢

٧٣

و ٩ و ١٢ و ١٦(١) .

ويحتفظ معهد الدراسات الاسماعيلية في لندن بالنسخ التالية :

مؤرخة سنة ١٣٨٢ برقم ٥٥١ الجزء الأول ، ومؤرخة ١٣٣٥ برقم ٧٠٠ الجزء الأول والثاني ، ومؤرخة ١٢٦٤ برقم ٦٩٨ الجزء ١ ـ ٤ ، ومؤرخة ١٣٨٠ برقم ٦٨٢ الجزء الثاني [ كذا ] ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٨٣ الجزء الثالث ، ومؤرخة ١٣٨٠ برقم ٦٨٤ الجزء الرابع ، ومؤرخة ١٣٨٠ برقم ٦٨٥ الجزء الخامس ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٨٧ الجزء السابع ، ومؤرخة ١٣٠٨ برقم ١٨٦ الجزء السابع والثامن ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٨٨ الجزء الثامن ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٨٩ الجزء التاسع ، ومؤرخة ١٣٠٤ برقم ٦٩٩ الجزء ٩ ـ ١٢ ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٩١ الجزء ١١ ، ومؤرخة ١٣٥٩ برقم ٦٩٧ الجزء ١١ ـ ١٢ ، ومؤرخة ١٣٤٩ برقم ٥٧٧ الجزء ١٠ و ١٣ ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٩٤ الجزء ١٤ ، ومؤرخة ١٣٨٤ برقم ٧٣٢ ج ١٤ و ١٥ ، ومؤرخة ١٣٤٧ برقم ٥٥٢ الجزء ٦ ، ومؤرخة ١٣٨١ برقم ٦٩٦ ج ١٦ ـ أيضا ـ.

كما يوجد في المعهد نسخ غير مؤرخة كالآتي :

الجزء ١ ـ ٤ برقم ١٨٣ ، والجزء ٥ ـ ٨ برقم ١٨٤ ، والجزء السادس برقم ٦٨٦ ، والأجزاء ٦ ـ ٧ برقم ٥٥٣ ، والأجزاء ٩ ـ ١٢ برقم ١٨٥ ، والأجزاء ٩ ـ ١٠ برقم ١٨٨ ، والأجزاء ٩ ـ ١٢ برقم ٦٩٩ ، والجزء العاشر برقم ٦٩٠ ، والجزء ١٢ برقم ٦٩٢ والجزء ١٣ برقم ٦٩٣ ، والجزء ١٥ برقم ٦٩٥.

وتفسير مكتبة المعهد الاسماعيلي بلندن من أغنى المكتبات اقتناء لنسخ هذا الكتاب.

__________________

(١) فهرس پانا والا : ص ٦٠.

٧٤

تنبيه :

وينبغي التنبيه على أن النسخة الألمانية المحفوظة في مكتبة برلين برقم ٩٦٦٢ ليست مختصرة من الكتاب ، وإن تضمّنت ونقلت نصوصا كثيرة منه ، فقد وقع في هذا الخطأ مفهرس الفهرس الألماني الهاودت في ج ٩ ص ٢٠٥ ط / ١٨٩٧ م حيث وجد في النسخة نصوصا تقول ـ مثلا ـ : « ويتلوه من الجزء الثالث ممّا اختير من كلام النعمان » [ ص ٢٩ ] أو قوله ، في آخر الجزء السادس : « ويتلوه لمنّة الله وقوّته من الجزء السابع ومن آخر الجزء الثامن المختار منهما ، وإن كان ذلك كلّه خيرة لكن أوجب ذلك قصور الهمّة وضعف المكنة » [ ص ١٧٣ ].

ووقع في نفس الخطأ فؤاد سيّد في فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية ـ القسم الثاني ص ٨ ط / القاهرة ١٣٨٢ هـ ، حيث عرف النسخة المصوّرة من الألمانية وأشار الى نسخة اخرى بخط حسين فهمي مؤرخة ١٣٦٨.

وتبعهما فؤاد سزكين في كتابه « تاريخ الأدب العربي »(١) .

«بيان ذلك » : إن من خصيصة المؤلّفين الاسماعيليّين أنهم ينقلون نصوصا طويلة من كتب قدمائهم وكأنهم يعتبرون ذلك نوعا من الاحترام والتعظيم لهم ، وذلك لا يخفى على من سبر كتبهم ككتاب الأزهار للحسن بن نوح الهروجي ، وعيون الأخبار للداعي عماد الدين إدريس ( ت / ٨٧٢ هـ ) ، وكأنه نابع من عقيدتهم حيث إن علومهم تنبع عن عين الحقيقة.

ويدلّ على ذلك إن كاتب النسخة قد نقل عن غير القاضي النعمان أيضا فقد نقل عن كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل مصرّحا باسم الكتاب

__________________

(١) ج ١ / ٥٧٧ ط / لندن ١٩٦٧ م.

٧٥

ومؤلّفه الحسكاني ( المتوفّى بعد سنة ٤٧٠ هـ ) في مواضع منها ص ١ وص ١٦ وص ٢٩ وص ٥٧ وص ١١٤ وص ١١٥ وص ١٧٣ ـ والمؤلّف هو : الحافظ المحدّث أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم ، ويعرف بابن الحذّاء ، توفّى بعد السبعين وأربعمائة(١) ومن غير المعقول أن ينقل النعمان ( المتوفّى سنه ٣٦٢ هـ ) عنه.

فليست النسخة الألمانية سوى كتاب مستقلّ مشتمل على نصوص كثيرة من شرح الأخبار ومن غيره.

وقد طبع القسم الأول من شرح الأخبار ـ كما ذكره پونا والا ـ بواسطة الجمعية الصفيّة في سورت الهند ، كما ونشر ايفانوف في سلسلة جمعية البحوث الاسماعيلية رقم ١٠ المنتخب من الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الأخبار في ٣٤ صفحة في مطبعة اكسفورد عام ١٩٤٢ م.

