شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٣

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار6%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 597

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 597 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207313 / تحميل: 7183
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

وجدت كتابا قد تقادم عهده

رواية أشياخ كرام المناسب

رواية وهب عن سطيح ودينل

مشايخ علم صادق غير كاذب

تتابع رايات من الشرق سبعة

الى الغرب سود خافقات الذوائب

يسين بأخزر العيون تراهم

مباسمهم سمط طوال الشوارب

ويقول فيها هذه الأبيات :

ولاة بني العباس عشرون واليا

تدين لهم بالرغم أرض المغارب

وفي الست والتسعين تهبط راية

من الغرب في جمع كثيف المواكب

يمزق أرض البربرية جمعهم

بخيل كأمثال القطا المتسارب

وتطلع شمس الله من غرب أرضه

فلا توبة ترجى هناك لتائب

سمي نبيّ الله وابن وصيه

واكرم مولود وأشرف طالب

فيملأ أرض الله عدلا ورحمة

بأيام صدق طيبات المكاسب

وبالأعور الدجال ينهدّ جمعه

سوى عصبة في باذخ الطود راتب

ويقتله من بعد عيسى بن مريم

بقدرة ربّ ماله من مغالب

ومن بعدها موت ابن مريم مفضيا

الى الله في حكم من الله واجب

فرمز له فيها ، وأغمض معانيها ، وجعل كلامها شعرا ليحمل الحذف والاغماض.

[ ضبط الغريب ]

وأما قوله : وأسلمت القريض. يقول : تركت قول الشعر ، يعني من قبل ذلك. والقريض ، في اللغة : قول الشعر ، والنطق به. يقال منه : فلان يقرض الشعر أي يصنفه. والقريض الاسم من ذلك القصيدة.

والرواتب : القوائم. يقال منه : رتب يرتب الرجل : إذا نفض قائما.

وقوله : إن جبّ غار بي.

الجب : استئصال ما يقطع من السنام وغيره اذا قطعه بأجمعه. قيل : جبّه ،

٤٢١

وهو مجبوب ، وقد جبّه ، أي قطعه كلاّ(١) .

الغارب : أعلى الظهر ، وأعلى السنام ، ولهو الغارب أيضا ، ومنه قيل : حبلك على غاربك(٢) ، شبهتها بالبعير الذي يلقى رسنه على ظهره ، ويثبت ، وإذا قطع سنام البعير ضعف ، فشبه نفسه بضعف الكبر بالبعير المجبوب الغارب.

الاوبة : الرجوع يعني الرجوع الى الله بالتوبة ، والآئب : الراجع.

وقوله : وإلا فجبّت من يميني رواجبي ، جبّ كما ذكرنا قطعت واستأصلت.

والرواجب ، جمع راجبة. والراجبة : يجمع ما بين الرجبين من كل اصبع ومن السلامي ما بين المفصلين. والراجبة الطائرة التي [ في ] الدائرة من الحامين الوجنتين من رجليه يقول : وإلا قطعت أصابعه من ذلك الحدّين يمينه تقسم بذلك على ما ذكره(٣) .

خزر العيون : الخزر في العين انقلاب الحدقة نحو اللحاظ وهو حول قبيح. وفعل ذلك ناظر الشيء من غير حول. قيل : خزر فلان عورا ذلك إذا نظر إليه بلحظ عينيه كالمغضب. ومنه قول الراجز :

لقد تخازرت وما بين من خزر

ثم كسرت العين من غير عور يصفهم بالغضب ، ويقال للرجل الطويل الاصابع : انه أبسط الاصابع(٤) .

والكثيف من الكثافة : وهي الكثرة والتفاف. والفعل منه كثف يكثف كثافة ، والكثيف اسم كثرية يوصف به العسكر والسحاب والماء(٥) .

__________________

(١) ومنه قال الشاعر :

ونأخذ بعده بذناب عيش

أجب الظهر ليس له سنام

وفي الحديث : أنهم كانوا يجبون أسنمة الإبل وهي حية. ( لسان العرب ١ / ٢٤٨ ).

(٢) هذه الجملة كناية عن الطلاق يعني أنت مرسلة مطلقة غير مشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح

(٣) راجع لسان العرب ١ / ٤١٢.

(٤) لسان العرب ٤ / ٢٣٦.

(٥) ومنه قول الشاعر :

٤٢٢

والمواكب جمع موكب ، وهو ما اجتمع من الخيل وانفرد من الكثير منها. والجم : الكثير. والطود : الحبل الباذخ المشرف. والراتب : القائم.

فهذا شرح ما في هذه الأبيات من الغرائب.

[ شرح القصيدة ]

وأما شرح معانيها وما كان مما ذكر فيها.

فأما قوله : تتابع رايات من الشرق سبعة ، فهي الرايات التي دخلت إفريقيا من أرض المغرب. وقيل : إنه لا بدّ من راية ثامنة تدخل وهي التي تفتح المغرب. وهذا إنما يكون لأولياء الله إذا ملكوا المشرق وأنفذوها مما هناك إن شاء الله تعالى.

وقوله : وفي الست والتسعين ، يعني ما قدمنا ذكره أن ذلك في سته وتسعين ومائتين ، أعني فتح أبي عبد الله إفريقيا ، وازالة دولة بني العباس منها.

وقوله : وتطلع شمس الله من غرب أرضه وقد ذكرنا معناه قبل هذا.

وقوله : بالأعور الدجال ينهدّ جمعه. الأعور الدجال هو ذو العوار المبين مخلد(١) اللعين هدّ بباطله جموع الله فلم يبق منهم إلا من لحق بالجبل الابيض بالمهدية.

فمن كان ساكنا بها فزع إليهم ممن كان ساكنا في نواحي إفريقيا.

وقوله : ويقتله من بعد ذلك ابن مريم. يعنى المنصور وفي بعض الروايات : ويقتله المنصور وهو ابن مريم ، ومن هذا المعنى قول ابن أعقب شعرا :

قد قلت لما طار عني الكرى

حتى متى ذا الليل لا يصبح

عذبني الحزن وفقد الكرى

كلاهما أقسم لا يبرح

وكيف لا يحزن من لا يرى

بانه ببلع يا مسطح

__________________

وتحت كثيف الماء في باطن الثرى

ملائكة تنحط فيه وتصعد

(١) هو أبو يزيد مخلد كيداد المغربي. ( اسماعيليان در تاريخ ص ١٧١ ).

٤٢٣

دهرا يرى فيه امام الهدى

بأسه بالمعروف يستفتح

ويبتني البيضاء في لجة

خضراء فيها نونها يسبح

ينجو من الاهوال سكانها

والأرض منها كلها تفتح

لو مدّ من عمري الى عمره

لكنت في القرن الذي يفلح

هيهات ما ذا العمر مما أرى

فيما أرى الموت به يسمح

[ ضبط الغريب ]

الكرى : النوم. وعنى بالبيضاء : مدينة المهدية(١) .

وقوله : ينجو من الاهوال سكانها. وكذلك نجوا من أهوال فتنة مخلد الدجال.

ومن ذلك قول ابن أعقب ، شعرا :

اسمع الحق ودع عنك اللعب

وهاك قولا صادقا غير كذب

في الست والتسعين يأتيك العجب

بعد كمال المائتين في رجب

ينفض من جيحل جيش ذو لجب

امضى من الجمر إذ الجمر التهب

من بربر يسعون من كل حدب

ركبا ورجلا ما يملّون التعب

قد ملأوا المشرق خوفا ورهب

وأنزلوا المغرب ذلاّ ونصب

إذا رأى الكوكب الطويل الذنب

فذاك حدث ظاهر قد اقترب

تسعين ألفا بين رأس وذنب

سيماهم الحقد واظهار الغضب

يعززها الراكب في عذر الركب

يقودهم كهل عظيم بالكتب

يأوى الى الحزم إذا الجبل اضطرب

ويأخذ الامر البعيد من كتب

تنقلب الدولة فيما تنقلب

مهدية في نصّ انتظار الكتب

عن دانيال وسطيح للعرب

__________________

(١) بناها عبيد الله المهدي تقع على سبعين ميلا جنوب القيروان يحيط بها البحر من ثلاث جهات.

