إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ٢

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551

إعلام الورى بأعلام الهدى

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف:

ISBN: 964-319-011-0
الصفحات: 551
المشاهدات: 76886
تحميل: 6613


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 551 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 76886 / تحميل: 6613
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 2

مؤلف:
ISBN: 964-319-011-0
العربية

وقال : اعجن هذا بيديك جميعا ، ففعلت.

ثمّ قام وتركني ، فدخل على الرضاعليه‌السلام فقال له : ما خبرك؟

قال : « أرجو أن أكون صالحا ».

فقال له : وأنا اليوم بحمد الله أيضا صالح ، فهل جاءك أحد من المترفّقين في هذا اليوم؟ قال : « لا ».

فغضب المأمون وصاح على غلمانه ، ثمّ قال : فخذ ماء الرمّان الساعة ، فإنّه مما لا يستغنى عنه ، ثمّ دعاني فقال : ائتنا برمّان ، فأتيته به فقال لي : أعصره بيديك ، ففعلت وسقاه المأمون بيده ، وكان ذلك سبب وفاته ، ولم يلبث إلاّ يومين حتّى مات(1) .

وروي عن محمد بن الجهم أنّه قال : كان الرضاعليه‌السلام يعجبه العنب ، فاخذ له شيء منه فجعل في موضع أقماعه الإبر أيّاما ثمّ نزعت منه وجيء به إليه ، فأكل منه وهو في علّته التي ذكرناها فقتله ، وذكر أنّ ذلك من لطيف السموم(2) .

وروى جماعة كثيرة من أصحابنا ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهرويّ قال : بينا أنا واقف بين يدي الرضاعليه‌السلام إذ قال لي : « يا أبا الصلت ، ادخل هذه القبّة التي فيها قبر هارون فائتني بترابه من أربعة جوانب ».

قال : فأتيته به فقال : « ناولني هذا التراب » ـ وهو من عند الباب ـ فناولته فأخذه وشمّه ثمّ رمى به فقال : « سيحفر لي هاهنا ، فتظهر صخرة لو

__________________

(1) ارشاد المفيد 2 : 270 ، اثبات الوصية : 181 ، روضة الواعظين : 232 ، كشف الغمة : 2 : 281.

(2) ارشاد المفيد 2 : 270 ، روضة الواعظين : 232 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 374 ، كشف الغمة 2 : 282 ، مقاتل الطالبيين : 567.

٨١

جمع عليها كلّ معول بخراسان لم يتهيّأ قلعها » ثمّ قال : « في الذي عند الرجل مثل ذلك ، وفي الذي عند الرأس مثل ذلك ».

ثم قال : « ناولني هذا التراب فهو من تربتي » ثمّ قال : « سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل ، وأن يشقّ لي ضريحا ، فإن أبوا إلاّ أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا ، فإنّ الله عزّ وجلّ سيوسّعه لي بما شاء ، فإذا فعلوا ذلك فإنّك ترى عند رأسي نداوة ، فتكلّم بالكلام الذي اعلّمك ، فإنّه ينبع الماء حتّى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتانا صغارا ففتّت لها الخبز الذي أعطيك فإنّها تلتقطه ، فإذا لم يبق منه شيء خرجت حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتّى لا يبقى منها شيء ، ثمّ تغيب فإذا غابت فضع يدك على الماء وتكلّم بالكلام الذي اعلّمك فإنّه ينضب الماء ولا يبقى منه شيء ، ولا تفعل ذلك إلاّ بحضرة المأمون ».

ثمّ قالعليه‌السلام : يا أبا الصلت ، غدا أدخل إلى هذا الفاجر فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلّم اكلّمك ، وإن خرجت وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني ».

فلمّا أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر ، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له : أجب أمير المؤمنين ، فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه حتّى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه ، فلمّا بصر بالرضاعليه‌السلام وثب إليه وعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه وناوله العنقود وقال : يا ابن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا ، فقال له الرضاعليه‌السلام : « ربّما كان عنبا حسنا يكون من الجنّة » فقال : كل منه ، فقال له الرضاعليه‌السلام : « تعفيني منه » فقال : لا بدّ من ذلك ، وما يمنعك منه ،

٨٢

لعلّك تتّهمنا بشيء ، فتناول العنقود وأكل منه ثمّ ناوله فأكل منه الرضاعليه‌السلام ثلاث حبّات ثمّ رمى به وقام ، فقال له المأمون : إلى أين؟ قال : « إلى حيث وجّهتني ».

