ايضاح ترددات الشرائع الجزء ٢

ايضاح ترددات الشرائع10%

ايضاح ترددات الشرائع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 200

  • البداية
  • السابق
  • 200 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18058 / تحميل: 5388
الحجم الحجم الحجم
ايضاح ترددات الشرائع

ايضاح ترددات الشرائع الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

فرد أحدهما ثبت للآخر حصته.

ومنع المتأخر من ذلك ، نظرا الى أن الشفعة تابعة لثبوت الابتياع ، وحيث لا ثبوت فلا شفعة ، وذكر بعد ذلك كلاما طويلا لا فائدة في ايراده ، وهو مذهب أبي العباس ، والمصنف تردد في ذلك ، ومنشأ تردده النظر الى الوجهين ، فانهما قويان.

١٢١

فصل

( فى ذكر الترددات المذكورة فى كتاب احياء الموات )

قالرحمه‌الله : ولو كان النهر في ملك الغير فادعى الحريم ، قضي له به ، لانه يدعي ما يشهد به الظاهر ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن الظاهر قاض له بذلك ، فيحكم له به ، عملا بظاهر قولهعليه‌السلام « أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ».

والالتفات الى أنه خارج عن ملكه ولا يدل عليه ، فلا يحكم له الا ببينة ، عملا بقولهعليه‌السلام « البينة على المدعي »(١) .

قالرحمه‌الله : في شروط التملك بالاحياء : الخامس(٢) ـ أن لا يكون مما أقطعه امام الاصل ، ولو كان مواتا خاليا من تحجير ، كما أقطع النبيعليه‌السلام الدور وأرضا بحضر موت وحضر فرس الزبير ، فانه يفيد اختصاصا مانعا من المزاحمة فلا يصح رفع هذا الاختصاص بالإحياء.

أقول : المراد بالدور هنا الدور التي أقطعها النبيعليه‌السلام بالمدينة ، واختلف

__________________

(١) عوالى اللئالى ١ / ٢٤٤ و ٤٥٣ و ٢ / ٢٥٨ و ٣٤٥.

(٢) فى الشرائع المطبوع : الرابع.

١٢٢

الناس في ذلك ، فمنهم من قال : أقطع الخراب الذي أرادوا أن يبنوا فيه دورا ، فسماه دورا بما يؤول إليه من العمارة. وقال آخرون : كانت تلك الخرابة من ديار عاد ، فسماها باسم ما كانت عليه ، وكلاهما مجاز.

والحضر بضم الحاء وفتحها العدو ، والمراد به هنا ما روي من أن النبيعليه‌السلام أقطع الزبير حضر فرسه ، فأجرى فرسه حتى قام فرمى بسوطه ، فقال النبيعليه‌السلام : اقطعوا له. فوفى بشرطه.

قالرحمه‌الله : والتحجير هو أن ينصب عليها المروز.

أقول : المروز جمع مرز ، وهو معروف. وأصل المرز القرص بأطراف الاصابع قرصا رفيقا ليس بالاظفار ، فاذا أوقع المرز فهو حينئذ قرص عند أبي عبيد.

قالرحمه‌الله : وأما المدارس والربط ، فمن سكن بيتا ممن له السكنى ـ الى قوله : ولو فارق لعذر قيل : هو أولى عند العود ، وفيه تردد ، ولعل الاقرب سقوط الاولوية.

أقول : منشؤه : النظر الى أن سبب الاختصاص هنا منتف ، فينتفي الاختصاص عملا بالعلية.

أما المقدمة الاولى ، فلان السبب المقتضي للاختصاص ليس الا شغل الخير : اما بالجلوس فيه ، أو كون رحله باقيا فيه ، ولا شك في انتفائهما هنا. وأما المقدمة الثانية ، فظاهرة حينئذ.

والالتفات الى أن الاصل هنا الاولوية ، للاتفاق على أنها كانت حاصلة قبل المفارقة ، ترك العمل بها في صورة ما لو فارق من غير عذر ، للاجماع فيبقى معمولا بها فيما عداها.

