شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار6%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 64056 / تحميل: 6283
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

عليه وآله مسجّى بيننا. فقال :

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إن في الله عزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجو ، وأعلموا أن المصاب من حرم الثواب.

أم هل فيكم من كان يسمع حفيف أجنحة الملائكة غيري؟ أم هل فيكم أحد كان يقاتل بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه غيري؟

قالوا : اللهمّ لا.

[ خلاصة القول ]

فهل يقاس أحد بمن زوّجه الله عزّ وجلّ سيدة نساء العالمين من فوق عرشه ، وأشهد على ذلك وعلى عقده له ملائكته ، وأحضر(١) له الحور العين ونثرت له في ذلك طوبى عن أمره من درها ، وأنزل الله عزّ وجلّ فيه من آي القرآن ما قد أنزل ممّا ذكرناه ، وخصه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالاختصاص الذي وصفناه ، وكلّمته الملائكة ، وراسلته وصحبته وأعانته ، وأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنه خير البشر وخير البرية ، وخير من يخلفه من بعده ، وخليفته على امته ، ووصيه في أهله ، وشبهه بالمسيح عيسى بن مريم روح الله وكلمته ، ووصفه على لسان حواريه وتلامذته ، وذكره الله عزّ وجلّ في التوراة والانجيل والقرآن الكريم ، وكتب اسمه على عرشه ، وجعله خليفة رسوله على حوضه ، وفرق بين الحق والباطل به ، ووسم المؤمنين بمحبته والمنافقين ببغضه ، وعرف بهم بذلك ، ودلّ عليهم به ، وحمله على ظهره حين

__________________

(١) وفي نسخة هـ : احضروا له.

٤٢١

أرقاه الى فوق الكعبة الرسول ، وأنزله عنه ودلاه جبرائيلعليه‌السلام ، وجعله الله عزّ وجلّ باب رسوله المنصوب من دونه الذي منه يؤتى إليه ، ومولى المؤمنين بشهادته الرسول بذلك له ، وأعز به أولياءه ، وقتل به أعداءه ، وجعله ولي المؤمنين بشهادة الرسول. وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم ، وصاحب لواء الحمد ، وأول من يدخل الجنة ، وجعله أخا لرسوله وبمنزلة هارون من موسى منه ، وأشبه الناس بابراهيم خليله ، وأول الناس إيمانا به وبرسوله ، وأحلّه محلّ نفسه ، وجعله وصيه من بعده ، والشاهد على الامة الذي يتلوه ، ومجاهد المنافقين ، والمقاتل على التأويل ، وأمر بسؤاله عما فيه يختلفون والردّ إليه ما لا يعلمون ، وأودعه علمه ، واختصه بسره ، وأخبر أنه مغفور له ، وورثه تراثه من بعده ، وافترض على الامة مودته ، وأخبر أنه ربانيها وحبرها ، والمعصوم منها ، وأودعه علم ما يكون من بعده ، وجعل الإمامة فيه وفي ولده ، وأمره بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، وأخبر أنه أقرب الناس إليه أجمعين ، وأعلم بفضله ، وفضل الائمة من ذريته ، وفضل أهل ولايته وشيعته ، وبما أعده الله عزّ وجلّ لهم من ثوابه وكرامته ، وما شهد له به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّا آتاه الله عزّ وجلّ على يديه ، وأصاره بفضله إليه من الحكمة والعلم والمعرفة بالحلال والحرام والقضايا والأحكام ، وأخبر أنه أقضى الامة ، وأعلمهم بالكتاب والسنّة ، وما أمر به من اتباعه وطاعته وافترضه على الامة من ولايته ومودته ومودة أهل بيته ، وما نطق الكتاب به من ذلك وما اجتمعت الامة عليه من فضله وعفافه وزهده وورعه وحسن سيرته وسياسته وعدله ونصرته لأهل الحق ورأفته بهم ورحمته لهم وشدته على أهل الباطل ، وغلظته لا يشك محق في عدله ، ولا يطمع مبطل في ميله. أحب الناس إليه من اتقى الله عزّ وجلّ وعمل بطاعته ، وأبغضهم إليه من تعدى أمره ، وعمل بمعصيته ، لا يطمع من قرب منه في اثرته ، ولا يخاف من بعد عنه

٤٢٢

نقص حقه ، الأثير عنده من أنصف نفسه ، والحقير لديه من تعدى الى ما ليس له.

فهذه بعض فضائل علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ومناقبه وأخلاقه وخصائصه. وقد ذكرت في هذا الكتاب بيانها وكثير غيرها لم أذكره لكثرتها ، ولئلا يطول الكتاب بها ، فمن ذا يساويه بغيره بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يفضل منهم أحدا عليه إلا من عمي عن الحق ، وسلك سبيل الضلالة ، أو من تكلف عن العلم وغلبت عليه الجهالة(١) ، أعاذنا الله وجميع المؤمنين والمؤمنات من الضلالة والجهالة ، ووفقنا للهداية والعلم والدراية بمنه وطوله وفضله.

تمّ الجزء التاسع بحمد لله تعالى وفضل نبيه المختار وآله الائمة الأطهار عليهم صلوات الله العزيز الغفّار.

بخط صالح يوم التاسع من شهر شعبان سنة ١١١٦ ه‍.

__________________

(١) رحم الله السيد الهندي حيث قال في قصيدته الكوثرية :

يا من قد أنكر من آيا

ت أبي حسن ما لا ينكر

إن كنت لجهلك بالأيا

م جحدت مقام أبي شبر

فاسأل بدرا واسأل أحدا

وسل الاحزاب وسل خيبر

من دبّر فيها الامر ومن

اردى الابطال ومن دمّر

من هدّ حصون الشرك ومن

شاد الاسلام ومن عمّر

من قدّمه طه وعلى

أهل الايمان له أمّر

قاسوك أبا حسن بسواك

وهل بالطود يقاس الذر

أنّى ساووك بمن ناووك

وهل ساووا نعلّي قنبر

من غيرك من يدعى للحرب

وللمحراب وللمنبر

٤٢٣

٤٢٤

٤٢٥

٤٢٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مصائب أمير المؤمنين(١)

[٧٧١] بكر بن عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه سئل عن سنّ عليعليه‌السلام يوم اصيب كم كانت؟

فقال : كان يوم اصيب ابن ثلاث وستين سنة.

قيل له : فما كانت صفته؟

قال : كان أدم اللون(٢) شديد الادمة ثقيل العينين عظيمهما ، ذو بطن ، أصلع.

قيل : أكان طويلا أو قصيرا؟

قال : هو إلى القصر. أقرب.

قيل له : فما كانت كنيته؟

قال : أبو الحسن.

قيل [ له ] : فأين دفن؟

قال : بالكوفة ليلا وعمّي قبره.

__________________

(١) هذا العنوان من نسخة و.

(٢) الأدمة لون مشوب بسواده.

٤٢٧

[٧٧٢] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية(١) ، أنه سئل عن صفة علي صلوات الله عليه.

فقال : كان ضخم الهامة ، عريض المنكبين ، عظيم المشاش ، ضخم البطن ، خمش الساقين ، كأنما كسرت عظامه ثم جبرت ، لو أخذ الأسد لافترسه.

[٧٧٣] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات الله عليهما ، أنه سئل عن صفات علي صلوات الله عليه.

فقال : كان ضخم الهامة ، عريض ما بين المنكبين ، اذا مشى لا يسرع ، وهو مع ذلك يقطع أصحابه ، له إكليل من شعر ، أشعر الجسد ، أبيض الرأس واللحية ، عظيم البطن ، أخشن من الحجر في الله عزّ وجلّ.

[٧٧٤] وبآخر ، عن المغيرة ، قال : كان عليعليه‌السلام غليظ منه ما استغلظ ، دقيق منه ما استدق ، قال : وكذلك صفة الأسد.

قال المغيرة : وكذلك صفة أشدّ الرجال.

[٧٧٥] وبآخر ، عن الشعبي(٢) ، قال : رأيت علياعليه‌السلام وكان عريض اللحية قد أخذت ما بين منكبيه ، على رأسه زغيبات(٣) .

