شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار6%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64059 / تحميل: 6283
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

عليك ، وسقي الماء وحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

[٧٣٨] [ وبآخر ] عن عبد الله بن أبان ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال :

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

النظر الى علي بن أبي طالب عبادة.

[٧٣٩] سفيان الثوري ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : نادى مناد من السماء يوم احد :

لا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار(١) .

[٧٤٠] إسماعيل بن محمّد الكوفي ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله الانصاري(٢) ، أنه قال : لما قدم عليعليه‌السلام الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفتح خيبر ، قال :

[ يا علي ] لو لا أن تقول فيك طائفة من امتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ بملإ من الناس إلا أخذوا من تراب رجليك ، وفضل طهورك يستشفعون به. ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك لتبرئ ذمتي وتقاتل على سنّتي ، وإنك في الآخرة غدا معي أقرب الناس مني ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإنك أول من يرد على الحوض لأنّك أول من [ آمن ] بي ، وإنك أول من يكسى معي ، وإنك أول من يدخل الجنة من امتي.

__________________

(١) قال الطبري في بشارة المصطفى ص ٢٨١ باسناده عن محمّد بن إسحاق : قال : وسمع في يوم احد وقد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف وهو يقول :

لا سيف إلا ذو الفقار

ولا فتى إلا علي

واذا ندبتم هالكا

فابكوا الوفي أخا الوفي

(٢) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الخزرجي السلمي الانصاري توفي ٧٨ ه‍.

٣٨١

وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم [ حولي ] ، اشفع لهم حتى يكونوا في الجنة جيراني. وإن حربك حربي وسلمك سلمي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن ولدك ولدي ، وإنك تنجز عداتي ، وإن الحق على لسانك وفي قلبك وبين [ يديك ونصب ](١) عينيك ، وإن الإيمان يخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وانه لن يرد عليّ الحوض مبغض لك ، ولن يغيب عنه محب لك حتى يرده معك.

قال : فخرّ عليعليه‌السلام ساجدا ، وقال : الحمد لله الذي أنعم عليّ بالإسلام وعلّمني القرآن ، وحببني الى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين إحسانا منه إليّ وفضلا عليّ.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لولاك يا علي ما عرف المؤمن من بعدي.

[٧٤١] أبو جعفر الاصبهاني ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام : أن رجلا قال له : عظني يا أمير المؤمنين.

فقال لهعليه‌السلام : اترك لما تبقي ما تشتهي أبدا ، كفى بمن عفّ عما يشتهي كرما.

[٧٤٢] عبد الكريم الهشيم(٢) ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، قال : لما أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب ، إذا حضرت الموسم خرج لذلك ، وأمرني ، فخرجت معه ، وخرج معه أبو بكر ، وكان رجلا نسابة ، فدفعنا إلى قوم ، فوقف أبو بكر عليهم ،

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من مناقب ابن المغازلي ص ٢٣٨.

(٢) وفي نسخة ـ هـ : عبد الكريم بن هشيم.

٣٨٢

فسلّم ، فردوا السّلام.

فقال : ممن القوم؟

قالوا : من ربيعة.

قال : من هامتها أو من لهازمها(١) ؟

قالوا : من هامتها(٢) العظمى.

قال : وأيّ هامتها العظمى أنتم؟

قالوا : ذهل الأكبر.

قال : أمنكم عوف الذي كان يقال : لا حر بوادي عوف؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم بسطام بن قيس(٣) ذو اللوى ومنتهى الأحياء؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم حساس بن مرة حامي الذمار(٤) ومانع البحار؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم الحوفدان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم المزدلف(٥) صاحب العمامة الفردة؟

__________________

(١) اللهازم : لقب بني تيم الله بن ثعلبة.

(٢) الهامة : سيد القوم ورئيسهم.

(٣) أبو الصهباء شاعر من أشهر فرسان العرب في الجاهلية ، كان سيد شيبان ضرب المثل بفروسيته. وهو بسطام بن قيس بن مسعود الشيباني ، قتله عاصم بن خليفة الضبي يوم الشقيقة ١٠ قبل الهجرة.

(٤) الذمار : بالكسر ما يلزمك حفظه وحمايته.

(٥) وأظنه عمرو بن أبي ربيعة.

٣٨٣

قالوا : لا.

قال : أفمنكم أخوال الملوك من كندة؟

قالوا : لا.

قال : أفأنتم أصهار الملوك من لخم؟

قالوا : لا.

قال : أفلستم ذهل الأكبر وأنتم ذهل الأصغر.

فقام إليه غلام من شيبان ، كان بقل وجهه ، يقال له : دغفل.

فقال : إن على سائلنا أن نسأله ، والعباء لا نعرفه أو تحمله. يا هذا إنك قد سألتنا فلم نكتمك ونحن سائلوك فلا تكتمنا. ممن الرجل؟

قال : من قريش.

قال : بخ بخ ، أهل الشرف والرئاسة. فمن أيّ قريش أنت؟

قال : من تيم بن مرة(١) .

قال : أمكنت والله الزامي من صفا الشغرة(٢) . أمنكم قصي بن كلاب بن مرة الذي جمع القبائل من فهر ، وكان يدعى مجمعا؟(٣) .

قال : لا.

قال : أفمنكم هاشم الذي هشم(٤) الثريد وأطعم الحجيج؟

__________________

(١) وهو تيم بن مرة بن كعب بن لؤي من قريش جد جاهلي من نسله أبو بكر وطلحة.

(٢) وفي نسخة : الصفرة.

(٣) وهو قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي سيد قريش وأول من كان له ملك بني كنانة ، مات أبوه وهو طفل فتزوجت أمه برجل من بني عذرة فانتقل بها الى أطراف الشام فشب في حجره وسمي قصيا ، واسمه زيد أو يزيد. هدم الكعبة وجدد بنيانها أسكن قومه مكة ، فلقبوه مجمعا لانه جمعهم من الشعاب والاودية ، اتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها الى مسجد الكعبة ، مات بمكة ودفن بالحجون.

(٤) وهو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة.

٣٨٤

قالوا : لا.

قال : أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء الذي كان وجهه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي؟

قال : لا.

قال : أفمن المفيضين بالناس أنت؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل الندوة أنت؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل الرفادة؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل الحجابة؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل السقاية أنت؟

قال : لا. فاجتذب أبو بكر زمام ناقته ، فرجع الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال دغفل : أما والله لو وقفت لأخبرتك إنك زمعان قريش(١) أو ما أنا دغفل.

قال عليعليه‌السلام : فلما سمع ذلك رسول الله تبسم. وقلت أنا لأبي بكر : لقد وقعت من الأعرابي على باقعة(٢) .

قال : أجل يا أبا الحسن لكل طامة موكل والبلاء موكل بالمنطق.

__________________

(١) الزمع : جمع زمعة وهي الزائدة من وراء الظلف أي مؤخر قريش.

(٢) باقعة : أي معيبة.

