تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182826 / تحميل: 6071
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بمثلها وما يقابل العرض بمثله عندنا ، وعند المخالف بنقد البلد(١) .

مسألة ١٥١ : النصاب المعتبر في قيمة مال التجارة هنا هو أحد النقدين : الذهب أو الفضة دون غيرهما ، فلو اشترى بأحد النصب في المواشي مال التجارة وقصرت قيمة الثمن عن نصاب أحد النقدين ، ثم حال الحول كذلك فلا زكاة.

ولو قصر الثمن عن نصاب المواشي بأن اشترى بأربع من الإِبل متاع التجارة وكانت قيمة الثمن أو السلعة تبلغ نصاباً من أحد النقدين تعلّقت الزكاة به.

إذا عرفت هذا ، فالنصاب الأول قد عرفت أنّه عشرون ديناراً أو مائتا درهم ، فإذا بلغت القيمة أحدهما ثبتت الزكاة ، ثم الزائد إن بلغ النصاب الثاني وهو أربعة دنانير أو أربعون درهماً ثبتت فيه الزكاة وهو ربع عُشرة أيضاً ، وإلّا فلا ، ولم يعتبر الجمهور النصاب الثاني كالنقدين ، وقد سلف.

مسألة ١٥٢ : إذا اشترى سلعاً للتجارة في أشهر متعاقبة ، وقيمة كلّ واحد نصاب‌ يزكّي كلّ سلعة عند تمام حولها ، ولم يضمّ بعضها إلى بعض.

وإن كانت الاُولى نصاباً فحال حولها وهي نصاب وحال حول الثانية والثالثة وقيمة كلّ منهما أقلّ من نصاب أخذ من الأول الزكاة خمسة دراهم ، ومن الثاني والثالث من كلّ أربعين درهماً درهم.

ولو كان العرض الأول ليس بنصاب وكمل بالثاني نصاباً فحولهما من حين ملك الثاني ، ولا يضمّ الثالث إليهما ، بل ابتداء الحول من حين ملكه ، وتثبت فيه الزكاة - وإن كان أقلّ من النصاب الأول - إذا بلغ النصاب الثاني ، لأنّ قبله نصاباً.

مسألة ١٥٣ : إذا اشترى عرضاً للتجارة بأحد النقدين‌ ، وكان الثمن‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٦٦ - ٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٧٦.

٢٢١

نصاباً ، قال الشيخ : كان حولُ السلعة حولَ الأصل(١) ؛ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأصحاب الرأي ، لأنّ زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة وقيمته هي الأثمان نفسها لكنها كانت ظاهرةً فخفيت.

ولأنّ النماء في الغالب إنّما يحصل في التجارة بالتقليب ، فلو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب الذي تثبت فيه الزكاة [ لأجله ](٢) مانعا منها(٣) .

ولو قيل : إن كان الثمن من مال تجارة بنى على حوله وإلاّ استأنف ، كان وجها.

ولو كان أقلّ من النصاب فلا زكاة ، فإن ظهر ربح حتى بلغ به نصاباً جرى في الحول من حين بلوغ النصاب عند علمائنا أجمع ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : أنّه يبنى على الحول من حين الشراء ، لأنّه يعتبر النصاب في آخر الحول على الأقوى من وجهيه(٤) .

فروع :

أ - لو اشتراه بنصاب من السائمة فإن كانت للقُنية فالأقرب انقطاع حول السائمة ، ويبتدئ حول التجارة من يوم الشراء ؛ لاختلاف الزكاتين في القدر والتعلّق ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : يبني عليه كالنقدين(٥) .

وإن كانت للتجارة فالوجه البناء على حولها.

ب - البناء على حول الأصل إنّما يكون لو اشتراه بعين النصاب ، ولو‌

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٩٤ ، المسألة ١٠٨ ، والمبسوط للطوسي ١ : ٢٢٠ - ٢٢١.

(٢) زيادة أثبتناها من المغني والشرح الكبير.

(٣) المغني ٢ : ٦٢٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٥ - ٦٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٧ ، المجموع ٦ : ٥٨ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣ - ٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٧ ، المجموع ٦ : ٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٤.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٧ ، المجموع ٦ : ٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٠١.

٢٢٢

اشتراه في الذمة ونقد النصاب في الثمن انقطع حول الثمن نقداً كان أو ماشيةً ، وابتدأ حول التجارة من يوم الشراء ، لأنّ النصاب لم يتعيّن للصرف إلى هذه الجهة.

ج - لو اشترى عرضاً للتجارة بعرض للقُنية كأثاث البيت كان حول السلعة من حين ملكها للتجارة ، وبه قال الشافعي وأحمد(١) .

وقال مالك : لا يدور في حول التجارة إلّا أن يشتريها بمال تجب فيه الزكاة كالذهب والفضة(٢) .

د - لو باع مال التجارة بالنقد من الذهب أو الفضة وقصد بالأثمان غير التجارة انقطع الحول ، وبه قال الشافعي(٣) ، لأنّه مال تجب الزكاة في عينه دون قيمته فانقطع الحول بالبيع به كالسائمة.

وقال أحمد : لا ينقطع ، لأنّه من جنس القيمة التي تتعلّق الزكاة بها فلم ينقطع الحول معها به(٤) .

والفرق : أنّ قصد التجارة انقطع ، وتعلّقت به حول زكاة اُخرى.

ولو قصد بالثمن التجارة ، فالأقرب عدم الانقطاع ، وبنى على حول الأول ؛ لأنّا لا نشترط في زكاة التجارة بقاء الأعيان بل القَيِم.

ه- لو أبدل عرض التجارة بما تجب الزكاة في عينه كالسائمة ولم يَنْو به التجارة لم يبن حول أحدهما على الآخر إجماعاً ؛ لأنّهما مختلفان ، وإن أبدله بعرض للقُنية بطل الحول.

و - لو اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله إجماعاً ، لأنّهما مختلفان.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٢ ، المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٧.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٠٣.

(٣ و ٤ ) المغني ٢ : ٦٢٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٦.

٢٢٣

ز - لا يشترط بقاء عين السلعة طول الحول إجماعاً ، بل قيمتها وبلوغ القيمة النصاب.

مسألة ١٥٤ : لا تجتمع زكاة التجارة والمالية في مالٍ واحد‌ اتّفاقاً ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا ثني(١) في الصدقة )(٢) .

فلو ملك نصاباً من السائمة فحال الحول ، والسوم ونية التجارة موجودان قدّمت زكاة المال عندنا ؛ لأنّها واجبة دون زكاة التجارة ؛ لاستحبابها.

ومن قال بالوجوب اختلفوا ، فالذي قاله الشيخ - تفريعاً على الوجوب - : تقديم المالية أيضاً(٣) ؛ وبه قال الشافعي - في الجديد - لأنّها أقوى ؛ لانعقاد الإجماع عليها واختصاصها بالعين فكانت أولى(٤) .

وقال أبو حنيفة والثوري ومالك وأحمد والشافعي في القديم : يزكّيه زكاة التجارة ، لأنّها أحظّ للمساكين ، لتعلّقها بالقيمة فتجب فيما زاد بالحساب ، لأنّ الزائد عن النصاب قد وجد سبب وجوب زكاته فتجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصاباً(٥) .

ونمنع اعتبار ترجيح المساكين ، بل مراعاة المالك أولى ؛ لأنّ الصدقة مواساة فلا تكون سبباً لإِضرار المالك ولا موجبة للتحكّم في ماله.

____________________

(١) أي : لا تؤخذ الزكاة مرّتين في السنة. النهاية لابن الأثير ١ : ٢٢٤.

(٢) كنز العمّال ٦ : ٣٣٢ / ١٥٩٠٢.

(٣) الخلاف ٢ : ١٠٤ ، المسألة ١٢٠ ، والمبسوط للطوسي ١ : ٢٢٢.

(٤) الاُم ٢ : ٤٨ ، المجموع ٦ : ٥٠ ، فتح العزيز ٦ : ٨١ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠ ، المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٠ ، المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٨ ، المجموع ٦ : ٥٠ ، فتح العزيز ٦ : ٨١ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٢١ ، وفيها ما عدا المجموع قال مالك بوجوب زكاة العين ؛ على خلاف ما نسب إليه المصنّف ، وأمّا في المجموع فلم يتعرض النووي لقوله.

٢٢٤

فروع :

أ - لو انتفى السوم ثبتت زكاة التجارة وإن كان النصاب ثابتاً ، وكذا لو انتفى النصاب وحصل السوم ؛ لعدم التصادم.

ب - لو فقد شرط زكاة التجارة بأن قصر الثمن عن النصاب أو طلبت بخسارة وجبت زكاة المال إجماعاً ، لعدم التضاد.

ج - لو سبق تعلّق وجوب المالية بأن يملك أربعين من الغنم قيمتها دون مائتي درهم ثم صارت في نصف الحول تعدل مائتين قدّمت زكاة المال ، لثبوت المقتضي في آخر الحول ، السالم عن معارضة المانع.

وقال بعض الجمهور بتأخّر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة ، لأنّه أنفع للفقراء(١) . وهو ممنوع.

وعلى ما اخترناه إذا تمّ حول التجارة لم يزك الزائد عن النصاب ، لأنّه قد زكّى العين فلا يتعلّق بالقيمة.

