شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار6%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64111 / تحميل: 6298
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

النص على إمامة علي صلوات الله عليه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مع ذلك يؤكد قوله فيه ، بأنه عن الله عزّ وجلّ يقوله ، وبأمره يأمرهم بما أمرهم به من طاعته وولايته ومودته. فرحم الله امرأ سمع ذلك فوعاه ، واعتقده وعمل به ، ولم يمرّ صفحا عليه كما مرّ على كثير ممن سمعه.( وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) كما قال عزّ وجلّ( إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ويضلّ كما أخبر سبحانه الظالمين ، هذا ما أسرّه(١) وعهده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى عليعليه‌السلام .

[٥٩١] أبو نعيم الفضل بن دكين(٢) ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه أنه كان جالسا وحوله جماعة يحدّثهم ، إذ مرّ بهم علي صلوات الله عليه.

فقال سلمان لمن حوله : ألا تقومون إليه ـ يعني عليا صلوات الله عليه ـ فتأخذون بحجزته [ تسألونه ] فو الله ما يحدّثكم بسرّ نبيكم [ أحد ] غيره. [ وإنه لعالم الأرض وربانيها وإليه تسكن ، ولو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس ](٣) .

[٥٩٢] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : ناجى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا صلوات الله عليه بحجرته ـ وهو محاصر للطائف ـ فأطال النجوى ، والناس ينظرون إليهما ، فتقدم أبو بكر وعمر ، فقالا : يا رسول الله ، لقد طالت منذ اليوم مناجاتك لعليعليه‌السلام .

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنا انتجيته ، ولكن الله

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : أمره.

(٢) هو ابن دكين ، الفضل بن دكين ( واسمه عمرو ) بن حماد التيمي ، ولد ١٣٠ هـ ، وتوفي ٢١٩ ه‍.

(٣) ما بين المعقوفات من أمالي الصدوق : ص ٣٢٧.

٢٨١

انتجاه.

[٥٩٣] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : لما أنزل الله عزّ وجلّ :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (١) كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، وكنت إذا أردت أن أناجي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تصدقت بدرهم حتى فنيت ، ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين ، فأنزل الله عزّ وجلّ :( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ) الآية(٢) ، فلم يعمل بآية النجوى أحد غيري.

[٥٩٤] أبو غسان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنها قالت : كان عليعليه‌السلام أقرب الناس برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهدا. عدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم قبض في بيت عائشة ، فجعل يقول : أجاء علي؟ مرارا.

قالت فاطمة صلوات الله عليها : كان بعثه لحاجة.

ثم جاء فظننا أن له إليه حاجة. فخرجنا من البيت وقعدنا من وراء الباب.

قالت : فكنت من أدناهن من الباب ، فأكبّ عليه عليعليه‌السلام ، فلم يزل يسارّه ويناجيه. ثم قبض من يومه ذلك ، وكان أقرب الناس به عهدا.

[٥٩٥] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في مرضه الذي قبض فيه ـ

__________________

(١) المجادلة : ١٢.

(٢) المجادلة : ١٣.

٢٨٢

ادعوا إليّ أخي.

فقالت عائشة : ادعوا أبا بكر ، فلعله أن يعهد إليه عهدا. فجاء أبو بكر ، فلما رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سكت ، ولم يقل شيئا.

ثم قال : ادعوا إليّ أخي ، فأرسلت حفصة(١) الى أبيها عمر ، فلما جاء ، لم يقل له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئا.

ثم قال : ادعوا إليّ أخي ، فأرسلت فاطمة الى عليعليه‌السلام .

فجاء ، فلما رآه قال : ادن مني ، فدنا منه. فقال : اجلسني. فأجلسه.

ثم قال : احتضني ، فاحتضنه. فقال : اسندني الى صدرك ، فأسنده.

قال علي صلوات الله عليه : فما زال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسارّني ويحدّثني ، وإني لأجد برد شفتيه ولسانه في أذني ، حتى قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال : وكان آخر ما عهده إليّ أن قال : الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم.

قال عليعليه‌السلام : وهي آخر وصايا الأنبياء صلوات الله عليهم.

[٥٩٦] يحيى بن حبيب ، باسناده ، عن عبد الله بن عمر ، قال : كنا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعا عليا صلوات الله عليه وأدناه ،

__________________

(١) حفصة بنت عمر بن الخطاب زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولدت بمكة ، وتزوجها خنيس بن حذافة السهمي فكانت عنده ، وأسلما ، وهاجرت معه الى المدينة ومات عنها ، فتزوجها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ماتت في المدينة ٤٥ ه‍.

٢٨٣

فسارّه طويلا ، ثم قام عليعليه‌السلام ، فمضى. فلما ولّى قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبا الحسن.

قال : لبيك يا رسول الله.

قال : لا تسقه إليّ إلا كما تساق الشاة الى حالبها.

فلم ندر من أراد ، وتسامع الناس ، فاجتمع الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة من المهاجرين والأنصار ، فلم يبرح حتى أقبل عليه عليعليه‌السلام بالحكم بن أبي العاص(١) ، وقد أخذ باذنه ولهازمه يجره حتى أقعده بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلعنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثا.

ثم قال : إن هذا سيخرج من صلبه فتنا تبلغ السماء.

فقالوا : يا رسول الله ، هو أذل وأهون من أن يكون ذلك منه!

فقال : بلى ويحكم يومئذ من شيعته.

ثم أمر به ، فسير به الى الدهلك.

[ أنس ومناقب علي ]

[٥٩٧] محمّد بن منصور ، باسناده ، عن محمّد بن بشير ، قال : قدم عليّ رجل من أهل الكوفة ، فقال : إني اريد أن أسأل أنس بن مالك ، فانطلق بنا إليه.

قال : فانطلقت به الى أنس ، وكان أنس قد أصابته وضح ، وذهب بصره ، وكان لا يخرج إلا وعليه برقع ، فخرج إلينا كذلك.

__________________

(١) الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الاموي أسلم يوم الفتح وسكن المدينة فكان يفشي سر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنفاه إلى الطائف وأمر باعادته عثمان زمن خلافته فمات فيها وقد عمي بصره وهو عم عثمان ووالد مروان رأس الدولة المروانية توفي ٣٢ ه‍.

٢٨٤

فقلت له : إن هذا امرؤ من أهل الكوفة أحبّ لقاءك ، والنظر إليك.

قال أنس : نعم الناس أهل الكوفة ، إلا أنهم هلكوا في الرجل ـ يعني علياعليه‌السلام ـ.

فقال لي الرجل بيني وبينه : قم بنا ننصرف.

قلت : لم؟

قال : إنما جئت أسأله عن عليعليه‌السلام ، وقد بدا منه ما بدا ، فما عسى أن يقول بعد هذا؟

قلت : سله عما شئت ، فإنه لن يكذبك.

قال : فسأله عن عليعليه‌السلام .

قال له أنس : عمّ تسأل من أمره؟

قال : تخبرني عن منزلته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال : أما إذا أبيت يا كوفي ، فإني اخبرك! [ كانت ] له ثلاث خصال من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ، كان أول من آمن بالله وبرسوله ، وكان صاحب سرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلانيته ، وكان وصيه من بعده.

[٥٩٨] الأجلح(١) ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أن علياعليه‌السلام خطب الناس عند خروجه لحرب أهل الجمل ، فقال : أيها الناس ما هذه المقالة السيئة ، بلغتني عنكم ، والله ليقتلن طلحة والزبير ،

__________________

(١) هكذا في نسخة ـ ج ـ وفي الاصل : الاصلح ، وهو أجلح بن عبد الله بن حجية ، ويقال اسمه يحيى والاجلح لقبه ، توفي سنة ١٤٥ ه‍.

