مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق12%

مكارم الأخلاق مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: مکتبة الأخلاق والدعاء
الصفحات: 481

مكارم الأخلاق
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207761 / تحميل: 11480
الحجم الحجم الحجم
مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عن يزيد بن خليفة قال: رآنى أبو عبد اللهعليه‌السلام أطوف حول الكعبة وعلي برطلة، فقالعليه‌السلام : لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود.

عن الحسن بن مختار قال: قال لي أبوالحسن الاولعليه‌السلام : اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة فإن السيد مثلي لا يلبس المصنع ( والمصنع: المكسر بالظفر ).

الفصل الثامن

( في لبس الخف والنعل )

عن ياسر الخادم، عنهعليه‌السلام من قال: كانعليه‌السلام يدخل المتوضأ(١) في خف صغير.

عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن علياعليه‌السلام كان في سفر وكان إذا سافر أدلج فبينا هو قد أخذ في الدلجة(٢) فلبس ثيابه وتناول أحد خفيه فلبسه، ثم أهوى إلى الخف الاخر ليلبسه إذ انحط طير من السماء فضرب خفه فأخذه، فانطلق عليعليه‌السلام فاتبعه ليأخذ الخف منه، فسبقه وارتفع إلى السماء، فما زال يدور حتى أصبح فألقى الخف فخرج من الخف حنش وهو حية.

من مسموعات ناصح الدين أبي البركات، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لبس الخف يزيد في قوة البصر.

عن الصادقعليه‌السلام قال: إدمان لبس الخف أمان من الجذام، فقيل له: في الشتاء أم في الصيف؟ قال: شتاء كان أم صيفا.

عن أبي الجارود(٣) قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام لابسا خفا أحمر، فقال لي: أو ما علمت أن الخف الاحمر لبس الجبابرة، فالابيض المقشور لبس الاكاسرة، والاسود سنتنا وسنة بني هاشم؟ قال أبوالجارود: فصحبت أبا عبد اللهعليه‌السلام في طريق مكة وعليه خف أحمر، فقلت له: يا ابن رسول الله كنت حدثتني منه في الاحمر

__________________

١ - المتوضأ: موضع يتوضأ فيه أي يستنجى ويكنى به عن الكنيف والمستراح.

٢ - الدلجة - من أدلج الرجل -: سار الليل كله.

٣ - الظاهر هو زياد بن المنذر الهمداني من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام ، له أصل وكتاب زيدي المذهب وإليه ينسب الجارودية.

١٢١

أنه لبس الجبابرة، قال: أما في السفر فلا بأس به فإنه أحمل للماء والطين، وأما في الحضر فلا.

عن أبي عبد الله، عن أبيهعليهما‌السلام : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من اتخذ نعلا فليستجدها.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: انتعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام رجل فناوله النعل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم إن عبدك تقرب إليك فقربه ولا أظنه إلا قال: وأدبه. قال: وتمضمض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم مجه(١) ، فوثب إليه رجل فأخذه فشربه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم إن عبدك تحبب اليك فأحبه.

وعنه، عن عليعليهما‌السلام قال: استجادة الحذاء وقاية للبدن وعون على الصلاة والطهور.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى:( فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ) (٢) قال: كانتا من جلد حمار.

( في استحباب الانتعال بالنعل المخصرة المعقبة )

عن صباح الحذاء قال: أتاني الحلبي بنعل، فقال لي: إحذ لي على هذه، فإن هذا حذاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: ومن أين صارت اليك؟ قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : ألا أريك حذاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقلت: بلى. فأخرج إلي هذا النعل، فقلت: هبها لي، قال: هي لك. قال صباح: فحذوت عليها نعله وكنت أحذو لاصحابنا عليها، فقال ابوأحمد: وقد رأيتها وهي مخصرة معقبة(٣) .

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إني لامقت الرجل الذي لا أراه معقب النعلين.

عن صباح الحذاء قال: حذوت نعلا لابي عبد اللهعليه‌السلام على نعل وجه به إلي فكانت مخصرة من نصف النعل.

__________________

١ - مج الماء من فيه: رماه.

٢ - سورة طه: آية ١٢.

٣ - المخصرة: الدقيق الخصر، وهي النعل التي قطع خصراها حتى صارا مستدقين أي مستدقة الوسط.

١٢٢

عن منهال قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وعلي نعل ممسوحة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : هذا حذاء اليهود، قال: فانصرف، فأخذ سكينا فخصرها به.

عن علي السابري قال: رآني أبوالحسنعليه‌السلام وعلي نعل غير مخصرة، فقال: يا علي متى تهودت؟

( في كراهية عقد الشراك )

روي أن أبا عبد اللهعليه‌السلام كره عقد شراك النعل. قال: وأخذ نعل بعضهم فحل شراكها(١) .

وعنهعليه‌السلام قال: أول من عقد شراك نعله إبليس.

( في كيفية الانتعال )

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: من السنة لبس نعل اليمين قبل اليسار وخلع اليسار قبل اليمين.

من كتاب النجاة، الدعا المروي عند لبس الخف والنعل يلبسهما جالسا ويقول: « بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ووطئ قدمي في الدنيا والاخرة وثبتهما على الصراط يوم تزل فيه الاقدام »، فإذا خلعهما فمن قيام ويقول: « بسم الله الحمد لله الذي رزقني ما أوقي به قدمي من الاذي، اللهم ثبتهما على صراطك ولا تزلهما عن صراطك السوي ».

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى:( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) (٢) : النعل والخاتم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعاهدوا نعالكم عند أبواب المسجد.

( في الشسع إذا انقطع )

عن يعقوب السراج قال: خرجنا مع أبي عبد اللهعليه‌السلام وهو يريد أن يعزي

__________________

١ - الشراك - بالكسر - سير النعل على ظهر القدم، أي حبلها.

٢ - سورة الاعراف آية ٣٠.

١٢٣

عبد الله بن الحسن بابنة له أو ابن، فانقطع شسع نعله فنزع بعض القوم نعله وحل شسعها وناوله إياه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها(١) .

وعنهعليه‌السلام قال: من رقع جبته وخصف نعله وحمل سلعته فقد برئ من الكبر(٢) .

( في المشي في نعل واحدة وخف واحد )

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن علياعليه‌السلام كان يمشي في نعل واحدة ويصلح الاخرى.

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب ماء وهو قائم أو تخلي على قبر، أو بات على غمر(٣) ، أو مشى في حذاء واحد فعرض له الشيطان لم يفارقه إلا أن يشاء الله.

( في خلع النعال والخفاف إذا جلس )

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إخلعوا نعالكم فإنها سنة حسنة جميلة وهو أروح للقدمين. وفي رواية إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم فإنه أروح لاقدامكم وإنها سنة جميلة.

من كتاب طب الائمة في الخف والنعل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من لبس نعلا صفراء لم يبلها حتى يستفيد مالا، ثم تلى هذه الاية( صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ) (٤) .

وعنهعليه‌السلام قال: من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها.

عن حنان بن سدير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: دخلت عليه لابسا نعلا سوداء فقال: مالك ولبس النعل السوداء؟ أما علمت أن فيها ثلاث خصال؟ قلت؟ وما هي

__________________

١ - الشسع - بالكسر -: زمام النعل بين الاصبع الوسطى والتي تليها.

٢ - السلعة - بالكسر -: المتاع وما يشتري للمنزل.

٣ - الغمر: الحقد، العطش.

٤ - سورة البقرة: آية ٦٤.

١٢٤

قالعليه‌السلام : تضعف البصر وترخي الذكر وتورث الهم وهي مع ذلك من لبس الجبابرة عليك بلبس النعل الصفراء فإن فيها ثلاث خصال، قلت: وما هي؟ قال: تحد البصر وتشد الذكر وتنفي الهم وهي مع ذلك من لبس الانبياءعليهم‌السلام .

وعنهعليه‌السلام قال: من السنة الخف الاسود والنعل الصفراء.

وعنهعليه‌السلام قال: لبس الخف يريد في قوة البصر.

عن أبي الحسن العسكريعليه‌السلام فيمن أصابه عقر الخف والنعل قال: تأخذ طينا من حائط بلبن، ثم تحكه بريقك على صخرة أو على حجر، ثم تضعه على العقر فيذهب إن شاء الله(١) .

الفصل التاسع

في المسكن وما يجوز منه وما لا يجوز وما يتعلق به

( في المسكن الواسع وغيره )

عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من السعادة سعة المنزل.

وعنهعليه‌السلام قال: للمؤمن راحة في سعة المنزل.

وسئل أبوالحسنعليه‌السلام عن أفضل عيش في الدنيا؟ قال: سعة المنزل وكثرة المحبين.

وعنهعليه‌السلام أيضا قال: العيش بالسعة في المنازل والفضل في الخدم.

عن معمر بن خلاد قال: إن أباالحسن اشترى دارا وأمر مولى له أن يتحول إليها وقال له: إنه منزلك، فقال له المولى: قد أجرت هذه الدار لي؟ فقال أبوالحسنعليه‌السلام : إن كان أبوك أحمق فينبغي أن تكون مثله.

عن السكوني، عن جعفر، عن أبيهعليهما‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سعادة المرء المرأة الصالحة والمسكن الواسع والمركب البهي والولد الصالح.

عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام قال: إن للدار شرفا وشرفها

__________________

١ - عقر النعل: الجراحة الحاصلة منها.

