• البداية
  • السابق
  • 342 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11477 / تحميل: 4951
الحجم الحجم الحجم
ايضاح ترددات الشرائع

ايضاح ترددات الشرائع الجزء 1

مؤلف:
العربية

الصادقعليه‌السلام أنه قال في محرم ذبح طيرا : ان عليه دم شاة يهريقه(١) .

والاقوى عندي العمل بالرواية ، وقول المصنف وهو تحكم ليس بجيد ، لوجود النص الدال عليه.

قالرحمه‌الله : لو قتل صيدا معيبا فداه بصحيح ، ولو فداه بمثله جاز.

اقول : ظاهر كلام أبي علي وجوب الافتداء بالصحيح ، وليس بجيد.

لنا ـ الآية. أحتج بأنه أحوط ، وهو معارض بالآية والاصالة.

قالرحمه‌الله : قتل الصيد موجب لفديته ، فان أكله لزمه فداء آخر. وقيل يفدي ويضمن قيمة ما أكل ، وهو الوجه.

اقول : القول الاول ذكره الشيخ في النهاية(٢) والمبسوط(٣) ، عملا برواية علي بن جعفر عن أخيه موسىعليه‌السلام (٤) . وفي معناها رواية عن الصادقعليه‌السلام (٥) .

والقول الثاني ذهب إليه الشيخ في الخلاف(٦) ، ونقله المتأخر عن بعض الاصحاب ، وهو الوجه عند المصنف ، عملا بأصالة البراءة. وتحمل الروايتان(٧) على الاستحباب ، جمعا بين الادلة أو على بلوغ قيمة المأكول شاة.

قالرحمه‌الله : ولو جرح الصيد ، ثم رآه سويا ، ضمن أرشه. وقيل : ربع القيمة.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٤٦ ، ح ١١٤.

(٢) النهاية ص ٢٢٦.

(٣) المبسوط ١ / ٣٤٤.

(٤) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٥١ ، ح ١٣٤.

(٥) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٥٢ ، ح ١٣٨.

(٦) الخلاف ١ / ٤٨٤ ، مسألة ٢٧٤.

(٧) فى هامش « س » عن نسخة : الروايات.

٢٢١

أقول : القول الاول ظاهر كلام الشيخ قدس الله روحه ، وهو الاولى(١) . ومنعه أبو الصلاح ، وهو اختيار أبي علي ، والثاني ذهب إليه الشيخرحمه‌الله ، وتبعه ابن البراج والمتأخر.

واعلم أن الروايات الدالة على ربع الفداء انما وردت في كسر رجل الصيد أو يده بشرط رؤيته سويا ، فالشيخرحمه‌الله سوى بين الكسر والجرح وهو بعيد.

قالرحمه‌الله : وروي في كسر قرني الغزال نصف قيمته ، وفي كل واحد ربع القيمة ، وفي عينيه كمال قيمته ، وفي كسر احدى يديه نصف قيمته. وكذا في كسر احدى رجليه ، وفي الرواية ضعف.

اقول : هذه الرواية رواها سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام (٢) . وسماعة واقفي ، فلذلك كانت الرواية ضعيفة ، والشيخرحمه‌الله عمل بها ، والاقرب وجوب الارش ، وهو ظاهر كلام الشيخ المفيد قدس الله روحه وعلي بن بابويه وسلار.

قالرحمه‌الله : ولا كذا لو صاده. الهاء راجعة الى المحرم.

قالرحمه‌الله : من أغلق على حمام من حمام الحرم و[ له ] فراخ وبيض ، ضمن بالاغلاق. فان زال السبب وأرسلها سليمة سقط الضمان ، ولو هلكت ضمن الحمامة بشاة ، والفرخ بحمل ، والبيضة بدرهم ان كان محرما ، وان كان محلا ، ففي الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف ، وفي البيضة ربع.

وقيل : يستقر الضمان بنفس الاغلاق ، لظاهر الرواية ، والاول أشبه.

أقول : القول الاول هو المشهور بين الاصحاب ، وهو الحق.

لنا ـ أصل البراءة ، ترك العمل به في صورة التلف ، فيبقى معمولا به فيما عداه.

__________________

(١) فى « س » : الاقوى.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٨٧ ، ح ٢٦٧.

٢٢٢

والقول الثاني منقول عن بعض الاصحاب ، وربما كان مستنده ظاهر الروايات فانها وردت مشتملة على ايجاب الجزاء مطلقة غير مقيدة ، وهي محمولة على التلف لاستبعاد ايجاب جزاء الاتلاف في الاغلاق مع السلامة.

