شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار9%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64106 / تحميل: 6296
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ثانيا ـ انه ندد بالأمويين ، وشجب سياستهم القائمة على طاعة الشيطان ، ومعصية الرحمن ، واظهار الفساد ، وتعطيل حدود اللّه ، والاستئثار بالفيء ، وتحليل الحرام ، وتحريم الحلال.

ثالثا ـ ان الامام احق وأولى من غيره بالقيام بتغيير الأوضاع الراهنة التي تنذر بالخطر على الاسلام ، فانه (ع) المسئول الأول عن القيام باعباء هذه المهمة.

رابعا ـ انه (ع) عرض لهم انه اذا تقلد شئون الحكم ، فسيجعل نفسه مع انفسهم ، واهله مع اهاليهم. من دون أن يكون له أي امتياز عليهم.

خامسا ـ انهم اذا نكثوا بيعتهم ، ونقضوا عهودهم التي اعطوها له فانه ليس بغريب عليهم فقد غدروا من قبل بابيه واخيه وابن عمه ، وقد أخطئوا بذلك حظهم ، وحرموا نفوسهم السعادة.

لقد وضع الامام بهذا الخطاب النقاط على الحروف : وفتح لهم منافذ النور ، ودعاهم الى الاصلاح الشامل الذي ينعمون في ظلاله.

ولما سمع الحر خطابه اقبل عليه فقال له : «إني اذكرك اللّه في نفسك ، فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن» وانبرى الامام قائلا له :

«ابالموت تخوفني ، وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني ، وما ادري ما أقول : لك؟!! ولكني اقول : كما قال اخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرة رسول اللّه اين تذهب فانك مقتول؟ فقال له :

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

اذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

وآسى الرجال الصالحين بنفسه

وخالف مثبورا وفارق مجرما

فان مت لم اندم وان عشت لم الم

كفى بك عارا ان تذل وترغما(1)

__________________

(1) تأريخ ابن الاثير 3 / 281 ، والطبري

٨١

ولما سمع الحر ذلك تنحى عنه وعرف أنه مصمم على الموت ، وعازم على التضحية في سبيل غايته الهادفة إلى الاصلاح الشامل.

التحاق جماعة من الكوفة بالامام :

ولما انتهى الامام إلى عذيب الهجانات وافاه أربعة أشخاص من أهل الكوفة جاءوا إلى نصرته ، وقد أقبلوا على رواحلهم يجنبون فرسا لنافع ابن هلال ، ولم يخرج أحد لاستقبال الحسين من اهل الكوفة سواهم وهم

1 ـ نافع بن هلال المرادي

2 ـ عمرو بن خالد الصيداوي

3 ـ سعد مولى عمرو بن خالد

4 ـ مجمع بن عبد اللّه العابدي من مذحج

وأراد الحر منعهم من الالتحاق بالحسين ، فصاح به الامام :

«اذا أمنعهم بما امنع فيه نفسي ، انما هؤلاء انصاري ، واعواني وقد جعلت لي أن لا تعرض بي حتى يأتيك كتاب ابن زياد».

وكف الحر عنهم ، فالتحقوا بالامام فرحب بهم ، وسألهم عن اهل الكوفة فقالوا له :

«اما الأشراف فقد عظمت رشوتهم ، وملئت غرائرهم(1) ليستمال ودهم ، وتستنزف نصائحهم ، فهم عليك إلبا واحدا ، وما كتبوا إليك الا ليجعلوك سوقا ومكسبا وأما سائر الناس فافئدتهم تهوي إليك ، وسيوفهم غدا مشهورة عليك»(2) .

__________________

(1) الغرائر جمع غرارة وهي الكيس من الشعر أو الصوف

(2) انساب الأشراف ق 1 ج 1 ص 241

٨٢

وكشف هذا الحديث عن نقاط بالغة الأهمية وهي :

1 ـ ان السلطة قد اشترت ضمائر الوجوه والاشراف من اهل الكوفة بالأموال واغرتهم بالجاه والنفوذ فصاروا إلبا واحدا مجمعين ومتفقين على حرب الامام ، وقد مهر الامويون في هذه السياسة الماكرة فكانوا يستميلون الوجوه بكل الوسائل الممكنة. واما الرعاع فيلهبون ظهورهم بالسياط.

2 ـ ان اشراف اهل الكوفة انما كاتبوا الحسين بالقدوم إليهم لا ايمانا منهم بعدالة قضيته وباطل الأمويين وانما كتبوا إليه ليكون سوقا ومكسبا للظفر باموال بني أمية ، فكانوا يعلنون لهم انكم ان لم تغدقوا علينا بالأموال فستكون من انصار الحسين ، فكانت كتبهم إليه وسيلة من وسائل الكسب.

3 ـ ان سواد الناس كانت قلوبهم مع الحسين ، ولكنهم منقادون لزعمائهم من دون ان تكون لهم أية ارادة او اختيار على متابعة ما يؤمنون به ، فكانوا جنود السلطة واداتها الضاربة.

هذه بعض النقاط المهمة التي حفل بها كلام هؤلاء القوم ، وقد دلت على دراستهم الوثيقة لشؤون مجتمعهم.

مع الطرماح :

والتحق الطرماح بالامام في اثناء الطريق ، وقد صحبه بعض الوقت وقد أقبل الامام على اصحابه ، فقال لهم :

«هل فيكم احد يخبر الطريق على غير الجادة؟»

فانبرى إليه الطرماح بن عدي الطائي فقال له :

٨٣

«أنا اخبر الطريق»

«سر بين أيدينا»

وسار الطرماح يتقدم موكب العترة الطاهرة ، وقد ساورته الهموم فجعل يحدو بالابل بصوت حزين وهو يرتجز :

يا ناقتي لا تذعري من زجرى

وامضي بنا قبل طلوع الفجر

بخير فتيان وخير سفر

آل رسول اللّه أهل الفخر

السادة البيض الوجوه الزهر

الطاعنين بالرماح السمر

الضاربين بالسيوف البتر

حتى تحلى بكريم النجر

بما جد الجد رحيب الصدر

أتى به اللّه لخير أمر

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

اذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

عمره اللّه بقاء الدهر

يا مالك النفع معا والضر

امدد حسينا سيدي بالنصر

على الطغاة من بقايا الكفر

على اللعينين سليلي صخر

يزيد لا زال حليف الخمر

والعود والصنج معا والزمر

وابن زياد العهر وابن العهر(1)

واسرعت الابل في سيرها على نغمات هذا الشعر الحزين ، وقد فاضت عيون اصحاب الحسين وأهل بيته من الدموع ، وهم يؤمنون على دعاء الطرماح للحسين بالنصر والتأييد ، وحلل الدكتور يوسف خليف هذا الرجز بقوله : «والرجز هنا ـ ولعله اول شعر كوفي يظهر فيه الحديث عن الحسين ـ يعتمد على البساطة في عرض الفكرة ، فهو لا يعدو أن يكون صورة من تحية البدو وترحيبهم بضيف عزيز قادم إليهم ، وهم خارجون لاستقباله. فالراجز يحث ناقته على السير السريع لتحل برحاب هذا الضيف

__________________

(1) مقاتل الطالبيين (ص 119) أنساب الأشراف ج 1 ق 1 ، ص 242 ، مروج الذهب 2 / 72 ، الفتوح.