٤٢٤

[ ضبط الغريب ]

قوله : جيش ذو لجب. اللجب صوت العسكر يقال من ذلك(١) .

والحدب : ما ارتفع من الارض. والكتب : القرب.

وقوله : في الست والتسعين بعد المائتين. كذلك كان دخول أبي عبد الله إفريقيا ، وازالته ملك بني الاغلب منها في سنة ستة وتسعين ومائتين في رجب. وكذلك دخول الخوف من أجله على أهل المشرق ، فأزال أعداء الله تعالى من المغرب وكذلك كان جيشه عامته بربر وفيهم أخلاط من قريش ومن العرب ، ممن كان في المدائن التي افتتحها قبل ذلك ، وكذلك كان أبو عبد الله في حين ذلك أهلا عليما بالكتب ذا سياسة بالامور ، وكذلك انقلبت الدولة به الى المهدي. وما سمعنا من أخبارها يكون بأصحّ من هذا الشعر في المعنى.

وأنشد أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني(٢) أبا عبد الله هذا الشعر لما صار. الى إفريقيا ، وعنده وجوه أهل القيروان. فقال أبو عبدون القاضي ما سمعنا من الحدثان شيئا أصدق من هذا الشعر.

وكان ابراهيم بن أحمد قد نقم على أهل بلزمة أمرا فعلوه ولم يكن يقدر عليهم ، فلطف بهم وأظهر برّ من يأتيه منهم واكرامه وأقطعهم القطائع ووفّر لهم الصلات وأتاه جماعة منهم ، أنزلهم برفادة في موضع بنى عليه سورا ونصب عليهم أبوابا ، فلما اجتمع إليه منهم من رأى أنه لا يأتيه غيرهم فتك بهم في ليلة من الليالي ، فقتلهم عن آخرهم.

وكان ببلزمة يومئذ رجل من الشيعة يقال [ له ] : محمد بن رمضان من أهل

__________________

(١) لسان العرب ١ / ٧٣٥.

(٢) البغدادي أصلا ولد ٢٢٣ واستقر في القيروان فترأس ديوان الإنشاء لبني الاغلب ثم للفاطميين الى أن توفي سنة ٢٩٨ ه‍.

٤٢٥

نفطة من مدائن قسطنطينة وكان شاعرا. وصار إليه علم من علم ما يكون ويذكر انقطاع دولة بني الأغلب ، ويصف المهدي ويذكر قرب ظهوره ، فانتهى ذلك عنه الى إبراهيم بن أحمد ، فأمر بطلبه ، وأحسن بذلك فلجأ الى بلزمة ومدح رؤساءها ، فأووه وحموه ، فلما وقع إبراهيم بن أحمد بن أوقع به ، وانتهى إليه ، قال في ذلك هذه الأبيات :

جلّ المصاب لئن كان الذي ذكروا

مما أتتنا به الأنباء والخبر

عن ألف أروع كالاساد قد قتلوا

في ساعة من سواد الليل إذ غدروا

لو كان من بيت الآساد أيقظهم

حلّت به منهم الاحداث والغير

قل لابن أحمد ابراهيم مالكه

عن الخبير بما يأتي ولا يذر

عن المشرّد في حبّ الائمة من

آل النبي وخير الناس إن ذكروا

اعلم بأن شرار الناس أطولهم

يدا يمكروهم يوما اذا قدروا

لا سيما الضيف والجار القريب ومن

أعطوه ذمتهم من قبل ما خفروا

فما اعتذارك من عار ومنقصة

أتيتها عامدا إن قام معتذر

جرّعت ضيفك كأسا أنت شاربها

عما قليل وأمر الله ينتظر

فدولة القائم المهدي قد أزفت

أيامها في الذي أنبا به الاثر

عن النبيّ وفيها قطع مدتكم

يا آل أغلب أهل الغدر فاقتصروا

وقطع أمر بني العباس بعدكم

وقطع أمر بني مروان إذ بطروا

المالكة : الرسالة. أزفت : قربت وأخبر بقرب قيام المهدي وكان كما قال ، وأدرك قيامه وأيامه ، واستقضاه على الناحية التي كان بها ، ومات في أيامه ، وقد قارب المائة سنة.

ومما قاله قبل ذلك في ظهور المهدي ، قوله في قصيدة :

كأني بشمس الأرض قد طلعت لنا

من الغرب مقرونا إليها هلالها

فيملأ أرض الله قسطا بعدله

بما ضمّ منها سهلها وجبالها

إذ آمن منها ما أخاف وأتقي

فأظفر بالزلفى به وأنا لها

٤٢٦

فقال : شمس الأرض : يعني المهدي على ما قدمنا شرحه وما جاءت به الروايات في ذلك.

وقوله : مقرونا إليها هلالها. فالهلال الذي ذكرناه وليّ عهده القائم من بعده ، وما علمنا أحدا قبله. ذكر مثل ذلك ولحق مما قال بإمامته وظفر بالزلفى لديه به كما ذكرنا عنه. وبما أخبرنا به بعض من أدركنا من شيوخ إفريقيا ممن كان يصحب ولاتها الأغالبة وأقاربهم. وكان الغالب عليهم التشيع. وكان من جملتهم أعني الغالبة رجل يقال له : يعقوب بن المصا ، فأخبرنا من أدركه وصحبه ممن كان يجامعه على التشيع أنه كانت له ضيعة بالساحل ، وبالقرب من الجزيرة التي ابتنيت مدائن من بعد ، فكان إذا خرج الى ضيعته يأتي هذه الجزيرة ، فيصلّي فيها ، ويمشي بها ، وينظر إليها ، ويقول : هذه والله صفة الجزيرة التي يقال إن المهدي يبتني فيها مهدية ، وما أعلم ساحل إفريقيا الذي يقال إن المهدي يبني فيها مدينة موضعا هو أشبه بما وصف من هذه الجزيرة. وكان ابن أحمد المعروف بالحلواني قديم الاختلاف الى حصون الرباط الساحل من وقت حداثته للرباط والحرس. ثم بعد ذلك حصن المفسر منها واشتهر ذكره ، وترأس به فكان يحدث أنه أتى مرة قصر جمة الذي هو بقرب الجزيرة التي بنيت بها المهدية.

قال : وكان لهذا القصر رجل فاضل متعبد يقال له : سليمان الغلفاني ، وكان يغشاه ليتبارك به ، فأتيناه مرة ، فأقمنا بقصر جمة مختلف إليه وكانت الجزيرة بنيت بها المهدية بقرب هذا القصر ينزل بها الروم في فوارن بحلوها ويستترون ، فيختطفون ما قدروا عليه من الناس والأموال.

قال : وكان المرابطون إذا نزلوا قصر جمة في وقت اجتماعهم للمشي بالعدة على ساحل البحر يدخلون هذه الجزيرة ويختبرون أن لا يكون فيها أحد من العدو.

قال : فدخلناها مرة مع الغلفاني ، فاختبرناها فلم نجد فيها أحدا. ثم سرنا مع الغلفاني الى غار كان فيها بالموضع الذي ابتنى فيه المهدي قصره ، فاختبرناه فلم

٤٢٧

نجد به أحدا ، وخرجنا منه وصلّى الغلفاني ركعات عند الغار ، وصلّينا كذلك معه. ثم جلس يحدثنا فكان مما قال : إن الله تعالى سيعرّف(١) هذا الموضع بأحبّ خلق الله إليه.

وهذا مما بلغه على ما قدمنا ذكره وانما جاء مما ذكرناه مما انتهى إلينا من بشرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمهدي وبالائمة من ولده ، وما يكون منه ومنهم في ذلك ، كما بشرت الأنبياء بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل مبعثه. وكذلك جاءت عنه الأخبار عمن كان آثر العلوم وقبل ذلك في الشعر كما جاء عن أميّة بن أبي الصلت ، وورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو ، وأسعد بن أبي كرب ، وسيف بن ذى يزن ، والقس(٢) بن ساعدة ، وخالد بن سنان ، وغيرهم.

