تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182018 / تحميل: 6065
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الشافعي(١) - وسيأتي(٢) - فحينئذٍ تجب الزكاة عند الحول.

ومقتضى قول المانعين من الوجوب على المديون المنع هنا ، لأنّه دَين(٣) .

وقيل : لا تجب بمعنى آخر وهو عدم استقرار الملك ، إذ لصاحبها أخذها متى وجدها(٤) .

مسألة ٢٧ : إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب‌ ، فلو لم يتمكّن المسلم من إخراجها بعد الحول حتى تلفت لم يضمن ، ولو تلف بعض النصاب سقط من الفريضة بقدره ، وسيأتي(٥) البحث في ذلك إن شاء الله تعالى.

أمّا الكافر فإنّ الزكاة وإن وجبت عليه عندنا ، لأنّه مخاطب بالفروع ، وبه قال الشافعي(٦) - خلافا لأحمد وأبي حنيفة(٧) - إلاّ أنّه لا يصح منه أداؤها حال كفره.

فإذا أسلم سقطت عنه وإن كان النصاب موجوداً ، لأنّها عبادة فسقطت بإسلامه ، لقولهعليه‌السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله )(٨) ويستأنف الحول حين الإِسلام.

ولو هلكت بتفريطه حال كفره فلا ضمان وإن أسلم.

وأما المرتدّ فلا يسقط عنه ما وجب عليه حال الإِسلام.

____________________

(١) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٢) يأتي في اللقطة ( المقصد الخامس من كتاب الأمانات ).

(٣) اُنظر : المغني ٢ : ٦٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٤) القائل هو ابن عقيل من الجمهور. اُنظر : المغني ٢ : ٦٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٥) يأتي في المسألة ١٢٤.

(٦) المجموع ٣ : ٤ و ٥ : ٣٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤.

(٧) بدائع الصنائع ٢ : ٤ ، المغني ٢ : ٤٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٧.

(٨) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥.

٤١

ثم إن كان عن فطرة انتقلت أمواله إلى ورثته في الحال وإلّا بقيت عليه ، فإذا حال الحول وجبت عليه.

وإذا أخرج في حال الردّة جاز ، وبه قال الشافعي(١) ، كما لو أطعم عن الكفارة ، وفيه له وجه آخر(٢) .

وأمّا الشرائط الخاصة فستأتي عند كلّ صنف إن شاء الله تعالى.

* * *

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٨ ، مغني المحتاج ١ : ٤٠٨.

(٢) وهو عدم إخراج المرتدّ زكاته حال ردّته. اُنظر : المجموع ٥ : ٣٢٨ ، وفتح العزيز ٥ : ٥١٩.

٤٢

٤٣

المقصد الثاني

في المحلّ‌

وقد أجمع المسلمون كافّة على إيجاب الزكاة في تسعة أشياء : الإِبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب ، والفضة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، واختلفوا في ما زاد على ذلك ، وسيأتي(١) ، فهنا مطالب :

الأول : في زكاة الأنعام‌ ، وفيه فصول :

____________________

(١) يأتي في المسائل ١١٠ - ١١٥.

٤٤

٤٥

الفصل الأول

في زكاة الإِبل‌

مسألة ٢٨ : يشترط فيها أربعة : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول‌ ، أمّا الملك ، فلما تقدّم(١) : أنّ غير المالك لا زكاة عليه ، وأمّا النصاب فبإجماع المسلمين.

لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ليس فيما دون خمس ذود(٢) صدقة )(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الخمس من الإِبل شي‌ء »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فالنُصُب في الإِبل ثلاثة عشر نصاباً : خمس ، عشر ، خمس عشرة ، عشرون ، خمس وعشرون ، ستّ وعشرون ، ستّ وثلاثون ، ستّ وأربعون ، إحدى وستّون ، ستّ وسبعون ، إحدى وتسعون ، مائة‌

____________________

(١) تقدّم في المسألة ١١.

(٢) الذود من الإِبل : ما بين الثنتين الى التسع. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ١٧١ « ذود ».

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ١ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن النسائي ٥ : ٤٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٥ و ١٢٠.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦.

٤٦

وإحدى وعشرون ، ثم بعد ذلك أربعون أو خمسون بالغاً ما بلغت عند علمائنا أجمع ، وسيأتي(١) البحث في ذلك.

مسألة ٢٩ : يشترط فيها وفي غيرها من الأنعام السوم‌ ، وهي الراعية المعدّة للدرّ والنسل.

واحترزنا بذلك عن المعلوفة وإن كانت للدّر والنسل ، والعوامل وإن لم تكن معلوفةً ، فإنّه لا زكاة فيهما عند علمائنا أجمع ، وبه قال عليعليه‌السلام ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله ، ومن التابعين : سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والحسن البصري والنخعي ، ومن الفقهاء : الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث بن سعد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين من الغنم السائمة شاة )(٣) دلّ بمفهومه على انتفاء الزكاة عن المعلوفة ، وإلّا كان ذكر الوصف ضائعاً ، بل موهماً للتخصيص ، ولو لم يكن مراداً كان قبيحاً.

وقالعليه‌السلام : ( ليس في البقر العوامل صدقة )(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس على العوامل شي‌ء ، إنّما ذلك على السائمة الراعية »(٥) .

ولأنّ وصف النماء معتبر في الزكاة ، والمعلوفة يستغرق علفها نماءها.

____________________

(١) يأتي في المسائل ٣٥ - ٣٧.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢ ، مختصر المزني : ٤٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٥ ، المغني ٢ : ٤٣٨ و ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ و ٥٠١ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، المحلّى ٦ : ٤٥.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٤ و ١١٥ / ٢ و ٣ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٠ بتفاوت فيها.

(٤) المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٤٠ / ١٠٩٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٣ / ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٢ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١ / ٥٩.

٤٧

وقال مالك : تجب في العوامل والمعلوفة. وبه قال ربيعة ومكحول وقتادة(١) .

وقال داود : تجب في عوامل البقر والإبل ومعلوفها دون الغنم(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين شاة شاة ، وفي ثلاثين من البقر تبيع )(٣) ولأنه تجوز الأضحية به فأشبه السائمة.

والحديث يخصّه مفهوم الخطاب ، والفرق بين السائمة والمعلوفة لزوم المؤونة في المعلوفة ، والعوامل معدّة لاستعمال مباح فأشبهت الثياب.

مسألة ٣٠ : لو سامت بعض الحول ، وعلفها البعض الآخر‌ ، قال الشيخ تعالى : يحكم للأغلب(٤) . وبه قال أبو حنيفة وأحمد وبعض الشافعية ، لأنّ اسم السوم لا يزول مع القلّة ، وخفّة المؤونة موجودة فكانت زكاة السوم واجبةً كالزرع إذا سقي سيحاً وناضحاً(٥) .

وقال بعض الشافعية : إن علفها يوماً أو يومين لم يبطل حكم السوم ، وإن علفها ثلاثة أيّام زال حكم السوم ، لأنّ ثلاثة أيّام لا تصبر عن العلف ، وما دون ذلك تصبر عن العلف ، ولا تتلف بتركه(٦) .

وقال بعضهم : إنّما يثبت حكم العلف بأن ينوي علفها ويفعله وإن كان مرّة ، كما لو كان له ذهب فنوى صياغته وصاغه انقطع حوله(٧) .

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ ، المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ / ١٥٧٢.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٦ ، المغني ٢ : ٤٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٦ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٦) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٧) حلية العلماء ٣ : ٢٣ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦.

٤٨

ولأنّ السوم موجب ، والعلف مسقط ، وإذا اجتمعا غُلّب الإِسقاط ، كما لو كان معه أربعون منها واحدة معلوفة لم تجب ، تغليباً للمسقط ، والزرع اعتبر فيه الأكثر ، لأنّه غير مسقط ، بخلاف مسألتنا.

والأقرب عندي اعتبار الاسم ، فإن بقي عليها اسم السوم وجبت وإلّا سقطت.

