مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق12%

مكارم الأخلاق مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: مکتبة الأخلاق والدعاء
الصفحات: 481

مكارم الأخلاق
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207711 / تحميل: 11476
الحجم الحجم الحجم
مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الفصل السابع عشر

فيما نذكره من نوافل الزوال وبعض اسرار تلك الحال

يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس شرف الله قدره وقدس في الملاء الاعلى ذكره.

اعلم ان هذا الفصل يشتمل على عدة معان منها ما نذكره من اسرار الصلوات ومن المراقبة فيها بالنيات ولزوم الاداب وحفظ الحركات والسكنات ومنها ما نذكره من كون صلوة نوافل الزوال تسمى صلوة الاوابين وان الدعاء فيها مقبول عند ارحم الراحمين ومنها ما نذكره من ان الاستخارة عند نوافل الزوال كما ستأتي الرواية به في تلك الحال.

ذكر ما نذكره من اسرار الصلوة.

اعلم ان الصلوة تشتمل على نية الصلوة ولفظ تكبير ولفظ وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض وعلى تحميد وتمجيد ودعوى العبادة والاستعانة بالله جل جلاله ودعوات وقرائة القرآن وخضوع وركوع وسجود وخشوع وشهادة لله جل جلاله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وآله رسوله بالرسالة الربانية وصلوات عليه وعلى آله وتسليم.

ذكر نية الصلوة اما نية الصلوة فانك ان كنت عبدا معاملا لله جل جلاله في جميع الحركات والسكنات عارفا بمعنى قوله جل جلاله في محكم الايات وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فانت إذا كنت كذلك لازلت متهيئا لاوامره فتمتثل امره بالصلوة وتعبده لانه يستحق العبادة لذاته كما لو كنت متهيئا لدخول شخص عزيز عليك فانك حيث

١٠١

تراه تقوم لاكرامه وتقبل عليه بمقتضى مشاهدة ذاته أو لو كنت متهيئا لقدوم رسول اليك ممن يعز عليك فانه إذا وقع نظرك عليه ونظره عليك وسمعت رسالة الرسول فانك تبادر إلى قبوله من غير تردد فكر ولا روية ولا تحتاج إلى تجديد زيادة نية واما ان كنت عن ربك غافلا ولدنياك وهواك معاملا فتحتاج عند الحضور للصلوات ان تحضر شارد قلبك بزمام عقلك ولبك وتقفه بين يدى مولاك وتذكره انه دعاك وانه يراك وتقصد بعقلك وقلبك انك تعبده لانه اهل للعبادة وتدخل حضرة مناجاته دخول اهل السعادة وهذه الصلوة ان كانت واجبة اداء فتقصد العبادة لوجه وجوبها اداء وان كانت قضاء فتقصد ذلك وان كانت اداء أو قضاء فتقصد بذلك العبادة لله جل جلاله.

ذكر تكبيرة الاحرام ينبغى إذا قلت الله اكبر ان يكون هذا القول منك معاملة لله جل جلاله وعبادة ولا يكون تلفظا بالغفلة على العادة وتكون صادقا فيه فاما قولك الله اكبر فقد روى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام في كتاب التوحيد باسناده ان رجلا قال عنده يعنى عند الصادق عليه السلام الله اكبر فقال الله اكبر من أي شئ فقال من كل شئ فقال أبو عبد الله عليه السلام حددته فقال الرجل كيف اقول فقال قل الله اكبر من ان يوصف.

يقول السيد الامام العالم العامل الفقيه العلامة رضى الدين ركن الاسلام أبو القاسم على بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسينى بلغه الله مناه وكبت اعداه قوله عليه السلام حددته لانه إذا كان الله جل جلاله اكبر من كل شئ فكل الاشياء غيره فهى محدثات وكل محدث محدود فكان المعتقد لذلك قد جعل الله جل جلاله محدودا

١٠٢

وقوله عليه السلام اكبر من ان يوصف لانه جل جلاله لا تحيط الصفات به على التحقيق وانما لما ضاقت العبادات على اهل التوفيق والتصديق علمهم الله جل جلاله ورسوله عليه السلام الفاظا في وصف جلال الله على قدر قصور علوم العباد.

اقول ومعنى قولى ان يكون هذا قولك عبادة ومعاملة أي ان يكون الله جل جلاله في قلبك وعند عقلك عظيما على قدر ما وهبك من معرفة ذاته وصفاته الكاملة فتقصد بهذا الاعتقاد في عظمته وبهذا اللفظ في قولك الله اكبر مجرد عبادته لانه اهل للعبادة.

اقول واما قولى ان يكون صادقا فاريد بذلك ان يكون فعلك لقولك موافقا بحيث إذا قلت الله اكبر تكون سريرتك موافقة لعلانيتك في انه لا شئ من اعظم منه جل جلاله في قلبك وعقلك ونفسك ونيتك ولا يكون شئ اعز عليك منه ولا يشغلك في تلك الحال شئ عنه كما قال جل جلاله في تهديده لمن يؤثر عليه بصريح القرآن المبين قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بامره والله لا يهدى القوم الفاسقين.

اقول فإذا وجدت عقلك وقلبك ونفسك تؤثر على الله جل جلاله غيره فاعلم انك داخل تحت تهديد سلطان العالمين ولعلك تكون من قد غضب الله جل جلاله عليك فلا يهديك لفسقك وسماك من الفاسقين. اقول وقد روى نحو ذلك في النقل بزيادة كشف لما في القرآن والعقل كما روى الحسين بن سيف صاحب الصادق عليه السلام في كتاب اصله

١٠٣

الذى اسنده إليه قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لا يمحض رجل الايمان بالله حتى يكون الله احب الله من نفسه وابيه وامه وولده واهله وماله من الناس كلهم.

اقول وقد روى ابلغ من ذلك في ان الناس لا يحصل لهم الايمان حتى لا يؤثروا على رسوله صلوات الله عليه ما تضمنه الحديث الذى نرويه باسنادنا إلى ابي جعفر محمد بن بابويه فيما رواه باسناده في كتاب اماليه عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال لا يؤمن عبد حتى اكون احب إليه من نفسه واهلى إليه احب من اهله وعترتي احب إليه من عترته وذاتي احب إليه من ذاته.

اقول فإذا كان رسوله صلوات الله عليه لا يصح الايمان مع هذا الايثار عليه فكيف يحصل الايمان مع الايثار على الله جل جلاله وترجيح غيره عليه.

ذكر التوجه اما التوجه فقد روى أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب زهد مولينا على ابن ابى طالب عليه السلام باسناده إلى ابي عبد الله عليه السلام كان على إذا قام إلى الصلوة فقال وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض تغير لونه حتى يعرف ذلك في وجهه.

اقول وروى صاحب كتاب زهرة المهج وتواريخ الحجج باسناده عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدى عن عبد الله بن ابى يعفور قال قال مولينا الصادق عليه السلام كان على بن الحسين عليه السلام إذا حضرت الصلوة اقشعر جلده واصفر لونه وارتعد كالسعفة.

وروى عنه عليه السلام عند قوله في الصلوة وجهت وجهى مثل الذى رويناه عن مولينا على صلوات الله عليهما وكانا إذا دخلا في التوجه

١٠٤

اصفر لونهما وظهر الخوف من الله جل جلاله عليهما لانهما عليهما السلام عرفا وعلما هيبة الملك الذى يقومان بين يديه.

وسيأتى في هذا الكتاب من خوف النبي صلى الله عليه وآله في الصلوات وخوف عترته المعصومين ما تعلم يقينا انك لست تابعا لهم وانك على خلاف ما كانوا عليه من معاملة سلطان العالمين.

اقول وقد كان فرضنا جميعا ان نخاف الله جل جلاله للهيبة والحرمة التى يستحقها لذاته فبلغت الغفلة بنا إلى اننا لا نخاف لذلك ولا نخاف لاجل خوف المعصومين الذين نقتدى بهم في عباداته ولا نخاف لاجل ما تجدد منا من مخالفاته في اراداته وتهويننا بجلالة امره ونهيه وبمقدس حبه وقربه ومناجاته وهذا جهل عظيم منا بالمعبود كاد ان يقرب من جهل اهل الجحود فإذا قال العبد وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض ينبغى ان يتحقق انه في مقام العرض وانه ما مراد الله جل جلاله منه ومراد رسوله عليه السلام بقوله وجهت وجهى أي وجهت صورة وجهى إلى القبلة فحسب للذى فطر السموات والارض ولكن المراد منه ان يكون قد وجه قلبه وعقله عن الالتفات إلى سواه جل جلاله من ساير المرادات والمكروهات.

ولقد قيل لبعض العارفين ما احسن ما تقبل بوجهك على الصلوات فقال ان كان وجهى لا يلتفت فان وجه قلبى كثير الالتفات.

اقول فإذا كان وجه القلب مقبلا ومتوجها إلى الله جل جلاله بالكلية كانت الجوارح مقبلة على الله جل جلاله فيما خلقت له لانها مع القلب كالرعية وعند هذه الحال يكون دخوله في هذه الصلوة دخول اهل الاقبال فان استمر على ذلك إلى حين الفراغ من الصلوة

١٠٥

فقد ظفر ببلوغ الامال وان تعثر في اذيال الالتفات عن موليه وهو يراه فحاله حال اهل التعثير الذين يقع احدهم تارة ويقوم تارة في خطاه وربما افسد تعثيره عليه دنياه واخراه وفاته اقبال ربه جل جلاله ورضاه وان قال وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض وهى في تلك الحال غافل أو متغافل عن هيبة العرض وحرمة الفرض فيكون في قوله وجهت وجهى للذى فطر السموات والارض كاذبا قد افتتح صلوته بالجنايات بالكذب والبهتان وكيف حال من اول صلوته تصريح بالكذب والزور والعدوان اما يكون مستحقا للهوان وان كان في حال قيامه إلى الصلوة ودخوله فيها على صفة المتكاسل والمتثاقل فلينظر حال الذين يقومون إلى الصلوة كسالى في صريح القرآن ويفكر انه لو دخل عليه قبل ان يدخل في تلك الصلوة صديق أو بعض من يحبه من اعوان السلطان كيف كان يقوم إليه ويقبل عليه بغير تكاسل ولا تثاقل وليتحقق من نفسه ان الله جل جلاله اهون عنده من عبد من عبيده ويا له من خطر هايل.