قالرحمه‌الله : الطرف الرابع في المعادن الظاهرة ، وهي التي لا تفتقر الى اظهار ، كالملح والنفط والقار ، لا تملك بالاحياء ولا يختص بها المحجر ، وفي

١٢٣

جواز اقطاع السلطان المعادن والمياه تردد ، وكذا في اختصاص المقطع بها.

أقول : منشؤه : النظر الى الاصل الدال على الجواز.

والالتفات الى أن ذلك لا يملك على الخصوص ، بل الناس كلهم فيه شرع يأخذون منه حاجتهم ، فلا يصح اقطاعه.

وروي أن الابيض بن حماد المازني استقطع رسول الله ملح مازن ، فروي أنه أقطعه ، وروي أنه أراد أن يقطعه ، فقال له رجل ـ وقيل انه الاقرع بن حابس ـ : أتدري يا رسول الله ما الذي تقطعه ، انما هو الماء المعد قال : فلا اذا والماء الدائم الذي لا ينقطع(١) .

وعنى بذلك أن الملح بمنزلة الماء الدائم لا ينقطع ولا يحتاج الى عمل واستجذاب شي‌ء ، ولا خلاف أن أقطاع مشارع الماء غير جائز ، فكذا المعادن الظاهرة. وطعن في الخبر بأن ذلك يؤدي الى تخطئة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الاقطاع.

وأجيب عنه بأنه ما أقطع وانما أراد ولم يفعل ، فنقل الراوي الفعل ، ولانهعليه‌السلام أقطع على ظاهر الحال ، فلما انكشف رجع. وأما اختصاص المقطع بها ، فهو فرع صحة الاقطاع ، فان جوزناه ثبت الاختصاص والا فلا.

قالرحمه‌الله : لو أحيا انسان أرضا ميتة على مثل هذا الوادي ، لم يشارك السابقين ، وقسم له ما يفضل عن كفايتهم ، وفيه تردد.

أقول : هذه المسألة ذكرها الشيخ في المبسوط(٢) ، محتجا على الاختصاص بأن هذا الماء من مرافق ملكهم ، فكانوا أحق به من غيرهم مع حاجتهم إليه.

والتردد من المصنف ، ومنشؤه : النظر الى ما استدل به الشيخرحمه‌الله . والالتفات الى أنه بالاحياء ملك الارض. أما أولا ، فالاجماع اذ النزاع انما وقع

__________________

(١) نحوه سنن ابن ماجة ٢ / ٨٢٧. والمبسوط ٣ / ٢٧٤.

(٢) المبسوط ٣ / ٢٨١.

١٢٤

في غيره. وأما ثانيا ، فلقولهعليه‌السلام « من أحيا أرضا ميتة فهي له »(١) قضاء من الله ورسوله ، فيكون له في الماء نصيب معهم ، لعين ما ذكره الشيخرحمه‌الله .

__________________

(١) المبسوط ٣ / ٢٦٨.

١٢٥

فصل

( فى ذكر الترددات المذكورة فى كتاب اللقطة )

قالرحمه‌الله : ولا ريب في تعلق الحكم بالتقاط الطفل غير المميز ، وسقوطه في حق البالغ وفي الطفل المميز تردد ، أشبهه جواز التقاطه وعجزه عن دفع ضرورته.

أقول : منشؤه : النظر الى أن المصلحة المقتضية ، لجواز التقاط الطفل غير المميز موجودة في التقاط الصبي المميز ، فيكون التقاطه جائزا عملا بالمقتضي.

والالتفات الى أن المميز قادر على الاستقلال بحفظ نفسه ، فلا يجوز التقاطه ولان جواز ذلك حكم شرعي ، وحيث لا دلالة فلا شرع.

قالرحمه‌الله : واذا وجد الملتقط سلطانا ينفق عليه استعان به ، والا استعان بالمسلمين وبذل النفقة عليهم واجب على الكفاية ، لانه دفع ضرورة مع التمكن وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن هذا النوع من النفقة احسان ومعاونة على البر فتكون واجبة ، عملا بظاهر قوله تعالى «وَأَحْسِنُوا »(١) وقوله تعالى «وَتَعاوَنُوا عَلَى

__________________

(١) سورة المائدة : ٩٣.

