آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف0%

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
ISBN: 964-5841-65-8
الصفحات: 388

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

مؤلف: السيد مرتضى العسكري
تصنيف:

ISBN: 964-5841-65-8
الصفحات: 388
المشاهدات: 48102
تحميل: 5420

توضيحات:

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 388 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48102 / تحميل: 5420
الحجم الحجم الحجم
آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

مؤلف:
ISBN: 964-5841-65-8
العربية

د. سليمان بن حمد العودة

الانقاذ من دعاوى الإنقاذ من التاريخ الاسلامي (٣ / ٤)

صحيفة الرياض ـ ٢٩ ربيع الأول ـ ١٤١٨ ه‍

ز ـ وحين نأتي إلى الرواية السابعة نجد رجال أسنادها كالتالي :

أبو بكر احمد بن المظفر بن سوسن شيخ مقارب (*) (١)

أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السبخي الشيخ الامام الحافظ محدث مرو وخطيبها وعالمها ، شيخ السمعاني وابن عساكر ، قال عنه السمعاني : فقيه صالح ، عمّر حتى سمعنا منه الكثير (٢).

ـ أبو علي بن شاذان الحسن بن أبي بكر البغدادي ، قال عنه الخطيب :

١٨١

كتبنا عنه وكان صدوقاً صحيح الكتاب ، ثم قال سمعت الأزهري يقول : أبو علي بن شاذ ان من أوثق من برأ الله في الحديث ، وهو مسند العراق الامام الفاضل الصدوق كما يقول الذهبي (٣).

ـ أبوبكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة الأدمي ـ نسبة إلى بيع الأدم ـ القارئ الشاهد صاحب الألحان ، كان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن وأجهرهم ، ترجم له الخطيب ونقل روايته عن أبي علي بن شاذان وخلق ، وذكر الشطوي فيمن روى عنه ، وروى له حكايات ثم قال : قال محمد بن أبي الفوارس سنة ثمان واربعين وثلاثمائة فيها مات محمد ابن جعفر الأدمي ، وكان قد خلط فيما حدث (٤).

ـ احمد بن موسى الشطوي أبو جعفر البزار ، قال ابن أبي حاتم : كتبت عنه مع أبي وهو صدوق ، ونقل الخطيب توثيق الدارقطني له ، وقال ابن المنادي : كان صالحا مقبولاً عند الحكام ومن أهل القرآن والحديث ومات سنة سبع وسبعين ومائتين (٥).

ـ احمد بن عبدالله بن يونس اليربوعي الكوفي ، ثقة حافظ روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما ، ومات سنة ـ سبع وعشرين ومائتين (٦).

أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي الكوفي ثقة متقن ، مات سنة تسع وسبعين ومائة (٧).

ـ المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم أبوهشام الكوفي ثقة متقن ، مات سنة ست وثلاثين ومائة (٨).

سماك ابن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي أبوالمغيرة ، صدوق ، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، وقد تغير بآخره فكان ربما

١٨٢

يلقن ، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة ، وقال عنه ابن عدي : ولسماك حديث كثير مستقيم ان شاء الله وهو من كبار تابعي أهل الكوفة وأحاديثه حسان وهو صدوق لا بأس به (٩).

قلت : ومع ما قيل في سماك ومعرفته بأيام الناس ، إلاّ انه لم يذكر له سماع من علي ، بل لعله لا يمكنه ذلك وبين وفاتيهما ما يزيد على ثمانين سنة.

ولهذا يبقى الرواية انقطاع بين سماك وعلي رضي الله عنه.

ح ـ أما اسناد الرواية الأخيرة :

ـ أبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن بجكم ، امام فاضل ومحدث متقن ، كما قال الذهبي ، وثقه ابن ناصر وقال الصفدي وكان صالحاً زاهداً عابداً أميناً صدوقاً ، توفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة (١٠).

ـ وأبوالقاسم عبيد الله بن علي بن عبيد الله الرقي ، سكن بغداد ، وكان أحد العلماء بالنحو والأدب واللغة عارفاً بالفرائض وقسمة المواريث كتب عنه الخطيب البغدادي وقال عنه : كان صدوقاً ، مات سنة خمسين واربعمائة (١١).

ـ أبو احمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي المقرىء ، ترجمه الخطيب في تاريخه وقال : كان ثقة صادقاً ديناً ورعاً ، ويقول : سمعت الأزهري ذكره فقال : كان اماما من الأئمة مات سنة ست واربعمائة ، ونقل صاحب الشذرات عن الذهبي انه عاش (٨٢) سنة (١٢).