١٢٥

الساحة الواسعة والخلطاء الصالحون(١) وإن لها بركة وبركتها جودة موضعها وسعة ساحتها وحسن جوار جيرانها.

قال الصادقعليه‌السلام : من سعادة المرء حسن مجلسه وسعة فنائه ونظافة متوضاه(٢) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع من السعادة وأربع من الشقاوة، فالاربع التي من السعادة: المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب البهي. والاربع التي من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : حرمة الجار على الانسان كحرمة أمه.

( في مقدار سمك البيت )

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: يا محمد ابن بيتك سبعة أذرع فما كان فوق ذلك سكنة الشياطين. إن الشياطين ليست في السماء ولا في الارض، إنما يسكنون الهواء.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمك البيت سبعة أذرع أو ثمان أذرع فما فوق ذلك فمحضر للشياطين.

وعنهعليه‌السلام أيضا قال: كل شيء يرفع من سمك البيوت على تسعة أذرع فهو مسكن الشياطين.

عن الصادقعليه‌السلام قال: إذا كان سمك البيت فوق ثمانية أذرع فاكتب فيه آية الكرسي.

عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: كل شيء فوق التسع

__________________

١ - الساحة: الفضاء. والخلطاء - جمع - خليط -: المخالطون الذين أمرهم واحد من الزوج والزوجة والولد والجار والاهل.

٢ - الفناء - بالكسر -: الساحة، أمام البيت، ما امتد من جوانبه. والمتوضأ: المستراح.

١٢٦

يعني سمك البيت فما زاد على التسع فهو مسكون، يعني البيوت، أو ما كان سمكها فوق التسع فما كان فوق التسع مسكون.

وعنه، عن آبائهعليهم‌السلام أن رجلا من الانصار شكا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أن الدور قد اكتنفته، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ارفع ما استطعت واسأل الله أن يوسع عليك.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : ما من إنسان يبني فوق ثمانية أذرع إلا ويأوي الشيطان فيما فوق ثمانية أذرع والواجب أن يكتب له فيه آية الكرسي حتى لا يأوي فيه الشيطان.

وعنهعليه‌السلام قال: كل بناء فوق الكفاية يكون وبالا على صاحبه يوم القيامة.

وعنهعليه‌السلام أنه قال: ما يبني إنسان فوق ثمانية أذرع إلا وينادي مناد من السماء: إلى أين تريد يا فاسق؟

من جوامع الجامع، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لابد منه.

( فيما يستحب عند البناء )

عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بنى منزلا فليذبح كبشا وليطعم لحمه المساكين وليقل: اللهم ادحر عني وعن أهلي وولدي مردة الجن والشياطين وبارك لي فيه بنزولي فإنه يعطي ما سأل إن شاء الله.

( في الاسراف في البناء )

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كل بناء ليس بكفاف فهو وبال على صاحبه.

وعنهعليه‌السلام قال: من كسب مالا من غير حله سلط على الماء والطين.

( في كنس المنازل )

عنهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود.

وقال الصادقعليه‌السلام : غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق.

١٢٧

( في وقت في البيت والخروج عنه )

عنهعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا خرج من البيت في الصيف خرج يوم الخميس، وإذا أراد أن يدخل في الشتاء من البرد دخل يوم الجمعة.

وفي رواية، عن ابن عباس قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخرج إذا دخل الصيف ليلة الجمعة، وإذا دخل الشتاء دخل ليلة الجمعة.

( في اغلاق الابواب وغيرها )

عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسنعليهما‌السلام ، سئل عن إغلاق الابواب وإكفاء الاناء(١) وإطفاء السراج؟ قال: اغلق بابك فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأطفئ سراجك من الفويسقة وهي الفأرة لا تحرق بيتك. وأكفئ إناءك فإن الشيطان لا يرفع إناء مكفأ.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون.

عن الرضاعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أطفؤا المصابيح، لا تجرها الفويسقة فتحرق البيت وما فيه.

( فيما يتعلق بالمسكن )

عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه أتاه رجل [ فشكا إليه ] فقال: أخرجتنا الجن من منازلنا يعني عمار منازلهم، فقال: إجعلوا سقوف بيوتكم سبعة أذرع واجعلوا الحمام في أكناف الدار. قال الرجل: ففعلنا فما رأينا شيئا نكرهه.

عن داود الرقي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: رأيت حماما خرج من تحت سريرة فقلت له: جعلت فداك أهدي لك طيورا عندنا بلقا تقرقر(٢) ؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : تلك مسوخ من الطير، إذا كنت متخذا فاتخذ مثل هذه فإنها بقية حمام إسماعيلعليه‌السلام .

__________________

١ - إكفاء الاناء: قلبه. ويأتي أيضا بمعني الاستتار ومنه الكفاء، ككتاب.

٢ - البلق: الابلق وهو الذي كان في لونه سواد وبياض. وتقرقر الطير: تصوت وتردد صوته.

١٢٨

من كتاب من لا يحضره الفقيه، شكا رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من الوحشة، فأمره باتخاذ زوج من الحمام.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إن خفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين.

وقالعليه‌السلام أيضا: إتقوا الله فيما خولكم(١) وفي العجم من أموالكم، فقيل له: ما العجم من أموالنا؟ قال: الشاة والهر والحمام وأشباه ذلك.

من الفردوس، عن أنس قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشاة في البيت ترد سبعين بابا من الفقر.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشاة في الدار بركة. والسنور في الدار بركة.

والرحا في الدار بركة. والشاة بركة. والشاتان بركتان. والثلاثة بركات كثيرة.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الشاة من دواب الجنة.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من مؤمن يكون في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم، فإن كانتا اثنتين قدسوا كل يوم مرتين، فقال رجل كيف يقدسون؟ قال: يقال لهم: بورك عليكم وطبتم ما طاب إدامكم.

وعنهعليه‌السلام قال: إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تمنعوا الخطاطيف أن تسكن في بيوتكم(٢) .

وقال: لا تطرقوا الطير في أوكارها فإن الليل أمان لها وذلك لما جعله الله عليه من الرحمة.

من كتاب طب الائمة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتخذوا في بيوتكم الدواجن يتشاغل بها الشيطان عن صبيانكم.

عن أبي جعفرعليه‌السلام : من أحبنا - أهل البيت - أحب الحمام.

__________________

١ - فيما خولكم أي ملككم وأعطاكم. والخول: الخدام والحشم وغيرهم من الحاشية.

٢ - الخطاطيف جمع الخطاف: طائر يشبه السنونو، طويل الجناحين، قصير الرجلين، أسود اللون، وقيل: هو الخفاش.

( مكارم الاخلاق - ٩ )

١٢٩

وقال أبوالحسنعليه‌السلام : لا ينبغي أن يخلو بيت أحدكم من ثلاثة وهن عمار البيت: الهرة والحمام والديك، فإن كان مع الديك أنيسة فلا بأس بذلك لمن لا يقدرها.

قال الرضا: في الديك خمس خصال من خصال الانبياء: معرفته بأوقات الصلوات والغيرة والشجاعة والسخاوة وكثرة الطروقة(١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه. وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا.

عن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الديك الابيض صديقي وعدوه عدو الله، يحرس صاحبه وسبع دور. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبيته معه في البيت.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الدجاج غنم فقراء أمتي.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تسبوا الديك فإنه يدل على مواقيت الصلاة.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تسبوا الديك فإنه صديقي وأنا صديقه وعدوه عدوي والذي بعثني بالحق لو يعلم بنو آدم ما في قترته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب والفضة. وإنه يطرد مذمومة من الجن.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من اتخذ ديكا أبيض في منزله يحفظ من شر ثلاثة: من الكافر والكاهن والساحر.

من كتاب روضة الواعظين، عن الباقرعليه‌السلام قال: إن الله تعالى خلق ديكا أبيض عنقه تحت العرش ورجلاه في تخوم الارض السابعة، له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب لا يصيح ديك في الارض حتى يصيح، فإذا صاح خفق بجناحيه، ثم قال: سبحان الله العظيم الذي ليس كمثله شيء فيجيبه الله فيقول: ما آمن بما تقول من يحلف بي كاذبا(٢) .

روى الجعفري قال: رأيت أبا الحسنعليه‌السلام في بيته زوج حمام: أما الذكر فأخضر وأما الانثى فسوداء. ورأيتهعليه‌السلام يفت لهما الخبز ويقول:يتحركان من الليل فيؤنسان وما من انتفاضة ينتفضانها من الليل إلا اتقى من دخل البيت من عرمة الارض(٣) .

__________________

١ - الطروقة: الجماع.

٢ - تخوم الارض: حدها ومنتهاها. وخفق الطائر أي طار.

٣ - الفت: الدق والكسر بالاصابع. الانتفاض: مطاوع نفض وهو حركة الشيء ليزول عنه الغبار.

١٣٠

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ليس من بيت نبي إلا وفيه حمام، لان سفهاء الجن يعبثون بصبيان البيت، فإذا كانه فيه حمام عبثوا بالحمام وتركوا الناس.

الفصل العاشر

( في النجد والاثاث والفرش والتواضع فيها)

عن عبد الله بن عطا قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فرأيت في منزله نضدا ووسائد وأنماطا ومرافق(١) ، فقلت له: ما هذا؟ قالعليه‌السلام : متاع المرأة.

