شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار6%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 610

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 610 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63983 / تحميل: 6274
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

شهادة رسول الله لعليّ بالجنّة

وذكر ما له في الآخرة

[٨١٤] الدغشي ، باسناده ، عن ابن الزبير ، أنه قال : كنت جالسا مع ابن عباس في المسجد نتحدث إذ دخل علينا رجل متلثم ، فجلس إلينا ، فقلنا له : من أنت؟

قال : إن آمنتموني تكلمت.

قلنا : لك الأمان.

فأرخى عمامته ، فإذا هو أبو ذر الغفاري رحمة الله عليه(١) . وكان عثمان بن عفان قد نفاه من المدينة الى الربذة لما كان يحدث به عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فضائل عليعليه‌السلام ، ورماه بالكذب ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ـ فيما رواه الخاص والعام ـ ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

__________________

(١) وهو جندب بن جنادة الصحابي المهاجري ، غني عن التعريف ، توفي في منفاه سنة ٣٢ هـ في فلاة من الارض قرب قارعة الطريق وليس عنده إلا ابنته حيث توفيّت زوّجته وولده وهلك انعامه لسوء الاحوال الجوية والتغدية في منفاه. وجاء ركب من وجوه المسلمين من العراق قاصدين المدينة فيهم مالك الاشتر وحجر بن عدي وعبد الله بن مسعود وتولوا غسله والصلاة عليه ومواراته الثرى كما أخبر به الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : يسعد به أقوام يتولون أمره واقباره. وحملوا ابنته معهم الى المدينة الى دار أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٤٦١

واظنه دخل المدينة حينئذ لحاجة له مترقبا.

قال ابن الزبير(١) فجعلت اتحدث وأبو ذر رحمة الله ورضوانه عليه يقطع حديثي بذكر فضائل عليعليه‌السلام . فقلت : يا أبا ذر إن المرء قد يحب المرء ثم يقصر. فأغاظ ذلك ابن عباس.

فقال : يا أبا ذر اناشدك الله بما لنا عليك من حق إلا حدثتنا بمناقب عليعليه‌السلام .

ثم قال أبو ذر : نعم ، إن لكم عليّ حقوقا لا أضرب لها أمدا ولا احصي لها عددا.

قال : فأسألك بحق حقوقنا عليك إلا حدثتنا؟

قال [ أبو ذر ] : نعم ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحراء(٢) ، وكان عليعليه‌السلام على الصفا عند دار حمزة بن عبد المطلب ، فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال : يا علي إني لأرجو أن تكون صاحبي في سفري هذا.

فقال : يا رسول الله ، وأيّ سفر هو؟

فقال : ذكرت لي أرض يقال لها : يثرب ، فان أعجل في القضاء ، فاتبعني.

فأقام بعده ليلتين ، ثم انطلق الى حراء ، فلم يجده ، فخنقته العبرة ، واقشعر ، فأراد أن ينطلق ليتبعه. فذكر أنه لا زاد معه وأنه لا يهتدي الطريق. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أمره في الليلة التي خرج فيها أن يضطجع مضجعه ، وأن يؤدي عنه أمانات كانت

__________________

(١) وهو عبد الله بن الزبير بن العوام ولد ١ هـ ، قتله الحجاج ٧٣ ه‍.

(٢) أي غار حراء مهبط الوحي على رسول الله من جبال مكة.

٤٦٢

عنده(١) ، وأن يحكم أشياء(٢) عهدها إليه في أهله ، ثم يلحق ، ففعل ذلك. فلما قضاه وأراد اللحوق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى أمه ـ فاطمة بنت أسد ـ ليلا ، فقرع الباب عليها.

فقالت : من هذا؟

فقال : أنا علي.

فقالت : إن اللات والعزى منك بريئان.

فقال لها علي : اخفضي من صوتك ولا توقظي نوامك واكرمي ضيفك ، فأما اللات والعزى فهما مني بريئان كما ذكرت ، وأنا منهما بريء.

ففتحت له الباب ، فجلس.

فقال لها : هل عندك من شيء آكله؟

فرقّت له ، فقالت : ارفع الكساء ، فثم خبزة وشيء من تمر.

فأخذه ، ثم جعل يلاطفها حتى نامت. فوثب الحائط ، ثم سار ليلته ويومه. فأمسى بالروحاء(٣) واستبطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وظهر الغمّ به عليه.

فقيل له في ذلك ، فقال : ومالي لا أغتم وقد خلفت خليلي ، ابن أبي طالب بمكة أمرته باللحوق بي إذا قضى ما عهدت إليه ، ولا أدري ما فعل الله به ، وإن الله عزّ وجلّ قد أعطاني فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا

__________________

(١) قال ابن هشام في السيرة ٢ / ٩٣ : وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٢) في نسخة : والأشياء.

(٣) الروحاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء المهملة ، أكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة ٣٦ ميلا ( خلاصة الوفاء ص ٥٥٨ ).

٤٦٣

في الآخرة :

أعطاني في الدنيا ، فإنه صاحب لوائي ، وهو يواري عورتي ، وإنه صاحب مجلس القضاء من بعدي ، فأنا لا أخشى عليه أن يموت في حياتي.

وأما التي أعطاني به في الآخرة ، فإنه صاحب لوائي ـ لواء الحمد ـ يقدمني به الى الجنة ، وهو عون لي على مفاتيح خزائن الجنة ، وإنه صاحب حوضي يوم القيامة.

فأنا آمن عليه أن يرتد كافرا بعد إذ هداه الله ، ولكني أخاف عليه جهلة قريش. وذكر باقي الحديث.

[ ضغائن في صدور القوم ]

[٨١٥] وبآخر ، عن أنس بن مالك(١) ، قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام معه وخرجت معهما ، فمشينا في حدائق المدينة ، فمررنا على حديقة.

فقال عليعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حديقتك يا علي في الجنة أحسن منها. حتى عدد سبع حدائق كل ذلك يقول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ذلك.

ثم بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عليعليه‌السلام :

__________________

(١) أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الانصاري أبو ثمامة أو أبو حمزة ولد بالمدينة ١٠ قبل الهجرة خدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أن قبض ، ثم رحل الى دمشق ثم الى البصرة فمات فيها ٩٣ هـ وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة.

٤٦٤

ما يبكيك يا رسول الله؟

قال : أبكاني اني ذكرت ضغائن لك في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني(١) .

[٨١٦] وبآخر ، عنه ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي بن أبي طالب وعمّار وسلمان.

[ خير الخلق يوم القيامة ]

[٨١٧] وبآخر ، أن علياعليه‌السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة وقف على أفواه ثلاث سكك. فقال : ألا اخبركم بخير الخلق يوم القيامة؟

قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، فمن هم؟

قال : سبعة من ولد عبد المطلب.

فقام إليه سلمان بن ربيعة ، فقال : أخبرنا بأسمائهم يا أمير المؤمنين.

قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم به ، أولهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووصيه صاحبكم ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والمهدي منا أهل البيت صلوات الله عليهم.

__________________

(١) واضاف ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢ / ٣٢٥ الحديث ٨٣٠ :

فقال علي عليه‌السلام : فما اصنع يا رسول الله؟

قال : تصبر.

قال : فان لم أستطع؟

قال : تلقى جميلا.