فروع :

أ - إذا خرجت عن اسم السوم بالعلف ، ثم عادت إليه استؤنف الحول من حين العود ، ولا فرق بين أن يعلفها مالكها أو غيره ، بإذنه أو بغير إذنه من مال المالك.

ولو علفها من ماله ، فالأقرب إلحاقها بالسائمة ، لعدم المؤونة حينئذٍ ، ولا فرق بين أن يكون العلف لعذر كالثلج أو لا.

ب - لو علفها بقصد قطع الحول وخرجت عن اسم السائمة انقطع الحول.

وقال الشافعي : لا ينقطع(١) . وسيأتي بحثه في قاصد الفرار بالسبك(٢) .

ج - لو تساوى زمان العلف والسوم ، فعندنا لا زكاة ، وعلى قول الشيخ من اعتبار الأغلب ينبغي السقوط أيضاً.

د - لو اعتلفت من نفسها حتى خرجت عن اسم السائمة سقطت الزكاة ، ومن اعتبر القصد من الشافعيّة لم يسقطها ، وأسقطها بعضهم ، لخروجها عن اسم السوم(٣) .

ه- لو غصب سائمته غاصب فلا زكاة عندنا.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٥٨.

(٢) يأتي في الفرع « و» من المسألة ٧١.

(٣) المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦ - ٤٩٧.

٤٩

ومن أوجبها في المغصوب فعنده وجهان : الوجوب ، لأنّ فعل الغاصب عديم الأثر ، وكذا لو غصب ذهباً واتّخذ منه حُليّاً لا تسقط. وهو ممنوع.

والعدم ، لفوات شرط السوم ، كما لو ذبح بعض الماشية(١) .

ولو غصب معلوفة وأسامها ، فوجهان : الوجوب ، لحصول الرفق ، كما لو غصب حنطة وبذرها يجب العشر في النابت ، والمنع(٢) ، لما تقدّم.

فإن وجبت قيل : تجب على الغاصب ، لأنّه من فعله. وقيل : على المالك.

ففي رجوعه على الغاصب وجهان : المنع ، لأنّ السبب في الوجوب ملك المالك ، والرجوع ، لأنّه لو لا الإِسامة لم تجب.

وهل يرجع قبل الإِخراج أو بعده؟ وجهان(٣) ؛ وهذا كلّه ساقط عندنا.

مسألة ٣١ : المال الذي تجب فيه الزكاة ضربان : ما هو نماء في نفسه ، وما يرصد للنماء ، فالأول الحبوب والثمار ، فإذا تكامل نماؤه وجبت فيه الزكاة ولا يعتبر فيه حول.

وما يرصد للنماء كالمواشي يرصد للدرّ والنسل ، والذهب والفضّة للتجارة ، فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي حول من حين تمّ نصابه في ملكه ، وبه قال جميع الفقهاء(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ - ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٣) المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ - ٤٩٨.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦١.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ - ١٠١ / ١٥٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ - ٩١ / ٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٥.

٥٠

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « ليس على العوامل من الإِبل والبقر شي‌ء ، إنما الصدقات على السائمة الراعية ، وكلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه فيه ، فإذا حال الحول وجب عليه »(١) .

وقول الباقرعليه‌السلام : « الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحرّكه »(٢) .

وحكي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا : إذا استفاد المال زكّاه في الحال ، ثم تتكرّر الزكاة بتكرّر الحول(٣) ؛ لأنّه مال تجب فيه الزكاة فوجبت حال استفادته كالحبوب والثمار.

والفرق : أن الغلّات يتكامل نماؤها دفعة ، ولهذا لا تتكرّر الزكاة فيها بخلاف هذه.

مسألة ٣٢ : يشترط بقاء النصاب طول الحول‌ ، فلو نقص في وسطه أو أحد طرفيه وكمل اعتبر ابتداء الحول من حين الكمال ، وسقط حكم الأول عند علمائنا ، وبه قال الشافعي وأحمد(٤) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٥) وهو يقتضي مرور الحول على جميعه.

ولأنّ ما اعتبر في طرفي الحول اعتبر في وسطه كالملك والإِسلام.

وحكي عن أبي حنيفة : أنّ النصاب إذا كمل طرفي الحول لم يضرّ نقصه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ - ١ ، التهذيب ٤ : ٤١ - ١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ - ٦٥.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٥ - ٩٠.

(٣) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥ ، الميزان للشعراني ٢ : ٢.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦٠ ، المغني ٢ : ٤٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.

(٥) تقدمت مصادره في المسألة ٣١.

٥١

في وسطه(١) . وليس بجيّد.

مسألة ٣٣ : وحولان الحول هو مضيّ أحد عشر شهراً كاملة على المال‌ ، فإذا دخل الثاني عشر وجبت الزكاة وإن لم تكمل أيامه ، بل تجب بدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع.

لقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن رجل كانت له مائتا درهم فوهبها بعض إخوانه أو ولده أو أهله فراراً من الزكاة : « إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة »(٢) .

فروع :

أ - في احتساب الثاني عشر من الحول الأول أو الثاني إشكال ينشأ من أنّه من تمام الأول حقيقةً ، ومن صدق الحولان باستهلال الثاني عشر.

ب - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده يجب الجميع إن فرّط وإلّا فبالنسبة.

ج - لو ارتدّ في أثناء الحول عن فطرة استأنف ورثته الحول ، ولو كان عن غيرها أتمّ.

مسألة ٣٤ : لا تجب الزكاة في السخال‌ وهي أولاد الغنم أوّل ما تلدها حتى يحول عليها الحول من حين سومها ، ولا يبنى على حول الاُمّهات ، فلو كان عنده أربع ، ثم نتجت وجبت الشاة إذا استغنت بالرعي حولاً.

ولو كان عنده خمس ستة أشهر ، ثم نتجت خمساً ، وتمّ الحول وجبت الزكاة في الخمس لا غير عند علمائنا ، وبه قال الحسن البصري والنخعي(٣) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٤)

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٥.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٦ / ٩٢.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٠ ، المجموع ٥ : ٣٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٤) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٣١.

٥٢

ولأصالة البراءة.

وقال الشافعي : السخال تضمّ إلى الاُمّهات في حولها بثلاث شرائط : أن تكون متولّدةً منها ، وأن تكون الاُمّهات نصاباً ، وأن توجد معها في بعض الحول ، فلو لم تكن متولّدةً منها ، بل كان الأصل نصاباً ، فاستفاد مالاً من غيرها ، وكانت الفائدة من غير عينها لم تضمّ إليها ، وكان حول الفائدة معتبراً بنفسها سواء كانت الفائدة من جنسها بأن يحول على خمسة من الإِبل ستة أشهر ، ثم تملّك خمساً منها أو من غير جنسها مثل أن حال على خمسة من الإِبل ستة أشهر ، ثمّ ملك ثلاثين بقرة.

ولو ملك عشرين شاة ستة أشهر فزادت حتى بلغت أربعين كان ابتداء الحول من حين كملت نصاباً سواء كانت الفائدة من عينها أو من غيرها ؛ لقصور الاُمّهات عن النصاب.

ولو وجدت بعد انقضاء الحول لم تضمّ إليها.

واحتجّ على التبعيّة : بقول عليعليه‌السلام : « اعتد عليهم بالكبار والصغار »(١) .

وقال عمر لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة(٢) . ولا مخالف لهما فكان إجماعاً ، ولأنّ النماء إذا تبع الأصل في الملك تبعه في الزكاة كأموال التجارة(٣) .

والجواب : نقول بموجب الحديث ، فإنّ السخال والصغار تجب فيهما الزكاة مع حصول السوم ، ونمنع حكم الأصل.

ونازع أبو حنيفة الشافعي في الشرط الأول ، فقال : إذا استفاد سخالاً‌

____________________

(١و٢) أورد قولهما أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، والرافعي في فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ ، وانظر أيضاً لقول عمر : الموطأ ١ : ٢٦٥ ذيل الحديث ٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠١.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣.