ومما كان في أمر المهدي والائمة من ولده صلوات الله عليهم أجمعين من البراهين والآيات المشاهدة لإمامتهم بعد الذي ذكرناه من خروج المهدي من وطنه الى المغرب في هجرته وما حرسه الله تعالى به وصرفه عنه كيد الظالمين بعد بذلهم المجهود في تطلبه ، وتعمّ الرسل من بين يديه ، بصفته وخبره الى جميع عمالهم ليقبضوا عليه ، وأعمى الله تعالى عيونهم عنه ، ووقاه ، وسلّمه الى أن حلّ مدينة سجلماسة ، وكلما حلّ ببلد أفضل على العامل عليه ، ووصله ، فأهدى إليه ، فمنهم من لم يعرفه واكرمه لذلك ، ومنهم من عرفه وترك التعرض له لما كان منه ومنهم من عرفه ذلك حذره. واخبارهم بذلك مما يطول ذكره ، وذلك كله لما ألقاه الله تعالى في قلوبهم له حتى إذا حلّ سجلماسة عامل ابن مدرار سلطانها بذلك ، فكان يخصه ويكرمه ويوجب حقه الى أن وصلت رسل صاحب بغداد وافريقيا إليه واتصلت الاخبار من جهات كثيرة به ، وبأنه هو الذي يدعو إليه أبو عبد الله ، وأمر بالقبض عليه ، وحذر من أن يفوته أو أن

__________________

(١) هكذا في الاصل.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : القيس.

٤٢٨

يداهن في أمره. فسأله عن نفسه ، فعرفه أنه من ولد الحسينعليه‌السلام لصلبه.

فقال : لم لم تعرّفنا بذلك قبل هذا؟

فقال : ما كان لي من حاجة الى ذكر ذلك ، فأذكره [ عند ما ] تسألني عنه ، فاذا سألتني عنه لم يسعني أن أنتفي من [ نسبي ولا ] أن اكتمه ، فأطلعتك على ما سألتني.

فقال له : فهذا الرجل [ يذكر ] ببلد كتامة ، وغلب على نواحي إفريقيا إليك يدعو.

قال : ما رأيت الرجل ولا أعرفه.

وكذلك كأن لم يكن [ يتذكر ] ، كما قدمنا الخبر بذلك. قال : ولكنه بلغني أنه يدعو [ للمهدي ] من آل محمد.

قال : فإنه أخذ إفريقيا وأقبل بعساكره ، وما يدعو إلا إليك.

قال : أهل النسب بالمغرب كثير ، فان كان [ لي يدعو ] نفعتك عنده ، ولم أضرك ، وإن كان الى غيري لم [ يكن لي ] في ذلك مقال.

فحرم الشقي حظه منه وغلبت الشقوة [ عليه ] واختطفه ، وجعل الحرس عليه وأقصاه ، وأظهر جفوته وهرب أبو عبد الله منه ، وكتب إليه بخبر ، فانه إليه جاء ويسأله [ أن لا ] يتعرض ، ويعده بالجميل. فقتل رسل أبي عبد الله ومزق الكتاب وأظهر الغضب والانفة مما كتب به إليه ، وغلّ الله يده عنه ، وقصرها أن يناله بمكروه حتى نزل أبو عبد الله سجلماسة ، وخرج بمجموعة إليه وحاربه. فتغلّب أبو عبد الله عليه وولّى هاربا ، فأدرك فاتي به إليه بعد أن خرج المهدي وتلقاه أولياؤه. وأمر بقتل الفاسق ابن مدرار ، وكان [ قد ] كفّ يده عنه ، وهو في حوزته ، وقد أصرّ عليه لشقوته ، آية عبرة وبرهان للمهدي.

وقد كان أبو عبد الله يقول لاصحابه الذين استجابوا لدعوته : إن الله يحفظ المهدي ويقيه ويدفع عنه حتى يظهر ويعز نصره. فلما رأوا ذلك قويت بصائرهم وخلصت نياتهم ، وكان أبو العباس أخو أبي عبد الله وهو اكبر منه ،

٤٢٩

وأخصّ بالولاية قديما قد قدم مع المهدي حتى وصل معه الى طرابلس. ثم أرسله المهدي الى أخيه مقدما بين يديه ، وهو يومئذ ببلد كتامة ، وكان عزم المهدي أن يقصد قصد أبي عبد الله ، وأراد أن يعرفه ذلك فظهر على أبي العباس بالقيروان. وعلم أنه أخو أبي عبد الله ، وبأنه قدم مع المهدي فعاقبه [ على ] ذلك وأخرجه الى جهة قسطنطينة. فلم ير المهدى أن يقصد الى أبي عبد الله خوفا على أبي العباس أن يعلم بحقيقة أمره فيقتل. فحمل نفسه على المكروه ، وسار الى سجلماسة ، وكتب الى أبي عبد الله بذلك ، وكان أبو العباس رديء السيرة. ولما ثار مدلج على زيادة الله خرج أهل السجن وخرج أبو العباس فيمن خرج وتوجه راجعا الى المشرق ، فلحقه زيادة الله في وقت هروبه بطرابلس ، وقبض عليه ثم خلاه. ولما اجتمع مع أبي عبد الله أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي الى إفريقيا ، ووسوس الى أخيه أبي عبد الله واستفسده ، وأراد أن يكون الأمر والنهي والإصدار والإيراد لهما دون المهدي ، وأن يكون المهدي كالمولى عليه معهما. وكان أبو عبد الله قد عوّد شيوخ المياميين قبل ذلك امور عشائرهم بأيديهم والأموال التي أفاء الله بها على وليه في أيديهم. فلما وصل المهدي قبض ذلك ، وصار إليه ، وانفرد بالأمر كما أفرده الله به ، وأخلّ أبو العباس الشيوخ من هذا الوجه ، ويشبه عليهم دلّ اكثرهم عليه ، وعاقده على الوثوب على المهدي كما تعاقد المنافقون على الوثوب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبله ، فكلما عقدوا عقدا انحلّ في أيديهم ، وكلما أبرموا أمرا أحلّه الله عليهم ، واذا دخلوا إليه ليخاطبوه بما أبرموه وتوثبوا عليه أفحموا عما أرادوا أن يقولوه ، وغلّت أيديهم عنه ، وهو في ذلك قد علم أمرهم فلم يرعه ذلك ولا غير شيئا من حاله ، وكانوا يدخلون إليه بسلاحهم فلا يحجبهم ، ولا يتعدّاهم ، ولم يبق له على الوفاء بما أخذ له عليهم إلا قليل منهم حتى شتت الله أمرهم ، ومحقهم ، وقتل من قتل منهم ، ثم هرب من هرب منهم عن بابه ، ولحقوا ببلد كتامة ، وأقاموا وغدا من أوغادهم يدعون إليه ، وأحدقوا دعوة ، واستحلّوا فيها المحارم ، وأتوا فيها بالعظائم ، فأخرج

٤٣٠

إليهم المهدي وليّ عهده(١) فهدم جمعهم وقتل رجالهم ، وأسر المناجم فيهم ، وتاب أكثرهم ، فعفا عنهم ، وأصلح امورهم ، وكانت في ذلك آيات وبراهين ومعجزات وأخبار يطول شرحها ويخرج عن حدّ هذا الكتاب استقصاؤها وشرحها.

