تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182195 / تحميل: 6068
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقرائنا وكنت غلاماً يتيماً لا مال لي فأعطاني قلوصاً(١) (٢) .

ولا دلالة فيه ؛ لاحتمال الدفع إلى وليّه أو من يقوم بأمره ، ولأنّه لا حجّة في فعل الساعي.

ب - لا فرق بين أن يكون يتيماً أو غيره ؛ فإنّ الدفع إلى الولي ، فإن لم يكن له ولي جاز أن يدفع إلى من يقوم بأمره ويعتني بحاله.

ج - حكم المجنون حكم الصبي غير المميّز ، أمّا السفيه فإنّه يجوز الدفع اليه لكن يحجر عليه الحاكم.

د - إنّما يعطى أطفال المؤمنين ؛ لأنّهم بحكم آبائهم ، ولا يجوز إعطاء أولاد المشركين إلحاقاً بآبائهم ، وكذا أولاد غير المؤمنين. ولو أسلم أحد أبوي الطفل لحق به سواء الأب والاُم ، ويأخذ الزكاة حينئذٍ.

ه- لا يجوز إعطاء المملوك ؛ لأنّه لا يملك ، فيكون العطاء لمولاه.

ولأنّه غني بمولاة فلا يستحقّ الزكاة.

مسألة ١٩٤ : لا يشترط في الغازي الفقر‌ - وبه قال الشافعي(٣) - للعموم ، ولأنّه كالاُجرة، وكذا الغارم لإِصلاح ذات البين.

وقال أبو حنيفة : يشترط ، لقولهعليه‌السلام : ( اُمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردّها في فقرائكم )(٤) .

وهو لا يقتضي اختصاصها بالفقراء. وينتقض بابن السبيل ؛ فإنّه يعطى وإن كان غنيّاً في بلده قادراً على الاستدانة في سفره.

____________________

(١) القلوص : الناقة الشابة. النهاية لابن الأثير ٤ : ١٠٠.

(٢) المغني ٢ : ٥٠٩ ، وانظر : سنن الدارقطني ٢ : ٣٦ / ٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٦.

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، وانظر : تفسير القرطبي ٣ : ٣٣٧ و ٨ : ١٦٨ و ١٧٢.

٢٨١

ومعارض بعموم( وَفِي سَبِيلِ اللهِ ) (١) وبما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تحلّ الصدقة لغني إلّا لثلاثة ) وذكر من جملتهم الغازي(٢) .

مسألة ١٩٥ : يشترط في المكاتب الإِسلام‌ ، فلو كان كافراً لم يجز دفع الزكاة إليه ، وبه قال الشافعي(٣) .

ويشترط فيه الحاجة إلى ما يدفعه في الكتابة ، فلو كان معه وفاء بما عليه لم يدفع إليه ، وبه قال الشافعي(٤) ، لأنّها جعلت إرفاقا بالمساكين وإعانة للفقراء ، فإن كان قد حلّ عليه النجم وليس معه وفاء دفع إليه.

وإن لم يكن قد حلّ اُعطي أيضاً ؛ لوجود الحاجة ، فإنّه قد يحلّ عليه وليس معه فيفسخ الكتابة ، وللعموم ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : لا يجوز ، لانتفاء الحاجة في الحال(٥) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإذا ادّعى المكاتب الكتابة ، فإن صدّقه مولاه قبل ، لأنّ الحقّ في العبد له ، فإذا أقرّ بالكتابة قبل ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا يقبل ؛ لإِمكان التواطؤ(٦) .

وليس بجيّد ؛ لأصالة العدالة.

وإن كذَّبه السيد لم يقبل قوله إلّا بالبيّنة.

وإن تجرَّد عنهما إمّا لبُعده أو لغير ذلك احتمل قبول قوله ؛ لأنّه مسلم أخبر عن أمر ممكن فقُبل قوله كالفقير ، والعدم ؛ لإِمكان إقامة البيّنة عليه ، وبه قال الشافعي(٧) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢١٠ ، مسند أحمد ٣ : ٣١ و ٩٧.

(٣) المجموع ٦ : ٢٠٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠١.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٨.

(٧) اُنظر : المجموع ٦ : ٢٠٣.

٢٨٢

مسألة ١٩٦ : لو ادّعى الغارم الغُرم‌ ، فإن كان لإِصلاح ذات البين فالأمر فيه ظاهر ، فإذا علمه الإِمام دفع إليه ، وإن كان لخاص نفسه قُبل قوله إن صدّقه المالك ، وهو احد وجهي الشافعي ؛ لأنّه مسلم أخبر عن أمر ممكن.

وفي الآخر : لا يقبل ، لجواز التواطؤ(١) .

ولو كذَّبه لم يقبل قوله ؛ لظنّ كذبه. وإن تجرَّد عن الأمرين قُبل ؛ لما تقدَّم.

وقال الشافعي : لا يقبل إلّا بالبيّنة ؛ لأنّه مُدّعٍ ، فلا يقبل إلّا بالبيّنة(٢) .

مسألة ١٩٧ : إذا قال الغازي : اُريد الغزو ، قُبل قوله‌ ودفع إليه دفعاً مراعىً ، وإنّما يدفع إليه قدر كفايته لذهابه وعوده ، وهو يختلف بكونه فارساً أو راجلاً ، وقُرب المسافة وبُعدها ، وأحواله من كونه له صاحب أو لا ، وغير ذلك.

وإذا جعلنا سبيل الله أعمّ من الغزو في الجهاد - كما اخترنا أوّلاً - دخل فيه معونة الزوّار والحجيج.

وهل يشترط حاجتهم؟ إشكال ينشأ من اعتبار الحاجة كغيره من أهل السُّهمان ، ومن اندراج إعانة الغني تحت سبيل الخير.

ولا فرق بين قضاء الدين عن الحي والميت ، وسواء كان الميت الذي يقضى عنه - إذا لم يخلِّف شيئاً - ممّن تجب عليه نفقته في حال حياته أو لا ، ولو خلَّف ما يقضى به الدّين لم يجز القضاء عنه كالحي.

مسألة ١٩٨ : ابن السبيل إذا كان مجتازاً وكان محتاجاً دفعنا إليه الزكاة‌ وإن كان غنيّاً في بلده؛ لوجود الحاجة حال الدفع ، وبه قال الشافعي(٣) .

____________________

(١ و ٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ - ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٠.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٤ - ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٩٩.

٢٨٣

وإن كان مُنشئاً للسفر من بلده ، فإن كان غنيّاً لم يدفع إليه ، وإن كان فقيراً دفعنا إليه لسفره وعوده.

وإن أراد لعوده ، فإن ادّعى ابن السبيل الحاجة ولم يعلم له أصل مال قُبل قوله.

وإن علم له أصل مال في مكانه فادّعى ذهابه قُبل قوله ، سواء ادّعى سبباً ظاهراً أو خفيّاً ، من غير يمين - خلافاً للشافعي(١) - لما تقدّم في الفقير.

ولو علم أنّ له ببلده مالاً ولا يعلم له في موضعه قُبل قوله إجماعاً.

والحاصل : أنّ الذي يأخذ مع الغنى خمسة : العامل والمؤلَّفة قلوبهم والغارم لإِصلاح ذات البين والغازي وابن السبيل إذا كان محتاجاً في مكانه.

مسألة ١٩٩ : يأخذ ابن السبيل إذا كان سفره واجباً كالحج والعمرة ، أو ندباً كزيارة النبي والأئمةعليهم‌السلام ، ولا يعطى إذا كان معصيةً كقطع الطريق وما أشبه ذلك إجماعاً.

وإن كان مباحاً كسفر التنزّه جاز له الأخذ أيضاً ؛ لأنّه فعل سائغ غير معصية ، فأشبه سفر الطاعة ، ولهذا يترخّص في القصر كسفر الطاعة ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : لا يعطي؛ لأنّه لا حاجة به إليه ، فأشبه الغني(٢) . والعلّة ممنوعة.

مسألة ٢٠٠ : مستحقّو الزكاة ينقسمون‌ ، فمنهم من يأخذ أخذاً مستقرّاً وهُم أربعة : الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلَّفة قلوبهم بمعنى أنّ لهم صرف ما يأخذونه في أيّ شي‌ء أرادوا ، سواء صرفوه في السبب الذي أخذوا لأجله أو لا.

ومنهم من يأخذ أخذاً مراعىً بمعنى أنّه إن صرفه في السبب الذي أخذ لأجله استقرّ ملكه وإلّا استعيد منه على خلاف ، وهُم أربعة : الغارم والمكاتب‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦١.

٢٨٤

وابن السبيل والغازي ؛ لأنّ الله تعالى أضاف إلى الأربعة الاُولى بلام التمليك ، وعطف الأربعة الباقية بحرف ( في ) المقتضي للظرفية.

والفرق : أنّ هؤلاء أخذوا لمعنى لم يحصل بأخذهم للزكاة ، والأوّلون حصل المقصود بأخذهم وهو ( غنى )(١) الفقير والمسكين وتأليف المؤلَّفين وأداء أجر العاملين.

إذا عرفت هذا فنقول : إذا دفع المكاتب المال في الكتابة وعتق فلا بحث ، فإن عجز نفسه بأن يقصر ما معه عن مال الكتابة ، فإن كان ما أخذه من الزكاة باقياً استردّ منه ؛ لأنّه دفع إليه ليؤدّيه في العتق ، فإذا لم يحصل المقصود استرجع ، وبه قال الشافعي وأحمد في رواية(٢) .

وقال الشيخ : لا يسترجع منه ؛ لأنّه أخذه باستحقاقه ، فارتجاعه يفتقر إلى دليل ، وليس هنا ما يدلّ عليه(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه دُفع إليه ليصرفه في الكتابة فيرتجع بالمخالفة ؛ لأنّ الخيار إلى المالك في صرف الزكاة في الأصناف.

وإن كان قد دفعه إلى السيد لم يستردّ ، وهو اختيار الشيخ(٤) وأحد وجهي الشافعية ؛ لأنّه دُفع إليه ليدفعه إلى سيده وقد فعل. والثاني : يستردّ(٥) ؛ لأنّ القصد به تحصيل العتق ، فإذا لم يحصل به وجب استرجاعه ، كما لو كان في يد المكاتب.

____________________

(١) ورد بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : ( عين ) وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧ ، المغني ٢ : ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٠٢ - ٧٠٣.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.

(٥) المجموع ٦ : ٢٠١ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٧.

