تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182541 / تحميل: 6068
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والضابط ما ذكرناه من اعتبار الاسم كالمقيس عليه ، وعلف الاُمّهات لا يسري إلى الأولاد.

ويبعد ما قيل في غنم مكّة ، لأنّها لو كانت متولّدة من جنسين لم يكن لها نسل كالسِّمع المتولّد من الذئب والضبع(١) ، وكالبغال.

وقال الشافعي : لا تجب سواء كانت الاُمّهات من الظباء أو الغنم ، لأنّه متولّد من وحشي أشبه المتولّد من وحشيّين.

ولأنّ الوجوب إنّما يثبت بنصّ أو إجماع أو قياس ، والكلّ منفي هنا ، لاختصاص النصّ والإِجماع بالإِيجاب في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليست هذه داخلة في اسمها ولا حكمها ولا حقيقتها ولا معناها ، فإنّ المتولّد بين شيئين ينفرد باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل فلا يتناوله النصّ ، ولا يمكن القياس ، لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما ، فإنه لا يجزئ في هدي ولا اُضحية ولا دية(٢) ، ولا نزاع معنا إذا لم يبق الاسم.

وقال أبو حنيفة ومالك : إن كانت الاُمّهات أهليةً وجبت الزكاة وإلّا فلا ، لأنّ ولد البهيمة يتبع اُمّه في الاسم والملك فيتبعها في الزكاة ، كما لو كانت الفحول معلوفةً(٣) . ونمنع التبعيّة في الاسم.

____________________

(١) اُنظر : الصحاح ٣ : ١٢٣٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٠ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥.

٨١

الفصل الثالث

في زكاة الغنم‌

الزكاة واجبة في الغنم بإجماع علماء الإِسلام.

قالعليه‌السلام : ( كلّ صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تمشي عليه فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلّما انقضى آخرها عاد أولها حتى يقضي الله بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )(١) .

إذا ثبت هذا فإنّ شرائط الزكاة هنا كما هي في الإِبل والبقر بالإِجماع ، نعم تختلف في مقادير النصب ، والضأن والمعز جنس واحد بإجماع العلماء ، والظباء مخالف للغنم إجماعاً.

مسألة ٥٢ : أول نصاب الغنم : أربعون ، فلا زكاة فيما دونها‌ ، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة.

الثاني : مائة وإحدى وعشرون فلا شي‌ء في الزائد على الأربعين حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففيه شاتان.

الثالث : مائتان وواحدة ، فلا زكاة في الزائد حتى تبلغ مائتين وواحدة ففيه ثلاث شياه ، والكلّ بالإِجماع.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٢ / ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ / ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٨١.

٨٢

وحكي عن معاذ أنّ الفرض لا يتغيّر بعد المائة وإحدى وعشرين حتى تبلغ مائتين واثنتين وأربعين ليكون مثلَي مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث شياه(١) .

والإِجماع على خلافه ، على أنّ الراوي لها الشعبي وهو لم يلق معاذاً(٢) .

الرابع : ثلاثمائة وواحدة وفيه روايتان : إحداهما : أنّه كالثالث ثلاث شياه ، فلا يتغيّر الفرض بعد مائتين وواحدة حتى تبلغ أربعمائة فتجب في كلّ مائة شاة ، وبه قال المفيد والسيد المرتضى(٣) ، وهو قول أكثر الفقهاء ، والشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابه للسُّعاة : ( إنّ في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاةٌ إلى مائة وعشرين ، فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا زادت ففي كلّ مائةٍ شاة )(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٢) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة ، شهد بدراً وما بعدها ، مات بالشام سنة ١٨.

والشعبي هو : عامر بن شراحيل أبو عمرو ، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين.

اُنظر : اُسد الغابة ٤ : ٣٧٨ ، الاستيعاب بهامش الإِصابة ٣ : ٣٥٥ - ٣٦٠ ، وتهذيب التهذيب ٥ : ٥٩ / ١١٠ و ١٠ : ١٧٠ / ٣٤٩.

(٣) المقنعة : ٣٩ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ١٢٣.

(٤) المجموع ٥ : ٤١٧ - ٤١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٥٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، اللباب ١ : ١٤٢ ، المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥.

٨٣

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة »(١) .

الثانية(٢) : أنّها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياه ، ثم لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ خمسمائة ، وهو اختيار الشيخ -(٣) رحمه‌الله - وأحمد في الرواية الاُخرى ، وبه قال النخعي والحسن بن صالح بن حي(٤) .

لقول الباقرعليه‌السلام في الشاة : « في كلّ أربعين شاةً شاةٌ ، وليس فيما دون الأربعين شاةً شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة ، فإذا زاد على عشرين ومائة ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين ، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة ، فإن تمّت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة شاة »(٥) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ثلاثمائة حدّاً للوقص وغايةً له(٦) ؛

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

(٢) أي : الرواية الثانية.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢١ ، المسألة ١٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢ / ٦١ ، وفيها عن الإِمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

(٦) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٦.

٨٤

فتجب أن يتعقّبه النصاب كالمائتين.

إذا ثبت هذا ، فلا خلاف في أنّ في أربعمائة أربع شياه ، وفي خمسمائة خمس ، وهكذا بالغاً ما بلغت.

* * *

٨٥

الفصل الرابع

في الأشناق‌

الشّنق بفتح النون : ما بين الفرضين(١) ، والوقص قال الفقهاء : بسكون القاف(٢) .

وقال بعض أهل اللغة : بفتحه(٣) ، لأنّه يجمع على ( أوقاص ) و ( أفعال ) جمع ( فَعَلْ ) لا جمع ( فَعْلْ ) فإنّ ( فَعْلاً ) يجمع على ( أفْعُل ).

وقد جاء - كما قال الفقهاء - هول وأهوال ، وحوْل وأحوال ، وكبْر وأكبار ، وبالجملة فهو ما بين النصابين(٤) أيضاً.

قال الأصمعي : الشنق يختص بأوقاص الإِبل ، والوقص بالبقر والغنم(٥) .

وبعض الفقهاء يخصّ الوقص بالبقر أيضاً ، ويجعل ناقص الغنم والنقدين والغلّات عفواً ، وكلّ ذلك لفظي.

وقيل : الوقص ما بين الفرضين كما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر ،

____________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٠٣.

(٢) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

(٣ و ٤ ) الصحاح ٣ : ١٠٦١.

(٥) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

٨٦

والشنق ما دون الفريضة كالأربع من الإِبل(١) .

مسألة ٥٣ : ما نقص عن النصاب الأول لا شي‌ء فيه‌ إجماعاً ، وكذا ما بين النصابين عند علمائنا ، وإنّما تتعلّق الزكاة بالنصاب خاصّة - وبه قال الشافعي في كتبه القديمة والجديدة ، وأبو حنيفة ، والمزني(٢) - لأنّه عدد ناقص عن نصاب إذا بلغه وجبت فيه الزكاة ، فلا تتعلّق به كالأربع.

ولقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شي‌ء حتى يبلغ أربعين - إلى أن قالاعليهما‌السلام - وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء »(٣) .

وقال الشافعي في الإِملاء : تتعلّق الزكاة بالنصاب وبما زاد عليه من الوقص ، وبه قال محمد بن الحسن.

لقولهعليه‌السلام : ( فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض )(٤) .

ولأنّه حقّ يتعلّق بنصاب فوجب أن يتعلّق به وبما زاد عليه إذا وجد معه ولم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة(٥) .

والنصّ أقوى من المفهوم والقياس.

فعلى قولنا ، لو ملك خمسين من الغنم وتلفت العشرة الزائدة قبل‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩١ و ٣٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧ - ٣٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٩ ، اللباب ١ : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ - ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٤ / ١٧٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩ و ٢٨ ، مسند أحمد ١ : ١١ و ٢ : ١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٤٨ و ٥٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨.

٨٧

التمكّن من الأداء بعد الحول لم يسقط هنا شي‌ء ، لأنّ التالف لم تتعلّق الزكاة به ، ولو تلف عشرون سقط ربع الشاة ، لأنّ الاعتبار بتلف جزء من النصاب ، وإنّما تلف من النصاب ربعه.