ـ أبو عمر محمد بن عبد الواحد لعله البغوي الزاهد ، المعروف ب‍ « غلام ثعلب » قال الخطيب : كان جماعة من أهل الأدب يطعنون عليه ولا يوثقونه في علم اللغة ، فأما الحديث فرأينا جميع شيوخنا يوثقونه فيه ويصدقونه ، وقال الذهبي وهو في عداد الشيوخ في الحديث لا الحفاظ ، وانما ذكرته لسعة حفظه

١٨٣

للسان العرب وصدقه وعلو اسناده ، مات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة (١٣).

والغطافي لم أعثر له على ترجمة ، ولعل الاسم تصحف في الأصول المخطوطة فحال دون ضبطه ومعرفته بدقة.

ثالثاً ـ سيف بن عمر مشجب !!

لقد كان سيف بن عمر التميمي ـ يرحمه الله ـ مشجباً ، علق عليه السابقون واللاحقون مسألة انكار ابن سبأ ، بل زاد بعضهم ، وحمله اختلاق عدد من الصحابة ، ليس ( القعقاع بن عمرو رضي الله عنه ) إلاّ واحداً من هؤلاء ، فقد ألف ( السيد مرتضى العسكري ) ـ وهو رافضي المذهب والهوى ـ كتابا بعنوان ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) والكتاب مؤلف قبل ما يزيد على ( عقدين ) من الزمن ! ويعتمد مؤلفه اتهام ( سيف ) باختلاق هذه الشخصيات احداثها ، ليس في هذا الكتاب فحسب ، بل وفي كتابين قبله احدهما بعنوان ( عبدالله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري ، ط النجف ١٣٧٥ ه‍ / ١٩٦٥ م ).

والآخر بعنوان : ( عبدالله بن سبأ واساطير اخرى ، ط دار الغدير ، بيروت ، طهران ١٣٩٢ ه‍ / ١٩٧٢ م ) ثم جاء الأخ ( حسن المالكي ) يجدد ما اندثر من هذه الافكار ، ولا يخرج عن اطارها ويحمل حملة شعواء ظالمة على سيف بن عمر ، وهذه شواهدها وما يناقضها.

أ ـ يقول المالكي : « ورغم أن الطبري لم يورد في تاريخه أقوالاً في الجرح والتعديل ( إلاّ في النار ، ولم يجرح الضعفاء الذين يروي عنهم إلاّ أنه صرح بضعف سيف بن عمر ، فذكر مخالفة سيف للاجماع في أكثر من موضع ، مع أن

١٨٤

الطبري لم يذكر هذا عن رواة اخر من ضعفاء كأبي مخنف ، والواقدي ، فيعد الطبري من مضعفي سيف بن عمر » ( ص ٥٣ نحو انقاذ التاريخ الاسلامي ).

فهل يصح هذا القول ؟

أولاً : لم يبين لنا ( المالكي ) مواطن تضعيف الطبري سيف حتى نشاركه الحكم أو عدمه.

ثانياً : ليس صحيحاً أن الطبري لم يصرح بضعف ( أبي مخنف ) بل تجاوز بعض مروياته ولم يستسغها وقال « فذكر ـ أبو مخنف ـ مكاتبات جرت بينهما كرهت ذكرها لما فيه مما لا يحتمل سماعة العامة » ( تاريخ الطبري ٤ / ٥٥٧ ).

ثالثاً : وليس صحيحاً كذلك أن الطبري لم يصرح بضعف ( الواقدي ) بل قال عنه ما نصه : « وأما الواقدي فانه ذكر في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب امورا كثيرة ، منها ما تقدم ذكره ، ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة مني لبشاعته » ( تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٦ ).

فهل فاتت هذه النصوص على ( المالكي ) وهو الذي ذكر أنه قرأ المجلدين الثالث والرابع لتاريخ الطبري ( ص ٤٥ ) أم تناساها ، أم يفهمها بغير فهمنا إياها ؟

ب ـ وحين يقرن ( المالكي ) بين ( سيف ) و ( أبي مخنف ) يقول عن الأول الوضاع المتهم بالزندقة ! ويكتفي بالقول عن ( أبي مخنف ) الشيعي ( ص ٣٣ ).

ج ـ يطلق ( المالكي ) عبارات مرجفة يستبعد فيها توثيق ( سيف ) ولو بحث الباحثون عشرات السنين ، فإذا أحس أن عبارة ، ( ابن حجر ) رحمه الله في سيف ( عمدة في التاريخ ) ستحرجه خرجها تخريجاً يتفق وهواه وفهمه ( وسيأتي البيان ).

أما عبارة ( الذهبي ) في سيف ( كان اخبارياً عارفاً ) فهي تزيد من حمالته ،

١٨٥

ولذا تراه احياناً يتغافلها ، واحياناً أخرى يفسرها كما فسر عبارة ابن حجر ، وبكل حال فهو يعتبر هاتين التزكيتين من هذين العلمين في الجرح والتعديل ( متوهمة وليست صريحة ) ( انظر ص ٥٥ ، ٦٠ ، ٨٤ ).

