أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن0%

أسباب نزول القرآن مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 591

أسباب نزول القرآن

مؤلف: الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي
تصنيف:

الصفحات: 591
المشاهدات: 408559
تحميل: 5700

توضيحات:

أسباب نزول القرآن
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 591 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 408559 / تحميل: 5700
الحجم الحجم الحجم
أسباب نزول القرآن

أسباب نزول القرآن

مؤلف:
العربية

سورة الممتحنة

[٤٢٢]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) الآية [١].

٨١١ ـ قال جماعة المفسرين : نزلت في حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ ، وذلك : أن سَارَةَ مولاةَ أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف ، أتت رسول الله صَلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، ورسول الله صَلى الله عليه وسلم يتجهز لفتح مكة ، فقال لها : أمسلمة جئت؟ قالت : لا ، قال : فما جاء بك؟ قالت : أنتم [كنتم] الأهل والعشيرة والموالي ، وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني. قال لها : فأين أنتِ من شباب أهل مكة؟ ـ وكانت مغنية ـ قالت : ما طُلب مني شيء؟ بعد وقعة بدر. فحث رسولُ الله صَلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني المطلب على إعطائها ، فكسوها وحملوها وأعطوها. فأتاها حاطب بن أبي بلتعة ، وكتب معها إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير على أن توصل [الكتاب] إلى أهل مكة ، وكتب في الكتاب : من حاطب إلى أهل مكة : إن رسول الله صَلى الله عليه وسلم يريدكم ، فخذوا حِذْرَكُم. فخرجت سارة ، ونزل جبريلعليه‌السلام ، فأخبر النبي صَلى الله عليه وسلم بما فعل حاطب. فبعث رسول الله صَلى الله عليه وسلم علياً وعماراً والزّبَير وطلْحة والمِقْدَاد بن الأسْوَد وأبا مَرْثَد. وكانوا كلُّهم فرساناً ، وقال

__________________

[٨١١] انظر الحديث (٨١٢)

٤٤١

لهم : انطلقُوا حتى تأتُوا رَوْضَة خَاخ ، فإن بها ظعينةً معها كتابٌ من حاطبٍ إلى المشركين فخذوه ، وخلَّوا سبيلَها ، فإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها. فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان ، فقالوا لها : أين الكتابُ؟ فحلفتْ بالله ما معها [من] كتاب. ففتشوا متاعها ، فلم يجدوا معها كتاباً. فهَمُّوا بالرجوع ، فقال علي : والله ما كَذَبَنا ، ولا كَذَّبْنا وسلَّ سيفَه وقال : أخرجي الكتابَ ، وإلا والله لُأجَرِّدَنَّك ولأضرِبَنَّ عنقَك. فلما رأت الجِدَّ أخرجتْه من ذُؤابتها ، وكانت قد خبأتْه في شعرها ، فخلُّوا سبيلها ، ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله صَلى الله عليه وسلم ، فأرسل رسولُ الله صَلى الله عليه وسلم إلى حاطب ، فأتاه فقال له : هل تعرفُ الكتابَ؟ قال : نعم فقال : فما حملك على ما صنعتَ؟ فقال : يا رسول الله ، والله ما كفرتُ منذ أسلمتُ ، ولا غششتُك منذ نصَحْتُك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن : لم يكن أحدٌ من المهاجرين إلا وله بمكةَ مَنْ يمنعُ عشيرتَه ، وكنتُ غريباً فيهم ، وكان أهلي بين ظَهْرَانِيهِمْ ، فخشيتُ على أهلي ، فأردت أن أتخذ عندهم يداً ، وقد علمتُ أن الله يُنزلُ بهم بأسَه ، و [أن] كتابي لا يغني عنهم شيئاً. فصدَّقه رسول الله صَلى الله عليه وسلم وعذَرَه. فنزلت هذه السورة :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) فقام عمر بن الخطاب فقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال رسول الله صَلى الله عليه وسلم : وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

٨١٢ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن عمرو أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع حدَّثنا الشافعي ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد [بن علي] عن عُبَيْد الله بن أبي رافع ، قال : سمعت علياً يقول :

__________________

[٨١٢] أخرجه البخاري في الجهاد (٣٠٠٧) وفي المغازي (٤٢٧٤) وفي التفسير (٤٨٩٠).

وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة (١٦١ / ٢٤٩٤) ص ١٩٤١.

وأخرجه أبو داود في الجهاد (٢٦٥٠) والترمذي في التفسير (٣٣٠٥) وقال : حسن صحيح ، وأخرجه النسائي في التفسير (٦٠٥) ، والبيهقي في السنن (٩ / ١٤٦) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٠٢) لأحمد والحميدي وعبد بن حميد وأبي عوانة وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي وأبي نعيم كلاهما في الدلائل ، والحديث عند أحمد (١ / ٧٩) من طريق عبيد الله بن أبي رافع به.

