شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار9%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64057 / تحميل: 6283
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

فصالحوا على الجزية.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والذي نفسي بيده ، لو لاعنوني ما حال عليهم الحول وبحضرتهم(١) منهم بشر ، ولأهلك الله الظالمين.

[٦٨١] عبد الله بن صالح البصري ، باسناده ، عن الحسن البصري ، قال : جاء اسقفا نجران الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعرض عليهما الإسلام.

فقالا : إنا قد أسلمنا قبلك.

فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يبعدكما عن الإسلام ثلاث : عبادة الصليب. وأكل لحم الخنزير. وقولكما إن لله عزّ وجلّ ولدا(٢) .

فقال له أحدهما(٣) : فمن أبو عيسى؟

فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وكان لا يعجل حتى يكون ربه عزّ وجلّ هو الذي يأمره ـ فأنزل الله عزّ وجلّ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٤) . فدعاهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المبارزة للدعاء ، وأخذ بيد علي

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بخضر.

(٢) وفي شواهد التنزيل ص ١٢٢ : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير.

(٣) وفي نسخة الاصل : احداهما.

(٤) آل عمران : ٥٩ ـ ٦١.

٣٤١

وفاطمة والحسن والحسين صلوات عليهم أجمعين.

فقال أحدهما للآخر : قد أنصفك الرجل فإن بارزته بؤت باللعنة.

فقالا : لا نبارزك.

فأقرا بالجزية وكرها الإسلام.

[٦٨٢] محمّد بن علي بن شافع ، يرفعه ، قال العباس بن عبد المطلب : أنا صاحب سقاية الحاج ، يفخر بذلك.

وقالت بنو شيبة : ونحن حجبة البيت.

وكان ذلك من قولهم لعليعليه‌السلام يريدون بذلك الفخر عليه.

فقال عليعليه‌السلام : أنا أول من آمن بالله وجاهد في سبيله. فأنزل الله عزّ وجلّ :( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ) (١) الآية.

[٦٨٣] بآخر ، أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط(٢) نازع عليا في شيء دار بينهما ، فقال له الوليد بن عقبه بن أبي معيط : أنا أشجع منك.

فأنزل الله عزّ وجلّ فيهما :( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ) (٣) .

وقد ذكرت خبره بتمامه في موضع غير هذا من هذا الكتاب(٤) .

[٦٨٤] عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي ذر أنه أقسم بالله عزّ وجلّ أن هذه

__________________

(١) التوبة : ١٩.

(٢) أبو وهب ، أخو عثمان بن عفان لأمه ، ولاه عثمان الكوفة. وصلّى الصبح فيها وهو سكران ، حرض معاوية على القتال ، مات بالرقة ٦١ ه‍.

(٣) السجدة : ١٨.

(٤) في الجزء السادس ، فراجع.

٣٤٢

الآية نزلت في عليعليه‌السلام وحمزة وعبيدة ، وفي الوليد وشيبة وعتبة لما تبارزوا يوم بدر( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (١) .

[٦٨٥] موسى بن سلمة ، باسناده ، أنه لما أنزل الله عزّ وجلّ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٢) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي مني وأنا منه.

[٦٨٦] مبدر(٣) بإسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٤) .

قال : كونوا مع علي ، وأصحاب عليعليه‌السلام .

[٦٨٧] الأصبغ بن نباتة ، باسناده ، قال : [ كنت جالسا عند أمير المؤمنين ] فقام ابن الكواء الى عليعليه‌السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (٥) .

فقالعليه‌السلام : يا ابن الكواء(٦) ، ويحك نحن باب الله الذي يؤتى منه. [ فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ، ومن

__________________

(١) الحج : ١٩.

(٢) هود : ١٧.

(٣) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : الا مبدل.

(٤) التوبة : ١١٩.

(٥) البقرة : ١٨٩.

(٦) وهو عبد الله بن عمرو من بني يشكر النسابة يقول فيه مسكين الدارمي :

هلمّ الى بني الكواء تقضوا

بحكمهم بأنساب الرجال

وكان من الخوارج ، وكثير السؤال من أمير المؤمنين وكان يسأل تعنتا.

قال الفيروزآبادي : الكواء كشداد : الخبيث الشتام وأبو الكواء من كناهم ، وإنما قيل للخبيث الشتام : الكواء ، لانه يكوي بلسانه كيا.

٣٤٣

خالفنا وفضّل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها ](١) .

[٦٨٨] إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن عليعليهم‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٢) .

قال : نحن أهل الذكر.

[٦٨٩] سليمان(٣) الحكيم بن سليمان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية ، أنه قال : والله لقد نزلت في عليعليه‌السلام سبعون آية من كتاب الله عزّ وجلّ كلها أوجبت له الجنة ، وقدمته على الامة.

[٦٩٠] عباد بن يعقوب(٤) ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ « ياسين » : يقول يا محمّد. وقوله( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (٥) .

قال : هم آل محمّدعليهم‌السلام ، ـ أهل بيته ـ.

[٦٩١] وبآخر ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : فينا نزلت هذه الآية( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) (٦) .

[٦٩٢] وبآخر ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال في قول

__________________

(١) البرهان : ١ / ١٩٠.

(٢) النحل : ٤٣.

(٣) هكذا في الاصل ، وفي نسخة هـ : وبآخر الحكم بن سليمان.

(٤) البخاري الرواجني أبو سعيد من أهل الكوفة فاضل إمامي ، له كتب منها أخبار المهدي المنتظر والمعرفة في الصحابة ، توفي ٢٥٠ ه‍.

(٥) الصافات : ١٣٠.

(٦) القصص : ٥.

٣٤٤

الله عزّ وجلّ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (١) .

قال : فينا نزلت هذه الآية.

[٦٩٣] وبآخر ، عنهعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (٢) .

قال : إيانا عنى بذلك ، منا شهيد على أهل كل زمان.

والوسط : العدل.

[٦٩٤] أحمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن السدي(٣) أنه قال في قول الله عزّ وجلّ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٤) .

قال : نزلت في علي بن أبي طالبعليه‌السلام لما نام على فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الليلة التي تواعد فيها المشركون أن يأتوه ، فيقتلوه(٥) .

__________________

(١) العنكبوت : ٦٩.

(٢) البقرة : ١٤٣.

(٣) اسماعيل بن عبد الرحمن السدي تابعي حجازي الاصل سكن الكوفة ، توفي ١٢٨ ه‍.

(٤) البقرة : ٢٠٧.

(٥) وفي ذلك يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام :

وفيت بنفسي خير من وطأ الحصى

وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر

وبتّ أراعي منهم ما ينوبني

وقد صبرت نفسي على القتل والأسر

محمّد لما خاف أن يمكروا به

فنجاه ذو الطول العظيم من المكر

وبات رسول الله في الغار آمنا

فما زال في حفظ الإله وفي ستر

( شواهد التنزيل : ١ / ١٠٣ ـ الحديث ١٤٣ ).