٨٤

الذي يضفي عليه صفات المدح المألوفة عند البدو ، ويخلع عليه ما يتمثله البدوي في الرجل من مثل وفضائل فهو عنده كريم الأصل ، ماجد حر واسع الصدر لأن هذا الضيف ليس شخصا عاديا ، وانما هو حفيد رسول اللّه (ص) ومبعوث العناية الالهية إليهم لأمر هو خير الأمور ، ثم يختم هذه التحية البدوية بدعاء فطري ساذج ، ولكنه معبر عما يحمله له في نفسه من محبة صادقة واخلاص اكيد فيدعو أن يبقيه اللّه بقاء الدهر»(1)

وقال الطرماح للامام : «واللّه إني لأنظر فما أرى معك أحدا ، ولو لم يقاتلك إلا هؤلاء الذين أراهم ملازمين لك مع الحر لكان ذلك بلاء فكيف وقد رأيت قبل خروجي من الكوفة بيوم ظهر الكوفة مملوءا رجالا فسألت عنهم فقيل ليوجهوا الى الحسين ، فناشدتك اللّه أن لا تقدم إليهم شبرا الا فعلت»(2) .

وإلى أي مكان يرجع الامام؟ واين يذهب؟ والأرض كلها تحت قبضة الأمويين ، فلم يكن له بد من الاستمرار في سفره إلى العراق ، وعرض له الطرماح أن يسير معه إلى جبل بني طي ، وتعهد له بعشرين الف طائي يقاتلون بين يديه ، ولم يستجب الامام لهذا الوعد الذي هو غير مضمون ، واستأذن الطرماح من الامام ان يمضي لأهله ليوصل إليهم الميرة ويعود إلى نصرته ، فاذن له وانصرف الى أهله ، فمكث أياما ثم قفل راجعا إلى الامام فلما وصل إلى عذيب الهجانات بلغه مقتل الامام ، فأخذ يبكي على ما فاته من شرف الشهادة مع ريحانة رسول اللّه (ص)(3) .

__________________

(1) حياة الشعر في الكوفة (ص 373)

(2) أنساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 242

(3) تاريخ الطبري 6 / 330

٨٥

مع عبيد اللّه بن الحر :

واجتازت قافلة الامام على قصر بني مقاتل(1) ، فنزل الامام فيه وكان بالقرب منه بيت مضروب ، وامامه رمح قد غرس في الأرض يدل على بسالة صاحبه وشجاعته ، وقباله فرس ، فسأل الامام عن صاحب البيت ، فقيل له انه عبيد اللّه بن الحر ، فاوفد للقياه الحجاج بن مسروق الجعفي فخف إليه ، فبادره عبيد اللّه قائلا :

ـ ما ورائك؟

ـ قد أهدى اللّه إليك كرامة

ـ ما هي؟

ـ هذا الحسين بن علي يدعوك إلى نصرته ، فان قاتلت بين يديه أجرت ، وان مت فقد استشهدت.

ـ ما خرجت من الكوفة الا مخافة أن يدخلها الحسين وأنا فيها فلا أنصره لأنه ليس له فيها شيعة ولا أنصار إلا وقد مالوا إلى الدنيا إلا من عصم اللّه!!

وقفل الحجاج راجعا فأدى مقالته الى الامام ، ورأى (ع) أن يقيم عليه الحجة ويجعله على بينة من أمره فانطلق إليه مع الصفوة الطيبة من أهل بيته واصحابه ، واستقبله عبيد اللّه استقبالا كريما ، واحتفى به احتفاء بالغا ، وقد غمرته هيبة الامام ، فراح يحدث عنها بعد ذلك يقول :

«ما رأيت قط أحسن من الحسين ، ولا املأ للعين ، ولا رققت على أحد قط رقني عليه حين رأيته يمشي والصبيان من حوله ، ونظرت

__________________

(1) ذكر الخوارزمي في مقتله ان ملاقاة الامام بعبيد اللّه بن الحر كانت بين الثعلبية وزرود.

٨٦

إلى لحيته فرأيتها كأنها جناح غراب ، فقلت له : أسواد أم خضاب؟ قال! يا ابن الحر عجل علي الشيب فعرفت أنه خضاب»(1) .

وتعاطى الامام معه الشؤون السياسية العامة ، والأوضاع الراهنة ، ثم دعاه الى نصرته قال له :

«يا ابن الحر ان اهل مصركم كتبوا إلي أنهم مجتمعون على نصرتي وسألوني القدوم عليهم فقدمت ، وليس رأي القوم على ما زعموا فانهم اعانوا على قتل ابن عمي مسلم وشيعته ، واجمعوا على ابن مرجانة عبيد اللّه ابن زياد يا ابن الحر اعلم ان اللّه عز وجل مؤاخذك بما كسبت من الذنوب في الأيام الخالية ، وأنا أدعوك الى توبة تغسل بها ما عليك من ذنوب ادعوك الى نصرتنا أهل البيت»(2) .

والقى ابن الحر معاذيره الواهية فحرم نفسه السعادة والفوز بنصرة سبط الرسول ، قائلا :

«واللّه إني لأعلم أن من شايعك كان السعيد في الآخرة ، ولكن ما عسى أن اغني عنك ، ولم اخلف لك بالكوفة ناصرا فانشدك اللّه أن تحملني على هذه الخطة ، فان نفسي لا تسمح بالموت ، ولكن فرسي هذه «الملحقة»(3) واللّه ما طلبت عليها شيئا الا لحقته ، ولا طلبني أحد وأنا عليها الا سبقته فهي لك»(4) .

وما قيمة فرسه عند الامام فرد عليه قائلا :

«ما جئناك لفرسك وسيفك؟ انما أتيناك لنسألك النصرة ، فان

__________________

(1) انساب الأشراف 5 / 291 ، خزانة الأدب 1 / 298

(2) الفتوح 5 / 130

(3) وفي رواية «وهذه فرسي ملجمة»

(4) الأخبار الطوال (ص 249) الدر النظيم (ص 168)

٨٧

كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شيء من مالك ، ولم اكن بالذي اتخذ المضلين عضدا(1) واني انصحك إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ولا نشهد وقعتنا فافعل ، فو اللّه لا يسمع واعيتنا احد ولا ينصرنا الا اكبه اللّه في نار جهنم»(2) .

فاطرق ابن الحر برأسه الى الأرض وقال بصوت خافت حياء من الامام.

«أما هذا فلا يكون أبدا ان شاء اللّه تعالى»(3)

وما كان مثل ابن الحر وهو الذي اقترف الكثير من الجرائم ان يوفق الى نصرة الامام ويفوز بالشهادة بين يديه.

وقد ندم ابن الحر كاشد ما يكون الندم على ما فرط في امر نفسه من ترك نصرة ريحانة رسول اللّه (ص) واخذت تعاوده خلجات حادة من وخز الضمير ، ونظم ذوب حشاه بابيات سنذكرها عند البحث عن النادمين عن نصرة الحسين (ع).

مع عمرو بن قيس :

والتقى الامام في قصر بني مقاتل بعمرو بن قيس المشرفي ، وكان معه ابن عم له ، فسلم على الامام وقال له :

«يا ابا عبد اللّه هذا الذي ارى خضابا؟

__________________

(1) الفتوح 5 / 132

(2) مقتل الحسين للمقرم (ص 224)

(3) تاريخ ابن الأثير 3 / 282

٨٨

قال (ع) : «خضاب ، والشيب إلينا بني هاشم أسرع واعجل» والتفت (ع) لهما فقال :

«جئتما لنصرتي؟»

«لا. انا كثيرو العيال» وفي ايدينا بضائع للناس ، ولم ندر ما ذا يكون؟ ونكره ان نضيع الامانة».