د ـ يجزم ( المالكي ) بالقول : ويعد الحافظ ( ابن حجر ) المتساهل الوحيد في الإكثار من روايات سيف مع حكمه عليه بالضعف ( ص ٥٥ ) ( وسأُبين ما يناقض ).

ه‍ ـ ويتهم ( المالكي ) ( سيفاً باختلاق الرواة ، بل واختلاق الشخصيات الكبيرة المشهورة ، على الرغم من اعترافه بصحة سند بعض المرويات التي رواها سيف ( ص ٦٢ ، ٦٣ ).

و ـ وتضل تهم ( المالكي ) تلاحق ( سيفاً ) دون أن يجد له فيها عذراً ، أما الرواة الآخرون فإن وجد رواياتهم ( مجهولون ) فهي قلة نادرة بينما الجهالة في أسانيد سيف سمة ظاهرة ( ص ٦٨ ) وسيتضح لك بعد الفرق بين ( سيف ) و ( أبي مخنف ) على سبيل المثال في الرواية عن المجهولين.

ز ـ وأعظم من ذلك أن يوهم ( المالكي ) قارىء كتابه أن مرويات ( أبي مخنف ) تسير في اطار الروايات ـ الصحيحة التي تخالفها روايات سيف ( ص ٦٩ ).

ح ـ ويتناقض ( المالكي ) حين يعقد ل‍ ( سيف ) عنواناً : ( طعنة في كبار الصحابة والتابعين ) ( ص ٧٠ ) ثم تراه يعترف بدفاعه عن الصحابة ، وان كان يسوقها مساقاً خاصاً ، فأهل الحديث لم يغتروا به ، لعلمهم انها كذب ( ص ٧٣ ) أهكذا تكون المنهجية أم بهذا التلاعب ينقذ التاريخ الاسلامي !

ط ـ وأخيراً ف‍ ( المالكي ) في حلقته الثالثة عن ( القعقاع بن عمرو حقيقة

١٨٦

أم اسطورة ) المنشورة في جريدة الرياض ، يفصح عما في نفسه صراحه حين يفضل ( أبا مخنف ) على ( سيف ) ويقول صراحة وهو يتحدث عن ( أبي مخنف والمسعودي ) : « لكن هؤلاء كلهم فوق سيف بن عمر ! ».

فهل الأمر كما صوره المالكي.

تعالوا بنا لنوازن بين الرجلين ( سيف ) و ( أبي مخنف ) ونقرأ بتمعن كلام علماء الجرح والتعديل ، وننظر ما قاله المؤرخون المعتمدون في ( الأخباريين ) وبين هذا وذاك نقف على تعليلات ( المالكي ) وتوهيمه ( للعلماء ) حين يخالفون مساره في ( سيف ).

١ ـ سيف بن عمر

لا يستطيع منصف أن ينكر المنسوب إلى سيف عند علماء الجرح والتعديل ، ولكن من الانصاف لسيف ـ كرواية في التاريخ ـ أن يقال :

أ ـ تهمة الزندقة التي اتهم بها دافع عنه « ابن حجر » حين قال : « أفحش ابن حبان القول فيه » ( تقريب التهذيب ١ / ٣٤٤ ) ومن الأمانة العلمية أن تذكر هذه المدافهة بازاء التهمة !! ولم أر ( المالكي ) توقف عندها !

ب ـ فرق العلماء قديماً وحديثاً بين الشروط المطلوبة لراو يروي في الحلال والحرام ، وآخر يروي في الأخبار والسير وفضائل الأعمال ، وقال الخطيب البغدادي « باب التشدد في أحاديث الأحكام والتجوز في فضائل الأعمال » ثم روى بسنده إلى الإمام احمد بن حنبل ـ يرحمه الله ـ ان قال : إذا روينا عن رسول الله! في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد ، وإذا روينا عن النبي (ص) في فضال الاعمال وما لا يضع حكماً

١٨٧

ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد ( الكفاية في علم الرواية ص ٢١٢ ـ ٢٢٣ ).

وتحدث المعاصرون عن ضرورة المرونة في تطبيق قواعد المحدثين في نطاق التاريخ الإسلامي ( د. أكرم العمري السيرة النبوية الصحيحة ١ / ٤٥ ).

ومعرفة شروط المؤرخ المقبول ( د. محمد بن صامل السلمي : منهج كتابة التاريخ الاسلامي ص ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ).

ج ـ ومع الاجماع على ضعف ( سيف ) في ( الحديث ) ، فهو محل تزكية في ( التاريخ ) فالذهبي رحمه الله قال عنه : « كان اخباريا عارفا » ( ميزان الاعتدال ٢ / ٢٥٥ ).

وقال فيه ابن حجر رحمه الله « عمدة في التاريخ » ( تقريب التهذيب ١ / ٣٤٤ ).

