أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن0%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن

مؤلف: الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي
تصنيف:

الصفحات: 591
المشاهدات: 408147
تحميل: 5686

توضيحات:

أسباب نزول القرآن
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 408147 / تحميل: 5686
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

سورة الحجرات

[٣٨٨]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ ) الآية. [١].

٧٥٢ ـ أخبرنا أبو نصر [أحمد بن] محمد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد العكبري ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي ، قال : حدَّثنا الحسن بن محمد [بن] الصباح ، قال : حدَّثنا حجاج بن محمد ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : حدَّثني ابن أبي مُلَيْكَة ، أن عبد الله بن الزبير أخبره :

أنه قدم ركب من بني تميم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال أبو بكر : أَمَّر القَعْقَاعَ بن مَعْبَد ، وقال عمر : بل أمَّر الأَقْرع بن حَابِس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلَّا خِلَافِي ، وقال عمر : ما أردت خِلَافَك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) إلى قوله سبحانه :( وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ) . رواه البخاري عن الحسن بن محمد [بن] الصباح.

__________________

[٧٥٢] أخرجه البخاري في المغازي (٤٣٦٧) وفي التفسير (٤٨٤٥ ، ٤٨٤٧) وفي الاعتصام (٧٣٠٢) والترمذي في التفسير (٣٢٦٦) وقال : حسن غريب ، وأخرجه النسائي في التفسير (٥٣٤) وأخرجه في المجتبى في كتاب آداب القضاة (٨ / ٢٢٦)

٤٠١

[٣٨٩]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) الآية.

نزلت في ثابت بن قيس بن شِمَاس ، كان في أذنه وَقْر ، وكان جَهْوَرِيَّ الصَّوت ، وكان إذا كلم إنساناً جهر بصوته ، فربما كان يكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فيتأذى بصوته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٧٥٣ ـ أخبرنا أحمد بن إبراهيم المُزَكَّي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال حدَّثنا قَطَن بن نُسَيْر ، قال : حدَّثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، قال : حدَّثنا ثابت عن أنس ، قال :

لما نزلت هذه الآية( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) قال ثابت بن قيس : أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنا من أهل النار. فذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : هو من أهل الجنة. رواه مسلم عن قطن بن نُسَير.

٧٥٤ ـ وقال ابن أبي مليكة : كاد الحِيَّران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، رفعا أصواتهما عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حين قدم عليه ركب [من] بني تميم ، فأشار أحدهما بالأَقْرع بن حَابِس ، وأشار الآخر برجل آخر ، فقال أبو بكر لعمر : ما أردتَ إلا خِلَافي ، وقال عمر : ما أردت خلافك ، وارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله تعالى [في ذلك]( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ ) الآية.

وقال ابن الزبير : فما كان عمر يُسْمِعُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد هذه الآية ، حتى يستفهمه.

__________________

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٨٣) لابن المنذر وابن مردويه.

[٧٥٣] أخرجه مسلم في الإيمان (١٨٨ / ١١٩) ص ١١٠.

وأخرجه البخاري في المناقب (٣٦١٣) وفي التفسير (٤٨٤٦) من طريق موسى بن أنس عنه به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٨٤) لأحمد وأبي يعلى والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل.

[٧٥٤] أخرجه البخاري في التفسير (٤٨٤٥).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٨٤) للطبراني وابن المنذر.

٤٠٢

[٣٩٠]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) الآية. [٣].

٧٥٥ ـ قال عطاء عن ابن عباس : لما نزل قوله تعالى :( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ ) تألَّى أبو بكر أن لا يكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كأَخِي السِّرَارِ ، فأنزل الله تعالى في أبي بكر :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) .

٧٥٦ ـ أخبرنا أبو بكر القاضي ، قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال : حدَّثنا يحيى بن عبد الحميد قال : حدَّثنا حُصَين بن عمر الأَحْمَسِيّ ، قال : حدَّثنا مُخَارِق ، عن طارق ، عن أبي بكر ، قال :

لما نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى ) قال أبو بكر : فآليت على نفسي أن لا أكلِّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا كأخي السِّرَارِ.