عن جابر بن عبد الله، عن الباقرعليه‌السلام قال: دخل قوم على الحسين بن عليعليه‌السلام فقالوا: يا ابن رسول الله نرى في منزلك أشياء مكروهة - وقد رأوا في منزله بساطا ونمارق - فقال: إنما نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شيءن ليس لنا منه شيء.

عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لما تزوج علي فاطمةعليها‌السلام بسط البيت كثيبا وكان فراشهما إهاب كبش ومرفقتهما محشوة ليفا ونصبوا عودا يوضع عليه السقاء فستره بكساء(٢) .

عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: أدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة على عليعليهما‌السلام وسترها عباء وفرشها إهاب كبش ووسادتها أدم محشوة بمسد.

وعنهعليه‌السلام قال: إن فراش علي وفاطمةعليهما‌السلام كان سلخ كبش يقلبه فينام على صوفه.

وفي كتاب مواليد الصادقينعليهما‌السلام ، قال محمد بن إبراهيم الطالقاني روى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله اعتزل نسائه في مشربة له شهرين - والمشربة العلية - فدخل عليه عمرو في

__________________

١ - النضد - بالتحريك -: ما نضد من متاع البيت وضم بعضه إلى بعض متسقا أو مركوما. والانماط - جمع نمط - كسبب وأسباب: ما يفرش من مفارش الصوف الملونة. والمرافق: جمع مرفق - بالكسر فالسكون -: التي تجعل تحت المرفق من المخدة والمتكأ. والنمارق: جمع نمرق ونمرقة: الوسادة يتكأ عليها.

٢ - بسط البيت: سعته. والكثيب: الرمل. إهاب - ككتاب -: الجلد، أو ما لم يدبغ.

١٣١

البيت أهب عطنة وقرظ والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نائم على حصير قد أثر في جنبه ووجد عمر ريح الاهب، فقال: يا رسول الله ما هذه الاهب؟ قال: يا عمر هذا متاع الحي(١) فلما جلس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان قد أثر الحصير في جنبه. فقال عمر: أما أنا فأشهد أنك رسول الله ولانت أكرم على الله من قيصر وكسرى وهما فيما هما فيه من الدنيا وأنت على الحصير قد أثر في جنبك. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الاخرة.

عن الفضل قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السرير يكون فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت؟ قالعليه‌السلام : إن كان ذهبا فلا وإن كان ماء الذهب فلا بأس.

عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ربما قمت أصلي وبين يدي وسادة فيها تماثيل طائر، فجعلت عليها ثوبا. وقد أهديت إلي طنفسة من الشام(٢) فيها تماثيل طير فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر. وقال: إن الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده.

عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: دخل قوم على أبي جعفرعليه‌السلام وهو على بساط فيه تماثيل، فسألوه؟ فقال: أردت أن أهبه.

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لا بأس أن يكون التماثيل في البيوت إذا غيرت الصورة.

عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر؟ قال: لا بأس به، ما لم يكن فيه شيء من الحيوان.

عن أبي العباس، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل:( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل ) (٣) ما التماثيل الذي كانوا يعملون؟ قال: أما والله ما هي التماثيل التي تشبه الناس ولكن تماثيل الشجر ونحوه.

عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إنما نبسط عندنا الوسائل فيها

__________________

١ - العلية - بالكسر وقد تضم -: الغرفة. وأهب - كعمد -: جمع إهاب - كعماد -: الجلد ما لم يدبغ. وعطنة: المنتنة، والقرظ - بالتحريك -: ورق السلم يدبغ به الاديم.

٢ - الطنفسة: البساط الذي له خمل رقيق. وأيضا: القالي. وقيل: والذي يجعل على ظهر الدابة.

٣ - سورة سبأ: آية ١٢.

١٣٢

التماثيل ونفرشها، قال: لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ، إنما نكره منها ما نصب على الحائط والسرير.

من كتاب زهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن عقيل بن عبد الرحمن الخولاني قال: كانت عمتي تحت عقيل بن أبي طالب فدخلت على عليعليه‌السلام بالكوفة وهو جالس على برذعة حمار مبتلة(١) قالت: فدخلت على عليعليه‌السلام امرأة له من بني تميم، فقلت لها: ويحك إن بيتك ممتلئ متاعا وأمير المؤمنينعليه‌السلام جالس على برذعة حمار مبتلة، فقالت: لا تلوميني فوالله ما يرى شيئا ينكره إلا أخذه فطرحه في بيت المال.

عن شريك بن عبد الله، عن شيخ، عن أمه قالت: رأيت خبز عليعليه‌السلام تحت فراشه أو في فراشه.

__________________

١ - بتله بتلا من باب قتل: قطعه وأبانه. وبتل وتبتل: انقطع. والمبتلة على بناء المفعول: القطعة.

١٣٣

الباب السابع

( في الاكل والشرب وما يتعلق بهما وهو ثلاثة عشر فصلا)

الفصل الاول

( في فضل اطعام الطعام واصطناع المعروف وصوم التطوع)

من كتاب من لا يحضره الفقيه، قال الله سبحانه تعالى:( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) (١) وقد مدح الله عزوجل [ في ذلك ] صاحب القليل فقال في كتابه [ العزيز ]:( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ) (٢) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما آمن بالله من شبع وأخوه جائع. ولا آمن بالله من اكتسى وأخوه عريان، ثم قرأ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة.

وسمع أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم. فقالعليه‌السلام : كذبت، إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها والشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقرى الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح.

عن الصادقعليه‌السلام قال: المنجيات ثلاث: إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام.

وعنهعليه‌السلام قال: لو أن رجلا أنفق على طعام ألف درهم وأكل منه مؤمن واحد لم يعد سرفا.

__________________

١ - سورة سبأ: آية ٣٨.

٢ - سورة الحشر: آية ٩.

١٣٤

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليسكت. و [ كان ] يقول: لا تلزم ضيفك بما يشق عليه.

روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: أول ما يبدأ به في الاخرة صدقة الماء يعني في الاجر.

عن الباقرعليه‌السلام قال: إن الله تبارك وتعالى يحب إيراد الكبد الحراء ومن سقى كبدا حراء من بهيمة وغيرها أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

عن الصادقعليه‌السلام قال: من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة. ومن سقى الماء في موضع لايوجد فيه الماء كان كمن أحيا نفسا.( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) (١) .

وعنهعليه‌السلام قال: من أحب الاعمال إلى الله عزوجل إشباع جوعة المؤمن وتنفيس كربته وقضاء دينه.

عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال: من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقير شيعتنا. ومن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزور قبور صلحاء إخواننا.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصدقة بعشرة. والقرض بثمانية عشر. وصلة الاخوان بعشرين. وصلة الرحم بأربعة وعشرين.

وعنهعليه‌السلام قال: إن الله تعالى يقول: ما من شيء إلا وقد تكفلت به من يقبضه غيري إلا الصدقة فإني اتلقفها بيدي تلقفا(٢) حتى أن الرجل ليتصدق بالتمرة أو بشق التمرة فأربيها كما يربي الرجل فلوه وفصيله، فيلقاني يوم القيامة وهو مثل أحد وأعظم من أحد.

وعنهعليه‌السلام قال: إن الله عزوجل يحب الاطعام في الله ويحب الذي يطعم الطعام في الله. والبركة في بيته أسرع من الشفرة(٣) في سنام البعير.

__________________

١ - سورة المائدة: آية ٣٥.

٢ - التلقف: التناول بسرعة: والفلو - بضم اللام وتشديد الواو - الجحش والمهر يفصل عن أمه.

٣ - الشفرة - بفتح فسكون -: المدية وهي السكين العظيمة العريضة. وأيضا: حد السيف.

١٣٥

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أول من يدخل الجنة المعروف وأهله وأول من يرد علي الحوض.

عن الصادقعليه‌السلام قال: أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصله إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وعنهعليه‌السلام قال: رأيت المعروف كاسمه. وليس شيء أفضل من المعروف إلا ثوابه وذلك هو الذي يراد منه. وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه. وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه. ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه.

وعنهعليه‌السلام قال: رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال: تصغيره وستره وتعجيله، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه وإذا سترته تممته وإذا عجلته وهنأته. وإن كان غير ذلك محقته ونكدته.

وعنهعليه‌السلام قال: إذا أردت أن تعلم أشقى الرجل أم سعيد فانظر معروفه إلى من يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه خير. وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير.

وعنهعليه‌السلام قال: خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم.

وعنهعليه‌السلام قال: شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أدى ما افترض الله عليه فهو أسخى الناس.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما محق الاسلام ماحق مثل الشح، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل وشعبا كشعب الشرك.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : صدقة رغيف خير من نسك مهزول(١) .

عن الباقرعليه‌السلام قال: البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان ميتة السوء.

__________________

١ - النسك: الذبيحة وما يقدم لله تعبدا.

١٣٦

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن صاحبها سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل.

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: صدقة السر تطفئ غضب الرب.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: اتبعو قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنه قال: من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر.

عن الصادقعليه‌السلام قال: ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت إلا أحوجه الله عزوجل إلى السؤال قبل أن يموت ويثبت له بها في النار.

وعنهعليه‌السلام قال: قال رجل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله علمني شيئا إذا فعلته أحبني الله من السماء وأحبني أهل الارض؟ قال: ارغب فيما عند الله يحببك الله وازهد فيما عند الناس يحببك الناس.

