الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية20%

الصحيفة الصادقية مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 294

الصحيفة الصادقية
  • البداية
  • السابق
  • 294 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170547 / تحميل: 8353
الحجم الحجم الحجم
الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

من جهة أخرى؟

إلى غير ذلك من الأبحاث الكثيرة والمتعدّدة.

هذه الأمور والاحتمالات التي طرحناها لم تُعرض ضمن بحث مستقلٍ منفرد ومتميّز في الكتب، أو الأبواب الفقهيّة.

وقد يجدها المتتبّع في طيّات كلمات الفقهاء وأبحاثهم هنا وهناك في موارد متفرّقة، ومواضع مختلفة.

مثلاً: قد يجدها المتتبّع في موضوع حرمة تنجيس القرآن أو وجوب تطهيره إذا لاقته النجاسة.

وفي بحث الوقف والصدقات وإحياء الموات، وقضيّة حُرمة المؤمن، وحُرمة الكعبة، وفي باب الحدود، في حكم سبّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - والعياذ بالله تعالى - أو هتك مقدّسات الدين، حيث يبحث العلماء في هذه الموارد عن الشعائر الدينيّة، وإنّ هتكها هل هو موجب للكفر أم لا؟

ومضافاً إلى ذلك، هناك بعض الكتب والرسائل التي أُلِّفت في بحث الشعائر الحسينيّة(1)، وقد ذكروا فيها بعض الضوابط الشرعيّة إلى حدّ ما، فمن الجدير مراجعة تلك الكتب وملاحظة الخطوط العامّة لهذا البحث، وما تتضمّنه من نقض وإبرام.

____________________

(1) نذكر - على سبيل المثال - بعض تلك الرسائل والمؤلّفات:

الشعائر الحسينيّة في الميزان الفقهي، لآية الله الشيخ عبد الحسين الحلّي (رحمه الله).

نصرة المظلوم، لآية الله الشيخ حسن المظفّر (رحمه الله).

الشعائر الحسينيّة، سماحة السيّد حسن الشيرازيّ (رحمه الله).

نجاة الأمّة في إقامة العزاء، الحاج السيّد محمّد رضا الحسيني الحائري.

الشعائر الحسينيّة سُنّة أم بدعة، الشيخ أحمد الماحوزي.

٢١

الجانبُ الرابع: إطار موضوع القاعدة

قد تُضافُ الشعائر إلى لفظ الجلالة (الله) فنقول: (شعائر الله)، كما في الآيات الكريمة(1) ، ومنها قوله تعالى:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (2) .

وأيضاً الشعائر أو الشعيرة أو الشعارة - على اختلاف هيئات المادّة - قد تضاف إلى المذهب، فيقال: شعائر المذهب.

وأيضاً، قد تضاف إلى الحسين (عليه السلام) باسم الشعائر الحسينيّة.

وأيضاً، قد تضاف إلى الدين، فتُعرف باسم شعائر الدين وشعائر الإسلام.

وسيتبيّن أنّ هذه الإضافات ما هي إلاّ تفريعات وتطبيقات لنفس القاعدة الواحدة، فيقال: شعائر الله، أو يقال: الشعائر الحسينيّة، أو يقال: شعائر المذهب، أو يقال: شعائر الإسلام، أو شعائر الدين، وهي - على كلّ حال - تبويبات وتصنيفات لذكر فروع لأصل واحد، أو تكون مرادفات لنفس المسمّى.

وسيظهر ما في هذا التعبير من نواحٍ تربويّة متعدّدة، وتفريعات لنكاتٍ فقهيّة مختلفة.

____________________

(1) المائدة: 2، الحج: 32، البقرة: 158.

(2) الحجّ: 32.

٢٢

الجانبُ الخامس:

جرياً على ديدن العلماء في تصنيف كلّ مسألة بإدراجها في باب من الأبواب الفقهية، ففي أيّ باب من الأبواب يمكن درج هذه القاعدة؟ هل في باب الفقه السياسي، أم في باب الفقه الاجتماعي، أم باب فقه القضاء، أم فقه المعاملات؟

وسيظهر خلال مراحل البحث: أنّ من خصائص هذه القاعدة وهذا الواجب الدينيّ العظيم، أنّ هذا الواجب ليس واجباً ملقى على عاتق رموز الدولة الإسلاميّة أو الحكومة فحسب، وليس مُلقى على عاتق المرجعيّة فقط، الّتي قد تُسمّى بالاصطلاح الأكاديمي الحديث حكومة المرجع، ولا على عاتق الهيئات الدينيّة دون غيرها.

وإنّما هذا الواجب - كما سيتبيّن - هو واجب كفائيّ يُلقى على عاتق عموم المسلمين، ويتحمّل مسؤوليّة إقامته جميع طبقات وشرائح المجتمع الإسلامي، ومن ثُمّ كان الأولَى إدراج هذه القاعدة في أبواب فقه الاجتماع، من قبيل: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا في خصوص الفقه السياسي، ولا في خصوص فقه الأبواب الأُخرى، بل يكون انضمامها تحت باب الفقه الاجتماعي هو الأنسب لهذه القاعدة.

هذه جوانب ذكرناها بعنوان ديباجة وتمهيد للبحث، أمّا بالنسبة إلى تبويب وتصنيف جهات البحث؛ فإنّ البحث سيقع - إن شاء الله تعالى - في مقامين رئيسيّين:

٢٣

المقامُ الأول

في عُموم قاعِدة الشَعائر الدينيّة

وهذا المقام يتألّف من الجهات التالية:

الجهة الأولى: الأدلّة الإجماليّة الواردة في هذه القاعدة.

الجهة الثانية: أقوال الفقهاء والمتكلّمين والمفسّرين والمحدّثين حول قاعدة الشعائر الدينيّة.

الجهة الثالثة: البحث في معنى وماهيّة الموضوع، وهو الشعيرة والشعائر من الناحية اللُّغويّة.

الجهة الرابعة: كيفيّة تحقّق الموضوع، وهو الشعيرة والشعائر ومعالجة العديد من قواعد التشريع.

الجهة الخامسة: البحث في متعلّق الحكم لقاعدة الشعائر.

الجهة السادسة: نسبة حكم الشعائر مع العناوين الأوّليّة للأحكام من جهة، ومع العناوين الثانويّة للأحكام من جهة أُخرى.

الجهة السابعة: الموانع الطارئة على الشعائر، كالخرافة والاستهزاء والهتك والشنعة.

٢٤

المقامُ الثاني

الشَعائرُ الحُسينيّة

يقع البحث في خصوصيات الشعائر الحسينيّة، ودراسة قوّة وتماميّة الأدلّة الخاصّة الواردة فيها، وردّ الإشكالات والانتقادات التي وُجِّهت لها، وأُثيرَت حولها.

وهل يختلف حكمها عن الأحكام العامّة في الشعائر؟

أم هي تتضمّن الأحكام العامّة للشعائر وزيادة؟

ويقع البحث خلال الجهات الآتية:

الجهة الأولى: أهداف النهضة الحسينيّة.

الجهة الثانية: أدلّة الشعائر الحسينيّة.

الجهة الثالثة: أقسام الشعائر الحسينيّة.

الجهة الرابعة: الرواية في الشعائر الحسينيّة.

الجهة الخامسة: البكاء.