[٣٩١]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) . [٤].

٧٥٧ ـ أخبرنا أحمد بن عبيد الله المَخْلَدِي ، قال : أخبرنا أبو محمد

__________________

[٧٥٥] بدون إسناد.

[٧٥٦] في إسناده حصين بن عمر الأحمسي قال الحافظ في التقريب : متروك ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني : متهم بسرقة الحديث.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٧٤) وصححه وتعقبه الذهبي بقوله : حصين واه وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٠٨) وقال : رواه البزار وفيه حصين بن عمر الأحمسي ، وهو متروك ، وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٨٤) لابن عدي وابن مردويه.

وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٦٢) وصححه ووافقه الذهبي.

[٧٥٧] أخرجه الطبراني في الكبير (٥ / ٢١٠) وابن جرير (٢٦ / ٧٧) من طريق داود الطفاوي به ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال : رواه الطبراني وفيه داود بن راشد الطفاوي وثقه ابن حبان

٤٠٣

عبد الله بن محمد بن زياد الدّقّاق ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى العتكي ، قال : حدَّثنا المعتمر بن سليمان ، قال : حدَّثنا داود الطفاوي قال : حدَّثنا أبو مسلم البَجَلِيّ ، قال : سمعت زيد بن أَرْقَم يقول :

أتى ناس النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجعلوا ينادونه وهو في الحجرة يا محمد يا محمد ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) .

٧٥٨ ـ وقال محمد بن إسحاق وغيره : نزلت في جُفَاة بني تميم ، قدم وفد منهم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : فدخلوا المسجد فنادَوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من وراء حجرته : أن أخرج إلينا يا محمد ، فإن مدحنا زَيْنٌ ، وإن ذمنا شين فآذى ذلك مِنْ صياحهم النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج إليهم فقالوا : إنا جئناك يا محمد نفاخرك ، ونزل فيهم :( إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) وكان فيهم : الأقْرَع بن حَابِس ، وعُيَيْنَة بن حِصْن ، والزِّبْرِقَان بن بدر ، وقيس بن عاصم.

٧٥٩ ـ وكانت قصة هذه المفاخرة على ما أخبرناه أبو إسحاق أحمد بن محمد المقرئ ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن السّدُوسِي ، قال : حدَّثنا الحسن بن صالح بن هانئ ، قال : حدَّثنا الفضل بن محمد بن المسيب ، قال : حدَّثنا القاسم بن أبي شيبة قال : حدَّثنا مُعَلّى بن عبد الرحمن ، قال : حدَّثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمر بن الحكم ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

جاءت بنو تميم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنادوا على الباب : يا محمد اخرج إلينا فإن مدحنا زَيْن ، وإن ذَمَّنا شَيْن. فسمعهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرج إليهم وهو يقول : إنما ذلكم الله

__________________

وضعفه ابن معين وبقية رجاله ثقات (مجمع ٧ / ١٠٨).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٨٦) لابن راهويه ومسدد وأبي يعلى وابن أبي حاتم.

[٧٥٨] بدون إسناد.

[٧٥٩] إسناده ضعيف ، معلى بن عبد الرحمن قال ابن حبان : يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد [مجروحين ٣ / ١٧].

وفي ترجمته في تهذيب التهذيب [١٠ / ٢١٤] : قال أبو داود سمعت يحيى بن معين وسئل عنه فقال : أحسن أحواله عندي أنه قيل له عند موته ألا تستغفر الله تعالى؟ فقال : أرجو أن يغفر لي وقد وضعت في فضل علي سبعين حديثاً.