٣٤٥

[٦٩٥] بآخر ، عن مجاهد ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ :( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (١) .

قال : الذي جاء بالصدق محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والذي صدّق به علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

[ آية التصدّق ]

[٦٩٦] عبد الرزاق ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس أنه قال في قول الله عزّ وجلّ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) (٢) .

قال : نزلت في عليعليه‌السلام ، كانت له أربعة دنانير(٣) ، فتصدّق بدينار منها نهارا ، وبدينار منها ليلا ، وبدينار منها سرا ، وبدينار علانية.

[٦٩٧] عبد الوهاب ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : أخرجت من مالي صدقة يتصدّق بها عني ، وأنا راكع [ أربعا و ](٤) عشرين مرة على أن ينزل فيّ مثل ما نزل في عليعليه‌السلام فما نزل في شيء.

ومثل ما نزل في عليعليه‌السلام لما تصدق وهو راكع ، وقد تقدم ذكره في قول الله عزّ وجلّ :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥) . فأراد عمر أن يكون له ولاية المؤمنين ولا يكون ذلك إلا لمن خصّه الله عزّ وجلّ به.

__________________

(١) الزمر : ٣٣.

(٢) البقرة : ٢٧٤.

(٣) وفي مناقب ابن المغازلي والخوارزمي وكفاية الطالب وتاريخ دمشق : أربعة دراهم.

(٤) ما بين المعقوفتين من بحار الأنوار : ٣٥ / ٢٠٣.

(٥) المائدة : ٥٥.

٣٤٦

[٦٩٨] عبد الله أبو محمّد ، باسناده ، عن عبد الله بن عطاء ، قال : كنت جالسا عند أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ، فمرّ بنا ابن عبد الله بن سلام.

فقلت لأبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام : هذا ابن الذي عنده علم من الكتاب.

قال : [ لا ](١) الذي عنده علم من الكتاب علي بن أبي طالبعليه‌السلام نزلت فيه أربع آيات :

هذه الآية(٢) .

وقوله :( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٣) . فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : يا علي إنك تهدي المهتدين من بعدي.

ونزلت فيه :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٤) . فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني وأنا منك.

وقوله :( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٥) فلما أن انزلت أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد عليعليه‌السلام وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من : ما نزل من القرآن في علي للحبري : ص ٦٣.

(٢) وعنده علم الكتاب.

(٣) الرعد : ٧.

(٤) هود : ١٧.

(٥) المائدة : ٦٧.

٣٤٧

[ آية الولاية ]

[٦٩٩] محمّد بن فضل(١) ، باسناده ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٢) قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الظهر.

فقالوا : يا رسول الله إن بيوتنا قاصية [ من المسجد ](٣) ولا نجد محدثا دون هذا المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركناهم ودينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلمونا ، فشقّ ذلك علينا [ ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ].

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ نزلت( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .

فقرأها عليهم فقالوا : رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين [ وليا ].

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ ، وفي الأصل : قصل ابي محمّد.

(٢) المائدة : ٥٥.

(٣) ما بين المعقوفتين من : النور المشتعل : ص ٦٦.

٣٤٨

وأذن بلال لصلاة الظهر ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون بين راكع وساجد وقاعد ، ومسكين يسأل.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

فقال : نعم.

قال : ما ذا [ أعطاك ].

قال : خاتم فضة.

قال : من أعطاكه؟

قال : ذلك الرجل القائم. وأشار الى عليعليه‌السلام .

قال : على أي حالة أعطاكه؟

قال : [ اعطانيه ] وهو راكع.

فكبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبر عليا بما نزل فيه(١) .

[٧٠٠] عبد الله بن حكيم بن جبير ، عن عليعليه‌السلام أنه قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ، هل نقدر على رؤيتك في الجنة كلما أردنا؟

__________________

(١) قال حسان بن ثابت :

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطىء في الهدى ومسارع

أيذهب مدحي والمحبر ضائع

وما المدح في جنب الاله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا

فدتك نفوس القوم يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وبينها في محكمات الشرائع

أقول : ومن المؤسف أن شيخ الاسلام ابن تيمية أو تمية الذي يدعى ما يدعي من العلم ينكر هذا الحديث المشهور بحد التواتر ويقول بكل وقاحة في منهاج السنة ١ / ١٥٦ : قد وضع بعض الكذابين حديثا مفترى أن هذه الآية ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية » نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة. وهذا كذب باجماع اهل العلم بالنقل. يا سبحان الله ، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون.

٣٤٩

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لكلّ نبي رفيقا وهو أول من يؤمن به من امته. وأنت أول من آمن بي ، فأنت لي رفيقي في الجنة(١) .

فأنزل الله عزّ وجلّ :( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (٢) .

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : يا علي قد أنزل الله عزّ وجلّ جواب ما سألت عنه وجعلك رفيقي في الجنة وأنت الصدّيق الأكبر ، لأنك أول من أسلم.

[٧٠١] أحمد بن محمّد بن زياد ابن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن عباس ، قال(٣) : لما أنزلت( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٤) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون.

[٧٠٢] وبآخر ، عن ابن عباس أيضا ، أنه قال : في قول الله عزّ وجلّ( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (٥) .

قال : سابق هذه الامة علي بن أبي طالب.(٦)

[٧٠٣] محمّد بن سنان ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، أنه قال

__________________

(١) هكذا في الاصل ، وفي نسخة هـ : رفيقا ، وهو أول من آمن به ، فأنت رفيقي في الجنة فأنزل الله ...

(٢) النساء : ٦٩.

(٣) وفي الاصل : قال له.

(٤) الرعد : ٧.

(٥) الواقعة : ١١.

(٦) وينسب إليهعليه‌السلام :

سبقتكم الى الإسلام طرا

صغيرا ما بلغت أوان حلمي

٣٥٠

في قول الله عزّ وجلّ :( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ) (١) .

قال : اختار محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته.

[٧٠٤] وقال في قول الله عزّ وجلّ( وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) : يعني بولاية عليعليه‌السلام ( وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ ) : يعني الّذين كفروا ولايته.

[٧٠٥] ومنه قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام :

لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

[٧٠٦] وقول بعض أصحابه(٣) : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا ببغضهم علياعليه‌السلام .

[٧٠٧] وإنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ :( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) (٤) .

وقوله :( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ ) (٥) . قال : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ عليهم المواثيق مرتين لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام :

فقال : هل تدرون من وليّكم بعدي؟

فقالوا : الله ورسوله أعلم.