٣٨٥

ثم دفعنا الى مجلس آخر عليه السكينة والوقار. فتقدم أبو بكر ، فسلّم ، فردواعليه‌السلام . فقال : ممن القوم؟

قالوا له : من شيبان بن ربيعة.

فالتفت أبو بكر الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : بأبي وأمي أنت ليس بعد هؤلاء عزّ في قومهم. وكان في القوم مفروق بن عمرو(١) ، وهاني بن قبيصة(٢) ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك. وكان مفروق بن عمرو قد أربى عليهم جمالا ولسانا. وكانت له غديرتان(٣) تسقطان على تربيته ، وكان أدنى القوم من أبي بكر مجلسا.

فقال له أبو بكر : كم العدد فيكم؟

قال : إنا لنزيد على الف. ولن تغلب الف من قلة.

قال : فكيف المنعة فيكم؟

قال : علينا الجهد ولكل قوم جد.

قال : فكيف الحرب فيما بينكم وبين عدوكم؟

قال : إنا أشد ما يكون حين نغضب ، وأشد ما يكون غضبا حين [ التلقي ] ، وإنا لنؤثر جيادنا على أولادنا ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله عزّ وجلّ بديل لنا وبديل علينا ، لعلك أخو قريش.

__________________

(١) وهو النعمان بن عمرو بن ( الاصم ) بن قيس بن مسعود الشيباني. واسم مفروق اشهر ، من سادات بني شيبان ، فارس شاعر جاهلي. قتله قعنب بن عصمة يوم الاياد ، ودفن بين الكوفة وفيد سميت بعده ثنية مفروق.

(٢) هاني بن قبيصة بن هاني بن مسعود الشيباني أحد الشجعان الفصحاء ، أسره وديعة اليربوعي يوم الغبطين ( وهو بين تميم وشيبان ظفرت فيه تميم وأسر هاني ).

(٣) الغديرة واحدة ضفائر الشعر.

٣٨٦

قال : إن كان قد بلغكم أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو هذا ـ وأشار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ.

قال : قد بلغنا أنه يقول ذلك.

وأقبل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : ما تدعونا إليه يا أخا قريش؟

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أدعوكم الى شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمّد رسول الله تؤوني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله عزّ وجلّ وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق إلا من عصم الله عزّ وجلّ منها ووفقه لدينه والله غنّي حميد.

قال : والى ما تدعونا أيضا؟

فتلا عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) الى قوله :( ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ) (١) .

قال : والى ما تدعونا أيضا؟

فتلا عليهم :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٢) .

قال مفروق بن عمرو : دعوت والله الى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. ولقد أفك قوم ظاهروا عليك وكذبوك ـ وكأنه أحب أن يشركه هاني بن قبيضة في الكلام ـ. قال : وهذا هاني بن قبيصة وهو شيخنا وصاحب ديننا.

فتكلم هاني بن قبيضة فقال : يا أخا قريش قد سمعنا مقالتك ،

__________________

(١) الأنعام : ١٥١.

(٢) النحل : ٩٠.

٣٨٧

وإنا لنرى أن ترك ديننا والانتقال الى دينك في مجلس نجلسه ، ولم ننظر فيه ـ في أمرك ولم نرتئي في عاقبة ما تدعو إليه لزلة في الرأي ، أو عجال في النظر ، والزلة تكون مع العجلة ، وأن من ورائنا قوما يكرهون أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن نرجع وترجع وتنظر وننظر ـ وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة ـ. فقال : وهذا المثنى بن حارثة وهو شيخنا وكبيرنا وصاحب حربنا.

فتكلم المثنى بن حارثة(١) ، فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك ، فأما الجواب في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك فهو جواب هاني ، وأما الجواب في أن نؤويك وننصرك ، فإنا نزلنا بين صيرين : اليمامة(٢) والسماوة(٣) .

[ ضبط الغريب ]

قوله : بين صيرين. الصير ـ في كلام العرب ـ : الشق. وفي الحديث : من نظر في صير باب ـ أي في شق باب ـ ففقئت عينه فهي هدر.

والصير أيضا في كلامهم ، صير البقر : وهو موضع محدود كالحظيرة من أغصان الشجر والحجارة ونحوها ، فإذا كان ذلك للغنم ، قيل زريبة. وصير كل شيء مصيره.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما هذان الصيران؟

قال : مياه العرب وأنهار كسرى ، فأما ما كان يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور ، وعذره مقبول. وأما ما كان يلي أنهار كسرى

__________________

(١) وهو المثنى بن حارثة بن سلمة الشيباني ، توفي ١٤ ه‍.

(٢) بلاد وسط الجزيرة العربية من مقاطعات نجد.

(٣) بلدة في وسط العراق محافظة المثنى.

٣٨٨

فذنب صاحبه غير مغفور ، وعذره غير مقبول. وإنما نزلنا هنالك على عهد أخذه علينا كسرى ألاّ نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، ولسنا نأمن من أن يكون هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكره الملوك ، فان أحببت أن نؤويك وننصرك ممّا يلي مياه العرب آويناك ونصرناك.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أسأتم في الردّ إذا فصحتم بالصدق ، وليس يقوم بدين الله عزّ وجلّ إلا من حاطه من جميع جوانبه ، أريتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله عزّ وجلّ أموالهم ويورثكم ديارهم ، ويفرشكم نساءهم ، أتسبّحون الله تعالى وتقدّسونه؟

فقال النعمان بن شريك : اللهمّ لك ذلك.

فتلا عليهم :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (١) .

ووثبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ بيدي ، وقال لي : يا علي ، أيّ أحلام في الجاهلية يرد الله عزّ وجلّ بها بأس بعضهم عن بعض ويتحاجزون بها في هذه الدنيا.

وكان من اولئك من أسلم ووفد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونال بما وعدهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مملكة كسرى.

ونصر علياعليه‌السلام في حروبه.

وفي هذا الحديث من فضل عليعليه‌السلام :

[ ١ ـ ] استصحاب رسول الله إياه على حداثة سنّه يومئذ يعرضه مع نفسه على العرب.

[ ٢ ـ ] وإقباله عليه يخبره عن أحوالهم.

__________________

(١) الاحزاب : ٤٦.

٣٨٩

[ ٣ ـ ] واعتماده عليه بحضرتهم ليريهم اختصاصه إياه.

[ ٤ ـ ] ومكانه منه على حداثة سنّه ، وقرب عهده.

وقد انتفع بذلك من لحقه منهم ونصره ، وكان مع حفظه للحديث وتركه لاعتراض ما اعترض غيره فيه ، وتقدمه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله جلّ من قائل يقول :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١) .

__________________

(١) الحجرات : ١.

٣٩٠

[ ضرار ومعاوية ]

[٧٤٣] إسماعيل بن عبد الله ، عن محمّد بن يحيى ، باسناده ، عن محمّد بن غسان الكندي ، قال : قال معاوية بن أبي سفيان لضرار النهشلي(١) : يا ضرار ، صف لي علي بن أبي طالب؟

قال : أولا تعفيني عن ذلك؟

قال : أقسمت عليك لتفعلن.