٤٠٤

الذي مدحه زين ، وذمه شين ، فقالوا : نحن ناس من بني تميم ، جئنا بشاعرنا وخطيبنا نُشَاعِرك ونُفاخرك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا. فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم : قم فاذكر فضلك وفضل قومك. فقام فقال

الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء ، فنحن من خير أهل الأرض ، ومن أكثرهم عُدَّة ومالاً وسلاحاً ، فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقول هو أحسن من قولنا ، وفَعَال هو أحسن من فعالنا.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لثابت بن قيس بن شِمَاس : قم فأجبه ، فقام فقال :

الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه ـ أحسن الناس وجوهاً وأعظمهم أحلاماً ـ فأجابوه ، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ، ووزراء رسوله ، وعِزَّاً لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها منع مِنّا نَفْسه وماله ، ومن أباها قتلناه ، وكان رغمه في الله تعالى علينا هيناً ، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات.

فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم : قم يا فلان فقل أبياتاً تذكر فيها فضلك وفضل قومك ، فقام الشاب فقال :

نحن الكرام فلا حَيُّ يُعادلنا

فينا الرؤوس وفينا تُقْسَمُ الرُّبَعُ

ونطعمُ الناسَ عندَ القحطِ كلَّهم

من السّدِيفِ إِذا لم يؤنس القَزَعُ

إذا أَبَيْنَا فلا يأبى لنا أحدٌ

إنا كذلك عند الفخرِ نرتفعُ

قال : فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى حسان بن ثابت ، فانطلق إليه الرسول فقال : وما يريد مني وقد كنت عنده؟ قال : جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثابت بن قيس فأجابهم ، وتكلم شاعرهم فأرسل إليك تجيبه. فجاء حسان ، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يجيبه ، فقال حسانٌ : [يا رسول الله مره فليسمعني ما قال ، فأنشده ما قال ، فقال حسان] :

نصرنا رسولَ الله والدينَ عَنْوةً

على رغم بادٍ من مَعَدٍ وحاضر

٤٠٥

ألسنا نخوض الموتَ في حَوْمَة الوَغَى

إذا طَابَ وِرْدُ الموتِ بَيْنَ العساكر

ونضرب هام الدَّار عين وَنَنْتَمِي

إلى حسب من جِذْم غَسَّان قاهر

فلو لا حياءُ الله قلْنا تكَرُّما

على الناس بالخَيفين هل من منافر

فأَحياؤُنا مِن خير مَن وطِئَ الحصى

وأمواتنا مِن خير أهل المقابر

قال : فقام الأقْرَع بن حابس فقال : إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء ، وقد قلت شعراً فأسمعه ، فقال : هات ، فقال :

أتيناك كيما يعرف الناسُ فضلنَا

إذا فاخرُونا عند ذكرِ المكارمِ

وإنا رؤوس الناس في كلّ مَعْشَرٍ

وأن ليس في أرض الحجاز كَدَارِمِ

وإنّ لنا المِرْبَاعَ في كل غارة

تكون بنجد أو بأرض التَّهَائمِ

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حسان فأجبه [فقام حسان] فقال :

بَنِي دَارِمٍ لا تفخروا إنّ فَخْرَكُمْ

يَعودُ وَبَالاً عند ذكرِ المكارِم

هَبِلْتُم علينا تَفْخَرُونَ وأنتُم

لنا خَوَلٌ من بين ظِئْرٍ وخَادِمِ

وأفْضلُ ما نلتم من المجد والعُلَى

رِدَافَتُنا منْ بعد ذكر الأكارم

فإن كنتُم جئتُم لَحِقْنِ دمائكمْ

وأموالكم أن تقسموا في المَقاسِمِ

فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا

ولا تفخروا عند النبي بدارم

وإلا وربِّ البيت مالت أكُفُّنَا

على هامِكم بالمُرْهَفَات الصَّوارِمِ

قال : فقال الأقْرَع بن حابس فقال : إِن محمداً لمؤتى له والله ما أدري ما هذا الأمر! تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولاً ، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر. ثم دنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يَضُرُّكَ ما كان قبل هذا» ، ثم أعطاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وكساهم ، وارتفعت الأصوات ، وكثر اللَّغط عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) إلى قوله :( وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

[٣٩٢]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) الآية. [٦].