الجهة السادسة: الشعائر الحسينيّة والضرر.

الجهة السابعة: لبس السواد.

الجهة الثامنة: ضرورة لعن أعداء الدين.

الجهة التاسعة: العزاء والرثاء سُنّة قرآنيّة.

مِسكُ الختام: مآتم العزاء التي أقامها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على الحسين (عليه السلام).

هذا ما سنتطرّق إليه مفصّلاً فيما يأتي من البحوث - إن شاء الله تعالى - ونبدأ البحث في جهات المقام الأول:

٢٥

٢٦

المقامُ الأوّل الشَعائرُ الدينيّة

٢٧

٢٨

الجهةُ الأوّلى:الأدلّةُ الإجماليّة

٢٩

٣٠

في بداية كلّ بحث لابدّ أن يعثر الفقيه أو المجتهد على أدلّة معيّنة لعنوان البحث، وهذه الأدلّة حسب قواعد علم الفقه والأصول لها ثلاثة محاور، هي: الموضوع، والمحمول، والمتعلّق.

الموضوع: هو ما يُشار به إلى قيود الحُكم.

والمحمول: هو الحكم الشرعي، إمّا وجوب، أو حُرمة، أو مِلكيّة، أو غير ذلك، بمعنى الحُكم الشرعي الشامل للحُكم التكليفي وللحُكم الوضعي.

المتعلَّق: وهو الفعل المطلوب حصوله في الخارج إذا كان الحُكم وجوباً، أو الفعل اللازم تركه إذا كان الحكم حرمةً.

على سبيل المثال: في دليل: (إذا زالت الشمس فصلِّ)، نلاحظ هذه المَحاور الثلاثة كالآتي:

الموضوع: هو الزوال.

والمحمول: الحُكم وهو الوجوب.

والمتعلّق: وهو صلاة الظهر.

ومِحور الموضوع الذي هو قيود الوجوب، ويُطلق على قيود أيّ حكم تكليفي أو وضعي بأنّه: موضوع أصولي، أو موضوع فقهي، وفي مثالنا السابق يعتبر الزوال من قيود الوجوب.

٣١

فاللازم استعراض الأدلّة الواردة في قاعدة الشعائر وتقرير مفادها على ضوء هذا التثليث.

الطائفة الأولى من الأدلّة:

(1) -( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) (1) .

قد ورد في الآية عموم لفظ الشعائر، وهو حُكم من الأحكام القرآنيّة، فلنتعرّف على موضوع ومتعلّق هذا المورد، وعلى حكمه أيضاً.

الموضوع: هو الشعائر(2) .

المتعلّق: هو التعظيم إن جُعِل الحُكم إيجابيّاً، أو التهاون إن جُعِل الحكم تحريميّاً.

الحُكم: حرمة التحليل وحرمة التهاون، ويمكن جعل الحُكم وجوب التعظيم.

(2) -( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *

____________________

(1) المائدة: 2.

(2) وقد يقال للموضوع: متعلّق المتعلّق، ففي مثال حرمة شرب الخمر؛ فإنّ الحُرمة تتعلّق بالشُرب، والشرب بدوره يتعلّق بالخمر، فالخمر يقال له: متعلّق متعلّق الحكم.. وهذا تابع لقاعدة أصوليّة محرّرة عند علماء الأصول تقول: إنّ متعلّق متعلّق الحُكم يكون موضوعاً للحُكم، سواء كان الحكم تكليفيّاً أم وضعيّاً. اعتمدَت عليها مدرسة الميرزا النائيني (رحمه الله)، إلاّ أنّ مشهور الطبقات المتقدِّمة من العلماء على خلاف ذلك، وهو الأصح.

٣٢

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) (1) .

هذا المقطع من الآية الشريفة( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ... ) ، أدرجهُ كثير من العلماء ضمن آيات الشعائر أيضاً، مع أنّه لم يرد فيه لفظة الشعائر، والوجه في ذلك: هو الاعتماد على قاعدة معروفة ومشهورة لدى أساطين الفقه.

وهي أنّ الموضوع أو المتعلّق كما يمكن الاستدلال له بالأدلّة الوارد فيها العنوان نفسه أو المتضمّنة له، أو مرادفاته، كذلك يمكن الاستدلال له بالأدلّة الوارد فيها العنوان نفسه أو المتضمّنة له، أو مرادفاته، كذلك يمكن الاستدلال له بما يشترك معه في الماهيّة النوعيّة أو الجنسيّة، أي المماثل أو المجانس، بشرط أن يكون الحُكم مُنصبّاً على تلك الماهيّة، وإلاّ كان التعدّي قياساً باطلاً، كما يمكن الاستدلال له بالدليل الذي يتضمّن جزء الماهيّة، كذلك يمكن الاستدلال له بما يدلّ على اللازم له أو الملزوم له، فتتوسّع دائرة دلالة الأدلّة الدالّة على المطلوب.

ففي هذه الآية الشريفة:

الموضوع: حُرمات الله.

المتعلّق: التعظيم.

الحكم: الوجوب، أي: وجوب التعظيم.

(3) -( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (2) .

____________________

(1) الحج: 27 - 30.

(2) الحج: 32.

٣٣

وهذه من أوضح الآيات على إثبات المطلوب، حيت تدلّ على محبوبيّة ورجحان التعظيم لشعائر الله، حسب التقسيم الثلاثي المذكور من الموضوع والمتعلّق والحُكم.

(4) -( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) (1) .

هنا وردت (مِن) تبعيضيّة، والمعنى: أنّ البدن من مصاديق الشعائر.

(5) -( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (2) .

(6) -( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) (3) .

هذه الآية الشريفة تعرّضت للشعائر، ولكن بصيغة المشعر.

هذه الطائفة من الأدلّة وافية في المقام، وعلينا أن نسبر غَورها لنصل إلى المَحاور الأساسيّة فيها، ولنتعرّف على مفادها ودلالتها.

الطائفةُ الثانية من الأدلّة:

هذه الأدلّة لم يرد فيها لفظ (الشعائر)، إلاّ أنّ بعض العلماء والمحقّقين(4) ذهبوا إلى استفادة حُكم الشعائر منها، وهي:

____________________

(1) الحجّ: 36.

(2) البقرة: 158.

(3) البقرة: 198.

(4) الميرزا القمّي (قدِّس سرّه) ضمن فتواه في كتاب (جامع الشتات) حول الشعائر الحسينيّة، والسيّد اليزدي (قدِّس سرّه) صاحب العروة في فتواه، والسيّد جمال الدين الگلبايكاني، أشاروا إلى وجود عمومات أخرى إضافةً لأدلّة الطائفة الأولى في المقام.

٣٤

(1) -( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (1) .

ومن سياق الآيات التي قبلها:( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الأَخِرِ.. ) .

وآية:( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ.. ) .

يُفهم أنّ الآيات بصدد بيان مسألة وجوب الجهاد، وضرورة المعرفة الحقّة والتوحيد ونشر الدين وتبليغه..

ثُمّ بعد ذلك تُبيّن الآية:( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) أهميّة النور الإلهي، ومحاولات أعداء الدين لإطفاء ذلك النور، ولكنّ الله سبحانه كتبَ على نفسه إحباط تلك المحاولات الشيطانيّة، ويأبى سبحانه إلاّ إتمام النور ونشر الصلاح والهدى.