٥٣

من غير غنمه في أثناء الحول ضمّ إلى ماله إذا كان من جنسه ، وكان حول الاُمّهات حول السخال ، وإن لم تكن من جنسه كسخال الإِبل مع الغنم لم تضمّ ، فلو كان عنده خمس من الإِبل حولاً إلّا يوماً فملك خمساً من الإِبل ، ثم مضى اليوم زكّى المالين معاً ، وبه قال مالك(١) .

لكن انفرد أبو حنيفة بأنّه إن زكّى بدلها لم تضمّ مثل أن كان عنده خمس من الإِبل ومائتا درهم أخرج زكاة المائتين ، ثم اشترى بها خمساً من الإِبل لم تضمّ إلى التي كانت عنده في الحول ، وإن لم يزكّ المبدل ضمّهما معاً ، ولو كان عنده عبد وأخرج زكاة الفطرة عنه ، ثم اشترى به خمساً من الإِبل ضمّها إلى ما عنده(٢) .

واحتجّ أبو حنيفة على الضمّ وإن لم يكن من أصله : بأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فوجب أن يضمّ المستفاد إلى النصاب فيه كالنصاب - وينتقض بالمزكّى بدله - ولأنّ الضمّ في النصاب إنّما هو في المستقبل فكذا في الحول.

وينتقض بقولهعليه‌السلام : ( ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول )(٣) .

ولأنّها فائدة لم تتولّد ممّا عنده فلم تضمّ إليه في حوله كالتي زكّي بدلها أو كانت من غير جنسه.

ونازع مالك الشافعي في الشرط الثاني ، فقال : لو كانت الغنم أقلّ من أربعين ، ومضى عليها بعض الحول ، ثم توالدت وتمّت الأربعين اعتبر الحول من حين ملك الاُصول ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ؛ لأنّ السخال إنّما تضمّ في الزكاة فتجب أن تضمّ إلى ما دون النصاب كأرباح التجارات(٤) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ - ٤٨٤ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ - ١٠٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ / ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٤.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٢ ، التفريع ١ : ٢٨٣ ، المغني ٢ : ٤٧٠ - ٤٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

٥٤

ونمنع الحكم في الأصل ، وللفرق بأنّ مراعاة القيمة في كلّ حال يشقّ فاعتبر آخر الحول بخلاف السخال ؛ لأنّ الزكاة تجب في عينها فلا يشقّ ذلك فيه فاعتبر في جميع الحول ، كما لو تمّت بغير سخالها.

فروع :

أ - لو نتجت بعد الحول وقبل إمكان الأداء لم تضمّ عندنا ، وهو ظاهر.

وللشافعي قولان مبنيّان على وجوب الزكاة هل يتعلّق بإمكان الأداء أم لا؟

فإن قيل : بأنّه شرط الوجوب ضمّت ، وإن قيل : إنّه شرط الضمان لم تضمّ(١) .

ب - لا تؤخذ السخلة في الزكاة إجماعاً ، أمّا عندنا ، فلعدم الوجوب ، وأمّا المخالف ، فلقول عمر : اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم(٢) .

ولو كان النصاب كلّه صغاراً جاز أخذ الصغيرة ، وإنّما يتصوّر عندهم لو بدّل كباراً بصغار في أثناء الحول ، أو كان عنده نصاب من الكبار فتوالدت نصاباً من الصغار ثم ماتت الاُمّهات ، وحال الحول على الصغار ، وهو ظاهر قول أحمد(٣) .

وقال مالك : لا يؤخذ إلّا كبيرةً تجزي في الاُضحية(٤) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إنّما حقّنا في الجذعة أو الثنيّة )(٥) .

وهو محمول على ما فيه كبار.

ج - لو ملك نصاباً من الصغار انعقد عليه حول الزكاة من حين ملكه إذا‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) نقله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٩.

(٣و٤) المغني ٢ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.

٥٥

صدق عليه اسم السوم وإلّا فلا.

وقال أبو حنيفة وأحمد - في رواية - : لا ينعقد عليه الحول حتى يبلغ سنّاً يجزئ مثله في الزكاة ، وهو محكي عن الشعبي(١) .

لقولهعليه‌السلام : ( ليس في السخال زكاة )(٢) .

ولأنّ السنّ معنى يتغيّر به الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد.

وفي رواية عن أحمد : أنّها ينعقد عليها الحول من حين الملك وإن لم تكن سائمةً ؛ لأنّها تعدّ مع غيرها فتعدّ منفردة كالامّهات(٣) ، والعلّة ممنوعة.

د - قد بيّنا أنّه لا زكاة في السخال ، ولا تضمّ مع الاُمّهات ، وعند الشافعي تضمّ بالشروط الثلاثة(٤) .

فلو اختلف الساعي وربّ المال في شرط منها ، فقال المالك : هذه السخال من غيرها ، أو كانت أقلّ من نصاب ، أو نتجتها بعد تمام الحول.

وخالف الساعي ، قدّم قول المالك ؛ لأنّه أمين فيما في يده ، لأنّها تجب على طريق المواساة والرفق ، فقبل قوله فيه من غير يمين.

ه- إذا ضمّت السخال إلى الاُمّهات - على رأي الشافعي - ثم تلف بعض الاُمّهات أو جميعها وبقي نصاب لم ينقطع الحول ، وبه قال مالك(٥) ؛ لأنّ السخال قد ثبت لها حكم الحول تبعاً للاُمّهات ، فصارت كما لو كانت موجودةً في جميع الحول ، فموت الاُمّهات أو نقصانها لا يبطل ما ثبت لها ، كما أنّ ولد أُمّ الولد ثبت له حكم الاستيلاد على وجه التبع لاُمّه ، فإذا ماتت‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٣.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣‌

(٥) التفريع ١ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

٥٦

الاُمّ لم يبطل حكم الاستيلاد للولد.

وقال بعض الشافعية : إذا نقصت الاُمّهات عن النصاب بطل حكم الحول فيها وفي السخال ؛ لأنّ السخال إنّما ضمّت إليها على وجه التبع ، فإذا نقصت الاُمّهات لم تتبعها السخال ، كما لا تتبعها في الابتداء لو كانت ناقصةً(١) .

ولو تلفت جميع الاُمّهات ، قال الشافعي : لا ينقطع الحول إذا كانت نصاباً(٢) ؛ لأنّ كلّ نوع يعدّ في الزكاة مع غيره يعدّ وحده كالثنايا والجذاع.

وقال أبو حنيفة : ينقطع الحول وإن كانت نصاباً ، ولو بقي واحدة لم ينقطع(٣) .

ولو ملك أربعين صغيرة انعقد الحول عند الشافعي(٤) ، خلافاً له(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ليس في السخال زكاة )(٦) .

و - لو كانت في الإِبل فُصلان ، وفي البقر عجاجيل ، فإن سامت حولاً اعتبرت ، وإلّا فلا ، والمخالفون في السخال خالفوا هنا.

إذا عرفت هذا ، فلو كانت الإِبل كلّها فُصلاناً والبقر عجاجيل اُخذ واحد منها.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٢) الاُم ٢ : ١٢ ، مختصر المزني : ٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، و ٤٨٦.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٣١ - ٣٢ ، شرح العناية ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ و ٤٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٦.

(٥) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٣٩ - ١٤٠.

(٦) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الفرع « ج ».

٥٧

وقال بعض الشافعية : لا يؤخذ إلّا السنّ المنصوص عليه ، لأنّا لو أخذنا واحداً منها لسوّينا بين خمس وعشرين وإحدى وستين ، وأخذنا فصيلاً من كلّ واحد من العددين وهو غير جائز ، فتؤخذ كبيرة بالقيمة بأن يقول : كم قيمة خمس وعشرين كباراً؟ فإذا قيل : مائة ، قيل : كم قيمة بنت مخاض؟ فإذا قيل : عشرة ، فيقال : كم قيمتها فُصلاناً؟ فيقال : خمسون. اُخذ بنت مخاض قيمتها خمسة(١) .