وخرجعليه‌السلام مغطّى الرأس فلم اكلّمه حتّى دخل الدار وأمر أن يغلق الباب فاغلق ثمّ نامعليه‌السلام على فراشه ، ومكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليّ شابّ حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضاعليه‌السلام فبادرت إليه وقلت : من أين دخلت والباب مغلق؟ فقال لي : « الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق ».

فقلت له : ومن أنت؟

فقال لي : « أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت ، أنا محمّد بن عليّ ».

ثمّ مضى نحو أبيهعليه‌السلام فدخل وأمرني بالدخول معه ، فلمّا نظر إليه الرضاعليه‌السلام وثب إليه فعانقه وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه ، ثمّ سحبه سحبا في فراشه وأكبّ عليه محمد بن علي يقبله ، وسارّه بشيء لم أفهمه ، ورأيت على شفتي الرضا زبدا أشد بياضا من الثلج ، ورأيت أبو جعفر يلحسه بلسانه ، ثمّ أدخل يده بين ثوبيه وصدره فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور فابتلعه أبو جعفر ، ومضى الرضاعليه‌السلام .

فقال أبو جعفر : « قم يا أبا الصلت وائتني بالمغتسل والماء من الخزانة ».

فقلت : ما في الخزانة مغتسل ولا ماء.

فقال لي : « انته إلى ما أمرك به ».

فدخلت الخزانة ، فإذا فيها مغتسل وماء ، فأخرجته وشمّرت ثيابي لاغسّله معه ، فقال لي : « [ تنح ] يا أبا الصلت ، فإنّ معي من يعينني غيرك ».

٨٣

فغسّله ثمّ قال لي : « ادخل الخزانة فأخرج إليّ السفط الذي فيه كفنه وحنوطه ».

فدخلت ، فإذا أنا بالسفط لم أره في تلك الخزانة قطّ ، فحملته إليه وكفّنه وصلّى عليه ، ثم قال : « ائتني بالتابوت ».

فقلت : أمضي إلى النجار حتّى يصلح تابوتا.

قال : « قم ، فإنّ في الخزانة تابوتا ».

فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قطّ ، فأتيته به فأخذهعليه‌السلام فوضعه في التابوت بعد ما صلّى عليه وصفّ قدميه وصلّى ركعتين ، لم يفرغ منها حتّى علا التابوت وانشقّ السقف فخرج منه التابوت ومضى ، فقلت : يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون يطالبنا بالرضا فما نصنع؟

فقال لي : « أسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت ، ما من نبيّ يموت في المشرق ويموت وصيّه في المغرب إلاّ جمع الله بين أرواحهما وأجسادهما ».

فما أتم الحديث حتّى انشقّ السقف ونزل التابوت ، فقامعليه‌السلام واستخرج الرضاعليه‌السلام من التابوت ووضعه على فراشه كأنّه لم يغسّل ولم يكفّن ، ثمّ قال : « يا أبا الصلت ، قم فافتح الباب للمأمون ».

ففتحت الباب فإذا المأمون والغلمان بالباب ، فدخل باكيا حزينا قد شقّ جيبه ولطم رأسه وهو يقول : يا سيّداه ، فجعت بك يا سيّدي ، ثمّ دخل وجلس عند رأسه وقال : خذوا في تجهيزه.

فأمر بحفر القبر ، فحفرت الموضع فظهر كل شيء على ما وصفه الرضاعليه‌السلام ، فقام بعض جلسائه وقال : ألست تزعم أنّه إمام؟ قلت : بلى ، لا يكون الإمام إلاّ مقدّم الناس ، فأمر أن يحفر له في القبلة ، فقلت : أمرني أن أحفر له سبع مراقي وأن أشقّ له ضريحه ، فقال : انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت ـ سوى الضريح ـ ولكن يحفر له ويلحد.

٨٤

فلمّا رأى ما ظهر له من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون : لم يزل الرضاعليه‌السلام يرينا العجائب في حياته حتّى أراناها بعد وفاته أيضا.

فقال له وزير كان معه : أتدري ما أخبرك به الرضا.

قال : لا.