فروع :

أ - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده وبعد إمكان الأداء يجب جميع الفرض ، لأنّه تلف بعد تفريطه في التأخير فضمن ، وإن تلف بعد الحول وقبل إمكان الأداء سقط عندنا من الزكاة بقدر التالف.

وللشافعي قولان بناءً على أنّ إمكان الأداء شرط في الوجوب أو الضمان ، فعلى الأول لا شي‌ء ، لنقصه قبل الوجوب(١) .

ب - لو كان معه تسع من الإِبل فتلف أربع قبل الحول أو بعده وبعد الإِمكان وجبت الشاة(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

وإن كان بعد الحول وقبل الإِمكان فكذلك عندنا.

وعند الشافعي كذلك على تقدير أن يكون الإِمكان شرطاً في الوجوب ، لأنّ التالف قبل الوجوب إذا لم ينقص به النصاب لا حكم له ، وعلى تقدير أن يكون من شرائط الضمان فكذلك إن لم تتعلّق بمجموع النصاب والوقص ، وإن تعلّقت بهما سقط قدر الحصّة أربعة أتساع الشاة(٤) .

وقال بعضهم - على هذا التقدير - : لا يسقط شي‌ء ، لأنّ الزيادة لمـّا لم تكن شرطاً في وجوب الشاة لم يسقط شي‌ء بتلفها وإن تعلّقت بها ، كما لو شهد ثمانية بالزنا ورجع أربعة بعد قتله لم يجب عليهم شي‌ء ، ولو رجع خمسة وجب‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) في نسخة « ط » : الزكاة.

(٣ و ٤ ) المجموع ٥ : ٣٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

٨٨

عليهم الضمان ، لنقص ما بقي من العدد المشترط(١) .

ج - لو ذهب خمس من التسع قبل الحول فلا زكاة ، وإن كان بعده وقبل إمكان الأداء سقط خمس الشاة ، وبه قال الشافعي على تقدير أنّ الإِمكان من شرائط الضمان وتعلّق الزكاة بالنصاب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الوجوب فكقبل الحول لنقص النصاب قبل الوجوب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الضمان وتعلّق الزكاة بالمجموع تسقط خمسة أتساع الشاة(٢) .

د - لو كان معه خمس وعشرون وأوجبنا بنت المخاض فيه فتلف منها خمسة قبل إمكان الأداء وجب أربعة أخماس بنت مخاض - وبه قال الشافعي على تقدير كونه شرطاً في الضمان(٣) ، وأبو يوسف ومحمد(٤) - لأنّ الواجب بحؤول الحول بنت مخاض ، فإذا تلف البعض لم يتغيّر الفرض ، بل كان التالف منه ومن المساكين.

وقال أبو حنيفة : تجب أربع شياه(٥) . فجعل التالف كأنّه لم يكن.

قال الشيخ : لو كان معه ستّ وعشرون فهلك خمس قبل الإِمكان فقد هلك خُمس المال إلّا خُمس الخُمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها ، وعلى المساكين خُمس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها(٦) .

ه- حكم غير الإِبل حكمها في جميع ذلك ، فلو تلف من نصاب الغنم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٢) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨ - ٣٩.

(٤ و ٥ ) حلية العلماء ٣ : ٣٩.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤‌

٨٩

شي‌ء سقط من الفريضة بنسبته.

وهل الشاتان في مجموع النصاب الثاني أو في كلّ واحد شاة؟

احتمالان(١) ، فعلى الأول لو تلف شي‌ء بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب في النصب بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزّع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف.

مسألة ٥٤ : لا تأثير للخلطة عندنا في الزكاة‌ سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف ، بل يزكّى كلٌّ منهما زكاة الانفراد ، فإن كان نصيب كلّ منهما نصاباً وجب عليه زكاة بانفراده.

وإن كان المال مشتركاً كما لو كانا مشتركين في ثمانين من الغنم بإرث أو شراء أو هبة فإنّه يجب على كلّ واحد منهما شاة بانفراده.

ولو كانا مشتركين في أربعين فلا زكاة هنا ، وبه قال أبو حنيفة والثوري(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شي‌ء فيها )(٣) .

وقال : ( ليس على المرء في ما دون خمس ذود من الإِبل صدقة )(٤) ولم يفصّل.

وقالعليه‌السلام : « في أربعين شاةً شاةٌ »(٥) .

____________________

(١) ورد في النُسخ الخطية : احتمال. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية هو الصحيح.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥ ، و ١٠٠ بتفاوت يسير.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٥ / ٩٨٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٤ و ١٠٧ و ١٢٠.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ و ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

٩٠

فإذا ملكا ثمانين وجب شاتان.

ولأنّ ملك كلّ واحد منهما ناقص عن النصاب فلا تجب عليه الزكاة ، كما لو كان منفرداً.

وقال الشافعي : الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف بأن يكون ملك كلّ منهما متميّزاً عن الآخر ، وإنّما اجتمعت ماشيتهما في المرعى والمسرح - على ما يأتي(١) - سواء تساويا في الشركة أو اختلفا بأن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون ، أو يكون لأربعين رجلاً أربعون شاةً لكلّ منهم شاة ، وبه قال عطاء والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع )(٣) أراد إذا كان لجماعة لا يجمع بين متفرّق فإنّه إذا كان للواحد يجمع للزكاة وإن تفرّقت أماكنه ، وقوله : ( ولا يفرّق بين مجتمع ) يقتضي إذا كان لجماعة لا يفرّق ، ونحن نحمله على أنّه لا يجمع بين متفرّق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد فلا يفرّق بين مجتمع في الملك فإنّ الزكاة تجب على الواحد وإن تفرّقت أمواله.

وقال مالك : تصحّ الخلطة إذا كان مال كلّ واحد منهما نصاباً(٤) .

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة (٥٥).

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٢ - ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦٠ - ٦١ ، الاُم ٢ : ١٤ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠١ و ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

٩١

وحكى بعض الشافعيّة عن الشافعي وجها آخر : أنّ العبرة إنّما هي بخلطة الأعيان دون خلطة الأوصاف(١) .

مسألة ٥٥ : قد بيّنا أنّه لا اعتبار بالخلطة بنوعيها‌ - خلافاً للشافعي ومن تقدّم(٢) - فلا شرط عندنا وعند أبي حنيفة ، لعدم الحكم.

أمّا الشافعي فقد شرط فيها أموراً :

الأول : أن يكون مجموع المالين نصاباً.

الثاني : أن يكون الخليطان معاً من أهل فرض الزكاة ، فلو كان أحدهما ذمّيّاً أو مكاتباً لم تؤثّر الخلطة ، وزكّى المسلم والحرّ كما في حالة الانفراد ، وهذان شرطان عامّان ، وفي اشتراط دوام الخلطة السنة؟ ما يأتي.

وتختصّ خلطة الجوار باُمور :

الأول : اتّحاد المسرح ، والمراد به المرعى.

الثاني : اتّحاد المراح ، وهو مأواها ليلاً.

الثالث : اتّحاد المشرع وهو أن يرد غنمهما ماءً واحداً من نهر أو عين أو بئر أو حوض.

وإنّما شرط(٣) اجتماع المالين في هذه الاُمور ليكون سبيلها سبيل مال المالك [ الواحد ](٤) وليس المقصود أن لا يكون لها إلّا مسرح أو مرعى أو مراح واحد بالذات ، بل يجوز تعدّدها لكن ينبغي أن لا تختص ماشية هذا بمسرح ومراح ، وماشية الآخر بمسرح ومراح.

الرابع : اشتراك المالين في الراعي أو الرعاة - على أظهر الوجهين عنده - كالمراح.

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٩٠ - ٣٩١ ، المجموع ٥ : ٤٣٣.

(٢) تقدّم ذكرهم في المسألة السابقة (٥٤).

(٣) في نسختي « ن وف » : شرطوا.

(٤) زيادة يقتضيها السياق.

٩٢

الخامس : اشتراكهما في الفحل ، فلو تميّزت ماشية أحدهما بفحولة ، وماشية الآخر باُخرى فلا خلطة - على أظهر الوجهين - عنده.