ففي هذه الآية الشريفة:

الموضوع: هو نور الله سبحانه، وهو بدل لفظ (الشعائر) في آية( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ... ) ، ونور الله سبحانه عام يشمل جميع الأحكام.

المتعلَّق: النشر والتبليغ والبيان، وهو بدل التعظيم في تلك الآية.

والحُكم: وهو الوجوب، وجوب النشر أو حرمة الإطفاء والكتمان.

فيكون هذا الدليل - كقضيّة شرعيّة - مرادفاً ومكافئاً للآية الشريفة:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ) .

- وهذا يعني أنّنا لا نقتصر في إثبات هذه القاعدة على الآيات من الطائفة

____________________

(1) التوبة: 32.

٣٥

الأولى من الأدلّة، بل يمكن الاستدلال أيضاً بما يفيد مفادها أيضاً.

(2) -( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ والآصَال ) (1) بملاحظة الآيات التي تسبق هذه الآية من سورة النور، وهي:( وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (2) من سياق هذه الآيات، يظهر أنّ المراد من لفظة( فِي بُيُوتٍ... ) : هي البيوت التي فيها نور الله، والمراكز التي تكون مصادر إشعاع الدين، ومحالّ نشر الهداية والحق، ومحطّات بيان أحكام الدين الحنيف.

وهذه (البيوت) النوريّة والباعثة للنور، شاء الله وأراد أن تُرفع وتُكرّم، وأن تُبجّل وتُحترم، وينبغي أن يستمرّ ويدوم فيها ذِكر الله وعبادته وطاعته.

فهذه الآية من سورة النور، مرادفة لآية تعظيم الشعائر(3) ، ولآية( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ... ) .

فالآية الشريفة تدلّ على وجوب نشر ورفع كلّ موطن ومركز ومحلّ يتكفّل ببيان أحكام الله وتعاليم رسالة السماء، المكنّى عنه في الآية الشريفة بنور الله.

____________________

(1) النور: 36.

(2) النور: 34 - 35.

(3)( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحجّ: 32.

٣٦

ومن ذلك يظهر أنّ الشعائر لا تختصّ بباب دون آخر، فهي لا تختصّ بمناسك الحجّ، ولا بالعبادات.

وإنّما تشمل كلّ ما فيه نشر لأحكام الدين، وتعمّ جميع ما به بيان وتبليغ للمعارف الإسلاميّة المختلفة.

(3) -( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (1) .

هذه الآية تدلّ على أنّ حفظ الدين وحفظ ذِكر الله سبحانه، وكذلك حفظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي هو قوام الدين، وحفظ ذِكر أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم العِدل الآخر للقرآن، كلّ ذلك يُعتبر من الأغراض الشرعيّة العُليا للحق سبحانه وتعالى.

(4) -( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (2) .

بتقريب أنّ كلّ ما يؤول إلى إعلاء كلمة الله سبحانه وإزهاق كلمة الكافرين، فهو من الأغراض الشرعيّة والمقاصد الدينيّة.

(5) -( فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (3) .

تُقرِّر الآية الكريمة وجوب التفقّه على المسلمين بعد الهجرة، ثُمّ الرجوع إلى بلادهم ووجوب التبليغ والإنذار، مُقدّمةً لحصول حالة الحذر، فهذا الإنذار

____________________

(1) الحجر: 9.

(2) التوبة: 4.

(3) التوبة: 122.

٣٧

لنشر معالم الدين وترسيخ قواعده يُبيّن في الواقع ماهيّة الشعائر.

فهذه الآية (آية الإنذار) بمنزلة المُبيّن والمفسِّر لأحد أركان ماهيّة العناوين التي وردت في الألسنة الأخرى من الأدلّة، وهو التبليغ والنشر للدين الحنيف.

(6) -( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (1) .

لسان هذه الآية، يوضِّح بُعداً آخر في حقيقة الشعائر، حيث تتضمّن في متعلّقها جنبة أخرى غير الأحكام الأوّليّة، ألا وهي جنبة ازدياد العلو والسُموّ للإسلام والمسلمين، وهذه غير جهة الإعلام، وإن كانت هي أحد نتائج الإعلام والنشر والإنذار.

فالبُعد الآخر الذي تتضمّنه قاعدة الشعائر الدينيّة: هو جنبة إعلاء كلمة الله سبحانه، وإعزاز كلمة المسلمين.

وقد توفّرت الأدلّة في إثبات ذلك بقدر وافٍ.

الطائفةُ الثالثة من الأدلّة:

وقد استُدلّ أيضاً على هذه القاعدة بما وردَ في الأبواب الخاصّة من الأدلّة، مثل: أدلّة خاصّة في مناسك الحج، أو أدلّة خاصّة في الشعائر الحسينيّة وغير ذلك، مثل: قول الصادق (عليه السلام):(رحمَ الله مَن أحيا أمرَنا) (2) .

وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :(يا علي، مَن عمّر قبوركم، وتَعاهدها، فكأنّما أعانَ

____________________

(1) النساء: 141.

(2) بحار الأنوار 2: 151: 30.

٣٨

سليمان بن داوود على بناء بيت المَقدس) (1) وما شابه ذلك.

أو ما ورد على لسان العقيلة زينب الكبرى (عليها السلام) بالنسبة لعزاء سيّد الشهداءصلى‌الله‌عليه‌وآله :(وسيوكِّل الله مَن يُجدّد له العزاء في كلّ عام) (2) تلك العناوين خاصّة في أبواب خاصّة.

وهذا اللسان الثالث من الأدلّة هو عبارة عن أحكام خاصّة في الموارد الأخرى، التي مفادها هو عين مفاد الشعائر، من لزوم البثّ والإعلان.

فزبدة القول: إنّ لدينا ثلاثة أشكال من الأدلّة:

الأوّل: أدلّة عامّة وردَ فيها لفظ الشعائر.

الثاني: أدلّة عامّة ومطلقه يظهر منها جانب الإعلام والإعلاء للدين.

الثالث: أدلّة مختصّة ببعض الأبواب، وتكون مرادفة لتعظيم الشعائر ولنشر الدين وإعلاء كلمته.

____________________

(1) بحار الأنوار 100: 120: 22.

(2) بحار الأنوار 44: 292.

٣٩

الجهةُ الثانية أقوالُ العامّة والخاصّة حول هذه القاعدة

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بَائساً ، فَقِيراً ، مُسْتَجيراً بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ ، وَجَبَرُوتِكَ ، وَسُلْطَانِكَ ، وَبِمُلْكِكَ ، وَبَهَائِكَ وَجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَبِآلآئِكَ وَحُسْنِكَ ، وَجَمَالِكَ ، وَبِقُوَّتِكَ على ما أَرَدْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ خَوْفاً ، وَطَمَعاً ، وَرَهْبَةً ، وَرَغْبَةً ، وَتَخَشُّعاً ، وَتََمَلُّقاً ، وَتَضَرُّعاً ، وَإلْحَاحاً ، خَاضِعاً لَكَ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ.

يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ.

يا الله ، يا الله ، يا الله.

يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ.

يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ.

يا رَبُّ ، يا رَبُّ ، يا رَبُّ.

