آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف0%

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
ISBN: 964-5841-65-8
الصفحات: 388

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

مؤلف: السيد مرتضى العسكري
تصنيف:

ISBN: 964-5841-65-8
الصفحات: 388
المشاهدات: 48107
تحميل: 5420

توضيحات:

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 388 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48107 / تحميل: 5420
الحجم الحجم الحجم
آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

مؤلف:
ISBN: 964-5841-65-8
العربية

الذهلي ، نا أبو أحمد ابن عبدوس نا محمد بن عباد ، نا سفيان ، نا عبد الجبار بن العباس الهمداني ، عن سلمة عن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال :

رأيت عليا كرم الله وجهه وهو على المنبر وهو يقول : من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله وعلى رسوله ـ يعني ابن السوداء ـ لولا أن لا يزال يخرج عَلَيّ عصابة تنعى عَلَيّ دمه كما ادعيت عَلَيّ دماء أهل النهر لجعلت منهم ركاماً.

٥ ـ أخبرنا أبو المظفر بن القشيري ، أنا أبو سعد الجنزروذي ، أنا أبو عمرو ابن حمدان ، وأخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه ، أنا إبراهيم بن منصور سبط بحرويه ، أنا أبو بكر بن المقري ، قالا : أنا أبو يعلى الموصلي ، نا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني ، نا محمد بن الحسن الأسدي ، نا هارون بن صالح الهمداني ، عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي الجلاس ، قال : سمعت عليا يقول لعبد الله السبئي : ويلك والله ما أفضى إليّ بشيء كتمه أحدا من الناس ، ولقد سمعته يقول : إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وانك لأحدهم.

قالا : وأنا أبو يعلى ، نا أبو بكر بن ابي شيبة ، نا محمد بن الحسن ، زاد ابن المقري الأسدي باسناده مثله.

حقيقة ابن سبأ

هل نفهم من هذا أن جميع هذه الروايات ليس في أحد من إسنادها ذكر لسيف بن عمر وبالتالي يسقط ادعاء التشكيك أو الأنكار في شخصية عبد الله بن سبأ وما صحة أسانيد هذه المرويات ؟

٣٠١

نعم فجميع هذه الروايات تنتصب دليلاً على أن أخبار ابن سبأ ظفرت بنصيب من الذيوع والإنتشار بحيث لم تكن قصراً على سيف وحده ويتأكد لنا من خلالها أن ابن سبأ يعد حقيقة وليس أسطورة أو من رسم الخيال كما يظن بعض الذين خاضوا في هذا المجال.

أما أسانيد هذه المرويات فهي تتفاوت في الضعف أو القوة حسب رواتها ولعلي هنا أسرد لكم بياناً بهذا :

يبدو ضعف الرواية الأولى لوجود محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، فقد ذكره الذهبي في الميزان ونقل أقوال من ضعفه من العلماء ، وأشار إلى طائفة وثقته واكتفى هو بالقول : كان بصيراً بالحديث والرجال ، له تواليف مفيدة.

وقبله أفاض الخطيب في ترجمته جمع اقوال من اتهموه بالكذب ، وان كان الخطيب قد قال عنه : « كان كثير الحديث واسع الرواية ذا معرفة وفهم ، وله تاريخ كبير ».

ولوجود مجالد ـ وهو ابن سعيد ـ جاء ذكره في الميزان ، ونقل الذهبي قول ابن معين فيه : « لا يحتج به » وقول أحمد : « يرفع كثيراً مما لا يرفعه الناس ، ليس بشيء » ، كما نقل تضعيف الدارقطني ، ويحيى ابن سعيد له ، وقال هو عنه : « مشهور صاحب حديث على لين فيه ».

أما الرواية الثانية فتظهر علائم الصحة على اسنادها ، فأبو عبدالله يحيى بن الحسن هو البناء الحنبلي البغدادي شيخ ابن عساكر ، وصفة الذهبي بالشيخ الامام ، الصادق ، العابد ، الخير المتبع الفقيه ، بقية المشايخ ، ثم نقل عن السمعاني قوله : سمعت الحافظ عبد الله الأندلسي يثني عليه ويمدحه ويطريه ويصفه بالعلم والتميز والفضل وحسن الأخلاق وترك الفضول وعمارة المسجد

٣٠٢

وملازمته ما رايت مثله في حنابلة بغداد ، ثم أعقب ذلك السمعاني بقوله : وكذا كل من سمعه كان يثني عليه ويمدحه ، توفي سنة احدى وثلاثين وخمس مائة.

ـ أبو الحسين الأبنوسي هو محمد بن أحمد البغدادي ، قال الخطيب البغدادي : كتب عنه وكان سماعه صحيحا ، ووثقة الذهبي ، وفاته سنة سبع وخمسين وأربع مائة.

