إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551

إعلام الورى بأعلام الهدى

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف:

ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551
المشاهدات: 76882
تحميل: 6613


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76882 / تحميل: 6613
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 2

مؤلف:
ISBN: 964-319-011-0
العربية

( الفصل الرابع )

في ذكر بعض مناقبه وفضائلهعليه‌السلام

كانعليه‌السلام قد بلغ في كمال العقل والفضل والعلم والحكم والأدب ـ مع صغر سنه ـ منزلة لم يساوه فيها أحد من ذوي السنّ من السادات وغيرهم ، ولذلك كان المأمون مشغوفا به لما رأى من علوّ رتبته وعظم منزلته في جميع الفضائل ، فزوّجه ابنته أمّ الفضل ، وحملها معه إلى المدينة ، وكان متوفّرا على تعظيمه وتوقيره وتبجيله.

وروي عن الريّان بن شبيب : أنّ المأمون لمّا أراد أن يزوّجه ابنته استكبر ذلك جماعة العبّاسيّة ، وخاضوا في ذلك ، وقالوا للمأمون : ننشدك الله أن تقيم على هذا الأمر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ، فإنّا نخاف أن تخرج به عنّا أمرا قد ملّكناه الله! وتنزع عنّا عزّا قد ألبسناه الله وقد كنّا في وهلة من عملك مع الرضا حتّى كفانا الله المهم من ذلك! فقال المأمون : والله ما

ندمت على ما كان منّي من استخلاف الرضا ، ولقد سألته أن يقوم بالأمر وانزعه من عنقي فأبى ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ، وأمّا أبو جعفر فقد اخترته لتبريزه على كافّة أهل الفضل مع صغر سنّه والاعجوبة فيه بذلك.

فقالوا له : إنّه صبيّ لا معرفة له ، فأمهله ليتأدّب ويتفقّه في الذين ثمّ اصنع ما تراه.

فقال لهم : ويحكم ، إنّي أعرف بهذا الفتى منكم ، وإنّ أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى وموادّه وإلهامه ، ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال ، فإن شئتم فامتحنوا أبا

١٠١

جعفر حتّى يتبيّن لكم ما وصفت لكم من حاله.

قالوا : قد رضينا بذلك.

فخرجوا ، واتّفق رأيهم على أنّ يحيى بن أكثم يسأله مسألة ـ وهو قاضي الزمان ـ فأجابهم المأمون إلى ذلك.

واجتمع القوم في يوم اتّفقوا عليه ، وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر دست(1) ، ويجعل له فيه مسورتان ، ففعل ذلك ، وخرج أبو جعفر ـ وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر ـ فجلس بين المسورتين ، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه ، وقام الناس في مراتبهم ، والمأمون جالس في دست متّصل بدست أبي جعفرعليه‌السلام ، فقال يحيى بن أكثم للمأمون : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر؟

فقال : استأذنه في ذلك.

فأقبل عليه يحيى وقال : أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟

فقال : « سل إن شئت ».

فقال : ما تقول ـ جعلت فداك ـ في محرم قتل صيدا؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « في حلّ أو حرم؟ عالما كان المحرم أو جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرّا كان المحرم أو عبدا؟ صغيرا كان أم كبيرا؟ مبتدئا كان بالقتل أم معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد كان أم كبارها؟ مصرّا كان على ما فعل أم نادما؟ ليلا كان قتله للصيد أم نهارا؟ محرما كان بالعمرة إذ قتله أو بالحجّ كان محرما؟ ».

فتحيّر يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع ، وتلجلج حتّى عرف أهل المجلس أمره ، فقال المأمون : الحمد لله على هذه النعمة

__________________

(1) دست : كلمة معرّبة ، ويراد بها جانب من البيت.