١٢٦

الْبِرِّ وَالتَّقْوى »(١) وانما خصصنا الوجوب بكونه على الكفاية ، لما في كونه واجبا على الاعيان من المشقة والحرج والضرر والعسر المنفيات شرعا ، الا عند وجود الدليل الدال على ذلك قطعا.

والالتفات الى أن وجوب ذلك حكم شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية ، ولا دلالة قاطعة هنا على وجوب ذلك ، ولان الاصل براءة الذمة من الوجوب.

قالرحمه‌الله : اللقيط يملك كالكبير ـ الى قوله : وفيما يوجد بين يديه أو الى جانبه تردد ، أشبهه أنه لا يقضى له به. وكذا البحث لو كان على دكة عليها متاع وعدم القضاء له هنا أوضح ، خصوصا اذا كان هناك يد متصرفة.

أقول : منشؤه : النظر الى أن المقتضي للملك هنا منتف ، فيجب القول بانتفائه أما المقدمة الاولى ، فلان المقتضي له ليس الا اليد ، ولا شك في انتفائها هنا ، اذ اليد يدان : يد مشاهدة ويد حكمي ، فيد المشاهدة ما كان متمسكا به وتمسك بيده ويد الحكمي ما يكون في نيته ومتصرفا فيه ، وليس هنا شي‌ء منها بموجود.

والالتفات الى أن العادة قاضية بأن ما يكون بين يديه أو الى جانبه ، فان يده عليه كالبنيكة بين يدي الطواف والميزاب وغيرهما فان يده عليه. قال الشيخرحمه‌الله في المبسوط : وهذا أقوى(٢) .

والبحث فيما هو موضوع على الدكة التي وجد عليها كالبحث فيما وجد بين يديه أو الى جانبه ، وقد سلف.

قالرحمه‌الله : الخامسة ـ اذا اختلف كافر ومسلم ، أو حر وعبد ، في دعوى بنوة اللقيط ، قال الشيخ : يرجح المسلم على الكافر والحر على العبد ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : الى أن الترجيح يحتاج الى شرع ، وهو ، غير موجود هنا

__________________

(١) سورة المائدة : ٢.

(٢) المبسوط ٣ / ٣٣٧.

١٢٧

وهو خيرة الشيخ في الخلاف(١) ومذهب الشافعي ، واحتج الشيخ في الخلاف بعموم الاخبار الواردة في من ادعى النسب ، ولم يخصوا كافرا من مسلم ولا عبدا من حر.

والالتفات الى أن المسلم أشرف من الكافر ، فيكون دعواه أرجح ، وكذلك الحر أشرف من العبد ، فيرجح دعواه على دعوى العبد ، وهو الذي قواه الشيخ في المبسوط(٢) ، وهو مذهب أبي حنيفة ونمنع كون الاشرفية مؤثرة في أولوية الدعوى.

قالرحمه‌الله : وحكم الدابة حكم البعير ، وفي البقرة والحمار تردد ، أظهره المساواة ، لان ذلك فهم من فحوى المنع من أخذ البعير.

أقول : منشؤه : النظر الى أن العلة المقتضية للمنع ، وهي قدرته على الامتناع عما يهلكه ، موجودة في هاتين الصورتين ، فلا يجوز أخذهما عملا بالعلية ، وهي خيرة الشيخ في الخلاف ، محتجا بأن جواز ذلك يحتاج الى دليل ، وبما روي عن النبيعليه‌السلام أنه قال حين سأله السائل عن الابل والضوال ، فقال : ما لك وما لها ومعها حذاؤها وسقاؤها حتى يأتي ربها. يعني خفها وكرشها(٣) واختاره المتأخر وهو مذهب الشافعي.

والالتفات الى أن النبيعليه‌السلام انما ورد في أخذ البعير ، والحاق غيره به مجرد قياس ، وهو عندنا باطل ، وبه قال أبو حنيفة ، سلمنا لكن نمنع تحقق العلة المقتضية للمنع من الاخذ في البقرة والحمار ، وهو ظاهر ، اذ البعير أكثر صبرا على الجوع والعمل وأقوى على الامتناع مما يؤذيه.

قالرحمه‌الله : والشاة ان وجدت في الفلاة ، أخذها الواجد ، لانها لا تمتنع

__________________

(١) الخلاف ٢ / ٢٨.