٢٨٥

وليفتحن البصرة ، وليأتينكم مادة من الكوفة ستة آلاف وخمسمائة وستون.

قال عبد الله بن عباس : فقلت في نفسي : ومن أين يعلم هذا؟ ولكن الحرب خدعة ، وكان أول شيء من ذلك أن قدمت علينا مادة أهل الكوفة ، فخرجت ، فلقيتهم ، فسألتهم عن عدتهم.

فقالوا : ستة آلاف وخمسمائة وستون مثل ما ذكر.

ثم قتل طلحة والزبير ، وفتحت البصرة ، فعلمت أن ذلك ممّا أسرّه إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[٥٩٩] وقد جاء عنهعليه‌السلام أنه علّمه الف كلمة كل كلمة تفتح الف كلمة.

[٦٠٠] سعيد بن حنظلة ، عن علقمة ، قال : سمعت عليا صلوات الله عليه ، يقول :

ما عن فئة تبلغ ثلاثمائة الى يوم القيامة إلا وقد علمت ناعقها وقائدها وسائقها.

[٦٠١] ابو مريم الأنصاري ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام أنه خطب الناس ، فقال :

أيها الناس أنا فقأت عين الفتن بيدي ، ولم يكن [ أحد ] يجترئ عليها غيري ، ولو لم أكن فيكم ما قوتل أصحاب الجمل ، وأهل النهروان ، وايم الله لو لا أن تتكلوا فتدعوا العمل لأخبرتكم بما قضى الله على لسان نبيهعليه‌السلام لمن قاتلهم منكم مبصرا لضلالهم ، عارفا للهدى الذي نحن عليه.

ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فاني ميت بل مقتول(١) ،

__________________

(١) وفي الغارات ١ / ٧ : اني ميت أو مقتول ، بل قتلا.

٢٨٦

ما ينتظر أشقاها أن يخضبها بدم من فوقها ـ وأومى(١) بيده الى لحيته ـ فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها.

فقام رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن البلايا.

فقال : إنكم في زمان ذلك ، فإذا سأل سائل فليفعل ، وإذا سئل مسئول فليثبت إلا أن من ورائكم امورا لو فقدتموني لأطرق كثير من السائلين ، وفشل كثير من المسئولين. وذلك إذا اتصلت حربكم ، وشمرت عن ساق ، وكانت الدنيا ثقلا عليكم حتى يفتح الله لبقية الأبرار ، فانظروا قوما كانوا أصحاب رايات يوم بدر فلا تسبقوهم فتعرككم البلية.

ثم قام رجل آخر ، فقال : حدثنا عن الفتن يا أمير المؤمنين.

فقال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت ، وإذا أدبرت أسفرت ، يشتبهن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، وإنما الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا ، ويخطئن اخرى.

ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة ، فإنها فتنة عمياء مظلمة عمّت فتنتها ، وخصّت بليتها ، فأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطى من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى يملأ الأرض عدوانا وظلما.

ألا إن أول من يضع منها جبروتها ويكسر ذريتها وينزع أوتادها الله ربّ العالمين ، وايم الله لتجدن بني أميّة أرباب سوء لكم من

__________________

(١) وفي الاصل : وأهوى.

٢٨٧

بعدي كالناقة الضروس تعضّ بفيها ، وتخبط بيديها ، وتضرب برجليها ، وتمنع درّها ، ولا يزالون بكم حتى لا يتركون منكم إلا نافعا لهم أو غير ضار ، ولا يزال بلاؤهم بكم حتى يكون انتصاركم منهم كانتصار العبد من مولاه.

ألا إن قبلتكم واحدة ، وحجكم واحد ، وعمرتكم واحدة ، والقلوب مختلفة ، هكذا ـ وشبك بين أصابعه ، وأدخل بعضها في بعض ـ.

فقام رجل ، فقال : وما هذا يا أمير المؤمنين؟

وخالف بين أصابعه ، فقال : يقتل هذا هذا ، وهذا هذا فتنة ، وقطيعة جاهلية ، ليس فيها إمام هدى وعلم بر ، ونحن أهل البيت فينا نجاة ، ولسنا فيها.

فقام رجل آخر ، فقال : فما نصنع في ذلك الزمان يا أمير المؤمنين؟

فقال : تنظرون أهل بيت نبيكم ، فإن لبدوا فالبدوا(١) وإن استصرخوكم فانصروهم تنصروا وتؤجروا ، ولا تسبقوهم فتصرعكم البلية.

ثم قام رجل آخر ، فقال : ثم ما يكون بعد يا أمير المؤمنين؟

فقال : يفرج الله الفتن برجل من أهل البيت كتفريج الأديم يسومهم خسفا ويسقيهم بكأس مصبرة ، ولا يعطيهم إلا السيف. يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر ، فيجعلهم ملعونين أينما ثقفوا ، اخذوا وقتلوا تقتيلا.

[٦٠٢] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : أسرّ

__________________

(١) البلد : السكون والسكوت.

٢٨٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى علي صلوات الله عليه ما يلقاه بعده.

فبكى عليعليه‌السلام ، وقال : يا رسول الله أسألك بقرابتي منك لما سألت الله عزّ وجلّ أن يقبضني في حياتك.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، تسألني أن أسأل الله أجلا مؤجلا.

فقال علي صلوات الله عليه : فعلى ما ذا أقاتلهم يا رسول الله؟

قال : على إحداثهم في الدين.

[٦٠٣] يونس بن أبي يعقوب ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : كان فيما عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

فالناكثون أصحاب الجمل ، والقاسطون أهل الشام ، والمارقون الخوارج.

[٦٠٤] عبد الله بن صالح الجهني ، باسناده ، عن سعيد بن أبي سالم ، عن أبيه ، أنه قال : كنا مع عليعليه‌السلام بالكوفة(١) ، فقال ـ يوما من الأيام ـ ونحن عنده :

إني(٢) سبط من الأسباط ، اقاتل على حق ليقوم ، ولن يقوم ، والأمر لهم ، فإذا كثروا فتنافسوا بعث الله عزّ وجلّ عليهم أقواما من هذا المشرق ، فقتلهم بددا ، وأحصاهم بهم عددا. والله لا يملكون سنة إلا ملكنا سنتين ولا يملكون سنتين إلا ملكنا أربعا ، وما من فئة تخرج

__________________

(١) مدينة في العراق على الجانب الغربي عن نهر الفرات أسسها سعد بن أبي وقاص بعد معركة القادسية قريب الحيرة ، اتخذها أمير المؤمنينعليه‌السلام عاصمة له ، واستشهد فيها ، جعلها العباسيون عاصمة لهم ، ثم انتقلوا الى بغداد ، كانت مع البصرة مركزا للثقافة العربية.

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : أنا.

٢٨٩

إلى يوم القيامة إلا ولو شئت لسميت لكم سائقها وناعقها.

قال : فقلت لأصحابي : فما المقام ، وقد أخبركم أن الأمر لهم؟

قالوا : لا شيء.

واستأذناه الى مصر. فأذن لمن شاء ، وأقام معه قوم منا.

[٦٠٥] الدغشي ، باسناده عن الأصبغ بن نباتة(١) ، قال : لما انهزم أهل البصرة قام فتى الى علي صلوات الله عليه ، فقال : ما بال ما في الأخبية لا تقسم؟

فقال عليعليه‌السلام : لا حاجة لي في فتوى المتعلمين.

قال : ثم قام إليه فتى آخر. فقال مثل ذلك. فردّ عليه مثل ما ردّ أولا.