ونصحهما الامام فقال لهما :

«انطلقا فلا تسمعا لي واعية ، ولا تريا لي سوادا فانه من سمع واعيتنا او رأى سوادنا فلم يجبنا او يغثنا كان حقا على اللّه عز وجل أن يكبه على منخريه في النار»(1) .

وارتحل الامام من قصر بني مقاتل ، واخذت قافلته تقطع الصحارى الملتهبة ، وتجتاز اغوارها في جاهد وعناء ، وتعاني لفحها الضارب كريخ السموم.

رسالة ابن زياد للحر :

وتابعت قافلة الامام سيرها في البيداء ، وهي تارة تتيامن واخرى تتياسر ، وجنود الحر يذودون الركب عن البادية ، ويدفعونه تجاه الكوفة والركب يمتنع عليهم(2) ، وإذا براكب يجذ في سيره ويطوى الرمال فلبثوا هنيئة ينتظرونه ، واذا هو رسول من ابن زياد الى الحر ، فسلم

__________________

(1) رجال الكشي (ص 72)

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 282

٨٩

الخبيث على الحر ، ولم يسلم على الحسين ، وتاول الحر رسالة من ابن زياد جاء فيها :

«أما بعد : فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ، ويقدم عليك رسولي ، فلا تنزله إلا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد امرت رسولي أن يلزمك فلا يفارقك حتى يأتيني بانفاذك أمري والسلام»(1) .

واستثنى ابن مرجانة ما عهد به إلى الحر من القاء القبض على الامام وارساله مخفورا إلى الكوفة ، ولعله خاف من تطور الأحداث وانقلاب الأوضاع عليه ، فرأى التحجير عليه في الصحراء بعيدا عن المدن لئلا يتجاوب أهلها الى نصرته ليتم القضاء عليه بسهولة ، وتلا الحر الكتاب على الامام الحسين فاراد الامام أن يستأنف سيره متجها صوب قرية أو ماء ، فمنعهم الحر ، وقال : لا استطيع ، فقد كانت نظرات الرقيب الوافد من ابن زياد تتابع الحر ، وكان يسجل كل بادرة يخالف بها الحر أوامر ابن زياد وانبرى زهير بن القين فقال للامام :

«انه لا يكون بعد ما ترون إلا ما هو أشد منه يا ابن رسول اللّه إن قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم ، مما لا قبل لنا به».

فقال الحسين : ما كنت لأبدأهم بقتال

وتابع زهير حديثه قائلا :

«سر بنا إلى هذه القرية حتى ننزلها فانها حصينة ـ وهي على

__________________

(1) انساب الأشراف ج 1 ق 1 ص 240 ، المناقب لابن شهر اشوب 5 / 128 مصور.

٩٠

شاطئ الفرات ـ فان منعونا قاتلناهم ، فقتالهم أهون علينا من قتال من يجيء بعدهم».

وسأل الامام عن اسم تلك الأرض؟ فقالوا له : انها تسمى العقر ، فتشأم منها ، وراح يقول : اللهم اني اعوذ بك من العقر(1) ، وأصر الحر على الامام أن ينزل في ذلك المكان ولا يتجاوزه ، ولم يجد الامام بدا من النزول في ذلك المكان والقى ببصره عليه ، والتفت الى أصحابه فقال لهم :

ـ ما اسم هذا المكان؟

ـ كربلاء

ودمعت عيناه وراح يقول :

«اللهم اني اعوذ بك من الكرب والبلاء»(2) .

__________________

(1) تأريخ ابن الأثير 3 / 282 ، معجم البلدان 4 / 444.

(2) الفتوح 5 / 149 ، وفي تذكرة الخواص (ص 260) انه لما قيل للحسين هذه ارض كربلا اخذ ترابها فشمها وقال : واللّه هي الأرض التي اخبر بها جبرئيل رسول اللّه (ص) انني اقتل فيها ، وجاء في حياة الحيوان للدميري 1 / 60 ان الحسين سأل عن اسم المكان فقيل له كربلا ، فقال : ذات كرب وبلاء لقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا معه فوقف وسأل عنه فأخبروه باسمه ، فقال : هاهنا محط رحالهم وهاهنا مهراق دمائهم فسئل عن ذلك؟ فقال : نفر من آل محمد ينزلون هاهنا ، ثم أمر باثقاله فحطت في ذلك المكان وكذلك جاء في مختصر صفوة الصفوة (262).

٩١

وطفق يحدث اصحابه وقد ايقن بنزول الرزء القاصم قائلا :

«هذا موضع كرب وبلاء ، هاهنا مناخ ركابنا ، ومحط رحالنا وسفك دمائنا ..».

وطافت به الذكريات ، وقد مثل امامه ذلك اليوم الذي تحدث فيه ابوه امير المؤمنين وهو في هذه البقعة ، وكان في طريقه الى صفين ، فقال : هاهنا محط رحالهم ، ومهراق دمائهم فسئل عن ذلك فقال :

نفر من آل محمد ينزلون هاهنا وذابت الدنيا في عين الامام ، وانقطع كل امل له في الحياة ، وايقن ان اوصاله سوف تتقطع على صعيد هذه الأرض الا انه خلد الى الصبر ، واستسلم لقضاء اللّه وقدره»

ونهض الامام بقوة وعزم مع أصحابه وأهل بيته الى توطيد مخدرات الرسالة وعقائل الوحي ، فنصبوا لهن الخيام وكانت خيم الأصحاب ، وخيم أهل البيت ، محيطة بها عن اليمين والشمال ، واسرع فتيان بني هاشم فانزلوا السيدات من المحامل ، وجاءوا بهن إلى خيامهن ، وقد استولى عليهن الرعب والذعر ، فقد احسسن بالاخطار الهائلة التي ستجري عليهن في هذه الأرض.

موضع الخيام :

ونصبت خيام اهل البيت (ع) في البقعة الطاهرة التي لا تزال آثارها باقية إلى اليوم(1) يقول السيد هبة الدين الشهرستاني : «وأقام الامام

__________________

(1) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء 2 / 6 للسيد عبد الحسين سادن الروضة الحسينية في مكتبة المحامي السيد عادل الكليدار.

٩٢

في بقعة بعيدة عن الماء تحيط بها سلسلة ممدودة ، وربوات تبدأ من الشمال الشرقي متصلة بموضع باب السدرة في الشمال ، وهكذا إلى موضع الباب الزينبي إلى جهة الغرب ، ثم تنزل إلى موضع الباب القبلي من جهة الجنوب وكانت هذه التلال المتقاربة تشكل للناظرين نصف دائرة ، وفي هذه الدائرة الهلالية حوصر ريحانة الرسول (ص)»(1) ونفى صديقنا الاستاذ السيد محمد حسن الكليدار أن يكون الموضع المعروف بمخيم الحسين هو الموضع الذي حط فيه الامام اثقاله ، وانما يقع المخيم بمكان نائي بالقرب من المستشفى الحسيني ، مستندا في ذلك إلى أن التخطيط العسكري المتبع في تلك العصور يقضي بالفصل بين القوى المتحاربة بما يقرب من ميلين ، وذلك لما تحتاجه العمليات الحربية من جولان الخيل وغيرها من مسافة ، كما ان نصب الخيام لا بد أن يكون بعيدا عن رمي السهام والنبال المتبادلة بين المحاربين واستند أيضا إلى بعض الشواهد التأريخية التي تؤيد ما ذهب إليه(2) .