قال : إن الله عزّ وجلّ يقول :( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (٦) وأشار الى عليعليه‌السلام فهو

__________________

(١) القصص : ٦٨.

(٢) العنكبوت : ١١.

(٣) وهو أبو سعيد الخدري ، راجع تخريج الاحاديث.

(٤) محمّد : ٢٨.

(٥) محمّد : ٢٦.

(٦) التحريم : ٤.

٣٥١

وليّكم بعدي.

والثانية : أشهدهم على أنفسهم يوم غدير خم. وقد كانوا يقولون : إن قبض ـ يعنون محمّدا رسول الله ـ لا نرجع الأمر في آل محمّد ، ولا نعطيهم الخمس. فأطلع الله عزّ وجلّ نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أمرهم ، وأنزل عليه :( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ. أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) (١) . وأنزل عليه :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها. إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ) (٢) .

[٧٠٨] وقال في قوله الله عزّ وجلّ :( وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا ) إيمانهم لمحمّد و( إِيماناً ) (٣) بولاية عليعليه‌السلام .

[٧٠٩] وسئل عن قول الله عزّ وجلّ :( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ ) إن عصيته فيما أمرني( وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية علي( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) (٤) .

قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الذي كرهتموه من ولاية علي ليس هو لي ولا عن أمري هو لله عزّ وجلّ أمرني به ولا أعصيه ، ولو عصيته لعذبني كما تواعدني.

__________________

(١) الزخرف : ٧٩ و ٨٠.

(٢) محمّد : ٢٢ ـ ٢٥.

(٣) المدثر : ٣١.

(٤) الجن : ٢١ ـ ٢٣.

٣٥٢

[٧١٠] وعنهعليه‌السلام ، أنه قال : نزل في عليعليه‌السلام من سورة هل أتى على الانسان(١) قوله :( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) الى [ قوله تعالى ]( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (٢) .

وقالعليه‌السلام : من أراد أن يعرف ما أنزل الله عزّ وجلّ فينا وما أنزل في عدونا فليقرأ سورة :( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا ) (٣) فإنها نزلت آية فيهم وآية فينا.

[٧١١] الحسن بن واسم ، باسناده ، عن طاوس قال : نزلت في عليعليه‌السلام سبعون(٤) آية من كتاب الله عزّ وجلّ ما يشركه فيها أحد من الناس.

[٧١٢] سعد(٥) بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عليعليه‌السلام أنه قال : نزل القرآن أرباعا ، فربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سير وأمثال ، وربع فرائض وأحكام. ولنا كرائم القرآن.

فهذا يغني عن التطويل والإكثار. ومن نزل فيه ربع القرآن وكان له كرائمه مع ما ذكرناه أنه نصّ عليه فيه بعد ما تركنا ذكر ما رأينا أن العامة لم نروه ، وكرهنا ذكره لأن لا تعرضه لتكذيبها به اذ فيها ذكرنا من ذلك مالا

__________________

(١) قال المغفور له جدنا آية الله الخراساني في كتاب الألفين ص ١٠٥ :

وإنما الأبرار في النصّ الجلي

سيدهم بالقطع مولانا علي

آيات هل أتى لمن ، وهل أتى

إلا لمن انزل فيه لا فتى

(٢) الإنسان : ٥ ـ ٢٢.

(٣) سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٤) هكذا في نسخة هـ ، وفي الاصل : تسعون.

(٥) وفي كلا النسختين : سعيد.

٣٥٣

يدفع فضل من نزل فيه من سمعه ، ولا يقس(١) به غيره وفي ذلك كفاية وبلاغ لذوي الألباب.

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ ، وفي الأصل : ولا يلبس.

٣٥٤

[ زواج فاطمة بعليّ ]

ومناقب ومآثر وفضائل لعليعليه‌السلام من وجوه شتى

[٧١٣] محمّد بن مسلم أبو عبد الله الرازي ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كانت فاطمةعليه‌السلام تذكر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان لا يذكرها أحد إلا صدّ عنه حتى يئسوا منها ، فلقي سعد بن معاذ الأنصاري(١) علياعليه‌السلام ، فقال له : والله ما أرى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد بها غيرك.

فقال عليعليه‌السلام : أترى ذلك؟ فو الله ما أنا بواحد من الرجلين ما أنا بصاحب دنيا يلتمس لها ما عندي منها. لقد علم أنه مالي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الذي يترفق به عن دينه ويتألفه ، إني لأول من أسلم.

قال : أعزم عليك لتفرجها عني ، فإن لي فرجا. [ لتفعلن ](٢) .

قال : أقول ما ذا؟

قال : تقول جئت خاطبا الى الله ورسوله فاطمة بنت رسول الله

__________________

(١) سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الاوسي من أهل المدينة سيد الأوس وحامل لوائهم في بدر واحد ، ويوم خندق رمي بسهم ادى الى وفاته سنة ٥ هـ ، ودفن بالبقيع عن عمر يناهز ٣٧ سنة وحزن عليه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) ما بين المعقوفتين من كشف الغمة ١ / ٣٧٠.

٣٥٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليها.

فانطلق علي حتى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأراد أن يتكلم ، فانحصر عن الكلام حياء وإجلالا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فلما رأى ذلك قال : كأن لك يا علي حاجة ، فتكلم بما تريده! قال : نعم إني جئت خاطبا الى الله ورسوله فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مرحبا ، كلمة ضعيفة(١) .

فاستحى عليعليه‌السلام فرجع الى سعد.

فقال له : ما فعلت؟

قال : فعلت الذي أمرتني به. فما زاد عليّ أن رحب بي ، وقال كلمة ضعيفة.

فقال سعد : قد أنكحك والذي بعثه بالحق نبيا ، لأنه لا خلف عنده ولا كذب ، أعزم عليك لتأتينه ، فلتقولن متى تبنيني بأهلي يا رسول الله؟

قال عليعليه‌السلام : هذه أشد من الاولى ، بل أقول حاجتي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال سعد : قل كما أمرتك.

فانطلق عليعليه‌السلام حتى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال له : متى تبنيني بأهلي يا رسول الله؟

قال : الليلة إن شاء الله. [ ثم انصرف ].

__________________

(١) وفي كشف الغمة : مرحبا وحبا. ولم يزده على ذلك ثم تفرقا.

٣٥٦

ثم دعا بلالا ، فقال : يا بلال إني قد زوجت ابنتي بابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من سنتي إطعام الطعام عند النكاح ، فاذهب فخذ لنا فخذ شاة وأربعة أمداد ـ أو قال خمسة أمداد ـ واجعل لي قصعة لعلي اجمع عليها المهاجرين والأنصار ، فإذا فرغت منها فأذني بها.

