شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار9%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64081 / تحميل: 6288
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[ زهد أمير المؤمنين ]

[٧١٧] سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بيت المال حتى ما ترك فيه شيئا.

ثم قال : يا قنبر ، أدخل عليّ الغنم.

فقال : يا أمير المؤمنين وما تريد من الغنم؟

فقال أمير المؤمنين : تشهد لي يوم القيامة أنها لم تجد فيه شيئا تلوه.

ثم قال : تشهد لي هذه البقعة يوم القيامة أني قد أديت الى كل ذي حق حقه.

ثم قال : يا حمراء تحمري ، ويا صفراء تصفري ، ويا بيضاء تبيضي ، وغيري غرّي. ثم تمثل فقالعليه‌السلام :

هذا جناي وخياره فيه

إذ كل جان يده الى فيه

[٧١٨] أبو نعيم ، باسناده ، عن عبد الرحمن الخولاني ، عن عمته ـ وكانت تحت عقيل بن أبي طالب رضوان الله عليه ـ قالت : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بالكوفة فأصبته جالسا على البرذعة(١) حماز.

__________________

(١) البرذعة : الذي يلقى تحت الرجل.

٣٦١

ثم دخلت إلى امرأة له من بني سليم ، فأصبت في بيتها متاعا كثيرا ، فلمتها ، وقلت لها : في بيتك مثل هذا المتاع وأمير المؤمنينعليه‌السلام جالس على برذعة حماز؟

فقالت : لا تلوميني فانا لا نخرج إليه ثوبا ينكره إلا بعث به الى بيت المال ، فوضعه فيه.

[٧١٩] أبو نعيم ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام أنه كان يأخذ الجزية(١) من أهل الذمة من كل ذي صنعة ممّا يعمله من صاحب الابر ابرا ، ومن صاحب المال مالا ، فإذا قسم ما في بيت المال قسم ذلك فيقولون لا حاجة لنا به.

فيقول : أخذتم خياره وتتركون عليّ شراره. لا والله لا بدّ لكم من أن تأخذوه.

[٧٢٠] عمر بن عبد الكريم ، باسناده ، عن مالك بن أنس ، قال : سألت الزهري : من كان أزهد الناس في الدنيا؟

قال : علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان يقسم كل ما في بيت المال ، ثم يكنسه ، ويرشه ، ويصلّي فيه ويفرش لبدة ، ثم ينام عليه. ويقول : الآن طاب فيك المقيل لا تخاف مسارقا ولا ثاقبا.

ثم يقول : [ يا بيضاء ] بيضي ، و [ يا صفراء ] صفري ، وغيري غرّي ، والله لا أنال منك إلا الحقير اليسير.

قال : ولقد بلغنا أنه اشتهى كبدا مشوية على خبزة لبنة ، فأقام حولا يشتهيها. ثم ذكر ذلك الحسنعليه‌السلام يوما وهو صائم ،

__________________

(١) ضريبة اسلامية تأخذها الحكومة الاسلامية من غير المسلمين ( أهل الكتاب ) الذين هم في ذمة الاسلام وحمايته. وأهل الكتاب هم : اليهود والنصارى والمجوس.

٣٦٢

فصنعها له. فلما أراد أن يفطر قرّبها إليه ، فوقف سائل بالباب.

فقال : يا بني احملها إليه ، لا تقرأ صحيفتنا غدا( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيَ اوَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها ) الآية(١) .

[٧٢١] أبو غسان ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه ذكر يوما علياعليه‌السلام فقال :

رحمة الله عليك يا أبا الحسن ومغفرته ورضوانه ، جمعت الدنيا حتى إذا اجتمعت بين يديك نكنتها بقضيبك ، ثم قلت : يا دنيا غرّي غيري.

[٧٢٢] أبو نعيم ، باسناده ، أن علياعليه‌السلام جمع المال في الرحبة بين جوالق(٢) أبيض وأسود ، وقطيفة(٣) بيضاء وسوداء ، وقوصرة(٤) وجلد. ثم يقول :

هذا جناي وخياره فيه

إذ كل جان يده الى فيه

ثم دعا بامراء الأسباع والعرفاء والمقاتلة فقال : هذا مالكم ، فاحملوه الى مساجدكم واقتسموه بينكم.

[٧٢٣] وبآخر ، أن علياعليه‌السلام استعمل سعد بن عمر الأنصاري ، فبقي عليه من الخراج ، فربطه الى اسطوانة في المسجد حتى وداه.

[٧٢٤] الدغشي ، باسناده ، قال : اشترى عليعليه‌السلام بالكوفة قميصا بسبعة دراهم ، فلما لبسه خرج كمه عن يده ، فأمر بقطع ما خرج عن أطراف أصابعه.

__________________

(١) الاحقاف : ٢٠.

(٢) الجولق : وعاء.

(٣) القطيفة : دثار مخمل.

(٤) القوصرة : وعاء التمر ، وكناية عن التمر.

٣٦٣

وكان اشتراه من غلام ، ومولاه غائب. فجاء مولى الغلام ، فأخبره ، فلحق علياعليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا القميص لي وهو يقوم على ستة دراهم ، وذكر لي غلامي أنه باعه منك بسبعة دراهم. وهذا الدرهم الذي تزيده عليك.

قال : لا آخذه قد اشتريناه بما رضيناه.

[٧٢٥] وبآخر ، أن علياعليه‌السلام كان يخرج من القصر بالكوفة ، وعليه قميص الى نصف ساقه وإزار ، ورداء قريب منه ، ومعه درة(١) يمشي بها في الأسواق يأمرهم بتقوى الله ، وحسن البيع ، ويقول : اوفوا الكيل والميزان ولا تغشوا ولا تنفخوا في اللحم.

[٧٢٦] وبآخر ، عنهعليه‌السلام أنه استعمل عاملا على عكبرا(٢) ، ثم قال له : بين يدي أهل عمله استوف الذي عليهم ولا يجدوا فيك ضعفا.

ثم قال له : رح الي عند الظهر! فراح إليه.

قال العامل : فدخلت إليه ، فأصبت بين يديه قدحا وكوزا فيها ماء ، وجرابا مختوما. فنظر الى الخاتم ، وأنعم النظر فيه ، ثم فكه. فقلت في نفسي : فيه مال أو جوهر أراد أن يعرضه عليّ ، فأخرج منه وسيقا فصير في القدح منه ، وصبّ عليها ماء ، وشرب ، وسقاني ، ثم ختم(٣) الجراب. فقلت : يا أمير المؤمنين الطعام بالعراق أكثر من أن يختم عليه.

فقال : ما أنا بشيء أحفظ مني لما ترى أني أخاف أن يجعل فيه

__________________

(١) الدرة : بالكسر التي يضرب بها ( مختار الصحاح : ص ٢٠٢ ).

(٢) قال الياقوتي : عكبرا اسم بليدة من نواحي دجيل قرب صريفين بينها وبين بغداد عشرة فراسخ والنسبة إليها عكبري.

(٣) وفي الاصل : الختم الحراب.

٣٦٤

غير ما جعلت ، فأدخل بطني حراما(١) .

ثمّ قال لي : إني لم أستطع أن أقول لك بحضرة القوم إلا ما قلت ، فإذا صرت إليهم ـ ولا قوة إلا بالله ـ فخذهم بما آمرك به ، فإن خالفتني فأخذك الله به دوني ، وإن بلغني خلاف ما أمرتك عزلتك. إذا قدمت عليهم ، فلا تبيعن(٢) لهم كسوة شتاء في شتاء ، ولا كسوة صيف في صيف ، ولا دابة يعملون عليها ، ولا تقيمن منهم أحدا على رجليه ، ولا تضربنه سوطا في درهم ، [ إنما أمرنا ] أن نأخذ منهم العفو(٣) .

فقلت : يا أمير المؤمنين ، إذا أرجع إليك كما خرجت من عندك؟

قال : وإن رجعت كذلك.