١٠٢

والتوفيق لي في الرأي ، ثمّ قال لأبي جعفرعليه‌السلام : اخطب لنفسك ، فقد رضيتك لنفسي وأنا مزوّجك أمّ الفضل ابنتي.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « الحمد لله إقرارا بنعمته ، ولا إله إلاّ الله إخلاصا لوحدانيّته ، وصلّى الله على محمّد سيّد بريّته ، وعلى الأصفياء من عترته.

أمّا بعد : فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه :( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (1) ثمّ إنّ محمد بن علي بن موسى يخطب أمّ الفضل ابنة عبد الله المأمون ، وقد بذل لها من الصداق مهر جدّته فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو خمسمائة درهم جيادا ، فهل زوّجته يا أمير المؤمنين بها على الصداق المذكور؟ »

فقال المأمون : نعم ، قد زوّجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح؟

قال أبو جعفر : « نعم ، قبلت النكاح ورضيت به ».

فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم.

قال الريّان : فلم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاّحين ، فإذا الخدم يجرّون سفينة مصنوعة من فضّة تشدّ بحبال الأبريسم على عجلة مملوّة من الغالية(2) ، ثمّ أمر المأمون أن تخضب لحى الخاصّة من تلك الغالية ، ثمّ مدّت إلى دار العامّة ، وطيّبوا بها ، ووضعت الموائد وأكل الناس ،

__________________

(1) النور 24 : 32.

(2) الغالية : نوع من الطيب مركّب من مسك وعنبر وعود ودهن. « لسان العرب 15 : 134 ».

١٠٣

وخرجت الجوائز إلى كلّ قوم على قدرهم.

فلمّا تفرّق الناس وبقي من الخاصّة من بقي قال المأمون لأبي جعفر : إن رأيت جعلت فداك أن تذكر تفصيل ما ذكرته من الفقه في قتل المحرم فعلت.

فقال أبو جعفر : « نعم ». وأجاب عن جميع المسائل بما هو مشهور.

فقال له المأمون : أحسنت ، أحسن الله إليك يا أبا جعفر ، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك.

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « اخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أوّل النهار فكان نظره إليها حراما عليه ، فلمّا ارتفع النهار حلّت له ، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر حلّت له ، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه ، فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلمّا كان انتصاف الليل حرمت عليه ، فلمّا طلع الفجر حلّت له ، ما حال هذه المرأة ، وبما ذا حلّت له وحرمت عليه؟ »

فقال يحيى : لا أعرف ذلك ، فإن رأيت أن تفيدنا.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « هذه المرأة أمة لرجل من الناس ، نظر إليها [ أجنبي ](1) أوّل النهار [ فكان نظره إليها حراما ](2) فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له ، فلمّا كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه ، ثم تزوجها وقت العصر فحلّت له ، ثمّ ظاهر منها وقت المغرب فحرمت عليه ، ثمّ كفّر عن الظهار وقت العشاء فحلّت له ، ثمّ طلّقها واحدة نصف الليل فحرمت عليه ، ثمّ راجعها وقت الفجر فحلّت له ».

فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته وقال : ويحكم ، إنّ أهل هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل ، وإنّ صغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال ، أما علمتم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله افتتح

__________________

( 1 ـ 2 ) ما بين المعقوفين اثبتناه من الارشاد ليستقيم السياق.

١٠٤

دعوته بدعاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الإسلام ، وحكم الله له به ، ولم يدع أحدا في سنّه غيره ، وبايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما ابنا دون الستّ سنين ولم يبايع صبيّا غيرهما ، فإنّهم ذرّيّة بعضها من بعض ، يجري لآخرهم ما يجري لأوّلهم.

قالوا : صدقت يا أمير المؤمنين. ثمّ نهض القوم.

فلمّا كان من الغد أحضر الناس ، وحضر أبو جعفرعليه‌السلام ، وصار القوّاد والحجّاب والخاصّة والعمّال لتهنئة المأمون وأبي جعفر ، فاخرجت ثلاثة أطباق من الفضّة فيها بنادق مسك وزعفران معجون ، في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنيّة واقطاعات ، فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصّته ، فكلّ من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق له ، ووضعت البدر فنثر ما فيها على القوّاد وغيرهم ، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا ، ولم يزل مكرما لأبي جعفرعليه‌السلام يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته(1) .