٤٠٦

نزلت في الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط ، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى بني المُصْطَلِق مصدِّقاً ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع القوم [به] تلقوه تعظيماً لله تعالى ولرسوله ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله ، فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : إن بني المُصْطَلِق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهمَّ أن يغزوهم ، فبلغ القومَ رجوعه ، فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقالوا : سمعنا برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قِبَلَنا مِنْ حقِّ الله تعالى ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك بغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) يعني الوليد بن عقبة.

٧٦٠ ـ أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الشَّاذياخي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشَّيْباني ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، قال : حدَّثنا سعيد بن مسعود ، قال : حدَّثنا محمد بن سابق ، قال : حدَّثنا عيسى بن دينار ، قال : حدَّثنا أبي أنه سمع الحارث بن ضِرَار يقول :

قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت في الإسلام وأقررت ، فدعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، فقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فمن استجاب لي جمعت زكاته ، فترسل لإبَّانِ كذا وكذا ، لآتيك بما جمعت من الزكاة. فلما جمع الحارث بن ضرار [ممن استجاب له] وبلغ الإبَّانَ الذي أراد أن يبعث إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أحتبس عليه الرسول فلم يأته ، فظن الحارث أنّه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله فدعا سَرَوَات قومه فقال لهم : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد كان وقّت لي وقتاً ليرسل إليّ ليقبض ما كان عندي من الزكاة ، وليس مِنْ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الخلفُ ، ولا أرى حَبْسَ رسوله إلا من سَخْطَة ، فانطلقوا فنأتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وبعثَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الوليدَ بن عقبة

__________________

[٧٦٠] أخرجه أحمد في مسنده (٤ / ٢٧٩) من طريق محمد بن سابق به ، وأخرجه الطبراني في الكبير (٣ / ٢٧٤) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٠٩) وقال : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات.

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٨٧) لابن أبي حاتم وابن مندة وابن مردويه.

٤٠٧

إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فزع فرجع فقال : يا رسول الله ، إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي. فَضَرَبَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البَعْثَ وقد فَصَلَ من المدينة ، فلقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك ، قال : ولم؟ قالوا : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان بعث إليك الوليد بن عُقْبةٍ ، فرجع إليه فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال : [لا] والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني. فلما أن دخل الحارث على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ قال : لا والذي بعثك [بالحق] ما رأيت رسولك ولا أتاني ، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولُك خشية أن تكون سخطة من الله ورسوله. قال : فنزلت في الحجرات :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) إلى قوله تعالى :( فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .

[٣٩٣]

قوله تعالى :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) الآية. [٩].

٧٦١ ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر النحوي ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان المقري ، قال أخبرنا أحمد بن علي الموصلي ، قال : حدَّثنا إسحاق بن [أبي] إسرائيل ، قال : أخبرنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي يحدث عن أنس ، قال :

قلت يا نبي الله ، لو أتيت عبد الله بن أبيّ. فانطلق إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فركب حماراً وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سَبِخَةَ ، فلما أتاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إليك عني ، فو الله لقد آذاني نَتْنُ حمارك! فقال رجل من الأنصار : [والله] لَحِمارُ

__________________

[٧٦١] أخرجه البخاري في الصلح (٢٦٩١).

وأخرجه مسلم في الجهاد والسير (١١٧ / ١٧٩٩) ص ١٤٢٤.

وأخرجه ابن جرير (٢٦ / ٨١) والبيهقي في السنن (٨ / ١٧٢).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ٩٠) لابن مردويه.

٤٠٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أطيب ريحاً منك. فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ) . رواه البخاري عن مُسدَّدَ ، ورواه مسلم عن محمد بن عبد الأعلى ، كلاهما عن المعتمر.

[٣٩٤]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ) الآية. [١١].

٧٦٢ ـ نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وذلك أنه كان في أذنيه وقر ، فكان إذا أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول ، فجاء يوماً وقد أخذ الناس مجالسهم فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول : تفسحوا تفسحوا ، فقال له رجل : قد أصبت مجلساً فاجلس ، فجلس ثابت مغضباً ، فغمز الرجل فقال : من هذا؟ فقال : أنا فلان ، فقال ثابت : ابن فلانة؟ وذكر أمَّاً كانت له يعيَّر بها في الجاهلية ، فنكس الرجل رأسه استحياء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٣٩٥]

قوله تعالى :( وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَ ) . [١١].