اسلوب التأليف :

والنعمان في كافة مؤلّفاته يسلك اسلوبا فريدا حيث لا يعيد عن رغبات الخلفاء الفاطميّين ، فلا يكتب إلا بإرشادهم ولا ينشر إلا بعد موافقتهم وإذنهم ، فكتبه مرآة صادقة لأفكار الخلفاء الفاطميّين.

قال مجدوع : « ولم يؤلّف تأليفا ولا جمع كتابا متى عرضه على الأئمة شيئا فشيئا ، فأثبتوا منه الصحيح وقوّموا الأود »(٢) .

وصرّح بذلك النعمان في كتبه ومنها هذا الكتاب حيث قال : « جمعت من الآثار في فضل الائمة الأطهار حسب ما وجدته وغاية ما أمليته

__________________

(١) راجع تذكرة الحفاظ : ٢ / ١٢٠٠.

(٢) فهرس مجدوع : ص ٣٢.

٧٦

واستصفيته فصحّحت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا وألّفته بأن عرضته على وليّ الأمر وصاحب الزمان والعصر مولاي الإمام المعزّ لدين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى سلفه وخلفه وأثبتّ منه ما اثبته وصحّ عنده وعرفه وآثره عن آبائه الطاهرين وأجازني سماعه منه وبأن أرويه لمن يأخذ عنّي عنه ، فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه وعرفه ، وأسقطت ما رفعه من ذلك وأنكره ».

وقال أيضا « وحذفت أسانيدها وتكرار أكثر الروايات منها واختلاف الحكايات منها ، إذ قد آثرتها وأثبتّها وصحّحتها بأسنادها الى إمام العصر وصاحب الأمر »(١) .

ويحاول المؤلّف في كتابه هذا ـ كسائر مؤلّفاته ـ الاشارة الى سائر كتبه في كلّ مناسبة وهي حقيقة تنبئ عن وعي المؤلّف لمثل هذه الضرورة وربما عانى هو نفس منها في معرفة المخطوطة الناقصة أثناء زياراته للمكتبات ممّا جعله يلتزم بهذا الاسلوب في كلّ كتبه.

ويمتاز هذا الكتاب بالتزام المؤلّف بالاختصار في الأسانيد وتجنّب التكرار في متون الروايات المتّفقة أو المتقاربة معنى ، كما يكرر هذا الالتزام في كلّ مناسبة. فقد قال : « اختصرت كما شرطت في أول هذا الكتاب أكثر ما جاء في ذلك واقتصرت على حديث واحد من كلّ فنّ ، وحذفت التكرار الذي يدخله أصحاب الحديث وغيرهم باختلاف الأسانيد ، وغير ذلك ممّا يريدون به التأكيد »(٢) .

وقال أيضا : « قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدناه في جملة هذا الكتاب ممّا أثبت في أوله من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف

__________________

(١) مقدّمة شرح الأخبار ص ٨٨.

(٢) شرح الأخبار : ١ / ١٢٦.

٧٧

الأسانيد واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب »(١) .

ويشير المؤلّف في هذا الكتاب وسائر كتبه الى أنه يتحمّل رواية الكتب بالطرق المعروفة فيقول : « فإني قد تصفحت الكتب المرويّة عن أهل البيت ـعليهم‌السلام ـ ممّا كان فيها من سماع ومناولة وأخذته إجازة أو صحيفة »(٢) .

وقال أيضا : « وحذفت أسانيدها إذ صحّحتها بأسنادها الى إمام العصر فقرّبت بذلك بعيدها »(٣) .

والتأمّل في الكلامين يفيد أن ليس للمؤلّف سماع أو مناولة أو إجازة من غير المعزّ ، وأنه لم ينقل عن الكتب إلا بالوجادة ، فكأنه استصغر شأن هذا الفن ، والناس أعداء ما جهلوا ، فلم أقف على شيخ له غير المعتزّ ، كما لم أقف على شيخ للمعتز في هذا الفنّ.

ويظهر أن الاسماعيلية أخذوا هذه السيرة عنه ، فقد حدّثني شيخ البهرة بأنهم لا يعتقدون بالاجازة بل يعتمدون على إمامهم ـ وكما قال : « نغترف من منبع الحديث » ـ وليس هذا إلا جهلا بقواعد الفنّ إذ لو كان إمامهم منبعا لأحاديثهم فإنه لا يعقل أن يكون منبعا لأحاديث غير الاسماعيلية ـ أيضا ـ ، وكيف يعقل أسناد الأحاديث المرويّة عن المخالفين في المعتقد الى المعزّ؟.

ويظهر أن دور المعزّ لم يكن سوى مطالعة ما يجمعه المؤلّف عن المصادر المختلفة وإبداء رأيه الشخصي بحذف ما لا يراه مطابقا لاصول المذهب ، كما يظهر من مواضع من المجالس ص ٤٣.

ونتيجة لهذا الاسلوب ـ أعني عدم دراسة الأسانيد ـ لم بسلم المؤلّف من

__________________

(١) شرح الأخبار : ١٤ / ١٣٢.

(٢) الاقتصار : ص ٣٢.

(٣) مقدّمة شرح الأخبار ص ٨٨.

٧٨

الخطأ في النقل ، وعلى سبيل المثال فقد قال : « وكان علي بن موسى [ الامام الرضاعليه‌السلام ] بالشام »(١) في حين أنه ليس لهذا أيّ مصدر تأريخي ، وقد التبس عليه أمر الامام ـعليه‌السلام ـ بأمر المأمون ، والثابت تأريخيّا أن المأمون كان بالشام وتوفّى هناك دون الامام الرضا ـعليه‌السلام ـ فان ذلك إنما حصل من إهمال دراسة الاسناد في المصدر الذي نقل عنه أو اشتباه فهمه للنصّ.

مصادر الكتاب :

من الطبيعي أن يستفيد النعمان من مكتبات الفاطميّين الخاصّة التي كانت زاخرة بالكتب وخاصّة ما يتعلّق بالخليفة الفاطمي ـ المعزّ ـ ( ت / ٣٦٥ هـ ) ، فقد ورد فيها أنها « كانت مكتبة المعزّ في المنصورية ثم في القاهرة زاخرة بالكتب ، وقد بلغ في شغفه بهذه المكتبة أنه كان يعرف مواضع ما فيها من الكتب وما تحويه من المعلومات »(٢) .