قال الباقرعليه‌السلام : لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا. ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا. وكان علي بن الحسينعليه‌السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤه فتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق(١) وهو صائم، ثم يقول: هاتوا القصاع واغرفوا لآل فلان واغرفوا لآل فلان، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه.

عن الصادقعليه‌السلام قال: من فطر صائما فله أجر مثله.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره طاويا(٢) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثوب منكم من لم يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما، أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك.

عن الرضاعليه‌السلام قال: تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك.

__________________

١ - المرق - بالتحريك -: ماء اللحم إذا طبخ فصار دسما. واغرفوا أي أخذوا بالمغرفة.

٢ - طاويا: جائعا. ورجل طيان: لم يأكل شيئا.

١٣٧

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه: ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح تقطع دابره والاستغفار يقطع وتينه. ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لكل شيء زكاة وزكاة الابدان الصيام. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تبارك وتعالى: الصوم لي وأنا أجزي به. والصائم فرحتان: حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.

عن الصادقعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم حتى يقال: لا يفطر. ويفطر حتى يقال: لا يصوم. ثم صام يوما وأفطر يوما، ثم صام الاثنين والخميس، ثم آل ذلك إلى صيام ثلاثة أيام من الشهر: الخميس في أول الشهر، والاربعاء في وسط الشهر، والخميس في آخر الشهر. وكان يقول: ذلك صوم الدهر.

وعنهعليه‌السلام قال: إذا صام أحدكم الثلاثة الايام من الشهر فلا يجادلن أحدا. ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والايمان بالله. وإن جهل عليه أحد فليتحمل.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: صيام شهر الصبر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر. إن الله عزوجل يقول:( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) (١) .

سئل الصادقعليه‌السلام عمن لم يصم الثلاثة في كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء؟ قال: مد من طعام في كل يوم.

عن عليعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام يوما تطوعا أدخله الله عزوجل الجنة.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك بسبعين ضعفا او تسعين ضعفا.

__________________

١ - سورة الانعام: آية ١٦١.

١٣٨

وعنهعليه‌السلام قال: من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب [ الله ] له صوم سنة.

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أفطر يقول: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت.

الفصل الثاني

( في آداب غسل اليد وغيرها)

من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن يكثر خيره فليتوضأ عند حضور طعامه.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي الهم ويصحح البصر.

عن الصادقعليه‌السلام : من غسل يده قبل الطعام وبعده بورك له في أوله وآخره وعاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده.

وقالعليه‌السلام : اجعلوا في أسنانكم السعد فإنه يطيب الفم [ ويزيد في الجماع ].(١)

وعنهعليه‌السلام قال: من غسل يده قبل الطعام فلا يمسحها بالمنديل، فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دام النداوة في اليد.

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إذا أكل أحدكم فلا يمسحن بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها.

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يبدأ أولا رب المنزل بغسل يده ومن عن يمينه، فإذا فرغ من الطعام يبدأ [ بمن عن يساره ] بغير صاحب المنزل، لانه أولى بالصبر على الغمر(٢) ويتمندل بعد ذلك.

وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يغسل يده من الغمر، ثم يمسح بها وجهه ورأسه قبل أن يمسحها بالمنديل، ثم يقول: « اللهم اجعلني ممن لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ».

__________________

١ - السعد - بالضم -: طيب معروف.

٢ - الغمر - بالتحريك -: زنخ اللحم وما يتعلق باليد من دسمه.

١٣٩

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر كما ينفي الكبر خبث الحديد وعاش ما عاش في سعة وأن الملائكة تصلي على من يلعق أصابعه في آخر الطعام.

و [ روي ] عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يكره عند الطعام رفع الطست حتى يمتلئ ويهراق ويقول: من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور الطعام وبعده، فإنه من غسل يده عند الطعام وبعده عاش ما عاش في وعوفي من بلوى في جسده.

وعنهعليه‌السلام قال: إذا توضأت بعد الطعام فامسح عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد.

عن صفوان الجمال قال: كنا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه، ثم قال: منه غسلنا.

وعنهعليه‌السلام قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر ويزيد في الرزق.

من كتاب تهذيب الاحكام، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الوضوء قبل الطعام وبعده يذيبان الفقر.

عن يونس قال: لما تغذى عندي أبوالحسنعليه‌السلام وجئ بالطست بدأ الخادم به وكان في صدر المجلس، فقال: ابدأ بمن عن يمينك. فلما توضأ واحد أراد الغلام أن يرفع الطست، فقال أبوالحسنعليه‌السلام دعها.

وعن نزار قال: رأيت أباالحسنعليه‌السلام إذا توضأ قبل الطعام لم يمس المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مس المنديل.

وفي كتاب مواليد الصادقينعليهما‌السلام ، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا فرغ من غسل اليد بعد الطعام مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه، ثم يقول: « الحمدلله الذي هدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء صالح أولانا ».

الفصل الثالث

( في آداب الاكل وما يتعلق به)

من طب الائمة، روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنه قال: اذكروا الله عزوجل عند الطعام ولا تلغوا فيه: فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

وتفسير الطبريّ ( ج ١٠؛ ٦ ) وفتح القدير ( ج ٢؛ ٢٩٥ ) والدّرّ المنثور ( ج ٣؛ ١٨٧ ) وسنن النسائي ( ج ٧؛ ١٢١ ) وصحيح البخاري ( ج ٣؛ ٣٦ ) وصحيح مسلم ( ج ٢؛ ٧٢ ) ومسند أحمد ( ج ١؛ ٢٩٤ ) وشرح النهج ( ج ١٦؛ ٢٣٠ - ٢٣١ ) و ( ج ١٢؛ ٨٣ ) والمصنف لابن أبي شيبة ( ج ١٢؛ ٤٧١ / الحديث ١٥٢٩٧ ) و ( ج ٥؛ ٢٣٨ / الحديث ٩٤٠٨ ) و ( ج ١٢؛ ٤٧٢ / الحديث ١٥٣٠١ ) والسنن الكبرى ( ج ٦؛ ٣٤٤ ) ومشكل الآثار ( ج ٢؛ ٣٦ ) والأموال (٣٣٢). وانظر النصّ والاجتهاد (١١١).

رضيت وإن انتهكت الحرم

إنّ انتهاك القوم حرمة عليّعليه‌السلام ، وحرمة الزهراءعليها‌السلام ، وحرمة الدين، ثابت بالأدلّة القطعيّة، حتّى أنّ عليّاعليه‌السلام صرّح بظلامته في كثير من الموارد، وصرّح بلفظ استحلال حرمته أيضا في خطبه وكلماته، ففي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) في خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام قال فيها: اللهم إنّي استعديك على قريش، فخذ لي بحقّي؛ ولا تدع مظلمتي لها، وطالبهم يا ربّ بحقّي فإنّك الحكم العدل، فإنّ قريشا صغّرت قدري، واستحلّت المحارم منّي، واستخفّت بعرضي وعشيرتي إلى آخر الخطبة. والخطبة في كتاب العدد القويّة ( ١٨٩ - ١٩٠ / الحديث ١٩ ).

ونقلها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٨؛ ١٦٩ ) نقلا عن كتاب العدد نقلا عن كتاب « الإرشاد لكيفيّة الطلب في أئمّة العباد » للصفار.

وانظر كلامه القريب من ذلك في نهج البلاغة ( ج ٢؛ ٨٥ / الخطبة ١٧٢ ) و ( ج ٢؛ ٢٠٢ ) والإمامة والسياسة ( ج ١؛ ١٧٦ ).

وسيأتي انتهاكهم حرمة عليّعليه‌السلام في الطّرفة الثامنة والعشرين عند قوله: « وبعثوا إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة، ثمّ لبّبت بثوبك، وتقاد كما يقاد الشارد من الإبل »، وفي الطّرفة التاسعة عشر انتهاكهم حرمة الزهراء والحسنينعليهم‌السلام ، عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « وويل لمن انتهك حرمتها »، وما بعده من حرق الباب وضربها وإسقاط جنينها وشجّ جنبيها.

٣٤١

وعطّلت السنن

إنّ تلاعب الثلاثة - ومن بعدهم معاوية - بالأحكام ممّا لا ينكره ذو عقل، ولا يجحده إلاّ مكابر، وقد ألّفت الكتب في ذلك، ومخالفاتهم لسنّة رسول الله مبثوثة في كتب المسلمين، وفي أغلب أبواب الفقه، بل في أمّهات أبوابه وأساسيّات مسائله، وذلك جهلا منهم بالأحكام وعداوة لله ولرسوله، ولذلك كان أئمّة أهل البيت يؤكّدون هذه الحقيقة ويصدعون بها ويبيّنونها للمسلمين.

ففي الكافي ( ج ٨؛ ٣٢ ) قول عليّعليه‌السلام في الخطبة الطالوتيّة: ولكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدّت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم، واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتّبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمّة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ...

وفي تفسير العيّاشي ( ج ١؛ ١٦ ) عن الصادقعليه‌السلام ، قال: لا يرفع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر أبدا، ولا إلى آل عمر، ولا إلى آل بني أميّة، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك أنّهم بتروا القرآن وأبطلوا السنن، وعطّلوا الأحكام.