٧٦٣ ـ نزلت في امرأتين من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم سَخِرَتَا من أمّ سَلَمَة وذلك أنها ربطت حِقْوَيْهَا ـ بِسَبَنِيَّة ـ وهي ثوب أبيض ـ وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره ، فقالت عائشة لحفصة : انظري [إلى] ما تجر خلفها كأنه لسان كلب! فهذا كان سخريتها.

٧٦٣ م ـ وقال أنس : نزلت في نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عيرن أمّ سَلَمَةَ بالقصر.

٧٦٤ ـ وقال عكرمة عن ابن عباس : إن صفية بنت حُيَيّ بن أخْطَب أتت

__________________

[٧٦٢] بدون إسناد.

[٧٦٣] بدون إسناد.

[٧٦٤] بدون إسناد.

٤٠٩

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : [يا رسول الله] إن النساء يعيرنني ويقلن : يا يهودية بنت يهوديين ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : هَلا قلتِ : إن أبي هارون ، وإن عمي موسى ، وإن زوجي محمد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٣٩٦]

قوله تعالى :( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) الآية. [١١].

٧٦٤ م ـ [أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني] قال : أخبرنا أبو عبد الله بن بطة قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال : حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم المَرْوزِيّ قال : حدَّثنا حفْص بن غِيَاث ، عن داود بن [أبي] هند ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك ، عن أبيه وعمومته ، قالوا :

قدم علينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعل الرجل يدعو الرجل ينبزه ، فيقال يا رسول الله ، إنه يكرهه. فنزلت :( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ) .

[٣٩٧]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) الآية. [١٣].

٧٦٥ ـ قال ابن عباس : نزلت في ثابت بن قيس وقولِهِ في الرجل الذي لم يفسح له : ابن فلانة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : من الذَّاكِرُ فلانة؟ فقام ثابت فقال : أنا

__________________

[٧٦٤١] م أخرجه أبو داود في الأدب (٤٩٦٢) والترمذي في التفسير (٣٢٦٨) وقال : حسن صحيح ، وأخرجه النسائي في التفسير (٥٣٦).

وابن ماجة في الأدب (٣٧٤١) وأحمد في مسنده (٤ / ٢٦٠) والحاكم في المستدرك (٢ / ٤٦٣) و (٤ / ٢٨١) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (٢٦ / ٨٤) والطبراني في الكبير (٢٢ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٩١) للبخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن حبان وابن المنذر والبغوي في معجمه والشيرازي في الألقاب وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان أ. ه.

قلت : ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١١١) وقال : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح ، وفاته عزو الحديث للطبراني.

[٧٦٥] بدون إسناد.

٤١٠

يا رسول الله ، فقال : انظر في وجوه القوم ، فنظر فقال : ما رأيت يا ثابت؟ فقال : رأيت أبيض وأحمر وأسود ، قال : فإنك لا تَفْضُلُهم إلا في الدين والتقوى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٧٦٥ م ـ وقال مقاتل : لما كان يوم فتح مكة ، أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بلالاً حتى أذّن على ظهر الكعبة ، فقال عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العِيس : الحمد لله الذي قَبَض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام : أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذناً! وقال سُهَيل بن عَمْرو : إن يرد الله شيئاً يغيره. وقال أبو سفيان : إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر به رب السماء. فأتى جبريلعليه‌السلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخبره بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا : فأقروا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب ، والتَّكَاثُر بالأموال والإزْرَاءِ بالفقراء.