قال العامل : فخرجت في وجهي ذلك ، وقدمت وما بقي عليهم درهم إلا أدوه.

[٧٢٧] محمّد بن عبد النور المسمعي ، باسناده عن عمر بن الخطاب ، أنه ذكر علياعليه‌السلام فقال :

ذلك صهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل جبرائيلعليه‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال :

يا محمّد زوج عليا فاطمة صلوات الله عليها ، فزوّجه إياها بوحي الله عزّ وجلّ.

[٧٢٨] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، أنه

__________________

(١) وفي تاريخ دمشق ٣ / ١٩٩ : أن أدخل بطني إلا طيبا.

(٢) وفي تاريخ دمشق : فلا تبيعن لهم رزقا يأكلونه ولا كسوه ...

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : فإنا لم أن تأخذ منهم إلا العفو.

٣٦٥

قال : كنت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جماعة من أصحابه ، فناداني ، فأتيته. فقال : يا سلمان ، اشهد أن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم.

[٧٢٩] وبآخر ، أنه قال : دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم قبض ، وهو في غمرات الموت ، فأفاق افاقة.

فقال : علي بن أبي طالب أفضل من أترك بعدي(١) .

__________________

(١) وفي المناقب لابن مردويه : خير من أخلف بعدي.

٣٦٦

[ خبر الراهب ]

[٧٣٠] أبو الزبير ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، لما سار الى معاوية بن أبي سفيان ، وانتهى الى البليخ(١) عن شاطئ الفرات من أرض الجزيرة(٢) نزل بأصحابه بقرب دير فيه راهب يقال له : شمعون بن الصفا بن يحيى.

فلما أن رآه نزل إليه ، وسلّم عليه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إن عندنا كتابا ، يقال إنه من كتب(٣) حواري عيسى بن مريم فان شئت أتيتك به(٤) ، فقرأته.

فقال : قد شئت.

فأتاه بكتاب ، فيه وجدت هذا الحديث مكتوبا عند رحل ـ والله أعلم ـ ولم أسمعه من أحد :

بسم الله الذي قضى فيما قضى وسطر فيها كتب ، إنه يبعث في

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : البلح. والبليخ : نهر بالجزيرة ، والجمع بلخ بالضم كما في القاموس.

(٢) ويسمى الآن بالموصل. ( محافظة نينوى ) العراق.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : من كنت الحواري.

(٤) هكذا صححناه وفي الاصل : أنبئك به.

٣٦٧

الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، ويدلهم على طريق الجنة ، وليس بفظ غليظ(١) ، ولاصحاب(٢) في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح. أمته الحامدون ، يحمدون الله في كل هبوط ، وعلى كل شرف(٣) وصعود ، يذلل ألسنتهم بالتهليل والتكبير ينتصر بهم على من ناواه ، فإذا قبضه الله إليه اختلفت امته ، ثم اجتمعت ، ثم اختلفت. فيقبل في ذلك الزمان رجل هو أولى الناس في الدين والقرابة ، وأولى الناس بالناس حتى ينزل هذا المكان ووصفه [ أنه ] يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويقضي بالحق ، ولا يدلس في الحكم ، ينصح لله في العلانية ، ويخافه في السر ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، الدنيا أهون عنده من رماد عصفت به الريح ، والموت عليه في جنب الله ألذ من شرب الماء البارد على الظماء ، فمن أدرك ذلك الزمان فليؤمن بذلك الرسول ، ويتبع هذا العبد الصالح ، ويقاتل معه ، فان القتل معه شهادة.

ثم قال شمعون : قد سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآمنت به وصدقته ، وأدركتك ورأيت صفتك وما أنت عليه ، ونزلت إليك ، ولست بالذي أفارقك حتى يصيبني ما أصابك.

فبكى عليعليه‌السلام وبكى من [ كان ] حوله لبكائه. وقال : الحمد لله الذي لم يجعلني منسيا(٤) ، الحمد لله الذي ذكرني في كتب

__________________

(١) وفي الاصل : ليس بفظ ولا غليظ.

(٢) وفي نسخة هـ : ولا سحان.

(٣) وفي نسخة ـ هـ : هبوط وسير وصعود.

(٤) وفي المناقب ٢ / ٢٥٦ : الحمد لله الذي لم يخملني ولم يجعلني عنده منسيا.

٣٦٨

الأبرار عنده.

قال حبة العرني(١) : فكان ذلك الديراني رفيقي. وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا تغدى غذاه معه ، وإذا تعشى عشاه معه ، حتى إذا كانت ليلة الهرير أصبح الناس يطلبون قتلاهم ، وخرج أمير المؤمنينعليه‌السلام فوجد شمعون بن يحيى الديراني بين القتلى قتيلا ، فصلّى عليه ، ودفنه ، وترحم عليه.

وقال : هذا منا أهل البيت.

[٧٣١] عباد بن يعقوب [ الرواجني ] ، عن الحارث بن الخزرج الأنصاري(٢) ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليعليه‌السلام : المتقدم بين يديك كافر ( يعني في الامرة التي ادعوها والبدعة التي شرعوها )(٣) وإن أهل السماوات يسمونك أمير المؤمنين.

[٧٣٢] أبو مخنف ، باسناده ، عن كميل بن زياد(٤) ، قال : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وخرج بي نحو الجبانة(٥) ، فلما أصحر ، تنفس الصعداء.

ثم قال : يا كميل إن هذه القلوب أوعية ، وخيرها أوعاها ، احفظ عني ما أقول لك.

__________________

(١) هو حبّة بن جوين ( جوير ) العرني ، وكنية حبّة ( أبو قدامة ) ، وقيل ابن جرير العرني ، من أصحاب عليعليه‌السلام من اليمن. ونسب ابن داود إلى الكشي أنه ممدوح من القسم الأول. ( معجم رجال الحديث للسيد الخوئي : ج ٤ ص ٢١٤ تحت رقم ٢٥٤٦ ).

(٢) صاحب راية الأنصار مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٣) ما بين القوسين من نسخة ـ هـ ـ.

(٤) كميل بن زياد بن نهيك النخعي ولد ١٢ هـ من أصحاب أمير المؤمنين وكان شريفا مطاعا في قومه ، شهد صفين مع عليعليه‌السلام ، سكن الكوفة قتله الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي صبرا.

(٥) أي المقابر.

٣٦٩

الناس ثلاثة ، فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيؤوا بنور الهدى ، ولم يلجئوا الى ركن وثيق.

يا كميل بن زياد ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك(١) وأنت تحرس المال ، العلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق.

يا كميل ، محبة العلم دين يدان به الله يكسب الطاعة من طلبه في حياته ، وحسن الاحدوثه بعد وفاته ، منفعة المال تزول بزواله ، ومنفعة العلم باقية ببقاء حامله.

يا كميل ، مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة.

ثم قال : آه إن هاهنا ـ وأشار الى صدره ـ علما جما لو أصبت له حملة ، بل أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على أوليائه ، وبنعمه على معاصيه ، أو مأمونا غير لقن منقادا لجملة الحق لا بصيرة له يقدح الشك في قلبه بأول عارض من الشبهة لا ذا ولا ذاك ، ورجلا منهمكا في اللذة سلس القياد للشهوة ، مغرما(٢) بالادخار ليسوا من دعاة الدين ، بل هم أقرب شبها بالأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حملته.

اللهمّ لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا موجودا ، وإما خائفا مغمودا لئلا تبطل حجتك وبيناتك ، [ وان اولئك الاقلون

__________________

(١) وفي نسخة ـ هـ : يحرشك.

(٢) وفي نسخة ـ هـ : معرضا.

٣٧٠

عددا ](١) الأعظمون قدرا يحفظ الله عزّ وجلّ بهم حججه حتى يودعوها نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم حتى عرفوا حقائق الامور فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدانهم ، وأرواحهم معلقة بالملإ الأعلى ، اولئك أولياء الله من خلقه ، والدعاة الى دينه ، آه شوقا إليهم.

