شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار0%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

مؤلف: للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي
تصنيف:

الصفحات: 610
المشاهدات: 60632
تحميل: 5497


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 60632 / تحميل: 5497
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء 2

مؤلف:
العربية

أصحاب الشجرة(١) وكان منهم ، وما أخبرنا بعد أنه سخط عليهم ، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمر ـ حين قال له ائذن لي أن أضرب عنق حاطب(٢) فقال : وما يدريك لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

[٦١٩] وعنه ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، ألا اعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك مع أنه مغفور لك. قل : لا إله إلا الله الحكيم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع [ وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ](٣) وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين.

[٦٢٠] وعنه ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى اليمن وانا شاب فقلت : يا رسول الله تبعثني [ الى قوم ](٤) أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء.

فقال : ادن ، فدنوت. فضرب بيده على صدري.

ثم قال : اللهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه. فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.

__________________

(١) اشارة الى الآية الكريمة( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) الآية ( الفتح : ١٨ ).

(٢) وهو حاطب بن أبي بلتعة اللخمي ٣٥ قبل الهجرة ، وهو الذي كاتب أهل مكة بتجهيز الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم فنزلت فيه : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم. فقال عمر : دعني أضرب عنقه. فاعتذر حاطب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبل عذره. مات في المدينة ٣٠ ه‍.

(٣) ما بين المعقوفتين من مناقب الخوارزمي : ص ٢٥٨.

(٤) من مسند أحمد بن حنبل ١ / ٨٣.

٣٠١

[٦٢١] وعنه ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، وذكر حديث الغدير ـ وقد تقدم ذكره ـ.

قال زيد : فسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وقد أخذ بيد عليعليه‌السلام ـ : من كنت مولاه اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه.

[٦٢٢] سعيد ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : أعللت علة بلغت مني.

فقلت : اللهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فارفق بي ، وإن كان بلاء فصبرني.

فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يسمع ما أقول. فقال : كيف قلت يا علي؟

فأعدت عليه ما قلت.

فقال : اللهمّ عافه واشفه. [ ثم قال : قم. فقمت ].

قال : فما اشتكيت وجعي ذلك بعد.

[٦٢٣] جابر بن صبيح ، باسناده ، عن أم عطية(١) ، قالت : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في بعث(٢) .

قالت : فسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو له وهو رافع يديه ، يقول : اللهمّ لا تمتني حتى تجمع بيني وبين علي(٣) بن أبي طالب.

__________________

(١) الأنصارية ، ويقال لها نسيبة بنت كسب.

(٢) وفي مناقب ابن المغازلي ص ١٢٢ : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث جيشا فيهم علي بن أبي طالب.

(٣) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢٠ : اللهمّ لا تمتني حتى تريني عليا.

٣٠٢

فدعاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بأن يوالي الله عزّ وجلّ من والاه ، ويعادي من عاداه ، وينصر من نصره(١) ، ويخذل من خذله بيان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على استخلافه وإمامته ، لأن النصر والولاية لا يكونان إلا لاولي الأمر الذين أوجب الله عزّ وجلّ ذلك لهم على كافة العباد ، ونهاهم عن أن يخذلوهم أو يعادوهم ، ودعاؤهعليه‌السلام بعد ذلك له مما يبين اختصاصه إياه وموقفه من قبله ومكانه عنده.

__________________

(١) وفي الاصل : ينصر من نصراه.

٣٠٣

[ قضاء أمير المؤمنين ]

علم علي صلوات الله عليه وما ذكر من أحكامه وقضاياه وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بردّ ما اختلف فيه إليه.

[٦٢٤] أبو غسان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام قال : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى اليمن. فقلت : يا رسول الله تبعثني الى قوم ذوي أسنان وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء.

فقال لي : اذهب ، فان الله تعالى يهدي قلبك ويثبت لسانك.

قال : فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.