ذكر ادبه في التحميد والتمجيد قد مضى في خطبة كتابنا ان التحميد والتمجيد من وظايف من خلص فيما بينه وبين الله جل جلاله من الجنايات فاما من كان عليه فرض مضيق من المهمات فالبدأة لازمة له بالاهم فالاهم والاهم عليه التوبة واداء الفروض المتعينة قبل الدخول في الصلوة والتحميدات والتمجيدات سواء كانت الفروض على قبله أو بدنه أو ماله أو في شئ من اعماله.

اقول ومن ادب الانسان عند تحميده وتمجيده ان يكون تلذذه وتعلق خواطره بحمده لله جل جلاله وتمجيده ومدح الله جل جلاله على ذلك وشكره له سبحانه الذّ عنده واجب اليه من مدحه لكل من

١٠٦

يعز عليه من العباد ومن مدح اهل الدنيا وثنائهم عليه في الاصدار والايراد ويكون ترجيح حبه لمدحه الله جل جلاله وشكر الله جل جلاله بقدر ما بين الله جل جلاله وبين عباده من تفاوت جلالته وحق انعامه وارفاده فان عجز العبد عن هذا المقام فلا اقل من ان يكون حبه لمدحة الله جل جلاله ولشكر الله جل جلاله ارحج في قلبه من مدحه لاهل الانعام من الانام أو لشكر من يشكره من ملوك الاسلام.

فاما ان نقص حال العبد عن هذا المقام وكان في مدح الله جل جلاله وشكره سبحانه اهون من مماليكه وعبيده فقد استخف استخفافا عظيما بتحميده وتمجيده وكان مستحقا لما تضمنه هوله ووعيده وتهديده.

ذكر ادبه عند قوله مالك يوم الدين.

اعلم ان يوم الدين يوم الحساب والعرض على سلطان العالمين واظهار السراير بمحضر من كان يسترها من الخلائق اجمعين فينبغي ان يكون عند هذه الحال خائفا لما يخافه على نفسه يوم الحساب والسؤال.

فقد روى محمد بن يعقوب الكليني ما معناه ان مولينا زين العابدين وهو صاحب المقام المكين كان إذا قال مالك يوم الدين يكررها في قرائته حتى يظن من يراه انه قد اشرف على مماته وما لخوف منه يحذرون ولا الخنا عليهم ولكن هيبة هي ماهيا.

وقد عرفت ان مولينا زين العابدين قدوة لك في امور الدنيا والدين فسر في اثاره بهداية الله جل جلاله وبانواره على مطايا اليقين فان الله جل جلاله قادر ان يبلغك ما هو سبحانه اهله من مقامات العارفين.

١٠٧

ذكر ادب العبد في قوله اياك نعبد واياك نستعين.

اعلم ان ينبغى ان يكون العبد صادقا في قوله اياك نعبد ومعنى قولى ان يكون صادقا لانه إذا قال اياك نعبد وكان انما يعبد الله جل جلاله لما يرجوه منه سبحانه من نفع عاجل أو ثواب آجل أو دفع محذور في الدنيا أو في يوم النشور فانما يكون على الحقيقة كانك تعبد نفسك وتكون عبادتك لاجلها ولاجل شهواتك ولذاتك ولا تكون عابد الله جل جلاله لانه اهل للعبادة فيكون قولك اياك نعبد كذبا وبهتانا ومانعا لك من الظفر بالسلامة والسعادة ويثبت اسمك في ديوان الكذابين ويكون قد جعلت نفسك في من الهالكين اما تسمع كلام المقدس الميمون انما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون.

اقول وكذا ينبغى ان تكون صادقا في قولك واياك نستعين فلا يكون في قلبك عند ذلك القول مستعان لك سواه جل جلاله على التحقيق واليقين فانك ان كنت مستعينا عند تلك الحال بحولك وقوتك ودنياك أو مالك أو رجالك أو غيره من امالك واحوالك فانت في قولك اياك نستعين إذا قصدت به انه لامستعان لك سواه كاذب مخاطر مستخف مباهت مستحق لما يستحقه العبد المستخف بموليه.

ذكر ادبه في الدعوات في الصلوة عند قوله اهدنا الصراط المستقيم وفى كل موضع يراد منه ان يدعو فيه في الصلوة بقلب سليم.

قد قدمنا طرفا مما يحتاج إليه اهل الضراعات مما شرحناه بالمعقول والمنقول من الروايات فاياك ان تهمل تهذيب نفسك وقلبك خاصة عند مخاطبة مولاك وربك فانك إذا دعوت الله جل جلاله وقلبك في تلك الحال فارع منه أو مشغول بالغفلة عنه أو بقصور احترام وتهوين

١٠٨

منك بجلالة ذلك المقام كنت كانك تخاطب ملكا من ملوك الدنيا في حاجة إليه وظهرك إليه.

اما تعلم انك إذا خاطبت الملوك وظهرك إليهم أو انت مشغول عنهم بالغفلة والتهوين بهم عن الاقبال عليهم فانك تعلم انك تستحق ان يكون جوابك منهم ان يخرجوك من حضرتهم مطرودا عن رحمتهم مصدودا وربما لو حملوك إلى الحبوس وزيادة البؤس اعتقدت ان الذنب لك فيما يجرى عليك منهم من النكال.

ورأيت مع ان الذنب منك انك مستحق للمؤاخذة على ما وقع منك من الاهمال فلا يكون عندك حرمة مالك الدنيا والاخرة اقل من حرمة الملوك الذين هم مماليكه في هذه الدنيا الحقيرة الداثرة وإذا تأخرت عنك اجابة الدعوات وانت على ما ذكرناه من الغفلات فالذنب لك وقد احسن الله جل جلاله اليك كيف عفى لك عن عقاب تلك الجنايات.

واياك ان يخطر بقلبك أو تقول بلسانك كما تسمع من بعض الغافلين الذين ما دخل في قلبهم حقيقة الايمان والدين فيقولون قد دعونا الله وما نرى الاجابة كما ذكر في القرآن.

ويقولون هذا على سبيل الاستزادة وكان الله جل جلاله عندهم قد اخلف وعده باجابة الدعاء وهذا كالكفر عند اهل الايمان فانهم لو كانوا عارفين بالله جل جلاله على اليقين ما اقدموا على ان يقولوا بحضرته المذهلة للالباب انك وعدتنا باجابة الدعاء واخلفتنا في الجواب وانما هذا قولهم بذلك على انهم ما كانوا عند الدعاء عارفين أو ما كانوا ذاكرين عند المواقفة منهم لله جل جلاله انهم بحضرة مالك الدنيا والدين وهؤلاء اهل

١٠٩

ان يعرض الله جل جلاله عن دعواتهم واجاباتهم وحسبهم عفو الله جل جلاله عن مؤاخذتهم على غفلاتهم وجهلاتهم.

وقد روى عن مولانا الصادق صلوات الله عليه انه قيل له ما بالنا ندعوا الله جل جلاله فلا يستجاب لنا فقال لانكم تدعون من لا تعرفون.

ذكر ادب العبد في قرائة القرآن في الصلوة على سبيل الجملة في ساير الايات.

اعلم ان من ادب العبد في تلاوته كلام موليه الذى يعلم انه يراه ان يكون ذاكرا لجلالته وانه في حضرته ويكون متشرفا ومتلذذا باستماع محادثته ومتأدبا مع عظمته فيتلو كلامه المقدس بنية انه نائب عن الله جل جلاله في قرائة كلامه وان الله جل جلاله مقبل عليه يستمع كلامه المقدس منه فلا يكن حالك عند تلك التلاوات دون حالك لو قرئت بعض الكتب المصنفات على من صنفها ممن تريد التقرب إليه في قرائة تصنيفه عليه وانت محتاج في كل امورك إليه فانك تعلم انك كنت تبذل جهدك في احضار قلبك بغاية امكانك وتبالغ في تهذيب لسانك وتقبل عليه وعلى قرائة تصنيفه بجميع جنانك وبحفظ نفسك في الحركات والسكنات فلا يكن الله جل جلاله عندك في قرائة كلامه دون صاحب المصنفات فانك ان جعلت الله جل جلاله دون هذه الحال كنت اقرب إلى الهلاك واستحقاق النكال واقتد بمن تذكر انت وتدعى انك مهتد بانواره ومقتد باثاره.

فقد روى ان مولينا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كان يتلو القرآن في صلوته فغشى عليه فلما افاق سئل ما الذى اوجب ما انتهت حالك إليه فقال ما معناه ما زلت اكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال

١١٠

كأنني سمعت مشافهة ممن انزلها على المكاشفة والعيان فلم تقم القوة البشرية بمكاشفة الجلالة الالهية واياك يامن لا تعرف حقيقة ذلك ان تستبعده أو يجعل الشيطان في تجويز الذى رويناه عندك شكا بل كن به مصدقا اما سمعت الله جل جلاله يقول فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا.