واكبر الظن ان المخيم انما هو في موضعه الحالي ، أو يبعد عنه بقليل وذلك لأن الجيش الأموي المكثف الذي زحف لحرب الامام لم يكن قباله إلا معسكر صغير عبر عنه الحسين بالأسرة ، فلم تكن القوى العسكرية متكافئة في العدد حتى يفصل بينهما بميلين أو اكثر ..

لقد احاط الجيش الأموي بمعسكر الامام حتى انه لما اطلق ابن سعد السهم الذي انذر به بداية القتال ، واطلق الرماة من جيشه سهامهم لم يبق احد من معسكر الامام إلا اصابه سهم حتى اخترقت السهام بعض ازر النساء ، ولو كانت المسافة بعيدة لما اصيبت نساء أهل البيت بسهامهم

__________________

(1) نهضة الحسين (ص 99)

(2) مدينة الحسين 2 / 24

٩٣

ومما يدعم ما ذكرناه ان الامام الحسين (ع) لما خطب في الجيش الأموي سمعت نساؤه خطابه فارتفعت اصواتهن بالبكاء ، ولو كانت المسافة بعيدة لما انتهى خطابه إليهن ، وهناك كثير من البوادر التي تدل على أن المخيم في وضعه الحالي.

٩٤

فى كربلاء

٩٥
٩٦

وأقام موكب العترة الطاهرة في كربلا يوم الخميس المصادف اليوم الثاني من المحرم سنة (61 هـ)(1) وقد خيم الرعب على اهل البيت ، وايقنوا بنزول الرزء القاصم ، وعلم الامام مغبة الأمر ، وتجلت له الخطوب المفزعة ، والأحداث الرهيبة التي سيعانيها على صعيد كربلا ، ويقول المؤرخون : انه جمع أهل بيته واصحابه فالقى عليهم نظرة حنان وعطف وايقن انهم عن قريب سوف تتقطع أوصالهم ، فاغرق في البكاء. ورفع يديه بالدعاء يناجي ربه ، ويشكو إليه ما المّ به من عظيم الرزايا والخطوب قائلا :

«اللهم : انا عترة نبيك محمد (ص) قد أخرجنا وطردنا وازعجنا عن حرم جدنا ، وتعدت بنو أمية علينا اللهم فخذ لنا بحقنا وانصرنا على القوم الظالمين.».

ثم اقبل على اولئك الابطال فقال لهم :

«الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء ، قلّ الديانون»(2) .

يا لها من كلمات مشرقة حكت واقع الناس في جميع مراحل التأريخ فهم عبيد الدنيا في كل زمان ومكان ، واما الدين فلا ظل له في اعماق

__________________

(1) انساب الأشراف ق 1 ج 1 / 240 ، وكان هلال المحرم في تلك السنة يوم الأربعاء جاء ذلك في (الافادة في تأريخ الأئمة السادة)

(2) ضبط ابو هلال الحسن بن عبد اللّه العسكري في كتابه (الصناعتين) كلام الامام الحسين بهذه الصورة «الناس عبيد الدنيا والدين لغو على السنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون».

٩٧

نفرسهم ، فاذا دهمتهم عاصفة من البلاء تنكروا له وابتعدوا منه نعم ان الدين بجوهره انما هو عند الامام الحسين وعند الصفوة من أهل بيته واصحابه فقد امتزج بمشاعرهم ، وتفاعل مع عواطفهم فانبروا الى ساحات الموت ليرفعوا شأنه ، وقد اعطوا بتضحيتهم دروسا لاجيال الدنيا في الولاء الباهر للدين.

وبعد حمد اللّه والثناء عليه خاطب اصحابه قائلا :

«اما بعد : فقد نزل بنا ما قد ترون. وان الدنيا قد تغيرت ، وتنكرت وادبر معروفها ، ولم يبق منها إلاّ صبابة كصبابة الاناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل(1) . الا ترون الى الحق لا يعمل به ، والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء اللّه فاني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما»(2) .

لقد أدلى بهذا الخطاب عما نزل به من المحن والبلوى ، واعلمهم ان الظروف مهما تلبدت بالمشاكل والخطوب فانه لا ينثني عن عزمه الجبار لاقامة الحق الذي خلص له وقد وجه (ع) هذا الخطاب لاصحابه لا ليستدر عواطفهم ، ولا ليستجلب نصرهم ، فما ذا يغنون عنه بعد ما احاطت به القوى المكثفة التي ملئت البيداء ، وانما قال ذلك ليشاركونه المسئولية في اقامة الحق الذي آمن به واختاره قاعدة صلبة لنهضته الخالدة وقد

__________________

(1) المرعى الوبيل : هو الطعام الوخيم الذي يخاف وباله أي سوء عاقبته.

(2) معجم الطبراني من مصورات مكتبة امير المؤمنين ، تأريخ ابن عساكر 13 / 74 من مصورات مكتبة الامام امير المؤمنين ، تأريخ الاسلام للذهبي 2 / 345 ، حلية الأولياء 2 / 39.

٩٨

جعل الموت في هذا السبيل هو الآمل الباسم في حياته الذي لا يضارعه أي أمل آخر.

ولما انهى خطابه هبّ اصحابه جميعا ، وهم يضربون أروع الأمثلة للتضحية والفداء من أجل العدل والحق وكان اول من تكلم من اصحابه زهير بن القين وهو من افذاذ الدنيا فقد قال :

«سمعنا يا بن رسول اللّه (ص) مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية ، وكنا فيها مخالدين لآثرنا النهوض معك على الاقامة فيها»

ومثلت هذه الكلمات شرف الانسان وانطلاقه في سبيل الخير ، وبلغ كلام زهير في نفوس الأنصار اقصى الرضا ، وحكى ما صمموا عليه من الولاء للامام والتفاني في سبيله وانبرى بطل آخر من أصحاب الامام وهو برير الذي ارخص حياته في سبيل اللّه فخاطب الامام :

«يا بن رسول اللّه لقد منّ اللّه بك علينا أن نقاتل بين يديك ، وتقطع فيك اعضاؤنا ، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة».

لقد أيقن برير ان نصرته للامام فضل من اللّه عليه ، ليفوز بشفاعة رسول اللّه (ص) وقام نافع وهو يقرر نفس المصير الذي اختاره الأبطال من اخوانه قائلا :

«أنت تعلم أن جدك رسول اللّه (ص) لم يقدر أن يشرب الناس محبته ، ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحب ، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ، ويضمرون له الغدر يلقونه بأحلى من العسل ، ويخلفونه بأمر من الحنظل ، حتى قبضه اللّه إليه ، وان أباك عليا كان في مثل ذلك فقوم قد أجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين حتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة اللّه ورضوانه وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده ، وخلع بيعته فلن يضر الا نفسه واللّه مغن عنه

٩٩

فسر بنا راشدا معافى ، مشرقا إن شئت او مغربا ، فو اللّه ما اشفقنا من قدر اللّه ، ولا كرهنا لقاء ربنا ، وإنا على نياتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك»(1) .

وتكلم اكثر اصحاب الامام بمثل هذا الكلام ، وقد شكرهم الامام على هذا الاخلاص والتفاني في سبيل اللّه.