[ الصيد في لباس الاحرام ]

[٦٢٥] عمر بن حماد ، باسناده ، عن عبادة بن الصامت(١) ، قال : قدم من الشام حجاج ، فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات ، وهم مجرمون ، فشووهن وأكلوهن ، ثم قالوا : ما أرانا إلا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون ، فأتوا المدينة ، وذلك في أيام عمر بن الخطاب ، فأتوه

__________________

(١) أبو الوليد ، عباد بن الصامت بن قيس الانصاري الصحابي ولد ٣٨ قبل الهجرة. شهد العقبة ، ثم حضر فتح مصر وهو أول من ولى القضاء بفلسطين ، مات بالرملة أو ببيت المقدس ٣٤ ه‍.

٣٠٤

فقصوا عليه القصة ، فقال : انظروا الى قوم من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه.

فأتوا جماعة من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسألوهم ، فاختلفوا في الحكم في ذلك.

فقال عمر : إذا اختلفتم فهاهنا رجل كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه فيه.

فأرسل الى امرأة يقال لها أم عطية ، فاستعار منها أتانا(١) لها ، فركبها ، وانطلق بالقوم معه حتى أتى علياعليه‌السلام وهو بينبع في أرض له يجري فيها ماء ، ومعه قنبر.

فلما نظر قنبر الى عمر ، قال لعليعليه‌السلام : هذا عمر قد أطلّك ، فخرج عليعليه‌السلام ، فتلقاه ، ثم قال له : هلا أرسلت إلينا ، فنأتيك؟

فقال له عمر : الحكم يؤتى في بيته ، فقصّ عليه القوم القصة.

فقال عليعليه‌السلام لعمر : مرهم فليعمدوا الى خمس قلائص(٢) من الإبل فيطرقوها الفحل ، فإذا أنتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عما أصابوا.

فقال له عمر : يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض.

فقال له عليعليه‌السلام : وكذلك البيضة قد تمزق.

فقال عمر : لهذا أمرنا أن نسألك.

__________________

(١) الأتان : الحمارة.

(٢) القلوص من الابل : أول ما يركب من اناثها ، الشابة منها.

٣٠٥

[ ضبط الغريب ]

قوله ـ في هذا الحديث ـ : أدحى نعامة. الأدحى : الموضع الذي تبيض فيه النعامة لتجمع بيضها فيه ، ثم تحضنه هناك.

وقوله قلائص : فالقلائص : جمع قلوص ، والقلوص الانثى من الإبل.

وقوله فليطرقوها الفحل : أن يفحلوه عليها ، يقال منه : أطرق الفحل ضرابه إذا نزاهن. والناقة طروقة فحلها ، والامرأة طروقة زوجها.

وأما قوله : إن الناقة تجهض : يعني تسقط ولدها ، الجهيض السقط الذي قد تمّ خلقه ، ونفخ فيه روحه من غير أن يعيش. يقال للناقة خاصة : أجهضت إجهاضا ، وهي مجهض ، والجمع مجاهيض ، وهي تجهض إذا ألقت ولدها.

وقوله : إن البيضة تمزق : أي تفسد ، يقال منه : مزقت البيضة مزوقا ، إذا فسدت فصارت دما.

[ عمر والاعرابي ]

[٦٢٦] عمرو بن حماد القتاد ، بإسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت مع عمر بمنى ، إذ أقبل أعرابي معه ظهر(١) .

فقال عمر : يا أنس ، سله هل يبيع الظهر.

فقمت إليه ، فسألته ، فقال : نعم.

فقام إليه عمر ، فاشترى منه أربعة عشر بعيرا.

ثم قال : يا أنس الحقها بالظهر ـ يعني التي له ـ.

__________________

(١) الظهر ـ بالفتح ـ : الركاب التي تحمل الأثقال.

٣٠٦

قال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها.

فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها.

فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها وأقتابها.

فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها.(١)

فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين ، جردها ، فما بعت منك أحلاسا ولا قتبا.

فقال عمر : هل لك أن تجعل بيننا وبينك رجلا كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه.

ثم قال لي عمر : انظر هل نرى عليا في الشعب.

فأتيت الشعب فوجدت علياعليه‌السلام قائما يصلّي ، ومعي الأعرابي ، فأخبرته. فقام حتى أتى عمر فقصّ عليه القصة.