قال [ ضرار ] : أما إذا أبيت ، فنعم.

كان والله شديد القوى ، بعيد المدى(٢) ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة على لسانه ، يستوحش من الدنيا وزهدتها ، ويأنس بالليل ووحشته ، كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة يقلّب كفيه ويخاطب نفسه(٣) .

كان والله فينا كأحدنا يجيبنا إذا دعوناه ويقربنا إذا أتيناه ، ونحن مع قربه لا نبتديه لعظمته ، ولا نكلمه لهيبته. فإن ابتسم فعن مثل

__________________

(١) وهو ضرار بن ضمرة أعيان الشيعة ٧ / ٤٠٤.

(٢) وفي الحلية ١ / ٨٤ : يقول فصلا ويحكم عدلا.

(٣) واضاف في الرياض النضرة ٢ / ٢١٢ : يخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما جشب كان والله ...

٣٩١

اللؤلؤ المنظوم ، يقدّم أهل الدين ويفضل المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.

وأقسم بالله لقد رأيته في بعض أحواله ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارب نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتملل تململ السليم ، ويبكى بكاء الواله الحزين ، ويقول في بكائه :

يا دنيا أبي تعرضت أم إليّ تشوقت ، هيهات هيهات لا حان حينك قد بتتك ثلاثا لا رجعة فيك ، عيشتك حقير ، وعمرك قصير ، وخطرك يسير ، آه آه من بعد السفر ، وقلة الزاد ، ووحشة الطريق.

قال : فانهملت دموع معاوية على خده حتى كفكفها بكمه. واختنق القوم جميعا ـ ممن حضر ـ بالبكاء.

فقال معاوية : رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك ، فكيف كان جزعك عليه ، باضرار؟

قال : جزع من ذبح ولدها(١) في حجرها فما تسكن حرارتها ولا ترقأ دمعتها.

قال معاوية : لكن أصحابي لو يسألوا عني بعد موتي ما أخبروا عني من هذا بشيء.

[ ابن عباس ومناقب علي ]

[٧٤٤] اسماعيل ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه بينما يطوف البيت الحرام ، إذ هو بشاب قد شال يديه حتى تبين بياض ابطيه ، وهو يقول : اللهمّ اني أبرأ إليك من علي بن أبي طالب ، وما أحدث في

__________________

(١) وفي ذخائر العقبى ص ١٠٠ : من ذبح واحدها.

٣٩٢

الاسلام.

فقال ابن عباس لبعض من حوله : لا يفتك الرجل.

فقبض عليه وأتي به إليه. فقال له عبد الله بن عباس : ممن الرجل؟

قال : من أهل الشام.

قال : ما اسمك؟

قال : ربيعة بن خارجة الخارجي.

قال : وأيّ شيء أحدث علي بن أبي طالبعليه‌السلام في الاسلام ، يا ربيعة؟

قال : قتله الموحدين يوم صفين ، ويوم النهروان ، ويوم الجمل ، ويوم النخيلة.

قال له : ويحك إنما قتل علي من خالف الملة ، وطعن في الاسلام ، وأمره بقتالهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهل أنت راد على الله ورسوله؟

ويحك يا ربيعة إن لعليعليه‌السلام أربع سوابق لو قسمت الواحدة منها على جميع الخلق لو سعتهم(١) .

__________________

(١) كما قالعليه‌السلام في قصيدته :

محمّد النبي أخي وصنوي

وحمزة سيّد الشهداء عمي

وجعفر الذي يضحي ويمسي

يطير مع الملائكة ابن أمي

وبنت محمّد سكني وعرسي

منوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها

فأيكم له سهم كسهمي

سبقتكم الى الاسلام طرا

على ما كان من فهمي وعلمي

فأوجب لي ولايته عليكم

رسول الله يوم غدير خم

فويل ثم ويل ثم ويل

لمن يلقى الإله غدا بظلمي

٣٩٣

قال : وما هن يا ابن عباس؟

قال : إنه أول من آمن بالله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصلّى مع النبي القبلتين ، وهاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين [ والثانية ](١) : لم يعبد قط صنما ، ولا شرب خمرا.

إن الله أوحى الى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن زوّج علياعليه‌السلام وفاطمةعليها‌السلام ، فاني قد زوّجتها منه ، فإن الله أمر شجرة في الجنة يقال لها : طوبى أن احملي ، فحملت ، ثم قال لها : اثمري ، فأثمرت ، ثم قال لها : انثري ، فنثرت درا كأمثال القلال(٢) ، فالتقطه حور العين فهنّ في الجنة يتفاخرن به الى يوم القيامة ، يقلن : هذا نثار فاطمة بنت محمّدعليها‌السلام .

وكان يسمع وقع جناح جبرائيلعليه‌السلام على سطحه إذا هبط بالوحي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان صنم خزاعة مرفوعا فوق الكعبة. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

انطلق بنا نلقي هذا الصنم عن البيت. فانطلقا ليلا. فقال له : يا أبا الحسن ارق على ظهري ـ وكان طول الكعبة أربعين ذراعا ـ فقال له : يا رسول الله بل ترق على ظهري فأنا أولى بذلك وأحق بحملك.

قال : يا علي إنك لن تقدر على ذلك ، ولو اجتمعت الامة على أن تحمل مني عضوا ما قدرت للإيمان الذي هو في قلبي.

وحمله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما استوى عليه قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انتهيت يا علي؟

__________________

(١) هكذا في بحار الأنوار ٤٠ / ٦٠ الحديث ٩٤.

(٢) أي اللؤلؤ.

٣٩٤

قال : والذي بعثك بالحق لو هممت أن أمسّ السماء بيدي لمسستها.

واحتمل الصنم فجلد به الأرض ، فتقطع قطعا ، ثم تعلق عليعليه‌السلام بالميزاب ، وتنحى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إكراما وإجلالا له. ثم تخلى بنفسه الى الأرض ، فلما سقط ضحك.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما يضحكك يا علي؟ أضحك الله سنك.

قال : ضحكت يا رسول الله تعجبا من أني رميت بنفسي من فوق البيت الى الأرض وما ألمت ، وما أصابني وجع.

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وكيف تألم يا أبا الحسن ، أو يصيبك وجع إنما رفعك محمّد ، وأنزلك جبرائيل.

٣٩٥

[ الرسول وفضائل علي ]

[٧٤٥] الحسن بن محبوب(١) ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي طوبى لمن أحبك وصدق عليك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك.

يا علي أنت العالم لهذه الامة من أحبك فاز ، ومن أبغضك هلك.

يا علي أنا المدينة وأنت الباب وهل تؤتى المدينة إلا من بابها.