٢٨٥

والفرق ظاهر ؛ لأنّ السيد ملك المدفوع بالدفع من المكاتب.

ولو تطوّع إنسان بالقضاء عنه أو أبرأه المالك من مال الكتابة فكالأول.

مسألة ٢٠١ : لو صرف الغارم السهم المدفوع إليه في غير قضاء الدَّين‌ ، قال الشيخ : لا يرتجع سواء اُبرئ من الدّين أو تطوَّع غيره بالقضاء عنه(١) ، خلافاً للشافعي(٢) ، وقد سلف مثله في المكاتب.

أمّا لو قضاه من ماله أو قضاه من غيره فلا يجوز له أن يأخذ عوضه من مال الصدقة.

مسألة ٢٠٢ : لو دفع الإِمام إلى الغازي السهم ولم يَغْزُ استردّ منه‌ ، وهو اختيار الشيخ(٣) أيضاً ، وبه قال الشافعي(٤) ؛ لأنّه أخذه لذلك فكان كالاُجرة. وكذا لو غزا ورجع من الطريق قبل الغزو.

أمّا لو غزا وعاد وقد فضل معه شي‌ء من الصدقة فإنّه لا يستردّ منه قولاً واحداً ، وبه قال الشافعي(٥) ؛ لأنّا دفعنا كفايته ، وإنّما فضل بما ضيَّق على نفسه فلا يستردّ منه.

أمّا ابن السبيل فإذا دفع إليه مؤونة السفر فلم يسافر ، ردّها ، وإن سافر وعاد وفضل معه شي‌ء لم يستردّ ؛ لأنّه ملكه بسبب السفر وقد وجد ، فلا يحكم عليه فيما يدفع إليه.

وقال الشافعي : يستردّ ، بخلاف الغازي ؛ لأنّا دفعنا إليه الكفاية لأجل الغزو ، لحاجتنا إليه ، فصار كالمعاوضة ، وقد أتى به فلم يردّ ، وهنا دفعنا إليه ، لحاجته إلى سفره وقد حصل ، فما فضل يردّه ، لزوال حاجته إليه ، ولأنّه‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥١.

(٢) المجموع ٦ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٠.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، المجموع ٦ : ٢١٤.

(٥) المجموع ٦ : ٢١٤.

٢٨٦

غني في بلده ، ولا فرق بين أن يضيّق على نفسه أو يستعين بغيره(١) .

أمّا لو صرف ما دفع إليه في غير مؤونة السفر ففيه إشكال ينشأ من أنّه دفع إليه في هذا الوجه ولم يصرفه فيه فيستردّ منه كالغارم ، ومن منع الحكم في الأصل.

والوجه : الأول ؛ لأنّه دفع إليه لقصد الإِعانة فيستردّ اقتصاراً على قصد الدافع.

هذا في حقّ المجتاز عند الشيخ(٢) ، وهو الأظهر من مذهبنا ، وعلى قول ابن الجنيد والشافعي(٣) فإنّ الحكم ينسحب عليه وعلى منشئ السفر من بلده.

قال الشيخ : لو كان المنشئ للسفر من بلده فقيراً اُعطي من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل(٤) .

ولو قال : لا مال لي ، اُعطي ولم يكلّف بيّنةً ، كما تقدّم.

ولو قال : كان لي مال وتلف ، قال الشيخ : لا يقبل إلّا بالبيّنة(٥) .

والوجه : القبول ؛ لأنّه قد يتعذّر عليه البيّنة فيؤدّي المنع إلى إضراره ، ولأنّه مسلم أخبر بأمر ممكن ، والأصل فيه الصدق ، فيبني عليه إلى أن يظهر المنافي.

إذا ثبت هذا ، فلو تلف المال المدفوع إلى من أخذه مراعىً بغير تفريط قبل صرفه في وجهه لم يرجع عليهم بشي‌ء.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٢١٦.

(٢) اُنظر : المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٣) حيث قالا بإطلاق ابن السبيل على المجتاز والمنشئ للسفر. اُنظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، والمجموع ٦ : ٢١٤ ، وحلية العلماء ٣ : ١٦١ ، والمعتبر للمحقّق الحلّي : ٢٨١ حيث فيه حكاية قول ابن الجنيد.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.

٢٨٧

مسألة ٢٠٣ : لا يجب إعلام المدفوع إليه أنّها زكاة‌ ، فلو استحيي الفقير من أخذها علانيةً استحبّ إيصالها إليه على وجه الهدية ، ولا يُعلِم أنّها زكاة ؛ لما في الإِعلام من إذلال المؤمن والاحتقار به.

ولأنّ أبا بصير سأل الباقرعليه‌السلام : الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ من الزكاة فاُعطيه من الزكاة ولا اُسمّي له أنّها من الزكاة؟ قال : « أعطه ولا تسمّ له ولا تذلّ المؤمن »(١) ولا نعلم في ذلك خلافاً.

* * *

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٦٣ - ٥٦٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٨ / ٢٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٣ / ٢٩٤.

٢٨٨

٢٨٩

الفصل الثاني

في وقت الإخراج‌

وفيه بحثان :

الأول

في التأخير‌

مسألة ٢٠٤ : الأموال قسمان : ما يراعى فيه الحول وهو الحيوان والأثمان ، ولا تجب الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول ، وهو : أن يمضي لها في ملكه أحد عشر شهراً ثم يهلّ الثاني عشر في ملكه ، وتكون الشرائط موجودةً طول الحول كلّه ، وهي : النصاب وإمكان التصرف وزيادة السوم في الماشية والنقش في النقدين ، وقد تقدّم بيان ذلك كلّه.

وما لا يعتبر فيه الحول وهو : الثمار والغلّات ، ولا تجب الزكاة فيها حتى يبدو صلاحها ، وأمّا الإِخراج منها فلا يجب حتى تجذّ الثمرة ، وتشمّس وتجفّف ، وتحصد الغلّة ، وتصفي من التبن والقشر بلا خلاف.

إذا عرفت هذا ، فإذا حال الحول أو صُفّت الغلّة وجُذّت الثمار وجب الإِخراج على الفور ، ولا يجوز تأخيرها ، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو الحسن‌

٢٩٠

الكرخي من الحنفية(١) ؛ لقوله تعالى :( وَآتُوا الزَّكاةَ ) (٢) والأمر على الفور عند بعض علمائنا(٣) ، وعند الحنفي على الفور(٤) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٥) .

ولأنّ المستحقّ مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالدَّين الحالّ والوديعة.

ولأنّ العبادة التي لا تتكرر لا يجوز تأخيرها إلى وجوب مثلها كالصلاة والصوم.

وقال أبو بكر الرازي من الحنفية : إنّها على التراخي ، وبه قال أبو حنيفة ما لم يطالب بها ؛ لأنّ الأمر ورد بها مطلقاً ، فلا يختص زماناً كما لا يختص مكاناً. ولأنّها لو هلكت لم تضمن(٦) .

ونمنع الإِطلاق ، بل الأمر بها معجَّل ، والزمان يخالف المكان في الانتفاع بالتعجيل دون التخصيص بالمكان. ونمنع عدم الضمان مع التفريط بالتأخير.

مسألة ٢٠٥ : لو أخَّر الإِخراج مع إمكان الأداء وحضور الوقت أثم وضمن‌ ، لأنّه أخَّر الواجب المضيَّق عن وقته ، وفرَّط بالتأخير فكان آثماً ضامناً ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١ ، المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣.

(٢) الحج : ٤١ ، المزّمّل : ٢٠.

(٣) وهو : الشيخ الطوسي في العدّة : ٨٥ - ٨٦.

(٤) الظاهر أنّ المراد بـ ( الحنفي ) هو : أبو الحسن الكرخي. وانظر : اُصول السرخسي ١ : ٢٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٥٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ - ١٦ / ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ / ١٢٥.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٣ ، المجموع ٥ : ٣٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١١ ، المغني ٢ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦.

٢٩١

وبه قال الزهري والحكم وحمّاد والثوري وأبو عبيد وأحمد والشافعي(١) ؛ لما تقدّم.

ولأنّه حقّ على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقّه فلا يبرأ منه ، كدَيْن الآدمي.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا وجد لها موضعاً فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها »(٢) .

وقال أصحاب الرأي : يزكّي الباقي إلّا أن يقصر عن النصاب فتسقط الزكاة فرَّط أو لم يفرّط(٣) .

أمّا لو كان عليه ضرر في تعجيل الإِخراج مثل أن يحول عليه الحول قبل مجي‌ء الساعي ، ويخاف إن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرّة اُخرى ، أو خشي في إخراجها ضرراً في نفسه أو مال له سواها ، فله تأخيرها ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا ضرر ولا ضرار )(٤) .

فروع :

أ - لو أخَّر مع إمكان الأداء كان عاصياً على ما قلناه ، ولا تقبل منه صلاته في أول الوقت ، وكذا جميع العبادات الموسَّعة ؛ لأنّ المضيَّق أولى بالتقديم ، وكذا مَن عليه دَيْن حالّ طولب به مع تمكّنه من دفعه ، أو خُمس أو صدقة مفروضة.

ب - يجوز التأخير لعذر كعدم المستحقّ أو منع الظالم ؛ لأنّ الزكاة معونة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٤٢ - ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧ ، المجموع ٦ : ١٧٥.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٣ - ١ ، الفقيه ٢ : ١٥ - ١٦ - ٤٦ ، التهذيب ٤ : ٤٧ - ١٢٥.

(٣) المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ / ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧٧ / ٢٨٨ و ٤ : ٢٢٧ / ٨٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٠ ، ١٥٧ و ١٠ : ١٣٣ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٧ - ٥٨.

٢٩٢

وإرفاق فلا تكون سبباً لضرر المالك ، ولا يضمن لو تلفت.

وهل يجوز لغير عذر مع العزل؟ سوّغه الشيخان شهراً وشهرين(١) ؛ لأنّ معاوية بن عمار قال للصادقعليه‌السلام : الرجل تحلّ عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخّرها إلى المحرَّم ، قال : « لا بأس »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين »(٣) .

والوجه : أنّ التأخير إنّما يجوز للعذر ، وتحمل الرواية عليه فلا يتقدّر بوقت ، بل بزوال العذر ، فإنّه مع زوال العذر يكون مأموراً بالتسليم ، والمستحق مطالب ، فلا يجوز له التأخير.