فقال له الفتى : أما والله ما عدلت.

فقال له عليعليه‌السلام : إن كنت كاذبا فبلغ الله بك سلطان فتى ثقيف.

ثم قال عليعليه‌السلام : اللهمّ إني قد مللتهم وملوني ، فأبدلني بهم ما هو خير منهم ، وأبدلهم بي ما هو شرّ لهم.

قال الأصبغ بن نباتة : فبلغ ذلك الفتى سلطان الحجاج ، فقتله.

[٦٠٦] وبآخر عن رجل من أهل البصرة قال : قال عليعليه‌السلام ـ على المنبر ـ :

__________________

(١) الأصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتك بن عامر التميمي الحنظلي المجاشعي كان من خواص أمير المؤمنين وشهد معه صفين ، وكان على شرطة الخميس ، وكان شاعرا ، تقدم بالراية في صفين قائلا :

إن الرجاء بالقنوط يدمغ

حتى متى ترجو البقايا أصبغ

أما ترى أحداث دهر تنبغ

فادبغ هواك والأديم يدبغ

والرفق فما قد تريد أبلغ

اليوم شغل وغدا لا تفرغ

وقاتل حتى حرك معاوية من مقامه.

٢٩٠

يا أهل البصرة ، إن كنت قد أديت لكم الأمانة ونصحت لكم بالغيب ، واتهمتموني ، وكذبتموني ، فسلط الله عليكم فتى ثقيف.

فقام رجل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، وما فتى ثقيف؟

قال : رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها ، به داء يعتري الملوك ، لو لم تكن إلا النار لدخلها(١) .

[ على اعتاب الشهادة ]

[٦٠٧] يحيى بن السلم ، باسناده ، عن أبي الطفيل(٢) ، قال :

دعا عليعليه‌السلام الناس الى البيعة ، فجاءه فيمن جاء عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله ، فرده مرتين أو ثلاثا ، ثم بايعه ، فلما أخذ عليه قال : ما يحبس أشقاها ، والذي نفسي بيده لتخضبن هذه ـ وأومى الى لحيته ـ من هذا ـ وأومى الى رأسه ـ. ثم قال شعرا :

اشدد حيازيمك للموت

إذا حلّ بواديكا

ولا تجزع عن الموت

فإن الموت يأتيكا

[٦٠٨] أبو نعيم ، باسناده ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان الذي اصيب فيه علي صلوات الله عليه ، كان يفطر فيه ليلة عند الحسن وليلة عند الحسينعليه‌السلام [ وابن عباس ](٣) ولا يزيد على ثلاث لقم ، فيقولان له في ذلك.

فيقول : يا بني إنما هنّ ليال قلائل ، يأتي أمر الله تعالى ، وأنا خميص البطن أحبّ إليّ.

__________________

(١) اشارة الى الحجاج بن يوسف الثقفي.

(٢) وهو عامر بن وائلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي توفي بمكة ١١٠ ه‍.

(٣) ما بين المعقوفتين من تاريخ دمشق ٣ / ٢٩٤.

٢٩١

[٦٠٩] عبد الله بن صالح البصري ، باسناده ، عن يحيى بن سعد ، قال :

قال عليعليه‌السلام يوما ـ وعنده رجل من مراد ، من أهل مصر ـ لكأني أنظر الى أشقى مراد يخضب هذه ـ وأومى بيده الى لحيته ـ من هذا ـ وأومى الى رأسه ـ.

فقال الرجل المرادي الذي كان عنده : يا أمير المؤمنين ، لا تؤكد ذلك في مراد.

قال : والله ما كذبت ولا كذبت عدّد عليّ قبائلكم.

فجعل يعدّد عليه حتى ذكر سدوسا أو دؤلا(١) ، فقالعليه‌السلام :

اشدد حيازيمك للموت

فإن الموت يأتيكا

تجزع من الموت

إذا حلّ بواديكا

[٦١٠] وبآخر ، عن أبي سنان(٢) الدؤلي ، أنه عاد علياعليه‌السلام من مرض أصابه وقد وجد خفة منه. فقال : يا أمير المؤمنين ، أصبحت بارئا بحمد الله ، ولقد كنا خشينا عليك من علتك هذه.

قال : لكني ما خشيت منها على نفسي لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لي فيما عهده إليّ : ستضرب ضربة هاهنا ـ وأومى الى رأسه ـ تسيل دمها حتى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمودا.

[٦١١] إسماعيل بن أبان(٣) ، باسناده ، عن ثعلبة بن زيد الجملي ، قال :

__________________

(١) سدوسا : أي قبيلة من بكرها. دؤلا : أي قبيلة من كنانة.

(٢) هكذا صححناه وفي الأصل : عن أبي سفيان.

(٣) أبو اسحاق إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي المتوفى ٢١٦ ه‍.

٢٩٢

قال عليعليه‌السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذا.

فلما اصيب جعل يأخذ لحيته فيتلقى بها الدم ويقول : انظروا هل صدقتكم.

[٦١٢] وبآخر ، عن أبي يحيى ، قال : قال عليعليه‌السلام : لتخضبن هذه من هذا.

فقلنا : والله لا يفعل ذلك أحد إلا أبدنا عشيرته.

فقال : مه ، إن هذا لهو العدوان المبين ، إنما هي النفس بالنفس. [ ولكن اصنعوا به ما صنع بقاتل النبي. قتل ، ثم احرق بالنار ].(١)

[٦١٣] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتغدرن بي الامة عهدا عهده إليّ النبي الصادقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فهذه أخبار مشهورة عن علي صلوات الله عليه قد رواها الخاص والعام وغيرها ممّا هو مأثور عنهعليه‌السلام كثير ، تركت ذكره اختصارا ، إذ كان شرطي في هذا الكتاب أن لا أذكر من مثل ذلك إلا ما كان مشهورا عند العامة دون ما انفردت به الخاصة ، والذي آثره به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أمر الله جلّ ذكره واختصه به من العلم والحكمة ، وأودعه إياه ، وأسره إليه من تأويل الكتاب وغوامض العلم ومكنون الحكمة ، أجلّ وأكثر وأعظم من أن يحويه هذا الكتاب ، أو أن يكون ما يكون منه مطلقا إلا في صدور ذوي الألباب لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أقامه وصيا من بعده وإماما لامته ، أفضى إليه بسرّه وبما أطلعه الله عليه ممّا أمره أن يفضي

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من تاريخ دمشق ٣ / ٢٩٣.

٢٩٣

به إليه من علم غيبه ، وبأن ينقل من ذلك في الائمة من ولده ما جعل له أن ينقله فيهم ، ومن ذلك قوله الله جلّ من قائل :( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) (١) فقد ارتضى جلّ ذكره محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من رسله وأطلعه على ما شاء أن يطلعه عليه من علم غيبه ، الذي غيّبه عن جميع خلقه دون الرسل ، وأطلق الرسل من ذلك أن يعلموا أوصياءهم ما أطلقه لهم من ذلك ، وأطلق للأوصياء أن يودعوا الائمة ، وينقلوا إليهم ، وينقل بعضهم الى بعض من ذلك ما أطلقه سبحانه بالوحي الى رسله ليبلغوا ذلك عنه الى من أذن لهم في الإبلاغ إليهم ، ولم يفض ذلك العلم على الرسل وحدهم ، ومن ذلك قوله جلّ من قائل :( وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ) (٢) ، يعني محمّدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ، وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) ـ والضنين : الشحيح ـ ، فلم يشحصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما علّمه الله من علم غيبه على وصيه بما جعل له منه ، ولا ضمن الوصي من ذلك بما جعل للأئمة من بعده عنده ، بل أعطى ذلك من يليه حسب ما جعل له منه ممّا ينتقل فيهم واحدا بعد واحد ، ورمز الوصيعليه‌السلام من ذلك وأبدى للامة ما ينبغي أن يبديه ويرمز به لهم ليكون ذلك شاهدا على وصيه ، وكذلك بيدي كل إمام ويرمز بقدر ما ينبغي أن يرمز ويبدي ممّا صار إليه ليكون ذلك شاهدا لإمامته كما ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للامة ما شهد لنبوته ، وسنذكر في هذا الكتاب بعض ما ينبغي أن نذكره فيه ممّا انتهى إلينا عن ائمتناعليهم‌السلام من ذلك إن شاء الله. والذي ذكرته في هذا

__________________

(١) الجن : ٢٦ ـ ٢٨.