وقال بعض الشافعية : إنّما يفعل ذلك ما دام الفرض يتغيّر بالكبر ، فإذا تغيّر بالعدد كستّ وسبعين اُخذ من الصغار(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأدائه إلى التسوية بين الأربعين والخمسين ، وبين الثلاثين والأربعين في البقر ، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فرّق بينهما(٣) .

مسألة ٣٥ : أوّل نُصب الإِبل خمس ، وفيها شاة‌ ، فلا يجب فيما دونها شي‌ء ، ثم عَشر ، وفيه شاتان ، ثم خمس عشرة ، وفيه ثلاث شياه ، ثم عشرون ، وفيه أربع شياه ، وهذا كلّه بإجماع علماء الإِسلام.

فإذا بلغت خمساً وعشرين ، فأكثر علمائنا على أنّ فيها خمس شياه إلى ست وعشرين ، ففيها حينئذٍ بنت مخاض(٤) .

لقول عليعليه‌السلام : « في خمس وعشرين خمس شياه »(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في خمس‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ - ٣٨١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٨١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ و ١٠١ / ١٥٧٢ و ١٥٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠ / ٦٢٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥ - ٢٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ / ٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٨ - ٩٩.

(٤) منهم : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٠ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٩١ ، وسلّار في المراسم ١٢٩ - ١٣٠ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٥٩.

(٥) سنن البيهقي ٤ : ٩٣.

٥٨

وعشرين خمس من الغنم »(١) .

ولأنّ الخمس الزائدة على العشرين كالخمس السابقة ، ولأنّا لا ننتقل من الشاة إلى الجنس بزيادة خمس في شي‌ء من نُصب الزكاة المنصوصة.

وقال ابن أبي عقيل منّا : في خمس وعشرين بنت مخاض(٢) ، وهو قول الجمهور(٣) كافة ؛ لأنّ أبا بكر كتب لأنس لمـّا وجّهه إلى البحرين كتاب الصدقة التي فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في كلّ خمسٍ شاةً حتى تبلغ خمساً وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ففيها بنت مخاض »(٥) .

ونمنع الاحتجاج برواية أبي بكر ، لجواز أن يكون رأياً له ، أو يضمر فيها زيادة واحدة ، وهو جواب الثانية.

وقال ابن الجنيد : يجب بنت مخاض أو ابن لبون ، فإن تعذّر فخمس شياه(٦) .

مسألة ٣٦ : إذا بلغت ستّا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين‌ ، فإذا زادت واحدة ففيها حِقّة إلى ستين ، فإذا زادت واحدة وبلغت إحدى وستّين‌

____________________

(١) المعتبر : ٢٥٩ ، الفقيه ٢ : ١٢ / ٣٣ وفيه عن الإِمام الباقرعليه‌السلام ، والتهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، والاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦ وفيهما عن الإِمام الصادقعليه‌السلام .

(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٥٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٨ ، المغني ٢ : ٤٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ - ١٩ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٦) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٥٩.

٥٩

ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا صارت ستّاً وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقّتان إلى مائة وعشرين ، وهذا كلّه لا خلاف فيه بين العلماء ، لأنّه في كتاب أبي بكر لأنس(١) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا كانت خمساً وعشرين ففيها خمس من الغنم ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا زادت واحدة على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون اُنثى إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستّين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى [ خمس و ](٢) سبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين ومائة ، فإذا كثرت الإِبل ففي كلّ خمسين حقّة »(٣) .

مسألة ٣٧ : إذا زادت على مائة وعشرين ولو واحدة وجب في كلّ خمسين حقّة‌ ، وفي كل أربعين بنت لبون ، فتجب هنا ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين ففيها حقّة وبنتا لبون إلى مائة وأربعين ففيها حقّتان وبنت لبون إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ، وعلى هذا الحساب بالغاً ما بلغ عند علمائنا ، وبه قال ابن عمر وأبو ثور والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين ، ومالك في إحدى الروايتين(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كلّ أربعين بنت لبون )(٥) والواحدة زيادة.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة السابقة (٣٥).

(٢) زيادة أثبتناها من المصدر.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦‌

(٤) الاُم ٢ : ٤ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٩ ، المغني ٢ : ٤٤٥ - ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أماكنها ، وسواء كان بينهما مسافة القصر أو لا عند علمائنا أجمع ، وبه قال عامة العلماء(١) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( في أربعين شاةً شاةٌ )(٢) .

ولأنّه ملك واحد فأشبه ما لو تقاربت البُلدان.

وعن أحمد رواية : أنّه إن كان بينهما مسافة القصر فلكلّ مالٍ حكم نفسه يعتبر على حدته ، إن كان نصاباً ففيه الزكاة وإلّا فلا ، ولا يضمّ إلى المال الذي في البلد الآخر.

قال ابن المنذر : لا أعلم هذا القول عن غير أحمد.

لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين مفترق )(٣) وهذا مفترق فلا يجمع.

ولأنّه لمـّا أثّر اجتماع مالين لرجلين في كونهما كالمال الواحد يجب أن يؤثّر افتراق مال الرجل الواحد حتى يجعله كالمالين(٤) .

وقد بيّنا أنّ المراد لا يجمع بين متفرّق في الملك ، والمقيس عليه ممنوع.

فروع :

أ - إذا كان له ثمانون شاة مضى عليها ستّة أشهر فباع منها النصف مشاعاً أو أربعين معيّنةً انقطع الحول في المبيع دون الباقي إجماعاً ، لأنّه نصاب فإذا تمّ الحول فزكاته على البائع ، وإذا حال حول المبيع كانت زكاته على المشتري.

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٣.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ و ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠١ و ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩ / ٦٢١ ، مسند أحمد ١ : ١٢ و ٢ : ١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٤) المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٣.

١٠١

وقال الشافعي : تكون زكاة المشتري زكاة الخلطة(١) .

ب - إذا ملك أربعين في المحرّم ، وأربعين في صفر ، وأربعين في شهر ربيع ، وحال الحول على الجميع ، فعليه في الأول شاة عندنا ، ولا شي‌ء عليه في الزائد ، لقصوره عن النصاب ، والجميع لمالك واحد ، وبه قال أحمد في رواية(٢) .

وقال الشافعي - في القديم - : عليه في كلّ أربعين ثُلث شاة ، و - على الجديد - في الاُولى شاة ، وفي الثانية نصف شاة ، لأنّها مختلطة بالأربعين الاُولى في جميع الحول ، وفي الثالثة ثلث شاة ، لاختلاطها بالثمانين في جميع الحول(٣) .

وله وجه آخر : وجوب شاة في كلّ واحدة(٤) .

ج - لو ملك ثلاثين من البقر واشترى بعد ستّة أشهر عشراً ، فعليه عند تمام حول الثلاثين تبيع ، وعند تمام حول العشر ربع مسنّة ، فإذا تمّ حول آخر على الثلاثين فعليه ثلاثة أرباع مسنّة ، وإذا حال حولٌ آخر على العشر فعليه ربع مسنّة ، وهكذا ، وبه قال بعض الشافعيّة(٥) .

وقال ابن سريج : لا ينعقد حول العشر حتّى يتمّ حول الثلاثين ثم يستأنف حول الكلّ(٦) . ولا بأس به.

ويحتمل وجوب التبيع عند تمام كلّ حول الثلاثين ، ورُبع المسنّة عند تمام كلّ حول العشرة.

وكذا لو ملك أربعين من الغنم ستّة أشهر ، ثم ملك إحدى وثمانين‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٣.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٦٦ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٥ - ٤٥٧.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٥٧.

(٥ و ٦ ) المجموع ٥ : ٣٦٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.

١٠٢

فالأقرب أنّ عليه عند كمال حول الاُولى شاة ، وعند كمال حول الثانية شاة اُخرى ، وهكذا.

