مرآة العقول الجزء ٢

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 462

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
المحقق: السيد هاشم الرسولي
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 462
المشاهدات: 65429
تحميل: 5213


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 462 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65429 / تحميل: 5213
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

بِسمِ اللهِ الرَّحَمنِ الرَّحيِم

و به نستعين

كلمة المصحح

الحمد لله ربّ العالمين و صلي الله على رسوله محمّد و آله الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين.

و بعد : فممّا منّ الله علىّ – بلطفه – أن وفّقني لتصحيح هذا الاثر القسّيم الذي هو من أحسن الشروح علي كتاب الكافي تأليف ثقة الاسلام محمّد بن يعقوب الكليني رضوان الله تعالى عليه.

و قد طبع الكتاب للمرة الاولى في سنه ١٣٢١ على الطبع الحجرى بايران في أربع مجلّدات و هذه هي الطبعة الثانية الّتي نهضت بمشروعه مكتب وليّ العصرعليه‌السلام و قام بطبعه و نشره مدير دار الكتب الاسلامية الشيخ محمّد الاخوندي و قد راجعت في تصحيحه و مقابلته و تحقيقه – مضافاً إلي كتب كثيرة من التفسير و الحديث و التاريخ واللغة و غيرها – إلى عدّة نسخ من الكتاب -.

منها – نسخة مخطوطة مصحّحة نفيسة – من أوّل الكتاب إلى آخر كتاب التوحيد – و أكثرها بخطّ الشارح (ره) و هي نسخة التي أهداها الخطيب البارع الشيخ محمّد رضا الملقّب بحسام الواعظين إلى مكتبة مولانا الامام عليّ بن موسى الرّضا عليه آلاف التّحيّه و الثنا في سنة ١٣٦٩ ق ، و هي نسخة ثمنية جدّاً و ترى أنموذجاً من صورتها الفتو غرافية في الصفات الآتية.

٥

و منها – نسخة مخطوطة – مصححّة من هذه المكتبة الشريفة أيضاً – من أول الكتاب إلي آخر كتاب التوحيد – كلّها بخط العالم الجليل السيد بهاء الدين محمّد الحسيني النائيني رحمه الله تعالى ، من معاصرى الشارح قدس سره الشريف ، وممن كتب له إجازة الحديث و الرواية بخطّه، و صورة الاجازة موجودة في ظهر النسخة

و منها – نسخة مخطوطة جيّدة لمكتبة العلامة النسابة آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله ، من ابتداء الكتاب إلى آخر كتاب الحجة.

و الحمدلله اولا و آخراً – و انا العبد : السيد هاشم الرسولى المحلاتى

٦

٧

٨

حمداً خالداً لوليّ النعم حيث أسعدنى بالقيام بنشر

هذا السفر القيم في الملأ الثقافي الدينى بهذه الصورة الرائعة.

و لروّاد الفضيلة الذين و ازرونافي انجاز هذا المشروع المقدّس

شكر متواصل.

الشيخ محمد الاخوندى

٩

بسم الله الرحمن الرحيم

( باب النهي عن الجسم والصورة )

١ ـ أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عليّ بن أبي حمزة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أنّ الله جسم صمدي نوريٌّ معرفته ضرورة يمنّ بها على من يشاء من خلقه فقالعليه‌السلام سبحان من لا يعلم أحدٌ كيف هو إلّا هو ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، لا يحدُّ

________________________________________________________

باب النهي عن الجسم والصورة

الحديث الأول: موثقّ.

قوله: معرفته ضرورة: أي تقذف في القلب من غير اكتساب أو تحصْل بالرؤية تعالى الله عن ذلك، وقد يؤول كلامه بأنّ مراده بالجسم الحقيقة العينية القائمة بذاتها لا بغيرها وبالصمديّ ما لا يكون خالياً في ذاته عن شيء فيستعدّ أن يدخل هو فيه، أو مشتملاً على شيء يصحّ عليه خروجه عنه، وبالنْوريّ ما يكون صافياً عن ظلم الموادّ وقابلياتها، بل عن المهيّة المغايرة للوجود وقابليْتها.