وقد ذكر محمد بن يعقوب الكليني ان الصادق عليه السلام سئل كيف كان النبي صلى الله عليه وآله يصلى بهم ويقرء القرآن ولا تخشع له قلوب اهل الايمان فقال عليه السلام ان النبي صلوات الله عليه كان يقرء القرآن عليهم بقدر ما يحتمله حالهم والحديث مختصر وسيأتى من صفات حال الابرار في التلاوات في مواضع من هذا الكتاب ما فيه تعريف كاف لذوى الالباب ذكر ادبه في الركوع والخضوع ينبغى للعبد إذا كبر تكبيرة الركوع ان يركع بذل واستكانة وخضوع ويكون مستحضرا بقلبه ونيته انه معامل في عبادته وركوعه لله مالك دنياه وآخرته فيقابل في حال ركوعه كمال تلك الجلالة الالهية بذل العبودية ولله در القائل.

إذا كان من تهوى عزيزا ولم تكن

ذليلا له قاقر السلام على الوصل

افلا ترى ان من ادب العبد مع المملوك في دار الزوال انهم إذا تلقوهم واقبلوا عليهم يركعون لهم على سبيل التعظيم والاجلال ويكونون في تلك الحال مستحضرين انهم بين ايديهم وانهم يقصدونهم بذلك التعظيم فكيف تركع انت وتخضع للعالم بالاسرار وهو اعظم من كل عظيم وقلبك خال من حضورك بين يديه ومن ذلك له ومن اقبالك عليه.

اقول ومن ادب الراكع في الصلوة إذا كان ممن يقول في ركوعه

١١١

لك خشعت وبك امنت ولك اسلمت وعليك توكلت وانت ربى خشع لك سمعي وبصرى ومخى وعصبي وعظامي وما اقلته قدماى لله رب العالمين ان يكون العبد ذاكرا انه قد ادعى في هذا القول صفات المقبلين على مالك يوم الدين بجميع جوارحه على الحقيقة واليقين وصفة المستسلمين والمتوكلين فاياك ان يكون شئ منك غير خاضع ولا خاشع أو غير مستسلم لله جل جلاله أو غير متوكل على الله في شئ من امور الدنيا والدين فتكون في قولك من الكاذبين فاى صلوة تبقى لك إذ صليتها بالكذب والبهت لمالك الاولين والاخرين.

اقول ومن ادب الراكع في الصلوة انه لا يستعجل برفع رأسه من الركوع قبل استيفاء اقسام ذل العبودية لمولاه كما رويناه عمن يقتدى به وكما رويناه باسنادنا إلى ابي جعفر بن بابويه فيما رويناه من كتاب زهد مولينا على بن ابي طالب صلوات الله عليه عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن سعيد عن الفضل بن صالح عن ابى الصباح عن ابي عبد الله قال كان على عليه السلام يركع فيسيل عرقه حتى يطاء في عرقه من طول قيامه.

اقول انا لك فيا ايها المشفق على روحه وقلبه وجسده وكبده اولئك الذين هدى الله فبهديم اقتده.

ومن ادب الراكع انه إذا رفع رأسه بعد ما ذكرناه فليكن رفع رأسه بوقار وسكينة فان موليه يراه فإذا قال سمع الله لمن حمده اهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت انه يمد يديه عند ذكر الكبرياء والعظمة والجبروت بالذل للمعبود ويبسطهما بالرجاء عند ذكر الجود.

ذكر ادبه في السجود اعلم انه من ادب العبد في سجوده ان يكون

١١٢

على زيادة عما ذكرناه في الركوع من الذل لمعبوده فاياه ان يكون قلبه خاليا من اذكار نفسه انه حاضر بين يدى الله جل جلاله وانه جل جلاله على ما هو عليه من العظمة والجلالة التى لا يحيط بها مقال كل ذى مقالة وان هذا العبد على صفة من الضعف والفقر والمسكنة والذنوب التى قد اوقعته في الرذالة فيهوى إلى السجود على ابلغ ما ذكرناه في الركوع من الذل والخضوع والخشوع فانه ان سجد وقلبه خال من الذكر لهذه الحال وانما يسجد على العادة ومراعاة صورة السجود من غير استحضار لمعاملة موليه بالاقبال عليه وبين يديه فهو كالذى يلعب في سجوده أو كالمعرض أو كالمستهزئ بمالكه ومعبوده وقد عرف اهل العلم ان ذلك الركوع وهذا السجود من اركان الصلوات وانهما متى تركهما العبد في صلوته عامدا أو ناسيا بطلت صلوته بمقتضى الفتوى والروايات وصاحب الشريعة صلوات الله عليه وآله ما بعث إلى العباد بمعاملة وعبودية لغير معبود فإذا خلا خاطرك من المقصود بهذه الذلة والعبودية عند الركوع والسجود فما الفرق بينك وبين اهل الجحود وما الفرق بينك وبين الساهي واللاهى وانما جاء محمد صلوات الله عليه وآله يدعو إلى المعبود قبل العادة فاياك ان تكون ممن خلا قلبه من ذل العبودية له وصار يقوم ويركع ويسجد فارغ القلب منه جل جلاله بحسب العرف والعادة.

اقول وان كنت ممن يقول في سجوده اللهم لك سجدت وبك امنت ولك اسلمت وعليك توكلت وانت ربى سجد لك سمعي وبصرى وشعرى وعصبي ومخى وعظامي وسجد وجهى البالى الفاني للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله احسن الخالقين.

١١٣

فانك ان قلت هذا واعضاؤك غير ساجدة جميعا على معنى الذل والاستسلام والتوكل والخضوع والخشوع للمعبود فكانك غايب عن معنى السجود ويكون قولك ودعواك كذبا وبهتا لموليك فكيف تصح صلوتك يا مسكين إذا كان عبادتك بالكذب والبهت والتهوين.

ثم اقول لك ان كنت تجد في سجودك ما يجده المحب من الروح والسرور إذا قرب من اهل الحب والا فسجودك ذميم مدخول وقلبك سقيم معلول لانك قد عرفت صريح القرآن تضمن واسجد واقترب فجعل السجود من علامات القرب إلى علام الغيوب فطالب نفسك بانها تجد عند السجود ما يجد المحب بقرب المحبوب فان حبك لله جل جلاله من ثمرة قوة معرفتك بجلاله وعظيم نواله وافضاله قال الله جل جلاله في قوم يثنى عليهم ممن كانوا يعرفونه يحبهم ويحبونه وقال جل جلاله في وصفه لاهل النجاة والذين آمنوا اشد حبا لله ولا يغرنك قول من يقول ان حبك لله جل جلاله طاعته فان ذلك ان كان قاله من قول قدوة فلعله لتقية أو لضعف السامع عن معرفة الاسرار الربانية لان حبك لله جل جلاله ان كنت عارفا به كان قبل طاعتك له لانك عرفته منعما فاحببته ثم وجدته يستحق الطاعة فاطعته والا فكيف عقلت معنى الرواية المتفق عليها جبلت القلوب على حب من احسن إليها افتكون القلوب على حب (1)

__________________

(1) ولقد وجدت مكتوبا في ظهر بعض الكتب عن الرضا (ع) جبلت القلوب على حب من احسن إليها وبغض من اساء إليها والظاهر انه اشارة إلى ذلك ثم قال فكيف تكون القلوب على حب العبد المحسن مجبولة وتكون عند احسان الله جل جلاله عن حبه معزولة محمد حسين عفى عنه.

١١٤

العبد المحسن مجبولة وتكون عند احسان الله جل جلاله عن حبه معزولة هذا لا تقبله الا عقول سقيمة معلولة.

وقد عرفت ان حبك لله جل جلاله من عمل القلوب وطاعتك له تكون من عمل القلب فحسب ومن عمل القلب ومن عمل الجوارح الظاهرة وكيف صارت الطاعة التى تكون تارة بالقلب وتارة بالقلب والجوارح الظاهرة وهما قسمان قسما واحدا هذا كالمكابرة للعيان وكيف صار العمل بالجوارح الظاهرة هو العمل بالقلوب هذا مستحيل عند من عقله غير محجوب.

فصل ثم وقد يعمل الانسان الطاعات وهى تشق عليه ويكون قلبه كارها لها أو للتكليف بها فلو كان حب العبد جل جلاله طاعته كان في هذه الحال كارها لحب الله بل كارها لله جل جلاله بل باغضا لله جل جلاله لان ضد الحب البغض فإذا بغض العبد طاعة الله جل جلاله فقد بغض حب الله جل جلاله وصار باغضا لله جل جلاله فيكون على هذا كل من كره طاعة الله جل جلاله باغضا لله جل جلاله ويكون كافرا فهل تجد لك على هذا القول من المسلمين العارفين عاذرا أو ناصرا وهل يقبل عقلك ان معنى قوله جل جلاله الذى قدمناه قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدى القوم الفاسقين أو عقل عاقل ان قوله احب اليكم من هذه الاشياء التى عددها سبحانه ان المراد به الطاعة وهبك (ن ل هب) جوزت هذا في آبائهم وابنائهم

١١٥

واخوانهم وازواجهم وعشيرتهم فهل تجوز في قوله جل جلاله واموال اقترفتموها وتجارة وتخشون كسادها ومساكن ترضونها ان الحب لهذه الاشياء بمعنى الطاعة فاياك ان تحمل على المعقول ما لايدخل تحت الاستطاعة ودع عنك تقليد من قال ان حب العبد لله جل جلاله طاعته واقبل الحق ممن قاله فقد انكشف لك براهينه وحجته فهذا بيان ان حب العبد لله جل جلاله بالقلوب وهو مما يثمره قوة معرفة بالله جل جلاله وقوة المعرفة باحسانه الذين يسوقان عقل العبد وقلبه إلى حب مولاه قبل ان يعرف العبد هل هو مكلف بحب الله جل جلاله ام لا فكيف إذا عرف انه مأمور ايضا بحبه عقلا ونقلا لان الكامل في ذاته محبوب لكماله والمحسن محبوب لاحسانه وافضاله قبل معرفة التكليف بهذا الحب المذكور والله جل جلاله اعظم شأنا واعم احسانا من ان يحيط بجلاله وصفنا لكماله ووصفنا لاحسانه ولافضاله بل هو جل جلاله اعظم كمالا وابلغ احسانا وافضالا فوجب ان يكون محبوبا بالقلوب إلى من عرفه على اليقين وعرف احسانه في امور الدنيا والدين.