أَعُوذُ بِكَ ، يا اللهُ ، الوَاحِدُ ، الَأحَدُ ، الصَّمَدُ ، الوَتْرُ ، المُتَكَبِّرُ ، المُتَعَالِ. وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَبِأَسْمَائِكَ التي تَمْلُا أَرْكَانَكَ كُلَّهَا ، أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لي ذَنْبِي ، وَارْحَمْني ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَصِيَامَهُ ، وَقِيَامَهُ ، وَفَرْضَهُ ، وَنَوَافِلَهُ ، وَاغْفِرْ لي ، وَارْحَمْني ، وَاعْفُ عَنِّي ، وَلا تَجْعَلْهُ آخرِ َشَهْرِ رَمَضَانَ صُمْتُهُ لَكَ ، وَعَبَدْتُكَ فِيهِ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي إيَّاهُ وَدَاعَ خُرُوجِي مِنَ الدًّنْيَا.

أللّهُمَّ ، أَوُجِبْ لي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، وَرِضْوَانِكَ ، وَخِشْيَتِكَ ، أَفْضَلَ ما أَعْطْيتَ أَحَداً مِمَّنْ عَبَدَكَ فِيهِ ، أللّهُمَّ لا تَجْعَلْني آخِرَ مَنْ سَأَلَكَ فِيهِ ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ أَعْتَقْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ مِنَ النَّارِ ، وَغَفَرْتَ

١٤١

لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ ، ما تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَوجَبْتَ لِهُ أَفْضَلَ ما رَجَاكَ وَأَمِلَهُ مِنْكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، ارزُقْني الَعَوْدَ في صِيامِهِ لَكَ ، وَعِبَادَتِكَ فِيهِ ، وَاجعَلنِي مِمَّنْ كَتَبْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ ، مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، المَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، المَغْفُورِ لَهُمْ ذَنْبُهُمْ المُتَقَبَّلِ عَمَلُهُمْ آمينَ ، آمين ، آمين ، يا ربَّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، لا تَدَعْ لي فِيهِ ذَنْباً إلَّا غَفَرْتَهُ ، وَلا خَطِيَئَةً إلَّا مَحَوْتَهَا ، وَلا عَثْرَةً إلَّا أَقَلْتَهَا ، وَلا دَيْناً إلَّا قَضَيْتَهُ ، وَلا عَيْلَةً إلَّا أَغْنَيْتَهَا ، وَلا هَمّاً إلَّا فَرَّجْتَهُ ، وَلا فَاقَةً إلَّا سَدَدْتَهَا ، وَلا عِرْيَاناً إلَّا كَسَوْتَهُ ، وَلا مَرِيضَاً إلَّا شَفَيْتَهُ ، وَلا دَاءاً إلَّا أذْهَبْتَهُ ، وَلا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا ، وَالآخِرَةِ ، إلَّا قَضَيْتَهَا ، على أَفْضَلِ أَمَلِي وَرَجَائِي فِيكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا ، وَلا تُذلَّنَا بَعْدَ أِذْ عَزَّزْتَنَا ، وَلا تَضَعْنَا بَعْدَ إذْ رَفَعْتَنَا ، وَلا تُهِنَّا بَعْدَ إذْ أكْرَمْتَنَا ، وَلا تُفْقِرْنَا بَعْدَ إذْ أَغْنَيْتَنَا وَلا تَمْنَعْنَا بَعْدَ إذْ أَعْطَيْتَنَا ، وَلا تَحْرِمْنَا بَعْدَ إذْ رَزَقْتَنَا ، وَلا تُغَيِّرْ شَيْئَاً مِنْ نِعْمَتِكَ عَلَيْنا ، وَإحْسَانِكَ إلَيْنا ، لشَيءٍ كَانَ مَنْ ذُنُوبِنَا ، وَلا لِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنَّا ، فَإنَّ في كَرَمِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَفَضْلَكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، سَعَةً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنَا ، فَاغْفِر لنا وَتَجَاوَزْ عَنَّا ، وَلا تُعَاقِبْنَا يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، أكْرِمْني في مَجْلِسِي هَذَا ، كَرَامَةً لا تُهِنّيِ بَعْدَهَا أَبَداً ، وَأَعِزَّني عِزّاً لا تُذِلُّني بَعْدَهُ أَبَداً ، وَعَافِني عَافِيَةً لا تَبْتَلِيني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَارْفَعْنِي رَفَعَةً لا تَضَعُني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَاصرِفْ عَنَّي شَرَّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ،

١٤٢

وَشَرَّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

اللّهُمَّ ، ما كَانَ في قَلْبي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيبَةٍ ، أَوْ جُحُودٍ ، أَوْ قُنُوطٍ ، أَوْ فَرَحٍ ، أَوْ مَرَحٍ ، أَوْ بَطَرٍ ، أَوْ بَذْخٍ ، أَوْ خُيَلاءَ ، أَوْ رِيَاءَ ، أَوْ سِمْعَةٍ ، أَوْ شِقَاقٍ ، أَوْ نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ ، أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ مَعْصيَةٍ ، أَوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ عََلَيْهِ وَلِّياً لَكَ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَمْحُوَهُ مِنْ قَلْبِي ، وَتُبَدِّلَني مَكَانَهُ إيمَاناً بِوَعْدِكَ ، وَرِضَاً بِقَضَائِكَ ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ ، وَوَجَلاً مِنْكَ ، وَزُهْداً في الدُّنْيَا ، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ ، وَثِقَةً بِكَ ، وَطُمَأنِينَةً إلَيْكَ ، وَتُوْبَةً نَصوُحاً إلَيْكَ.

اللّهُمَّ ، إنْ كُنْتَ بَلَّغْتَنَاهُ ، وَإلاَّ فَأَخِّر آَجَالَنَا إلى قَابِلٍ حَتَّى تُبَلَّغَنَاهُ في يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثيراً وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، الحَمْدُ لله الذي بَلَّغَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَعَانَنَا على صِيَامِهِ وَقِيامِهِ حَتَّى انْقَضَتْ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْهُ ، وَلَمْ يَبْتَلِنَا فِيهِ بِارْتِكَابِ حَرَامٍ ، ولا انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ ، وَلا بِأَكْلِ رِباً ، وَلا بِعُقُوقٍ لِوَالِدَينِ ، وَلا قَطْعِ رَحِمٍ ، وَلا بِشَيْءٍ مِنَ البَوَائِقِ ، وَالكَبَائِر ، وَأَنْوَاعِ البَلَايَا التي قَدْ بُلِيَ بِهَا مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.