وفي الكافي ( ج ٨؛ ٥٨ ) بسنده عن سليم بن قيس الهلالي، قال: خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ صلّى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ قال: إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتّخذونها سنّة، فإذا غيّر منها شيء قيل: قد غيّرت السنّة ثمّ أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته، فقال:

قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسنته، ولو حملت الناس على تركها - وحوّلتها إلى مواضعها، وإلى ما كانت في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي، الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيمعليه‌السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

٣٤٢

ورددت فدك إلى ورثة فاطمةعليها‌السلام ، ورددت صاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما كان، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ورددت ما قسم من أرض خيبر، ومحوت دواوين العطايا، وأعطيت كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي بالسويّة ولم أجعلها دولة بين الأغنياء، وألقيت المساحة، وسوّيت بين المناكح، وأنفذت خمس الرسول كما أنزل الله عزّ وجلّ وفرضه، ورددت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما كان عليه، وسددت ما فتح فيه من الأبواب، وفتحت ما سدّ منه، وحرّمت المسح على الخفّين، وحددت على النبيذ، وأمرت بإحلال المتعتين، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم، وأخرجت من أدخل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده ممّن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله ممّن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أدخله، وحملت الناس على حكم القرآن، وعلى الطلاق على السنّة، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها إذا لتفرّقوا عنّي ما لقيت من هذه الأمّة، من الفرقة وطاعة أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار ....

وفي مصباح الكفعمي ( ٥٥٢، ٥٥٣ ) المروي عن ابن عبّاس أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يقنت به، فيه قولهعليه‌السلام : اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وأفّاكيها وابنتيهما، الّذين خالفا أمرك وحرّفا كتابك وعطّلا أحكامك، وأبطلا فرائضك اللهم العنهم بعدد كلّ منكر أتوه، وحقّ أخفوه وفرض غيّروه، وأثر أنكروه وخبر بدّلوه، وكفر نصبوه، وإرث غصبوه، وفيء اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس استحلّوه وحلال حرّموه وحرام أحلّوه اللهم العنهم بكلّ آية حرّفوها، وفريضة تركوها، وسنّة غيّروها، ورسوم منعوها، وأحكام عطّلوها ...

وانظر الأحكام الّتي بدّلوها والسنن الّتي عطّلوها في بحار الأنوار ( ج ٨؛ الباب ٢٢ / ٢٣ - ٢٥ ) في تفصيل مطاعن الأوّل والثاني والثالث على التوالي، ودلائل الصدق ( ج ٣؛ ٥ - ١٠٥ ) في مطاعن الأوّل، ( ١٠٧ - ٢٣٧ ) في مطاعن الثاني، ( ٢٤١ - ٣٤١ ) في مطاعن الثالث،

٣٤٣

والغدير ( ج ٧؛ ٩٥ - ١٨١ ) فيما يتعلّق بالأوّل، ( ج ٦؛ ٨٣ - ٣٣٣ ) في مطاعن الثاني بعنوان « نوادر الأثر في علم عمر »، ( ج ٨؛ ٩٧ - ٣٢٣ ) فيما يتعلّق بعثمان، النصّ والاجتهاد في ابتداعاتهم جميعا، والطرائف ( ٣٩٩ - ٤٩٨ ) في مطاعنهم جميعا.

ومزّق الكتاب

روى الشيخ الصدوق في الخصال (١٧٥) بسنده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله: المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: يا ربّ حرّقوني ومزّقوني وانظر بحار الأنوار ( ج ٢؛ ٨٦ ) عن المستدرك المخطوط لابن البطريق، وفي بصائر الدرجات ( ٤٣٣، ٤٣٤ ) بلفظ ( حرّفوا ) بدلا عن ( حرّقوا ).

وفي مقتل الحسين للخوارزمي ( ج ٢؛ ٨٥ ) بسنده عن جابر الأنصاريّ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يجيء يوم القيامة ثلاثة: المصحف والمسجد والعترة، فيقول المصحف: حرقوني ومزّقوني ونقله الإمام المظفر في دلائل الصدق ( ج ٣؛ ٤٠٥ ) عن كنز العمال ( ج ٦؛ ٤٦ ) عن الديلمي عن جابر أيضا، وعن أحمد والطبراني وسعيد بن منصور، عن أبي أمامة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي حديث أصحاب الرايات الخمس التي ترد يوم القيامة، أنّهم يسألون عن الكتاب والعترة، فيقول أصحاب أربع رايات منها: أمّا الأكبر فكذّبناه ومزّقناه كما في اليقين ( ٢٧٥، ٢٧٦ ) والخصال (٤٥٩) وتفسير القمّي ( ج ١؛ ١٠٩ ). وستأتي تخريجات هذا الخبر ومتنه في الطّرفة الثانية والثلاثين عند قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ابيضّت وجوه واسودّت وجوه، وسعد أقوام وشقي آخرون »، وفيها التصريح بأنّ الثلاثة هم أصحاب الرايات الثلاثة الأول، وهم القائلون هذا القول، فلاحظه.

وقد ثبت أنّ عثمان بن عفان هو الّذي أحرق المصاحف واستهان بها، وكان ذلك ممّا نقمه عليه المسلمون، حتّى كسر عثمان أضلاع ابن مسعود لمعارضته حرق المصاحف.

ففي تقريب المعارف (٢٩٦) عن زيد بن أرقم أنّه سئل: بأي شيء كفّرتم عثمان؟ فقال:

٣٤٤

كفّرناه بثلاث: مزّق كتاب الله ونبذه في الحشوش الخ.

وفي إرشاد القلوب (٣٤١) قول حذيفة بن اليمان: وأمّا كتاب الله فمزّقوه كلّ ممزّق ....

وفي المسترشد (٤٢٦) في كتاب عليّ الّذي أخرجه للناس، قال في شأن عثمان: وأنحى على كتاب الله يحرّقه ويحرّفه ...

وفي كتاب سليم بن قيس (١٢٢) وفي الاحتجاج ( ج ١؛ ١٥٣ ) قول طلحة: وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألّف عمر، فجمع له الكتّاب، وحمل الناس على قراءة واحدة، فمزّق مصحف أبي بن كعب وابن مسعود وأحرقهما بالنار ....

وانظر في حرق المصاحف وتمزيقها تاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١٥٧ ) وتاريخ المدينة المنوّرة ( ج ٣؛ ٩٩١ )، عن أنس وبكير، وصحيح البخاريّ ( ج ٦؛ ٩٦ ) وكنز العمال ( ج ٢؛ ٥٨١ ) بسند عن الزهريّ، عن أنس، وفيه لفظ « وأمر بسوى ذلك في صحيفة أو مصحف أن يحرق »، ثمّ كتب « ابن سعد خ ت ن، وابن أبي داود وابن الأنباريّ معا « في المصاحف » حب، ق » انتهى.

وفي تاريخ الطبريّ ( ج ٧؛ ١٦٠ ) ذكر تسمية الناس لعثمان من بعد « شقّاق المصاحف »، وكان كلّ ذلك بسبب غصب الخلافة من آل محمّد، وتسلّط من لا علم له بالدين على أمور المسلمين بالقهر والمؤامرات، فصاروا يهتكون حرمات الله دون رادع ولا وازع، حتّى آل الأمر إلى أن يستفتح الوليد بن يزيد - خليفة المسلمين!! - بكتاب الله، فإذا هو بقوله تعالى:( وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) (١) ، فنصب القرآن غرضا ومزّقه بالسهام، وأنشد يقول:

تهدّد كلّ جبار عنيد

فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربّك يوم حشر

فقل يا ربّ مزّقني الوليد

انظر تمزيق الوليد للمصحف في مروج الذهب ( ج ٣؛ ٢٢٨، ٢٢٩ ) والفتوح ( ج ٤؛ ٣٣٣ )

__________________

(١) إبراهيم؛ ١٥

٣٤٥

والكامل في التاريخ ( ج ٥؛ ٢٩٠ ) والأغاني ( ج ٧؛ ٤٩ ) والبدء والتاريخ ( ج ٦؛ ٥٣ ).

وهدّمت الكعبة

في بصائر الدرجات ( ٤٣٣، ٤٣٤ ) بسنده عن جابر، عن الباقرعليه‌السلام ، قال: دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بمنى فقال: يا أيّها الناس، إنّي تارك فيكم حرمات الله، وعترتي، والكعبة البيت الحرام، ثمّ قال أبو جعفر: أمّا كتاب الله فحرّفوا، وأمّا الكعبة فهدموا ...

ويدلّ عليه ما مرّ من حديث المصحف والمسجد والعترة، لأنّ المراد من المسجد، مسجد بيت الله الحرام، حيث يقول المسجد: يا ربّ خرّبوني وعطّلوني وضيّعوني، وهو أشرف المساجد وأوّلها.

وعلى كلّ حال، فقد أحرقت الكعبة وهدمت مرتين، الأولى على يد الحصين بن نمير، والثانية على يد الحجّاج لعنهما الله، وكانت المرّتان بسبب اعتصام عبد الله بن الزبير ومقاتلته في الكعبة:

أمّا الأولى : فقد أحرق الحصين بن نمير الكعبة المشرّفة وهدمها في أواخر أيّام يزيد لعنه الله، وبأمر منه، وذلك بعد وقعة الحرّة وانتهاك حرمة المدينة.