فقال له عليعليه‌السلام : أكنت شرطت عليه أقتابها وأحلاسها؟

فقال عمر : لا ما اشترطت ذلك.

قال : فجردها له فإنما لك الإبل.

فقال أنس : فقال لي عمر : فجردها ، وادفع أقتابها وأحلاسها الى الأعرابي ، وألحقها بالظهر.

ففعلت. [ فدفع إليه عمر الثمن ](٢) .

[٦٢٧] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن ضميرة ، قال : أصاب رجل محرم بيض نعام ، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسأله في ذلك فقال لعليعليه‌السلام : احكم فيها يا علي!

__________________

(١) الحلس : كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج أو الرجل. القتب : الرحل.

(٢) كنز العمال : ٢ / ٢٢١.

٣٠٧

فقال للرجل : اعمد الى أبكار من إبلك بعدد البيض ، فأحمل عليها الفحل وسمّ ما في بطونها هديا ، فما أنتجت فاهده.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحمد لله جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم داود.

[٦٢٨] مكحول(١) ، باسناده ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا علياعليه‌السلام ليوجهه الى اليمن ، فدخلته هيبة ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادن مني ، فدنا منه.

فقال : افتح فمك.

ففعل. فتفل فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال :

اللهمّ املأه علما وزده حكما وفهما.

ثم قال له : اطبق فمك ، ولا تكلمن أحدا حتى تصلّي ركعتين تقرا في الاولى منهما آية الكرسي ، وفي الثانية آية من الأعراف :( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ) الى قوله( رَبُّ الْعالَمِينَ ) (٢) .

ففعل. فكان من بعد أعلم الامة وأقضاها.

[٦٢٩] إبراهيم بن محمّد ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه أنه قال :

علمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الف باب من العلم ، كل باب منها يفتح الف باب.

[ عمر يستشير عليا ]

[٦٣٠] يزيد بن أبي خالد ، باسناده ، عن طلحة بن عبيد الله(٣) ، قال : أتى

__________________

(١) أبو عبد الرحمن محمّد بن عبد الله بن عبد السّلام المعروف بمكحول من أهل بيروت ، توفي ٣٢١ ه‍.

(٢) الأعراف : ٥٤.

(٣) الصحابي القرشي قتل في وقعة الجمل بجانب عائشة ٣٦ ه‍.

٣٠٨

عمر بمال فقسمه بين المسلمين ففضلت منه فضلة ، فاستشار عمر فيها من حضره من الصحابة.

فقالوا : خذها لنفسك ، فإنها إن قسمتها لم يصب كل رجل منا منها إلا ما لا يلتفت إليه.

فقال لعليعليه‌السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال : اقسمها أصابهم من ذلك ما أصابهم ، والقليل والكثير في ذلك سواء.

فقسمها عمر ، ثم التفت الى علي صلوات الله عليه ، فقال : ويد لك مع أياد لم أجزك بها(١) .

[٦٣١] إسماعيل بن عياش(٢) ، باسناده ، أن علياعليه‌السلام قضى على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقضية ، فأعجبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت.

[٦٣٢] حمزة الرباب المغربي ، باسناده ، عن الحارث الأعور ، قال : دخلت المسجد فرأيت الناس يخوضون في الأحاديث ، فأتيت عليا صلوات الله عليه ، فأخبرته.

فقال : وقد فعلوها ، إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنها ستكون فتنة.

قلت : فما المخرج منها يا رسول الله.

قال : كتاب الله فيه بناء ما قبلكم وخير ما بعدكم وحكم

__________________

(١) يعني : هذه نعمة من نعمك الكثيرة التي لا استطيع أن اجزيك بها وأشكرك عليها.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : إسماعيل بن عباس.

٣٠٩

ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم ، هو الذي لا يزيغ الأهواء ولا تلبس به الألسن ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تهنه الجن إذ سمعته :( فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ) (١) من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم عدل ، ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور.

[٦٣٣] أحمد بن علي ، باسناده ، عن عائشة ، أنها قالت :

علي أعلم الناس بالسنّة.