[٧٧٦] وبآخر ، عن زيد بن وهب ، قال : قدم على عليعليه‌السلام نفر من أهل البصرة منهم رجل يقال له : الجعد [ بن نعجة ](٤) فرأى خشونة

__________________

(١) وهو ابن أمير المؤمنين من زوجه خولة ، ولد سنة ٢١ وتوفي في المدينة سنة ٨١ هـ سيتعرض المؤلف إليه في الجزء الرابع عشر.

(٢) وهو عامر بن شراحيل بن عبد ، نسبته الى شعب بطن من همدان ولد ونشأ في الكوفة واتصل بعبد الملك بن مروان وكان نديمه وسميره ورسوله الى ملك الروم ، توفي سنة ١١٠ ه‍.

(٣) الزغب : أول ما ينبت من الشعر.

(٤) من رؤساء الخوارج.

٤٢٨

لباسه فكلّمه في ذلك.

فقال : ما لكم وللباسي هو أحصن لصلاتي ، وأجدر أن يقتدي بي المسلمون من بعدي(١) .

فقال له : اتق الله يا أمير المؤمنين في نفسك ، ولا تحمل علينا فانك ميت.

فقال له عليعليه‌السلام : بل مقتول [ بضربة ] تخضب هذه ـ وقبض على لحيته ـ من هذا ـ وأومى الى رأسه ـ عهد معهود ، وقضاء مقضيّ ، وقد خاب من افترى.

[٧٧٧] وبآخر ، عن أيوب بن خالد ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : من أشقى الأولين؟ ومن أشقى الآخرين؟

قال : الله ورسوله أعلم.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أشقى الأولين عاقر الناقة ، واشقى الآخرين قاتلك.

[٧٧٨] وبآخر ، عن الحكيم بن سعد(٢) ، قال : ذكر لنا عليعليه‌السلام أنه سيقتل. فقلنا : لو علمنا قاتلك لأبدنا(٣) عترته.

قال : مه ، ذلك الظلم [ النفس بالنفس ] ، ولكن اصنعوا به ما يصنع بقاتل نبي أو وصي نبي ، يقتل ثم يحرق [ بالنار ].

[٧٧٩] وبآخر ، عن أبي رافع ، قال : كنت مع عليعليه‌السلام بالكوفة وهو يمشي عند دار الزبير بن العوام(٤) ، وقوم يتبعونه حتى أدموا عقبيه(٥) .

__________________

(١) وفي الغارات ١ / ١٠٨ : هذا أبعد لي من الكبر وأجدر أن يقتدي بي المسلم :

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : بن سعيد.

(٣) وفي تاريخ دمشق ٣ / ٢٩٣ : لأبرنا.

(٤) هكذا في كلا النسختين ولا اعلم أن للزبير دارا في الكوفة.

(٥) وفي نسخة و: عينيه. والعقب : بكسر القاف مؤخر القدم ( مختار الصحاح / ٤٤٣ ).

٤٢٩

فالتفت إليهم.

فقال : اللهمّ أرحني منهم ، فرق الله بيني وبينكم ، اللهمّ أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني.

قال : فما كان إلا يومه حتى قتل صلوات الله عليه.

[٧٨٠] وبآخر ، عن الحسينعليه‌السلام ، أنه قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : رأيت حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البارحة في المنام(١) فشكوت إليه ما لقيته بعده من أهل العراق ، فوعدني بالراحة منهم عن قريب.

قال : فما لبث بعد ذلك إلا جمعة حتى قتل صلوات الله عليه.

[٧٨١] وبآخر ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان جعل عليعليه‌السلام يتعشى ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين [ وليلة عند ابن عباس ](٢) ، ولا يزيد على ثلاث لقم ، فيقولان له في ذلك ، فيقول : إنما هي أيام قائل يأتي أمر الله عزّ وجلّ.

وأنا خميص البطن أحب إليّ [ فقتل من ليلته ](٣) .

[ ليلة الشهادة ]

[٧٨٢] وبآخر ، عن الحسن ، أنه قال : سهر عليعليه‌السلام [ في الليلة التي قتل في صبيحتها ولم يخرج الى المسجد لصلاة الليل على عادته. فقالت أمّ كلثوم : ما هذا الذي قد أسهرك؟ ](٤) . فقال : اني مقتول لو

__________________

(١) وفي نسخة و: في النوم.

(٢) ما بين المعقوفتين من مناقب الخوارزمي ص ٢٨٣ ، وقيل عند عبد الله بن جعفر.

(٣) ما بين المعقوفتين من كنز العمال ٦ / ٤١١.

(٤) ما بين المعقوفتين زيادة من بحار الأنوار ٤٢ / ٢٢٦ الحديث ٣٨.

٤٣٠

قد اصبحت.

قال : فجاءه مؤذنه للصلاة ، فقام ثم رجع.

فقالت له ابنته : مر جعدة(١) فليصلّ بالناس؟

فقال : لا مفرّ من الأجل.

ثم قام ، فخرج ، فمرّ على صاحبه ، وقد سهر ليلته ينتظره ، فغلبته عيناه ، فنام فضربه برجله. وقال له : الصلاة. فقام ، فلما رآه ضربه.

[٧٨٣] وبآخر ، عن الحسن بن كثير(٢) ، عن أبيه ، قال : قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام يريد الى صلاة الفجر ليلة قتله ، فاستقبله إوزّ كنّ في الدار عنده يصحن. قال : فجعلنا نطردهن عنه.

فقال : دعوهن فإنهن نوائح.

وخرج فأصيب صلوات الله عليه.

[ عاملوا قاتلي بالحسنى ]

[٧٨٤] وبآخر ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيهعليه‌السلام ، أنه قال : كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يخرج الى صلاة الفجر ، وبيده درة يوقظ بها النوام في المسجد. فألفى ابن ملجم نائما قد سهر ليلته لانتظاره ، فخفقه(٣) بالدرة ، وقال له : قم للصلاة.

فقام وضربه ، فأخذ ، فأتي به إليه.

فقال : أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره. فان عشت أعفو إن شئت ، وإن شئت استقدت.

__________________

(١) جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي. وهو ابن اخت أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

(٢) وفي نسخة و: الحسين بن كثير.

(٣) خفقه : أي ضربه.

٤٣١

[٧٨٥] وبآخر ، عن الحسنعليه‌السلام ، أنه قال : أمر أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بالمرادي أن يوثق. وقال : كفوا عنه ، فإن أعش فالحق حقي ، أرى فيه رأيي ، وإن مت فرأيكم في حقكم.

[ دناءة القاتل ]

[٧٨٦] وبآخر ، عن أبي عبد الله السلمي ، قال : كلّمت الحسن بن عليعليه‌السلام في رجل من قومي ، وكان أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه قد بعث حبيب بن مالك(١) يحشر الناس من السواد ، فقال لي : تغدو إن شاء الله إليّ تجد كتابك ، وقد ختم ، وفرغ منه.

فلما أن كان من الغد خرجت من عند أهلي حتى إذا كنت عند أصحاب الرمان(٢) ، استقبلني الناس يقولون : قتل أمير المؤمنين.

فقلت لغلامي : اسرع. فدخلنا القصر(٣) فإذا حجرة فيها الحسن بن عليعليه‌السلام . فقال لي : ادن مني ، فدنوت منه. فإذا أمير المؤمنينعليه‌السلام متكئ ، فأتيته ، فسلّمت عليه ، وهو يحدّث الناس ، ويقول :

[ يا بني ] إني بتّ الليلة اوقظ أهلي للصلاة ـ وكانت ليلة الجمعة [ صبيحة بدر ] لتسع عشرة مضت من رمضان ـ فغلبتني عيناي ، وأنا جالس ، فسنح لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت : يا رسول الله ما لقيت من امتك من التفرق بعدك. فقال لي : ادع الله عليهم. فقلت : اللهمّ أبدلهم بي شرا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم.