السادس : اشتراكهما في موضع الحلب ، فلو حلب هذا ماشيته في أهله ، والآخر في أهله فلا خلطة(١) .

وهل يشترط الاشتراك في الحالب والمحلب؟ أظهر الوجهين عنده عدمه ، كما لا يشترط الاشتراك في الجازّ وآلات الجزّ(٢) .

وإن شرط الاشتراك في المحلب فهل يشترط خلط اللبن؟ وجهان ، أصحهما عنده : المنع ، لأدائه إلى الربا عند القسمة إذ قد يكثر لبن أحدهما(٣) .

وقيل : لا ربا كالمسافرين يستحب خلط أزوادهم وإن اختلف أكلهم(٤) .

وربما يفرّق بأنّ كلّ واحد يدعو غيره إلى طعامه فكان إباحةً ، بخلافه هنا.

وهل يشترط نيّة الخلطة؟ وجهان عندهم : الاشتراط ، لأنّه معنى يتغيّر به حكم الزكاة تخفيفاً كالشاة في الثمانين ، ولو لا الخلطة لوجب شاتان ، وتغليظاً كالشاة في الأربعين ، ولولاها لم يجب شي‌ء فافتقر إلى النيّة ، ولا ينبغي أن يغلظ عليه من غير رضاه ، ولا أن ينقص حقّ الفقراء إذا لم يقصده.

والمنع ، لأنّ تأثير الخلطة لخفّة المؤونة باتّحاد المرافق وذلك لا يختلف‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٢ - ٣٩٤ ، الاُم ٢ : ١٣ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٨ - ٥٣٠.

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٨ - ٣٩٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩.

٩٣

بالقصد وعدمه(١) .

وهل يشترط وجود الاختلاط في أول السنة واتّفاق أوائل الأحوال؟

قولان(٢) .

وفي تأثير الخلطة في الثمار والزرع ثلاثة أقوال له : القديم : عدم التأثير ، وبه قال مالك وأحمد في رواية.

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والرعي )(٣) وإنّما تتحقّق في المواشي.

والجديد : عدمه(٤) ، وتأثير خلطة الشيوع دون الجوار(٥) ، فعلى الجديد تؤثّر ، لحصول الاتّفاق باتّحاد العامل والناطور(٦) والنهر الذي تسقى منه.

وقال بعض أصحاب مالك : لا يشترط من هذه الشروط شي‌ء سوى الخلطة في المرعى ، وأضاف بعض أصحابه إليه الاشتراك في الراعي أيضاً(٧) ، والكلّ عندنا باطل.

فروع على القول بشركة الخلطاء :

أ - إذا اختلطا خلطة جوار ولم يمكن أخذ مال كلّ منهما من ماله كأربعين لكُلٍّ عشرون ، أخذ الساعي شاةً من أيّهما كان ، فإن لم يجد الواجب إلّا في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٠٢ - ٤٠٣.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٤ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٦ وفيهما : ( الراعي ) بدل ( الرعي ).

(٤) أي عدم عدم التأثير الملازم للثبوت.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٧١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٤٣ ، بلغة السالك ١ : ٢١٠ - ٢١١ ، المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٤.

(٦) الناطور : حافظ الزرع والثمر والكرم. لسان العرب ٥ : ٢١٥ « نطر ».

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٧ و ١٣٨ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢.

٩٤

مال أحدهما أخذ منه.

وإن أمكن أخذ ما يخصّ كلّ [ واحد ](١) منهما لو انفرد فوجهان : أن يأخذ من كلّ منهما حصّة ماله ليغنيهما عن التراجع ، وأن يأخذ من عرض المال ما يتّفق ، لأنّهما مع الخلطة كمال واحد ، والمأخوذ زكاة جميع المال(٢) .

فعلى هذا لو أخذ من كلّ منهما حصّة ماله بقي التراجع بينهما ، فإذا أخذ من هذا شاةً ، ومن هذا اُخرى رجع كلٌّ منهما على صاحبه بنصف قيمة ما اُخذ منه.

ولو كان بينهما سبعون من البقر أربعون لأحدهما ، وثلاثون للآخر ، فالتبيع والمسنّة واجبان على الشيوع ، على صاحب الأربعين أربعة أسباعهما ، وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما.

فإن أخذهما من صاحب الأربعين رجع على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباعهما وبالعكس.

ولو أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنّة من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع التبيع على الآخر ، والآخر بقيمة أربعة أسباع المسنّة على الأول.

وإن أخذ المسنّة من صاحب الأربعين والتبيع من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع المسنّة على الآخر ، والآخر عليه بقيمة أربعة أسباع التبيع ، هذا كلّه في خلطه الجوار.

أمّا خلطة الأعيان فالأخذ منه يقع على حسب ملكهما ، فلو كان لهما ثلاثمائة من الإِبل فعليهما ستّ حقاق ولا تراجع.

ولو كان لأحدهما ثلاثمائة وللآخر مائتان فله عشر حقاق بالنسبة ، وهذا‌

____________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) الوجهان للشافعية ، راجع فتح العزيز ٥ : ٤٠٨.

٩٥

يأتي على مذهبنا.

ب - لو ورثا أو ابتاعا شائعاً وأداما الخلطة زكّيا - عندهم - زكاة الخلطة ، وكذا لو ملك كلٌّ منهما دون النصاب ثم خلطا وبلغ النصاب(١) .

ولو انعقد الحول على مال كلّ منهما منفرداً ثم طرأت الخلطة ، فإن اتّفق الحولان بأن ملكا غرّة المحرّم وخلطا غرّة صفر ، ففي الجديد : لا يثبت حكم الخلطة في السنة الاُولى - وبه قال أحمد - لأنّ الأصل الانفراد ، والخلط عارض فيغلب حكم الحول المنعقد على الانفراد ، وتجب على كلّ منهما شاة إذا جاء المحرّم(٢) .

وفي القديم - وبه قال مالك - ثبوت حكم الخلطة نظراً إلى آخر الحول ، فإنّ الاعتبار في قدر الزكاة بآخر الحول ، فيجب على كلّ منهما نصف شاة إذا جاء المحرّم(٣) .

ولو اختلف الحولان ، فملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر وخلطا غرّة ربيع ، فعلى الجديد ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة.

وعلى القديم ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول نصف شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة.

ثم في سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين ، فعلى الأول عند غرّة كلّ محرّم نصف شاة ، وعلى الثاني عند غرّة كلّ صفر كذلك ، وبه قال مالك وأحمد(٤) .

وقال ابن سريج : إنّ حكم الخلطة لا يثبت في سائر الأحوال ، بل‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٤٤١.

(٢ و ٣ ) المجموع ٥ : ٤٤٠ ، الوجيز ١ : ٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٣ - ٤٤٦ ، المغني ٢ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٤٧ - ٤٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٠ - ٤٤١.

٩٦

يزكّيان زكاة الانفراد أبداً(١) .

ولو انعقد الحول على الانفراد في حق أحد الخليطين دون الآخر كما لو ملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر ، وكما ملك خلطا ، فإذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة في الجديد ، ونصف شاة في القديم(٢) .

وأمّا الثاني فإذا جاء صفر فعليه نصف شاة - في القديم - وفي الجديد ، وجهان : شاة ، لأنّ الأول لم يرتفق بخلطته فلا يرتفق هو بخلطة الأول ، وأظهرهما : نصف شاة ، لأنّه كان خليطاً في جميع الحول ، وفي سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين إلّا عند ابن سريج(٣) .

ولو طرأت خلطة الشيوع على الانفراد كما لو ملك أربعين شاة ، ثم باع بعد ستّة أشهر نصفها مشاعاً ، فالظاهر أنّ الحول لا ينقطع ، لاستمرار النصاب بصفة الاشتراك ، فإذا مضت ستّة أشهر من وقت البيع فعلى البائع نصف شاة ولا شي‌ء على المشتري إن أخرج البائع واجبة من المشترك ، لنقصان النصاب.

وإن أخرجها من غيره ، وقلنا : الزكاة في الذمة ، فعليه أيضاً نصف شاة عند تمام حوله ، وإن قلنا : تتعلّق بالعين ففي انقطاع حول المشتري قولان : أرجحهما : الانقطاع ، لأنّ إخراج الواجب من غير النصاب يفيد عود الملك بعد الزوال لا أنّه يمنع الزوال(٤) .