[٦٣٤] شريك ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال :

لئن لقيت نصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ، ولأسبين الذرية ، فاني أنا الذي كتبت الكتاب بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكان من الشرط عليهم فيه أن لا ينصروا أبناءهم.

[٦٣٥] يحيى بن معن ، باسناده ، عن عطاء بن أبي رياح(٢) ، أنه سئل : هل تعلم أحدا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم من عليعليه‌السلام ؟

فقال : لا والله ما أعلمه.

[٦٣٦] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

علي بن أبي طالب أعلم امتي بعدي.

[٦٣٧] جعفر بن محمّد ، عن أبيهعليهما‌السلام أنه قال في قول الله عزّ وجلّ :

__________________

(١) الجن : ١.

(٢) عطاء بن أسلم بن صفوان تابعي ولد في جند ( اليمن ) ٢٧ هـ وكان عبدا أسود ونشأ بمكة توفي ١١٤ ه‍.

٣١٠

( قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (١) .

قال : الذي عنده علم الكتاب علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[ سلوني قبل أن تفقدوني ]

[٦٣٨] علي بن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن شبرمة ، أنه قال : ما أحد قال على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني غير علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[٦٣٩] علي بن لهيعة ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال يوما عنده جماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ذكروا أهل الكتاب.

فقال عليعليه‌السلام : أما لو كسرت لي الوسادة ، وجلست عليها لحكمت بين أهل الفرقان بقرآنهم ، وبين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم بالحكم الذي نزل به جبرائيلعليه‌السلام ، وما من قريش رجل إلا وقد نزلت فيه آية يسوقه الى الجنة أو يقوده الى النار.

فقال ابن عباس : فما الآية التي نزلت فيك يا أمير المؤمنين؟

قال : قول الله عزّ وجلّ :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٢) .

[٦٤٠] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام أن قوما ذكروا التشبيه في مجلسه ، فزجر القوم ، ونهاهم عن الكلام في ذلك فأمسكوا.

ثم قال : الحمد لله الذي بطن بخفيات الامور ، ودلت عليه أعلام الظهور واستتر بلطفه عن عين البصيرة ، فلا عين من لم يره تنكره ، ولا

__________________

(١) الرعد : ٤٣.

(٢) هود : ١٧.

٣١١

قلب من أثبته يبصره ، سبق في العلو فلا شيء أعلا منه ، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه. فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم بالمكان به ، لم تطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها السواتر عن يقين معرفته ، فهو الذي تشهد له عين الوجود على إقرار قلب ذي الجحود ، تعالى عما يقول المشبهون به الجاحدون له علوا كبيرا.

[٦٤١] علي بن زياد المنذر ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال :

قسم العلم ستة أجزاء فأعطي علي صلوات الله عليه منها خمسة ، وقسم بين الناس سدس ، فايم الله لقد شاركنا في سدسنا حتى لهو أعلم به منا.

[ ثلاثة سافروا وعاد اثنان ]

[٦٤٢] علي بن مسهر ، باسناده ، عن شريح القاضي(١) ، قال : خرج ثلاثة في سفر فرجع اثنان ، وبقي واحد.

فجاء أولياؤه إليّ بالرجلين. فقالوا : إن هذين خرجا مع ولينا في سفر ، فقتلاه ، فسألتما ، فأنكرا ذلك ، وقالا : مالنا به من علم ، فدعوت أولياء الرجل بالبينة على دعواهم ، فلم يجدوا بينة تشهد بذلك لهم. وأتوا علياعليه‌السلام فذكروا ذلك له.

فقال : إنه لو حضرت بينة ما قتلاه بحضرتهما ، وأمر بالرجلين ففرق بينهما ، وسأل أحدهما عن قصة الرجل ، فقال : خرج معنا ، فمات في

__________________

(١) أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي أصله من اليمن ولي قضاء الكوفة مدة طويلة حتى استعفاه الحجاج ٧٧ هـ مات بالكوفة ٧٨ ه‍.

٣١٢

سفره ، فدفناه.