ومع الأسف أن المؤلّف لم يذكر بتفصيل أسماء المصادر التي اعتمد عليها ، ويمكن استنتاج أن المؤلّف كان يعتمد في كتابه على المصادر المتوفّرة لديه ، من اسلوبه حيث يذكر اسم أحد المؤلّفين قائلا باسناده ، وهذا يشير الى أن المؤلّف أخذ تلك الأحاديث من كتبهم ، وبالرغم من ذلك فقد صرّح ببعض المصادر التي تعتبر الآن بعضها مفقودة وهي :

المغازي لابن إسحاق ( ت / ١٥١ هـ ) :

ذكر النعمان في تفسير قوله تعالى : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » ما رواه

__________________

(١) شرح الأخبار : ١٤ / ٦٣.

(٢) المعزّ لدين الله : ص ٢٢٢.

٧٩

الخاصّ والعامّ ، وذكر أصحاب التفسير من العامّة ومن أصحاب السير ـ ونقل الحديث ثم قال ـ : « وروى هذا الحديث بهذا السند محمد بن إسحاق صاحب المغازي ، وغيره من علماء العامّة »(١) .

وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي أحد الأئمة الأعلام في المغازي توفّى سنة إحدى وخمسين ومائة هجرية.

المغازي للواقدي ( ت / ٢٠٧ هـ ) :

قال المؤلّف في الجزء ١٤ ص ٤٢ « روي عن الواقدي » وقال في الجزء ١٣ ص ١٢١ « ذكر محمد بن عمرو الواقدي » ممّا يظهر أن المؤلّف كان ينقل عن كتابه أحيانا مباشرة واخرى بالواسطة.

والواقدي هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المتوفّى سنة ٢٠٧ هـ ، وقد كان المؤلّف على اطلاع واسع بكتب المغازي والسير فقد أحال إليها كثيرا.

علي بن هاشم ( ق ٢ هـ ) :

ينقل المؤلّف عنه في ص ٥٩ وص ٨٠ روايات وفضائل ، والظاهر أنها منقولة من كتاب علي بن هاشم القمّي الذي هو من مشايخ الكليني المتوفّى سته ٣٢٩ ه‍.

النسائي ( ت / ٣٠٢ هـ ) :

ينقل المؤلّف في موارد منها ص ٤٨ وص ٥٠ وص ٥١ عن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي المتوفّى سنة ٣٠٢ هـ ، والظاهر أنها من كتابه « المناقب ».

__________________

(١) شرح الأخبار : ١ / ١٠٧.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

بحث

ما يخلفه الإنسان بعد موته :

المستفاد من الرّوايات الشريفة ، بالإضافة لما ورد في الآيات المباركة أعلاه ، إنّه ثمّة أعمال وآثار يخلفها الإنسان بعد موته ، وما ينجسم من تلك الأعمال والآثار حتى يوم القيامة يبقى مرتبطا بذات الفاعل الأصلي ، فإن كانت الأعمال حيّرة فستصله حسنات تتمة العمل واستمراره ، وإن كانت شريرة فلا يجني منها سوى الهون والعذاب.

فعن الإمام الصادق ٧ ، أنّه قال : «ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلّا ثالث خصال : صدقة أجراها في حياته ، فهي تجري بعد موته ، وسنّة هدى سنّها ، فهي تعمل بها بعد موته ، وولد صالح يستغفر له»(١) .

وفي رواية اخرى : «ست خصال يتنفع بها المؤمن بعد موته : ولد صالح يستغفر له ، مصحف يقرأ منه ، وقليب (بئر) يحفره ، وغرس يغرسه ، وصدقة ماء يجربه ، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده»(٢) .

فيما أكّدت بعض الرّوايات على (العلم) الذي يخلّفه بعده.(٣) وقد حذّرت كثير من الرّوايات من أن يسنّ الإنسان سنّة سيئة ، لأنّ الفاعل الأوّل ستتابع عليه آثام تلك السنة إلى يوم القيامة.

وكذلك حثت وشوقت على استنان السنن الحسنة ، لينتفع الفاعل الأوّل لها بثوابها الجاري إلى يوم القيامة.

وذكر العلّامة الطبرسي حديثا في هذا المضمار إنّ سائلا قام على عهد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسأل ، فسكت القوم ، ثمّ أنّ رجلا أعطاه ، فأعطاه القوم فقال

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ٢٥٧.

(٢) المصدر السابق.

(٣) منية المريد ، ص ١١.

٤٨١

النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من استن خيرا فاستن به فله أجره ، ومثل أجور من اتبعه ، غير منتقص من أجورهم ، ومن استن شرّا فاستن به فعليه وزره ، مثل أوزار من اتبعه غير منتقص من أوزارهم» فتلا حذيفة بن اليمان قوله تعالى :( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) (١) .

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال : «فكيف بكم لو تناهت بكم الأمور وبعثرت القبور ، هناك تبلو كلّ نفس ما أسلفت ، وردّوا إلى الله مولاهم الحق ، وضل عنهم ما كانوا يفترون»(٢) .

فتعكس هذه الآيات والرّوايات أبعاد مسئولية الإنسان أمام أعماله ، وتبيّن عظم المسؤولية ، فأثار فعل الخيرات أو المنكرات يتصل إليه وإن امتدت الآلاف السنين بعد موته!(٣) .

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٤٩.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٦.

(٣) لمزيد من التفصيل. راجع تفسير الآية (٢٥) من سورة النحل.

٤٨٢

الآيات

( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) )

التّفسير

لا داعي للغرور :

تنتقل الآيات أعلاه من المعاد إلى الإنسان ، ببيان إيقاظي عسى أن ينتبه الإنسان من غفلة ما في عنقه من حقّ وما على عاتقه من مسئوليات جسام أمام خالقه سبحانه وتعالى ، فتخاطب الآية الاولى الإنسان باستفهام توبيخي محاط بالحنان والرأفة الرّبانية :( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) .