اللّهُمَّ ، فَلَكَ الحَمْدُ شُكْراً ، على ما عَافيتَني ، وَحُسْنِ ما ابْتَلَيْتَني ، إلهي أُثْني عَلَيْكَ ، أَحْسَنَ الثَّنَاءِ ، لَأنَّ بَلَاءَكَ عَنْدِي أَحْسَنُ البَلَاءِ أَوْقَرْتَني نِعَماً ، وَأَوْقَرْتُ نَفْسيِ ذُنُوباً ، كَمْ مِنْ نِعْمَةِ لَكَ يا سَيدِي ، أَسْبَغْتَهَا عَلَيَّ لَمْ أُؤَدِّ شُكْرَهَا ، وَكَمْ مِنْ خَطِيئَةٍ ، أَحْصَيْتَهَا عَلَيَّ أَسْتَحْيِيْ مِنْ ذِكْرِهَا ، وَأَخَافُ خِزْيَهَا ، وَأَحذَرُ مَعْرَّتَّهَا ، إنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ. إلهيِ : فَإنَّي أعَتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبي ، وَأَذْكُرُ لَكَ حَاجَتي ،

١٤٣

وَأَشكُو إلَيْكَ مَسْكَنَتي ، وَفَاقَتي ، وَقَسْوَةَ قَلْبِي ، وَمَيْلَ نَفْسِي ، فَإنَّكَ قُلْتَ : « فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ » وَهَا أَنَا : قَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مِسْكِينًا مُتِضَرِّعاً ، رَاجِياً ، لِمَا أُرِيدُ مِنَ الثَّوَابِ ، بِصِيَامِي وَصَلاتي ، وَقَدْ عَرَفْتُ حَاجَتي وَمَسكَنَتي ، إلى رَحْمَتِكَ وَالثَبَاتَ على هُدَاكَ ، وَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ هَرَبَ العَبْدَ السُّوءِ إلى المَوْلَى الكَرِيمِ.

يا مَوْلايَ ، وَتَقَرَّبْتُ إلَيْكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ لَمَّا صَلَيَّتَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِرَةً ، كَرِيمَةً ، شَرِيفَةً ، تُوجِبُ لي بِهَا شَفَاعَتَهُمْ ، وَالقِيَامَةَ عِنْدَكَ ، وَصَلَّيْتَ على مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَمَّا غَفَرْتَ لي في هَذَا اليَوْمِ ، مَغْفِرَةً لا أشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً ، إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ »(١) .

وحكى هذا الدعاء ، الشريف عن أنابة الامامعليه‌السلام ، لله تعالى ، وإعتصامه به ، وقد تجاوز بذلك حدود الزمان والمكان.

لقد ودع الامامعليه‌السلام ، بهذا الدعاء ، شهر رمضان المبارك ، وقد ألم بمدى تعظيمه ، وتقدسيه ، لهذا الشهر ، الذي هو شهر الطاعة ، وشهر التقوى وشهر الانابة إلى الله تعالى.

١٩ ـ دعاء أخر في وداع رمضان

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يودع شهر رمضان ، بهذا الدعاء ، وكان يقرأه في العشر الاواخر منه :

« أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ ، أَوْ

__________________

١ ـ المصباح ( ص ٦٣٤ ـ ٦٤٠ ) البلد الامين ( ٥٢٢ ).

١٤٤

يَطْلَعُ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتي هَذِهِ ، وَلَكَ عِنْدِي تَبِعَةٌ ، أَوْ ذَنْبٌ ، تُعَذِّبُني عَلَيْهِ يَوْمَ أَلْقَاكَ »(١) .

حقا هذا هو التبتل الحقيقي ، إلى الله تعالى الذي هو معقل الرجاء والامل للعارفين والمتقين.

هذه بعض الادعية ، التي أثرت عن عملاق الفكر الاسلامي ، الامام الصادقعليه‌السلام ، في شهر رمضان المبارك ، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن أدعية رمضان.

__________________

١ ـ الاقبال ( ص ١٩٩ ).

١٤٥
١٤٦

القسم الخامس

في أدعية الحج

١٤٧
١٤٨

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يستقبل السفر إلى حج بيت الله الحرام ، بشوق بالغ ، ورغبة ملحة ، وذلك لما يترتب على هذه العبادة من الثمرات والفوائد ، البالغة الاهمية ، فإن الحج ، أهم مؤتمر إسلامي ، يلتقي فيه المسلمون ، من شتى أقطار الارض لاداء فريضة الحج ، وعرض قضاياهم المصيرية ، وما ألم بهم من أحداث وشؤون.

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، بحسب مركزه الروحي ، الزعيم الاعلى للعالم الاسلامي فكانت وفود بيت الله الحرام ، تتشرف بلقياه ، لانه بقية النبوة والامامة فتأخذ منه معالم دينها ، ومناسك حجها ، وقد قامعليه‌السلام بدور إيجابي ، في بيان أكثر مسائل الحج وفروعه ، ويقول الرواة : أنه لولاه ولولا أبو الامام الباقرعليه‌السلام من قبل لما عرف المسلمون مناسك حجهم ، وقد دونت تلك المسائل ، في كتب الحديث ، وموسوعات الفقه الاستدلالي ، وبالاضافة لذلك ، فقد قام الامامعليه‌السلام بدور مهم في تفسيد وإبطال ، أوهام الملحدين ، الذين كانوا يفدون إلى بيت الله الحرام ، في موسم الحج ، لافساد عقائد المسلمين ، أمثال عبد الكريم بن أبي العوجاء ، وجماعته ، فقد تصدى لهم الامام وأبطل جميع شبههم ، وأوهامهم ، وقد عرضنا إلى تفصيل ذلك كل في بحوث هذا الكتاب.

١٤٩

وعلى أي حال ، فقد أثرت عن الامام الصادقعليه‌السلام ، كوكبة مشرقة من الادعية الجليلة ، في حال سفره من بيته إلى حال فراغه من مناسك الحج ، وفي ما يلي تلك الادعية.

١ ـ دعاؤه في الخروج إلى السفر

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا اراد الخروج إلى السفر ، لبيت الله الحرام دعا ، بهذا الدعاء ، وقد علمه إلى أبي سعيد المكاري ، وهذا نصه

« اللّهُمَّ ، إنِّي خَرَجْتُ في وَجْهِي هَذَا ، بِلا ثِقَةٍ مِنِّي لِغَيْرِكَ ، وَلا رَجَاءٍ آوِي إلَيهِ إلاَّ إلَيْكَ ، وَلا قُوَّةٍ أَتَّكِلُ عَلَيْهَا ، ولا حيلَةٍ أَلْجَأ إلَيْهَا إلاَّ طَلَبَ فَضْلِكَ ، وَإبْتِغَاءَ رِزْقِكَ ، وَتَعَرُّضاً لِرَحْمَتِكَ ، وَسُكُوناً إلى حُسْنِ عَادَتِكَ ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَ لي ، في عِلْمِكَ في سَفَري هَذَا ، مِمَّا أُحِبُّ أَوْ أَكْرَهُ ، فَإنَّ ما وَقَعْتُ عَلَيْهِ ، يا رَبُّ ، مِنْ قََدَرِكَ فَمَحْمُودٌ فِيهِ بِلَاؤُكَ ، وَمُتَّضِحٌ عِنْدِي فِيهِ قَضَاؤُكَ ، وَأَنْتَ تَمْحُو ما تَشَاءُ ، وتُثْبِتُ ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ.