أستغفر الله لي ولك ، انصرف إذا شئت.

[٧٣٣] الأعمش(٢) ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال لجابر بن عبد الله : يا جابر ما تقول في شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمارها ، من تعلق بشيء منها اورده الجنة.

__________________

(١) هكذا صححناه من أمالي المفيد : ١٥٥ وفي الاصل : وكم وأين اولئك الأعظمون.

(٢) وهو أبو محمّد سليمان بن مهران الأسدي الملقب الاعمش ولد ٦١ هـ أصله من بلاد الري ومنشأه ووفاته في الكوفة ١٤٨ ه‍.

٣٧١

[ الأعمش والمنصور ]

[٧٣٤] سليمان الأعمش قال : وجّه في طلبي أبو الدوانيق(١) في جوف الليل. فقلت في نفسي : والله ما وجه في طلبي في هذا الوقت إلا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإن أنا صدقته قتلني ، وإن أنا كتمته وكذبته خرجت من ديني. والله لئن أموت على الحق خير من أن أعيش على الباطل.

قال : فاغتسلت ولبست ثيابا نقية ، وتحنطت بحنوط الموتى ، ومضيت مع الرسول ، فأدخلني عليه ، فسلّمت. فردّ عليّ ، وأدناني من مجلسه وأمرني بالجلوس ، فجلست ، فوجد رائحة الحنوط.

فقال لي : يا سليمان ما هذه الرائحة؟

قلت : اصدّقك؟

قال : نعم. قلت : لما جاءني رسولك في هذه الساعة ، قلت في نفسي : ما وجّه إليّ إلا ليسألني عن فضائل علي ، فان أنا صدقته قتلني.

__________________

(١) وهو أبو جعفر ، عبد الله بن محمّد بن علي بن العباس المنصور ثاني خلفاء بني العباس ولد في الحميمة من أرض الشراة قرب معان ٩٥ هـ ، وتولى الخلافة بعد أخيه السفاح ١٣٦ هـ ، بنى بغداد ١٤٥ هـ وجعلها دار ملكه بدلا من الهاشمية ، عرف بالبخل وسفك الدماء ، توفي بمكة ودفن بالحجون ١٥٨ ه‍.

٣٧٢

فاغتسلت وتكفنت وتحنطت موطنا على ذلك نفسي.

فقال لي : يا سليمان كم رويت من فضائل عليعليه‌السلام ؟

قلت : أكثر من ستة وثلاثين ألف فضيلة(١) .

فقال لي : يا سليمان لاحدّثنك بفضيلة ما أحسبك رويتها فيما رويته! قلت : حدّثني.

قال : كنت هاربا من بني مروان في أطراف البلاد مختفيا في الخلق أتوسل الى الناس بما رويت من فضائل عليعليه‌السلام فكنت بحلوان ، فمررت يوما بمسجد من مساجدها ، فدخلت أصلّي وفي نفسي أن أسأل القوم في قوت أتقوت به ، فلما قضى الإمام صلاته ، استدبر القبلة وتوجه إلينا(٢) ، وإذا نحن بغلامين قد دخلا من باب المسجد ما رأيت أجمل منهما ، فوثب الإمام من موضعه ، فقبّل ما بين أعينهما.

وقال : مرحبا بكما وبسميكما ، وكان الى جانبي شاب جالس.

فقلت : ما هذا الغلامان من الشيخ؟

فقال : هما ابنا ابنته ، وليس في هذه المدينة أحد يتشيع غيره ، وإنسان آخر.

فقلت : ومن أراد بتسميتها؟

قال : الحسن والحسين.

قال : فأقبلت على الشيخ ، وقلت : هل لك في حديث فيقرّ الله به عينك؟

__________________

(١) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢٠١ : قلت : عشرة آلاف حديث وما يزداد.

(٢) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢٠٢ : فلم أر أحدا منهم يتكلم توقيرا لامامهم.

٣٧٣

قال : إن أقررت عيني أقررت عينيك.

قلت : حدثني أبي ، عن جدي(١) ، قال : بينا أنا جالس في مجلس النبي ، فإذا نحن بفاطمة صلوات الله عليها قد أقبلت ، فقالت : يا رسول الله ، إن الحسن والحسين خرجا من عندي وقد بطيا عني ، ولا أدري أين هما.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا فاطمة ، إن الله أرأف بهما مني ومنك.

ثم رفع يديه نحو السماء ، فقال : اللهمّ احفظهما بعينك التي لا تنام حيث كانا ، وأين كانا.

فهبط جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمّد إن الله يقرئ السّلام عليك ، ويقول لك : يا محمّد لا تحزن عليهما ، فإنهما في حفظي ، وهما نائمان في حظيرة بني النجار ، وقد وكلت بهما ملكين يحفظانهما.

فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقمنا معه حتى [ أتى ] الحظيرة. فوجدهما نائمين ، فأكبّ عليهما ، وجعل يقبّل بين عيني كل واحد منهما حتى استيقظا ، فحملهما على عاتقيه ، وجعل يسرع في مشيته ويقول : نعم المطي مطيكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما حتى دخل بهما المسجد.

ثم قال : والله لاشرفنكما اليوم كما شرفكما الله عزّ وجلّ. ثم أقبل على جماعة أصحابه ، ثم قال :

أيها الناس ألا انبئكم بخير الناس أبا وأما؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

__________________

(١) وفي المناقب للخوارزمي : قال : من والدك وجدك؟ قلت : محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس.

٣٧٤

قال : هذان الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب ، وأمهما فاطمة الزهراء سيدة النساء العالمين.

ألا انبئكم بخير الناس جدّا وجدة؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : هذان الحسن والحسين جدهما رسول الله ، وجدتهما خديجة أول من آمن بالله ورسوله(١) .

ألا أخبركم بخير الناس عما وعمة؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذان الحسن والحسين عمهما جعفر ذو الجناحين ، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب ، ما أشركت بالله طرفة عين.

ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : هذان الحسن والحسين خالهما قاسم بن رسول الله ، وخالتهما زينب [ بنت ] رسول الله.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله عزّ وجلّ ليعلم أن أباهما وأمهما وجدهما وجدتهما وخالهما وعمهما وعمتهما في الجنة.

قال : فلما سمع الشيخ مني هذا الحديث ، نظر ، وقال : من أين أنت يا فتى؟

قلت : من أرض الكوفة.

قال : أعربي أم مولى؟

__________________

(١) وفي بشارة المصطفى ص ١١٥ : وجدتهما خديجة الكبرى بنت خويلد سيدة نساء الجنة.

٣٧٥

قلت : عربي.

قال : أنت تحسن مثل هذا الكلام وتكون في مثل هذه الحال. فخلع عليّ خلعة وحملني على بغلة ورفع إليّ نفقة.

ثم قال لي : إن في مدينتا هذه أخا من إخوانك ، فإذا أنت خرجت من هذا الدرب الذي بين يديك ، فستراه جالسا على مسطبة له. فتقدم إليه ، وارو له من فضائل عليعليه‌السلام شيئا فانه سيغنيك عن جميع الناس.

فركبت البغلة ، فلما خرجت من الدرب الذي وصف لي بصرت بالرجل على ما وصفه لي فقصدت إليه ، ونزلت فسلّمت عليه.

فقال لي : إني لأعرف البغلة وأعرف الخلعة وما كساك وحملك من كساك إلا وأنت تحب أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقلت : أجل! قال : فحدثنا ممّا حدثته به.

فقلت : حدثني أبي عن جدي ، أنه قال : بينا نحن جلوس مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ دخلت فاطمةعليها‌السلام فقالت ـ وهي تبكي ـ : يا رسول الله ، إن نساء قريش يقلن لي إن أباك قد زوّجك رجلا فقيرا لا شيء له وقد خطبك أكابر قريش.

فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا فاطمة والذي بعث أباك بالحق واصطفاه بالرسالة ما زوّجتك عليا حتى زوّجتك الله إياه من فوق عرشه. اعلمي يا فاطمة إنه لما أراد الله عزّ وجلّ تزويجك عليا ، اوحى الى جبرائيل أن ناد في السماوات السبع.

فنادى جبرائيلعليه‌السلام ، فاجتمع الملائكة الى السماء الرابعة بازاء البيت المعمور. ثم أمر جبرائيل فنصب منبرا من نور عرشه وأمره

٣٧٦

أن يخطب ، ويزوجك عليا ، فكان الخاطب جبرائيلعليه‌السلام ، والولي الله ، والشاهد الملائكة.

ثم أوحى جلّ ثناؤه الى رضوان ـ خازن الجنان ـ أن زخرف الجنان ، وزين الحور. وأمر الله عزّ وجلّ شجرة طوبى أن احملي ، فحملت ، وأمرها أن تنثر على الحور من عجائب ما انتثر عليهم ، فكل حورية خلقت بعد ذلك ، فالتي خلقت قبلها تفتخر عليها بما عندها من نثار ملاكك.

يا فاطمة إن الله عزّ وجلّ نظر الى الأرض نظرة فاختار منها عليا فجعله لك بعلا.

يا فاطمة إن عليا وشيعته هم الفائزون.

قال : فلما سمع الرجل هذا الحديث ، قال لي : ممن تكون؟

قلت : رجل من أهل الكوفة.

قال : أعربي أم مولى؟

قلت : عربي.

فدفع لي ألف درهم وعشرين ثوبا(١) ، وقال لي : يا فتى قد وجب حقك وأراك محبا لعليعليه‌السلام ومن شيعته ، وأنا أطرفك بشيء تحدث به من فضله فيه عبرة لمن سمعه.

قلت : وما هو؟

قال لي : إذا كان غدا ، فانطلق الغداة الى مسجد بني فلان لترى شيئا ما رأيت ولا سمعت مثله.

فو الله ما تمت ليلتي تلك ، ولقد طالت عليّ ، فلما أتيت المسجد ،

__________________

(١) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢٠٧ : أمر لي بعشرة آلاف درهم وكساني ثلاثين ثوبا.

٣٧٧

فوجدت الإمام يقيم الصلاة ، فنظر إليّ رجل ، فكأنه عرفني. فأخذ بيدي وتقدم معي الى الصف الأول ، فزحم بي ، فأدخلني بين رجلين.

فلما صلّينا أخذ بيدي وبيد أحد الرجلين ، ومال بنا الى ركن من أركان المسجد ، وتفرق الناس ، فنظرت الى الرجل الذي صلّيت الى جانبه متلثما ما يبين منه غير عينيه.

فقال له الرجل : هذا الرجل الذي بعث به إليك فلان.

فأقبل إليّ وسلّم عليّ ورحب بي ، وحدثني حتى آنست به ، ثم حسر اللثام عن وجهه. فنظرت الى وجهه وجه خنزير لا أشك فيه أنه كذلك ، فراعني ما رأيت.

فقال لي : يا بني أخبرك بما أرسلت إليّ أن أخبرك به. كنت من أجمل الناس وجها وأحسنهم خلقا ، وكنت أرى رأي الخوارج ، فغلوت في ذلك ، وكنت كلما أذنت لصلاة ، أسبّ علياعليه‌السلام وألعنه ـ ما بين أذاني وإقامتي للصلاة ـ مائة مرة ، حتى كان بيوم جمعة ، فلعنته خمسمائة مرة ، ثم صلّيت.

فلما قضيت الصلاة انصرفت الى منزلي(١) ، فوضعت جنبي ، فنمت ، فرأيت من منامي روضة خضراء مزخرفة وفيها نفر جلوس لم أر أحسن منهم ، معهم شبابان بأيديهما إبريق وكأس من فضة ، ورجل هو أفضل الجماعة فيما يرى ، وأحسنهم وجها ، وهيئة. يقول للشابين : اسقياني. فسقياه. ثم قال : اسقيا أباكما. فسقيا رجلا الى جانبه. ثم قال : اسقيا عم أبيكما حمزة. فسقيا رجلا(٢) . ثم قال : اسقيا

__________________

(١) وفي الاصل : منزلتي.

(٢) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : اخرف.

٣٧٨

عمكما(١) جعفر. فسقياه آخر. فكأني قد لغبت(٢) عطشا.

فسألت الرجل أن يأمرهما أن يسقياني. فقال لهما : اسقيا هذا.

فقالا : لا يا رسول الله ، إنه يلعن أبانا كل يوم مائة مرة ، وقد لعنه اليوم خمسمائة مرة(٣) .

فقال : نعم لا تسقياه ، لا سقاه الله بل لعنه بكل لعنة ألف لعنة. ثم قال : اللهمّ شوّه خلقه في الدنيا ، واجعله آية لمن رآه من عبادك.

فانتبهت من نومي ، وقد أنكرت نفسي ، وضربت بيدي الى وجهي ، فإذا هو على ما تراه ، فأنا منذ ذلك الوقت أترحم على عليعليه‌السلام واصلّي عليه أضعاف ما كنت ألعنه. فلعل الله أن يكفّر عني ما سلف.

قال الأعمش : ثم قال لي أبو جعفر ، فهل سمعت بهذا الحديث يا سليمان؟

قلت : لا(٤) .

ثم جعل يحدثني بفضائل عليعليه‌السلام ويسألني واحدثه حتى

__________________

(١) وفي الاصل : اسقيا عمك.

(٢) أي ضعفت.

(٣) وفي مناقب الخوارزمي : كل يوم الف مرّة ولعنه اليوم أربعة آلاف مرّة.

(٤) واضاف في مناقب الخوارزمي : قال : يا سليمان حب علي إيمان وبغضه نفاق لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر.

فقلت : يا أمير المؤمنين لي الأمان؟

فقال : لك الأمان.

فقلت : ما تقول فيمن يقتل هؤلاء؟

قال : في النار ولا أشك في ذلك. قلت : فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟

قال : فنكس رأسه ثم قال : يا سليمان الملك عقيم ، ولكن حدّث عن فضائل ...

٣٧٩

أصبح.

[٧٣٥] علي بن إبراهيم بن الهاشم ، باسناده ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الحمراء ـ خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ.

قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : رأيت ـ ليلة اسري بي ـ على العرش مكتوبا لا إله إلا أنا وحدي ، خلقت جنة عدن بيدي ، محمّد صفوتي من خلقي ، أيدته بعلي.

[٧٣٦] إسحاق بن أحمد البخاري ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى عليعليه‌السلام ، فقال :

سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، يا علي حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله. [ فطوبى لمن أحبك من بعدي ](١) .

[٧٣٧] محمّد بن الحسين ، باسناده ، عن أبي علقمة ، قال : صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما صلاة الفجر ، فلما سلّم ، التفت إلينا.

فقال : ألا أخبركم برؤيا رأيتها البارحة في منامي؟

قلنا : بلى يا رسول الله.

قال : رأيت عمي حمزة وابن عمي جعفر رضوان الله عليهما وبين أيديهما طبق فيه نبق ، فأكلا منه مليّا ، ثم تحول النبق عنبا ، فأكلا منه مليا ، ثم تحول العنب رطبا ، فأكلا منه مليا. فقلت لهما بأبي وأمي قد صرتما الى الآخرة وعملتما ، فأي الأعمال في الدنيا أفضل؟ فأخبراني أيها وجدتما أفضل؟

فقالا : فديناك بالآباء والامهات وجدنا أفضل الأعمال : الصلاة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين زيادة موجودة في بشارة المصطفى ص ١٦٠.

٣٨٠

شاء الله يخفض به صوته وكنت منه قريبا فقلت: يا أمير المؤمنين انك حلفت على ما قلت ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال: إنّ الحرب خدعة وانا عند أصحابى صدوق، فأردت ان أطمع أصحابى في قولي كيلا يفشلوا ولا يفروا فافهم، فانك تنفع بهذا بعد اليوم ان شاء الله تعالى.