قال : أخبركم إنّ ملككم بني العبّاس ـ مع كثرتكم وطول مدّتكم ـ مثل هذه الحيتان ، حتّى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلّط الله تعالى عليكم رجلا منّا فأفناكم عن آخركم.

قال له : صدقت ، ثمّ قال : يا أبا الصلت ، علّمني الكلام الذي تكلمت به.

قلت : والله لقد نسيت الكلام من ساعتي ، وقد كنت صدقت ، فأمر بحبسي ، فحبست سنة ، فضاق عليّ الحبس وسألت الله أن يفرّج عنّي بحقّ محمد وآله ، فلم أستتمّ الدعاء حتّى دخل محمد بن عليّ الرضاعليهما‌السلام فقال لي : « ضاق صدرك يا أبا الصلت؟ »

فقلت : إي والله.

قال : « قم فاخرج » ثم ضرب بيده إلى القيود التي كانت عليّ ففكّها ، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار ، والحرسة والغلمة يرونني فلم يستطيعوا أن يكلّموني ، وخرجت من باب الدار ثمّ قال لي : « امض في ودائع الله ، فإنّك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا ».

قال أبو الصلت : فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت(1) .

وروي عن إبراهيم بن العبّاس قال : كانت البيعة للرضاعليه‌السلام

__________________

(1) أمالي الصدوق : 526 / 17 ، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 242 / 1 ، روضة الواعظين : 229 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 374 ، الثاقب في المناقب : 489 / 417.

٨٥

لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ، وزوّجه ابنته أمّ حبيب في أوّل سنة اثنين ومائتين ، وتوفّي سنة ثلاث ومائتين والمأمون متوجّه إلى العراق(1) .

وفي رواية هرثمة بن أعين عن الرضاعليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ : أنّه قال : « يا هرثمة ، هذا أوان رحيلي إلى الله عزّ وجل ولحوقي بجدّي وآبائيعليهم‌السلام ، وقد بلغ الكتاب أجله ، فقد عزم هذا الطاغي على سمّي في عنب ورمّان مفروك ، فأمّا العنب فإنّه يغمس السلك في السمّ ويجذبه بالخيط في العنب ، وأمّا الرمّان فإنّه يطرح السمّ في كفّ بعض غلمانه ويفرك الرمّان بيده ليلطّخ حبّه في ذلك السمّ ، وإنّه سيدعوني في اليوم المقبل ويقرّب إليّ الرمّان والعنب ويسألني أكلهما فآكلهما ثمّ ينفذ الحكم ويحضر القضاء »(2) .

ثمّ ساق الحديث بطوله قريبا من حديث أبي الصلت الهرويّ في معناه ، ويزيد عليه بأشياء.

وكان للرضاعليه‌السلام من الولد ابنه أبو جعفر محمد بن عليّ الجوادعليه‌السلام لا غير(3) .

ولمّا توفّي الرضاعليه‌السلام أنفذ المأمون إلى محمّد بن جعفر الصادقعليه‌السلام وجماعة آل أبي طالب الذين كانوا عنده ، فلمّا حضروه نعاه إليهم وأظهر حزنا شديدا وتوجّعا ، وأراهم إيّاه صحيح الجسد ، وقال : يعزّ عليّ يا أخي أن أراك بهذه الحال وقد كنت آمل أن أقدم قبلك ، ولكنّ أبى الله

__________________

(1) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 245 / 2.

(2) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 246 ، دلائل الامامة : 178.

(3) انظر : عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 2 : 250 ، ارشاد المفيد 2 : 271 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 367 ، كشف الغمة 2 : 282.

٨٦

إلاّ ما أراد(1) .

__________________

(1) انظر : ارشاد المفيد 2 : 271 ، روضة الواعظين : 233 ، كشف الغمة 2 : 282 ، مقاتل الطالبيين : 567.

٨٧
٨٨

( الباب الثامن )

في ذكر الإمام التقي أبي جعفر

محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام

٨٩
٩٠

( الفصل الأول )

في ذكر تاريخ مولده ، ومدة إمامته ووقت وفاتهعليه‌السلام

ولدعليه‌السلام في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة لسبع عشرة ليلة مضت من الشهر(1) . وقيل : للنصف منه ليلة الجمعة(2) .

وفي رواية ابن عيّاش : ولد يوم الجمعة لعشر خلون من رجب(3) .