فصل واما حب الله جل جلاله لعبده إذا طاعه وغضبه عليه إذا عصاه فلعلك تجد في الروايات والمقالات ان حب الله جل جلاله للعبد أو رضاه عنه هو ثوابه له وان غضب الله جل جلاله على عبده العاصى هو عذابه له فاما المقالات لذلك فلا يجوز تقليدهم في المعقول واما حديث الرواية والمنقول فان سلمت من الطعن عليها وكانت عن معصوم فلعل ذلك قالوه على سبيل التقية فانهم عليهم السلام كانوا في تقية هايلة وقد كشفنا تقيتهم فيما ذكرنا في الاعتذار لمضمون كتاب الكشى فان هذا القول كثير في مذهب المخالفين لهم أو لعل ذلك قالوه للتقريب على السائلين

١١٦

والسامعين فان كثيرا من المستمعين تقصر افهامهم عن اسرار صفات سلطان العالمين فلعلهم خافوا عليهم انهم إذا قالوا لهم ان الله جل جلاله يحب ويرضى ويغضب ويسخط ان يسبق إلى خواطر من يسمع ذلك انه جل جلاله يحب ويرضى مثل الحب والرضا من الطباع البشرية أو يغضب ويسخط مثل الغضب والسخط من القلوب الترابية فحدثوا عليهم السلام بما تبلغ إليه عقول السائلين والسامعين وإذا اعتبرت بعض الروايات في ذلك وجدتها شاهدة بانهم نفوا عن الله جل جلاله الحب والرضا والغضب والسخط الذين تتغير الامزجة بهما ولا يصحان الا على الاجسام القابلة لهما حتى قربوا على بعض السائلين وقالوا لهم ما معناه ان غضب الله جل جلاله ورضاه اشارة إلى غضب اوليائه وخاصته ورضاهم وهذا صحيح عند العارفين وان خواصه جل جلاله ما يغضبون وما يرضون الا بعد غضبه سبحانه ورضاه لانهم عليهم السلام له جل جلاله تابعون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون.

فصل والا فالعقول الصحيحة شاهدة وجدانا وعيانا ان معنى لفظ الحب والرضا غير معنى لفظ الثواب وكذلك معنى الغضب غير معنى العقاب سواء كان ذلك في العباد أو رب الارباب.

وقد عرفنا ذلك قوله جل جلاله ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وقوله جل جلاله ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وقوله جل جلاله يحبهم ويحبونه عن قوم كانوا حقا ويقينا يعرفونه وقال جل جلاله في الغضب فلما اسفونا انتقمنا منهم.

وذكر جماعة من اهل اللغة ومن المفسرين ان معنى قوله جل جلاله

١١٧

أي اغضبونا فقال الجوهرى في كتاب الصحاح ما هذا لفظه واسف عليه اسفا أي غضب واسفه اغضبه.

وقال الطبرسي في تفسير القرآن فلما اسفونا أي اغضبونا وغضبه سبحانه ارادة عقابهم وما قال الطبرسي ان غضبه عقابهم فجعل الله جل جلاله في ههذه الاية الاسف الذى هو الغضب منه جل جلاله عليهم قبل عقابه لهم الذى هو الانتقام.

وهذا واضح كيف يخفى مثله على ذوى الافهام وقال جل جلاله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما افلا ترى انه جل جلاله قدم الغضب على العذاب بل قبل اعداد عذابه بجهنم في صريح الكتاب على مقتضى مفهوم الالباب.

فصل ويزيدك بيانا انك ترى الاحاديث والادعية متظاهرة بما معناه أو لفظه اللهم ان لم ترض عنى فاعف عنى فقد يعفو المولى عن عبده وهو غير راض عنه.

ثم أو ما تعلم ان الكفار الذين علم الله جل جلاله منهم انهم يموتون على كفرهم كانوا يستحقون في حكم العقل عقوبتهم في حال حيوتهم.

ثم تعلم ان الله جل جلاله غضبان عليهم في حال كفرهم قطعا ان كنت مسلما فعفى الله جل جلاله عن تعجيل عقوبتهم واخر عقابهم إلى بعد وفاتهم مع كونهم مذ كفروا وعلم استمرارهم على كفرهم كان قد غضب عليهم.

فهذا يكشف لك ان الغضب من الله جل جلاله قبل العقاب لانه

١١٨

إذا كان الله جل جلاله يعفو عن عقاب العبد وهو غير راض عن العبد كما تضمنته الادعية في عفوه عن المؤمن وهو غير راض عنه وحال الكفار الذين يموتون على كفرهم وتأخير عقوبتهم وهو غضبان عليهم كما قلناه لانه إذا كان غير راض كان غضبانا ولا يخلو عن مقام الرضا والغضب في وقت واحد على وجه واحد فلو كان الغضب هو العقاب استحال ان يعفو عن عبد ويكون في حال عفوه عنه غضبانا عليه وكان متى عفى عن العبد المسلم أو الكافر قبل وفاته زال غضبه عنهم وهذا خلاف المعلوم من دين اهل الحق والصدق.

فصل ولكن حبه جل جلاله أو رضاه حيث قد نطق القرآن الصريح والنقل الصحيح بهما وبغضبه وسخطه جل جلاله وثبوت هاتين الصفتين له جل جلاله فانه يكون لحبه سبحانه أو رضاه وغضبه أو سخطه وجه معلوم غير ما نعرفه من رضا الاجسام وحبها وغضبها وسخطها وغير ما فسروه بان حبه ورضاه ثوابه وغضبه عقابه كما كان تفسير ساير صفاته جل جلاله غير صفات الاجسام فان كون احدنا قادرا يقتضى قوة زائدة وحالا متجددة غير كونه عاجزا وكذا كون احدنا عالما وحيا وساير صفاتنا يقتضى تجدد حالات وتغيرات علينا وهذه المعاني مستحيلة على الله جل جلاله ولكن هذه الصفات في الله كما يليق بذاته المقدسة التى لامثل لها وكما يليق بصفاته المنزهة التى لاشبه لها وكذا يكون تفسير الحب منه جل جلاله والرضا والغضب والسخط وهذا يكشف ما قلناه لاهل الريب ويزيل العجب.

(اقول ووجدت بعد تصنيف هذا الكتاب بسنتين في الجزء الاول من تفسير القرآن للطبري عن قوم من المفسرين انهم ذكروا في غضب

١١٩

الله كما ذكرناه واخترناه).

فصل اقول ومن ادب العبد في السجود انه لا يستعجل في رفع رأسه من ذلك الخضوع والخشوع للمعبود فقد قلنا لك معنى ما ذكره الله جل جلاله في كتابه ان السجود من مقامات القرب إلى مولاك فعلى أي شئ تستعجل أو تكره قربه وهو يريك وكما انك لا تكره قربك من محبوبك في دنياك ولا تستعجل بالتباعد عنه فكذا كان مع ربك جل جلاله الذى لابد لك منه كما رويناه باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني فيما رواه باسناده إلى الفضيل بن يسار وهو من اعيان الاخيار وخواص الاطهار عن ابي عبد الله عليه السلام قال كان على بن الحسين عليهما السلام إذا قام إلى الصلوة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا.

ذكر الشهادة لله جل جلاله بالوحدانية في الصلوة.

اقول المهم ان يكون تلفظك بالشهادة معاملة لله جل جلاله وعبادة ولا يكون قصدك انه جل جلاله في نفس الامر واحد فحسب وانما يراد منك انك تعتقد انه جل جلاله واحد في نفس الامر وانه لا اله لك تعبده سواه ولا لك شئ تؤثره على رضاه فانك ان اثرت شيئا عليه جل جلاله كان ذلك الذى تؤثره ارجح منه جل جلاله عندك ومعبودا لك من دونه فيما تؤثره فيه عليه وما تكون كامل الصدق في الشهادة بانك لا اله لك سواه افلا ترى قوله جل جلاله فيمن رجح عليه هواه فقال سبحانه اتخذ الهه هواه.

وروى في تفسير قوله جل جلاله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله انهم ما صاموا ولا صلوا لهم ولكن اطاعوهم في معصية الله فصار حكمهم بذلك حكم من اتخذهم الهة فاياك ان تشرك به

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

في كتاب الفردوس، عن عائشة، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من أكل السداب ونام عليه نام آمنا من الدبيلة وذات الجنب(١) .

( في السلق)

قال الرضاعليه‌السلام : عليكم بالسلق، فإنه ينبت على شاطئ نهر في الفردوس. وفيه شفاء من كل داء وهو يشد العصب ويطفئ حرارة الدم ويغلظ العظام. ولولا أنه تمسه أيد خاطئة لكانت الورقة تستر رجلا، قال رجل: فقلت: جعلت فداك كان أحب البقول إلي، قال: فأحمد الله على معرفتك.

روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: أكل السلق يؤمن من الجذام.

وعنهعليه‌السلام قال: إن الله تعالى رفع عن اليهود الجذام بأكلهم السلق ورميهم العروق.

وعن الرضاعليه‌السلام قال: أطعموا مرضاكم السلق، فإنه فيه شفاء ولا داء فيه ولا غائلة ويهدأ نوم المريض.

وعنهعليه‌السلام قال: السلق يقمع عرق الجذام. وما دخل جوف المبرسم(٢) مثل ورق السلق.