فالقرآن يذكّر الإنسان بإنسانيته ، وما لها من إكرام وأفضلية ، ثمّ جعله أمام «ربّ» «كريم» ، فالرّب وبمقتضى ربوبيته هو الحامي والمدبّر لأمر تربية وتكامل الإنسان ، وبمقتضى كرمه أجلس الإنسان على مائدة رحمته ، ورعاه بما أنعم عليه ماديا ومعنويا ودون أن يطلب منه أيّ مقابل ، بل ويعفو عن كثير من ذنوب

٤٨٣

الإنسان لفضل كرمه

فهل من الحكمة أن يتمرد هذا الموجود المكرّم على هكذا ربّ رحيم كريم؟!

وهل يحقّ لعاقل أن يغفل عن ذكر ربّه ولو للحظة واحدة ، ولا يطيع أمر مولاه الذي يتضمن سعادته وفوزه؟!

ولهذا فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند تلاوته للآية المباركة أنّه قال : «غرّه جهله»(١) .

ومن هنا ، يتقرّب لنا هدف الآية ، فهي تدعو الإنسان لكسر حاجز غروره وتجاوز حالة الغفلة ، وذلك بالاستناد على مسألة الربوبية والكرم الإلهي ، وليس كما يحلو للبعض من أن يصور هدف الآية ، على أنّه تلقين الإنسان عذره ، فيقول : غرّني كرمك! أو كما قيل للفضيل بن عياض : «لو أقامك الله ويوم القيامة بين يديه ، فقال :( ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) ، ماذا كنت تقول له؟ قال : أقول : غرّني ستورك المرخاة»(٢) .

فهذا ما يخالف تماما ، لأنّها في صدد كسر حالة غرور الإنسان وإيقاظه من غفلته ، وليست في صدد إضافة حجاب آخر على حجب الغفلة!

فلا ينبغي لنا أن نذهب بالآية بما يحلو لنا ونوجهها في خلاف ما تهدف إليه! «غرّك» : من (الغرور) ، و «الغرّة» : غفلة في اليقظة ، وبعبارة اخرى : غفلة في وقت لا ينبغي فيه الغفلة ، ولما كانت الغفلة أحيانا مصدرا للاستعلاء والطغيان فقد استعملت (الغرور) بهذه المعاني.

والغرور) : كلّ ما يغرّ الإنسان من مال ، جاه ، شهوة وشيطان ، وقد فسّر الغرور بالشيطان ، لأنّه أخبث من يقوم بهذا الدور الدنيء في الدّنيا.

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٤٩ ؛ والدر المنثور ، وروح المعاني ، وروح البيان ، والقرطبي ، عند تفسير الآية المبحوثة.

(٢) المصدر السابق.

٤٨٤

وذكر في تفسير «الكريم» آراء كثيرة ، منها : إنّه المنعم الذي تكون جميع أفعاله إحسان ، وهو لا ينتظر منها أيّ نفع أو دفع ضرر.

ومنها : هو الذي يعطي ما يلزمه وما لا يلزمه.

ومنها : هو من يعطي الكثير بالقليل.

ولو جمعنا كلّ ما ذكر وبأعلى صورة لدخل في كرم اللهعزوجل ، فيكفي كرم الله جلالا أنّه لا يكتفي عن المذنبين ، بل يبدل (لمن يستحق) سيئاتهم حسنات.

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عند تلاوته لهذه الآية ، أنّه قال : (إن الإنسان) «أدحض مسئول حجّة ، وأقطع مغترّ معذرة ، لقد أبرح (أي اغتر) جهالة بنفسه.

يا أيّها الإنسان ، ما جرّأك على ذنبك ، وما غرّك بربّك ، وما أنسك بهلكة نفسك؟

أمّا من دائك بلول (أي شفاء) ، أم ليس من نومتك يقظة؟ أما ترحم نفسك ما ترحم من غيرك؟ فلربّما ترى الضاحي من حرّ الشمس فتظلّه ، أو ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكي رحمة له! فما صبرك على دائك ، وجلدك على مصابك ، وعزاك عن البكاء على نفسك وهي أعزّ الأنفس عليك ، وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة (أي تبيت بنقمة من الله) وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته! فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة ، ومن كرى (أي النوم) الغفلة في ناظرك بيقظة ، وكن لله مطيعا وبذكره آنسا ، وتمثل (أي تصور) في حال توليك عنه إقباله عليك ، يدعوك إلى عفوه ويتغمدك بفضله وأنت متول عنه إلى غيره ، فتعالى من قوي ما أكرمه! وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته! ...»(١) .

وتعرض لنا الآية التالية جانبا من كرم الله ولطفه على الإنسان :( الَّذِي

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٣.

٤٨٥

خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما (١) شاءَ رَكَّبَكَ ) .

فالآية قد طرحت مراحل خلق الإنسان الأربعة أصل الخلقة ، التسوية ، التعديل ، ومن ثمّ التركيب.

ففي مرحلة الاولى : يبدأ خلق الإنسان ومن نطفة في ظلمات رحم الام.

وفي مرحلة الثّانية : مرحلة «التسوية والتنظيم» وفيها يقدر الباري سبحانه خلق كلّ عضو من أعضاء الإنسان بميزان متناهي الدّقة.

فلو أمعن الإنسان النظر في تكوين عينه اذنه أو قلبه ، عروقه وسائر أعضاءه ، وما أودع فيها من ألطاف ومواهب وقدرات إلهية ، لتجسم أمامه عالما من العلم والقدرة واللطف والكرم الإلهي.

عطاء ربّاني قد شغل العلماء آلاف السنين بالتفكير والبحث والتأليف ، ولا زالوا في أوّل الطريق

وفي المرحلة الثّالثة : يكون التعديل بين «القوى» و «الأعضاء» وتحكيم الارتباط فيما بينها.

وبدن الإنسان قد بني على هذين القسمين المتقاربين ، فـ اليدين ، الرجلين ، العينين ، الأذنين ، العظام ، العروق ، الأعصاب والعضلات قد توزعت جميعها على هذين القسمين متجانس ومترابط.