(٢) النجم : ٢.

٢٩٤

الكتاب من سرّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى عليعليه‌السلام وإخباره إياه بما يكون وذلك من علم غيب الله الذي أظهره عليه دليل وشاهد لمقامه الذي أقامه فيه ، إذ لم يكن غيره يدعي ذلك معه ، ولا يدعيه أحد له.

والحديث المأثور عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي يرويه عنه الخاص والعام ، أنه ذكر القرآن ، فقال : فيه نبأ من مضى من قبلكم وخبر من يأتي من بعدكم وحكم ما بينكم. هل يدعي أحد من الناس أو يدعي له أنه يعلم من القرآن خبر ما كان وما يأتي ، والحكم بين الناس غير من أودعه الله علم تأويله ، وهم ائمة دينه الّذين أودعهم ذلك ، ولسنا نقول إنهم يعلمون الغيب كله ، ولكنا نقول من ذلك ما قاله الله عزّ وجلّ من القول الذي حكينا من كتابه ، إنهم إنما يعلمون ما علّمهم الله ورسوله ممّا غيبه عن غيرهم وجعله شاهدا لإمامتهم من شيء قد خصوا به دون غيرهم ، كمثل ما حكيناه في هذا الكتاب عن عليعليه‌السلام ممّا قد رواه عنه الخاص والعام ولا يدفعه أحد من أهل العلم.

فأما حشو الناس وجهالهم وعوامهم ، فإنهم إذا سمعوا مثل هذا عن أولياء الله أنكروه وتعاظموه وكذبوا به ، وإذا جاءهم مثله عن أصحاب المخاريق ممن يدعي الكهانة والقضايا بالنجامة(١) وأمثالهم من المتخرصين(٢) من شرار الناس ، قبلوه منهم وصدقوهم فيه. وقد جاء النهي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن تصديقهم والوعيد الشديد لمن قبل عنهم وصدقهم ، وجاءت الأخبار عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالإخبار عما يكون ممّا كان كثير منه وينتظر ممّا يكون ما لم يكن بعد كثير ، روى ذلك عنه الخاص والعام ، وكان ذلك ممّا يشهد لنبوته ، ولذلك أودع ما أودعه من

__________________

(١) أي علم النجوم.

(٢) الخرص : الكذب والافتراء.

٢٩٥

ذلك الائمة من أهل بيته ، ليكون شاهدا لإمامتهم من مثل ما ذكرنا عن عليعليه‌السلام ونذكر بعد عن الائمة من ذريته إن شاء الله ، وبينا أن ذلك ممّا أبان به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقام علي صلوات الله عليه الذي أقام له دعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام بما دعا له به قد ذكرنا فيما تقدم من أبواب هذا الكتاب كثيرا من دعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام ممّا جاء في الأخبار التي جرى ذلك فيها ، ونذكر فيما بعد هذا الباب في مثل ذلك إن شاء الله.

٢٩٦

[ دعاء النبي لعلي ]

[٦١٤] وممّا جاء في ذلك ما رواه الدغشي ، باسناده ، عن أبي الطفيل ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان دعا لعليعليه‌السلام أن لا يجد حرا ولا بردا.

قال : فكان ربما خرج علينا في الشتاء في رداء وإزار وفي الصيف في جبة.

[٦١٥] محمّد بن حنبل ، باسناده ، عن المنهال بن عمرو(١) ، قال : راح الناس الى المسجد في يوم صائف في الأزر والأردية ، وراح عليعليه‌السلام في ثياب كثاف. ثم كان الشتاء فراح الناس في الأقبية والسراويلات وراح عليعليه‌السلام في ثوبي كتان ، ثم دعا بماء فشرب ، وجعلت أنظر إليه وهو على المنبر يتصابّ عرقا. ثم نزل يصلّي.

قال : قلت لعبد الرحمن بن أبي ليلى : أرأيت من أمير المؤمنين الذي رأيت؟ قال : وما هو؟ فأخبرته.

قال : فطنت له ، قال : فدخل إليه ابن أبي ليلى ، فسأله عن ذلك.

فقال : أو ما بلغك ما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك؟

__________________

(١) وهو المنهال بن عمرو الاسدي مولاهم الكوفي.

٢٩٧

قال عبد الرحمن : وما هو يا أمير المؤمنين؟

قال : دعاني يوم خيبر ، وأنا أرمد فجئت اقاد بين رجلين فتفل في راحته ثم ألصقها بعيني.

ثم قال : اللهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد والرمد ، فو الله ما وجدت بعدها حرا ولا بردا ولا رمدا حتى الساعة ولا أجده حتى أموت.

[٦١٦] وكيع(١) ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام أنه قال : لما مات أبو طالب ، أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت : يا رسول الله إن عمك الضال قد مات(٢) .

فقال لي : فواره ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني.

قال : فواريته ، فأمرني فاغتسلت ثم دعا لي بدعوات. ما أحب أن لي بهن ما على الأرض من شيء.

[٦١٧] علي بن عبد الحميد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات الله عليه ، قال : شكا علي الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه يفلت القرآن من قبله.

فقال له : يا علي ألا اعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك؟ قل :

اللهمّ ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، والزم قلبي حفظ

__________________

(١) أبو سفيان ، وكيع بن الجراح بن مليح الرواسي ، ولد بالكوفة ١٢٩ هـ وتوفي راجعا من الحج بفيد ١٩٧ ه‍.

(٢) وهذه الرواية بما فيها من الاضطراب تعارضها روايات اخرى ، منها ما رواه وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أبي ذر الغفاري قال : والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب حتى أسلم. وأما هذه الرواية التي ذكرها المؤلف فقد رواها المفيد بصورة صحيحة راجع تخريج الاحاديث. الكلام حول إيمان أبي طالب فسوف يأتي في ج ١٣ من هذا الكتاب إن شاء الله.

٢٩٨

كتابك كما علّمتني ، واجعلني أتلوه على النحو الذي يرضيك عني ، اللهمّ نوّر بكتابك بصري ، وفرّج به قلبي ، واستعمل به جسدي ، ووفقني لذلك إنه لا يوفقني إلا أنت ، لا حول ولا قوة إلا بالله.

قال : فقلت ذلك ، فما تفلت مني بعد ذلك شيء منه.

[٦١٨] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده ، عن عمرو بن ميمون(١) ، أنه قال : إني لجالس عند عبد الله بن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا له : إما أن تقوم معنا ، وإما أن يخلونا هؤلاء الّذين معك ، فإنا أردنا أن نسألك عن شيء فيما بيننا وبينك.

قال : بل أنا أقوم معكم [ قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ](٢) قال لنا : تحدثوا.