يا علي أهل مودتك كل أوّاب حفيظ ، وكل ذي طمر(٢) لو أقسم على الله لبرّ قسمه. رضيت بالضعفاء أتباعا ورضوا بك إماما ، إخوانك كل طاو(٣) وزاك ومجتهد يحب فيك ويبغض فيك ، ويحقر عند الخلق(٤) عظيم المنزلة عند الله.

يا علي محبوك جيران الله في دار [ الفردوس ](٥) لا يأسفون على ما خلفوا في الدنيا.

__________________

(١) أبو علي الحسن بن محبوب بن وهب بن جعفر بن وهب السراد البجلي ، توفي ٢٢٤ عن عمر يناهز ٧٥ عاما.

(٢) أي الذي لا يملك شيئا. ولا يخفى أن في الاصل : طمرين وقد صححناه.

(٣) الطاوي : الكاتم للحديث. والجائع.

(٤) وفي بحار الانوار ٣٩ / ٣٠٦ : محتقر عند الخلق.

(٥) وفي الاصل : القدس.

٣٩٦

[ يا علي أنا ولي لمن واليت وأنا عدو لمن عاديت ](١) .

يا علي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني.

يا علي إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن :

عند خروج أنفسهم وأنا وأنت شاهدهم.

وعند المساءلة في قبورهم.

وعند العرض على الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم [ فلم يجيبوا ].

يا علي حربك حربي ، وسلمك سلمي ، من حاربك حاربني ، ومن سالمك سالمني ، ومن سالمني سالم الله.

يا علي بشر إخوانك ، إن الله قد رضي عنهم ، إذ أرضاك لهم قائدا ، ورضوا بك وليا.

يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

يا علي شيعتك المنتجبون ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم لما انزلت السماء قطرها.

يا علي أنت وشيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة الله من خلقه.

يا علي أنت وشيعتك في ظل العرش تتحدثون الى أن يفرغ الله من الحساب.

يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون. ويحزن الناس ولا تحزنون.

يا علي أنت وشيعتك في [ الموقف ](٢) تطلبون ، وأنتم في الجنان

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من بحار الأنوار.

(٢) هكذا صححناه نقلا عن بحار الانوار وفي الاصل : في النار تطلبون.

٣٩٧

تتنعمون ، وفيكم نزلت :( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (١) .

يا علي إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، وإن حملة العرش ليحبونكم ، ويسألون الله عزّ وجلّ المغفرة والجنة لكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.

يا علي شيعتك يخافون الله في السر ، ويتقونه في العلانية.

يا علي شيعتك يتنافسون في الدرجات لأنهم يلقون الله عزّ وجلّ وما عليهم من ذنب.

يا علي إن أعمال شيعتك تعرض عليّ في كل [ يوم جمعة ] فافرح بصالح ما عملوه ، واستغفر لسيئاتهم.

يا علي ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بخير ، وكذلك ذكركم في الانجيل ، وأعطاك الله من علم الكتاب ، وإن أهل الإنجيل ليعظمون عليا وشيعته وما يعرفونهم وأنت وشيعتك مذكورون في كتبهم.

يا علي أعلم أصحابك أن ذكرهم في السماء أفضل وأعظم من ذكرهم في الأرض ليفرحوا ويزدادوا اجتهادا. وأن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء في رقادهم وعند وفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها كما تنظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله.

يا علي قل لأصحابك العارفين بك يتناهون عن الأعمال السيئة ، فانه ما من يوم وليلة إلا ورحمة الله تغشاهم ، فليتجانبوا الدنس.

__________________

(١) ص : ٦٢ و ٦٣.

٣٩٨

يا علي اشتد غضب الله على من قلاك وقلاهم(١) وبراء منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك ، واختار الضلال ونصب الحرب لك ولشيعتك ، وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من تولانا ، وعظمت رحمة الله لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا علي اقرأهم مني السّلام من لم أر منهم ومن لم يرني ومن رأيته ورآني ، وأعلمهم أنهم اخواني الذين أشتاق إليهم ، ومرهم أن يجتهدوا في العمل فإنا لا نخرجهم من هدى الى ضلالة ، وأخبرهم أن الله عنهم راض ، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.

يا علي لا ترغب عن قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، وأدانوا الله عزّ وجلّ بمودتك ، وأعطوك صفو المودة ، واختاروك على الآباء والامهات والأبناء والأخوات وسلكوا طريقك وصبروا على ما حملوا من المكاره فينا ، وأتوا الى نصرنا ، وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول ما يستقبلون من مضاضة ذلك(٢) ، فكن بهم رحيما واقنع بهم فإن الله اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق ، وجعلهم من طينتنا ، واستودعهم سرنا ، وألزم قلوبهم معرفة حقنا ، وجعلهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما زووا من الدنيا عنهم وميلهم بالمكروه عليهم والتلف ، قد أيدهم الله بالتقوى ، وسلك بهم طريق الهدى.

فأعداؤك يا علي في غمرة الضلال متحيرون عموا عن المحجة [ وما جاء

__________________

(١) أي : أبغضهم.

(٢) وفي بحار الأنوار : ما يقاسونه من مضاضة ذلك.

٣٩٩

من عند الله ، وهم ] يصبحون ويمسون في سخطه. وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة يصبحون ويمسون في رضاء الله عزّ وجلّ ، لا يستوحشون لكثرة من خالفهم [ ليسوا من الدنيا ، ولا الدنيا منهم ](١) ، اولئك مصابيح الدجى ـ يقولها ثلاثا ـ.

__________________

(١) هكذا صححناه من بحار الانوار وفي الاصل : ليس من الريا ولا الريا منهم.

٤٠٠

[ حديث الدينار ]

[٧٤٦] يحيى ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح عليعليه‌السلام ذات يوم ، فقال لفاطمةعليها‌السلام : يا فاطمة هل عندك شيء [ تغذينيه ](١) .

قالت : والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح اليوم عندي شيء اغذيكه ، وما كان عندي شيء منذ يومين إلا ما كنت اوثرك به على نفسي وعلى هذين ـ تعني الحسن والحسينعليهما‌السلام ـ.

قال : فهلا كنت ذكرت ذلك لي ، فأبغركم شيئا؟

قالت : إني لأستحي من الله أن اكلّفك ما لا تقدر عليه ، ولا تجده.

فخرج عليعليه‌السلام من عندها ، واثقا بالله ، حسن الظن به ، فأتى بعض الصحابة ، فاستقرض دينارا ، وأقرضه إياه. فمضى ليبتاع به لعياله ما يصلحهم ، فلقي المقداد بن الأسود(٢) في يوم شديد الحر ، وقد لوحته الشمس من فوقه وأذته من تحته ، فلما رآه عليعليه‌السلام أنكر

__________________

(١) هكذا صححناه من ذخائر العقبى ص ٤٤ وفي الاصل : شيء الغذاء.

(٢) أبو معيد المقداد بن عمرو ويعرف بابن الاسود الكندي البهراني الحضرمي الصحابي الجليل سكن المدينة وتوفي على مقربة منها فحمل إليها ودفن فيها ٣٣ ه‍.