فقال : أين مات؟ وفي أيّ يوم مات؟ وفي أيّ ساعة مات؟ وأين دفنتموه؟ وفيما ذا كفنتموه؟ ومن غسله؟ ومن صلّى عليه؟ ومن أنزله في قبره؟ يسأله عن ذلك شيئا شيئا ، ويجيبه الرجل عنه حتى أتى على ما أراد من سؤاله.

ثم كبّر علي صلوات الله عليه ، وأمر من حوله ، فكبّروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فسمع صاحبه التكبير ، فلم يشك في أن صاحبه قد أقر.

ثم أمر بالذي خاطبه فأبعد ، وأتي بالآخر ، فقال : أصدقنا كما صدق صاحبك.

فقال : يا أمير المؤمنين ، قتلناه ، وأخذنا ما معه.

فقال : وما أخذتما له ، فذكر ذلك ، فردّ الأول ، وقرره فأقر ، فدفعهما الى أولياء المقتول.

وقال محمّد بن سيرين(١) : الذي قاله شريح وهو ما ينبغي للقاضي أن يقوله ويفعله في مثل ذلك ، وللإمام أشياء ليست للقاضي.

[ امرأتان لزوج توفي ]

[٦٤٣] سفيان بن عيينة ، باسناده ، عن محمّد بن يحيى ، قال :

كان لرجل امرأتان ، امرأة من الأنصار ، وامرأة من بني هاشم. فطلق الأنصارية(٢) ، ثم مات بعد مدة ، فذكرت الأنصارية ـ التي

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بن شيرين.

(٢) قال الإمام مالك في الموطأ ص ٣٦ : وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض.

٣١٣

طلقها ـ أنها في عدتها ، وقامت عند عثمان بن عفان بميراثها منه ، فلم يدر ما يحكم به في ذلك ، وردّهم الى عليعليه‌السلام .

فقال : تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض ، وترثه.

فقال عثمان للهاشمية : هذا قضاء ابن عمك.

قالت : قد رضيته ، فلتحلف ، وترث.

فتحرجت الأنصارية من اليمين ، وتركت الميراث.

[ زوّج ابنته وزفّ اختها ]

[٦٤٤] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن رجل من أهل الشام تزوج ابنة لرجل من امرأة مهرية ، فزوّجه إياها ، ثمّ زفّ إليه ابنة له اخرى من أمة ، فبنابها ، ثم علم بعد ذلك أنها غير التي تزوج ، فخاصم أباها الى معاوية.

فقال معاوية : ما أرى إلا أنها امرأة بامرأة. وقال ذلك من حوله.

ثم رفعهما الى علي ، فأتيا إلى عليعليه‌السلام ، فقصّا عليه القصة. فمد يده الى الأرض ، فأخذ منها شيئا بإصبعه.

ثم قال : القضاء بينكما في هذا أيسر من هذا لهذه ، ما سقت إليها بما استحللت من فرجها ، وعلى أبيها أن يجهز الاخرى بمثل ما سقت الى هذه ، ويسوقها إليك بعد أن انقضى عدة هذه التي قد وطئتها منك ، ويجلد(١) أبوها نكالا لما فعل.

__________________

(١) وفي كنز العمال ٣ / ١٨٠ : يضرب.

٣١٤

[ معاوية وقضاء علي ]

[٦٤٥] شريك بن عبد الله(١) ، باسناده ، عن ابن ابحر العجلي(٢) ، قال : كنت عند معاوية ، فاختصم إليه رجلان في ثوب.

فقال أحدهما : ثوبي ، وأقام البينة. وقال الآخر : ثوبي اشتريته من السوق من رجل لا أعرفه.

فقال معاوية : لو كان لها علي بن أبي طالب.

قال ابن ابحر : فقلت له : قد شهدت عليا قضى في مثل هذا.

قال معاوية : وما الذي قضى به؟

قلت : قضى بالثوب للذي أقام البينة ، وقال الآخر : أطلب البائع منك.

فقضى معاوية بذلك بين الرجلين.

[٦٤٦] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه ، أنه قال لنفر من أهل الكوفة :

فيكم نثر عليعليه‌السلام علمه.