وقال بعض الجمهور : تجب زكاة التجارة في الزائد عن النصاب ، لوجود المقتضي فإنّه مال للتجارة حال عليه الحول وهو نصاب(٢) .

وهو ممنوع ؛ لوجود المانع وهو تعلّق الزكاة بالعين.

د - لو اشترى أرضاً أو نخلاً للتجارة فزرعت الأرض وأثمر النخل فاتّفق حولهما بأن يكون بدوّ الصلاح في الثمرة واشتداد الحبّ عند تمام الحول ، وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردها نصابا للتجارة فإنّه يزكّي الثمرة والحبّ زكاة العشر ، ويزكّي الأصل زكاه القيمة ، ولا تثبت في الثمرة الزكاتان ، وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور(٣) ، لأنّ زكاة العُشر أحظّ للفقراء فإنّ العُشر أكثر من ربع العُشر ، ولأنّ زكاة المال متّفق عليها.

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٩.

(٣) المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤١.

٢٢٥

وقال أحمد : يزكّي الجميع زكاة التجارة ؛ لأنّه مال تجارة فتجب فيه زكاتها كالسائمة(١) .

والفرق : زكاة السوم أولى ، على أنّا نقول بموجبه هناك.

ه- لو اشترى أربعين سائمة للتجارة فعارض بها(٢) في أثناء الحول بأربعين سائمة للتجارة أيضاً ، فإن شرطنا في المالية بقاء عين النصاب سقطت وثبتت زكاة التجارة ، لعدم المانع ، وإلّا أوجبنا زكاة المال.

ولو عارضها بأربعين للقُنية سقطت زكاة التجارة وانعقد حول المالية من المعارضة.

ولو اشترى أربعين للقُنية وأسامها ، ثم عراضها في أثناء الحول بأربعين سائمة للتجارة انعقد حول المالية أو التجارة - على الخلاف - من حين المعارضة.

و - عبد التجارة يخرج عنه الفطرة وزكاة التجارة على ما يأتي.

ز - لو اشترى معلوفة للتجارة ثم أسامها ، فإن كان بعد تمام الحول ثبتت زكاة التجارة في الحول الأوّل ، وانعقد حول الماليّة من حين الإسامة ، وإن كان في الأثناء احتمل زكاة التجارة عند تمام الحول ؛ لعدم المانع ، وانعقاد حول الماليّة من حين الإِسامة.

مسألة ١٥٥ : إذا نوى بعرض التجارة القُنية صار للقنية وسقطت الزكاة‌ عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي(٣) - لأنّ القُنية الأصل ، ويكفي في الردّ إلى الأصل مجرّد النيّة ، ولأنّ نيّة التجارة شرط لثبوت الزكاة في‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤١.

(٢) المعارضة : بيع المتاع بالمتاع لا نقد فيه. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٢١٤ « عرض ».

(٣) المجموع ٦ : ٤٩ - ٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠ ، المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٠ - ٦٣١.

٢٢٦

العروض ، فإذا نوى القنية زال الشرط.

وقال مالك في رواية : لا يسقط حكم التجارة بمجرّد النية كما لو نوى بالسائمة العلف(١) .

والفرق أنّ الإِسامة شرط دون نيّتها فلا ينتفي الوجوب إلّا بانتفاء السوم.

وإذا صار العرض للقُنية بنيّتها فنوى به التجارة لم يصر للتجارة بمجرّد النية على ما قدّمناه ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي(٢) .

تذنيب : لو كانت عنده ماشية للتجارة نصف حول فنوى بها الإسامة وقطع نية التجارة انقطع حول التجارة واستأنف حولا للماليّة - وبه قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لأنّ حول التجارة انقطع بنيّة الاقتناء ، وحول السوم لا يبنى على حول التجارة.

والوجه : أنّها إن كانت سائمةً ابتداء الحول وجبت المالية عند تمامه - وبه قال إسحاق(٤) - لأنّ السوم سبب لوجوب الزكاة وجد في جميع الحول خالياً عن المعارض فتجب به الزكاة ، كما لو لم ينو التجارة.

مسألة ١٥٦ : المشهور عندنا وعند الجمهور أنّ نماء مال التجارة بالنتاج مال تجارة أيضاً‌ - وهو أحد قولي الشافعي(٥) - لأنّ الولد بعض الاُمّ فحكمه حكمها ، فلو اشترى جواري للتجارة فأولدت كانت الأولاد تابعةً لها ، هذا إذا لم تنقص قيمة الاُمّ بالولادة ، فإن(٦) نقصت جعل الولد جابراً بقدر قيمته ؛ لأنّ‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣١ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠.

(٢) المغني ٢ : ٦٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٩٩ ، المجموع ٦ : ٤٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤١.

(٣) المغني ٢ : ٦٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٢ - ٦٣٣.

(٤) المغني ٢ : ٦٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٣.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٦٥.

(٦) في « ف » والطبعة الحجرية : فلو.

٢٢٧

سبب النقصان انفصاله.

وللشافعي قول آخر : إنّه ليس مالَ التجارة ؛ لأنّ الفائدة التي تحصل من عين المال لا تناسب الاستنماء بطريق التجارة(١) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإنه يبتدئ بالحول في النتاج من حين انفصاله ، ولا يبني على حول الأصل ، خلافاً للشافعي(٢) ، وقد سبق(٣) .

فروع :

أ - لو اشترى من الماشية السائمة نصاباً للتجارة فنتجت ، فعندنا تقدّم زكاة المال ، ولا يتبع النتاج الاُمّهات في الحول ، فلم ينعقد سبب المالية في النتاج ، فيبقى سبب التجارة سالماً عن المعارض ، فينعقد حولها من حين الانفصال ، فتثبت الزكاة فيها بعد الحول ، ثم يعتبر حول المالية إن حصل السوم.

ب - لا يبنى النصاب هنا على نصاب الاُمّهات بمعنى أنه يقوّم النتاج بأحد النقدين فإن بلغت قيمته مائتي درهم أو عشرين ديناراً تعلّقت الزكاة به ، ولا يضمّ إلى الاُمّهات في النصاب ، لأنّ الاُمّهات لها زكاة بانفرادها ، ولا يكفي في اعتبار نصابها أربعون درهماً أو أربعة دنانير ، وإن كانت قيمة الاُمهات نصاباً فإشكال.

ج - لو اشترى حديقة للتجارة فأثمرت عنده ، وقلنا : إنّ ثمار التجارة مال تجارة ، أو اشتراها وهي مثمرة مع الثمار فبدا الصلاح عنده حكمنا بوجوب زكاة المال في الثمرة على ما قدّمناه.

ولا تسقط به زكاة التجارة عن قيمة الأشجار - وهو أحد وجهي‌

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٦٥.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٦٦.

(٣) سبق في المسألة ٣٤.

٢٢٨

الشافعية(١) - لأنّه ليس فيها زكاة مال حتى تسقط بها زكاة التجارة.

وفي الآخر : تسقط ، لأنّ المقصود منها ثمارها وقد أخذنا زكاتها(٢) .

وهو ممنوع.

وكذا لا تسقط عن أرض الحديقة.

وللشافعية طريقان : أحدهما : طرد الوجهين(٣) . والثاني : القطع بعدم السقوط ، لبُعد الأرض عن التبعية ؛ لأنّ الثمار خارجة عن الشجرة ، والشجرة حاصلة ممّا اُودع في الأرض لا من نفسها(٤) .

وأمّا الثمار التي اُخرج الزكاة المالية منها فإنّ حول التجارة ينعقد عليها أيضاً ، وتثبت الزكاة فيها في الأحوال المستقبلة للتجارة وإن كانت الماليّة لا تتكرر ، ويحسب ابتداء الحول للتجارة من وقت إخراج العشر بعد القطاف لا من وقت بدوّ الصلاح ، لأنّ عليه [ بعد ](٥) بدوّ الصلاح تربية [ الثمار ](٦) للمساكين ، فلا يجوز أن يحسب عليه وقت التربية.

د - لو اشترى أرضاً مزروعة للتجارة فأدرك الزرع ، والحاصل نصاب تعلّقت زكاة المال بالزرع ثم يبتدئ حول زكاة التجارة بعد التصفية ، وللشافعية الوجوه السابقة(٧) في الثمرة.

ولو اشترى أرضاً للتجارة وزرعها ببذر القُنية فعليه العُشر في الزرع ، وزكاة التجارة في الأرض ، ولا تسقط زكاة التجارة عن الأرض بأداء العُشر إجماعاً.

ه- الدَّين لا يمنع من زكاة التجارة كما لا يمنع من زكاة العين.

____________________

(١ و ٢ ) المجموع ٦ : ٥٢ ، فتح العزيز ٦ : ٨٣.

(٣) أي : الوجهان اللذان تقدّما آنفاً.

(٤) المجموع ٦ : ٥٢ ، فتح العزيز ٦ : ٨٣ - ٨٤.

(٥ و ٦ ) زيادة يقتضيها السياق.

(٧) سبق في المسألة ١٥٤ الوجهان للشافعي ، وانظر : فتح العزيز ٦ : ٨٣ ، والمجموع ٦ : ٥٢.

٢٢٩

الفصل الثاني

في باقي الأنواع التي تستحب فيها الزكاة‌

مسألة ١٥٧ : كلّ ما يخرج من الأرض من الغلّات غير الأربع تستحب فيها الزكاة‌ إن كان ممّا يكال أو يوزن كالعدس والماش والاُرز والذرّة وغيرها بشرط بلوغ النصاب في الغلّات الأربع - وهو خمسة أوسق - لعموم قولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )(١) .

