الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية20%

الصحيفة الصادقية مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 294

الصحيفة الصادقية
  • البداية
  • السابق
  • 294 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170534 / تحميل: 8353
الحجم الحجم الحجم
الصحيفة الصادقية

الصحيفة الصادقية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ثُمّ إنّ القرآن في الأصل مصدر نحو رجحان ، قال سبحانه :( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ ) .(١)

قال ابن عبّاس : إذا جمعناه وأثبتناه في صدرك فاعمل به

وقد خُصّ بالكتاب المُنزَّل على نبيِّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فصار له كالعَلَم ، كما أنّ التوراة لمّا أُنزل على موسىعليه‌السلام ، والإنجيل لمّا أُنزل على عيسىعليه‌السلام

قال بعض العلماء : تسمية هذا الكتاب قُرآناً من بين كتب اللّه ، لكونه جامعاً لثَمرَة كُتبِه ، بل لجمعه ثَمرَة جميع العلوم ، كما أشار تعالى إليه بقوله :( وَتَفصيلاً لكلِّ شيء ) .(٢)

وعلى هذا ، فالقرآن مِن قَرَأَ بمعنى : جمع ، ولكن يُحتمل أن يكون بمعنى القراءة ، كما في قوله سبحانه : ( وَقُرآنَ الفَجْر ) (٣) ، أي : قراءته

الحلف بالكتاب :

حلف سبحانه بالكتاب مرَّتين وقال :

١ ـ( حم * والكتابِ المُبِين * إِنّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكةٍ إِنّا كُنّا مُنْذِرين ) (٤)

٢ ـ( حم * وَالكتابِ المُبِين * إِنّا جَعَلْناهُ قُرآناً عَرَبياً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون ) (٥)

ــــــــــــــــ

(١) القيامة : ١٧ـ ١٨

(٢) الأنعام : ١٥٤

(٣) الإسراء : ٧٨

(٤) الدخان : ١ـ٣

(٥) الزخرف : ١ـ٣

٦١

فالمُقسَم به هو الكتاب ، والمُقسَم عليه في الآية الأولى قوله :( إِنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَة مُباركة ) ، والصِلة بينهما واضحة ، حيث يحلف بالكتاب على أنّه مُنزَّل من جانبه سبحانه في ليلة مباركة

كما أنّ المُقسَم به في الآية الثانية هو الكتاب المبين ، والمُقسَم عليه هو الحلف على أنّه سبحانه جعله قرآناً عربيّاً للتعقّل ، والصِلة بينهما واضحة

ووُصف الكتاب بالمُبين دون غيره ؛ لاَنّ الغاية من نزول الكتاب هو إنذارهم وتعقّلهم ، كما جاء في الآيتين ، حيث قال :( إِنّا كُنّا مُنذرين ) ، وقال :( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون ) ، وهذا النوع من الغاية ، أي : الإنذار والتعقّل ، يطلب لنفسه أن يكون الكتاب واضحاً مفهوماً ، لا مجهولاً ومعقداً

والكتاب في الأصل مصدر ، ثُمّ سُمّي المكتوب فيه كتاباً

إلى هنا تمّ الحلف بالقرآن والكتاب

بقي هنا الكلام في عظمة المُقسَم به

ويكفي في ذلك أنّه فعله سبحانه ، حيث أنزله لهداية الناس وإنقاذهم من الضلالة

وقد تكلّم غير واحد من المُفكّرين الغربيّين حول عظمة القرآن ، والأحرى بنا أن نرجع إلى نفس القرآن ونَستنطِقه حتى يُبدي رأيه في حقِّ نفسه

أ ـ القرآن نور ينير الطريق لطلاّب السعادة ، قال سبحانه :( قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِين ) (١)

ب ـ إنّه هدى للمُتَّقين ، قال سبحانه : ( هُدىً لِلْمُتَّقين ) (٢) فهو وإن كان هدى لعامّة الناس ، إلاّ أنّه لا يستفيد منه إلاّ المُتَّقون ؛ ولذلك خصَّهم بالذِكر

ــــــــــــــــ

(١) المائدة : ١٥

(٢) البقرة : ٢

٦٢

ج ـ هو الهادي إلى الشريعة الأقوَم ، قال سبحانه :( إِنَّ هذا القُرآنَ يَهدِي لِلَّتي هِي أَقْوم ) (١)

د ـ الغاية من إنزاله قيام الناس بالقِسط ، قال سبحانه :( وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالقِسْطِ ) .(٢)

هـ ـ لا يتطرَّق إليه الاختلاف في فصاحته وبلاغته ، ولا في مضامينه ولا محتواه ، قال سبحانه :( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللّهِ لوَجَدُوا فِيهِ اختلافاً كَثِيراً ) (٣)

و ـ يحثّ الناس إلى التدبُّر والتفكّر فيه :( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُباركٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ ) (٤)

ز ـ تبيان لكلّ شيء :( وَنَزلْنا عَليْكَ الكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيء ) (٥)

ح ـ نذير للعالمين :( تَبارَكَ الَّذي نَزَّل الفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً ) (٦)

ط ـ فيه أحسن القَصص :( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَص ) (٧)

ــــــــــــــــ

(١) الإسراء : ٩

(٢) الحديد : ٢٥

(٣) النساء : ٨٢

(٤) ص : ٢٩

(٥) النحل : ٨٩

(٦) الفرقان : ١

(٧) يوسف : ٣

٦٣

ي ـ ضُرب فيه للناس من كلِّ مَثل :( وَلَقَدْ صَرَّفْنا في هذا الْقُرآنِ لِلنّاسِ من كُلِّ مَثَل ) (١)

هذه نماذج من الآيات الّتي تصف القرآن ببعض الأوصاف

وللنبي والأئمّة المعصومين كلمات قيِّمة حول التعريف بالقرآن ، ننقل شذرات منها :

قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً ، فقال :( أيّها الناس ، إنّكم في دار هُدنة ، وأنتم على ظَهرِ سفر ، والسير بكم سريع ، وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يُبليان كلّ جديد ، ويُقرّبان كلّ بعيد ، ويأتيان بكلّ موعود ، فأعدّوا الجهاز لبُعد المُجاز )

فقام المُقداد بن الأسود وقال : يا رسول اللّه ، و ما دار الهُدنة ؟

قال : ( دار بلاغٍ وانقطاعٍ .

فإذا التبست عليكم الفِتن كقطع اللّيل المُظلِم ، فعليكم بالقرآن ، فإنّه شافِع مُشفَّع وماحِل مُصدَّق ، ومَن جعله أَمامَه قادَه إلى الجنّة ، ومَن جعله خلفه ساقه إلى النار

وهو الدليل ، يدلُّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفَصل ليس بالهَزل ، وله ظَهْر وبَطْن ، فظاهره حكم وباطنه عِلم ، ظاهره أنيق وباطنه عَميق ، له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تُحصى عجائبه ولا تبلَى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمَن عرف الصِفة

فليَجل جال بَصَره ، وليبلغ الصِفة نظره ، ينج مَن عطب ، ويتخلَّص مَن نشب ، فإنّ التَفكُّر حياة قلبِ البصير ، كما يمشي المُستنير في الظلمات بالنور ، فعليكم بحُسنِ التخلّص وقلَّة التربّص ) (٢)

ــــــــــــــــ

(١) الكهف : ٥٤

(٢) الكافي : ٢/٥٩٩ ، كتاب فضل القرآن

٦٤

وقال الإمام علي أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصف القرآن :

( ثُمّ أنزلَ عليه الكتاب نوراً لا تطفأ مصابيحه ، وسراجاً لا يخبُو توقُّده ،وبحراً لا يُدرك قعرُه ، فهو ينابيع العلم وبحوره ، وبحر لا يَنزِفه المُستنزفون ، وعيون لا يُنضِبُها الماتِحُون ، ومناهل لا يَغيضُها الواردون ) (١)

إلى غير ذلك من الخُطب والكلم حول التعريف بالقرآن ، الواردة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام

ــــــــــــــــ

(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٩٨

٦٥

الفصل الخامس : القَسَمُ بالعَصْر

حلف سبحانه بالعصر مرّةً واحدة ، دون أن يقرنه بمُقسَمٍ به آخر ، وقال :( وَالعَصْر * إِنّ الإنْسانَ لَفي خُسْر ) (١)

تفسير الآيات :

العَصْر يُطلق ويراد منه تارة : الدَهر ، وجَمْعه عصور

وأُخرى : العَشيّ مقابل الغداة ، يُقال : العصران : الغداة والعشي ، والعصران : الليل والنهار ، كالقمرين للشمس و القمر

وثالثة : بمعنى الضَغْط ، فيكون مصدر عَصَرْتُ ، والمَعصور الشيء العصر ، والعُصارة نفاية ما يُعصَر ، قال سبحانه :( أَراني أَعْصِرُ خَمراً ) (٢) ، وقال :( وفيهِ يَعْصِرُون ) (٣) ، وقال :( وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً ) (٤) أي : السُّحُب الّتي تعتصرُ بالمَطَر

ورابعة : بمعنى ما يُثير الغبار ، قال سبحانه :( فَأَصابَها إعصار ) (٥) .(٦)

والمُراد من الآية أحد المَعنيين الأوّليين :

الأوّل : الدَهر والزمان

الثاني : العَصْر مقابل الغداة

ولا يناسب المعنى الثالث ، أعني : الضغط ، ولا الرابع ، كما هو واضح

ــــــــــــــــ

(١) العصر : ١ـ٢

(٢) يوسف : ٣٦

(٣) يوسف : ٤٩

(٤) النبأ : ١٤

(٥) البقرة : ٢٦٦

(٦) مفردات القرآن : مادّة عصر ، و مجمَع البيان : ٥/٥٣٥

٦٦

وإليك بيان المَعنَيين الأوّلين

١ ـ العَصْر : الدَهْر . وإنّما حلف به ؛ لأنّ فيه عبرة لذوي الأبصار من جهة مرور الليل والنهار

وقد نُسب ذلك القول إلى ابن عبّاس ، والكلبي ، والجبائي

قال الزَمخشري : وأقسَمَ بالزمان ؛ لما في مروره من أصناف العجائب(١)