وهذه الفاظ صريحة ، وان ظن المالكي انها موهمة ، كما صنع في محاولته المستميتة دفع هذه العبارات المهمة من هذين العلمين العالمين ، كما استمات في تفسير كثرة الرواية عنه عند ابن حجر خاصة ، وجازت بالقول : ويعد الحافظ ( ابن حجر ) المتساهل الوحيد في الاكثار من روايات سيف مع حكمه عليه بالضعف ( نحو انقاذ التاريخ الاسلامي ص ٥٥ ، ٦٠ ).

وفات على الاخ « حسن المالكي » ان الامام الذهبي اعتمده أحد المصادر المهمة في كتابة « تاريخ الإسلام » حين قال « وقد طالعت على هذا التأليف من الكتب مصنفاتي كثيرة ، ومادته من دلائل النبوة للبيهقي ، وسيرة النبي لابن اسحق ، والفتوح لسيف بن عمر » ( تاريخ الاسلام ١ / ١٤ ، ١٥ ).

وعني بكتابه ( الفتوح ) واعتمد عليه ، غيره في مادة الفتوح كما ذكر ذلك الدكتور بشار عواد ( الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام ص ٤١٨ ).

١٨٨

كما فات على « المالكي » ان ابن كثير يرحمه الله أكثر من الرواية عنه ، واعتمد عليه وزكاه في مرويات الفتنة بالذات ، ووصفه بأنه من « أئمة هذا الشأن » ودونكم هذه الكلمات المنصفة ل‍ « سيف » وأمثاله ، والكاشفة لرواة آخرين ، أنقلها بحروفها كما سطرها ابن كثير بقوله :

« هذا مخلص ما ذكره أبو جعفر بن جرير رحمه الله عن أئمة هذا الشأن ، وليس فيما ذكره أهل الأهواء من الشيعة وغيرهم من الأحاديث المختلفة على الصحابة ، والأخبار الموضوعة التي ينقلونها بما فيها ، وإذا دعوا إلى الحق الواضح أعرضوا عنه وقالوا : لنا أخبارنا ولكم أخباركم ، فنحن حينئذ نقول لهم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين » ( البداية والنهاية ٧ / ٢٦٩ ).

ولئن كان « ابن كثير » لم ينص على « سيف » أو غيره ، فظاهر لمن تأمل كثرة نقله عنه وعن شيوخه أنه يقصدهم ، فإن قيل انه أكثر النقل عن « أبي مخنف » فقد أخرجه من الدائرة حين قال عن أهل الاهواء من الشيعة ما قال وعلى كل حال فقد جزم الدكتور آمحزون في كتابه القيم : ( تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة ) بسيف وشيوخه تفسيراً لنص ابن كثير الآنف ( د. محمد آل محزون تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة ١ / ١٣٢ ).

وباختصار ، فالامام الطبري ، والحافظ ابن كثير ، والحافظ الذهبي ، والحافظ ابن حجر ـ رحمهم الله وغيرهم كثير ، أكثروا الرواية عن سيف بن عمر التميمي يرحمه الله ، وهم ، وكتبهم من أعدل ، وأهم مدوناتنا التاريخية ، ومن رام التشكيك فيها بعبارة ( صريحة ) أو ( ملفوفة ) فلا بد أن يتبين أمره ، وسيتحمل وزره ، وفرق كبير بين ( تحقيق ) المرويات ، و ( نسف ) المسلمات !

د ـ وإذا دافع العلماء المتقدمون عن تهمة ( الزندقة ) الموجهة لسيف بن

١٨٩

عمر ـ كما سلف ـ والمتأمل في مروياته ودفاعه عن الصحابة يدرك قيمة هذه المدافعة ـ فقد دافع المعاصرون عن تهمة ( التعصب ) القبلي من ( سيف ) لقبيلته بني تميم أمثال جواد علي ـ وهو يرد على ( بروكلمان ) هذه التهمة وقال د. آل محزون : والواقع ان تعصب ( سيف ) المزعوم لقبيلته ترده أحوال بني تميم وموافقتهم من الفتنة ، فمن معروف انهم ممن اعتزل الفتنة مع سيدهم الأحنف بن قيس يوم الجمل ( انظر : جواد علي موارد تاريخ الطبري ، مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد الثالث ١٣٧٤ ه‍ / ١٩٤٥ م ص ٤٩ ، وانظر د. آل محزون تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة ١ / ٢٣٦ ).

ثقات يحدثون عن سيف قبل الطبري :

وقبل ( الطبري ) روى عن سيف وحدث : عنه ( المحاربي ) ، كما نقل ذلك يحيى بن معين في التاريخ ٣ / ٤٦٠ حين قال : سيف بن عمر يحدث عنه المحاربي ، وهو ضعيف ونقل ذلك العقيلي في الضعفاء الكبير ٢ / ١٧٥ ويبدو ان ( المحاربي ) تصحفت إلى ( البخاري ).

فمن يكون المحاربي هذا الذي حدث عن سيف.

هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي أبو محمد الكوفي ( ت ١٩٥ ه‍ ) روى عنه الامام احمد بن حنبل وغيره وأخرج له الستة في كتبهم ( تهذيب التهذيب ٦ / ٢٦٥ ) ووثقه يحيى بن معين كما في التاريخ ٢ / ٣٥٧ ) كما وثقه النسائي ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال ابن حجر : كان ثقة كثير الغلط ( تهذيب التهذيب ٦ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ).

وقال عنه الذهبي : ثقة صاحب حديث ( الميزان ٢ / ٥٨٥ ).

١٩٠

وإذا ثبت حديث هذا الثقة ( المحاربي ) والمتقدم على ( الطبري ) بما يزيد على ( قرن ) من الزمن ، فهل تصبح ( دعوى ) المالكي حين يقول :

إنّ الطبري أول من أشهر روايات سيف بن عمر وكانت روايات سيف قبل ذلك خاملة جداً فاحتاجها الناس بعد الطبري للرد على الشيعة ( ص ٧٧ نحو انقاذ التاريخ الاسلامي ). أو ليست تلك ( مجازفة يا أخ حسن ، وأثبت الواقع لك خلافها ولو رجعت إلى كتب الطبقات والتراجم لوجدت غيرها ، أفتراك تعدل عن رأيك ذلك الظن بك ، أم تراك ( تترفق ) في احكامك ذلك ما نرغبه لك.

رابعاً : رواة آخرون في الميزان

وهنا يرد سؤال مهم : هل الذين حاولوا اسقاط سيف واتهموه اعتمدوا من هو أصح منه سنداً وأسلم معتقداً ؟ أم ان الميزان النقدي عندهم يختل إذا تجاوزوا حدود ( سيف بن عمر ) ؟

سنرى ذلك في راو فضله ( المالكي ) على ( سيف ) وأوهم بمسير مروياته مع الروايات الصحيحة !.

٢ ـ أبو مخنف ( لوط بن يحيى ) ت ١٥٧ ه‍

لقد أجمع نقاد الحديث على تضعيف ( أبي مخنف ) وتركه ، ليس في الحديث فقط بل وفي التاريخ وأخبار السلف.

قال أبو حاتم : أبو مخنف متروك الحديث ( الجرح والتعديل ٧ / ١٨٢ ) وقال أبو عبد الله الأجري : سألت أبا حاتم عنه فنفض يده وقال : أحد يسأل عن هذا ( لسان الميزان ٤ / ٤٩٢ ) وقال ابن معين : ليس بشيء ( تاريخ يحيى بن

١٩١

معين ٢ / ٥٠٠ ) وعلق ابن عدي على عبارة يحيى هذه بقوله : وهذا الذي قاله ابن معين يوافقه الأئمة ( الكامل في ضعفاء الرجال ٦ / ٢١١٠ ).

بل وزاد ابن عدي حين قال عن أبي مخنف : ( حدث بأخبار من تقدم من السلف الصالحين ولا يبعد منه أن يتناولهم ، وهو شيعي محترق صاحب أخبارهم ، وإنما وصفته للاستغناء عن ذكر حديثه إلى أن قال : وله من الأخبار المكررة الذي لا استحب ذكره ( الكامل ٦ / ٢١١٠ ) وقال عنه الذهبي : « اخباري تالف لا يوثق به » ( ميزان الاعتدال ، ٣ / ٢٩٩٢ ) والمظنون بالذهبي انه يفرق بين كلمة ( اخباري عارف ) لسيف بن عمر ، و « اخباري تالف » لأبي مخنف ، بل يفرق بينهما كل من أنصف من نفسه وأنصف الآخرين ! وبمثل قول الذهبي قال ابن حجر عن أبي مخنف : « اخباري تالف لا يوثق به » ( لسان الميزان ٤ / ٢٩٢ ).

ولا أشك ولا أخال منصفا لابن حجر يشك انه يفرق بين هذه العبارات لأبي مخنف وقوله في سيف ( عمدة في التاريخ ) وان العبارتين كلتيهما صريحتان في الرجلين كل بحسبه ، « وإذا قلتم فاعدلوا » ( الأنعام / ١٥٢ ).

أما رواية أبي مخنف عن المجهولين فقد ذكر ذلك الذهبي ( سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٠١ ) والكتبي ( فوات الوفيات ٣ / ٢٢٥ ) ونسبه « ابن تيمة » للكذب ( منهاج السنة ١ / ١٦ ) ، وعلى الرغم من الضعف المنسوب للواقدي فقد قال ابن تيمية وهو يتحدث عن الرواة أمثال أبي مخنف وهشام الكلبي ، واسحق بن بشر وأمثالهم من الكذابين. « بل الواقدي ، خير من ملء الأرض مثل هؤلاء. وقد علم ما قيل فيه » ( الرد على البكري من ١٧ ـ ١٨).