وقبضعليه‌السلام ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين ومائتين ، وله يومئذ خمس وعشرون سنة.

وكانت مدّة خلافته لأبيه سبع عشرة سنة ، وكانت في أيّام إمامته بقيّة ملك المأمون ، وقبضعليه‌السلام في أوّل ملك المعتصم.

وامّه أمّ ولد يقال لها : سبيكة. ويقال : درّة ، ثمّ سمّاها الرضاعليه‌السلام خيزران ، وكانت نوبيّة(4) .

ولقبه : التقيّ ، والمنتجب ، والجواد ، والمرتضى. ويقال له : أبو جعفر الثاني.

ودفنعليه‌السلام في مقابر قريش في ظهر جدّه موسىعليه‌السلام (5) .

__________________

(1) انظر : الكافي 1 : 411 ، ارشاد المفيد 2 : 273. كفاية الطالب : 458.

(2) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 379 ، دلائل الامامة : 201.

(3) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 379.

(4) النوب والنوبة ، والواحد نوبي : جيل من السودان. « لسان العرب 1 : 776 ».

(5) انظر : الكافي 1 : 411 ، ارشاد المفيد 2 : 273 ، دلائل الامامة : 208 ، تذكرة الخواص :321.

٩١

( الفصل الثاني )

في ذكر النصوص الدالة على إمامتهعليه‌السلام

يدل على إمامتهعليه‌السلام ـ بعد طريقة الاعتبار وطريقة التواتر اللتين تقدّم ذكرهما في إمامة آبائهعليهم‌السلام ـ ما ثبت من إشارة أبيه إليه بالإمامة.

ورواه الثقات من أصحابه وأهل بيته عنه ، مثل عمّه عليّ بن جعفر الصادقعليه‌السلام ، وصفوان بن يحيى ، ومعمر بن خلاّد ، وابن أبي نصر البزنطي ، والحسين بن بشار ، وغيرهم.

فروى محمد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعليّ بن محمد القاسانيّ جميعا ، عن زكريّا بن يحيى قال : سمعت عليّ بن جعفر يحدّث الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين فقال في حديثه : لقد نصر الله أبا الحسن الرضاعليه‌السلام لمّا بغى عليه إخوته وعمومته. وذكر حديثا طويلا حتّى انتهى إلى قوله : فقمت ( وقبضت على يد )(1) أبي جعفر محمد بن عليّ الرضاعليهما‌السلام وقلت : أشهد أنّك إمامي عند الله ، فبكى الرضاعليه‌السلام ثمّ قال : « يا عمّ ، ألم تسمع أبي وهو يقول : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بأبي ابن خيرة الإماء النوبيّة الطيّبة يكون من ولده الطريد الشريد الموتور بأبيه وجدّه صاحب الغيبة يقال : مات أو هلك أيّ واد سلك؟ »

فقلت : صدقت جعلت فداك(2) .

__________________

(1) في الكافي : فمصصت ريق.

(2) الكافي 1 : 259 / 14 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 275 ، كشف الغمة 2 : 351 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 21 / 7.

٩٢

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضاعليه‌السلام : قد كنّا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول : « يهب الله لي غلاما » فقد وهبه الله لك ، فأقرّ عيوننا ، فلا أرانا الله يومك ، فإن كان كون فإلى من؟

فأشار بيده إلى أبي جعفرعليه‌السلام وهو قائم بين يديه ، فقلت له : جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟! قال : « وما يضرّه من ذلك ، قد قام عيسى بالحجّة وهو ابن أقلّ من ثلاث سنين »(1) .

وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد قال : سمعت الرضاعليه‌السلام ـ وذكر شيئا ـ فقال : « ما حاجتكم إلى ذلك ، هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي ، وصيّرته مكاني ».

وقال : « إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذّة بالقذّة(2) »(3) .

وعنه ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن عليّ ، عن معاوية بن حكيم ، عن ابن أبي نصر البزنطي قال : قال لي ابن النجاشيّ : من الإمام من بعد صاحبك؟ ـ ولم يكن رزق أبا جعفر ـ فدخلت على الرضا عليه

__________________

(1) الكافي 1 : 258 / 10 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 276 ، اثبات الوصية : 185 ، كفاية الأثر : 279 ، روضة الواعظين : 237 ، الفصول المهمة : 265 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 21 / 8.