اللّهُمَّ ، فَاصْرِفْ عَنِّي مَقَادِيرَ كُلِّ بَلَاءٍ ، وَمَقْضِيَّ كُلِّ لْأوَاءٍ ، وَابْسطْ عَلَيَّ كَنَفاً مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلُطْفاً مِنْ عَفْوِكَ ، وَسَعَةً مِنْ رِزْقِكَ ، وَتَمَاماً مِنْ نِعْمَتِكَ ، وَجُمَاعاً مِنَ مُعَافَاتِكَ ، وَأَوْقِعْ عَلَيَّ فِيهِ جَميَعَ قَضَائِكَ ، على مُوَافَقَةِ جَميعِ هَوَايَ ، في حَقِيقَةِ أَحْسَنِ عَمَلي ، وَدَفعِ ما أَحْذَرُ فِيهِ ، وَمَا لا أَحْذَرُ على نَفْسي ، وَدِيني ، وَمَالِي ، مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَاجْعَلْ ذلِكَ خَيْراً لآخِرَتي ، وَدُنْيَايَ ، مَعَ ما أَسْأَلُكَ ، يا رَبُّ أَنْ تَحْفَظَنِي ، فِيمَا خَلَّفْتُ وَرَائي ، مِنْ أَهْلي ، وَوَلَدِي ، وَمَا لي وَمَعِيشَتي ، وَحُزَانَتي ، وَقَرَابَتي ، وَإخْوَاني ، بأحَسَنِ ما خَلَّفْتَ بِهِ غَائِباً مِنَ المُؤمِنِينَ في تَحْصِينِ كُلِّ عَوْرَةٍ ، وَحِفْظٍ مِنْ كُلِّ مَضْيَعَةٍ ، وَتَمَامِ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَكِفَايَةِ كُلِّ

١٥٠

مَكْرُوهٍ ، وَسَتْرِ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، وَصَرْفِ كُلِّ مَحْذُورٍ ، وَكَمَالِ كُلِّ ما يَجْمَعُ لِيَ الرِّضا وَالسُّرور في جَميعِ أُمُوري ، وَأفْعَلْ ذلِكَ بِيَ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ »(١) .

ويمثل هذا الدعاء الجليل ، صرحا من صروح الايمان ، الذي أقامه سليل النبوة ، للمتقين والمنيبين ، فقد أرشدهم إلى التمسك ، والاعتصام بالله في جميع شؤونهم ، وأمورهم ، وان غير الله وهم وسراب ، ومن الجدير بالذكر أن هذا الدعاء يدعي به في كل سفر سواء ، إلى بيت الله الحرام أو غيره.

٢ ـ دعاء آخر في السفر لبيت الله

وأوصى الامام الصادقعليه‌السلام ، تلميذه ، الفقيه معاوية بن عمار ، أن يدعو بهذا الدعاء إذا أراد السفر للحج والعمرة ، وهذا نصه :

« لا إلهَ إلاَّ اللهُ ، الحَلِيمُ الكَرِيمُ ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَرَبِّ الَأرْضِينَ السَّبْعِ ، وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيم ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

اللّهُمَّ ، كُنْ لي جَاراً ، مِن كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَمِنْ كُلِّ شَيْطَان رَجِيمٍ مريد.

بِسْمِ اللهِ دَخَلْتُ ، وَبِسْمِ الله خَرَجْتُ وَفي سَبِيلِ اللهِ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أُقْدِّمُ بَيْنَ يَدَيَّ ، نِسْيَانِي وَعَجَلَتي ، بِسْمِ الله ، مَا شَاَءَ اللهُ ، في سَفَرِي هَذَا ذَكَرْتُهُ ، أَوْ نَسِيتُهُ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ المُسْتَعَانُ على الأمورِ كُلِّهَا ، وَأَنْتَ

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٨٦.

١٥١

الصَّاحِبُ في السَفَرِ ، وَالخَليفَةُ في الَأهْلِ ، اللّهُمَّ ، هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا ، وَاطْوِ لَنا الَأرْض ، وَسَيِّرْنا فِهَا بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، اللّهُمَّ ، أصْلِحْ لَنَا ظَهْرَنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا ، وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَعْوذُ بِكَ ، مِنَ وَعْثَاءِ السَفَرِ ، وَكآبَةِ المُنْقَلَبِ ، وَسُوْءِ المُنْظَرِ في الَأهْلِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ عَضُدِي ، وَنَاصِري ، بِكَ أَحِلُّ وَبِكَ أَسِيرُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ في سَفَرِي هَذَا : السُّرُورَ وَالعَمَلَ ، لِمَا يُرْضِيكَ عَني ، اللّهُمَّ ، إقْطَعْ عَني بُعْدَهُ وَمَشَقَّتَهُ ، وَاصْبَحْني فِيهِ ، وَأَخْلِفْني في أَهْلِي بِخَيْرٍ ، وَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بالله العلِّي العَظِيم ،

اللّهُمَّ ، إنِّي عَبْدُكَ ، وَهذه جمالاتُكَ ، والوَجْهُ وَجْهُكَ ، والسَفَرُ إلَيْكَ ، وقَدْ اطََّلَعْتَ على مَا لَمْ يطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُكَ ، فَاجْعَلْ سَفَرِي هَذَا كَفَّارَةً ، لِمَا قَبْلَهُ ، مِنْ ذُنُوبي ، وَكُنْ عَوْنا لي عَلَيْهِ ، وَاكْفِنيِ وَعَثَهُ وَمشقَّتهُ ، وَلَقِنِّي مِنَ القَوْلِ وَالعَمَلِ رِضاكَ فإنَّما أَنَا عَبْدُكَ ، وَبِكَ وَلَكَ.(١) .

وحفل هذا الدعاء بتوحيد الله والثناء عليه ، بما هو أهله ، وبالاستعاذة به تعالى من كل جبار عنيد ، وشيطان رجيم ، كما حفل بالطلب من الله العون والمساعدة على وعثاء السفر ، ومشقة الطريق ، وأن يرزقه رضاه وعفوه ، وغفرانه.

٣ ـ دعاؤه عند ركوب راحلته

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا اعتلى راحلته للسفر ، إلى بيت الله الحرام ، دعا بهذا الدعاء :

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ).

١٥٢

« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللهِ ، وَالله أَكْبَرُ وَإذَا اسْتَوىَ على رَاحِلَتِهِ. قَالَ : الحَمْدُ للهِ الذي هَدَانَا لِلاسْلامِ ، وَعَلَّمَنَا القُرْآنَ ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ (ص) ، سُبْحَانَ الله ، سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا ، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإنّا إلى رَبنَا لَمُنْقَلِبونَ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ الحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ ، وَالمُسْتَعَانُ عَلَى الَأمْرِ ، اللّهُمَّ ، لا طَيرَ إلاَّ طَيْرُكَ ، وَلا خَيْرَ إلاَ خَيْرُكَ ، وَلا حَافِظَ غَيْرُكَ »(١) .

٤ ـ دعاؤه في اثناء المسير

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، في أثناء مسيره في السفر ، إلى بيت الله الحرام ، يمجد الله ، ويلهج بذكره ، وكان فيما يدعو به هذا الدعاء :

« اللّهُمَّ ، أنِّي أَسْأَلُكَ لِنَفْسِي ، اليَقِينَ ، وَالعَفْوَ ، وَالعَافِيَةَ ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ ثِقَتي وَرَجَائِي ، وَأَنْتَ عَضُدِي ، وَأَنْتَ نَاصِرِي ، بِكَ أَحِلُّ وَبِكَ أَسِيرُ »(٢) .

حكى هذا الدعاء ، مدى اعتصام الامامعليه‌السلام بالله تعالى ، وإلتجائه إليه في جميع شؤونه.

٥ ـ دعاؤه عند باب المسجد الحرام

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا انتهى إلى مكة المكرمة ، قصد البيت الحرام ، ليطوف حول الكعبة ، وكان يقف عند باب البيت المعظم ،

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.