قال : ويسلم لي ديني؟

قال : ويسلم لك دينك.

٤٦٥

[٨١٨] وكيع ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال(١) من عليعليه‌السلام ، فقام إليه سعد بن زيد(٢) فقال : إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي في الجنة وهو خير البرية.

[ أشبه الناس بالمسيح ]

[٨١٩] وبآخر ، عن سلمان الفارسي(٣) ، أنه قال : لما انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غزوة بني المصطلق تقدم في مقدمة الناس ، وأمر علياعليه‌السلام أن يكون في ساقتهم(٤) يحفظهم ، فلما وصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة أتى إلى باب المسجد ، فجلس ينتظر علياعليه‌السلام لم يدخل منزله ، فرأيته يمسح العرق من وجهه.

ثم قال : يأتيكم الساعة من هذه الشعبة ـ وأشار بيده الى بعض الشعاب ـ رجل أشبه الناس بالمسيح ، وهو أفضل الناس بعدي يوم القيامة ، وأول من يدخل الجنة. فجعلنا ننظر الى الشعب.

فكان أول من طلع منه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فلما انتهى

__________________

(١) وفي نسخة و: فقال.

(٢) قال العاملي في اعيان الشيعة ٧ / ٢٢٢ : ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(٣) أبو عبد الله سلمان الفارسي الصحابي توفي بالمدائن في العراق بسنة ٣٦ هـ ومرقده يزار ويعرف باسم سلمان پاك. روى الكشي بسنده ، عن أسباط بن سالم ، عن موسى بن جعفر : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين حواري محمّد بن عبد الله الذي لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.

(٤) ساقة الجيش : مؤخرته.

٤٦٦

الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام إليه ، فاعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، ودخلا.

فقال قوم من المنافقين : يشبّه ابن عمه بالمسيح ويمثله به. أفآلهتنا التي كنا نعبدها خير أم علي. فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم :( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (١) .

[ خير الامة في الدارين ]

[٨٢٠] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي صلوات الله عليه :

أنت خير امتي في الدنيا والآخرة ، زوجتك خير نساء امتي في الدنيا والآخرة ، وابناك سيدا امتي في الدنيا والآخرة.

[٨٢١] عبد الله بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : جلسنا يوما مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال :

الآن يدخل عليكم رجل من أهل الجنة. ثم جعل يقول : اللهمّ إن شئت جعلته عليا. فأقبلعليه‌السلام فدخل.

[٨٢٢] الأشعث ، عن الحسن البصري(٢) ، أنه سمع رجلا يقع في عليعليه‌السلام فقال : أما أن هذا وقع في رجل هو أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدنيا(٣) وأخوه في الآخرة.

__________________

(١) الزخرف : ٥٦ ـ ٥٨.

(٢) أبو سعيد ، ولد بالمدينة ٢١ ، وتوفي بالبصرة سنة ١١٠ ه‍.

(٣) وفي نسخة و: الديني.

٤٦٧

[٨٢٣] سليمان بن جعفر ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله عزّ وجلّ الخلق عراة ، فيوقفون بالمحشر ، حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما ، وذلك قول الله عزّ وجلّ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ) (١) .

قال : ثم ينادي مناد : وأين نبيّ الرحمة محمّد بن عبد الله الأمي فيتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمام الناس كلهم حتى ينتهي الى حوض طوله ما بين إيلة(٢) الى صنعاء(٣) ، فيقف عليه ، وينادي بصاحبكم ـ يعني علياعليه‌السلام ـ فيتقدم أمام الناس ، وأنتم معه ـ يعني شيعة آل محمّدعليهم‌السلام ـ ، ثم يؤذن للناس فيمرون ، فمن بين وارد يومئذ ومصدود. فإذا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من صرف عنه من محبينا بكى ، وقال : يا رب شيعة علي. فيبعث الله عزّ وجلّ إليه ملكا يقول له : ما يبكيك؟

فيقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا من ورود الحوض.

قال : فيقول له الملك : إن الله عزّ وجلّ يقول لك : إني قد وهبتهم لك ، وألحقتهم بك ، وصفحت عن ذنوبهم وجعلتهم مع من كانوا يتولّون ، وأوردتهم حوضك.

قال أبو جعفرعليه‌السلام : فكم من باك وباكية ينادون يومئذ :

__________________

(١) طه : ١٠٨. والهمس الصوت الخفي.

(٢) ايلة : موضع في أعلى المدينة.

(٣) صنعاء : مدينة باليمن.

٤٦٨

يا محمّداه. إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد كان يتولانا ، ويتبرأ من عدونا إلا كان في حيزنا ومعنا(١) .

[٨٢٤] أبو بكر بن أبي داود البغدادي ، عن عبد الله بن عباس(٢) ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن ، أربعة.

فقيل : من هم يا رسول الله؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح(٣) على ناقته التي عقرها قومه ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي على ناقة من نوق الجنة عليه حلّتان خضراوان وعلى رأسه تاج ، ينادي : لا إله الا الله محمّد رسول الله.

فيقول الخلائق من هذا؟ أنبيّ مرسل ، أم ملك مقرب؟

فيناديهم مناد : ما هو نبيّ مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا إمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[٨٢٥] أبو العباس أحمد ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، ألا ترضى إذا جمع الله عزّ وجلّ

__________________

(١) وفي أمالي المفيد ص ١٧٩ : إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.

(٢) أبو العباس ، ويكنى بابن عباس ، عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، حبر الامة وترجمان القرآن ، ولد بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وكف بصره في آخر عمره وتوفي بالطائف سنة ٦٨ ه‍. قال العلاّمة في الخلاصة : من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان محبا لعليعليه‌السلام وتلميذه ، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنينعليه‌السلام أشهر من أن يخفى. وهناك أخبار ضعيفة السند ذكرها الشيخ الكشي في رجاله في مضمونها قدح في ابن عباس.

(٣) النبي الذي أرسله الله الى قوم ثمود ، ورد ذكره في القرآن.

٤٦٩

الخلق في صعيد واحد(١) ، عراة حفاة مشاة فيها قد قطع أعناقهم العطش ، وكان أول من يدعى إبراهيمعليه‌السلام ، فيكسى ثوبين أبيضين.

ثم يقام عن يمين العرش ، ثم يفجر لي منقب الى الحوض(٢) مثل ما بين بصرى وصنعاء(٣) عليه قدحان من فضة بعدد نجوم السماء ، فأغترف منه ، وأتوضأ ، ثم اكتسي ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، وللعرش يمينان ، ثم تقوم أنت فتشرب وتتوضأ ، ثم تكسى ثوبين أبيضين ، ثم تقوم معي لا أدعى إلى حسنة إلا دعيت معي إليها.

[ السيّد في الدنيا والآخرة ]

[٨٢٦] إسحاق بن أحمد البحراني ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرا ما إذا نظر الى عليعليه‌السلام قال : سيد في الدنيا سيّد في الآخرة.

[٨٢٧] أحمد بن يحيى الأزدي ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا أربعة.

قال له العباس : فداك أبي وأمي من هؤلاء الأربع؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله عزّ وجلّ التي

__________________

(١) الصعيد : الارض المستوية التي لا نبات فيها.

(٢) وفي بشارة المصطفى ص ٢٤٨ : ثم يفجر الى شعب من الجنة ، الى الحوض.