٤٤٢

بعثنا رسول الله صَلى الله عليه وسلم : أنا والزبير ، والمقداد [بن الأسود] قال : انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَة خَاخ فإن بها ظعينة معها كتاب. [فخرجنا تَعَادَى بنا خيلُنا ، فإذا نحن بِظَعِينَةٍ ، فقلنا : أخرجي الكتاب. فقالت : ما معي كتابٌ]. فقلنا لها : لتُخْرِجن الكتابَ ، أو لنُلْقِيَنَّ الثيابَ. فأخرجته من عِقَاصِها ، فأتينا به رسول الله صَلى الله عليه وسلم ، فإذا فيه : مِنْ حاطب بن أبي بَلْتَعَةَ إلى أناس من المشركين ممن [كان] بمكة ، يُخبِرُ ببعض أمرِ النبي صَلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا يا حاطبُ؟ فقال : لا تَعجَلْ عليَّ ، إني كنت امرأً مُلْصَقاً في قريش ، ولم أكن من أنفُسِها ، وكان مَنْ معك من المهاجرين لهم قَرَاباتٌ يَحمُون بها قَرَاباتِهم ، ولم يكن لي بمكة قرابةٌ ، فأحببتُ إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً ، والله ما فعلتُه شاكاً في دِيني ، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله صَلى الله عليه وسلم : إنه قد صدق. فقال عمر : دعني يا رسول الله أضربْ عنقَ هذا المنافقِ. فقال : إنه قد شهد بدراً ، وما يُدْرِيكَ لعلَّ الله اطَّلع على أهل بدر فقال : اعمَلُوا ما شئتم فقد غَفَرْتُ لكم. ونزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ) الآية.

رواه البخاري عن الحُمَيْدي.

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شَيْبَة ، وجماعةٍ ، كلُّهم عن سفيان.

[٤٢٣]

قولهعزوجل :( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ) [٦].

يقول الله تعالى للمؤمنين : لقد كان لكم في إبراهيمَ ومن معه ، من الأنبياء والأولياء ، اقتداءٌ بهم في معاداة ذوي قَرَاباتِهم من المشركين ، فلما نزلت هذه الآية عادى المؤمنين أقرباءهم المشركين في الله ، وأظهروا لهم العداوة والبراءة ، وعلم الله تعالى شدَّة وجد المؤمنين بذلك ، فأنزل الله :( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) . ثم فعل ذلك بأن أسلم كثير منهم ، وصاروا لهم أولياءَ وإخواناً ، فخالطوهم وناكحوهم ، وتزوج رسول الله صَلى الله عليه وسلم أم حَبِيبَةَ بنت أبي سفيانَ بن حَرْب. فلان لهم أبو سفيان ، وبلغه ذلك [وهو مشرك] فقال : ذاك الفَحْلُ لا يُقْرَعُ أنْفُه.

٤٤٣

٨١٣ ـ أخبرنا أبو صالح منصور بن عبد الوهاب البزاز ، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيري ، حدَّثنا أبو يعلي ، حدَّثنا إبراهيم بن الحجاج ، حدَّثنا عبد الله بن المبارك ، عن مُصْعَب بن ثابت ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه قال :

قدمت قُتَيْلَةُ بنت عبد العُزَّى على ابنتها أسماءَ بنت أبي بكر ، بهدايا : ضِباب وسمن ، وأقطٍ ، فلم تقْبل هداياها ، ولم تُدخلْها منزلها ، فسألت لها عائشة النبيَّ صَلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال :( لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ) الآية. فأدخلتها منزلها ، وقبلتْ منها هداياها. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي العباس السَّيَّاري ، عن عبد الله الغزال ، عن ابن شقيق ، عن ابن المبارك.

[٤٢٤]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ ) الآية [١٠].

٨١٤ ـ قال ابن عباس : إن مشركي مكة صالحوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عامَ الحُدَيْبية ، على أن مَن أتاه من أهل مكةَ ردَّه إليهم ، ومن أتى أهلَ مكةَ من أصحابه فهو لهم ، وكتبوا بذلك الكتاب وختموه. فجاءت سُبَيْعَةُ بنت الحارث الأسْلَميةُ بعدَ الفراغ من الكتاب ـ والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالحُدَيْبِية ـ فأقبل زوجها ، وكان كافراً ، فقال : يا محمد ، ارْدد عليّ امرأتي ، فإنك قد شرطت لنا أن تَرُدَّ علينا مَن أتاك منا ، وهذه

__________________

[٨١٣] في إسناده : مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير : قال الحافظ في التقريب لين الحديث ، وذكره ابن حبان في المجروحين (٣ / ٢٨) وذكره في الثقات وقال : هو ممن أستخير الله فيه.

والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٨٥) وصححه ووافقه الذهبي وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٢٣) وقال : رواه أحمد والبزار وفيه مصعب بن ثابت وثقه ابن حبان وضعفه جماعة ، وبقية رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٨ / ٤٣).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٠٥) للطيالسي وأبي يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في تاريخه والطبراني وابن مردويه.