فانطلق بلال ، ففعل الذي أمره به ، ثم أتاه بالقصعة ، فوضعها بين يديه. فطعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رأسها(١) .

ثم قال : ادخل على القوم رفقة رفقة ولا تغادرن أحدا.

فجعل الناس يردّون كلما فرغت رفقة دخلت اخرى حتى فرغ الناس وصدروا عنها ، وهي كما هي.

ثم عمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليها فتفل فيها وبارك عليها. ثم قال : يا بلال احملها الى امهاتك ، وقل لهن يطعمن من النساء من غشيهن ، ويأكلن. ففعلن ، وأكلن.

ثم قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى النساء ، فقال لهن : إني قد زوجت(٢) ابنتي ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني ، وأنا دافعها إليه الآن إن شاء الله ، فدونكن ابنتكن.

فقمن النساء إليها فعلقنها من طيبهن وعلقن عليها من حليهن.

ثم إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام وبينه وبين النساء سترة. فلما أن رأينه وثبن ، وتخلفت أسماء بنت عميس(٣) . فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أنت؟ على رسلك.

__________________

(١) واضاف في كشف الغمة : ثم تفل فيها وبرك.

(٢) وفي الاصل : تزوجت.

(٣) وسوف يأتي في فضل فاطمة الزهراءعليها‌السلام أنها ليست أسماء زوجة جعفر الطيار بل هي غيرها فراجع الجزء الحادي عشر. ومع أن في الاصل أسماء بنت عمش وهو تصحيف.

٣٥٧

قالت : أنا أسماء أحرس ابنتك فاطمة ، إن الفتاة ليلة بنيانها لا بدّ لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها.

فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أسأل الهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك من الشيطان الرجيم.

ثم خرج بفاطمةعليها‌السلام ، فأقبلت ، فلما أن رأت علياعليه‌السلام جالسا الى جنب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حصرت وبكت. فأشفق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكون بكاءها لأن علياعليه‌السلام لا مال له(١) .

فقال لها : ما يبكيك ما ألوتك(٢) ونفسي ، وقد أصبت لك خير أهلي ، وايم الله لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.

ثم قال : يا أسماء املئي لي مخضب ماء وآتيني به.

فملأت وأتته به ، فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه ومجه فيه. ثم غسل فيه وجهه وقدميه ، ودعا فاطمةعليها‌السلام ، فأخذ كفا من ذلك الماء فنضحه على صدرها ، وأخذ كفا ثانيا فنضحه على ظهرها [ ثم أمرها أن تشرب بقية الماء ].

__________________

(١) والعجب من المؤلفرحمه‌الله طرح هذا الاحتمال مع علو مقام الزهراء سلام الله عليها ومنزلتها وزهدها وإيثارها في سبيل الله ممّا يشهد لها القرآن بذلك وربما كان ذلك منها لتعرف من حضرها مقام ومنزله أمير المؤمنين (ع) وهذا الاحتمال لا يليق بشأنها.

(٢) ألوتك : أي قصدتك.

٣٥٨

ثم دعا بعليعليه‌السلام فصنع به مثل ذلك.

ثم قال : اللهمّ إنهما مني وأنا منهما ، فكما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهبه عنهما وطهرهما.

ثم قال : قوما الى بيتكما جمع الله بينكما ، وبارك لكما في سيركما ، وأصلح بالكما.

ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام فأغلق عليها بابهما بيده.

قال ابن عباس : خبرتني أسماء بنت عميس ، أنه لم يزل يدعو لهما لم يشرك(١) في دعائه أحدا حتى توارى في حجرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[٧١٤] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه دخل على فاطمةعليها‌السلام بعد أن بنابها عليعليه‌السلام بأيام فصنعت له طعاما كما تصنع الجارية إذا رأت بعض أهلها ، وقدمته له وبكت.

فقال : ما يبكيك [ يا بنية ] ، وقد زوجتك خير من أعلم.

[٧١٥] اسماعيل بن أبان(٢) ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، قال : خطب أبو بكر فاطمةعليها‌السلام الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأعرض عنه ، وخطبها عمر ، فأعرض عنه.

فقال لي عمر : أنت لها يا علي.

فقلت : والله ما عندي إلا درعي وسيفي وحملي.

قال : فسألني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك ، ما عندك. فقلت : ذلك ، فزوجني فاطمةعليها‌السلام .

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : لم يشركما.

(٢) أبو اسحاق اسماعيل بن أبان الوراق الازدي ، توفي ٢١٦ ه‍.

٣٥٩

وقال : لقد زوّجتك أولهم إسلاما ، وأكثرهم علما ، وأفضلهم حلما.

[٧١٦] عمر بن حماد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث مصدقا الى قوم ، فوثبوا عليه ، فقتلوه ، فأرسل إليهم علياعليه‌السلام فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وانصرف.

وبلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبره ، فتلقاه خارجا من المدينة. فلما لقيه اعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، وقال : بأبي وأمي من شدّ الله به عضدي كما شدّ عضد موسى بهارونعليهما‌السلام .

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

شهادة رسول الله لعليّ بالجنّة

وذكر ما له في الآخرة

[٨١٤] الدغشي ، باسناده ، عن ابن الزبير ، أنه قال : كنت جالسا مع ابن عباس في المسجد نتحدث إذ دخل علينا رجل متلثم ، فجلس إلينا ، فقلنا له : من أنت؟

قال : إن آمنتموني تكلمت.

قلنا : لك الأمان.

فأرخى عمامته ، فإذا هو أبو ذر الغفاري رحمة الله عليه(١) . وكان عثمان بن عفان قد نفاه من المدينة الى الربذة لما كان يحدث به عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فضائل عليعليه‌السلام ، ورماه بالكذب ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ـ فيما رواه الخاص والعام ـ ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

__________________

(١) وهو جندب بن جنادة الصحابي المهاجري ، غني عن التعريف ، توفي في منفاه سنة ٣٢ هـ في فلاة من الارض قرب قارعة الطريق وليس عنده إلا ابنته حيث توفيّت زوّجته وولده وهلك انعامه لسوء الاحوال الجوية والتغدية في منفاه. وجاء ركب من وجوه المسلمين من العراق قاصدين المدينة فيهم مالك الاشتر وحجر بن عدي وعبد الله بن مسعود وتولوا غسله والصلاة عليه ومواراته الثرى كما أخبر به الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : يسعد به أقوام يتولون أمره واقباره. وحملوا ابنته معهم الى المدينة الى دار أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٤٦١

واظنه دخل المدينة حينئذ لحاجة له مترقبا.

قال ابن الزبير(١) فجعلت اتحدث وأبو ذر رحمة الله ورضوانه عليه يقطع حديثي بذكر فضائل عليعليه‌السلام . فقلت : يا أبا ذر إن المرء قد يحب المرء ثم يقصر. فأغاظ ذلك ابن عباس.