ج - إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة ، واُخرى من جنسها منفردة كما لو خلط عشرين شاة بمثلها لغيره وله أربعون ينفرد [ بها ](٥) ففيما يخرجان الزكاة؟ قولان مبنيّان على أنّ الخلطة خلطة ملك أي يثبت حكم الخلطة في‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ٨٣ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٩ - ٤٦٢.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

٩٧

كلّ ما في ملكه ؛ لأنّ الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ، ومال الواحد يضمّ بعضه إلى بعض وإن تفرّقت أماكنه ، فعلى هذا كان صاحب الستّين خلط جميع ماله بعشرين ، فعليه ثلاثة أرباع شاة ، وعلى الآخر ربعها.

أو أنّها خلطة عين أي يقتصر حكمها على عين المخلوط ، لأنّ خفّة المؤونة إنّما تحصل في القدر المخلوط وهو السبب في تأثير الخلطة ، فعلى صاحب العشرين نصف شاة ، لأنّ جميع ماله خليط عشرين ، وفي أربعين شاة ، فحصّة العشرين نصفها(١) .

وفي صاحب الستّين وجوه : أصحّها عنده : أنه يلزمه شاة ، لأنّه اجتمع في ماله الاختلاط والانفراد فغلّب حكم الانفراد ، كما لو انفرد بالمال في بعض الحول فكأنّه منفرد بجميع الستّين ، وفيها شاة.

والثاني : يلزمه ثلاثة أرباع شاة ، لأنّ جميع ماله ستّون ، وبعضه مختلط حقيقةً ، وملك الواحد لا يتبعّض حكمه فيلزم إثبات حكم الخلطة للباقي ، فكأنّه خلط جميع الستّين بالعشرين ، وواجبها شاة حصّة الستّين ثلاثة أرباعها.

الثالث : يلزمه خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، ففي الأربعين حصّتها من الواجب لو انفرد بالكلّ وهو شاة حصّة الأربعين ثُلثا شاة ، وفي العشرين حصّتها من الواجب لو خلط الكلّ وهي ربع شاة لأنّ الكلّ ثمانون ، وواجبها شاة.

الرابع : أنّ عليه شاة وسدس شاة من ذلك نصف شاة في العشرين المختلطة ، كما أنّه واجب خليطه في ماله ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة وذلك حصة الأربعين لو انفرد بجميع ماله.

الخامس : أنّ عليه شاة في الأربعين ونصف شاة في العشرين ، كما لو‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٩ - ٤٧٠.

٩٨

كانا لمالكين(١) .

ولو خلط عشرين بعشرين لغيره ولكلّ منهما أربعون منفردة ، إن قلنا بخلطة الملك فعليهما شاة ، لأنّ الكلّ مائة وعشرون

وإن قلنا بخلطة العين فوجوه : أصحها : أنّ على كلّ منهما شاة.

الثاني : ثلاثة أرباع ، لأنّ كلّاً منهما يملك ستّين بعضها خليط عشرين فيغلب حكم الخلطة في الكلّ ، والكلّ ثمانون ، حصّة ستّين ما قلنا.

الثالث : على كلّ منهما خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين الاعتبارين ، فيقدّر كلّ واحد منهما كأنّه منفرد بالستّين ، وفيها شاة ، فحصّة الأربعين منها ثُلثا شاة ، ثم يقدّر أنّه خلط جميع الستّين بالعشرين والمبلغ ثمانون ، وفيها شاة ، فحصّة العشرين منها ربع شاة.

وقيل : على كلّ واحد خمسة أسداس شاة بلا زيادة تجب في العشرين بحساب ما لو كان جميع المالين مختلطاً وهو مائة وعشرون وواجبها شاة ، فحصة العشرين سدس شاة وفي الأربعين ثُلثا شاة(٢) .

الرابع : على كلّ منهما شاة وسدس شاة ، نصف شاة في العشرين المختلطة قصراً لِحكم الخلطة على الأربعين ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة.

الخامس : على كلّ واحد شاة ونصف شاة ، شاة للأربعين المنفردة ، ونصف للعشرين المختلطة(٣) .

د - لو خالط الشخص ببعض ماله واحداً وببعضه آخر ولم يتشارك الآخران بأن يكون له أربعون فخلط منها عشرين بعشرين لرجل لا يملك غيرها ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، الوجيز ١ : ٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧١ - ٤٧٣.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٧٤.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٥.

٩٩

وعشرين بعشرين لآخر كذلك ، فإن قلنا بخلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة ، لأنّه خليطهما ومبلغ الأموال ثمانون ، وحصّة الأربعين منها النصف ، وكلّ واحد من خليطيه يضمّ ماله إلى جميع مال صاحب الأربعين.

وهل يضمّه إلى مال الآخر؟ وجهان : الضمّ ، لينضمّ الكلّ في حقّهما كما انضمّ في حق صاحب الأربعين ، فعلى كلّ واحد منهما ربع شاة.

والعدم ، لأنّ كلّاً منهما لم يخالط الآخر بماله بخلاف صاحب الأربعين فإنه خالط لكلِّ واحد منهما ، فعلى كلّ واحد ثُلث شاة.

وإن قلنا بخلطة العين فعلى كلّ من الآخَرَين نصف شاة ، لأنّ مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون(١) .

وفي صاحب الأربعين وجوه :

أحدها : تلزمه شاة تغليباً للانفراد وإن لم يكن منفرداً حقيقةً لكن ما لم يخالط به أحدهما فهو منفرد عنه فيعطى حكم الانفراد ، ويغلب حتى يصير كالمنفرد بالباقي أيضاً ، وكذا بالإِضافة إلى الخليط الثاني فكأنّه لم يخالط أحداً.

الثاني : يلزمه نصف شاة ، تغليباً للخلطة ، فإنّه لا بدّ من إثبات حكم الخلطة حيث وجدت حقيقةً ، واتّحاد المال يقتضي ضمّ أحد ماليه إلى الآخر ، فكلّ المال ثمانون ، فكأنّه خلط أربعين بأربعين.

الثالث : يلزمه ثُلثا شاة جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، بأن يقال : لو كان جميع ماله مع [ مال ](٢) زيد لكان المبلغ ستّين وواجبها شاة ، حصّة العشرين الثُلث ، وكذا يفرض في حقّ الثاني فيجتمع عليه ثُلثان(٣) .

مسألة ٥٦ : قد بيّنا أنّه إذا ملك أربعين وجب عليه الشاة وإن تعدّدت‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٦ - ٤٧٧.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٧ - ٤٧٨.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقرائنا وكنت غلاماً يتيماً لا مال لي فأعطاني قلوصاً(١) (٢) .

ولا دلالة فيه ؛ لاحتمال الدفع إلى وليّه أو من يقوم بأمره ، ولأنّه لا حجّة في فعل الساعي.

ب - لا فرق بين أن يكون يتيماً أو غيره ؛ فإنّ الدفع إلى الولي ، فإن لم يكن له ولي جاز أن يدفع إلى من يقوم بأمره ويعتني بحاله.

ج - حكم المجنون حكم الصبي غير المميّز ، أمّا السفيه فإنّه يجوز الدفع اليه لكن يحجر عليه الحاكم.

د - إنّما يعطى أطفال المؤمنين ؛ لأنّهم بحكم آبائهم ، ولا يجوز إعطاء أولاد المشركين إلحاقاً بآبائهم ، وكذا أولاد غير المؤمنين. ولو أسلم أحد أبوي الطفل لحق به سواء الأب والاُم ، ويأخذ الزكاة حينئذٍ.

ه- لا يجوز إعطاء المملوك ؛ لأنّه لا يملك ، فيكون العطاء لمولاه.

ولأنّه غني بمولاة فلا يستحقّ الزكاة.

مسألة ١٩٤ : لا يشترط في الغازي الفقر‌ - وبه قال الشافعي(٣) - للعموم ، ولأنّه كالاُجرة، وكذا الغارم لإِصلاح ذات البين.

وقال أبو حنيفة : يشترط ، لقولهعليه‌السلام : ( اُمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردّها في فقرائكم )(٤) .