(٣) بصرى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق ، وصنعاء عاصمه اليمن.

٤٧٠

عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد الله وأسد رسول الله على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدلحة(١) الجنبين وعليه حلّتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، في ذلك التاج سبعون ركنا ، في كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء مسيرة ثلاثة أيام للراكب المجد. بيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلا الله محمّد رسول الله.

فيقول الخلائق : من هذا ، أملك مقرب ، أم نبيّ مرسل ، أم حامل عرش؟

فيناديهم مناد من بطنان العرش ليس بملك مقرب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا حامل عرش. هذا علي بن أبي طالب وصيّ رسول الله ، وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[ الراضية المرضية ]

[٨٢٨] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أسرى بي إلى السماء أخذ جبرائيلعليه‌السلام بيدي ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك(٢) من درانيك الجنة ، فخرجت عليّ حوراء(٣) ، فقالت : السّلام عليك يا محمّد ، السّلام عليك يا أحمد ، السّلام عليك يا رسول الله.

قلت : وعليك السّلام ، من أنت يرحمك الله؟

__________________

(١) الدلح : الشيء بالحمل الثقيل.

(٢) الدرنوك : نوع من البسط.

(٣) واضاف في الرياض النضرة ٢ / ٢١١ : فخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها.

٤٧١

قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع ، أعلاي من مسك ، ووسطي من عنبر ، وأسفلي من كافور ، عجنت بماء الحيوان. ثم قال لي الجبار : كوني ، فكنت. خلقت لأخيك ووصيك وابن عمك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

[ لواء الحمد ]

[٨٢٩] الحسن ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، قال : اكتنفنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجد المدينة ، فتذاكرنا من أول أهل الجنة دخولا؟

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن أولكم دخولا الجنة علي بن أبي طالب.

فقام أبو دجانة الأنصاري(١) ، فقال : بأبي وأمي أنت يا رسول الله ، لقد سمعتك تقول قبل هذا : إن الجنة محرمة على الأنبياء والامم حتى تدخلها أنت ، يا رسول الله.

قال : صدقت يا أبا دجانة ، إن لله عزّ وجلّ لواء من نور وعمودا من نور خلقها قبل أن يخلق الدنيا بألف عام مكتوب على ذلك اللواء : أنا الله لا إله إلا أنا ، محمّد عبدي ورسولي الى خلقي [ وآل ](٢) محمّد خير البرية.

ثم أهوى بيده الى عليعليه‌السلام فقال : هذا حامل ذلك اللواء بين يدي يوم القيامة ، وصاحب لواء القوم أمامهم.

__________________

(١) وهو سماك بن خرشة.

(٢) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار ٣٩ / ٢١٨ الحديث ١١.

٤٧٢

فكبّر الناس تكبيرة واحدة ، وأشرق لون عليعليه‌السلام فقال : الحمد لله الذي شرفنا برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

[٨٣٠] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي امامة الباهلي(٢) ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى أن قام ، فجاء علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فوافق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قائما ، فلما رآه جلس ، ثم قال له : يا علي أتدري لم جلست؟

قال : اللهمّ لا.

قال : [ لأخبرك ](٣) إني ختمت النبيين وإنك يا علي ختمت الوصيين ، إن حقا على الله عزّ وجلّ أن لا يقف موسى بن عمران موقفا يوم القيامة إلا وقف معه وصيه يوشع بن النون ، واني واقف وتقف معي ، ومسئول وتسأل معي ، فأعدّ للجواب.

يا علي ، إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا زلت ، وإن الله عزّ وجلّ قد أخذ ميثاقي وميثاقك وميثاق أهل مودّتك وشيعتك الى يوم القيامة ، فلكم شفاعتي.

[٨٣١] حماد بن سلمة ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : شهد ثلاثة عشرة رجلا كلهم من أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنهم رأوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبّل بين عيني عليعليه‌السلام . ثم قال

__________________

(١) واضاف في بحار الأنوار : فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابشر يا علي ما من عبد يحبك وينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا. ثم قرأ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الآية :( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) القمر : ٥٤ ـ ٥٥.

(٢) وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي الصحابي ، كان مع أمير المؤمنين في صفين سكن الشام ، توفي في حمص ٨١ ه‍.

(٣) وفي الاصل : الاخبر.

٤٧٣

له : يا ابن أبي طالب إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا ما زلت. أبشر يا علي فما بيني وبينك في الجنة إلا درجة النبوة ، وهي درجة الوسيلة لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها(١) أحد بعدي ، طولها أربعة آلاف فرسخ.

ثم التفت ، فنظر فإذا هو بأبي بكر ، فقال : يا أبا بكر وأنت؟

قال : نعم.

فقال : يا رسول الله جعلت فداك لكدت أهلك فيمن هلك.

قال : أمّا [ ما ] آمنت بالله ، وشهدت أني رسول الله ، وعرفت لهذا ما عرفت بنو إسرائيل لهارون ؛ فإنك لن تضيع.

ثم ضرب بيده على منكب عليعليه‌السلام ، وقال : يا ابن أبي طالب أبشر فإنه لا يخرج بعدي فئة ثلاثمائة فما فوقها أو دونها إلا كنت أنت صاحبها وقائدها وسائقها ، والذي نفس محمّد بيده لأول من يقف أنت وأعداؤك ، وأنا قائم خلفك يدي بين كتفيك يصل برد كفي الى قلبك )(٢) ، فيثبت الله قدميك ويصدق قولك ، فلا تخاصم منهم أحدا إلا خصمته ، وقذفته في النار.

[٨٣٢] مجاهد ، قال : سئل ابن عمر(٣) عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال : أشهد أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

يا علي ، إني سألت الله عزّ وجلّ أن يعينني بك في سبع مواطن وعند حالات ، فأنت تلي غسلي من بين أهل بيتي ، وتنجز عداتي ، وتبري ذمتي ، وتقف معي على حوضي تسقي من يرد عليّ من امتي ، وسألت

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : يعلاها.

(٢) ما بين القوسين سقط من نسخة و.

(٣) وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب ، هاجر الى المدينة قبل ابيه ، توفي بمكة سنة ٧٣ ه‍.

٤٧٤

الله عزّ وجلّ أن يعينني بك على فتح أبواب الجنة.

قيل : يا رسول الله ، وما فتح أبواب الجنة؟

قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، والإقرار بولاية علي بن أبي طالب من بعدي.

[٨٣٣] ابن عجلان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : شكوت من حسد الناس لي الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي ووزيري في الدنيا والآخرة ، وأن أول من دخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وفاطمة ، وذرياتنا ، وأزواجنا ، خلف ذرياتنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.

يا علي ، أنا أكرم ولد آدم ولا فخر ، وليس بيني وبين ربي حجاب إلا النور. وأول من يكسى كسوة الجنة ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الكلام ولا فخر ، وأول من يؤذن له في السجود ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الشفاعة ولا فخر ، وأول من يسعى نوره أمامه ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة ولا فخر ، وأول من يعطى سؤله ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة بشفاعته ولا فخر ، واعطى لواء الحمد يوم القيامة ، فأعطيك يا علي تسعى به أمامي وتدخل الجنة بين يدي.