__________________

(١) وفي تاريخ دمشق ٣ / ٢٩٦ : حبيب بن مرة.

(٢) وفي نسخة و: أصحاب الزمان.

(٣) وفي نسخة الاصل : فدخلت القصر.

٤٣٢

قال : وجاء ابن النباح(١) ، فأذن بالصلاة ، وخرج أمامي وخرجت ، فلقيني الرجل ، وضربني.

قال : وجيء بابن ملجم الى عليعليه‌السلام .

فقالت له : أم كلثوم : يا عدو الله ، قتلت أمير المؤمنين؟

قال : لا ، ولكني قتلت أباك! قالت : أرجو أن لا يكون عليه من بأس.

قال ابن ملجم : أفعليّ تبكين إذا ، أما والله(٢) لقد سممته أربعين ليلة ـ يعني سيفه الذي ضربه به ـ فإن أخلفني فأبعده الله.

فقالت : أما والله لتقتلن.

قال : لا والله إلا أن يموت أبوك.

قالت : أما والله ، ما عليه من بأس.

قال : أما والله لقد ضربته ضربة لو كانت بجميع أهل المصر ما أفاقوا منها(٣) .

[٧٨٧] وبآخر ، عن عمر بن دينار ، قال : لما ضرب عدو الله ابن ملجم علياعليه‌السلام وأخذ ، وجعل الناس يقولون : الحمد لله الذي أخزاك ، يا عدو الله ، وسلم أمير المؤمنين.

وقال : فعلى من تبكي رقية؟ ـ يعني ابنة عليعليه‌السلام ، وهي

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : ابن الصباح.

(٢) يعني حقا والله.

(٣) قال الفرزدق :

فلا غرو للأشراف إن ظفرت بها

ذئاب الأعادي من فصيح وأعجمي

فحربة وحشيّ سقت حمزة الردى

وحتيف عليّ من حسام ابن ملجم

٤٣٣

أخت عمر بن علي لامه ـ(١) .

[ ثم قال : والله لقد سممته شهرا ـ يعني سيفه ـ فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه ].

[٧٨٨] وبآخر ، عن الحسن بن عمران(٢) ، عن أبيه ، قال : رأيت الناس لما اخذ ابن ملجم ، وقد أحاطوا به لو استطاعوا لنشهوه بأسنانهم ، وهم يقولون له : يا عدو الله قتلت خير الناس. يا عدو الله أهلكت الامة.

قال : وهو ساكت لا يجيب أحدا منهم.

[ لحظات حاسمة ]

[٧٨٩] وبآخر ، عن عمر بن ذمر(٣) ، قال : لما ضرب عليعليه‌السلام دخلت عليه ، وقد عصب رأسه بعصابة. فقلت : يا أمير المؤمنين ، أرني الضربة ، فحلّ العصابة ، فنظرت إليها ، فقلت : ليست بشيء ، والله يا أمير المؤمنين ، وما هي إلا خدش.

فقالعليه‌السلام : إني مفارقكم ، إني مفارقكم ـ مرتين ـ.

فبكت أمّ كلثوم من وراء الحجاب.

فقال لها : امسكي لو ترين ما أرى ما بكيت.

فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما ذا ترى؟

فقال : هذه الملائكة وقوف والنبيون. وهذا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يا علي ، ابشر فما تصير إليه خير ممّا أنت فيه.

__________________

(١) هكذا في الأصل وفي نسخة و. واغلب الظن أن في الرواية سقط ولم أعثر على الرواية رغم البحث الحثيث عنها في المصادر المتوفرة لدي.

(٢) هكذا في نسخة و، وفي الأصل : الحسن بن عمر.

(٣) وفي بحار الانوار ٤٢ / ٢٢٣ : عن عمرو بن الحمق.

٤٣٤

[٧٩٠] وبآخر ، عن الأصبغ بن نباتة : كنا نسمر عند عليعليه‌السلام ، فيتحدث منا عنده نفر كل ليلة ، ثم يتبعهم غيرهم حتى تدور الدولة ، فكانت ليلة سمري ليلة الجمعة ، ليلة تسع عشرة مضت من شهر رمضان. فلم أزل عنده وأصحاب لي حتى ذهبت ساعات من الليل ، فانصرفنا إلى منازلنا ، ولم تكن تفوتنا صلاة الفجر والعشاء الآخرة معه.

قال : فخرجت حين السحر لاصليّ معه ، فإذا المصابيح تتوقده ، وإذا هم يقولون : قتل أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

قال : فمكثنا ثلاثا لا نصل إليه ، ثم دخلنا عليه ليله إحدى وعشرين من شهر رمضان زمرة بعد زمرة نسلّم عليه ، وندعو له ، فدخلت في عشرة نفر فسلّمنا عليه ، ودعونا له. وقلت : والله يا أمير المؤمنين إني لاحبك.

فقال : الله الذي لا إله إلا هو.

فحلفت.

فقال : أما والذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والقرآن على محمّد أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون(١) ، ولاقبض في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريمعليه‌السلام .

قال الأصبغ : وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان.

[٧٩١] وبآخر ، عن سويد بن غفلة(٢) ، قال : قتل أمير المؤمنين علي

__________________

(١) وهو وصي النبي موسى بن عمرانعليه‌السلام .

(٢) وهو سويد بن غفلة ( بالغين المعجمة والفاء ) بن عوسجة بن عامر الجعفي ، ولد عام الفيل

٤٣٥

عليه‌السلام في شهر رمضان سنة أربعين ، أول ليلة من العشر الأواخر. وصلّى عليه الحسن ابنه ، وكبّر عليه خمسا.

[٧٩٢] وبآخر ، عن هبيرة بن مريم(١) ، قال : لما دفن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام صعد الحسن بن عليعليه‌السلام المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وآله.

قال : أما بعد ، أيها الناس ، فانه قد اصيب فيكم الليلة رجل لم يسبقه الأولون ، ولا يدركه الآخرون ، ما ترك صفراء ولا بيضاء(٢) إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ، ولقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبعثه البعث فتكتنفه الملائكة ، جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه ، فما ينثني حتى يفتح الله على يديه ، ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكرياعليه‌السلام (٣) .

__________________

وقدم المدينة وقد تمّ دفن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توفي بالكوفة سنة ٨١ هـ ، قال البرقي : انه من أولياء أمير المؤمنين. وفي شذرات الذهب : كان ففيها عابدا قانعا كبير القدر.

(١) واظنه هبيرة بن يريم الخارفي الشبامي ، توفي ٦٦ ه‍.

(٢) كناية عن الذهب والفضة.

(٣) وفي اثبات الوصية : التي رفع فيها عيسى بن مريمعليه‌السلام .

٤٣٦

[ التخطيط للجريمة ]

[٧٩٣] موسى بن عبد الحميد بن مسروق ، باسناده ، عن إسماعيل بن راشد ، أنه ذكر قصة قتل عليعليه‌السلام ، فقال :

كان من خبر ابن ملجم لعنه الله وأصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم ، والحارث بن عبيد الله(١) ، وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا في جماعة من الخوارج بمكة ، فذكروا أمر الناس ، فأعابوا الولاة. ثم ذكروا أهل النهروان وأصحابهم ، فترحموا عليهم. وقالوا : والله ما في البقاء بعدهم خير. فقد كانوا دعاة المسلمين الى عبادة ربهم ، وكانوا لا يخافون في الله لومة لائم ، فلو شرينا أنفسنا من الله عزّ وجلّ ، وأتينا ائمة الضلال ، فالتمسنا قتلهم وأرحنا منهم البلاد ، وأدركنا ثأر إخواننا.

فقال ابن ملجم لعنه الله : أنا اكفيكم علي بن أبي طالب ـ وكان من أهل المصر ـ(٢) .

وقال الحارث : أنا اكفيكم معاوية.

وقال عمرو بن بكر : أنا اكفيكم عمرو بن العاص.

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٤٦٠ : البرك بن عبد الله التميمي.

(٢) أهل المصر : أي من سكنة الكوفة.