٢ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٨٦.

١٥٣

ويدعو بهذا الدعاء ، وقد رواه عنه الثقة أبو بصير ، وهذا نصه :

« بِسْمِ الله ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَمَا شَاءَ اللهُ ، وَعلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ (ص) وَخَيْرُ الَأسمَاءِ للهِ ، وَالحَمْدُ للهِ ، والسَّلَامُ على رَسُولِ الله ، السَّلَامُ على مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِاللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ ، أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةً اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ على أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ ، السَّلَامُ على إبْرَاهِيمَ خَليلِ الرَّحْمنِ ، السَّلَامُ على المُرْسَلِينَ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَميِنَ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا ، وَعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَعلى إبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ ، وَعلى أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ ، وَسَلَامٌ على المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، إفْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني في طَاعَتِكَ ، وَاحْفَظْني بِحِفْظِ الإِيمَانِ ، أَبَداً ، ما أبْقَيْتَني ، جَلَّ ثَنَاءُ وَجْهِكَ ، الحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَني مِنْ وَفْدِهِ وَزُوَّارِهِ ، وَجَعَلَني مِمَّنْ يُعمِّرُ مَسَاجِدَهُ ، وَجَعَلَني مِمَّن يُنَاجِيهِ.

اللّهُمَّ ، إني عَبْدُكَ ، وَزَائِرُكَ في بَيْتِكَ ، وَعلى كُلِّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتي ، وَأَكْرَمُ مَزُورٍ ، فَأَسْأَلُكَ ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ وَبِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَبِأَنَّكَ وِاحِدٌ صَمَدٌ ، لَمْ تَلِدْ ، وَلَمْ تُولَد ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفْواً أَحَدٌ ، وَأَنَّ مُحَمَداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَعلى أَهْلِ بَيْتِهِ.(١) يا جَوَادُ يا كَرِيمٌ ، أَسْأَلُكَ أَنْ

__________________

١ ـ كذا في الاصل ، واحتمل هناك سقط وان فيه سلاما على أهل البيتعليهم‌السلام أو دعاءا لهم.

١٥٤

تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إيَّايَ ، بِزِيَارَتِي إيَّاكَ ، أَوَّلَ شَيْءٍ تُعْطِيني فَكَاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ ،

اللّهُمَّ ، فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ

كان يقول ذلك ثلاثا

وَأَوسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلَالِ الطَيِّبِ ، وَادْرَأْ عَنِّى شَرَّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجنَّ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ العَرَبِ وَالعَجَمِ »(١) .

٦ ـ دعاؤه عند دخول المسجد الحرام

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا دخل البيت الحرام ، دخله بسكينة ، وخشوع ، ووقار ، وقد أوصى بذلك تلميذه الفقيه معاوية بن عمار ، وقال له : من دخله ـ البيت الحرام ـ بخشوع غفر الله له ، فقال له عمار : ما الخشوع؟ قالعليه‌السلام : السكينة ، لا تدخل بتكبر ، وأمره بالدعاء التالي عند باب المسجد :

« السَّلَامُ عَلَيْكَ إَيُّها النَّبِيُّ وَرَحْمَةً اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، بِسْمِ الله ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَمَا شَاءَ اللهُ ، وَالسَّلَامُ على أَنبْيَاءِ الله وَرُسُلِهِ ، وَالسَّلَامُ على رَسُولِ اللهِ (ص) وَالسَّلَامُ على إبراهيمَ خَليلِ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ ».

وقال له : إذا دخلت المسجد ، فارفع يديك ، واستقبل البيت ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ في مَقَامِي هِذا ، في أَوَّلِ مَنَاسِكِي ، أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتي ، وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطيئتي ، وَتَضَعَ عَنْي وِزْرِي ، الحَمْدُ للهِ الذي

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ).

١٥٥

بَلَّغَني بَيْتَهُ الحَرَامَ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَشْهَدُ ، أَنَّ هَذَا بَيْتَكَ الحَرَامَ ، الذي جَعَلْتَهُ مَثَابَةً لِلْنَّاسِ وَأَمْناً وَمُبَارَكاً ، وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ ،

اللّهُمَّ ، أنِّي عَبْدُكَ ، وَالبَلَدُ بَلَدُكَ ، وَالبَيْتُ بَيْتُكَ ، جَئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ ، وَأَرُومُ طَاعَتَكَ ، مُطِيعاً لإمْرِكَ ، رَاضِياً بِقَدَرِكَ ، أَسْألُكَ مَسْأَلَةَ المُضْطَرِ إلَيْكَ ، الخَائِفِ لِعُقُوبَتِكَ ، اللّهُمَّ ، إفْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني بِطَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ »(١) .

ويمثل هذا الدعاء مدى إنابته إلى الله ، وانقطاعه إليه ، فهو الذي وضع المناهج العليا لمناسك الحج ، وأرشد المسلمين إلى أفضل الطرق في أداء هذه العبادة.

٧ ـ دعاؤه حول الكعبة

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يستقبل الكعبة المعظمة بالخشوع ، وذكر الله وقد روى ذريح ، ما شاهده من الامام ، وما سمعه من دعائه قال : رأيت الامام في الكعبة ، وهو ساجد ، يقول :

« لا يَرُدُ غَضَبَكَ إلا حِلْمُكَ ، وَلَا يُجِيرُ مِنْ عَذَابِكَ إلاَّ رَحْمَتُكَ ، وَلا يُنْجِي مِنْكَ إلاَّ التَضَرُعُ إلَيْكَ ، فَهَبْ لي ، يا إلهي ، فَرَجاً بِالقُدْرَةِ التي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ العِبَادِ ، وَبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ البِلَادِ ، وَلا تُهْلِكْنِي ، يا إلهي حَتَّى تَسْتَجِيبَ لي دُعَائِي وَتُعَرِّفَني الإِجَابَةَ.

اللّهُمَّ ، ارْزُقْني العَافِيَةِ إلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تَشْمِتْ بي عَدُوِّي ،

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٢١.

١٥٦

وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي ، مَنْ ذا الذي يَرفَعُني إنْ وَضَعْتني؟ وَمَنْ ذا الذي يَضِعُني إنْ رَفَعْتني؟ وَإنْ أَهْلَكْتَني فَمنْ ذَا الذي يَعْرِضْ لَكَ في عَبْدِكَ ، أَوْ يَسْألُكَ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَدْ عَلِمْتُ يا إلهي ، أَنَّهُ لَيْسَ في حُكْمِكَ ظَلْمُ ، وَلَا في نقْمَتك عجَلَةٌ ، إنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الفَوْتَ ، وَيَحْتَاجُ إلى الظُلْمِ الضعيفُ ، وَقَدْ تعالَيْتَ يا إلهي عَنْ ذلِكَ.