نعم لو أغلق ولم يعلم حاله بعد الاغلاق ، وجب الفداء كملا ، كما لو رمى الصيد وأصابه ولم يعلم أثر فيه أم لا ، لانه فعل مظنة الاتلاف.

قالرحمه‌الله : قيل : اذا نفر حمام الحرم ، فان عاد فعليه شاة واحدة ، وان لم يعد فعن كل حمامة شاة.

اقول : قال الشيخرحمه‌الله في التهذيب : هذا القول ذكره علي بن الحسين ابن بابويهرحمه‌الله في رسالته ، ولم أجد حديثا مسندا(١) .

ولذلك قال المصنفرحمه‌الله « قيل » لكن أكثر الاصحاب أفتوا به.

وقال أبو علي : من نفر طيور الحرم كان عليه عن كل طير ربع قيمته.

قال شيخنا في مسائل خلافه : والظاهر أن مقصوده مع الرجوع ، اذ مع عدمه يكون كالمتلف ، فيجب عليه لكل واحدة شاة.

فرعان :

الاول : لو عاد بعض حمام الحرم ولم يعد البعض الاخر ، وجب عن العائد شاة واحدة ، وعن غير العائد لكل واحد شاة ، لان الحمام اسم جنس يصدق على البعض الذي في الحرم وعلى الجميع.

الثاني : لو لم يكن في الحرم الا حمامة واحدة ، فنفرها ثم رجعت لم يكن عليه شي‌ء ، والاحوط التصدق بشي‌ء.

ولو لم يعد فاشكال ، ينشأ : من أن الحمام اسم جنس ، فيصدق عليه أنه نفر

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٥٠ ، ح ١٣٠.

٢٢٣

حمام الحرم ، فتجب الشاة.

ومن أن المتبادر الى الذهن عرفا عند اطلاق هذه اللفظة انما هو ما زاد على الواحدة من(١) هذا الجنس ، اذ لا يقال قد أكل تمرا لمن أكل تمرة واحدة ، فلا يجب شي‌ء مع تنفر الواحدة. لعدم صدق هذا الاسم عليه ، وهو أولى.

قالرحمه‌الله : اذا رمى اثنان صيدا ـ الى آخره.

أقول : قد نازع المتأخر في هذه المسألة ولم يوجب على المخطئ شيئا الا أن يدل على الصيد فيقتل ، فيجب الفداء لاجل الدلالة لا للرماية.

وليس بجيد. أما أولا ، فلدلالة الروايتين المرويتين عن الباقر والصادقعليهما‌السلام (٢) . وأما ثانيا ، فلان اعانة الرامي أعظم من اعانة الدال ، واذا كانت هذه موجبة للفداء كانت تلك موجبة له بطريق الاولى ، وهو قد سلم وجوب الفداء على الدال.

قالرحمه‌الله : يحرم من الصيد على المحل في الحرم ما يحرم على المحرم في الحل ، فمن قتل صيدا في الحرم كان عليه فداؤه.

أقول : هذه العبارة أوردها الشيخرحمه‌الله ، اتباعا للمفيد ، وتبعهما المصنف.

والمراد بالفداء هنا القيمة ، اذ المحل في الحرم انما يجب عليه القيمة فقط وان كان يجري في بعض عبارات الشيخرحمه‌الله أن من ذبح صيدا في الحرم وهو محل كان عليه دم لا غير ، وتابعه على هذه العبارة المتأخر ، وأبو الصلاح سوى بين المحرم في الحل وبين المحل في الحرم ، وجعل عليهما الفداء.

قالرحمه‌الله : ولو اشترك جماعة في قتله ، فعلى كل واحد فداء ، وفيه تردد.

اقول : المراد بالفداء هنا القيمة كما تقدم.

__________________

(١) فى « س » : مع.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٥١ ـ ٣٥٢.

٢٢٤

وأما منشأ التردد ، فالنظر الى اصالة البراءة ، ترك العمل بها في صورة قتل الجماعة المحرمين للصيد ، فيبقى معمولا بها فيما عداها ، فيجب فداء واحد على الجميع.

والالتفات الى مشاركة الجماعة المحلين للمحرمين في العلة ، وهي الاقدام على قتل الصيد المحرم قتله ، فيجب على كل واحد القيمة ، والقولان للشيخرحمه‌الله في المبسوط(١) ، لكن الاول أقوى ، وهو الذي قواه للشيخ.

ولو كان بعضهم محرمين والبعض الاخر محلين ، وجب على المحرمين الفداء والقيمة وعلى المحلين في الحرم القيمة : اما قيمة واحدة ، أو على كل واحد قيمة كما بيناه.