[٦٤٧] أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أقضاكم علي بن أبي طالب.

[ مجنونة اقترفت جريمة ]

[٦٤٨] عطاء بن السائب ، عن أبي ظبيان ، أن عمر بن الخطاب اوتي بامرأة

__________________

(١) أبو عبد الله ، شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي الكوفي ولد في بخارى ٩٥ هـ ولي القضاء بالكوفة زمانا وتوفي في الكوفة ١٧٧ ه‍.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : ابن الحر وهو حجار بن ابحر العجلي.

٣١٥

قد زنت ـ وكانت مجنونة ـ فأمر بها عمر أن ترجم.

فمروا بها على عليعليه‌السلام فأرسلها ، وقال لعمر : لقد علمت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يعقل ، وعن الصغير حتى يكبر(١) ، وهذه مجنونة.

فقال عمر : صدقت يا أبا الحسن. وخلّى عنها.

[ عمر وقضاء علي ]

[٦٤٩] يزيد بن أبي جندب ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : تذاكر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العزل يوما عند عمر بن الخطاب في أيامه ، وفيهم عليعليه‌السلام وعثمان وطلحة ومعاذ بن جبل ، فاجتمع رأيهم على أن لا بأس له ، ثم أصغى رجل منهم الى صاحبه ، فقال : إنهم يزعمون أنها المودة الصغرى ، فقال عمر : ما تقول؟ فأخبره.

فقال : إذا اختلفتم وأنتم أهل بدر فإلى من نرجع؟ فقال عليعليه‌السلام : إنها لا تكون مؤدة حتى تمر بالتارات ، ألست تكون نطفة ، ثم تكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم عظما ، ثم لحما ، ثم يكون خلقا آخر.

فقال له عمر : صدقت يا أبا الحسن ، فأبقاك الله للمعضلات.

[٦٥٠] سلمان بن حرب ، قال : كان عمر بن الخطاب يقول لعليعليه‌السلام ـ عند بعض ما يسأله عنه فيفرجه ـ :

لا أبقاني الله بعدك.

__________________

(١) وفي فرائد السمطين ١ / ٣٥٠ : وعن المجنون حتى يبرأ ، والغلام حتّى يدرك.

٣١٦

[٦٥١] سعيد بن المسيب(١) ، قال : كان عمر يقول :

اللهمّ لا تبقني(٢) لمعضلة ليس لها أبو الحسن.

[ عمر عند الحجر الأسود ]

[٦٥٢] أبو سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر ، فلما دخل الطواف ، استقبل الحجر الأسود ، فقبّله.

ثم قال : إنى لأعلم(٣) أنك لا تضرّ ولا تنفع ، ولكني رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقبّلك ، فقبّلتك.

فقال له عليعليه‌السلام : بل إنه ليضرّ وينفع ويشهد يوم القيامة لمن وافاه بالموافاة.

فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن.

[٦٥٣] وفي رواية شعبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن عمر لما قال :

إني لأعلم إنك حجر لا تضرّ ولا تنفع.

فقال له عليعليه‌السلام : لا تقل ذلك. فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما فعل فعلا ، ولا سنّ سنّة إلا عن أمر الله عزّ وجلّ تدل على حكمة وتفيد معنى.

وذكر باقي الحديث.

[ هدم الاسلام ما كان قبله ]

[٦٥٤] أبو عثمان البدري(٤) ، قال : جاء رجل الى عمر بن الخطاب ، فقال :

__________________

(١) وهو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ القرشي المخزومي توفي ٩٤ ه‍.

(٢) وفي فرائد السمطين ١ / ٣٤٥ : أعوذ بالله من معضلة.

(٣) وفي الاصل : لا أعلم.

(٤) وفي بحار الأنوار ٤٠ / ٢٣٠ : النهدي.

٣١٧

إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة ، وفي الاسلام تطليقتين(١) فما ترى؟

فسكت عمر.

فقال له الرجل : ما تقول؟

فقال : كما أنت حتى يجيء علي بن أبي طالب.