وعنهعليه‌السلام أيضا قال: لا تخلون جوفك من الطعام. وأقل من شرب الماء. ولا تجامع إلا من شبق(٣) . ونعم البقلة السلق.

( في الشلجم)

عن الصادقعليه‌السلام قال: عليكم بالشلجم فكلوه واغذوه واكتموه إلا عن أهله، فما من أحد إلا وبه عرق الجذام فأذيبوه بأكله(٤) .

( في الفجل)

من كتاب الفردوس، عن ابن مسعود قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا أكلتم الفجل

__________________

١ - الدبيلة - كجهينة -: الطاعون أو خراج ودمل يظهر في الجوف.

٢ - المبرسم: الذي أصيب بالبرسام - وهو بالكسر - التهاب في الحجاب الذي بين الكبد والقلب.

٣ - الشبق - بالتحريك -: اشتداد الشهوة وشدة الميل إلى الجماع.

٤ - الشلجم والسلجم: اللفت وهو نبات معروف يؤكل.

١٨١

وأردتم أن لا يوجد له ريح فاذكروني عند أول قضمة.

عن الروضة، عن حنان بن سدير قال: كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام على المائدة فناولني فجلة وقال لي: يا حنان كل الفجلة، فإن فيه ثلاث خصال: ورقه يطرد الرياح ولبه يسهل البول وأصوله تقطع البلغم.

من إملاء الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: الفجل أصله يقطع البلغم ويهضم الطعام وورقه يحدر البول.

( في الثوم)

عن الباقرعليه‌السلام قال: إنا لنأكل الثوم والبصل والكراث.

وسئل الصادقعليه‌السلام عن أكل الثوم؟ قال: لا بأس بأكله بالقدر، ولكن إذا كان كذلك فلا يخرج إلى المسجد.

ومن الفردوس، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوا الثوم وتداووا به، فإن فيه شفاء من سبعين داء.

عن عليعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي كل الثوم، فلولا أني أناجي الملك لاكلته.

وعنه صلوات الله عليه قال: لا يصلح أكل الثوم إلا مطبوخا.

( في البصل)

عن الباقرعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخلتم بلادا فكلوا من بصلها يطرد عنكم وباءها.

عن الصادقعليه‌السلام أنه سئل عن أكل البصل؟ فقال: لا بأس به توابلا(١) في القدر. ولا بأس أن تتداوى بالثوم، ولكن إذا أكلت ذلك فلا تخرج إلى المسجد.

وعنهعليه‌السلام قال: البصل يذهب بالنصب ويشد العصب ويزيد في الماء ويزيد في الخطى ويذهب بالحمى.

وعنهعليه‌السلام قال: البصل يطيب الفم ويشد الظهر ويرق البشرة.

__________________

١ - التوابل، جمع تابل: أبزار الطعام أي ما يطيب به الاكل كالفلفل وغيره.

١٨٢

وقالعليه‌السلام : في البصل ثلاث خصال: يطيب النكهة ويشد اللثة ويزيد في الجماع.

( في الخس)

قال الصادقعليه‌السلام : عليك بالخس، فإنه يقطع الدم.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كل الخس، فإنه يورث النعاس ويهضم الطعام.

( في الباقلى)

من الفردوس، عن أنس قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كان طعام عيسىعليه‌السلام الباقلى حتى رفع. ولم يأكل عيسىعليه‌السلام [ غيره حتى رفع ولم يأكل عيسىعليه‌السلام ] شيئا غيرته النار.

من الفردوس قالعليه‌السلام : من أكل فولة بقشرها أخرج الله عزوجل منه من الداء مثلها.

عن الرضاعليه‌السلام قال: الباقلى يمخخ الساقين ويولد الدم الطري. وقال: كلوا الباقلى بقشره، فإنه يدبغ المعدة.

قال الصادقعليه‌السلام : كلوا الباقلى، فإنه يمخخ الساقين ويزيد في الدماغ ويولد الدم الطري.

وقالعليه‌السلام الباقلى يذهب بالداء ولا داء فيه.

( في الباذنجان)

قال الصادقعليه‌السلام : الباذنجان جيد للمرة السوداء.

وقال أبوالحسن الثالثعليه‌السلام لبعض قهارمته(١) : استكثر لنا من الباذنجان، فإنه حار في وقت الحرارة وبارد في وقت البرودة، معتدل في الاوقات كلها، جيد على كل حال.

وقال الصادقعليه‌السلام : عليكم بالباذنجان البوراني فهو شفاء يؤمن من البرص

__________________

١ - القهارمة: جمع قهرمان وهو أمين الدخل والخرج أو الوكيل.

١٨٣

وكذا المقلي بالزيت.

من الفردوس قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوا الباذنجان، فإنها شجرة رأيتها في جنة المأوي، شهدت لله بالحق ولي بالنبوة ولعلي بالولاية، فمن أكلها على أنها داء كانت داء. ومن أكلها على أنها دواء كانت دواء.

عن أنس قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوا الباذنجان وأكثروا منها، فإنها أول شجرة آمنت بالله عزوجل.

عن الصادقعليه‌السلام قال: أكثروا من الباذنجان عند جذاذ النخل(١) ، فإنه شفاء من كل داء ويزيد في بهاء الوجه ويلين العروق ويزيد في ماء الصلب.

عن الصادقعليه‌السلام قال: روي أنه كان بين يدي علي بن الحسينعليهما‌السلام باذنجان مقلو بالزيت وعينه رمدة وهو يأكل منه، قال الراوي: قلت له: ياابن رسول الله تأكل من هذا وهو نار؟! فقال: اسكت، إن أبي حدثني، عن جدي قال: الباذنجان من شحمة الارض وهو طيب في كل شيء يقع فيه.

( في الجزر)

عن داود بن فرقد قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وبين يديه جزر، قال: فناولني جزرة وقال: كل، فقلت: إنه ليس لي طواحن، فقال أما لك جارية قلت: بلى، قال: مرها أن تسلقه لك وكله، فإنه يسخن الكليتين ويقيم الذكر.

وقالعليه‌السلام : الجزر أمان من القولج والبواسير ويعين على الجماع.

( في البطيخ)

من الفردوس، عن علي أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: تفكهوا بالبطيخ، فإن ماءه رحمة وحلاوته من حلاوة الجنة. وفي رواية اخرى أنه اخرج من الجنة، فمن أكل لقمة من البطيخ كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة ورفع له سبعين ألف درجة.

عن الكاظمعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل البطيخ بالسكر ويأكله بالرطب.

__________________

١ - الجذاذ - بالتثليث -: ما تكسر من الشيء. والظاهر أن يكون جدادا - بالدال -.

١٨٤

وقال الصادقعليه‌السلام : أكل البطيخ على الريق يورث الفالج.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : البطيخ شحمة الارض لاداء ولا غائلة فيه. وقالعليه‌السلام : فيه عشر خصال: طعام وشراب وفاكهة وريحان وأدم وحلواء واشنان(١) وخطمي وبقل ودواء.

عن الروضة [ وفي رواية ]، عن الصادقعليه‌السلام قال: كلوا البطيخ، فإن فيه عشر خصال مجتمعة: وهو شحمة الارض لا داء فيه ولا غائلة وهو طعام وشراب وفاكهة وريحان وهو اشنان وأدم ويزيد في الباه ويغسل المثانة ويدر البول. وفي حديث آخر: يذيب الحصى في المثانة.

للرضا صلوات الله عليه:

أهدت لنا الايام بطيخة

من حلل الارض ودار السلام

تجمع أوصافا عظاما وقد

عددتها موصوفة بالنظام

كذاك قال المصطفى المجتبى

محمد جديعليه‌السلام

ماء وحلواء وريحانة

فاكهة حرض(٢) طعام إدام

تنقي المثانة وتصفي الوجوه

تطيب النكهة عشر تمام

وعن الرضاعليه‌السلام قال: البطيخ على الريق يورث الفالج. وفي رواية: القولنج.

( في القثاء)

عن الصادقعليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأكل القثاء بالملح. وقال: إذا أكلتم القثاء فكلوه من أسفله، فإنه أعظم للبركة.

( في الشونيز)

عن سعد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن هذه الحبة السوداء فيها شفاء من كل داء إلا السام، قلت: وما السام؟ فقال: الموت، قلت: وما الحبة السوداء؟ قال: الشونيز، قلت: وكيف أصنع؟ قال: تأخذ إحدى وعشرين حبة فتجعلها في خرقة فتنفعها في الماء ليلة، فإذا أصبحت قطرت في المنخر الايمن قطرة وفي الايسر قطرة،

__________________

١ - الاشنان - بالضم والكسر -: ما تغسل به الايدي والمراد أنه يغسل البطن. والخطمي - بكسر الخاء وفتحها لغة -: نبات ورقه معروف يغسل به الرأس.

٢ - الحرض - بالضم -: الاشنان.

١٨٥

فإذا كان اليوم الثاني قطرت في الايمن قطرتين وفي الايسر قطرة، فإذا كان اليوم الثالث قطرت في الايمن قطرة وفي الايسر قطرتين تخالف بينهما ثلاثة أيام. قال سعد: وتجدد الحب في كل يوم.

عن الصادقعليه‌السلام قال: الحبة السوداء شفاء من كل داء وهي حبيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقيل له: إن الناس يزعمون أنها الحرمل، قال: لا، هي الشونيز، فلو أتيت أصحابه فقلت: أخرجوا إلي حبيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخرجوا إلي الشونيز.

عن محمد بن ذريح قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إني أجد في بطني وجعا وقراقر؟ فقالعليه‌السلام : ما يمنعك من الشونيز؟ ففيه شفاء من كل داء.