[٨٣٤] وبآخر ، عن أبي امامة الباهلي(١) ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

إن الله عزّ وجلّ اختار يوشع بن نون وصيا لموسىعليه‌السلام ،

__________________

(١) وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي.

٤٧٥

وجعله من بعده نبيا ، ولو لا أن الله عزّ وجلّ ختم بي المرسلين وقضى أنه لا نبيّ بعدي لكنت يا علي من بعدي نبيا. ولكن الله عزّ وجلّ قد اختارك لي وصيا هاديا لامتي من بعدي ، فأنت صدّيقها وسائقها وقائدها الى الجنة برحمة الله عزّ وجلّ.

[٨٣٥] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

إن علي بن أبي طالب ليزهر في الجنة لأهل الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا.

[٨٣٦] وبآخر ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ـ وأنا بين يديه أخدمه ـ يقول :

ليدخلن عليّ الساعة من هذا الباب رجل هو خير الأوصياء وسيد الشهداء ، وأقرب الناس من النبيين يوم القيامة مجلسا.

قال أنس بن مالك : اللهمّ اجعله من الأنصار.

فدخل عليه علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

[٨٣٧] أبو البختري(١) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات الله عليهما ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : منزلتي ومنزلتك يا علي في الآخرة متواجهتان كمنزلتي الأخوان.

[٨٣٨] مالك بن أنس(٢) ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : لما آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه جاء علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقام قائما بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم

__________________

(١) واظنه وهب بن وهب.

(٢) أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الاصبحي الحميري وأحد الائمة الاربعة عند أهل السنة وإليه تنسب المالكية ، مولده ووفاته في المدينة ٩٣ هـ ـ ١٧٩ ه‍.

٤٧٦

قال : يا رسول الله ، قد رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، وتركتني. فإن يكن ذلك لموجدة منك عليّ فلك العتبى ، فقد ضاقت عليّ الأرض برحبها.

فتبسم إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : ما الذي فعلت بأصحابي ، ولم أفعله بك يا علي؟

قال : آخيت بين كل اثنين منهم وأعطيت كل واحد منهم فضيلة ، وتركتني.

فقال له : مه يا علي ، تركتك لنفسي أنت أخي ووصيي ، وأنت معي في الجنة في قصر مع فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة ابنتي ومع الحسن والحسين ابنيّ وابنيكما.

يا علي إنما مثلنا مثل الشجرة أنا أصلها وأنت فرعها وفاطمة أغصانها والحسن والحسين ثمارها.

يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي.

يا علي يدك في يدي حتى أدخل الجنة.

يا علي إن الله عزّ وجلّ يبعث مناديا يوم القيامة من بطنان العرش مناديا ينادي : معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم حتى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط.

يا علي إنه من أحبك في حياتي وبعد وفاتي كنت له آمنا وأمانا ما طلعت الشمس وما غربت.

يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام.

يا علي أنت معي في الجنة.

يا علي وخصلة اخرى ادّخرها الله عزّ وجلّ لك.

٤٧٧

قال : يا رسول الله ، وما هي؟

قال : إن لواء الحمد يوم القيامة بيدي وأنت معي تسقي المؤمنين من حوضي ، فإذا سرنا الى الجنة أعطيتك لواء الحمد ، وقدمت به بين يدي ، وهم خلفي.

يا علي ومن أبغضك أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أصلاه جهنم وساءت مصيرا.

[٨٣٩] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن أبي ذر ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليعليه‌السلام :

أنت أول عن آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة.

قد ذكرت فيما تقدم من الأخبار كثيرا مما جرى فيها ذكر ما أفردت له هذا الباب من شهادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي صلوات الله عليه بالجنة ، واختصاصه بما أعد الله عزّ وجلّ له فيها من الكرامة والمنزلة التي لا تنبغي إلا لمن قام مقامه ، وحلّ محله من الوصية والامامة ، والمقام الذي أقامه له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن كان قد عهد الجنة لغيره ، فإنه لم يأت عنه أنه بلغ بأحد منهم في ذلك مبلغه ، ولا ذكر فيه مثل ما ذكر في عليعليه‌السلام . وقد وعد الله عزّ وجل المؤمنين الجنة ، ولكنه لم يجعل لهم فيها مثل هذه المنازل والدرجات التي ذكرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام وفي ذلك أبين البيان على مقامه ، وأنه كما قال فيه ، ونصّ عليه فيما ذكره وصيه من بعده كأحد أوصياء النبيين بعدهم وأفضلهم ، وصاحب أمر الامة بعده كما كان ، كذلك وصيّ كل نبي ، وصاحب أمر أمته من بعده ، وبانه لم يكن يجب لاحد أن يتقدم عليه ، ولا أن يدعي مقامه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٧٨

فضائل أهل البيت (ع)

وممّا جاء في الاخبار مجملا في ذكر أهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين :

[٨٤٠] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي ذر رضوان الله عليه ، أنه أخذ بحلقتي باب الكعبة ، وقد اجتمع الناس للموسم(١) ، وحوّل وجهه الى الناس وهم أجمع ما كانوا في الطواف حول البيت.

فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، وإلا فأنا أعرفه بنفسي ، أنا أبو ذر الغفاري ، لا أخبركم إلا بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سمعته يقول :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، [ ألا وإن ] مثلهما فيكم(٢) سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق.

[٨٤١] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض طرف منه عند الله ، وطرف منه في

__________________

(١) أي : موسم الحج.

(٢) هكذا صححناه من كتاب البحار ٢٣ / ١٣٤ الحديث ٧٤. وفي الاصل : مثلهما مثل سفينة.

٤٧٩

أيديكم ، فاستمسكوا به ، وعترتي.

قال فضيل : فقلت لعطية(١) : ما عترته؟

قال : أهل بيته.

[ أقول : ] وقول أصحاب اللغة في هذا أوضح وأصح.

قال الخليل(٢) بن أحمد : عترة الرجل أقرباؤه من ولده وولد ولده وبني عمه.

فولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وولد ولده الحسن والحسين وابن عمه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

[٨٤٣] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أن رجلا سأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قوله الله عزّ وجلّ :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (٣) من عنى به؟

فقال عليعليه‌السلام : والذي نفسي بيده ، ما أحد ضرب عليه المواسى من قريش إلا وقد نزل فيه من كتاب الله طائفة. والذي نفسي بيده ، ما قضاه الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبّ إليّ من أن يكون لي [ ملء ] هذه الرحبة ذهبا وفضة ، وما بي إلا يكون قد جفّ وجرى القلم بما هو كائن. ولكن لتعلموا ، والله ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح في قومه ، أو باب حطة في بني إسرائيل.

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٢٣ / ١٣١ الحديث ٦٤ : فقلت لأبي سعيد : من عترته.

(٢) هكذا في نسخة و، وفي الاصل : قال قيل بن.

(٣) هود : ١٧.

٤٨٠

[ حديث الثقلين ]

[٨٤٣] أبو نعيم ، عن زيد بن أرقم ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم وهو يقول :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله(١) من استمسك به كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ـ يقولها ثلاثا ـ.

قال : فقلنا له : من أهل بيتك يا رسول الله(٢) الدواوين؟

قال : آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل الذي لا يأكلون الصدقة.