والقدر المخرج هو العشر إن سقي سيحاً أو بعلاً أو عذياً ، ونصفه إن سقي بالقرب والدوالي كما في الغلّات.

ولو اجتمعا حكم للأغلب ، فإن تساويا قسّط ويؤخذ من نصفه العشر ومن نصفه نصف العُشر ، وتثبت بعد إخراج المؤن كالواجب.

ولا زكاة في الخُضراوات.

وفي ضمّ ما يزرع مرّتين في السنة كالذرّة بعضه مع بعض نظر ، وكذا الدّخن ، والأقرب : الضمّ ، لأنّها في حكم زرع عام واحد.

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٣٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ٩٧٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٩ / ٢٠ ، مسند أحمد ٢ : ٤٠٣ ، و ٣ : ٩٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٢١.

٢٣٠

ويدلّ على استحباب الزكاة بعد ما تقدّم : قول الصادقعليه‌السلام : « كلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة » وقال : « جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصدقة في كلّ شي‌ء أنبتته الأرض إلّا الخضر والبقول وكلّ شي‌ء يفسد من يومه »(١) .

وقالعليه‌السلام وقد سأله زرارة في الذرة شي‌ء؟ فقال : « الذرّة والعدس والسّلت والحبوب فيها مثل ما في الحنطة والشعير ، وكلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق التي تجب فيها الزكاة فعليه فيه الزكاة»(٢) .

أمّا الخُضر فلا زكاة فيها إلّا أن تباع ، ويحول على ثمنها الحول ، وتكون الشرائط موجودةً فيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « ليس على الخضر ولا على البطيخ ولا على البقول وأشباهه زكاة إلّا ما اجتمع عندك من غلّة فبقي عندك سنة »(٣) .

وسأل زرارة الصادقعليه‌السلام هل في القَضْب(٤) شي‌ء؟ قال : « لا »(٥) .

وسأل الحلبي ، الصادقعليه‌السلام ما في الخضرة؟ قال : « وما هي؟ » قلت : القضب والبطيخ ومثله من الخضر. فقال : « لا شي‌ء عليه إلّا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة » وعن شجر العضاة(٦) من الفرسك(٧) وأشباهه فيه زكاة؟ قال : « لا » قلت : فثمنه(٨) ؟ قال : « ما حال‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٦٥ / ١٧٦ ، والكافي ٣ : ٥١٠ / ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٦٥ / ١٧٧.

(٣) الكافي ٣ : ٥١١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٦٦ / ١٧٩.

(٤) القضب : كلّ نبت اقتضب واُكل طريّاً. مجمع البحرين ٢ : ١٤٤ « قضب ».

(٥) التهذيب ٤ : ٦٦ / ١٨٠.

(٦) العضاة : كلّ شجر يعظم وله شوك. الصحاح ٦ : ٢٢٤٠ « عضه ».

(٧) الفرسك : ضرب من الخوخ ليس يتفلّق عن نواه. الصحاح ٤ : ١٦٠٣ « فرسك ».

(٨) في « ف » والتهذيب : قيمته.

٢٣١

عليه الحول من ثمنه فزكِّه »(١) .

مسألة ١٥٨ : لا تجب الزكاة في الخيل‌ بإجماع أكثر العلماء ، وبه قال - في الصحابة - عليعليه‌السلام وعمر وابنه ، وفي التابعين : عمر بن عبد العزيز وعطاء والنخعي والشعبي والحسن البصري ، وفي الفقهاء : مالك والشافعي والأوزاعي والليث بن سعد واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد(٢) .

لما رواه عليعليه‌السلام : « أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق »(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( ليس في الجَبْهة ولا في النخّة ولا في الكسعة صدقة )(٤) والجبهة : الخيل ؛ والنخة : الرقيق ، والكسعة : الحمير(٥) .

وقال ابن قتيبة : هي العوامل من الإِبل والبقر والحمير.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وليس في الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شي‌ء »(٦) وعنى الإِبل والبقر والغنم.

وللأصل ، ولأنّ كلّ جنس لا تجب الزكاة في ذكورة إذا انفردت لا تجب في إناثه ، ولكونه كالحُمُر.

وقال أبو حنيفة : إن كانت ذكوراً وإناثاً وجب فيها ، وإن كانت إناثاً منفردة فروايتان ، وكذا إن كانت ذكوراً منفردة ؛ لما رواه الصادقعليه‌السلام عن الباقر‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥١٢ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٦٧ / ١٨٢.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١١٨ ، وشرح معاني الآثار ٢ : ٢٨ ، ومسند أحمد ١ : ١٢١ و ١٤٥.

(٤) سنن البيهقي ٤ : ١١٨ ، وغريب الحديث - للهروي - ١ : ٧.

(٥) قاله أبو عبيدة كما في غريب الحديث - للهروي - ١ : ٧.

(٦) التهذيب ٤ : ٢ / ٢ ، الاستبصار ٢ : ٢ / ٢.

٢٣٢

عليه‌السلام عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( في الخيل السائمة في كلّ فرس دينار )(١) .

ولأنّه يطلب نماؤه من جهة السوم فأشبه النعم(٢) .

والحديث محمول على الاستحباب ، والنعم يضحّى بجنسها ، وتجب(٣) فيها من عينها ، بخلاف الخيل.

مسألة ١٥٩ : أجمع علماؤنا على استحباب الزكاة في الخيل بشروط ثلاثة : السوم والأنوثة والحول ، لأنّ زرارة قال للصادقعليه‌السلام : هل في البغال شي‌ء؟ قال : « لا » فقلت : فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال؟ فقال : « لأنّ البغال لا تلقح ، والخيل الإِناث ينتجن ، وليس على الخيل الذكور شي‌ء » قال ، قلت : هل على الفرس والبعير يكون للرجل يركبها شي‌ء؟ فقال : « لا ، ليس على ما يعلف شي‌ء ، إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها(٤) عامها الذي يقتنيها فيه الرجل ، فأمّا ما سوى ذلك فليس فيه شي‌ء »(٥) .

مسألة ١٦٠ : قدر المخرج عن الخيل‌ عن كلّ فرس عتيق ديناران في كلّ حول ، وعن البرذون دينار واحد عند علمائنا ، لقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وضع أمير المؤمنينعليه‌السلام على الخيل العتاق الراعية في كلّ‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٤ : ١١٩.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣ - ١٤ ، فتح الباري ٣ : ٢٥٥.

(٣) أي : تجب الزكاة.

(٤) ورد في النُسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : مراحها. وما أثبتناه من المصادر ، والمرج : الموضع الذي ترعى فيه الدواب. الصحاح ١ : ٣٤٠ ، القاموس المحيط ١ : ٢٠٧ « مرج ».

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٠ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٦٧ - ٦٨ / ١٨٤.

٢٣٣

فرس في كلّ عام دينارين ، وجعل على البراذين ديناراً »(١) .

وقال أبو حنيفة : يتخيّر صاحبها إن شاء أعطى من كلّ فرس ديناراً ، وإن شاء قوّمها وأعطى ربع عُشر قيمتها ؛ لما رواه جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام عن أبيه الباقرعليه‌السلام عن جابر : ( أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( في الخيل السائمة في كلّ فرس دينار )(٢) .

وهو دليل لنا لا له.

مسألة ١٦١ : العقار المتّخذ للنماء تستحب الزكاة في حاصله‌ ، ولا يشترط فيه الحول ولا النصاب ؛ للعموم ، بل يخرج ممّا يحصل منه ربع العُشر ، فإن بلغ نصاباً وحال عليه الحول وجبت الزكاة ، لوجود المقتضي ، ولا تستحب الزكاة في شي‌ء غير ذلك من الأثاث والأمتعة والأقمشة المتّخذة للقنية بإجماع العلماء.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٠ / ١ ، التهذيب ٤ : ٦٧ / ١٨٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢ / ٣٤.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٣٤ ، المغني ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، فتح الباري ٣ : ٢٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٤ ، وانظر أيضاً : سنن البيهقي ٤ : ١١٩.

٢٣٤

٢٣٥

المقصد الرابع

في الإِخراج‌

وفيه فصول :

الأول : في من تخرج الزكاة إليه.

وفيه مباحث‌

٢٣٦

٢٣٧

الأول : في الأصناف‌

مسألة ١٦٢ : أصناف المستحقين للزكاة ثمانية‌ بإجماع العلماء ، وهُم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله :( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (١) .

وقد اختلف الفقهاء في الفقراء والمساكين أيّهما أسوأ حالاً ، فقال الشيخ : الفقير : الذي لا شي‌ء له ، والمسكين هو : الذي له بُلغة من العيش لا تكفيه(٢) . فجعل الفقير أسوأ حالاً ، وبه قال الشافعي والأصمعي(٣) ، لأنّه تعالى بدأ به ، والابتداء يدلّ على شدّة العناية والاهتمام في لغة العرب.

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله استعاذ من الفقر(٤) ، وقال : ( اللّهم أحيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً ، واحشرني في زمرة المساكين )(٥) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٦ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٦.

(٣) المجموع ٦ : ١٩٦ - ١٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٥١ - ١٥٢ ، المغني ٧ : ٣١٣.