ويدلّ عليه قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عبد الله بن سنان في الرجل يخرج زكاته فيقسّم بعضها ويبقى بعض يلتمس لها الموضع فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر ، قال : « لا بأس »(٤) .

ولو أخَّر مع إمكان التسليم ضمن على ما قلناه أوّلاً.

ج - لو أخَّرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها من ذي قرابة أو حاجة شديدة ، فالأقرب : المنع وإن كان يسيراً.

وقال أحمد : يجوز اليسير دون العكس(٥) .

د - الأقرب : أنّ التأخير لطلب بسطها على الأصناف الثمانية أو الموجودين منهم عذر مع دفع نصيب الموجودين.

مسألة ٢٠٦ : يستحب له حال حؤول الحول عزل الزكاة عن ماله‌ ؛ لأنّه‌

____________________

(١) النهاية : ١٨٣ ، وانظر : المقنعة : ٣٩.

(٢) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٤ ، الإستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٦.

(٤) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٤٥ / ١١٨.

(٥) المغني ٢ : ٥٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٦.

٢٩٣

نوع إخراج وشروع في الدفع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا حال الحول فأخرجها عن ( ملكك )(١) ولا تخلطها بشي‌ء ، وأعطها كيف شئت »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فإنّ للمالك الاستقلال بالعزل من دون إذن الساعي ؛ لأنّ له ولاية الإِخراج ، فله ولاية التعيين. ولأنّ الزكاة تجب في العين وهو أمين على حفظها فيكون أميناً على إفرادها. ولأنّ له دفع القيمة. ولقول الصادقعليه‌السلام (٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو تلفت بعد العزل من غير تفريط احتمل سقوط الزكاة - وبه قال مالك(٤) - لتعيّنها بتعيينه ؛ إذ التعيين منوط به فيصير أميناً ، كما لو دفعها إلى الساعي.

وعدمه ، وبه قال الشافعي وأحمد ، إلّا أنّ الشافعي قال : إن لم يكن فرَّط في إخراج الزكاة وفي حفظ ذلك يرجع إلى ماله ، فإن كان فيما بقي زكاة أخرج وإلّا فلا(٥) .

وقال أبو حنيفة : يزكّي ما بقي إلّا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة فرَّط أو لم يفرَّط ؛ لأنّه كالدَّين ، فلا يسقط بالتعيين قبل دفعه(٦) .

ولو دفع إلى فقير زكاته فقَبْل أن يقبضها قال : اشتر لي بها ثوباً أو غيره ؛ فذهبت الزكاة ، أو اشترى ما قال(٧) ثم ضاع فعليه الزكاة على الثاني ؛ لأنّ‌

____________________

(١) في المصدر : مالك.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٢ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٤٥ - ٤٦ / ١١٩.

(٣) نفس المصدر.

(٤) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٨ ، المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٥) الاُم ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٤٢ - ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٦) المغني ٢ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٧.

(٧) في « ف » : قاله.

٢٩٤

الفقير لا يملك إلّا بالقبض ، فإذا وكّله في الشراء قبله كان التوكيل باطلاً ؛ لأنّه وكَّله في الشراء بثمن لا يملكه ، وبقيت على ملك المالك ، فإذا تلفت كانت من ضمانه.

ولا فرق بين أن يعزل الزكاة وينوي أنّها زكاة أو لا.

مسألة ٢٠٧ : لو أخَّر الإِخراج مع التمكّن منه ثم أخرجها أجزأت عنه‌ إجماعاً وإن كان قد أثم بالتأخير ؛ لأنّه دفع الحقّ إلى مستحقّه. ولأنّه في كلّ آنٍ مخاطب بالإِخراج ، فيحصل بالامتثال الخروج عن العهدة.

البحث الثاني

في التعجيل‌

مسألة ٢٠٨ : المشهور عند علمائنا عدم جواز تقديم الزكاة‌ سواء وجد سبب الوجوب - وهو النصاب - أو لا - وبه قال ربيعة ومالك وداود والحسن البصري في رواية(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تؤدّى زكاة قبل حلول الحول )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عمر بن يزيد : الرجل يكون عنده المال أيزكّيه إذا مضى نصف السنة؟ قال : « لا ، ولكن حتى يحول عليه الحول وتحلّ عليه ، إنّه ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلّا لوقتها فكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان إلّا في شهره إلّا قضاء ، وكلّ فريضة إنّما تؤدّى إذا حلّت »(٣) .

وسأل زرارةُ الباقرَعليه‌السلام : أيزكّي الرجل ماله إذا مضى ثُلث السنة؟

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٩٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٨.

(٣) الكافي ٣ : ٥٢٣ / ٨ ، التهذيب ٤ : ٤٣ / ١١٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١ / ٩٢.

٢٩٥

قال : « لا ، أيصلّي الاُولى قبل الزوال؟ »(١) .

ولأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فلا يجوز تقديم الزكاة عليه كالنصاب.

ولأنّ الزكاة عبادة مؤقتة فلا يجوز تقديمها عليه كالصلاة.

وقال الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وابو عبيد : يجوز إذا وجد سبب الوجوب وهو النصاب(٢) ؛ لأنّ عليّاًعليه‌السلام قال : « سأل العباس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخص له في ذلك »(٣) .

وعن عليعليه‌السلام أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعمر : ( إنّا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام )(٤) .

ولأنّه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه قبل وجوبه فجاز ، كتعجيل قضاء الدَّين قبل الأجل ، وأداء كفّارة اليمين قبل الحنث وكفّارة القتل بعد الجرح قبل الموت.

وتحمل الرواية على القرض على الصدقة ، لا أنّها زكاة معجَّلة ، أو على تخصيص العباس جمعاً بين الأخبار ، وصوناً للروايات عن التناقض.

ونمنع الحكم في الأصل في الكفّارات ، وإنّما هو لازم لمالك حيث جوَّز تقديمها(٥) ، والدَّين حقّ ثابت مستقر في الذمة فجاز تعجيله قبل وقته ، بخلاف الزكاة ، فإنّها لا تجب ولا تثبت في الذمة ولا في العين إلّا بعد الحول.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٤ / ٩ ، التهذيب ٤ : ٤٣ - ٤٤ / ١١١ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٣.

(٢) المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٥ و ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١٥ / ١٦٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١١١.

(٤) سنن الترمذي ٣ : ٦٣ / ٦٧٩.

(٥) المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١.

٢٩٦

وعن بعض علمائنا جواز التقديم(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين»(٢) .

قال الشيخ : وجه الجمع حمل رخصة التقديم على جواز القرض ، فيكون صاحبه ضامناً له ، متى جاء وقت الزكاة والآخذ على صفة الاستحقاق أجزأ عنه ، وإن لم يبق على صفته ضمن ، لا أنّه زكاة معجَّلة(٣) ، ومثله قال ابن الجنيد(٤) ؛ لرواية الأحول عن الصادقعليه‌السلام في رجل عجَّل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة ، قال : « يعيد المعطي الزكاة »(٥) .

فروع :

أ - لمـّا منعنا من تعجيل الزكاة كان ما يدفعه المالك قرضاً على الفقير ، فإن دفعه على أنّه زكاة معجَّلة كان الدفع باطلاً ، وله استعادتها عندنا ، خلافاً للباقين(٦) .

ب - إذا دفع المالك قدر الزكاة فقد قلنا : إنّه قرض لا زكاة معجَّلة ، فللمالك المطالبة بالمدفوع ، وللفقير دفع العوض والامتناع من دفع العين وإن كانت باقية وكره المالك ؛ لأنّه ملكها بالقبض.

ج - لو كان المدفوع ممّا يتمّ به النصاب سقطت الزكاة على ما اخترناه ؛ لأنّه قرض خرج عن ملك المالك ، وليس زكاةً. وعلى قول الآخرين هو زكاة‌

____________________

(١) حكاه المصنّف في المختلف : ١٨٨ ، عن ابن أبي عقيل.

(٢) التهذيب ٤ : ٤٤ / ١١٤ ، الاستبصار ٢ : ٣٢ / ٩٦.

(٣) التهذيب ٤ : ٤٥ ذيل الحديث ١١٥.

(٤) كما في المعتبر : ٢٧٤.

(٥) الكافي ٣ : ٥٤٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٥ / ٤٤ ، التهذيب ٤ : ٤٥ / ١١٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٣ / ٩٨.

(٦) منهم : ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

٢٩٧

ليس له استعادتها(١) .

مسألة ٢٠٩ : لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب‌ إجماعاً ، ولو ملك بعض نصاب فعجَّل زكاته أو زكاة نصاب لم تجزئ إجماعاً ؛ لأنّه تعجيل للحكم قبل سببه.

ولو ملك نصاباً فعجَّل زكاته وزكاة ما يستفيده وما ينتج منه أو يربح فيه لم تجزئه عندنا.

وأمّا المجوّزون للتقديم فقالوا : تجزئه عن النصاب دون الزيادة عند الشافعي وأحمد وزفر ؛ لأنّه عجَّل زكاة ما ليس في ملكه فلم تجزئ كالنصاب الأول. ولأنّ الزائد من الزكاة على زكاة النصاب سببها الزائد في الملك وقد عجَّل الزكاة قبل وجود سببها ، فأشبه ما لو عجَّل الزكاة قبل ملك النصاب(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجزئه عن النصاب والزيادة ، لأنّه تابع لما هو مالكه(٣) .

وهو ممنوع ، سلّمنا ، لكنّه يتبع في الحول ، أمّا الإِيجاب فلا ؛ فإنّ الوجوب ثبت بالزيادة لا بالأصل. ولأنّه إنّما يصير له حكم بعد الوجود لا قبله.

مسألة ٢١٠ : لو عجَّل زكاة ماشيته فتوالدت نصاباً ثم ماتت الاُمّهات وحال الحول على النتاج لم تجزئ‌ عندنا.

وللشافعية وجهان في إجزاء الشاة عن السخال : الإِجزاء - وبه قال أحمد(٤) - لأنّ السخال دخلت في حول الاُمّهات وقامت مقامها ، وعدمه ؛ لأنّه‌

____________________

(١) كابني قدامة في المغني ٢ : ٤٩٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٤) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠.

٢٩٨

عجّلها قبل ملكها مع تعلّق الزكاة بعينها(١) .

فلو أخرج شاةً عن أربعين معجّلة ، ثم توالدت أربعين سخلة ، وماتت الاُمّهات ، وحال الحول على السخال أجزأت على أحد وجهي الشافعية(٢) ، لأنّها كانت مجزئة عنها وعن أمّهاتها لو بقيت ، فلأن تجزئ عن إحداهما أولى.