[٨٤٤] أبو نعيم ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد خلفت فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر سببا موصولا من السماء الى الأرض : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

[ فقلت لأبي سعيد : من عترته؟ قال : أهل بيته ](٣) .

[٨٤٥] أبو نعيم أيضا ، باسناده عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : اشتدّ غضب الله على اليهود [ أن قالوا : عزيز بن الله ] واشتدّ غضب الله على النصارى [ أن قالوا : المسيح ابن الله ](٤) واشتدّ غضب الله على من

__________________

(١) وفي نسخة و: كتاب الله وعترتي.

(٢) وفي فرائد السمطين ٢ / ٢٥٠ : قلنا : من أهل بيته ، نساؤه؟ قال : لا ، أهل بيته ، أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده آل علي الحديث.

(٣) معاني الأخبار : ص ٩٠.

(٤) ما بين المعقوفتين من كنز العمال : ١ / ٦٧.

٤٨١

آذاني في عترتي من بعدي.

[٨٤٦] الدغشي ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : إن في الجنة لؤلؤتين في بطنان العرش ، أحدهما بيضاء والاخرى صفراء ، في كل لؤلؤة منها سبعون الف غرفة أبوابها وأسرتها منها(١) . فالبيضاء لمحمّد وأهل بيته (عليهم‌السلام أجمعين ) والصفراء لإبراهيم وأهل بيتهعليهم‌السلام .

قال الدغشي : فقلت لسعيد بن طريف : ما بطنان العرش؟

قال : وسطه.

[٨٤٧] الليث بن سعد ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : إني كائن لكم يوم القيامة فرطا على الحوض ، وإني أسائلكم عن اثنتين : عن القرآن ، و [ عن ] عترتي.

[٨٤٨] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : أتاني جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : الله عزّ وجلّ قد بعثني إلى بلاده وعباده وهو أعلم بعباده وبلاده مني ، فقلبت أسفلها أعلاها ، فلم أجد فيها قبيلا أفضل من العرب.

ثم بعثني الى العرب ، فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد فيها قبيلا أفضل من قريش.

ثم بعثني الى قريش ، فقلبت أسفلها أعلاها ، فلم أجد فيها قبيلا أفضل من بني هاشم.

ثم بعثني الى بني هاشم فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد فيها أفضل من بني عبد المطلب.

ثم بعثني الى بني عبد المطلب فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد أحدا

__________________

(١) وفي عمدة ابن البطريق : أبوابها وأكوابها من عرق واحد.

٤٨٢

أفضل منك فبعثك رسولا.

[٨٤٩] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : إن الله خلق الخلق وفرقهم فريقين ، ثم جعلهم قبائل فجعلني من خير القبائل(١) ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني من خيرهم بيتا ، فأنا خيركم فريقا وقبيلا وبيتا.

[٨٥٠] وبآخر ، عنه ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : والذي نفسي بيده ، لا يدخل قلب عبد إيمان حتى يحبّ أهل بيتي لله عزّ وجلّ ولي.

[٨٥١] عبد الله بن صالح ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : اختار الله عزّ وجلّ من الناس العرب ، واختار من العرب كنانة واختار من كنانة النضر ، واختار من النضر عبد مناف ، واختار من عبد مناف هاشما ، واختار من هاشم عبد المطلب ، واختار من عبد المطلب عبد الله ، واختارني من عبد الله.

[٨٥٢] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول على هذا المنبر :

ما بال قوم يزعمون. أن رحمي لا ينفع ، والله إن رحمي لينفع في الدنيا والآخرة(٢) ، وإني فرطكم على الحوض. وسيأتي قوم يقول أحدهم : أنا فلان ( بن فلان )(٣) ويقول الآخر : أنا فلان بن فلان.

__________________

(١) وفي ذخائر العقبى ص ١٠ : في خير قبيلة.

(٢) وفي مسند أحمد بن حنبل ٣ / ١٨ : ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول الله لا تنفع قومه؟ بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة.

(٣) ما بين القوسين من نسخة ـ وـ.

٤٨٣

فأقول : أما النسب فقد عرفته ، ولكنكم رجعتم على أعقابكم.

[٨٥٣] محمّد بن حميد الاصباغي ، باسناده ، عن الحسنعليه‌السلام ، أنه قال : إذا أردت أن تعتبرنا وبني أميّة(١) فاقرأ سورة الذين كفروا(٢) فإن فينا منها آية ، وفيهم آية الى آخرها.

[٨٥٤] يحيى بن سلام ، عن حماد بن سلمة ، يرفعه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الناس معادن في الخير والشر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا(٣) .

[ السجاد ومنهال ]

[٨٥٥] أبو غسان ، باسناده ، عن المنهال(٤) بن عمر ، قال : دخلت على علي بن الحسين ، فقلت : كيف أصبحتم ـ أصلحك الله ـ؟

فنظر إليّ ، وقال :

ما كنت أرى أن شيخا مثلك بلغ ما بلغت من السن لا يدري كيف أصبحنا. فأما إذا لم تعلم فسأخبرك.

__________________

(١) وفي البرهان ٤ / ١٨٠ : من أراد أن يعلم فضلنا على عدونا.

(٢) أي : سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) .

(٣) قال النراقي في جامع السعادات ١ / ٢٤ في جواب من احتج بهذا الحديث من عدم تأثير التربية في تصحيح أخلاق الانسان ، وأن الاخلاق من توابع المزاج الغير قابل للتبديل ، فقال (ره) : إن توابع المزاج من المقتضيات التي يمكن زوالها لا من اللوازم التي يمتنع انفكاكها لما ثبت في الحكمة من أن النفوس الانسانية متفقة في الحقيقة ، وفي بدو فطرتها خالية عن جميع الأخلاق والأحوال كما هو شأن العقل الهيولائي ، ثم ما يحصل لها منهما إما من مقتضيات الاختيار والعادة أو استعدادات الابدان والامزجة. والمقتضي ما يمكن زواله كالبرودة للماء لا ما يمتنع انفكاكه كالزوجية للاربعة.

ثم إنه رحمه‌الله ينكر صحة الحديث أصلا.

(٤) وفي نسخة و: المنهاد.

٤٨٤

أصبحنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، إذ كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأصبح شيخنا وسيدنا وأقربنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يعني علياعليه‌السلام ـ يتقرب الى عدونا بسبه على المنابر(١) ، وأصبحت قريش تعد أن لها الفضل على العرب لأن محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منها ، ولا تعدلها فضل إلا به. وأصبحت العرب تعد أن لها الفضل على العجم لأن محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منها ، وأصبحت العجم مقرة لهم بذلك ، فلئن كانت العرب صادقة أن لها الفضل على العجم ، وكانت قريش صادقة بأن لها الفضل على العرب بذلك ، فإن لنا الفضل أهل البيت على جميعهم فهم يأخذون بحقنا ولا يعرفون لنا حقا.

فهكذا أصبحت إن لم تكن تعلم كيف أصبحنا.

[٨٥٦] الليث بن سعد ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه لما دوّن الدواوين قال الناس له : أنت أمير المؤمنين فابدأ بنفسك.

فقال عمر : لا بل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإمام ، فابدءوا برهطه ثم الأقرب فالأقرب إليه. [ حتى يدعى عمر في بني عدي ](٢) .

