ابن الفاسق ، أأنت ممن يستنصحه المسلمون أو يستشيرونه في أمورهم ، وارتفعت الأصوات ، ونادى مناد لا يدري من هو ، فقريش تزعم انه رجل من بني مخزوم ، والأنصار تزعم أنه رجل طوال آدم مشرف على الناس ، لا يعرفه أحد منهم ، يا عبد الرحمن ، افرغ من أمرك ، وامض على ما في نفسك فانه الصواب.
قال الشعبي : فأقبل عبد الرحمن على علي بن أبي طالب ، فقال : عليك عهد الله وميثاقه ، وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وميثاق : ان بايعتك لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر ، وعمر ، فقال علي عليه السلام : طاقتي ومبلغ علمي وجهدي رأيي ، والناس يسمعون.
فأقبل على عثمان ، فقال له مثل ذلك فقال : نعم لا أزول عنه ولا أدع شيئا منه.
ثم أقبل على علي فقال له ذلك ثلاث مرات ، ولعثمان ثلاث مرات ، في كل ذلك يجيب علي مثل ما كان أجاب به ، ويجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به.
فقال : ابسط يدك يا عثمان ، فبسط يده فبايعه ، وقام القوم فخرجوا ، وقد بايعوا إلا علي بن أبي طالب ، فانه لم يبايع.
قال : فخرج عثمان على الناس ووجهه متهلل ، وخرج علي وهو كاسف البال مظلم ، وهو يقول : يا ابن عوف ، ليس هذا بأول يوم تظاهرتم علينا ، من دفعنا عن حقنا والاستئثار علينا ، وآنها لسنة علينا ، وطريقة تركتموها.
فقال المغيرة بن شعبة ، لعثمان : أما والله لو بويع غيرك لما بايعناه ، فقال عبد الرحمن بن عوف : كذبت ، والله لو بويع غيره لبايعته ، وما أنت وذاك يا ابن الدباغة ، والله لو وليها غيره لقلت له مثل ما قلت الآن ، تقربا إليه وطمعا في الدنيا ، فاذهب لا أبا لك.
قال المغيرة : لولا مكان أمير المؤمنين لاسمعتك ما تكره ، ومضيا.