عن المفضل قال: شكوت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : إني ألق من البول شدة؟ فقال: خذ من الشونيز في آخر الليل.

وعنهعليه‌السلام قال: إن في الشونيز شفاء من كل داء، فأنا آخذه للحمى والصداع والرمد ولوجع البطن ولكل ما يعرض لي من الاوجاع فيشفيني الله عزوجل به.

( في الحرمل)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنبت الحرمل شجرة ولا ورقة ولا زهرة إلا وملك موكل بها حتى تصل إلى من تصل إليه أو تصير حطاما، وإن في أصلها وفرعها نشرة(١) وفي حبها شفاء من اثنين وسبعين داء.

عن محمد بن الحكم قال: شكا نبي إلى الله عزوجل جبن أمته، فأوحى الله عز وجل إليه: مر أمتك بأكل الحرمل وفي رواية: مرهم فليسفوا الحرمل، فإنه يزيد الرجل شجاعة.

سئل الصادقعليه‌السلام عن الحرمل واللبان؟ فقالعليه‌السلام : أما الحرمل فإنه ما تغلغل له عرق في الارض(٢) ولا ارتفع له فرع في السماء إلا وكل الله عزوجل به ملكا حتى يصير حطاما أو يصير إلى ما صار إليه، فإن الشيطان ليتنكب سبعين دارا دون الدار التي فيها الحرمل، وهو شفاء من سبعين داء، أهونها الجذام فلا يفوتنكم.

__________________

١ - النشرة - بضم فسكون ففتح - في اللغة: هي حرز او رقية يعالج بها المجنون والمريض، سميت نشرة لانها ينشر بها عنه ما خامره من الداء الذي يكشف ويزال.

٢ - الغلغل - بالفتح -: عرق الشجر إذا أمعن في الارض. وتغلغل: دخل عرق الشجر في الارض.

١٨٦

قالعليه‌السلام : وأما اللبان فهو مختار الانبياءعليهم‌السلام من قبلي، وبه كانت تستعين مريمعليها‌السلام . وليس دخان يصعد إلى السماء أسرع منه وهي مطردة الشياطين ومدفعة للعاهة فلا يفوتنكم.

الفصل الثاني عشر

( في الحبوب وما يتبعها)

( في الماش)

سأل بعض أصحاب الرضا عنهعليه‌السلام عن البهق(١) ؟ قال: فأمرني أن أطبخ الماش وأتحساه وأجعله طعامي، ففعلت أياما، فعوفيت.

وعنهعليه‌السلام أيضا قال: خذ الماش الرطب في أيامه، ودقه مع ورقه واعصر الماء واشربه على الريق واطله على البهق، قال: ففعلت، فعوفيت.

( في الحلبة)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالحلبة ولو تعلم أمتي ما لها في الحلبة لتداووا بها ولو بوزنها ذهبا(٢) .

( في النانخواه)

روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه دعا بالهاضوم(٣) والسعتر والحبة السوداء فكان يستفها إذا أكل البياض وطعاما له غائلة. وكان يجعله مع الملح الجريش ويفتتح به الطعام. ويقول: ماأبالي إذا تغاديته ما أكلت من شيء. ويقول: هو يقوي المعدة ويقطع البلغم وهو أمان من اللقوة(٤) .

( في الحمص)

عن الصادقعليه‌السلام أنه ذكر عنده الحمص، فقال: هو جيد لوجع الظهر.

__________________

١ - البهق - بالتحريك -: بياض في الجسد لا من برص. أتحساه أي أشربه شيئا بعد شيء.

٢ - الحلبة - بالضم -: نبت له حب أصفر يؤكل.

٣ - النانخواه: حبة معروفة. والهاضوم: الذي يقال له: الجوارش وهو نوع يهضم الطعام.

٤ - اللقوة - بالفتح -: داء يصيب الوجه يميله ويعوجه.

١٨٧

( في العدس)

عن الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في مصلاه إذ جاءه عبد الله بن التيهان، فقال له: يا رسول الله إني لاجلس إليك كثيرا وأسمع منك كثيرا فما يرق قلبي ولا تسرع دمعتي، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ابن التيهان عليك بالعدس وكله، فإنه يرق القلب ويسرع الدمعة ويذهب الكبرياء وهو طعام الابرار وقد بارك فيه سبعون نبيا.

من الفردوس قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : شكا نبي من الانبياء إلى الله عزوجل قساوة قلوب قومه، فأوحى الله عزوجل إليه وهو في مصلاه: أن مر قومك أن يأكلوا العدس، فإنه يرق القلب ويدمع العين ويذهب الكبرياء وهو طعام الابرار.

من صحيفة الرضاعليه‌السلام عنه، عن آبائهعليهم‌السلام أنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالعدس، فإنه مبارك مقدس. وإنه يرق القلب ويكثر الدمعة. وإنه قد بارك فيه سبعون نبيا أخرهم عيسى بن مريمعليهما‌السلام .

( في السنا)

عن الصادقعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالسنا فتداووا به فلو دفع الموت شيء دفعه السنا.

وعنهعليه‌السلام قال: لو علم الناس ما في السنا لقابلوا كل مثقال منه بمثقالين من ذهب، أما، إنه أمان من البهق والبرص والجذام والجنون والفالج واللقوة. ويؤخذ مع الزبيب الاحمر الذي لا نوى له ويجعل معه هليلج كابلي وأصفر وأسود(١) أجزاء سواء، يؤخذ على الريق مقدار ثلاثة دراهم وإذا أويت إلى فراشك مثله.

وهو سيد الادوية.

( في بزر القطونا)

عن الصادقعليه‌السلام قال: من حم فشرب في تلك الليلة وزن درهمين من بزر القطونا أو ثلاثة أمن من البرسام(٢) في تلك الليلة.

__________________

١ - الهليلج والهليلجة: ثمر ذو أنواع، منه أصفر ومنه أسود ومه كابلي وله نفع.

٢ - البرسام - بالكسر -: التهاب في الحجاب الذي بين القلب والكبد.

١٨٨

الفصل الثالث عشر

( في نوادر الاطعمة وغيرها)

( في الجبن والجوز)

قال الصادقعليه‌السلام : الجبن والجوز في كل واحد منهما شفاء، وإذا افترقا كان في كل واحد منهما داء.

وعنهعليه‌السلام قال: الجبن يهضم ما قبله ويشهي ما بعده.

وعنهعليه‌السلام قال: أكل الجوز في شدة الحر ويهيج القروح في الجسد. وأكله في الشتاء يسخن الكليتين ويدفع البرد.

( في الملح)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته لعليعليه‌السلام : يا علي إبدأ بالملح واختم بالملح، فإن في الملح شفاء من سبعين داء، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الاضراس ووجع البطن.

عن الصادقعليه‌السلام قال: من ذر على أول لقمة من طعامه الملح ذهب بنمش الوجه(١) .

سأل الرضاعليه‌السلام أصحابه: أي الادام أجود؟ فقال بعضهم: اللحم. وقال بعضهم: السمن. وقال بعضهم: الزيت فقال: لا، هو الملح خرجنا إلى نزهة لنا فنسي الغلام الملح، فما انتفعنا بشيء حتى انصرفنا.

من الفردوس، عن عائشة، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أكل الملح قبل كل شيء وبعد كل شيء رفع الله عنه ثلاثمائة وثلاثين نوعا من البلاء، أهونها الجذام.

( في الخل)

عن أنس قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أكل الخل قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ. وقال: الملح من الماعون والماء والبرمة. ودخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أم سلمة رضي الله عنها فقدمت إليه كسرا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل عندكم إدام؟ فقالت: يا رسول الله ما عندي إلا خل، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم الادام الخل وما افتقر بيت فيه خل.

__________________

١ - النمش - بالتحريك -: نقط بيض وسود تقع في الجلد تخالف لونه.

١٨٩

عن الصادقعليه‌السلام قال: إنا نبدأ بالخل عندنا كما تبدؤن بالملح عندكم، فإن الخل يشد العقل.

وعنهعليه‌السلام قال: نعم الادام الخل، يكسر المرار ويحيي القلب.

وعنهعليه‌السلام قال: عليك بخل الخمر، فإنه لا يبقي في جوفك دابة إلا قتلها.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم الادام الخل، اللهم بارك لنا في الخل، فإنه إدام الانبياء قبلي.

ومن صحيفة الرضاعليه‌السلام عنه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام قال: كلوا من خل الخمر ما فسد ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم.

( في المرى) ( ١)

عن الصادقعليه‌السلام قال: إن يوسفعليه‌السلام لما كان في السجن شكا إلى الله عزوجل من أكل الخبز وحده وسأله ما يتأدم به؟ وكان يكثر عنده الخبز اليابس، فأمر أن يجعل الخبز اليابس في خابية(٢) ويصب عليه الماء والملح فصار مريا فجعل يتأدم به.

( في الزيت)

من صحيفة الرضاعليه‌السلام عنه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالزيت، فإنه يكشف المرة ويذهب بالبلغم ويشد العصب ويذهب بالاعياء(٣) ويحسن الخلق ويطيب النفس ويذهب بالغم.

وقالعليه‌السلام : نعم الطعام الزيت، يطيب النكهة ويذهب بالبلغم ويصفي اللون ويشد العصب ويذهب بالوصب ويطفئ الغضب(٤) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام في وصيته: يا علي كل الزيت وادهن به، فإنه من أكل الزيت وادهن به لم يقربه الشيطان أربعين صباحا.

__________________

١ - المرى، كدرى: إدام يؤتدم به كالكامخ.

٢ - الخابية - وربما تستعمل الخابئة بالهمزة -: الحب والجرة الضخمة.

٣ - الاعياء: الكل والعجز. ويحتمل أن يكون كما في بعض النسخ الاعباء جمع العب ء أي الثقل.