انتظار الاسدي للامام :

والتحق بالامام فور قدومه إلى كربلا رجل من بني أسد اهمل المؤرخون اسمه ، وقد حكى قصبته العريان بن الهيثم قال : كان أبي ينزل قريبا من الموضع الذي كانت فيه واقعة الطف ، وكنا لا نجتاز في ذلك المكان الا وجدنا رجلا من بني أسد مقيما هناك ، فقال له ابي : إني اراك ملازما هذا المكان؟ فقال له : بلغني أن حسينا يقتل هاهنا ، فانما أخرج لعلي أصادفه فاقتل معه ، ولما قتل الحسين قال أبي : انطلق معي لننظر إلى الأسدي هل قتل؟ فأتينا المعركة وطفنا في القتلى فرأينا الأسدي معهم(2) لقد فاز بالشهادة بين يدي ريحانة رسول اللّه (ص) ونال أسمى المراتب ، فكان في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

رسالة الامام لابن الحنفية :

ورفع الامام (ع) رسالة من كربلا إلى أخيه محمد بن الحنفية وسائر بنى هاشم ، نعى فيها نفسه ، واعرب عن دنو الأجل المحتوم منه هذا نصها : «أما بعد : فكأن الدنيا لم تكن وكأن الآخرة لم تزل

__________________

(1) مقتل المقرم (ص 231)

(2) تاريخ ابن عساكر 13 / 74

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

[ حديث الدينار ]

[٧٤٦] يحيى ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح عليعليه‌السلام ذات يوم ، فقال لفاطمةعليها‌السلام : يا فاطمة هل عندك شيء [ تغذينيه ](١) .

قالت : والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح اليوم عندي شيء اغذيكه ، وما كان عندي شيء منذ يومين إلا ما كنت اوثرك به على نفسي وعلى هذين ـ تعني الحسن والحسينعليهما‌السلام ـ.

قال : فهلا كنت ذكرت ذلك لي ، فأبغركم شيئا؟

قالت : إني لأستحي من الله أن اكلّفك ما لا تقدر عليه ، ولا تجده.

فخرج عليعليه‌السلام من عندها ، واثقا بالله ، حسن الظن به ، فأتى بعض الصحابة ، فاستقرض دينارا ، وأقرضه إياه. فمضى ليبتاع به لعياله ما يصلحهم ، فلقي المقداد بن الأسود(٢) في يوم شديد الحر ، وقد لوحته الشمس من فوقه وأذته من تحته ، فلما رآه عليعليه‌السلام أنكر

__________________

(١) هكذا صححناه من ذخائر العقبى ص ٤٤ وفي الاصل : شيء الغذاء.

(٢) أبو معيد المقداد بن عمرو ويعرف بابن الاسود الكندي البهراني الحضرمي الصحابي الجليل سكن المدينة وتوفي على مقربة منها فحمل إليها ودفن فيها ٣٣ ه‍.

٤٠١

حاله ، فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة عن أهلك؟

فقال : يا أبا الحسن خلّ عن سبيلي ، ولا تسألني عما ورائي.

قال : يا أخي إنه لا ينبغي أن تجاوزني حتى أعلم علمك.

قال : يا أبا الحسن ، رغبة الى الله عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي ، ولا تكشفني عن حالي.

قال له : يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.

قال : يا أبا الحسن ، أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ، ما أزعجني عن أهلي إلا الجهد ، وقد تركت عيالي يتضارعون جوعا. فلما سمعت ذلك منهم وبكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي ، فهذه قضيتي وحالي.

فهملت عينا عليعليه‌السلام بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته ، وقال له : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني وأخرجني عن أهلي غير الذي أخرجك وأزعجك عن أهلك ، ولكن قد استقرضت دينارا ، فهاكه قد آثرتك به على نفسي.

فدفع الدينار إليه ، وأتى المسجد ، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلاة مرّ بعليعليه‌السلام وهو يصلّي ، فغمزه [ برجله ] ، فأوجز في صلاته ، ثم لحق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند باب المسجد. فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل(١) .

فأطرق عليعليه‌السلام ساعة لا يحير جوابا حياء من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان جبرائيلعليه‌السلام قد هبط على النبيّ

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٨ : هل عندك شيء تعشينا فأنفتل الى الرحل.

٤٠٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا محمّد إن الله عزّ وجلّ يأمرك ان تتعشى هذه الليلة عند عليعليه‌السلام ، فلما نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى سكوت عليعليه‌السلام قال : يا أبا الحسن ، مالك لا تقول شيئا ، أتقول : نعم ، فأمضي معك ، أم أنصرف؟

فقال ـ حياء من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : نعم ، فامض بنا يا رسول الله.

فانطلقا ، فدخلا على فاطمةعليها‌السلام وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها ، وخلفها في البيت جفنة تفور دخانها ، فلما أن أحست بالنبي وعليعليهما‌السلام قامت مبادرة الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت من أحب الناس إليه ، فسلّمت عليه ، فردّعليها‌السلام ، فمسح بيده على رأسها ، وقال : يا بنية كيف أمسيت رحمك الله [ عشّينا غفر الله لك ](١) ، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام وجلست فاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام بحسب ما كانوا يجلسون على الطعام ، وعليعليه‌السلام [ يظن ] أن الطعام شيء عملته فاطمةعليها‌السلام ، وهي تظن أنه جاء به مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسب ما كان يفعل ذلك كثيرا ، وكشفت عن الجفنة ، فإذا ثريد يفور وعراق كثير ، فجعلوا يأكلون ، وعليعليه‌السلام ينظر الى فاطمةعليه‌السلام نظرا شحيحا(٢) .

فقالتعليها‌السلام : يا أبا الحسن ، مالي أرى أكلك ضعيفا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من كفاية الطالب.

(٢) النظر بغضب.

٤٠٣

وعهدي بك منذ أول النهار سألت الغذاء ، ثم لم أرك ، وأراك مع ذلك تنظر الي نظرا شحيحا ، كأن في نفسك عليّ شيء.

قال عليعليه‌السلام : كيف لا يكون ذلك وقد كدت أرد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد سألني العشاء عندي ، وأنا لا أعلم عندك شيء على قولك ، فمن أين هذا الطعام؟

قالت : والذي بعثه بالحق نبيا ـ وأشارت الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ما عندي منه علم ، ولا ظننت إلا أنه شيء جئت به من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فأمسكت عن الطعام ، وأمسك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وتغشى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوحي ، فغمز بين كتفي عليعليه‌السلام ، ثم قال : كل يا علي ، كلي يا فاطمة ، ووضع يده فأكل.

وقال : هذا من عند الله ، يا علي هذا عوض دينارك ، هذا عوض إيثارك على نفسك ، هذه كرامة من عند الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت.

فأنزل الله عزّ وجلّ فيه :( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) . واستعبر رسول الله ، وقال : الحمد لله الذي أنالكما كما أنال زكريا ومريم بنت عمران ، إذ كان( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (٢) .

__________________

(١) الحشر : ٩.

(٢) آل عمران : ٣٧.

٤٠٤

[٧٤٧] أحمد بن شعيب [ النسائي ] ، باسناده ، عن [ هلال ، عن عوار ](١) ، قال : قلت لعبد الله بن عمر : أخبرني عن عليعليه‌السلام وعثمان ، ومنزلة كل واحد منهما.

قال : أما عليعليه‌السلام فهذا منزله وهذا منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا اخبرك بأكثر من هذا. وأما عثمان فإنه أذنب ذنبا عظيما ، كان ممن تولّى يوم التقى الجمعان ، وذلك يوم أحد ، فغفر الله له ذلك فيمن غفر ، وأذنب فيكم [ ذنبا صغيرا ] فقتلتموه.

[٧٤٨] وبآخر ، عن عليعليه‌السلام أنه قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي يهلك فيك محبّ مفرط ، ومبغض مفرط ، ومثلك مثل المسيح غلت فيه النصارى ، فزعموا أنه ابن الله. وغلت فيه اليهود فزعموا أنه لغير رشده ، [ واقتصد قوم فنجوا ](٢) .

