شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٣

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار6%

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 597

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 597 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207179 / تحميل: 7173
الحجم الحجم الحجم
شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الحشد : الجمع إذا دعوا فأتوا لما دعوا له.

كان أبو بكر قد علم بمجيء فاطمةعليها‌السلام إليه ، فجمع الناس لئلاّ يعتابوا عليه رأيا إذ لم يكونوا بحضرته.

وقوله : نيطت دونها ودون الناس ملاءة.

نيطت : علقت ، يقال منه : ناط الشيء ينوطه : إذا علقه. يقال منه : نطت القربة إذا علقتها.

والنوط علق الشيء ، وهو مصدر ناط ، يقول : ناط الشيء بنوطة نوطا إذا علقه(١) .

والملاءة : الربطة ، وهي مثل الرداء في العرض والطول.

وقوله : أجهش القوم بالبكاء.

يقال منه : أجهش نفسي ، إذا نهضت إليه وهم بالبكاء(٢) . قال الطرماح :

أجهش نفسي وقلت ألا لا تبعدوا.

وقوله : حتى سكن نشيج القوم.

يقال منه : نشيج الباكي ، ينشج إذا غصها البكاء في حلقه ولما ينتحب. ومن ذلك نشيج الحمار ، لأنه صوت في حلقه. ويقال منه : نشجت القدر : إذا غلت(٣) ، والطعنة إذا سمع خروج الدم منها ، صوت في داخلها.

وقولها : فإن تعزوه : من اعتزى ، والاعتزاء : الاتصال في الدعوة ، إذا كانت حرب. فكل من ادعى في شعاره أنا فلان بن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه.

__________________

(١) لسان العرب ٧ / ٤٢١.

(٢) لسان العرب ٦ / ٢٧٦.

(٣) لسان العرب ٢ / ٣٧٨.

٤١

قال نصر بن سيار :

فكيف وأصلي من تميم وفرعها الى أصل فرعي واعتزاي اعتزاؤها وقولها : صادعا بالرسالة.

من قول الله عزّ وجلّ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) (١) . يقال منه : صدع الرجل بالحق إذا تكلم به جهارا.

وقولها : مائلا عن مدرجة المشركين. أي عن طريق الباطل الذي هم عليه.

والمدرجة : ممرّ الإنسان على مسلك الطريق. وكذلك مدارج الريح. يقال :

ريح دروج : وهي التي تؤثر في الأرض خطوطا كالطريق.

قال العجاج :

أمثالها في الراسيات مدرجة

وقولها : ضاربا ثبجهم.

الثبج : أعلى الكاهل. والكاهل : أصل العنق تعني ضرب رقابهم.

وقولها : آخذا بأكظامهم.

الكظم مخرج النفس. يقال منه : قد غمّه الشيء فأخذ بكظمه. فما يقدر أن يتنفس فهو مكظوم.

وكظيم : أي مكروب(٢) .

وقولها : يجذ الهام.

تقول : بقطع الرءوس. والجذ : القطع المستأصل الوحي والكسر للشيء الصلب.

وقولها : يكبّ الأصنام.

تقول : يكفئها على وجوهها. وذلك كسرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياها وقلبه

__________________

(١) الحجر : ٩٤.

(٢) لسان العرب ١٢ / ٥١٨.

٤٢

لها عن مواضعها التي كانت فيها على الكعبة وغيرها.

وقولها : ونطق زعيم الدين.

الزعيم هاهنا الذي يسود قومه. يقال منه : زعم يزعم زعامة : اي صار لهم زعيما(١) ، ولذلك قيل للكفيل زعيم ، كأنه ساد من كفل به. وعنت صلوات الله عليها بزعيم الدين : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تقول : إنه نطق بالرسالة وبما أوحاه الله عزّ وجلّ إليه من القرآن.

وقولها : خرست شقاشق الشياطين.

الخرس : ذهاب الكلام وذهاب الصوت من الشيء. يقال منه : كتيبة خرساء : إذا لم يسمع لها صوت ولا جلبة ، وعلم اخرس : إذا لم يسمع صوت صدى(٢) .

والشقاشق : جمع شقشقة ، وهي التي يغط بها البعير ، وتخرج من شدقه إذا هدر. وإذا نحر لم توجد كذلك ، وإنما هي لحمة في آخر فيه تنتفخ إذا هاج وتمتد حتى تخرج من حلقه ، فاذا سكن انفشت. والناقة تهدر ولا تغط(٣) ، لانه لا شقشقة لها تمتد كذلك إذ لا تهيج ، فضربت ذلك مثلا لصولة الكفار وانقطاعها برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والشياطين جمع الشيطان ، على قدر فيعال. يقال منه : تشيطن الرجل ، وتشطن : أي صار شيطانا ، وفعل فعله.

وقولها : فهتم بكلمة الاخلاص.

يقال منه فاه الرجل بالكلام : إذا لفظ به ، وهو يفوه به شعر ، وما فاهوا به ولهم مقيم. ورجل مفوه : قادر على الكلام.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ / ٢٦٦.

(٢) لسان العرب ٦ / ٦٢.

(٣) لسان العرب ١٠ / ١٨٤.

٤٣

وكلمة الإخلاص : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله.

وقولها : مذفة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأ الأقدام.

المذاق في الشراب : خلط الماء باللبن. تقول مذقته : إذا خلطته مذقا.

والنهزة : اسم الشيء الذي يتناول ويمكن تناوله كالغنيمة. يقال : انتهزها فقد امكنتك قبل الفوت.

والقبس : شعلة النار ، قال الله عزّ وجلّ حكاية عن موسىعليه‌السلام :

( إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) (١) . يقال للآخذ من ذلك قبس واقتبس إذا أخذ من لهب النار في طعم يعلق به. ومن ذلك يقال : قبست العلم فاقتبسته ، واقتبست الرجل نارا. وأقبسته علما إذا أعطيته ذلك(٢) .

وموطأ الأقدام : الموضع الذي تطأه. ضربت ذلك صلوات الله عليها مثلا لما كانوا فيه من الذلة حتى أعزّهم الله عزّ وجلّ برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن الناس كانوا يتخطفونهم من حولهم كما أخبر الله عزّ وجلّ بذلك في كتابه ويطعمون فيهم وينتهزونهم ويطئونهم بالذل والصغار.

وقولها : تشربون الطرق.

والطرق : الماء الذي بالت فيه الدواب قد اصفر(٣) تقول : هذا ماء قد طرقته الإبل وهي تطرقه طرقا ، وهو ماء طرق.

قال الشاعر :

وقال الذي يرجو الغلالة وادعوا

عن الماء لا يطرق ومن طوارق

فما زلن حتى صار طرقا وشسه

بأصفر تذريه سجالا أيانق

__________________

(١) النمل : ٧.

(٢) لسان العرب ٦ / ١٦٧.

(٣) لسان العرب ١٠ / ٢١٦.

٤٤

وقولها : تقتاتون القد.

من القوت. والقد : ما يقد من الجلد الني(١) ومنه اشتق القديد الذي يقد من اللحم وكانوا يأكلون [ ذلك ] عند المسغبة.

وقولها : أذلة خاشعين.

الذل : الهوان. والخشوع : الخضوع.

وقولها : بعد اللتيا والتي.

واللتيا : تصغير التي ، والتي : معرفة لتي ولا تقول بها في المعرفة إلا على هذه اللغة ، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للاخرى ، وجمعها اللاتي ، وجمع الجمع اللواتي. وكأنهم كنوا بها في قولهم اللتيا والتي عن شدة أو داهية صغرى وكبرى.

وقولها : بعد لفيف ذوايب العرب.

فاللفيف : ما اجتمع من الناس من قبائل شتى(٢) ، يقال منه : جاء القوم بلفهم ولفيفهم. ولف الناس ما يلف من هاهنا وهاهنا كما يلف الانسان القوم لما يريده من شهادة زور وغير ذلك مما يريد أن يجمعهم إليه من مثل هذا.

والذوايب جمع ذؤابة. وذؤابة القوم موضع عزهم وشرفهم ، يقال منه : فلان من ذؤابة بني فلان إذا كان من أهل بيت شرفهم وعزهم. والجمع ذوائب والقياس الذائب ، ولكنهم يستثقلون الجمع بين همزتين فلينوا الاولى منهما.

وقولها : كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغزة للمشركين فاها قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها.

أحشوا : أوقدوا. تقول : حششت النار بالحطب. وأنا أحشها ، وهو ضمك ما تفرق من الحطب الى النار لتستوقد. قال العجاج :

تالله لو لا أن تحش الطبخ

بي الجحيم ، حيث لا مستصرخ

__________________

(١) لسان العرب ٣ / ٣٤٤.

(٢) لسان العرب ٩ / ٣١٨.