ولمّا انصرف أبو جعفرعليه‌السلام من عند المأمون ببغداد ومعه أمّ الفضل إلى المدينة ، صار إلى شارع باب الكوفة والناس يشيّعونه ، فانتهى إلى دار المسيّب عند مغيب الشمس ، فنزل ودخل المسجد ، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز فيه ماء فتوضّأ في أصل النبقة وقام وصلّى بالناس صلاة المغرب ، فقرأ في الاولى « بالحمد » و « إذا جاء نصر الله » وفي الثانية « بالحمد » و « قل هو الله أحد » وقنت قبل الركوع ، وجلس بعد التسليم

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 281 ، وباختلاف يسير في : الاحتجاج : 443 ، ونحوه في : اثبات الوصية : 189 ، دلائل الامامة : 206 ، روضة الواعظين : 237 ، الفصول المهمة : 267 ، ودون ذيله في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 380.

١٠٥

هنيهة يذكر الله تعالى ، وقام من غير تعقيب فصلّى النوافل أربع ركعات ، وعقّب بعدها ، وسجد سجدتي الشكر ثمّ خرج ، فلمّا انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا كثيرا حسنا ، فتعجّبوا من ذلك ، فأكلوا منها فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له ، ومضىعليه‌السلام إلى المدينة(1) .

ولم يزل بها حتّى أشخصه المعتصم إلى بغداد في أوّل سنة ( خمس وعشرين )(2) ومائتين ، فأقام بها حتّى توفي في آخر ذي القعدة من هذه السنة(3) .

وقيل : إنّه مضىعليه‌السلام مسموما(4) .

وخلّف من الولد : ابنه علياعليه‌السلام الإمام ، وموسى(5) .

( ويقال : و)(6) فاطمة ، وامامة ابنتيه ، ولم يخلّف غيرهم(7) .

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 288 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 390 ، كشف الغمة 2 : 370 ، الفصول المهمة : 270.

(2) كذا في نسخنا والصواب : عشرين.

انظر : الكافي 1 : 411 و 416 / 12 ، ارشاد المفيد 2 : 273 و 295 ، تاريخ أهل البيت عليهم‌السلام : 85 ، كشف الغمة 2 : 370 ، الفصول المهمة : 275.

(3) ارشاد المفيد 2 : 289 ، كشف الغمة 2 : 370 ، الفصول المهمة : 275 ، وانظر : الكافي 1 : 411 و 416 / 12 ، تاريخ أهل البيتعليهم‌السلام : 85.

(4) ارشاد المفيد 2 : 295 ، تفسير العياشي 1 : 320 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 379 ، دلائل الامامة : 209 ، كشف الغمة 2 : 370 ، الفصول المهمّة : 276 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 13 ذيل ح 12.

(5) في نسخة « م » زيادة : ومن البنات حكيمة وخديجة وأم كلثوم.

(6) في نسخة « م » وقد قيل أنّه خلّف.

(7) ارشاد المفيد 2 : 295.

١٠٦

الباب التاسع )

في ذكر الإمام النقي أبي الحسن

علي بن محمد بن علي بن موسىعليهم‌السلام

١٠٧
١٠٨

( الفصل الأول )

في ذكر مولده ، ومبلغ سنّة ،

ووقت وفاته ، وموضع قبرهعليه‌السلام

ولدعليه‌السلام بصريا(1) من المدينة في النصف من ذي الحجّة سنة اثنتي عشرة ومائتين. وفي رواية ابن عيّاش : يوم الثلاثاء الخامس من رجب.

وقبض بسرّمن رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ احدى وأربعون سنة وأشهر ، وكان المتوكّل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة ابن أعين من المدينة إلى سرّ من رأى فأقام بها حتّى مضى لسبيله.