وهو لا يقتضي اختصاصها بالفقراء. وينتقض بابن السبيل ؛ فإنّه يعطى وإن كان غنيّاً في بلده قادراً على الاستدانة في سفره.

____________________

(١) القلوص : الناقة الشابة. النهاية لابن الأثير ٤ : ١٠٠.

(٢) المغني ٢ : ٥٠٩ ، وانظر : سنن الدارقطني ٢ : ٣٦ / ٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٦.

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، وانظر : تفسير القرطبي ٣ : ٣٣٧ و ٨ : ١٦٨ و ١٧٢.

٢٨١

ومعارض بعموم( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) (١) وبما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تحلّ الصدقة لغني إلّا لثلاثة ) وذكر من جملتهم الغازي(٢) .

مسألة ١٩٥ : يشترط في المكاتب الإِسلام‌ ، فلو كان كافراً لم يجز دفع الزكاة إليه ، وبه قال الشافعي(٣) .

ويشترط فيه الحاجة إلى ما يدفعه في الكتابة ، فلو كان معه وفاء بما عليه لم يدفع إليه ، وبه قال الشافعي(٤) ، لأنّها جعلت إرفاقا بالمساكين وإعانة للفقراء ، فإن كان قد حلّ عليه النجم وليس معه وفاء دفع إليه.

وإن لم يكن قد حلّ اُعطي أيضاً ؛ لوجود الحاجة ، فإنّه قد يحلّ عليه وليس معه فيفسخ الكتابة ، وللعموم ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : لا يجوز ، لانتفاء الحاجة في الحال(٥) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإذا ادّعى المكاتب الكتابة ، فإن صدّقه مولاه قبل ، لأنّ الحقّ في العبد له ، فإذا أقرّ بالكتابة قبل ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا يقبل ؛ لإِمكان التواطؤ(٦) .

وليس بجيّد ؛ لأصالة العدالة.

وإن كذَّبه السيد لم يقبل قوله إلّا بالبيّنة.

وإن تجرَّد عنهما إمّا لبُعده أو لغير ذلك احتمل قبول قوله ؛ لأنّه مسلم أخبر عن أمر ممكن فقُبل قوله كالفقير ، والعدم ؛ لإِمكان إقامة البيّنة عليه ، وبه قال الشافعي(٧) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢١٠ ، مسند أحمد ٣ : ٣١ و ٩٧.

(٣) المجموع ٦ : ٢٠٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠١.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨.

(٧) اُنظر : المجموع ٦ : ٢٠٣.

٢٨٢

مسألة ١٩٦ : لو ادّعى الغارم الغُرم‌ ، فإن كان لإِصلاح ذات البين فالأمر فيه ظاهر ، فإذا علمه الإِمام دفع إليه ، وإن كان لخاص نفسه قُبل قوله إن صدّقه المالك ، وهو احد وجهي الشافعي ؛ لأنّه مسلم أخبر عن أمر ممكن.

وفي الآخر : لا يقبل ، لجواز التواطؤ(١) .

ولو كذَّبه لم يقبل قوله ؛ لظنّ كذبه. وإن تجرَّد عن الأمرين قُبل ؛ لما تقدَّم.

وقال الشافعي : لا يقبل إلّا بالبيّنة ؛ لأنّه مُدّعٍ ، فلا يقبل إلّا بالبيّنة(٢) .

مسألة ١٩٧ : إذا قال الغازي : اُريد الغزو ، قُبل قوله‌ ودفع إليه دفعاً مراعىً ، وإنّما يدفع إليه قدر كفايته لذهابه وعوده ، وهو يختلف بكونه فارساً أو راجلاً ، وقُرب المسافة وبُعدها ، وأحواله من كونه له صاحب أو لا ، وغير ذلك.

وإذا جعلنا سبيل الله أعمّ من الغزو في الجهاد - كما اخترنا أوّلاً - دخل فيه معونة الزوّار والحجيج.

وهل يشترط حاجتهم؟ إشكال ينشأ من اعتبار الحاجة كغيره من أهل السُّهمان ، ومن اندراج إعانة الغني تحت سبيل الخير.

ولا فرق بين قضاء الدين عن الحي والميت ، وسواء كان الميت الذي يقضى عنه - إذا لم يخلِّف شيئاً - ممّن تجب عليه نفقته في حال حياته أو لا ، ولو خلَّف ما يقضى به الدّين لم يجز القضاء عنه كالحي.

مسألة ١٩٨ : ابن السبيل إذا كان مجتازاً وكان محتاجاً دفعنا إليه الزكاة‌ وإن كان غنيّاً في بلده؛ لوجود الحاجة حال الدفع ، وبه قال الشافعي(٣) .

____________________

(١ و ٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ - ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٠.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٤ - ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٩.

٢٨٣

وإن كان مُنشئاً للسفر من بلده ، فإن كان غنيّاً لم يدفع إليه ، وإن كان فقيراً دفعنا إليه لسفره وعوده.

وإن أراد لعوده ، فإن ادّعى ابن السبيل الحاجة ولم يعلم له أصل مال قُبل قوله.

وإن علم له أصل مال في مكانه فادّعى ذهابه قُبل قوله ، سواء ادّعى سبباً ظاهراً أو خفيّاً ، من غير يمين - خلافاً للشافعي(١) - لما تقدّم في الفقير.

ولو علم أنّ له ببلده مالاً ولا يعلم له في موضعه قُبل قوله إجماعاً.

والحاصل : أنّ الذي يأخذ مع الغنى خمسة : العامل والمؤلَّفة قلوبهم والغارم لإِصلاح ذات البين والغازي وابن السبيل إذا كان محتاجاً في مكانه.

مسألة ١٩٩ : يأخذ ابن السبيل إذا كان سفره واجباً كالحج والعمرة ، أو ندباً كزيارة النبي والأئمةعليهم‌السلام ، ولا يعطى إذا كان معصيةً كقطع الطريق وما أشبه ذلك إجماعاً.

وإن كان مباحاً كسفر التنزّه جاز له الأخذ أيضاً ؛ لأنّه فعل سائغ غير معصية ، فأشبه سفر الطاعة ، ولهذا يترخّص في القصر كسفر الطاعة ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : لا يعطي؛ لأنّه لا حاجة به إليه ، فأشبه الغني(٢) . والعلّة ممنوعة.

مسألة ٢٠٠ : مستحقّو الزكاة ينقسمون‌ ، فمنهم من يأخذ أخذاً مستقرّاً وهُم أربعة : الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلَّفة قلوبهم بمعنى أنّ لهم صرف ما يأخذونه في أيّ شي‌ء أرادوا ، سواء صرفوه في السبب الذي أخذوا لأجله أو لا.

ومنهم من يأخذ أخذاً مراعىً بمعنى أنّه إن صرفه في السبب الذي أخذ لأجله استقرّ ملكه وإلّا استعيد منه على خلاف ، وهُم أربعة : الغارم والمكاتب‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١.

٢٨٤

وابن السبيل والغازي ؛ لأنّ الله تعالى أضاف إلى الأربعة الاُولى بلام التمليك ، وعطف الأربعة الباقية بحرف ( في ) المقتضي للظرفية.

والفرق : أنّ هؤلاء أخذوا لمعنى لم يحصل بأخذهم للزكاة ، والأوّلون حصل المقصود بأخذهم وهو ( غنى )(١) الفقير والمسكين وتأليف المؤلَّفين وأداء أجر العاملين.

إذا عرفت هذا فنقول : إذا دفع المكاتب المال في الكتابة وعتق فلا بحث ، فإن عجز نفسه بأن يقصر ما معه عن مال الكتابة ، فإن كان ما أخذه من الزكاة باقياً استردّ منه ؛ لأنّه دفع إليه ليؤدّيه في العتق ، فإذا لم يحصل المقصود استرجع ، وبه قال الشافعي وأحمد في رواية(٢) .

وقال الشيخ : لا يسترجع منه ؛ لأنّه أخذه باستحقاقه ، فارتجاعه يفتقر إلى دليل ، وليس هنا ما يدلّ عليه(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه دُفع إليه ليصرفه في الكتابة فيرتجع بالمخالفة ؛ لأنّ الخيار إلى المالك في صرف الزكاة في الأصناف.