(٢) المبسوط ٣ / ٣٤٩.

(٣) الخلاف ٢ / ٢٢ مسألة ٢ من كتاب اللقطة.

١٢٨

من صغير السباع ، فهي معرضة للتلف ، والاخذ بالخيار ان شاء ملكها ويضمن على تردد ، وان شاء احتبسها أمانة في يده لصاحبها ولا ضمان عليه ، وان شاء دفعها الى الحاكم ليحفظها أو يبيعها ويوصل ثمنها الى المالك.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة الذمة ، ولان الاخبار الدالة على جواز أخذ الشاة خالية من وجوب الضمان ، روى هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : جاء رجل الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله اني وجدت شاة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هي لك أو لاخيك أو للذئب(١) . واللام يقتضي الملكية. وفي معناها روايات كثيرة.

والالتفات الى عموم قولهعليه‌السلام « على اليد ما أخذت حتى يؤدي »(٢) ولان الاصل بقاء الملك ، فلا يحكم بانتقاله عنه الا لدليل قاطع ، وهو غير موجود هنا ، وهو اختيار الشيخ ، وأتبعه المتأخر ، وهو قوي.

والاصل يخالف للدليل وقد بيناه ، والاخبار الدالة على الملكية لا ينافي ما قلناه ، لانا نحكم بملكية الشاة لواجدها ، عملا بمقتضى هذه الاخبار ويوجب عليه ضمان قيمتها لمالكها ، عملا بظواهر الاخبار الدالة على وجوب ضمان مال الغير مع حصوله في يد آخر.

قالرحمه‌الله : وفي حكمها كل ما لا يمتنع من صغار السباع ، كأطفال الابل والبقر والخيل والحمير ، على تردد.

أقول : ينشأ : من النظر الى المشاركة في العلة المقتضية لجواز الاخذ ، وهي عدم القوة على الامتناع من صغار السباع ، والاشتراك في العلة يقتضي الاشتراك

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٦ / ٣٩٤ ، ح ٢٤.

(٢) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٤ و ٣٨٩ و ٢ / ٣٤٥.

١٢٩

في موجبها ، وهو خيرة الشيخ في المبسوط(١) ، وأتبعه المتأخر.

والالتفات الى أن التعدي قياس ، والاصل عصمة مال المسلم ، فلا يتسلط على أخذه الا لدليل أقوى وليس.

قالرحمه‌الله : ويصح أخذ الضالة لكل بالغ عاقل ـ الى قوله : وفي العبد تردد ، أشبهه الجواز ، لان له أهلية الحفظ.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة الجواز ، ولان للعبد أهلية الاحتفاظ ، وأخذ الضالة نوع احتفاظ ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط(٢) والخلاف(٣) ، عملا بعموم الاخبار الواردة في هذا الباب ، فمن ضعفها فعليه الدليل.

والالتفات الى أن ذلك نوع تعرض للتملك ، وليس للعبد أهلية التملك ، ويؤيده ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة ، فقال : وما للمملوك وما للقطة المملوك لا يملك من نفسه شيئا ، فلا يعرض لها المملوك(٤) . واختاره ابن بابويه في من لا يحضره الفقيه(٥) .

قالرحمه‌الله : وفي جواز التقاط النعلين والاداوة خلاف ، أظهره الجواز مع كراهية.

أقول : الاداوة المطهرة ، والجمع ، الاداوى على مثال المطايا ، قال الراجز :

*اذ الاداوى ماؤها تصبصبا*

وكان قياسة اذا أدائى مثل رسالة ورسائل فتجنبوه وفعلوا به ما فعلوا بالمطايا

__________________

(١) المبسوط ٣ / ٣٢٠.

(٢) المبسوط ٣ / ٣٢٥.

(٣) الخلاف ٢ / ٢٣.

(٤) تهذيب الاحكام ٦ / ٣٩٧ ، ح ٣٧.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٢٩٤.

١٣٠

والخطايا ، فجعلوا فعائل فعالى(١) .