فقال : يا أبا ذر اناشدك الله بما لنا عليك من حق إلا حدثتنا بمناقب عليعليه‌السلام .

ثم قال أبو ذر : نعم ، إن لكم عليّ حقوقا لا أضرب لها أمدا ولا احصي لها عددا.

قال : فأسألك بحق حقوقنا عليك إلا حدثتنا؟

قال [ أبو ذر ] : نعم ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحراء(٢) ، وكان عليعليه‌السلام على الصفا عند دار حمزة بن عبد المطلب ، فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال : يا علي إني لأرجو أن تكون صاحبي في سفري هذا.

فقال : يا رسول الله ، وأيّ سفر هو؟

فقال : ذكرت لي أرض يقال لها : يثرب ، فان أعجل في القضاء ، فاتبعني.

فأقام بعده ليلتين ، ثم انطلق الى حراء ، فلم يجده ، فخنقته العبرة ، واقشعر ، فأراد أن ينطلق ليتبعه. فذكر أنه لا زاد معه وأنه لا يهتدي الطريق. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أمره في الليلة التي خرج فيها أن يضطجع مضجعه ، وأن يؤدي عنه أمانات كانت

__________________

(١) وهو عبد الله بن الزبير بن العوام ولد ١ هـ ، قتله الحجاج ٧٣ ه‍.

(٢) أي غار حراء مهبط الوحي على رسول الله من جبال مكة.

٤٦٢

عنده(١) ، وأن يحكم أشياء(٢) عهدها إليه في أهله ، ثم يلحق ، ففعل ذلك. فلما قضاه وأراد اللحوق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى أمه ـ فاطمة بنت أسد ـ ليلا ، فقرع الباب عليها.

فقالت : من هذا؟

فقال : أنا علي.

فقالت : إن اللات والعزى منك بريئان.

فقال لها علي : اخفضي من صوتك ولا توقظي نوامك واكرمي ضيفك ، فأما اللات والعزى فهما مني بريئان كما ذكرت ، وأنا منهما بريء.

ففتحت له الباب ، فجلس.

فقال لها : هل عندك من شيء آكله؟

فرقّت له ، فقالت : ارفع الكساء ، فثم خبزة وشيء من تمر.

فأخذه ، ثم جعل يلاطفها حتى نامت. فوثب الحائط ، ثم سار ليلته ويومه. فأمسى بالروحاء(٣) واستبطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وظهر الغمّ به عليه.

فقيل له في ذلك ، فقال : ومالي لا أغتم وقد خلفت خليلي ، ابن أبي طالب بمكة أمرته باللحوق بي إذا قضى ما عهدت إليه ، ولا أدري ما فعل الله به ، وإن الله عزّ وجلّ قد أعطاني فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا

__________________

(١) قال ابن هشام في السيرة ٢ / ٩٣ : وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) في نسخة : والأشياء.

(٣) الروحاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء المهملة ، أكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة ٣٦ ميلا ( خلاصة الوفاء ص ٥٥٨ ).

٤٦٣

في الآخرة :

أعطاني في الدنيا ، فإنه صاحب لوائي ، وهو يواري عورتي ، وإنه صاحب مجلس القضاء من بعدي ، فأنا لا أخشى عليه أن يموت في حياتي.

وأما التي أعطاني به في الآخرة ، فإنه صاحب لوائي ـ لواء الحمد ـ يقدمني به الى الجنة ، وهو عون لي على مفاتيح خزائن الجنة ، وإنه صاحب حوضي يوم القيامة.

فأنا آمن عليه أن يرتد كافرا بعد إذ هداه الله ، ولكني أخاف عليه جهلة قريش. وذكر باقي الحديث.

[ ضغائن في صدور القوم ]

[٨١٥] وبآخر ، عن أنس بن مالك(١) ، قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام معه وخرجت معهما ، فمشينا في حدائق المدينة ، فمررنا على حديقة.

فقال عليعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حديقتك يا علي في الجنة أحسن منها. حتى عدد سبع حدائق كل ذلك يقول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ذلك.

ثم بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عليعليه‌السلام :

__________________

(١) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الانصاري أبو ثمامة أو أبو حمزة ولد بالمدينة ١٠ قبل الهجرة خدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أن قبض ، ثم رحل الى دمشق ثم الى البصرة فمات فيها ٩٣ هـ وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة.

٤٦٤

ما يبكيك يا رسول الله؟

قال : أبكاني اني ذكرت ضغائن لك في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني(١) .

[٨١٦] وبآخر ، عنه ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي بن أبي طالب وعمّار وسلمان.

[ خير الخلق يوم القيامة ]

[٨١٧] وبآخر ، أن علياعليه‌السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة وقف على أفواه ثلاث سكك. فقال : ألا اخبركم بخير الخلق يوم القيامة؟

قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، فمن هم؟

قال : سبعة من ولد عبد المطلب.

فقام إليه سلمان بن ربيعة ، فقال : أخبرنا بأسمائهم يا أمير المؤمنين.

قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم به ، أولهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووصيه صاحبكم ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والمهدي منا أهل البيت صلوات الله عليهم.

__________________

(١) واضاف ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢ / ٣٢٥ الحديث ٨٣٠ :

فقال علي عليه‌السلام : فما اصنع يا رسول الله؟

قال : تصبر.

قال : فان لم أستطع؟

قال : تلقى جميلا.

قال : ويسلم لي ديني؟

قال : ويسلم لك دينك.

٤٦٥

[٨١٨] وكيع ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال(١) من عليعليه‌السلام ، فقام إليه سعد بن زيد(٢) فقال : إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي في الجنة وهو خير البرية.

[ أشبه الناس بالمسيح ]

[٨١٩] وبآخر ، عن سلمان الفارسي(٣) ، أنه قال : لما انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غزوة بني المصطلق تقدم في مقدمة الناس ، وأمر علياعليه‌السلام أن يكون في ساقتهم(٤) يحفظهم ، فلما وصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة أتى إلى باب المسجد ، فجلس ينتظر علياعليه‌السلام لم يدخل منزله ، فرأيته يمسح العرق من وجهه.

ثم قال : يأتيكم الساعة من هذه الشعبة ـ وأشار بيده الى بعض الشعاب ـ رجل أشبه الناس بالمسيح ، وهو أفضل الناس بعدي يوم القيامة ، وأول من يدخل الجنة. فجعلنا ننظر الى الشعب.

فكان أول من طلع منه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فلما انتهى

__________________

(١) وفي نسخة و: فقال.