[ الصدقة حرام على آل محمّد ]

[٨٥٧] أبو غسان ، باسناده ، عن زيد ابن أرقم ، أنه قال : آل محمّد الذين

__________________

(١) وفي تفسير القمي ٢ / ١٣٤ اضافة الجملة التالية : وأصبح عدونا يعطى المال والشرف وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه ، وأصحبت قريش ...

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من مقتل الخوارزمي : ص ٩٤.

٤٨٥

لا تحل لهم الصدقة : آل [ علي ](١) ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل عباس.

[٨٥٨] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : اتي الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتمر من تمر الصدقة ، فأمر فيه بأمره. وكان الحسنعليه‌السلام بين يديه فأخذ تمرة من ذلك التمر ـ وهو يومئذ طفل صغير ـ فجعل يلوكها ولم يره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واحتمله على عاتقه ، فجعل لعابه يسيل عليه ، فنظر إليه ، فاذا التمر في فيه ، فانتزعها منه ، فألقاها في التمر ، وقال : إن آل محمّد لا يأكلون الصدقة.

[٨٥٩] الليت بن سعد ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : ذبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقرة في حجة الوداع ، وقال : هذه عمن حج من آل محمّد.

[٨٦٠] جندل بن والق(٢) ، باسناده ، عن أبي رافع ، أنه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين أقرنين أملحين ، فإذا صلّى وخطب دعا بأحدهما وهو في المصلّى فذبحه بيده ، ثم يقول : اللهمّ هذا عن امتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ، ثم يوتى بالآخر ، فذبحه بيده ، ثم يقول : اللهمّ هذا عن محمّد وآل محمّد.

فمكثوا سنين ليس أحدهم يضحي ، قد كفاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المئونة.

[٨٦١] الليث بن سعد ، باسناده ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي(٣) ، قال : إن ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الأصل : آل محمّد.

(٢) وفي نسخة و: ابن فاق.

(٣) من أشرف قريش من أهل المدينة ، ولد ٩ هـ أمه هند اخت معاوية ، هرب إلى عمان وتوفي بها ٨٤ ه‍.

٤٨٦

[ لعبد المطلب ](١) بن ربيعة وللفضل بن العباس(٢) : ائتيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقولا له : يا رسول الله إنا قد بلغنا ما ترى من السنّ وأحببنا أن نتزوج ، وأنت يا رسول الله أبرّ الناس وأوصلهم ، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا ، فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات نؤدي إليك ما تؤدي العمال ونصيب ما كان فيها من مرفق(٣) .

فذكرا ذلك لعليعليه‌السلام ، فقال : لا والله ما يستعمل أحدا منكما على الصدقات.

فقال ربيعة بن الحارث : هذا حسد منك.

فالقى عليعليه‌السلام رداءه ، ثم اضطجع ، وقال : أنا أبو الحسن ، والله إن برحت من منامي هذا حتى يأتيكما جواب ذلك.

فانطلقا فوافيا صلاة الظهر قد قامت ، فصلّيا مع الناس. ثم انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى منزل زينب بنت جحش ، فأتياه فاستأذنا عليه فأذن لهما.

قال عبد المطلب : فتواكلنا الكلام(٤) قليلا. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اخرجا ما تسران ، فكلمناه بالذي أمرنا به أبونا ، فسكت ساعة. ثم رفع طرفه الى سقف البيت حتى طال علينا وظننا

__________________

(١) من مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ١٠٨ ، وفي الاصل : عبد الله بن ربيعه وهو تصحيف. وهو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، سكن المدينة ، وانتقل إلى الشام في خلافه عمر ، فتوفي في دمشق ٦٢ ه‍.

(٢) وهو الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ، وهو أحد زعماء المدينة في ثورتها على بني أميّة ، وأظهر في وقعة الحرة بسالة عجيبة وقتل بها ٦٣ ه‍.

(٣) أي : من النفع.

(٤) فتواكلنا الكلام : سكتنا قليلا.

٤٨٧

أنه لا يرجع إلينا جوابا ، ورأينا زينب من وراء الحجاب تلمح بيدها أن اجلسا ، فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما ينظر في أمرنا. ثم قال لنا :

إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس ، وإنها لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد ، ادع لي نوفل بن الحارث. فدعي له به.

فقال له : يا نوفل أنكح عبد الله ، فأنكحني(١) .

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادع لي محمّد بن حدي(٢) ـ رجل من بني زبيد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعمله على الأخماس ـ فدعي له به.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنكح الفضل.

فأنكحه ، ثم أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصدّق عنهما من الخمس.

[٨٦٢] أبو نعيم ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : أحبّ حبيب آل محمّدعليهم‌السلام ما أحبهم ، فإذا أبغضهم فأبغضه ، وابغض باغض آل محمّد ما أبغضهم ، فإذا أحبهم فأحبه ، وأنا ابشرك بالبشرى.

[٨٦٣] أبو غسان ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال [ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] : ليس منا من لم يوقر كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لنا حقنا.

[٨٦٤] وبآخر ، عن الحسن بن عليعليه‌السلام ، أنه قال : من أحبنا لله جئنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين ـ وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى

__________________

(١) أي : زوجني امرأة.

(٢) هكذا في الاصل.

٤٨٨

من يده ـ ولو شئت لقلت : كهاتين ـ وجمع بين المسبحتين من يديه جميعا ـ. من أحبنا للدنيا ، فإذا جاءت الدنيا اتسعت للبرّ والفاجر.

[٨٦٥] الحسين بن عطية ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام ، أنه قال :

بحبكم إيانا تغفر ذنوبكم.

[٨٦٦] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر ، قال : كنا عند ( أبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام فنظر الى غلام ينظر إليه ويبكي ، فقال له :

ما يبكيك يا غلام؟

قال : بكيت والله من حبّكم يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال : نظرت حيث نظر الله ، واخترت من اختار الله.

[٨٦٧] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي مسعود الأنصاري ، أنه قال :

لو صلّيت صلاة لا اصلي فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنها تتم(١) .

[٨٦٨] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، قالت : صنعت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طعاما وهو في بيتي على منامة ـ والمنامة [ على ] دكان ـ(٢) فأتيته بالطعام ، فوضعته بين يديه. فقال لي : ادع عليا وفاطمة والحسن والحسين. فدعوتهم له ، فأكلوا معه ، فقال :

اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

__________________

(١) قال الشافعي (ره) :

يا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم

من لم يصلّ عليكم لا صلاة له

(٢) المنامة : موضع المنام. والدكان بناء يسطح أعلاه.

٤٨٩

[ وخاصّتي ]

[٨٦٩] المطلب ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه أتاه يوما علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ، وكلهم يقول : أنا أحبّ الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأخذ فاطمة مما يلي بطنه وعليا مما يلي ظهره وحسنا وحسينا عن يمينه وعن شماله(١) .

ثم قال لهم : أنتم مني وأنا منكم.

[ في ليلة الاسراء ]

[٨٧٠] أبو محمّد الهمداني ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال :

قال لي ربي ـ ليلة أسري بي ـ : من خلفت على امتك يا محمّد؟

قلت : أنت يا رب.