قالرحمه‌الله : وهل يحرم الصيد وهو يؤم الحرم؟ قيل : نعم. وقيل : يكره وهو الاشبه.

أقول : القول الاول ذهب إليه الشيخرحمه‌الله ، عملا بالاحتياط ، واستنادا الى النقل.

والقول الثاني ذهب إليه المتأخر اتباعا للصدوق ، وهو الحق ، عملا بالاصل واستنادا الى رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يرمي الصيد وهو يؤم الحرم ، ويصيبه الرمية ويتحامل حتى يدخل الحرم فيموت فيه ، قال : ليس عليه شي‌ء ، انما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحل فوقع فيها صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه ، قلت : هذا قياس ، قال : لا انما شبهت لك شيئا بشي‌ء(٢) .

والاحتياط معارض بالاصل ، وتحمل الروايات على الاستحباب ، ومع هذا فهي قابلة للتأويل.

__________________

(١) المبسوط ١ / ٣٤٦.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٦٠ ، ح ١٦٥.

٢٢٥

قالرحمه‌الله : لكن لو أصابه ودخل الحرم فمات ضمنه ، وفيه تردد.

اقول : هذه المسألة مبنية علي المسألة السابقة ، فكل من حرم صيده إما أوجب فيه الفداء ، وكل من سوغه لم يوجب فيه شيئا.

قالرحمه‌الله : ويكره الاصطياد بين البريد والحرم على الاشبه ، فلو أصاب صيدا فيه ففقأ عينه أو كسر قرنه كان عليه صدقة استحبابا.

اقول : البريد أربعة فراسخ ، والتحريم ذهب إليه الشيخان قدس الله روحهما عملا برواية الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال : اذا كنت محلا في الحل ، فقتلت صيدا فيما بينك وبين البريد الى الحرم ، فان عليك جزاؤه ، فان فقأت عينه أو كسرت قرنه تصدقت بصدقة(١) .

ونحن نمنع هذه الرواية ، لانها مخصصة لعموم الاحاديث الدالة على إباحة الصيد ، ولانتفاء السبب المانع ، وهو الاحرام أو الحرم ، ويمكن حملها على الاستحباب.

قالرحمه‌الله : وهل يجوز صيد حمام الحرم وهو في الحل للمحل؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو أحوط.

أقول : القولان للشيخرحمه‌الله ، لكن الاول(٢) أولى. أما أولا ، فلرواية علي ابن جعفر عن أخيه موسىعليه‌السلام في حمام الحرم يصاد في الحل ، قال : لا يصاد حمام الحرم حيث كان اذا علم أنه من حمام الحرم(٣) .

وأما ثانيا ، فلان للحرم حرمة ليست لغيره ، يناسب تحريم الملتجئ إليه وان

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٦١ ح ١٦٨.

(٢) فى هامش « س » : الاول الّذي فى الشرح لا يناسب أول الماتن. وكذا الثانى لا يناسب الثانى ، فحينئذ المناسب تعاكس الاول والثانى.

(٣) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٤٨ ، ح ١٢٢.

٢٢٦

وأما ثالثا ، فلانه أحوط ، اذ مع اعتماده تحصل براءة الذمة قطعا ، بخلاف ما لو لم يعتمده.

والثاني مستنده التمسك بالاصل ، وهو اختيار المتأخر.

قالرحمه‌الله : ولا يدخل في ملك المحرم شي‌ء من الصيد على الاشبه. وقيل : يدخل وعليه ارساله ان كان حاضرا معه.

اقول : قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط : اذا انتقل الصيد إليه بالميراث لا يملكه ، ويكون باقيا على ملك الميت الى أن يحل ، فاذا أحل ملكه ، قال : ويقوى في نفسي أنه اذا كان حاضرا معه ، فانه ينتقل إليه ويزول ملكه عنه ، وان كان في بلده بقي في ملكه(١) .

والحق أنه لا ينتقل إليه شي‌ء ، بل يبقى على ملك الميت الى حين الاحلال.

لنا ـ قوله تعالى «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً »(٢) والاستدلال بهذه الآية يتوقف على مقدمتين :

الاولى : أن المراد بالصيد هنا المصيد والاصطياد ، وهو الظاهر من كلام أهل التفسير. وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان : الصيد يعبر به عن الاصطياد ، فيكون مصدرا ، ويعبر به عن الصيد فيكون اسما. ويجب أن تحمل الآية على تحريم الجميع(٣) .