(٤) سنن النسائي ٨ : ٢٦١ ، سنن البيهقي ٧ : ١٢ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٥٤٠ - ٥٤١ ، مسند أحمد ٢ : ٣٠٥ ، ٣٢٥ ، ٣٥٤.

(٥) سنن الترمذي ٤ : ٥٧٧ / ٢٣٥٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٨١ / ٤١٢٦ ، سنن البيهقي ٧ : ١٢ ، المستدرك - للحاكم - ٤ : ٣٢٢.

٢٣٨

ولقوله تعالى( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ) (١) وهي تساوي جملة من المال.

ولأنّ الفقر مشتق من كسر الفقار وذلك مهلك.

وقال آخرون : المسكين أسوأ حالاً من الفقير(٢) . وبه قال أبو حنيفة والفراء وثعلب وابن قتيبة ، واختاره أبو إسحاق(٣) ؛ لقوله تعالى( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) (٤) وهو المطروح على التراب ، لشدّة حاجته ، ولأنّه يؤكّد به ، ولقول الشاعر :

أمّا الفقير الذي كانت حلوبته

وفق العيال فلم يترك له سبد(٥)

والمروي عن أهل البيتعليهم‌السلام هذا ، قال الصادقعليه‌السلام : « الفقير : الذي لا يسأل ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم »(٦) .

ولا فائدة للفرق بينهما في هذا الباب ؛ لأنّ الزكاة تدفع إلى كُلّ منهما ، والعرب تستعمل كلّ واحد منهما في معنى الآخر.

نعم يحتاج إلى الفرق بينهما في باب الوصايا والنذور وغيرهما ، والضابط في الاستحقاق : عدم الغنى الشامل لهما.

مسألة ١٦٣ : قد وقع الإِجماع على أنّ الغني لا يأخذ شيئاً من الزكاة‌ من‌

____________________

(١) الكهف : ٧٩.

(٢) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٩ ، وسلّار في المراسم : ١٣٢.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٣ : ٨ ، اللباب ١ : ١٥٣ - ١٥٤ ، المجموع ٦ : ١٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٢ ، المغني ٧ : ٣١٣ ، تفسير غريب القرآن - لابن قتيبة - : ١٨٨ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٣ : ١٢٢.

(٤) البلد : ١٦.

(٥) البيت للراعي ، كما في تهذيب اللغة - للأزهري - ٩ : ١١٤.

(٦) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٩٧.

٢٣٩

نصيب الفقراء ؛ للآية(١) ، ولقولهعليه‌السلام : ( لا تحلّ الصدقة لغني )(٢) .

ولكن اختلفوا في الغنى المانع من الأخذ ، فللشيخ قولان ، أحدهما : حصول الكفاية حولاً له ولعياله(٣) ، وبه قال الشافعي ومالك(٤) ، وهو الوجه عندي ، لأنّ الفقر هو الحاجة.

قال الله تعالى( يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ) (٥) أي المحاويج إليه ، ومن لا كفاية له محتاج.

وقولهعليه‌السلام : ( لا تحلّ الصدقة إلّا لثلاثة : رجل أصابته فاقة حتى يجد سداداً من عيش ، أو قواماً من عيش )(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا تحل(٧) لغني » يعني الصدقة ، قال هارون بن حمزة فقلت له : الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعته وله عيال ، فإن أقبل عليها أكلها عياله ولم يكتفوا بربحها؟ قال : « فلينظر ما يستفضل منها فيأكله هو ومن يسعه ذلك ، وليأخذ لمن لم يسعه من عياله »(٨) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١١٨ / ١٦٣٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٩ / ١٨٣٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٢ / ٦٥٢ ، سنن النسائي ٥ : ٩٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ١٦٤ ، ١٩٢ ، ٣٨٩ و ٥ : ٣٧٥.

(٣) الخلاف ، كتاب قسم الصدقات ، المسألة ٢٤ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٦.

(٤) المجموع ٦ : ١٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٣ ، المغني ٢ : ٥٢٢ و ٧ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩.

(٥) فاطر : ١٥.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٧٢٢ / ١٠٤٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٠ / ١٦٤٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٢٠ / ٢ ، سنن الدارمي ١ : ٣٩٦ ، وفيها بدل ( لا تحل الصدقة ) : ( لا تحل المسألة ).

(٧) في المصدر : « لا تصلح ».

(٨) التهذيب ٤ : ٥١ / ١٣٠.

٢٤٠

وفي رواية سماعة : « وقد تحلّ لصاحب سبعمائة ، وتحرم على صاحب خمسين درهماً » ( قلت )(١) له : كيف هذا؟ فقال : « إذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير ، فلو قسّمها بينهم لم تكفه ، فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله ، وأمّا صاحب الخمسين فإنّه تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله »(٢) .

والقول الثاني للشيخ : أنّ الضابط : من يملك نصاباً من الأثمان أو قيمته فاضلاً عن مسكنه وخادمه(٣) ، وبه قال أبو حنيفة(٤) ، لقولهعليه‌السلام لمعاذ : ( أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وتردّ في فقرائهم )(٥) .

وللمنافاة بين جواز أخذها ووجوب دفعها.

والجواب : أنّهعليه‌السلام لم يقصد بيان مصرف الزكاة ، وما قلنا بيان له فكان أولى ، ونمنع التنافي.

وقال أحمد : إذا ملك خمسين درهما لم يجز له أن يأخذ(٦) ، لقولهعليه‌السلام : ( من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خدوش ) قيل : يا رسول الله ما الغنى؟ قال : ( خمسون درهماً )(٧) .

____________________

(١) في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : قيل.

(٢) الكافي ٣ : ٥٦١ - ٥٦٢ / ٩ ، التهذيب ٤ : ٤٨ / ١٢٧.

(٣) الخلاف ٢ : ١٤٦ ، المسألة ١٨٣.

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٤ ، اللباب ١ : ١٥٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٥ ، المغني ٢ : ٥٢٣ و ٧ : ٣١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٣.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٣٠ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠ / ١٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ - ١٠٥ / ١٥٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١ / ٦٢٥ ، سنن النسائي ٥ : ٣ - ٤ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٦ ، بتفاوت يسير في الجميع.

(٦) المغني ٢ : ٥٢٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٣.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٩ / ١٨٤٠ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٦ / ١٦٢٦ ، سنن النسائي ٥ : ٩٧ ، ومسند أحمد ١ : ٤٤١ بتفاوت في الجميع ، وانظر أيضاً : المغني ٢ : ٥٢٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٨.

٢٤١

وهو محمول على أنّه إذا كان تحصل به الكفاية على ما فسّره أهل البيتعليهم‌السلام .

وقال الحسن البصري وأبو عبيد : الغني : من يملك أربعين درهماً(١) ؛ لما روى أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من سأل وله قيمة اُوقيَّة فقد ألحف(٢) )(٣) والاُوقيَّة : أربعون درهماً(٤) .

ولا دلالة فيه.

وفي رواية عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا تحلّ لمن كانت عنده أربعون درهماً يحول عليها الحول أن يأخذها ، وإن أخذها أخذها حراماً »(٥) .

ولا حجّة فيه أيضاً ؛ لأنّ حولان الحول عليها يدلّ على استغنائه عنها فيحرم عليه أخذها.

مسألة ١٦٤ : لو كان له بضاعة يتّجر بها أو ضيعة يستغلّها‌ ، فإن كفاه الغلّة له ولعياله ، أو الربح لم يجز له أن يأخذ الزكاة ، وإن لم يكفه جاز أن يأخذ من الزكاة ما يتمّ به كفايته ، ولم يكلّف الإِنفاق من البضاعة ولا من ثمن الضيعة ، لما فيه من التضرّر.

ولأنّ سماعة سأله عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال : « نعم إلّا أن تكون داره دار غلّة فيخرج له من غلّتها دراهم تكفيه وعياله ، فإن‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩ ، الأموال - لأبي عبيد - : ٥٥٠ - ٥٥١.

(٢) ألحف في المسألة : إذا ألحّ فيها ولزمها. النهاية لابن الأثير ٤ : ٢٣٧.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١٦ - ١١٧ / ١٦٢٨ ، سنن النسائي ٥ : ٩٨ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٨ / ١ ، مسند أحمد ٣ : ٧ و ٩ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٠ ، وانظر أيضاً : المغني ٢ : ٥٢٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٩.

(٤) اُنظر : الصحاح ٦ : ٢٥٢٧.

(٥) التهذيب ٤ : ٥١ / ١٣١.

٢٤٢

لم تكن الغلّة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير إسراف فقد حلّت له الزكاة ، وإن كانت غلّتها تكفيهم فلا »(١) فقد نصّ على جواز الأخذ مع عدم الاكتفاء بالغلّة مع قطع النظر عن الثمن.

ولا فرق بين الدار والبضاعة والضيعة ؛ إذ المشترك - وهو المالية - هو الضابط دون خصوصيّات الأموال.

فروع :

أ - لو لم يكن محتاجاً حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئاً ، وإن كان محتاجاً حلّت له الصدقة وإن ملك نُصباً سواء في ذلك الأثمان وغيرها ، وبه قال مالك والشافعي(٢) ، لأنّ الحاجة هي : الفقر ، وضدّها : الغنى ، فمن كان محتاجاً فهو فقير ، ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرِّمة.