قالرحمه‌الله : اذا التقط العبد ولم يعلم المولى ، فعوف حولا ثم أتلفها ، تعلق الضمان برقبته ، يتبع بذلك اذا أعتق ، كالقرض الفاسد ، ولو علم المولى قبل التعريف ولم ينتزعها منه ، ضمن لتفريطه بالاهمال ، اذ لم يكن أمينا ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن السيد هنا مفرط ، فيلزمه الضمان. أما الصغرى فلان السيد كان قادرا على انتزاعها من يده ، فاهماله تفريط ظاهر ، كما لو وجدها وسلمها الى فاسق. وأما الكبرى فاجماعية ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط(٢) .

والالتفات الى أن العبد هنا مباشر للاتلاف ، فيتعلق الضمان برقبته ، كالدين الذي يلزمه بغير اذن مولاه ، وأروش الجنايات التي يجنيها.

قالرحمه‌الله : لا تدفع اللقطة الا بالبينة ، ولا يكفي الوصف. ولو وصف صفات لا يطلع عليها الا المالك غالبا ، مثل أن يصف وكاءها ومقاصها ونقدها ووزنها.

أقول : الوكاء : الخيط الذي يشد به رأس الخريطة. والعقاص : الجلدة التي فوق ضمامة القارورة. كذا ذكر المتأخر.

__________________

(١) صحاح اللغة ٦ / ٢٢٦٦.

(٢) المبسوط ٣ / ٣٢٥.

١٣١

فصل

( فى ذكر الترددات المذكورة فى كتاب الفرائض )

قالرحمه‌الله في موانع الارث : ولو كان للقاتل وارث كافر منعا جميعا ، وكان الميراث للامام. ولو أسلم الكافر ، كان الميراث له والمطالبة إليه ، وفيه قول آخر.

أقول : أشار بالقول الاخر الى التفصيل الذي ذكره في مسألة أنه لو لم يكن للميت المسلم وارث مسلم سوى الامام ، ثم أسلم الوارث الكافر ، فميراثه له لانه أولى من الامام مطلقا ، أو الامام أولى مطلقا ، أو الامام أولى بعد نقل التركة الى بيت ماله ، أما قبله فلا.

قالرحمه‌الله : مسألتان ـ الاولى : يفك الابوان للارث اجماعا ، وفي الاولاد تردد ، أظهره أنهم يفكون.

أقول : ينشأ : من النظر الى أن الفك ورد على خلاف مقتضى الدليل ، لما فيه من اجبار المالك على أخذ القيمة عن ملكه ، ترك العمل به في صورة وجوب فك الأب ، للاجماع فيبقى معمولا به فيما عداه ، وهو غيرة سلار.

ومن الالتفات الى الاخبار الدالة على وجوب فك الاولاد ، وهي كثيرة صحيحة

١٣٢

فيعمل بها ، وهو اختيار أكثر الاصحاب وادعى المتأخر الاجماع عليه.

قالرحمه‌الله في الحجب : وأما الحجب الاخوة ـ الى قوله : وهل يحجب القاتل؟ فيه تردد ، والظاهر أنه لا يحجب.

أقول : منشؤه : النظر الى عموم قوله تعالى «فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ »(١) وعموم روايات الحجب [ ترك العمل بها في عدم الحجب ](٢) بالكافر والرق ، لروايتي محمد بن مسلم والفضل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قالا : سألنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المملوك والمشرك يحجبان اذا لم يرثا؟ قال : لا(٣) . فيبقى معمولا بهما فيما عداهما.

وهو ظاهر كلام الشيخ المفيد قدس الله روحه وابني بابويه ، حيث قالوا : انما يحجب الاخوة للاب ، لانهم عياله وعليه نفقتهم ، وهذه العلة مروية ، فعلى هذا القاتل يحجب ، لان نفقته غير ساقطة.

قال صاحب كشف الرموز : بخلاف الكافر والمملوك.

وأقول : أما قوله « بخلاف المملوك » فجيد ، لان نفقته ساقطة عن أبيه لوجوبها على مولاه. وأما قوله « بخلاف الكافر » فغلط ، اذ الكفر غير مسقط للنفقة ، بل يجي‌ء على ظاهر هذا القول أن الكافر يحجب أيضا.

والالتفات الى أن الاصل عدم الحجب ، فلا يصار إليه الا لدليل ناقل ، ولان القاتل ممنوع من الميراث ، فلا يحجب كالكافر والعبد ، وهو اختيار الشيخرحمه‌الله والمتأخر ، حتى أن الشيخ ادعى عليه الاجماع في الخلاف(٤) .