[٨١٤] بدون إسناد ، وقد ذكر السيوطي في الدر (٦ / ٢٠٥) آثار تؤيد ذلك ولكنها من وجوه مرسلة.

وقد أخرج البخاري في الشروط (٢٧١١ ، ٢٧١٢) عن مروان والمسور عن أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم حديثاً يؤيد هذا المعنى مع اختلاف الصحابية فعند البخاري أن الصحابية هي أم كلثوم بنت عقبة

٤٤٤

طينةُ الكتاب لم تَجِفَّ بعد. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٨١٥ ـ أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن الفضل ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا حسن بن الرَّبيع بن الخشاب ، حدَّثنا ابن إدريس ، قال : قال محمد بن إسحاق : حدَّثني الزُّهْرِي ، قال :

دخلتُ على عُروةَ بن الزبير ، وهو يكتبُ كتاباً إلى ابن هُنَيْدَةَ صاحب الوليد بن عبد الملك ، يسأله عن قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ) الآية. قال : فكتب إليه : إن رسول الله صَلى الله عليه وسلم صالح قريشاً يومَ الحُدَيْبِيَة على أن يَرُدَّ عليهم مَن جاء بغير إذنِ وَلِيّه ، فلما هاجرن النساءُ أبى الله تعالى أن يُرْدَدْنَ إلى المشركين إذا هُنَّ امتُحِنَّ ، فعرفوا أنهن إنما جِئْنَ رغبةً في الإسلام ، بردِّ صدقاتِهن إليهم إذا احتُبِسْنَ عنهم ، إن هم رَدُّوا على المسلمين صدقةَ من حُبِسْنَ من نسائهم. قال : ذلكم حكم الله يحكم بينكم. فأمسك رسول الله صَلى الله عليه وسلم النساءَ ، وردَّ الرجال.

[٤٢٥]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) الآية [١٣].

٨١٦ ـ نزلت في ناس من فقراء المسلمين ، كانوا يخبرون اليهود بأخبار المسلمين ويُواصِلونهم ، فَيُصِيبونَ بذلك من ثمارهم. فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك.

__________________

، وأثر ابن عباس الذي ذكره المصنف هنا فيه أن الصحابية سبيعة بنت الحارث الأسلمية.

ويؤيد أثر ابن عباس ما ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة نقلاً عن الفاكهي : أن سبيعة بنت الحارث أول امرأة أسلمت بعد صلح الحديبية إثر العقد وطي الكتاب ولم تخف فنزلت آية الامتحان [انظر الإصابة ٤ / ٥٢٤ ـ ٥٢٥].

[٨١٥] مرسل ، وعزاه في الدر (٦ / ٢٠٦) لابن إسحاق وابن سعد وابن المنذر.

[٨١٦] بدون إسناد.

٤٤٥

سورة الصف

[٤٢٦]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [١]

٨١٧ ـ أخبرنا محمد بن جعفر ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن زكريا ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدَّغُولي ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، حدَّثنا محمد بن

__________________

[٨١٧] في إسناده محمد بن كثير قال الحافظ في التقريب : صدوق كثير الخطأ ، وفي إسناده يحيى بن أبي كثير قال الحافظ في التقريب : ثقة يدلس ويرسل ، وقد عنعنه ، ولكن صرح بالتحديث عن الحاكم (٢ / ٦٩) وهو من طريق الهقل بن زياد عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير حدثني هلال بن أبي ميمونة ، والهقل بن زياد ثقة.

وعلى هذا فالحديث صحيح.

والحديث أخرجه الترمذي (٣٣٠٩) والحاكم في المستدرك (٢ / ٦٩) من طريق أصحها من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة به ، الحاكم (٢ / ٧٠) ، ولكن بلفظ «فقرأ علينا» والذي يهمنا في هذا الكتاب تحقيق لفظ «فأنزل».

وأخرجه أحمد في مسنده (٥ / ٤٥٢) من طريق عبد الله بن المبارك أنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي كثير حدثني هلال بلفظ «فقرأ علينا».

وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١٦٠) من طريق أبي إسحاق الفزاري به بلفظ «فقرأ علينا».

والذي نخلص إليه أن الحديث صحيح بلفظ «فقرأ علينا».

وأما بلفظ فأنزل الله ففي إسناده محمد بن كثير : ضعفه أحمد ووثقه يحيى بن معين وقال النسائي ليس بالقوي كثير الخطأ.

٤٤٦

كثير الصَّنْعاني ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كَثِير ، عن أبي سَلَمَة ، عن عبد الله بن سلَّام ، قال :

قعدنا نفر من أصحاب رسول صَلى الله عليه وسلم [فتذاكرنا] وقلنا : لو نعلم أيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله تبارك وتعالى عَمِلْناه. فأنزل الله تعالى :( سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) إلى قوله :( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) إلى آخر السورة ، فقرأها علينا رسول الله صَلى الله عليه وسلم.

[٤٢٧]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) . [٢].