قيل: ولـمّا كان السائل فهم من هذا الكلام ما هو الظّاهر ولم يحمله على ما ذكر، أجابعليه‌السلام لا بتخطئة إطلاق الجسم بل بنفي ما فهّمه عنه سبحانه، فقال: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلّا هو، أي ليس لأحد أن يصفه بصفة يعرفها من صفات ذاته الفانية وصفات أشباهه من الممكنات، فإنّه لا يكون معرفة شيء منها معرفة « ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير » أي لا بآلة وقوة وهو « لا يحدّ » وكلّ جسم محدود متناه « ولا يجسّ » أي لا يمسّ وكلّ جسم يصحّ عليه أن يمسّ و « لا تدركه الأبصار » أي الأوهام، ولا الحواسّ الظّاهرة والجسم يدرك بالحواس الباطنة والظّاهرة ولا

١٠

ولا يحسُّ ولا يجسُّو لا تدركه [ الأبصار ولا ] الحواسّ ولا يحيط به شيء ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد.

٢ ـ محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمّد قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام أسأله عن الجسم والصورة فكتب سبحان من ليس كمثله شيء لا جسم ولا صورة ورواه محمّد بن أبي عبد الله إلّا أنّه لم يسمّ الرَّجل.

٣ ـ محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمّد بن زيد قال جئت إلى الرّضاعليه‌السلام أسأله عن التوحيد فأملى عليَّ الحمد لله فاطر الأشياء إنشاء ومبتدعها ابتداعاً بقدرته وحكمته لا من شيء فيبطل الاختراع ولا لعلّة فلا يصحُّ الابتداع خلق ما شاء كيف شاء متوحّداً بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيّته لا تضبطه العقول ولا تبلغه الأوهام و لا تدركه الأبصار ولا يحيط به مقدار عجزت دونه العبارة وكلّت دونه الأبصار وضلّ فيه تصاريف الصفات احتجب بغير حجاب محجوب واستتر بغير ستر مستور عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة ونعت بغير جسم ؛ لا إله إلّا الله الكبير المتعال.

________________________________________________________

يحيط به شيء إحاطة عقلية أووهميّة أو حسيّة « ولا جسم » لأنّ معناه حقيقة مقتدّر محدود « ولا صورة ولا تخطيط » أي تشكّل كيف، والصّورة والتشكّل لا ينفكّ عن التحديد ولا تحديد.

الحديث الثاني: ضعيف وآخره مرسل ومحمّد بن أبي عبد الله هو محمّد بن جعفر ابن عون.

قوله: لم يسمّ الرّجل أي الرّاوي.

الحديث الثالث: ضعيف.

قوله: بقدرته وحكمته، متعلّق بالابتداع أو به وبالفطر والإنشاء وقد مرّ شرح تلك الفقرات في شرح خطبة الكتاب.

١١

٤ - محمّد بن أبي عبد الله عمّن ذكره، عن عليّ بن العبّاس، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن حكيم قال وصفت لأبي إبراهيمعليه‌السلام قول هشام بن سالم الجواليقيّ وحكيت له قول هشام بن الحكم إنّه جسم فقال إنْ الله تعالى لا يشبهه شيء أيُّ فحش أو خنا أعظم من قول من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو بتحديد وأعضاء تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

٥ - عليُّ بن محمّد رفعه، عن محمّد بن الفرج الرُّخجيّ قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة فكتب دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ليس القول ما قال الهشامان.

________________________________________________________

الحديث الرابع: مرسل والجواليقي بائع الجواليق وهو جمع جولق معرّب جوال، والخنى: الفحش والفساد.

قوله: أو بخلقة، أي مخلوقية أو بأعضاءِ كأعضاء المخلوقين.