الثانية : أن التحريم والتحليل(٤) المضافين الى الاعيان لا يقتضي الاجمال ، خلافا للكرخي ، بل يفيد بحسب العرف تحريم الفعل المطلوب من تلك الذات ، فيفهم من قوله «حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ » تحريم جميع أنواع التصرف الممكنة فيه من البيع

__________________

(١) المبسوط ١ / ٣٤٧.

(٢) سورة المائدة : ٩٦.

(٣) التبيان ٤ / ٢٩.

(٤) فى هامش « س » عن نسخة : والتمليك.

٢٢٧

والابتياع والهبة والاتهاب وما أشبه ذلك ، والدليل عليه وجوه :

الاول : أن السابق الى الفهم من قول القائل « هذا طعام حرام » تحريم أكله ومن قولهم « هذه امرأة حرام » تحريم وطأها ، وسبق المعنى الى الذهن دليل الحقيقة ، فيحمل عليه عند الاطلاق.

الثاني : أن النبيعليه‌السلام قال : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم ، فحملوها وباعوها(١) . فدل على أن تحريم الشحم أفاد تحريم جميع أنواع التصرف ، والا لم يتوجه الذم على البيع.

الثالث : المفهوم من قولنا « فلان يملك الدار » قدرته على التصرف فيها بالسكنى والاسكان والبيع. ومن قولنا « يملك » قدرته على التصرف فيها بالوطء والبيع والاستخدام وما شاكل ذلك واذا جاز أن تختلف فائدة الملك باختلاف المضاف إليه ، جاز مثله في التحليل والتحريم.

احتج الكرخي بأن هذه الاعيان غير مقدورة لنا لو كانت معدومة ، اذ لا قدرة لنا على خلق الذوات ، فكيف اذا كانت موجودة؟ لاستحالة تحصيل الحاصل ، فاذن لا يمكن اجراء اللفظ على ظاهره ، فالمراد تحريم فعل من الافعال المتعلقة بتلك الاعيان ، وذلك الفعل غير مذكور. وليس اضمار بعض الافعال أولى من البعض الاخر. فاما أن يضمر الجميع ، وهو باطل ، اذ لا حاجة إليه ، أو لا يضمر شي‌ء ، وهو المطلوب.

والجواب : لا نزاع في عدم امكان اضافة التحريم الى الاعيان ، ولكن قوله « ليس اضمار البعض أولى من البعض » ممنوع ، فان العرف يقتضي اضافة التحريم الى الفعل المطلوب منه.

وانما طولنا الكلام في هذه المسألة ، لكونها من المهمات.

__________________

(١) راجع عوالى اللئالى ١ / ١٨١ و ٢٣٣ و ٣٩٦ و ٢ / ١١٠ و ٢٤٣ و ٣٢٨ و ٣ / ٤٧٢.

٢٢٨

بقى هنا شي‌ء ، وهو أن المحل في الحرم هل يملك شيئا من الصيد؟ فنقول : لما ثبت أن المحل يجب عليه ارسال ما يدخله من الصيد الى الحرم ، فهل يدخل في ملكه وهو في الحرم شي‌ء من الصيود؟ الوجه أنه يدخل ، اذ لا منافاة بين التملك والارسال.

ويحتمل أن يقال : مع وجوب الارسال لا تظهر للملك فائدة ، فلا يدخل في ملكه ، وهو ضعيف ، اذ عدم الفائدة لا تمنع من التملك ، كما في العمودين ، والمحرمات عليه لشيئا ، فانهن يدخلن في ملكه مع عدم الفائدة لا يعتافهن(١) بنفس الدخول.

والوجه أن يقال : يدخل في ملكه ان كان الصيد ثابتا عنه ، ولا يدخل ان كان حاضرا ، كما في المحرم. وعلى هذا تظهر للتملك فائدة ، اذ لا يجب ارسال الصيد النائي عنه.

وقال صاحب كشف الرموز : وذهب الشيخ في الشرائع(٢) الى أنه لا يملك وهو ضعيف ، وأظنه اعتقد أن الضمير في قوله « يملكه » عائد الى المحل ، فلذلك جعل المسألة راجعة الى المحل. وما قاله محتمل ، لكن الشيخرحمه‌الله في المبسوط(٣) لم يذكر سوى المسألة السابقة ، واياه عنى بقوله « وقيل : يدخل وعليه ارساله ان كان حاضرا معه ».

قالرحمه‌الله : وكلما تكرر الصيد من المحرم نسيانا ، وجب عليه ضمانه ولو تعمد وجبت الكفارة أو لا ، ثم لا تتكرر ، وهو ممن ينتقم الله منه. وقيل : تتكرر. والاول أشبه.

__________________

(١) لم تقرأ فى النسختين مع علامة الاستفهام على الكلمة فى « س ».