ولو ملك أربعين شاة في المحرّم ، ومائة في صفر ، ومائة في ربيع فعليه عند تمام حول الاُولى شاة، وكذا عند تمام حول الثانية والثالثة ؛ لأنّا نجعل ملكه في الإِيجاب كملكه لذلك في حال واحدة فصار كأنّه ملك مائتين وأربعين فتجب ثلاث شياه عند تمام حول كلّ مال شاة.

وقال بعض الجمهور : يجب عليه في الشهر الثاني حصّة من فرض الثالث معاً وهي شاة وثلاثة أسباع شاة ، لأنّه لو ملك المالين دفعةً كان عليه فيهما شاتان حصّة المائة منهما خمسة أسباعهما وهو شاة وثلاثة أسباع شاة ، وعليه في الثالث شاة وربع ، لأنّه لو ملك الجميع دفعة - وهو مائتان وأربعون - كان عليه ثلاث شياه حصّة الثالث ربعهنّ وسدسهنّ وهو شاة وربع(١) .

د - لو ملك عشرين من الإِبل في المحرّم وستّاً في صفر فعليه في العشرين عند تمام حولها أربع شياه ، وفي الستّ عند تمام حولها ستّة أجزاء من ستّة وعشرين جزءاً من بنت مخاض.

ولو ملك في المحرّم ستّاً وعشرين ، وفي صفر خمساً فعليه في الأول عند تمام حوله بنت مخاض ، ولا شي‌ء عليه في الخمس الزائدة.

وقال بعض الجمهور : عليه فيها شاة ، لأنّه نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه(٢) . وهو ممنوع.

وقال آخرون : عليه سُدس بنت مخاض(٣) . بناءً على أنّ بنت المخاض تجب في خمس وعشرين.

وعلى الخلطة ، فإن ملك مع ذلك في ربيع ستّاً اُخرى فعليه في الأول‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٠.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤١.

١٠٣

عند تمام حوله بنت مخاض ، ولا شي‌ء في الخمس حتّى يتمّ حول الستّ فيجب فيها رُبع بنت لبون ورُبع تُسعها.

وقال بعض الجمهور : عليه في الخمس سُدس ( بنت مخاض )(١) إذا تمّ حولها ، وفي الستّ سُدس بنت لبون عند تمام حولها(٢) .

وقيل : عليه في الخمس الثانية شاة عند تمام حولها ، وفي الستّ شاة عند تمام حولها(٣) .

* * *

____________________

(١) ورد في النسخ الخطية والطبعة الحجرية بدل ما بين القوسين : ( شاة ) وما أثبتناه موافق للمصادر.

(٢ و ٣) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤١.

١٠٤

١٠٥

الفصل الخامس

في صفة الفريضة‌

مسألة ٥٧ : أسنان الإِبل المأخوذة في الزكاة أربع :

بنت مخاض وهي التي كملت سنةً ، ودخلت في الثانية ، وسمّيت بذلك ، لأنّ اُمّها ماخض أي حامل ، والمخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه ، والواحدة : خلفة.

وبنت لبون : وهي التي كمل لها سنتان ، ودخلت في الثالثة ، سمّيت بذلك ، لأنّ اُمّها قد ولدت وصار بها لبن.

وحِقّة وهي التي لها ثلاث سنين ، ودخلت في الرابعة ، سمّيت بذلك ، لاستحقاقها أن يطرقها الفحل ، أو لأنْ يُحمل عليها.

وجَذَعة - بفتح الذال - وهي التي لها أربع سنين ، ودخلت في الخامسة ، وهي أكبر سنّ تؤخذ في الزكاة.

ولا توجب حقيقة بنت المخاض أو بنت اللبون ، بل ما كمل لها ما قدّر لها وإن لم تكن لها أمٌّ ، ولا يجب ما زاد على الجَذَعة في الزكاة.

ويسمّى ما دخل في السادسة ثنيّ ، وما دخل في السابعة رباع ورباعية ، وما دخل في الثامنة سديس وسدس ، وما دخل في التاسعة بازل ، لأنّه طلع‌

١٠٦

نابه ، ثم يقال : بازل عام ، وبازل عامين ، وهكذا ، والبازل والمـُخلِف واحد ، وما دون بنت المخاض يقال له : فصيل ، وحوار : أوّل ما ينفصل الولد ، ثم بنت مخاض.

وأسنان البقر : أوّلها : الجذع والجذعة وهي التي لها حول ، ويسمّى شرعاً : تبيعاً وتبيعةً ، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة )(١) .

وكذا قال الباقر والصادقعليهما‌السلام حيث فسّراهما بالحولي(٢) .

فإذا كمل سنتين ودخل في الثالثة فهو ثنيّ وثنيّة وهي المسنّة شرعاً ، فإذا دخل في الرابعة فهو رباع ورباعية ، فإذا دخل في الخامسة فهو سَدِيس وسَدَس ، فإذا دخل في السادسة فهو صالغ - بالصاد غير المعجمة والغين المعجمة - ثم لا اسم له ، بل يقال : صالغ عام وعامين وثلاثة. وهكذا.

وأمّا الغنم ، فأوّل ما تلد الشاة يقال لولدها : سخلة ، ذكراً كان أو اُنثى في الضأن والمعز ، ثم يقال بعد ذلك : بَهْمة ، ذكراً كان أو اُنثى فيهما ، فإذا بلغت أربعة أشهر ، ففي الغنم : جَفْر ، للذكر ، وجَفْرة ، للاُنثى ، وجمعهما : جِفار ، فإذا جازت أربعة أشهر فهي العَتُود ، وجمعها : عِتْدان ، وعريض ، وجمعها : عراض ، ويقال لها من حين الولادة إلى هذه الغاية : عناق ، للاُنثى ، وللذكر : جدي ، فإذا كملت سنة فالاُنثى : عنز ، والذكر : تيس ، فإذا دخلت في الثانية فهي جَذَعة ، والذكر : جَذَع ، فإذا دخلت في الثالثة فهي الثَنِيّة ، والذكر : ثَنِيّ ، فإذا دخلت في الرابعة فرَباع ورَباعِية ، فإذا دخلت في الخامسة فهي سَدِيس وسَدَس ، فإذا دخلت في السادسة فهي صالغ ، ثم صالغ عام وعامين دائماً(٣) .

____________________

(١) سنن البيهقي ٤ : ٩٩.

(٢) راجع : الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، والتهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٣) فقه اللغة - للثعالبي - : ٨٨ - ٨٩ ، حياة الحيوان - للدميري - ٢ : ١٢٣.

١٠٧

وأما الضأن فالسخلة والبهمة مثل ما في المعز سواء ، ثم هو حمل للذكر ورَخِل للْأُنثى إلى سبعة أشهر ، فإذا بلغتها ، قال ابن الأعرابي : إن كان من شابين فهو جذع ، وإن كان من هرمين فلا يقال : جذع حتى يستكمل ثمانية أشهر وهو جذع أبداً حتى يستكمل سنة ، فإذا دخل في الثانية فهو ثِنيّ وثَنِيّة(١) على ما ذكرناه في المعز سواء إلى آخرها.

وإنّما قيل في الضأن : جذع إذا بلغ سبعة أشهر ، وأجزأ في الاُضحية ، لأنّه ينزو حينئذٍ ويضرب ، والمعز لا ينزو حتى يدخل في الثانية.

مسألة ٥٨ : الشاة المأخوذة في نصب الإِبل والجبران والغنم : الجَذَعَة من الضأن ، والثَنِيّة من المعز‌ ، لقول سويد بن غفلة : أتانا مصدّق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : نهانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن نأخذ من المراضع(٢) ، وأمرنا بالجذعة والثنيّة(٣) ، وبه قال الشافعي وأحمد(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يؤخذ إلّا الثَنِيّة منهما(٥) .

وقال مالك : الجذعة فيهما(٦) .