وكانت مدّة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة.

وامّه أمّ ولد يقال لها : سمانة(2) .

ولقبه : النقيّ ، والعالم ، والفقيه ، والأمين ، والطيّب ، ويقال له : أبو الحسن الثالث.

وكانت في أيّام إمامته بقيّة ملك المعتصم ، ثمّ ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر ، ثمّ ملك المتوكّل أربع عشرة سنة ، ثمّ ملك ابنه المنتصر ستّة أشهر ، ثمّ ملك المستعين ـ وهو أحمد بن محمد بن المعتصم ـ سنتين وتسعة أشهر ، ثمّ ملك المعتزّ ـ وهو الزبير بن المتوكّل ـ ثماني سنين وستّة

__________________

(1) صريا : قرية أسسها الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة.

« مناقب آل أبي طالب 4 : 382 ».

(2) انظر : الكافي 1 : 416 ، ارشاد المفيد 2 : 297 ، تاج المواليد « مجموعة نفيسة » : 131 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 401 ، كشف الغمة 2 : 376.

١٠٩

أشهر ، وفي آخر ملكه استشهد وليّ الله عليّ بن محمدعليهما‌السلام ودفنعليه‌السلام في داره بسرّمن رأى(1)

__________________

(1) تاج المواليد « مجموعة نفيسة » : 130 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 401.

١١٠

( الفصل الثاني )

في ذكر طرف من النص الدال على إمامتهعليه‌السلام

يدل على إمامتهعليه‌السلام ـ بعد الطريقتين اللتين تكرّر ذكرهما في الدلالة على إمامة آبائهعليهم‌السلام ـ ما ثبت من إشارة أبيه إليه وتوقيفه عليه :

وهو ما رواه محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران قال : لمّا اخرج أبو جعفرعليه‌السلام في الدفعة الأولى من المدينة إلى بغداد قلت له : إنّي أخاف عليك من هذا الوجه ، فإلى من الأمر بعدك؟

قال : فكرّ بوجهه إليّ ضاحكا وقال : « ليس حيث ظننت في هذه السنة ».

فلمّا استدعي به إلى المعتصم صرت إليه فقلت : جعلت فداك أنت خارج فإلى من الأمر من بعدك؟

فبكى حتّى اخضلّت لحيته ، ثمّ التفت إليّ فقال : « عند هذه يخاف عليّ ، الأمر من بعدي إلى ابني عليّ »(1) .

محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن الخيراني ، عن أبيه ـ وكان يلزم باب أبي جعفر للخدمة التي وكّل بها ـ قال : كان أحمد بن محمد

__________________

(1) الكافي 1 : 260 / 1 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 298 ، روضة الواعظين : 244 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 408 ، كشف الغمة 2 : 376 ، ودون صدره في : الفصول المهمة : 277.

١١١

ابن عيسى الأشعري يجيء ليتعرّف خبر علّة أبي جعفرعليه‌السلام ، وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر وبين أبي إذا حضر قام أحمد بن محمد ابن عيسى وخلا به أبي ، فخرج ذات ليلة وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول ، واستدار أحمد حتى وقف حيث يسمع الكلام فقال الرسول لأبي : إنّ مولاك يقرأ عليك السلام ويقول : « إنّي ماض والأمر صائر إلى ابني عليّ ، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي » ثمّ مضى الرسول فرجع أحمد ابن محمد بن عيسى إلى موضعه وقال لأبي : ما الذي قال لك؟ قال : خيرا ، قال : فإنّني قد سمعت ما قال ، فأعاد إليه ما سمع ، فقال له أبي : قد حرّم الله عليك ذلك لأنّ الله تعالى يقول :( وَلا تَجَسَّسُوا ) (1) فأمّا إذا سمعت فاحفظ هذه الشهادة لعلّنا نحتاج إليها يوما ما ، وإيّاك أن تظهرها لأحد إلى وقتها.