وقام فخلا معهم ، فلا أدري ما قالوا ، إلا أنه جاء وهو ينفض ثوبه ، ويقول : افّ وتفّ يقعون في رجل له عشر خصال(٣) ما منها خصلة إلا وهي خير من الدنيا بما فيها. وقعوا في رجل قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله لا يخزيه الله أبدا ، فاستشرف لذلك من استشرف. فقال : أين علي؟ فوجد يطحن ، وما كان أحدهم ليطحن ، فدعي ، وهو أرمد ، ولا يكاد أن يبصر ، فنفث في عينيه ، ودعا له ، ثم أخذ الراية فهزها ثلاثا ، ثم دفعها إليه.

فجاء بصفية بنت حي ( فأخذها منه )(٤) .

__________________

(١) ابو عبد الله أو أبو يحيى عمرو بن ميمون الاودي المتوفى ٧٥ ه‍.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في خصائص أمير المؤمنين ص ٦٢.

(٣) وفي خصائص النسائي : اف وتف وقعوا في رجل له بضع عشر.

(٤) ما بين القوسين زيادة من نسخة ـ ب ـ.

٢٩٩

وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، وبعث عليا خلفه فأخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلا رجل مني ، وعلي مني وأنا منه.

ودعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا والحسن والحسين وفاطمةعليهم‌السلام ومدّ عليهم ثوبا ، وقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة.

وألبسه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثوبه في الليلة التي أمره جبرائيل بالخروج فيها الى الغار. [ وشرى على نفسه ](١) ونام على فراشه فجعل المشركون يرمونه ، وهم يحسبون أنه نبي اللهعليه‌السلام ، فجاء أبو بكر إليه ، فقال : أين رسول الله؟ فقال : ذهب نحو بئر ميمونه(٢) ، فاتبعه ، فدخل معه الغار ، والمشركون يرمون عليا صلوات الله عليه حتى أصبح.

وخرج الناس في غزوة تبوك ، فقال علي صلوات الله عليه : أخرج معك يا رسول الله؟ فقال : لا. فبكى! فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي.

ثم قال : أنت خليفتي على كل مؤمن من بعدي.

وسدّ أبواب المسجد غير باب عليعليه‌السلام . وكان يدخل المسجد وهو جنب ، وهو طريقه ليس له طريق غيره.

وقال : من كنت وليه فعلي وليه.

قال ابن عباس : وأخبرنا الله سبحانه في القرآن أنه قد رضي عن

__________________

(١) خصائص النسائي : ص ٦٣.

(٢) بئر ميمونة : منسوبة الى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي حفرها بأعلى مكة في الجاهلية وعندها قبر أبي جعفر المنصور. ( معجم البلدان ١ / ٤٣٦ ).

٣٠٠

أصحاب الشجرة(١) وكان منهم ، وما أخبرنا بعد أنه سخط عليهم ، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمر ـ حين قال له ائذن لي أن أضرب عنق حاطب(٢) فقال : وما يدريك لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

[٦١٩] وعنه ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، ألا اعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك مع أنه مغفور لك. قل : لا إله إلا الله الحكيم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع [ وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ](٣) وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين.

[٦٢٠] وعنه ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى اليمن وانا شاب فقلت : يا رسول الله تبعثني [ الى قوم ](٤) أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء.

فقال : ادن ، فدنوت. فضرب بيده على صدري.

ثم قال : اللهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه. فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.

__________________

(١) اشارة الى الآية الكريمة( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) الآية ( الفتح : ١٨ ).

(٢) وهو حاطب بن أبي بلتعة اللخمي ٣٥ قبل الهجرة ، وهو الذي كاتب أهل مكة بتجهيز الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم فنزلت فيه : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم. فقال عمر : دعني أضرب عنقه. فاعتذر حاطب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبل عذره. مات في المدينة ٣٠ ه‍.

(٣) ما بين المعقوفتين من مناقب الخوارزمي : ص ٢٥٨.

(٤) من مسند أحمد بن حنبل ١ / ٨٣.

٣٠١

[٦٢١] وعنه ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، وذكر حديث الغدير ـ وقد تقدم ذكره ـ.

قال زيد : فسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وقد أخذ بيد عليعليه‌السلام ـ : من كنت مولاه اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه.

[٦٢٢] سعيد ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : أعللت علة بلغت مني.

فقلت : اللهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فارفق بي ، وإن كان بلاء فصبرني.

فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يسمع ما أقول. فقال : كيف قلت يا علي؟

فأعدت عليه ما قلت.

فقال : اللهمّ عافه واشفه. [ ثم قال : قم. فقمت ].

قال : فما اشتكيت وجعي ذلك بعد.

[٦٢٣] جابر بن صبيح ، باسناده ، عن أم عطية(١) ، قالت : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في بعث(٢) .

قالت : فسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو له وهو رافع يديه ، يقول : اللهمّ لا تمتني حتى تجمع بيني وبين علي(٣) بن أبي طالب.

__________________

(١) الأنصارية ، ويقال لها نسيبة بنت كسب.

(٢) وفي مناقب ابن المغازلي ص ١٢٢ : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث جيشا فيهم علي بن أبي طالب.

(٣) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢٠ : اللهمّ لا تمتني حتى تريني عليا.

٣٠٢

فدعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بأن يوالي الله عزّ وجلّ من والاه ، ويعادي من عاداه ، وينصر من نصره(١) ، ويخذل من خذله بيان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على استخلافه وإمامته ، لأن النصر والولاية لا يكونان إلا لاولي الأمر الذين أوجب الله عزّ وجلّ ذلك لهم على كافة العباد ، ونهاهم عن أن يخذلوهم أو يعادوهم ، ودعاؤهعليه‌السلام بعد ذلك له مما يبين اختصاصه إياه وموقفه من قبله ومكانه عنده.

__________________

(١) وفي الاصل : ينصر من نصراه.

٣٠٣

[ قضاء أمير المؤمنين ]

علم علي صلوات الله عليه وما ذكر من أحكامه وقضاياه وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بردّ ما اختلف فيه إليه.

[٦٢٤] أبو غسان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام قال : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى اليمن. فقلت : يا رسول الله تبعثني الى قوم ذوي أسنان وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء.

فقال لي : اذهب ، فان الله تعالى يهدي قلبك ويثبت لسانك.

قال : فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.

[ الصيد في لباس الاحرام ]

[٦٢٥] عمر بن حماد ، باسناده ، عن عبادة بن الصامت(١) ، قال : قدم من الشام حجاج ، فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات ، وهم مجرمون ، فشووهن وأكلوهن ، ثم قالوا : ما أرانا إلا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون ، فأتوا المدينة ، وذلك في أيام عمر بن الخطاب ، فأتوه

__________________

(١) أبو الوليد ، عباد بن الصامت بن قيس الانصاري الصحابي ولد ٣٨ قبل الهجرة. شهد العقبة ، ثم حضر فتح مصر وهو أول من ولى القضاء بفلسطين ، مات بالرملة أو ببيت المقدس ٣٤ ه‍.

٣٠٤

فقصوا عليه القصة ، فقال : انظروا الى قوم من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه.

فأتوا جماعة من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسألوهم ، فاختلفوا في الحكم في ذلك.

فقال عمر : إذا اختلفتم فهاهنا رجل كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه فيه.

فأرسل الى امرأة يقال لها أم عطية ، فاستعار منها أتانا(١) لها ، فركبها ، وانطلق بالقوم معه حتى أتى علياعليه‌السلام وهو بينبع في أرض له يجري فيها ماء ، ومعه قنبر.

فلما نظر قنبر الى عمر ، قال لعليعليه‌السلام : هذا عمر قد أطلّك ، فخرج عليعليه‌السلام ، فتلقاه ، ثم قال له : هلا أرسلت إلينا ، فنأتيك؟

فقال له عمر : الحكم يؤتى في بيته ، فقصّ عليه القوم القصة.