٧٦٦ ـ أخبرنا أبو حسان المُزَكِّي ، قال : أخبرنا هارون بن محمد الأسْتَرآباذي ، قال : حدَّثنا أبو محمد إسحاق بن محمد الخُزَاعي ، قال : حدَّثنا أبو الوليد الأزْرَقي قال : حدثني جدي ، قال : أخبرنا عبد الجبار بن الورد المكي ، قال : أخبرنا ابن أبي مُلَيْكَة ، قال :

لما كان يوم الفتح رقي بلال [على] ظهر الكعبة [فأذن] فقال بعض الناس : يا عباد الله ، أهذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة؟ فقال بعضهم : إِن يَسْخَطِ الله هذا يُغَيِّره ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) .

٧٦٦ م ـ وقال يزيد بن شَجَرَة : مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم ببعض الأسواق بالمدينة ، وإذا غلام أسود قائم ينادى عليه : بياع فيمن يزيد ، وكان الغلام يقول : من اشتراني فعلى شَرْط ، قيل : ما هو؟ قال : لا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاشتراه رجل على هذا الشرط ، وكان يراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عند كل صلاة مكتوبة ، ففقده ذات يوم فقال لصاحبه : أين الغلام؟ فقال : محموم يا رسول

__________________

[٧٦٥] مرسل.

[٧٦٦] مرسل ، عزاه في الدر (٦ / ٩٧) لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

[٧٦٦١] م بدون إسناد.

٤١١

الله ، فقال لأصحابه : قوموا بنا نعوده ، فقاموا معه فعادوه ، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه : ما حال الغلام؟ فقال : يا رسول الله إن الغلام لِمَا بِهِ ، فقام ودخل عليه وهو في بُرَحَائه فقبض على تلك الحال ، فتولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم غسله وتكفينه ودفنه ، فدخل على أصحابه من ذلك أمر عظيم ، فقال المهاجرون : هجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقي هذا الغلام. وقالت الأنصار : آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبداً حبشياً. فأنزل الله تبارك وتعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) يعني أنكم بنو أب واحد وامرأة واحدة. وأراهم فضل التقوى بقوله تعالى :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) .

[٣٩٨]

قوله تعالى :( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ) الآية. [١٤].

٧٦٧ ـ نزلت في أعراب من بني أسد بن خُزَيمة ، قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة في سنة جدبة ، فأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر ، وأفسدوا طرق المدينة بالعَذَرَات وأغْلَوْا أسعارها ، وكانوا يقولون لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، فأعطنا من الصدقة. وجعلوا يمنون عليه ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.

__________________

[٧٦٧] ذكره المصنف بدون إسناد ، ووجدت إسناده في تفسير ابن كثير عند تفسير هذه الآية ونقله من الحافظ أبي بكر البزار ، وهو من حديث ابن عباس.

٤١٢

سورة ق

[٣٩٩]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ) . [٣٨].

٧٦٨ ـ قال الحسن وقتادة : قالت اليهود : إن الله خلق الخلق في ستة أيام ، واستراح يوم السابع وهو يوم السبت. [وهم] يسمونه يوم الراحة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٧٦٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمد التميمي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : حدَّثنا هنّاد بن السَّرِي ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، عن أبي سعد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :

أن اليهود أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألت عن خلق السموات والأرض فقال : خلق

__________________

[٧٦٨] مرسل.

[٧٦٩] إسناده ضعيف ، أبو سعد البقال اسمه سعيد بن المرزبان ، قال ابن معين : ليس بشيء لا يكتب حديثه ، وقال : عمرو بن علي : ضعيف الحديث [تهذيب التهذيب ٤ / ٧١] و [المجروحين لابن حبان ١ / ٣١٣]

٤١٣

الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء [وما فيهن من المنافع] وخلق يوم الأربعاء [والشجر والماء] و [خلق يوم] الخميس [السماء] وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر. قالت اليهود : ثم ما ذا يا محمد؟ قال : ثم استوى على العرش. قالوا : قد أصبت لو تممت ثم استراح. فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم غضباً شديداً. فنزلت :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ* فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ) .

٤١٤

سورة النجم

[٤٠٠]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) الآية. [٣٢].