(٢) قال العاملي في اعيان الشيعة ٧ / ٢٢٢ : ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٣) أبو عبد الله سلمان الفارسي الصحابي توفي بالمدائن في العراق بسنة ٣٦ هـ ومرقده يزار ويعرف باسم سلمان پاك. روى الكشي بسنده ، عن أسباط بن سالم ، عن موسى بن جعفر : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين حواري محمّد بن عبد الله الذي لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.

(٤) ساقة الجيش : مؤخرته.

٤٦٦

الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام إليه ، فاعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، ودخلا.

فقال قوم من المنافقين : يشبّه ابن عمه بالمسيح ويمثله به. أفآلهتنا التي كنا نعبدها خير أم علي. فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم :( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (١) .

[ خير الامة في الدارين ]

[٨٢٠] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي صلوات الله عليه :

أنت خير امتي في الدنيا والآخرة ، زوجتك خير نساء امتي في الدنيا والآخرة ، وابناك سيدا امتي في الدنيا والآخرة.

[٨٢١] عبد الله بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : جلسنا يوما مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال :

الآن يدخل عليكم رجل من أهل الجنة. ثم جعل يقول : اللهمّ إن شئت جعلته عليا. فأقبلعليه‌السلام فدخل.

[٨٢٢] الأشعث ، عن الحسن البصري(٢) ، أنه سمع رجلا يقع في عليعليه‌السلام فقال : أما أن هذا وقع في رجل هو أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدنيا(٣) وأخوه في الآخرة.

__________________

(١) الزخرف : ٥٦ ـ ٥٨.

(٢) أبو سعيد ، ولد بالمدينة ٢١ ، وتوفي بالبصرة سنة ١١٠ ه‍.

(٣) وفي نسخة و: الديني.

٤٦٧

[٨٢٣] سليمان بن جعفر ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله عزّ وجلّ الخلق عراة ، فيوقفون بالمحشر ، حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما ، وذلك قول الله عزّ وجلّ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ) (١) .

قال : ثم ينادي مناد : وأين نبيّ الرحمة محمّد بن عبد الله الأمي فيتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمام الناس كلهم حتى ينتهي الى حوض طوله ما بين إيلة(٢) الى صنعاء(٣) ، فيقف عليه ، وينادي بصاحبكم ـ يعني علياعليه‌السلام ـ فيتقدم أمام الناس ، وأنتم معه ـ يعني شيعة آل محمّدعليهم‌السلام ـ ، ثم يؤذن للناس فيمرون ، فمن بين وارد يومئذ ومصدود. فإذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من صرف عنه من محبينا بكى ، وقال : يا رب شيعة علي. فيبعث الله عزّ وجلّ إليه ملكا يقول له : ما يبكيك؟

فيقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا من ورود الحوض.

قال : فيقول له الملك : إن الله عزّ وجلّ يقول لك : إني قد وهبتهم لك ، وألحقتهم بك ، وصفحت عن ذنوبهم وجعلتهم مع من كانوا يتولّون ، وأوردتهم حوضك.

قال أبو جعفرعليه‌السلام : فكم من باك وباكية ينادون يومئذ :

__________________

(١) طه : ١٠٨. والهمس الصوت الخفي.

(٢) ايلة : موضع في أعلى المدينة.

(٣) صنعاء : مدينة باليمن.

٤٦٨

يا محمّداه. إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد كان يتولانا ، ويتبرأ من عدونا إلا كان في حيزنا ومعنا(١) .

[٨٢٤] أبو بكر بن أبي داود البغدادي ، عن عبد الله بن عباس(٢) ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن ، أربعة.

فقيل : من هم يا رسول الله؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح(٣) على ناقته التي عقرها قومه ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي على ناقة من نوق الجنة عليه حلّتان خضراوان وعلى رأسه تاج ، ينادي : لا إله الا الله محمّد رسول الله.

فيقول الخلائق من هذا؟ أنبيّ مرسل ، أم ملك مقرب؟

فيناديهم مناد : ما هو نبيّ مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا إمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[٨٢٥] أبو العباس أحمد ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، ألا ترضى إذا جمع الله عزّ وجلّ

__________________

(١) وفي أمالي المفيد ص ١٧٩ : إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.

(٢) أبو العباس ، ويكنى بابن عباس ، عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، حبر الامة وترجمان القرآن ، ولد بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وكف بصره في آخر عمره وتوفي بالطائف سنة ٦٨ ه‍. قال العلاّمة في الخلاصة : من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان محبا لعليعليه‌السلام وتلميذه ، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنينعليه‌السلام أشهر من أن يخفى. وهناك أخبار ضعيفة السند ذكرها الشيخ الكشي في رجاله في مضمونها قدح في ابن عباس.

(٣) النبي الذي أرسله الله الى قوم ثمود ، ورد ذكره في القرآن.

٤٦٩

الخلق في صعيد واحد(١) ، عراة حفاة مشاة فيها قد قطع أعناقهم العطش ، وكان أول من يدعى إبراهيمعليه‌السلام ، فيكسى ثوبين أبيضين.

ثم يقام عن يمين العرش ، ثم يفجر لي منقب الى الحوض(٢) مثل ما بين بصرى وصنعاء(٣) عليه قدحان من فضة بعدد نجوم السماء ، فأغترف منه ، وأتوضأ ، ثم اكتسي ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، وللعرش يمينان ، ثم تقوم أنت فتشرب وتتوضأ ، ثم تكسى ثوبين أبيضين ، ثم تقوم معي لا أدعى إلى حسنة إلا دعيت معي إليها.

[ السيّد في الدنيا والآخرة ]

[٨٢٦] إسحاق بن أحمد البحراني ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرا ما إذا نظر الى عليعليه‌السلام قال : سيد في الدنيا سيّد في الآخرة.

[٨٢٧] أحمد بن يحيى الأزدي ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا أربعة.

قال له العباس : فداك أبي وأمي من هؤلاء الأربع؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله عزّ وجلّ التي

__________________

(١) الصعيد : الارض المستوية التي لا نبات فيها.

(٢) وفي بشارة المصطفى ص ٢٤٨ : ثم يفجر الى شعب من الجنة ، الى الحوض.

(٣) بصرى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق ، وصنعاء عاصمه اليمن.

٤٧٠

عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد الله وأسد رسول الله على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدلحة(١) الجنبين وعليه حلّتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، في ذلك التاج سبعون ركنا ، في كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء مسيرة ثلاثة أيام للراكب المجد. بيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلا الله محمّد رسول الله.