فقال عليعليه‌السلام لعمر : مرهم فليعمدوا الى خمس قلائص(٢) من الإبل فيطرقوها الفحل ، فإذا أنتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عما أصابوا.

فقال له عمر : يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض.

فقال له عليعليه‌السلام : وكذلك البيضة قد تمزق.

فقال عمر : لهذا أمرنا أن نسألك.

__________________

(١) الأتان : الحمارة.

(٢) القلوص من الابل : أول ما يركب من اناثها ، الشابة منها.

٣٠٥

[ ضبط الغريب ]

قوله ـ في هذا الحديث ـ : أدحى نعامة. الأدحى : الموضع الذي تبيض فيه النعامة لتجمع بيضها فيه ، ثم تحضنه هناك.

وقوله قلائص : فالقلائص : جمع قلوص ، والقلوص الانثى من الإبل.

وقوله فليطرقوها الفحل : أن يفحلوه عليها ، يقال منه : أطرق الفحل ضرابه إذا نزاهن. والناقة طروقة فحلها ، والامرأة طروقة زوجها.

وأما قوله : إن الناقة تجهض : يعني تسقط ولدها ، الجهيض السقط الذي قد تمّ خلقه ، ونفخ فيه روحه من غير أن يعيش. يقال للناقة خاصة : أجهضت إجهاضا ، وهي مجهض ، والجمع مجاهيض ، وهي تجهض إذا ألقت ولدها.

وقوله : إن البيضة تمزق : أي تفسد ، يقال منه : مزقت البيضة مزوقا ، إذا فسدت فصارت دما.

[ عمر والاعرابي ]

[٦٢٦] عمرو بن حماد القتاد ، بإسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت مع عمر بمنى ، إذ أقبل أعرابي معه ظهر(١) .

فقال عمر : يا أنس ، سله هل يبيع الظهر.

فقمت إليه ، فسألته ، فقال : نعم.

فقام إليه عمر ، فاشترى منه أربعة عشر بعيرا.

ثم قال : يا أنس الحقها بالظهر ـ يعني التي له ـ.

__________________

(١) الظهر ـ بالفتح ـ : الركاب التي تحمل الأثقال.

٣٠٦

قال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها.

فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها.

فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها وأقتابها.

فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها.(١)

فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين ، جردها ، فما بعت منك أحلاسا ولا قتبا.

فقال عمر : هل لك أن تجعل بيننا وبينك رجلا كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه.

ثم قال لي عمر : انظر هل نرى عليا في الشعب.

فأتيت الشعب فوجدت علياعليه‌السلام قائما يصلّي ، ومعي الأعرابي ، فأخبرته. فقام حتى أتى عمر فقصّ عليه القصة.

فقال له عليعليه‌السلام : أكنت شرطت عليه أقتابها وأحلاسها؟

فقال عمر : لا ما اشترطت ذلك.

قال : فجردها له فإنما لك الإبل.

فقال أنس : فقال لي عمر : فجردها ، وادفع أقتابها وأحلاسها الى الأعرابي ، وألحقها بالظهر.

ففعلت. [ فدفع إليه عمر الثمن ](٢) .

[٦٢٧] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن ضميرة ، قال : أصاب رجل محرم بيض نعام ، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسأله في ذلك فقال لعليعليه‌السلام : احكم فيها يا علي!

__________________

(١) الحلس : كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج أو الرجل. القتب : الرحل.

(٢) كنز العمال : ٢ / ٢٢١.

٣٠٧

فقال للرجل : اعمد الى أبكار من إبلك بعدد البيض ، فأحمل عليها الفحل وسمّ ما في بطونها هديا ، فما أنتجت فاهده.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحمد لله جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم داود.

[٦٢٨] مكحول(١) ، باسناده ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا علياعليه‌السلام ليوجهه الى اليمن ، فدخلته هيبة ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادن مني ، فدنا منه.

فقال : افتح فمك.

ففعل. فتفل فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال :

اللهمّ املأه علما وزده حكما وفهما.

ثم قال له : اطبق فمك ، ولا تكلمن أحدا حتى تصلّي ركعتين تقرا في الاولى منهما آية الكرسي ، وفي الثانية آية من الأعراف :( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ) الى قوله( رَبُّ الْعالَمِينَ ) (٢) .

ففعل. فكان من بعد أعلم الامة وأقضاها.

[٦٢٩] إبراهيم بن محمّد ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه أنه قال :

علمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الف باب من العلم ، كل باب منها يفتح الف باب.

[ عمر يستشير عليا ]

[٦٣٠] يزيد بن أبي خالد ، باسناده ، عن طلحة بن عبيد الله(٣) ، قال : أتى

__________________

(١) أبو عبد الرحمن محمّد بن عبد الله بن عبد السّلام المعروف بمكحول من أهل بيروت ، توفي ٣٢١ ه‍.

(٢) الأعراف : ٥٤.

(٣) الصحابي القرشي قتل في وقعة الجمل بجانب عائشة ٣٦ ه‍.

٣٠٨

عمر بمال فقسمه بين المسلمين ففضلت منه فضلة ، فاستشار عمر فيها من حضره من الصحابة.

فقالوا : خذها لنفسك ، فإنها إن قسمتها لم يصب كل رجل منا منها إلا ما لا يلتفت إليه.

فقال لعليعليه‌السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال : اقسمها أصابهم من ذلك ما أصابهم ، والقليل والكثير في ذلك سواء.

فقسمها عمر ، ثم التفت الى علي صلوات الله عليه ، فقال : ويد لك مع أياد لم أجزك بها(١) .

[٦٣١] إسماعيل بن عياش(٢) ، باسناده ، أن علياعليه‌السلام قضى على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقضية ، فأعجبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت.

[٦٣٢] حمزة الرباب المغربي ، باسناده ، عن الحارث الأعور ، قال : دخلت المسجد فرأيت الناس يخوضون في الأحاديث ، فأتيت عليا صلوات الله عليه ، فأخبرته.

فقال : وقد فعلوها ، إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنها ستكون فتنة.

قلت : فما المخرج منها يا رسول الله.

قال : كتاب الله فيه بناء ما قبلكم وخير ما بعدكم وحكم

__________________

(١) يعني : هذه نعمة من نعمك الكثيرة التي لا استطيع أن اجزيك بها وأشكرك عليها.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : إسماعيل بن عباس.

٣٠٩

ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم ، هو الذي لا يزيغ الأهواء ولا تلبس به الألسن ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تهنه الجن إذ سمعته :( فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ) (١) من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم عدل ، ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور.

[٦٣٣] أحمد بن علي ، باسناده ، عن عائشة ، أنها قالت :

علي أعلم الناس بالسنّة.

[٦٣٤] شريك ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال :

لئن لقيت نصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ، ولأسبين الذرية ، فاني أنا الذي كتبت الكتاب بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكان من الشرط عليهم فيه أن لا ينصروا أبناءهم.

[٦٣٥] يحيى بن معن ، باسناده ، عن عطاء بن أبي رياح(٢) ، أنه سئل : هل تعلم أحدا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم من عليعليه‌السلام ؟

فقال : لا والله ما أعلمه.

[٦٣٦] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

علي بن أبي طالب أعلم امتي بعدي.

[٦٣٧] جعفر بن محمّد ، عن أبيهعليهما‌السلام أنه قال في قول الله عزّ وجلّ :

__________________

(١) الجن : ١.

(٢) عطاء بن أسلم بن صفوان تابعي ولد في جند ( اليمن ) ٢٧ هـ وكان عبدا أسود ونشأ بمكة توفي ١١٤ ه‍.