__________________

(١) سورة النساء : ١١.

(٢) ما بين المعقوفتين من « س ».

(٣) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٤١.

(٤) الخلاف ٢ / ٣٩.

١٣٣

والقول الاول أقوى عندي ، والاصل يخالف للدليل وقد بيناه.

وأما الثاني فمجرد قياس ، وهو عندنا باطل ، وادعاء الشيخ الاجماع فيه نظر ، اذ هو غير متحقق مع وجود الخلاف من أكابر علمائنا.

قالرحمه‌الله : وفي اشتراط وجودهم منفصلين لا حملا تردد ، أظهره أنه شرط.

أقول : منشؤه : النظر الى أن العلة المقتضية لحجب الام عما زاد على السدس ، وهي وجوب نفقة الاخوة الذين هم أولاد الأب عليه وكونهم عياله منتفية هنا ، اذ لا نفقة للحمل ، فينتفي الحجب عملا بالعلية ، وهو اختيار أكثر الاصحاب.

والالتفات الى عموم آية الحجب.

قالرحمه‌الله : وأما المقاصد فثلاثة : الاول ـ في ميراث الانساب ـ الى قوله : ولو انفرد أولاد الابن وأولاد البنت ، كان لاولاد الابن الثلثان ، ولاولاد البنت الثلث على الاظهر.

أقول : اعلم أن هذه المسألة مبنية على أن ولد الولد هل هو ولد حقيقة أو مجازا ، فان قلنا بالاول ـ كما هو مذهب السيد المرتضى قدس الله روحه وابن أبي عقيل وغيرهما واختاره المتأخر ، أعطيناه نصيب الذكر ان كان ذكرا ، وان كان ابن بنت الميت دون نصيب أبيه.

وان قلنا بالثاني ـ كما هو مذهب الشيخين وابن بابويه وأبي الصلاح وأتباعهم وهو الاقوى ـ كان لكل ولد نصيب من يتقرب به ، فيعطى ولد الابن ثلثي التركة ، ذكورا كانوا أو أناثا ، أو ذكورا وأناثا ، يقتسمونه بينهم للذكر ضعف حظ الانثى ، واحدا كان أو أكثر ، ويعطى ولد البنت ثلث التركة ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، وعلى كل حال ، لان كل رحم بمنزلة الرحم الذي يمت به.

١٣٤

فائدة :

هل يقسم نصيب أولاد البنت اذا كانوا ذكورا وأناثا بينهم بالسوية ، أو للذكر مثل حظ الانثيين؟ ذهب في المبسوط(١) الى الاول. قال المصنفرحمه‌الله في النكت : ولم يذكر مستنده فأحكيه ، وذهب في النهاية(٢) وباقي كتبه الى الثاني ، وهو الحق.

لنا ـ قوله تعالى «يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ »(٣) وولد البنت ولد ، للنقل والاستعمال.

قالرحمه‌الله : المقصد الثالث في الميراث بالولاء ، ومع عدم الابوين والولد يرثه الاخوة ، وهل ترث الاخوات؟ على تردد ، أظهره نعم ، لان الولاء لحمة كلحمة النسب.

أقول : اعلم أن هذا الفرع مبني على أن الولاء هل ترثه الذكور والاناث ممن يرث تركة المنعم ، أو يختص به الذكور دون الاناث.

فان قلنا بالاول ـ كما هو مذهب الشيخرحمه‌الله في المبسوط(٤) والخلاف(٥) ـ ورثه الاخوات هنا ، وبه أفتى الشيخرحمه‌الله في المبسوط.

وان قلنا بالثاني ـ كما هو مذهب الشيخ المفيد قدس الله روحه ـ لم ترثه الاخوات. ولما كان القول الاول عندنا أقوى ، لا جرم كان توريثهم قويا أيضا.

قالرحمه‌الله : الثامنة ـ اذا أولد العبد من معتقه ابنا ، فولاء الابن لمعتق

__________________

(١) المبسوط ٤ / ٧٦.

(٢) النهاية ص ٦٣١.