الحديث الخامس: مرفوع ولا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين، وقد بالغ السيّد المرتضى قدّس الله روحه في براءة ساحتهما عمّا نسب إليهما في كتاب الشافّي مستدلاً عليها بدلائل شافية، ولعلّ المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة كما نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدّثين، أو لعدم فهم كلامهما، فقد قيل أهما قالا بجسم لا كالأجسام، وبصورة لا كالصّور فلعلّ مرادهم بالجسم الحقيقة القائمة بالذّات، وبالصورة المهيّة وإن أخطئا في إطلاق هذين اللّفظين عليه تعالى.

قال المحقّق الدّواني: المشبّهة منهم من قال: أنّه جسم حقيقة ثمّ افترقوا فقال بعضهم: انّه مركّب من لحم ودم، وقال بعضهم: هو نور متلألؤ كالسبيكة البيضاء، طوله سبعة أشبار بشبر نفسه، ومنهم من قال: أنه على صورة إنسان، فمنهم من يقول: أنّه شابّ إمرد جعد قطط، ومنهم من قال: إنه شيخ أشمط الرّأس واللّحية، ومنهم من قال: هو من جهة الفوق مماسّ للصفحة العليا من العرش، ويجوز عليه الحركة

١٢

________________________________________________________

والإنتقال، وتبدّل الجهات، وتأطّ العرش تحته أطيط الرّحل الجديد تحت الراكب الثقيل، وهو يفصل عن العرش بقدر أربع أصابع، ومنهم من قال: هو محاذ للعرش غير مماسّ له وبعده عنه بمسافة متناهية، وقيل: بمسافة غير متناهية، ولم يستنكف هذا القائل عن جعل غير المتناهي محصوراً بين حاصرين، ومنهم من تستّر بالبلكفة(١) فقال: هو جسم لا كالأجسام وله حيّز لا كالأحياز، ونسبته إلى حيّزه ليس كنسبة الأجسام إلى أحيازها، وهكذا ينفي جميع خواصّ الجسم عنه حتّى لا يبقى إلا إسم الجسم وهؤلاء لا يكفرون بخلاف المصرّحين بالجسميّة « انتهى ».

قال الشهرستاني: حكى الكعبي عن هشام بن الحكم انّه قال: هو جسم ذو أبعاض له قدر من الأقدار، ولكن لا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا تشبهه، ونقل عنه أنّه قال: هو سبعة أشبار بشبر نفسه، وأنّه في مكان مخصوص، وجهة مخصوصة وأنه يتحرّك وحركته فعله، وليست من مكان إلى مكان، وقال: هو متناه بالذّات غير متناه بالقدر، وحكي عنه أبو عيسى الورّاق انّه قال: أنّ الله تعالى مماسّ لعرشه لا يفضل عنه شيء من العرش، ولا يفصل عنه شيء، وقال هشام بن سالم: أنّه تعالى على صورة إنسان أعلاه مجوّف وأسفله مصمت، وهو نور ساطع يتلألأ، وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وإذن، وعين، وفمّ، وله وفرة سوداء، هو نور أسود لكنّه ليس بلحم ولا دم، ثمّ قال: وغلا هشام بن الحكم في حق عليّعليه‌السلام ، حتّى قال: أنّه إله واجب الطّاعة، وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإن الرّجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه وذلك أنه ألزم العلّاف، فقال: إنّك تقول إنّ الباري تعالى عالم بعلم، وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنّه عالم بعلم ويباينها في أنّ علمه ذاته فيكون عالماً لا كالعالمين، فلم لا تقول هو جسم لا كالأجسام، وصورة لا كالصّور، وأنّه قدرة لا كالأقدار إلى غير ذلك.

__________________

(١) نسخة « بالبفكة » ولم أقف على معنى لها - على اختلاف النسخ - في كتب اللّغة.