ولعلّ المُراد من الدهر والزمان اللّذين يُفسِّرون بهما العصر هو تاريخ البشريّة ؛ وذلك لأنّه سبحانه جعل المُقسَم عليه كون الإنسان لفي خسر إلاّ طائفة خاصّة ، ومن المعلوم أنّ خسران الإنسان أنّه هو مِن تصرّم عُمْره ، ومضي حياته من دون أن ينتفع بأغلى رأس مالٍ وقع في يده

وقد نقل الرازي هنا حكاية طريفة ، نأتي بنصِّها :

قال : وعن بعضِ السَلَف ، تعلّمتُ معنى السورة من بائع الثلج ، كان يصيح ويقول : ارحموا مَن يذوب رأس ماله ، ارحموا مَن يذوب رأس ماله ، فقلت : هذا معنى أنّ الإنسان لفي خُسْر ؛ يمرّ به العصر فيمضي عمره ولا يكتسب ، فإذا هو خاسر(٢)

٢ ـ العصر : أحدُ طَرفَي النهار . وأقسم بالعَصر كما أَقسم بالضُحى ، وقال :( والضحى * واللَّيل إذا سَجى ) (٣) ، كما أقسم بالصبح وقال :( والصُّبح إِذا أَسفَر ) (١)

وإنّما أقسَمَ بالعَصرِ لأهمّيّته ، إذ هو في وقت من النهار يحدث فيه تغيير في نظام المَعيشة وحياة البشر ، فالأعمال اليوميّة تنتهي ، والطيور تعود إلى أوكارها ، وتبدأ الشمس بالميل نحو الغروب ، ويستولي الظلام على السماء ، ويخلد الإنسان إلى الراحة

ــــــــــــــــ

(١) الكشّاف : ٣/٣٥٧

(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣٢/٨٥

(٣) الضحى : ١ـ٢

٦٧

وهناك قولان آخران :

أ ـ المرادُ عَصْر الرسول ذلك لما تضمَّنته الآيتان التاليتان من شمول الخسران للعالم الإنساني ، إلاّ لمَن اتَّبع الحقّ وصبر عليه ، وهم المؤمنون الصالحون عملاً ، وهذا يؤكّد على أن يكون المراد من العصر عصر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو عصر بزوغ نجم الإسلام في المجتمع البشري ، وظهور الحقّ على الباطل

ب ـ المراد به وقت العصر وهو المروي عن مقاتل ، وإنّما أقسَمَ بها ، لفضلها ، بدليل قوله :( حافِظُوا عَلى الصَّلواتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطى ) (٢) ، كما قيل أنّ المراد من قوله تعالى :( تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللّهِ ) (٣) هو صلاة العصر

أضف إلى ذلك ، أنّ صلاة العصر يحصل بها ختم طاعات النهار ، فهي كالتوبةِ تُختَم بها الأعمال.

ولا يخفى أنّ القول الأخير في غاية الضعف ؛ إذ لا صِلة بين القَسَم بصلاة العصر والمُقسَم عليه ، أعني :( الإنْسان لفي خُسر ) ، على أنّه لو كان المُقسَم به هو صلاة العصر ، لماذا اكتفى بالمضاف إليه وحذف المضاف ، مع عدم توفُّر قرينة عليه ؟! ومنه يظهر حال الوجه المُتقدّم عليه

والظاهر أنّ الوجه الأوّل هو الأقوى ؛ حيث أنّ الحلف بالزمان وتاريخ البشرية يتناسب مع الجواب ، أي : خسران الإنسان في الحياة ، كما سيوافيك بيانه

ــــــــــــــــ

(١) المُدّثّر : ٣٤

(٢) البقرة : ٢٣٨

(٣) المائدة : ١٠٦

٦٨

وأمّا المُقسَم عليه ، فهو قوله سبحانه :( إِنَّ الإنسانَ لَفي خُسْر ) ، والمراد من الخسران هو : مضيّ أثمَن شيء لديه وهو عمره ، فالإنسانُ في كلّ لحظة يفقد رأس ماله ، بنحوٍ لا يُعوَّض بشيء أبداً ، وهذه هي سُنَّة الحياة الدنيويّة ، حيث ينصرم عمره ووجوده بالتدريج ، كما تنصرم طاقاته إلى أن يهرم ويموت ، فأيُّ خسران أعظم من ذلك ؟!

وأمّا الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه فأوضح من أن يخفى ؛ لاَنّ حقيقة الزمان حقيقة مُتصرّمة غير قارة ، فهي تنقضي شيئاً فشيئاً ، وهكذا الحال في عمر الإنسان ، فيخسر وينقص رأس ماله بالتدريج

ثُمّ أنّه سبحانه استثنى من الخسران مَن آمن وعمل صالحاً ، وتواصى بالحقِّ وتواصى بالصبر

ووجه الاستثناء واضح ؛ لأنّه بدَّلّ رأس ماله بشيء أغلى وأثمَن ، يستطيع أن يقوم مقام عمره المُنقضي ، فهو بإيمانه وعمله الصالح اشترى حياة دائمة ، حافلة برضوانه سبحانه ونِعمه المادِّية والمعنويّة

يقول سبحانه :( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (١)

ــــــــــــــــ

(١) التوبة : ١١١

٦٩

الفصل السادس : القَسَم بالنَجْم

وردتْ كلمة النجم في القرآن الكريم أربع مرّات في أربع سور(١) ، وحلف به مرَّة واحدة وقال :( وَالنَّجمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى ) (٢) ، وهي من السور المكِّية

تفسير الآيات :

النَجْمُ في اللغة : الكوكب الطالِع ، وجمعه نُجوم ، فالنجوم مرّة اسم كالقلوب والجيوب ، ومرّة مصدر كالطلوع والغروب

وأمّا ( هوى ) في قوله :( إِذا هَوى ) ، فيُطلق تارة على ميل النفس إلى الشهوة ، وأُخرى على السقوط من علوٍ إلى سفل

ولكنّ تفسيره بسقوط النجم وغروبه لا يُساعده اللفظ ، وإنّما المُراد هو ميله

وسيوافيك وجه الحلف بالنجم إذا هوى ، أي : إذا مالَ

ثُمّ إنّ المراد من النجم أحد الأمرين :

أ ـ أمّا مُطلَق النجم ، فيشمل كافّة النجوم الّتي هي من آيات عظمة اللّه سبحانه ، ولها أسرار ورموز يعجز الذهن البشري عن الإحاطة بها

ــــــــــــــــ

(١) وهي : النحل : ١٦ ، النجم : ١ ، الرحمن : ٦ ، الطارق : ٣

(٢) النجم : ١ـ٤

٧٠

ب ـ المراد هو نجم الشِعْرَى ، الّذي جاء في نفس السورة ، قال سبحانه :( وَانَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعرى ) (١)

ونظيره القول بأنّ المراد هو الثُريّا ، وهي مجموعة من سبعة نجوم ، ستَّة منها واضحة وواحد خافت النور ، وبه تُختبر قوَّة البَصَرِ

وربّما فُسّر بالقرآن الّذي نزل على قلب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة ٢٣ سنة ؛ لنزوله نجوماً(٢) ، لكنّ لفظ الآية لا يُساعد على هذا المعنى ، فاللّه سبحانه إمّا أن يحلف بعامّة النجوم ، أو بنجم خاصِّ يهتدي به السائر

ويدلّ على ذلك أنّه قيَّد القَسَم بوقت هويِّه ، ولعلّ الوجه هو أنّ النجم إذا كان في وسط السماء يكون بعيداً عن الأرضِ لا يهتدي به الساري ، لأنّه لا يعلم به المشرق من المغرب ولا الجنوب من الشمال ، فإذا زال ، تبيَّن بزواله جانب المغرب من المشرق(٣)

وأمّا المُقسَم عليه ، فهو قوله سبحانه :( ما ضَلَّ صاحِبكُمْ وَما غوى * وما ينطق عن الهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحيٌ يُوحى )

جمع سبحانه هناك بين الضلال والغَيِّ فنفاهما عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والقرآنُ يستعمل الضلالة في مقابل الهدى ، يقول سبحانه :( يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذا اهْتَدَيْتُمْ ) (٤)

ــــــــــــــــ

(١) النجم : ٤٩

(٢) انظر الميزان : ١٩/٢٧ ، مجمع البيان : ٥/١٧٢

(٣) تفسير الفخر الرازي : ٢٨/٢٧٩

(٤) المائدة : ١٠٥

٧١

كما يستعمل الغَيّ في مقابل الرُشد ، يقول سبحانه :( وَإِنْ يَرَوا سَبيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخذوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوا سَبيلَ الغَىِّ يَتَّخِذُوهُ سَبيلاً ) (١)

والمُهمُّ بيان الفرق بين الضلالةِ والغواية ، فنقول :

ذكرَ الرازي : أنّ الضلال أن لا يجد السالك إلى مقصَده طريقاً أصلاً ، والغِواية أن لا يكون له طريق مُستقيم إلى المقصَد يدلّك على هذا أنّك تقول للمؤمن الّذي ليس على طريق السَداد : إنّه سَفيه غير رشيد ، ولا تقول إنّه ضالّ ، والضالّ كالكافر ، والغاوي كالفاسق(٢)

وإلى ذلك يرجع ما يقول الراغب : الغيّ جهلٌ من اعتقادٍ فاسد ، وذلك أنّ الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقاداً لا صالحاً ولا فاسداً ، وقد يكون من اعتقاد شيء ، وهذا النحو الثاني يُقال له : غَيّ(٣)

وعلى هذا ، فالآية بصَدَد بيان نفي الضلالة والغَي عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وردّ كلّ نوع من أنواع الانحراف والجهل والضلال والخطأ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ليردّ به التُهم المُوجّهة إليه من جانب أعدائه

وأمّا بيان الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه فواضح ، لما ذكرنا من أنّ النجم عند الهوى والميل يهتدي به الساري ، كما أنّ النبي يهتدي به الناس ، أي : بقوله وفعله وتقريره

فكما أنّه لا خطأ في هداية النجم لأنّها هداية تكوينيّة ، وهكذا لا خطأ في هداية الوحي المُوحى إليه ، ولذلك قال :( إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى )

ــــــــــــــــ

(١) الأعراف : ١٤٦

(٢) تفسير الفخر الرازي : ٢٨/٢٨٠

(٣) مفردات الراغب : ٣٦٩

٧٢

الفصل السابع : القسم بمواقع النجوم

حَلَفَ سبحانه وتعالى في سورة الواقعة بمواقع النجوم وقال :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُوم * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظيم * إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَرِيم * فِي كِتابٍ مَكْنُون * لا يَمَسُّهُ إِلاّ المُطَهَّرُون ) (١)

تفسير الآيات :

المُراد من مواقع النجوم مساقِطها حيث تغيب

قال الراغب : الوقوع : ثبوت الشيء وسقوطه ، يُقال : وقع الطائر وقوعاً ، وعلى ذلك يراد منه مطالِعها ومَغاربها ، يقال : مواقع الغَيث أي : مَساقِطه(٢)

ويدلُّ على أنّ المراد هو مطالع النجوم ومغاربها ، أنّ اللّه سبحانه يُقسِم بالنجوم وطلوعها وجَريها وغروبها ، إذ فيها وفي حالاتها الثلاث آية وعبرة ودلالة ، كما في قوله تعالى :( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الجَوارِ الكُنَّس ) (٣) ، وقال :( وَالنَّجْم إِذا هَوى ) ، وقال :( فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِب )

ــــــــــــــــ

(١) الواقعة : ٧٥ـ ٧٩

(٢) مفردات الراغب : ٥٣٠ ، مادَّة وَقَعَ

(٣) التكوير : ١٥ـ ١٦ .