٤٥

يعني بالطبخ : ملائكة النار الموكلين بالعذاب من فيها ، شبههم بالطباخين الذين يوقدون النار على اللحم ليطبخوه(١) .

ونجم قرن للضلالة ، تقول : ارتفع للضال ونجم قام. يقال للخارج الذي يخرج على السلطان ناجم لقيامه على من يقوم عليه. وقرن الرجل نده في الشجاعة والقوة. ويقال منه : تبارزت الأقران وتواجهوا واقتتلوا.

وفغرت فاغرة فاها. والفغر : فتح الفم. يقال : فغر الرجل فاه : أي فتحه.

والفاغرة : التي قد فتحت فمها. ضربت ذلك مثلا للحرب إذ اشتدت ومثلث من يقتل فيها بابتلاعها إياهم كأنها فغرت فاها : أي فتحته لتأتيهم من يقتل فيها.

قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها. تعني : إنهاض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام لمبارزة الأقران من المشركين الشجعان.

واللهوات ، جمع لهات. واللهات : لحمة مشرفة في أقصى الفم فيما يلي الحلق. ويقال : إنها شقشقة البعير ولكل ذي حلق لهاه. والجمع : اللها ، واللهوات.

وقولها : فلا ينكفئ ، تقول : لا ينقلب منهزما إذا بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحرب. يقال منه الكفئ القوم إذا انهزموا وانكفأوا.

وقولها : حتى يطأ سماكها بأخمصه.

فالسماك والسمك : المرتفع. قال الله عزّ وجلّ( رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ) (٢) ويقال : سنام سامك : أي مرتفع. والسماكان : نجمان مرتفعان. ومن ذلك سمي الرجل سماكا ، يريدون به العلو والرفعة. تقول : لا ينثني ولا يرجع في الحرب حتى يطأ أعلى من فيها ، فمن يقاتله ويبارزه بأخمصه.

__________________

(١) لسان العرب ٦ / ٢٨٤.

(٢) النازعات : ٢٨.

٤٦

والأخمص : ما ارتفع من أسف القدم عن الأرض وهو وسطه. ويقال : وهو خميص القدم(١) .

قال الشاعر :

وكأن أخمصها بالشوك منتعل

وقولها : ويخمد حرّ لهبا بحده.

تعني الحرب شبهتها ، فاذا هو قتل المناحبين له فيها أو هزمهم اخمدوا(٢) كحدّ السيف وحدّ السنان. واحتدّ الرجل إذا غضب وحده وغضبه.

وقولها : وأنتم في رفاهية.

يقال منه : رفهه عيش فلان رفاهية ، فهو رفيه العيش ، أي هو في خير وخفض.

وقولها : ظهرت حسكة النفاق.

من حسك الصدر : وهو حقد العداوة. وتقول إنه حسك الصدر على فلان.

وقولها : واستهتك جلباب الدين.

استهتك ، استفعل من الهتك(٣) ، والهتك أن تجذب ثوبا أو سترا فتقطعه من موضعه ، أو تشق طائفة فيبدو لذلك ما وراءه ، فلذلك يقال : هتك الله ستره ، ورجل مهتوك الستر ، متهتك. ورجل مستهتك لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته. ويقال ذلك لكل شيء هتك وأهتك واستهتك.

والجلباب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، فإذا فعلت ذلك قيل تجلببت(٤) ، فضربت فاطمة صلوات الله عليها

__________________

(١) لسان العرب ٧ / ٣٠.

(٢) لسان العرب ٣ / ١٦٤.

(٣) لسان العرب ١٠ / ٤١١.

(٤) لسان العرب ١ / ٢٧٢.

٤٧

ذلك مثلا لهتكهم حرمان الدين واستخفافهم بها.

وقولها : ونطق كاظم الغاوين.

فالكظم : السكوت. والكاظم : الساكت. تقول : نطق من كان من الغد ، أن قد أسكته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . والغاوون جمع غاو من الغي. والغي مصدر من قولك غوي الغاوي ، فهو يغوى غيا. والغي : الضلال ضد الهدى.

وقولها : نبغ خامل الآفلين.

يقال : نبغ فلان إذا قال الشعر ولم يكن قاله قبل ذلك. وقيل : إن زيادا قال الشعر بعد أن كبر ، فسمي النابغة لذلك ، وقيل : بل سمي بذلك لقوله :

( وقد نبغت لهم مناشئون )(١) .

فمعنى نبغ هاهنا : ظهر اليوم من كان خاملا من الآفلين.

وقولها : وهدر فنيق المبطلين.

البعير يهدر هديرا وهدرا. والحمامة أيضا تهدر.

والفنيق : الفحل من الإبل.

ضربته مثلا لمن استفحل من المبطلين من الامة فراءس عليها وتناول ما ليس له منها.

وقولها : يخطر في عرصاتكم.

تعني : الفحل من الإبل الذي ضربته مثلا. والفحل من الإبل يخطر بزينه إذا مشى مختالا. وكذلك الناقة ، وكذلك الإنسان إذا مشى يخطر بيديه كبرا.

والعرصات : جمع عرصة. وعرصة الدار : وسطها.

وقولها : واطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم.

__________________

(١)

وحلت في بني القين بن جسر

وقد نبغت لنا منهم شئون

( لسان العرب ٨ / ٤٥٢ ).

٤٨

مغرز الشيء : أصله مثل مغارز الريش ، ومغارز الاضلاع.

وقولها : ولعزمه متطاولين.

المتطاول : الشيء المستشرف إليه. قال الشاعر :

تطاولت فاستشرفته فرأيته

فقلت له أأنت عمرو الفوارس

وقولها : واحمشكم فألفاكم غضابا.

تقول : أغضبكم فوجدكم كذلك. يقال منه الرجل إذا اشتدّ غضبه : قد استحمش غضبا.

وقولها : فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم.

مثل ضربته لاغتصابهم الامامة من أهلها وأخذهم غير حقهم منها.

وقولها : هذا والعهد قريب.

تعني برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن ذلك كان منهم بقرب وفاته.

وقولها : والكلم رحيب.

أي واسع. تعني ما تكلم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في امامة عليعليه‌السلام فما أوجبها وأكدها.

وقولها : والجرح لما يندمل.

تقول يبرأ. واندمال الجرح : برؤه. تعني : موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقولها : أنى تؤفكون.

تقول : أين تصدون عن الحق. والأفاك الذي يأفك الناس عن الحق بالكذب. والإفك ، تقول : أفك الرجل عن أمر كذا ، إذا صرف عنه بالكذب والباطل.

وقولها : ابتز ارثيه.

تقول : اسلب ارثي ، تعني ميراثها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي استلبته ومنعته.

٤٩

والبز هاهنا الاستلاب. والعرب تقول : من عزّ بزّ معناه من غلب سلب.

والهاء من ارثيه زائدة وهي تسمى هاء الاستراحة من قول الله عزّ وجلّ( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) (١) وقوله تعالى :( وَما أَدْراكَ ماهِيَهْ ) وهي لغة قريشية.

وقولها : لقد جئت شيئا فريا.

والفريّ ـ هاهنا ـ : الأمر العظيم. والفري أيضا : الكذب. والفري : القذف.

وقولها : فدونكها مخطومة مرحولة.

تعني ظلامتها مثلتها بناقة عليها رحلها وخطامها ، ضربتها مثلا لظلامتها التي ارتكبها منها.

وقولها : والزعيم محمد.

فالزعيم : الكفيل. لأن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تكفل لمن أطاعه بالجنة. وتكفل لمن بغي عليه بالنصر ، والانتصاف ممن بغى عليه وظلمه.

وقولها : ما هذه السنة عن ظلامتي.

السنة : الوسن. يقال منه : قد وسن الرجل ، إذا أخذته سنة النعاس ، وقد غلبه وسنه. قال الله عزّ وجلّ :( اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) (٢) فالسنة النعاس من غير استشغال نوم.

قال الشاعر :

وسنان أقصده النعاس فرنقت

في عينه سنة وليس بنائم(٣)

ومعنى قولها ما هذه السنة عن ظلامتي تعني التغافل عنها. والتهاون بها كما يكون الناعس عن الشيء غافلا عنه إذا لم ينصروها في ذلك ، ولا أعانوها عليه.

وقولها : سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. هي كلمات تقولها العرب

__________________

(١) الحاقة : ٢٨ و ٢٩.

(٢) البقرة : ٢٥٥.

(٣) لسان العرب ٦ / ٢٣٣.

٥٠

لسرعان ما صنعت كذا وكذا. تعني أسرع ما صنعته ولوشكان ما خرجت ولعجلان ما جئت. قال الشاعر :

أيخطب فيكم بعد قتل رجالكم

لسرعان هذا والدماء تصبب(١)

قولها : فخطب جليل استوسع وهيه.