فلمّا أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع بلفظها ، وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة ، وقال لهم : إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها.

قال : فلمّا مضى أبو جعفرعليه‌السلام لبث أبي في منزله ، فلم يخرج حتّى اجتمع رؤساء الإماميّة عند محمد بن الفرج الرخّجيّ يتفاوضون في القائم بعد أبي جعفر ويخوضون في ذلك ، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماع القوم عنده ، وأنّه لو لا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ، وسأله أن يأتيه.

فركب أبي وصار إليه ، فوجد القوم مجتمعين عنده ، فقالوا لأبي : ما تقول في هذا الأمر؟

فقال أبي لمن عنده الرقاع : احضروها ، فأحضروها وفضّها وقال : هذا

__________________

(1) الحجرات 49 : 12.

١١٢

ما امرت به.

فقال بعض القوم : قد كنّا نحبّ أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر.

فقال لهم أبي : قد أتاكم الله ما تحبّون ، هذا أبو جعفر الأشعريّ يشهد لي بسماع هذه الرسالة. وسأله أن يشهد فتوقّف أبو جعفر ، فدعاه أبي إلى المباهلة وخوّفه بالله ، فلمّا حقّق عليه القول قال : قد سمعت ذلك ، ولكني توقّفت لأنّي أحببت أن تكون هذه المكرمة لرجل من العرب!!

فلم يبرح القوم حتّى اعترفوا بإمامة أبي الحسنعليه‌السلام وزال عنهم الريب في ذلك(1) .

والأخبار في هذا الباب كثيرة ، وفي إجماع العصابة على إمامتهعليه‌السلام وعدم من يدعي فيها إمامة غيره غناء عن إيراد الأخبار في ذلك ، هذا وصوره ائمّتناعليهم‌السلام في هذه الأزمنة في خوفهم من أعدائهم وتقيّتهم منهم أحوجت شيعتهم في معرفة نصوصهم على من بعدهم إلى ما ذكرناه من الاستخراج ، حتّى أنّ أوكد الوجوه في ذلك عندهم دلائل العقول الموجبة للإمامة وما اقترن إلى ذلك من حصولها في ولد الحسينعليه‌السلام . وفساد أقوال ذوي النحل الباطلة ، وبالله التوفيق.

__________________

(1) الكافي 1 : 260 / 2 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 298 ، كشف الغمة 2 : 377.

١١٣

( الفصل الثالث )

في ذكر طرف من دلائله ومعجزاته

ومناقبه عليه السلام

محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن خيران الأسباطيّ قال : قدمت على أبي الحسن عليّ بن محمدعليهما‌السلام بالمدينة ، فقال لي : « ما خبر الواثق عندك؟ »

قلت : جعلت فداك ، خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهدا به ، عهدي به منذ عشرة أيّام.

قال : فقال : « إنّ الناس يقولون : إنّه مات »(1) فعلمت أنّه يعني نفسه ، ثمّ قال : « ما فعل جعفر؟ » قلت : تركته أسوأ الناس حالا في السجن.

قال : فقال : « أما إنّه صاحب الأمر ، ما فعل ابن الزيّات؟ » قلت : الناس معه والأمر أمره.

فقال : « أمّا إنّه شؤم عليه » ثمّ سكت وقال لي : « لا بدّ أن تجري مقادير الله وأحكامه ، يا خيران ، مات الواثق ، وقعد المتوكّل جعفر ، وقتل ابن الزيّات ».

قلت : متى جعلت فداك؟

فقال : « بعد خروجك بستّة أيّام »(2) .

__________________

(1) في الكافي : ان أهل المدينة يقولون : انه مات.

(2) الكافي 1 : 416 / 1 ، وكذا في : الهداية الكبرى : 214 ، ارشاد المفيد 2 : 301 ، روضة

١١٤

وبهذا الإسناد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن عليّ بن محمد النوفليّ قال : قال لي محمد بن الفرج الرخّجي : إنّ أبا الحسنعليه‌السلام كتب إليه : « يا محمد ، أجمع أمرك ، وخذ حذرك ».