هذا بالإضافة إلى أنّ الأعضاء في عملها يكمل بعضها للبعض الآخر ، فجهاز التنفس مثلا يساعد في عمل الدورة الدموية بدورها تقدم يد العون إلى عملية التنفس ، ولأجل ابتلاع لقمة غذاء ، لا تصل إلى الجهاز الهضمي إلّا بعد أن يؤدّي كلّ من : الأسنان ، اللسان ، الغدد وعضلات الفم دوره الموكل به ، ومن ثمّ تتعاضد أجزاء الجهاز الهضمي على إتمام عملية الهضم وامتصاص الغذاء ، لينتج منه القوّة

__________________

(١) «ما» : زائدة ، واحتملها البعض (شرطية) ، ولكنّ الرأي الأوّل أقرب للصواب.

٤٨٦

اللازمة للحركة والفعالية

وكلّ ما ذكر ، وغيره كثير ، قد جمع قصيرة رائعة( ... فَعَدَلَكَ ) .

وقيل : «عدلك» إشارة إلى اعتدال قامة الإنسان ، وهو ما يمتاز به عن بقية الحيوانات ، وهذا المعنى أقرب للمرحلة القادمة ولكن المعنى الأوّل أجمع.

وفي المرحلة الرابعة : تكون عملية «التركيب» وإعطاء الصورة النهائية للإنسن نسبة إلى بقية الموجودات.

نعم ، فقد تكرم الباري بإعطاء النوع الإنساني صورة موزونة عليها مسحة جمالية بديعة قياسا مع بقية الحيوانات ، وأعطى الإنسان فطرة سليمة ، وركّبه بشكلّ يكون فيه مستعدا لتلقي كلّ علم وتربية.

ومن حكمة الباري أن جعل الصور الإنسانية مختلفة متباينة ، كما أشارت إلى ذلك الآية (٢٢) من سورة الروم :( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ ) ، ولولا الاختلاف المذكور لاختل توازن النظام الاجتماعي البشري.

ومع الاختلاف في المظهر فإنّ الباري جلّ شأنه قدّر الاختلاف والتفاوت في القابليات والاستعدادات والأذواق والرغبات ، وجاء هذا النظم بمقتضى حكمته ، وبه يمكن تشكيل مجتمع متكامل سليم وكلّ حوائجه ستكون مؤمّنة.

وتلخص الآية (٤) من سورة التين خلق الله للإنسان بصورة إجمالية :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) .

والخلاصة : فالآيات المبحوثة ، إضافة لآيات أخر كثيرة تهدف وبشكلّ دقيق إلى تعريف الإنسان المغرور بحقيقته ، منذ كان نطفة قذرة ، مرورا بتصويره وتكامله في رحم امّه ، حتى أشدّ حالات نموه وتكامله ، وتؤكّد على أنّ حياة الإنسان في حقيقتها مرهونة بنعم الله ، وكلّ حيّ يفعم برحمة الله في كل لحظات حياته ، ولا بدّ لكلّ حي ذي لبّ وبصيرة من أن يترحل من مطية غروره وغفلته ،

٤٨٧

ويضع طوق عبودية المعبود الأحد في رقبته ، وإلّا فالهلاك الحتمي.

وتتناول الآية التالية منشأ الغرور والغفلة :( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ) .

فالكرم الإلهي ، ولطف الباري منعمه ليست بمحفز لغروركم ، ولكنكم آليتم على عدم إيمانكم بالقيامة ، فوقعتم بتلك الهاوية الموهمة.(١)

ولو دققنا النظر في حال المغرورين والغافلين ، لرأينا أنّ الشك بيوم القيامة أو إنكاره هو الذي استحوذ على قلوبهم وما دونه مجرّد مبررات واهية ، ومن هنا يأتي لتشديد على أصل المعاد ، فلو قوي الإيمان بالمعاد في القلوب لارتفع الغرور وانقشعت الغفلة عن النفوس.

«الدين» : يراد به هنا ، الجزاء يوم الجزاء ، وما احتمله البعض من أنّه (دين الإسلام) فبعيد عن سياق حديث الآيات ، لأنّها تتحدث عن «المعاد».

وتأتي الآيات التالية لتوضح أنّ حركات وسكنات الإنسان كلّها مراقبة ومحسوبة ولا بدّ الإيمان بالمعاد وإزالة عوامل الغفلة والغرور ، فتقول( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) (٢) .

وهؤلاء الحفظة لهم مقام كريم عند الله تعالى ودائبين على كتابة أعمالكم :( كِراماً كاتِبِينَ ) .

( يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ ) .

و «الحافظين» : هم الملائكة المكلفون بحفظ وتسجيل أعمال الإنسان من خير أو شرّ ، كما سمّتهم الآية (١٧) من سورة (ق) بالرقيب العتيد :( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ، كما وذكرتهم الآية (١٦) من نفس السورة :( إِذْ يَتَلَقَّى

__________________

(١) «كلا» حرف ردع لإنكار شيء ذكر وتوهم ، لكن أي إنكار قصدته الآية؟ ثمة احتمالات عديدة للمفسرين في ذلك ، وأهمها ما ذكر أعلاه ، أي أن «كلا» جاءت لتنفي كل أسباب ومنابع الغرور والغفلة وتجعلها في إنكار القيامة والتكذيب به فقط. وهو ما ورد بعد «بل» وهذا ما اختاره الراغب في مفردات (في مادة : بل) ، وقال بعد ذكره للآية : قيل ليس هاهنا ما يقتضي أن يغرهم به تعالى ولكن تكذيبهم هو الذي حملهم على ما ارتكبوه.

(٢) قيل : إن «الواو» هنا حالية ، كما في روح المعاني وروح البيان ، ولكن احتمال كونها (استئنافية) أقرب للحال.

٤٨٨

الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ) .

وثمّة آيات قرآنية اخرى تشير إلى رقابة الملائكة لما يفعله الإنسان في حياته.