ولا تجزئ عندنا ، وهو الآخر للشافعية(٣) .

ولو كان عنده ثلاثون من البقر فعجَّل عنها تبيعاً ، ثم توالدت ثلاثين عجلة وماتت الاُمّهات ، وحال الحول على العجول لم تجزئ عندنا.

وأمّا المـُجوّزون للتعجيل فقال بعضهم : بالإِجزاء ؛ لأنّها تابعة لها في الحول ، وبعضهم بعدمه ، لأنّه لو عجَّل تبيعاً عنها مع بقاء الاُمّهات لم تجزئ عنها فلأن لا تجزئ عنها اذا كان التعجيل عن غيرها أولى(٤) .

وكذا الحكم في مائة شاة إذا عجّل عنها شاة فتوالدت مائة ثم ماتت الاُمّهات وحال الحول على السخال(٥) .

وإن توالد بعضها ومات نصف الاُمّهات وحال الحول على الصغار ونصف الكبار ، فعلى الأول - وهو الإِجزاء عندهم - أجزأ المعجَّل عنهما معاً ، وعلى عدمه عليه في الخمسين سخلة شاة ؛ لأنّها نصاب لم يؤدّ زكاته ، وليس عليه في العجول إذا كانت خمس عشرة شي‌ء ؛ لأنّها لم تبلغ نصاباً ، وإنّما وجبت الزكاة فيها بناءً على اُمّهاتها التي عجّلت زكاتها(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٤ و ٥ ) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٠.

(٦) المغني ٢ : ٤٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨١.

٢٩٩

ولو ملك ثلاثين من البقر فعجَّل مسنّة زكاةً لها ولنتاجها ، فنتجت عشراً أجزأته عن الثلاثين دون العشر ، وهو مذهبنا ، ويجب عليه في العشر ربع مسنّة.

وقيل : بالإِجزاء ؛ لأنّ العشر تابعة للثلاثين في الوجوب والحول ، فإنّه لو لا ملكه للثلاثين لما وجب عليه في العشر شي‌ء(١) ؛ فصارت الزيادة على النصاب على أربعة أقسام :

أ - ما لا يتبع في وجوب ولا حول ، وهو المستفاد من غير الجنس ، فهذا لا يجزئ تعجيل زكاته قبل وجوده وكمال نصابه إجماعاً.

ب - ما يتبع في الوجوب دون الحول ، وهو المستفاد من الجنس بسبب مستقلّ ، فلا يجزئ تعجيل زكاته أيضاً قبل وجوده على الخلاف.

ج - ما يتبع في الحول دون الوجوب كالنتاج والربح إذا بلغ نصاباً ؛ فإنّه يتبع أصله في الحول ، فلا يجزئ التعجيل عنه قبل وجوده.

د - ما يتبع في الوجوب والحول وهو الربح والنتاج إذا لم يبلغ نصاباً ؛ فإنّه لا يجزئ التعجيل قبل وجوده على الخلاف.

مسألة ٢١١ : إذا عجّل الزكاة من ماله للفقراء كان ما عجّله في حكم الموجود في ماله‌ إن كانت عينه قائمةً ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

وقال أبو حنيفة : إنّه في حكم التالف الذي زال ملكه عنه(٣) .

ويترتّب على ذلك ثلاث مسائل :

الاُولى : لو كان معه أربعون فعجّل منها شاةً ، ثم حال الحول فإنّها‌

____________________

(١) راجع المغني ٢ : ٤٩٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ و ١٤٨ ، المغني ٢ : ٤٩٨ - ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠٠

الْكِفَايَةِ ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ : قُمْ بِأَمْرِ بَنِي فُلَانٍ ، أَيِ اكْفِهِمْ ، وَالْقَائِمُ مِنَّا قَائِمٌ عَلى سَاقٍ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ وَلَمْ نَجْمَعِ(١) الْمَعْنى.

وَأَمَّا اللَّطِيفُ ، فَلَيْسَ عَلى قِلَّةٍ وَقَضَافَةٍ(٢) وَصِغَرٍ ، وَلكِنْ ذلِكَ عَلَى النَّفَاذِ فِي الْأَشْيَاءِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ : لَطُفَ عَنِّي(٣) هذَا الْأَمْرُ ، وَلَطُفَ فُلَانٌ فِي مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ(٤) ، يُخْبِرُكَ أَنَّهُ غَمَضَ(٥) فِيهِ(٦) الْعَقْلُ وَفَاتَ الطَّلَبُ(٧) ، وَعَادَ مُتَعَمِّقاً مُتَلَطِّفاً لَايُدْرِكُهُ الْوَهْمُ ، فَكَذلِكَ(٨) لَطُفَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - عَنْ أَنْ يُدْرَكَ بِحَدٍّ ، أَوْ يُحَدَّ بِوَصْفٍ ؛ وَاللَّطَافَةُ مِنَّا : الصِّغَرُ وَالْقِلَّةُ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَأَمَّا الْخَبِيرُ ، فَالَّذِي لَايَعْزُبُ عَنْهُ شَيْ‌ءٌ ، وَلَا يَفُوتُهُ(٩) ، لَيْسَ(١٠) لِلتَّجْرِبَةِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ‌

__________________

(١) في التوحيد والعيون : « ولم يجمعنا ». فيالتعليقة للداماد : « لم يجمع ، أي لم يجمعنا المعنى ». وفيشرح المازندراني : « إن كان « جمعنا » بسكون العين كان « لم نجمع » بالنون ، وإن كان بفتحها كان « لم يجمع » بالياء المثنّاة من تحت ، والتقدير : لم يجمعنا المعنى ». ثمّ أيّد الأخير بما فيالعيون والتوحيد وإن عدّه خلاف الظاهر.

(٢) « القضافة » : النحافة والدقّة. قال الداماد فيالتعليقة : « والمراد الضعيف النحيف ». وانظر :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤١٧ ( قضف ).

(٣) في العيون : « عن ».

(٤) فيالتعليقة للداماد : « وفي نسخة : قولك ، بالرفع على أنّه المبتدأ ، أي وقولك هذا يخبرك ».

(٥) في « ف » : « غمّض » بالتشديد. واحتمله المازندراني في شرحه ؛ حيث قال : « ولو كان غمّض كان في الكلام استعارة مكنيّة تخييليّة ، وهو مع ذلك كناية عن عدم إدراك المطلوب ». و « غمض » و « غَمُضَ » : أخفى أمره واشتدّ غورُه ، أو غار. والغموض : الغور. وفي اللغة : غمض في الأرض ، أي ذهب وغاب. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٩٠ ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٦٨ ؛الوافي ، ح ١ ، ص ٤٨٨ ؛لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٠١ ( غمض ).

(٦) في التوحيد والعيون : « فبهر » بدل « فيه ».

(٧) فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٥٨ : « يمكن أن يقرأ « الطلب » مرفوعاً ومنصوباً. فعلى الأوّل يكون « فات » لازماً ، أي ضاع وذهب الطلب. وعلى الثاني ، فضمير الفاعل إمّا راجع إلى الأمر المطلوب ، أي لايدرك الطلبَ ذلك الأمر أو إلى العقل ».

(٨) في « ب ، ج ، ف ، بح ، بس » وحاشية « ض ، بر ، بف » وشرح المازندراني : « فهكذا ». وفي حاشية « ض » الاُخرى : « وكذلك ». (٩) في التوحيد : + « شي‌ء ».

(١٠) أي ليس خبره بالأشياء وعدمُ بُعد شي‌ء عنه للتجربة.

٣٠١

بِالْأَشْيَاءِ ، فَعِنْدَ(١) التَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ عِلْمَانِ وَلَوْ لَاهُمَا مَا عُلِمَ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ ، كَانَ جَاهِلاً وَاللهُ لَمْ يَزَلْ خَبِيراً بِمَا يَخْلُقُ ، وَالْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ : الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلٍ ، الْمُتَعَلِّمُ ، فَقَدْ(٢) جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَأَمَّا الظَّاهِرُ ، فَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَا الْأَشْيَاءَ بِرُكُوبٍ فَوْقَهَا ، وَقُعُودٍ عَلَيْهَا ، وَتَسَنُّمٍ(٣) لِذُرَاهَا(٤) ، وَلكِنْ ذلِكَ لِقَهْرِهِ وَلِغَلَبَتِهِ(٥) الْأَشْيَاءَ وَقُدْرَتِهِ(٦) عَلَيْهَا ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ : ظَهَرْتُ عَلى أَعْدَائِي ، وَأَظْهَرَنِي اللهُ عَلى خَصْمِي ، يُخْبِرُ عَنِ الْفَلْجِ(٧) وَالْغَلَبَةِ ، فَهكَذَا(٨) ظُهُورُ اللهِ عَلَى الْأَشْيَاءِ(٩) .

وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ الظَّاهِرُ لِمَنْ أَرَادَهُ وَ(١٠) لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ ، وَأَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ مَا بَرَأَ(١١) ، فَأَيُّ ظَاهِرٍ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ(١٢) مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى؟ لِأَنَّكَ لَاتَعْدَمُ صَنْعَتَهُ(١٣) حَيْثُمَا‌

__________________

(١) في التوحيد : « فيفيده ». وفي العيون : « فتفيده » وفي كليهما : « علماً » بدل « علمان ». واستصحّه السيّد بدر الدين‌في حاشيته ، ص ٩٧ ، ثمّ قال : « أي لولا التجربة والاعتبار لما علم ، بل كان جاهلاً ؛ والله لم يزل خبيراً ».

(٢) في « ب ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » : « وقد ».

(٣) في حاشية « ض » : « تسنيم ». وفيالتعليقة للداماد : « ويروى بالشين المعجمة وبالباء الموحّدة ، والشبم - بفتح‌الباء - : البرد ». و « التسنّم » : العلوّ. وكلّ شي‌ء علا شيئاً فقد تسنّمه ، فيقال : تسنّمه أي علاه ، من السنام وهو أعلى كلّ شي‌ء. اُنظر :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٠٩ ( سنم ).

(٤) في الشروح : « الذِرى » بضمّ الذال وكسرها ، جمع الذِروة - بهما - وهي أيضاً أعلى الشي‌ء وفوقه ، ولكنّ‌ الموجود في اللغة : الذُرى - بضمِّ الذال - جمع الذِرْوة. قال الخليل : « ولولا الواو كان ينبغي أن تكون جماعة فِعْلة فِعَل ». اُنظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٤٥ ؛ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٦٢٣ ( ذرو ).