٤٠١

حاله ، فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة عن أهلك؟

فقال : يا أبا الحسن خلّ عن سبيلي ، ولا تسألني عما ورائي.

قال : يا أخي إنه لا ينبغي أن تجاوزني حتى أعلم علمك.

قال : يا أبا الحسن ، رغبة الى الله عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي ، ولا تكشفني عن حالي.

قال له : يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.

قال : يا أبا الحسن ، أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ، ما أزعجني عن أهلي إلا الجهد ، وقد تركت عيالي يتضارعون جوعا. فلما سمعت ذلك منهم وبكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي ، فهذه قضيتي وحالي.

فهملت عينا عليعليه‌السلام بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته ، وقال له : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني وأخرجني عن أهلي غير الذي أخرجك وأزعجك عن أهلك ، ولكن قد استقرضت دينارا ، فهاكه قد آثرتك به على نفسي.

فدفع الدينار إليه ، وأتى المسجد ، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة مرّ بعليعليه‌السلام وهو يصلّي ، فغمزه [ برجله ] ، فأوجز في صلاته ، ثم لحق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند باب المسجد. فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل(١) .

فأطرق عليعليه‌السلام ساعة لا يحير جوابا حياء من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان جبرائيلعليه‌السلام قد هبط على النبيّ

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٨ : هل عندك شيء تعشينا فأنفتل الى الرحل.

٤٠٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا محمّد إن الله عزّ وجلّ يأمرك ان تتعشى هذه الليلة عند عليعليه‌السلام ، فلما نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى سكوت عليعليه‌السلام قال : يا أبا الحسن ، مالك لا تقول شيئا ، أتقول : نعم ، فأمضي معك ، أم أنصرف؟

فقال ـ حياء من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : نعم ، فامض بنا يا رسول الله.

فانطلقا ، فدخلا على فاطمةعليها‌السلام وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها ، وخلفها في البيت جفنة تفور دخانها ، فلما أن أحست بالنبي وعليعليهما‌السلام قامت مبادرة الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت من أحب الناس إليه ، فسلّمت عليه ، فردّعليها‌السلام ، فمسح بيده على رأسها ، وقال : يا بنية كيف أمسيت رحمك الله [ عشّينا غفر الله لك ](١) ، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام وجلست فاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام بحسب ما كانوا يجلسون على الطعام ، وعليعليه‌السلام [ يظن ] أن الطعام شيء عملته فاطمةعليها‌السلام ، وهي تظن أنه جاء به مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسب ما كان يفعل ذلك كثيرا ، وكشفت عن الجفنة ، فإذا ثريد يفور وعراق كثير ، فجعلوا يأكلون ، وعليعليه‌السلام ينظر الى فاطمةعليه‌السلام نظرا شحيحا(٢) .

فقالتعليها‌السلام : يا أبا الحسن ، مالي أرى أكلك ضعيفا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من كفاية الطالب.

(٢) النظر بغضب.

٤٠٣

وعهدي بك منذ أول النهار سألت الغذاء ، ثم لم أرك ، وأراك مع ذلك تنظر الي نظرا شحيحا ، كأن في نفسك عليّ شيء.

قال عليعليه‌السلام : كيف لا يكون ذلك وقد كدت أرد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد سألني العشاء عندي ، وأنا لا أعلم عندك شيء على قولك ، فمن أين هذا الطعام؟

قالت : والذي بعثه بالحق نبيا ـ وأشارت الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ما عندي منه علم ، ولا ظننت إلا أنه شيء جئت به من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فأمسكت عن الطعام ، وأمسك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وتغشى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي ، فغمز بين كتفي عليعليه‌السلام ، ثم قال : كل يا علي ، كلي يا فاطمة ، ووضع يده فأكل.

وقال : هذا من عند الله ، يا علي هذا عوض دينارك ، هذا عوض إيثارك على نفسك ، هذه كرامة من عند الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت.

فأنزل الله عزّ وجلّ فيه :( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) . واستعبر رسول الله ، وقال : الحمد لله الذي أنالكما كما أنال زكريا ومريم بنت عمران ، إذ كان( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (٢) .

__________________

(١) الحشر : ٩.

(٢) آل عمران : ٣٧.

٤٠٤

[٧٤٧] أحمد بن شعيب [ النسائي ] ، باسناده ، عن [ هلال ، عن عوار ](١) ، قال : قلت لعبد الله بن عمر : أخبرني عن عليعليه‌السلام وعثمان ، ومنزلة كل واحد منهما.

قال : أما عليعليه‌السلام فهذا منزله وهذا منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا اخبرك بأكثر من هذا. وأما عثمان فإنه أذنب ذنبا عظيما ، كان ممن تولّى يوم التقى الجمعان ، وذلك يوم أحد ، فغفر الله له ذلك فيمن غفر ، وأذنب فيكم [ ذنبا صغيرا ] فقتلتموه.

[٧٤٨] وبآخر ، عن عليعليه‌السلام أنه قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي يهلك فيك محبّ مفرط ، ومبغض مفرط ، ومثلك مثل المسيح غلت فيه النصارى ، فزعموا أنه ابن الله. وغلت فيه اليهود فزعموا أنه لغير رشده ، [ واقتصد قوم فنجوا ](٢) .

[٧٤٩] يحيى بن مساور ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال ـ يوما وعنده جماعة من أصحابه ـ : نقيّ القلب ؛ نقيّ النفس ؛ يقول صوابا ، ويمشي سدادا ، تزول الجبال ولا يزول ، هو مني وأنا منه.

قالوا : يا رسول الله ، من هو هذا؟

قال : علي بن أبي طالب ، نور الله بين عينيه.

[٧٥٠] وبآخر ، عن أبي موسى الأشعري ، أنه قال لعمرو بن العاص ـ لما أن تفاوض في الحكومة ـ :

ويحك يا عمرو ، ما يدعوك الى أن تجعل الخلافة في غير علي بن أبي

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من خصائص النسائي ص ١٠٦ وفي الاصل : عن علاء بن عمران.

(٢) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار ٣٥ / ٣١٩.

٤٠٥

طالبعليه‌السلام ؟ أما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح(١) من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق؟ أما تذكر يوم كنا بباب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج إلينا ، فقال :

إن إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله ، وعيسى روح الله ، وأنا حبيب الله ، وعلي بن أبي طالب وديعتي عند الله؟

أو ما تذكر إذ كنا في سفر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل يسير على رجليه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

والذي نفسي بيده لئن شئتم لأرينكم أيّ الناس شبها ومنطقا بابراهيم خليل الرحمنعليه‌السلام .

قالوا : ومن هو يا رسول الله؟

قال : هذا المقبل علي بن أبي طالب ، نور الله بين عينه.

فرفعوا أبصارهم فإذا وجه عليعليه‌السلام يضيء مثل الشمس.