ـ وأحمد بن عبيد بن الفضل هو ابن بيري الواسطي ، قال عنه خميس الحوزي : كان ثقة ، صدوقاً ، وقال الذهبي : المحدث المعمر الصدوق شيخ واسط ، وفي أنساب السمعاني : ثقة صدوق من أهل واسط. وكانت وفاته قبل الأربعمائة في حدود سنة تسعين وثلاثمائة.

ـ وأبو نعيم هو ابن خصية محمد بن عبدالواحد بن عبد العزيز كان عدلاً مستقيماً ، كما في سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي عن جماعة من أهل واسط.

ـ وابن خزفة هو أبو الحسن علي بن محمد بن حسن بن خزفة الصيدلاني ، كان مكثراً صدوقاً ، كما في سؤالات السلفي ، وهو مسند واسط كما قال الذهبي ، وراوي التاريخ الكبير لأحمد بن أبي خيثمة عن محمد بن الحسين الزعفراني عنه.

ـ ومحمد بن الحسين هو أبو عبد الله الزعفراني الواسطي ، وقد وثقه الخطيب البغدادي ، وقال : كان عنده عن أبي خيثمة كتاب التاريخ.

ـ وابن أبي خيثمة هو أبوبكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد نسائي الأصل ، كان ثقة عالما متقنا حافظا بصيرا بأيام الناس ، كذا قال عنه الخطيب ، وذكره الدارقطني فقال : ثقة مأمون ، وأثنى الخطيب على كتابه في

٣٠٣

التاريخ فقال : وله كتاب التاريخ الذي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته ، وقال أيضاً : ولا أعرف أغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي صنفه ابن خيثمة.

قلت : ومن المحتمل أن يكون هذا الخبر المروي من هذا الكتاب النفيس.

ـ ومحمد بن عباد هو ابن الزبرقان أبو عبدالله المكي ، سكن بغداد وحدث بها ، وقد روى عنه البخاري ومسلم في الصحيحين. وبهذا يكون قد جاوز القنطرة كما يقال.

ـ وسفيان هو ابن عيينة الرواية المشهور ، قال ابن سعد : كان ثقة ثبتا كثير الحديث حجة ، وقال الشافعي : لو لا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز ، وقال ابن المديني : سفيان إمام في الحديث ، وقال العجلي : كوفي ثقة ثبت يعد من حكماء أصحاب الحديث.

ـ وعمار الدهني هو ابن معاوية ويقال ابن أبي معاوية ويقال ابن صالح ويقال ابن حبان ، أبو معاوية البجلي الكوفي ، وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي.

ـ أما أبو الطفيل فهو عامر بن واثلة الليثي ، ولد عام واحد ، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ بن جبل وحذيفة وابن مسعود وابن عباس وغيرهم ، قال ابن عدي : له صحبة وقال مسلم : مات أبو الطفيل سنة مائة وهو آخر من مات من الصحابة ، قال ابن سعد ثقة في الحديث وكان متشيعا.

ـ والمسيب بن نجبة الكوفي ترجم له ابن حجر في الاصابة ضمن « من كان في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ويمكنه أن يسمع منه ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلاً أو مراهقاً أو مميزاً » ثم قال ابن حجر : له ادراك ، وله رواية عن

٣٠٤

حذيفة وعلي ، ونقل عن العسكري قوله : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وليست له صحبة. وقال ابن سعد كان مع علي في مشاهده ، وقتل مع التوابين في عين الوردة عام خمسة وستين.

صحة الإسناد

ـ وكذا الرواية الثالثة تبدو صحيحة الاسناد ، فأبو القاسم يحيى بن بطريق الطرسوسي ثم الدمشقي شيخ ابن عساكر قال عنه : مستور حافظ للقرآن سمع أبا الحسين محمد بن مكي وأبا بكر الخطيب ، توفي في رمضان سنة أربع وثلاثين وخمس مائة ، وقال عنه الذهبي : المسند المقرئ.

ـ وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي الدمشقي الحداد من مشيخة ابن عساكر قال عنه : كان شيخاً ثقة مستوراً سهلاً ، قرأت عليه الكثير وتوفي في ذي القعدة سنة ست وعشرين وخمس مائة. وقال عنه الذهبي : الشيخ الثقة المسند ، وأشار إلى توثيقه ابن العماد الحنبلي.

ـ وأبو الحسين بن مكي هو محمد بن مكي ، بن عثمان الأزدي المصري ، مسند مصر كما يقول الذهبي ، روى عنه أبو بكر الخطيب ، وابن ماكولا ، والفقيه نصر المقدسي ، وهبة الله بن الاكفاني ، وعبد الكريم بن حمزة وأبو القاسم بن بطريق وغيرهم ، وقد وثقه الكتاني وغيره ، وتوفي سنة ٤٦١ ه‍.