٨١٨ ـ قال المفسرون : كان المسلمون يقولون : لو نعلم أحبَّ الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا ، فدلهم الله تعالى على أحبِّ الأعمالِ إليه ، فقال :( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ) الآية ، فابْتُلُوا يوم أحد بذلك ، فوَلَّوْا مُدْبِرين. فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ؟ )

__________________

قلت : لعل هذا من خطأه ، والله أعلم.

[٨١٨] ذكره المصنف بدون إسناد ، وقد أخرجه ابن جرير (٢٨ / ٥٥) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أ. ه. قلت : علي لم يسمع من ابن عباس فالإسناد فيه انقطاع.

٤٤٧

سورة الجمعة

[٤٢٨]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها ) الآية [١١].

٨١٩ ـ أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزِّيادي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن مسلم بن وَارَةَ ، أخبرنا الحسن بن عطيةَ ، حدَّثنا إسرائيلُ ، عن حُصَين بن عبد الرحمن ، عن أبي سفيانَ ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

كان رسول الله صَلى الله عليه وسلم يخطبُ يومَ الجُمعة ، إذ أقبلتْ عِير قد قَدِمَتْ [من الشام] فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشرَ رجلاً. فأنزل الله تبارك وتعالى :( وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً ) .

__________________

[٨١٩] أخرجه البخاري في الصلاة في كتاب الجمعة (٩٣٦) وفي البيوع (٢٠٥٨ ، ٢٠٦٤) وفي التفسير (٤٨٩٩) وأخرجه مسلم في كتاب الجمعة (٣٦ / ٨٦٣) ص ٥٩٠.

والترمذي في التفسير (٣٣١١) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في التفسير (٦١٣).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف للنسائي في الصلاة في الكبرى (تحفة ٢٢٣٩) وأما السيوطي فقد زاد نسبته في الدر (٦ / ٢٢٠) لسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في السنن.

٤٤٨

رواه البخاري ، عن حفص بن عمرَ ، عن خالد بن عبد الله ، عن حُصَيْن.

٨٢٠ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيمَ المُزَكِّي ، أخبرنا أبو بكر [بن] عبد الله بن يحيى الطَّلْحي ، أخبرنا جعفر بن أحمد بن عمران الشَّاشِي ، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونُسَ ، حدَّثنا عَبْثَر بن القاسم ، حدَّثنا حُصَينٌ ، عن سالم بن أبي الجَعْد ، عن جابر بن عبد الله :

كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الجُمعة ، فمَرَّتْ عِيرٌ تحملُ الطعامَ ، فخرج الناس إلا اثني عشرَ رجلاً. فنزلت آية الجُمُعة ، رواه مسلم عن إسحاقَ بن إبراهيمَ ، عن جرير ، ورواه البخاري في كتاب الجمعة ، عن معاويةَ بن عمرو ، عن زائدةَ ، كلاهما عن حُصَين.

٨٢٠ م ـ قال المفسرون : أصاب أهلَ المدينة جوعٌ وغَلاء سعرٍ ، فقدم دِحْيَة بن خَليفةَ الكلبيُّ في تجارة من الشام ، وضُرب لها طبلٌ يُؤْذِنُ الناسَ بقدومه ، ورسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب يوم الجُمُعة ، فخرج إليه الناسُ ولم يبق في المسجد إلا اثنا عشرَ رجلاً منهم أبو بكر وعمر. فنزلت هذه الآية ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذي نفسُ محمدٍ بيده! لو تَتَابَعْتُم حتى لم يبق أحدٌ منكم ، لسَالَ بكم الوَادِي ناراً.

__________________

[٨٢٠] انظر السابق.

[٨٢٠] م عزاه في الدر (٦ / ٢٢١) للبيهقي في شعب الإيمان.

٤٤٩

سورة المنافقون

[٤٢٩]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ) الآية [٧]

٨٢١ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن عَبْدَان ، حدَّثنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ ، حدَّثنا أبو العباس محمد بن أحمد المَحْبُوبِيُّ ، حدَّثنا سعيد بن مسعود ، حدَّثنا عُبيد الله بن موسى ، حدَّثنا إسرائيل ، عن أبي سعيد الأزْدِي ، عن (زيد بن أرقمَ) ، قال :

غزونا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان معنا (ناسٌ من الأعراب) ، وكنا نبتدر الماء ،

__________________

[٨٢١] أخرجه الترمذي في التفسير (٢٣١٣) من طريق أبي سعيد الأزدي به.

وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

ومن طريق أبي إسحاق السبيعي عن زيد بن أرقم :

أخرجه البخاري في التفسير (٤٩٠٠ ، ٤٩٠١ ، ٤٩٠٣ ، ٤٩٠٤).

وأخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (١ / ٢٧٧٢) ص ٢١٤٠.

والترمذي في التفسير (٣٣١٢).

والنسائي في التفسير (٦١٧).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٢٢) لابن سعد وابن جرير وأحمد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه.