ب - لو ملك من العروض أو الحبوب أو السائمة أو العقار ما لا تحصل به الكفاية لم يكن غنياً وإن ملك نُصباً ، وبه قال الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق وغيرهم(٣) .

ج - لو كانت له كفاية باكتساب أو صناعة أو مال غير زكوي لم تحلّ له الصدقة ، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو عبيد وابن المنذر(٤) ، لقولهعليه‌السلام : ( لا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب )(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٤٨ - ٤٩ / ١٢٧ و ١٠٧ - ١٠٨ / ٣٠٨ ، الكافي ٣ : ٥٦١ / ٤ ، والفقيه ٢ : ١٧ - ١٨ / ٥٧.

(٢) المغني ٢ : ٥٢٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٥ ، المجموع ٦ : ١٩٧.

(٣) المغني ٢ : ٥٢٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٨.

(٤) المغني ٢ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٨ ، المجموع ٦ : ١٩٠ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٥٢.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١١٨ / ١٦٣٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٩ / ٧ ، سنن النسائي =

٢٤٣

ولأنّه يملك ما يغنيه عن الصدقة فخرج عن الحاجة فلا يتناوله اسم الفقراء.

وقال أبو يوسف : إن دفع الزكاة إليه فهو قبيح ، وأرجو أن يجزئه(١) .

وقال أبو حنيفة ومحمد وزفر : يجوز دفع الزكاة إليه ؛ لأنّه ليس بغني(٢) ؛ لما مرّ من قولهعليه‌السلام : ( أعلمهم أنّ عليهم الصدقة )(٣) .

د - لو ملك نصاباً زكويّاً أو نُصباً تقصر عن مؤونته ومؤونة عياله حلّت له ، وبه قال الشافعي وأحمد(٤) ، لأنّه لم يملك ما يغنيه ، ولا يقدر على كسب ما يكفيه ، فجاز له الأخذ من الزكاة ، كما لو كان ما يملكه من غير الزكوي ، ولأنّ الفقر : الحاجة. وهي متحقّقة فيه.

وقال أصحاب الرأي : ليس له أن يأخذ ؛ لأنّه تجب عليه الزكاة فلا تجب له ؛ للخبر(٥) .

والغنى المانع من الأخذ ليس هو الغنى الموجب للدفع.

ه- لو كان له مال معدٌّ للإِنفاق ولم يكن مكتسباً ولا ذا صناعة اعتبرت الكفاية به حولاً كاملاً له ولعياله ومن يمونه ، لأنّ كلّ واحد منهم مقصود دفع حاجته ، فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد ؛ لأنّه لا يسمّى فقيراً بالعادة.

ويحتمل أن يمنع من الزكاة حتى يخرج ما معه بالإِنفاق.

والحقّ : الأول ؛ لما روي من جواز تناولها لمن ملك ثلاثمائة درهم أو‌

____________________

= ٥ : ٩٩ - ١٠٠ ، سنن البيهقي ٧ : ١٤ ، ومسند أحمد ٤ : ٢٢٤ و ٥ : ٣٦٢ ، وفي الجميع : ( لا حَظّ فيها لغني ).

(١ و ٢ ) المغني ٢ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٨.

(٣) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ١٦٣.

(٤) المجموع ٦ : ١٩٧ ، المغني ٢ : ٥٢٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩.

(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ١١٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٦ ، المجموع ٦ : ١٩٧ ، المغني ٢ : ٥٢٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩.

٢٤٤

سبعمائة مع التكسب القاصر(١) ، فمع عدمه أولى.

و - لو جعلنا مناط المنع ملك النصاب وإن قصر عن الكفاية ، فلو كان له عائلة جاز أن يأخذ لعياله حتى يصير لكلّ واحد منهم ما يحرم معه الأخذ ؛ لأنّ الدفع إنّما هو إلى العيال وهذا نائب عنهم في الأخذ.

ز - لو كان للولد المعسر ، أو الزوجة الفقيرة ، أو الأب الفقير والد أو زوج أو ولد موسرون ، وكلٌّ منهم ينفق على من تجب عليه لم يجز دفع الزكاة إليهم ؛ لأنّ الكفاية حصلت لهم بما يصلهم من النفقة الواجبة ، فأشبهوا من له عقار يستغني باُجرته.

وإن لم ينفق أحد منهم وتعذّر ذلك جاز الدفع إليهم ، كما لو تعطّلت منفعة العقار.

مسألة ١٦٥ : ويعطى من ادّعى الفقر إذا لم يعلم كذبه‌ سواء كان قويّاً قادراً على التكسب أو لا ، ويقبل قوله من غير يمين سواء كان شيخاً ضعيفاً أو شاباً ضعيف البُنية أو زمناً أو كان سليماً قويّ البُنية جلداً ، وهو أحد وجهي الشافعية(٢) ؛ لأنّ رجلين أتيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقسّم الصدقة ، فسألاه شيئاً منها ، فصعَّد بصره فيهما وصوَّبه(٣) ، وقال لهما : ( إن شئتما أعطيتكما ولا حظّ فيها لغني ولا ذي قوة مكتسب )(٤) ودفع إليهما ولم يحلّفهما.

والثاني للشافعي : أنّه يحلف إن كان قويّاً في بُنيته ظاهرة الاكتساب ؛ لأنّ‌

____________________

(١) اُنظر : المعتبر : ٢٧٨ ، والكافي ٣ : ٥٦٠ / ١.

(٢) الاُم ٢ : ٧٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ١٩٥ ، الوجيز ١ : ٢٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٥١ - ١٥٢.

(٣) صوّبه : خفضه. النهاية لابن الأثير ٣ : ٥٧.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١١٨ / ١٦٣٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٩ / ٧ ، سنن النسائي ٥ : ٩٩ - ١٠٠ ، سنن البيهقي ٧ : ١٤ ، مسند أحمد ٤ : ٢٢٤ و ٥ : ٣٦٢ بتفاوت يسير.

٢٤٥

ظاهره يخالف ما قاله(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه مسلم ادّعى ممكناً ولم يظهر ما ينافي دعواه.

ولو عرف له مال وادّعى ذهابه ، قال الشيخ : يكلّف البيّنة ؛ لأنّه ادّعى خلاف الظاهر ، والأصل البقاء(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

والأقرب : أنّه لا يكلّف بيّنة تعويلاً على صحة اخبار المسلم. وكذا البحث في العبد لو ادّعى العتق أو الكتابة.

ولو ادّعى حاجة عياله ، فالوجه القبول من غير يمين ، لأنّه مسلم ادّعى أمراً ممكناً ولم يظهر ما ينافي دعواه.

ويحتمل الإِحلاف ؛ لإِمكان إقامة البيّنة على دعواه. وللشافعي كالوجهين(٤) .

مسألة ١٦٦ : العاملون عليها لهم نصيب من الزكاة‌ وهم السُّعاة في جباية الصدقات عند علمائنا أجمع ، وبه قال الشافعي(٥) ؛ لقوله تعالى( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ) (٦) .

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن قوله تعالى( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ) أكلّ هؤلاء يعطى؟ : « إنّ الإِمام يعطي هؤلاء جميعاً »(٧) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٩٥ ، الوجيز ١ : ٢٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٥١ - ١٥٢.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٢.

(٤) المجموع ٦ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٢.

(٥) الاُم ٢ : ٧١ - ٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٨٨ ، الوجيز ١ : ٢٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٩ ، تفسير الرازي ١٦ : ١١٠.

(٦) التوبة : ٦٠.

(٧) الكافي ٣ : ٤٩٦ / ١ ، التهذيب ٤ : ٤٩ / ١٢٨ ، الفقيه ٢ : ٢ - ٣ / ٤.

٢٤٦

وقال أبو حنيفة : يعطي عوضاً واُجرة لا زكاةً ، لأنّه لا يعطي إلّا مع العمل ، ولو فرّقها الإِمام أو المالك لم يكن له شي‌ء ، والزكاة تدفع استحقاقاً لا عوضاً ، ولأنّه يأخذها مع الغنى والصدقة لا تحلّ لغني(١) .

ولا يلزم من توقّف الإِعطاء على العمل سقوط الاستحقاق ، والمدفوع ليس عوضاً ، بل استحقاقاً مشروطاً بالعمل.

ونمنع عدم الدفع إلى الغني مطلقاً ؛ لأنّ العامل لا يأخذ باعتبار الفقر ، وابن السبيل يأخذ وإن كان غنيّاً في بلده فكذا هنا.

مسألة ١٦٧ : يجب على الإِمام أن يبعث ساعياً في كلّ عام لتحصيل الصدقات من أربابها‌ ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعثهم في كلّ عام ؛ فيجب اتّباعه ، ولأنّ تحصيل الزكاة غالباً إنّما يتمّ به ، وتحصيل الزكاة واجب فيجب ما لا يتمّ إلّا به.

إذا ثبت هذا فينبغي للإِمام أن يوصيه كما وصّى أمير المؤمنينعليه‌السلام عامله.