قال الطبريّ في تاريخه ( ج ٧؛ ١٤ ) في أحداث سنة ٦٤: قذفوا البيت بالمجانيق وحرقوه بالنار، وأخذوا يرتجزون ويقولون:

خطارة مثل الفنيق المزبد

نرمي بها أعواد هذا المسجد

وقال المسعوديّ في مروج الذهب ( ج ٣؛ ٨١ ): ونصب الحصين فيمن معه من أهل الشام المجانيق والعرّادات على مكّة والمسجد، من الجبال والفجاج فتواردت أحجار المجانيق والعرّادات على البيت، ورمي مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتّان وغير ذلك من المحرقات، وانهدمت الكعبة واحترقت البنيّة.

وقال ابن أعثم الكوفيّ في الفتوح ( ج ٣؛ ١٨٥ - ١٨٦ ): والحصين بن نمير قد أمر بالمجانيق فنصبت، فجعل يرمي أهل مكّة رميا متداركا، لا يفتر من الرمي، فجعل رجل من

٣٤٦

أهل مكة يقول في ذلك:

ابن نمير بئس ما تولّى

قد أحرق المقام والمصلّى

وبيت ذي العرش العليّ الأعلى

قبلة من حجّ له وصلّى

وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ( ج ٢؛ ١٦، ١٧ ): ونصب [ الحصين ] عليها العرّادات والمجانيق، وفرض على أصحابه عشرة آلاف صخرة في كلّ يوم، يرمونها بها وكانت المجانيق قد أصابت ناحية من البيت الشريف فهدمته مع الحريق الّذي أصابه.

وانظر في ذلك الكامل في التاريخ ( ج ٤؛ ١٢٤ ) وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ٢٥١ ) والأخبار الطوال ( ٢٦٧، ٢٦٨ ) والبدء والتاريخ ( ج ٦؛ ١٥ ).

وأمّا المرّة الثانية: فقد أحرق الحجّاج الكعبة المشرّفة في محاصرته لعبد الله بن الزبير في سنة ٧٣ ه‍، حيث طال الحصار ستّة أشهر وسبع عشرة ليلة كما نصّ عليه الطبريّ في تاريخه ( ج ٧؛ ٢٠٢ ) وكانت مكّة والبيت الحرام بيده من سنة ٦٤ ه‍ حتّى سنة ٧٣ ه‍، وكان هو يقيم الحجّ للناس، وكان يأخذ البيعة لنفسه من الحجّاج، فمنع عبد الملك بن مروان أهل الشام من الحجّ وبنى الصخرة في بيت المقدس، فكان الناس يحضرونها يوم عرفة ويقفون عندها. انظر في ذلك وفيات الأعيان ( ج ٣؛ ٧١ - ٧٢ ) في ترجمة عبد الله بن الزبير، وهل بعد هذا التلاعب في الدين من تلاعب؟!

وعلى أيّ حال، فإنّ الكعبة المشرّفة أحرقت مرّة ثانية، وكان الحجّاج يرمي الكعبة بنفسه، قال ابن الأثير في الكامل ( ج ٤؛ ٣٥١ ) في أحداث سنة ٧٣:

وأوّل ما رمي بالمنجنيق إلى الكعبة رعدت السماء وبرقت، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا أيديهم، فأخذ الحجّاج حجر المنجنيق بيده، فوضعه فيه ورمى به معهم.

وقال اليعقوبي في تاريخه ( ج ٢؛ ٦٦ ): وقدم الحجّاج فقاتلهم قتالا شديدا، وتحصّن [ ابن الزبير ] بالبيت، فوضع عليه المجانيق، فلم يزل يرميه بالمنجنيق حتّى هدم البيت.

وقال ابن أعثم الكوفي في الفتوح ( ج ٣؛ ٣٨٦ ): وجعلوا يرمون البيت الحرام بالحجارة،

٣٤٧

وهم يرتجزون بالأشعار فلم يزل الحجّاج وأصحابه يرمون بيت الله الحرام بالحجارة حتّى انصدع الحائط الّذي على بئر زمزم عن آخره، وانتقضت الكعبة من جوانبها، قال: ثمّ أمرهم الحجّاج فرموا بكيزان النفط والنار، حتّى احترقت الستارات كلّها فصارت رمادا، والحجّاج واقف ينظر في ذلك كيف تحترق الستارات، وهو يرتجز ويقول:

أما تراها صاعدا غبارها

والله فيما يزعمون جارها

فقد وهت وصدعت أحجارها

ونفرت منها معا أطيارها

وحان من كعبته دمارها

وحرقت منها معا أستارها

لما علاها نفطها ونارها

وانظر في ذلك الإمامة والسياسة ( ج ٢؛ ٣٨ ) والأخبار الطوال (٣١٤) وتاريخ الطبريّ ( ج ٧؛ ٢٠٢ ) ومروج الذهب ( ج ٣؛ ١٢٠ ) والخرائج والجرائح (٢٤١).

وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط

هذا الإخبار من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام بشهادته وقاتله، يعدّ من دلائل وعلامات نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد اتّفق على نقل هذا الإخبار جميع المسلمين في كتبهم ومصادرهم الروائيّة، واتّفقوا على أنّ عليّاعليه‌السلام كان يقول: ما ينتظر أشقاها، عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لتخضبنّ هذه من هذا. رواه ابن المغازلي في مناقبه (٢٠٥).

وفي كتاب سليم بن قيس (٩٤) قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : تقتل شهيدا، تخضب لحيتك من دم رأسك.

وفي أمالي الصدوق (٩٩) بسنده، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أمّا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فيضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته.

وفي كشف الغمّة ( ج ١؛ ٤٢٧ ) عن عليّعليه‌السلام ، قال: إنّي سمعت رسول الله الصادق المصدّقصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّك ستضرب ضربة هاهنا - وأشار إلى صدغيه - فيسيل دمها حتّى تخضب

٣٤٨

لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

وانظر في ذلك روضة الواعظين (٢٨٨) والخرائج والجرائح ( ١١٥، ١٧٦ ) وأمالي الطوسي (٦٦) والخصال ( ٣٠٠، ٣٧٧ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٧٢ ) و ( ج ٢؛ ١١٨ ) وإرشاد المفيد (١٦٨) وإرشاد القلوب (٣٥٨) وبشارة المصطفى (١٩٨) ومقاتل الطالبيين (٣١) وشرح النهج ( ج ٤؛ ٣٦٩ ) وأسد الغابة ( ج ٤؛ ٣٤ - ٣٥ ) وتذكرة الخواص ( ١٧٢ - ١٧٥ ) ومناقب الخوارزمي (٢٧٥) ومسند أحمد ( ج ٤؛ ٢٦٣ ) ومستدرك الحاكم ( ج ٣؛ ١١٣، ١٤٠ ) وخصائص النسائي ( ١٢٩ - ١٣٠ ) ونزل الأبرار ( ٦١ - ٦٢ ) وكفاية الطالب (٤٦٣) وكنز العمال ( ج ١١؛ ٦١٧ ) وتاريخ دمشق ( ج ٣؛ ٢٧٠ / الحديث ١٣٤٨ ) و ( ٢٧٩ الحديث ١٣٦٥ ) و ( ٢٨٥ / الحديث ١٣٧٥ ) و ( ٢٩٣ / الحديث ١٣٩١ ) ومجمع الزوائد ( ج ٩؛ ١٣٦، ١٣٧، ١٣٨ ) وأنساب الأشراف ( ج ٢؛ ٤٩٩ / الحديث ٥٤٤ ) ونظم درر السمطين (١٣٦) وجواهر المطالب ( ج ٢؛ ٨٧ ).

وقد علم من التاريخ ضرورة، أنّ عليّا استشهد على يد أشقى البريّة عبد الرحمن بن ملجم الخارجي، وذكرت كلّ التواريخ قول عليّعليه‌السلام : « فزت وربّ الكعبة »، فمضى صابرا محتسبا حتّى لقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فختمت الوصيّة بخواتيم من ذهب لم تمسّه النار ودفعت إلى عليّعليه‌السلام

ذكر الكليني في الكافي ( ج ١؛ ٢٧٩ - ٢٨٤ ) أربعة أحاديث حول هذه الوصيّة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في باب « أنّ الأئمّة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه »، الأولى: بسنده عن معاذ بن كثير، عن الصادقعليه‌السلام ، والثانية: عن محمّد بن أحمد بن عبيد الله العمريّ، عن أبيه، عن جدّه، عن الصادقعليه‌السلام ، والثالثة: عن ضريس الكناسي، عن الباقرعليه‌السلام ، والرابعة: عن عيسى بن المستفاد، عن الكاظمعليه‌السلام ، وهي الطّرفة المذكورة في متن الطّرف. وإليك نصّ الرواية الثانية:

أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عن

٣٤٩

أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكنديّ، عن محمّد بن أحمد بن عبيد الله العمريّ، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إنّ الله عزّ وجلّ أنزل على نبيّه كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمّد هذه وصيّتك إلى النّجبة من أهلك، قال: وما النّجبة يا جبرئيل؟ فقال: عليّ بن أبي طالب وولده، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب، فدفعه النبي إلى أمير المؤمنين، وأمره أن يفكّ خاتما منه ويعمل بما فيه، ففكّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسنعليه‌السلام ، ففكّ خاتما وعمل بما فيه، ثمّ دفعه إلى الحسينعليه‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه أن « أخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلاّ معك، واشر نفسك لله عزّ وجلّ » ففعل، ثمّ دفعه إلى عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه أن « أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه « حدّث الناس وأفتهم ولا تخافنّ إلاّ الله عزّ وجلّ، فإنّه لا سبيل لأحد عليك » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه جعفرعليه‌السلام ، ففكّ خاتما فوجد فيه « حدّث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك، وصدّق آباءك الصالحين، ولا تخافنّ إلاّ الله عزّ وجلّ وأنت في حرز وأمان » ففعل، ثمّ دفعه إلى ابنه موسىعليه‌السلام ، وكذلك يدفعه موسى إلى الّذي بعده، ثمّ كذلك إلى قيام المهديّ صلّى الله عليه.