فالخطب : الأمر ، يقال ما خطبك : أي ما أمرك. ويقال : هذا خطب جليل. وخطب يسير. والجمع خطوب. قال الله تعالى :( فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ) (٢) .

واستوسع وهيه : أي اتسع ما وهي من أجله ، تعني : مصاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما وهي من أجله من الأمر واتسع وهيه لذلك.

وقولها : واستشمر فتقه لفقدان راتقه.

يقال منه : رتق الفتق إذا لحمه وأصلحه. تعني فقدان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي كان يرتق ما انفتق من الامور.

وقولها : واكتابت خيرة الله في خلقه.

تعني بموت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والكآبة من الهمة ، والانكسار من الحزن في الوجه خاصة. تقول : كئب الرجل ، والكئب كأبة ، يوقف الألف ، وكآبة بالمد.

وقولها : واكدت الآمال.

تقول : انقطعت. قال الله عزّ وجلّ :( وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) (٣) أي قطع ما كان يعطيه. وقد قيل : إن المعطي إذا أعطى عطاء نزرا قليلا قيل أكدى ، والأول أشبه بالمعنى. ويقال : فلان قد بلغ الناس كديته : أي أنه كان يعطي ثم أمسك. قالت الخنساء :

__________________

(١) لسان العرب ٨ / ١٥٢.

(٢) الحجر : ٥٧.

(٣) النجم : ٣٤.

٥١

فتى الفتيان ما بلغوا كداها

وقولها : [ إيها ] بني قيلة.

فهو من الدعاء المنسوب ، تقول : يا بني قيلة ، تعني : الأنصار ، وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مادر بن حبد الله بن الأمرد بن عوف بن نبتة بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، وهما ابنا قيلة ، وهم الأنصار ، نسبوا الى امهم.

وقولها : اهتضم تراث أبي.

تقول : انقص ميراث أبي. ويقال منه : هضمت حقي : أي انتقصته.

وهضمت من حقي طائفة : أي تركتها. والهضام : الذي يترك من حقه ويعطي غيره. يقال : قد هضم له من حقه(١) قال لبيد :

ومقسم يعطي العشيرة حقها

ومعدلم لحقوقها هضامها

والتراث تاؤه واو وهو تركه الميراث. ولا يجمع كما يجمع الميراث. فيقال : تواريث.

وقولها : وأنتم نخبة الله التي انتخب لدينه.

النخبة : الخيرة لما اختير ، واستخلص نخبة ونخابة ، وهو مصدر النخيب :

المختار المستخلص المصطفى اختيارا على غيره. وتنخب : اختار واستخلص.

وقولها : فنابذتم العرب وكافحتم الامم.

المنابذة : انتباذ الفريقين للحرب. تقول : نبذت إليهم الحرب على سواء :

أي نابذناهم الحرب. والنبذ طرحك الشيء ، والمنبوذ : ولد الزنا الذي تنبذه أمه : أي تطرحه ليخفي أمرها. فكأن المنابذة طرح ما بين الفريقين من الصلح والاتفاق بين بعضهم وبعض.

والمكافحة ـ في الحرب ـ : المضاربة تلقاء الوجوه. قال الشاعر :

__________________

(١) لسان العرب ١٢ / ٦١٢.

٥٢

تكافح لوحات الهواجر بالضحى

مكافحة للمنخرين وللفم(١)

وقولها : وخبت نيران الباطل.

الخبو : سكون لهب النار. وخبت النار : اذا سكنت. وخبت الحرب كذلك. وخبت النار تخبو خبوا : إذا طفئت.

وقولها : واستوسق نظام الدين.

تقول : اجتمع وانضمّ بعضه الى بعض.

والوسق : ضمّك الشيء بعضه الى بعض. والاتساق : الانضمام والاستواء. ويقال : استوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت. واستوسق النظام كذلك. وهذا مثل ضربته لاجتماع المؤمنين والفتهم على إقامة دين الله عزّ وجلّ في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقولها : فنكصتم بعد الإقدام.

النكوص : الإحجام عن الشيء. يقال لمن أراد أمرا ثم رجع عنه : نكص على عقبيه.

وقولها : نكثوا أيمانهم.

نكث اليمين ، ونكث العهد والعقد : حلّه من بعد أن عقد وأبرم. وكذلك النقض. قال الله عزّ وجلّ :( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) (٢) وقال أيضا :( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) (٣) وقال :( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) (٤) . قيل : إن ذلك ضرب مثلا لامرأة حمقاء كانت تغزل الغزل ، ثم تفتله على خلاف ما فتلته إذا غزلته ، فينحلّ ويفسد وذلك النكث. والنكيثة اسم.

__________________

(١) لسان العرب ٢ / ٥٧٣.

(٢) الفتح : ١٠.

(٣) النحل : ٩١.

(٤) النحل : ٩٢.

٥٣

وقولها : لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفزّ قلوبكم.

[ خامر صدوركم ](١) : خالطها. يقال منه : خامره الداء : إذا خالط جوفه.

وكلما يخمر بالماء يقال : اختمر. إذا خالطه يختمر به من طعم أو ريح لم يكن قبل ذلك فيه.

واستفزّ ـ استفعل ـ : من الإفزاز. والإفزاز : الإفزاع والذعر. ويقال : استفزّ الرجل حتى القي في الجهل ، واستفزّ حتى اخرج من داره : بمعنى خوّف وافزع حتى فعل ذلك.

وقولها : لبثة الصدر وبعثة الغيظ.

فبثة الصدر : خروج ما في القلب ، والحديث به. وأصل البث : تفريق الأشياء ، كبث الخيل في الغارة وبث الكلاب للصيد. وخلق الله الخلق وبثهم في الأرض وتقول : أبثه الحديث ابثاثا ، فأنا مبثه. والحديث مبث. تقولعليها‌السلام : ولكنني بثثت ما في الصدر. والبث أيضا شدة الحزن. قيل : لأن صاحبه لا يصير حتى يبثّه : أي يشكوه. قال الله عزّ وجلّ حكاية عن يعقوب :

( إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ ) (٢) وقد يكون قولها أيضا في هذا إنها تبث ما في قلبها من الغم بما ذكرته وان كانت تعلم أن ذلك لا يصرفهم عما هم عليه.

وبعثة الغيظ ، ما يبعثه : أي يرسله. ويبعث عنه من القول وغيره.

وقولها : فدونكموها ، فاحتقبوها.

تعني ظلامتها التي تظلمت إليهم ، تقول : احتقبوا إثمها. وأصل الاحتقاب : شدّ الحقبة من خلف ، وكل ما حمل من خلف ، تقول : احتقب واستحقب ، والاثم كذلك يحتقب. قال الشاعر :

__________________

(١) وفي الاصل : صدوركم خامر صدوكم.

(٢) يوسف : ٨٦.

٥٤

فاليوم فاشرب(١) غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل

وقولها : دبرة الظهر.

تعني بثقلها كما يدبر ظهر الدابة الحمل الثقيل.

وقولها : موسومة بشنار الأبد.

العيب والعار يلزم الرجل من فعل يفعله. عار وشنار. وقلّ ما يقرءون الشنار في العار. وكذلك جاء في هذا الكلام بعد ذكر العار ويجيء مفردا في الشعر.

قال الشاعر :

ولو لا رعيهم سمع الشنار

فهذا شرح آخر هذه الخطبة التي خطبتها فاطمةعليها‌السلام .

[ نعود الى فضائل الزهراء ]

[٩٧٥] الربيع بن صبيح(٢) ، باسناده عن عائشة ـ زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، أنها سئلت : أيّ النساء احبّ الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قالت : فاطمة. ومن الرجال ، علي.

قيل لها : وكيف ، وقد بلغنا أنه سئل أيّ النساء أحبّ إليك؟

فقال : عائشة بنت أبي بكر. وقيل : أيّ الرجال أحبّ إليك؟ قال : أبوها.

فقالت عائشة : اللهمّ غفرا لا تخدعوني إني والله ما أنا عصبته فأقول ما لا أملكه ، إنهم إنما سألوه عن أيّ الناس أحبّ إليه ، ولم يسألوه عن

__________________

(١) وفي لسان العرب ١ / ٣٢٥ : فاليوم اسقي غير.

(٢) وهو أبو بكر ، الربيع بن صبيح السعدي البصري خرج غازيا إلى السند فمات في البحر ودفن في إحدى الجزر ١٦٠ ه‍.

٥٥

نفسه. وكيف يكون ذلك ، وفاطمة التي يقول لها : [ فداك ](١) نفسي أنت سيدة نساء العالمين. فقيل له : يا رسول الله فأين مريم؟

قال : تلك سيدة نساء قومها.

فقال لها : يا فاطمة ، زوّجتك سيد العرب. فقيل له : يا رسول الله ، فأنت؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، وأبناؤه الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.

قيل لها : فإن ما بلغنا أن أبا بكر وعمر سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين.