فأما من ثار عليه وعلى الائمة من ولده من الوثاب ، وخرج عليهم من الخوارج ، وما كان في ذلك أيضا لهم من البراهين فهو ما إن ذكرناه قطع ما أردناه من بسط هذا الكتاب الذي عليه بسطنا وخرج عن حده. وأعظم ذلك ما كان في فتنة الدجال اللعين مخلد في أيام القائم والمنصور والمعز ( صلعم ) لما قام من بعد [ هم ] ، وقد بسطنا من أخبار فتنة الدجال اللعين مخلد ، وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور ( صلعم ) كتابا ضخما كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك ، وبسطنا أيضا كتابا عددا في سير المعز الى حين انتهى إليه. ومما أفرده الله به وخصه بالفضل فيه ، وما له في ذلك من البراهين الواضحة والشواهد البينة في أقل القليل من ذلك ما يكتفي به أولو الألباب ، ومن هدى الله الى الحق ، ووفق للصواب. وانما رسمنا كتابنا هذا برسم الاختصار والاقتصار على عيون الأخبار ، وإن كان قد طال ، وان كنا قد اختصرنا وتركنا كثيرا مما ينبغي أن نذكره ، فحذفنا ذلك لكثرة فضائل أولياء الله التي قصدنا الى ذكرها ، وما وهبه الله تعالى ، واختصهم به منها ، والله يصل ذلك بالمزيد لهم من فضله كما وعدهم وهو لا يخلف الميعاد.

تمّ الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار من تأليف سيدنا القاضي النعمان بن محمد قدّس الله روحه وأنعم.

__________________

(١) وهو القائم الفاطمي.

٤٣١

٤٣٢

٤٣٣

٤٣٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ صفات شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ]

[١٢٩٢] [ بشير ] بن أبي بشير(١) قال : تخلفت عن زيارة أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام سنينا لتعذر الاشياء عليّ. ثم لطفت في شيء حتى اجتمع لي ، فخرجت الى الحج ، فلما قضيت حجي قصدت المدينة الى أبي جعفرعليه‌السلام ، فدخلت عليه ، فقال لي : يا أبا بشير لم أرك سنين؟

فقلت له : جعلت فداك ، كبر سنّي ، ودقّ عظمي ، وقلّت ذات يدي ، فلما كان هذا العام وقع في يدي شيء ، فاشتريت نضوا(٢) وزادا ، وتركت لأهلي نفقة بما شئت عنه اكثر مما ركبته ، فلما قضيت حجي ، قلت : أمرّ بأبي جعفر ، فأقضي من حقه ما يجب.

فقال لي : يا أبا بشير إذا كان يوم القيامة فزعتم إلينا ، وفزعنا الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفزع الى الله ، فأين تذهب يا أبا بشير؟

قلت : الى الجنة.

__________________

(١) وأظنه بشير بن ميمون الوابشي النبال الكوفي. راجع اعيان الشيعة ٣ / ٥٨٦.

(٢) أي بعيرا هزيلا.

٤٣٥

قال : الى الجنة ، والله الى الجنة ، والله الى الجنة ـ يقولها ثلاث ـ.

[ محبة الاخوة ]

[١٢٩٣] [ سماعة ] بن مهران ، قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا سماعة ، كيف حبك لا خوانك؟

قلت : جعلت فداك ، والله اني احبهم وأودهم.

قال : يا سماعة إذا رأيت الرجل شديد الحبّ لاخوانه فهكذا هو في دينه.

يا سماعة إن الله يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من عيوب ، ولهم من ذنوب ، مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم قد سهلت مواردهم وذهبت عنهم الشدائد ، يحزن الناس ولا يحزنون ، يفزع الناس ولا يفزعون ، وذلك قوله تعالى( مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (١) .

[ أعينونا بورع واجتهاد ]

[١٢٩٤] عمران بن مقدم ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، يقول : خرجت مع أبي الى مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى إذا كنا بين القبر والمنبر نظر الى ناس من أصحابه ، فدنا منهم وسلّم عليهم.

ثم قال لهم : إني والله احبّ ريحكم وأرواحكم ، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد. [ واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالعمل والاجتهاد ](٢) أنتم والله شيعتنا ، فأنتم شرطة الله ، وأنتم أنصار الله ،

__________________

(١) النمل : ٨٩.

(٢) ما بين المعقوفتين من أمالي الصدوق ص ٥٠٠.

٤٣٦

وأنتم السابقون الأولون [ والسابقون ] الآخرون ، السابقون في الدنيا الى الخير ، والسابقون في الآخرة الى الجنة. ضمنّا لكم(١) الجنة بضمان الله ، وضمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والله ما على درج الجنة اكثر أرواحا منكم ، وانكم لفي الجنة. فتنافسوا في الدرجات أنتم الطيبون ، ونساؤكم الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عينا ، وكل مؤمن صديقكم.

ولقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أبشروا فو الله لقد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو راض عنكم أيها الشيعة ، ألا إن لكل شيء ذروة(٢) ، وذروة الإسلام الشيعة ، ألا لكل شيء دعامة ، ودعامة الإسلام الشيعة ، ألا إن لكل شيء شرف ، وشرف الاسلام الشيعة ، ألا إن لكل شيء سيد ، وسيد المجالس الشيعة ، ألا إن لكل شيء أمانا ، وأمان الأرض الشيعة.

والله لو لا من في الارض منكم ما استكمل أهل خلاقكم [ ولا أصابوا ] الطيبات ما لهم في الدنيا ، وما في الآخرة نصيب ، كل ناصب وان تعبّد واجتهد منسوب الى هذه الآية( عامِلَةٌ ناصِبَةٌ. تَصْلى ناراً حامِيَةً ) (٣) .

[ ضبط الغريب ]

قوله : ذروة الإسلام الشيعة. ذروة كل شيء أعلاه ، ودعامة الشيء : أصله الذي يثبت عليه. والناصب هو الذي نصب العداوة لآل محمد ، وقد

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : هنيئا لكم.

(٢) وفي أمالى الصدوق : لكل شيء عروة.

(٣) الغاشية : ٣ و ٤.

٤٣٧

أمر الله تعالى في كتابه بمودتهم ، فمن عاداهم فقد خالف الله ورسوله وكتابه ولم ينفعه عمل يعمله ما كان مصرا على ذلك غير تائب.

وقوله : وأنتم شرطة الله ، القيام بأمره من ذلك. شرطة الجيش : هم شراطة السلطان الذين يقومون بالامور.

[ من مات على الولاية ]

[١٢٩٥] موسى بن عباس ، باسناده ، أنه قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام : من مات منكم على أمرنا كمن ضرب فسطاطه الى روات القائم ، بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[١٢٩٦] [ حماد ] بن أعين ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام : أما ترضون ـ يعني الشيعة ـ أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم ، فتدخلوا الجنة.

أما ترضون بأن يأتي قوم يلعن بعضهم بعضا. ألا أنتم ومن قال مثل قولكم من مات منكم على أمرنا هذا كان بمنزلة من استشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

[ من سرّ أخاه المؤمن ]

[١٢٩٧] أبو بصير ، عن أبي حمزة ، قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام وعنده أبان ، فقال له أبان : حدثني جعلت فداك عن فضل المؤمن.

قال : نعم يا أبان. المؤمن منكم إذا توفي أتاه رجل في أحسن ما يكون من الصور إليه في حين خروج نفسه ، وعند دخوله قبره ، وعند

__________________

(١) وفي البرهان ٤ / ٢٩٣ : على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيف في سبيل الله.

٤٣٨

نشوره ، وعند وقوفه بين يدي ربه ، فيقول : ابشر يا وليّ الله بكرامته ورضوانه.

فيقول له المؤمن : يا عبد الله ، ما أحسن صورتك وأطيب رائحتك ، وتبشرني عند خروج نفسي ، وعند دخول قبري ، وعند نشوري ، وعند موقفي بين يدي ربي ، فمن أنت جزيت خيرا؟

فيقول له : أنا السرور الذي أدخلته على فلان يوم كذا وكذا ، بعثني الله إليك لأقيك الأهوال حتى تلقاه.

يا أبان ، المؤمن منكم إذا مات عرج الملكان ، فيقولان : إنا كنا مع وليّ لك ، فنعم المولى كنت له ، وقد أمرت بقبض روحه ، وجئنا أن نعبدك في سماواتك. فيقول تعالى : لا حاجة لي أن تعبداني في سماواتي يعبدني غيركما ، ولكن اهبطا الى قبر وليي ، وآنساه ، وصلّيا عليه في قبره الى يوم أبعثه. فيصلّي ملك عند رأسه ، وملك عند رجليه ، الركعة من صلاتهما أفضل من سبعين ركعة من صلاة الآدميين.