قال الصادقعليه‌السلام : « بعث أمير المؤمنينعليه‌السلام مصدّقاً من الكوفة إلى باديتها ، فقال له : يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ، ولا تؤثرنّ دنياك على آخرتك ، وكن حافظاً لما ائتمنتك عليه راعياً لحقّ الله فيه حتى تأتي نادي بني فلان ، فإذا قدمت فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فسلِّم عليهم ، وقُل : يا عباد الله أرسلني إليكم ولي الله لآخذ منكم حق الله في أموالكم ، فهل لله في أموالكم حقّ فتؤدّوه إلى وليّه؟ فإن قال لك قائل : لا ، فلا تراجعه ، فإن أنعم لك منعم منهم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو تعده إلّا خيراً.

فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلّا بإذنه ، فإنّ أكثره له ، فقُل له : يا عبد الله‌

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٤٤ ، تحفة الفقهاء ١ : ٢٩٩.

٢٤٧

أتأذن لي في دخول مالك؟ فإن أذن لك فلا تدخل دخول متسلّط عليه ولا عنف به ، فاصدع المال صَدْعين ، ثم خيِّره أيّ الصدعين شاء ، فأيّهما اختار فلا تعرّض له ، ثم اصدع الباقي صدعين ، ثم خيّره فأيّهما اختار فلا تعرّض له فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحقّ الله عزّ وجلّ في ماله ، فإذا بقي ذلك فاقبض حقّ الله منه ، فإن استقالك فأقله ، ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت أوّلاً حتى تأخذ حقّ الله في ماله ، فاذا قبضته فلا توكل به إلّا ناصحاً شفيقاً أميناً حفيظاً غير معنف بشي‌ء منها ، ثم احدر ما اجتمع عندك من كلّ ناد إلينا نصيّره حيث أمر الله عزّ وجل.

فإذا انحدر بها رسولك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها ، ولا يفرّق بينهما ، ولا يصرّنّ(١) لبنها فيضرّ ذلك بفصيلها ، ولا يجهد بها ركوباً ، وليعدل بينهن في ذلك ، وليوردهن كلّ ماء يمرّ به ، ولا يعدل بهن عن نبت الأرض إلى جوادِّ الطرق في الساعة التي فيها تريح(٢) وتغبق(٣) وليرفق بهنّ جهده حتى تأتينا بإذن الله سحاحاً(٤) سماناً غير متعبات ولا مجهدات ، فنقسمهنّ بإذن الله على كتاب الله وسُنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أولياء الله فإنّ ذلك أعظم لأجرك وأقرب لرشدك ، ينظر الله إليها وإليك وإلى جهدك ونصيحتك لمن بعثك وبعثت في حاجته ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما ينظر الله عزّ وجلّ إلى وليّ له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة لإِمامه إلّا كان معنا في الرفيق الأعلى ».

____________________

(١) الصرار - وزان كتاب - خرقة تشدّ على أطباء الناقة لئلّا يرتضعها فصيلها. وأطباء جمع طبي.

وهي لذات الخف والظلف كالثدي للمرأة. المصباح المنير : ٣٣٨ و ٣٦٩.

(٢) الإِراحة : ردّ الإِبل والغنم من العشي الى مُراحها حيث تأوي اليه ليلاً. لسان العرب ٢ : ٤٦٤ « روح ».

(٣) الغبوق : الشرب بالعشي. الصحاح ٤ : ١٥٣٥ « غبق ».

(٤) سحت الشاة : اسمنت. وغنم سحاح : أي سمان. الصحاح ١ : ٣٧٣ « سحح ».

٢٤٨

ثم بكى الصادقعليه‌السلام ، وقال لبريد بن معاوية : « يا بريد والله ما بقيت لله حرمة إلّا انتهكت، ولا عمل بكتاب الله ولا سنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذا العالم ، ولا اُقيم في هذا الخلق حدّ منذ قبض الله أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولا عمل بشي‌ء من الحقّ إلى يوم الناس هذا ».

ثم قال : « أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتى ، ويميت الأحياء ، ويردّ الحق إلى أهله ، ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأبشروا ثم أبشروا ، والله ما الحقّ إلّا في أيديكم »(١) .

مسألة ١٦٨ : إذا تولّى الرجل إخراج الزكاة بنفسه سقط حق العامل منها‌ ؛ لأنّه إنّما يأخذ بالعمل.

وكذا لو تولّى الإِمام أو الوالي من قبله قسمتها لم يستحق شيئاً ، لأنّه يأخذ رزقه من بيت المال ؛ لأنّه يتولّى اُمور المسلمين ، وهذا من جملة المصالح.

أمّا الساعي فإن رأى الإِمام أن يجعل له اُجرةً من بيت المال لم يستحق شيئاً من الصدقة ، وإن لم يجعل له شيئاً كان له نصيب من الزكاة.

ويتخيّر الإِمام بين أن يستأجره لمدّة معلومة باُجرة معلومة ، أو يعقد له جعالة ، فإذا عمل ما شرط عليه ، فإن كان أجر مثله أقلّ كان الفاضل من الثمن من الصدقة مردوداً على أهل السُّهمان ، وإن كان السهم أقلّ من اُجرته جاز للإِمام أن يعطيه الباقي من بيت المال ؛ لأنّه من المصالح ، وهو أحد قولي الشافعي(٢) .

ويجوز أن يعطيه من باقي الصدقة ويقسّم الفاضل عن اُجرته بين باقي المستحقين ؛ لأنّ الفاضل لمـّا ردّ عليهم كان الناقص عليهم ، وهو القول الثاني للشافعي(٣) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٦ - ٥٣٨ / ١ ، التهذيب ٤ : ٩٦ - ٩٧ / ٢٧٤.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٩.

٢٤٩

وله ثالث : تخيير الإِمام بينهما(١) كما قلناه.

وله رابع : أنّه يأخذ من سهم المصالح إذا لم يفضل عن أهل السُّهمان فضل ، وإن فضل أخذ من الصدقة(٢) .

والوجه : أنّه لا يشترط تقدير الاُجرة أو السهم ؛ لأنّ له نصيباً بفرضه تعالى ، فلا يشترط في استعماله غيره.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله الحلبي ما يعطى المصدّق؟ قال : « ما يرى الإِمام ، ولا يقدَّر له شي‌ء »(٣) .

مسألة ١٦٩ : والمؤلَّفة قلوبهم لهم نصيب من الزكاة‌ بالنص والإِجماع ، وهم الذين يستمالون إلى الجهاد بالإِسهام وإن كانوا كفّاراً ، وحكمهم باقٍ عند علمائنا - وبه قال الحسن البصري والزهري وأحمد ، ونقله الجمهور عن الباقرعليه‌السلام (٤) - للآية(٥) ، فإنّه تعالى سمّى المؤلَّفة في الأصناف الذين سمّى الصدقة لهم.

وروى زياد بن الحارث الصدائي ، قال : أتيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فبايعته ، قال : فأتاه رجل فقال : أعطني من الصدقة ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنّ الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزَّأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك )(٦) .

ومن طريق الخاصة : رواية سماعة ، قال : سألته عن الزكاة لمن يصلح‌

____________________

(١ و٢ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٨ ، المجموع ٦ : ١٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٩.

(٣) الكافي ٣ : ٥٦٣ / ١٣ ، التهذيب ٤ : ١٠٨ / ٣١١.

(٤) المغني ٢ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٣.

(٥) التوبة : ٦٠.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ١١٧ / ١٦٣٠ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٤ و ٧ : ٦.

٢٥٠

أن يأخذها؟ قال : هي محلَّلة للّذين وصف الله في كتابه( لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) الحديث(٢) .

وقال الشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي : انقطع سهم المؤلّفة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّ الله تعالى أعزّ الإِسلام ، وأغناه عن أن يتألّف عليه رجال فلا يعطى مشرك تألّفاً بحال. وروي هذا عن عمر(٣) .

وهو مدفوع بالآية(٤) ، وبعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن مات ، ولا يجوز ترك الكتاب والسنّة إلّا بنسخ ، والنسخ لا يثبت بعد موتهعليه‌السلام ، فلا يجوز ترك الكتاب والسنّة بمجرّد الآراء والتحكّم ، ولا بقول صحابي.

على أنّهم لا يعملون بقول الصحابي إذا عارض القياس فكيف إذا عارض الكتاب والسنّة!

قال الزهري : لا أعلم شيئاً نسخ حكم المؤلَّفة(٥) .

على أنّ ما ذكروه لا يعارض حكم الكتاب والسنّة ، فإنّ الاستغناء عنهم لا يوجب رفع حكمهم ، وإنّما يمنع عطيّتهم حال الغنى عنهم ، فإذا دعت الحاجة إلى إعطائهم اُعطوا ، كما أنّ باقي الأصناف إذا عدم منهم صنف في زمان سقط حكمه في ذلك الزمان ، فإذا وجد عاد حكمه.

قال الشيخ : يجوز للإِمام القائم مقام النبيعليه‌السلام أن يتألّف‌

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) الكافي ٣ : ٥٦٠ / ٩ ، التهذيب ٤ : ٤٨ / ١٢٧.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٤ ، التفريع ١ : ٢٩٨ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٥٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٥ ، المغني ٢ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٥.

(٤) التوبة : ٦٠.

(٥) المغني ٢ : ٥٢٦.

٢٥١

الكفّار ، ويعطيهم سهمهم الذي سمّاه الله تعالى ، ولا يجوز لغير الإِمام القائم مقامهعليه‌السلام ذلك ، وسهم المؤلَّفة مع سهم العامل ساقط اليوم(١) .