فقالت : إني والله ما أدري ما هذا ولأن يكون كذلك أحبّ إليّ من حرم النعم ، فإن كان قاله ، فأين إبراهيم خليل الرحمن؟ ولكني سمعته يقول :

أهل الجنة شباب جرد مرد ليس عليهم شعر إلا على رءوسهم والحواجب منهم وأشفار العيون. ولم أسمعه يقول إن فيها كهولا. ولقد علمت أنكم إنما تدرءون فضل علي فو الله ما يمنعه أن يكون له الفضل وهو أول المؤمنين إيمانا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسبقهم الى نصرته ، وأقولهم بالحق ، ولقد كان صواما وقواما وآخر الخلق عهدا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى فاضت نفسه في يده ، ولقد أوصى إليه بما لم يطمع فيه غيره.

[٩٧٦] شريك بن عبد الله ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه لما زوّج فاطمةعليها‌السلام من علي صلوات الله عليه ودخل بها ، جعلت أم أيمن(٢) معها تؤنسها ، وفارقها من الليل ثم غدا إليها بالغداة

__________________

(١) هكذا صححناه وفي الاصل : فذلك.

(٢) وهي بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حسن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان مولاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . غلبت عليها كنيتها ، كنيت بابنها أيمن بن عبيد وهى أم اسامة بن زيد.

٥٦

يدق الباب.

فقالت أم أيمن : من هذا؟

قال : أنا رسول الله.

فأتته مسرعة وهي تقول : فداك أبي وأمي. وفتحت له الباب.

فقال لها : يا أم أيمن ، هاهنا أخي(١) .

قالت : يا نبيّ الله ، ومن أخوك؟

قال : علي بن أبي طالب.

قالت : يا نبيّ الله ، إنما عرف الناس الحلال والحرام بك ، أتزوج ابنتك من أخيك؟

قال : يا أم أيمن ليس هو أخي من أبي وأمي الذي يحرم عليه نكاح ابنتي هو أخي في الدين ، ومعي في أعلى علّيين.

ثم دخل على فاطمة ، فوجد عندها أسماء بنت عميس(٢) .

__________________

تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشي فولدت له اسامة ، وهي التي استشهدت فاطمة بها في أمر فدك ، فشهدت لها ، ورفض شهادتها. توفيت ١١ ه‍.

(١) وفي كفاية الطالب ص ٣٠٦ : أثم أخي يا أم أيمن.

(٢) وهي أسماء بنت عميس بن معبد بن الحرث بن تميم بن كعب الخثعمية ، أسلمت في مكة وهاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب الى الحبشة سنة ٥ بعد بعثة الرسول ، فولدت عبد الله ( الذي عاش ثمانون عاما وتوفي في المدينة. الدر المنثور ص ٣٥ ).

فلما استشهد جعفر تزوجها أبو بكر ، فطلقها ، فتزوجها علي بن أبي طالب. وتوفيت بالكوفة سنة ٣٦ ، ودفنت في احدى جبانات الكوفة ، ويدعى أن في ضواحي الهاشمية على نهر الجر بوعية من محافظة بابل ( الحلة ) قبر مشيد لها ( مراقد المعارف ١ ـ ١٤١ ).

أخواتها :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله الأخوات من أهل الجنة :

١ ـ أسماء بنت عميس وكانت تحت جعفر بن أبي طالب.

٢ ـ سلمى بنت عميس وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب.

٣ ـ أمّ الفضل لبابة وكانت تحت عباس بن عبد المطلب.

٥٧

فقال لها : ما خلفك عند فاطمة؟

قالت : يا رسول الله إن الفتاة إذا زفت الى زوجها لا بدّ أن يكون عندها امرأة تخبرها بحاجتها.

قال : اللهمّ أسكن أسماء الجنان(١) .

ثم أقبل على فاطمة [ فقال ] : أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى ، يا فاطمة.

فقال : يا فاطمة ، إني لم آلك نصحا ولا زوجتك عن أمري بل عن أمر ربي ، لقد زوجتك أقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما ، وأكثرهم علما

__________________

٤ ـ وأم المؤمنين ميمونة.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن عميس أكرم الناس اصهارا. وقال أيضا لهند امهن : هي أكرم عجوز جمعت على الارض اصهارا ( ذخائر العقبى ص ٢٢ طبقات ابن سعد ٨ / ٢٠٥ ، الدر المنثور ص ٣٥ ، ذيل المذيل ص ٨٥ ، الحلية ٢ / ٧٤ ، خلاصة الذهب ص ٤٢١ ).

أيّ أسماء كانت في الزفاف :

لقد ذكرت أسماء بنت عميس في هذا الحديث وفي الحديث المرقم ٩٦٧ ذكر فقط أسماء دون ذكر أبيها.

مع العلم أن أسماء بنت عميس كما ذكرنا كانت تحت جعفر بن أبي طالب وهاجر بها الى أرض الحبشة.

وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة. وقدم جعفر المدينة يوم فتح خيبر سنة سبع للهجرة ، مع أن زواج فاطمة الزهراء عليها‌السلام بعد واقعة بدر بايام قلائل.

ويدل على عدم كون أسماء هي أسماء بنت عميس الخبر الذي ذكره المؤلف رقم ٩٧١ حول كيفية تشييع النساء في الحبشة وصنعها لفاطمة الزهراء عليها‌السلام التابوت.

فمحصل ما ذكرنا أنها ليست هي بنت عميس بل هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري ـ المكناة بام سلمة وهي غير أمّ سلمة أم المؤمنين كما لا يخفى ـ.

قال الكنجي في كفاية الطالب ص ٣٠٨ : ولها أحاديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . روى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس والله اعلم.

(١) وفي كفاية الطالب : أسأل إلهي ان يحرسك من فوقك ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك من الشيطان الرجيم.

٥٨

في الدنيا من الأولين ، وفي الآخرة من الصالحين. أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى.

يا فاطمة ، إن الله عزّ وجلّ اطلع الى الأرض اطلاعة ، فاختارني منها ، فجعلني نبيا ، ثم اطلع عليها الثانية ، فاختار منها عليا بعلك وجعله لي وصيا.

[٩٧٧] حسن بن عبد الله ، عن جعفر بن محمدعليه‌السلام ، أنه قال : جاء سهل بن عبد الرحمن الى عمر بن عبد العزيز(١) فقال : إن قومك يقولون إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة.

فقال له عمر : سمعت الثقة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تخبر عنه حتى كأني سمعته منه أنه قال :

إنما فاطمة بضعة مني ، يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها ، فو الله إني لحقيق أن أطلب رضاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ ورضاه ] ورضاءها في ولدها.

[ وقد علموا أن النبي يسره

مسرتها جدا ويشني اغتمامها ](٢)

[٩٧٨] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده عن أمّ سلمة ، أنها قالت :

دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمةعليها‌السلام فأسرّ إليها سرا ، فبكت. ثم أسرّ إليها سرا ، ضحكت(٣) فسئلت عن ذلك.

فقالت : ما كنت لأفشي سره أيام حياته.

قالت أمّ سلمة : فلما توفي سألتها ، فقالت : أسرّ إليّ أنه يموت ،

__________________

(١) وهو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الخليفة الاموي ولد ٦١ ه‍ وتوفي ١٠١ ه‍.

(٢) بحار الانوار ٤٣ / ٣٩.

(٣) وفي خصائص النسائي ص ١١٧ : دعا فاطمة ( ره ) فناجاها فبكت ثم حدثها فضحكت.

٥٩

فبكيت. ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران ، فضحكت.

[٩٧٩] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.

[ فاطمة سيدة نساء العالمين ]

[٩٨٠] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : أبطأ عنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما ، ثم جاء. فقلنا : يا رسول الله لقد شقّ علينا تخلفك اليوم.

فقال : إن ملكا من ملائكة السماء لم يكن زارني ، فاستأذن الله تعالى في زيارتي ، فأذن له. كان عندي ، ويبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين(١) وأن ابنيها ـ الحسن والحسين ـ سيد اشباب أهل الجنة.

[٩٨١] وبآخر ، عن المسور بن مخرمة(٢) ، قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على المنبر يقول :

إن بني هشام بن المغيرة(٣) استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا اذن ، ثم لا اذن ، ثم لا اذن إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي ، وأن ينكح ابنتهم ، فإنما هي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ، وما كان لعلي أن يجمع بين بنت رسول الله

__________________

(١) وفي خصائص النسائي ص ١١٨ : سيدة نساء امتي.

(٢) وهو أبو عبد الرحمن المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي البصري ولد ٢ ه‍. خاله عبد الرحمن بن عوف قتل في فتنة ابن الزبير ٦٤ ه‍.

(٣) يعنى بني مخزوم.

٦٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين بنت عدو الله(١) .

[٩٨٢] وبآخر ، عنه ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني.