ـ والمؤمل بن أحمد الشيباني ، بغدادي ، سكن مصر وحدث بها وبها مات سنة احدى وتسعين وثلاثمائة ، وقد وثقه الخطيب البغدادي.

ـ ويحيى بن محمد بن صاعد البغدادي ، أحد الثقات المشهورين قال الدارقطني : ثقة ثبت حافظ ، وقال الخطيب : كان ابن صاعد ذا محل من العلم وله

٣٠٥

تصانيف في السنن والأحكام ، وعده الذهبي مع الحفاظ الثقات ، وقال عنه : له كلام متين في الرجال والعلل يدل على تبحره ، مات في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.

ـ وبندار ـ بضم الباء وفتحها وسكون النون ـ هو محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري ، أبو بكر ، ثقة حافظ روى عنه الجماعة ، وقال البخاري في صحيحه : كتب إلى بندار فذكر حديثاً مسنداً.

ـ قال ابن حجر : ولو لا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة مع انه في الطبقة الرابعة من شيوخه ، وقد روى عنه البخاري مائتي حديث وخمسة ، ومسلم أربعمائة وستين حديثا ، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.

ومحمد بن جعفر هو الهذلي أبو عبد الله البصري المعروف بغندر ، ثقة صحيح الكتاب ، قال ابن المبارك : إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم ، وقال العجلي : بصري ثقة وكان من أثبت الناس في حديث شعبة ، مات في ذي العقدة سنة ثلاث وتسعين ومائة ، وقيل أربع وتسعين.

ـ شعبة هو ابن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي مولاهم أبو بسطام الواسطي ثم الصبري ، الثقة الحافظ المتقن ، قال الثوري : شعبة امير المؤمنين في الحديث ، وقال أحمد : كان شعبة أمة وحده في الرجال والحديث ، وقال ابن ادريس : ما جعلت بينك وبين الرجال مثل شعبة وسفيان ، وقال ابن سعد : كان ثقة مأموناً ثبتاً حجة صاحب حديث. توفي سنة ١٦٠ ه‍.

ـ وسلمة هو ابن كهيل بن حصين الحضرمي أبو يحيى الكوفي ، قال أحمد : سلمة متقن للحديث وقيس بن مسلم كذلك ما نبالي إذا أخذت عنهما حديثهما ، وقال ابن المبارك : كان ركناً من الأركان وشد قبضته ، وقال أبو زرعة : ثقة

٣٠٦

مأمون زكي ، وقال العجلي : كوفي تابعي ثقة ثبت في الحديث ، وكان فيه تشيع قليل وهو من ثقات الكوفيين ، مات سنة ١٢١ ه‍.

ـ زيد بن وهب هو أبو سليمان الجهني الكوفي ، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق ، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب وابن مندة اسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر إليه فلم يدركه ، ثقة جليل ، مات بعد الثمانين ، وقيل سنة ست وتسعين ، وقد روى عن عمر وعثمان وعلي وأبي ذر وابن مسعود وحذيفة وأبي الدرداء وأبي موسى وغيرهم. وثقه ابن معين ، وابن سعد وابن خراش ، والعجلي ، وعن الأعمش : إذا حدثك زيد بن وهب عن احد فكانك سمعته من الذي حدثك عنه.

ـ أما الرواية الواردة من طريق أبي الزعراء فهى بنفس سند ومتن الرواية التي قبلها ، عدا أبا الزعراء وهو خال سلمة بن كهيل ، واسمه عبدالله بن هاني الكندي وقيل الأزدي ، قال ابن الأثير : له صحبة عداده في أهل مصر. وله ذكر في الاستيعاب ، وذكره ابن سعد في طبقة من روى عن علي رضي الله عنه من اهل الكوفة فقال : روى عن علي وعبدالله بن مسعود وكان ثقة وله أحاديث ، وقال العجلي : ثقة من كبار التابعين ، كما ذكره ابن حبان في الثقات.

الحسن احد مراتب الصحيح

أما السند الرواية الخامسة فيظهر أنه لا يصل إلى درجة الصحة لكنه لا يقل عن رتبة الحسن ، والحسن ـ كما هو معلوم ـ أحد مراتب الصحيح.

فأبو محمد الدارني شيخ لابن عساكر ، وقد قال عنه : لم يكن الحديث صنعته ، وقد روى كثيراً من سنن النسائي الكبير عن الإسفراييني ، كانت وفاته

٣٠٧

سنة ثمان وخمسين مائة.