١٣

٦ - محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمّد بن زياد قال سمعت يونس بن ظبيان يقول دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلت له إن هشام بن الحكم يقول قولاً عظيماً إلّا أنّي أختصر لك منه أحرفاً فزعم أنّ الله جسم لأنّ

________________________________________________________

أقول: فظهر أنّ نسبة هذين القولين إليهما إمّا لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم لبيان سفاهة آرائهم، أو أنّهم لـمّا ألزموهم في الإحتجاج أشياء إسكاتاً لهم، نسبوها إليهم، والأئمةعليهم‌السلام لم ينفوها عنهم إبقاءاً عليهم، أو لمصالح أخر، ويمكن أن يحمل هذا الخبر على أنّ المراد: ليس القول الحقّ ما قال الهشامان بزعمك أو ليس هذا القول الذي تقول، ما قال الهشامان بل قولهما مباين لذلك، ويحتمل أن يكون هذان مذهبهما قبل الرّجوع إلى الأئمةعليهم‌السلام ، والأخذ بقولهم، فقد قيل: انّ هشام بن الحكم قبل أن يلقي الصادقعليه‌السلام كان على رأي جهم بن صفوان، فلـمّا تبعهعليه‌السلام تاب ورجع إلى الحق، ويؤيده ما ذكره الكراجكي في كنز الفوائد من الردّ على القائلين بالجسم بمعنييه، حيث قال: وأمّا موالاتنا هشاماً (ره) فهي لـمّا شاع عنه واستفاض من تركه للقول بالجسم الذي كان ينصره، ورجوعه عنه وإقراره بخطائه فيه وتوبته منه، وذلك حين قصد الإمام جعفر بن محمّدعليهما‌السلام إلى المدينة فحجبه وقيل له:انّه أمرنا أن لا نوصلك إليه ما دمت قائلاً بالجسم، فقال: والله ما قلت به إلّا لأنّي ظننت أنّه وفاق لقول إماميعليه‌السلام ، فأمّا إذا أنكره عليّ فإنّني تائب إلى الله منه فأوصله الإمامعليه‌السلام إليه، ودعا له بخير، وحفظ عن الصّادقعليه‌السلام أنّه قال لهشام: انّ الله تعالى لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء، وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه، وروي عنه أيضا أنه قال: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلّا هو، ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير لا يحدّ ولا يحسّ ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به شيء، ولا هو جسم ولا صورة ولا بذي تخطيط ولا تحديد.

الحديث السادس: ضعيف.

١٤

الأشياء شيئان جسم وفعل الجسم فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ويجوز

________________________________________________________

قوله: جسم وفعل الجسم، هذا الكلام يحتمل وجهين « الأول » أن يكون مبنيّاً على ما يذهب إليه وهم أكثر الناس من أنّ الموجود منحصر في المحسوس وما في حكمه وكل ما لا وضع له ولا إشارة حسيّة إليه، فعندهم فرض وجوده مستحيل، فالشيء عندهم إما جسم وإمّا عرض قائم بالجسم وهو المراد بفعل الجسم لأنّه تابع له في الوجود.

الثاني: أن يكون أراد بالجسم الحقيقة القائمة بذاتها المغايرة للأفعال من غير اعتبار التقدّر والتحدّد كما مرّت الإشارة إليه، فالمراد بقولهعليه‌السلام : أما علم انّ الجسم محدود، أنّه مخطئ في إطلاق الجسم على كلّ حقيقة قائمة بالذّات، وعلى التقديرين قوله: فإذا احتمل، استدلال على نفي جسميّته سبحانه بأنّه لو كان جسماً لكان محدوداً بحدود متناهياً إليها لاستحالة لا تناهي الأبعاد وكلُّ محتمل للحدّ قابل للانقسام بأجزاءِ متشاركة في الاسم والحدّ، فله حقيقة كليّة غير متشخّصة بذاتها ولا موجودة بذاتها أو هو مركّب من أجزاء، حال كلّ واحد منها ما ذكر فيكون مخلوقاً أو بأنّ كلّ جسم متناه، وإذا كان متناهياً كان محدوداً بحدّ واحد معيّن أو حدود معيّنة فيكون مشكلاً، فذلك الحد المعيّن والشكل المخصوص إمّا أن يكون من جهة طبيعة الجسمية بما هي جسمية، أو لأجل شيء آخر، والأوّل باطل، وإلّا لزم كون جميع الأقسام محدودة بحدّ واحد وشكل واحد، لاشتراكها في معنى الجسميّة بل يلزم أن يكون مقدار الجزءِ والكلّ وشكلهما واحد، فيلزم أن لا جزء ولا كلّ ولا تعدّد في الأجسام وهو محال، والثاني أيضاً باطل، لأنّ ذلك الشيء إمّا جسم أو جسماني أو مفارق عنهما، والكلّ محال، لأنّه إن كان جسماً آخر فيعود المحذور ويلزم التسلسل وإن كان جسمانيا فيلزم الدور إذ وجوده لكونه جسمانياً يتوقف على تحدد ذلك الجسم، لأنّ الجسم ما لم يتحدّد لم يوجد، وإذا كان وجود ذلك الجسم وتحدده متوقفين عليه كان وجوده متوقّفاً على ما يتوقف عليه وجوده، فيتوقّف وجود ذلك الشيء على وجوده، وكان تحدد الجسم متوقّفاً على ما يتوقف على تحدّد، فيتوقّف