٧١ ـ في الكافي مثل ما نقلنا عن تفسير عليّ بن إبراهيم من حديث هارون بن مسلم وفي آخره بعد قوله: إنْ شاء الله تعالى: واعلم ان الله جل ثناؤه قال لموسىعليه‌السلام حين أرسله إلى فرعون( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ) وقد علم انه لا يتذكر ولا يخشى، ولكن ليكون ذلك أحرص لموسىعليه‌السلام على الذهاب.

٧٢ ـ في أصول الكافي باسناده إلى عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: كتب أبو الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام إلى يحيى بن عبد الله بن الحسن: اما بعد فانى أحذرك ونفسي وأعدك أليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته وأوصيك ونفسي بتقوى الله فانها زين الكلام، وتثبيت النعم إلى قوله: أحذرك معصية الخليفة وأحثك على بره وطاعته، وان تطلب لنفسك أمانا قبل أن تأخذك الأظفار ويلزمك الخناف من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان، ولا تجده حتّى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك، ويحفظ فيك أرحام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .

٧٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن إبراهيم بن ميمون عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى قالَ ) : ليس شيء من خلق الله إلّا وهو يعرف من شكله الذكر من الأنثى قلت: ما يعنى ثم هدى؟ قال: هداه للنكاح والسفاح من شكله.

٧٤ ـ في أصول الكافي عنه(١) عن إسمعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن

__________________

(١) «قبله عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيس. مناره» (عن هامش بعض النسخ)

٣٨١

سليمان بن عمرو النخعي قال: وحدثني الحسين بن سيف عن أخيه على عن سليمان عمن ذكره عن أبي جعفرعليه‌السلام ثم قال: وباسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ خياركم أولوا النهى قيل: يا رسول الله ومن أولوا النهى؟ قال: هم أولوا الأخلاق الحسنة والأحلام الرزينة(١) وصلة الأرحام، والبررة بالأمهات والاباء، والمتعاهدين للفقراء والجيران، ويطعمون الطعام، ويفشون السلام في العالم، ويصلون والناس نيام غافلون.

٧٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن مروان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل : إنّ في ذلك لآيات لاولى النهى قال: نحن والله أولوا النهى قلت: ما معنى اولى النهى؟ قال: ما أخبر الله به رسوله مما يكون بعده من ادعاء أبي فلان الخلافة والقيام بها، والاخر من بعده، والثالث من بعدهما، وبنى أمية، فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان كما أخبر الله به نبيه وكما أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وكما انتهى إلينا من عليٍّ فيما يكون من بعده من الملك في بني أميّة وغيرهم، فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) الذي انتهى إلينا علم ذلك كله، فصبرنا لأمر اللهعزوجل ، فنحن قوام الله على خلقه وخزانه على دينه، نخزنه ونستره ونكتم به من عدونا كما كتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى أذن الله له في الهجرة، وجاهد المشركين فنحن على منهاج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يأذن لنا في إظهار دينه بالسيف، وندعو الناس إليه فنصيرهم عليه عودا كما صيرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدوا.

٧٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الرحمن بن حماد قال: سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابة؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى أعلى وأخلص من أن يبعث الأشياء بيده، ان لله تبارك وتعالى ملكين خلاقين فاذا أراد أن يخلق خلقا أمر أولئك الخلاقين، فأخذوا من التربة التي قال اللهعزوجل في كتابه :

__________________

(١) الرزينة: الاصيلة.

٣٨٢

( مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى ) فعجنوها بالنطفة المسكنة في الرحم، فاذا عجنت النطفة بالتربة قالا: يا رب ما نخلق؟ قال: فيوحى الله تبارك وتعالى ما يريد من ذلك: ذكرا أو أنثى مؤمنا أو كافرا، اسود أو ابيض، شقيا أو سعيدا، فان مات سالت منه تلك النطفة بعينها لا غيرها، فمن ثم صار الميت يغسل غسل الجنابة.

٧٧ ـ وباسناده إلى أبي عبد الله القزويني قال: سألت أبا جعفر محمد بن عليّعليهما‌السلام لأي علة يولد الإنسان هاهنا ويموت في موضع آخر؟ قال: لان الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه خلقهم من أديم الأرض فمرجع كل إنسان إلى تربته.

٧٨ ـ وباسناده إلى أحمد بن عليّ الراهب قال: قال رجل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا ابن عم خير خلق الله ما يعنى السجدة الاولى؟ فقال: تأويله: أللهمّ إنك منها خلقتني يعنى من الأرض، ورفع رأسك ومنها أخرجتنا، والسجدة الثانية وإليها تعيدنا ورفع رأسك من الثانية ومنها تخرجنا تارة اخرى.

٧٩ ـ في الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن إبراهيم بن إسحق عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله عن أبي جعفرعليهما‌السلام قال: إنّ اللهعزوجل خلق خلاقين، فاذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم فأخذوا من التربة التي قال في كتابه:( مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى ) فعجن النطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد ان أسكنها الرحم أربعين ليلة، فاذا تمت له أربعة أشهر قالوا: يا رب نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أنثى أبيض أو أسود، فاذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان، صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن محمد ابن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام قال: من خلق من تربة دفن فيها.

٣٨٣

٨١ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحجال عن ابن بكير عن أبي منهال عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنّ النطفة إذا وقعت في الرحم بعث اللهعزوجل ملكا فأخذ من التربة التي يدفن فيها، فماثها في النطفة فلا يزال قلبه يحن إليها(١) حتّى يدفن فيها.

٨٢ ـ في نهج البلاغة قالعليه‌السلام : لم يوجس موسى خيفة على نفسه أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال.

٨٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ موسىعليه‌السلام لما القى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: أللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لما امنتنى قال اللهعزوجل :( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى )

٨٤ ـ في أصول الكافي عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله تعالى:( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) فقال: الذين اتبعوا رضوان الله هم الائمة، وهم والله يا عمار درجات المؤمنين، وبولايتهم ومعرفتهم إيانا يضاعف لهم أعمالهم، ويرفع الله لهم الدرجات العلى. في تفسير العيّاشي عن عمار بن مروان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام نحوه.

٨٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام في أثناء كلام طويل: فان موسىعليه‌السلام قد ضرب له في البحر طريق فهل فعل لمحمد شيء من هذا؟ فقال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى ما هو أفضل من هذا، خرجنا معه إلى حنين فاذا نحن بواد يشخب(٢) فقدرناه فاذا هو

__________________

(١) ماث الشيء بالشيء: خلطه ـ وحن اليه: اشتاق.

(٢) أي يسيل.

٣٨٤

اربع عشرة قائمة فقالوا يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي أمامنا كما قال أصحاب موسى( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) فنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال: أللهمّ انك جعلت لكل مرسل دلالة فأرنى قدرتك وركب صلوات الله عليه فرسه، فعبرت الخيل لا تندى(١) حوافرها والإبل لا تندى أخفافها، فرجعنا فكان فتحنا(٢) .

٨٦ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام علي بن عروة الأهوازي قال: حدّثنا الديلمي عن داود الرقى عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: من كان في سفر فخاف اللصوص والسبع فليكتب على عرف دابته(٣) ( لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى ) فانه يأمن بإذن اللهعزوجل ، قال داود الرقى: فحججت فلما كنا بالبادية جاء قوم من الاعراب فقطعوا على القافلة وأنا فيهم، فكتبت على عرف حملي:( لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى ) فو الذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة وخصه بالرسالة، وشرف أمير المؤمنين بالامامة، ما نازعنى أحد منهم، أعماهم الله عنى.

٨٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه‌الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونقل حديثا طويلا في حال فرعون وقومه وفيه وانما قال لقومه:( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ) حين انتهى فرآه قد يبست فيه الطريق، فقال لقومه: ترون البحر قد يبس من فرقى فصدقوه لما رأوا ذلك، فذلك قوله:( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى ) .