[ الملائكة تعين فاطمة ]

[٩٨٣] عمرو بن مسهر ، باسناده ، عن عمار بن ياسر(٢) ، قال : بعثني رسول الله الى عليعليه‌السلام لأدعوه إليه ، فأتيت باب حجرته ، فقرعته مليا ، فلم يجبني أحد. فسمعت صوت رحى ، ففتحت الباب ، فإذا فاطمةعليها‌السلام نائمة والحسن نائم على ثديها ، والرحى تدور ولا أرى أحدا يديرها. فانصرفت مرعوبا الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخبرته بما رأيت.

فقال لي : وما يعجبك من هذا يا عمار ، إن كان الله عزّ وجلّ نظر الي ابنة نبيه ولا معين لها فأيدها بمن يعينها على أمرها.

[٩٨٤] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ـ في غزوة تبوك ، ونحن نسير معه ـ :

إن الله عزّ وجلّ لما أمرني أن ازوّج فاطمة من علي ، ففعلت. قال لي جبرائيلعليه‌السلام : إن الله قد بنى جنة من لؤلؤة بين كل قصبة الى قصبة من ياقوت(٣) مشذرة بالذهب وجعل سقوفها زبرجد الأخضر. وجعل فيها طاقات من زمرد(٤) مكللة باليواقيت. ثم جعل

__________________

(١) راجع تعليقة الحديث ٩٧٢ في صفحة ٣١.

(٢) وفي بحار الانوار ٤٣ / ٤٥ : رواه عن أبي ذر الغفاري.

(٣) وفي مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤ : بين كل قصبة الى قصبة لؤلؤة من ياقوتة.

(٤) وفي مجمع الزوائد : وجعل فيها طافات من لؤلؤة مكللة.

٦١

عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، وجعل فيها عيونا تنبع في نواحيها وحفها بالأنهار. وجعل على الأنهار قبابا من درّ قد رصعت بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر ، وبني في كل غصن بيتا ، وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء ، غشاؤها السندس والاستبرق ، وفرشها بالزعفران ، وفتقها بالمسك والعنبر ، وجعل [ في كل قبة والقبة لها ](١) مائة باب على كل [ باب ] جاريتان وشجرتان في كل قبة مفرش وكتاب مكتوب فيه آية الكرسي.

فقلت يا جبرائيل : لمن بنى الله عزّ وجلّ هذه الجنة؟

فقال : هذه الجنة بناها الله جلّ اسمه لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك سوى جنانها تحفة أتحفها الله بها ولتقرّ بذلك عينك ، يا محمد.

[ فاطمة في المحشر ]

[٩٨٥] علي بن جرير ، باسناده ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

إذا كان يوم القيامة نصب للنبيين منابر من نور ونصب لي في أعلاها منبر ، ثم يقال لي : قم ، فاخطب ، فأرقى منبري ، فأخطب خطبة لم يخطب أحد(٢) مثلها.

ثم تنصب منابر من نور للوصيين فيكون علي على أعلاها منبرا ، ثم يقال له : اخطب ، فيخطب بخطبة لم يخطب مثلها أحد من الوصيين.

ثم تنصب منابر من نور لأولاد الوصيين(٣) فيكون الحسن

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من دلائل الامامة ص ٥١.

(٢) وفي بحار الانوار ٤٣ / ٦٤ الحديث ٥٧ : بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل مثلها.

(٣) وفي بحار الانوار : ثم ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور.

٦٢

والحسين على أعلاها ، ثم يقال لها : قوما فاخطبا ، فيخطبان بما لم يخطب به أحد من أبناء الوصيين.

ثم ينادي مناد(١) : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم لتجوز فاطمة بنت محمد. فيفعلون ذلك ، وتجوز فاطمة وبين يديها مائة الف ملك وعن يمينها مثلهم ، وعن شمالها مثلهم ، ومن خلفها مثلهم ، ومائة الف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى إذا صارت الى باب الجنة ألقى الله عزّ وجلّ في قلبها أن تلتفت.

فيقال لها : ما التفاتك؟

فتقول : أي رب إني احبّ أن تريني قدري في هذا اليوم.

فيقول الله : ارجعي يا فاطمة ، فانظري من أحبك وأحبّ ذريتك ، فخذي بيده وأدخليه الجنة.

قال جعفر بن محمدعليه‌السلام : فانها لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيد من بين الحبّ الرديء ، حتى إذا صارت هي وشيعتها ومحبوها على باب الجنة ألقى الله عزّ وجلّ في قلوب شيعتها ومحبيها أن يلتفتوا.

فيقال لهم : ما التفاتكم وقد امرتم الى الجنة؟

فيقولون : إلهنا نحبّ أن نرى قدرنا في هذا اليوم.

فيقال لهم : ارجعوا ، فانظروا من أحبكم في حبّ فاطمة أو سلّم عليكم في حبها ، أو صافحكم ، أو ردّ عنكم [ غيبة ](٢) فيه ، أو سقى جرعة ماء ، فخذوا بيده ، فادخلوه الجنة.

قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه : فو الله ما يبقى يومئذ في

__________________

(١) وفي بحار الانوار : وهو جبرائيل.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : عينه.

٦٣

النار(١) إلا كافر أو منافق في ولايتنا ، فعندها يقولون :( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) .

ثم قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه : كذبوا ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه [ وإنّهم لكاذبون ] )(٣) كما قال تعالى.

ثم ينادي مناد : لمن الكرم اليوم.

فيقال : لله الواحد القهار ولمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

[ أفضل نساء العالمين ]

[٩٨٦] علي بن هاشم ، باسناده ، عن زياد بن المنذر ، عن عبد الله بن عمر بن علي ، عن آبائه ، أنهم يقولون : أفضل نساء العالمين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

[٩٨٧] وبآخر ، عن الشعبي ، قال : خطب علي صلوات الله عليه ابنة أبي جهل الى عمها الحارث بن هشام(٤) واستأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال : أتأمرني بها؟

فقال له : لا ، فاطمة بضعة مني ولا احبّ أن تجزع ولا تحزن.

فقال عليعليه‌السلام : ما كنت لآتي شيئا تكرهه ، يا رسول الله(٥) .

__________________

(١) وفي بحار الانوار : لا يبقى في الناس.

(٢) الشعراء : ١٠٠ ـ ١٠٢.

(٣) الانعام : ٢٨.

(٤) وهو أبو عبد الرحمن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي من المؤلفة قلوبهم ، أسلم يوم الفتح ، انتقل الى الشام ومات بطاعون عمواس ١٨ ه‍.

(٥) وصدر هذا الحديث يناقض ذيله وليس أمير المؤمنينعليه‌السلام ممن لا يدرك أن هذا النبأ يزعج الرسول الاكرم حتى يقدم عليه ثم يعتذر. اضف الى ذلك حال الشعبي وموقفه مع علي مما لا يخفى على أحد.

٦٤

[٩٨٨] علي بن هاشم ، باسناده ، عن عائشة ، أنها ذكرت فاطمةعليها‌السلام فقالت :

ما رأيت أحدا أصدق منها إلا أباها(١) .

[٩٨٩] محمد بن سعيد ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال :

لما زفّت فاطمة الى عليعليه‌السلام كبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان بلال بين يديه فكبّر.

فقال رسول الله : لم كبّرت ، يا بلال.

فقال : يا رسول الله كبّرت فكبّرت.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما كبّرت أنا حتى كبّر جبرائيلعليه‌السلام .

[٩٩٠] أحمد بن صالح ، باسناده ، عن حذيفة اليماني ، قال : صلّيت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المغرب(٢) ثم قام يصلّي حتى صلّى العشاء الآخرة ، ثم خرج ، فاتبعته ، فقال لي :

إن ملكا من ملائكة السماء استأذن الله عزّ وجلّ في زيارتي ، فأذن له ، فأخبرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

[٩٩١] محمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام : أنه قال :

نظر إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والى فاطمة.

__________________

(١) وفي حلية الاولياء ٢ / ٤١ : غير أبيها.

(٢) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠٦ : عن حذيفة قال : سألتني أمي : متى عهدك؟ ـ تعني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ. فقلت : ما لي به عهد منذ كذا وكذا. فقالت متى؟ فقلت لها : دعيني آتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاصلّي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك. فأتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّيت معه المغرب الحديث.

٦٥

فقال : يا علي ، من كنت عليه غضبان فإن الله ورسوله عليه غضبانان. ويا فاطمة ، من كنت عليه غضبى فإن الله ورسوله عليه غضبانان.

ويا علي ، من كنت عليه راضيا فإن الله ورسوله عليه راضيان ومن كنت يا فاطمة راضية عنه كان الله ورسوله عنه راضيين.

[ عقد النكاح في السماء ]

[٩٩٢] عبد الرزاق ، باسناده ، عن أم أيمن ، قالت : رآني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أبكي.