ـ وسهل بن بشر هو الاسفراييني الشيخ الإمام المحدث المتقن الرحال ـ كما وصفه الذهبي ، وكان قد تتبع السنن الكبير للنسائي وحصله وسمعه بمصر ، قال عنه أبو بكر الحافظ كيس صدوق ، توفي سنة احدى وتسعين وأربع مائة.

ـ وأبو الحسن على بن منير الخلال ، شيخ صدوق ، لم ياخذ من الغرباء ، وكان ثقة فقيراً ، توفي سنة تسع وثلاثين وأربع مائة.

ـ والقاضي أبو الطاهر الذهلي ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد وقال : كان ثقة فاضلاً ذكياً متقناً لما حدّث به ، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة.

ـ وأبو أحمد بن عبدوس اسمه محمد بن عبدوس بن كامل السلمي ، وصفه الذهبي بالحافظ الثبت المامون ، ونقل عن أبي الحسين بن المنادى قوله : كان ابن عبدوس من المعدودين في الحفظ وحسن المعرفة بالحديث أكثر الناس عنه لثقته وضبطه ، وكان كالأخ لعبد الله بن أحمد بن حنبل ، مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

ـ ومحمد بن عباد ، وسفيان ـ وهو ابن عيينة ـ سبق الحديث عنها وتوثيقهما في الرواية الثانية ، وكذا سلمة بن كهيل سبق الحديث عن توثيقه في الرواية الثالثة ـ وكلهم من رجال التهذيب ـ وعبد الجبار الهمداني هو الشامي ، صدوق يتشبع.

وحجية بن عدي الكندي صدوق يخطئ كما في ( التقريب ١ / ١٥٥ ).

وأما الرواية السادسة ففي بعض رجال اسنادها مقال :

محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي هو الكوفي الملقب ب‍ التل صدوق فيه لين كما في التقريب ، وفي الميزان نقل الذهبي تضعيف يحيى بن معين والفسوي له ،

٣٠٨

وتعديل طائفة أخرى ، كأبي دأود وابن عدي الذي قال : حدث عن محمد الملقب بالتل الثقات ولم أر بحديثه بأساً.

ـ وهارون بن صالح الهمداني عن أبي هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني ، وعنه محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي ذكره ابن حبان في الثقات ، وفي الميزان : تفرد عنه محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي.

ـ وأبو الجلاس الكوفي غير منسوب ، عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ان بين يدي الساعة ثلاثا » الحديث ، وعنه أبو هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني ـ كما جاء في التهذيب ـ وفي التقريب قال ابن حجر : أبو الجلاس الكوفي مجهول من الثالثة.

ـ ومع ذلك فالرواية بسندها ساقها أبو يعلى الموصلي في مسنده ، عن أبي كريب محمد بن العلاء عن محمد بن الحسن الأسدي ، عن هارون بن صالح ، عن الحارث ، عن أبي الجلاس.

ثم ساق أسناداً أُخر عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن محمد بن الحسن باسناد مثله.

ولعل هذا هو السند الآخر الذي أو ما إليه ابن عساكر في الرواية نفسها.

وهذا السند الآخر ـ عن ابن أبي شيبة ـ ذكره ـ قبل أبي يعلى ـ ابن أبي عاصم في كتابه السنة فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي حدثنا هارون بن صالح عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي الجلاس قال : سمعت عليا يقول لعبد الله السبائي : ويلك ما أفضى إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء كتمته أحداً من الناس ، ولقد سمعته يقول : « إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً وإنك أحدهم ».

٣٠٩

ومع ان الألباني ـ محقق كتاب السنة هذا ـ ضعف هذه الرواية لجهالة في أبي الجلاس وهارون بن صالح ، فقد ذكر أن ابا يعلى اخرجه من طريقين آخرين عن الأسدي به.

وفوق ذلك كله فقد نقل « الهيثمي » الرواية في مجمعه عن أبي الجلاس ثم قال : رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

أدعوهم لتحري الأمانة العلمية

بعد أن تحدثتم لنا عن الروايات التي جاءت متضافرة على ذكر ابن سبأ واكدت لنا وبجلاء حقيقة هذا الرجل وانه أسهم في إحداث العديد من الفتن المثيرة في صدر الإسلام هلا أشرتم إلى ما ابتدره د. عبدالعزيز الهلابي من اطروحات حول هذه القضية ، والتي كان لها أكبر السبب في ذيوعها وانتشارها بالشكل الذي جعل البعض يتصدى لها عبر الأطروحات المتعددة والتي جاء بعضها ـ وللأسف ـ دون مستوى التطلع حيث ركاكة الأسلوب وفجاجة المعاني ونأيها عن مبادئ الحوارات الرفيعة ؟

أول ما ابتدر الدكتور عبد العزيز الهلابي طرحه لهذه القضية عندما كتب في الحولية الثامنة ، الرسالة الخامسة من حوليات كلية الآداب بجامعة الكويت بحثه الذي سماه : « عبد الله بن سبأ دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة » وكان ذلك عام ١٩٨٦ / ١٩٨٧ م.