وفي الحديث الأوّل قال الصادقعليه‌السلام : إنّ الوصيّة نزلت من السماء على محمّد كتابا، لم ينزل على محمّد كتاب مختوم إلاّ الوصيّة، فقال جبرئيل: يا محمّد، هذه وصيّتك في أمّتك عند أهل بيتك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّ أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال: نجيب الله منهم وذريّته، ليرثك علم النبوّة كما ورثه إبراهيم، وميراثه لعليّ وذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم ....

وانظر حديث هذه الصحيفة المختومة الّتي نزل بها جبرئيل في أمالي الصدوق (٣٢٨) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٩٨، ٢٩٩ ) عن الصادقعليه‌السلام ، ثمّ قال: « وقد روى نحو هذا الخبر أبو بكر بن أبي شيبة، عن محمّد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »، وبصائر الدرجات ( ١٦٦ / الحديث ٢٤ من الباب ١٢

٣٥٠

من الجزء الثالث ) و ( ١٧٠ / الحديث ١٧ من الباب ١٣ من الجزء الثالث ) وإكمال الدين ( ٢٣١، ٢٣٢ / الحديث ٣٥ من الباب ٢٢ ) و ( ٦٦٩ - ٦٧٠ / الحديث ١٥ من الباب ٥٨ ) والإمامة والتبصرة ( ٣٨ - ٣٩ ) وأشار إليه في الصفحة ١٢ أيضا، وعلل الشرائع ( ١٧١ / الحديث الأوّل من الباب ١٣٥ ) والغيبة للنعماني (٢٤) وأمالي الطوسي ( ٤٤١ / الحديث ٩٩٠ ). وانظر روايات هذه الصحيفة السماويّة المباركة في بحار الأنوار ( ج ٢٦؛ ١٨ / الباب الأوّل « ما عندهم من الكتب » و ( ج ٣٦؛ ١٩٢ - ٢٢٦ / الباب ٤٠ ).

٣٥١

٣٥٢

الطّرفة الخامسة عشر

روى هذه الطّرفة الشريف الرضي في كتاب خصائص الأئمّة (٧٢) ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٢ - ٤٨٣ ) عن كتاب الطّرف، عن خصائص الأئمّة، وهي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩١، ٩٢ )، حيث نقلها العلاّمة البياضي باختصار.

وهذه الطّرفة موضوعها متعلّق بما سبقها من حديث الصحيفة المختومة، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها لعليّعليه‌السلام ، وأمره وولده أن يعملوا بما فيها، فعملوا طبق ما في هذه الوصيّة، ولم يجاوزوا ما فيها، فوردوا على رسول الله لا مقصّرين ولا مفرّطين. والمطالب الفرعيّة الموجودة في الطّرفة كلّها مرّ بعضها، وسيأتي بعضها الآخر.

٣٥٣

٣٥٤

الطّرفة السادسة عشر

روى هذه الطّرفة الشريف الرضي في كتاب خصائص الأئمّة ( ٧٢ - ٧٣ ) ورواها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٢؛ ٤٨٣ - ٤٨٤ ) عن كتاب الطّرف، وعن خصائص الأئمّة، ونقلها العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٩٢ ) باختصار.

اتّفقت الكلمة على أنّ عليّاعليه‌السلام وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا عند رسول الله قبل موته، وأنّهم هم الّذين قاموا بأمره، وتظافرت الروايات من طرق الفريقين أنّ النبي مات ورأسه في حجر عليّ، أو أنّ عليّا كان مسنّده، ولم يزعم أحد غير ذلك إلاّ عائشة، فقد ادّعت لوحدها ذلك، ولم يقرّها عليه المسلمون، بل كان عليّعليه‌السلام هو القائم بشأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد دعاه رسول الله في مرضه وأسرّ له جميع الأسرار، وأخبره بكلّ ما يجري من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ففي الخصال (٦٤٢) بسنده عن أمّ سلمة، قالت: قال رسول الله في مرضه الّذي توفّي فيه: ادعوا لي خليلي، فأرسلت عائشة إلى أبيها، فلمّا جاء غطّى رسول الله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي، فرجع أبو بكر، وبعثت حفصة إلى أبيها، فلمّا جاء غطّى رسول الله وجهه، وقال: ادعوا لي خليلي، فرجع عمر، وأرسلت فاطمةعليها‌السلام إلى عليّعليه‌السلام ، فلمّا جاء قام رسول الله فدخل، ثمّ جلّل عليّا بثوبه، قال عليّ: فحدّثني بألف حديث، يفتح كلّ حديث ألف حديث، حتّى عرقت وعرق رسول الله، فسال عليّ عرقه وسال عليه عرقي.

وفيه أيضا (٦٤٣) عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علّمني ألف باب من الحلال والحرام، وممّا كان إلى يوم القيامة، كلّ باب منها

٣٥٥

يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتّى علمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب.

وفي بصائر الدرجات (٣٢٤) بسنده عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة وحفصة في مرضه الّذي توفي فيه: ادعيا لي خليلي، فأرسلتا إلى أبويهما، فلمّا نظر إليهما أعرض عنهما، ثم قال: ادعيا لي خليلي، فأرسلتا إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فلمّا نظر إليه أكب عليه يحدّثه، فلمّا خرج لقياه، فقالا له: ما حدّثك خليلك؟ فقال: حدّثني خليلي ألف باب، ففتح لي كلّ باب ألف باب.

وفيه أيضا (٣٢٥) بسنده عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول الله علّمني ألف باب من الحلال والحرام، وممّا كان وما هو كائن وممّا يكون إلى يوم القيامة، كلّ يوم يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، حتّى علمت المنايا والوصايا وفصل الخطاب.

فدعوة المرأتين أبويهما، وسؤال أبويهما عليّا عمّا حدّثه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقول عليّ: أنّه علّمه ما كان وما هو كائن وما سيكون، يدلّ على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّاعليه‌السلام بما سيصنعه القوم، وما سيكون من بعده، وقد كان عليّعليه‌السلام يصرّح بأنّه سكت لعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأمره فيه بالسكوت.

وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٣٦ ) قال: الطبريّ في الولاية، والدار قطني في الصحيح، والسمعاني في الفضائل، وجماعة من رجال الشيعة، عن الحسين بن عليّ ابن الحسن، وعبد الله بن عبّاس، وأبي سعيد الخدريّ، وعبد الله بن الحارث، واللّفظ الصحيح أنّ عائشة قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في بيتها لمّا حضره الموت: ادعوا لي حبيبي، فدعوت له أبا بكر، فنظر إليه ثمّ وضع رأسه، ثمّ قال: ادعوا لي حبيبي، فدعوا له عمر، فلمّا نظر إليه، قال: ادعوا لي حبيبي، فقلت: ويلكم، ادعوا له عليّ بن أبي طالب، فو الله ما يريد غيره، فلمّا رآه أفرج الثوب الّذي كان عليه، ثمّ أدخله فيه ولم يزل يحتضنه، حتّى قبض ويده عليه.

وفي فضائل ابن شاذان ( ١٤١ - ١٤٢ ) بسنده يرفعه إلى سليم بن قيس، أنّه قال: لمّا

٣٥٦

قتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، بكى ابن عبّاس بكاء شديدا، ثمّ قال: ولقد دخلت على عليّ ابن أبي طالب ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذي قار، فأخرج لي صحيفة، وقال: يا بن عبّاس، هذه الصحيفة إملاء رسول الله وخطّي بيدي، قال: فقلت يا أمير المؤمنين اقرأها عليّ، فقرأها وإذا فيها كلّ شيء منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم قتل الحسينعليه‌السلام وكان فيها لمّا قرأها أمر أبي بكر وعمر وعثمان وكم يملك كلّ إنسان منهم فلمّا أدرج الصحيفة، قلت: يا أمير المؤمنين، لو كنت قرأت عليّ بقية الصحيفة، قال: ولكنّي أحدّثك بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ عند موته بيدي، ففتح لي ألف باب من العلم، تنفتح من كلّ باب ألف باب، وأبو بكر وعمر ينظرون إليّ، وهو يشير لي بذلك، فلمّا خرجت قالا: ما قال لك؟ قال: فحدّثتهم بما قال، فحرّكا أيديهما ثمّ حكيا قولي، ثمّ ولّيا يردّدان قولي ويخطران بأيديهما ورواه العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار ( ج ٢٨؛ ٧٣ / الحديث ٣٢ عن كتاب الروضة ) - لأحد علماء القرن السابع - بسنده إلى سليم بن قيس.