١٥

أن يكون بمعنى الفاعل ؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ويحه أما علم أنّ الجسم محدودٌ متناه والصورة محدودة متناهية فإذا احتمل الحدّ احتمل الزّيادة والنقصان وإذا احتمل الزيّادة والنقصان كان مخلوقاً قال قلت فما أقول قال لا جسم ولا صورة وهو مجسّم الأجسام ومصوّر الصور لم يتجزّء ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق فرّق ولا بين المنشئ والمنشإ لكن هو المنشئ فرّق بين من جسّمه وصورّه وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئاً.

٧ - محمّد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن العبّاس، عن الحسن بن عبد الرحمن الحمّانيّ قال قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام إنّ هشام

________________________________________________________

تحدّد ذلك الجسم على تحدّده، فيلزم تقدّم الشيء على نفسه وهذا محال، وإن كان أمراً خارجاً عن الأجسام والجسمانيّات فيلزم كون الجسم المفروض إلهاً مفتقراً في وجوده إلى أمرّ مفارق لعالم الأجسام، فيكون هو إلّا له لا الجسم، وقد فرض الجسم إلهاً وهذا خلف، على أنّه عين المطلوب، وهو نفي كونه جسماً ولا صورة في جسم.

ثم استدلّعليه‌السلام بوجه آخر وهو ما يحكم به الوجدان: من كون الموجد أعلى شأناً وأرفع قدراً من الموجد، وعدم المشابهة والمشاركة بينهما، وإلّا فكيف يحتاج أحدهما إلى العلّة دون الآخر، وكيف صار هذا موجداً لهذا بدون العكس، ويحتمل أن يكون المراد عدم المشاركة والمشابهة فيما يوجب الاحتياج إلى العلّة فيحتاج إلى علة أخرى.

قوله: فرق، بصيغة المصدر أي الفرق حاصل بينه وبين من صورّه، ويمكن أن يقرأ على الماضي المعلوم، أي فرق بين من جسّمه وصوّره، وبين من لم يجسمه ولم يصوره، أو بين كل ممن جسّمه وغيره من المجسّمات، وقوله: إذ كان لا يشبهه شيء أي من غير مشابهة شيء له، أو مشابهته لشيء أو المراد أنّه لـمّا لم يكن بينه وبين الأشياء المفرقة مشابهة صحّ كونه فارقاً بينها.

الحديث السابع: ضعيف.

١٦

ابن الحكم زعم أنّ اللهجسم ليس كمثله شيء عالم سميع بصير قادر متكلّم ناطق والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحد ليس شيء منها مخلوقاً فقال قاتله الله أما علم أن الجسم محدود والكلام غير المتكلّم معاذ الله وأبرأ إلى الله من هذا القول لا جسم ولا صورة ولا تحديد وكل شيء سواه مخلوقٌ إنّما تكون الأشياء بإرادته ومشيئته من غير كلام ولا تردد في نفس ولا نطق بلسان.