أما الطامة الكبرى فوق ما تقدم ، فهو سب ( أبي مخنف ) للصحابة رضوان

١٩٢

الله عليهم ، وروايته الموضوعات عن الثقات ، وفي هذا يقول ابن حبان : « رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات » وقال السليماني : « كان يضع للروافض » ( لسان الميزان ٤ / ٣٦٦ ).

تُرى هل فاتت هذه المعلومات على المالكي وهو يفضله على سيف ، فتلك مصيبة أن يذهب من عمره ( أربع سنوات ) في دراسة هذه الموضوعات ثم تند عنه هذه المعلومات أم أن لديه علما بها واطلاعاً عليها ، ولكنه ـ لحاجة في نفسه ـ أخفاها فالمصيبة أعظم وهل هذا ( منهج يعلمنا كيف نصل الى الحقيقة ) كما ينشده المالكي ( ص ١١ ).

لا أظن قارئاً يوافق على أن هذا ( النهج ) هو ذلك ( المنهج ) المنشود !!.

وبكل حال فارجو أن يملك ( المالكي ) من الشجاعة ما يعلن به ( قبوله ) للحق ويعيد نظرته إلى ( سيف ) و ( ابي مخنف ) وفق هذه النصوص الصريحة ، والآراء الواضحة التي لا تحتمل التأويل ، وليس فيها ( إيهام ) ولا غموض !.

وللمزيد أقول ان المؤرخين المعتبرين أمثال ( ابن كثير ) يرحمه الله ، لم يفت عليه ما في مرويات ( أبي مخنف ) من تزيد ، وسب للصحابة حين قال وهو يعلق على رواية فيها ( أبو مخنف ) والمظنون بالصحابة خلاف ما يتوهم كثير من الرافضة وأغبياء القصاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار وضعيفها ، ومستقيمها وسقيمها ، وميادها وقويمها ، والله الموفق للصواب.

( البداية والنهاية ٧ / ١٦١ )

١٩٣

الهوامش :

(*) قال السخاوي معناه أن حديثه وسط لا ينتهي إلى درجة السقوط ولا الجلالة وهو نوع مدح ، وقال ابن رشيد : أي ليس حديثه بشاذ ولا منكر (انظر شرح الألفية ص ١٥٨ ، ١٦٣).

(١) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٢٤١.

(٢) الأنساب للسمعاني ٣ / ٣١٨. سير اعلام النبلاء ٢٠ / ٢٤٨.

(٣) تاريخ بغداد ٧ / ٢٧٩ ، سير اعلام النبلاء ١٧ / ٤١٥ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ١٧٥.

(٤) تاريخ بغداد ٢ / ١٤٧ ، الانساب للسمعاني ١ / ١٠١.

(٥) الجرح والتعديل ٢ / ٧٥ ، تاريخ بغداد ٥ / ١٤١.

(٦) التهذيب ١ / ٥٠ ، التقريب ١ / ١٩.

(٧) التقريب ١ / ٣٤٢.

(٨) التقريب ٢ / ٢٧٠.

(٩) تهذيب التهذيب ٤ / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٣٢.

(١٠) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٤٢٣ ، الوافي بالوفيات ٣ / ١٦٩.

(١١) تاريخ بغداد ١٠ / ٣٨٧ ، ٣٨٨ ، الانساب للسمعاني ٣ / ٨٤ ، ٨٥.

(١٢) تاريخ بغداد ١٠ / ٣٨٠ ، شذرات الذهب ٣ / ١٨١.

(١٣) تاريخ بغداد ٢ / ٣٥٦ ، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٠٨.

١٩٤

د. سليمان بن حمد العودة

الانقاذ من دعاوى الإنقاذ من التاريخ الاسلامي (٤ / ٤)

صحيفة الرياض ـ ٣٠ ربيع الأول ـ ١٤١٨ ه‍

خامساً ـ ملحوظات أخرى في الكتاب

وفوق ما سبق عرضه من آراء وملحوظات ، وتحقيق ، فثمة ملحوظات أخرى أسجل ما ( تيسر ) منها ، وفي جزء يسير من الكتاب :

أ ـ يحذر المالكي من كتابات من يحملون هم ( التاريخ الإسلامي ) ويعتبرها أخطر من كتابات ( المستغربين ) و ( أهل الاهواء ) لان هذه الأخيرة ـ كما يقول لا تخفى على القارئ اللبيب! ثم يضيف المالكي ( في الهامش ) قوله :

١٩٥

الغريب انني وجدت في كتب ( طه حسين ) من ( الانصاف ) أكثر مما وجدته في كتب بعض من يدعون انهم يحملون هم ( التاريخ الاسلامي ). ( ص ٣٦ من الانفاذ ).