قال : فأنا في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد بما كتب ، حتّى ورد عليّ رسول حملني من وطني(1) مصفّدا بالحديد ، وضرب على كلّ ما أملك ، فمكثت في السجن ثماني سنين ، ثمّ ورد عليّ كتاب منه وأنا في السجن : « يا محمد بن الفرج ، لا تنزل في ناحية الجانب الغربي » فقرأت الكتاب وقلت في نفسي : يكتب أبو الحسن إليّ بهذا وأنا في السجن إنّ هذا لعجب! فما مكثت إلاّ أيّاما يسيرة حتّى أفرج عنّي ، وحلّت قيودي ، وخلّي سبيلي.

قال : وكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله تعالى أن يردّ عليّ ضيعتي ، فكتب إليّ : « سوف تردّ عليك وما يضرّك ألاّ تردّ عليك ».

قال عليّ بن محمد النوفليّ : فلمّا شخص محمد بن الفرج الرخّجي إلى العسكر كتب إليه بردّ ضياعه ، فلم يصل الكتاب حتّى مات.

قال النوفليّ : وكتب عليّ بن الخصيب إلى محمد بن الفرج بالخروج إلى العسكر ، فكتب إلى أبي الحسنعليه‌السلام يشاوره ، فكتب إليه : « اخرج ، فإنّ فيه فرجك إن شاء الله ».

فخرج ، فلم يلبث إلاّ يسيرا حتّى مات(2) .

__________________

الواعظين : 244 ، الخرائج والجرائح 1 : 407 / 13 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 410 ، كشف الغمة 2 : 378 ، الثاقب في المناقب : 534 / 470 ، الفصول المهمة : 279

(1) في الكافي والارشاد : مصر.

(2) الكافي 1 : 418 / 5 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 304 ، الخرائج والجرائح 2 : 679 / 9 ،

١١٥

وذكر أحمد بن محمد بن عيسى قال : أخبرني أبو يعقوب قال : رأيت محمد بن الفرج قبل موته بالعسكر في عشيّة من العشايا وقد استقبل أبا الحسنعليه‌السلام فنظر إليه نظرا شافيا ، فاعتلّ محمد بن الفرج من الغد ، فدخلت عليه عائدا بعد أيّام من علّته ، فحدّثني أنّ أبا الحسنعليه‌السلام قد أنفذ إليه بثوب وأرانيه مدرجا تحت رأسه.

قال : فكفّن والله فيه.

وذكر أيضا عن أبي يعقوب قال : رأيت أبا الحسنعليه‌السلام مع أحمد بن الخصيب يتسايران وقد قصر أبو الحسنعليه‌السلام عنه ، فقال له ابن الخصيب : سر جعلت فداك.

فقال له أبو الحسنعليه‌السلام : « أنت المقدّم ».

فما لبثنا إلاّ أربعة أيّام حتّى وضع الدّهق(1) على ساق ابن الخصيب وقتل.

قال : وألحّ عليه ابن الخصيب في الدار التي كان قد نزلها وطالبه بالانتقال منها وتسليمها إليه ، فبعث إليه أبو الحسنعليه‌السلام : « لأقعدنّ بك من الله مقعدا لا تبقى لك معه باقية ».

فأخذه الله في تلك الأيّام(2) .

__________________

المناقب لابن شهرآشوب 4 : 409 و 414 ، كشف الغمة 2 : 380 ، الثاقب في المناقب : 534 / 471 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 140 / 25.

(1) الدهق ( بالتحريك ) : ضرب من العذاب ، وهو من خشبتان يغمز بهما الساق. « انظر : الصحاح ـ دهق ـ 4 : 1478 ، القاموس المحيط 3 : 233 ».