٣١٠

( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (١) .

قال : الذي عنده علم الكتاب علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[ سلوني قبل أن تفقدوني ]

[٦٣٨] علي بن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن شبرمة ، أنه قال : ما أحد قال على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني غير علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[٦٣٩] علي بن لهيعة ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال يوما عنده جماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ذكروا أهل الكتاب.

فقال عليعليه‌السلام : أما لو كسرت لي الوسادة ، وجلست عليها لحكمت بين أهل الفرقان بقرآنهم ، وبين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم بالحكم الذي نزل به جبرائيلعليه‌السلام ، وما من قريش رجل إلا وقد نزلت فيه آية يسوقه الى الجنة أو يقوده الى النار.

فقال ابن عباس : فما الآية التي نزلت فيك يا أمير المؤمنين؟

قال : قول الله عزّ وجلّ :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٢) .

[٦٤٠] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام أن قوما ذكروا التشبيه في مجلسه ، فزجر القوم ، ونهاهم عن الكلام في ذلك فأمسكوا.

ثم قال : الحمد لله الذي بطن بخفيات الامور ، ودلت عليه أعلام الظهور واستتر بلطفه عن عين البصيرة ، فلا عين من لم يره تنكره ، ولا

__________________

(١) الرعد : ٤٣.

(٢) هود : ١٧.

٣١١

قلب من أثبته يبصره ، سبق في العلو فلا شيء أعلا منه ، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه. فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم بالمكان به ، لم تطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها السواتر عن يقين معرفته ، فهو الذي تشهد له عين الوجود على إقرار قلب ذي الجحود ، تعالى عما يقول المشبهون به الجاحدون له علوا كبيرا.

[٦٤١] علي بن زياد المنذر ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال :

قسم العلم ستة أجزاء فأعطي علي صلوات الله عليه منها خمسة ، وقسم بين الناس سدس ، فايم الله لقد شاركنا في سدسنا حتى لهو أعلم به منا.

[ ثلاثة سافروا وعاد اثنان ]

[٦٤٢] علي بن مسهر ، باسناده ، عن شريح القاضي(١) ، قال : خرج ثلاثة في سفر فرجع اثنان ، وبقي واحد.

فجاء أولياؤه إليّ بالرجلين. فقالوا : إن هذين خرجا مع ولينا في سفر ، فقتلاه ، فسألتما ، فأنكرا ذلك ، وقالا : مالنا به من علم ، فدعوت أولياء الرجل بالبينة على دعواهم ، فلم يجدوا بينة تشهد بذلك لهم. وأتوا علياعليه‌السلام فذكروا ذلك له.

فقال : إنه لو حضرت بينة ما قتلاه بحضرتهما ، وأمر بالرجلين ففرق بينهما ، وسأل أحدهما عن قصة الرجل ، فقال : خرج معنا ، فمات في

__________________

(١) أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي أصله من اليمن ولي قضاء الكوفة مدة طويلة حتى استعفاه الحجاج ٧٧ هـ مات بالكوفة ٧٨ ه‍.

٣١٢

سفره ، فدفناه.

فقال : أين مات؟ وفي أيّ يوم مات؟ وفي أيّ ساعة مات؟ وأين دفنتموه؟ وفيما ذا كفنتموه؟ ومن غسله؟ ومن صلّى عليه؟ ومن أنزله في قبره؟ يسأله عن ذلك شيئا شيئا ، ويجيبه الرجل عنه حتى أتى على ما أراد من سؤاله.

ثم كبّر علي صلوات الله عليه ، وأمر من حوله ، فكبّروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فسمع صاحبه التكبير ، فلم يشك في أن صاحبه قد أقر.

ثم أمر بالذي خاطبه فأبعد ، وأتي بالآخر ، فقال : أصدقنا كما صدق صاحبك.

فقال : يا أمير المؤمنين ، قتلناه ، وأخذنا ما معه.

فقال : وما أخذتما له ، فذكر ذلك ، فردّ الأول ، وقرره فأقر ، فدفعهما الى أولياء المقتول.

وقال محمّد بن سيرين(١) : الذي قاله شريح وهو ما ينبغي للقاضي أن يقوله ويفعله في مثل ذلك ، وللإمام أشياء ليست للقاضي.

[ امرأتان لزوج توفي ]

[٦٤٣] سفيان بن عيينة ، باسناده ، عن محمّد بن يحيى ، قال :

كان لرجل امرأتان ، امرأة من الأنصار ، وامرأة من بني هاشم. فطلق الأنصارية(٢) ، ثم مات بعد مدة ، فذكرت الأنصارية ـ التي

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بن شيرين.

(٢) قال الإمام مالك في الموطأ ص ٣٦ : وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض.

٣١٣

طلقها ـ أنها في عدتها ، وقامت عند عثمان بن عفان بميراثها منه ، فلم يدر ما يحكم به في ذلك ، وردّهم الى عليعليه‌السلام .

فقال : تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض ، وترثه.

فقال عثمان للهاشمية : هذا قضاء ابن عمك.

قالت : قد رضيته ، فلتحلف ، وترث.

فتحرجت الأنصارية من اليمين ، وتركت الميراث.

[ زوّج ابنته وزفّ اختها ]

[٦٤٤] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن رجل من أهل الشام تزوج ابنة لرجل من امرأة مهرية ، فزوّجه إياها ، ثمّ زفّ إليه ابنة له اخرى من أمة ، فبنابها ، ثم علم بعد ذلك أنها غير التي تزوج ، فخاصم أباها الى معاوية.

فقال معاوية : ما أرى إلا أنها امرأة بامرأة. وقال ذلك من حوله.

ثم رفعهما الى علي ، فأتيا إلى عليعليه‌السلام ، فقصّا عليه القصة. فمد يده الى الأرض ، فأخذ منها شيئا بإصبعه.

ثم قال : القضاء بينكما في هذا أيسر من هذا لهذه ، ما سقت إليها بما استحللت من فرجها ، وعلى أبيها أن يجهز الاخرى بمثل ما سقت الى هذه ، ويسوقها إليك بعد أن انقضى عدة هذه التي قد وطئتها منك ، ويجلد(١) أبوها نكالا لما فعل.

__________________

(١) وفي كنز العمال ٣ / ١٨٠ : يضرب.

٣١٤

[ معاوية وقضاء علي ]

[٦٤٥] شريك بن عبد الله(١) ، باسناده ، عن ابن ابحر العجلي(٢) ، قال : كنت عند معاوية ، فاختصم إليه رجلان في ثوب.

فقال أحدهما : ثوبي ، وأقام البينة. وقال الآخر : ثوبي اشتريته من السوق من رجل لا أعرفه.

فقال معاوية : لو كان لها علي بن أبي طالب.

قال ابن ابحر : فقلت له : قد شهدت عليا قضى في مثل هذا.

قال معاوية : وما الذي قضى به؟

قلت : قضى بالثوب للذي أقام البينة ، وقال الآخر : أطلب البائع منك.

فقضى معاوية بذلك بين الرجلين.

[٦٤٦] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه ، أنه قال لنفر من أهل الكوفة :

فيكم نثر عليعليه‌السلام علمه.

[٦٤٧] أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أقضاكم علي بن أبي طالب.

[ مجنونة اقترفت جريمة ]

[٦٤٨] عطاء بن السائب ، عن أبي ظبيان ، أن عمر بن الخطاب اوتي بامرأة

__________________

(١) أبو عبد الله ، شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي الكوفي ولد في بخارى ٩٥ هـ ولي القضاء بالكوفة زمانا وتوفي في الكوفة ١٧٧ ه‍.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : ابن الحر وهو حجار بن ابحر العجلي.