فيقول الخلائق : من هذا ، أملك مقرب ، أم نبيّ مرسل ، أم حامل عرش؟

فيناديهم مناد من بطنان العرش ليس بملك مقرب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا حامل عرش. هذا علي بن أبي طالب وصيّ رسول الله ، وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[ الراضية المرضية ]

[٨٢٨] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسرى بي إلى السماء أخذ جبرائيلعليه‌السلام بيدي ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك(٢) من درانيك الجنة ، فخرجت عليّ حوراء(٣) ، فقالت : السّلام عليك يا محمّد ، السّلام عليك يا أحمد ، السّلام عليك يا رسول الله.

قلت : وعليك السّلام ، من أنت يرحمك الله؟

__________________

(١) الدلح : الشيء بالحمل الثقيل.

(٢) الدرنوك : نوع من البسط.

(٣) واضاف في الرياض النضرة ٢ / ٢١١ : فخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها.

٤٧١

قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع ، أعلاي من مسك ، ووسطي من عنبر ، وأسفلي من كافور ، عجنت بماء الحيوان. ثم قال لي الجبار : كوني ، فكنت. خلقت لأخيك ووصيك وابن عمك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[ لواء الحمد ]

[٨٢٩] الحسن ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، قال : اكتنفنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجد المدينة ، فتذاكرنا من أول أهل الجنة دخولا؟

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن أولكم دخولا الجنة علي بن أبي طالب.

فقام أبو دجانة الأنصاري(١) ، فقال : بأبي وأمي أنت يا رسول الله ، لقد سمعتك تقول قبل هذا : إن الجنة محرمة على الأنبياء والامم حتى تدخلها أنت ، يا رسول الله.

قال : صدقت يا أبا دجانة ، إن لله عزّ وجلّ لواء من نور وعمودا من نور خلقها قبل أن يخلق الدنيا بألف عام مكتوب على ذلك اللواء : أنا الله لا إله إلا أنا ، محمّد عبدي ورسولي الى خلقي [ وآل ](٢) محمّد خير البرية.

ثم أهوى بيده الى عليعليه‌السلام فقال : هذا حامل ذلك اللواء بين يدي يوم القيامة ، وصاحب لواء القوم أمامهم.

__________________

(١) وهو سماك بن خرشة.

(٢) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار ٣٩ / ٢١٨ الحديث ١١.

٤٧٢

فكبّر الناس تكبيرة واحدة ، وأشرق لون عليعليه‌السلام فقال : الحمد لله الذي شرفنا برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

[٨٣٠] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي امامة الباهلي(٢) ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى أن قام ، فجاء علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فوافق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قائما ، فلما رآه جلس ، ثم قال له : يا علي أتدري لم جلست؟

قال : اللهمّ لا.

قال : [ لأخبرك ](٣) إني ختمت النبيين وإنك يا علي ختمت الوصيين ، إن حقا على الله عزّ وجلّ أن لا يقف موسى بن عمران موقفا يوم القيامة إلا وقف معه وصيه يوشع بن النون ، واني واقف وتقف معي ، ومسئول وتسأل معي ، فأعدّ للجواب.

يا علي ، إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا زلت ، وإن الله عزّ وجلّ قد أخذ ميثاقي وميثاقك وميثاق أهل مودّتك وشيعتك الى يوم القيامة ، فلكم شفاعتي.

[٨٣١] حماد بن سلمة ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : شهد ثلاثة عشرة رجلا كلهم من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنهم رأوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبّل بين عيني عليعليه‌السلام . ثم قال

__________________

(١) واضاف في بحار الأنوار : فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابشر يا علي ما من عبد يحبك وينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا. ثم قرأ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) القمر : ٥٤ ـ ٥٥.

(٢) وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي الصحابي ، كان مع أمير المؤمنين في صفين سكن الشام ، توفي في حمص ٨١ ه‍.

(٣) وفي الاصل : الاخبر.

٤٧٣

له : يا ابن أبي طالب إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا ما زلت. أبشر يا علي فما بيني وبينك في الجنة إلا درجة النبوة ، وهي درجة الوسيلة لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها(١) أحد بعدي ، طولها أربعة آلاف فرسخ.

ثم التفت ، فنظر فإذا هو بأبي بكر ، فقال : يا أبا بكر وأنت؟

قال : نعم.

فقال : يا رسول الله جعلت فداك لكدت أهلك فيمن هلك.

قال : أمّا [ ما ] آمنت بالله ، وشهدت أني رسول الله ، وعرفت لهذا ما عرفت بنو إسرائيل لهارون ؛ فإنك لن تضيع.

ثم ضرب بيده على منكب عليعليه‌السلام ، وقال : يا ابن أبي طالب أبشر فإنه لا يخرج بعدي فئة ثلاثمائة فما فوقها أو دونها إلا كنت أنت صاحبها وقائدها وسائقها ، والذي نفس محمّد بيده لأول من يقف أنت وأعداؤك ، وأنا قائم خلفك يدي بين كتفيك يصل برد كفي الى قلبك )(٢) ، فيثبت الله قدميك ويصدق قولك ، فلا تخاصم منهم أحدا إلا خصمته ، وقذفته في النار.

[٨٣٢] مجاهد ، قال : سئل ابن عمر(٣) عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال : أشهد أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

يا علي ، إني سألت الله عزّ وجلّ أن يعينني بك في سبع مواطن وعند حالات ، فأنت تلي غسلي من بين أهل بيتي ، وتنجز عداتي ، وتبري ذمتي ، وتقف معي على حوضي تسقي من يرد عليّ من امتي ، وسألت

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : يعلاها.

(٢) ما بين القوسين سقط من نسخة و.

(٣) وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب ، هاجر الى المدينة قبل ابيه ، توفي بمكة سنة ٧٣ ه‍.

٤٧٤

الله عزّ وجلّ أن يعينني بك على فتح أبواب الجنة.

قيل : يا رسول الله ، وما فتح أبواب الجنة؟

قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، والإقرار بولاية علي بن أبي طالب من بعدي.

[٨٣٣] ابن عجلان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : شكوت من حسد الناس لي الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي ووزيري في الدنيا والآخرة ، وأن أول من دخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وفاطمة ، وذرياتنا ، وأزواجنا ، خلف ذرياتنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.

يا علي ، أنا أكرم ولد آدم ولا فخر ، وليس بيني وبين ربي حجاب إلا النور. وأول من يكسى كسوة الجنة ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الكلام ولا فخر ، وأول من يؤذن له في السجود ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الشفاعة ولا فخر ، وأول من يسعى نوره أمامه ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة ولا فخر ، وأول من يعطى سؤله ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة بشفاعته ولا فخر ، واعطى لواء الحمد يوم القيامة ، فأعطيك يا علي تسعى به أمامي وتدخل الجنة بين يدي.

[٨٣٤] وبآخر ، عن أبي امامة الباهلي(١) ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

إن الله عزّ وجلّ اختار يوشع بن نون وصيا لموسىعليه‌السلام ،

__________________

(١) وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي.