[٧٤٩] يحيى بن مساور ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال ـ يوما وعنده جماعة من أصحابه ـ : نقيّ القلب ؛ نقيّ النفس ؛ يقول صوابا ، ويمشي سدادا ، تزول الجبال ولا يزول ، هو مني وأنا منه.

قالوا : يا رسول الله ، من هو هذا؟

قال : علي بن أبي طالب ، نور الله بين عينيه.

[٧٥٠] وبآخر ، عن أبي موسى الأشعري ، أنه قال لعمرو بن العاص ـ لما أن تفاوض في الحكومة ـ :

ويحك يا عمرو ، ما يدعوك الى أن تجعل الخلافة في غير علي بن أبي

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من خصائص النسائي ص ١٠٦ وفي الاصل : عن علاء بن عمران.

(٢) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار ٣٥ / ٣١٩.

٤٠٥

طالبعليه‌السلام ؟ أما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح(١) من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق؟ أما تذكر يوم كنا بباب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج إلينا ، فقال :

إن إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله ، وعيسى روح الله ، وأنا حبيب الله ، وعلي بن أبي طالب وديعتي عند الله؟

أو ما تذكر إذ كنا في سفر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل يسير على رجليه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

والذي نفسي بيده لئن شئتم لأرينكم أيّ الناس شبها ومنطقا بابراهيم خليل الرحمنعليه‌السلام .

قالوا : ومن هو يا رسول الله؟

قال : هذا المقبل علي بن أبي طالب ، نور الله بين عينه.

فرفعوا أبصارهم فإذا وجه عليعليه‌السلام يضيء مثل الشمس.

[٧٥١] سعيد بن نوح العجلي ، باسناده ، عن أنس بن مالك. قال : كنت خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول :

ليدخلن عليّ اليوم البيت رجل هو خير الأوصياء ، وسيد الشهداء ، وأقرب الناس يوم القيامة [ إليّ ] مجلسا(٢) .

__________________

(١) لقد عثرت لجنة التنقيب عن الآثار السوفيتية في منطقة وادي قاف على قطع من هذه السفينة وعلى قطعة خشبية مكتوب عليها باللغة السامانية كلمات ترجمها العالم البريطاني ايف ماكس ( استاذ الألسن القديمة في جامعة مانجستر ) الى الانكليزية ، وإليك ترجمتها بالعربية : يا الهي ويا معيني برحمتك وكرمك ساعدني ولأجل هذه النفوس المقدسة محمّد وإيليا شبر شبير فاطمة الذين هم جميعهم عظماء ومكرمون ، العالم قائم لاجلهم ، ساعدني لأجل أسمائهم. ولا يخفى أن هذه اللوحة موجودة في متحف الآثار القديمة في موسكو. وأن إيليا وشبر وشبير يعني بالعربية علي والحسن والحسين.

(٢) وفي أمالي الصدوق ص ١٧٥ : وأدنى الناس منزلة من الأنبياء.

٤٠٦

قال أنس بن مالك ، فقلت : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار ، فدخل عليعليه‌السلام في ذلك اليوم.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومالي لا أقول هذا فيك ، وأنت تبرأ ذمتي وتحفظ وصيتي.

[٧٥٢] حسن بن حريث بن عمارة(١) ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه سئل عن عليعليه‌السلام ، قال : ذلك خير البشر من شك فقد كفر.

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : حسن بن حر بن أبو عمار. والمفروض أن يكون : بن أبي عمار فلاحظ.

٤٠٧

[ عليّ مع الملائكة ]

قول الملائكة في عليعليه‌السلام وعونهم إياه وما جاء عنهم فيه

[٧٥٣] سعد بن طريف ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : زارت الملائكة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء عمر يريد أن يدخل إليه ، وعليعليه‌السلام بالباب(١) .

فقال له عمر : أتأذن لي؟

فقال له : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة.

وعليعليه‌السلام يمسح العرق عن وجهه ويحسب بيده ، فانصرف عمر ، ثم عاد ، فقال له : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة ، ثم جاء الثالثة ، فقال : يا عمر إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زاره اليوم ثلاثمائة وستون ملكا ، فهو معهم مشغول عنك وعن غيرك.

فانصرف عمر ، فلما أن صلّى الظهر أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله أتيت اليوم إليك مرارا فردّني علي وزعم أنه زارك اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام ، فقال له :

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٣٩ / ١١٢ : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا عليا فقال : يا علي ، احفظ عليّ الباب فلا يدخلن أحد اليوم فإن ملائكة من ملائكة الله استأذنوا ربهم أن يتحدثوا لي اليوم إلى الليل ، فاقعد ، فقعد عليعليه‌السلام على الباب.

٤٠٨

يا علي ، ما أعلمك أنه زارني اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

قال : يا رسول الله ، أحصيت سلامهم عليك.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده ، ما زدت ولا نقصت قلامة ظفر ولقد أحصيت عددهم.

[٧٥٤] محمّد بن عيسى النخعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : لما أن أمر الله عزّ وجلّ نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالهجرة ، وأعلمه بما عقد(١) المشركون من أن يثبوه ليقتلوه ، وأمر علياعليه‌السلام بأن يضطجع مضجعه ، ففعل ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرائيل وميكائيلعليهما‌السلام :

إني قد آخيت بينكما وإني قابض روح أحدكما ، فاختارا ، أيكما أقبض روحه؟

فكلاهما أحبّ الحياة وكره الموت.

فأوحى الله عزّ وجلّ إليهما : ما أنتما في مواساتكما كمواساة علي لمحمّد. فانطلقا ، فاحفظاه من كل سوء من عدوي وعدوه حتى يصبح.

فهبطا ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ لك يا علي المحبوب المواسي بنفسه.

[٧٥٥] أبو عثمان(٢) قاضي الموصل ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري(٣) أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لقد صلّيت وعلي بن أبي طالب سبع سنين وذلك أنه لم يؤمن ذكر من قبله ، وذلك قول الله عزّ وجلّ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : بما عقل.

(٢) وفي نسخة الاصل : أبو غسان.

(٣) وهو خالد بن زيد بن كعب بن ثعلبة من بني النجار ، توفي ٥١ ه‍.

٤٠٩

يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ ) (١) لمن في الأرض وكان ذلك لي ولعلي وخديجة بنت خويلد ، ثم لمن آمن من بعد.

[ حديث الناقة ]

[٧٥٦] محمّد بن مالك ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : خرج عليعليه‌السلام ومعه إزار ، فباعه بستة دراهم في سوق المدينة ، وأقبل ليبتاع بها طعاما لعيال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلقيه سائل.

فقال يا أبا الحسن عادتك الجميلة ، فدفع إليه الستة الدراهم ، وأقبل بلا شيء ، فلما أن صار في بعض الطريق لقي أعرابيا ومعه ناقة.

فقال له الأعرابي : هل تشتري مني هذه الناقة؟

قال له : ليس معي ثمنها.

قال : أنا أصبر عليك.

قال [ أمير المؤمنين ] : بكم هي؟

قال [ الأعرابي ] : بمائة درهم.

قال [ أمير المؤمنين ] : أخذتها.

قال : فدفعها إليه ، فأخذها عليعليه‌السلام منه ، ثم وقف عليهما أعرابي آخر.

فقال لعليعليه‌السلام : أتبيع الناقة؟

قال : نعم.