إنّ نظر وشهادة اللهعزوجل على أعمال الإنسان ، ممّا لا شك فيه ، فهو الناظر لما يبدر من الإنسان قبل أيّ أحد ، وأدق من كلّ شيء ، ولكنّه سبحانه ولزيادة التأكيد ولتحسيس الإنسان بعظم مسئولية ما يؤديه ، فقد وضع مراقبين يشهدون على الإنسان يوم الحساب ، ومنهم هؤلاء الملائكة الكرام.

وقد فصّلنا أقسام المراقبين الذين يحفون بالإنسان من كلّ جهة ، وذلك ذيل الآيتين (٢٠ و٢١) من سورة فصّلت ، ونوردها هنا إجمالا ، وهي على سبعة أقسام.

أوّلا : ذات الله المقدّسة ، كما في قوله تعالى :( وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) (١) .

ثانيا : الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام ، بدلالة قوله تعالى :( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (٢) .

ثالثا : أعضاء بدن الإنسان ، بدلالة قوله تعالى :( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٣) .

رابعا : جلد الإنسان وسمعه وبصره ، بدلالة قوله تعالى :( حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٤) .

خامسا : الملائكة ، بدلالة قوله تعالى :( وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ

__________________

(١) يونس ، الآية ٦١.

(٢) النساء ، الآية ٤١.

(٣) النور ، الآية ٢٤.

(٤) فصلت ، الآية ٢١.

٤٨٩

وَشَهِيدٌ ) (١) ، وبدلالة الآية المبحوثة أيضا.

سادسا : الأرض المكان الذي يعيش عليه الإنسان ، بدلالة قوله تعالى :( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) (٢) .

سابعا : الزمان الذي تجري فيه أعمال الإنسان ، بدلالة ما روي عن الإمام عليعليه‌السلام في وقوله : «ما من يوم يمرّ على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم : يا ابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد»(٣) .

وفي كتاب الإحتجاج للشيخ الطبرسي : إنّ شخصا سأل الإمام الصادقعليه‌السلام عن علّة وضع الملائكة لتسجيل أعمال الإنسان في حين أنّ اللهعزوجل عالم السرّ وأخفى؟

فقال الإمامعليه‌السلام : «استعبدهم بذلك ، وجعلهم شهودا على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة الله مواظبة ، وعن معصيته أشدّ انقباضا ، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى وكفّ ، فيقول ربّي يراني ، وحفظتي عليّ بذلك يشهد ، وأنّ برأفته ولطفه وكّلهم بعباده ، يذبّون عنهم مردة الشياطين ، وهوام الأرض ، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله ، إلى أن يجيء أمر اللهعزوجل »(٤) .

ويستفاد من هذه الرواية أنّ للملائكة وظائف اخرى إضافة لتسجيلهم لأعمال الإنسان كحفظ الإنسان من الحوادث والآفات ووساوس الشيطان.

(وقد بحثنا موضوع وظائف ومهام الملائكة بتفصيل في ذيل الآية (١) من سورة فاطر ـ فراجع).

__________________

(١) سورة ق ، الآية ٢١.

(٢) الزلزال ، الآية ٤.

(٣) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٧٣٩ (مادة : يوم).

(٤) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٥٢٢.

٤٩٠

وقد وصفت الآيات المبحوثة هؤلاء الملائكة بأنّهم «كرام» ، ليكون الإنسان أكثر دقّة في مراقبة نفسه وأعماله ، لأنّ الناظر كلّما كان ذا شأن كبير ، تحفظ الإنسان منه أكثر وأكثر واستحى من فعل المعاصي أمامه.

وعلّة ذكر «كاتبين» للتأكيد على إنّهم لا يكتفون بالمراقبة والحفظ دون تسجيل ذلك بدقّة متناهية.

وذكر :( يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ ) تأكيد آخر على كونهم مطلعين على كلّ الأعمال وبشكل تام ، واستنادا إلى اطلاعهم ومعرفتهم يسجلون ما يكتبونه.

فالآيات تشير إلى حرية إرادة الإنسان ، وتشير إلى كونه مختارا ، وإلّا فما قيمة تسجيل الأعمال؟ وهل سيبقى للتحذير والإنذار من معنى؟

وتشير أيضا إلى جدّية ودقّة الحساب والجزاء والإلهي.

ويكفي فهم واستيعاب هذه الإشارات البيانية الرّبانية لإنقاذ الإنسان من وقوعه في هاوية المعاصي ، وتكفيه الإشارات عظة ليزكي ويعرف مسئوليته ويعمل بدروه.

* * *

بحث

كتبة صحائف الأعمال :

لم تكن الآيات المبحوثة الدليل الوحيد على وجود المراقبين لأعمال الإنسان ، والكاتبين لها بخيرها وشرّها ، بل ثمّة آيات كثيرة وروايات عديدة تناولت ذلك ومن جملة ما ورد من الأحاديث بهذا الشأن.

١ ـ سؤال عبد الله بن موسى بن جعفرعليه‌السلام لأبيه عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله ، أو الحسنة؟

فقال الإمامعليه‌السلام : «ريح الكنيف وريح الطيب سواء؟».

٤٩١

قال : لا.

قال : «إنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نفسه طيّب الريح ، فيقول صاحب اليمين لصاحب الشمال : قم فإنّه قد همّ بالحسنة ، فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده ، فأثبتها له ، وإذا همّ بالسيئة خرج نفسه منتن الريح ، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين ، قف فإنّه قد همّ بالسيئة ، فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده ، وأثبتها عليه»(١) .

فالرواية تبيّن ما للنيّة من أثر على كامل وجود الإنسان ، وأنّ الملائكة يسجلون ما وقع من فعل من الإنسان ولكنّهم مطلعين على فعل الواقع قبل وقوعه ، وعليه فتسجيلهم لأعمال الإنسان دقيق جدّا ، ولا يفوتهم شيئا إلّا وكتبوه في صحيفته.

والرواية أيضا ، تأتي في سياق الحديث النبوي الشريف : «إنّما الأعمال بالنيات» للتأكيد على ما لنيّة الإنسان من أثر على فعله الحسن أو السيء.

وتبيّن أيضا ، بأنّ وسائل الكتابة هي جوارح الإنسان الناوي للفعل ، فلسانه القلم وريقه المداد!