وأنا هنا أتساءل لماذا طه حسين بالذات ! ألأنه ( شكك ) في التاريخ الاسلامي و ( أنكر ) ما لم ينكره غيره ، وكتاباته في ( السيرة ) و ( تاريخ الخلفاء ) وغيرها لا تخفى وهل يعلم ( المالكي ) تشكيك طه حسين ( المنصف في نظره ) في تاريخ الشيخين ( أبي بكر وعمر ) رضي الله عنهما حين يقول :

« وأنا بعد ذلك أشك أعظم الشك فيما روي عن هذه الأحداث ، وأكاد اقطع بان ما كتب القدماء من تاريخ هذين الامامين العظيمين ، ومن تاريخ العصر القصير الذي وليا فيه أمور المسلمين أشبه ب‍ ( القصص ) منه بتسجيل ( حقائق ) الأحداث التي كانت في ايامها » !

هذا ما سطره ( طه حسين ) في مقدمة كتاب ( الشيخان ) فهل يروق ذلك للمالكي ؟

أم تراه يروق له قوله عن معاوية رضي الله عنه :

« وقد ضاق معاوية برجل عظيم الخطر من أصحاب النبي (ص) هو أبوذر ولم يستطع أن ( يبطش به لمكانه من رضى رسول الله (ص) ، وإيثاره إيّاه لسابقته في الاسلام ، ولم يستطع أن يفتنه عن دينه بالمال » ( الفتنه الكبرى ٢ / ٥٧ ).

وأين الأنصاف عند ( طه حسين ) وهو يقول عن ( عمرو بن العاص ) رضي الله عنه :

« كان يكره بيعة علي لأنه لا ينتظر من هذه البيعة منفعة أو ولاية أو

١٩٦

مشاركة في الحكم ، ولهذا انضم إلى معاوية ، وكان ابنه عبدالله يرى أن أباه قد باع دينه بثمن قليل » !!

أم يرى المالكي ( انصاف ) طه حسين في شدته على بني امية سواء من الصحابة أو من التابعين وماذا هو قائل عن منهجه في أحداث الفتنة حين يقول :

« وأنا أريد أن أنظر إلى هذه القضية نظرة خاصة مجردة ، لا تصدر عن عاطفة ولا هوى ، ولا تتأثر الايمان ولا بالدين ، وإنما هي نظرة المؤرخ الذي يجرد نفسه تجريداً كاملاً من النزعات والعواطف والأهواء مهما تختلف مظاهرها ومصادرها وغاياتها » ( الفتنة الكبرى ١ / ٥ ).

أم يراه منصفاً حين يقول عن عبدالله بن سبأ :

« إن أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء إنما كان متكلفاً منحولاً ، قد اخترع بآخرة أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أصول هذا المذهب عنصراً يهودياً إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم » ( الفتنة الكبرى ٢ / ٩٠ ـ ٩١ ).

اللهم إنّا نبرأ اليك من هذا الهراء ، وإن اعتبر المالكي ( صاحبه ) منصفاً ! ولا يتسع المقام لأكثر من هذا وإذا تسللت مثل هذه الأفكار ( لطه حسين ) واعتبر بها أو بمثلها ( أكثر انصافا ) من المؤرخين الاسلاميين عند طبقة ( المنقذين !!) بطلت الدعوى بعدم تاثيرها في ( المنقذين ) ولله في خلقه شؤون !!

٢ ـ يقلل ( المالكي ) من كتاب ( العواصم من القواصم ) لابن العربي من وراء وراء ، فهو يبدأ بالتشهير بتعليقات ( محب الدين الخطيب ) على الكتاب ، وبقول : إن الجهلة من المؤرخين قلدوها وأصبحوا بها يعارضون الأحاديث الصحيحة والروايات الثابتة ! ( ص ٣٥ ).

ثم لا يتمالك نفسه حتى يصل إلى ( ابن العربي ) نفسه ، وكتابه ، الذي يعده

١٩٧

من الكتب المفتقدة للتحقيق العلمي المتشدقة بمنهج أهل الحديث ، وانها تجمع بين نقيضين وفيها تحريف للحقائق أو الاستدلال بالصحيح أو الكذب الصراح المجرد احيانا ( ص ٣٥ ، ٣٦ ).

٣ ـ ولم يسلم ابن تيمية من ( لمز ) المالكي ، وان جاءت بعبارات ومقدمات ( ذكية ) حين يقول : « فكيف تقنع المتعصب ضده بما في مؤلفاته من خير كثير ، وكيف تقنع المتعصب له بالأخطاء الظاهرة الموجودة في كتبه » ( ص ٣٦ ، الهامش ).

أما كتبه فيختار منها ( منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية ) ليضعه ( قبل ) ضمن قائمة الكتب المفتقدة للتحقيق العلمي المتشدقة بمنهج أهل الحديث ، والتي يقلدها المؤرخون بلامحاكمة للنصوص ثم يحذف ذكره في الكتاب مؤجلاً الحكم النهائي بعد دراسة الكتاب دراسة مستفيضة ( ص ٣٥ ، الهامش ).