وقد بذل الدكتور في بحثه جهداً كبيراً فجمع كل ما استطاع جمعه من

٣١٠

روايات ـ وان كان لم يستوفها ـ وعلق واستنتج ، ودرس وقارن ، وأهم من ذلك كله أنه اقترب أو مارس في جوانب من بحثه منهج النقد العلمي الأصيل الذي يستخدم الاسناد ودرس أحوال الرواة ومن خلال هذا وذاك يستطيع الحكم على الرواية ـ وهو منهج يغيب مع أهميته عن كثير من الباحثين في التاريخ الاسلامي ـ وخاصة في الفترات الأولى من تاريخنا ، ولذا جاء اعتماد كثير من الدراستين على مرويات ساقطة لو كلفوا أنفسهم الرجوع إلى اسنادها ومعرفة أحوال رواتها لأعفاهم ذلك من جهود كبيرة ، ولم يضطروا ازاء كثير منها إلى الانكار أو الاعتذار عنها ! ويضيف د. العودة : وحين غاب هذا المنهج عن الدراسات التاريخية فقدت نوعا من المصادر المهمة لكتابة أحداث التاريخ الإسلامي ألا وهي ( كتب الرجال ) وهذا النوع من المصادر وان كان وضع أصلا لخدمة السنة النبوية إلاّ أن بالإمكان الاستفادة منه في جانب التاريخ ، وخاصة إذا علم أن هناك طائفة من المحدثين كان لهم إسهام في الرويات التاريخية بل ألف بعضهم في التاريخ كتباً خاصة ، وهناك طائفة من الرواة المكثرين في التاريخ كان لهم إسهام في المرويات الحديثية ـ وهي مع قلتها ـ مكنتهم من دخول كتب الرجال ، واهتمام أصحاب الجرح والتعديل بأحوالهم.

ومن المعلوم أن كتب الرجال تلك لا تمثل كتب تراجم عن هؤلاء المترجم لهم ، بقدر ما تعني بأحوال الرواة جرحاً أو تعديلاً ، وربما ساقت بعض الروايات التاريخية أثناء حديثها عن الراوي مشيرة إلى صحتها أو ضعفها كنماذج لتعديل هذا الراوي أو جرحه ، ومن هنا تاتي أهمية هذا النوع من المصادر في الكتابة التاريخية.

وأشار إلى أن من ميزان كتابة د. الهلابي أنه اقترب من هذا المنهج وان لم

٣١١

يوفه حقه ولذا جاء بحثه على الرغم من الجهد المبذول فيه تتخلله ثغرات كبيرة ، وتنقصه مرويات مهمة ، ـ في نظري ـ لو توصل إليها ، واستعمل فيها منهجه الذي استعمله مع مرويات سيف بن عمر التميمي ، لاختلفت نتائج بحثه التي انتهي إليها.

والحق ان الدكتور انتهى إلى نتيجة مؤسفة ، وقطع ـ دون أن يستكمل البحث ـ بكون عبد الله بن سبأ لا يعدو أن يكون « شخصية وهمية لم يكن لها وجود » كما قال ذلك في الأسطر الأخيرة في بحثه.

وليت الدكتور حين أعلن هذه النتيجة احترز قائلاً ـ هذا فيما وصلت إليه من نصوص ، أو طالعته من مدونات توفرت لي حين البحث ـ لكان الأمر أخف وان كان فيه ما فيه من الاستعجال والتسرع في الأحكام.

وليت الدكتور ـ أيضاً ـ عرض آراءه وتحليلاته ، وترك للقارئ فرصة الحكم من خلال الدراسة ـ في مسألة تعتبر محل اجماع من لدن سلف الأمة ، والحكم بخلافها نوع من تسفيه أحلام السابقين ، وهي على الأقل تحتاج إلى مزيد من التروي قبل الحكم ، بل ربما أدى إلى التشكيك في هذا التراث الضخم الذي خلفوه ، وأظن الدكتور يعلم أن هناك طائفة من أبناء جلدتنا يتكلمون بالسنتنا ولهم ولع بالجديد المحدث ـ أيا كان ويرمون هجر القديم مهما كان ، وهي محاولة لبتر الأمة ، وقطع صلة الأجيال بتراثها فهل تنبه الدكتور إلى هذه النتيجة التي انتهى إليها ، وعلم مكمن الخطر فيها بالنسبة لتراثنا ؟!