(2) الكافي 1 : 419 / 6 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 306 ، كشف الغمة 2 : 380 ، وورد ذيلها في : الخرائج والجرائح 2 : 681 / 11 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 407 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 139 / 23 ، و 24

١١٦

ومما شاهده أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ من دلائلهعليه‌السلام وسمعته من السيّد الصالح أبي طالب الحسيني القصيّرحمه‌الله ، بالإسناد الذي تقدّم ذكره عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عيّاش قال : حدّثني أبو طالب عبد الله بن أحمد بن يعقوب قال : حدّثنا الحسين بن أحمد المالكيّ الأسديّ قال : أخبرني أبو هاشم الجعفريّ قال : كنت بالمدينة حين مرّ بها بغاء أيّام الواثق في طلب الأعراب ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : « اخرجوا بنا حتّى ننظر إلى تعبئة هذا التركيّ ».

فخرجنا فوقفنا ، فمرّت بنا تعبئته ، فمرّ بنا تركيّ فكلّمه أبو الحسنعليه‌السلام بالتركيّة فنزل عن فرسه فقبّل حافر دابّته.

قال : فحلّفت التركيّ وقلت له : ما قال لك الرجل؟

قال : هذا نبيّ؟

قلت : ليس هذا بنبيّ.

قال : دعاني باسم سمّيت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلى الساعة(1) .

قال أبو عبد الله بن عيّاش : وحدّثني عليّ بن حبشيّ بن قوني قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدّثنا أبو هاشم الجعفريّ قال : دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام فكلّمني بالهنديّة فلم أحسن أن أردّ عليه ، وكان بين يديه ركوة ملأى حصى فتناول حصاة واحدة ووضعها في فيه فمصّها ( ثلاثا )(2) ، ثمّ رمى بها إليّ ، فوضعتها في فمي ، فو الله ما برحت من

__________________

(1) الخرائج والجرائح 2 : 674 / 4 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 408 ، الثاقب في المناقب : 538 / 478 ، كشف الغمة 2 : 397 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 124 / 1

(2) في نسخة « م » : مليّا.

١١٧

عنده حتّى تكلّمت بثلاثة وسبعين لسانا أوّلها الهندية(1) .

قال ابن عيّاش : وحدّثني عليّ بن محمد المقعد قال : حدّثني يحيى ابن زكريّا الخزاعي ، عن أبي هاشم قال : خرجت مع أبي الحسنعليه‌السلام إلى ظاهر سرّ من رأى نتلقّى بعض الطالبيّين ، فأبطأ ، فطرح لأبي الحسنعليه‌السلام غاشية السرج فجلس عليها ، ونزلت عن دابّتي وجلست بين يديه وهو يحدّثني ، وشكوت إليه قصور يدي ، فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالسا فناولني منه أكفّا وقال : « اتّسع بهذا يا أبا هاشم واكتم ما رأيت ».

فخبأته معي ورجعنا ، فأبصرته فإذا هو يتّقد كالنيران ذهبا أحمر ، فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت له : أسبك لي هذا ، فسبكه وقال : ما رأيت ذهبا أجود منه وهو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا فما رأيت أعجب منه؟

قلت : هذا شيء عندنا قديما تدّخره لنا عجائزنا على طول الأيّام(2) .

قال ابن عيّاش : وحدّثني أبو طاهر الحسن بن عبد القاهر الطاهري قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن الأشتر العلويّ قال : كنت مع أبي على باب المتوكّل ـ وأنا صبيّ ـ في جمع من الناس ما بين عباسي إلى طالبيّ إلى جندي ، وكان إذا جاء أبو الحسن ترجّل الناس كلّهم حتّى يدخل ، فقال بعضهم لبعض : لم نترجّل لهذا الغلام وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنا؟! والله لا ترجلنا له.

فقال أبو هاشم الجعفريّ : والله لترجلنّ له صغرة إذا رأيتموه.

__________________

(1) الخرائج والجرائح 2 : 673 / 2 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 408 ، كشف الغمة 2 : 397 ، الثاقب في المناقب : 533 / 469 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 136 / 17

(2) الخرائج والجرائح 2 : 673 / 3 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 409 ، الثاقب في المناقب : 532 / 467 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 138 / 32.