ومع اعتقادنا بعدم العصمة لاحد ( سوى الأنبياء عليهم السلام ) فمن حقنا أن نسأل ( المالكي ) وهو الذي أصدر هذه الاراء بعد دراسة استمرت أربع سنوات ـ كما ذكر حين أصدر حكمه ـ من قبل على منهاج السنة ـ مثلاً ـ ألم يكن بعد الدراسة فلماذا حذفه في الكتاب ؟ وإن كان لم يستوف البحث فكيف أعلن رأيه قبل استكمال بحثه ؟! أم أن حذفه خشية الاثارة ، ولأن الكتاب يعالج موضوعاً ، لا يخفى ؟! هذا نموذج صارخ للعلمية والمنهجية المالكية !! والله المستعان ، وأرجو ألاّ يسارع المالكي بتصنيف من يدافع عن ابن تيمية بالتعصب له !

أما كتاب ابن العربي ( العواصم من القواصم ) فعلى الرغم مما فيه من

١٩٨

ملحوظات ، لا يسلم منها عمل البشر ، فيكفيه فخراً مدافعته عن صحابة رسول الله (ص) وهذه لا ترضى ( العوام ) كما يفهم الآخرون ، بل هي ضمن معتقد أهل السنة والجماعة وقد اعتبر العلماء قديماً وحديثاً سب صحابة رسول الله زندقة ، كما قال أبو زرعة الرازي يرحمه الله : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله (ص) فاعلم انه زنديق ، وذلك ان الرسول (ص) عندنا حق ، والقرآن حق ، وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله (ص) ، وإنما أرادوا أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهو زنادقة.

( الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص ٩٧ ).

ويقول امام السنة الإمام احمد بن حنبل يرحمه الله : « ومن الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله (ص) كلهم اجمعين ، والكف عن ذكر مساويهم ، والخلاف الذي شجر بينهم ، فمن سب أصحاب رسول الله (ص) أو أحداً منهم أو تنقصه أو طعن عليهم أو عرّض بعيبهم أو عاب أحداً منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ، بل حبهم سنّة ، والدعاء لهم قربة والاقتداء بهم وسيلة ، والأخذ بآثارهم فضيلة » ( رسالة السنة للامام احمد ص ٧٨ ).

وأنا هنا لا أتهم ( المالكي ، ) بسبب أحد من أصحاب رسول الله (ص) ، ولكني أذكره أن التعريض بالكتب المدافعة عنهم ( العواصم ) ، والكاشفة لقدح القادحين فيهم ( منهاج السنة ) هو طريق إلى النيل منهم ، ولو جاء بحسن نية ، وباسم البحث العلمي والتحقيق ولو قدم له بالاستفادة من أخطاء سلفنا السابقين ( ص ٧٨ ).

١٩٩

٤ ـ و « ابن سبأ » شخصية تاريخية وحقيقة ثابتة ، يتضافر على ذكرها الرواة والمرويات ، ويتفق على وجودها ( السنة ) و ( الشيعة ) ولكنها محل ( شك ) أو ( انكار ) عند المالكي ، فهو معجب بالدراسات التي انتهت إلى اعتبار ( ابن سبأ ) اسطورة ( ص ٥٨ ).

ويصف ( ابن سبأ ) باليهودي النكرة !! ( ص ٧١ ).

بل يذهب ( المالكي ) أبعد من هذا وهو يحاول ـ دون دليل ـ إنكار صلة عقائد الشيعة ، بأبن سبأ ، من خلال انكاره واستبعاده نشر ( ابن سبأ ) فكرة الوصية ( ص ٧٩ ).

وهذه مغالطة علمية ، وانكار لم ينكره ( الشيعة ) أنفسهم. فضلاً عن كلام أهل السنة ، وهاك البرهان : فالشيعي سعد بن عبدالله القمي ( ت ٢٢٩ أو ٣٠١ ) يعتبر ( ابن سبأ ) أول من قال بفرض امامة علي ورجعته ( المقالات والفرق ص ١٠ ـ ٢١ ) ويوافقه على ذلك ( النوبختي ) ( ت ٣١٠ ) فرق الشيعة ص ١٩ ، ٢٠ ) وأقدم كتاب عند الشيعة معتد في علم الرجال هو : رجال الكشي ، للكشي ( من أهل القرن الرابع الهجري ).

وقد جاء في الكتاب ما نصه : « ان عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى ( بالغلو ) فقال في اسلامه بعد وفاة الرسول (ص) في علي مثل ذلك ، وكان أول من أشهر القول بفرض امامة علي وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وكفرهم ، من هنا قال من خالف الشيعة إن أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية » ( الكشي ص ١٠٨ ، ١٠٩ )

وللمزيد حول هذه النقطة يمكن الرجوع لما كتب الدكتور ناصر القفاري

٢٠٠