٤٥٠

وكان الأعراب يسبقونا ، فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض [ويجعل حوله الحجارة] ، ويجعل النِّطْعَ عليه حتى يجيءَ أصحابه. فأتى رجل من الأنصار فأرخى زمام ناقته لتشرب ، فأبى أنْ يدعَه الأعرابي [فانتزع حجراً ففاض الماء ، فرفع الأعرابي] خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشَجَّه ، فأتى الأنصاري (عبدَ الله بن أبيّ) ، رأسَ المنافقين ، فأخبره ـ وكان من أصحابه ـ فغضب عبد الله بن أبيّ ثم قال : لا تنفقوا على مَنْ عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ـ يعني الأعراب ـ ثم قال لأصحابه : إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعزُّ منها الأذلَّ. قال زيد بن أرقم : وأنا رِدف عَمِّي ، فسمعت عبد الله فأخبرت [عمي فانطلق فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأرسل إليه] رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، [فحلف وجحد واعتذر ، فصدقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ] وكذبني ، فجاء إِليَّ عَمِّي فقال : ما أردت [إلا] أن مَقَتَكَ رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكذَّبك المسلمون. فوقع عليَّ من الغم ما لم يقع على أحد قط ، فبينا أنا أسيرُ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إذْ أتاني فَعرَك أذني ، وضحك في وجهي ، فما كان يسرني أن لي بها الدنيا. فلما أصبحنا قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سورة المنافقين( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ) حتى بلغ :( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ) حتى بلغ :( لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) .

وقال أهل التفسير وأصحاب السير : غزا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بني الْمصْطَلِق ، فنزل على ماء من مياههم يقال له : المُرَيْسيع ، فوردت وَارِدَةُ الناس ومع عمر بن الخطاب أجيرٌ [له] من بني غِفَار يقال له : جَهْجَاه بن سعيد ، يقود فرسه ، فازدحم جهجاهٌ وسِنَانٌ الْجهني. حليف بني عوف من الخَزْرَج ، على الماء فاقتتلا ، فصرخ الجُهني : يا معشر الأنصار ، وصرخ الغِفِارِيّ : يا معشر المهاجرين [فأعان جَهْجَاهاً رجلٌ من المهاجرين يقال له : جُعَال ، وكان فقيراً. فقال له عبد الله بن أبيّ : وإنك لهنَاكَ! فقال : وما يمنعني أن أفعل ذلك؟! واشتد لسان جعال علَى عبد الله. فقال عبد الله : والذي يُحلَفُ به لَأذَرَنَّك ، ويَهُمُّك غير هذا [شيء؟]. وغضب عبد الله ، فقال : والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل : سَمِّنْ كَلْبَك يأْكُلْك ، إنا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ ، يعني بالأعز نفسه ، وبالأذل رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . ثم أقبل على من حضره من قومه ، فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ،

٤٥١

أحْلَلْتموهم بلادَكم ، وقاسَمْتُموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عن جُعال وذَوِيه فَضْلَ الطعام ، لم يركبوا رقابَكم ، ولَأوْشَكُوا أن يتحولوا عن بلادكم ، فلا تُنفقوا عليهم حتى يَنْفَضُّوا من حول محمد.

قال زيد بن أرقم ـ وكان حاضراً ويسمع ذلك ، فقال : أنت والله الذليل القليل المبغَّض في قومك ، ومحمد في عزٍ من الرحمن ، ومودةٍ من المسلمين ، والله لا أُحبُّك بعد كلامك هذا.

فقال عبد الله : اسكت ، فإنما كنت ألعبُ فمشى زيد بن أرْقَمَ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره الخبر ، وعنده عمرُ بن الخطاب. فقال : دعني أضرب عنقه يا رسول الله. فقال : إذن ترْعَدُ له أُنُفٌ كبيرة بيَثْرِبَ. فقال عمر : فإن كرهت يا رسول الله أن يقتله رجل من المهاجرين ، فمُرْ سعدَ بن عُبادَةَ أو محمدَ بن مسْلَمةَ ، أو عُبادة بن بشر ـ فليقتلوه. فقال : إِذن يتحدثُ الناس أن محمداً يقتل أصحابه.

وأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى عبد الله بن أبيّ فأتاه ، فقال له : أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني؟ فقال عبد الله : والذي أنزل عليك الكتابَ ما قلتُ شيئاً من هذا قطُّ ، وإن زيداً لكاذبٌ.

وَكان عبد الله في قومه شريفاً عظيماً ، فقال مَن حضر من الأنصار : يا رسول الله ، شيخُنا وكبيرُنا ، لا تُصدِّق عليه كلامَ غلام من غلمان الأنصار عسى أن يكون وهِمَ في حديثه فلم يَحفظْ. فعذره رسول الله.

وفشت الملامةُ في الأنصار لزيد وكذّبوه ، وقال له عمه : ما أردتَ إلا أن كذَّبك رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم والمسلمون ومَقَتُوك. فاستحيىَ زيد بعد ذلك أن يَدْنُوَ من النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فلما ارتحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لَقيَه أُسَيْد بن حُضَير ، فقال له : أوَ مَا بلغك ما قال صاحبكم عبدُ الله بن أبيّ؟ قال : وما قال : زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليُخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. قال أُسَيد : فأنت يا رسول الله. والله تُخرجنّهُ إن شئتَ ، هو والله الذليلُ ، وأنت العزيزُ. ثم قال : يا رسول الله ارفق به ، فو الله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخَرَزَ ليُتَوِّجُوه ، وإنه ليرى أنك سلبتَه مُلْكاً.