(٣) سورة النساء : ١١.

(٤) المبسوط ٤ / ١٠٨.

(٥) الخلاف ٢ / ٦٤.

١٣٥

أمه ، فلو اشترى الابن عبدا ، فأعتقه كان ولاؤه له ،

ولو اشترى معتقه أب المنعم ، فأعتقه انجر الولاء من مولى الام الى مولى الأب ، وكان كل واحد منهما مولى الاخر. فان مات الابن ، فميراثه لابنه. فان مات الابن ولا مناسب له ، فولاؤه لمعتق أبيه. وان مات المعتق ولا مناسب له ، فولاؤه للابن الذي باشر عتقه. ولو ماتا ولم يكن لهما مناسب ، قال الشيخرحمه‌الله يرجع الى مولى الام ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى أن الحكم يعود الولاء الى مولى الام ، بعد الاتفاق على انتقاله عنه الى مولى الأب الذي هو المعتق ، يفتقر الى دليل وهو مفقود هنا اذ ليس الا النص ولا شك في انتفائه ، فيكون مالهما للامام ، لانه وارث من لا وارث له.

والالتفات الى أن الاصل قاض ببقاء ولاء مولى الام ، ترك العمل به في بعض الصور ، لوجود الدليل الدال على الانتقال ، فيبقى معمولا به فيما عداه ، وهو اختيار الشيخرحمه‌الله في المبسوط.

قال : ومن هذا قول الفرضيين انه انتقل الولاء ، وقولهم ينجز الولاء من الام الى الأب ، لا يريدون به أنه زال ملكه ، لكن يريدون به أن هذا عصبة ، ومولى الام مولى فعصبة المولى أولى من المولى(١) .

قالرحمه‌الله في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم : وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الهدم والغرق مما يحصل معه الاشتباه تردد ، وكلام الشيخ في النهاية يؤذن بطرده مع أسباب الاشتباه.

أقول : منشؤه : النظر الى أن الاصل عدم التوارث ، فلا يصار إليه الا لدليل وهو غير موجود هنا ، وهو اختيار ابن بابويه ، اقتصارا بمورد النص.

والالتفات الى أن العلة المقتضية لثبوت هذا الحكم وهو الاشتباه موجود هنا

__________________

(١) المبسوط ٤ / ١٠٧.

١٣٦

فيحكم بوجوده عملا بالعلية ، وهو اختيار الشيخين وأبي الصلاح والمتأخر.

قالرحمه‌الله : اذا ثبت هذا فمع حصول الشرائط يورث بعضهم من بعض ولا يورث الثاني مما ورث منه. وقال المفيدرحمه‌الله : يرث مما ورث منه ، والاول أصح لانه انما يفرض الممكن والتوريث مما ورث يستدعي الحياة بعد فرض الموت وهو غير ممكن عادة ، ولما روي أنه لو كان لاحدهما مال صار المال كمن لا مال له.

أقول : اعلم أن صاحب كشف الرموز قدح في هذا الدليل الاول ، بانه غير وارد ، اذ فرض الشي‌ء لا ينافي الامكان بالعادة ، ثم قال : نعم يرد عليه أن الارث لا يكون الا في تركة الميت ، وما ورثه غير ما خلفه ، فلا إرث فيه ، وأن القول بالتوريث مما ورث منه يستلزم الحكم في منع بعض الورثة ، وتخصيص الاخر بمال كثير بغير سبب شرعي في صورة أخرى بتساوي الاستحقاق بالنسب مختلفي الورثة لو ترك أحدهما ألف دينار والاخر دينارا واحدا ، والاتفاق هنا قائم على جواز التقديم ، فأيهم تقدم يكون ورثة الاخر ممنوعين ، وهذا ممنوع قضية بديهية.

ويرد عليه أيضا ما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في قول أهل البيت قال : يورث هؤلاء من هؤلاء ، أو هؤلاء من هؤلاء ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا.

ثم اعترض الاول ما يفرض أن ما ورثه من جملة تركته ، فيورث عنه الثاني بأن كونه ممنوعا في صورة غير مستلزم لكل الصور. واعترض الرواية بأنها مرسلة فلا يعمل بها.