٤٣٧

فتعاهدوا وتواثقوا أن لا ينكص(١) رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه ، وأخذوا أهبتهم ( وأخذوا أسيافهم فسموها ، واتعدوا لتسع عشر ليلة يمضين من شهر رمضان ثبت كل واحد منهم على صاحبه يقتله أو يموت دونه )(٢) .

وتوجه كل واحد منهم إلى صاحبه. وصار عبد الرحمن بن ملجم الى الكوفة ، ولقي بها من [ بقي ](٣) من أصحابه. فكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا منه ، إلى أن رأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب ـ وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام قد قتل منهم يوم النهروان عدة ـ فذكروا قتلاهم ورأى يومئذ معهم امرأة من تيم الرباب ، يقال لها : قطام(٤) ـ قد كان أمير المؤمنينعليه‌السلام قتل أباها وكانت فائقة الجمال ـ فلما رآها علقها قلبه ، وخطبها ، فقالت : لا أتزوجك حتى تشفي قلبي.

قال لها : وما يشفي قلبك؟

قالت : قتل علي بن أبي طالب(٥) .

قال : ما قلت هذا وأنت تريدينني.

قالت : بلى ، إن قتلته وسلمت تزوجتك وانتفعت بي ، وإن هلكت فلك عند الله ما هو خير مني.

__________________

(١) أن لا يتراجع عن صاحبه.

(٢) ما بين القوسين زيادة من نسخة و.

(٣) وفي كلا النسختين : لقي.

(٤) قيل هي بنت الاضبع التميمي وقيل بنت علقمة ( الامامة والسياسة : ص ١٥٩ ).

(٥) ونعم ما قال فرزدق :

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من فصيح وأعجم

٤٣٨

قال لها : والله ما جئت الى هذا الموضع إلا لألتمس قتله! فإذا قلت ما قلت ، فهل عندك من معونة؟

قالت : نعم ، آخذ لك من يشد ظهرك ويساعدك على ذلك.

قال : افعلي.

فأتت رجلا من قومها يقال له : وردان. فأخبرته بالخبر ، وكلّمته في ذلك ، وذكرته مصاب من اصيب من قومه ، فأجابها الى ذلك. واجتمع مع عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله. ( ولقي ابن ملجم )(١) أيضا رجلا من النخع يقال له : شبيب(٢) وكان يثق به ، فأطلعه على أمره ، ورغبه في معونته ومؤازرته على قتل عليعليه‌السلام إذ قد علم عدو الله شدته وجلده وخافه على نفسه ، وجبن من الإقدام عليه وحده. وأخبر شبيبا بخبر وردان بأنه قد أجابه الى ذلك وعاهده عليه ، وبما كان من قصة قطام. فتعاظم ذلك شبيب ، وقال : يا عبد الرحمن ، ويحك قد علمت سوابق عليعليه‌السلام في الاسلام ومكانه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشدته وشجاعته.

قال له : أفما تعلم من قتل من إخواننا ، ونحن ، فإنما نحتال في أن نفتك به ، ولسنا نبارزه ولا ننازله ، ولم يزل به حتى أجابه. فاجتمعوا ثلاثتهم ، وعرّفهما عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله بالليلة التي واعد فيها أصحابه ، وقال : انظرا كيف يكون الرأي والعمل فيه ، وأتوا بها الى قطام. وكانت لها جزالة ورأي وحزم وتقشف ، وكانت تلزم المسجد مع النساء وتعتكف فيه. فأخبروها بما اجتمع أمرهم عليه ، وقالوا لها : هل عندك من حيلة في الوصول إليه في منزله.

__________________

(١) ما بين القوسين من نسخة و.

(٢) وهو شبيب بن بجرة.

٤٣٩

قالت : لا ، ولكن أمكن من ذلك وقت خروجه الى صلاة الفجر ، فانه يغلس بالخروج فتكمنون له عند باب المسجد ، فاذا دخل ، وثبتم عليه ، وضربتموه ضربة رجل واحد ، وخرجتم وافترقتم في الغلس(١) ، فتعاقدوا على ذلك ، واشتمل كل واحد منهم على سيفه ، وأتوا المسجد ليلا. فباتوا فيه مع من يبيت من الناس مقابل سدة الباب التي يخرج منها عليعليه‌السلام ، فلما خرج شدّ عليه شبيب فضربه بالسيف ، فوقع سيفه في عضادة الباب ، وضربه ابن ملجم لعنه الله على أمّ راسه ، وخرج وردان فهرب خوفا من أن يدركه الناس ، وصرخ بهم الناس.

فأما وردان(٢) ، فهرب حتى دخل عليه بعض من رآه ، فقتله في منزله.

وأما شبيب(٣) ، فخرج نحو باب كندة في الغلس وتصارخ الناس به ، فلحقه رجل من حضر موت ، وشبيب بيده السيف ، فرماه به ، فأخذه الحضرمي ، فلما رأى الناس قد لحقوه خاف أن يظنوا أنه في القتلة ، فرمى السيف ، ونجا شبيب في غمار الناس(٤) .

[ وأما عبد الرحمن ] وشدوا على ابن ملجم ، فأخذوه بعد أن ضربه رجل من همدان على رجله ، فصرعه.

وحضر وقت الصلاة ، فدفع عليعليه‌السلام في ظهر جعدة بن

__________________

(١) الغلس : آخر الليل.

(٢) وهو وردان بن مجالد بن علقة بن القريش التيمي من تيم الرباب ، قتله عبد الله بن نجبة بن عبيد الكاهلي من بني تيم بن عبد مناة ، غضبا لأمير المؤمنينعليه‌السلام ٤٠ ه‍.

(٣) هو شبيب بن بجرة الأشجعي الخارجي.

(٤) واختفى اثره.

٤٤٠

هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، فصلّى بالناس الغداة ، واحتمل عليعليه‌السلام الى القصر. وادخل عليه عدو الله ابن ملجم.

فقال له عليعليه‌السلام : أي عدو الله ألم احسن إليك؟

قال : نعم.

قال : فما حملك على ما صنعت؟

فأطرق.

فقال له عليعليه‌السلام : لا أراك إلا مقتولا وصائرا الى النار ومن شر خلق الله(١) .

[٧٩٤] وبآخر ، عن محمّد بن حنيف ، أنه قال : والله إني لاصلي في الليلة

__________________

(١) ولله درّ بكر بن حماد التاهرتي حيث قال :

قل لابن ملجم والأقدار غالبة

هدمت ويلك للإسلام أركانا

قتلت أفضل من يمشي على قدم

وأول الناس إسلاما وإيمانا

وأعلم الناس بالقرآن ثم بما

سن الرسول لنا شرعا وتبيانا

صهر النبي ومولاه وناصره

أضحت مناقبه نورا وبرهانا

وكان منه على رغم الحسود له

مكان هارون من موسى بن عمرانا

وكان في الحرب سيفا صارما ذكرا

ليثا إذا لقي الأقران أقرانا

ذكرت قاتله والدمع منحدر

فقلت : سبحان ربّ العرش سبحانا

إني لأحسبه ما كان من بشر

يخشى المعاد ولكن كان شيطانا

أشقى مراد إذا عدّت قبائلها

وأخسر الناس عند الله ميزانا

كعاقر الناقة الاولى التي جلبت

على ثمود بأرض الحجر خسرانا

قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها

قبل المنية أزمانا فأزمانا

فلا عفا الله عنه ما تحمّله

ولا سقى قبر عمران بن حطّانا

لقوله في شقيّ ظل مختبلا

ونال ما ناله ظلما وعدوانا

يا ضربة من تقيّ ما أراد بها

إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا

بل ضربة من شقي أوردته لظى

مخلدا قد أتى الرحمن غضبانا

٤٤١

التي ضرب فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في المسجد في رجال كثير من أهل المصر ، كانوا يصلّون فيه لا يزالون الليل قياما وركعا وسجدا ، إذ خرج عليعليه‌السلام كمثل ما كان يخرج لصلاة الغداة ، فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة ، الصلاة.