فقال لي : يا محمّد إني انتجبتك لرسالتي واصطفيتك لنفسي ، فأنت نبي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الأكبر الذي خلقته من طينك ، وجعلته وزيرك وأبا سبطيك المهديين سيدي شباب أهل الجنة ، وزوجته خيرة نساء العالمين.

يا محمّد أنت شجرة وعلي أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين )(٢) ثمارها ، خلقتها من طينة عليين ، وجعلت شيعتكم منكم لأنهم لو ضربوا على أنوفهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلا حبا.

__________________

(١) وفي أمالي الصدوق ص ٢١ : والحسن عن يمينه والحسين عن يساره.

(٢) ما بين القوسين سقط من نسخة ـ وـ.

٤٩٠

قلت : يا رب ، من الصدّيق الأكبر؟

قال : علي بن أبي طالب.

[٨٧١] الحسن بن عطية العوفي ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي باب عليعليه‌السلام إذا خرج الى صلاة الصبح ، فيقول :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) الصلاة ، الصلاة.

[٨٧٢] سلمة بن كهيل(٢) ، باسناده عن أمّ سلمة(٣) زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، أنها قالت : أرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، فأتوه وهو في بيتي ، فانتزع كساء كان تحتي فألقاه عليهم وعليه ، ثم قال :

اللهمّ إن هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

فقلت : يا رسول الله ، أنا معهم؟

قال : إنك على خير والى خير ، إنك من قوم آخرين.

[٨٧٣] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي على

__________________

(١) الاحزاب : ٣٣.

(٢) وفي نسخة الاصل : سلمة بن هيكل.

(٣) وهي أم المؤمنين ، واسمها : هند بنت أبي أميّة ـ حذيفة وقيل سهيل ـ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم. ولدت ٢٨ قبل الهجرة. هاجرت مع زوجها أبي سلمة بن عبد الاسد الى الحبشة ثم هاجرا إلى المدينة ومات زوجها ، وتزوجها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتوفيت في المدينة ٦٢ ه‍.

٤٩١

منامة ـ تعني الدكان ـ فأتيته بطعام قد صنعته له. فقال : ادع لي عليا وفاطمة والحسن والحسين ، فدعوتهم له ، فأكلوا معه ، فقال :

اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

[٨٧٤] وبآخر ، عن الليث بن سعد(١) ، قال : أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة والحسن والحسين ، وكلهم يقول : أنا أحبّ الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فأخذ فاطمة ممّا دون يلي بطنه وعليا ممّا يلي ظهره وحسنا عن يمينه وحسينا عن شماله ، ثم قال : أنتم مني وأنا منكم.

[٨٧٥] مسدد بن مسرهد ، باسناده ، عن عبد الله بن ربيعة ، قال : اجتمع بنو عبد المطلب ، فقالوا : نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السعاية ، فأتوا علياعليه‌السلام فكلموه في ذلك.

فقال : إن الله عزّ وجلّ قد أبى ذلك(٢) عليكم أن يطعمكم اوساخ أيدي الناس ـ أو قال : غسالة أيدي الناس ـ.

قال عبد الله بن ربيعة : فأرسلني أبي وأرسل العباس الفضل ، فأتينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنكلمه في ذلك ، فحضرنا.

فقال : هاتيا ما تقولان.

فقلنا : يا رسول الله أرسلنا أبوانا بكذا وكذا.

فقال : إن الله عزّ وجلّ قد أبى لكم ذلك ورسوله أن يطعمكم

__________________

(١) هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي ، ولد في قلقشندة ٩٤ هـ ، قال الشافعي : الليث أفقه من مالك. توفي في القاهرة ١٧٥ ه‍.

(٢) وفي نسخة و: ذلكم.

٤٩٢

أوساخ أيدي الناس ـ أو قال : غسالة أيدي الناس ـ.

[ الإيمان في حبّ الله ورسوله ]

[٨٧٦] هارون بن معروف ، باسناده ، عن المطلب بن ربيعة ، قال : جاء العباس الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مغضب.

فقال له : ما شأنك؟

فقال : يا رسول الله ، مالنا ولقريش.

قال : مالكم ولهم؟

قال : يلقى بعضهم بعضا بوجوه مسفرة ، فاذا لقونا لقونا بغير ذلك(١) .

فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى اشتدّ عرق بين عينيه ، فلما استقرّ الغضب عنه قال : والذي نفس محمّد بيده لا يدخل قلب امرئ إيمان ـ أبدا ـ حتى يحبكم لله ولرسوله. ثم قال : ما بال رجال يؤذونني في العباس ، إن عمّ الرجل صنو أبيه.

[٨٧٧] وبآخر ، عن عبد الله بن الحارث ، قال : قالت أمّ الفضل(٢) : لما وجع(٣) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكيت.

فقال : ما يبكيك؟

__________________

(١) وفي الدر المنثور : إنا لنخرج فنرى قريشا تحدث فاذا رأونا سكتوا.

(٢) وهي لبابة بنت الحارث الهلالية ، زوجة العباس بن عبد المطلب وأمّ عبد الله ، وهي التي ضربت أبا لهب بعمود فشجته حين رأته يضرب أبا رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجرة زمزم بمكة وكان موت أبي لهب بعد الضربة بسبع ليال أسلمت بعد خديجة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزورها توفيت ٣٠ ه‍.

(٣) هكذا صححناه ، وفي الاصل : رجع.

٤٩٣

فقلت : يا رسول الله إني أخاف عليك ولا أدري ما نلقى من الناس من بعدك.

فقال : أنتم المستضعفون بعدي.

[ ستة لعنهم الله ]

[٨٧٨] سفيان الثوري ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : ستة لعنهم الله عزّ وجلّ ولعنهم كل نبيّ مجاب :

الزائد في كتاب الله. والمنكر لقدر الله. والتارك لسنتي. والمتسلط بالجبروت ليعزّ من أذله الله ويذلّ من أعزه الله. والمستحل من عترتي ما حرم الله. والمستحل حرم الله(١) .

[ أمّ سلمة وعمرة الهمدانية ]

[٨٧٩] أحمد بن صالح ، باسناده ، عن أم سلمة ـ زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ [ قالت ] :(٢) إن عمرة الهمدانية ذكرت عندها علياعليه‌السلام ذات يوم.

فقالت لها أمّ سلمة : أتحبينه أم تبغضينه؟

فقالت : يا أمتاه ما أحبه ولا أبغضه.

قالت أمّ سلمة : والله لقد أنزل الله عزّ وجلّ على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

__________________

(١) وزاد في الخصال ص ٣٥٠ : والمتكبر على عباد الله عزّ وجلّ.

(٢) وفي مشكل الآثار ١ / ٣٣٦ : فقالت عمرة : يا أم المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل الذي قتل بين أظهرنا فمحبّ ومبغض ، تريد علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٤٩٤

وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) ، وما في البيت إلاّ جبرائيلعليه‌السلام ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وأنا.

فقلت : أنا يا رسول الله من أهل البيت؟

فقال : أنت صالح نسائي(٢) .

فلو قال : يا عمرة ، نعم ، لكان أحبّ إليّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب.