[٧٥١] سعيد بن نوح العجلي ، باسناده ، عن أنس بن مالك. قال : كنت خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول :

ليدخلن عليّ اليوم البيت رجل هو خير الأوصياء ، وسيد الشهداء ، وأقرب الناس يوم القيامة [ إليّ ] مجلسا(٢) .

__________________

(١) لقد عثرت لجنة التنقيب عن الآثار السوفيتية في منطقة وادي قاف على قطع من هذه السفينة وعلى قطعة خشبية مكتوب عليها باللغة السامانية كلمات ترجمها العالم البريطاني ايف ماكس ( استاذ الألسن القديمة في جامعة مانجستر ) الى الانكليزية ، وإليك ترجمتها بالعربية : يا الهي ويا معيني برحمتك وكرمك ساعدني ولأجل هذه النفوس المقدسة محمّد وإيليا شبر شبير فاطمة الذين هم جميعهم عظماء ومكرمون ، العالم قائم لاجلهم ، ساعدني لأجل أسمائهم. ولا يخفى أن هذه اللوحة موجودة في متحف الآثار القديمة في موسكو. وأن إيليا وشبر وشبير يعني بالعربية علي والحسن والحسين.

(٢) وفي أمالي الصدوق ص ١٧٥ : وأدنى الناس منزلة من الأنبياء.

٤٠٦

قال أنس بن مالك ، فقلت : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار ، فدخل عليعليه‌السلام في ذلك اليوم.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومالي لا أقول هذا فيك ، وأنت تبرأ ذمتي وتحفظ وصيتي.

[٧٥٢] حسن بن حريث بن عمارة(١) ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه سئل عن عليعليه‌السلام ، قال : ذلك خير البشر من شك فقد كفر.

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : حسن بن حر بن أبو عمار. والمفروض أن يكون : بن أبي عمار فلاحظ.

٤٠٧

[ عليّ مع الملائكة ]

قول الملائكة في عليعليه‌السلام وعونهم إياه وما جاء عنهم فيه

[٧٥٣] سعد بن طريف ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : زارت الملائكة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء عمر يريد أن يدخل إليه ، وعليعليه‌السلام بالباب(١) .

فقال له عمر : أتأذن لي؟

فقال له : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة.

وعليعليه‌السلام يمسح العرق عن وجهه ويحسب بيده ، فانصرف عمر ، ثم عاد ، فقال له : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة ، ثم جاء الثالثة ، فقال : يا عمر إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زاره اليوم ثلاثمائة وستون ملكا ، فهو معهم مشغول عنك وعن غيرك.

فانصرف عمر ، فلما أن صلّى الظهر أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله أتيت اليوم إليك مرارا فردّني علي وزعم أنه زارك اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام ، فقال له :

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٣٩ / ١١٢ : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا عليا فقال : يا علي ، احفظ عليّ الباب فلا يدخلن أحد اليوم فإن ملائكة من ملائكة الله استأذنوا ربهم أن يتحدثوا لي اليوم إلى الليل ، فاقعد ، فقعد عليعليه‌السلام على الباب.

٤٠٨

يا علي ، ما أعلمك أنه زارني اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

قال : يا رسول الله ، أحصيت سلامهم عليك.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده ، ما زدت ولا نقصت قلامة ظفر ولقد أحصيت عددهم.

[٧٥٤] محمّد بن عيسى النخعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : لما أن أمر الله عزّ وجلّ نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالهجرة ، وأعلمه بما عقد(١) المشركون من أن يثبوه ليقتلوه ، وأمر علياعليه‌السلام بأن يضطجع مضجعه ، ففعل ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرائيل وميكائيلعليهما‌السلام :

إني قد آخيت بينكما وإني قابض روح أحدكما ، فاختارا ، أيكما أقبض روحه؟

فكلاهما أحبّ الحياة وكره الموت.

فأوحى الله عزّ وجلّ إليهما : ما أنتما في مواساتكما كمواساة علي لمحمّد. فانطلقا ، فاحفظاه من كل سوء من عدوي وعدوه حتى يصبح.

فهبطا ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ لك يا علي المحبوب المواسي بنفسه.

[٧٥٥] أبو عثمان(٢) قاضي الموصل ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري(٣) أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لقد صلّيت وعلي بن أبي طالب سبع سنين وذلك أنه لم يؤمن ذكر من قبله ، وذلك قول الله عزّ وجلّ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : بما عقل.

(٢) وفي نسخة الاصل : أبو غسان.

(٣) وهو خالد بن زيد بن كعب بن ثعلبة من بني النجار ، توفي ٥١ ه‍.

٤٠٩

يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ ) (١) لمن في الأرض وكان ذلك لي ولعلي وخديجة بنت خويلد ، ثم لمن آمن من بعد.

[ حديث الناقة ]

[٧٥٦] محمّد بن مالك ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : خرج عليعليه‌السلام ومعه إزار ، فباعه بستة دراهم في سوق المدينة ، وأقبل ليبتاع بها طعاما لعيال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلقيه سائل.

فقال يا أبا الحسن عادتك الجميلة ، فدفع إليه الستة الدراهم ، وأقبل بلا شيء ، فلما أن صار في بعض الطريق لقي أعرابيا ومعه ناقة.

فقال له الأعرابي : هل تشتري مني هذه الناقة؟

قال له : ليس معي ثمنها.

قال : أنا أصبر عليك.

قال [ أمير المؤمنين ] : بكم هي؟

قال [ الأعرابي ] : بمائة درهم.

قال [ أمير المؤمنين ] : أخذتها.

قال : فدفعها إليه ، فأخذها عليعليه‌السلام منه ، ثم وقف عليهما أعرابي آخر.

فقال لعليعليه‌السلام : أتبيع الناقة؟

قال : نعم.

قال [ الأعرابي ] بكم هي؟

قال : أخذتها من هذا بمائة درهم بنظرة فاعط ما شئت؟

__________________

(١) غافر : ٧.

٤١٠

قال : اعطيك مائة وستين درهما نقدا.

قال [ أمير المؤمنين ] : هي لك.

فوزن الدراهم ، فاستوفى البائع المائة ، وأتىعليه‌السلام بستين درهما فوضعها بين يدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال :

نعم البائع ، ونعم المشتري. يا علي ، أما البائع منك فجبرائيل ، وأما المشتري منك فميكائيل. أعطيت ستة ، فأعطيت ستين. ولو زدت لزادك ، ولو دنقت لدنق عليك ، ألا إن الله عزّ وجلّ انتجبك ، فهداك.

[٧٥٧] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قدم عليعليه‌السلام من بعض غزواته المباركة.

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا على إن جبرائيل يقرئك السّلام ، وأخبرني أنه عنك راض.

قال : فبكى عليعليه‌السلام .

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفرحا بكيت يا علي؟

قال : فكيف لا أفرح يا رسول الله ، وأنت تخبرني برضاء جبرائيل عني.