____________________

(١) راجع : لسان العرب ٨ : ٤٤.

(٢) سنن النسائي ٥ : ٣٠ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٢ / ١٥٧٩ نقلاً بالمعنى.

(٣) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٤ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٧.

(٤) الاُم ٢ : ٨ ، مختصر المزني : ٤١ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٥٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٠ ، المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٦.

(٥) المغني ٢ : ٤٧٣ - ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٦ - ٥١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٥٣.

(٦) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٤٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣١٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٥٣ ، المغني ٢ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٧.

١٠٨

فروع :

أ - يجزئ الذكر والاُنثى ، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أطلق لفظ الشاة(١) ، وهو يتناول الذكر والاُنثى ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الثاني : تجب الاُنثى ، لأنّ الغنم الواجبة في نُصبها إناث(٢) .

ب - يجوز أن يخرج من غنم البلد وغيره ، ومن غنمه وغيرها ، عملاً بالإِطلاق.

وقال الشافعي : يؤخذ من غالب غنم البلد سواء كانت شامية ، أو مكيّة ، أو عربيّة ، أو نبطيّة(٣) ، واختاره الشيخ(٤) ، فإن قصد بذلك الوجوب ، منعناه عملاً بالإِطلاق.

ولا فرق بين أن يكون ما يخرجه من الغنم من جنس غالب غنم البلد أو لا ، خلافاً للشافعي(٥) .

ولو عدل من جنس بلده إلى جنس بلدٍ آخر أجزأ وإن كان أدون من غنم بلده ، خلافاً للشافعي(٦) .

ج - يجوز أن يُخرج من الضأن أو المعز سواء كان الغالب أحدهما أو لا ، وسواء كان عنده أحدهما أو لا ، لقول سويد بن غفلة : أتانا مصدّق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : أمرنا أن نأخذ الجذع من الضأن والثنيّ من‌

____________________

(١) اُنظر على سبيل المثال : سنن الدارقطني ٢ : ١١٣ / ١ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٦ ، المجموع ٥ : ٤٢٢ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٤ - ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٥٥.

(٣) المجموع ٥ : ٣٩٨ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٦.

(٥ و ٦ ) المجموع ٥ : ٣٩٨ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

١٠٩

المعز(١) ، ولأنّ اسم الشاة يتناولهما ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال مالك : ينظر إلى الغالب فيؤخذ منه ، فإن تساويا أخرج من أيّهما شاء ، وبه قال عكرمة وإسحاق(٣) .

وما قلناه أولى ، فيُخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين ، فإذا تساويا عدداً وكانت قيمة المخرج من أحدهما اثني عشر ومن الآخر خمسة عشر أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف ، ولو كان الثُلث ضأناً وثُلثان ماعزاً(٤) أخرج ما قيمته ثلاثة عشر ، ولو انعكس أخرج ما قيمته أربعة عشر.

د - يجزئ إخراج البعير عن الشاة وإن كانت قيمته أقلّ من قيمة الشاة ، على إشكال - وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي(٥) - لأنّه يجزئ عن ستّ وعشرين فعن الأقلّ أولى.

وقال مالك وداود وأحمد : لا يجزئه ، لأنّه أخرج غير الواجب فلا يجزئه إلّا بالقيمة(٦) ، ولا بأس به.

وكذا يجزئ إخراج المسنّة عن التبيع.

ه- لو كانت الإِبل كراماً سماناً ففي وجوب كون الشاة كذلك إشكال ينشأ من الإِطلاق ، ومن وجوب ذلك في المأخوذ من الإِبل ، وأوجب الشافعي‌

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٤ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٧.

(٢) الاُم ٢ : ١١ ، مختصر المزني : ٤١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٩٧ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣١٦ و ٣١٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٢٧ و ١٣٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المغني ٢ : ٤٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

(٤) الماعز اسم جنس وهي العنز ، والجمع : معز. لسان العرب ٥ : ٤١٠.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٣ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ و ٣٩٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٤٠ ، المغني ٢ : ٤٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨١.

(٦) المجموع ٥ : ٣٩٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٤١ ، المغني ٢ : ٤٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨١.

١١٠

المساواة(١) .

أمّا لو كانت الإِبل مراضاً ، فللشافعيّة في الشاة قولان(٢) : صحيحة تجزئ في الاُضحية ، وشاة بقيمة المراض ، فيقال : كم قيمة الإِبل صحاحاً؟

فإذا قيل : مائة ، قيل : وكم قيمتها مراضاً؟ فإذا قيل : خمسون ، قيل : كم قيمة الشاة الصحيحة المجزئة؟ فإذا قيل : عشرة ، أخذ شاة صحيحة قيمتها خمسة ، فإن أمكن أن تُشترى بحيث تجزئ في الاُضحية بهذه الصفة وإلّا فَرَّق الدراهم.

و - يخرج عن الماشية من جنسها على صفتها ، فيخرج عن البخاتي بختية ، وعن العراب عربيّة ، وعن الكرام كريمة ، وعن السمان سمينة ، فإن أخرج عن البخاتي عربيّةً بقيمة البختية ، أو عن السمان هزيلةً بقيمة السمينة جاز ، لأنّ القصد التساوي في القيمة مع اتّحاد الجنس.

ومنع بعض الجمهور منه ، لما فيه من تفويت صفة مقصودة فلم يَجُز ، كما لو أخرج من غير الجنس(٣) .

والحكم في الأصل ممنوع ، ولو قصرت القيمة فالوجه : عدم الإِجزاء.

ولو أخرج عن اللئيمة كريمةً ، وعن الهزيلة سمينةً أجزأ بلا خلاف.

قال اُبيّ بن كعب : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدّقاً ، فمررت برجل فلمـّا جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلّا بنت مخاض ، فقلت له : أدِّ بنت مخاض فإنّها صدقتك ، فقال : ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخُذها ، فقلت : ما أنا بآخذ ما لم اُؤمر به ، وهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منك قريب فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت‌

____________________

(١) حلية العلماء ٣ : ٤٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٩٥ و ٣٩٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٤١ - ٤٢.

(٣) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٤٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٣.

١١١

عليَّ فافعل ، فإن قبله منك قبلته ، وإن ردّه عليك رددته ، قال : فإنّي فاعل ، فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض عليّ حتى قدمنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له : يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ منّي صدقة مالي ، وأيم الله ما قام في مالي رسول الله ولا رسوله قط قبله ، فجمعت له مالي ، فزعم أنّ ما عليّ فيه بنت مخاض ، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة عظيمة ليأخذها فأبى ، وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله خُذها ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ذاك الذي وجب عليك فإن تطوّعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك ) قال : فها هي ذه يا رسول الله قد جئتك بها ، قال : فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقبضها ، ودعا له في ماله بالبركة(١) .

ويحتمل إجزاء أيّ الصنفين شاء في جميع ذلك إذا كان بالصفة الواجبة.

مسألة ٥٩ : ولا تؤخذ مريضة من الصحاح ، ولا هرمة ، ولا ذات عوار‌ أي : ذات عيب ، لقوله تعالى( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٢) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلّا ما شاء المصدِّق )(٣) أي : العامل.

فقيل : التيس لا يؤخذ ؛ لنقصه ، وفساد لحمه ، وكونه ذكراً(٤) .

وقيل : لفضيلته ، لأنّه فحلها(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ولا تؤخذ هرمة ، ولا ذات عوار ، إلّا أن يشاء المصدّق ، يعدّ صغيرها وكبيرها »(٦) .

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ / ١٥٨٣ ، مسند أحمد ٥ : ١٤٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٦ - ٩٧.

(٢) البقرة : ٢٦٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، الموطّأ ١ : ٢٥٩ / ٢٣ ، وسنن الدارقطني ٢ : ١١٤ / ٢.

(٤ و ٥ ) المغني ٢ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦ و ٢٣ / ٦٢.