٧٣

ويرجح هذا القول أيضاً : أنّ النجوم حيث وقعت في القرآن ، فالمراد منها الكواكب ، كقوله تعالى :( وَإدْبار النُّجوم ) (١) ، وقوله :( وَالشَّمْسُ وَالْقَمرُ وَالنُّجُوم ) (٢)

وأمّا المُقسَم عليه : فهو قوله سبحانه :( إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَريم * في كِتابٍ مَكْنُون * لا يَمَسُّهُ إِلاّ الْمُطَّهَرُون )

وصفَ القرآن بصفاتٍ أربع :

أ ـ ( لقُرآنٌ كَريم ) والكريم هو البَهيّ الكثير الخير العظيم النفع ، وهو من كلّ شيء أحسنه وأفضله ، فاللّه سبحانه كريم ، وفعله ـ أعني القرآن ـ مثله

وقال الأزهري : الكريم : اسم جامع لما يُحمَد ، فاللّه كريم يُحمَد فِعاله ، والقرآن كريم يُحمَد ؛ لما فيه من الهدى والبيان والعلم والحكمة

ب ـ( في كتابٍ مَكنُون ) ولعلّ المراد منه هو اللوح المحفوظ ، بشهادة قوله :( بَلْ هُوَ قُرآنٌ مَجيد * في لَوحٍ مَحْفُوظ ) (٣) ويُحتمَل أن يكون المراد الكتاب الّذي بأيدي الملائكة ، قال سبحانه :( في صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرةٍ * بِأَيدِي سَفَرَةٍ * كِرامٍ بَررَةٍ ) (٤)

ج ـ( لا يَمَسُّه إِلاّ المُطهَّرون ) فلو رجع الضمير إلى قوله :( لقُرآنٌ كَريم ) ، كما هو المتبادَر ، لأنّ الآيات بصَدَد وصفه وبيان منزلته ، فلا يمسّ المصحف إلاّ طاهر ، فيكون الإخبار بمعنى الإنشاء ، كما في قوله سبحانه :( وَالمُطلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء ) (٥)

ــــــــــــــــ

(١) الطور : ٤٩

(٢) الحجّ : ١٨

(٣) البروج : ٢١ ـ ٢٢

(٤) عبس : ١٣ ـ ١٦

(٥) البقرة : ٢٢٨

٧٤

ولو قيل برجوع الضمير إلى ( كتابٍ مَكنُون ) ، فيكون المعنى لا يمسّ الكتاب المَكنون إلاّ المطهَّرون

وربّما يُؤيَّد هذا الوجه بأنّ الآية سيقت تنزيهاً للقرآن من أن ينزل به الشياطين ، وأنّ محلّه لا يصل إليه ، فلا يمسّه إلاّ المطهّرون ، فيستحيل على أخابثِ خلق اللّه وأنجسِهم أن يصلوا إليه أو يَمسُّوه ، قال تعالى :( وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطين * وَما يَنْبَغي لَهُمْ وَما يَسْتَطيعُون ) (١)

د ـ( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمين ) وهذا هو الّذي يُركِّز عليه القرآن في مواقف مختلفة ، وأنّه كتاب اللّه وليس من صنع البشر

وأمّا الصِلة بين القَسَمِ والمُقسَم به فهو واضح ؛ فلاَنّ النجوم بمواقعها ـ أي طلوعها وغروبها ـ يهتدي بها البشر في ظلمات البرِّ والبحر ، فالقرآن الكريم كذلك ، يهتدي به الإنسان في ظلمات الجهل والغَي ، فالنجوم مصابيح حسّية في عالم المادَّة ، كما أنّ آيات القرآن مصابيح معنويَّة في عالم المُجرَّدات

إكمال :

إنّه سبحانه قال :( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُوم ) ، فالمراد منه القَسَم بلا شكّ ، بشهادة أنّه قال بعده :( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظيم ) ، فلو كان معنى الآية هو نفي القَسَم ، فلا يُناسب ما بعده ؛ حيث يصفه بأنّه حلف عظيم

وقد اختلف المفسِّرون في هذه الآيات ونظائرها إلى أقوال :

١ ـ ( لا ) زائدة ، مثلها قوله سبحانه :( لئلاّ يَعْلَم )

٢ ـ أصلها ( لأُقسِمُ ) بلام التأكيد ، فلمّا أُشبعَت فتحتها صارت ( لا ) كما في الوقف

٣ ـ ( لا ) نافية ، بمعنى نفي المعنى الموجود في ذهن المُخاطَب ، ثُمّ الابتداء بالقَسَمِ ، كما نقول : لا واللّه ، لا صحَّة لقول الكفّار ، أُقسِم عليه

ــــــــــــــــ

(١) الشعراء : ٢١٠ـ٢١١

٧٥

ثُمّ إنّه سبحانه يصف هذا القَسَم بكونه عظيماً ، كما في قوله :( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) ، فقوله : ( عظيم ) وصف ( القَسَم ) ، أُخِّر لحفظِ فواصل الآيات

وهذا القَسَم هو القَسَم الوحيد الّذي وصفه سبحانه بأنّه عظيم

فالحديث هنا هو حديث على الأبعاد ، أبعاد النجوم عنّا وعن بعضها البعض ، في مجرّتنا وفي كلّ المَجرّات

ولأنّها كلّها تتحرَّك ، فإنّ الحديث عن مواقعها يصير أيضاً حديثاً على مداراتها ، وحركاتها الأُخرى العديدة ، وسرعاتها ، وعلى علاقاتها بالنجوم الأُخرى ، وعلى القوى العظيمة والحسابات المُعقَّدة الّتي وضعت كلّ نجم في موقعه الخاصّ به ، وحفظته في علاقات متوازنة دقيقة مُحكمَة ، فهي لا يعتريها الاضطراب ، ولا تتغيَّر سُنَنها وقوانينها ، وهي لا تسير خَبطَ عَشواء ، أو في مساراتٍ متقاطعةٍ أو متعارضة ، بل هي تسير كلّها بتساوق وتناغم ، وانسجام وانتظام تامّين دائمين ، آيات على قدرة القادر سبحانه(١)

يقول الفلكيُّون : إنّ من هذه النجوم والكواكب ـ الّتي تزيد على عدَّة بلايين نجم ـ ما يمكن روَيته بالعين المُجرَّدة ، وما لا يُرى إلاّ بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تَحسَّ به الأجهزة دون أن تراه

هذه كلّها تسبحُ في الفلك الغامض ، ولا يوجد أيّ احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجمٍ من مجال نجمٍ آخر ، أو يصطدم كوكب بآخر ، إلاّ كما يُحتمَل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسّط بآخر في المحيط الهادي ، يسيران في اتّجاه واحد وبسرعة واحدة ، وهو احتمال بعيد ، وبعيداً جداً ، إن لم يكن مستحيلاً(٢)

ــــــــــــــــ

(١) أسرار الكون في القرآن : ١٩٢

(٢) اللّه والعلم الحديث : ٢٤

٧٦

الفصل الثامن : القَسَمُ بالسماءِ ذات الحُبُك

حَلَفَ سبحانه في سورة الذاريات بأُمورٍ خمسة ، وجعل للأربعة الأُوَل جواباً خاصّاً ، كما جعل للخامس من الأقسام جواباً آخر ، وبما أنّ المُقسَم عليه مُتعدِّد ؛ فصلنا القَسَم الخامس عن الأقسام الأربعة ، وعقدنا له فصلاً في ضمن فصول القَسَمِ المُفرَد

قال سبحانه :( وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ) (١)

ترى أنّه ذكر للأقسام الأربعة جواباً خاصاً ، أعني قوله :( إِنّما تُوعَدُون لَصادِق * وانّ الدِّين لواقِع )

ثُمّ شرع بحلفٍ آخر ، وقال :( وَالسَّماءِ ذات الحُبُكِ * إِنَّكُم لَفِي قَولٍ مُختَلِف ) (٢)

فهناك قَسَم خامس وهو : ( والسماء ذات الحُبُك ) ، وله جواب خاصّ لا يمتّ لجواب الأقسام الأربعة ، وهو قوله :( إِنَّكُمْ لَفي قولٍ مختلِف )

ــــــــــــــــ

(١) الذاريات : ١ـ ٦

(٢) الذاريات : ٧ـ ٨

٧٧

تفسير الآيات :

الحُبُك : جمع الحِباك ، كالكتب جمع كتاب ، تُستعمَل تارة في الطرائق ، كالطرائق الّتي تُرى في السماء ، وأُخرى في الشَعْرِ المجعد ، وثالثة في حُسن أثرِ الصنعة في الشيء واستوائه

قال الراغب :( والسَّماء ذات الحُبُك ) أي : ذات الطرائق ، فمن الناس مَن تصوّر منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرّة

ولعلّ المراد منه هو المعنى الأوّل ، أي : السماء ذات الطرائق المختلفة ، ويؤيّده جواب القَسَم ، وهو اختلاف الناس وتشتُّت طرائقهم ، كما في قوله :( إنّكم لفي قولٍ مختلِف )

وربّما يحتمل أنّ المراد هو المعنى الثالث ، أي : أُقسم بالسماء ذات الحُسنِ والزينة ، نظير قوله تعالى :( إِنّا زَيَّنا السَّماءَ الدُّنيا بزِينةٍ الكَواكِب ) .(١)

ولكنّه لا يناسبه الجواب ، إذ لا يصحّ أن يحلفَ حالِف بالأمواج الجميلة الّتي ترتَسِم بالسُحب أو بالمجرّات العظيمة ، الّتي تبدو كأنّها تجاعيد الشَعْرِ على صفحة السماء ، ثُمّ يقول :( إِنّكم لفي قولٍ مختلِف ) ، أي : إنّكم متناقضون في الكلام

وعلى كلّ حال ، فالمُقسَم عليه هو : التركيز على أنّهم متناقضون في الكلام ، فتارة ينسبون عقائدهم إلى آبائهم وأسلافهم ، فينكرون المعاد ، وأُخرى يستبعدون إحياء الموتى بعد صيرورتهم عظاماً رميم ، وثالثة يرفضون القرآن والدعوة النبويّة ويصفونه بأنّه قول شاعر ، أو ساحر ، أو مجنون ، أو ممّا علّمه بشر ، أو هي من أساطير الأوَّلين

وهذا الاختلاف دليل على بطلان ادّعائكم ، إذ لا تعتمدون على دليلٍ خاصّ ، فانّ تناقض المُدَّعي في كلامه أقوى دليل على بطلانه ونفاقه

ــــــــــــــــ

(١) الصافّات : ٦

٧٨

ثُمّ إنّه سبحانه يقول : إنّ الإعراض عن الإيمان بالمعاد ليس أمراً مختصَّاً بشخصٍ أو بطائفة ، بل هو شيمة كلّ مُخالِف للحقِّ يقول :( يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ) . (١)

والأفْك : الصَرف ، والضمير في ( عنه ) يرجع إلى الكتاب ، من حيث اشتماله على وعد البأس والجزاء ، أي : يُصرَف عن القرآن من صُرف وخالفَ الحقّ

وأمّا الصِلة بين المُقسَم به والمُقسَم عليه فقد ظهر ممّا ذكرنا ؛ لما عرفتَ من أنّ معنى الحُبُك هو الطرائق المختلفة المتنوِّعة ، فناسب أن يحلفَ به سبحانه على اختلافهم وتشتّت آرائهم ، في إنكارهم نبوّة النبي ورسالته ، والكتاب الّذي أُنزل معه ، والمعاد الّذي يدعو إليه

ــــــــــــــــ

(١) الذاريات : ٩

٧٩

القسم الثاني : القَسَم المُتَعدِّد

وفيه فصول :

الفصل الأوّل : القَسَم في سورة الصافّات

حلف سبحانه بالملائكة في السور الأربع التالية :

١ ـ الصافّات ، ٢ ـ الذاريات ، ٣ ـ المُرسلات ، ٤ ـ النازعات

وليس المُقسَم به هو لفظ المَلَكِ أو الملائكة ، وإنّما هو الصِفات البارزة للملائكة ، وأفعالها ، وإليك الآيات :

١ ـ( وَالصّافاتِ صَفّاً * فَالزّاجراتِ زَجْراً * فَالتّالياتِ ذِكراً *إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحد ) .(١)

٢ ـ( والذّارِياتِ ذَرْواً * فَالحامِلاتِ وِقْراً * فَالجارِياتِ يُسراً * فَالمُقَسِّماتِ أَمْراً * إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادق * وَانَّ الدِّين لواقع ) (٢)

٣ ـ( وَالْمُرسَلات عُرفاً * فَالعاصِفاتِ عَصْفاً * وَالنّاشراتِ نَشْراً * فالفارِقات فَرقاً * فالمُلقِياتِ ذِكراً * عُذراً أَو نُذراً * إنّما تُوعَدُونَ لَواقِع ) (٣)

ــــــــــــــــ

(١) الصافّات : ١ـ٤

(٢) الذاريات : ١ـ٦

(٣) المُرسَلات : ١ـ٧

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وهذا الدعاء الجليل ، وحيد في مضامينه ، فريد في معطياته ، فقد حوى جميع الوان التضرع ، والتذلل ، والعبودية المطلقة لله ، الواحد القهار ، مدبر الاكوان ومبدع الاشياء.

لقد كشف هذا الدعاء ، عن انقطاع الامامعليه‌السلام ، لله تعالى ، واعتصامه به ، وهذا مما يدلل على مدى معرفته به تعالى ، وهذا ليس غريبا ولا بعيدا عن الامامعليه‌السلام ، فهو من معادن التوحيد ، ومن مراكز الدعوة إلى الله.

١٦ ـ دعاؤه الثالث في يوم عرفة

ومن أدعية الامام الصادقعليه‌السلام ، في يوم عرفة ، هذا الدعاء الجليل ، وهو ينم عن أهمية هذا اليوم ، وعظيم مكانته ، عند الامامعليه‌السلام وهذا نصه :

اللّهُمَّ ، أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ العَزِيِزُ الحَكِيمُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ العَلِيُ العَظِيمُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ، وَأَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ ، بَدْءُ كُلَّ شَيْءٍ ، وَإلَيْكَ يَعُودُ كُلِّ شَيْءٍ لَمْ تَزَلْ وَلا تَزَالُ. المَلِكُ القُدُّوسُ ، السَّلَامُ المُؤْمِنُ ، المُهَيْمِنُ ، العَزِيزُ الجَبَّارُ ، المُتَكَبِّرُ ، الكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُكَ ، سَابِغُ النَّعْمَاءِ ، جَزِيلُ العَطَاءِ ، بِاسِطُ اليَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، نَفَّاحُ الخَيْرَاتِ ، كَاشِفُ الكُربَاتِ ، مُنْزِلُ الآيَاتِ ، مُبَدِّلُ السَيئَاتِ ، جَاعِلُ الحَسَنَاتِ دَرَجَاتٍ ، دَنَوْتَ في عُلُوِّكَ ، وَعَلَوْتَ في دُنُوِّكَ ، دَنَوْتَ فَلَا شَيْءٍ دُونَكَ ، وَعَلَوْتَ فَلَا شَيْءٍ فَوْقَكَ ، تَرَى ، وَلَا تُرىَ ، وَأَنْتَ بِالمَنْظَرِ الَأعْلَى ، خَالِقُ الحَبِّ وَالنَوَى ، لَكَ مَا في السَّموَاتِ العُلَى ، وَلَكَ الكِبْرِيَاءُ في الآخِرَةِ وَالُأولَى ، غَاِفُر الذَّنْبِ ، وَقَابِلُ

١٨١

التَّوْب ، شَدِيدُ العِقابِ ، ذو الطُّولِ ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ إلَيْكَ المَأْوَى وَإلَيْكَ المَصِيرُ ، وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ ، وَبلَغَتْ حُجَتُكَ ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِكَ ، وَلا يَخِيبُ سَائِلُكَ ، كُلَّ شَيْءٍ بِعِلْمِكَ ، وَأَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ، وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَداً ، وَقَدَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً ، بَلَوْتَ فَقَهَرْتَ وَنَظَرْتَ فَخَبَرْتَ ، وَبَطنْتَ وَعَلِمْتَ فَسَتَرْتَ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرْتَ ، تَعْلَمُ خَائِنَةَ الَأعْيُنِ ، وَمَا تُخفي الصُّدورُ ، وَلَا تَنْسَى مَنْ ذَكَرَكَ ، وَلا تُخِيبُ مَنْ سَأَلَكَ ، وَلَا تُضِيعُ مِنْ تَوَكْلَ عَلَيْكَ ، أَنْتَ الذي لا يُشْغِلُكَ ما في جَوِّ سَموَاتِكَ عَمَّا في جَوِّ أَرْضِكَ ، تَعَزَّزْتَ في مُلْكِكَ ، وَتَقَوَّيْتَ في سُلْطَانِكَ ، وَغَلَبَ على كُلِّ شَيْءٍ قَضَاؤُكَ ، وَمَلَكَ كُلَّ شَيْءٍ أَمْرُكَ ، وَقَهَرَتْ كُلِّ شَيْءٍ قُدْرَتُكَ ، لا يُسْتَطَاعُ وَصْفُكَ ، وَلَا يُحَاطُ بِعلْمك ، وَلا ينتْهِي ما عنْدَكَ ، وَلا تَصِفُ العُقُولُ صِفَةَ ذَاتِكَ ، عَجِزَتِ الَأوْهَامُ عَنْ كيْفيَّتك ، وَلَا تُدْرِكُ الَأبْصَارُ مَوْضِعَ أيْنِيَّتِك ، وَلَا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ، ولا تُمَثَّلْ فَتَكُوُنَ مَوْجُوداً ، وَلا تَلِدُ فَتَكُونَ مُوْلوُداً ، أَنْتَ الذي لا ضِدَّ معك ، فيُعانِدُكَ ، وَلَا عَدِيلَ لَكَ فَيُكَاثِرُكَ ، وَلَا نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضُكَ ، أَنْتَ ابْتَدعْت واخْترَعْتَ ، وَاسْتَحْدَثْتَ ، فَمَا أَحْسَنَ ما صَنَعْتَ ، سُبْحَانَكَ ما أَجَلَّ ثناءك ، وَأسْنى في الَأمَاكِنِ مَكَانَكَ ، وَأَصْدَعَ بِالحَقِّ فُرْقَانَكَ ، سُبْحَانَكَ منْ لطيف ما أَلْطَفَكَ ، وَحَكِيمٍ مَا أَعْرَفَكَ ، وَمَلِيكٍ ما أَسْمَحَكَ ، بسطت بالخَيْرَاتِ يَدَاكَ ، وَعُرِفَتِ الهِدَايَةُ مِنْ عِنْدِكَ ، وَخَضَعَ لَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، وَانْقَاد للْتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ شَيْءٍ ، سَبِيلُكَ جَدَدٌ ، وَأَمْرُكَ رَشدٌ ، وَأَنْتَ حي صمدٌ ، وأَنْتَ المَاجدُ الجَوَادُ ، الوَاحِدُ الَأحَدُ ، العَليمُ الكرِيمُ ، القَدِيمُ ، القرِيبُ ، المُجِيبُ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَالِمُونَ ، عُلُوا كَبيراً ، تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ وَجَلَّ ثنَاؤُكَ ، فَصَلَّ على مُحَمَّدٍ عَبْدِك ، ورَسُولك الذي صَدَعَ