وإن كان قد دفعه إلى السيد لم يستردّ ، وهو اختيار الشيخ(٤) وأحد وجهي الشافعية ؛ لأنّه دُفع إليه ليدفعه إلى سيده وقد فعل. والثاني : يستردّ(٥) ؛ لأنّ القصد به تحصيل العتق ، فإذا لم يحصل به وجب استرجاعه ، كما لو كان في يد المكاتب.

____________________

(١) ورد بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : ( عين ) وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧ ، المغني ٢ : ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٢ - ٧٠٣.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.

(٥) المجموع ٦ : ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧.

٢٨٥

والفرق ظاهر ؛ لأنّ السيد ملك المدفوع بالدفع من المكاتب.

ولو تطوّع إنسان بالقضاء عنه أو أبرأه المالك من مال الكتابة فكالأول.

مسألة ٢٠١ : لو صرف الغارم السهم المدفوع إليه في غير قضاء الدَّين‌ ، قال الشيخ : لا يرتجع سواء اُبرئ من الدّين أو تطوَّع غيره بالقضاء عنه(١) ، خلافاً للشافعي(٢) ، وقد سلف مثله في المكاتب.

أمّا لو قضاه من ماله أو قضاه من غيره فلا يجوز له أن يأخذ عوضه من مال الصدقة.

مسألة ٢٠٢ : لو دفع الإِمام إلى الغازي السهم ولم يَغْزُ استردّ منه‌ ، وهو اختيار الشيخ(٣) أيضاً ، وبه قال الشافعي(٤) ؛ لأنّه أخذه لذلك فكان كالاُجرة. وكذا لو غزا ورجع من الطريق قبل الغزو.

أمّا لو غزا وعاد وقد فضل معه شي‌ء من الصدقة فإنّه لا يستردّ منه قولاً واحداً ، وبه قال الشافعي(٥) ؛ لأنّا دفعنا كفايته ، وإنّما فضل بما ضيَّق على نفسه فلا يستردّ منه.

أمّا ابن السبيل فإذا دفع إليه مؤونة السفر فلم يسافر ، ردّها ، وإن سافر وعاد وفضل معه شي‌ء لم يستردّ ؛ لأنّه ملكه بسبب السفر وقد وجد ، فلا يحكم عليه فيما يدفع إليه.

وقال الشافعي : يستردّ ، بخلاف الغازي ؛ لأنّا دفعنا إليه الكفاية لأجل الغزو ، لحاجتنا إليه ، فصار كالمعاوضة ، وقد أتى به فلم يردّ ، وهنا دفعنا إليه ، لحاجته إلى سفره وقد حصل ، فما فضل يردّه ، لزوال حاجته إليه ، ولأنّه‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥١.

(٢) المجموع ٦ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٠.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٤.

(٥) المجموع ٦ : ٢١٤.

٢٨٦

غني في بلده ، ولا فرق بين أن يضيّق على نفسه أو يستعين بغيره(١) .

أمّا لو صرف ما دفع إليه في غير مؤونة السفر ففيه إشكال ينشأ من أنّه دفع إليه في هذا الوجه ولم يصرفه فيه فيستردّ منه كالغارم ، ومن منع الحكم في الأصل.

والوجه : الأول ؛ لأنّه دفع إليه لقصد الإِعانة فيستردّ اقتصاراً على قصد الدافع.

هذا في حقّ المجتاز عند الشيخ(٢) ، وهو الأظهر من مذهبنا ، وعلى قول ابن الجنيد والشافعي(٣) فإنّ الحكم ينسحب عليه وعلى منشئ السفر من بلده.

قال الشيخ : لو كان المنشئ للسفر من بلده فقيراً اُعطي من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل(٤) .

ولو قال : لا مال لي ، اُعطي ولم يكلّف بيّنةً ، كما تقدّم.

ولو قال : كان لي مال وتلف ، قال الشيخ : لا يقبل إلّا بالبيّنة(٥) .

والوجه : القبول ؛ لأنّه قد يتعذّر عليه البيّنة فيؤدّي المنع إلى إضراره ، ولأنّه مسلم أخبر بأمر ممكن ، والأصل فيه الصدق ، فيبني عليه إلى أن يظهر المنافي.

إذا ثبت هذا ، فلو تلف المال المدفوع إلى من أخذه مراعىً بغير تفريط قبل صرفه في وجهه لم يرجع عليهم بشي‌ء.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٢١٦.

(٢) اُنظر : المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٣) حيث قالا بإطلاق ابن السبيل على المجتاز والمنشئ للسفر. اُنظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، والمجموع ٦ : ٢١٤ ، وحلية العلماء ٣ : ١٦١ ، والمعتبر للمحقّق الحلّي : ٢٨١ حيث فيه حكاية قول ابن الجنيد.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.

٢٨٧

مسألة ٢٠٣ : لا يجب إعلام المدفوع إليه أنّها زكاة‌ ، فلو استحيي الفقير من أخذها علانيةً استحبّ إيصالها إليه على وجه الهدية ، ولا يُعلِم أنّها زكاة ؛ لما في الإِعلام من إذلال المؤمن والاحتقار به.

ولأنّ أبا بصير سأل الباقرعليه‌السلام : الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ من الزكاة فاُعطيه من الزكاة ولا اُسمّي له أنّها من الزكاة؟ قال : « أعطه ولا تسمّ له ولا تذلّ المؤمن »(١) ولا نعلم في ذلك خلافاً.

* * *

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦٣ - ٥٦٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٨ / ٢٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٣ / ٢٩٤.

٢٨٨

٢٨٩

الفصل الثاني

في وقت الإخراج‌

وفيه بحثان :

الأول

في التأخير‌

مسألة ٢٠٤ : الأموال قسمان : ما يراعى فيه الحول وهو الحيوان والأثمان ، ولا تجب الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول ، وهو : أن يمضي لها في ملكه أحد عشر شهراً ثم يهلّ الثاني عشر في ملكه ، وتكون الشرائط موجودةً طول الحول كلّه ، وهي : النصاب وإمكان التصرف وزيادة السوم في الماشية والنقش في النقدين ، وقد تقدّم بيان ذلك كلّه.

وما لا يعتبر فيه الحول وهو : الثمار والغلّات ، ولا تجب الزكاة فيها حتى يبدو صلاحها ، وأمّا الإِخراج منها فلا يجب حتى تجذّ الثمرة ، وتشمّس وتجفّف ، وتحصد الغلّة ، وتصفي من التبن والقشر بلا خلاف.

إذا عرفت هذا ، فإذا حال الحول أو صُفّت الغلّة وجُذّت الثمار وجب الإِخراج على الفور ، ولا يجوز تأخيرها ، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو الحسن‌

٢٩٠

الكرخي من الحنفية(١) ؛ لقوله تعالى :( وَآتُوا الزَّكاةَ ) (٢) والأمر على الفور عند بعض علمائنا(٣) ، وعند الحنفي على الفور(٤) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٥) .

ولأنّ المستحقّ مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالدَّين الحالّ والوديعة.

ولأنّ العبادة التي لا تتكرر لا يجوز تأخيرها إلى وجوب مثلها كالصلاة والصوم.

وقال أبو بكر الرازي من الحنفية : إنّها على التراخي ، وبه قال أبو حنيفة ما لم يطالب بها ؛ لأنّ الأمر ورد بها مطلقاً ، فلا يختص زماناً كما لا يختص مكاناً. ولأنّها لو هلكت لم تضمن(٦) .

ونمنع الإِطلاق ، بل الأمر بها معجَّل ، والزمان يخالف المكان في الانتفاع بالتعجيل دون التخصيص بالمكان. ونمنع عدم الضمان مع التفريط بالتأخير.

مسألة ٢٠٥ : لو أخَّر الإِخراج مع إمكان الأداء وحضور الوقت أثم وضمن‌ ، لأنّه أخَّر الواجب المضيَّق عن وقته ، وفرَّط بالتأخير فكان آثماً ضامناً ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١ ، المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣.

(٢) الحج : ٤١ ، المزّمّل : ٢٠.

(٣) وهو : الشيخ الطوسي في العدّة : ٨٥ - ٨٦.