٨٨ ـ في بصائر الدرجات عبد الله بن محمد عن موسى بن القاسم عن جعفر بن محمد عن سماعة عن عبد الله بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خذوا بحجزة هذا الأنزع يعنى عليّا فانّه الصديق الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، من أحبه هداه الله، ومن أبغضه أضله الله، ومن

__________________

(١) أي لا تبتل.

(٢) وفي البحار «فكان فتحنا فتحا».

(٣) العرف ـ بالضم ـ: الشعر النابت في محدب رقبة الفرس.

٣٨٥

تخلف عنه محقه الله، منه سبطاي الحسن والحسين وهما ابناي. ومن الحسين الائمة الهداة، أعطاهم الله فهمي وعلمي، فأحبوهم وتولوهم ولا تتخذوا وليجة من دونهم، فيحل عليكم غضب من ربكم، ومن يحلل عليه غضب من ربه فقد هوى،( وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ) .

٨٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حمزة بن الربيع عمن ذكره قال: كنت في مجلس أبي جعفرعليه‌السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى:( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو انه من زعم ان اللهعزوجل زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق، ان اللهعزوجل لا يستفزه شيء ولا يغيره.

٩٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله روى ان عمرو بن عبيد وفد على محمد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام لامتحانه بالسؤال عنه، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن قوله تعالى:( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) ما غضب الله؟ فقال: أبو جعفرعليه‌السلام : غضب الله تعالى عقابه، يا عمرو من ظن ان الله يغيره شيء فقد كفر.

٩١ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عمن ذكره عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الله تبارك وتعالى لا يقبل إلّا العمل الصالح، ولا يقبل الله إلّا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى للهعزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده، واستكمل وعده، ان الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) وقال:( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) فمن اتقى الله فيما أمره لقى الله مؤمنا بما جاء به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٩٢ ـ عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن

٣٨٦

سدير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنّما أمر الناس ان يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) ثم أومى بيده إلى صدره: إلى ولايتنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) قال: إلى الولاية.

حدثنا أحمد بن عليّ قال: حدّثنا الحسين بن عبيد الله عن السندي بن محمد عن أبان عن الحارث بن عمر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) قال: ألا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان والعمل الصالح حتّى اهتدى، والله لو جهد أن يعمل ما قبل منه حتّى يهتدى، قال: قلت: إلى من؟ جعلني الله فداك قال: إلينا.

٩٤ ـ في أمالي الصدوق رحمه‌الله باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول لعليٍّعليه‌السلام : ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدى إلى الله من لم يهتد إليك والى ولايتك، وهو قول ربيعزوجل :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) يعنى إلى ولايته.

٩٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو جعفرعليه‌السلام ثم «اهتدى» إلى ولايتنا أهل البيت، فو الله لو ان رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثم مات ولم يجيء بولايتنا لأكبه الله في النار على وجهه. رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني باسناده، وأورده العيّاشي في تفسير بعدة طرق.

٩٦ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) قال لهذه الآية تفسير يدل ذلك التفسير على ان الله لا يقبل من أحد عملا إلّا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير ،

٣٨٧

وما اشترط فيه على المؤمنين، قال:( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) يعنى كل ذنب عمله العبد، وان كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه.

٩٧ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الجارود وأبو الصباح الكناني عن الصادقعليه‌السلام وأبو حمزة عن السجادعليه‌السلام في قوله: «ثم اهتدى» إلينا أهل البيت.

٩٨ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما اعلم عن يعقوب ابن شعيب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ) ثم اهتدى» قال: إلى ولايتنا والله، أما ترى كيف اشترطعزوجل ؟.

٩٩ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : المشتاق لا يشتهي طعاما ولا يلتذ شرابا، ولا يستطيب رقادا، ولا يأنس حميما، ولا يأوى دارا، ولا يسكن عمرانا، ولا يلبس لباسا، ولا يقر قرارا، ويعبد الله ليلا ونهارا، راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه ويناجيه بلسان شوقه معبرا عما في سريرته، كما أخبر الله عن موسى بن عمرانعليه‌السلام في ميعاد ربه بقوله:( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى ) وفسر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن حاله أنّه ما أكل ولا شرب ولا نام ولا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه أربعين يوما شوقا إلى ربه.

١٠٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان واسحق ابن عمار عن عبيد الله بن الوليد الوصافي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ فيما ناجى الله به موسى أن قال: يا رب هذا السامري صنع العجل، الخوار من صنعه؟ فأوحى الله تبارك وتعالى اليه: إنّ تلك فتنتي فلا تفحص عنها.

١٠١ ـ في مجمع البيان عند قوله تعالى: ويذرك وآلهتك وروى أنّه كان يأمرهم أيضا بعبادة البقر، ولذلك اخرج السامري( لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ ) وقال:( هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى ) .

١٠٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن إسحق بن الهيثم عن سعد بن

٣٨٨

طريف عن الأصبغ بن نباتة أنّ عليّاعليه‌السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى:( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) قال: السماوات والأرض وما بينهما من مخلوق في جوف الكرسي وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله، فأما ملك منهم ففي صورة الآدميين، إلى أن قالعليه‌السلام : والملك الرابع في صورة الأسد وهو سيد السباع، وهو يرغب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع، ولم يكن من هذه الصور أحسن من الثور، ولا أشد انتصابا منه حتّى اتخذ الملاء من بنى إسرائيل العجل، فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شيء يشبهه، وتخوف أن ينزل به العذاب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وفيه قال قلت: فلم أخذ برأسه يجره إليه وبلحيته ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب؟ فقال: إنّما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك، ولم يلحق لموسى وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب، ألا ترى أنّه قال لهارون:( ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) قال هارون: لو فعلت ذلك لتفرقوا و( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) .

١٠٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ ) قال: اختبرنا هم من بعدك وأضلهم السامري قال: بالعجل الذي عبدوه، وكان سبب ذلك ان موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بنى إسرائيل بذلك وذهب إلى الميقات، وخلف أخاه على قومه، فلما جاء الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون قالوا: إنّ موسى كذب وهرب منا، فجاء هم إبليس في صورة رجل فقال لهم: إنّ موسى قد هرب منكم ولا يرجع إليكم أبدا فأجمعوا لي حليكم حتّى أتخذ لكم إلها تعبدونه، وكان السامري على مقدمة قوم موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه، فنظر إلى جبرئيل وكان على

٣٨٩

حيوان في صورة رمكة(١) وكانت كلما وضعت حافرها(٢) على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل، وكان يتحرك فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بنى إسرائيل، فلما جاء هم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري: هات التراب الذي معك، فجاء به السامري فألقاه في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر، فسجد له بنو إسرائيل، وكان عدد الذين سجدوا له سبعين ألفا من بنى إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله:( يا قَوْمِ إنّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى ) فهموا بهارون فهرب منهم وبقوا في ذلك حتّى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله علم الألواح فيها التوراة وما يحتاج إليه من أحكام السير والقصص.

فأوحى الله إلى موسى:( فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ ) وعبدوا العجل وله خوار فقالعليه‌السلام : يا رب العجل من السامري فالخوار ممن؟ فقال: منى يا موسى، إنّي لما رأيتهم قد ولوا عنى إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة، فرجع موسى ـ كما حكى الله ـ( إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ: يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ) ثم رمى بالالواح وأخذ بلحية أخيه ورأسه يجره اليه، فقال:( ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) فقال هارون كما حكى الله:( يَا بْنَ أُمَّ لا َأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) فقال له بنو إسرائيل: ما أخلفنا موعدك بملكنا قال: ما خالفناك ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم يعنى من حليهم فقذفناها قال: التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم اخرج السامري العجل وله

__________________

(١) الرمكة: الفرس تتخذ للنسل.

(٢) الحافر للدابة بمنزلة القدم للإنسان.