١٨٢

بِأَمْرِكَ ، وَبَالَغَ في إظْهَارِ دِينكَ وَأَكَّدَ مِيثَاقَكَ ، وَنَصَحَ لِعِبَادِكَ ، وَبَذَلَ جُهْدَهُ في مَرْضَاتِكَ. اللّهُمَّ شَرِّفْ بُنْيَانَهُ ، وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ. اللّهُمَّ ، وَصَلّ على وُلَاةِ الَأمْرِ بَعْدَ نَبِيِّكَ تَرَاجِمَةِ وَحْيِكَ ، وَخُزَّانِ عِلْمِكَ ، وَأُمَنائِكَ في بِلَادِكَ ، الذِينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ ، وَفَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ ، على بَرِيَّتِكَ. اللّهُمَّ ، صَلِّ عَلَيْهِمَ صَلَاةً دَائِمَةً بَاقِيَةً ، اللّهُمَّ ، وَصَلِّ على السُيَّاحِ وَالعُبَّادُ ، وَأَهْلِ الجِدِّ وَالإِجْتِهَادِ ، وَاجْعَلْني في هذِهِ العَشِيَّةِ ، مِمَّنْ نَظَرْتَ إلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ ، وَسَمِعْتَ دُعَاءَهُ فَأَجَبْتَهُ ، وَآمَنَ بِكَ فَهَدَيْتَهُ ، وَسَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ ، وَرَغِبَ إلَيْكَ فَأَرْضَيْتَهُ ، وَهَبْ لي ، في يَوْمي هَذَا ، صَلَاحاً لِقَلْبِي وَدِيني وَدُنْيَايَ ، وَمَغْفِرَة ًلِذُنُوبي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، أَسْأَلُكَ الرَّحْمَةَ يا سَيِّدي وَمَوْلَايَ ، وَثِقَتي ، يا رَجَائِي ، وَمُعْتَمَدِي ، وَمَلْجَأِي ، وَذُخْرِي ، وَظَهْرِي ، وَعُدَّتِي ، وَأَمَلَي ، وَغَايَتي ، وَأَسْأَلُكَ ، بِنُورِ وَجْهِكَ الذي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّموَاتِ وََالأرْضُ ، أَنْ تَغْفِرَ لي ذُنُوبي وَعُيُوبي ، وَإسَاءَتي وَظُلْمِي وَجُرْمي ، وَإسْرَافِي على نَفْسِي ، فَهذَا مَقَامُ الهَارِبِ إلَيْكَ مِنَ النَّارِ.

اللّهُمَّ ، وَهَذَا يَوْمِ عَرَفَةَ ، كَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ ، وَعَظَّمْتَهُ ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ ، وَمَنَنْتَ فِيهِ بِعَفْوِكَ ، وَأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ ، وَتَفَضَّلْتَ فِيهِ على عِبَادِكَ ، اللّهُمَّ ، وَهذِهِ العَشِيَّةُ مِنْ عَشَايَا رَحْمَتِكَ وَمِنَحِكَ ، وَإحْدَى أَيَّامِ زُلْفَتِكَ ، وَلَيْلَةُ عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِكَ ، فِيهَا يُفْضي إلَيْكَ ، بِالحَوَائِج مَنْ قَصَدَك مِنْ قَصْدِكَ ، مُؤْمِلاً رَاجِياً فَضْلَكَ ، طَالِباً مَعْرُوفَكَ الذي تَمُنُّ بِهِ على مَنْ تَشَاءُ مِنْ خَلْقِكَ ، وَأَنْتَ فِيهَا بِكُلَِّ لِسَانٍ تَدْعى ، وَلِكُلِّ خَيْرٍ تُبْتَغَي وَتُرْجَى ، وَلَكَ فِيهَا جَوَائِزُ وَمَوَاهِبُ ، وَعَطَايا تَمُنُّ بِهَا على مَنْ تَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ ، وَتَشْمَلُ بِها أَهْلَ العِنَايَةِ فِيْكَ ، وَقَدْ قَصَدْنَاكَ مُؤْمِلينَ رَاجِينَ ،

١٨٣

وَأَتَيْنَاكَ طَالِبِينَ ، نَرْجُو ما لا خُلْفَ لَهُ مِنْ وَعْدِكَ ، وَلا مُتْرك لَهُ مِنْ عَظِيمِ أَجْرِكَ ، قَدْ أَبْرَزْتَ ذَوُو الآمَالِ إلَيْكَ وَجوهَهَا المَصُونَةَ ، وَمَدُّوا إلَيْكَ أَكُفَّهُمْ طَلَباً لِمَا عِنْدَكَ ، لِيُدْرِكُوا بِذلِكَ رِضْوَانَكَ ، يا غَفَّارُ ، يا مُسْتَغَاثُ مِنْ فَضْلِهِ ، يا مَلِكُ في عظَمتِهِ ، يا جَبَّارُ في قُوَّتِهِ ، يالَطِيفُ في قُدْرَتِهِ ، يا مُتَكَفِّلُ يا رَزَّاقَ النَعَّابِ في عُشِّهِ(١) يا أَكْرَمَ مَسْؤولٍ ، ويا خَيْرَ مَأْمُولٍ ، ويا أَجْوَدَ مَنْ نَزَلَتْ بِفَنَائِهِ الرَكَائِبُ ، وَيُطْلَبُ عِنْدَهُ نَيْلُ الرَغَائِبِ ، وَأَنَاخَتْ بِهِ الوُفُودُ يا ذَا الجُودِ ، يا أَعْظَمَ مِنْ كُلِّ مَقْصُودٍ ، أَنَا عَبْدُكَ الذي أَمَرْتَني ، فَلَمْ أأتَمِرْ ، وَنَهَيْتَني عَنْ مَعْصِيَتِكَ فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، فَخَالَفْتُ أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ ، لا مُعَانَدَةً لَكَ ، وَلا اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ ، بَلْ دَعَانِي هَوَايَ ، وَاسْتَزَلَّني عَدُوُّكَ وَعَدُوي ، فَأَقْدَمْتُ على مَا فَعَلْتُ ، عَارِفَاً بِوَعِيدِكَ ، رَاجِيَاً لِعَفْوِكَ ، وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ وَصَفْحِكَ ، فَيَا أكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذَّنًوبِ ، هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً ذَلِيلاً خَاِضعاً ، خَاشِعاً ، خَائِفاً مُعْتَرِفاً ، بِعَظِيمِ ذُنُوبي وَخَطَايَايَ ، فَمَا أَعْظَمَ ذُنُوبي التي تَحَمَّلْتُهَا وَأَوْزَارِي التي إجْتَرَمْتُها ، مُسْتَجِيراً فِيها بِصَفحِكَ ، لائِذاً بِرَحْمَتِك ، مُوقِناً أَنَّهُ لا يُجيرُني مِنْكَ مُجِيرٌ ، وَلا يَمْنَعُني مِنكَ مَانِعٌ ، فَعُدْ عَلَيّ بِمَا تَعُودُ بِهِ على مَنْ اقْتَرَفَ عَنْ تَعَمُّدٍ ، وجُدْ عَلَيَّ بِمَا تَجُودُ ِبِه على مَنْ ألْقَى بِيَدِهِ إلَيْكَ مَنْ عِبَادِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا لا يَتَعَاظَمُكَ أنْ تمُنَّ بِهِ على مَنْ أَمَلَكَ مِنْ غفْرَانِكَ لَهُ ، يا كَرِيمُ ، إرْحَمْ صَوْتَ حَزِينٍ يُخفي ما ستَرْتَ عَنْ خَلْقِكَ مِنْ مَسَاوِئِهِ ، يَسْأَلُكَ في هذِهِ العَشِيَّةِ رَحْمَةً تُنْجيه مِنْ كَرَب مَوْقِفِ المَسْأَلَةِ ، وَمَكْروُهِ يَوْمِ المُعَايَنَةِ ، حِينَ يُفْرِدُهُ عَمَلُهُ ، وَيُشْغلُهُ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الضَعيفَ عَمَلاً ، الجسيم أَمَلاً ، خَرَجَتْ مِنْ يَدَيَّ أَسْبَابُ الوَصَلَاتِ إلاَّ مَا وَصَلَتْهُ

__________________

١ ـ النعاب : الغراب.

١٨٤

رَحَمَتُكَ ، وَتَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الآمَالِ إلاَّ مَا مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ ، قَلَّ عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طَاعَتِكَ ، وَكَبُرَ عَلَيَّ ما أَبُوءُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَلَنْ يَضِيقَ عَفْوُكَ عَنْ عَبْدِكَ ، وَإنْ أَسَاءَ فَاعْفُ عَنِّي ، فَقَدْ أشَرَفَ على خَفَايَا الَأعْمَارِ عِلْمُكَ ، وَانْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ عِنْدَ خُبْرِكَ ، وَلا تَنْطوي عَلَيْكَ دِقَاقَ الُأمُورِ ، وَلا يَعْرُبُ عَنْكَ غَيْبَاتُ السَّرَائِرٍ ، وَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ ، الذِي اسْتَنْظَرَ فَأَنْظَرْتَهُ ، وَاسْتَمْهَلَكَ إلى يَوْمِ الدِّين ، لإِضْلالي فَأَمْهَلْتَهُ وَأَوْقَعَني بِصَغَائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ ، وَكِبَارِ أَعْمَالٍ مُرْدِيَةٍ ، حَتَّى إذَا فَارْقْتُ مَعْصِيَتِكَ ، وَأسْتَوْحَشْتُ بِسُوءِ سَعْيي سُخْطَكَ تَوَلَّى عَنْ عُذْرِ غَدْرِهِ ، وَتَلَقَّاني بِكَلِمَةٍ كُفْرهِ ، وَتَوَلَّى البَرَاءَةَ مِنِّي ، وَأَدْبَرَ مُوَلِياٍ عَنِّي ، فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً ، وَأَخْرَجَني إلى فِنَاءِ نِعْمَتِكَ طَريداً ، لا شَفِيعَ يَشْفَعُ لي إلَيْكَ ، وَلا خَفِيرَ يَقِيني مِنْكَ ، وَلا حِصْنَ يَحْجُبُني عَنْكَ ، وَلا مَلَاذَ ألْجَأُ إلَيْهِ مِنْكَ ، فَهَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، وَمَحَلُّ المُعْتَرِفِ لَكَ ، فلا يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضَلُكَ ، وَلا يَقْصُرَنَّ دُونِي عَفْوُكَ ، ولا أَكُونَنَّ أَخْيَبَ عِبَادِكَ التَّائِبِينَ ، وَلا أَقْنَطَ وُفُودِكَ الآمِلِينَ.