٣١٥

قد زنت ـ وكانت مجنونة ـ فأمر بها عمر أن ترجم.

فمروا بها على عليعليه‌السلام فأرسلها ، وقال لعمر : لقد علمت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يعقل ، وعن الصغير حتى يكبر(١) ، وهذه مجنونة.

فقال عمر : صدقت يا أبا الحسن. وخلّى عنها.

[ عمر وقضاء علي ]

[٦٤٩] يزيد بن أبي جندب ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : تذاكر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العزل يوما عند عمر بن الخطاب في أيامه ، وفيهم عليعليه‌السلام وعثمان وطلحة ومعاذ بن جبل ، فاجتمع رأيهم على أن لا بأس له ، ثم أصغى رجل منهم الى صاحبه ، فقال : إنهم يزعمون أنها المودة الصغرى ، فقال عمر : ما تقول؟ فأخبره.

فقال : إذا اختلفتم وأنتم أهل بدر فإلى من نرجع؟ فقال عليعليه‌السلام : إنها لا تكون مؤدة حتى تمر بالتارات ، ألست تكون نطفة ، ثم تكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم عظما ، ثم لحما ، ثم يكون خلقا آخر.

فقال له عمر : صدقت يا أبا الحسن ، فأبقاك الله للمعضلات.

[٦٥٠] سلمان بن حرب ، قال : كان عمر بن الخطاب يقول لعليعليه‌السلام ـ عند بعض ما يسأله عنه فيفرجه ـ :

لا أبقاني الله بعدك.

__________________

(١) وفي فرائد السمطين ١ / ٣٥٠ : وعن المجنون حتى يبرأ ، والغلام حتّى يدرك.

٣١٦

[٦٥١] سعيد بن المسيب(١) ، قال : كان عمر يقول :

اللهمّ لا تبقني(٢) لمعضلة ليس لها أبو الحسن.

[ عمر عند الحجر الأسود ]

[٦٥٢] أبو سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر ، فلما دخل الطواف ، استقبل الحجر الأسود ، فقبّله.

ثم قال : إنى لأعلم(٣) أنك لا تضرّ ولا تنفع ، ولكني رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّلك ، فقبّلتك.

فقال له عليعليه‌السلام : بل إنه ليضرّ وينفع ويشهد يوم القيامة لمن وافاه بالموافاة.

فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن.

[٦٥٣] وفي رواية شعبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن عمر لما قال :

إني لأعلم إنك حجر لا تضرّ ولا تنفع.

فقال له عليعليه‌السلام : لا تقل ذلك. فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما فعل فعلا ، ولا سنّ سنّة إلا عن أمر الله عزّ وجلّ تدل على حكمة وتفيد معنى.

وذكر باقي الحديث.

[ هدم الاسلام ما كان قبله ]

[٦٥٤] أبو عثمان البدري(٤) ، قال : جاء رجل الى عمر بن الخطاب ، فقال :

__________________

(١) وهو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ القرشي المخزومي توفي ٩٤ ه‍.

(٢) وفي فرائد السمطين ١ / ٣٤٥ : أعوذ بالله من معضلة.

(٣) وفي الاصل : لا أعلم.

(٤) وفي بحار الأنوار ٤٠ / ٢٣٠ : النهدي.

٣١٧

إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة ، وفي الاسلام تطليقتين(١) فما ترى؟

فسكت عمر.

فقال له الرجل : ما تقول؟

فقال : كما أنت حتى يجيء علي بن أبي طالب.

فجاء عليعليه‌السلام ، فقال للرجل : قصّ عليه قصتك.

فقال عليعليه‌السلام : هدم الاسلام ما كان قبله ، هي عندك على واحدة.

[ رجم الحامل ]

[٦٥٥] أبو عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له : الهيثم ، قد أرسله عمر بن الخطاب في جيش ، فغاب غيبة بعيدة ، ثم قدم ، فجاءت امرأته بولد بعد قدومه بستة أشهر فأنكر ذلك منها ، وجاء بها الى عمر بن الخطاب ، وقصّ عليه قصتها ، فقال لها عمر : ما تقولين؟

فقالت : والله ما فجرت ولا غشني رجل غيره ، وإنه لابنه.

فأمر بها أن ترجم ، فذهبوا بها ، وحفروا لها حفيرا ، وأنزلوها فيه لترجم.

وبلغ علياعليه‌السلام خبرها ، فجاء مسرعا ، فأدركها قبل أن ترجم ، فأخذ بيدها ، فنشلها من الحفرة.

ثم قال لعمر : أربع على نفسك(٢) إنها صدقت ، إن الله عزّ وجلّ

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : على تطليقة.

(٢) أي : توقف.

٣١٨

يقول :( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (١) .( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (٢) فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا.

فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر. وخلّى سبيلها. وألحق الولد بالرجل.

[٦٥٦] إسماعيل بن صالح ، عن الحسن ، قال : بلغ عمر أن امرأة يتحدث عندها الرجال(٣) ، فأرسل إليها ، فأتاها رسله ، وهي حامل ، فألقت ولدا ميتا ، فسأل عمر جلساءه.

فقالوا : يا أمير المؤمنين ، وإنما أنت مؤدب ولا عليك شيئا.

وكان عليعليه‌السلام بحضرتهم. فقال له عمر : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

فقال : قد قالوا.

قال : أعزم عليك لما قلت بما عندك.

قال : إن كانوا داروك فقد غشوك ، وإن كانوا اجتهدوا فقد أخطئوا ، أرى عليك الدية.

[ قال عمر : صدقت ]

[٦٥٧] عبد الله بن سليمان العرزمي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات الله عليه ، قال :

أتى عمر بن الخطاب برجل وجد ينكح في دبره وقامت البينة

__________________

(١) الاحقاف : ١٥.

(٢) البقرة : ٢٣٣.

(٣) وفي سنن البيهقي ٦ / ١٢٣ : إن امرأة بغية يدخل عليها الرجال.

٣١٩

عليه أنهم رأوا ذلك كالمرود في المكحلة ، فلم يدر عمر ما يقضي فيه.

فأرسل الى علي صلوات الله عليه ، فأتاه ، فقصّ عليه قصته ، فأمر به فضرب عنقه ، ثم أمر بقصب فأضرب فيه نارا ، فأحرقه.

ثم قال : إن من الرجال من لهم أرحام كأرحام النساء ، في أجوافهم غدة كغدة البعير ، تهيج إذا هاجوا ، وتسكن إذا سكنوا.

فقال له رجل : فما لهم لا يحبلون كما تحبل النساء؟

فقال : لأن أرحامهم منكوسة.

[ غلام قتل مولاه ]

[٦٥٨] أبو القاسم الكوفي ، باسناده ، قال : رفع الى عمران عبدا قتل مولاه ، فأمر بقتله.

فدعاه عليعليه‌السلام ، فقال له : أقتلت مولاك؟

قال : نعم.

قال له : ولم قتلته؟

قال : غلبني على نفسي وأتاني في ذاتي.

فقال عليعليه‌السلام لأولياء المقتول : أدفنتم وليكم؟

قالوا : نعم.

قال : ومتى دفنتموه؟

قالوا : الساعة.

فقال عليعليه‌السلام لعمر : احبس هذا الغلام ولا تحدث فيه حدثا حتى تمر ثلاثة أيام.

ثم قال لأولياء المقتول : إذا مضت ثلاثة أيام فأحضرونا.

فلما مضت ثلاثة أيام حضروا ، فأخذ علي صلوات الله عليه بيد

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610