[ بالولاية تقبل الأعمال ]

[٨٨٠] حسن بن حسين ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ما بال قوم إذا ذكر عندهم [ إبراهيم ] آل إبراهيم وآل عمران استبشروا ، وإذا ذكر عندهم أهل بيتي اشمأزت قلوبهم [ وكلحت وجوههم ] ، والذي نفسي بيده لو أن أحدهم لقي الله عزّ وجلّ بعمل سبعين نبيا ولم يلق بولايتهم ما تقبل منه(٣) .

[٨٨١] وبآخر ، عن المعروف المكي ، قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام : إنكم لتعتدوا بفضل لكم على غيركم.

فقال : إن علينا من الله عزّ وجلّ لطهارة ، وإن لنا من رسوله صلّى

__________________

(١) الاحزاب : ٣٣.

(٢) وفي مشكل الآثار : فقال : إن لك عند الله خيرا.

(٣) وفي أمالي المفيد ص ٧٥ : بعمل سبعين نبيا ثم لم يأت بولاية ولي الأمر من أهل البيت ما قبل الله منه صرفا ولا عدلا.

٤٩٥

الله عليه وآله لولادة ، وإن لنا في كتاب الله لسهما ، وإن لنا الأنفال خاصة ، فعلى من ظلمنا لعنة الله.

[٨٨٢] عبد الله بن أبي يعقوب ، قال : قلت لزيد بن علي بن الحسين(١) : إن الناس قد اختلفوا في أمركم ، فأخبرني بذلك بشيء أعلمه من كتاب الله عزّ وجلّ.

قال : أما تقرأ من سورة ياسين [ قوله تعالى ] :( إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) (٢) .

قلت : نعم.

قال : مثلهم في هذه الامة مثل علي والحسن والحسينعليهم‌السلام والرابع بعدهم الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، قال يا قوم اتبعوا المرسلين ، وهو المنتظر من آل محمّد ، يدعوا الى ما دعوا إليه.

قلت : فأنت هو؟

قال : لو كنت أنا هو ، فإني إذن السعيد.

وهذا من زيد وجهل منه بالمنتظر. وإنما المنتظر هو المهدي صلوات الله عليه ، وسنذكر أخباره وما جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه في باب مفرد في هذا الكتاب. وهذا الجهل من زيد بالمنتظر من آل محمّد هو الذي حمله على القيام فيما ليس له ، فصار الى ما صار إليه ، وقد وعظه صاحب زمانه أخوه أبو جعفر محمّد بن عليعليه‌السلام في ذلك ، وحذره مصرعه ، وقال له : احذر أن تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يقبل منه ، فكان كما حذره.

__________________

(١) ولد سنة ٨٠ هـ واستشهد ١٢٢ ه‍.

(٢) ياسين : ١٤.

٤٩٦

ولما بان عنه وانفرد برأيه ، وزعم أن الامام إنما هو من قام وشهر سيفه دون من جلس وأرخى عليه ستره وادعى لنفسه ما ليس له ، وقام معه من قام من الشيعة من لا علم له بحقيقة الأمر. وأرسل أبو جعفرعليه‌السلام إليه رجلا من خاصته(١) ، وأمره بما يقول. فأتاه ، ودخل في جملة من يدخل إليه.

فلما احتفل مجلسه بوجوه أصحابه قال له الرجل :

يا ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل أوصى إليك أبوك ، وأقامك هذا المقام بعده.

قال : لا أوصى إليّ ولا إلى غيري ، وإنما الإمام منا من قام بأمر الناس.

قال : فإن غيرك يقول إنه قد أوصى إليه وأقامه.

قال : لو كان ذاك ما كتمه أبي عني ، والله لقد كان ينفض لي المخ من العظم ليطعمنيه. فما يضعه في فيّ حتى ينفخ فيه ليبرده ، وهو يتقي عليّ حرارة المخ ولا يتقي عليّ حرارة النار ، فيخبرني بمن أوصى إليه ، وما كان ذلك لينبغي له.

قال الرجل : فكيف كتم يعقوب أمر يوسف على إخوته وأمره أن لا يقصص رؤياه عليهم فيكيدوا له ، واطلع على ذلك غيرهم ، وخصّ يوسف بذلك دونهم.

فلم يحر زيد في ذلك جوابا أكثر من أن نبذ الرجل وانتهره.

وعلم وجه الحق في ذلك أهل البصائر ممن حضره فانفضوا عنه(٢) . ذكرنا هذا لكي يرى من سمع في هذا الكتاب من فضائل أهل البيتعليهم‌السلام

__________________

(١) وهو محمّد بن النعمان بن أبي طريقة الملقب بأبي جعفر الاحول.

(٢) أقول : وقد ناقشنا هذا الكلام في الجزء الثالث عشر مفصلا. وأوردنا أدلة على بطلانه ، فراجع.

٤٩٧

أن فضلهم لا يكون إلا باتباع وليّ الأمر منهم ، فأما من صدف عنه منهم فهو كمن صدف عنه من سائر الناس ، وقد عرى من الفضل. قال الله عزّ وجلّ لنوحعليه‌السلام في ابنه :( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) (١) .

__________________

(١) هود : ٤٦.

٤٩٨

[ نعود إلى فضائل أهل البيت ]

[٨٨٣] وبآخر ، عن المقداد(١) ، قال : حضرت الحج ، فتعلق أبو ذر بأستار الكعبة ، وحوّل وجهه الى الناس وقال :

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا جندب بن جنادة ، أنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ هذه الآية :( إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) ، ثم قال :

الأبوة من نوح ، والآل من إبراهيم ، والصفوة من إسماعيل ، والذرية الطاهرة من أهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل بيت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم السماء المرفوعة والأرض المبسوطة والشمس الضاحية والقمر المنير والنجوم الزاهرة والجبال الراسية والبحار الزاخرة والزيتونة المباركة ، أضاء زيتها وسطع شعاعها وملأ الأرض لمعانها. وعليعليه‌السلام رأسها وهو الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم.

__________________

(١) وهو المقداد بن الأسود صحابي من الابطال نسب الى الأسود بن عبد يغوث ، وهو أحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر الإسلام ، هاجر إلى الحبشة ، قاتل في بدر واحد ، لقب ( حب الله وحب رسول الله ) توفي بالمدينة سنة ٣٣ ه‍.

(٢) آل عمران : ٣٣.

٤٩٩

ألا أيتها الامة المتحيرة والله لو قدمتم من قدمه الله ورسوله ، وأخرتم من أخره الله ورسوله ، وسلّمتم الحكومات الى أهلها ووليها ما طاش أحد في حكم الله ولا اختلف اثنان في فرائض الله ، ولا ضلّت الامة بعد نبيها ،( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (١) .

[ الأنوار الخمسة ]

[٨٨٤] أحمد بن محمّد بن عيسى المصري ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

لما خلق الله عزّ وجلّعليه‌السلام ونفخ فيه من روحه ، نظر آدمعليه‌السلام يمنة العرش ، فإذا من النور خمسة أشباح على صورته ركعا سجدا.

فقال : يا ربّ هل خلقت أحدا من البشر قبلي؟

قال : لا.

قال : فمن هؤلاء الذين أراهم على هيئتي وعلى صورتي؟

قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الانس ولا الجن.

هؤلاء خمسة اشتققت لهم أسماء من أسمائي. فأنا المحمود وهذا محمّد ، وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا حسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين. آليت بعزتي أن لا يأتيني أحد

__________________

(١) الشعراء : ٢٢٧.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610