حسب ما كان يفعل ، ليعلم المصلّون وقت صلاة الفجر قد دخل ، فما هو إلا أن قال ذلك حتى نظرت إذا بريق السيوف. وسمعت قائلا يقول : الحكم لله لا لك يا علي. وتحرك الناس ، وسمعت علياعليه‌السلام يقول : [ فزت وربّ الكعبة ]. لا يفوتكم الرجل.

فلم يكن همي إلا القصد إليه ، فرأيته قد غشاه الدم ، فلم ألبث أن اتي إليه بابن ملجم لعنه الله. وقد ادخل الى القصر ، ودخل معه من دخل من الناس ، فسمعته يقول :

النفس بالنفس ، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي.

ودخلت فرأيت الحسنعليه‌السلام ناحية ، وعدو الله مكتوفا بين يديه. وأم كلثوم بنت عليعليه‌السلام تبكي ، فلما رأت ابن ملجم لعنه الله قالت : يا عدو الله إنه لا بأس على أبي ، والله يجزيك.

فقال لها عدو الله : فعلى من تبكين إذن؟ والله لقد اشتريته ـ يعني السيف الذي ضربه به ـ بألف ، وسممته بألف ، ولو كانت هذه الضربة بجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد.

ودخل على عليعليه‌السلام جندب بن عبد الله(١) رضي‌الله‌عنه ،

__________________

(١) واظنه جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي العلقي المعروف بجندب بن أم جندب المتوفى سنة ٦١ ه‍. ويقال له : جندب الخير ، وجندب العارف.

٤٤٢

فقال : يا أمير المؤمنين ، فقدناك ـ ولا نفقدك إن شاء الله ـ فإلى من الأمر من بعدك؟

فدعا الحسن والحسين صلوات الله عليهما ، فقال :

اوصيكما بتقوى الله عزّ وجلّ ، ولا تأسيا على شيء من الدنيا زوي عنكما ، وعليكما بقول الحق ، ومواساة اليتيم ، وعون الضعيف ، ونصرة المظلوم ، وقمع الظالم ، اعملا بما في كتاب الله عزّ وجلّ ، ولا تأخذكما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى محمّد بن الحنفية ، فقال له :

اوصيك بتقوى الله ، وتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك ، وإيثار أمرهما.

ثم نظر إليهما ، فقال :

اوصيكما به ، فإنه أخوكما.

ثم قال للحسنعليه‌السلام :

واوصيك يا بني بديا في ذات نفسك بتقوى الله ، واقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة عند محلها ، وحسن الوضوء فإنه لا صلاة إلا بطهور ، ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة ، واوصيك بأن تغفر الذنب(١) ، وتكظم الغيظ ، وبصلة الرحم ، والحلم عن الجاهل ، والتفقه في الدين ، [ والتثبت في الأمر ] ، والتعاهد للقرآن ، وحسن الجوار ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.

ثم قال : حفظكم الله أهل البيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم الله وأقرأ عليكم السّلام.

__________________

(١) وفي نسخة و: الذنوب.

٤٤٣

[ وأخيرا ، ارتحل أبو الحسن ]

[٧٩٥] وبآخر ، عن الواقدي ، أنه قال : قتل أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، سنة أربعين ، وغسله الحسن والحسينعليهما‌السلام وعبد الله بن جعفر(١) وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ، وصلّى عليه الحسنعليه‌السلام ، وكبّر عليه سبع تكبيرات.

[ أحاديث في القاتل ]

[٧٩٦] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر بن سمرة(٢) ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : يا علي ، من أشقى الأولين؟

قال : عاقر الناقة.

( أخذه من قوله الله عزّ وجلّ :(٣) ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ) (٤) .

قال : فمن أشقى الآخرين؟

قال : الله ورسوله أعلم.

قال : أشقى الآخرين قاتلك يا علي.

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٤٢ / ٢٥٤ اضاف : وكان عنده من بقايا حنوط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فحنطوه بها.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : جابر بن شمر ، وهو أبو خالد جابر بن سمرة بن عمرو بن جندب بن حجير السوائي توفي بالكوفة في ولاية بشر بن مروان عليها سنة ٧٤ وصلّى عليه عمرو بن حريث أيام المختار.

(٣) الشمس : ١٢.

(٤) ما بين القوسين زيادة من المؤلف لم تكن في الرواية.

٤٤٤

[٧٩٧] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن أبي الطفيل(١) ، قال : دعا عليعليه‌السلام الناس الى البيعة ، فجاءه عبد الرحمن بن ملجم ، فرده ـ مرتين ـ. وبايعه في الثالثة. ثم قال له :

ما يحبس أشقاها ، والذي نفسي بيده لتخضبن هذه ـ وأومى الى لحيته ـ من هذا ـ وأومى الى رأسه ـ.

[٧٩٨] وبآخر ، عنه ، أن علياعليه‌السلام قسم مالا ، فجاءه ابن ملجم ، فأعطاه ، فقال :

اريد حياته(٢) ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

[٧٩٩] عبد الله بن صالح ، باسناده ، عن زيد بن أسلم(٣) ، [ عن أبي سنان الدؤلي ](٤) ، أنه قال : مرض عليعليه‌السلام ، فدخلنا إليه نعوده.

فقال : اني ما أخشى الموت من مرض ، لأني سمعت الصادق المصدق ـ يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يقول لي : يا علي إنك ستضرب ضربة هاهنا ـ وأومى الى رأسه ـ يسيل دمها حتى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقى هذه الامة كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

[٨٠٠] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن ثعلبة بن يزيد ، قال : قال عليعليه‌السلام : والذي نفسي بيده لتخضبن هذه ـ وأومى بيده الى لحيته ـ من هذا ـ وأومى بيده الى رأسه ـ.

__________________

(١) عامر بن وائلة بن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني القرشي ولد يوم أحد ٣ هـ حمل راية عليعليه‌السلام في بعض وقائعه ، توفي بمكة ١٠٠ هـ وهو آخر من مات من الصحابة.

(٢) وفي بعض المصادر : حباءه.

(٣) أبو عبد الله أو أبو اسامة زيد بن أسلم العدوي العمري فقيه مفسر من أهل المدينة توفي ١٣٦ ه‍.

(٤) من تاريخ دمشق ٣ / ٢٧٦ الحديث ١٣٦٣.

٤٤٥

فلما اصيب وخضبت لحيته بالدم ، أخذها ، وقال : ألم أقل لكم إنها ستخضب.

[٨٠١] أبو غسان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن هذه الامة ستغدر بك.

[ حبّك يا أمير المؤمنين ]

[٨٠٢] الدغشي ، باسناده ، باسناده ، أن الأصبغ بن نباتة(١) قال : لما ضرب عليعليه‌السلام الضربة التي مات فيها ، كنا عنده ليلا ، فأغمي عليه ، فأفاق ، فنظر إلينا ، فقال : ما يجلسكم؟

فقلنا : حبك يا أمير المؤمنين.

فقال : أما والذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود ، والفرقان على محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحبني عبد إلا رآني حيث يسرّه ، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يكرهه. إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني أني اضرب في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان في الليلة التي مات فيها موسىعليه‌السلام ـ أو قال وصيّ موسىعليه‌السلام ـ وأموت في ليلة احدى وعشرين يمضي من شهر رمضان ، في الليلة التي رفع فيها عيسىعليه‌السلام .

قال الأصبغ : فمات والذي لا إله إلا هو فيها.

[٨٠٣] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الملك بن مروان(٢) للزهري : أيّ واحد أنت؟ إن أعلمتني بعلامة

__________________

(١) وهو الاصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتك بن عامر بن مجاشع بن دارم التميمي الحنظلي المجاشعي.

(٢) وهو خامس خليفة اموي ولد بالمدينة سنة ٢٦ هـ ، وتوفي في دمشق سنة ٨٦ هـ ، تولّى مقاليد الحكم سنة ٦٥ ه‍.

٤٤٦

اليوم الذي قتل فيه عليعليه‌السلام .

فقال له الزهري : نعم ، اخبرك أنه لم يرفع ذلك اليوم حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط.