ثم أجاب عن الاول ، بأن فرض الشي‌ء لا يفيد وقوعه في جميع الصور ، فهو ممنوع ، وان أراد أنه لا يفيد في بعض الصور ، فهو مسلم أيضا ، لكنه واقع هنا اذ البحث انما وقع فيه. وعن الثاني بأنه لا قائل بالفصل ، وعن الرواية بأنها منجبرة بعمل أكثر الاصحاب وبما قلناه.

واحتج المتأخررحمه‌الله على أن الثاني مما ورث منه بوجهين :

١٣٧

الاول : أن الارث لا يكون الا مما يملكه الميت قبل موته ، وهذا المعنى غير متحقق هنا فلا إرث ، وهذا الدليل قريب مما استدل به المصنف.

الثاني : لو أنا ورثناه مما ورثه منه ، أبطلت(١) القسمة أبدا.

قالرحمه‌الله : وفي وجوب تقديم الاضعف في التوريث تردد ، قال في الايجاز : لا يجب. وفي المبسوط : لا يتعين به حكم غير انا نتبع الاثر في ذلك. وعلى قول المفيدرحمه‌الله تظهر فائدة التقديم. وما ذكره في الايجاز أشبه بالصواب ، ولو ثبت الوجوب كان تعبدا.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة عدم الوجوب ، ولان تقديم الاضعف في الارث كالزوجة مثلا غير مشتمل على فائدة ، فيكون وجوبه عبثا ، وهو قبيح.

أما الصغرى ، فلان التوريث حاصل من الطرفين ، والتقديم لا يقتضي زيادة سهم المقدم عن فرضه ، فحينئذ لا فائدة في وجوب هذا التقديم.

وأما الكبرى فظاهرة ، اذ الاشياء تابعة للمصالح عندنا.

واعلم أن هذا الدليل انما يتمشى على قول من لا يورث الثاني مما ورث منه أما على قول من يورثه مما ورث منه ، فالفائدة ظاهرة ، وهي اختصاص الثاني بأخذ نصيبه من تركة الاول ومما ورث منه.

والالتفات الى أن الروايات دالة على وجوب التقديم ، فيجب اتباعها دفعا للضرر المظنون الحاصل من مخالفيها ، وهو خيرة الشيخ في المبسوط(٢) ، واستحسنه المتأخر.

وانما كان الأشبه بالصواب ما ذكره في الايجاز(٣) ، وهو استحباب التقديم

__________________

(١) فى « م » : اتصلت.

(٢) المبسوط ٤ / ١١٩.

(٣) الايجاز فى الفرائض ص ٢٧٦.

١٣٨

لما فيه من الجمع بين العمل بالروايات ، والتخلص مما ذكرناه في الدليل الدال على عدم الوجوب.

وانما كان الوجوب بعيدا لوجوه : أما أولا ، فلما فيه من الاصل. وأما ثانيا فلاستلزام العبث. وأما ثالثا ، فلان العامل به قليل جدا.

١٣٩

فصل

( فى ذكر الترددات المذكورة فى كتاب القضاء )

قالرحمه‌الله : وهل يشترط علمه بالكتابة؟ فيه تردد ـ الى قوله : مع خلوه في أول أمره من الكتابة.

أقول : قد بين المصنفرحمه‌الله منشأ التردد في المتن ، لكن قوله « مع خلوه في أول أمره من الكتابة » يدل على أنهعليه‌السلام كان عالما بالكتابة بعد البعثة ، وهذا شي‌ء قد اختلف فيه ، فذهب الشيخرحمه‌الله الى أن النبيعليه‌السلام انما كان أميا قبل البعثة أما بعدها فلا ، واختاره المتأخر وأتباعه.

وذهب قوم الى أنهعليه‌السلام كان أميا قبل البعثة وبعدها ، عملا بقوله تعالى «وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ »(١) ومعناه : ان المبطل يرتاب لو كان النبيعليه‌السلام عارفا بالكتابة ، ولو كان عالما بها بعد البعثة لبطل هذا المعنى.

وفيه نظر ، لان الريبة من المبطل انما يتحقق لو كان النبيعليه‌السلام عارفا بالكتابة قبل البعثة ، أما مع تجدد علمه بها بعدها فلا.

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٤٨.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200