٤ - الوصب - بالتحريك -: الوجع.

١٩٠

عن الصادقعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة.

وقالعليه‌السلام : الزيت دهن الابرار وطعام الاخيار.

( في السعتر والنانخواه والملح والجوز)

عن الصادقعليه‌السلام قال: أربعة أشياء تجلو البصر وتنفع ولا تضر، فقيل له: ما هي؟ فقال: السعتر والملح والنانخواه والجوز إذا اجتمعن، فقيل له: ولاي شيء تصلح هذه الاربعة إذا اجتمعن؟ فقال: النانخواه والجوز يحرقان البواسير ويطردان الريح ويحسنان اللون ويخشنان المعدة ويسخنان الكلى. والسعتر والملح يطردان الرياح عن الفؤاد ويفتحان السدد ويحرقان البلغم ويدران الماء ويطيبان النكهة ويلينان المعدة ويذهبان الرياح الخبيثة من الفم ويصلبان الذكر.

عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الثفاء(١) دواء لكل داء ولم يداو الورم والضربان بمثله. ( الثفاء: النانخواه. ويقال الخردل: ويقال: حب الرشاد ).

( في السعد)

عن إبراهيم بن نظام قال: أخذني اللصوص وجعلوا في فمي الفالوذج الحار(٢) حتى نضج، ثم حشوه بالثلج بعد ذلك فتخلخلت أسناني وأضراسي، فرأيت الرضاعليه‌السلام في النوم فشكوت إليه ذلك، فقال: استعمل السعد(٣) فإن أسنانك تثبت، فلما حمل إلى خراسان بلغني أنه مار بنا، فاستقبله وسلمت عليه وذكرت له حالي وإني رأيته في المنام وأمرني بإستعمال السعد، فقال: وأنا آمرك به في اليقظة، فاستعملته فقويت أسناني وأضراسي كما كانت.

( في الاشنان)

عن الباقرعليه‌السلام أنه كان إذا توضأ بالاشنان أدخله فاه فيطاعمه، ثم يرمي به وقال: الاشنان ردئ يبخر الفم ويصفر اللون ويضعف الركبتين وأحبه.

__________________

١ - الثفاء - بالضم فالتخفيف أو التثقيل -: حب الرشاد وقيل: الخردل ويؤكل في الاضطرار.

٢ - الفالوذج: ما تعمل من الدقيق والماء والعسل والسمن. وتخلخلت أي تحركت وتقلقلت.

٣ - السعد - بالضم -: وسعادى - كحبارى -: طيب معروف وفيه منفعة في إدمال القروح.

١٩١

( في السويق)

قال رجل لابي عبد اللهعليه‌السلام : يولد لنا المولود فيكون فيه الضعف والعلة فقال ما يمنعك من السويق؟ فإن ينبت اللحم ويشد العظم.

من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: بلوا جوف المحموم بالسويق والعسل ثلاث مرات ويحول من إناء إلى إناء ويسقى المحموم، فإنه يذهب بالحمى الحارة. وإنما عمل بالوحي.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: من أفضل سحور الصائم السويق بالتمر.

وقال الرضاعليه‌السلام : السويق إذا غسلته سبع مرات وقلبته من إناء إلى إناء يذهب بالحمى وينزل القوة في الساقين والقدمين.

وقال الصادقعليه‌السلام : إملؤا جوف المحموم بالسويق، يغسل سبع مرات ثم يسقى.

وعنهعليه‌السلام قال: أفضل سحوركم السويق والتمر.

وعنهعليه‌السلام قال: اسقوا صبيانكم السويق في صغرهم، فإن ذلك ينبت اللحم ويشد العظم.

وقالعليه‌السلام : من شرب السويق أربعين يوما أمتلات كعبه قوة.

( في سويق الشعير)

سأل سيف التمار(١) في مريض له أبا عبد اللهعليه‌السلام ؟ فقال له: اسقه سويق الشعير، فإنه يعافي إن شاء الله تعالى، وهو غذاء في جوف المريض. قال: فما سقيته إلا مرة واحدة حتى عوفي.

( في سويق الجاورس)

عن ابن كثير قال: انطلق بطني، فأمرني أبو عبد اللهعليه‌السلام أن آخذ سويق الجاورس بماء الكمون(٢) ، ففعلت فأمسك بطني وعوفيت.

__________________

١ - هو أبوالحسن سيف بن سليمان التمار الكوفي من أصحاب الامام الصادقعليه‌السلام ، ثقة وله كتاب.

٢ - الكمون - بالفتح فالتشديد -: حب معروف من نبات، منه بستاني ومنه بري.

١٩٢

( في سويق التفاح)

عن أحمد بن يزيد قال: كان إذا لسع أحدا من أهل الدار حية أو عقرب قال: اسقوه سويق التفاح.

وعن ابن بكير(١) قال: رعفت، فسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام في ذلك؟ فقال: اسقوه سويق التفاح، فسقيته فانقطع الرعاف.

( في سويق العدس)

عن الصادقعليه‌السلام قال: سويق العدس يقطع العطش ويقوي المعدة وفيه شفاء من سبعين داء ويطفئ الحرارة ويبرد الجوف. وكان إذا سافر لا يفارقه، وكان إذا هاج الدم بأحد من حشمه يقول: اشربوه من سويق العدس، فإنه يسكن هيجان الدم ويطفئ الحرارة.

عن علي بن مهزيار أن جارية له أصابها الحيض فكان لا ينقطع عنها الدم حتى أشرفت على الموت، فأمر أبوجعفرعليه‌السلام أن تسقى سويق العدس، فسقيت فانقطع عنها.

( في اللبن)

عن الحسنعليه‌السلام قال: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا شرب اللبن قال: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه. [ وإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ذاك الاطيبان يعني التمر واللبن ]. وإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان لما شرب لبنا يتمضمض وقال: إن له لدسما. وفي رواية: قالعليه‌السلام : إذا شربتم اللبن فتمضمضوا، فإن له دسما.

وعن الصادقعليه‌السلام قال له رجل: إني أكلت لبنا فأضرني، قال: ما ضر شيئا قط، ولكنك أكلت معه غيره فأضر بك الذي أكلته معه فظننت أنه من اللبن.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ألبان البقر دواء. وسئل عن بول البقر. يشربه الرجل؟ قالعليه‌السلام : إن كان محتاجا يتداوى به فلا بأس.

__________________

١ - هو أبوعلي عبد الله بن بكير بن أعين بن سنس الشيباني من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، كان من أجلة الفقهاء والعلماء ومن أصحاب الاجماع وكان فطحي المذهب إلا أنه ثقة وله كتاب.

( مكارم الأخلاق - ١٣ )

١٩٣

عن الجعفري(١) قال: سمعت أباالحسنعليه‌السلام يقول: أبوال الابل خير من ألبانها وقد جعل الله الشفاء في ألبانها.

عن يحيى بن عبد الله قال: تغذيت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام فاتي بسكرجات(٢) فأشار بيده نحو واحدة منها وقال: شيراز الاتن(٣) اتخذناه لعليل عندنا، فمن شاء فليأكل ومن شاء فليدع. سئل عنهعليه‌السلام عن شرب أبوال الاتن؟ قالعليه‌السلام : لا بأس.

( في مضغ اللبان)

من الفردوس قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أطعموا نساءكم الحوامل اللبان، فإنه يزيد في عقل الصبي.

وقال الصادقعليه‌السلام : ما من بخور يصعد إلى السماء إلا اللبان. وما من أهل بيت يبخر فيه باللبان إلا نفى عنهم عفاريت الجن.

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: مضغ اللبان يشد الاضراس وينفي البلغم ويقطع ريح الفم.

عن الرضاعليه‌السلام قال: استكثروا من اللبان واستفوه وامضغوه وأحبه ذلك إلي المضغ، فإنه ينزف بلغم المعدة وينظفها ويشد العقل ويمرئ الطعام.

عن الرضاعليه‌السلام قال: أطعموا حبالاكم اللبان، فإن يكن في بطنهن غلام خرج ذكي القلب عالما وشجاعا. وإن يكن جارية حسن خلقها وخلقها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوجها(٤) .

( في العشاء)

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: عشاء الانبياء بعد العتمة فلا تدعوا العشاء، فإن ترك العشاء خراب البدن.

__________________

١ - هو أبوهاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب البغدادي، ثقة جليل القدر، عظيم المنزلة عند الائمة: وكان من أصحاب الامام الثامن ومن بعده: ويروي عنهم، توفي سنة ٢٦١.

٢ - السكرجة - بضم الثلاثة وتشديد الراء -: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل.

٣ - الشيراز، كدينار: اللبن الرائب المستخرج ماؤه أي لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف.

٤ - الحظوة - بالضم والكسر -: المكانة والمنزلة عند الناس.

١٩٤

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك العشاء ليلة السبت وليلة الاحد متواليتين ذهب عنه ما لا يرجع إليه أربعين يوما.

قال أبوالحسنعليه‌السلام : لا تدع العشاء ولو بكعكة، فإن فيه قوة الجسد، ولا أعلمه إلا قال: وصلاح للزواج بل للجماع عن الصادقعليه‌السلام قال: لا تدع العشاء ولو بثلاث لقم بملح. وقالعليه‌السلام : من ترك العشاء ليلة مات عرق في جسده ولا يحيا أبدا.

( في الكمأة)

عن الرضاعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين.

وقال: عجوة البرني من الجنة وهي شفاء من السم.

( في أكل البصل مع البيض وغيره)

قال أبوالحسنعليه‌السلام : من أكل البيض والبصل والزيت زاد في جماعه. ومن أكل اللحم بالبيض كبر عظم ولده.