٢ ـ وثمّة روايات تؤكّد على أنّ الملائكة مأمورة بتسجيل النوايا الحسنة دون النوايا السيئة ، ومنها : «إنّ تبارك وتعالى جعل لآدم في ذريته من همّ بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ، ومن همّ بحسنة وعملها كتبت له بها عشرا ، ومن همّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب له ، ومن همّ بها وعملها كتبت عليه سيئة».(٢)

فالرواية تبيّن منتهى اللطف الرّباني الفصل الإلهي على الإنسان ، وتحث الإنسان على الأعمال الصالحة فنيّته السيئة لا تسجل عليه ، وفعله السيء يكتب عليه وفق موازين العدل ، في حين أنّ نيّته الحسنة وفعله الحسن يسجلان

__________________

(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٢٩ ، باب «من يهمّ بالحسنة أو السيئة» الحديث ٣.

(٢) المصدر السابق ، الحديث ١ ـ ٢.

٤٩٢

له وفق اللطف والتفضل الإلهي

٣ – وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه قال : «يهمّ العبد بالحسنة فيعملها ، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيّته ، وإن هو عملها كتب الله له عشرا ، ويهمّ بالسيئة أن يعملها ، فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وإن عملها اجّل سبع ساعات ، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال : لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها ، فإن اللهعزوجل يقول :( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) ، أو الاستغفار فإنّ هو قال : استغفر الله الذي لا إله إلّا هو ، عالم الغيب والشهادة ، العزيز الحكيم ، الغفور الرحيم ، ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه ، لم يكتب عليه شيء ، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة أو استغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات : اكتب على الشقي المحروم»(١) .

٤ – وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إنّ المؤمنين إذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضها لبعض : تنحوا عنهما فإنّ لهما سرّا وقد ستر الله عليهما»!(٢)

٥ – وفي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال فيها بعد أن دعى الناس فيها لتقوى الله : «اعلموا عباد الله ، إنّ عليكم رصدا من أنفسكم ، وعيونا من جوارحكم ، وحفّاظ صدق يحفظون أعمالكم ، وعدد أنفاسكم ، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج ولا يكنّكم منهم باب ذو رتاج «أي إحكام» ، وإنّ غدا من اليوم قريب»(٣) .

* * *

__________________

(١) المصدر السابق ، الحديث ٤.

(٢) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ، الحديث ٢ ؛ وعنه نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١١٠.

(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٥٧.

٤٩٣

الآيات

( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩) )

التّفسير

«يوم لا تملك نفس لنفس شيئا» :

بعد ذكر الآيات السابقة لتسجيل أعمال الإنسان من قبل الملائكة ، تأتي الآيات أعلاه لتتطرق إلى نتائج تلك الرقابة ، وما سيصل إليه كلّ من المحسن والمسيء من عاقبة ، فتقول الآية الاولى :( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ) .

والثّانية :( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) .

«الأبرار» : جمع (بار) و «برّ» على وزن (حق) ، بمعنى : المحسن ، و (البرّ) بكسر الراء ـ كلّ عمل صالح والآية تريد العقائد السليمة ، والنيات والأعمال الصالحة.

«نعيم» : وهي مفرد بمعنى النعمة ، ويراد به هنا «الجنّة» ، وجاءت بصيغة

٤٩٤

النكرة لبيان أهمية وعظمة هذه النعمة ، التي لا يصل لإدراك حقيقتها إلّا الله سبحانه وتعالى ، واختيرت كلمة «نعيم» بصيغة الصفة المشبهة ، للتأكيد على بقاء واستمرار هذه النعمة ، لأنّ الصفة المشبهة عادة ما تتضمّن ذلك.

«الفجّار» : جمع (فاجر) من (فجر) ، وهو الشقّ الواسع ، وقيل للصبح فجر لكونه فجر الليل ، أيّ شقّه بنور الصباح ، و (الفخور) : شقّ ستر الديانة والعفة ، والسير في طريق الذنوب.

«جحيم» : من (الجحمة) ، وهي تأجج النّار ، وتطلق الآيات القرآنية (الحجيم) على جهنّم عادة.

ويمكن أن يراد بقوله تعالى :( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) الحال الحاضر ، أيّ : إنّ الأبرار يعيشون في نعيم الجنّة حاليّا ، وإنّ الفجّار قابعون في أودية النّار ، كما يفهم من إشارة الآية (٥٤) من سورة العنكبوت :( إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ) .

وقال بعض : المراد من الآيتين هو حتمية الوقوع المستقبلي ، لأنّ المستقبل الحتمي والمضارع المتحقق الوقوع يأتي بصيغة الحال في اللغة العربية ، وأحيانا يأتي بصيغة الماضي.

فالمعنى الأوّل أكثر انسجاما مع ظاهر الآية ، إلّا أنّ المعنى الثّاني أنسب للحال ، والله العالم.

وتدخل الآية التالية في تفصيل أكثر لمصير الفجّار :( يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ ) .

فإذا كانت الآية السابقة تشير إلى أنّ الفجّار هم في جهنّم حاليا ، فسيكون إشارة هذه الآية ، إلى أنّ دخولهم جهنّم سيتعمق ، وسيحسون بعذاب نارها ، بشكل أشدّ.

«يصلون» : من (المصلى) على وزن (سعي) ، و «صلى النّار» : دخل فيها ، ولكون الفعل في الآية قد جاء بصيغة المضارع ، فإنّه يدل على الاستمرار

٤٩٥

والملازمة في ذلك الدخول.

ولزيادة التفصيل ، تقول الآية التالية :( وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ) .

اعتبر كثير من المفسّرين كون الآية دليلا على خلود الفجّار في العذاب ، وخلصوا إلى أنّ المراد بـ «الفجّار» هم «الكفّار» ، لكون الخلود في العذاب يختص بهم دون غيرهم.

ف «الفجّار» : إذن : هم الذين يشقون ستر التقوى والعفة بعدم إيمانهم وتكذيبهم بيوم الدين ، ولا يقصد بهم ـ في هذه الآيات ـ أولئك الذي يشقّون الستر المذكور بغلبة هوى النفس مع وجود حالة الإيمان عندهم.