(2) القذذ : ريش السهم ، واحدتها قذة.

ومنه الحديث : « لتركبن سنن من كان من قبلكم حذو القذة بالقذة » أي كما تقدّر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. « النهاية 4 : 28 ».

(3) الكافي 1 : 256 / 2 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 276 ، كشف الغمة 2 : 351 ، الفصول المهمة : 265 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 21 / 9.

٩٣

السلام فأخبرته بما سألني عنه ابن النجاشيّ فقال : « الإمام بعدي ابني » ثم قال : « وهل يجترئ أحد أن يقول ابني وليس له ولد؟! »(1) .

وعنه ، عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن جعفر بن يحيى ، عن مالك بن أشيم ، عن الحسين بن يسار قال : كتب ابن قياما إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام كتابا يقول فيه : كيف تكون إماما وليس لك ولد؟

فأجابه أبو الحسنعليه‌السلام : « وما علمك أنّه لا يكون لي ولد ، والله لا تمضي الأيّام والليالي حتّى يرزقني الله ذكرا يفرّق بين الحقّ والباطل »(2) .

وعنه ، عن الحسين بن محمد ، عن الخيراني ، عن أبيه قال : كنت واقفا بين يدي أبي الحسنعليه‌السلام بخراسان فقال له قائل : يا سيّدي إن كان كون فإلى من؟

قال : « إلى أبي جعفر ابني ».

فكأنّ القائل استصغر سنّ أبي جعفر ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام : « إنّ الله بعث عيسى بن مريم رسولا نبيّا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السنّ الذي هو فيه »(3) .

__________________

(1) الكافي 1 : 257 / 5 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 277 ، الغيبة للطوسي : 72 / 78 ، كشف الغمة 2 : 352.

(2) الكافي 1 : 257 / 4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 277 ، اثبات الوصية : 683 ، كشف الغمة 2 : 352 ، ونحوه في : رجال الكشي : 553 / 1044 ، دلائل الامامة : 183 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 22 / 10.

(3) الكافي 1 : 258 / 13 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 279 ، كفاية الأثر : 277 ، روضة الواعظين : 237 ، كشف الغمة 2 : 353 ، وباختلاف يسير في : اثبات الوصية : 186 ، دلائل الامامة : 204 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 23 / 15.

٩٤

وعنه ، عن عليّ بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يحيى بن حبيب الزيّات قال : أخبرني من كان عند الرضاعليه‌السلام جالسا ، فلمّا نهضوا قال لهم : « ألقوا أبا جعفر فسلّموا عليه وأحدثوا به عهدا ».

فلمّا نهض القوم التفت إليّ فقال : « رحم الله المفضّل ، إنّه كان ليقنع بدون هذا »(1) .

وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عليّ ، عن الحسن بن الجهم قال : كنت مع أبي الحسن الرضاعليه‌السلام جالسا فدعا بابنه وهو صغير ، فأجلسه في حجري وقال لي : « جرّده » أي انزع قميصه.

فنزعته ، فقال : « انظر بين كتفيه » فنظرت فإذا في إحدى كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم ، فقال لي : « أترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبيعليه‌السلام »(2) .

وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عليّ ، عن أبي يحيى الصنعانيّ قال : كنت عند أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فجيء بابنه أبي جعفر وهو صغير فقال : « هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه »(3) .

__________________

(1) الكافي 1 : 256 / 1 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 280 ، رجال الكشي : 2 : 620 / 593 ، روضة الواعظين : 237 ، كشف الغمة 2 : 353 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 24 / 16.

(2) الكافي 1 : 257 / 8 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 278 ، كشف الغمة 2 : 352 ، ونحوه في : اثبات الوصية : 185 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 23 / 13.

(3) الكافي 1 : 258 / 9 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 279 ، روضة الواعظين : 237 ، وباختلاف يسير في : اثبات الوصية : 184 ، ودلائل الامامة : 184 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 23 / 14.