٤٧٥

وجعله من بعده نبيا ، ولو لا أن الله عزّ وجلّ ختم بي المرسلين وقضى أنه لا نبيّ بعدي لكنت يا علي من بعدي نبيا. ولكن الله عزّ وجلّ قد اختارك لي وصيا هاديا لامتي من بعدي ، فأنت صدّيقها وسائقها وقائدها الى الجنة برحمة الله عزّ وجلّ.

[٨٣٥] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

إن علي بن أبي طالب ليزهر في الجنة لأهل الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا.

[٨٣٦] وبآخر ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ـ وأنا بين يديه أخدمه ـ يقول :

ليدخلن عليّ الساعة من هذا الباب رجل هو خير الأوصياء وسيد الشهداء ، وأقرب الناس من النبيين يوم القيامة مجلسا.

قال أنس بن مالك : اللهمّ اجعله من الأنصار.

فدخل عليه علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

[٨٣٧] أبو البختري(١) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات الله عليهما ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : منزلتي ومنزلتك يا علي في الآخرة متواجهتان كمنزلتي الأخوان.

[٨٣٨] مالك بن أنس(٢) ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : لما آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه جاء علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقام قائما بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم

__________________

(١) واظنه وهب بن وهب.

(٢) أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الاصبحي الحميري وأحد الائمة الاربعة عند أهل السنة وإليه تنسب المالكية ، مولده ووفاته في المدينة ٩٣ هـ ـ ١٧٩ ه‍.

٤٧٦

قال : يا رسول الله ، قد رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، وتركتني. فإن يكن ذلك لموجدة منك عليّ فلك العتبى ، فقد ضاقت عليّ الأرض برحبها.

فتبسم إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : ما الذي فعلت بأصحابي ، ولم أفعله بك يا علي؟

قال : آخيت بين كل اثنين منهم وأعطيت كل واحد منهم فضيلة ، وتركتني.

فقال له : مه يا علي ، تركتك لنفسي أنت أخي ووصيي ، وأنت معي في الجنة في قصر مع فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة ابنتي ومع الحسن والحسين ابنيّ وابنيكما.

يا علي إنما مثلنا مثل الشجرة أنا أصلها وأنت فرعها وفاطمة أغصانها والحسن والحسين ثمارها.

يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي.

يا علي يدك في يدي حتى أدخل الجنة.

يا علي إن الله عزّ وجلّ يبعث مناديا يوم القيامة من بطنان العرش مناديا ينادي : معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم حتى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط.

يا علي إنه من أحبك في حياتي وبعد وفاتي كنت له آمنا وأمانا ما طلعت الشمس وما غربت.

يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام.

يا علي أنت معي في الجنة.

يا علي وخصلة اخرى ادّخرها الله عزّ وجلّ لك.

٤٧٧

قال : يا رسول الله ، وما هي؟

قال : إن لواء الحمد يوم القيامة بيدي وأنت معي تسقي المؤمنين من حوضي ، فإذا سرنا الى الجنة أعطيتك لواء الحمد ، وقدمت به بين يدي ، وهم خلفي.

يا علي ومن أبغضك أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أصلاه جهنم وساءت مصيرا.

[٨٣٩] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن أبي ذر ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليعليه‌السلام :

أنت أول عن آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة.

قد ذكرت فيما تقدم من الأخبار كثيرا مما جرى فيها ذكر ما أفردت له هذا الباب من شهادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي صلوات الله عليه بالجنة ، واختصاصه بما أعد الله عزّ وجلّ له فيها من الكرامة والمنزلة التي لا تنبغي إلا لمن قام مقامه ، وحلّ محله من الوصية والامامة ، والمقام الذي أقامه له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كان قد عهد الجنة لغيره ، فإنه لم يأت عنه أنه بلغ بأحد منهم في ذلك مبلغه ، ولا ذكر فيه مثل ما ذكر في عليعليه‌السلام . وقد وعد الله عزّ وجل المؤمنين الجنة ، ولكنه لم يجعل لهم فيها مثل هذه المنازل والدرجات التي ذكرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام وفي ذلك أبين البيان على مقامه ، وأنه كما قال فيه ، ونصّ عليه فيما ذكره وصيه من بعده كأحد أوصياء النبيين بعدهم وأفضلهم ، وصاحب أمر الامة بعده كما كان ، كذلك وصيّ كل نبي ، وصاحب أمر أمته من بعده ، وبانه لم يكن يجب لاحد أن يتقدم عليه ، ولا أن يدعي مقامه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٧٨

فضائل أهل البيت (ع)

وممّا جاء في الاخبار مجملا في ذكر أهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين :

[٨٤٠] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي ذر رضوان الله عليه ، أنه أخذ بحلقتي باب الكعبة ، وقد اجتمع الناس للموسم(١) ، وحوّل وجهه الى الناس وهم أجمع ما كانوا في الطواف حول البيت.

فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، وإلا فأنا أعرفه بنفسي ، أنا أبو ذر الغفاري ، لا أخبركم إلا بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سمعته يقول :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، [ ألا وإن ] مثلهما فيكم(٢) سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق.

[٨٤١] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض طرف منه عند الله ، وطرف منه في

__________________

(١) أي : موسم الحج.

(٢) هكذا صححناه من كتاب البحار ٢٣ / ١٣٤ الحديث ٧٤. وفي الاصل : مثلهما مثل سفينة.

٤٧٩

أيديكم ، فاستمسكوا به ، وعترتي.

قال فضيل : فقلت لعطية(١) : ما عترته؟

قال : أهل بيته.

[ أقول : ] وقول أصحاب اللغة في هذا أوضح وأصح.

قال الخليل(٢) بن أحمد : عترة الرجل أقرباؤه من ولده وولد ولده وبني عمه.

فولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وولد ولده الحسن والحسين وابن عمه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

[٨٤٣] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أن رجلا سأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قوله الله عزّ وجلّ :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٣) من عنى به؟

فقال عليعليه‌السلام : والذي نفسي بيده ، ما أحد ضرب عليه المواسى من قريش إلا وقد نزل فيه من كتاب الله طائفة. والذي نفسي بيده ، ما قضاه الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبّ إليّ من أن يكون لي [ ملء ] هذه الرحبة ذهبا وفضة ، وما بي إلا يكون قد جفّ وجرى القلم بما هو كائن. ولكن لتعلموا ، والله ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح في قومه ، أو باب حطة في بني إسرائيل.

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٢٣ / ١٣١ الحديث ٦٤ : فقلت لأبي سعيد : من عترته.

(٢) هكذا في نسخة و، وفي الاصل : قال قيل بن.

(٣) هود : ١٧.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610