فقال : يا علي إن الله عزّ وجلّ وملائكته ورسوله عنك راضون ، ولو لا أني أخاف أن يقول فيك الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريمعليه‌السلام لقلت فيك اليوم قولا ما تمرّ بملإ من أمتي(١) إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يرجون بذلك البركة والرحمة.

__________________

(١) وفي مقتل الخوارزمي ١ / ٤٦ : لا تمر بأحد من المسلمين.

٤١١

[٧٥٨] إسحاق بن وهب بن زياد ، باسناده ، عن جابر عن عبد الله ، أنه قال : لما أن قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفتح خيبر.

قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، إني اخبرت خبرك واوتيت مناي فيك ، وإني عنك راض.

قال : فدمعت عينا عليعليه‌السلام .

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تبك فان الله وملائكته ورسله وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل عنك راضون ، ولو لا أن تقول امتي فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ على ملأ من الناس قلّوا أو كثروا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، وفضل طهورك ، يلتمسون به البركة ويستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك ترثني وأرثك ، وإن ولدك ولدي ، وحربك حربي ، وسلمك سلمي ، وإن سرك سري ، وعلانيتك علانيتي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن الإيمان قد خالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنك تنجز عداتي ، وتقاتل على سنتي ، وإنك أول من يرد الحوض عليّ ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإن الحق بين عينك وفي قلبك وعلى لسانك ، وإنك تكسى إذا كسيت ، وتحلى إذا حليت ، وتعطى إذا اعطيت ، وإن شيعتك يوم القيامة على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنة جيراني ، وكل مبغض لك وأهل بيتك يذاد عن حوضي.

قال : فخرّ علي(١) عليه‌السلام ساجدا. ثم رفع رأسه الى السماء

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصلب : فخرّ رأسه علي.

٤١٢

فقال : الحمد لله(١) .

[٧٥٩] محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة من غزواته ، فنزل منزلا ونزل المسلمون معه على غير ماء ، والمشركون على ماء لهم ، فعطش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : من يسقني شرية من ماء وله الجنة؟

فلم يكن عند أحد ماء. فوثب عليعليه‌السلام فتناول القربة ، وقد غابت الشمس ، وخرج يمشي نحو الماء الذي عليه المشركون ، فأتاه ليلا فملأ القربة. فلما احتملها [ وخرج ، فجاءت ريح ] ، فوقع ، وهرق الماء فملأها ثانية ، فأصابه مثل ذلك. ثم ثالثة ، فأصابه مثل ذلك ، ثم ملأها(٢) ، وأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بها مملوءة.

فقال : يا علي ، اسقطت ثلاث مرات؟

قال : نعم ، والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، لقد أصابني ذلك ، فمن أخبرك؟

قال : جاء جبرائيل في جماعة من الملائكة ، فأخبرني أنهم أتوا إليك ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت ، ثم جاءني ميكائيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت. ثم جاءني إسرافيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك مثل ذلك. وما

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٥ ومناقب الخوارزمي ص ٧٦ : قال عليعليه‌السلام : فخررت ساجدا لله سبحانه وحمدته على ما أنعم به عليّ من الاسلام والقرآن وحببني الى خاتم النبيين وسيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) وفي مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ٢٤٢ : فلما كانت الرابعة ملأها.

٤١٣

أتوك إلا ليحفظوك(١) .

[٧٦٠] محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما عصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم الله.

قيل : وما سهم الله يا رسول الله؟

قال : علي بن أبي طالب ، ما بعثته في سرية ولا أبرزته لمبارزة إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه الله خير النصر والظفر.

[٧٦١] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث ، قال : كان لعليعليه‌السلام في ليلة واحدة ثلاثة ألف منقبة وثلاث مناقب. بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستقى له ماء ، فبينا هو على البئر إذ هبت ريح شديدة حتى استمسك بالبئر ، ثم مرت ريح ثانية ، ثم ثالثة كذلك ، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر ذلك له.

فقال له : يا أبا الحسن ، أما الريح الاولى فانه جبرائيل مرّ بك في ألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلّموا عليك. وأما الريح الثانية فانه ميكائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلموا عليك. وأما الريح الثالثة ، فانه اسرائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم وسلّموا عليك(٢) .

__________________

(١) وهذا الصدد يقول الحميري :

وسلّم جبريل وميكال ليلة

عليه وحياة اسرافيل معربا

أحاطوا به في روعة جاء يستقي

وكان على الف بها قد تحزّبا

ثلاثة آلاف ملائك سلّموا

عليه فأدناهم وحيّا ورحّبا

 (٢) ونعم ما قال القائل :

ذاك الذي سلّم في ليلة

عليه ميكال وجبريل

ميكال في الف وجبريل في

الف ويتلوهم سرافيل

٤١٤

[٧٦٢] محمّد بن [ الجنيد ](١) ، باسناده ، عن سعد بن المسيب ، قال : لقد أصابت علياعليه‌السلام يوم احد ست عشرة ضربة ، وهو بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يذبّ عنه. كل ضربة منها يسقط الى الارض ، فإذا سقط رفعه جبرائيلعليه‌السلام .

[٧٦٣] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن إبراهيم النخعي(٢) ، أنه قال. لما أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى السماء هتف به هاتف من السماوات : يا محمّد إن الله عزّ وجلّ يقرئ عليك السّلام ، ويقول لك أقرئ علي بن أبي طالب مني السّلام.

[٧٦٤] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه سئل عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : ما تسألون عن رجل طالما سمع وقع جبرائيلعليه‌السلام فوق بيت نبيه.

[٧٦٥] سعد بن طريف ، باسناده ، عن ابي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : دخل عليعليه‌السلام على فاطمةعليها‌السلام وعندها رسول الله لما انصرف عن أحد.

فقال لها : يا فاطمة خذي السيف غير ذميم.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أجدت القتال اليوم ، يا أبا الحسن؟

قال : الله ورسوله أعلم.

قال : ألا ابشرك يا علي إن جبرائيل قال ـ وأنت تقاتل ـ : لا سيف

__________________

(١) هكذا صححناه من المناقب ٢ / ٢٤٠ وفي الاصل : محمّد بن الحسن.

(٢) أبو عمران النخعي ، ابراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود ، ولد ٤٦ ه‍. من مذحج من اكابر التابعين صلاحا ، من أهل الكوفة. توفي مختفيا من الحجاج ٩٦ ه‍.

٤١٥

إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي(١) .

[٧٦٦] الدغشي(٢) ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : كنا مع عليعليه‌السلام يوما في مسجد الكوفة إذ أقبل رجل أصهب اللحية ذو ظفيرتين(٣) عليه ثوبان أخضران حتى جلس الى جانب عليعليه‌السلام ، وعلي عند سارية المسجد ، فلما رآه علي قام ، وقام الرجل معه ، فخرجا من المسجد ، فمكثا مليا.

فقال بعض لبعض : ما صنعنا شيئا تركنا أمير المؤمنين مع رجل لا نعرفه.