فقال عبد الملك بن مروان : إني وإياك في هذا الحديث لغريبان(١) .

يعني : إنه لم يروه غيرهما.

[ صورة اخرى للوصية ]

[٨٠٤] وبآخر ، محمّد بن حميد الاصباعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : أوصى عليعليه‌السلام إلى الحسن ، وكتب وصيته فكان فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب :

أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.

ثم إني اوصيك يا حسن ، وجميع [ أهل بيتي ] وولدي ومن بلغه كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) ، فاني سمعت

__________________

(١) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢٨١ : فقال : اني واياك غريبان في هذا الحديث.

(٢) آل عمران : ١٠٣.

٤٤٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : صلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصيام ، وإن المبيرة حالقة الدين فساد ذات البين ولا قوة إلا بالله.

انظروا يا بنيّ في ذوي أرحامكم ، فصلوهم يهون الله عزّ وجلّ عليكم الحساب.

والله الله في الأيتام فلا يضيعن أحد منهم بحضرتكم(١) .

والله الله في جيرانكم فإنهم وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

والله الله في القرآن فلا يسبقكم بالعمل به غيركم.

والله الله في الصلاة فإنها عماد دينكم.

والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم.

والله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار لكم.

والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا.

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.

والله الله في ذمة أهل بيت نبيكم(٢) فلا يظلموا بين أظهركم.

والله الله في أصحاب نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى(٣) بهم.

والله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معايشكم.

__________________

(١) واضاف في بحار الانوار : فقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله عزّ وجلّ له بذلك الجنة ، كما أوجب الله لآكل مال اليتيم النار.

(٢) وفي نسخة و: في ذرية نبيكم.

(٣) وفي نسخة و: باهى.

٤٤٨

والله الله فيما ملكت أيمانكم ، فإنه آخر ما تكلم به نبيكم.

قالعليه‌السلام : أوصيكم بالضعيف واليتيم ، والمرأة ، وما ملكت أيمانكم ، والصلاة الصلاة.

انظروا يا بنيّ ، لا تخافوا في الله لومة لائم يكفيكم الله من أرادكم(١) أو بغى عليكم ، قولوا للناس حسنا كما أمركم الله ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيولي الله الأمر أشراركم ثم تدعون الله عزّ وجلّ فلا يستجاب لكم.

يا بنيّ ، عليكم بالتواصل والتباذل والتراحم ، وإياكم والتحاسد والتقاطع والتفرق والتباغض. وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.

حفظكم الله من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم الله ، واقرئ عليكم السّلام ورحمة الله.

ثم لم ينطق بشيء إلا بلا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله عليه أول ليلة من عشر شهر رمضان الأواخر(٢) .

[ حرصه على مستقبل الامّة ]

[٨٠٥] سعيد بن سليمان ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت علياعليه‌السلام وهو يقول على المنبر :

__________________

(١) وفي بحار الانوار : من آذاكم.

(٢) وفي بحار الانوار ٤٢ / ٢٥٠ : حتى قبضعليه‌السلام في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة. وكان ضرب ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان.

٤٤٩

من هاهنا من بني عبد المطلب ، فليدن مني.

فجعلوا يتوثبون إليه.

قال لهم : اذكركم بالله أن تقتلوا بي إلا قاتلي ، ولا تضعوا غدا سيوفكم على عواتقكم ـ أو قال : على رقابكم ـ تخبطون بها الناس تقولون : قتلتم أمير المؤمنين.

قال : فما لبث بعد ذلك إلا جمعة حتى قتل صلوات الله عليه.

[٨٠٦] أحمد بن صالح البصري ، باسناده عن عبيدة ، قال : سمعت علياعليه‌السلام وهو على المنبر يقول :

اللهمّ إني سئمتهم وسأموني ، ومللتهم وملّوني فأرحني منهم وأرحهم مني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها بدم ـ ووضع يده على لحيته ـ من هذه ـ ووضع يده على رأسه ـ.

[ نعود الى الأحاديث ]

[٨٠٧] عبيد الله بن أمية ، قال : دخل جويرية(١) بن مسهر يوما على أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، فأصابه نائما ، فناداه : أيها النائم استيقظ فو الذي نفسي بيده ، لتضربن ضربة على رأسك تخضب منها لحيتك ، وذلك بما سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فانتبه عليعليه‌السلام ، فقال له : اجلس يا جويرية حتى احدثك

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : حويرث ، وهكذا في باقي النسخ.

وهو جويرية بن مسهر العبدي الكوفي ، صاحب أمير المؤمنين ، مرقده بخوزستان ـ فرماط ـ ، وسبب شهادته : أن معاوية تتبع أصحاب علي عليه‌السلام تحت كل حجر ومدر ، وأمر عامله زياد بن سمية ـ ابن أبيه ـ الذي ولع في دماء المسلمين أن يقتل جويرية بن مسهر ، فأحضره زياد ، وقطع يديه ورجليه وصلبه على جذع ، فاستشهد رحمة الله عليه.

٤٥٠

عن نفسك. وأنت والذي نفسي بيده لتحملن الى العتلّ الزنيم(١) ، فليقطعن يدك ورجلك ، ثم ليصلبنك بحذاء جذع كافر.

فأخذه عبيد الله بن زياد ، فقطع يده ورجله ، ثم صلبه الى جنب ابن معكبر. فكان جذع ابن معكبر أطول ، وكان جذع جويرية دونه.

[٨٠٨] علي بن كثير ، عن أبي صالح ، قال : سمعت علياعليه‌السلام ـ على المنبر ـ يقول :

أين شقيكم ، أما والله ليضربني في هذا ـ يعني رأسه ـ حتى يخضب هذه يعني لحيته ـ.

[٨٠٩] عبد الله بن محمّد بن عقيل ، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي من أشقى ثمود؟

قلت : عاقر الناقة.

قال : فمن أشقى هذه الامة؟

قلت : الله ورسوله أعلم.

قال : قاتلك.

[٨١٠] أبو الجحاف ، باسناده ، وعن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : كان عليعليه‌السلام قد أخلى أهل السواد الى الكوفة ، وكان لي ابن عم بالسواد. فقلت للحسنعليه‌السلام : احب أن تعينني على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، بأن يؤجل لابن عمي حتى يفرغ من ضيعته. فوعدني أن أغدو إليه ، فغدوت لميعاده ، فوجدت أمير المؤمنينعليه‌السلام قد ضرب الضربة التي ضرب ، ووجدت الحسنعليه‌السلام في اناس. فسمعته يقول : كانت البارحة ليلة بدر ، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام

__________________

(١) الزنيم : الدعي.

٤٥١

يوقظ أهله للصلاة ، حتى كان في وجه الصبح ، فخفق خفقة ، ثم انتبه ، فنادى : يا حسن.

قلت : لبيك.

قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل ، فشكوت إليه ما لقيت من امته من اللأواء(١) واللدد(٢) ، فقال لي : يا علي ادع الله عليهم. فقلت : اللهمّ أبدلني بهم من هو خير لي منهم ، وأبدلهم بي من هو شرّ لهم مني.

ثم خرج فكان من أمره ما كان.

[٨١١] إسماعيل البراز ، عن أم موسى(٣) ، وليدة كانت لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قالت :

قال عليعليه‌السلام يوما لابنته أم كلثوم ـ وكانت خير بناته : يا بنية ما أراني إلا أقل ما أصحبك.

قالت : ولم يا أبتاه؟

قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي يمسح الغبار عن وجهي ، ويقول : يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك.

قالت : فما لبث إلا يسيرا حتى قتل صلوات الله عليه.

[٨١٢] فطر بن خليفة(٤) ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : أما والله إنه لعهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الامة ستغدر بي.

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : اللوذ. ومعناه : الشدة والخلاف.

(٢) الدد : شدة الخصومة.

(٣) وقيل إن اسمها فاختة وقيل حبيبة ، راجع اعيان الشيعة ٣ / ٤٨٨.

(٤) القرشي المخزومي المتوفى سنة ١٥٣.