فقال : ما يبكيك يا أم أيمن؟

فقلت : يا رسول الله حضرت تزويج فتى من الأنصار فأتي بسكّر مصر ولوز فنثر على من حضر فذكرت تزويج فاطمة ، وإنه لا نثار كان فيه.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أم أيمن ، اخبرك عن تزويج فاطمة.

إن الله عزّ وجلّ بعث الروح الأمين جبرائيلعليه‌السلام ومعه ميكائيل ، فجلسا على كرسيين من نور تحت العرش ، وأقام الملائكة المقربين والحور العين صفوفا. فأوحى الى شجرة طوبى أن انثري عليهم ، فنثرت عليهم الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر واللؤلؤ الأبيض والمرجان والمسك الأذفر والعنبر الأشهب والكافور الأبيض والزعفران ، فمن التقطه من الملائكة افتخر به على [ سائر ] الملائكة ، ومن التقطه من الحور العين افتخرت على [ سائر ] حور العين.

وعقد جبرائيل وميكائيل في السماء نكاح فاطمة. فكان جبرائيل المتكلم عن علي ، وميكائيل الرادّ عني ، وما عقدت نكاحها في الأرض

٦٦

حتى عقدت لها الملائكة في السماء.

[ تسبيحة الزهراء ]

[٩٩٣] حمران بن أبان الرازي ، باسناده ، عن عليعليه‌السلام ، قال : كانت فاطمةعليها‌السلام تخدم وتقوم بمهنة بيتها ، فأتعبتها الخدمة وأخلقتها وأثر الرحى في يدها ونالها من ذلك ضرر شديد(١) .

وجاء الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقيق من سبي المشركين.

فقلت لها : لو أنك مضيت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستخدمته خادما يكفيك الخدمة. فمضت الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجدته على شغل ، فانصرفت. فلما كان من غد أتانا فوقف على الباب ، ونحن في لفاعنا.

فقال : السلام عليكم يا أهل البيت.

__________________

(١) ومن العجب أن ابن سكرة العباسي الهاشمي يهاجم الزهراء البتول لأجل هذه الخدمة والجهد في المنزل ولتزويجها بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيجيبه شاعر أهل البيت ابن الحجاج البغدادي في قصيدة طويلة ذكرها الاميني في الغدير ٤ / ٨٩ مطلعها :

لا أكذب الله إن الصدق ينجيني

يد الأمير بحمد الله تحييني

الى أن يقول

فما وجدت شفاء تستفيد به

إلا ابتغاءك تهجو آل ياسين

كافاك ربك إذ أجرتك قدرته

بسبّ أهل العلا الغرّ الميامين

فقر وكفر هميع أنت بينهما

حتى الممات بلا دينا ولا دين

فكان قولك في الزهراء فاطمة

قول امرئ لهج بالنصب مفتون

عيّرتها بالرحى والزاد تطحنه

لا زال زادك حبا غير مطحون

وقلت إن رسول الله زوّجها

مسكينة بنت مسكين لمسكين

كذبت بابن التي باب استها

سلس الاغلاق بالليل مفكوك الزرافين

ستّ النساء غدا في الحشر يخدمها

أهل الجنان بحور الخرّد العين

( القصيدة ٥٨ بيتا )

٦٧

فسكتنا حياء منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوثبت فأخذت ثوبي ، وقلت : وعليك السلام يا رسول الله ادخل فداك أبي وأمي ، فدخل ، وبقيت فاطمة في اللفاع.

فقال لها : ما كانت حاجتك أمس يا بنية؟

فاستحيت منه وسكتت. فخشيت أن يقوم ولا تذكر له شيئا.

فقلت : أنا اخبرك بحاجتها يا رسول الله. أصابها من الخدمة ضرر شديد ، وبلغها أن رقيقا جاءتك ، فقلت لها : لو استخدمت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خادما ، فجاءتك ، لتذكر ذلك ، فوجدتك على شغل.

فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بنية ما جاءني من الرقيق ما يسع نساء جميع المسلمين ، وما كنت بالذي اوثرك عليهن ، ولكن اعطيك ما هو خير لك من خادم وخادمة ، إذا انصرفت من صلاتك ، أو آويت الى مضجعك فسبحي الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وكبّريه ثلاثا وثلاثين تكبيرة ، واحمديه ثلاثا وثلاثين تحميدة. واختمي ذلك بشهادة أن لا إله إلا الله ـ وذلك ذكر الله بما هو أهله ـ مائة مرة ، تكون لك بذلك مائة حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، فيكتب الله عزّ وجلّ لك في ذلك الف حسنة ، فذلك خير لك من خادم وخادمة ومن الدنيا وما فيها.

فأخرجت رأسها من اللفاع ، فقالت : رضيت عن الله وعن رسول الله ـ ثلاثا ـ.

قال عليعليه‌السلام : فما تركناها مذ سمعناها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد كل صلاة مكتوبة(١) .

__________________

(١) قال أبو نعيم في الحلية ١ / ٦٩ : عن علي : فما فاتني منذ سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا ليلة صفين فاني نسيتها حتى ذكرتها من آخر الليل ، فقلتها.

٦٨

[ ضبط الغريب ]

اللفاع : ما يشتمل به وغطى الرأس. قال الشاعر :

أنا إذا أمرّ العدى تسرعا

واجتمعت بالشران تلفعا

يقول : شمل الناس شرهم. ويقال : لفع الشيب يلفع لفعا : إذا شمل الرأس. وتلفع الرجل : اذا شمله الشيب. كأنه غطى سواد شعره. قال سريد :

كيف يرجون شفائي بعد ما

ألفع الرأس مشيب وصلع

ويقال : قد تلفعت الامرأة ، فهي متلفعة : اذا غطت رأسها بشيء. واللفاع مثل القناع.

ففضل فاطمةعليها‌السلام هو فضل عليعليه‌السلام لاختصاص الله عزّ وجلّ بها إياه وتزويجه إياها وايثاره إياه بها. وفضل الأئمة من ولده منها لأنها امهم صلوات الله عليها وعليهم أجمعين.

ومن أغضبها وأسخطها فقد أغضب الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما جاء ذلك عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد ذكرنا ما تناوله منها من تناوله ، وما كان منها من انكار ذلك وسخطه. وقولها لهم فيه ، وعتبها عليهم. وما أوصت به من دفنها ليلا وأن لا يشهد أحد منهم جنازتها. وكفي بذلك خزيا لمن ارتكب منها ما ارتكب وفعل ، ويوم القيامة يخسر المبطلون وفيه يبلس المجرمون ، وما الله بغافل عما يعملون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون(١) .

__________________

(١) واختلف في تاريخ وفاتها : فبعض ذكر أنها بقيت بعد والدهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة وسبعين يوما كما ذكره الكليني في الكافي والمفيد في الاختصاص. وبعض ذكر أنها بقيت أربعين يوما كما في روضة الواعظين ص ١٣٠ وكتاب السقيفة لسليم بن قيس الهلالي ص ٢٠٣. وبعض ذكر أنها توفيت في الثالث من جمادى الآخر سنة إحدى عشرة ، ذكره الكفعمي في المصباح والمجلسي في بحار الانوار ٤٣ / ٢١٥ ، رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام ، وهو الأصح.

روى الصدوق في الخصال ص ٣٦١ ، عن محمد بن عمير البغدادي ، عن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم ،

٦٩

__________________

عن عباد بن صهيب ، عن عيسى بن عبد الله العمري ، عن أبيه ، عن جده ، عن عليعليه‌السلام : خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون ، وبهم يمطرون ، وبهم ينصرون : أبو ذر وسلمان والمقداد وعمار وحذيفة وعبد الله بن مسعود. قال عليعليه‌السلام : وأنا إمامهم وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة.

روى المجلسي في بحار الانوار ٤٣ / ٢١٠ عن المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن القاسم بن محمد رازي ، عن علي بن محمد الرامهرمزي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليه‌السلام قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصت الى علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ، ولا يؤذن أحدا بمرضها. ففعل ذلك ، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استمرار ذلك كما وصت به.

فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين أن يتولى أمرها ، ويدفنها ليلا ويعفي قبرها. فتولى ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام . ودفنها ، وعفي موضع قبرها.

فلما نفض يده من تراب القبر ، هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال :

السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك ، والبائنة في الثرى ببقيعك. المختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قلّ يا رسول الله عن صفيتك صبري ، وضعف عن سيدة النساء تجلدي ، إلا أن في التأسي لي بسنّتك ، والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزي ، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي.

نعم وفي كتاب الله أنعم القبول. إنّا لله وإنا إليه راجعون. قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة واختلست الزهراء ، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله.