(٤) الظاهر أنّ المراد بـ ( الحنفي ) هو : أبو الحسن الكرخي. وانظر : اُصول السرخسي ١ : ٢٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٥٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ - ١٦ / ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ / ١٢٥.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٣ ، المجموع ٥ : ٣٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١ ، المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦.

٢٩١

وبه قال الزهري والحكم وحمّاد والثوري وأبو عبيد وأحمد والشافعي(١) ؛ لما تقدّم.

ولأنّه حقّ على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقّه فلا يبرأ منه ، كدَيْن الآدمي.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٢) .

وقال أصحاب الرأي : يزكّي الباقي إلّا أن يقصر عن النصاب فتسقط الزكاة فرَّط أو لم يفرّط(٣) .

أمّا لو كان عليه ضرر في تعجيل الإِخراج مثل أن يحول عليه الحول قبل مجي‌ء الساعي ، ويخاف إن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرّة اُخرى ، أو خشي في إخراجها ضرراً في نفسه أو مال له سواها ، فله تأخيرها ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا ضرر ولا ضرار )(٤) .

فروع :

أ - لو أخَّر مع إمكان الأداء كان عاصياً على ما قلناه ، ولا تقبل منه صلاته في أول الوقت ، وكذا جميع العبادات الموسَّعة ؛ لأنّ المضيَّق أولى بالتقديم ، وكذا مَن عليه دَيْن حالّ طولب به مع تمكّنه من دفعه ، أو خُمس أو صدقة مفروضة.

ب - يجوز التأخير لعذر كعدم المستحقّ أو منع الظالم ؛ لأنّ الزكاة معونة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٤٢ - ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧ ، المجموع ٦ : ١٧٥.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٣ - ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ - ١٦ - ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ - ١٢٥.

(٣) المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ / ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧٧ / ٢٨٨ و ٤ : ٢٢٧ / ٨٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، ١٥٧ و ١٠ : ١٣٣ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٧ - ٥٨.

٢٩٢

وإرفاق فلا تكون سبباً لضرر المالك ، ولا يضمن لو تلفت.

وهل يجوز لغير عذر مع العزل؟ سوّغه الشيخان شهراً وشهرين(١) ؛ لأنّ معاوية بن عمار قال للصادقعليه‌السلام : الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخّرها إلى المحرَّم ، قال : « لا بأس »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين »(٣) .

والوجه : أنّ التأخير إنّما يجوز للعذر ، وتحمل الرواية عليه فلا يتقدّر بوقت ، بل بزوال العذر ، فإنّه مع زوال العذر يكون مأموراً بالتسليم ، والمستحق مطالب ، فلا يجوز له التأخير.

ويدلّ عليه قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عبد الله بن سنان في الرجل يخرج زكاته فيقسّم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها الموضع فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : « لا بأس »(٤) .

ولو أخَّر مع إمكان التسليم ضمن على ما قلناه أوّلاً.

ج - لو أخَّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها من ذي قرابة أو حاجة شديدة ، فالأقرب : المنع وإن كان يسيراً.

وقال أحمد : يجوز اليسير دون العكس(٥) .

د - الأقرب : أنّ التأخير لطلب بسطها على الأصناف الثمانية أو الموجودين منهم عذر مع دفع نصيب الموجودين.

مسألة ٢٠٦ : يستحب له حال حؤول الحول عزل الزكاة عن ماله‌ ؛ لأنّه‌

____________________

(١) النهاية : ١٨٣ ، وانظر : المقنعة : ٣٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٤ ، الإستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٦.

(٤) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٤٥ / ١١٨.

(٥) المغني ٢ : ٥٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦.

٢٩٣

نوع إخراج وشروع في الدفع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا حال الحول فأخرجها عن ( ملكك )(١) ولا تخلطها بشي‌ء ، وأعطها كيف شئت »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فإنّ للمالك الاستقلال بالعزل من دون إذن الساعي ؛ لأنّ له ولاية الإِخراج ، فله ولاية التعيين. ولأنّ الزكاة تجب في العين وهو أمين على حفظها فيكون أميناً على إفرادها. ولأنّ له دفع القيمة. ولقول الصادقعليه‌السلام (٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو تلفت بعد العزل من غير تفريط احتمل سقوط الزكاة - وبه قال مالك(٤) - لتعيّنها بتعيينه ؛ إذ التعيين منوط به فيصير أميناً ، كما لو دفعها إلى الساعي.

وعدمه ، وبه قال الشافعي وأحمد ، إلّا أنّ الشافعي قال : إن لم يكن فرَّط في إخراج الزكاة وفي حفظ ذلك يرجع إلى ماله ، فإن كان فيما بقي زكاة أخرج وإلّا فلا(٥) .

وقال أبو حنيفة : يزكّي ما بقي إلّا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة فرَّط أو لم يفرَّط ؛ لأنّه كالدَّين ، فلا يسقط بالتعيين قبل دفعه(٦) .

ولو دفع إلى فقير زكاته فقَبْل أن يقبضها قال : اشتر لي بها ثوباً أو غيره ؛ فذهبت الزكاة ، أو اشترى ما قال(٧) ثم ضاع فعليه الزكاة على الثاني ؛ لأنّ‌

____________________

(١) في المصدر : مالك.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٢ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٤٥ - ٤٦ / ١١٩.

(٣) نفس المصدر.

(٤) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٨ ، المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٥) الاُم ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٤٢ - ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٦) المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٧) في « ف » : قاله.

٢٩٤

الفقير لا يملك إلّا بالقبض ، فإذا وكّله في الشراء قبله كان التوكيل باطلاً ؛ لأنّه وكَّله في الشراء بثمن لا يملكه ، وبقيت على ملك المالك ، فإذا تلفت كانت من ضمانه.

ولا فرق بين أن يعزل الزكاة وينوي أنّها زكاة أو لا.

مسألة ٢٠٧ : لو أخَّر الإِخراج مع التمكّن منه ثم أخرجها أجزأت عنه‌ إجماعاً وإن كان قد أثم بالتأخير ؛ لأنّه دفع الحقّ إلى مستحقّه. ولأنّه في كلّ آنٍ مخاطب بالإِخراج ، فيحصل بالامتثال الخروج عن العهدة.

البحث الثاني

في التعجيل‌

مسألة ٢٠٨ : المشهور عند علمائنا عدم جواز تقديم الزكاة‌ سواء وجد سبب الوجوب - وهو النصاب - أو لا - وبه قال ربيعة ومالك وداود والحسن البصري في رواية(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تؤدّى زكاة قبل حلول الحول )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عمر بن يزيد : الرجل يكون عنده المال أيزكّيه إذا مضى نصف السنة؟ قال : « لا ، ولكن حتى يحول عليه الحول وتحلّ عليه ، إنّه ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلّا لوقتها فكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان إلّا في شهره إلّا قضاء ، وكلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت »(٣) .

وسأل زرارةُ الباقرَعليه‌السلام : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثُلث السنة؟

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٩٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٨.

(٣) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٨ ، التهذيب ٤ : ٤٣ / ١١٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١ / ٩٢.

٢٩٥

قال : « لا ، أيصلّي الاُولى قبل الزوال؟ »(١) .

ولأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فلا يجوز تقديم الزكاة عليه كالنصاب.

ولأنّ الزكاة عبادة مؤقتة فلا يجوز تقديمها عليه كالصلاة.

وقال الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وابو عبيد : يجوز إذا وجد سبب الوجوب وهو النصاب(٢) ؛ لأنّ عليّاًعليه‌السلام قال : « سأل العباس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخص له في ذلك »(٣) .

وعن عليعليه‌السلام أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعمر : ( إنّا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام )(٤) .

ولأنّه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه قبل وجوبه فجاز ، كتعجيل قضاء الدَّين قبل الأجل ، وأداء كفّارة اليمين قبل الحنث وكفّارة القتل بعد الجرح قبل الموت.

وتحمل الرواية على القرض على الصدقة ، لا أنّها زكاة معجَّلة ، أو على تخصيص العباس جمعاً بين الأخبار ، وصوناً للروايات عن التناقض.