[ مقام الموالي ]

[١٢٩٨] زيد بن أرقم ، قال : قال الحسينعليه‌السلام : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد.

[ قلت ] : جعلت فداك أنّى يكون ذلك ، وهم يموتون على فراشهم؟

فقال : أما تتلو كتاب الله تعالى في الذين آمنوا بالله ورسوله :( أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ) (١) .

قلت : جعلت فداك ، كأني والله ما قرأت هذه الآية [ من كتاب

__________________

(١) الحديد : ١٩.

٤٣٩

الله ] قط.

قال : إنه لو لم يكن الشهداء إلا من قتل بالسيف لقال الله الشهداء(١) .

[ الشرح ]

وهذا خبر يحتاج الى الشرح. ومجمل [ القول ] : الشهداء والصدّيقون هم الائمة من آل محمد في كل قرن منهم شهيد كما قال الله تعالى( جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (٢) يعني الذين هم في عصره لان قوله هؤلاء لا يكون إلا لقوم أشار إليهم قد حضروا ولا يكون لمن لم يأت بعد ، والشهيد على كل امة امام زمانهم والائمة هم الشهداء لقول الله تعالى :( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ) (٣) والنبيّون هم الرسل الى العباد ، والشهداء هم الائمة بين كل نبيين وبعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ذريته الى أن تقوم الساعة لقول الله تعالى( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (٤) عنى به الائمة ، فهم رءوس المؤمنين. واسم الايمان يجمع الرسل والائمة وسائر المؤمنين لانهم كلهم آمنوا بالله والائمة أيضا هم الصدّيقون بالحقيقة لانهم صدّقوا الرسول بما بلغوا عنهم وقاموا بما قاموا له من دين الله الذي شرعه لعباده بهم ، وهم الشهداء عليهم ، كل امام شاهد على أهل عصره يشهد لهم وعليهم عند الله تعالى بما شاهد من أعمالهم والله تعالى أعلم بذلك من الخلق أجمعين ولا يسأل عما يفعل كما قال الله تعالى( وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) ، ولا يكون الشاهد إلا على من شاهده ورآه ووقف عليه.

__________________

(١) وفي البرهان ٤ / ٢٩٢ : قال : لو كان ليس إلا كما تقولون كان الشهداء قليلا.

(٢) النساء : ٤١.

(٣) الزمر : ٦٩.

(٤) الحديد : ١٩.

٤٤٠

والشهداء والصدّيقون بالحقيقة كما ذكرناهم ائمة العباد ، ومن تولاّهم ينسب إليهم ، وكان منهم بالتولي كما قال الله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (١) . فمن هذا المعنى قول الحسينعليه‌السلام في هذا الحديث الذي شرحناه : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد نسبهم الى الصدّيقين والشهداء الذين هم الائمةعليهم‌السلام بتوليهم إياهم على نحو ما قدمنا ذكره.

[١٢٩٩] ابن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام يقول : إذا اجتمع الخلائق يوم القيامة لفصل القضاء وضع للائمة منابر من نور ، فصيّر الله تعالى حساب شيعتنا إلينا ، فما كان بينهم وبين الله استوهبناه ، وما كان بينهم وبين العباد قضيناه ، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحقّ بالعفو عنهم ، ومن ذلك قول الله تعالى( إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ) (٢) .

[١٣٠٠] ابن الهيثم ، عن بشير الدهان ، قال : قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا بشير أقررتم وأنكر الناس ، وتوليتم وعادى الناس ، وعرفتم وجهل الناس ، وأحببتم وأبغض الناس ، فهنيئا لكم.

[ المحبّ لأهل البيتعليهم‌السلام ]

[١٣٠١] عن أبي بصير ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : يجيء من يجيئنا(٣) يوم القيامة حتى يرد على نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض كهاتين ـ وجمع بين اصبعيه ـ.

[١٣٠٢] [ وبآخر ] يرفعه الى عليعليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لي :

__________________

(١) ابراهيم : ٣٦.

(٢) الغاشية : ٢٥ و ٢٦.

(٣) هكذا في الاصل وأظنه : من يحبنا.

٤٤١

يا علي ، اذا كان يوم القيامة وضعت عن يمين العرش موائد من يواقيت ولؤلؤ يجلس حولها رجال يأكلون ويشربون والناس في الحساب.

قال عليعليه‌السلام ، فقلت : من هؤلاء يا رسول الله؟

قال : شيعتك يا علي ، وأنت امامهم يوم القيامة.

[١٣٠٣] أبو عبد الله الجدلي ، قد قال : قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ألا احدثك بالحسنة(١) التي من جاء بها أمن فزع يوم القيامة ، وبالسيئة(٢) التي من جاء بها أكبه الله في النار لوجهه؟

قلت : بلى يا أمير المؤمنين.

قال : الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا.

[١٣٠٤] حماد بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن عليعليه‌السلام يقول : والله لنشفعن ، والله لنشفعن ، والله لنشفعن.

قلت : لمن يا ابن رسول الله؟

قال : لشيعتنا حتى يقول عدونا( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) .

[١٣٠٥] أبو عبد الله ، عن [ أبي ] جعفرعليه‌السلام ، أنه قال : إن الله تعالى تعالى بعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من نواقيب يدورون خلال الجنة ، يوضع لهم الموائد ، فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب ، وهو قول

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : بالجنة.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : السنة.

(٣) الشعراء : ١٠٠.

٤٤٢

الله تعالى( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ. لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١) .

[١٣٠٦] ابن مصعب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال : من أحبنا لا لدنيا يصيبها منه ولا لقرابة بيننا وبينه ، وعادى عدونا لا [ لا حنة كانت ](٢) بينه وبينه ثم أتى الى الله يوم القيامة وعليه ذنوب مثل زبد البحر ورمل عالج وقطر السماء وعدد أيام الدنيا بدّلها الله له حسنات.

[ الرسول وشيعة علي ]

[١٣٠٧] أبو بصير ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال لعليعليه‌السلام : بشّر شيعتك إن الله قد رضي عنهم إذ رضيك لهم إماما ، ورضوا بك وليا.

يا علي ، أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

يا علي ، شيعتك المنتجبون ، لو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم ما أنزلت السماء قطرها.

يا علي ، شيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة الله من خلقه.

يا علي ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون(٣) يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش ، يفزع

__________________

(١) الأنبياء : ١٠١ ـ ١٠٣.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : لا تره بينه.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : المؤمنون.

٤٤٣

الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزون ، أنت وشيعتك بالموقف تطلبون ، وأنتم في الجنان تتنعمون.

يا علي ، إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.

يا علي ، شيعتك يخافون الله في السرّ والاعلان.

يا علي ، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانهم يلقون الله تعالى وما عليهم ذنوب.

يا علي ، إن أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة ، فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم ، وأستغفر لسيئاتهم.

يا علي ، ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير ، وكذلك في الانجيل. فاسأل أهل التوراة والإنجيل فانهم إن صدقوك أخبروك ، فانهم ليعظمون عليا وشيعته.

يا علي ، اخبر شيعتك إن ذكرهم في السماء(١) في رقادهم وعند وفاتهم ، فينظر الملائكة إليها كما ينظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ، ولما يرون من منزلتهم عند الله.

يا علي ، قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن أعمال السوء التي لا يفارقها عدوهم ، فما من يوم وليلة إلا ورحمة الله تغشاهم ، فليجتنبوا الدنس.

يا علي ، اشتدّ غضب الله على من قلاهم وبرئ منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من

__________________

(١) وفي بشارة المصطفى ص ١٨١ : إن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء.