فجاء عليعليه‌السلام ، فقال للرجل : قصّ عليه قصتك.

فقال عليعليه‌السلام : هدم الاسلام ما كان قبله ، هي عندك على واحدة.

[ رجم الحامل ]

[٦٥٥] أبو عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له : الهيثم ، قد أرسله عمر بن الخطاب في جيش ، فغاب غيبة بعيدة ، ثم قدم ، فجاءت امرأته بولد بعد قدومه بستة أشهر فأنكر ذلك منها ، وجاء بها الى عمر بن الخطاب ، وقصّ عليه قصتها ، فقال لها عمر : ما تقولين؟

فقالت : والله ما فجرت ولا غشني رجل غيره ، وإنه لابنه.

فأمر بها أن ترجم ، فذهبوا بها ، وحفروا لها حفيرا ، وأنزلوها فيه لترجم.

وبلغ علياعليه‌السلام خبرها ، فجاء مسرعا ، فأدركها قبل أن ترجم ، فأخذ بيدها ، فنشلها من الحفرة.

ثم قال لعمر : أربع على نفسك(٢) إنها صدقت ، إن الله عزّ وجلّ

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : على تطليقة.

(٢) أي : توقف.

٣١٨

يقول :( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (١) .( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (٢) فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا.

فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر. وخلّى سبيلها. وألحق الولد بالرجل.

[٦٥٦] إسماعيل بن صالح ، عن الحسن ، قال : بلغ عمر أن امرأة يتحدث عندها الرجال(٣) ، فأرسل إليها ، فأتاها رسله ، وهي حامل ، فألقت ولدا ميتا ، فسأل عمر جلساءه.

فقالوا : يا أمير المؤمنين ، وإنما أنت مؤدب ولا عليك شيئا.

وكان عليعليه‌السلام بحضرتهم. فقال له عمر : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

فقال : قد قالوا.

قال : أعزم عليك لما قلت بما عندك.

قال : إن كانوا داروك فقد غشوك ، وإن كانوا اجتهدوا فقد أخطئوا ، أرى عليك الدية.

[ قال عمر : صدقت ]

[٦٥٧] عبد الله بن سليمان العرزمي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات الله عليه ، قال :

أتى عمر بن الخطاب برجل وجد ينكح في دبره وقامت البينة

__________________

(١) الاحقاف : ١٥.

(٢) البقرة : ٢٣٣.

(٣) وفي سنن البيهقي ٦ / ١٢٣ : إن امرأة بغية يدخل عليها الرجال.

٣١٩

عليه أنهم رأوا ذلك كالمرود في المكحلة ، فلم يدر عمر ما يقضي فيه.

فأرسل الى علي صلوات الله عليه ، فأتاه ، فقصّ عليه قصته ، فأمر به فضرب عنقه ، ثم أمر بقصب فأضرب فيه نارا ، فأحرقه.

ثم قال : إن من الرجال من لهم أرحام كأرحام النساء ، في أجوافهم غدة كغدة البعير ، تهيج إذا هاجوا ، وتسكن إذا سكنوا.

فقال له رجل : فما لهم لا يحبلون كما تحبل النساء؟

فقال : لأن أرحامهم منكوسة.

[ غلام قتل مولاه ]

[٦٥٨] أبو القاسم الكوفي ، باسناده ، قال : رفع الى عمران عبدا قتل مولاه ، فأمر بقتله.

فدعاه عليعليه‌السلام ، فقال له : أقتلت مولاك؟

قال : نعم.

قال له : ولم قتلته؟

قال : غلبني على نفسي وأتاني في ذاتي.

فقال عليعليه‌السلام لأولياء المقتول : أدفنتم وليكم؟

قالوا : نعم.

قال : ومتى دفنتموه؟

قالوا : الساعة.

فقال عليعليه‌السلام لعمر : احبس هذا الغلام ولا تحدث فيه حدثا حتى تمر ثلاثة أيام.

ثم قال لأولياء المقتول : إذا مضت ثلاثة أيام فأحضرونا.

فلما مضت ثلاثة أيام حضروا ، فأخذ علي صلوات الله عليه بيد

٣٢٠