مسألة ١٧٠ : قال الشيخ : المؤلَّفة عندنا هم : الكفّار الذين يستمالون بشي‌ء من الصدقات إلى الإِسلام‌ يتألَّفون ليستعان بهم على قتال المشركين ، ولا يعرف أصحابنا مؤلَّفة أهل الإِسلام(٢) .

وقال المفيدرحمه‌الله : المؤلَّفة ضربان : مسلمون ومشركون(٣) ، وبه قال الشافعي(٤) .

وهو الأقوى عندي ، لوجود المقتضي وهو المصلحة الناشئة من الاجتماع والكثرة على القتال.

وقسَّم الشافعي المؤلَّفة قسمين : مشركون ومسلمون(٥) ، فالمشركون ضربان : أحدهما : من له نيّة حسنة في الإِسلام والمسلمين فيعطى من غير الصدقة ، بل من سهم المصالح لتقوى نيّتهم في الإِسلام فيميلون إليه فيسلمون.

لما روي أنّ صفوان بن اُميّة لَمـّا أعطاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة خرج معه إلى هوازن ، واستعار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله منه ثلاثين درعاً ، وكانت أوّل الحرب على المسلمين ، فقال قائل : غلبت هوازن وقُتل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال صفوان : بفيك الحجر ، لَربٌّ من قريش أحب إلينا‌

____________________

(١ و ٢ ) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٩.

(٣) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٧٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ١٩٨ ، الوجيز ١ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٤.

(٥) رفعهما بناءً على تقدير مبتدأ محذوف.

٢٥٢

من ربّ من هوازن(١) .

ولَمـّا أعطى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله العطايا ، قال صفوان : ما لي ؛ فأومأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى وادٍ فيه إبل محمَّلة ، فقال : ( هذا لك ) فقال صفوان : هذا عطاء من لا يخشى الفقر(٢) .

الثاني : مشركون لم يظهر منهم ميل إلى الإِسلام ، ولا نيّة حسنة في المسلمين لكن يخاف منهم ، فإن أعطاهم كفّوا شرّهم وكفّ غيرهم معهم.

روى ابن عباس أنّ قوماً كانوا يأتون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن أعطاهم مدحوا الإِسلام وقالوا : هذا دين حسن ، وإن منعهم ذمّوا وعابوا(٣) .

فهذان الضربان هل يعطون بعد موت النبيعليه‌السلام ؟ قولان :

أحدهما : يعطون ، لأنّهعليه‌السلام أعطاهم ، ومعنى العطاء موجود.

والثاني : لا يعطون ؛ لأنّ مشركاً جاء إلى عمر يلتمس المال فلم يعطه ، وقال : من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر(٤) ، ولأنّه تعالى أظهر الإِسلام وقمع المشركين ، فلا حاجة بنا إلى ذلك.

فإن قلنا : يعطون ، فإنّهم يعطون من سهم المصالح لا من الزكاة ؛ لأنّها لا تصرف إلى المشركين.

وهو ممنوع ؛ للآية(٥) .

وأما المؤلَّفة من المسلمين فعلى أربعة أضرب :

ضرب أشراف مطاعون ، علم صدقهم في الإِسلام ، وحسن نيّتهم فيه ، إلّا أنّ لهم نظراء من المشركين إذا اُعطوا رغب نظراؤهم في الإِسلام‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٧ : ١٨ - ١٩ نحوه.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٧ : ٣٢٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٩٣.

(٣) عنه في الدرّ المنثور - للسيوطي - ٣ : ٢٥١ ، والمغني ٧ : ٣٢٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٩٣.

(٤) ذكره ابنا قدامة في المغني ٧ : ٣١٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٩٣.

(٥) التوبة : ٦٠. وقوله : ( وهو ممنوع ) جواب من المصنف عن الشافعي.

٢٥٣

فهؤلاء يعطون ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أعطى عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر(١) مع ثباتهم وحسن نيّتهم.

وضرب أشراف مطاعون في قومهم نيّاتهم ضعيفة في الإِسلام إذا اُعطوا رجي حسن نيّاتهم وثباتهم فإنّهم يعطون ؛ لأنّهعليه‌السلام أعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإِبل ، وأعطى صفوان بن اُمية مائة ، وأعطى الأقرع بن حابس مائة ، وأعطى عُيَيْنَة مائة ، وأعطى العباس بن مرداس أقلّ من مائة ، فاستعتب فتمّم المائة(٢) .

وهل يعطون بعد النبيعليه‌السلام ؟ قولان :

أحدهما : المنع - وبه قال أبو حنيفة(٣) - لظهور الإِسلام ، ولأنّ أحداً من الخلفاء لم يعط شيئاً من ذلك.

والثاني : يعطون ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أعطى ، وأعطى أبو بكر عدي ابن حاتم - وقد قدم عليه بثلاثمائة جمل من إبل الصدقة - ثلاثين بعيراً(٤) .

وحينئذٍ هل يعطون من الصدقات من سهم المؤلَّفة ، للآية ، أو من سهم المصالح ، لأنّه منها؟ قولان.

الضرب الثالث : قوم من المسلمين أعراب أو عجم في طرف من أطراف المسلمين لهم قوة وطاقة بمن يليهم من المشركين ، فإذا جهّز الإمام إليهم جيشا لزمه مؤونة ثقيلة ، وإذا أعطى من يقربهم من أصحاب القوّة والطاقة أعانوهم ودفعوا المشركين.

____________________

(١) نقله أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٧٩.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٣٧ / ١٠٦٠ ، سنن البيهقي ٧ : ١٧ ، أسد الغابة ٣ : ١١٢ - ١١٣.

(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ٩ ، اللباب ١ : ١٥٣ ، الميزان للشعراني ٢ : ١٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٥.

(٤) سنن البيهقي ٧ : ١٩ - ٢٠ ، وذكره أيضاً ابنا قدامة في المغني ٧ : ٣٢٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٩٣.

٢٥٤

والضرب الرابع : مسلمون من الأعراب أو غيرهم في طرف من أطراف الإِسلام بإزائهم قوم من أهل الصدقات لا يؤدّون الزكاة إلّا خوفاً من هؤلاء الأعراب ، فإن أعطاهم الإِمام جبوها وحملوها إليه ، وإن لم يعطهم لم يفعلوا ذلك ، واحتاج الإِمام إلى مؤونة ثقيلة في إنفاذ من يحصّلها ، فإنّه يعطيهم.

ومن أين يعطيهم؟ أربعة أقوال :

الأول : من سهم المؤلّفة من الصدقة ؛ لأنّهم يتألّفون على ذلك.

الثاني : من سهم الغزاة ؛ لأنّهم غزاة أو في معناهم.

الثالث : من سهم المصالح ؛ لأنّ هذا في مصالح المسلمين.

الرابع : من سهم المؤلّفة ، وسهم الغزاة من الصدقة.

واختلف أصحابه في هذا القول ، فقال بعضهم : إنّما أعطاهم من السهمين بناءً على جواز أخذ من اجتمع فيه سببان بهما ، وعلى المنع لا يعطون منهما.

وقال آخرون : يعطون من السهمين ، لأنّ معناهما واحد وهو أنّه يعطى منهما ، لحاجتنا إليهم وهم المؤلَّفة والغزاة ، بخلاف أن يكون فقيراً وغازياً ؛ لاختلاف السببين.

وقال آخرون : إنّه اراد أنّ بعضهم يعطى من سهم الغزاة وهم الذين يغزون منهم ، وبعضهم من سهم المؤلَّفة وهُم الذين اُلّفوا على استيفاء الزكاة(١) .

قال الشيخ : وهذا التفصيل لم يذكره أصحابنا ، غير أنّه لا يمتنع أن نقول : إنّ للإِمام أن يتألّف هؤلاء القوم ويعطيهم إن شاء من سهم المؤلَّفة ، وإن شاء من سهم المصالح ؛ لأنّ هذا من فرائض الإِمام ، وفعله حجّة ، وليس يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم ، وفرضنا تجويز ذلك والشك فيه وعدم القطع‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ١٩٨ - ١٩٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٤ - ١٥٦.

٢٥٥

بأحد الأمرين(١) .

مسألة ١٧١ : والرقاب من جملة الأصناف المعدودة في القرآن‌ ، وأجمع المسلمون عليه ، واختلفوا في المراد.

فالمشهور عند علمائنا : أنّ المراد به صنفان : المكاتبون يعطون من الصدقة ؛ ليدفعوه في كتابتهم. والعبيد تحت الشدّة يشترون ويعتقون ؛ لقوله تعالى( وَفِي الرِّقابِ ) (٢) وهو شامل لهما ، فإنّ المراد إزالة رقّيته.

وشرطنا في الثاني الضُرّ والشدّة ؛ لما روي عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يجتمع عنده الزكاة يشتري بها نسمة ويعتقها ، فقال : « إذن يظلم قوماً آخرين حقوقهم - ثم قال - إلّا أن يكون عبداً مسلماً في ضرورة فيشتريه ويعتقه »(٣) .

والجمهور رووا المكاتبين عن عليعليه‌السلام (٤) ، والعبد يشترى ابتداءً عن ابن عباس(٥) .

وروى علماؤنا ثالثاً وهو : أنّ من وجب عليه كفّارة في عتق في ظهار وشبهه ولم يجد ما يعتق جاز أن يعطى من الزكاة ما يشتري به رقبة ويعتقها في كفارته.