(٢) كذا فى « م » وهامش « س » عن نسخة ، وفى « س » : الرائع.

(٣) المبسوط ١ / ٣٤٣.

٢٢٩

اقول : لا خلاف في وجوبها مع تكرر الصيد خطا ونسيانا. وانما الخلاف في تكررها مع تكرره عمدا ، فذهب الشيخرحمه‌الله في المبسوط(١) والخلاف(٢) الى تكررها مع تكرره. وبه قال المتأخر ، وهو ظاهر كلام السيد المرتضى وابن الجنيد وأبي الصلاح وعلي بن بابويه.

وقال في النهاية : لا تتكرر الكفارة مع تكرره عمدا ، وهو ممن ينتقم الله منه(٣) . واختاره الصدوق في من لا يحضره الفقيه(٤) والمقنع(٥) ، وتبعهما ابن البراج والاقرب الاول.

لنا ـ قوله «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ »(٦) وهو كما يتناول الاول يتناول الثاني والثالث وهلم جرا. وما رواه معاوية بن عمار عن الصادقعليه‌السلام في المحرم يصيب الصيد قال : عليه الكفارة كلما أصاب(٧) . وفي معناها رواية الحسين بن سعيد(٨) .

احتجوا بقوله تعالى « ومن عاد فينتقم الله منه » جعل مجازاة العود الانتقام ، فتسقط الكفارة ، عملا بأصل البراءة وبرواية الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال : المحرم اذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ، ويتصدق بالجزاء على مسكين ، فان عاد فقتل صيدا

__________________

(١) المبسوط ١ / ٣٤٢.

(٢) الخلاف ١ / ٤٨٠ مسألة ٢٥٩.

(٣) النهاية ص ٢٢٦.

(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠.

(٥) المقنع ص ٧٩.

(٦) سورة المائدة : ٩٥.

(٧) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٧٢ ، ح ٢٠٨.

(٨) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٧٢ ، ح ٢٠٩.

٢٣٠

آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه ، والنقمة في الآخرة(١) .

وفي معناها رواية ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٢) .

ولا تنافي بين الانتقام ووجوب الجزاء ، اذ لا استبعاد في الجمع بينهما مع العود عمدا يغطى الذنب ، ومع امكان الجمع كيف يحصل التنافي ، واصالة البراءة تخالف للدلالة ، والروايتان قابلتان للتأويل.

قالرحمه‌الله : ولا يدخل الصيد في ملك المحرم باصطياد ولا بابتياع ولا هبة ولا ميراث. هذا اذا كان عنده ، ولو كان في بلده فيه تردد ، والاشبه أنه يملك.

أقول : منشؤه : النظر الى فتوى الشيخرحمه‌الله ، والتمسك بالاصل الدال على جواز التملك فيدخل.

والالتفات الى قوله «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً »(٣) فلا يدخل ، وهو أحوط.

قالرحمه‌الله : وفي الاستمناء بدنة ، وهل يفسد الحج ويجب القضاء؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو أشبه.

اقول : قال الشيخ في النهاية(٤) والمبسوط : من عبث بذكره حتى أمنى كان حكمه حكم من جامع على السواء ، في اعتبار ذلك قبل الوقوف بالمشعر ، في أنه يلزمه الحج من قابل ، وان كان بعد ذلك لم يلزمه سوى الكفارة(٥) .

وتبعه ابن البراج وابن حمزة ، عملا برواية اسحاق بن عمار عن أبي الحسن

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٧٢ ، ح ٢١٠.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

(٣) سورة المائدة : ٩٦.

(٤) النهاية ص ٢٣١.

(٥) المبسوط ١ / ٣٣٧.

٢٣١

عليه‌السلام قال قلت : ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال : أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم بدنة والحج من قابل(١) . ولانه أحوط.

واقتصر أبو الصلاح على وجوب البدنة ، واختاره المتأخر ، ونقله عن الشيخ في الاستبصار(٢) والخلاف ، ولعله الاقرب.

لنا ـ اصالة براءة الذمة تنفي وجوب الكفارة وايجاب القضاء ، ترك العمل بها في صورة الجماع للاجماع ، وفي ايجاب الكفارة في هذه الصورة لرواية عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المحرم يعبث بأهله وهو محرم حتى يمنى من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ما ذا عليهما؟

فقال : عليهما الكفارة مثل ما على الذي يجامع(٣) . والرواية محمولة على الاستحباب.

قالرحمه‌الله : واذا طاف المحرم من طواف النساء خمسة أشواط ثم واقع ، لم يلزمه الكفارة وبنى على طوافه. وقيل : يكفي في ذلك مجاوزة النصف والاول مروي.