٤٥٢

وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ ما كان من أمر أبيه ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أُبيّ لمَا بلغك عنه ، فإن كنتَ فاعلاً فمرني به ، فأنا أحملُ إليك رأسَه! فو الله لقد علمت الخَزْرَجُ ما بها رجلٌ أَبَرَّ بوالدَيْه مني ، وأنا أخشى أن تأمر به غيري فيقتلَه فلا تَدَعَني نفسي أنظُر إلى قاتل عبد الله بن أُبي يمشي في الناس ، فأقتله ، فأقتل مؤمناً بكافر ، فأدخل النار. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : بل نُحسنُ صُحْبتَه ما بقي معناه].

[ولما وافى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، قال زيد بن أرقم : جلست في البيت لما بي من الهم والحياء ، فأنزل الله تعالى سورة المنافقين في تصديقي وتكذيبِ عبد الله فلما نزلتْ أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأذُنِ زيد ، فقال : يا زيد ، إن الله تعالى صدَّقَك وأَوْفَى بأُذُنِكَ وكان عبد الله بن أبي بِقُرْب المدينة ، فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه عبد الله بن عبد الله حتى أناخ على مجامع طرق المدينة]. فلما أن جاء عبدُ الله بن أُبيّ ، قال ابنه : ورَاءك! قال : ما لك ويلك؟! قال : لا والله لا تدخلُها أبداً إلا بإذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولْتعلم اليومَ مَن الأعزُّ مِن الأذَل؟ فشكا عبدُ الله إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما صنع ابنه ، فأرسل إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن خَلِّ عنه حتى يدخل ، فقال : أمَا إِذْ جاء أمرُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فنعمْ ، فدخل.

فلما نزلت هذه السورة ، وبان كَذِبُه. قيل له : يا أبا حُبابٍ ، إِنه قد نزلت فيك آيٌ شِدَادٌ ، فاذهب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ليستغفرَ لك فلَوَّى رأسهَ فذلك قوله تعالى :( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ ) الآية.

٤٥٣

سورة التغابن

[٤٣٠]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) الآية [١٤].

٨٢٢ ـ قال ابن عباس : كان الرجل يُسْلِمُ ، فإذا أراد أن يُهاجرَ منعه أهلُه وولده ، وقالوا : نَنْشُدُكَ الله أن تذهب وتدع أهلَك وعشيرتك ، وتَصيرَ إلى المدينة بلا أهل ولا مال. فمنهم من يَرِقُّ لهم ويُقيمُ ولا يُهاجرُ. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٨٢٢م ـ أخبرنا أحمد بن عبد الله [بن أحمد] الشيباني ، حدَّثنا أبو الفضل أحمد بن إسماعيل بن يحيى بن حازم ، حدَّثنا عمر بن محمد بن بُجَيْر ، حدَّثنا محمد بن عمر المَقْدِمي ، حدَّثنا أشعثُ بن عبد الله ، حدَّثنا شُعْبةُ ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال :

كان الرجل يُسلم فَيلُومُه أهلُه وبنوه ، فنزلت هذه الآية :( إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) .

__________________

[٨٢٢] انظر رقم (٨٢٣)

[٨٢٢] م مرسل.

٤٥٤

٨٢٣ ـ قال عكرمة عن ابن عباس : وهؤلاء الذين منعهم أهلُهم عن الهجرة ، لمَّا هاجروا ورأوا الناسَ قد فَقِهُوا في الدين ، هَمُّوا أنْ يُعاقبوا أهلِيهم الذين منعوهم ، فأَنزل الله تعالى :( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

__________________

[٨٢٣] أخرجه الترمذي في جامعه في كتاب التفسير (٣٣١٧) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٩٠) وصححه ووافقه الذهبي.

وأخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ٢٧٥) وابن جرير في تفسيره (٢٨ / ٨٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٢٧) للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٥٥

سورة الطلاق

[٤٣١]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) الآية [١]

٨٢٤ ـ روى قَتَادَةُ ، عن أنس ، قال : طلَّق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (حَفْصَة) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل له : راجِعْها فإنها صَوَّامة قَوَّامة ، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة].

٨٢٥ ـ وقال السُّدِّيُّ : نزلت في (عبد الله بن عمر) ، وذلك أنه طلق (امرأته) حائضاً ، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يُراجعَها ، ويُمِسكَها حتى تطُهرَ ، ثم تَحيِضَ حيضةً أخرى ، فإذا طهرتْ طلَّقها إن شاء قبل أن يجامعها ، فإنها العِدَّة التي أمر الله بها.