قال [ الأعرابي ] بكم هي؟

قال : أخذتها من هذا بمائة درهم بنظرة فاعط ما شئت؟

__________________

(١) غافر : ٧.

٤١٠

قال : اعطيك مائة وستين درهما نقدا.

قال [ أمير المؤمنين ] : هي لك.

فوزن الدراهم ، فاستوفى البائع المائة ، وأتىعليه‌السلام بستين درهما فوضعها بين يدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال :

نعم البائع ، ونعم المشتري. يا علي ، أما البائع منك فجبرائيل ، وأما المشتري منك فميكائيل. أعطيت ستة ، فأعطيت ستين. ولو زدت لزادك ، ولو دنقت لدنق عليك ، ألا إن الله عزّ وجلّ انتجبك ، فهداك.

[٧٥٧] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قدم عليعليه‌السلام من بعض غزواته المباركة.

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا على إن جبرائيل يقرئك السّلام ، وأخبرني أنه عنك راض.

قال : فبكى عليعليه‌السلام .

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفرحا بكيت يا علي؟

قال : فكيف لا أفرح يا رسول الله ، وأنت تخبرني برضاء جبرائيل عني.

فقال : يا علي إن الله عزّ وجلّ وملائكته ورسوله عنك راضون ، ولو لا أني أخاف أن يقول فيك الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريمعليه‌السلام لقلت فيك اليوم قولا ما تمرّ بملإ من أمتي(١) إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يرجون بذلك البركة والرحمة.

__________________

(١) وفي مقتل الخوارزمي ١ / ٤٦ : لا تمر بأحد من المسلمين.

٤١١

[٧٥٨] إسحاق بن وهب بن زياد ، باسناده ، عن جابر عن عبد الله ، أنه قال : لما أن قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفتح خيبر.

قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، إني اخبرت خبرك واوتيت مناي فيك ، وإني عنك راض.

قال : فدمعت عينا عليعليه‌السلام .

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تبك فان الله وملائكته ورسله وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل عنك راضون ، ولو لا أن تقول امتي فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ على ملأ من الناس قلّوا أو كثروا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، وفضل طهورك ، يلتمسون به البركة ويستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك ترثني وأرثك ، وإن ولدك ولدي ، وحربك حربي ، وسلمك سلمي ، وإن سرك سري ، وعلانيتك علانيتي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن الإيمان قد خالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنك تنجز عداتي ، وتقاتل على سنتي ، وإنك أول من يرد الحوض عليّ ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإن الحق بين عينك وفي قلبك وعلى لسانك ، وإنك تكسى إذا كسيت ، وتحلى إذا حليت ، وتعطى إذا اعطيت ، وإن شيعتك يوم القيامة على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنة جيراني ، وكل مبغض لك وأهل بيتك يذاد عن حوضي.

قال : فخرّ علي(١) عليه‌السلام ساجدا. ثم رفع رأسه الى السماء

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصلب : فخرّ رأسه علي.

٤١٢

فقال : الحمد لله(١) .

[٧٥٩] محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة من غزواته ، فنزل منزلا ونزل المسلمون معه على غير ماء ، والمشركون على ماء لهم ، فعطش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : من يسقني شرية من ماء وله الجنة؟

فلم يكن عند أحد ماء. فوثب عليعليه‌السلام فتناول القربة ، وقد غابت الشمس ، وخرج يمشي نحو الماء الذي عليه المشركون ، فأتاه ليلا فملأ القربة. فلما احتملها [ وخرج ، فجاءت ريح ] ، فوقع ، وهرق الماء فملأها ثانية ، فأصابه مثل ذلك. ثم ثالثة ، فأصابه مثل ذلك ، ثم ملأها(٢) ، وأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بها مملوءة.

فقال : يا علي ، اسقطت ثلاث مرات؟

قال : نعم ، والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، لقد أصابني ذلك ، فمن أخبرك؟

قال : جاء جبرائيل في جماعة من الملائكة ، فأخبرني أنهم أتوا إليك ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت ، ثم جاءني ميكائيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت. ثم جاءني إسرافيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك مثل ذلك. وما

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٥ ومناقب الخوارزمي ص ٧٦ : قال عليعليه‌السلام : فخررت ساجدا لله سبحانه وحمدته على ما أنعم به عليّ من الاسلام والقرآن وحببني الى خاتم النبيين وسيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) وفي مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ٢٤٢ : فلما كانت الرابعة ملأها.

٤١٣

أتوك إلا ليحفظوك(١) .

[٧٦٠] محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما عصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم الله.

قيل : وما سهم الله يا رسول الله؟

قال : علي بن أبي طالب ، ما بعثته في سرية ولا أبرزته لمبارزة إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه الله خير النصر والظفر.

[٧٦١] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث ، قال : كان لعليعليه‌السلام في ليلة واحدة ثلاثة ألف منقبة وثلاث مناقب. بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستقى له ماء ، فبينا هو على البئر إذ هبت ريح شديدة حتى استمسك بالبئر ، ثم مرت ريح ثانية ، ثم ثالثة كذلك ، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر ذلك له.

فقال له : يا أبا الحسن ، أما الريح الاولى فانه جبرائيل مرّ بك في ألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلّموا عليك. وأما الريح الثانية فانه ميكائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلموا عليك. وأما الريح الثالثة ، فانه اسرائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم وسلّموا عليك(٢) .

__________________

(١) وهذا الصدد يقول الحميري :

وسلّم جبريل وميكال ليلة

عليه وحياة اسرافيل معربا

أحاطوا به في روعة جاء يستقي

وكان على الف بها قد تحزّبا

ثلاثة آلاف ملائك سلّموا

عليه فأدناهم وحيّا ورحّبا

 (٢) ونعم ما قال القائل :

ذاك الذي سلّم في ليلة

عليه ميكال وجبريل

ميكال في الف وجبريل في

الف ويتلوهم سرافيل

٤١٤

[٧٦٢] محمّد بن [ الجنيد ](١) ، باسناده ، عن سعد بن المسيب ، قال : لقد أصابت علياعليه‌السلام يوم احد ست عشرة ضربة ، وهو بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يذبّ عنه. كل ضربة منها يسقط الى الارض ، فإذا سقط رفعه جبرائيلعليه‌السلام .

[٧٦٣] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن إبراهيم النخعي(٢) ، أنه قال. لما أسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى السماء هتف به هاتف من السماوات : يا محمّد إن الله عزّ وجلّ يقرئ عليك السّلام ، ويقول لك أقرئ علي بن أبي طالب مني السّلام.

[٧٦٤] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه سئل عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : ما تسألون عن رجل طالما سمع وقع جبرائيلعليه‌السلام فوق بيت نبيه.

[٧٦٥] سعد بن طريف ، باسناده ، عن ابي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : دخل عليعليه‌السلام على فاطمةعليها‌السلام وعندها رسول الله لما انصرف عن أحد.

فقال لها : يا فاطمة خذي السيف غير ذميم.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أجدت القتال اليوم ، يا أبا الحسن؟

قال : الله ورسوله أعلم.

قال : ألا ابشرك يا علي إن جبرائيل قال ـ وأنت تقاتل ـ : لا سيف

__________________

(١) هكذا صححناه من المناقب ٢ / ٢٤٠ وفي الاصل : محمّد بن الحسن.

(٢) أبو عمران النخعي ، ابراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود ، ولد ٤٦ ه‍. من مذحج من اكابر التابعين صلاحا ، من أهل الكوفة. توفي مختفيا من الحجاج ٩٦ ه‍.