أقول : هذا القول ذكره الشيخرحمه‌الله ، عملا باصالة البراءة ، ولانه مع تجاوز النصف يكون قد أتى بالاكثر ، فيكون حكمه حكم من أتى بالجميع.

وقال المتأخر : أما اعتبار مجاوزة النصف في صحة الطواف والبناء عليه ، فصحيح. وأما سقوط الكفارة ، ففيه نظر ، اذ الاجماع حاصل على أن من جامع قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة ، وهذا جامع قبل طواف النساء ، والاحتياط يقتضي ايجاب الكفارة.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٢٤ ، ح ٢٦.

(٢) الاستبصار ٢ / ١٩١.

(٣) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٢٤ ، ح ٢٧.

٢٣٢

واعلم أن الرواية المروية عن الباقرعليه‌السلام (١) التي هي هذا الحكم ، يدل على اعتبار الخمسة دون ما عداها.

لا يقال : رواية أبي بصير(٢) يدل على ذلك.

لانا نقول : تلك مطلقة وهذه مقيدة ، والمطلق يحمل على المقيد ، لكن تقييد الافساد بالثلاثة يقتضي عدمه بدونها ، والا لم يكن للتخصيص فائدة.

قالرحمه‌الله : واذا عقد المحرم لمحرم على امرأة ودخل [ بها ] المحرم فعلى كل منهما كفارة. وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة.

اقول : هذه الرواية رواها سماعة بن مهران عن الصادقعليه‌السلام قال : لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما وهو يعلم أنه لا يحل له ، قلت : فان فعل فدخل بها المحرم ، قال : ان كانا عالمين كان على كل واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة ان كانت محرمة بدنة ، وان لم تكن محرمة ، فلا شي‌ء عليها ، الا أن تكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم ، فان كانت قد علمت ثم تزوجته فعليها بدنة(٣) .

والاقرب سقوط الكفارة عن العاقد المحل ، عملا باصالة البراءة ، واستضعافا للرواية ، اذ في طريقها سماعة وهو واقفي. نعم يكون مأثوما ، لمساعدته المحرم على ما لا يسوغ. وكذا لا شي‌ء على المرأة اذا كانت محلة ، سواء كانت عالمة باحرامه أو جاهلة.

قالرحمه‌الله : ومن جامع في احرام العمرة قبل السعي فسدت عمرته وعليه بدنه وقضاؤها.

أقول : العمرة اما مفردة أو متمتع بها الى الحج ، والمراد هنا الاولى. أما

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٢٣ ، ح ٢٣.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٢٥ ، ح ٢٨.

(٣) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٣١ ، ح ٥١.

٢٣٣

المتمتع بها ، فالاقوى أن حكمها حكم المفردة ، لتساويها في أكثر الاحكام.

ويحتمل بطلان العمرة والحج معا. لقولهعليه‌السلام « دخلت العمرة في الحج هكذا »(١) وشبك بين أصابعه ، فحينئذ يجب اكمال العمرة والاتيان بالحج عقيبها وقضاؤهما في القابل ، وهو ظاهر كلام أبي الصلاح.

وينبغي أن يزاد في المتن : ووجب اكمالها.

قالرحمه‌الله : حلق الشعر وفيه شاة ، أو اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد. وقيل : ستة لكل مسكين مدان.

أقول : الاخير هو الاقوى ، لانه أحوط ، ولدلالة الروايتين المرويتين عن الصادقعليه‌السلام (٢) ، والرواية الاخرى المروية عنهعليه‌السلام (٣) محمولة على ذلك ، اذ الغالب أن الاقل لا يشبع الا نادرا.

قالرحمه‌الله : في قلع شجر الحرم. وفي الكبيرة بقرة وان كان محلا ، وفي الصغيرة شاة ، وفي أبعاضها قيمة ، وعندي في الجميع تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى اصالة البراءة ، فينتفي وجوب الكفارة. نعم يكون مأثوما ، لانه فعل فعلا منهيا عنه.

والالتفات الى فتوى الشيخرحمه‌الله في المبسوط(٤) .

وقال في النهاية(٥) والتهذيب : في قلع الشجرة بقرة وأطلق عملا برواية موسى ابن القاسم قال : وروى أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام أنه قال : اذا كان في دار

__________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ / ١٠٢٤.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٣٣ ، ح ٦٠ و ٦١.

(٣) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٣٤ ، ح ٦٢.

(٤) المبسوط ١ / ٣٥٤.

(٥) النهاية ص ٢٣٤.