اللّهُمَّ ، إغْفِرْ لي ، إنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَطَالَمَا أغْفَلْتَ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ ، وَتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامِ حُدُودِكَ ، فَهَذَا مَقَامُ مَنِ اسْتَحيْا لِنَفْسِهِ مِنْكَ وَسَخِطَ عَلَيْهَا ، وَرَضِيَ عَنْكَ ، فَتَلَقَّاكَ بِنَفْسٍ خَاشِعَةٍ ، وَرَقَبَةٍ خَاضِعَةٍ ، وَظَهْرٍ مُثْقَلٍ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إلَيْكَ ، وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ ، فَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ وَثِقَ بِهِ مِمَّنْ رَجَاهُ ، وَأَمِنَ مِنْ خِشْيَتِهِ وَاتَّقَاهُ ، اللّهُمَّ ، فَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَعْطِنِي مَا رَجَوْتُ وَآمِنِّي مِمَّا حَذِرْتَ ، وَعُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ. اللّهُمَّ ، وَإذْ سَتَرْتَنِي بِفَضْلِكَ ، وَتَغَمَّدتَنِي بِعَفْوِكَ ، في دَارِ الحَيَاةِ ، وَالفَنَاءِ ، بِحَضْرَةِ الأكْفَاءِ ، فَأَجِرْني مِنْ فَضِيحَاتِ

١٨٥

دَارِ البَقَاءِ ، عِنْدَ مَوَاقِفِ الإشْهِاَد ِ، مِنَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ ، وَالرُسُلِ المُكْرَمِينَ ، وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، فَحَقَّقْ رَجَائِي يا أَصْدقَ القَائِلِينَ : « يا عِبَادِي الذِينَ أَسْرَفُوا على أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ».

اللّهُمَّ ، إنِّي سَائِلُكَ القَاصِدُ وَمِسْكينُكَ المُسْتَجِيرُ الوَافِدٌ ، وَضَعِيفُكَ الفَقِيرُ ، نَاصِيَتي بِيَدِكَ ، وَأَجَلي بِعِلْمِكَ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِقَني ، لِمَا يُرْضيكَ عَنِّي ، وَأَنْ تُبَارِكَ لي في يَوْمي هذا ، الذي فَزِعَتْ فِيهِ إلَيْكَ الَأصْوَاتُ ، وَتَقَرَّبَ إلَيْكَ عِبَادُكَ بِالقُرُبَاتِ ، أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ مَا سَأَلَكَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ كَرِيمِ أَسْمائِكَ ، وَجَمِيلِ ثَنَائِكَ ، وَخَاصَةِ دُعَائِكَ بِآلآئِكَ ، أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَنْ تَجْعَلَ يَوْمي هَذَا ، أَعْظَمَ يَوْمَ مَرَّ عَلَيَّ مُنْذُ أَنْزَلْتَنِي إلى الدُّنْيَا ، بَرَكَةً في عِصْمَة دِيِني ، وَخَاصَّةِ نَفْسِي ، وَقَضَاءِ حَاجَتي ، وَتَشْفِيِعي في مَسْأَلَتِي ، وَإتمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي. يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، إفْتَحْ عَلَيَّ أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَأَرْضِنِي بِعَادِلِ قَسْمِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني بِخَالِصِ طَاعَتِكَ ، يا أَمَلي وَيَارَجَائِي ، حَاجَتي التي إنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّني ما مَنَعْتَني ، وَإنْ مَنَعْتَهَا لَمْ يَنْفَعْني ما أَعْطَيْتَني فِكَاكُ رَقْبَتي مِنَ النَّارِ.

إلهي لا تَقْطَعْ رَجَائِي ، وَلا تُخَيِّبْ دَعَائِي ، يا مَنَّانُ ، مُنَّ عَلَيَّ بِالجَنَّةِ ، يا عَفُوُّ ، أَعْفُ عَنِّي ، يا تَوَّابُ ، تُبْ عَلَيَّ ، وَتَجَاوَزْ عَنِّي ، وَاصْفَحْ عَنْ ذُنُوبي ، يا مَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ العَفْوِ ، يا مَنْ أمَرَ َبِالعَفْوِ ، يا مِنْ يَجْزِي على العَفْوِ ، يا مَنْ اسْتَحْسَنَ العَفْوُ ، أَسْأَلُكَ اليَوْمَ « العَفْوَ العَفْوَ » وَكَانَ يَقُوُلُ ذلِكَ : عَشَرَ مَرَّاتٍ.

أَنْتَ ، أَنْتَ ، لا ينقطعُ الرَّجَاءُ إلاَّ مِنْكَ ، وَلا تَخيبُ الآمَالُ إلاَّ

١٨٦

فِيْكَ ، فلا تَقْطَعْ رَجائِي يا مَوْلايَ ، إنَّ لَكَ في هذِهِ اللًّيْلَةِ أضْيَافاً فَاجْعلني مِنْ أَضْيَافِكَ ، فَقَدْ نَزَلْتُ بِفنائك ، راجياً معْروفك ، يا ذَا المَعْرُفِ الدَّائِمِ الذي لا يَنْقَضي دَائِماً ، يا ذَا النَّعماء التي لا تُحْصَى عَدَداً.

اللّهُمَّ ، إنَّ لَكَ حُقُوقاً فَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَيَّ ، وَلِلْنَّاسِ قِبَلِي تَبِعاتٍ ، فَتَحَمَّلْهَا عَنِي ، وَقَدْ أَوْجَبْت ، يا ربُّ ، لِكُلِّ ضَيْفٍ قِرىً ، وَأَنَا ضَيْفُكَ فَاجْعَلْ قِرَايَ الجَنَّةَ ، يا وَهَّابَ الجَنَّةِ ، يا وَهَّابَ المَغْفِرَةِ إقْبَلْني مُفْلِحاً ، مُنْجحاً ، مُسْتَجَابَاً لي ، مَرْحُوماً صَوتِي ، مَغْفُوراً ذَنْبِي ، بِأَفْضَلِ ما يَنْقَلِبُ بِهِ اليَوْمَ أَحَدٌ مِنْ وَفْدك ، وَزُوَّارِكَ »(١) .

وانتهى هذا الدعاء الشريف ، وهو يمثل روعة الايمان ، وحقيقة التمسك بالله تعالى ، وكان ذلك هو السمت البارز ، في سيرة الامامعليه‌السلام ، الذي آمن بالله بعواطفه ومشاعره. وبهذا الدعاء ينتهي بنا الحديث عن أدعية الامامعليه‌السلام في حجه لبيت الله الحرام.

__________________

١ ـ الاقبال ( ص ٣٩٢ ـ ٣٩٧ ).

١٨٧
١٨٨

القسم السادس

من أدعيته قي وضوئه وصلاته

١٨٩
١٩٠

الصلاة من أهم العبادات ، ومن أعظمها شأنا في الاسلام ، وهي من أوثق الروابط ، التي تربط الانسان بخالقه العظيم ، وفي نفس الوقت ، تعود على الانسان بأجل الفوائد فهي تنفي من أعماق نفسه ، ودخائل ذاته ، الاكتئاب ، والهلع ، واليأس ، وتمده بقوة نفسية ، يواجه بها الازمات ، فهي تعرفه بالخالق العظيم ، الذي بيده جميع مجريات الاحداث ، وإن مشاكل الانسان الخاصة ، لا مفر لها ، ولا كاشف لها إلا الله ، وبذلك فهي تدفعه إلى الامل ، وعدم التشاؤم ، الذي هو من أقسى الامراض النفسية.

لقد أهتم الاسلام ، بالصلاة اهتماما بالغا ، فهي إن قبلت قبل ما سواها ، وإن ردت رد ما سواها ـ كما في الحديث ـ ومعنى ذلك ، ان الانسان أول ما يحاسب عليه ، عند الله تعالى ، الصلاة ، فإن كانت مقبولة وصحيحة نظر في أعماله الاخرى ، وإن لم تقبل ، لم ينظر في شيء من أعماله ، صحيحا كان أو باطلا ، ومن الطبيعي ، أن اهتمام الشارع بها ، ليس لمصلحة تعود إليه ، وإنما المصالح ، والفوائد ، والثمرات كلها ، تعود على المكلف ، فهي من أهم الاسباب في تهذيب النفوس ، وإقامة الاخلاق ، وهي الصلة الوثيقة لعروج النفس واتصالها وتشرفها ، بالصانع الحكيم المبدع لهذه الاكوان.