٨٢٦ ـ أخبرنا منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي ، أخبرنا أبو عمر

__________________

[٨٢٤] عزاه في الدر (٦ / ٢٢٩) لابن أبي حاتم.

[٨٢٥] مرسل.

[٨٢٦] أخرجه البخاري في الطلاق (٥٣٣٢) موصولاً وتعليقاً (٥٢٦٤).

وأخرجه مسلم في الطلاق (١ م / ١٤٧١) ص ١٠٩٣.

وأبو داود في الطلاق (٢١٨٠) من طريق الليث به.

وأخرجه ابن ماجة في الطلاق (٢٠١٩) من طريق عبيد الله عن نافع به.

٤٥٦

محمد بن أحمد الحِيرِي ، حدَّثنا محمد بن زنجويه ، حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى ، حدَّثنا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر :

أنه طلق (امرأته) ، وهي حائض تطليقةً واحدة فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يُراجعَها ، ثم يُمسكَها حتى تَطهرَ ، وتحيضَ عنده حيضةً أخرى ، ثم يُمهلَها حتى تطهَر من حيضتها ، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهُر ، من قبل أن يُجامعَها. فتلك العدةُ التي أمر الله تعالى أن تُطَلَّقَ لها النساء. [رواه البخاري ومسلم عن قتيبة ، عن الليث].

[٤٣٢]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) ٢ و ٣

٨٢٧ ـ نزلت الآية في (عوف بن مالك الأشجعي) ، وذلك أن المشركين أسروا (ابناً له) ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشكا إليه الفاقةَ ، وقال : إن العدو أسر ابني ، وجزعت (الأم ،) فما تأمرني؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتق الله واصبرْ ، وآمرُك وإيَّاها أن تَسْتكثرا من قول لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فعاد إلى بيته ، وقال لامرأته : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول : لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله. فقالت : نِعْمَ ما أمرنا به. فجعلا يقولان ، فغفل العدو عن ابنه ، فساق غنمهم ، وجاء بها إلى أبيه ، وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت هذه الآية.

٨٢٨ ـ أخبرنا عبد العزيز بن عَبْدانَ ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نُعيم ، قال : أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين السكوني ، حدَّثنا عبيد بن كثير العامري ، حدَّثنا عباد بن يعقوب ، حدَّثنا يحيى بن آدم ، حدَّثنا إسرائيلُ ،

__________________

وأخرجه مالك في الموطأ في الطلاق (٥٣) ص ٥٧٦.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٦ / ٢٢٩) للشافعي وعبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبي يعلى وابن مردويه والبيهقي في السنن.

[٨٢٧] سيأتي (٨٢٨) بإسناده.

[٨٢٨] أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٩٢) وصححه وتعقبه الذهبي : بل منكر وعباد رافضي جبل وعبيد متروك قاله الأزدي.

٤٥٧

حدَّثنا عمار بن معاوية ، عن سالم بن أبي الجَعْد ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

نزلت هذه الآية :( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) في (رَجُلِ من أشْجَعَ) ، كان فقيراً ، خفيف ذاتِ اليد ، كثيرَ العيال. فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسأله فقال : اتق الله ، واصبر. فرجع إلى أصحابه ، فقالوا : ما أعطاك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ؟ فقال : ما أعطاني شيئاً ، قال : اتق الله واصبر ، فلم يلْبث إلا يسيراً حتى جاء ابن له بغنم ، وكان العدو أصابوه ، فأتى رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فسأله عنها ، وأخبره خبرها. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إيَّاكَها.

[٤٣٣]

قوله تعالى :( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ ) . [٤]

٨٢٩ ـ قال مقاتل : لما نزلت( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ ) الآية ، قال (خلاد ابن النُّعمان بن قيس الأنصاري) : يا رسول الله ، فما عِدَّةُ التي لا تحيض ، وعدَّةُ التي لم تحض ، وعِدَّةُ الحُبْلَى؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٨٣٠ ـ أخبرنا أبو إسحاق المقرئ ، أخبرنا محمد بن عبد الله حَمْدُون ، أخبرنا مكي بن عَبْدان ، حدَّثنا أبو الأزهر ، حدَّثنا أسباط بن محمد ، عن مُطَرِّف ، عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال : لما نزلت عِدَّةُ النساء ـ في سورة البقرة ـ في المطلّقة والمتوفَّى عنها زوجُها ـ قال (أبيّ بن كعب :) يا رسول الله ، إن (نساءً من أهل المدينة) يقلْن : قد بقي من النساء من لم يُذكرْ فيها شيءٌ؟ قال : وما هو؟ قال : الصِّغار ، والكِبار ، وذواتُ الحَمْلِ. فنزلت هذه الآية :( وَاللَّائِي يَئِسْنَ ) إلى آخرها.

__________________

[٨٢٩] مرسل ـ

[٨٣٠] أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٤٩٢ ـ ٤٩٣) وصححه ووافقه الذهبي ، قلت : إسناده منقطع : عمرو بن سالم لم يسمع أُبي بن كعب [تهذيب التهذيب ١٢ / ١٨١] والحديث أخرجه البيهقي في السنن (٧ / ٤١٤) وأخرجه ابن جرير (٢٨ / ٩١) وزاد نسبته في الدر (٦ / ٢٣٤) لإسحاق بن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.