٢٣٤

الرجل شجرة من شجر الحرم لم ينزع ، فان أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين(١) . وهذه مرسلة ، فلا يصح التمسك بها.

والاقوى وجوب القيمة ، وهو اختيار أبي علي ابن الجنيد ، وشيخنا دام ظله في المختلف(٢) ، وعليه دلت رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (٣) .

قالرحمه‌الله : ولو قلع شجرة منه أعادها ، ولو جفت قيل : يلزمه ضمانها.

أقول : قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط : من قلع شجرة من شجر الحرم وغرسها في غيره ، فعليه أن يردها الى مكانها ، فاذا فعل ، فان عادت الى ما كانت أولا فلا شي‌ء عليه ، وان جفت لزمه ضمانها(٤) .

واعلم أن هذا الفرع مبني على المسألة الاولى ، فان أوجبنا الكفارة بالقلع وجبت هنا ، لانها كالمقلوعة ، مع احتمال ما قاله الشيخ ، ويحتمل الارش ضعيفا.

قالرحمه‌الله : ومن استعمل دهنا طيبا في احرامه ، ولو في حال الضرورة كان عليه شاة على قول. وكذا قيل في من قلع ضرسه ، وفي الجميع تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى اصالة براءة الذمة.

والالتفات الى فتوى الشيخرحمه‌الله في النهاية(٥) والخلاف(٦) ، واختاره المتأخر. وقال في الجمل : انه مكروه(٧) . وهو أقوى.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٨١ ، ح ٢٤٤.

(٢) المختلف ص ١١٦ ـ ١١٧ من كتاب الحج.

(٣) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠.

(٤) المبسوط ١ / ٣٥٤.

(٥) النهاية ص ٢٣٥.

(٦) الخلاف ١ / ٤٣٨.

(٧) الجمل والعقود ص ٢٢٩.

٢٣٥

وأما الكفارة في قلع الضرس ، فشي‌ء انفرد به الشيخ في النهاية(١) ، مصيرا الى رواية محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا ، عن رجل من أهل خراسان أن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شي‌ء ، محرم قلع ضرسه ، فكتبعليه‌السلام : يهريق دما(٢) .

وهي مجهولة السائل والمسئول ، ومشتملة على المكاتبة أيضا ، فلا اعتماد عليها.

قالرحمه‌الله : تسقط الكفارة عن الجاهل والناسي والمجنون الا في الصيد فان الكفارة تلزم وان كان سهوا.

أقول : هذا هو المشهور بين الاصحاب. وقال ابن أبي عقيل : قد قيل في الصيد ان من قتله ناسيا فلا شي‌ء.

قالرحمه‌الله : ويكره أن يأتي بعمرتين بينهما أقل من عشرة أيام. وقيل : يحرم. والاول أشبه.

أقول : للاصحاب في هذه أقوال أربعة :

الاول : قال في النهاية : لا يصح الاتباع بين العمرتين الا بعد مضي شهر يتحللهما(٣) .

الثاني : قال في الجمل : أقل ما يكون بين العمرتين عشرة أيام(٤) . مصيرا الى رواية يونس عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسنعليه‌السلام قال : ولكل شهر عمرة قال فقلت : كم يكون أقل؟ قال : يكون لكل عشرة أيام عمرة(٥) . ذكرها الشيخ في كتابي الاخبار.

__________________

(١) النهاية ص ٢٣٥.

(٢) تهذيب الاحكام ٥ / ٣٨٥ ، ح ٢٥٧.

(٣) النهاية ص ٢٨٠.

(٤) الجمل والعقود ص ٢٣٩.

(٥) تهذيب الاحكام ٥ / ٤٣٥ ، ح ١٥٤.

٢٣٦

الثالث : قال ابن أبي عقيل : أقل ما يكون سنة ، تمسكا برواية زرارة عن الباقرعليه‌السلام قال : لا يكون في السنة عمرتان(١) . وحملها الشيخ على العمرة المتمتع بها ، وهو حسن.

الرابع : عدم التقدير ، بل يصح أن يأتي كل يوم بعمرة مع الامكان ، وهو اختيار علم الهدى قدس الله روحه والمتأخر.

لنا ـ أن العمرة عبادة مشروعة ، وذكر مطلوب للشارع ، والتقدير منفي بالاصل ، والروايتان لا تدلان على تحريم التتابع ، فوجب القول بجوازها بالتوالي ولان عمومات القرآن دالة على ذلك.

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٥ / ٤٣٥ ، ح ١٥٨.

٢٣٧

فصل

( فى إيضاح الترددات المذكورة فى كتاب الجهاد )

قالرحمه‌الله : ولو كان عليه دين حال وهو معسر قيل : له منعه ، وهو بعيد.