٣٩٠

خوار، فقال له موسى:( فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ ) ؟ قال السامري:( بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) يعنى من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فبذتها أي أمسكتها وكذلك سولت لي نفسي أي زينت فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر، ثم قال موسى للسامري:( فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ ) يعنى ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة. ان تقول: لا مساس حتّى يعرفوا انكم سامرية فلا يغتروا بكم الناس، فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس، ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله اليه: لا تقتله يا موسى فانه سخي، فقال له موسى:( انْظُرْ إلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إنّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إله إلّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ) .

١٠٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن سعيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما بعث الله رسولا إلّا وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس من بعده فأما الخمسة أولوا العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأما صاحبا نوح فقنطيفوس وخوام، واما صاحبا إبراهيمعليه‌السلام فكميل وردام، واما صاحبا موسىعليه‌السلام فالسامري ومرعقيبا، واما صاحبا عيسىعليه‌السلام فبولس ومربسون، واما صاحبا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فحبتر وزريق(١) .

١٠٦ ـ في كتاب الخصال قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ في التابوت الأسفل من النار اثنى عشر، ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين، فأمّا الستّة من الأوّلين فابن آدم قاتل أخيه، وفرعون الفراعنة والسامري، الحديث.

١٠٧ ـ عن أبي ذر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: شر الأولين والآخرين اثنا عشر: ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين، و

__________________

(١) قد مر ان حبتر وزريق كناية عن الاول والثاني وقد مر أيضا وجه تسميتهما بهذين الاسمين في سورة الحجر عند قوله تعالى( لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ ) في المجلد الثاني.

٣٩١

اما الستة من الآخرين فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامان هذه الامة زياد وقارونها وهو سعيد، والسامري وهو أبو موسى عبد الله بن قيس، لأنه قال كما قال سامرى قوم موسى: «لا مساس» أي لا قتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص.

١٠٨ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى إسحق بن عمار الصيرفي عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك حدثني فيهما بحديث، فقد سمعت عن أبيك فيهما أحاديث عدة. قال: فقال لي: يا اسحق! الاول بمنزلة العجل، والثاني بمنزلة السامري، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٠٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وعن أبي يحيى الواسطي قال: لما افتتح أمير المؤمنينعليه‌السلام البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري ومعه الألواح فكان كلما لفظ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكلمة كتبها فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام بأعلى صوته: ما تصنع؟ قال: أكتب آثاركم لنحدث بها بعدكم، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: أما ان لكل قوم سامريا وهذا سامرى هذه الأمة، إلّا أنّه لا يقول: «لا مساس» ولكنه يقول: لا قتال.

١١٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قولهعزوجل :( وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها، وقولهعزوجل : يتخافتون بينهم قال: يوم القيامة يشير بعضهم إلى بعض انهم لم يلبثوا إلّا عشرا قال اللهعزوجل :( نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ) قال: أعلمهم وأصلحهم يقولون:( إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً ) .

١١١ ـ في عيون الاخبار باسناده إلى علي بن النعمان عن أبي الحسن علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك أن بي ثآليل كثيرة(١) وقد اغتممت بأمرها فأسئلك أن تعلمني شيئا أنتفع به، فقالعليه‌السلام : خذ لكل ثؤلول سبع شعيرات، واقرأ على كل شعيرة سبع مرات:( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) إلى قوله:( فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا )

__________________

(١) ثآليل جمع الثؤلول: خراج ناتئ صلب مستدبر.

٣٩٢

وقولهعزوجل :( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) ثم تأخذ الشعير شعيرة شعيرة فامسح بها على كل ثالول، ثم صيرها في خرقة جديدة واربط على الخرقة حجرا وألقها في كنيف قال: ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فاذا هي مثل راحتي وينبغي أن يفعل ذلك في محاق الشهر.

١١٢ ـ في مجمع البيان وقيل: إنّ رجلا من ثقيف سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يكون الجبال مع عظمها يوم القيمة؟ فقال: إنّ الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها.

١١٣ ـ وفيه روى أبو هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: تبدل الأرض غير الأرض والسموات فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي(١) ( لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) .

١١٤ ـ في مصباح شيخ الطائفة قدس‌سره في دعاء مروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : وأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت.

١١٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم خاطب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ) قال: الأمت الارتفاع والعوج الحزون والذكوات.

١١٦ ـ وفيه وقولهعزوجل : قاعا صفصفا القاع الذي لا تراب فيه، والصفصف الذي لا نبات له، وقوله:( يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ ) قال: مناد من عند اللهعزوجل ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) فانه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي الورد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إذا كان يوم القيمة جمع اللهعزوجل الناس في صعيد واحد حفاة عراة، فيوقفون في المحشر حتّى يعرقوا عرقا

__________________

(١) الأديم: الجلد المدبوغ وعكاظ: سوق من أسواق العرب، وكانت قبائل العرب تجتمع بها كل سنة ويتفاخرون بها ويحضرها الشعراء فيتناشدون ما أحدثوا من الشمر ثم يتفرقون، وأديم عكاظي: منسوب إليها وهو مما حمل إلى عكاظ فبيع بها.

٣٩٣

شديدا وتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما، وهو قول الله:( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً ) قال: ثم ينادى مناد من تلقاء العرش: أين النبي الأمي؟ فيقول الناس: قد أسمعت فسم باسمه، فينادى: اين نبي الرحمة اين محمد ابن عبد الله الأمي؟ فيتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله امام الناس كلهم حتّى ينتهى إلى حوض طوله ما بين ايلة وصنعاء(١) فيقف عليه، فينادى بصاحبكم فيتقدم على امام الناس، فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف عنه، فاذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من يصرف عنه من محبينا بكى، فيقول: يا رب شيعة على أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا ورود حوضي؟ قال: قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول: ما يبكيك يا محمّد؟ فيقول: لا ناس من شيعة على، فيقول له الملك: إنّ الله يقول لك: يا محمّد ان شيعة علي قد وهبتهم لك يا محمّد، وصفحت لهم عن ذنوبهم بحبهم لك ولعترتك، وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به، وجعلناهم في زمرتك، فأوردهم حوضك، قال أبو جعفرعليه‌السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون: يا محمّد إذا رأوا ذلك، ولا يبقى أحد يومئذ يتولانا ويحبنا ويتبرأ من عدونا ويبغضهم إلّا كانوا في حزبنا ومعنا، ويردوا حوضنا.

١١٧ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: وأما قوله:( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) لا يحيط الخلائق باللهعزوجل علما، إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء، فلا فهم يناله بالكيف، ولا قلب يثبته بالحدود، فلا تصفه إلّا كما وصف نفسه:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الاول والاخر والظاهر والباطن الخالق البارئ المصور خلق الأشياء فليس من الأشياء شيء مثله تبارك وتعالى.

١١٨ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان

__________________

(١) ايلة: بلد بين ينبع ومصر. وصنعاء: بلد باليمن.

٣٩٤

ابن يحيى قال: سألنى أبو قرة المحدث أن ادخله إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فاستأذنته في ذلك فاذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد، فقال أبو قرة: انا روينا ان الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين، فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والانس( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) «وليس كمثله شيء» أليس محمد؟ قال: بلى، قال: كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنّه جاء من عند الله وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول:( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) وليس كمثله شيء»؟ ثم يقول: انا رأيته بعيني وأحطت به علما؟ وهو على صورة البشر أما تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة ان ترميه بهذا، ان يكون يأتى من عند الله بشيء ثم يأتى بخلافه من وجه آخر، إلى قولهعليه‌السلام : وقد قال الله:( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) فاذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم، ووقعت المعرفة، فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات فقال أبو الحسنعليه‌السلام ، إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، وما أجمع المسلمون عليه أنّه لا يحاط به علما، ولا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء.