وعلى أي حال ، فإن في الصلاة ، من المعاني الروحية ما لا يحصى ،

١٩١

وقد ركز الامام الصادقعليه‌السلام ، عنايته واهتمامه بها ، وقد أثرت عنه كوكبة من الادعية ، في حال وضوئه وصلاته ، وفي ما يلي بعضها :

أ ـ أدعيته في الوضوء

وأول مقدمات الصلاة ، وأكثرها أهمية الوضوء ، وفي الحديث الشريف « لا صلاة إلا بطهور » وبالاضافة إلى روحانيته ، فإنه تترتب عليه فوائد صحية هائلة ، يقول الامام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء نضر الله مثواه : « أنظر أولا ، إلى أول مقدمة من مقدمات الصلاة ، وهي النظافة ، والطهارة ، ولما كان الصانع الحكيم قد جعل لهذا البدن غشاء ، يستر لحمه ، وعورته وأعصابه ، وجميع مقوماته وهو الجلد ، الذي هو لهذا الهيكل الجسماني كالدرع الحصين ، يقيه من العوارض الكونية من حر أو برد ، أو غبار ، أو هوام ، ونحو ذلك ، وجعله ذا مسام لتكميل به منفعة الجسد ، فيخرج منه البخار والعرق وسائر الفضلات ، التي يستريح الجسم بخروجها منه ، ويستطيع كل عضو منه ، بل كل ذرة وطاقة على أداء وظيفتها التي كونت من أجلها كانت تلك المسام التي لا يزال يخرج العرق منها والبخار المتكون من الحرارة الغريزية الداخلية ، أو العوامل الخارجية ، معرضة للانسداد ، والالحتام ، بما يتراكم عليها ، من تلك الفضلات فانسدادها ، مما يوجب تخلف القسم الكبير منها داخل البدن ، وكلما تزايدت عليه الاقذار من تراكم الغبار ، والهواء ، والبهاء ، من الخارج ، والعرق والبخار من الداخل ، من الخلايا القرنية ، والمواد الدهنية ، بعد تبخر مائها وزواله ، إنسدت تلك المسام الجلدية ، التي ربما تعد بالملايين ، ولم تقدر على أداء وظيفتها من إفراز الضار ، وجذب النافع فيخل ذلك وبسائر الاعضاء ، وتعوقها أجمع عن القيام بوظائفها ، حتى الرئيسيين : القلب والرئة ، وحتى الرئيس الاعظم ، وهو الدماغ ، وتحدث الامراض العصبية في شتى الجهات من البدن ، وتحدث في طليعتها الحكة ، والالتهاب ، وإنتشار الروائح الكريهة ، والانفاس المتعفنة

١٩٢

المخمرة بجراثيم الجلد ، وجذوره الفاسدة ، تلك الروائح التي قد يشمها الجليس ، فيشمئز منها ويتقزز

وأضاف يقول : أفليس من الحكمة البالغة حينئذ ومن الدليل على سعة علم الشارع الحكيم ، وإحاطة تشريع النظافة والطهارة مقدمة للصلاة؟(١) .

إن تشريع الوضوء ، مقدمة للصلاة له أهميته البالغة ، وقد كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يدعو في جميع بنود الوضوء وهذه بعض أدعيته :

١ ـ دعاؤه عند الوضوء

وكان الامام الصادقعليه‌السلام يدعو عند الوضوء ، بهذا الدعاء :

« بِسْمِ اللهِ ، وَعلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ (ص) أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ »

٢ ـ دعاؤه عند غسل يديه

وكانعليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء ، عند غسل يديه مقدمة للوضوء :

« بِسْمِ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَ المَاءَ طَهُوراً ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ نَجِساً »

٣ ـ دعاؤه عند المضمضة

من مقدمات الوضوء ، المضمضة ، وهي عبارة عن تنظيف الفم ، والاسنان ، وكانعليه‌السلام يقول :

« اللّهُمَّ ، لَقنِّي حُجَّتي يَوْمَ أَلْقَاكَ ، وَأَطْلِقْ لِسَاني بِذِكْرِكَ »

__________________

١ ـ سفينة النجاة ١ / ٤٤٣ ـ ٢٤٤.

١٩٣

وفي رواية أخرى : كان يقول :

« اللّهُمَّ ، أَنْطِقْ لِسَاني بِذِكْرِكَ »

٤ ـ دعاؤه عند الاستنشاق

من مستحبات الوضوء ، إستنشاق الماء ، وتترتب عليه أعظم الثمرات الصحية ، وقد كتب بعض الاطباء ، بحوثا ممتعة عن فوائده ، وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، يقول عند الاستنشاق :

« اللّهُمَّ ، لا تُحَرِّمْ عَلَيَّ رِيحَ الجَنَّةِ وَاجْعَلَني مِمَّنْ يَشُمُّ رِيحَهَا وَرَوحَهَا وَطِيبَهَا »

٥ ـ دعاؤه عند غسل الوجه

وكان الامامعليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء عند غسل وجهه الشريف في الوضوء.

« اللّهُمَّ ، بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَسْوَدُّ الوُجُوهُ ، وَلا تُسَوِّدُ وَجْهي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الوُجُوهُ »

٦ ـ دعاؤه عند غسل يده اليمنى

وكان الامامعليه‌السلام عند غسل يده اليمنى ، يدعو بهذا الدعاء :

« اللّهُمَّ ، أَعْطِني كِتَابي بِيَمِني ، وَالخُلْدَ في الجِنَانِ بِيَسَاري ، وَلا تُحَاسِبْني حِسَاباً عَسِيراً »

٧ ـ دعاؤه عند غسل يده اليسرى

وكان الامامعليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء عند غسل يده اليسرى :

١٩٤

« اللّهُمَّ ، لا تُعْطِني كِتَابي بِشِمَالِي ، وَلا تَجْعَلْهَا مَغْلُولَةً إلى عُنُقي ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ مُقْطَعَاتِ النِيرَانِ »

٨ ـ دعاؤه عند مسح الرأس

وكان الامامعليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء عند مسح رأسه الشريف :

« اللّهُمَّ ، غَشِّني بِرَحْمَتِكَ وَبَرَكَاتِكَ ».

٩ ـ دعاؤه عند مسح الرجلين

وكانعليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء عند مسح الرجلين :

« اللّهُمَّ ، ثَبِّتْ قَدَمَيَّ على الصِرَاطِ ، يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الَأقْدَامُ ، وَاجْعَلْ سَعْيِِي فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي »(١) .

الوضوء نور ـ كما في الحديث ـ وكان الامامعليه‌السلام يدعو بهذه الادعية الجليلة في جميع فصوله ، لتستكمل بذلك روحانية الوضوء

ب ـ أدعيته في الصلاة

وأثرت عن الامام الصادقعليه‌السلام كوكبة من الادعية الجليلة في الصلاة ، وهذه بعضها :

١ ـ دعاؤه قبل الصلاة

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يستقبل الصلاة بخضوع وخشوع ويتوجه إلى الله تعالى بقلبه وعواطفه ، وكان يدعو بهذا الدعاء قبل أن يشرع في الصلاة قائلا :

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ، وتهذيب الاحكام ومن المعروف أن أمير المؤمنين عليا بن ابي طالبعليه‌السلام ، كان أول من استن هذه الادعية الآنفة الذكر ، جميعا.

١٩٥

« اللّهُمَّ ، لا تُؤْيِسُنِي مِنْ رَوْحكَ ، وَلا تُقْنِطْني مِنْ رَحْمَتِك ، وَلا تُؤْمِنِّي مَكْرَكَ ، فإنَّهًُ لا يَأَمَنُ مَكُرَ اللهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ ».

وكان صفوان الجمال حاضرا بخدمة الامامعليه‌السلام ، فلما سمع هذا الدعاء أنبرى قائلا :

« جعلت فداك ، ما سمعت بهذا من أحد قبلك »

فالتفت إليه الامام قائلا :

« من اكبر الكبائر عند الله ، اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والامن من مكر الله »(١) .

ودل هذا الدعاء على مدى رجاء الامامعليه‌السلام ، برحمة الله ، تلك الرحمة الواسعة التي تشمل جميع عباده ، والتي يطمع فيها العاصون ، والمنحرفون عن الطريق القويم.

٢ ـ دعاؤه في السجود

وكان الامامعليه‌السلام ، يدعو في سجوده في الصلاة بهذا الدعاء الجليل :

« سَجَدَ لَكَ وَجْهِي تَعَبُّداً وَرِقًّا ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ حَقّاً ، حَقّاً ، الأوُّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَالآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، هَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ ، نَاصِيَتي بِيَدِكَ ، فَاغْفِرْ لي ، إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ العِظَامَ غَيْرُكَ ، فَاغْفِرْ لي ، فَإنِّي مُقِرٌّ بِذُنُوبِي على نَفْسِي ، وَلا يَدْفَعُ الذَّنْبَ العَظِيمَ غَيْرُكَ »(٢) .

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٤٤.

٢ ـ الاقبال ( ص ١٧٩ ).

١٩٦

٣ ـ دعاؤه بعد السجود

وكان الامام ، إذا رفع رأسه من السجود ، واستوى جالسا دعا بهذا الدعاء ،

« اللّهُمَّ ، أَنْتَ ثِقَتي في كُلِّ كَرْبٍ ، وَرَجَائِي في كُلَّ شِدَّةٍ ، وَأَنْتَ لي في كُلِّ أَمْرٍ ، نَزَلَ بي ثِقَةٌ وعُدَّةٌ ، كَمْ مِنْ كَرْبٍ يَضْعُفُ عَنْهُ الفُؤَادُ ، وَتَقِلُّ فِيهِ الحِيلَةُ ، وَيَخْذُلُ فيه الصَّدِيقُ ، وَيشَمْتَ ُبِهِ العَدُّوُّ ، وَتُعْيِيني فِيهِ الُأمُورُ ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ ، وَشَكوْتُهُ إلَيْكَ ، فَأَنْتَ وَليُّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَاجَةٍ ، وَمُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ ، لَكَ الحَمْدُ كَثِيراً ، وَلَكَ المَنُّ فَاضِلاً »(٣) .

ومثل هذا الدعاء ، وما قبله ، مدى إعتصام الامامعليه‌السلام بالله ، وإلتجائه إليه ، في جميع شؤونه وأحواله ، وأقواله ، ومن الطبيعي أن ذلك ناشئ ، عن معرفته الكاملة بالله تعالى ، وإيمانه العميق به.

٤ ـ دعاؤه الاول في القنوت

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء الجليل في قنوت صلاته ، وهو يمثل الجانب السياسي من أدعيته ، فقد دعا به على عدوه الماكر اللئيم ، وأغلب الظن ، أنه المنصور الدوانيقي ، وهو من الملوك الذين لا يعرفون الرحمة ، ولا يؤمنون بالقيم الكريمة ، وكان من ألد أعداء الاسرة النبوية ، ومن أبغض الناس لآل البيتعليهم‌السلام ، وهذا نص دعاء الامام :

« يا مَنْ سَبَقَ عِلْمُهُ ، وَنَفَذَ حُكْمُهُ ، وَشَمَلَ حِلْمُهُ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، وَأَزِلْ حِلْمَكَ عَنْ ظَالِمي ، وَبَادِرْهُ بِالنَّقْمَةِ ، وَعَاجِلْهُ بِالإِسْتِيصَالِ ،

__________________

١ ـ الاقبال ( ص ١٧٩ ).