أما حزني فسرمد ، وأما ليلي فمسهد. لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم. كمد مقيّح ، وهم مهيّج سرعان ما فرق الله بيننا. وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتظاهر امتك علي ، وعلى هضمها حقها ، فاستخبرها الحال. فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم الله وهو خير الحاكمين.

سلام عليك يا رسول الله سلام مودع لا سئم ولا قال. فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن اقم فلا عن سوء ظني بما وعد الله الصابرين. الصبر أيمن وأجمل ، ولو لا غلبة المستولين علينا ، لجعلت المقام عند قبرك لزاما. والتلبث عنده معكوفا ، ولا عولت إعوال الثكلى على جليل الرزية. فبعين الله تدفن بنتك سرا ، ويهتضم حقها قهرا ، ويمنع إرثها جهرا ، ولم يطل العهد ولم يخلق منك الذكر ، فإلى الله يا رسول الله المشتكى. وفيك أجمل العزاء. فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته.

٧٠

__________________

المراثيففي الديوان المنسوب الى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، أنه أنشد بعد وفاة فاطمة عليها‌السلام .

ألا هل الى طول الحياة سبيل

وأنى وهذا الموت ليس يحول

وإني وإن أصبحت بالموت موقنا

فلي أمل من دون ذاك طويل

وللدهر ألوان تروح وتغتدي

وإن نفوسا بينهن تسيل

ومنزل حق لا معارج دونه

لكل امرئ منها إليه سبيل

قطعت بأيام التعزز ذكره

وكل عزيز ما هناك ذليل

أرى علل الدنيا عليّ كثيرة

وصاحبها حتى الممات عليل

وإني لمشتاق إلى من احبه

فهل لي إلى من قد هويت سبيل

وإني وإن شطت بي الدار نازحا

وقد مات قبلي بالفراق جميل

فقد قال في الأمثال في البين قائل

أضربه يوم الفراق رحيل

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وكل الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي فاطما بعد أحمد

دليل على أن لا يدوم خليل

وكيف هناك العيش من بعد فقدهم

لعمرك شيء ما إليه سبيل

سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي

ويظهر بعدي للخليل عديل

وليس خليلي بالملول ولا الذي

إذا غبت يرضاه سواي بديل

ولكن خليلي من يدوم وصاله

ويحفظ سرّي قلبه ودخيل

إذا انقطعت يوما من العيش مدّتي

فان بكاء الباكيات قليل

يريد الفتى أن لا يموت حبيبه

وليس الى ما يبتغيه سبيل

وليس جليلا رزء مال وفقده

ولكن رزء الأكرمين جليل

لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع

وفي القلب من حرّ الفراق غليل

وقال ابن قريعة :

يا من يسأل دائبا

عن كل معضلة سخيفة

لا تكشفن مغطئا

فلربما كشفت جيفة

ولربّ مستور بدا

كالطبل من تحت القطيفة

ان الجواب لحاضر

لكنني اخفيه خيفة

لو لا اعتذار رعية

الغي سياستها الخليفة

وسيوف أعداء بها

هاماتنا أبدا نقيفة

٧١

__________________

لنشرت من أسرار آل

محمد جملا طريفة

يغنيكم عما رواه

مالك وأبو حنيفة

وأريتكم أن الحسين

اصيب من يوم السقيفة

ولأيّ حال لحدت

في الليل فاطمة الشريفة

ولما حمت شيخيكم

عن وطئ حجرتها المنيفة

اوه لبنت محمد

ماتت بغصتها أسيفة

وقال الشيخ حسن الحلّي :

لا رعى الله قيلة وعراها

سخط موسى وحلّ منها عراها

أغضبت أحمدا بعزل امام

فيه كم آية جهارا تلاها

واجهته بما لهارون قدما

واجهت قومه ضلالا سفاها

أخرته وأمّرت شيخ تيم

سرّ كفرانها وقطب شقاها

خالفته على الضلال وحادت

عن أخي المصطفى منار هداها

أحدثت للورى أحاديث كذب

لا نبيّ ولا وصيّ رواها

أسخطت ربها فلا رضى الرحمن

عنها وخالفت نصّ طاها

فلكم قال وارثي ووصيي

حيدر وهو للورى مولاها

هو مني كمثل هارون وهو

الفلك للعالمين فيه نجاها

فاحفظوا لي وصيتي بابن عمي

انه للعلوم شمس سماها

أيها القوم إن بعدي كتاب الله

فيكم وعترتي لن تضاهى

إن من صدّ عنهما كبرياء

فله النار في غد يصلاها

فغدا منهم يقاسي كتاب الله

هجرا والآل فرط جفاها

حاربوا فاطما وقد فرض الله

على الخلق حبها وولاها

لقيت منهم خطوبا عظاما

لا يطيق الطود الأشمّ لقاها

كسر ضلع وغصب ارث ولطما

واهتضاما منه استطال عناها

اخرجوها من المدينة قهرا

مذ أطالت لفقد طه نعاها

وعلى هضمها تواطأت

الأنصار سرا وأظهرت بفضاها

عزلت بعلها عن الحلّ والعقد

عنادا وأمّرت ادعياها

غصباها تراثها ولظى الو

جد وفرط السقام قد أورثاها

دفعاها عنه عنادا وظلما

مزقا صكّها وما راعياها

٧٢

__________________

وادّعت نحلة لها من أبيها

سيد الأنبياء فلم ينحلاها

فانثنت والفضاء ضاق عليها

وشواظ الزفير حشو حشاها

وأتت دارها تجرّ رداها

والجوى كاد أن يريها رداها

فأتوا نحو دارها وأداروا الجز

ل كي يحرقوا عليها خباها

عصروها بالباب قسرا الى أن

كسروا ضلعها وهدوا قواها

ألجئوها الى الجدار فألقت

محسنا وهي تندب الطهر طاها

دخلوا الدار وهي حسرى فقادوا

بنجاد الحسام حامي حماها

برزت خلفهم تقوم وتكبو

وحشاها ذابت بنار شجاها

قال الشيخ محمد علي اليعقوبي :

ترك الصبا لك والصبابة

صب كفاه ما اصابه

الى قوله

ولقد يعزّ على رسول

الله ما جنت الصحابة

قد مات فانقلبوا على

الاعقاب لم يخشوا عقابه

منعوا البتولة أن تنوح

عليه أو تبكي مصابه

نعش النبي أمامهم

ووراءهم نبذوا كتابه

لم يحفظوا للمرتضى

رحم النبوة والقرابة

لو لم يكن خير الورى

بعد النبي لما استنابه

قد أطفئوا نور الهدى

مذ اضرموا بالنار بابه

أسد الإله فكيف قد

ولجت ذئاب القوم غابه

وعدوا على بنت الهدى

ضربا بحضرته المهابة

في أيّ حكم قد أباحوا

إرث فاطم واغتصابه

بيت النبوة بيتها

شادت يد الباري قبابه

أذن الاله برفعه

والقوم قد هتكوا حجابه

بأبي وديعة أحمد

جرعا سقاها الظلم صابه

عاشت معصبة الجبين

تئنّ من تلك العصابة

حتى قضت وعيونها

عبرى ومهجتها مذابه

وامضّ خطب في حشى الا

سلام قد أورى التهابه

بالليل واراها الوصيّ

وقبرها عفّى ترابه

٧٣

الحسنان عليهما السلام

[ ذكر ما جاء في فضل الحسن والحسين ]

[٩٩٤] عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، باسناده ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى الحسن والحسينعليهما‌السلام مقبلين إليه.

فقال : هذان سيد اشباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما.

[٩٩٥] الحسن بن عطية ، باسناده ، عن حذيفة اليماني(١) ، قال : سألتني أمي متى عهدك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم أكن رأيته قبل ذلك بأيام ، فأخبرتها. ثم قالت : امض إليه واسأله أن يستغفر لك ولي.

فأتيته ، فصلّيت معه صلاة المغرب ، ثم انفتل ، فقام فصلّى حتى صلّى العشاء الآخرة. ثم خرج ، فتبعته لأسأله ذلك ، فعرض له رجل ، فوقف معه طويلا ووقفت حتى انصرف عنه.

ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فاتبعته ، فأحسّ بوقع قدمي ، فانفتل.

فقال : من هذا؟

__________________

(١) وهو حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل قتل أبوه في احد خطأ ، شارك في فتح نهاوند وشوشتر ، ولاه عثمان على المدائن ، ولما قتل عثمان أقره أمير المؤمنين على ولايته ، توفي بعد خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام بأربعين يوما سنة ٣٦ ه‍ ودفن في المدائن بالعراق.

٧٤

فقلت : حذيفة.

فقال : ما تريد؟

فأخبرته بخبري.

قال : أرأيت الرجل الذي وقف معي؟

قلت : نعم.