٤٤٤

تولانا. وعظمت محبة الله لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا علي ، أقرئهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني ، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم ، وكذلك من جاء من بعدهم منهم ، فليتمسكوا(١) بحبل الله ، وليعتصموا به ، وليجتهدوا في العمل ، فاني لا اخرجهم من هدى الى ضلال أبدا. وأخبرهم أن الله تعالى راض عنهم وأنه يباهي بهم ملائكته ، وينظر إليهم في جمعه برحمة ، ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.

يا علي ، لا ترغب عن نصرة قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، ودانوا الله بمودتك وأعطوك [ صفوة ](٢) المودة من قلوبهم ، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد ، وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا مع الأذى وسوء القول ، وما يستقبلون به من مضاضة ، وكن بهم رحيما ، واقنع بهم ، فان الله اختارهم بعلمه لنا من الخلق. خلقهم من طينتنا ، واستودعهم سرّنا ، وألزم قلوبهم معرفته حبنا وشرح صدورهم ، وجعلهم مستمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يرون من الدنيا عندهم. ليس الرياء منهم وليسوا [ منه ](٣) اولئك مصابيح الدنيا.

[١٣٠٨] محمد بن سلام ، باسناده ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، أنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحبّ عليا بقلبه أتاه الله يوم القيامة مثل ثلث ثواب هذه الامة.

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : فيتمسكوا.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : صفقة.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : منهم.

٤٤٥

ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه [ أعطاه الله تعالى يوم القيامة مثل ثواب ثلثا هذه الامة.

ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه ] وأعانه بيده أعطاه الله تعالى يوم القيامة مثل ثواب هذه الامة كاملا.

فمن فعل ذلك بالائمة من ولده فقد فعله به لان حبهم حبه ، ونصرتهم نصرته.

٤٤٦

[ صفة من يبغض عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام ]

[١٣٠٩] وكيع الجراح(١) ، عن الأعمش(٢) ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[١٣١٠] عطاء(٣) ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : ما أبغض عليا إلا من هو لغير رشده ، أو من حملته أمه وهو حائض.

[١٣١١] حوثرية بن سهر ، قال : مررت بعليعليه‌السلام وسلّمت عليه ، فأدناني ثم قال لي : يا حوثرية إني إذا رأيتك أحببتك فاحبب حبيب آل محمد ما أحبهم ، فاذا [ أبغضت ](٤) فابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم ، واذا أحبهم فاحببه.

[١٣١٢] بشر بن غالب ، [ الاسدي الكوفي ](٥) قال : سمعت الحسين بن عليعليه‌السلام يقول :

__________________

(١) الرواسي : أبو سفيان ولد بالكوفة ١٢٩ وتوفي بفيد ١٩٧ ه‍.

(٢) وهو سليمان بن مهران.

(٣) عطاء بن السائب.

(٤) وفي الاصل : أبغض.

(٥) اعيان الشيعة : ٣ / ٥٧٥.

٤٤٧

من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ونصرنا بيده فهو معنا في الرفيق الأعلى يوم القيامة ، ومن احبنا بقلبه ولم ينصرنا بلسانه ولا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك بمنزلة ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان(١) علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك بدرجة.

[١٣١٣] [ سفيان ] بن ليلي الهمداني ، قال : دخلت على علي بن الحسينعليه‌السلام ، قال لي : يا سفيان من أحبنا ولا يحبنا إلا لله وقرابتنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحق الله الذي افترضه فأحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ؛ وقاتل عنا بسيفه كان معنا في الدرجات العلى. ومن أحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ، وضعف أن يعيننا بسيفه كان في الجنة دون ذلك.

يا سفيان ، ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وقاتلنا بسيفه كان في أسفل درك من النار. ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وجبن أن يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك. ومن أبغضنا ولم يلعننا بلسانه ولم يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك.

قال : يا سفيان ، إن لم اكن سمعت هذا من الحسينعليه‌السلام فاكلت مع الرجال يوم يخرج(٢) .

[١٣١٤] ابن اكتم الخزاعي ، قال : كنا مع عليعليه‌السلام يوم الجمل بالبصرة ، فسمعته يقول :

اشهدوا قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ترد عليّ أنت وشيعتك رواء ، ويرد عليّ عدوكم عطاشا مقمحين ، وجمع كتفيه الى ذقنه.

__________________

(١) وفي الاصل : أعلن.

(٢) هكذا في الاصل.

٤٤٨

[ ضبط الغريب ]

قوله : يرد عليّ عدوكم مقمحين.

القامح من الابل : الذي قد اشتدّ عطشه حتى فتر لذلك فتورا شديدا. ويقال للذليل : مقمح لا يكاد يرفع بصره من الذل ، وفي القرآن :( فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) أي خاشعون لا يرفعون أبصارهم من الذل. ويقال : القامح من الابل : الذي يرد الحوض ولا يشرب.

فهذا كله يكون على أعداء آل محمد يوم القيامة يكونون أذلة خاشعين لا يرفعون رءوسهم من الذل.

[١٣١٥] عمران بن [ ميثم ] ، قال : دخلت على حبابة [ الوالبية ](١) ، فسمعتها تقول(٢) : والله ما أحد على الفطرة إلا نحن وشيعتنا ، والناس براء.

وهذا صحيح لأن من لم يكن من شيعة محمد وآل محمد فهو من عدوهم ، وقال الله تعالى( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (٣) ومن كان عدوا لمحمد وآله لم يكن على فطرة الإسلام حتى يتولاه.

[ الرسول يستغفر لشيعة علي ]

[١٣١٦] أبو رافع ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : يا

__________________

(١) وهى أم الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية.

(٢) وفي اعيان الشيعة ٤ / ٣٨٣ : عن عمران بن ميثم ، قال : دخلت أنا وعباية الاسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبية فقال لها عباية : تدرين من هذا الشاب الذي معي؟ قالت : لا. قال لها : هذا ابن أخيك ميثم. قالت : ابن أخي والله حقا ألا احدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله الحسين بن عليعليه‌السلام ؟ قلنا : بلى. قالت : سمعت الحسين بن علي يقول : نحن وشيعتنا على الفطرة الحديث.

(٣) القصص : ١٥.

٤٤٩

علي ثلاث لامتي وعلّمت الأسماء كلها كما علمتها. ورأيت أصحاب الراية فلما مررت عليك وعلى شيعتك استغفرت لكم.

[١٣١٧] عبد الرحمن بن قيس(١) ، عن رجل من قومه ، قال : رأيت علياعليه‌السلام جالسا في الرحبة يتحدث ، فأطال الحديث حتى اضطره الشمس الى حائط القصر. فقام فتعلق بثوبه رجل من همدان ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به.

فقالعليه‌السلام : أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرد أنا وشيعتي [ الحوض ] رواء مرويين ، ويرد عداتنا ظماء مظمئين [ مسودة وجوههم ]. خذها إليك قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت. [ أرسلني يا أخا همدان ، ثم دخل القصر ](٢) .

[١٣١٨] ابن المنذر عن محمد بن عليعليه‌السلام أنه قال : لا تنتصروا لنا بألسنتكم من الناس فانكم لا تزيدوهم إلا غراء بنا ، إنا لنسمع الحسنة فنقبلها ، ونسمع السيئة فنتركها. يحبوننا إلا حبّونا(٣) ، ألا إن الله قد أخذنا وشيعتنا ، فما من أحد هو يستطيع أن يدعنا ، ولا أحد لم يأخذه معنا فيستطيع أن يكون فينا ، إنا يوم القيامة أخذنا بحجز أبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزنا.

[ أول أربعة يدخلون الجنة ]

[١٣١٩] أبو رافع ، قال : شكا عليعليه‌السلام الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغض قريش وحسدهم إياه.

__________________

(١) وفي أمالي المفيد : عبد الرزاق بن قيس الرحبي.

(٢) أمالي المفيد ص ٢٠٨.

(٣) هكذا في الاصل.

٤٥٠

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى يا علي إنك أخي ، وأنا أول أربعة يدخلون الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا ، انك وشيعتك تردون عليّ الحوض رواء مرويين ، وان عدوك يردون عليّ ظماء مقمحين.