عن بعض أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام قال له: جعلت فداك إني أشتري الجواري فاحب أن تعلمني شيئا أتقوى عليهن؟ قال: خذ بصلا وقطعه صغارا صغارا واقله بالزيت وخذ بيضا فافقصه في صحفة(١) وذر عليه شيئا من الملح، فاذرره على البصل والزيت واقله شيئا ثم كل منه، قال: ففعلت، فكنت لا اريد منهن شيئا إلا وقدرت عليه.

( في اللحم اليابس والجبن والطلع)

عن الصادقعليه‌السلام قال: ثلاث يسمن وهي مما لا يؤكل. وثلاث يهزلن وهي مما يوكل. واثنان ينفعان من كل شيء ولا يضران من شيء. فاللاتي يسمن ولا يؤكلن: استشعار الكتان والطيب والنورة. واللاتي يؤكلن فيهزلن: اللحم اليابس والجبن والطلع.

وفي حديث آخر: الجوز. وقيل: الكسب(٢) . [ وفي حديث آخر: الكنب ]. واللذان ينفعان من كل شيء ولا يضران من شيء: السكر والرمان.

__________________

١ - فقص البيضة: كسرها بيده. والصحفة: ما يوضع فيها الاكل. وأيضا: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة. وذر عليه: رش ونثر.

٢ - الكسب - بالضم فالسكون -: عصارة الدهن. وقيل فضلة دهن السمسم. والكنب ككتف: نبت.

١٩٥

الباب الثامن

في آداب النكاح وما يتعلق به، عشرة فصول:

الفصل الاول

( في الرغبة في التزويج وبركة المرأة وشومها)

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل الله أن يرزقه نسمة تثقل الارض بلا إله إلا الله.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما بنى بناء في الاسلام أحب إلى الله من التزويج.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان له ما يتزوج به فلم يتزوج فليس منا.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلتمسوا الرزق بالنكاح.

عن الصادقعليه‌السلام قال: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بربه، لقوله سبحانه وتعالى:( إن يكونوا فقراء يُغنِهم الله من فضله ) (١) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا شاب تزوج وإياك والزنا، فإنه ينزع الايمان من قلبك.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : تزوجوا النساء، فإنهن يأتين بالمال.

عن الصادقعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : تزوجوا، فإني مكاثر بكم الامم يوم القيامة(٢) حتى أن السقط ليجئ محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا، حتى يدخل أبواي الجنة قبلي.

__________________

١ - سورة النور: آية ٣٢.

٢ - كاثره: غالبة في الكثرة. واحبنطأ: انفتح جوفه وامتلا غيظا. والمحبنطأ: الممتلئ غيظا.

١٩٦

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لركعتان يصليهما متزوج أفضل من صلاة رجل عزب يقول ليله ويصوم نهاره.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أراذل موتاكم العزاب.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج، [ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ]. ومن لم يستطع فليدمن الصوم، فإن له وجاء(١) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال: ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما عزب.

[ عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ]: جاء رجل إلى أبي جعفرعليه‌السلام فقالعليه‌السلام له: هل لك من زوجة؟ قال: لا، فقال أبوجعفرعليه‌السلام : لا أحب أن لي الدنيا وما فيها وأن أبيت ليلة وليس لي زوجة، ثم قال: إن ركعتين يصليهما رجل متزوج أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره.

عن الصادقعليه‌السلام قال: العبد كلما ازداد في النساء حبا ازداد في الايمان فضلا.

وعنهعليه‌السلام قال: أكثروا الخير بالنساء.

وعنهعليه‌السلام قال: تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز منه العرش.

وعنهعليه‌السلام قال: تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الله لا يحب الذواقين والذواقات(٢) .

وعنهعليه‌السلام قال: تزوجوا في الحجز(٣) الصالح، فإن العرق دساس.

وعنهعليه‌السلام قال: من أخلاق الانبياءعليهم‌السلام حب النساء.

وعنهعليه‌السلام قال: ثلاثة أشيام لا يحاسب عليهن المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه.

وعنهعليه‌السلام قال: من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله. إن الله عز وجل يقول: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سره أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة صالحة.

__________________

١ - الوجاء - بالكسر -: رض عروق البيضتين حتى تنفضخا من غير إخراج فيكون شبيها بالخصاء لانه يكسر الشهوة.

٢ - المراد بالذواقين والذواقات: الذين يكثرون الزواج والطلاق من الرجال والنساء.

٣ - الحجز - بالكسر والضم -: العشيرة. العفيف. الطاهر.

١٩٧

قال علي بن الحسينعليهما‌السلام : من تزوج لله عزوجل ولصلة الرحم توجه الله تاج الملك.

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من كان موسرا ولم ينكح فليس مني.

وروى محمد بن حمران، عن أبيه، عن الصادقعليه‌السلام قال: من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى. وروي أنه يكره التزويج في محاق الشهر(١) .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا.

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من بركة المرأة قلة مؤونتها وتيسير ولادتها. ومن شؤمها شدة مؤونتها وتعسير ولادتها.

وعنهعليه‌السلام قال: الشؤم في ثلاثة أشياء: في الدابة والمرأة والدار. فأما المرأة فشؤمها غلاء مهرها وعسر ولادتها. وأما الدابة فشؤمها قلة حبلها وسوء خلقها. وأما الدار فشؤمها ضيقها وخبث جيرانها. وروي أن من بركة المرأة قلة مهرها. ومن شؤمها كثرة مهرها.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : تزوجوا الرزق، فإن فيهن البركة.

وقالعليه‌السلام : الشؤم في المرأة والفرس والدار.

الفصل الثاني

في أصناف النساء وأخلاقهن

( في أخلاقهن المحمودة)

عن الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام قال: النساء أربعة أصناف: فمنهن ربيع مربع، ومنهن جامع مجمع، ومنهن كرب مقمع، ومنهن غل قمل. فأما الربيع المربع: فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر. والجامع المجمع: الكثيرة الخير المحصنة. والكرب المقمع: السيئة الخلق مع زوجها. وغل قمل: هي التي عند زوجها كالغل القمل وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله فلا يتهيأ أن يحل منه شيئا. وهو مثل للعرب.

__________________

١ - المحاق - مثلثة والضم أكثر -: ثلاث ليال من آخر الشهر لا يكاد يرى القمر فيه لخفائه.

١٩٨

عن داود الكرخي قال: قلت لابي عبد اللهعليه‌السلام : إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج، فقال: انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك، فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق.

ألا إن النساء خلقن شتى

فمنهن الغنيمة والغرام

ومنهن الهلال إذا تجلى

لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحتهن يسعد

ومن يغبن فليس له انتظام

 وهنَّ ثلاث: فأمرأة ولود، ودود، تعين زوجها على دهره وتساعده على دنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه. وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير. وامرأة صخابة(١) ، ولاجة، خراجة، همازة، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : تزوج عيناء سمراء عجزاء مربوعة(٢) ، فإن كرهتها فعلي الصداق.

من أمالي الشيخ أبي جعفر بن بابويه، عنهعليه‌السلام قال: عقول النساء في جمالهن، وجمال الرجال في عقولهم. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد أن يتزوج امرأة بعث إليها من ينظر إليها، وقال: شم ليتها فإن طاب ليتها طاب عرفها وإن درم كعبها عظم كعثبها ( الليت: صفحة العنق. والعرف: الريح الطيبة. ودرم كعبها أي كثير لحم كعبها. يقال: امرأة درماء إذا كانت كثيرة لحم القدم والكعب. والكعثب: الفرج ).

وقال علي بن الحسينعليهما‌السلام : خمس خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش، زائل العقل، مشغول القلب: فأولهن صحة البدن. والثانية والثالثة السعة في الرزق والدار. والرابعة الانيس الموافق، فقيل له: وما الانيس الموافق؟

__________________

١ - الصخب والسخب، بالتحريك: شدة الصوت والصيحة للخصام. وفي بعض نسخ الحديث: صخابة. والوجه: كثيرة الولوج أي الدخول والخروج. والهمازة: العيابة والغيابة.

٢ - العيناء: الحسنة العين والتي عظم سواد عينها في سعة. والسمراء: التي لونها بين السواد والبياض. والعجزاء: التي عظيمة العجيزة. والمربوعة: وسيطة القامة لا طويلة ولا قصيرة.

١٩٩

قال: الزوجة الصالحة والولد الصالح والخليط الصالح. والخامسة وهي تجمع هذه الخصال الدعة.

وقالعليه‌السلام إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها، فان الشعر أحد الجمالين.

وقالعليه‌السلام : خير نسائكم الطيبة الريح، الطيبة الطعام، التي إن أنفقت أنفقت بمعروف وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك من عمال الله وعامل الله لا يخيب [ ولا يندم ].

عن الصادقعليه‌السلام قال: خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها: يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى عني.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا أخبركم بخير نسائكم؟ قالوا بلى. قال: إن خير نسائكم الولود الودود الستيرة(١) العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها الحصان عن غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تتبذل(٢) له تبذل الرجل.

وقالعليه‌السلام : ما استفاد امرؤ فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.

وجاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموما قالت: ما يهمك، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هما، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بشرها بالجنة وقل لها: إنك عاملة من عمال الله ولك في كل يوم أجر سبعين شهيدا. وفي رواية أن الله عزوجل عمالا وهذه من عماله، لها نصف أجر الشهيد.

عن الصادقعليه‌السلام قال: الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا، هن أجمل من الحور العين.

وعنهعليه‌السلام قال: الشجاعة لاهل خراسان، والباءة في أهل البربر، والسخاء والحسد في العرب، فتخيروا لنطفكم.

__________________

١ - الستيرة: العفيفة والمستورة.

٢ - التبذل: ترك الزينة.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481