٤٥٢

[ صورة ثالثة للوصية ]

[٨١٣] بشر بن الوليد ، عن عليعليه‌السلام انه قال : أوصى فكان في وصيتهعليه‌السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أمر به وقضى في ماله علي بن أبي طالب ، إنه تصدق بينبع أبتغي بذلك رضوان الله عزّ وجلّ ليولجني الله به الجنة ، ويصرفني به عن النار ، ويصرف النار عني ، وهي في سبيل الله ، ووجهه ينفق في كل نفقة في سبيل الله في الحرب والسلم ، وذي الرحم والقريب والبعيد. لا تباع ، ولا توهب ، ولا تورث. كل مال لي بينبع غير أن رياحا ، وأبا نيزر ، وجبيرا إن حدث بي حدث فهم محررون بعد أن يعملوا في المال خمس حجج ، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم ؛ [ ثم هم أحرار ](١) فذلك الذي أقضي فيما كان لي بينبع حيّ أنا أو ميت ، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى من مال أو رقيق حيّ أنا أو ميت ، ومع ذلك الاذنية وأهلها حيّ أنا أوميت ، ومع ذلك دعد(٢) وأهلها ، وأن زريقا له مثل ما كتبت لأبي نيزر ورياح وجبير. وإن ينبع(٣) ومالي بوادي القرى(٤) والاذنية ودعده(٥) ينفق في كل نفقة يبتغي بها وجه

__________________

(١) هكذا في مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ـ مخطوط ـ.

(٢) وفي بحار الانوار ٤٢ / ٤٠ : بديمة.

(٣) بالفتح ثم السكون وضم الموحدة وعين المهملة ، وهي على سبع مراحل من المدينة فيها ١٧٠ عينا ( عمدة الاخبار : ص ٤٣٩ ).

(٤) واد كبير من اعمال المدينة كثير القرى بين المدينة والشام.

(٥) هكذا في الاصل والصحيح : درعة.

٤٥٣

الله وفي سبيل الله وفي وجهه يوم تسودّ وجوه وتبيضّ وجوه لا يباع ذلك ولا يوهب ولا يورث حتى يرثه الله عزّ وجلّ ويتقبله بذلك قضيت ما بيني وبين الله ما قدمت حيّ أنا أو ميت.

هذا ما قضى علي بن أبي طالب في ماله وأوجبه ، يقوم على ذلك الحسن بن علي ما دام حيا ، فإن هلك فالحسين بن علي يليها ما دام حينا ، فإن هلك فالأول من ذوي السن والصلاح من ولده واحد بعد واحد ، يعدل فيها ، ويطعم بالمعروف ، ويصلحون فيها كإصلاحهم أموالهم ولا تباع من أولاد من بهذه القرى(١) الأربع من العبيد أحد ، وغلتها للمؤمنين أولهم وآخرهم ، فمن وليها من الناس فاذكره الاجتهاد والنصح والحفظ والأمانة.

وهذا كتاب علي بن أبي طالب بيده ، وهذه الصدقة في سبيل الله واجبة نبلة تصرف في كل نفقة في سبيل الله ووجهه ، وذوي الرحم ، والفقراء والمساكين ، وابن السبيل ، يقوم على ذلك أكبر ولد فاطمةعليها‌السلام من ذوي الأمانة والصلاح ، ويصلحها اصلاحه ماله يزرع ويغرس وينصح ويجتهد. لا يحل لأحد وليها أن يحكم فيها ، ولا أن يعمل بغير عهدي.

وكتب علي بن أبي طالب بيده ، لعشر خلون من جمادى الاولى سنة تسع وثلاثين.

وشهد عبيد الله بن أبي رافع(٢) .

__________________

(١) وفي مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا ـ مخطوط ـ : ولا يباع من أولاد نخل هذه القرى.

(٢) وفي نسخة و: عبد الله بن رافع.

٤٥٤

وهياج بن [ أبي ] هياج(١) .

قال عبيد الله : فكان بين كتابه هذا وبين قتله أربعة أشهر وثلاث عشرة ليلة(٢) .

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٤٢ / ٤٢ : شهد أبو سمر بن أبرهة ، وصعصعة بن صوحان ، ويزيد بن قيس ، وهياج بن أبي هياج.

(٢) ورثاه ولده الامام الحسنعليه‌السلام :

خلّ العيون وما أرد

ن من البكاء على علي

لا تقبلن من الخلي

فليس قلبك بالخلي

لله أنت إذا الرجا

ل تضعضعت وسط الندي

فرجت غمته ولم

تركن إلى فشل وعي

وقال آخر :

لقد هدّ ركني أبو شبر

فما ذاقت العين طيب الوسن

ولا ذاقت العين طيب الكرى

وألقيت دهري رهين الحزن

وأقلقني طول تذكاره

حرارة ثكل الرقوب الشثن

قال صعصعة بن صوحان :

إلى من لي بأنسك يا أخيا

ومن لي أن أبثّك ما لديّا

طوتك خطوب دهر قد توالى

لذاك خطوبه نشرا وطيّا

فلو نشرت قواك لي المنايا

شكوت إليك ما صنعت إليّا

بكيتك يا علي لدرّ عيني

فلم تغن البكاء عليك شيئا

كفى حزنا بدفنك ثم إني

نفضت تراب قبرك من يديّا

وكانت في حياتك لي عظات

وأنت اليوم أوعظ منك حيّا

فيا أسفي عليك وطول شوقي

إلى لو أن ذلك ردّ شيئا

وقال آخر :

دعوتك يا علي فلم تجبني

وردّت دعوتي بأسا عليّا

بموتك ماتت اللذات عني

وكانت حيّة إذ كنت حيّا

فيا أسفا عليك وطول شوقي

إليك لو أن ذلك ردّ ليّا

وقال أبو الأسود الدؤلي ، وقيل : أم الهيثم بنت العريان النخعية :

٤٥٥

__________________

ألا يا عين ويحك أسعدينا

ألا تبكي أمير المؤمنينا

أتبكي أمّ كلثوم عليه

بعبرتها وقد رأت اليقينا

ألا قل للخوارج حيث كانوا

فلا قرّت عيون الشامتينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طرّا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا

وذللها ومن ركب السفينا

ومن لبس النعال ومن حفاها

ومن قرأ المثاني والمئينا

وكل مناقب الخيرات فيه

وحبّ رسول ربّ العالمينا

لقد علمت قريش حيث كانت

بأنك خيرها حسبا ودينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين

رأيت النور فوق الناظرينا

وكنا قبل مقتله بخير

نرى مولى رسول الله فينا

يقيم الحق لا يرتاب فيه

ويعدل في العدى والأقربينا

وليس بكاتم علما لديه

ولم يخلق من المتجبرينا

كأن الناس إذ فقدوا عليا

نعام حار في بلد سنينا

فلا تشمت معاوية بن صخر

فإن بقية الخلفاء فينا

وقال السيد حيدر الحلي رحمه‌الله :