١١٢

فروع :

أ - لو كانت الإِبل كلّها مراضاً جاز أن يأخذ مريضة ، ولا تجب صحيحة ، وبه قال الشافعي وأحمد(١) ، لأنّ المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب الخيار من الردي‌ء كالحبوب.

وقال مالك : تجب عليه صحيحة من غير المال(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( ولا ذات عوار )(٣) .

وهو محمول على ما إذا كان النصاب صحاحاً.

ولو كانت كلّها مراضاً إلّا مقدار الفرض تخيّر بين إخراجه وشراء مريضة.

ولو كان النصف صحيحاً ، والنصف مريضاً أخرج صحيحة بقيمة المريضة.

ب - لو كانت كلّها مراضاً ، والفرض صحيح لم يَجُز أن يُعطي مريضاً ، لأنّ في الفرض صحيحاً ، بل يكلّف شراء صحيح بقيمة الصحيح والمريض ، فإذا كانت بنت لبون صحيحة في ستّ وثلاثين مراض كلّف بنت لبون صحيحة بقيمة جزء من ستّة وثلاثين جزءاً من صحيحة ، وخمسة وثلاثين جزءاً من مريضة.

ج - لو كان المال كلّه صحاحاً ، والفرض مريض لم يَجُز أخذه ، وكان له الصعود والنزول مع الجبران ، أو يشتري فرضاً بقيمة الصحيح والمريض.

د - لو كانت كلّها مراضاً وليس فيها الفرض فأراد أن يصعد ويطلب‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٩ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، المغني ٢ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٨.

(٢) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣١ ، المغني ٢ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٩.

(٣) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (٣) من الصفحة ١١١.

١١٣

الجبران لم يكن له ذلك ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل الجبران بين الفرضين الصحيحين(١) ، فلا يدفعه بين المريضين ، لأنّ قيمتهما أقلّ من قيمة الصحيحين ، وكذلك قيمة ما بينهما.

ولو أراد النزول ودفع الجبران جاز ، والمعيب كالمريض في ذلك كلّه.

ه- لو كان عليه حِقّتان ، ونصف ماله مريض ، ونصفه صحيح كان له إخراج حِقّة صحيحة وحِقّة مريضة ، لأنّ النصف الذي يجب فيه إحدى الحقّتين مريض كلّه.

وقال أحمد : لا تجزئ ، لأنّ في ماله صحيحا ومريضا فلا يملك إخراج مريضة ، كما لو كان نصابا واحدا(٢) .

و - لو كانت كلّها صغاراً أخرج منها ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال مالك : تجب كبيرة(٤) .

ز - لو كان الصحيح دون قدر الواجب كمائتي شاة ليس فيها إلّا صحيحة أجزأ إخراج صحيحة ومريضة ، وهو أصح وجهي الشافعيّة.

والثاني لهم : إلزامه بصحيحتين ، لأنّ المخرجتين كما تزكّيان الباقي تزكّي كلّ واحدة منهما الاُخرى فيلزم أن تزكّي المريضة الصحيحة وهو ممتنع(٥) .

ونمنع كون كلّ منهما تزكّي الاُخرى.

____________________

(١) اُنظر : صحيح البخاري ٢ : ١٤٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٣ - ١١٤ / ٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٢) المغني ٢ : ٤٦٦ - ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١١.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٤٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٥٤.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٣.

(٥) المجموع ٥ : ٤١٩ - ٤٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧١.

١١٤

ح - لو كان له أربعون بعضها صحيح ، وبعضها مريض أخرج صحيحة قيمتها ربع عُشر الأربعين التي يملكها ، لأنّ الواحد ربع عُشر الأربعين.

ولو كان عنده مائة وإحدى وعشرون منقسمة أخرج صحيحتين قيمتهما قدر جُزءين من مائة وإحدى وعشرين جزءاً من قيمة الجملة وهو يغني عن النظر في قيمة آحاد الماشية.

ويحتمل التقسيط بالنسبة ، فلو كان نصف الأربعين صحاحا ، ونصفها مراضا ، وقيمة كلّ مريضة دينار ، وقيمة كلّ صحيحة ديناران أخرج صحيحة بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة وهي دينار ونصف.

ط - لو كان المال كلّه معيباً أخذت معيبة ، ولو كان فيها سليم طولب بسليمة تقرب قيمتها من ربع عُشر ماله ، وإن كان الكلّ معيباً ، وبعضها أرْدأ أخرج الوسط ممّا عنده.

ولو ملك ستّاً وعشرين معيبة وفيها بنتا مخاض إحداهما أجود ما عنده لم يلزمه إخراجها ، وفي وجه للشافعي : وجوبه(١) .

والعيب المعتبر في هذا الباب ما يثبت الردّ في البيع أو ما يمنع التضحية ، والوجهان للشافعية(٢) ، والأقرب : الأول.

ي - لو كانت ماشيته ذكراناً كلّها أجزأ أن يُخرج منها ذكراً - وهو أحد وجهي الشافعي - كالمريضة ، وفي الآخر : لا يجوز - وبه قال مالك - لورود النصّ بالإِناث(٣) .

وقال بعضهم : إن أدّى أخذ الذكر في الإِبل إلى التسوية بين نصابين لم يؤخذ وإلّا أخذ ، فلا يؤخذ ابن لبون من ستّ وثلاثين ، لأنّه مأخوذ من ستّ‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٧٢ - ٣٧٣ ، المجموع ٥ : ٤٢١.

(٢) المجموع ٥ : ٤٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٣.

(٣) المجموع ٥ : ٤٢١ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٤ - ٣٧٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٠.

١١٥

وعشرين فيؤدّي إلى التسوية ، ويؤخذ حِقٌّ من ستّ وأربعين ، وجَذَع من إحدى وستّين ، وابن مخاض من ستّ وعشرين(١) .

والوجه عندي في ذلك اتّباع النصّ ، فلا يجزئ في ستّ وعشرين ابن مخاض ، ولا في ستّ وأربعين حِقّ ، ولا جَذَع في إحدى وستّين ، لورود النصّ بالاُنثى ، ويجزئ في غير ذلك كالغنم.

يا - لا يجزئ الصغار عن الكبار ، لورود النصّ بالسنّ ، نعم لو كانت كلّها صغاراً أجزأ الواحد منها - وهو متعذّر في أكثر المواشي عند أكثر الجمهور ، لاشتراط حولان الحول فيخرج إلى حدّ الإِجزاء(٢) ، ويتأتّى(٣) على مذهبنا ، ومذهب أبي حنيفة(٤) ، لأنّ الحول إنّما يبتدأ من وقت زوال الصغر - وهو أحد وجهي الشافعي(٥) .

ويتصوّر على مذهبه(٦) بأن يحدث من الماشية نتاج في الحول ، ثم تموت الاُمّهات ، ويبقى من النتاج النصاب فتجب الزكاة في النتاج إذا تمّ حول الأصل - وبه قال مالك - أو يمضي على صغار المعز حول فتجب فيها الزكاة وإن لم تبلغ سنّ الإِجزاء عنده على الأظهر ، لأن سنّ إجزاء المعز سنتان(٧) .

وفي الثاني : لا يجوز أخذ الصغيرة عن الصغار(٨) .

ومنهم من سوّغ في الغنم ، وفي الإبل والبقر ثلاثة أوجه :

المنع ، لما فيه من التسوية بين ستّ وعشرين من الإِبل وإحدى وستّين‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٧٦.

(٢) راجع : فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ ، والمجموع ٥ : ٤٢٣.

(٣) بهامش نسخة « ن » : أي : ويتأتّى التعذّر على مذهبنا.

(٤) وهو : عدم انعقاد الحول على الصغار. راجع : بدائع الصنائع ٢ : ٣١ - ٣٢ ، وفتح العزيز ٥ : ٣٧٩.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، المجموع ٥ : ٤٢٣.

(٦) أي : مذهب الشافعي.

(٧ و ٨ ) فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، المجموع ٥ : ٤٢٣.