وأكد أن ذلك لا يعني الاستماتة في الدفاع عن هذا التراث بحقه وباطله ، فالباحثون المنصفون يعلمون أن هذا التراث يحوي الصحيح والسقيم ، وإذا كانت مهمة المتقدمين في جمع المرويات من أفواه الرواة لم تمكنهم أحيانا من

٣١٢

غربلتها وتمحيصها ـ كما أشار الطبري ، فإن مهمة اللاحقين بعدهم دراسة هذه المرويات واستخراج الصحيح. منها وطرح الضعيف ، وقال : لكن ذلك ينبغي ألاّ يدفعنا إلى التسرع في الأحكام ونحن بعد لم نستوعب هذا التراث الضخم وبالتالي نتسبب في اتهام هؤلاء السابقين بالبلادة والتقليد حين يؤكد اللاحق منهم ما رواه السابق ، ونهز ثقة الناشئة بهذا التراث الذي تتظافر مروياته وتتفق مدوناته على ذكر الحادثة !

وبين أن البحث والوصول إلى نتائج جديدة هو لب الدراسات الحديثة ، وهو المنتظر من الباحثين المحدثين ، لكن ـ ذلك ينبغي ألاّ يجرنا إلى تجريد هذا الهدف من أهداف أخرى تستلزمها الدراسة وتتطلبها النتائج التي ننتهي إليها ، وإلا أصبحت نتائجنا عاطفية وغير مقنعة !

وإذا كان يجب علينا أن نقدر ـ فيما نصل إليه من نتائج ـ حديث الأجيال اللاحقة لنا ، ربما قدر لها الاطلاع على ما لم نتمكن من الاطلاع عليه من مصادر البحث ، فمن باب أولى أن نقدر ما قد يصل إليه غيرنا من معاصرينا من نصوص لم نتمكن نحن من الوقوف عليها وهذا وذاك لا شك سيدفعنا إلى التروي أكثر ، وعلى عدم إصدار الأحكام جزافا !

وقد جاء من بعد الهلابي تلميذه المخلص الأخ حسن فرحان المالكي الذي الف كتابا تحت عنوان « نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي » توسع من خلاله في بسط فكر استاذه متناولاً للقضية من زوايا متعددة. وقد أهدى لي نسخة منه وطلب منى إبداء ملحوظاتي عليه فاستجبت لمطلب الأخ وكتبت مقالة مطولة بعنوان « الإنقاذ من دعاوي الانقاذ للتاريخ الاسلامي » وبعثت إلى جريدة الرياض.

٣١٣

د. سليمان العودة في سطور

• سليمان بن حمد بن عبد الله العودة.

• من مواليد مدينة بريدة بالقصيم بالسعوية عام ١٣٧٥ ه‍.

• ليسانس تاريخ من جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية بتقدير ممتاز.

• ماجستير بتقدير ممتاز ، من نفس الجامعة ، وعنوان البحث : « عبد الله ابن سبأ وأثره في إحداث الفتنة في صدر الاسلام ».

• دكتوراه بتقدير ممتاز ، من نفس الجامعة ، وعنوان البحث : « السيرة النبوية في الصحيحين عن ابن اسحاق ودراسة مقارنة في العهد المكي ».

• استاذاً مشاركاً مع مرتبة الشرف الأولى ، وعنوان البحث : « ابن سبأ والسبئية من غير طريق سيف بن عمر ».

• يعمل حاليا استاذاً مشاركاً بقسم التاريخ بكلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم.

٣١٤

د. سليمان العودة

يرد على المشككين في شخصية ابن سبأ

أخبار ابن سبأ والسبئية ليست قصراً على

سيف بن عمر (٢ / ٢)

صحيفة المسلمون ـ ١٢ ربيع الآخر ـ ١٤١٨ ه‍

في العدد الماضي كان الموضوع الأساسي للحوار شخصية عبد الله بن سبأ الذي توصل بعض الكتاب والمؤرخين المتأخرين إلى انه أسطورة من صنع الخيال ، مدركين صعوبة الحديث عن شخصية تعد من نسج الخيال لدى بعض الباحثين واسطورة في عداد الأساطير عند آخرين ، وان كان ذلك صعب فأصعب منه البحث والتنقيب عن آثار تلك الشخصية التي لابد أن يكون الغموض فيها أحد العوامل التي ساقت إلى إنكارها أو التشكيك فيها على الأقل.

٣١٥

وقد كانت احدى المرجعيات التي استند إليها الذين أنكروا شخصية ابن سبأ أن خبره إنما أتى عن طريق سيف بن عمر التميمي وهو رواية مجروح. لذا فإن هذا الخبر لا يعمل به ويعد مكذوباً ومنكراً في رأيهم.