١٩٧

وكُبَّهُ لمنْخره ، واغْصُصْهُ بِرِيقِهِ ، وَارْدُدْ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ ، وحُل بَيْنَهُ وَبيْنِي ، بِشُغْلٍ شاغلٍ مُؤْلِمٍ ، وَسُقْمٍ دَائِمٍ ، وَامْنَعْهُ التَّوْبَةَ ، وَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِنَابَةِ ، وَاسْلُبْه روح الرَّاحَةِ ، وَاشْدُدْ عَلَيْهِ الوَطَأَةَ ، وَخُذْ مِنْهُ بِالمِخْنَقِ ، وَحَشْرَجَةٍ في صَدْرِهِ ، وَلا تُثْبِّتْ لَهُ قَدَماً ، وَأَثْكِلْهُ ، وَأَجْتَثَّهُ ، وَأسْتَأْصِلْهُ ، وَجُبَّهُ ، وَجُبَّ نِعْمَتَكَ عَنْهُ ، وَأَلْبِسْهُ الصَّغَارَ ، وَاجْعَلْ عُقْبَاهُ النَّارَ ، بَعْدَ مَحْوِ آثَارِهِ ، وَسَلْبِ قَرَارِهِ وَإجهَارِ قَبِيحِ آصَارِهِ ، وَأَسْكِنْهُ دَارَ بَوَارِهِ ، وَلا تُبْقِ لِهُ ذكراً ، وَلا تُعْقِبْهُ مِنْ مُسْتَخْلَفٍ آَخَرَ.

وكان يقول ما يلي ثلاثا :

أ ـ اللّهُمَّ بَادِرْهُ.

ب ـ اللّهُمَّ عَاجِلْهُ.

ج ـ اللّهُمَّ خُذْهُ.

د ـ اللّهُمَّ اسْلِبْهُ التَّوفِيقَ.

اللّهُمَّ ، لا تُمْهِلْهُ ، اللّهُمَّ ، لا تُرَيِّثْهُ ، اللّهُمَّ لا تُؤَخِّرْهُ اللّهُمَّ عَلَيْكَ بِهِ ، اللّهُمَّ أُشْدُدْ قَبْضَتَكَ عَلَيْهِ ، اللّهُمَّ بِكَ أَعْتَصَمْتُ عَلَيْهِ ، وَبِكَ اسْتَجَرْتُ مِنْهُ ، وَبِكَ تَوَارَيْتَ عَنْهُ ، وَبِكَ اسْتَكْهَفْتُ دُونَهُ ، وَبِكَ اسْتَتَرْتَ مِنْ ضَرَّائِهِ ، اللّهُمَّ احْرُسْني بِحِرَاسَتِكَ مِنْهُ وَمِنْ عَذَابِكَ ، وَاكْفِني بِكَافِيَتِكَ ، كَدَّهُ ، وَكُدَّ بُغَاتَكَ ، اللّهُمَّ احْفَظْني بِحِفْظِ الإِيمَانِ ، وَأَسْبِلْ عَلَيَّ سِتْرَكَ الذي سَتَرْتَ بِهِ رُسُلَكَ مِنَ الطَّوَاغِيتِ ، وَحَصِّني بِحِصْنِكَ ، الذي وَقَيْتَهُمُ بِهِ مِنَ الجَوَابِيتِ ، اللّهُمَّ أَيِّدْني بِنَصْرٍ لا يَنْفَكُّ ، وَعَزِيمَةِ صِدْقٍ لا تُحَلُّ ، وَجَلٍّلْني بِنُورِكَ ، وَاجْعَلْني مُدَرَّعاٍ بِدِرْعِكَ الوَاقِيَةِ ، وَاكْلْأني بِكَلَاءَتِكَ الكَافِيَةِ ، إنَّكَ وَاسِعٌ لِمَا تَشَاءُ ، وَوَلِيُّ مَنْ لَكَ تَوَالَى ،

١٩٨

وَنَاصِرُ مَنْ إلَيْك أَوَى ، وَمعينُ مَنْ بِكَ اسْتَعْدَى ، وَكاَفي مَنْ بِكَ اسْتَكْفَى ، أَنْتَ العَزِيزُ الذي لا تُمَانَعُ عَمَّا تَشَاءُ ، وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ وَهُوَ حَسْبي ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ، وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ »(١) .

وكشف هذا الدعاء ، عما كان يعانيه الامامعليه‌السلام من المحن والخطوب ، من خصمه الارهابي الظالم ، فقد دعا عليه الامام ، بهذا الدعاء الشديد ، مع العلم أنه ليس من سيرة أئمة أهل البيتعليهم‌السلام الانتقام من الظالمين لهم ، وإنما كانوا يقابلونهم بالصفح والاحسان ، ولكن هذا الظالم قد بالغ في إرهاق الامام ، ولم يترك لونا من ألوان الاعتداء إلا جابهه به ، فلذا دعا الامامعليه‌السلام عليه بهذا الدعاء.

٥ ـ دعاؤه الثاني في القنوت

كان الامامعليه‌السلام يدعو بدعاء آخر في قنوته ، وقد دعا فيه على ظالم له ، وهذا نصه :

« يا مَأْمَنَ الخَائِفِ ، وَكَهْفَ اللَّائِفِ ، وَجُنَّةَ العَائِذِ ، وَغَوْثَ اللائِذِ ، خَابَ مَنِ اعْتَمَدَ على سِوَاكَ ، وَخَسِرَ مِنْ لَجَأَ إلى دُونِكَ ، وَذَلَّ مَنِ اعْتَزَّ بِغَيْرِكَ ، وَافْتَقَرَ مَنِ اسْتَغْنَى عَنْكَ ، اللّهُمَّ ، المَهْرَبُ مِنْكَ ، اللّهُمَّ ، المَطْلَبُ مِنْكَ ، اللّهُمَّ ، وَقَدْ تَعْلَمُ عَقْدَ ضَمِيِري عِنْدَ مُنَاجَاتِكَ ، وَحَقِيقَةَ سَرِيرَتي عِنْدَ دُعَائِكَ ، وَصِدْقَ خَاِلصَتي بِاللُّجُوءِ إلَيْكَ ، فَأَفْزِعْني إذَا فَزِعْتُ إلَيْكَ ، وَلا تَخْذُلْني إذَا اعْتَمْدتُ عَلَيْكَ ، وَبَادِرْني بِكِفَايَتِكَ ، وَلا تَسْلُبْني رِفْقَ عِنَايَتِكَ ، وَخُذْ ضَالَّتي السَّاعَةَ ، السَّاعَةَ ، أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ عَلَيْهِ ، مُسْتِأْصِلٍ شَأْفَتَهُ ، مُجْتَثٍّ قَائِمَتَهُ ، حَاطٍّ دَعَامَتَهُ ، مُتَبِّرٍ لَهُ ، مُدَمرٍ عَلَيْهِ.

__________________

١ ـ البلد الامين ( ص ٥٥٥ ).

١٩٩

اللّهُمَّ ، بَادِرْهُ قَبْلَ أَذِيَّتي ، وَاسْبِقْهُ بِكِفَايَتي كَيْدَهُ ، وَشَرَّهُ وَمَكْرَهُ ، وَغَمْزَهُ وَسُوءَ عَقْدِهِ وَقَصْدِهِ.

إلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي ، وَبِكَ تَحَصَّنْتُ مِنْهُ ، وَمِنْ كُلِّ مَنْ يَتَعَمَّدُني بِمَكْرُوهِهِ ، وَيَتَرَصَّدُ لي بِأَذِيَّتِهِ ، وَيُصَلِّتَ ضَبَاتِهِ ، وَيَسْعَى إلَيَّ بِمَكَائِدِهِ ، اللّهُمَّ ، كِدْ لي وَلَا تَكِدْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لي ، وَلا تَمْكُر بي ، وَأَرِني الثَّأْرَ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ أَوْ مَكَّارٍ ، لا يَضُرَّني ضَارُّ وَأَنْتَ وَليِّي ، وَلا يَغْلِبُني غَالِبٌ وَأَنْتَ عَضُدِي ، وَلا تَجْري عَلَيَّ مَسَاءَةٌ وَأَنْتَ كَنَفِي ، اللّهُمَّ ، بِكَ اسْتَدْرَعْتُ ، وَاعْتَصَمْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَلا قُوَّةَ لي وَلا حَوْلَ إلاَّ بِكَ »(١) .

وحكى هذا الدعاء الآلام المريرة التي كان يتجرعها الامامعليه‌السلام ، من ظالمه الباغي اللئيم الذي هو ـ في أكبر الظن ـ المنصور الدوانيقي ، الذي ضيق الدنيا ، على عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسن ظلمهم لملوك الاسرة العباسية ، فجهدوا في قهرهم والتنكيل بهم ، وفعلوا معهم ما لم يفعله الامويون معهم.

٦ ـ دعاؤه بعد الصلاة

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا فرغ من صلاته ، دعا بهذا الدعاء الجليل :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أُدِينُكَ بِطَاعَتِكَ ، وَوِلَايَتِكَ ، وَوِلَايَةِ اَلأئِمَّةِ مِنْ أَوَّلِهِمُ إلى آخِرِهِمْ ، أُديِنُكَ بِطَاعَتِهِمْ وَوِلَايَتِهِمْ بِمَا فَضَّلْتَهُمْ بِهِ غَيْر مُنْكِرٍ ، وَلا مُسْتَكْبِرٍ ، على مَعْنى ما أَنْزَلْتَ في كِتَابِكَ ، على حُدْودِ ما أَتَانا فِيهِ ، وَمَا لَمْ يَأْتِنَا ، مُؤْمِنٌ ، مُقِرٌّ بِذلِكَ ، مُسْلِمٌ ، رَاضٍ بِمَا رَضِيْتَ بِهِ يا رَبُّ ، أُرِيدُ بِهِ

__________________

١ ـ البلد الامين ( ص ٥٥٨ ).

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294