١١٨

فما هو إلاّ أن أقبل وبصروا به حتّى ترجّل له الناس كلّهم ، فقال لهم أبو هاشم : أليس زعمتم أنّكم لا تترجلون له؟

فقالوا له : والله ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجّلنا(1) .

قال : وحدّثني أبو القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الصالحيّ ـ من آل إسماعيل بن صالح ، وكان أهل بيته بمنزلة من السادةعليهم‌السلام ، ومكاتبين لهم ـ : أنّ أبا هاشم الجعفريّ شكا إلى مولانا أبي الحسن عليّ بن محمدعليه‌السلام ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد ، وقال له : يا سيّدي ادع الله لي ، فما لي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه.

فقال : « قوّاك الله يا أبا هاشم ، وقوّى برذونك ».

قال : فكان أبو هاشم يصلّي الفجر ببغداد ويسير على البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك عسكر سرّ من رأى ، ويعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على ذلك البرذون بعينه ، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت(2) وروى محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد الطاهري قال : مرض المتوكّل من خراج خرج به فأشرف منه على الموت ، فلم يجسر أحد أن يمسّه بحديد ، فنذرت امّه ان عوفي ان تحمل إلى أبي الحسنعليه‌السلام مالا جليلا من مالها.

وقال الفتح بن خاقان للمتوكل : لو بعثت إلى هذا الرجل ـ يعني أبا

__________________

(1) الخرائج والجرائح 2 : 675 / 7 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 407 ، الثاقب في المناقب : 542 / 484 ، كشف الغمة 2 : 398 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 137 / 20.

(2) اثبات الوصية : 202 ، الخرائج والجرائح 2 : 672 / 1 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 309 ، الثاقب في المناقب : 544 / 486 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 137 / 21.

١١٩

الحسن ـ فإنّه ربّما كان عنده صفة شيء يفرّج الله تعالى به عنك.

فقال : ابعثوا إليه.

فمضى الرسول ورجع فقال : خذوا كسب(1) الغنم فديفوه بماء ورد ، وضعوه على الخراج فإنّه نافع بإذن الله تعالى.

فجعل من يحضر المتوكّل يهزأ من قوله ، فقال لهم الفتح : وما يضرّ من تجربة ما قال ، فو الله إنّي لأرجو الصلاح به.

فاحضر الكسب وديف بماء الورد ووضع على الخراج ، فخرج منه ما كان فيه ، وبشّرت أمّ المتوكّل بعافيته ، فحملت إلى أبي الحسنعليه‌السلام عشرة آلاف دينار تحت ختمها ، واستقلّ المتوكّل من علّته.

فلما كان بعد أيّام سعى البطحائي بأبي الحسنعليه‌السلام إلى المتوكّل ، وقال : عنده أموال وسلاح ، فتقدّم المتوكل إلى سعيد الحاجب أن يهجم عليه ليلا ويأخذ ما يجد عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه.

قال إبراهيم : قال لي سعيد الحاجب : صرت إلى دار أبي الحسنعليه‌السلام بالليل ومعي سلّم فصعدت منه على السطح ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة ، فلم أدر كيف أصل إلى الدار ، فناداني أبو الحسنعليه‌السلام من الدار : « يا سعيد مكانك حتّى يأتوك بشمعة ».

فلم ألبث أن آتوني بشمعة ، فنزلت فوجدت عليه جبّة صوف وقلنسوة منها وسجّادة على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة ، فقال لي : « دونك البيوت » فدخلتها وفتّشتها فلم أجد فيها شيئا ، ووجدت البدرة مختومة بخاتم أمّ المتوكّل وكيسا مختوما معها ، فقال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « دونك المصلّى » فرفعته فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس ، فأخذت ذلك وصرت

__________________

(1) الكسب : عصارة الدهن. « لسان العرب 1 : 717 ».

١٢٠