[١٣٢٠] [ عن ] أبي الحجاف(١) ، قال : بلغني أن الحارث أتى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ليلا ، فقال له : يا حارث ما جاء بك هذه الساعة؟

فقال : حبك يا أمير المؤمنين.

قال : والله ما جاء بك إلا حبي؟

قال : والله ما جاء بي إلا حبك.

قالعليه‌السلام : فأبشر يا حارث لن تموت نفس تحبني إلا رأتني حيث تحب ، والله لا تموت نفس تبغضني إلا رأتني حيث تبغضني(٢) .

يعني : إن أولياءه يرونه حيث يقتصون ، يبشرهم برحمة الله إياهم ، وأعداؤه يرونه حينئذ وقد نزل بهم الموت يبشرهم بعذاب لهم. وقد مضى مثل هذا فيما تقدم(٣) .

[١٣٢١] عبد الرحمن بن قيس الاربحي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه

__________________

(١) وهو داود بن أبي عوف. أعيان الشيعة ٢ / ٣٦٩.

(٢) قال الشاعر :

يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن أو منافق قبلا

يعرفني طرفه وأعرفه

بعينه واسمه وما عملا

(٣) راجع الجزء الاول ، الحديث ١٢١.

٤٥١

السلام ، أنه قال : إن الرجل من شيعتنا ليخرج من بلية ، فيغشاه أن لا يتكلم بكلمة ولا يعمل عملا حتى يرجع الى بيته ، وما يرجع حتى يملأ الله صحيفته برا.

يمرّ على من يحبنا فإذا رأوه ذكرونا به ، ويمرّ على عدونا فيؤذونه فينا ويشتمونه ، فيأجره الله كما آذوه فينا ، ما ننتظر نحن وشيعتنا إلا إحدى الحسنيين ، إما فتح يقرّ الله به أعيننا ، وإما قبض الى رحمة الله ، فما عند الله خير للأبرار.

[١٣٢٢] جابر ، قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام قال : شيعتنا من يأمن إذا آمنا ، ويخاف إذا خفنا.

[١٣٢٣] أبو وقاص العامري ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ [ قالت ] : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليعليه‌السلام : ألا ابشرك يا علي؟

قال : نعم ، قبلت البشرى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال : هذا مقام جبرائيلعليه‌السلام من عندي الآن ، وقد أمرني أن ابشرك لانك ومحبك في الجنة ، وعدوك في النار.

[١٣٢٤] ابن سماك ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب.

قال عليعليه‌السلام : من هم يا رسول الله؟

قال : شيعتك يا علي أنت امامهم.

[١٣٢٥] وعن جعفر بن محمدعليه‌السلام ، أنه قال : نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا :( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (١) وذلك أن الله تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون ، فلما رأى

__________________

(١) الشعراء : ١٠٠ و ١٠١.

٤٥٢

ذلك من ليس منهم ، قالوا :( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .

[١٣٢٦] ابن فاختة ، عن أبيه ، قال : كنت عند أمير المؤمنين عليعليه‌السلام فجاءه رجل عليه أثر سفرة(١) . فسلّم عليه ، ثم قال : قدمت يا أمير المؤمنين من بلد لم أجد لك فيها محبا ، فلم أر المقام به.

قال : وأيّ بلد هو؟

قال : البصرة.

قال : أما والله لو استطاعوا أن يحبوني لأحبوني ، إني وشيعتي لفي ميثاق الله لا يزداد فينا رجل ولا ينقص منا رجل. والله لو ضربت المؤمن على أنفه بالسيف ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.

وكان هذا بعقب ما أوقعه عليعليه‌السلام بأهل البصرة لما قاموا مع عائشة لم يكن حينئذ من يحبه ، فأما اليوم ففيهم كثير يتوالونه ، وأن اكثرهم يذهب مذهب الاعتزال.

[١٣٢٧] حسن بن حسين(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال : إن لله ملائكة يسيرون في الارض ، فإذا مرّوا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد احتفوا به ، وفتحت أبواب السماء لهم ، ثم تقول الملائكة لهم : إن سبّحتم سبّحنا ، وان مجّدتم مجّدنا ، وان قدّمتم قدّمنا ، فلا يزالون يؤمنون عليهم حتى يتفرقوا.

[ من دمعت عيناه فينا ]

[١٣٢٨] ربيع [ ابن ] المنذر ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسين بن علي عليه

__________________

(١) هكذا في الاصل وأظنه : السفر.

(٢) وأظنه الحسن بن الحسين الكوفي السكوني.

٤٥٣

السلام يقول : من(١) دمعت عيناه فينا دمعة ، أو قطرت قطرة فينا بوّأه الله بها في الجنة أضعافا(٢) .

[١٣٢٩] يحيى بن علاء ، عن أبان ، قال : سمعت جعفر بن محمدعليه‌السلام يقول : إن العبد ليكون على طريقه حسنة فهو لا يعرف شيئا من أمرنا ، فلا يقبل الله منه ذلك ، فاذا أراد الله به خيرا عرّفه أمرنا ، وكتب له بكل حسنة عشر أمثالها.

[١٣٣٠] جابر ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، قال : قالت أمّ سلمة : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.

[١٣٣١] أبو ولاّد الحناط(٣) ، قال : كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، فدخل عليه من أصحابنا ، فقال له : يا ابن رسول الله ما ذا نلقى فيكم من الناس إذا علموا [ إنا ] نحبكم أبغضونا وكرهونا واستثقلوا مجالسنا ونلقي منهم.

وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام متكئا ، فاستوى جالسا ، فقال :

وما عليكم والله ما في النار واحد منكم ، محسنكم والله سيد مسود في الجنة ، ومسيئكم مغفور له اي والله. إذا كان يوم القيامة فزع نبينا الى الله ، وفزعنا الى نبينا ، وفزع محبونا إلينا.

ثم نظر فقال : يا أبا ولاّد ، فالى أين ترى أنه يراد بنا وبكم؟

قلت : الى الجنة إن شاء الله.

قال : الى الجنة والله ، الى الجنة والله.

__________________

(١) وفي بشارة المصطفى ص ٦٢ : ما من عبد.

(٢) وفي بشارة المصطفى : حقبا.

(٣) هكذا صححناه وفي الاصل : أبو ولاّد الخياط ، واسمه حفص.

٤٥٤

[ الأصناف الخمسة ]

[١٣٣٢] حصين الازدي ، قال : قال لي أبو جعفر محمد بن عليعليه‌السلام : الناس يوم القيامة خمسة أصناف :

صنف أخذوا الملك بالجبر به كما أخذ كسرى ملكه.

وصنف لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، اولئك المبتدعة. ـ يعني المرجئة ـ.

وصنف وضعوا السيوف على عواتقهم وقادوا المقدر الى أهوائهم ـ يعني الخوارج ـ.

وصنف ساقوا الناس في حبنا الى النار ، اولئك الغالية.

وصنف أحبونا في الله تعالى وجاهدوا عدونا لله فاولئك منا ونحن منهم.

[١٣٣٣] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن عليعليه‌السلام يقرأ :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ ) (١) ثم قال : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين.

[١٣٣٤] [ الحارث ] ، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثلي [ ومثل علي بن أبي طالب ] شجرة أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمرها ، والشيعة ورقها ، فهل يخرج من الطيب [ إلا ] الطيب.

[١٣٣٥] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن عليعليه‌السلام يقول : وشيعتنا في الناس كالنحل في الطير ، لو يعلم الطير ما في أفواهها اكلتها(٢) ،

__________________

(١) المدثر : ٣٨ و ٣٩.

(٢) وفى بحار الانوار ٢٤ / ١١٢ : ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا اكلته. راجع التخريج.

٤٥٥

فمثل العلم الذي في صدور شيعة أولياء الله كالعسل الذي في بطون النحل ، وكان الناس لو علموا في صدورهم من ذلك لأخذوه منهم.