١١٦

وما بينهما من النصابين في أخذ فصيل ، وبين ثلاثين من البقر وأربعين في أخذ عجل.

الثاني : المنع من أخذ صغيرة من إحدى وستّين فما دونها ، لأنّ الواجب واحد ، وفيما جاوز ذلك يعتبر العدد كالغنم.

واُلزم على هذا أنّ الواجب في إحدى وتسعين حقّتان ، وفي ستّ وسبعين بنتا لبون ، فالأولى على هذا أن يقال : إن أدّى أخذ الصغيرة إلى التسوية لم تؤخذ وإلّا اُخذت.

الثالث - وهو الأظهر - جواز(١) أخذها كما يؤخذ من الغنم(٢) .

يب - الأقرب جواز إخراج ثنيّة من المعز عن أربعين من الضأن ، وجَذَعة من الضأن عن أربعين من المعز - وهو أحد وجهي الشافعي - لاتّحاد الجنس.

والثاني : المنع ، فيؤخذ الضأن من المعز دون العكس ، لأنّ الضأن فوق المعز(٣) .

ولو اختلف النوع جاز إخراج مهما شاء المالك ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وأظهرهما : التقسيط ، وله آخر : التخيير إذا لم يمكن إخراج الصنفين ، فإن أمكن كمائتين من الإِبل نصفها مَهْرية(٤) ، ونصفها عربية ، تؤخذ حِقّتان من هذه ، وحِقّتان من هذه ، وله رابع : الأخذ من الأجود ، وخامس : أن يؤخذا [ لـ ] وسط(٥) .

مسألة ٦٠ : لا تؤخذ الرُبّى - وهي الوالد - إلى خمسة عشر يوماً‌ ، وقيل :

____________________

(١) ورد في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : عدم جواز وما أثبتناه من المصادر.

(٢) المجموع ٥ : ٤٢٣ - ٤٢٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ - ٣٨١.

(٣) المجموع ٥ : ٤٢٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٤.

(٤) إبل مَهْرية : نسبة إلى قبيلة مَهْرة بن حَيْدان. لسان العرب ٥ : ١٨٦.

(٥) المجموع ٥ : ٤٢٤ - ٤٢٥ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٥ - ٣٨٧ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٥.

١١٧

إلى خمسين ، لاشتغالها بتربية ولدها.

ولا الماخض - وهي الحامل - ولا الأكولة - وهي السمينة المعدّة للأكل - ولا فحل الضراب؛ لقولهعليه‌السلام : ( إيّاك وكرائم أموالهم )(١) .

ونهىعليه‌السلام أن يأخذ شافعاً(٢) أي : حاملاً ، سمّيت به ، لأنّ ولدها قد شفعها.

فإن تطوّع المالك بذلك أجزأ ، ولو اتّصفت الكلّ بالماخض وجب إخراج ماخض ، وكذا الأكولة مع السوم.

وأما الرُبّى ففي أخذها إشكال ، للخوف على الولد ، فالأقرب إلزامه بالقيمة.

فروع :

أ - إذا وجب عليه جَذَعة وكانت حاملاً لم يكن للساعي أخذها إلّا أن يتطوّع المالك وكذا إذا وجب عليه سنّ فأعطى المالك أعلى جاز وكان متطوّعاً بالفضل ، ولا نعلم فيه خلافاً إلّا من داود ، فإنّه قال : لا يجوز أخذ الحامل والأعلى من السنّ الواجب(٣) ، لأنّه عدل المنصوص فلم يجزئه.

ولقولهعليه‌السلام لمعاذ : ( إيّاك وكرائم أموالهم )(٤) .

والتنصيص على الأخفّ إرفاقاً بالمالك فلا يمنع من الأعلى.

ب - لو تعدّد الفرض في ماشيته كان الخيار إلى المالك أيّ واحدةٍ مُجزئةٍ

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠ / ١٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٥ / ١٥٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١ / ٦٢٥ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٨ / ١٧٨٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٢ ، ومسند أحمد ١ : ٢٣٣.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٠٣ / ١٥٨١ ، سنن النسائي ٥ : ٣٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٠.

(٣) المجموع ٥ : ٤٢٧ - ٤٢٨ ، وحكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٥ ، المسألة ١٠.

(٤) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في صدر المسألة.

١١٨

أخرجها جاز.

وقال بعض علمائنا : يقرع حتى تبقى الواجبة(١) ، وهو عندي على الاستحباب.

ج - إذا لم يظهر بالبهيمة الحمل ولكن طرقها الفحل لم يكن للساعي أخذها إلّا برضا المالك ، وكانت كالحامل ينتقل إلى ما فوقها أو دونها.

المطلب الثاني

في زكاة الذهب والفضة‌

مسألة ٦١ : الذهب والفضّة تجب فيهما الزكاة‌ بالنصّ والإِجماع.

قال الله تعالى( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) (٢) ولا يتوعّد بهذه العقوبة إلّا على ترك الواجب.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها إلّا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاُحمي عليها في نار جهنم فيكوى جنبه وجبينه وظهره كلّما بردت اُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد )(٣) .

وأجمع المسلمون كافّة على الوجوب مع الشرائط.

مسألة ٦٢ : يشترط في وجوب الزكاة في هذين أمور أربعة : الملك إجماعاً ، والحول كذلك ، والنصاب أيضاً ، وكونهما مضروبين منقوشين‌

____________________

(١) حكاه أيضاً المحقق في شرائع الإِسلام ١ : ١٤٧ ، وانظر : الخلاف للشيخ الطوسي ٢ : ٢٥ ، المسألة ٢١.

(٢) التوبة : ٣٤‌

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٠ / ٩٨٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ / ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ١٣٧.

١١٩

دراهم ودنانير عند علمائنا خاصة ، فلا زكاة في السبائك والنقار والتبر والحليّ ، لقولهعليه‌السلام : (ليس في الحليّ زكاة )(١) .

ومن طريق الخاصة قول الكاظمعليه‌السلام : « ليس في سبائك الذهب ونقار الفضّة زكاة »(٢) .

وقول الصادق والكاظمعليهما‌السلام : « ليس على التبر زكاة »(٣) .

وقال الكاظمعليه‌السلام : « كلّ مال لم يكن ركازاً فلا زكاة فيه » قلت : وما الركاز؟ قال : « الصامت المنقوش »(٤) ولأنّه يجري مجرى الأمتعة.

وأوجب الجمهور كافّة الزكاة في غير المنقوش كالتبر والنقار(٥) - وإن اختلفوا في الحُليّ على ما يأتي(٦) - للعموم ، والخاصّ مقدّم.

مسألة ٦٣ : ولكلّ منهما نصابان وعفوان‌ عندنا على ما يأتي(٧) ، فأوّل نصاب الذهب عشرون مثقالاً ، وعليه إجماع العلماء - إلّا ما حكي عن الحسن البصري(٨) وشيخنا علي بن بابويه(٩) فإنّهما قالا : لا شي‌ء في الذهب حتى يبلغ أربعين مثقالاً - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ليس في أقلّ من عشرين‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٧ ذيل الحديث ٤ ، وفيه عن جابر مقطوعاً.

(٢) الكافي ٣ : ٥١٨ / ٨ ، التهذيب ٤ : ٨ / ١٩ ، الاستبصار ٢ : ٦ / ١٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٧ / ١٨ ، الاستبصار ٢ : ٧ / ١٦.

(٤) المصادر في الهامش (٢) من هذه الصفحة.

(٥) الشرح الصغير ١ : ٢١٨ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٤٣ ، المجموع ٦ : ٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٩١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦ - ١٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٠٤ ، اللباب ١ : ١٤٨ ، المغني ٢ : ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٠٠.

(٦) يأتي في المسألة ٧٠.

(٧) يأتي في نفس المسألة والمسألتين ٦٦ و ٦٨.

(٨) المجموع ٦ : ١٧ ، حلية العلماء ٣ : ٩٠ ، المغني ٢ : ٥٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٧.

(٩) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ١٠٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460