لرواية علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره عن العالمعليه‌السلام : «( وَفِي الرِّقابِ ) قوم لزمتهم كفّارات في قتل الخطأ أو الظهار أو الأيمان وليس عندهم ما يكفِّرون جعل الله لهم سهماً في الصدقات ليكفِّر عنهم »(٦) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٠.

(٢) التوبة ٦٠ :.

(٣) الكافي ٣ : ٥٥٧ / ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٠ / ٢٨٢.

(٤) المجموع ٦ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٩٦٧.

(٥) المغني ٧ : ٣٢٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٥ ، المجموع ٦ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨ ، والدرّ المنثور للسيوطي ٣ : ٢٥٢.

(٦) التهذيب ٤ : ٤٩ - ٥٠ / ١٢٩ ، وتفسير القمي ١ : ٢٩٩.

٢٥٦

قال الشيخ : والأحوط عندي أن يعطى ثمن الرقبة لكونه فقيراً فيشتري هو ويعتق عن نفسه(١) . وهو جيد.

ولو لم يوجد مستحق جاز شراء العبد من الزكاة وعتقه وإن لم يكن في ضُرّ وشدّة ، وعليه فقهاؤنا.

لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن رجل أخرج زكاة ماله فلم يجد لها موضعاً يدفعها إليه فنظر مملوكاً يباع فاشتراه بها فأعتقه فهل يجوز ذلك؟

قال : « نعم »(٢) .

وقال الشافعي : المراد بقوله تعالى :( وَفِي الرِّقابِ ) المكاتبون خاصة يعطيهم من الصدقة ليدفعوه في كتابتهم(٣) - ورووه عن عليعليه‌السلام ، وهو مذهب سعيد بن جبير والنخعي والليث بن سعد والثوري وأصحاب الرأي - لأنّ مقتضى الآية الدفع إليهم بدليل قوله( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) يريد الدفع إلى المجاهدين ، فكذا هنا(٤) .

وهو لا يمنع ما قلناه.

وقال مالك : المراد به أن يشتري العبيد من الصدقة ويبتدئ عتقهم - ورووه عن ابن عباس والحسن البصري ، وبه قال أحمد وإسحاق ، ولم يشرطوا الشدة - لقوله تعالى( وَفِي الرِّقابِ ) والرقبة إذا اُطلقت انصرفت إلى القنّ كقوله تعالى( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) (٥) (٦) .

ونمنع الحصر.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٠.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٧ / ٣ ، التهذيب ٤ : ١٠٠ / ٢٨١.

(٣) في النُسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : ( كتابته ) وما أثبتناه من الطبعة الحجرية.

(٤) الاُم ٢ : ٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٠ - ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨ ، المغني ٧ : ٣٢٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٩.

(٥) النساء : ٩٢.

(٦) الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٤ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٩٦٧ ، تفسير القرطبي =

٢٥٧

وأجاب الشافعيّة : بأنّ الزكاة يعود نفعها حينئذٍ إلى المعطي ويثبت له الولاء.

ونمنع اختصاص النفع بالمعطي وثبوت الولاء للمعتق على ما يأتي.

مسألة ١٧٢ : والغارمون لهم سهم من الصدقات‌ بالنص والإِجماع ، وهُم : المدينون في غير معصية ، ولا خلاف في صرف الصدقة إلى من هذا سبيله.

ولو استدان للمعصية لم يقض عند علمائنا أجمع - وبه قال أبو علي بن أبي هريرة من الشافعية(١) - لأنّه دين استدانه للمعصية فلا يدفع إليه ، كما لو لم يثبت ، ولما فيه من الإِغراء بالمعصية ؛ إذ الفاسق إذا عرف أنّه يقضى عنه ما استدانه في معصية أصرَّ على ذلك ، فيمنع حسماً لمادّة الفساد.

ولقول الرضاعليه‌السلام : « يقضى ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عزّ وجلّ ، وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شي‌ء له على الإِمام »(٢) .

وقال أبو إسحاق من الشافعية : يدفع إليه(٣) ؛ لأنّه لو كان قد أتلف ماله في المعاصي وافتقر دفع إليه من سهم الفقراء ، وكذلك إذا خرج في سفر معصية ، ثم أراد أن يرجع دفع إليه من سهم ابن السبيل.

والفرق : أنّ مُتلف ماله يعطى للحاجة في الحال ، وهنا يراعى الاستدانة في الدين وكان للمعصية ، فافترقا.

____________________

= ٨ : ١٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨ ، المغني ٧ : ٣٢١ و ٣٢٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٤ و ٦٩٥.

(١) قال النووي في المجموع ٦ : ٢٠٨ : فإن تاب فهل يعطى؟ أصحّهما : لا يعطى ، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة.

(٢) تفسير العياشي ١ : ١٥٥ / ٥٢٠.

(٣) المجموع ٦ : ٢٠٨ ، وفيه بعد عنوان التوبة.

٢٥٨

فروع :

أ - لو لم يعلم فيما ذا أنفقه ، قال الشيخ : يمنع(١) ، لأنّ رجلاً من أهل الجزيرة يكنّى أبا محمد سأل الرضاعليه‌السلام ، قلت : فهو لا يعلم فيما ذا أنفقه في طاعة أو معصية؟ قال : « يسعى في ماله فيردّه عليه وهو صاغر »(٢) .

ولأنّ الشرط - وهو الإِنفاق في الطاعة - غير معلوم.

وقال أكثر علمائنا : يعطى ؛ بناءً على أنّ ظاهر تصرفات المسلم إنّما هو على الوجه المشروع دون المحرَّم. ولأنّ تتبّع مصارف الأموال عسر فلا يقف دفع الزكاة على اعتباره. وفي سند الرواية ضعف(٣) .

ب - لو أنفقه في معصية وتاب احتمل جواز الدفع وعدمه.

وقال الشيخ : يدفع إليه من سهم الفقراء إن كان منهم لا من سهم الغارمين(٤) . وهو حسن.

ج - لو كان المدفوع كلّ الدين جاز للإِمام أن يدفعه إلى الغرماء ؛ لأنّه قد استحقّ عليه الدفع فناب عنه ، ولو كان لا يفي وأراد أن يتّجر به دفع إليه ؛ لما فيه من المصلحة.

مسألة ١٧٣ : الغارمون صنفان : أحدهما : من استدان في مصلحته ونفقته في غير معصية ، وعجز عن أدائه ، وكان فقيراً ، فإنّه يأخذ من سهم الغارمين إجماعاً ليؤدّي ذلك.

وإن كان غنيّاً لم يجز أن يعطى عندنا ، وهو أحد قولي الشافعي ، و(٥) لأنّه‌

____________________

(١) النهاية : ٣٠٦ ، وفيه : لم يجب عليه القضاء عنه. وحكى المحقق في المعتبر : ٢٨٠ عنه هكذا : لا يقضى عنه.

(٢) تفسير العياشي ١ : ١٥٥ / ٥٢٠.

(٣) منهم : ابن إدريس في السرائر : ١٦٢ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٨٠ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٢٥٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥١.

(٥) كذا في جميع النسخ الخطية والطبعة الحجرية ، والظاهر زيادة حرف الواو.

٢٥٩

يأخذ لا لحاجتنا إليه ، فاعتبر فقره كالمكاتب وابن السبيل.

والثاني : يأخذ لعموم الآية(١) (٢) .

الثاني : من تحمّل حمالة لإِطفاء الفتنة ، وسكون ( نائرة )(٣) الحرب بين المتقاتلين وإصلاح ذات البين ، وهو قسمان :

أحدهما : أن يكون قد وقع بين طائفتين فتنة لقتل وجد بينهما فيتحمّل رجل ديته لإِصلاح ذات البين ، فهذا يدفع إليه من الصدقة ليؤدّي ذلك ، لقوله تعالى( وَالْغارِمِينَ ) (٤) .

ولا فرق بين أن يكون غنيّاً أو فقيراً ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا تحلّ الصدقة لغني إلّا لخمس : غازٍ في سبيل الله ، أو عاملٍ عليها ، أو غارم )(٥) .

ولأنّه إنّما يقبل ضمانه وتحمّله إذا كان غنيّاً فيه حاجة إلى ذلك مع الغنى ، فإن أدّى ذلك من ماله لم يكن له أن يأخذ ؛ لأنّه قد سقط عنه الغرم.

وإن كان قد استدان وأدّاها جاز أن يعطى من الصدقة ، ويؤدّي الدين لبقاء الغرم والمطالبة.

الثاني : أن يكون سبب الفتنة إتلاف مال ولا يعلم مَن أتلفه ، وخشي من الفتنة ، فتحمّل ذلك المال حتى سكنت النائرة ، فإنّه يدفع إليه من سهم الغارمين ؛ لصدق اسم الغرم عليه ، وللحاجة إلى إصلاح ذات البين ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) الْأُم ٢ : ٧٢ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٩ ، الحاوي الكبير ٨ : ٥٠٨.

(٣) في « ن » : ثائرة بدل نائرة.

(٤) التوبة : ٦٠.

(٥) مصنّف عبد الرزاق ٤ : ١٠٩ / ١٧٥١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٩٠ / ١٨٤١ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٩ / ١٦٣٥ ، موطّأ مالك ١ : ٢٦٨ / ٢٩ ، ومسند أحمد ٣ : ٥٦.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460