ونمنع الحكم في الأصل في الكفّارات ، وإنّما هو لازم لمالك حيث جوَّز تقديمها(٥) ، والدَّين حقّ ثابت مستقر في الذمة فجاز تعجيله قبل وقته ، بخلاف الزكاة ، فإنّها لا تجب ولا تثبت في الذمة ولا في العين إلّا بعد الحول.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٤ / ٩ ، التهذيب ٤ : ٤٣ - ٤٤ / ١١١ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٣.

(٢) المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٥ و ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١٥ / ١٦٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١١١.

(٤) سنن الترمذي ٣ : ٦٣ / ٦٧٩.

(٥) المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١.

٢٩٦

وعن بعض علمائنا جواز التقديم(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين»(٢) .

قال الشيخ : وجه الجمع حمل رخصة التقديم على جواز القرض ، فيكون صاحبه ضامناً له ، متى جاء وقت الزكاة والآخذ على صفة الاستحقاق أجزأ عنه ، وإن لم يبق على صفته ضمن ، لا أنّه زكاة معجَّلة(٣) ، ومثله قال ابن الجنيد(٤) ؛ لرواية الأحول عن الصادقعليه‌السلام في رجل عجَّل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة ، قال : « يعيد المعطي الزكاة »(٥) .

فروع :

أ - لمـّا منعنا من تعجيل الزكاة كان ما يدفعه المالك قرضاً على الفقير ، فإن دفعه على أنّه زكاة معجَّلة كان الدفع باطلاً ، وله استعادتها عندنا ، خلافاً للباقين(٦) .

ب - إذا دفع المالك قدر الزكاة فقد قلنا : إنّه قرض لا زكاة معجَّلة ، فللمالك المطالبة بالمدفوع ، وللفقير دفع العوض والامتناع من دفع العين وإن كانت باقية وكره المالك ؛ لأنّه ملكها بالقبض.

ج - لو كان المدفوع ممّا يتمّ به النصاب سقطت الزكاة على ما اخترناه ؛ لأنّه قرض خرج عن ملك المالك ، وليس زكاةً. وعلى قول الآخرين هو زكاة‌

____________________

(١) حكاه المصنّف في المختلف : ١٨٨ ، عن ابن أبي عقيل.

(٢) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٦.

(٣) التهذيب ٤ : ٤٥ ذيل الحديث ١١٥.

(٤) كما في المعتبر : ٢٧٤.

(٥) الكافي ٣ : ٥٤٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٥ / ٤٤ ، التهذيب ٤ : ٤٥ / ١١٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٣ / ٩٨.

(٦) منهم : ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

٢٩٧

ليس له استعادتها(١) .

مسألة ٢٠٩ : لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب‌ إجماعاً ، ولو ملك بعض نصاب فعجَّل زكاته أو زكاة نصاب لم تجزئ إجماعاً ؛ لأنّه تعجيل للحكم قبل سببه.

ولو ملك نصاباً فعجَّل زكاته وزكاة ما يستفيده وما ينتج منه أو يربح فيه لم تجزئه عندنا.

وأمّا المجوّزون للتقديم فقالوا : تجزئه عن النصاب دون الزيادة عند الشافعي وأحمد وزفر ؛ لأنّه عجَّل زكاة ما ليس في ملكه فلم تجزئ كالنصاب الأول. ولأنّ الزائد من الزكاة على زكاة النصاب سببها الزائد في الملك وقد عجَّل الزكاة قبل وجود سببها ، فأشبه ما لو عجَّل الزكاة قبل ملك النصاب(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجزئه عن النصاب والزيادة ، لأنّه تابع لما هو مالكه(٣) .

وهو ممنوع ، سلّمنا ، لكنّه يتبع في الحول ، أمّا الإِيجاب فلا ؛ فإنّ الوجوب ثبت بالزيادة لا بالأصل. ولأنّه إنّما يصير له حكم بعد الوجود لا قبله.

مسألة ٢١٠ : لو عجَّل زكاة ماشيته فتوالدت نصاباً ثم ماتت الاُمّهات وحال الحول على النتاج لم تجزئ‌ عندنا.

وللشافعية وجهان في إجزاء الشاة عن السخال : الإِجزاء - وبه قال أحمد(٤) - لأنّ السخال دخلت في حول الاُمّهات وقامت مقامها ، وعدمه ؛ لأنّه‌

____________________

(١) كابني قدامة في المغني ٢ : ٤٩٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٤) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠.

٢٩٨

عجّلها قبل ملكها مع تعلّق الزكاة بعينها(١) .

فلو أخرج شاةً عن أربعين معجّلة ، ثم توالدت أربعين سخلة ، وماتت الاُمّهات ، وحال الحول على السخال أجزأت على أحد وجهي الشافعية(٢) ، لأنّها كانت مجزئة عنها وعن أمّهاتها لو بقيت ، فلأن تجزئ عن إحداهما أولى.

ولا تجزئ عندنا ، وهو الآخر للشافعية(٣) .

ولو كان عنده ثلاثون من البقر فعجَّل عنها تبيعاً ، ثم توالدت ثلاثين عجلة وماتت الاُمّهات ، وحال الحول على العجول لم تجزئ عندنا.

وأمّا المـُجوّزون للتعجيل فقال بعضهم : بالإِجزاء ؛ لأنّها تابعة لها في الحول ، وبعضهم بعدمه ، لأنّه لو عجَّل تبيعاً عنها مع بقاء الاُمّهات لم تجزئ عنها فلأن لا تجزئ عنها اذا كان التعجيل عن غيرها أولى(٤) .

وكذا الحكم في مائة شاة إذا عجّل عنها شاة فتوالدت مائة ثم ماتت الاُمّهات وحال الحول على السخال(٥) .

وإن توالد بعضها ومات نصف الاُمّهات وحال الحول على الصغار ونصف الكبار ، فعلى الأول - وهو الإِجزاء عندهم - أجزأ المعجَّل عنهما معاً ، وعلى عدمه عليه في الخمسين سخلة شاة ؛ لأنّها نصاب لم يؤدّ زكاته ، وليس عليه في العجول إذا كانت خمس عشرة شي‌ء ؛ لأنّها لم تبلغ نصاباً ، وإنّما وجبت الزكاة فيها بناءً على اُمّهاتها التي عجّلت زكاتها(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٤ و ٥ ) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠.

(٦) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨١.

٢٩٩

ولو ملك ثلاثين من البقر فعجَّل مسنّة زكاةً لها ولنتاجها ، فنتجت عشراً أجزأته عن الثلاثين دون العشر ، وهو مذهبنا ، ويجب عليه في العشر ربع مسنّة.

وقيل : بالإِجزاء ؛ لأنّ العشر تابعة للثلاثين في الوجوب والحول ، فإنّه لو لا ملكه للثلاثين لما وجب عليه في العشر شي‌ء(١) ؛ فصارت الزيادة على النصاب على أربعة أقسام :

أ - ما لا يتبع في وجوب ولا حول ، وهو المستفاد من غير الجنس ، فهذا لا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده وكمال نصابه إجماعاً.

ب - ما يتبع في الوجوب دون الحول ، وهو المستفاد من الجنس بسبب مستقلّ ، فلا يجزئ تعجيل زكاته أيضاً قبل وجوده على الخلاف.

ج - ما يتبع في الحول دون الوجوب كالنتاج والربح إذا بلغ نصاباً ؛ فإنّه يتبع أصله في الحول ، فلا يجزئ التعجيل عنه قبل وجوده.

د - ما يتبع في الوجوب والحول وهو الربح والنتاج إذا لم يبلغ نصاباً ؛ فإنّه لا يجزئ التعجيل قبل وجوده على الخلاف.

مسألة ٢١١ : إذا عجّل الزكاة من ماله للفقراء كان ما عجّله في حكم الموجود في ماله‌ إن كانت عينه قائمةً ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

وقال أبو حنيفة : إنّه في حكم التالف الذي زال ملكه عنه(٣) .

ويترتّب على ذلك ثلاث مسائل :

الاُولى : لو كان معه أربعون فعجّل منها شاةً ، ثم حال الحول فإنّها‌

____________________

(١) راجع المغني ٢ : ٤٩٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ و ١٤٨ ، المغني ٢ : ٤٩٨ - ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460