(٥) في « ج ، ض ، بر » والعيون : « لغلبة ».

(٦) في « ب ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ج » : « قدرة ».

(٧) « الفلج » : الظفر والفوز. اُنظر :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ( فلج ).

(٨) في حاشية « بح » : « فكذا ».

(٩) في التوحيد : « الأعداء ».

(١٠) في « بف » والتوحيد والعيون : - « و ».

(١١) في « ج » : « برأه ». وفي « ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والعيون : « يرى ».

(١٢) في العيون : + « أمراً ».

(١٣) في التوحيد : « صنعه ».

٣٠٢

تَوَجَّهْتَ(١) ، وَفِيكَ مِنْ آثَارِهِ مَا يُغْنِيكَ ، وَالظَّاهِرُ مِنَّا : الْبَارِزُ بِنَفْسِهِ ، وَالْمَعْلُومُ بِحَدِّهِ ، فَقَدْ جَمَعَنَا الِاسْمُ وَلَمْ يَجْمَعْنَا(٢) الْمَعْنى.

وَأَمَّا الْبَاطِنُ ، فَلَيْسَ عَلى مَعْنَى الِاسْتِبْطَانِ لِلْأَشْيَاءِ(٣) بِأَنْ يَغُورَ فِيهَا ، وَلكِنْ ذلِكَ مِنْهُ عَلَى اسْتِبْطَانِهِ لِلْأَشْيَاءِ عِلْماً وَحِفْظاً وَتَدْبِيراً ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ : أَبْطَنْتُهُ(٤) : يَعْنِي خَبَرْتُهُ وَعَلِمْتُ مَكْتُومَ(٥) سِرِّهِ ، وَالْبَاطِنُ مِنَّا : الْغَائِبُ(٦) فِي الشَّيْ‌ءِ ، الْمُسْتَتِرُ ، وَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَأَمَّا الْقَاهِرُ ، فَلَيْسَ(٧) عَلى مَعْنى عِلَاجٍ(٨) وَنَصَبٍ(٩) وَاحْتِيَالٍ وَمُدَارَاةٍ(١٠) وَمَكْرٍ(١١) ، كَمَا يَقْهَرُ الْعِبَادُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ، وَالْمَقْهُورُ مِنْهُمْ يَعُودُ قَاهِراً ، وَالْقَاهِرُ يَعُودُ مَقْهُوراً ، وَلكِنْ ذلِكَ‌

__________________

(١) يجوز فيه « توجّهَتْ » بالتأنيث أيضاً.

(٢) في « ج » : « لايجمعنا ». وفي « ف » : « لم نجمع ».

(٣) في « بر » : « بالأشياء ». وفي حاشية « ف » : « في الأشياء ».

(٤) « بطن » في اللغة بمعنى عَلِمَ ، لا « أبطن » ؛ فلذا قال الداماد والفيض : فلعلّه بمعنى بطنته ، أو الهمزة للاستفهام‌ و الفعل مجرّد ، ولكنّ المازندراني ردّ هذا بأنّ الكلام صادر عن معدن الفصاحة والبلاغة ، فلا نحتاج إلى التكلّف. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٩٣ ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٤٨٩ ؛الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧٩ ( بطن ). (٥) في حاشية « ف ، بح » : « مكنون ».

(٦) في التوحيد والعيون : « منا بمعنى الغائر » بدل « منّا الغائب ». وفي حاشية ميرزا رفيعا : « الغائر ».

(٧) في حاشية « ف » : « فإنّه ليس ».

(٨) فيمرآة العقول : « العلاج : العمل والمزاولة بالجوارح ». وهكذا في اللغة بدون قيد الجوارح. اُنظر :الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٠ ( علج ).

(٩) في الوافي : « تصلّب ». و « النَصَب » : التعب. و « النَصْب » : المعاداة. و « النُصْب » : الشرّ والبلاء. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ( نصب ).

(١٠) فيالصحاح : مداراة الناس تهمز ولا تهمز ، وهي المداجاة والملاينة. وفي المغرب : المداراة : المعاقلة ، أي المجالسة والمخالطة ، وبالهمزة : مدافعة ذي حقّ عن حقّه. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٧٣ ؛الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٣٥ ؛المغرب ، ص ١٦٣ ( درى ).

(١١) فيشرح المازندراني : « الاحتيال والمكر متقاربان. قال فيالصحاح : المكر : الاحتيال والخديعة. ولا يبعد أن يقال : الاحتيال هو استعمال الرويّة وأخذ الحيلة لدفع ضرر الغير عن نفسه ؛ والمكر استعمال الرويّة وارتكاب الخديعة لإيصال الضرر إلى الغير ». اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨١٩ ( مكر ).

٣٠٣

مِنَ اللهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - عَلى أَنَّ جَمِيعَ مَا خَلَقَ مُلَبَّسٌ(١) بِهِ الذُّلُّ لِفَاعِلِهِ ، وَقِلَّةُ(٢) الِامْتِنَاعِ لِمَا أَرَادَ بِهِ ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ(٣) : « كُنْ » فَيَكُونُ ، وَالْقَاهِرُ مِنَّا عَلى مَا ذَكَرْتُ وَوَصَفْتُ ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى.

وَهكَذَا جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْتَجْمِعْهَا(٤) كُلَّهَا ، فَقَدْ يَكْتَفِي الِاعْتِبَارُ(٥) بِمَا أَلْقَيْنَا(٦) إِلَيْكَ ، وَاللهُ عَوْنُكَ وَعَوْنُنَا فِي إِرْشَادِنَا وَتَوْفِيقِنَا ».(٧)

١٨ - بَابُ تَأْوِيلِ الصَّمَدِ‌

٣٢٦/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ - وَلَقَبُهُ شَبَابٌ الصَّيْرَفِيُّ - ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِيعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا الصَّمَدُ(٨) ؟ قَالَ : « السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ‌

__________________

(١) في حاشية « ض » : « متلبّس بالذلّ ». وفي التوحيد والعيون : « ملتبس ». وفيشرح المازندراني : « مُلْبَس ، اسم‌ مفعول من الإلباس ، والذلّ فاعله ».

(٢) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّه عطف على « الذلّ » وعطفه على « أنّ » أيضاً محتمل ».

(٣) في التوحيد والعيون : « طرفة عين غير أنّه يقول له » بدل « طرفة عين أن يقول له ».

(٤) في التوحيد والعيون : « لم نسمّها ».

(٥) في « ب » : « فقد نكتفي بالاعتبار ». وفي « و ، بر ، بح » وحاشية « ض ، بس » : « فقد يكتفى بالاعتبار ». وفي حاشية « بح » : « فقد يكفي الاعتبار ». وفي التوحيد : « فقد يكتفي للاعتبار ».

(٦) في « ض ، بس » : « ألقيناه ».

(٧)التوحيد ، ص ١٨٦ ، ح ٢ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٤٥ ، ح ٥٠ ، بسنده فيهما عن الكليني ، عن عليّ بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضاعليه‌السلام .الوافي ، ج ١ ، ص ٤٨٤ ، ح ٣٩٤.

(٨) اختلف في معنى « الصمد ». فقيل : إنّه بمعنى المفعول من صَمَد ، بمعنى قَصَد ، وهو السيّد المقصود إليه في‌الحوائج ، كما في هذا الحديث. وقيل : الصمد ، هو الذي لاجوف له ، وهو مجاز عن أنّه تعالى أحديّ الذات ، أحديّ المعنى. وقيل : الصمد ، هو الأملس من الحجر لايقبل الغبار ولا يدخله ولا يخرج منه شي‌ء ، فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثّر عن الغير. اُنظر :مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٦٠ ؛الوافي ، ج ٢ ، ص ٤٨٠ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ ( صمد ).

٣٠٤

فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ».(١)

٣٢٧/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ شَيْ‌ءٍ مِنَ التَّوْحِيدِ ، فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ الَّتِي يُدْعى بِهَا ، وَتَعَالى فِي عُلُوِّ كُنْهِهِ - وَاحِدٌ(٢) تَوَحَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي تَوَحُّدِهِ ، ثُمَّ أَجْرَاهُ عَلى خَلْقِهِ ؛ فَهُوَ وَاحِدٌ(٣) ، صَمَدٌ ، قُدُّوسٌ ، يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْ‌ءٍ ، وَيَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْ‌ءٍ ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْ‌ءٍ عِلْماً ».(٤)

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُلَيْنِي(٥) :

فَهذَا هُوَ الْمَعْنَى الصَّحِيحُ فِي تَأْوِيلِ الصَّمَدِ ، لَامَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُشَبِّهَةُ أَنَّ(٦) تَأْوِيلَ الصَّمَدِ : الْمُصْمَتُ الَّذِي لَاجَوْفَ لَهُ ؛ لِأَنَّ ذلِكَ لَايَكُونُ إِلَّا مِنْ صِفَةِ الْجِسْمِ ، وَاللهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ - مُتَعَالٍ عَنْ ذلِكَ ، هُوَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ(٧) أَنْ تَقَعَ(٨) الْأَوْهَامُ عَلى صِفَتِهِ ، أَوْ تُدْرِكَ(٩) كُنْهَ عَظَمَتِهِ ، وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ الصَّمَدِ فِي صِفَةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - الْمُصْمَتَ ، لَكَانَ مُخَالِفاً لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ ) (١٠) لِأَنَّ ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْأَجْسَامِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لَا‌

__________________

(١)التوحيد ، ص ٩٤ ، ح ١٠ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٦ ، ح ٢ ، بسنده فيهما عن الكليني ، عن عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٧٨ ، ح ٣٩١.

(٢) في المحاسن والتوحيد ، ص ١٣٦ : « أحد ».

(٣) في المحاسن والتوحيد ، ص ١٣٦ : « أحد ».

(٤)المحاسن ، ص ٢٤١ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٢٦.التوحيد ، ص ٩٣ ، ح ٩ ، بسنده عن محمّد بن عيسى ؛ وفيه ، ص ١٣٦ ، ح ٧ ، بسنده عن يونس ، عن أبي الحسن ، عن جابر وفي كلّها مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٧٨ ، ح ٣٩٢.

(٥) هكذا في « ف » وحاشية « ج ». وفي سائر النسخ والمطبوع : - « قال أبو جعفر الكليني ».