٨ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن حكيم قال:

________________________________________________________

قوله: ليس كمثله شيء، يومئ إلى أنّه لم يقل بالجسميّة الحقيقيّة، بل أخطأ في إطلاق لفظ الجسم عليه تعالى، ونفي عنه صفات الأجسام كلّها، ويحتمل أن يكون مراده أنه لا يشبهه شيء من الأجسام، بل هو نوع مباين لسائر أنواع الأجسام فعلى الأوّل نفيعليه‌السلام إطلاق هذا اللفظ عليه تعالى، بأنّ الجسم إنّما يطلق على الحقيقة الّتي يلزمهما التقدّر والتحدّد فكيف يطلق عليه تعالى.

وقوله: يجري مجرى واحد، إشارة إلى عينيّة الصفّات وكون الذّات قائمة مقامها، فنفىعليه‌السلام كون الكلام كذلك ولم ينفه من سائر الصفات، ثمّ نبّه على بطلان ما يوهم كلامه من كون الكلام من أسباب وجود الأشياء، فلفظة « كُنْ » في الآية الكريمة كناية عن تسخيره للأشياء، وانقيادها له من غير توقف على التكلّم بها، كما قال سيّد السّاجدينعليه‌السلام : « فهي بمشّيتك دون قولك مؤتمرة، وبإرادتك دون نهيك منزجرة » على أقرب الاحتمالين، ثمّ نفيعليه‌السلام كون الإرادة على نحو إرادة المخلوقين من خطور بال أو تردّد في نفس، ويحتمل أن يكون المقصود بما نسب إلى هشام: كون الصّفات كلّها مع زيادتها مشتركة في عدم الحدوث والمخلوقيّة فنفاهعليه‌السلام بإثبات المغايرة أوّلا، ثمّ بيان انّ كل ما سواه مخلوق، والأوّل أظهر، وقوله: تكون يمكن أن يقرأ على المعلوم من المجرّد أو المجهول من بناء التفعيل.

الحديث الثامن: مجهول.

١٧

وصفت لأبي الحسنعليه‌السلام قول هشام الجواليقيّ وما يقول في الشابّ الموفّق ووصفت له قول هشام بن الحكم فقال إنّ الله لا يشبهه شيء.

باب صفات الذات

١ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لم يزل الله عزّ وجلّ ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور فلـمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على

________________________________________________________

باب صفات الذات

الحديث الأول: مجهول.

قوله: وقع العلم منه على المعلوم، أي وقع على ما كان معلوماً في الأزل وانطبق عليه، وتحقّق مصداقه، وليس المقصود تعلّقه به تعلقاً لم يكن قبل الإيجاد أو المراد بوقوع العلم على المعلوم العلم به على أنّه حاضر موجود، وكان قد تعلق العلم به قبل ذلك على وجه الغيبة، وأنّه سيوجد والتغيّر يرجع إلى المعلوم لا إلى العلم وتحقيق المقام: أن علمه تعالى بأن شيئاً وجد هو عين العلم الذي كان له تعالى بأنه سيوجد، فإنّ العلم بالقضيّة إنّما يتغيّر بتغيرها، وهو إما بتغير موضوعها أو محمولها، والمعلوم هيهنا هي القضيّة القائلة بأن زيداً موجود في الوقت الفلاني، ولا يخفى أن زيداً لا لا يتغيّر معناه بحضوره وغيبته، نعم يمكن أن يشار إليه إشارة خاصة بالموجود حين وجوده ولا يمكن في غيره، وتفاوت الإشارة إلى الموضوع لا يؤثر في تفاوت العلم بالقضية، ونفس تفاوت الإشارة راجع إلى تغير المعلوم لا العلم.

وأمّا الحكماء فذهب محققوهم إلى أنّ الزمان والزمّانيات كلّها حاضرة عنده تعالى، لخروجه عن الزّمان كالخيط الممتدّ من غير غيبة لبعضها دون بعض، وعلى هذا فلا إشكال لكن فيه إشكالات لا يسع المقام إيرادها.

١٨

المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور قال قلت فلم يزل الله متحرّكاً قال فقال تعالى الله عن ذلك إنّ الحركة صفة محدثة بالفعل قال قلت فلم يزل الله متكلـمّاً قال فقال إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزليّة كان الله عزّ وجل ولا متكلّم.