٤٥٨

سورة التحريم

[٤٣٤]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ) الآية [١].

٨٣١ ـ أخبرنا محمد بن منصور الطُّوسِي ، أخبرني علي بن عمر بن مَهْدِي ، حدَّثنا الحسين بن إسماعيلَ المَحَامِلي ، حدَّثنا عبد الله بن شَبيب ، قال : حدَّثنا إسحاق بن محمد ، حدَّثنا عبد الله بن عمر ، قال : حدَّثني أبو النَّضْر مولى عمر بن عبد الله ، عن علي بن عباس ، عن ابن عباس ، عن عمر ، قال :

دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأم وَلَدِه مارِيَةَ في بيت حَفْصَةَ ، فوجدته حفصةُ معها ، فقالت : لم تدخلها بيتي؟ ما صنعتَ بي هذا ـ مِنْ بين نسائك ـ إلا مِنْ هَوَاني عليك. فقال لها : لا تذكري هذا لعائشةَ ، هي عليَّ حرامٌ إن قربتُها. قالت حفصة : وكيف تَحْرُمُ عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها لا يقربها ، وقال لها : لا تذكريه لأحد ، فذكرتْه لعائشةَ ، فآلى أن لا يدخلَ على نسائه شهراً ، واعتزلَهن تسعاً وعشرين ليلةً! فأنزل الله تبارك وتعالى :( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ) الآية؟!.

__________________

[٨٣١] في إسناده : عبد الله بن شبيب : ضعيف [المجروحين لابن حبان ٢ / ٤٧].

وأخرجه ابن جرير (٢١ / ١٠٠) مرسلاً عن زيد بن أسلم.

وعزاه السيوطي في الدر (٦ / ٢٣٩) لابن جرير وابن المنذر.

٤٥٩

٨٣٢ ـ أخبرنا أبو إبراهيم ، إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر ، أخبرنا جعفر بن الحسن الفِرْيَابي ، حدَّثنا مِنْجَاب بن الحارث ، حدَّثنا علي بن مُسْهِر ، عن هشام بن عُرْوةَ ، عن أبيه ، عن عائشةَ ، قالت :

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يُحب الحَلْوَاء والعسل ، وكان إذا انصَرفَ من العصر دخل على نسائه. فدخل عَلى حفصةَ بنت عمر ، واحتبس عندها أكثر مما كان يحتبسُ ، فعرفتُ فسألتُ عن ذلك ، فقيل لي : أهدت لها امرأةٌ من قومها عُكَّةَ عسل ، فسقَتْ منه النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وسلم شربةً قلتُ : أما والله لنحتالن له ، فقلت لِسَوْدَةَ بنت زَمْعَةَ : إنه سيَدْنُو منك إذا دخل عليك ، فقولي له : يا رسول الله ، أكلتَ مَغَافير؟ فإنه سيقول لك : سقْتني حَفْصَةُ شربةَ عسلٍ ، فقولي جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُط ، وسأقول ذلك ، وقولي أنتِ يا صفيةُ ذلك. قالت : تقول سودة : فو الله ما هو إلا أن قام على الباب فكدتُ أن أُبادِئَه بما أمرتْني به ، فلما دنا منها قالت له سودة : يا رسول الله ، أكلتَ مَغَافِير؟ قال : لا ، قالت : فما هذه الريحُ التي أجد منك؟ قال : سقتني حفصةُ شربةَ عسل ، قالت : جَرسَتْ نَحْلُه العُرْفُط. قالت : فلمَّا دخل عليَّ قلتُ له مثل ذلك ، فلما دار إلى صفيةَ قالت له مثل ذلك ، فلمَّا دار إلى حَفْصةَ قالت : يا رسول الله ، أسقيك منه؟ قال : لا حاجةَ لي فيه. تقول سودة : سبحان الله لقد حرمناه ، قلت لها : اسكتي.

رواه البخاري عن فروة [ابن أبي المَغْراء] ، ورواه مسلم عن سُوَيَدْ بن سعيد ، كلاهما عن علي بن مُسْهِر.

٨٣٣ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا الحسين بن محمد بن مُصْعَب ، حدَّثنا يحيى بن حكيم ، حدَّثنا أبو داود ، حدَّثنا عامر الخزاز عن ابن أبي مُلَيْكة :

__________________

[٨٣٢] أخرجه البخاري في الطلاق (٥٢٦٦) ومسلم في الطلاق (٢١ مكرر / ١٤٧٤) ص ١١٠٢.

[٨٣٣] أبو عامر الخزاز : اسمه صالح بن رستم ، قال الحافظ في التقريب : صدوق يخطئ كثيراً ، والحديث أخرجه الطبراني في الكبير (١١ / ١١٧) من طريق أبي عامر به.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٢٧) وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

٤٦٠