[١٣٣٦] وعن جابر ، عن جعفر بن محمدعليه‌السلام ، أنه قال : ليس من شيعتنا من ظلم الناس ، ولن ينال ولايتنا إلا بالورع.

[١٣٣٧] وعنه ، أنه قال : كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام جالسا إذ جاء شاب فجلس عنده وجعل ينظر إليه ، ويبكي.

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : يا فتى [ مالك ]؟

قال : من حبكم أهل البيت.

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : نظرت حيث نظر الله ، واخترت من اختار الله.

[١٣٣٨] سالم بن [ أبي ] جعدة ، قال : قال عليعليه‌السلام شيعتنا ذيل شفاههم ، خمص بطونهم ، تعرف الرهبانية في وجوههم.

[ الشيعة حراس في الارض ]

[١٣٣٩] وعن جعفر بن محمدعليه‌السلام ، عن أبيه ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال [ لعلي ] : إن في السماء حرسا ، وهم الملائكة ، وفي الأرض حرسا ، وهم شيعتك يا علي.

[ بنا فتح الله وبنا يختم ]

[١٣٤٠] الأعمش ، [ عن ](١) قيس بن غالب الاسدي ، قال : ولما وفد الناس على يزيد بن معاوية لما استخلف ، قلت لأهل بيتي : هل أن نجعل نحن وفادتنا على ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسين بن

__________________

(١) وفي الاصل : الاعمش بن قيس.

٤٥٦

عليعليه‌السلام ، فأجابوني ، فخرجت أنا وأخي عبد الله بن غالب ، وزر بن حبيش(١) ، وهاني بن عروة ، وعبادة بن ربعي في جماعة من قومنا حتى انتهينا الى المدينة ، فأتينا منزل الحسين بن عليعليه‌السلام ، فاستأذنا عليه ، فخرجت إلينا جارية ، فقلت لها : استأذني لنا على ابن رسول الله ، وأعلميه أن مواليه بالباب.

فأذنت لنا ، فدخلنا عليه ، فقال : ما أقدمكم هذا البلد في غير حجّ ولا عمرة؟

قلنا : يا بن رسول الله ، وفد الناس على يزيد بن معاوية ، فأحببنا أن وفادتنا عليك.

قال : والله؟

قلنا : والله.

قال : ابشروا يقولها ثلاثا ، ثم قال : أتأذنون لي أن أقوم؟

قلنا : نعم.

فقام فتوضا ثم صلّى ركعتين ، وعاد إلينا.

فقال ابن ربعي : يا ابن رسول الله ، إن الحواريين كانت لهم علامات يعرفون بها ، فهل لكم علامات تعرفون بها؟

فقال له : يا عبادة نحن علامات الايمان في بيت الايمان ، من أحبنا أحبه الله ونفعه ايمانه يوم القيامة ويقبل منه عمله ، ومن أبغضنا أبغضه الله ولم ينفعه ايمانه ولم يتقبل عمله.

قال : فقلت : وان دأب ونصب؟

قال : نعم ، وصام وصلّى. ثم قال : يا عبادة نحن ينابيع الحكمة وبنا جرت النبوة وبنا يفتح وبنا يختم لا بغيرنا.

__________________

(١) زر بن حبيش بن حباشة الكوفي عاش ١٢٠ سنة ومات ٨٣ ه‍.

٤٥٧

[١٣٤١] [ عاصم بن ](١) حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال : إذا مات العبد المؤمن دخل معه قبره ستة صور منهن صورة حسنة أحسنهن وجها [ وأبها هن هيئة ] وأطيبهن ريحا ، وأنظفهن صورة ، فيكون منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى خلفه ، والاخرى قدامه ، والاخرى عند رجليه. [ وتقف ] التي هي أحسنهن عند رأسه. فان أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه ، ثم كذلك تمنعه من جميع الجهات الست ، فيقول لأحسنهن صورة ، وهي التي عند رأسه : من أنت جزاكنّ الله خيرا؟

فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة. وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة. وتقول التي بين يديه : أنا الصيام. وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة. وتقول التي عند رجليه : أنا [ برّ من ] وصلت إخوانك.

ثم [ يقول ](٢) للتي عند رأسه : من أنت؟ فأنت [ أحسنهن وجها ] وأطيبهن ريحا وأبها هن هيئة.

فتقول : أنا الولاية لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

[ يشهدون مجالس المؤمنين ]

[١٣٤٢] ابن الكيسان الصنعاني ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام يقول : إن لله ملائكة سياحين في الارض ليس لهم عمل إلا السياحة ، فاذا مرّوا بملإ يذكرون آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ينادون : هاهنا ، الى ذكر أولياء الله ، ويشهدونهم في مجلسهم ، ويسمعون حديثهم ، ثم يعرجون الى السماء ، فيكتبون ذلك فيها ،

__________________

(١) بحار الانوار ٦ / ١٣٥ الحديث ٥٠.

(٢) وفي الاصل : قال.

٤٥٨

ويقولون : ذكر محمد وآل محمد في مجلس كذا وكذا.

[١٣٤٣] وهب عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما من مجلس فيه أبرار ولا فجار يتفرقون عنه من غير أن يذكروا الله فيه أو يذكروننا إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة.

[١٣٤٤] علي بن حمزة ، قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام :

ما اجتمع من أصحابنا جماعة في ذكر الله أو في شيء من ذكرنا إلا بعث إبليس شيطانا في عنقه شريط ليفرق جماعتهم.

ثم قال علي بن حمزة : جاءني قوم من أصحابنا ليستمعوا مني شيئا ، فتجللت بهم موضعا حتى جئنا الى مسجد بني كاهل(١) ، فدخلنا المسجد ، فلما أخذنا في الحديث ، فلم نلبث أن جاء صبيان يرموننا بالآجر ، فذكرت الحديث.

قوله : في عنقه شريط : ستة خيوط تفتل من خوص.

[١٣٤٥] [ عبد الله ] بن الوليد السمان ، قال : دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام [ في زمن بني مروان ] ، وأربعون شابا من أهل الكوفة.

[ فقالعليه‌السلام : ممن أنتم؟

قلنا : من أهل الكوفة ](٢) .

فقال : ما من بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة ، إن الله تعالى هداكم لأمر جهله الناس ، فأحببتمونا وأبغضنا الناس ، وتابعتمونا وخالفنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فأحياكم الله محيانا ، وأماتكم مماتنا. وأشهد على أبي [عليه‌السلام ] أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينيه

__________________

(١) وأظنه مسجد بني وائل ، والله اعلم.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص ٧٩.

٤٥٩

أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هاهنا ـ وأومى بيده الى حلقه ـ وان الله تعالى قال لجدنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً ) (١) .

[١٣٤٦] ابن زياد عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال : من أحبنا لله تعالى وصلّى الصلاة لوقتها فله أن يدخل الجنة من حيث شاء.

[١٣٤٧] وقال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تعالى :( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (٢) .

قال : هو والله ما أنتم عليه من المعرفة.

[١٣٤٨] جعفر بن محمدعليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليعليه‌السلام : إن الله قد غفر لك ولولدك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك.

وهذا خبر يشهده القرآن ويؤيده غيره من الحديث المشهور ، وذلك أن ولد عليعليه‌السلام ذرية الرسول لان الله تعالى قد أخبر في كتابه بأن عيسىعليه‌السلام من ذرية ابراهيمعليه‌السلام ، وذلك من قبل أمه بقوله :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ ) (٣) وقد قال تعالى :( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) (٤) فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أول المؤمنين ، فمن آمن من ذريته فهو مغفور له لان الله تعالى يلحقهم به ، ومن أحبهم وكان من شيعتهم فهو منهم.

وقوله حكاية عن ابراهيمعليه‌السلام :( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٥) وقول رسول

__________________

(١) الرعد : ٣٨.

(٢) البقرة : ٢٦٩.

(٣) الانعام : ٨٤ و ٨٥

(٤) الطور : ٢١

(٥) ابراهيم : ٣٦.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597