فقمنا ، فلقينا علياعليه‌السلام راجعا ، فقلنا له : أخذنا على أنفسنا يا أمير المؤمنين إن تركناك مع رجل لا نعرفه.

قال : أتدرون من ذلك الرجل؟

قلنا : لا.

قال : هو الخضر(٤) عليه‌السلام ، وقد أتاني مرتين قبل هذا وأخبرني أنه سيعود إليّ ، وحدثني بأشياء منها ما عرفته ، ومنها ما لم أعرفه.

قلنا : يا أمير المؤمنين ، بما ذا حدثك ، إن رأيت أن تخبرنا به ، فافعل.

قال : أما في مقامي هذا فلا ، ولكني أخبركم ببعض ما قال. إنه

__________________

(١) نسبة الى دغش بن عمرو بن سلسلة بطن من طي.

(٢) قال الحميري ره :

وله بلاء يوم احد صالح

والمشرفية تأخذ الادبارا

إذ جاء جبريل فنادى معلنا

في المسلمين وأسمع الأبرارا

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى

الا علي ان عددت فخارا

(٣) هكذا في الاصل وفي مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ٢٤٦ : وله عقيصتان سوداوان أبيض اللحية.

(٤) وهو صاحب موسىعليه‌السلام ، أشار إليه القرآن ورفع ذكره.

٤١٦

ذكر الكوفة ، فقال : أما إنها مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله عزّ وجلّ.

ثم قال لي : أتدري لم سميت الكوفة؟

قلت : لا.

قال : شقّ نهرها ملك يسمى كوفان.

[٧٦٧] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي فخرج. ثم قال لي : يا أم سلمة : إن جاء علي فقولي له يلحقني بهذه الأدوات الى الجبل ، وإن أبطأ عليك وجاء بلال فقولي له : يلحقني بها.

قالت : فأبطأ عليعليه‌السلام وجاء بلال. فقلت : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرك أن تأخذ هذه الأدوات فتلحقه بها الى الجبل.

قالت : فلما ذهب بلال ليتناولها جاء عليعليه‌السلام فأخبرته.

فقال لبلال : هلمّ بنا نتعاقبه(١) فمضيا يطلبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجبل فلم يجداه ، فبينا هما في بعض الشعاب يطلبانه إذ لقيا رجلا يتوكأ على عصاه ، وكساء على عاتقه كأنه راع.

فقال له عليعليه‌السلام : هل رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فقال : وهل لله من رسول؟

فغضب عليعليه‌السلام وتناول حجرا فرماه ، فأصاب بين

__________________

(١) هكذا في الاصل ، وفي المناقب ٢ / ٢٤٩ : وخرج علي ومعه بلال يقفوان أثر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤١٧

عينيه ، فصاح صيحة ، فإذا الأرض كلها سوداء من خيل ورجال [ حتى أطافوا به. ثم أقبل عليعليه‌السلام فبيناهم كذلك ](١) فأقبل طائران أبيضان ، فأخذ أحدهما يمنة والآخر يسرة [ فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ] انكشف ذلك السواد ، فلم ير منه شيء. [ ورجع الطائران حتى أخذا في الجبل ].

فقال عليعليه‌السلام لبلال : اتبع بنا هذين الطائرين فاني أراهما يعلمان حيث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقصدا نحوهما ، فلقيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبلا من الجبل. فلما رأى علياعليه‌السلام تبسم في وجهه ، وقال : يا علي مالي أراك مرعوبا(٢) ، فقصّ عليه القصة.

فقال : إن ذلك الرجل إبليس اللعين أراد أن يكيدك ، وأن الطائرين جبرائيل وميكائيل كانا عندي فلما سمعنا الصوت أتياك ، يا علي ، ليعيناك.

[٧٦٨] محمّد بن سلام ، [ عن علي ] بن يسار الكوفي ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : لما أخذت في غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أردت أن أنزع القميص ، فنوديت من جانب البيت : لا تنزع القميص ، فغسله في قميصه. وكنت اعان على تقليبه وأحسّ أن يدا غيري تقلبه معي ، وأردت أن أكبه لوجهه لأغسل ظهره ، فنوديت لا تكبه.

[٧٦٩] الحلبي(٣) ، باسناده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، أنه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من المناقب ٢ / ٢٥٠.

(٢) وفي المناقب : مالي أراك مذعورا.

(٣) واظنه عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي.

٤١٨

قال : أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام أن يغسله.

فقال : يا رسول الله إني لا أستطيع غسلك وحدي ، أنت ثقيل البدن ولا أستطيع أن اقلبك وحدي.

فقال : إن جبرائيلعليه‌السلام يغسلني معك ويناولك الماء الفضل(١) ، وقل له : فليعصب عينيه ، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا عمي.

فكان الفضل يناوله الماء وجبرائيل يغسله معه. فلما غسلهعليه‌السلام وكفنه ، أتى العباس ، فقال له : يا علي إن الناس قد اجتمعوا للصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن يصلّي عليه؟

فقال عليعليه‌السلام : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إماما حيا وميتا.

قال : وأين(٢) تدفنه؟

قال [ أمير المؤمنينعليه‌السلام ] : بالبقعة التي قبض فيها.

قال : الأمر إليك.

فوقف عليعليه‌السلام فصلّى عليه. ثم أمر الناس أن يدخلوا عشرة عشرة يصلّون عليه ، ففعلوا. ثم حفر له في المكان الذي قبض فيه في بيت عائشة ، ودفنه هناكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[٧٧٠] سفيان بن عيينة ، قال : أتينا جعفر بن محمّدعليه‌السلام نعزّيه بابنه إسماعيل ، فتحدث معنا ، فذكر وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) وهو الفضل بن العباس بن عبد المطلب.

(٢) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : رأيت.

٤١٩

وقال في الحديث :

فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاهم آت ـ يعني أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يسمعون كلامه ولا يرون شخصه ، فقال :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (١) إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، فالله فارجوه وإياه فاعبدوه(٢) واعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال سفيان الثوري بن عيينه : فقلت لجعفر بن محمّد صلوات الله عليه : من كنتم ترون المتكلم؟

قال : كنا نراه جبرائيلعليه‌السلام (٣) .

وجاء أن فيما احتج به عليعليه‌السلام على النفر الخمسة يوم الشورى. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم ، أنه قال لهم :

اناشدكم الله هل تعلمون أن رجلا جاءته التعزية من الله غيري. إذ هتف بنا جبرائيلعليه‌السلام ونحن في البيت ـ لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ليس فيه إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين ورسول الله صلّى الله

__________________

(١) آل عمران : ١٨٥.

(٢) وفي طبقات ابن سعد ٢ / ٤٨ : فبالله فثقوا وإياه فارجوا.

(٣) وفي بحار الانوار ٣٩ / ١٠٢ : فقيل للباقرعليه‌السلام : ممن كانت التعزية؟ قال : من الله تعالى على لسان جبرائيل.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610