ومن خلال الحوار الذي أجريناه في العدد الماضي مع د. سليمان بن حمد العودة ـ أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم ـ اتضح لنا أن هناك العديد من الروايات التي توكد على وجود شخصية عبد الله ابن سبأ وأن هذه الروايات لا ينتهي سندها إلى سيف بن عمر.

وقد قام د. العودة بدكر هذه الروايات موضحاً لنا تدرجها ومعلقاً على أسانيدها.

وفي هذا العدد نكمل بقية الحوار معه لنقف على بعض القضايا التي تدور حول هذا الموضوع من خلال بعض التساؤلات المطروحة.

جرأة عجيبة

بعد أن أفصحتم عن الروايات التي أوردت لنا خبر ابن سبأ وبينتم لنا النقد السندي للروايات التي تكفي واحدة منها لتأكيد حقيقة وجود ابن سبأ من طرق لا وجود لسيف بن عمر فيها فكيف وهي تتضافر ومن طريق مختلفة على تأكيد هذه الحقيقة ، ألا ترون أن إصرار د. عبدالعزيز الهلابي وتلميذه حسن المالكي على إثبات أن أخبار ابن سبأ إنما وردت عن طريق سيف بن عمر فقط ولم ترد من طرق أخرى فيه إعراض عن الحق وتجاهل للحقيقة التي هي أنصع

٣١٦

من الشمس ، ثم هل يصح القول بأن سيف بن عمر هو الرواية المنفرد بذكر أخبار عبد الله بن سبأ ؟

هذا السؤال سبق لي أن تعرضت له في كتابي عن ابن سبأ ودوره في إحداث الفتنة واجبت عليه قائلا : والذي يتبين لنا من خلال البحث أن سيفا ليس هو المصدر الوحيد لأخبار ابن سبأ ثم سقت ثلاث روايات مختصرة من تاريخ ابن عساكر لا ينتهي سندها عند سيف ولم أقف عند إسنادها طويلاً أكثر من إحالتي إلى رأي المحقق الألباني فيها ظنا مني أن الموضوع لا يعدو ان يكون مجرد آراء عفا عليها الزمن ، لكنني حين طالعت الرسالة الأخيرة للدكتور عبدالعزيز الهلابي بعنوان : « عبد الله بن سبأ دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة » والتي أشرت إليها في حديثتي آنفاً ، وجدت فيها تأكيداً على هذه الآراء بل وجرأة عجيبة على إحياء آراء مرتضى العسكري والذي قال وقتها : انني توقفت عن نشرها زهاء سبع ستين تهيبا لإثارة العواطف في الشرق المسلم !

ود. الهلابي لم يتردد أو يتهيب بل قال في مقالة المنشور عام ١٩٨٦ م في حولية كلية الآداب ما نصه : ينفرد الإخباري سيف بن عمر التميمي من بين قدامي الإخباريين والمؤرخين المسلمين بذكر عبد الله بن سبأ في روايته.

ويقول في موضع آخر : لا أعلم فيما اطلعت عليه من المصادر المتقدمة أي ذكر لعبد الله بن سبأ عند غير سيف بن عمر سوى رواية واحدة عند البلاذري وهذه الرواية يكتنفها الكثير من الغموض.

والغريب في الأمر أن الهلابي حينما أشار إلى الرواية الوحيدة ـ حسب ما انتهى إليه ـ عند البلاذري ، والتي تذكر ابن سبأ من غير طريق سيف ، شكك فيها قائلا : « ومما يلاحظ على هذا النص ان أحداً من الذين ذكروا ابن سبأ لم

٣١٧

يذكر أن اسمه عبد الله بن وهب الهمداني » ، وهذا القطع منه مجازفة تفتقر إلى الدليل ، بل النصوص تؤكد خلافه ، فأبو خلف الأشعري القمي المتوفي سنة ٣٠١ سمى ابن سبأ ب‍ « عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني ».

وأغرب من ذلك أن يقبل الدكتور بنص كتاب « الامامة والسياسة » وفيه ـ بدل ابن سبأ ـ عبد الله بن وهب الراسبي ـ زعيم الخوارج ـ وأحد أصحاب علي الذين تم اللقاء معهم بعد صفين وقبل خروج الخوارج في النهروان على أثر فشل التحكيم ـ كما يقول الدكتور ـ وهو الذي أنكر في مقالة أخرى الدور المنسوب للقرّاء في الحرب والتحكيم.