٢ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول كان الله عزّ وجلّ ولا شيء غيره ولم يزل عالـماً بما يكون فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه.

٣ - محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن الكاهليّ

________________________________________________________

ثمّ اعلم أن صفاته سبحانه على ثلاثة أقسام منها سلبيّة محضة كالقدوسيّة والفرديّة ومنها إضافيّة محضة كالمبدئيّة والخالقيّة والرازقيّة، ومنها حقيقيّة سواء كانت ذات إضافة كالعالميّة والقادريّة أو لا، كالحياة والبقاء، ولا شكّ أنّ السّلوب والإضافات زايدة على الذات، وزيادتها لا توجب انفعالاً ولا تكثّراً، وقيل: انّ السّلوب كلّها راجعة إلى سلب الإمكان، والإضافات راجعة إلى الـموجديّة، وأمّا الصفات الحقيقيّة فالحكماء والإماميّة على أنها غير زايدة على ذاته تعالى، وليس عينيتها وعدم زيادتها بمعنى نفي أضدادها عنه تعالى، حتّى يكون علمه سبحانه عبارة عن نفي الجهل ليلزم التّعطيل، فقيل: معنى كونه عالـماً وقادراً أنّه يترتّب على مجرّد ذاته ما يترتّب على الذّات والصفة، بأن ينوب ذاته مناب تلك الصّفات، والأكثر على أنّه تصدق تلك الصّفات على الذّات الأقدس، فذاته وجود وعلم وقدرة وحياة وسمع وبصر، وهو أيضاً موجود عالم قادر حيّ سميع بصير، ولا يلزم في صدق المشتقّ قيام المبدء به، فلو فرضنا بياضاً قائماً بنفسه لصدق عليه أنّه أبيض.

الحديث الثاني: صحيح.

الحديث الثالث: حسن.

١٩

قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام في دعاء الحمد لله منتهى علمه فكتب إليّ لا تقولنّ منتهى علمه فليس لعلمه منتهى ولكن قل منتهى رضاه.

٤ - محمّد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عيسى، عن أيّوب بن نوح أنّه كتب إلى أبي الحسنعليه‌السلام يسأله عن الله عزّ وجلّ أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوَّنها أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عند ما خلق وما كوّن عند ما كوّن فوقّع بخطّه لم يزل الله عالـماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء.

٥ - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد بن حمزة قال كتبت إلى الرَّجلعليه‌السلام أسأله أنَّ مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم لم يزل الله عالـماً قبل فعل الأشياء وقال بعضهم لا نقول لم يزل الله عالـماً لأن معنى يعلم يفعل

________________________________________________________

قوله فليس لعلمه: أي لمعلوماته عدد متناه، فلا يكون لعلمه عدد ينتهي إلى حدّ أو ليس لعلمه بحمده نهاية بانتهاء حمده إلى حدّ لا يتصور فوقه حمد، ولكن للرضاء نهاية بالمعنيين، فانّ لرضاه بحمد العبد منتهى عدداً أو لرضاه بحمد العبد حدّاً لا يتجاوزه.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس: ضعيف.

قوله: لأنّ معنى يعلم يفعل، أي يفعل العلم ويوجده، على أنّ العلم إدراك والإدراك فعل، وقال بعض المحققّين: هذا الكلام يحتمل وجهين:

أحدهما أنّ تعلّق علمه بشيء يوجب وجود ذلك الشيء وتحقّقه، فلو كان لم يزل عالـماً كان لم يزل فاعلاً فكان معه شيء في الأزل في مرتبة علمه أعني ذاته، أو غير مسبوق بعدم زمانيّ، وهذا على تقدير كون علمه فعليّاً.

وثانيهما أنّ تعلق العلم بشىء يستدعي انكشاف ذلك الشىء واكشاف الشىء يستدعي نحو حصول له، وكلّ حصول ووجود لغيره سبحانه مستند إليه سبحانه فيكون

٢٠