٤١٥

إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي(١) .

[٧٦٦] الدغشي(٢) ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : كنا مع عليعليه‌السلام يوما في مسجد الكوفة إذ أقبل رجل أصهب اللحية ذو ظفيرتين(٣) عليه ثوبان أخضران حتى جلس الى جانب عليعليه‌السلام ، وعلي عند سارية المسجد ، فلما رآه علي قام ، وقام الرجل معه ، فخرجا من المسجد ، فمكثا مليا.

فقال بعض لبعض : ما صنعنا شيئا تركنا أمير المؤمنين مع رجل لا نعرفه.

فقمنا ، فلقينا علياعليه‌السلام راجعا ، فقلنا له : أخذنا على أنفسنا يا أمير المؤمنين إن تركناك مع رجل لا نعرفه.

قال : أتدرون من ذلك الرجل؟

قلنا : لا.

قال : هو الخضر(٤) عليه‌السلام ، وقد أتاني مرتين قبل هذا وأخبرني أنه سيعود إليّ ، وحدثني بأشياء منها ما عرفته ، ومنها ما لم أعرفه.

قلنا : يا أمير المؤمنين ، بما ذا حدثك ، إن رأيت أن تخبرنا به ، فافعل.

قال : أما في مقامي هذا فلا ، ولكني أخبركم ببعض ما قال. إنه

__________________

(١) نسبة الى دغش بن عمرو بن سلسلة بطن من طي.

(٢) قال الحميري ره :

وله بلاء يوم احد صالح

والمشرفية تأخذ الادبارا

إذ جاء جبريل فنادى معلنا

في المسلمين وأسمع الأبرارا

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى

الا علي ان عددت فخارا

(٣) هكذا في الاصل وفي مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ٢٤٦ : وله عقيصتان سوداوان أبيض اللحية.

(٤) وهو صاحب موسىعليه‌السلام ، أشار إليه القرآن ورفع ذكره.

٤١٦

ذكر الكوفة ، فقال : أما إنها مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله عزّ وجلّ.

ثم قال لي : أتدري لم سميت الكوفة؟

قلت : لا.

قال : شقّ نهرها ملك يسمى كوفان.

[٧٦٧] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي فخرج. ثم قال لي : يا أم سلمة : إن جاء علي فقولي له يلحقني بهذه الأدوات الى الجبل ، وإن أبطأ عليك وجاء بلال فقولي له : يلحقني بها.

قالت : فأبطأ عليعليه‌السلام وجاء بلال. فقلت : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرك أن تأخذ هذه الأدوات فتلحقه بها الى الجبل.

قالت : فلما ذهب بلال ليتناولها جاء عليعليه‌السلام فأخبرته.

فقال لبلال : هلمّ بنا نتعاقبه(١) فمضيا يطلبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجبل فلم يجداه ، فبينا هما في بعض الشعاب يطلبانه إذ لقيا رجلا يتوكأ على عصاه ، وكساء على عاتقه كأنه راع.

فقال له عليعليه‌السلام : هل رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فقال : وهل لله من رسول؟

فغضب عليعليه‌السلام وتناول حجرا فرماه ، فأصاب بين

__________________

(١) هكذا في الاصل ، وفي المناقب ٢ / ٢٤٩ : وخرج علي ومعه بلال يقفوان أثر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤١٧

عينيه ، فصاح صيحة ، فإذا الأرض كلها سوداء من خيل ورجال [ حتى أطافوا به. ثم أقبل عليعليه‌السلام فبيناهم كذلك ](١) فأقبل طائران أبيضان ، فأخذ أحدهما يمنة والآخر يسرة [ فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ] انكشف ذلك السواد ، فلم ير منه شيء. [ ورجع الطائران حتى أخذا في الجبل ].

فقال عليعليه‌السلام لبلال : اتبع بنا هذين الطائرين فاني أراهما يعلمان حيث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقصدا نحوهما ، فلقيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبلا من الجبل. فلما رأى علياعليه‌السلام تبسم في وجهه ، وقال : يا علي مالي أراك مرعوبا(٢) ، فقصّ عليه القصة.

فقال : إن ذلك الرجل إبليس اللعين أراد أن يكيدك ، وأن الطائرين جبرائيل وميكائيل كانا عندي فلما سمعنا الصوت أتياك ، يا علي ، ليعيناك.

[٧٦٨] محمّد بن سلام ، [ عن علي ] بن يسار الكوفي ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : لما أخذت في غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أردت أن أنزع القميص ، فنوديت من جانب البيت : لا تنزع القميص ، فغسله في قميصه. وكنت اعان على تقليبه وأحسّ أن يدا غيري تقلبه معي ، وأردت أن أكبه لوجهه لأغسل ظهره ، فنوديت لا تكبه.

[٧٦٩] الحلبي(٣) ، باسناده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، أنه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من المناقب ٢ / ٢٥٠.

(٢) وفي المناقب : مالي أراك مذعورا.

(٣) واظنه عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي.

٤١٨

قال : أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام أن يغسله.

فقال : يا رسول الله إني لا أستطيع غسلك وحدي ، أنت ثقيل البدن ولا أستطيع أن اقلبك وحدي.

فقال : إن جبرائيلعليه‌السلام يغسلني معك ويناولك الماء الفضل(١) ، وقل له : فليعصب عينيه ، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا عمي.

فكان الفضل يناوله الماء وجبرائيل يغسله معه. فلما غسلهعليه‌السلام وكفنه ، أتى العباس ، فقال له : يا علي إن الناس قد اجتمعوا للصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمن يصلّي عليه؟

فقال عليعليه‌السلام : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إماما حيا وميتا.

قال : وأين(٢) تدفنه؟

قال [ أمير المؤمنينعليه‌السلام ] : بالبقعة التي قبض فيها.

قال : الأمر إليك.

فوقف عليعليه‌السلام فصلّى عليه. ثم أمر الناس أن يدخلوا عشرة عشرة يصلّون عليه ، ففعلوا. ثم حفر له في المكان الذي قبض فيه في بيت عائشة ، ودفنه هناكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[٧٧٠] سفيان بن عيينة ، قال : أتينا جعفر بن محمّدعليه‌السلام نعزّيه بابنه إسماعيل ، فتحدث معنا ، فذكر وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) وهو الفضل بن العباس بن عبد المطلب.

(٢) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : رأيت.

٤١٩

وقال في الحديث :

فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاهم آت ـ يعني أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يسمعون كلامه ولا يرون شخصه ، فقال :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (١) إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، فالله فارجوه وإياه فاعبدوه(٢) واعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال سفيان الثوري بن عيينه : فقلت لجعفر بن محمّد صلوات الله عليه : من كنتم ترون المتكلم؟

قال : كنا نراه جبرائيلعليه‌السلام (٣) .

وجاء أن فيما احتج به عليعليه‌السلام على النفر الخمسة يوم الشورى. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم ، أنه قال لهم :

اناشدكم الله هل تعلمون أن رجلا جاءته التعزية من الله غيري. إذ هتف بنا جبرائيلعليه‌السلام ونحن في البيت ـ لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ليس فيه إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين ورسول الله صلّى الله

__________________

(١) آل عمران : ١٨٥.

(٢) وفي طبقات ابن سعد ٢ / ٤٨ : فبالله فثقوا وإياه فارجوا.

(٣) وفي بحار الانوار ٣٩ / ١٠٢ : فقيل للباقرعليه‌السلام : ممن كانت التعزية؟ قال : من الله تعالى على لسان جبرائيل.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610