قم ناشد الاسلام عن مصابه

اصيب بالنبي أم كتابه

أم أن ركب الموت عنه قد سرى

بالروح محمولا على ركابه

بل قد قضى نفس النبي المرتضى

وأدرج الليلة في أثوابه

مضى على اهتضامه بغضّة

غضّ بها الدهر مدى أحقابه

عاش غريبا بينها وقد قضى

بسيف أشقاها على اغترابه

لقد أراقوا ليلة القدر دما

دماؤها انصببن بانصبابه

تنزل الروح فوا في روحه

صاعدة شوقا الى ثوابه

فضجّ والاملاك فيها ضجة

منها اقشعرّ الكون في إهابه

وانقلب السّلام للفجر بها

للحشر إعوالا على مصابه

لله نفس أحمد من قد غدا

من نفس كل مؤمن أولى به

غادره ابن ملجم ووجهه

مخضب بالدم في محرابه

وجه لوجه الله كم عفّره

في مسجد كان أبا ترابه

٤٥٦

__________________

فأغبر وجه الدين لاصفراره

وخضب الإيمان لاختضابه

ويزعمون حيث طللوا دمه

في صومهم قد زيد في ثوابه

والصوم يدعو كل عام صارخا

قد نضحوا دمي على ثيابه

أطاعة قتلهم من لم يكن

تقبل طاعات الورى إلا به

قتلتم الصلاة في محرابها

يا قاتليه وهو في محرابه

وشقّ رأس العدل سيف جوركم

مذ شقّ منه الرأس في ذبابه

فليبك جبريل له ولينتحب

في الملأ الأعلى على مصابه

نعم بكى والغيث من بكائه

ينحب والرعد من انتحابه

منتدبا في صرخة وانما

يستصرخ المهديّ في انتدابه

يا أيها المحجوب عن شيعته

وكاشف الغمّا على احتجابه

كم تغمد السيف لقد تقطعت

رقاب أهل الحق على ارتقابه

فانهض لها فليس إلاك لها

قد سئم الصابر جرع صبابه

واطلب أباك المرتضى ممن غدا

منقلبا عنه على أعقابه

فهو كتاب الله ضاع بينهم

فاسأل بأمر الله عن كتابه

وقل ولكن بلسان مرهف

واجعل دماء القوم في جوابه

يا عصبة الالحاد أين من قضى

محتسبا وكنت في احتسابه

أين أمير المؤمنين أو ما

عن قتله اكتفيت في اغتصابه

لله كم جرعة غيظ ساغها

بعد نبيّ الله من أصحابه

وهي على العالم لو توزعت

أشرقت العالم في شرابه

فانع الى أحمد ثقل أحمد

وقل له يا خير من يدعى به

إن الألى على النفاق مردوا

قد كشفوا بعدك عن نقابه

وصيّروا سرح الهدى فريسة

للغيّ بين الطلس في ذيابه

وظلّ راعي إفكهم يحلب من

ضرع لبون الجور في وطابه

فالأمة اليوم غدت في مجهل

ظلّت طريق الحق في شعابه

لم يتشعب في قريش نسب

إلا غدا في المحض من نيابه

حتى أتيت فأتى في حسب

قد دخل التنزيل في حسابه

فيا لها غلطة دهر بعدها

لا يحمد الدهر على صوابه

٤٥٧

__________________

مشى الى خلف بها فأصبحت

ارؤسه تتبع من أذنابه

وما كفاه أن أرانا ضلّة

وهاده تعلو على هضابه

حتى أرانا ذئبه مفترسا

بين الشبول ليثه في غابه

هذا أمير المؤمنين بعد ما

ألجأهم للدين في ضرابه

وقاد من عتاتهم مصاعبا

ما أسمحت لو لا شبا قرضابه

قد ألف الهيجاء حتى ليلها

غرابه يأنس من عقابه

يمشي إليها وهو في ذهابه

أشدّ شوقا منه في ايابه

كالشبل في وثبته والسيف في

هيبته والصلّ في انسيابه

أرداه من لو لحظته عينه

في مأزق لفرّ من ارهابه

ومرّ من بين الجموع هاربا

يودّ أن يخرج من اهابه

وهو لعمري لو يشاء لم ينل

ما نال أشقى القوم في أرابه

لكن غدا مسلما محتسبا

والخير كل الخير في احتسابه

صلّى عليه الله من مضطهد

قد أغضبوا الرحمن في اغتصابه

وقال السيد جعفر الحلي آل كمال الدين :

لبس الاسلام أبراد السواد

يوم أردى المرتضى سيف المرادي

ليلة ما أصبحت إلا وقد

غلب الغيّ على أمر الرشاد

والصلاح انخفضت أعلام

وغدت ترفع أعلام الفساد

إن تقوض خيم الدين فقد

فقدت خير دعام وعماد

ما رعى الغادر شهر الله في

حجة الله على كل العباد

وببيت الله قد جدّ له

ساجدا ينشج من خوف المعاد

يا ليال أنزل الله بها

سور الذكر على أكرم هاد

محيت فيك على رغم العدى

آية في فضلها الذكر ينادي

قتلوه وهو في محرابه

طاوي الاحشاء عن ماء وزاد

سل بعينيه الدجى هل جفتا

من بكاء أو ذاقتا طعم الرقاد

وسل الأنجم هل أبصرنه

ليلة مضطجعا فوق الوساد

وسل الصبح اهل صادفه

ملّ من نوح مذيب للجماد

سيّد مثلث الاخرى له

فجفا النوم على لين المهاد

٤٥٨

فهل يدعي أحد أو يدعي له أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختصه من سره ، وأطلعه على علم ما يكون من بعده وعلى محاربة من حاربه ، وعلى أنه سيقتل من بعده ، ومن يقتله ، ومتى يكون ذلك ، وبشره بما له ولمن يقاتل معه من الثواب عند الله عزّ وجلّ. وهل يجوز أن يكون ذلك ويطلع عليه ، ويختصّ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا من أقامه مقامه من بعده ، وأذن له بالجهاد في سبيل الله كما أذن الله عزّ وجلّ في ذلك له ، وكذلك إخباره اياه ، واطلاعه على ما يكون من بعده الى يوم القيامة ، وحكايته ذلك على المنبر على رءوس الأشهاد من الصحابة وغيرهم أنه ما من فئة تكون الى يوم القيامة إلا وهو يعلم ناعقها وقائدها وسائقها. وأنه يعلم ما بين اللوحين ـ يعني كتاب الله عزّ وجلّ ـ الذي أخبر سبحانه أن فيه بيان لكل شيء ، فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما حكي ذلك عنه في هذا الكتاب وهو خبر مشهور يرويه الخاصّ والعام.

إن في كتاب الله عزّ وجلّ نبأ من مضى وخبر ما يكون وما يأتي.

__________________

هو للمحراب والحرب اخ

جاهد ما بين نفل وجهاد

نفسه الحرة قد عرّضها

للظبا البيض وللسمر الصعاد

سامها بذلا فهابوا سومها

فهي كالجوهر في سوق الكساد

طالما أقدم لا في صنعة

من لبوس يتقي بأس الأعادي

فتحامتها وجوه تنجلي

غبرة الهيجاء عنها بسواد

سلبوها وهو في غرّته

حيث لا حرب ولا قرع جلاد

قسما لو نبهوه لرأوا

دون أن يدنو له خرط القتاد

عاقر الناقة مع شقوته

ليس بالأشقى من الرجس المرادي

فلقد عمم بالسيف فتى

عمّ خلق الله طرا بالأيادي

فبكته الانس والجنّ معا

و طيور الجوّ مع وحش البوادي

و بكاه الملأ الأعلى دما

و غدا جبريل بالويل ينادي

هدمت والله أركان الهدى

حيث لا من منذر فينا وهادي

٤٥٩

واذا كان ذلك لا يوجد في ظاهره ، فهل يكون موجودا إلا في تأويله الذي أبان الله عزّ وجلّ يعلمه أولياءه؟ فقال سبحانه :( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (١) . وهو الذي عنى عليعليه‌السلام بقوله :

سلوني ، فإنكم لن تجدوا من أعلم بما بين اللوحين مني. فلو كان ذلك إنما عنى بظاهره لكان في الامة كثير يعلم ذلك ولا يخطئ فيه حرفا ، ولم يكن عليهعليه‌السلام ليقول في ذلك على رءوس الأشهاد ما يعلم أنه لا يصح من قوله ، وأن غيره يساويه فيه ، أو يقارنه ، أو يدعي علم شيء منه معه ، ولو كان ذلك لنافسوه فيه وادعوه معه.

ففي هذا أبين البيان على مقامه ، وأنه ولي أمر الامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيه على ذلك الذي أقامه له كما أقام من تقدم من النبيين أوصياؤهم من بعدهم وعمدوا إليهم في ذلك وأودعوهم سرهم وأخبروهم عما يكون من بعدهم مما أوحاه الله عزّ وجلّ إليهم ، وجعله من العلم والحكمة عندهم سنة الله عزّ وجلّ في عباده :( الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ) (٢) .

__________________

(١) آل عمران : ٧.

(٢) الفتح : ٢٣.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610