٩٥

( الفصل الثالث )

في ذكر طرف من دلائله ومعجزاتهعليه‌السلام

محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسّان ، عن عليّ بن خالد قال : كنت بالعسكر فبلغني أنّ هناك رجلا محبوسا اتي به من ناحية الشام مكبولا وقالوا : إنّه تنبّأ ، قال : فأتيت الباب وداريت البوّابين حتّى وصلت إليه ، فإذا رجل له فهم وعقل ، فقلت له : ما قصّتك؟

فقال : إنّي كنت بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال إنّه نصب فيه رأس الحسينعليه‌السلام ، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل على المحراب أذكر الله تعالى إذ رأيت شخصا بين يديّ فنظرت إليه فقال لي : « قم » فقمت ، فمشى بي قليلا فإذا أنا في مسجد الكوفة فقال لي : « أتعرف هذا المسجد؟ » فقلت : نعم هذا مسجد الكوفة.

قال : فصلّى وصلّيت معه ، ثم انصرف وانصرفت معه ، فمشى بي قليلا فإذا نحن بمسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسلّم على الرسول وصلّى وصلّيت معه.

ثمّ خرج وخرجت معه ، فمشى قليلا فإذا أنا بمكّة ، فطاف بالبيت وطفت معه.

ثمّ خرج فمشى قليلا فإذا أنا بموضعي الذي كنت أعبد الله بالشام ، وغاب الشخص عن عيني ، فبقيت متعجبا حولا ممّا رأيت ، فلمّا كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به ودعاني فأجبته. ففعل كما فعل في العام الماضي ، فلمّا أراد مفارقتي بالشام قلت له : سألتك بحقّ الذي أقدرك على ما رأيت منك إلاّ أخبرتني من أنت؟

٩٦

قال : « أنا محمد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ».

فحدّثت من كان يصير إليّ بخبره ، فرقي ذلك إلى محمد بن عبد الملك الزيّات فبعث إليّ من أخذني وكبّلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبست كما ترى ، وادّعى عليّ المحال.

فقلت له : أرفع عنك القصّة إلى محمد بن عبد الملك الزيّات؟

قال : افعل.

فكتبت عنه قصة ، شرحت أمره فيها ورفعتها إلى محمد بن عبد الملك ، فوقّع في ظهرها : قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى المدينة ، ومن المدينة إلى مكّة ، وردّك من مكّة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا.

قال عليّ بن خالد : فغمّني ذلك من أمره وانصرفت محزونا عليه ، فلمّا كان من الغد باكرت إلى الحبس لاعلمه الحال وآمره بالصبر والعزاء ، فوجدت الجند وأصحاب الحرس وخلقا عظيما من الناس يهرعون ، فسألت عن حالهم فقيل لي : المتنبئ المحمول من الشام افتقد البارحة من الحبس ، فلا يدرى خسفت به الأرض أو اختطفه الطير.

وكان عليّ بن خالد هذا زيديّا فقال بالإمامة لمّا رأى ذلك وحسن اعتقاده(1) .

وفي كتاب أخبار أبي هاشم الجعفريرضي‌الله‌عنه للشيخ أبي

__________________

(1) الكافي 1 : 411 / 1 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 422 / 1 ، ارشاد المفيد 2 : 289 ، الاختصاص : 320 ، ونحوه في : دلائل الامامة : 214 ، روضة الواعظين : 242 ، الخرائج والجرائح 1 : 380 / 10 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 393 ، الفصول المهمة : 271 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 40.

٩٧

عبد الله أحمد بن محمد بن عيّاش الذي أخبرني بجميعه السيد أبو طالب محمد بن الحسين الحسينيّ القصبي الجرجانيرحمه‌الله قال : أخبرني والدي السيّد أبو عبد الله الحسين بن الحسن القصبيّ ، عن الشريف أبي الحسين طاهر بن محمد الجعفريّ عنه قال. حدّثني أبو عليّ أحمد بن محمد ابن يحيى العطّار القمّي ، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ : دخلت على أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت عليّ فاغتممت لذلك ، فتناول إحداهنّ وقال : « هذه رقعة ريّان بن شبيب » ثمّ تناول الثانية فقال : « هذه رقعة محمد ابن حمزة » وتناول الثالثة وقال : « هذه رقعة فلان » فبهت فنظر إليّ وتبسّمعليه‌السلام .

قال الحميريّ : وقال لي أبو هاشم : وأعطاني أبو جعفر ثلاثمائة دينار في صرة وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمّه وقال : « أما إنّه سيقول لك دلّني على حريف يشتري لي بها متاعا فدلّه عليه ».