(٦) في « ف » : « من أنّ ».

(٧) في « ج » : - « من ».

(٨) في « ف ، بح ، بس » : « يقع ».

(٩) في « ف ، بس » : « يدرك ».

(١٠) الشورى (٤٢) : ١١.

٣٠٥

أَجْوَافَ لَهَا ، مِثْلِ الْحَجَرِ(١) وَالْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُصْمَتَةِ الَّتِي لَا أَجْوَافَ لَهَا ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً ، فَأَمَّا مَا جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ مِنْ(٢) ذَلِكَ ، فَالْعَالِمُعليه‌السلام أَعْلَمُ بِمَا قَالَ. وَهذَا الَّذِي قَالَعليه‌السلام - أَنَّ(٣) الصَّمَدَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَصْمُودُ إِلَيْهِ - هُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ ) .

وَالْمَصْمُودُ إِلَيْهِ : الْمَقْصُودُ فِي اللُّغَةِ.

قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي بَعْضِ مَا كَانَ يَمْدَحُ بِهِ النَّبِيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله مِنْ شِعْرِهِ(٤) :

وبِالْجَمْرَةِ الْقُصْوى إِذَا صَمَدُوا لَهَا

يَؤُمُّونَ(٥) قَذْفاً(٦) رَأْسَهَا بِالْجَنَادِلِ(٧)

         

__________________

(١) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٨٠ : « قوله : « مثل الحجر » إلى قوله : « لها » في بعض الكتب نسخة وفي بعضها أصل ». (٢) في حاشية « بح » : « في ».

(٣) « أنّ » بدل من مفعول « قال » المحذوف الراجع إلى الموصول وليس مقولَ قال.

(٤) في « ب ، بر ، بف » : « الشعر ».

(٥) في حاشية « ض » : « يرومون ». وفي « بر » وشرح صدر المتألّهين : « يرمون ».

(٦) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف ، و ، بح » وشرح المازندراني والوافي وكثير من المصادر. وفي « بح » وحاشية « ج ، بر » وشرح صدر المتألّهين : « رضحاً » بمعنى الكسر. وفي « ف ، و » وحاشية « ض ، بف » والمطبوع : « رضخاً » بمعنى الرمي بالحجارة ؛ كالقذف.

(٧) الوزن : بحر طويل. والقائل : أبوطالبرضي‌الله‌عنه ، وهو عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم ، عمّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووالد أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، من سادات قريش ورؤسائها ، ومن أبرز خطبائها العقلاء ، وحكمائها الاُباة ، وشعرائها المبدعين كفل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاة عبدالمطّلب ، وأحبّه حبّاً شديداً ، وقدّمه على ولده جميعاً ، فكان لاينام إلّا إلى جنبه ، وكان يخرجه معه.

ولـمّا بعث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالإسلام وبدأ بالدعوة إليه كان أبوطالب المحامي الأوّل للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والمدافع عنه وعن أصحابه من المؤمنين. وكان يحرّض بني هاشم وأحلافهم من بني المطّلب على نصرته.

قال ابن سعد : ثمّ إنّ أبا طالب دعا بني عبد المطّلب ، فقال : لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما اتّبعتم أمره ، فاتّبعوه وأعينوه ترشدوا.

وقد تحمّل أبوطالب ورهطه الهاشميّون مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الحصار العسير في شعب أبي طالب. وبعد ثلاث سنوات من الحصار لبّى أبوطالب نداء ربّه وذلك في السنة العاشرة للبعثة النبويّة المباركة ، وتولّى غسله وتكفينه وتحنيطه ابنه أميرالمؤمنينعليه‌السلام بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أما والله لأشفعنّ لعمّي شفاعة يعجب منها أهل =

٣٠٦

__________________

= الثقلين ». وعندها صبّت قريش حممها على النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى قال : « ما نالت قريش منّي شيئاً أكرهه حتّى مات أبوطالب ». ( اُنظر : ترجمته فيسيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ١٨٩ ؛الطبقات الكبرى لابن سعد ، ج ١ ، ص ١١٩ ؛الكامل في التاريخ ، ج ٢ ، ص ٩٠ ؛الإصابة لابن حجر ، ج ٤ ، ص ١١٥ ؛الأعلام للزركلي ، ج ٤ ، ص ١٦٦ ؛شرح نهج البلاغه لابن أبي الحديد ، ج ١٤ ، ص ٧٦ - ٧٧ ؛إيمان أبي طالب للمفيد ، ص ٢٥ - ٢٦ ).

أمّا إيمانهرضي‌الله‌عنه فهو مفروغ عنه ، إلّا أنّه كان يكتم إيمانه لمصالح خاصّة اقتضتها الظروف الموضوعيّة التي واجهها النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في بداية دعوته.

ويدلّ على إيمانه سيرته العمليّة في تعامله مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته ، ومن تصفّح ديوان شعره يجد صريح إقراره بالتوحيد ، واعترافه بالنبوّة ولايجد ذلك إلّامكابر أو معاند للحقّ ، وقد كتب جملة من كبار علماء الإسلام في سيرة أبي طالب وما يثبت إسلامه وحسن إيمانه. ( عدّ الشيخ المفيد في مقدّمة رسالته إيمان أبي طالب ، سبعة وثلاثين كتاباً مصنّفاً فيإيمان أبي طالب ، والرسالة من تحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة في مؤسّسة البعثة ، وانظر : مجلّةتراثنا ، العددين ٦٣ و ٦٤ ، الصفحات ١٦٣ - ٢٣٣ مقال : معجم ما أُلّف عن أبي طالبعليه‌السلام ، بقلم عبدالله صالح المنتفكى ).

وهذا البيت من قصيدة أبي طالب اللاميّة المشهورة والتي تدلّ على صريح إيمانه بالله وإقراره بالنبوّة.

وروى أبوهفّان منها (١١١) بيتاً ، ورواها ابن إسحاق والواقدي وابن هشام واليعقوبي وأبو الفرج الأصفهاني والماوردي والسهيلي وابن كثير والذهبي والسيوطي والحلبي والبغدادي وغيرهم.

وتجد بعض أبياتها في مسند أحمد ، وصحيح البخاري ، وسنن ابن ماجة ، ودلائل النبوّة وغيرها. (شعر أبي طالب وأخباره لأبي هفّان ، ص ٢٦ و ٣٣ ؛السيرة النبويّة لابن إسحاق ، ص ١٥٦ ؛المغازي للواقدي ، ج ١ ، ص ٧٠ ؛السيرة النبويّة لابن هشام ، ج ١ ، ص ٢٩١ - ٢٩٩ ؛تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، ص ٢٥ ؛الأغاني لأبي الفرج ، ج ١٨ ، ص ٢٠٦ ؛أعلام النبوّة للماوردي ، ص ١٧٢ ؛الروض الأنف ، ج ٢ ، ص ١٣ ؛البداية والنهاية ، ج ١ ، ص ١٥٤ ؛ وج ٢ ، ص ١٧٨ و ٢٣٦ ؛ وج ٣ ، ص ٥١ ؛ وج ٦ ، ص ٤٦ و ٩٣ و ٢٦٩ ؛الخصائص الكبرى للسيوطي ، ج ١ ، ص ١٤٦ ؛السيرة النبويّة للحلبي ، ج ١ ، ص ١٠٩ ؛خزانة الأدب ، ج ٢ ، ص ٥٦ و ٧٥ ؛ وج ٦ ، ص ١٦٩ ؛مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٩٣ ؛صحيح البخاري ، ج ٢ ، ص ٥٠٨ ؛إيمان أبي طالب للمفيد ، ص ١٨ و ٢١ ؛الأمالي للطوسي ، ص ٧٦ ، ح ١١٠ ؛كنز الفوائد للكراجكي ، ج ١ ، ص ١٧٩ ؛الغدير للأميني ، ج ٢ ، ص ٤ ؛ وج ٧ ، ص ٣٤٦ و ٣٧٤ و ٣٧٥ و ٣٩١ ؛ وغيرها كثير ).

وقد تعرّض لشرح هذه القصيدة الكثير من العلماء ، منهم : السهيلي فيالروض الأنف ، والبغدادي فيالخزانة ، واللكهنوي فيشرح قصيدة أبي طالب ، وعلي فهمي فيطلبة الطالب بشرح لاميّة أبي طالب . ( اُنظر :شعر أبي طالب وأخباره لأبي هفّان ، هامش ص ٣٥ ).

وهذا البيت موجود في الديوان إلّا أنّ فيه : « وبالجمرة الكبرى » بدل « وبالجمرة القصوى ». (شعر أبي طالب =

٣٠٧

يَعْنِي قَصَدُوا نَحْوَهَا يَرْمُونَهَا بِالْجَنَادِلِ ، يَعْنِي الْحَصَى الصِّغَارَ الَّتِي تُسَمّى بِالْجِمَارِ.

وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ شِعْراً(١) :

مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بَيْتاً ظَاهِراً

لِلّهِ فِي أَكْنَافِ مَكَّةَ يُصْمَدُ(٢)

يَعْنِي : يُقْصَدُ(٣) .

وَقَالَ الزِّبْرِقَانُ(٤) :

[ ]

وَلَا رَهِيبَةَ(٥) إلّا سَيِّدٌ صَمَدٌ(٦)

__________________

= وأخباره ، ص ٢٤ ).

شرح الغريب منه : الجمرة : الحصاة ، وموضع رمي الجمار بمنى ، وهي ثلاث جمرات : الاُولى والوسطى والكبرى ، وهي جمرة العقبة ، والقصوى : البعيدة. (الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٦٣ ، قصو ) ولعلّ المراد بها جمرة العقبة. وصمدوا لها : قصدوا نحوها (الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٩٩ ، صمد ). وأمّ الشي‌ء : قصده (لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٢ ، أمم ). والقذف والرضخ : الرمي بالحجارة (لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١٨ ، رضخ ). والجنادل : جمع جندل ، وهو الحصاة أو الحجارة الصغيرة التي تسمّى بالجمار. ( اُنظر :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٢٨ ، جندل ).

الشاهد فيه : قوله : ( صمدوا لها ) أي : قصدوا لها ، وقد أورده الشيخ الكليني شاهداً على هذا المعنى المتحقّق في اللغة ، والذي دلّت عليه أحاديث المعصومين : في بيان معنى الصمد.

(١) في « ب ، ج ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : - « شعراً ».