١١٩ ـ في كتاب التوحيد خطبة عن عليٍّعليه‌السلام وفيها: قد يئست عن استنباط الاحاطة به طوامح العقول(١) وتحيرت الأوهام عن احاطة ذكر أزليته.

١٢٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) قال:( ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) ما مضى من أخبار الأنبياء، و( ما خَلْفَهُمْ ) ، من أخبار القائم صلوات الله عليه، وقولهعزوجل :( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) أي ذلت.

١٢١ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعليٍّعليه‌السلام وفيها: وعنت الوجوه من مخافته.

١٢٢ ـ في نهج البلاغة وتعنو الوجوه لعظمته.

١٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في

__________________

(١) طوامح جمع الطامح: المرتفع من كل شيء.

٣٩٥

قوله:( فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) يقول: لا ينقص من علمه شيء، وأما «ظلما» يقول يذهب به قوله:( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) يعنى ما يحدث من أمر القائم والسفياني.

١٢٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى عن صفوان بن يحيى قال: قال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام لأبي قرة صاحب شبرمة: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله، أنزل للعالمين نورا وهدى، كلها محدثة وهي غير الله، حيث يقول:( أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ) .

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وستسمع ان شاء الله لهذا الكلام تتمة في أول الأنبياء.

قال عز من قائل:( فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ ) .

١٢٥ ـ في أصول الكافي خطبة مروية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها: والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم.

١٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا نزل عليه القرآن بادر بقرائته قبل تمام نزول الآية والمعنى، فأنزل الله( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) أي يفرغ من قراءته( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) .

١٢٧ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن مهزم وبعض أصحابنا عن محمد بن عليّ عن محمد بن إسحق الكاهلي وأبو على الأشعري عن الحسن بن عليّ الكوفي عن العباس بن عامر عن ربيع بن محمد جميعا عن مهزم الأسدي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انا مدينة العلم وعلى الباب، وكذب من زعم أنّه يدخل المدينة لا من قبل الباب، وكذب من زعم أنّه يحبني ويبغض عليّاعليه‌السلام . والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٨ ـ وباسناده إلى أبي يحيى الصنعاني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي: يا أبا يحيى ان لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن، قال: قلت: جعلت فداك و

٣٩٦

ما ذاك؟ قال: يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى، وأرواح الأوصياء الموتى، وروح الوصي الذي بين أظهر كم، يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعا، وتصلى عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا سرورا، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير.

١٢٩ ـ وباسناده إلى الفضل قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك: يا أبا عبد الله، قلت: لبيك، قال: إنّ لنا في كل جمعة سرورا، قال: قلت: زادك الله وما ذاك؟ قال: إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العرش، ووافى الائمةعليهم‌السلام ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا بأبداننا إلّا بعلم مستفاد، ولو لا ذلك لا نفدنا.

وباسناده إلى يونس أو المفضل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام نحوه بتغيير يسير.

١٣٠ ـ وباسناده إلى صفوان بن يحيى قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: كان جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول: لو لا انا نزداد لأنفدنا.

١٣١ ـ وباسناده إلى ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا ذريح لو لا انا نزداد لأنفدنا.

١٣٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر عن ثعلبة عن زرارة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: لو لا انا نزداد لأنفدنا، قال: قلت: تزدادون شيئا لا يعلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: اما أنّه إذا كان ذلك عرض على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم على الائمة ثم انتهى الأمر إلينا.

١٣٣ ـ عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ليس يخرج شيء من عند اللهعزوجل حتّى يبدأ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم بأمير المؤمنينعليه‌السلام ثم بواحد بعد واحد، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا.

٣٩٧

١٣٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى المعلى بن محمد البصري عن أحمد ابن محمد بن عبد الله عن عمرو بن زياد عن مدرك بن عبد الرحمن عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: إذا كان يوم القيمة جمع اللهعزوجل الناس في صعيد واحد، ووضعت الموازين دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء.

١٣٥ ـ في مجمع البيان روت عائشة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إذا أتى على يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله، فلا بارك الله لي في طلوع شمسه.

١٣٦ ـ في بصائر الدرجات عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عمرو بن سعيد المداينى عن عيسى بن حمزة الثقفي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّا نسألك أحيانا فتسرع بالجواب، وأحيانا فتطرق(١) ثمّ تجيبنا؟ قال: نعم إنّه ينكت في آذاننا وقلوبنا، فاذا نكت نطقنا، وإذا أمسك عنا أمسكنا.

١٣٧ ـ في عوالي اللئالى وقالعليه‌السلام : علمت علوم الأولين والآخرين.

١٣٨ ـ في كتاب الخصال عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليّاعليه‌السلام يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني: يا أبا الطفيل العلم علمان: علم لا يسع الناس إلّا النظر فيه وهو صبغة الإسلام، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه، وهو قدرة الله تعالى.

١٣٩ ـ عن محمد بن خالد البرقي عن عدّة من أصحابنا يرفعونه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: منهومان لا يشبعان: منهوم علم ومنهوم مال.

١٤٠ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل أمير المؤمنين من أعلم الناس؟ قال: من جمع علم الناس إلى علمه.

١٤١ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة، وأفضل دينكم الورع.

__________________

(١) أطرق الرجل: سكت ولم يتكلم.

٣٩٨

١٤٢ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أربعة لا يشبعن من أربعة: الأرض من المطر، والعين من النظر، والأنثى من الذكر، والعالم من العلم. عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال: قال أمير المؤمنين للسائل الشامي الذي سأله عن المسائل في جامع الكوفة: أربعة لا يشبعن وذكر مثله سواء.

١٤٣ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له: يا رسول الله ما العلم؟ قال: الإنصات له، قال: ثم ما؟ قال: الاستماع له، قال: ثم ما؟ قال: الحفظ له، قال: ثم ما؟ قال: العمل، قال: ثم ما؟ قال: نشره.

١٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله علمني من غرائب العلم، قال: ما صنعت في رأس العلم حتّى تسأل عن غرائبه؟ قال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: معرفة الله حق معرفته. قال الأعرابي: وما معرفة الله حق معرفته؟ قال: تعرفه بلا مثل ولا شبه ولا ند وانه واحد أحد ظاهر باطن، أول آخر، لا كفو له ولا نظير له، فذلك حق معرفته.

١٤٥ ـ وباسناده إلى أبي أحمد العامري قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن عليّعليهم‌السلام أنّه قال: الدنيا كلها جهل إلّا مواضع العلم، والعلم كلّه حجّة إلّا ما عمل به، والعمل كلّه رياء إلّا ما كان مخلصا، والإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له.

١٤٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى أبي الدرداء قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ اللهعزوجل يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم: لم أضع نوري وحكمتى في صدوركم إلّا وانا أريد بكم خير الدنيا والاخرة، اذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم.

١٤٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحق رضى الله عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدّثنا علي بن الحسن بن

٣٩٩

على بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد ابن على الباقرعليهما‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى عهد إلى آدمعليه‌السلام ان لا يقرب الشجرة، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله تبارك وتعالى ان يأكل منها نسي فأكل منها، وهو قول الله تبارك وتعالى:( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٤٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمى الإنسان إنسانا لأنه ينسى، وقال اللهعزوجل :( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ) .

١٤٩ ـ أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن المفضل بن صالح عن جابر بن يزيد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) قال: عهد إليه في محمد والائمة من بعده فترك، ولم يكن له عزم فيهم أنّه هكذا، وانما سموا اولى العزم لأنهم عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته، فأجمع عزمهم ان ذلك كذلك والإقرار به، في أصول الكافي سواء.

في بصائر الدرجات أبو جعفر أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن مفضل ابن صالح عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله أيضا.

١٥٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن جعفر بن محمد بن عبيد الله عن محمد بن عيسى القمى عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ) كلمات في محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمةعليهم‌السلام من ذريتهم فنسي» هكذا والله أنزلت على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٥١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610