اقول : هذا القول ذكره الشيخرحمه‌الله في المبسوط(١) ، وليس بجيد.

لنا ـ أنه معسر ، فتسقط سلطنة المدين عنه حتى اليسار ، عملا بالآية. وما ذكره الشيخ بناء على أن المدين المعسر يجوز لصاحب الدين مؤاجرته. وسيأتي تحقيقه فيما بعد إن شاء الله تعالى.

قالرحمه‌الله : لو تجدد العذر بعد التحام الحرب ، لم يسقط فرضه على تردد ، الا مع العجز عن القيام به.

اقول : منشأ التردد : النظر الى حصول العذر المسقط للجهاد عنه(٢) .

والالتفات الى عموم قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا »(٣)

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٦.

(٢) فى هامش « س » : ويعضده قوله تعالى « ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج » وهو عام فى حال الحرب وغيره.

(٣) سورة الانفال : ٤٥.

٢٣٨

وقوله تعالى «إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ »(١) فيجب عليه ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط. أما لو حصل العذر الذي يعجز معه عن القيام بالجهاد كالمرض والعمى ، سقط الجهاد عنه اجماعا.

فرع :

قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط : لو جدد العذر بعد الخروج وقبل الالتحام فان كان ذلك العذر من الغير ، مثل أن رجع صاحب الدين عن الاذن بعده ، أو يسلم أبواه ويمنعاه عن الجهاد ، فعليه الرجوع. وان كان العذر من قبل نفسه كالعرج والمرض ، فهو بالخيار ان شاء فعل وان شاء رجع(٢) .

ولو قيل انما يسوغ له الجهاد مع ظن السلامة وعدم التضرر به كان حسنا.

قالرحمه‌الله : ومن عجز عن الجهاد بنفسه وكان موسرا ، وجب اقامة غيره ، وقيل : يستحب. وهو أشبه.

أقول : القول الاول ذكره الشيخ في النهاية(٣) ، وأتبعه المتأخر. والحق الثاني.

لنا ـ أصالة براءة الذمة ، ولان الجهاد من جملة العبادات البدنية.

احتجوا بأنه أحوط ، وبعموم الآيات الدالة على الامر بفعل الخيرات. والاحتياط معارض بالاصل ، والآيات مخصوصة بالقادر ، لانتفاء شرط التكليف في حق العاجز.

قالرحمه‌الله : والهجرة باقية ما دام الكفر.

__________________

(١) سورة الانفال : ١٥.

(٢) المبسوط ٢ / ٦.

(٣) النهاية ص ٢٨٩.

٢٣٩

أقول : هذا مذهب جميع علمائنا رضوان الله عليهم أجمعين.

قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط : فأما ما روي من قولهمعليهم‌السلام « لا هجرة بعد الفتح » فمعناه : لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبله. وقيل : لا هجرة بعد الفتح من مكة ، لانها صارت دار الاسلام(١) .

قالرحمه‌الله : ولو نذر المرابطة ، وجبت مع وجود الامام وفقده.

اقول : لا خلاف في وجوب الوفاء بهذا النذر ، اذ هو من جملة الطاعات وان كانت المرابطة في زمان ظهور الامام أكثر ، فضلا منها في زمان استتاره ، ولكن اذا أتى بها في وقت استتاره ، نوى بها الدفع عن بيضة الاسلام وعن حوزته وعن ماله ، دون الجهاد الشرعي.

قالرحمه‌الله : وكذا لو نذر أن يصرف شيئا في المرابطين على الاصح. وقيل : يحرم ويصرفه في وجوه البر ، الا مع خوف الشنعة ، والاول أشبه.

أقول : قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط(٢) والنهاية(٣) : من نذر أن يصرف شيئا في المرابطين وكان حال ظهور الامام ، وجب الوفاء به. وان كان في حال انقباض يده واستتاره ، صرف في وجوه البر ، الا أن يكون قد نذره ظاهرا ، أو يخاف الشنعة من الاخلال به عليه ، فيصرفه إليهم حينئذ هبة.

والحق وجوب الوفاء من غير تفصيل ، وهو اختيار المتأخر.

لنا ـ أنه نذر في طاعة ، فوجب الوفاء به. أما الصغرى ، فلان المرابطة مستحبة مطلقا اتفاقا منا. واذا كانت مع ظهور الامام أكثر استحبابا ، فتكون المعاونة

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٤.

(٢) المبسوط ١ / ٨ ـ ٩.

(٣) النهاية ص ٢٩١.

٢٤٠