(٢) البيت من البحر الكامل. والقائل من شعراء الجاهليّة كما نسبه الشيخ الكلينيقدس‌سره . والأكناف : جمع كنف ، وكنف الشي‌ء : جانبه أو ناصيته. ويصمد بمعنى يقصد كما في المتن (النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٠٥ كنف ؛ وج ٣ ، ص ٥٢ ، صمد ). (٣) في « ج » : « يقصده ».

(٤) هكذا في « ح ، ش ، ض ، بح ، بس ، بش ، بو ، جس ، جم ، جه ، جو ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « ابن الزبرقان ». وسيأتي الكلام عنه في التعليقة الآتية.

(٥) في « ف » : « رهبة ». وفي شرح صدر المتألّهين والوافي : « رهينة ». وفي شرح المازندراني : « رُهَيْبة - على التصغير - : اسم رجل ». وقال المحقّق الشعراني في هامششرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٨٤ : « لم نَر في رجال العرب اسم رُهيبة ».

(٦) هذا هو عجز بيت صدره : « سيروا جميعاً بنصف الليل واعتمدوا ».

الوزن : بسيط. وقائله : الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس التميمي السعدي ، واسمه حصين بن بدر ولقّب بالزبرقان لجماله ؛ لأنّ الزبرقان في اللغة يعني البدر ليلة تمامه. وقيل : الزبرقان : الخفيف اللحية ، وقد كان هو =

٣٠٨

وَقَالَ شَدَّادُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ :

علَوْتُهُ(١) بِحُسَامٍ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ

خُذْهَا حُذَيْفُ فَأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ(٢)

__________________

= كذلك. وقيل : سمّي كذلك ؛ لأنّه لبس عمامة مزبرقة بالزعفران ، يقال : زبرق الثوب ، إذا صبغه بصفرة أو حمرة. ( اُنظر :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٣٧ - ١٣٨ ؛الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٨٨ - ١٤٨٩ ، زبرق ).

والزبرقان : صحابي ، كان ينزل مع قومه في بادية البصرة ، فوفد على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو وقومه ، وكان هو أحد ساداتهم ، فأسلموا سنة ٩ ه‍ فجعله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على صدقات قومه ، وكفّ بصره في آخر عمره فتوفّي نحو سنة ٤٥ ه‍ ، وكان فصيحاً شاعراً. (اُسد الغابة ، ج ٢ ، ص ١٩٤ ؛الإصابة ، ج ١ ، ص ٥٤٣ ؛جمهرة أنساب العرب ، ص ٢١٨ ؛زهر الآداب ، ج ١ ، ص ٣٩ ؛خزانة الأدب ، ج ٣ ، ص ٢٠٧ ؛لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٣٨ ، زبرق ؛شعراء النصرانيّة ، ج ٢ ، ص ٢٩ و ٣٧ ؛الأعلام للزركلي ، ج ٣ ، ص ٤١ ).

وقد أورده أبوعبيدة فيمجاز القرآن والقالي فيالأمالي والطبري والطوسي والطبرسي والقرطبي في تفاسيرهم وياقوت الحموي فيمعجم البلدان وغيرهم. (مجاز القرآن ، ج ٢ ، ص ٣١٦ و ٩٥١ ؛الأمالي للقالي ، ج ٢ ، ص ٢٨٨ ؛تفسير الطبري ، ج ٣٠ ، ص ٢٢٤ ؛التبيان ، ج ١٠ ، ص ٤٣١ ؛معجم البيان ، ج ١ ، ص ٨٥٧ ؛تفسير القرطبي ، ج ٢٠ ، ص ٢٤٥ ؛معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٩٣ ؛شعراء النصرانيّة ، ج ٢ ، ص ٣٦ ).

وجميع هؤلاء نسبوه إلى الزبرقان ، ولكنّ الموجود فيالكافي المطبوع نسبته إلى ابن الزبرقان ، والأوّل هو الصحيح.

شرح الغريب منه : البيت من قصيدة قالها الشاعر حينما حمل صدقات قومه إلى أبي بكر ، وقد روى بعض أبياتها فيمعجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٨٢. و « رهيبة » اسم رجل ، لكنّه لم يوجد في أعلام العرب - قسم الرجال - والموجود في جميع المصادر التي نقلت هذا البيت : « رهينة ».

والصمد : السيّد المصمود إليه في الحوائج ، وقيل : الكامل الذي لا عيب فيه. (لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ - ٢٥٩ ، صمد ). والشاهد فيه : قوله : « الصمد » أي المصمود إليه ، أو المقصود في الحوائج.

(١) في شرح المازندراني : « وعلوته ».

(٢) الوزن : بسيط. والقائل : هو شدّاد بن معاوية في حذيفة بن بدر ، وشدّاد بن معاوية هو أبو عنترة الشاعر الجاهلي المشهور بشجاعته ، ويعدّ شدّاد أحد قادة بني عبس الفرسان في حرب داحس والغبراء التي كانت بين عبس وذبيان.

لكنّ الموجود فيالعقد الفريد ، ج ٦ ، ص ١٨ - ٢٠ : أنّ قاتل حذيفة بن بدر الوارد اسمه في البيت هو عمرو بن الأسلع العبسي والحارث بن زهير ، فقال عمرو بن الأسلع مفتخراً على بني ذبيان :

إنّ السماء وإنّ الأرض شاهدةٌ

والله يشهدُ والإنسانُ والبلدُ

أنّي جزيتُ بني بدر بسعيهم

يوم الهباءة قتلاً ماله قَودُ

٣٠٩

وَمِثْلُ هذَا كَثِيرٌ ، وَاللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - هُوَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الَّذِي جَمِيعُ الْخَلْقِ - مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ - إِلَيْهِ يَصْمُدُونَ فِي الْحَوَائِجِ ، وَإِلَيْهِ يَلْجَؤُونَ(١) عِنْدَ(٢) الشَّدَائِدِ ، وَمِنْهُ يَرْجُونَ الرَّخَاءَ وَدَوَامَ النَّعْمَاءِ لِيَدْفَعَ عَنْهُمُ الشَّدَائِدَ.

١٩ - بَابُ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ‌

٣٢٨/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبَّاسٍ الْجَرَاذِينِيِّ(٣) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ‌

__________________

لـمّا التقينا على أرجاء جُمّتها

والمشرفيّة في أيماننا تَقِدُ

علوته بحسامٍ ثمّ قلت له

خذها حذيف فأنت السيّد الصمدُ

وكذا نسبه إلى عمرو بن الأسلع الفيروزآبادي فيبصائر ذوي التمييز ، ج ٣ ، ص ٤٤٠ ، والاُستاذ أحمد عبد الغفور العطّار محقّق كتاب صحاح الجوهري (الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٩ ، صمد ).

أمّا باقي المصادر التي أوردت هذا البيت والتي سنذكرها فلم تنسبه إلى أحد ، وذلك ممّا يقلّل احتمال الجزم بنسبته إلى أحد الرجلين ، ولعلّ الذي ضرب حذيفة بن بدر الفزاري هو شدّاد بن معاوية ؛ لأنّه كان أحد فرسان يوم الهباءة. ونسب ابن الأثير الضرب إلى قرواش بن عمرو بن الأسلع ، دون أن يذكر الشعر (الكامل في التاريخ ، ج ١ ، ص ٥٧٩ ). وعليه تكون نسبة الضرب غير ثابتة في المصادر التاريخيّة ، وتتبعها نسبة البيت.

وجاء هذا البيت في عدّة كتب ، منها :الأمالي للقالي ، ج ٢ ، ص ٢٨٨ ؛مجمل اللغة ، ج ٣ ، ص ٢٤١ ؛معجم مقاييس اللغة ، ج ٣ ، ص ٣١٠ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٩٩ ؛لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ ؛بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي ، ج ٣ ، ص ٤٤٠ ؛تفسير القرطبي ، ج ٢٠ ، ص ٢٤٥ ؛العقد الفريد ، ج ٦ ، ص ٢٠ ؛تاج العروس ، ج ٨ ، ص ٢٩٥ ، وغيرها.

شرح الغريب : علاه بالسيف : ضربه ، والحسام : السيف القاطع ، وحسام السيف أيضاً : طرفه الذي يضرب به (الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٩٩ ، حسم ).

وحذيف منادى مرخّم ، وهو حذيفة بن بدر الفزاري الذي قاد بني فزارة ومرّة يوم النسار ويوم الجفار ، وفي حرب داحس والغبراء حتّى قتل فيها يوم الهباءة. والصمد : السيّد المقصود في الحوائج.لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٢٥٨ ، ( صمد ).

(١) في حاشية « ض » : « وعليه يلحّون ».

(٢) في « ب ، بر ، بف » : « في ».

(٣) هكذا في « ألف ، ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بس ، بف ، جر » وحاشية « بر » والوافي والطبعة الحجريّة من =

٣١٠

الْجَعْفَرِيِّ(١) :

عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَهُ قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ(٢) الدُّنْيَا ، فَقَالَ : « إِنَّ اللهَ لَايَنْزِلُ(٣) ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلى أَنْ يَنْزِلَ ، إِنَّمَا مَنْظَرُهُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ سَوَاءٌ ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَرِيبٌ(٤) ، وَلَمْ يَقْرُبْ مِنْهُ بَعِيدٌ(٥) ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى شَيْ‌ءٍ ، بَلْ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ ذُو الطَّوْلِ(٦) ، لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

أَمَّا قَوْلُ الْوَاصِفِينَ(٧) : إِنَّهُ يَنْزِلُ تَبَارَكَ وَتَعَالى(٨) ، فَإِنَّمَا يَقُولُ ذلِكَ مَنْ يَنْسُبُهُ إِلى نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ ، وَكُلُّ مُتَحَرِّكٍ مُحْتَاجٌ(٩) إِلى مَنْ يُحَرِّكُهُ أَوْ يَتَحَرَّكُ بِهِ(١٠) ، فَمَنْ ظَنَّ بِاللهِ الظُّنُونَ ، هَلَكَ(١١) ؛ فَاحْذَرُوا فِي صِفَاتِهِ مِنْ أَنْ تَقِفُوا(١٢) لَهُ عَلى حَدٍّ تَحُدُّونَهُ(١٣) بِنَقْصٍ ، أَوْ‌

__________________

= الكافي. وفي « بر » : « الجراديني ». وفي المطبوع : « الخراذيني ». ولم يُعلم ضبطه بالجزم ، وفي « ج ، و » : « الجُراذيني » بضمّ الجيم.