قال : إنه ملك من الملائكة استأذن في زيارتي ، فاذن له ، ولم يكن هبط الى الأرض قبل هذه الساعة. فسلّم عليّ وبشرني : أن الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

قال : وأخبرته بما كان بيني وبين أمي.

فقال : غفر الله لك ولامك ، يا حذيفة.

[٩٩٦] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : بينا نحن نصلّي مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة العشاء إذ دخل الحسن والحسينعليهما‌السلام فجعلا إذا سجد يثبان على ظهره ، فاذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده أخذا رفيقا حتى يضعهما على الأرض. فاذا عاد الى السجود عادا حتى قضى صلاته. فانصرف(١) ، فجاءا إليه ، فأخذهما فقبّلهما ، ووضعهما على فخذيه.

قال أبو هريرة : فقمت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، ألا أذهب بهما.

قال : لا.

فبرقت برقة ، فقال لهما : الحقا بامكما. فلم يزالا في ضوئها حتى دخلا المنزل.

[٩٩٧] وبآخر ، عن البراء بن عازب(٢) ، قال : رأيت رسول الله صلّى الله

__________________

(١) هكذا في الاصل.

(٢) وهو أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي ، ولي أمارة الري بفارس ٢٤ ه‍ ، ثم سكن

٧٥

عليه وآله يحمل الحسن والحسينعليهما‌السلام وهو يقول : اللهمّ إني احبهما ، فاحبب من أحبهما(١) .

[ سيدا شباب أهل الجنة ]

[٩٩٨] وبآخر ، عن جابر بن عبد الله الانصاري ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.

[٩٩٩] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

[١٠٠٠] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني.

[ من أحبني فليحب هذين ]

[١٠٠١] وبآخر ، عن أبي ذررضي‌الله‌عنه ، أنه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما يصلّي بالناس ، وأقبل الحسن والحسينعليهما‌السلام ـ وهما غلامان ـ يثبان على ظهره إذا سجد ، وأقبل الناس ينحونهما عنه ، فلما انصرف قال : دعوهما بأبي وأمي هما ، من أحبني فليحبب هذين.

[١٠٠٢] وبآخر ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه سمع بكاء الحسن

__________________

الكوفة ، وتوفي ٧١ ه‍.

(١) وفي رواية اسامة : اللهمّ إني احبهما فأحبهما وأحب من يحبهما.

٧٦

عليه‌السلام (١) وهو صبي ، فقال لفاطمة صلوات الله عليها : ما للحسن ، ألم أقل لك أن بكاءه يؤذيني.

[١٠٠٣] وبآخر ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه كان يفرج ما بين رجلي الحسين(٢) ويقبّل ما بينهما(٣) .

[ كرم السبطين ]

[١٠٠٤] وبآخر ، عن الحسنعليه‌السلام ، أن رجلا لقيه ، فسأله.

فقال له : إن المسألة لا تصلح إلا في ثلاث : فقر مدقع ، أو غرم مفظع ، أو حمالة مثقلة(٤) .

فقال : يا ابن رسول الله ، ففي بعض ذلك أسأل.

فأمر له بمائة دينار.

[ ضبط الغريب ]

قوله : مدقع.

الدقاع : التراب المنثور على وجه الأرض. قال الشاعر :

وجرت بها الدقعاء هيف كأنها

تسحّ ترابا من حصاصات منخل(٥)

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٤٣ / ٢٩٥ : فسمع الحسين يبكي.

(٢) وفي تاريخ بغداد ٣ / ٢٠٩ : وهو يفحج بين فخذي الحسين.

(٣) وفي تاريخ بغداد أضاف : ويقول : لعن الله قاتلك.

قال جابر : فقلت : يا رسول الله ومن قاتله؟

قال : رجل من امتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي ، كأني بنفسه بين أطباق النيران يرسب تارة ويطفو اخرى وأن جوفه ليقول : عق عق.

(٤) وفي الخصال ص ١٣٥ : دم مفجع.

(٥) راجع لسان العرب : مادة ( دقع ).

٧٧

ويقال من ذلك : ادقع فلان ، فهو مدقع ، إذا التزق بالأرض فقرا. والداقع من الرجال : الذي يطلب مداق الكسر. ويقال للجوع الشديد : الديقوع.

وقوله : غرم مفظع.

المفظع من الأمر : الشديد المبرح. يقال منه : فظع الأمر ، يفظع فظاعة ، وأفظع افظاعا فهو مفظع وفظيع.

وقوله : حمالة مثقلة.

الحمالة : هاهنا الدية يحملها قوم عن قوم. وقد يطرحون الهاء منها فيقولون : حمال. قال الأعشى :

فرع تبع يهو في غصن المج

د كثير الندى عظيم الحمال(١)

ويرمي غزير الندى ...

هذا ، قول الخليل في الحمال : إنها الحمالة.

وأما أبو عمرو ابن العلى ، فقال : الحمال ـ هاهنا ـ جمع حمالة.

وأما أبو عبيدة ، فقال : الحمال : العقوبة والمكروه والنكال.

* * *

ثم أتى هذا الرجل الحسينعليه‌السلام ، فقال له مثل ذلك ، وقد علم ما أعطاه الحسنعليه‌السلام ، فأعطاه تسعة وتسعين دينارا. نقص دينارا ، مما أعطاه الحسنعليه‌السلام ، بعد أن قال مثل ما قاله الحسنعليه‌السلام .

ثم أتى عبد الله بن عمر ، فسأله ، فأعطاه تسعة دنانير ، ولم يقل له شيئا.

فقال له الرجل : ما منعك أن تنصح لي كما نصح لي هذان الغلامان؟

__________________

(١) رواه جمال الدين في لسان العرب ١١ / ١٨٠ هكذا :

فرع نبع يهتز في غصن المج

د عظيم الندى كثير الحمال

٧٨

فقال : وما قالا لك؟

فأخبره.

فقال له ابن عمر : وأين تعدلني بابني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فو الله لغرا بالعلم.

[ ضبط الغريب ]

غرا يقول : زقا. يقال من ذلك : يغر الطائر فرخه اذا زقه.

[ الحسنان يتصارعان ]

[١٠٠٥] أبو غسان ، باسناده ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظر الى الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وهما صبيان صغيران يصرعان ، فجعل يقول للحسن : إيها حسن!.

فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا رسول الله ، كأنه أحبهما إليك هو أكبرهما(١) تقول له : إيها.

قال : كلا ، ولكن هذا جبرائيلعليه‌السلام يقول : إيها حسين.

[ ضبط الغريب ]

فقوله : إيها : هى لفظة تقولها العرب تريد بها الاستزادة. قال حاتم :

إيها فدا لكم أمي وما ولدت

حاموا على مجدكم واكفو الذي اتكلا

[١٠٠٦] وبآخر ، أن الحسينعليه‌السلام جاء الى عمر ، فاستأذن عليه.

وكان عمر على شغل فلم يؤذن له ، فجلس. ثم جاء ابن عمر ، فاستأذن ، فلم يؤذن له ، فجلس.

__________________

(١) وفي مقتل الخوارزمي ص ١٠٥ : فقالت فاطمةعليها‌السلام : تستنهض الكبير على الصغير.

٧٩

فلما رأى ذلك الحسينعليه‌السلام ، انصرف. ثم أمر عمر بإدخال الحسينعليه‌السلام فخرج الآذن ، فلم يجده ، فعاد إليه ، فقال له : إنه لما لم يؤذن له أنصرف.

فأرسل إليه عمر ، فجاء فقال له : انصرفت بعد أن استأذنت ، يا ابن رسول الله؟

قال : لم يؤذن لي ، وجاء عبد الله ، فلم يؤذن له ، فعلمت أنه إذا لم يؤذن له أنه لا يؤذن لي.

فقال له عمر : وما أنت وعبد الله ، هل [ أنبت ](١) الشعر في الرأس إلا الله وأنتم(٢) . [ إذا جئت فلا تستأذن ](٣) .

[ نعم الراكبان ]

[١٠٠٧] وبآخر ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ بمجلس من مجالس الأنصار ، وقد حمل الحسن والحسينعليها‌السلام على عاتقيه ـ وهما صغيران ـ.

فقالوا : نعم المطية أنت لهما يا رسول الله.

قال : ونعم الراكبان هما(٤) .

[١٠٠٨] الامراثي ، باسناده ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه سمع

__________________

(١) هكذا صححناه من الصواعق ص ١٠٧ وفي الاصل : أنت.

(٢) وفي الصواعق : بعد الله إلا أنتم.

(٣) ما بين المعقوفتين من مقتل الخوارزمي ص ١٤٥.

(٤) وفي هذا يقول الحميري ره :

أتى حسنا والحسين الرسول

وقد برزوا ضحوة يلعبان

وضمّهما وتفدّاهما

وكانا لديه بذاك المكان

وطأطأ تحتهما عاتقيه

فنعم المطيّة والراكبان

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597