٧٧٠ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : حدَّثنا أحمد بن سعد ، قال : حدَّثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لَهيعَة ، عن الحارث بن يزيد ، عن ثابت بن الحارث الأنصاري ، قال :

كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير : هو صدِّيق. فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : كذبت يهود ، ما من نسمة يخلقها الله تعالى في بطن أمه إلا أنه شقي أو سعيد ، وأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية :( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ) إلى آخرها.

__________________

[٧٧٠] إسناده ضعيف : ابن لهيعة ضعيف : قال ابن حبان : كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه أ.

ه. قلت لو لا هذا التدليس لكان هذا الإسناد صحيح لأن الراوي عن ابن لهيعة عبد الله بن وهب وهو ممن تقبل راويته عن ابن لهيعة لأنه روى عنه قبل احتراق كتبه ، ولكن لما كان ابن لهيعة مدلساً قبل احتراق كتبه وقد عنعنه فالإسناد هنا ضعيف بسبب التدليس والله أعلم.

وعزاه في الدر (٦ / ١٢٨) لابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي نعيم في المعرفة وابن مردويه.

وهو عند الطبراني الكبير (٢ / ٨١)

٤١٥

[٤٠١]

قوله تعالى :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى* وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) الآيات. [٣٣ ـ ٣٤].

٧٧١ ـ قال ابن عباس والسدي والكلبي والمُسَيَّب بن شَرِيك : نزلت في عثمان بن عفان ، كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سَرْح : ما هذا الذي تصنع؟ يُوشِك أن لا يبقى لك شيء. فقال عثمان : إن لي ذنوباً وخطايا ، وإني أَطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى [عليّ] وأرجو عفوه. فقال له عبد الله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ، فأعطاه وأشهد عليه ، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة ، فأنزل الله تبارك وتعالى :( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى* وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله.

٧٧٢ ـ وقال مجاهد وابن زيد : نزلت في الوليد بن المُغِيرة ، وكان قد اتبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على دينه ، فعَيَّرَه بعضُ المشركين وقال [له] : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله. فضمن له ـ إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه ـ أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[٤٠٢]

قوله تعالى :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) . [٤٣].

٧٧٣ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله [الحسين بن محمد الثقفي ، حدَّثنا عبد الله بن] الفضل ، قال : حدَّثنا محمد بن

__________________

[٧٧١] بدون إسناد.

[٧٧٢] مرسل.

[٧٧٣] عزاه في الدر (٦ / ١٣٠) لابن مردويه.

٤١٦

أبي بكر المقدمي ، قال : حدَّثنا دَلَال بنت أبي المدل ، قالت : حدَّثتنا الصَّهْباء ، عن عائشة قالت :

مرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوم يضحكون فقال : لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ، فنزل عليه جبريلعليه‌السلام فقال : إن الله تعالى يقول :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) فرجع إليهم فقال : ما خطوت أربعين خطوة حتى تلقاني جبريلعليه‌السلام فقال : ائت هؤلاء وقل لهم : إن اللهعزوجل يقول :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ) .

٤١٧

سورة القمر

[٤٠٣]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قولهعزوجل :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) [١].

٧٧٤ ـ أخبرنا أبو حكيم : عَقِيل بن محمد الجُرْجَاني إجازة بلفظه ، أن أبا الفرج القاضي أخبرهم ، قال : أخبرنا محمد بن جرير ، قال : حدَّثنا الحسين بن أبي يحيى المقدسي ، قال : حدَّثنا يحيى بن حماد ، قال : حدَّثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي الضُّحَى ، عن مَسْروق ، عن عبد الله ، قال :

انشق القمر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر بن أبي كَبْشَةَ سَحَرَكُم ، فاسألوا السُّفَّار ، فسألوهم فقالوا : نعم قد رأَينا ، فأنزل الله عز

__________________

[٧٧٤] أخرجه ابن جرير (٢٧ / ٥٠) من طريق مسروق به.

ومن طريق أبي معمر عن ابن مسعود أخرجه البخاري في المناقب (٣٦٣٦ ، ٣٨٦٩ ، ٣٨٧١) وأخرجه في التفسير (٤٨٦٤ ، ٤٨٦٥).

وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين (٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، / ٢٨٠٠) ص ٢١٥٨.

والترمذي في التفسير (٣٢٨٥ ، ٣٢٨٧).

والنسائي في التفسير (٥٧٢ ، ٥٧٣).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ١٣٣) لابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل.

٤١٨

وجل :( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ* وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) .

[٤٠٤]

قوله تعالى :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) إلى( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) . [٤٧ : ٤٩].

٧٧٥ ـ حدَّثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج إملاء ، قال : حدَّثنا.

أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى الكَعْبِي ، قال : حدَّثنا حمدان بن صالح الأشَجّ ، قال : حدَّثنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رَوّاد ، قال : حدَّثنا سفيان الثوري ، عن زياد بن إسماعيل المخزومي ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي هريرة ، قال :

جاءت قريش يختصمون في القدر ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ* يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن سفيان.

٧٧٦ ـ قال الشيخ : أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بِجُرْجَان ، قال : أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نُعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز قال : أشهد بالله لقد سمعت علي بن جندل يقول : أشهد بالله لسمعت أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي بخراسان يقول : أشهد بالله لسمعت عبد الله بن

__________________

[٧٧٥] أخرجه مسلم في القدر (١٩ / ٢٦٥٦) ص ٢٠٤٦ ، وأخرجه الترمذي في القدر (٢١٥٧) وفي التفسير (٣٢٩٠) وقال : هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه ابن ماجة في المقدمة (٨٣).

وزاد نسبته في الدر (٦ / ١٣٧) لأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.

[٧٧٦] إسناده ضعيف جداً : عفير بن معدان : قال ابن حجر في التقريب ضعيف [تقريب ٢ / ٥٢] و (المجروحين لابن حبان ٢ / ١٩٨).

وعزاه في الدر (٦ / ١٣٧) لابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر بسند ضعيف.

٤١٩

الصَّقْر الحافظ يقول : أشهد بالله لسمعت عفير بن معدان يقول : أشهد بالله لسمعت سليم بن عامر يقول : أشهد بالله لسمعت أبا أمامة الباهلي يقول :

أشهد بالله لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إن هذه الآية نزلت في القدرية :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ* يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ) الآيات.

٧٧٧ ـ أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : حدَّثنا جرير بن هارون ، قال : حدَّثنا علي بن الطَّنَافِسِي ، قال : حدَّثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدَّثنا بحر السقاء ، عن شيخ من قريش ، عن عطاء ، قال :

جاء أسقف نَجْران إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا محمد ، تزعم أن المعاصي بقدَر ، والبحار بقدر ، والسماء بقدر ، وهذه الأمور تجري بقدر ، فأما المعاصي فلا. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنتم خصماء الله ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) إلى قوله :( خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ) .

٧٧٨ ـ أخبرنا أبو بكر ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : حدَّثنا عمرو بن عبد الله بن الحسن ، قال : حدَّثنا أحمد بن الخليل ، قال : حدَّثنا عبد الله بن رجاء الأزْدي ، قال : حدَّثنا عمرو بن العلاء أخو أبي عمرو بن العلاء ، قال : حدَّثنا خالد بن سلمة القرشي ، قال : حدَّثنا سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي ، عن ابن أبي زُرارة الأنصاري ، عن أبيه :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ هذه الآية :( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) قال : نزلت هذه الآية في أناس من آخر هذه الأمة يكذبون بقدر الله تعالى.

__________________

[٧٧٧] إسناده ضعيف : بحر السقاء : قال الحافظ في التقريب ضعيف [تقريب ١ / ٩٣] و [المجروحين لابن حبان ١ / ١٩٢].

[٧٧٨] أخرجه الطبراني في الكبير (٥ / ٢٧٦) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١١٧) وقال : رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.

وذكر هذا الحديث الحافظ في الإصابة (١ / ٥٤٨) ترجمة زرارة الأنصاري.

٤٢٠