وانظر مناجاة النبي ومسارّته لعليّ عند موته، وإخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا بكلّ ما كان وما يكون، وتعلّمه ألف ألف باب من العلم، ودعوة المرأتين أبويهما للنبي وإعراضهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهما، في أمالي الصدوق (٥٠٩) وبصائر الدرجات ( ٣٢٢ - ٣٢٧ ) وفيه عدّة أحاديث / في الباب ١٦ من الجزء السادس « في ذكر الأبواب الّتي علّم رسول الله أمير المؤمنين »، ( ٣٩٧ - ٣٩٨ ) الباب ٣ من الجزء الثامن « باب في الأئمّة أن عندهم أسرار الله، يؤدي بعضهم إلى بعض، وهم أمناؤه » وفيه ستّة أحاديث في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسرّ كلّ شيء إلى عليّعليه‌السلام ، وكفاية الأثر ( ١٢٤ - ١٢٦ ) والخصال ( ٦٤٢ - ٦٥٢ ) وفيه أحاديث كثيرة، وروضة الواعظين (٧٥) والتهاب نيران الأحزان ( ٤٣ - ٤٤ ) وأمالي الطوسي (٣٣٢) والاختصاص (٢٨٥) والإرشاد (٩٩) وفيه « أنّ عليّا قال لهم: علّمني ألف باب من العلم، فتح لي كلّ باب ألف باب، وأوصاني بما أنا قائم به إن شاء الله »، وإعلام الورى (٨٣) والطرائف (١٥٤) والكافي ( ج ١؛ ٢٩٦ ).

وهو في تاريخ ابن عساكر ( ج ٢؛ ٤٨٥ / الحديث ١٠٠٣ ) وفيه « أنّهم دعوا له عثمان

٣٥٧

فأعرض عنه »، ( ج ٣؛ ١٥ / الحديث ١٠٢٧ ) ومناقب الخوارزمي (٢٩) عن ابن مردويه، وبحار الأنوار ( ج ٣٨؛ ٣٣١ ) عن كتاب الأربعين، وقال المظفر في دلائل الصدق ( ج ٢؛ ٦٣٩ ): « إنّ الحديث ذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة عن الدار قطني، ثمّ حكم بضعفه، وقال: أنّ له طريقا آخر إلى ابن عمر أيضا »، وقد ناقش المظفر تضعيف السيوطي فراجعه. ومهما يكن من شيء فهو ثابت وطرقه كثيرة، وهو دالّ على محتوى الطّرفة، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عليّاعليه‌السلام بما سيجري، وأوصاه بوصايا، فقام بها عليّعليه‌السلام جميعا.

أنّ القوم سيشغلهم عنّي ما يريدون من عرض الدنيا وهم عليه قادرون، فلا يشغلك عنّي ما يشغلهم

لهذا المطلب أكثر من دليل ودليل، فقد علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بما كانوا ينوونه من غصب الخلافة، والتهافت على الدنيا، فبعثهم في جيش أسامة، ولعن من تخلّف عنه، وأبقى عليّا وأهل بيتهعليهم‌السلام ليقودوا الأمّة، ويستلموا الخلافة، وصرّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في رواياتنا أنّه إنّما بعثهم لذلك، ولتتمّ عليهم الحجّة، وأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاعليه‌السلام بأنّه المظلوم والمضطهد من بعده، وأنّ الأمّة ستغدر به، وأنّه المبتلى والمبتلى به؛ كما مرّ كلّ ذلك، وقد تحقّق ما أخبر بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتنازع القوم على الخلافة، وغصبوها في سقيفة بني ساعدة، وتركوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ملقى في بيته، والحزن يغمر عليّا، وأهل بيت النبي صلوات الله عليهم، وقد احتجّت فاطمةعليها‌السلام على الأنصار والمهاجرين بأحقّيّة عليّعليه‌السلام ، فاعتذروا بأنّ عليّا لو كان حاضرا في السقيفة لبايعوه، فقال الإمامعليه‌السلام : أفأترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جنازة وأنازع الأمر؟! فقالت الزهراءعليها‌السلام : ما فعل أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي، وهذا كلّه ثابت في التواريخ والمناقب والتراجم، وقد اتّفقت كلمة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم على ذلك.

ففي تفسير العيّاشي ( ج ٢؛ ٣٣٠ ) عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: فلمّا قبض نبي الله، كان الذي كان؛ لما قد قضي من الاختلاف، وعمد عمر فبايع أبا بكر، ولم يدفن رسول الله بعد. وإليك بعض النصوص في ذلك من كتب العامّة.

٣٥٨

فقد قام الشيخان يعرض كلّ منهما لصاحبه، فيقول هذا لصاحبه: ابسط يدك لأبايعك، ويقول الآخر: بل أنت، وكلّ منهما يريد أن يفتح يد صاحبه ويبايعه، ومعهما أبو عبيدة الجراح - حفّار القبور بالمدينة - يدعو الناس إليهما. تاريخ الطبريّ ( ج ٣؛ ١٩٩ ). وعليّ والعترةعليهم‌السلام وبنو هاشم ألهاهم النبي، وهو مسجّى بين أيديهم، وقد أغلق دونه الباب أهله. سيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٣٦ ).

وخلّى أصحابه بينه وبين أهله فولوا إجنانه. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠١ ).

ومكثصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أيّام لا يدفن. تاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ٢٧١ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ١؛ ١٥٢ ).

أو مكث من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء أو ليلته. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٢٧٣ - ٢٧٤، ٢٩٠ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٤٣ - ٣٤٤ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ) وسنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٩٩ ) وتاريخ أبي الفداء ( ج ١؛ ١٥٢ ) قال: « والأصحّ دفنه ليلة الأربعاء »، وتاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ١٧١ ) قال: « وهو المشهور عن الجمهور، والصحيح أنّه دفن ليلة الأربعاء »، وتاريخ اليعقوبي ( ج ٢؛ ١١٣ - ١١٤ ).

فدفنه أهله، ولم يله إلاّ أقاربه. طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠٤ ).

دفنوه في اللّيل، أو في آخره. سنن ابن ماجة ( ج ١؛ ٤٩٩ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ).

ولم يعلم به القوم إلاّ بعد سماع صريف المساحي، وهم في بيوتهم في جوف اللّيل.

طبقات ابن سعد ( ج ٢؛ ٣٠٤ - ٣٠٥ ) ومسند أحمد ( ج ٦؛ ٢٧٤ ) وسيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣٤٤ ) وتاريخ ابن كثير ( ج ٥؛ ٢٧٠ ).

ولم يشهد الشيخان دفنه. أخرجه ابن أبي شيبة؛ كما في كنز العمال ( ج ٣؛ ١٤٠ ).

وقالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى سمعنا صوت المساحي في جوف اللّيل؛ ليلة الأربعاء. سيرة ابن هشام ( ج ٤؛ ٣١٤ )، تاريخ الطبري ( ج ٣؛ ٢٠٥ )، شرح النهج ( ج ١٣؛ ٣٩ ).

٣٥٩

إنّما مثلك في الأمّة مثل الكعبة وإنّما تؤتى ولا تأتي

في المسترشد (٣٩٤) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال:( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (١) فلو ترك الناس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم إيّاه، ولكن كانوا يكفرون بتركه؛ لأنّ الله تبارك وتعالى قد نصبه لهم علما، وكذلك نصّبني علما، حيث قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ، أنت بمنزلة الكعبة، يؤتى إليها ولا تأتي.

وفي أسد الغابة ( ج ٤؛ ٣١ ) بسنده عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت بمنزلة الكعبة، تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسلّموها إليك - يعني الخلافة - فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتّى يأتوك.

وقد روت كتب الفريقين هذا الحديث بمعنى واحد، وألفاظ مختلفة، فورد في بعضها « أن مثل عليّ مثل الكعبة، يحجّ إليها ولا تحجّ » و « إنّما أنا كالكعبة أقصد ولا أقصد » و « مثل عليّ كمثل بيت الله الحرام، يزار ولا يزور »، وما شاكلها وقاربها من الألفاظ. انظر في ذلك الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٧٥ ) وكشف اليقين (٢٩٨) وكفاية الأثر ( ١٩٩، ٢٤٨ ) وبشارة المصطفى (٢٧٧) وإرشاد القلوب (٣٨٣) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١؛ ٢٦٢ ) ( ج ٣؛ ٢٠٢، ٢٦٨ ) وأمالي الصدوق (١٧) والتحصين (٦٠٩) وتفسير فرات ( ٨١ - ٨٢ ) ودلائل الإمامة (١٢) والمسترشد (٣٨٧) وبحار الأنوار ( ج ٤٠؛ ٧٥ - ٧٨ ) نقلا عن الفردوس للديلمي.

وهو في مناقب ابن المغازلي (١٠٧) وتاريخ دمشق ( ج ٢؛ ٤٠٧ / الحديث ٩٠٥ ) وينابيع المودّة ( ج ٢؛ ٧ ) ونور الهداية للدواني المطبوع في الرسائل المختارة (١٢٦) وكنوز الحقائق (١٨٨).

وأئمّة آل البيتعليهم‌السلام كلّهم كالكعبة، ففي الصراط المستقيم ( ج ٢؛ ٧٥ ) قال: أسند ابن جبر في نخبه إلى الصادقعليه‌السلام ، قوله: « نحن كعبة الله، ونحن قبلة الله » وفي هذا وجوب

__________________

(١) آل عمران؛ ٩٧.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481