مغالطة :

إذن ماذا بقى لأصحاب الرأي القائل بأنّ سيفا وحده قد تفرد بمرويات عبد الله بن سبأ ؟

للإجابة على هذا السؤال أحب أن أورد في هذا الصدد رأياً لأحد الباحثين في شخصية ابن سبأ خلص منه إلى القول :

« ان المتعلق برواية سيف بن عمر ليس إلا مغالطة يتحمل وزرها كل من يقول بها » !

ذكرتم لنا الروايات التي ساقت أخبار ابن سبأ ونجد أن جميعها إنما جاء عن طريق أصحاب التاريخ ، فهل نعتبر مسالة ذكر ابن سبأ قصراً على أصحاب التاريخ وحدهم ؟

هذه المسألة ليست قصراً على أصحاب التاريخ فحسب ، انما ذكرها

٣١٨

غيرهم وهم كالتالي :

ابن أبي عاصم المتوفي سنة ٢٨٧ ه‍ في كتاب السنة.

أبو يعلى الموصلي المتوفي سنة ٣٠٧ ه‍.

والعقيلي المتوفي سنة ٣٢٢ ه‍ فقد نقل في ترجمة محمد بن السائب الكلبي أنه كان يضرب صدره ويقول : سبئي أنا سبئي ، ثم يعلق العقيلي على ذلك بقوله :

قال أبو جعفر : هم صنف من الرافضة أصحاب عبد الله بن سبأ.

وإذا كان هؤلاء العلماء قد ذكروا عبد الله بن سبأ صراحة فهناك غيرهم ممن أومأ إليه تلميحاً لا تصريحاً.

على أن هناك من الباحثين من يرى تواتر قصه ابن سبأ لأنها وردت في المصادر المشهورة كالحافظ وابن قتيبة ، والناشىء الأكبر ، والقمي ، والنوبحتي والبغدادي ، والشهرستاني ـ وغيرهم بنصوص يختلف بعضها عن بعض ، مما يؤكد عدم تفرد سيف أو الطبري بذكرها.

نلاحظ أن الهلابي يحاول أن يفصل بين شخصية ابن سبأ والسبئية ، فما موقفكم من هذا التوجه ؟

الهلابي يحاول أن يفصل بينهما ويقطع الصلة بين السبئية وابن سبأ ، فيقول : أما السبئية فقد وردت مراراً في المصادر المتقدمة عند غير سيف بن عمر ، ويبدو انه كان يقصد بها السب والتعيير.

ثم يعرض عدداً من النصوص لتدعيم وجهة نظره وينتهي إلى السؤال التالي : إذن من اين جاءت كلمة « السبئية » وماذا تعني ثم يجيب : إن أيسر الأجوبة على هذا السؤال هو أن نفهمها على أنها منسوبة إلى عبد الله بن سبأ

٣١٩

الذي ذكره سيف بن عمر ومؤلفو كتب الفرق وبعض كتب الأدب ، وهذا فيه تدعيم للدراسين الذين بنوا دراساتهم عن ابن سبأ والسبئية على رواية سيف بن عمر ومؤلفي كتب الفرق وبعض كتب الأدب ، ولكن في الحقيقة ـ كما يقول الدكتور ـ لا يمكن الأخذ بهذا التفسير بحيث إنه لا يمكن وصف أي جماعة ممن اطلقت عليهم « السبئية » في المصادر التي استخدمناها آنفاً بأن لها صلة بابن سبأ المزعوم أو معتقداته ونتوقف عنده هذه النقطة معلقين بما يلى :

وقفت على عدة نصوص عن السبئية أقدم وأوثق مما ذكره « الهلابي » فوق ما سبق تدوينه في كتاب عبد الله بن سبأ ص ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ومن هذه النصوص : نص عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال ابن عدي في ترجمة محمد بن السائب الكلبي : حدثنا الساجي ، ثنا ابن المثنى ، ثنا عثمان بن الهيثم ، ثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس قال : « إذا كثرت القدرية بالبصرة استكفت أهلها ، وإذا كثرت السبئية بالكوفة استكفت أهلها ».

نص عن الشعبي : وقال ابن عدي : أخبرنا الساجي ، قال ثنا ابن المثنى ، ثنا أبو معاوية ، ثنا سعيد الهمداني ، قال سمعت الشعبي يقول : دست هذه الأهواء كلها بقدمي فلم أر قوما أحمق من هذه السبئية.

نص عن الأعمش : ونقل ابن عدي بسنده قال : أخبرنا الساجي ، ثنا أبي المثنى ، ثنا أبو معاوية قال الأعمش : « اتق هذه السبئية فإني أدركت الناس وإنما يسمونهم الكذابين ».

وبالإسناد إلى محمد بن هارون بن حميد ، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري ، عن إبي معاوية الضرير عن الأعمش قال : « أدركت الناس يسمونهم الكذابين ».

٣٢٠