إلهي فَلَا تَجْعَلْني لِلْبَلَاءِ غَرَضاً ، وَلَا لِنَقْمَتِكَ نَصَباً ، وَأمْهِلْني وَنَفْسِي ، وَأَقلني عَثْرَتي ، وَلَا تَرُدَّ يَدِي في نَحْرِي ، وَلَا تُتْبِعْني بِبَلاءٍ ، فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي ، وَتَضَرُعي إلَيْكَ ، وَوَحْشتِي مِنَ النَّاسِ ، وَأُنْسِي بِكَ ، أَعُوذُ بِكَ اليَوْمَ فأعِذْني ، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْني ، وَأَسْتَعينُ بِكَ عَلَى الضَرَّاءِ فَأَعِنِّي ، وَأَسْتَنْصِرُكَ فَانْصُرني ، وَأَتوكَّلُ عَلَيْكَ فَاكْفني ، وأُومنُ بِكَ فَآمِنِّي ، وَأَسْتَهْدِي بِكَ فَاهْدِني ، وَأسْتَرْحِمُكَ فَارْحَمْني ، وَأسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ فَاغْفِر لي ، وَأَسْتَرْزِقُكَ مِنْ فَضْلِكَ الواسِعِ ، فارْزُقْني ، ولا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ »(١) .

لقد إتجه الامامعليه‌السلام ، بمشاعره وعواطفه نحو الله تعالى ، وناجاه بإيمان لا حدود له ، وقد طلب منه أجل وأسمى ما يطلبه المتقون ، والعارفون ، فقد طلب منه خير الدنيا وخير الآخرة.

٨ ـ دعاؤه عند دخول الكعبة

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يهتم إهتماما بالغا ، في الدخول إلى الكعبة المعظمة ، وقد عهد إلى تلميذه الفقيه ، معاوية بن عمار ، أن لا يدخلها بحذائه ، ويقول عند الدخول : اللهم : إنك قلت :«ومن دخله كان آمنا »

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦.

١٥٧

فَآمِنِّي مِنْ عَذَابِ النار ، كما أمره بالصلاة ركعتين بين الاسطوانتين على الحمراء ، ويقرأ في الركعة الاولى ( حم السجدة ) وفي الثانية عدد آياتها من القرآن ويصلي في زواياه ويقول :

« اللّهُمَّ ، مَنْ تَهَيَّأَ ، أَوْ تَعَبَّأَ ، أَوْ أسْتَعَدَّ ، أَوْ اسْتَعَدَّ لِوَفَادَةِ إلى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ وَجَائِزَتَهِ ِ، وَنَوَافِلِهِ وَفَواضِلِهِ ، فَإلَيْكَ يا سَيِّدي ، تَهْيِئَتي ، وَتَعْبِئَتي ، وَاسْتِعْدَادِي ، رَجَاءَ رَفْدِكَ ، وَنَوَافِلِكَ ، وَجَائِزَتِكَ ، فَلا تُخَيِّب اليَوْمَ رَجَائِي ، يا مَنْ لا يَخِيبُ سَائِلُهُ ، وَلا يَنْقُصُ نَائِلُهُ ، فَإنِّي ، لَمْ آتِكَ اليَوْمَ ، بَعَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ ، وَلا شَفَاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ ، وَلكِني أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالذُّنُوبِ وَالإٍسَاءَةِ على نَفْسي ، فَإنَّهًُ لا حُجَّةَ لي ، وَلا عُذْرَ ، فَأَسْأَلُكَ يا مَنْ هُوَ كَذلِكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَتُعْطِيَني مَسْأَلَتِي ، وَتُقِيلَني عَثْرَتِي ، وَتَقْبَلَني بِرَغْبَتي ، وَلا تَرُدَّني مَجْبُوهاً مَمْنُوعاً ، وَلا خَائِباً ، يا عَظِيمُ ، يا عَظِيمُ ، يا عَظِيمُ ، اَرْجْوكَ يَا عَظيمُ ، أَسْأَلُكَ يَا عَظِيمُ أَنْ تَغْفِرَ لي الذَّنْبَ العَظِيمَ ، يا عَظِيمُ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ »(١) .

أرأيتم سيد العارفين والمتقين ، كيف يتذلل أمام الخالق العظيم؟ لقد علمنا كيف نخاطب الله تعالى؟ وكيف ندعوه ونتوسل إليه؟

٩ ـ دعاؤه عند الحجر الاسود

أما بداية الطواف حول البيت المعظم ، فمن الحجر الاسود ، وقد أثرت عن الامام الصادقعليه‌السلام ، بعض الادعية ، التي كان يدعو بها حول هذا الحجر المقدس ، وهي :

أ ـ روى الفقيه ، معاوية بن عمار ، عن الامام الصادقعليه‌السلام ، أنه

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٧٢ ـ ٣٧٣.

١٥٨

قال له : إذا دنوت من الحجر الاسود ، فارفع يديك ، واحمد الله ، وثن عليه ، وصل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واسأل الله أن يتقبل منك ، ثم استلم الحجر وقبله ، فإن لم تستطع تقبله ، فاستلمه بيدك ، فام لم تستطع إن تستلمه بيدك فأشر إليه ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا ، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لي بِالمُوَافَاةِ ، اللّهُمَّ ، تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ ، وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، آمَنْتُ بِالله ، وَكَفَرْتُ بِالجِبْتِ وَالطَاغُوتِ ، وَبِالَّاتِ وَالعُزَّى ، وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ ، وَعِبَادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللهِ »

وأضاف الامامعليه‌السلام قائلا : فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إلَيْكَ بَسَطْتُ يَدِي ، وَفِيمَا عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتِي ، فَاقْبَلْ مَسْحَتي ، وَاغْفِرْ لي وَارْحَمْني ، اللّهُمَّ ، إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ ، وَمَوَاقِفِ الخَزْيِ ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ »(١) .

ب ـ روى أبو بصير الثقة الجليل عن الامام الصادقعليه‌السلام أنه قال : إذا دخلت المسجد الحرام ، فامش حتى تدنوا من الحجر الاسود ، فتستلمه ، وتقول :

« الحَمْدُ للهِ الذي هَدَانَا لِهَذَا ، وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا الله ، سُبْحَانَ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ ، وَلَا إلهَ إلاَّ اللهِ ، وَاللهُ أكْبَرُ ، أكْبَرُ مِنْ خَلْقِهِ ، وَأَكْبَرُ مِمَّنْ أَخْشَى وَأحْذَرُ ، وَلا إلهَ إلاَّ اللهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٤٠٠.

١٥٩

المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيى وَيُمِيتُ ، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي بِيَدِهِ الخَيْرُ ، وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».

ثم امره بالصلاة على النبي وأله ، والسلام على المرسلين ، والقول بعد ذلك :

« إنِّي أَومِنُ بِوَعْدِكَ ، وَأوُفي بِعَهْدِكَ »(١) .

١٠ ـ دعاؤه عند الطواف

وعلِّم الامام الصادقعليه‌السلام ، تلميذه الفقيه معاوية بن عمار ، الدعاء الذي يدعو به في حال طوافه ، قائلا : طف بالبيت سبعة أشواط ، وتقول في الطواف :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الذي يُمْشَي بِهِ على ظُلَلِ المَاءِ ، كَمَا يُمْشَي بِهِ على جَدَد الَأرْضِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي تَهْتَزُ لَهُ أَقْدَامُ مَلَائِكَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي دَعَاكَ بِهِ مُوسَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ ، فَاسْتَجْبْتَ لَهُ ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ مَحَبَّةً مِنْكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي غَفَرْتَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ ، ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ

ثم تسأل حاجتك وكلما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الاسود :

« رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الَآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ».

وقل في الطواف :

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٤٠١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294