وإتيان الآية بصيغة زمان الحال تأكيدا لما أشرنا إليه سابقا ، من كون هؤلاء يعيشون جهنّم حتّى في حياتهم الدنيا (الحالية) أيضا( ... وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ) ، فحياتهم بحدّ ذاتها جهنّما ، وقبورهم حفرة من حفر النيران (كما ورد في الحديث الشريف) ، وعليه فجهنّم القبر والبرزخ وجهنّم الآخرة كلّها مهيأة لهم.

كما وتبيّن الآية أيضا : إنّ عذاب أهل جهنّم عذاب دائم ليس له انقطاع ، ولا يغيب عنهم ولو للحظة واحدة.

ولأهمية خطب ذلك اليوم العظيم ، تقول الآية التالية :( وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ) .

( ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ) .

فإذا كانت وحشة وأهوال ذلك اليوم قد أخفيت عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو المخاطب في الآية ـ مع كلّ ما له من علم بـ القيامة ، المبدأ ، المعاد فكيف يا ترى حال الآخرين؟!!

والآيات قد بيّنت ما لأبعاد يوم القيامة من سعة وعظمة ، بحيث لا يصل لحدّها أيّ وصف أو بيان ، وكما نحن (السجناء في عالم المادة) لا نتمكن من إدراك حقيقة النعم الإلهية المودعة في الجنّة ، فكذا هو حال إدراكنا بالنسبة

٤٩٦

لحقيقة عذاب جهنّم ، وعموما لا يمكننا إدراك ما سيجري من حوادث في ذلك اليوم الرهيب المحتوم.

وينتقل البيان القرآني للتعبير عن إحدى خصائص ذلك اليوم ، وبجملة وجيزة ، لكنها متضمّنة لحقائق ومعان كثيرة :( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) .

فستتجلّى حقيقة أنّ كلّ شيء في هذا العالم هو بيد الله العزيز القهّار ، وستبان حقيقة حاكمية الله المطلقة ومالكيته على كلّ من تنكر لهذه الحقيقة الحقّة ، وستنعدم تلك التصورات الساذجة التي حكمت أذهان المغفلين بكون فلان أميرا ورئيسا أو حاكما ، وسينهار أولئك البسطاء الذين اعتبروا أن قدراتهم مستقلة بعد أن أكل الغرور نفوسهم وتكالب التكبر على تصرفاتهم في الحياة الدنيا الفانية.

وتشهد على الحقيقة ـ بالإضافة إلى الآية المذكورة ـ الآية (١٦) من سورة المؤمن حيث تقول :( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) .

وتشير الآية (٣٧) من سورة عبس إلى انشغال الإنسان بنفسه في ذلك اليوم دون كلّ الأشياء الاخرى ، ولو قدّر أن يمنح قدرا معينا من القدرة ، لما نفع بها أحد دون نفسه! ، حيث تقول الآية :( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) .

حتّى روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، أنّه تناول ذلك الموقف بقوله : (إن الأمر يومئذ واليوم كله لله ، ...) وإذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلّا الله»(١)

وهنا يواجهنا السؤال التالي : هل يعني ذلك ، إنّ الآية تتعارض وشفاعة الأنبياء والأوصياء والملائكة؟

ويتّضح جواب السؤال المذكور من خلال البحوث التي قدمناها بخصوص موضوع (الشفاعة) فقد صرّح الحكيم في بيانه الكريم ، إنّ الشّفاعة لن تكون إلّا

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٥٠.

٤٩٧

بإذنه ، وإنّ الشّفاعة غير مطلقة ، حسب ما تشير إليه الآية (٢٨) من سورة الأنبياء( لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) اللهم! إنّ الخلائق تنتظر رحمتك ولطفك في ذلك اليوم الرهيب ، ونحن الآن نتوقع لطفك.

إلهنا! لا تحرمنا من الطافك وعناياتك في هذا العالم والعالم الآخر.

ربّنا! أنت الحاكم المطلق في كلّ مكان وزمان ، فاحفظنا من التورط في شباك الذنوب والسقوط في وادي الشرك واللجوء الى الغير

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الإنفطار

انتهى المجلد التاسع عشر

* * *

٤٩٨

الفهرس

سورة المعارج

محتوى السورة ٥

فضيلة هذه السورة ٦

تفسير الآيات : ١ ـ ٣ ٧

سبب النّزول ٧

العذاب العاجل ٩

ملاحظة

إشكالات المعاندين الواهية ١٠

تفسير الآيات : ٤ ـ ٧ ١٤

يوم مقداره خمسين ألف سنة ١٤

تفسير الآيات : ٨ ـ ١٨ ١٧

تفسير الآيات : ١٩ ـ ٢٨ ٢١

أوصاف المؤمنين ٢١

تفسير الآيات : ٢٩ ـ ٣٥ ٢٧

القسم الآخر من صفات أهل الجنّة ٢٧

تفسير الآيات : ٣٦ ـ ٤١ ٣٢

الطمع الواهي في الجنّة ٣٢

٤٩٩

ملاحظة

ربّ المشارق والمغارب ٣٥

تفسير الآيات : ٤٢ ـ ٤٤ ٣٧

كأنّهم يهرعون إلى الأصنام ٣٧

«سورة نوح»

محتوى سورة ٤٣

فضيلة هذه السورة ٤٤

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٤٥

رسالة نوح الأولى ٤٥

ملاحظة

العوامل المعنوية لزيادة ونقصان العمر ٤٧

تفسير الآيات : ٥ ـ ٩ ٤٨

استخدام مختلف الوسائل لهدايتهم ، ولكن ٤٨

ملاحظتان

١ ـ أسلوب الإبلاغ ومنهجه ٥١

٢ ـ لماذا الفرا من الحقيقة ٥١

تفسير الآيات : ١٠ ـ ١٤ ٥٣

ثمرة الإيمان في الدنيا ٥٣

ملاحظة

الرّابطة بين التقوى والعمران ٥٥

تفسير الآيات : ١٥ ـ ٢٠ ٥٨

٥٠٠

501

502