قال : فأتيته بالدنانير فقال لي : يا أبا هاشم دلّني على حريف يشتري لي بها متاعا. ففعلت.

قال أبو هاشم : وكلّمني جمّال أن اكلّمه ليدخله في بعض اموره ، فدخلت عليه لاكلّمه فوجدته يأكل مع جماعة فلم يمكنني كلامه ، فقال : « يا أبا هاشم كل » ووضع بين يديّ ثمّ قال ـ ابتداء منه من غير مسألة ـ : « يا غلام انظر الجمّال الذي أتانا به أبو هاشم فضمّه إليك ».

قال أبو هاشم : ودخلت معه ذات يوم بستانا فقلت له : جعلت فداك ، إنّي مولع بأكل الطين ، فادع الله لي ، فسكت ثم قال لي بعد أيّام ـ ابتداء منه ـ : « يا أبا هاشم ، قد أذهب الله عنك أكل الطين ».

٩٨

قال أبو هاشم : فما شيء أبغض إليّ منه(1) .

ومما رواه محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد [ عن علي بن أسباط ](2) قال : خرج عليّ أبو جعفر حدثان موت أبيه فنظرت إلى قدّه لأصف قامته لأصحابنا فقعد ، ثمّ قال : « يا عليّ ، إنّ الله تعالى احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ به في النبوّة فقال :( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (3) »(4) .

وروى أيضا : عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجّال [ وعمرو بن عثمان ](5) ، عن رجل من أهل المدينة ، عن المطرفيّ قال : مضى أبو الحسن الرضاعليه‌السلام ولي عليه أربعة آلاف درهم ، لم يكن يعرفها غيري وغيره ، فأرسل إليّ أبو جعفر : « إذا كان في غد فائتني ».

فأتيته من الغد ، فقال لي : « مضى أبو الحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم؟ »

فقلت : نعم.

فرفع المصلّى الذي كان تحته ، فإذا تحته دنانير فدفعها إليّ ، وكان

__________________

(1) الكافي 1 : 414 / 5 ، ارشاد المفيد 2 : 293 ، الخرائج والجرائح 2 : 644 ـ 665 / 1 و 2 و 3 و 4 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 390 ، كشف الغمة 2 : 361 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 41 / 6 و 7.

(2) أثبتناه من الكافي.

(3) مريم 19 : 12.

(4) الكافي 1 : 413 / 3 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 258 / 10 ، ارشاد المفيد 2 : 292 ، اثبات الوصية : 184 ، الخرائج والجرائح 1 : 384 / 14 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 389 ، كشف الغمة 2 : 360.

(5) اثبتناه من الكافي.

٩٩

قيمتها في الوقت أربعة آلاف درهم(1) .

وروى محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب ( نوادر الحكمة ) : عن موسى بن جعفر ، عن أميّة بن علي قال : كنت بالمدينة ، وكنت أختلف إلى أبي جعفرعليه‌السلام وأبو الحسنعليه‌السلام بخراسان ، وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلّمون عليه ، فدعا يوما الجارية فقال : « قولي لهم : يتهيّئون للمأتم ».

فلما تفرّقوا قالوا : ألا سألناه مأتم من؟

فلمّا كان من الغد فعل مثل ذلك ، فقالوا : مأتم من؟

قال : « مأتم خير من على ظهرها ».

فأتانا خبر أبي الحسنعليه‌السلام بعد ذلك بأيّام ، فإذا هو قد مات في ذلك اليوم(2) .

وفيه : عن حمدان بن سليمان ، عن أبي سعيد الأرمنيّ ، عن محمد ابن عبد الله بن مهران قال : قال : محمد بن الفرج : كتب إليّ أبو جعفر : « احملوا إليّ الخمس ، فإنّي لست آخذه منكم سوى عامي هذا ».

فقبضعليه‌السلام في تلك السنة(3) .

__________________

(1) الكافي 1 : 415 / 11 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 292 ، روضة الواعظين : 1 : 243 ، الخرائج والجرائح 1 : 378 / 7 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 391 ، كشف الغمة 2 : 360 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 54 / 29.

(2) اثبات الوصية : 188 ، دلائل الامامة : 212 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 389 ، الثاقب في المناقب : 515 / 443 ، كشف الغمة 2 : 369 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 63 / 39.

(3) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 389 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 63 / ذيل حديث 39.

١٠٠