وعليّ بن العبّاس هذا ، هو عليّ بن العبّاس الجراذيني الرازي. راجع :رجال النجاشي ، ص ٢٥٥ ، الرقم ٦٦٨ ؛الرجال لابن الغضائري ، ص ٧٩ ، الرقم ٩٥.

(١) في « بر » : « الجعفي ». والظاهر أن يعقوب هذا ، هو يعقوب بن جعفر بن إبراهيم بن محمّد الجعفري ، من وُلْد جعفرٍ الطيّار. راجع :تهذيب الأنساب ، ص ٣٢٩ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٣٢٠ ، الرقم ٢٨١٠.

(٢) في « ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف » : « سماء ».

(٣) في « بح » : « لايبرح ».

(٤) في حاشية « ج » : + « منّا ».

(٥) في حاشية « ج » : + « منّا ».

(٦) « الطَوْل » : المنّ والفضل والإعطاء والإنعام. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ١٧٥٥ ( منن ).

(٧) في « ف » : + « له ».

(٨) في « ف » والتوحيد : « إنّه تبارك وتعالى ينزل ».

(٩) في « ج ، بح » : « يحتاج ».

(١٠) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٩٣ : « وفي العطف مناقشة يمكن دفعها بتقدير الموصول ، أي ما يتحرّك به ، أو يجعل « من » شاملة لغير العاقل على التغليب ».

(١١) في « ج » والتوحيد : « فهلك ».

(١٢) في حاشية « ج » : « تقعوا ». وفيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٦٤ : « قوله : من أن يقفوا ، من وقف يقف ، أي يقوموا في الوصف له وتوصيفه على حدّ ، فتحدّونه بنقص أو زيادة. ويحتمل أن يكون من قفا يقفو ، أي تتّبعوا له في البحث عن صفاته تتبّعاً على حدّ تحدّونه بنقص أو زيادة ».

(١٣) فيشرح المازندراني : « تحدّونه ، استيناف لبيان الوقوف ، أو حال عن فاعل تقفوا ».

٣١١

زِيَادَةٍ ، أَوْ تَحْرِيكٍ ، أَوْ تَحَرُّكٍ ، أَوْ زَوَالٍ ، أَوِ اسْتِنْزَالٍ ، أَوْ نُهُوضٍ ، أَوْ قُعُودٍ ؛ فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ عَنْ صِفَةِ(١) الْوَاصِفِينَ ، وَنَعْتِ النَّاعِتِينَ ، وَتَوَهُّمِ الْمُتَوَهِّمِينَ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ ) (٢) (٣) .

٣٢٩/ ٢. وَعَنْهُ(٤) رَفَعَهُ ، عَنِ(٥) الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ :

عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ : « لَا أَقُولُ : إِنَّهُ قَائِمٌ ؛ فَأُزِيلَهُ عَنْ مَكَانِهِ(٦) ، وَلَا أَحُدُّهُ بِمَكَانٍ يَكُونُ فِيهِ ، وَلَا أَحُدُّهُ أَنْ يَتَحَرَّكَ فِي شَيْ‌ءٍ مِنَ الأَرْكَانِ وَالْجَوَارِحِ ، وَلَا أَحُدُّهُ بِلَفْظِ شَقِّ(٧) فَمٍ ، وَلكِنْ كَمَا قَالَ اللهُ(٨) تَبَارَكَ وَتَعَالى :( كُنْ فَيَكُونُ ) (٩) بِمَشِيئَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فِي نَفْسٍ(١٠) ، صَمَداً فَرْداً ، لَمْ يَحْتَجْ إِلى شَرِيكٍ يَذْكُرُ لَهُ(١١) مُلْكَهُ ، وَلَا يَفْتَحُ لَهُ أَبْوَابَ عِلْمِهِ(١٢) ».(١٣)

__________________

(١) في « ف » : « صفات ».

(٢) الشعراء (٢٦) : ٢١٧ - ٢١٩.

(٣)التوحيد ، ص ١٨٣ ، ح ١٨ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي.الوافي ، ج ١ ، ص ٣٩٥ ، ح ٣١٩.

(٤) الظاهر رجوع الضمير إلى محمّد بن يعقوب ، مصنّف الكتاب ، كما هو الأمر في سند الحديث الثالث وذيل الحديث الرابع كما لايخفى ، والآتي بالضمير في هذه الأسناد الثلاثة هو راوي الكتاب.

ثمّ إنّ الظاهر أنّ المراد من « رفعه » هو الإسناد المذكور في السند المتقدّم ، إلى الحسن بن راشد ، كما يبدو ذلك من التوحيد ، ص ١٨٣ ، ح ١٩. (٥) في « بح ، بف » وحاشية « و » : « إلى ».

(٦) في التعليقة للداماد : « مكان » ونقله المازندراني عن بعض النسخ.

(٧) « الشَقّ » : الفصل في الشي‌ء والفُرجَة والصدع. و « الشِقّ » : الناحية والمشقّة. والمعنى : لا أحدّه بكلمة تخرج من‌ناحية الفم ، أو من فُرجة الفم ، أو مشقّته. اُنظر :النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٩١ ( شقق ) ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٩٥ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٣٩٨.

(٨) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » والتوحيد : - « الله ».

(٩) البقرة (٢) : ١١٧ ؛ آل عمران (٣) : ٤٧ و ٥٦. ومواضع اُخر.

(١٠) فيالوافي : « في نَفَس ، بالتحريك. ويحتمل التسكين ، أي من غير تردّد وتفكّر ورويّة في نفس ».

(١١) فيشرح المازندراني : « من التذكير أو الإذكار ». وفي « ف » : « الله ». وفي التوحيد : « يكون في » بدل « يذكر له».

(١٢) قال صدر المتألّهين في شرحه ، ص ٣٠٢ : « فجملة : لايفتح له أبواب علمه ، في موضع الحال عن فاعل « لم يحتج » أو ضمير « له » المنصوب المحلّ للمفعوليّة ». وقال المازندراني في شرحه : « يفتح ، عطف على « يذكر » و « لا » لتأكيد النفي ».

(١٣)التوحيد ، ص ١٨٣ ، ح ١٩ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، =

٣١٢

٣٣٠/ ٣. وَعَنْهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ ، قَالَ :

قَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي بَعْضِ مَا كَانَ يُحَاوِرُهُ : ذَكَرْتَ اللهَ ، فَأَحَلْتَ(٢) عَلى غَائِبٍ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « وَيْلَكَ ، كَيْفَ يَكُونُ غَائِباً مَنْ هُوَ مَعَ خَلْقِهِ شَاهِدٌ(٣) ، وَإِلَيْهِمْ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(٤) ، يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ ، وَيَرى أَشْخَاصَهُمْ ، وَيَعْلَمُ أَسْرَارَهُمْ؟! ».

فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ : أَهُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ؟ أَلَيْسَ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ ، كَيْفَ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ؟! وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ ، كَيْفَ يَكُونُ فِي السَّمَاءِ؟!

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنَّمَا وَصَفْتَ الْمَخْلُوقَ الَّذِي إِذَا انْتَقَلَ عَنْ مَكَانٍ ، اشْتَغَلَ بِهِ مَكَانٌ ، وَخَلَا مِنْهُ مَكَانٌ ، فَلَا يَدْرِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مَا يَحْدُثُ(٥) فِي الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ ، فَأَمَّا اللهُ - الْعَظِيمُ الشَّأْنِ ، الْمَلِكُ ، الدَّيَّانُ - فَلَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ(٦) ، وَلَا‌

__________________

= عن عليّ بن العبّاس ، عن الحسن بن راشد.الوافي ، ج ١ ، ص ٣٩٧ ، ح ٣٢٠.

(١) في « ف » : + « عن محمّد ». لكنّ الظاهر أنّه سهو ، وعيسى بن يونس ، هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، روى عنه عمرو بن محمّد بن بكير الناقد. راجع :تهذيب الكمال ، ج ٢٢ ، ص ٢١٣ ، الرقم ٤٤٤٢ ؛ وج ٢٣ ، ص ٦٢ ، الرقم ٤٦٧٣.

أمّا ما ورد فيالتعليقة للداماد ، ص ٣٠٥ ، من أنّ عمرو بن محمّد هو عمرو بن محمّد الأسدي من رجال الكاظمعليه‌السلام وعيسى بن يونس هو الشاكري الكوفي من رجال الصادقعليه‌السلام ، فلم يظهر لنا وجهه ؛ فإنّا لم نجد - مع الفحص الأكيد - عيسى بن يونس الشاكري في موضع.

(٢) فيشرح صدر المتألّهين ، ص ٣٠٢ : « أحلت ، من الحوالة. يقال : أحلتُ زيداً بما كان له عليّ - وهو كذا درهم - على رجل ، فأنا محيل ، وزيد محال ومحتال ، والدرهم محال به ، والرجل محال عليه ». وانظر :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٨١ ( حول ). (٣) في « ف » : « شاهداً » حال.

(٤) اقتباس من الآية ١٦ سورة ق (٥٠) :( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) . وفيالوافي : « حبل الوريد : عرق في العنق ».

(٥) في « ف ، بس » وحاشية « ج ، بح » وشرح صدر المتألّهين : « ما حدث ». وفي « بف » : « ما أحدث ».

(٦) في « ف » : « من المكان ».

٣١٣

يَشْتَغِلُ(١) بِهِ مَكَانٌ ، وَلَا يَكُونُ إِلى مَكَانٍ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلى مَكَانٍ »(٢) .

٣٣١/ ٤. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍعليهما‌السلام : جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي ، قَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ اللهَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ ، عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ كُلَّ(٣) لَيْلَةٍ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ(٤) إِلَى السَّمَاءِ(٥) الدُّنْيَا.

وَرُوِيَ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى مَوْضِعِهِ ، فَقَالَ بَعْضُ مَوَالِيكَ فِي ذلِكَ : إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ ، فَقَدْ يُلَاقِيهِ الْهَوَاءُ ، وَيَتَكَنَّفُ(٦) عَلَيْهِ ، وَالْهَوَاءُ جِسْمٌ رَقِيقٌ يَتَكَنَّفُ(٧) عَلى كُلِّ شَيْ‌ءٍ بِقَدْرِهِ ، فَكَيْفَ يَتَكَنَّفُ(٨) عَلَيْهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ(٩) عَلى هذَا الْمِثَالِ؟!

فَوَقَّعَعليه‌السلام : « عِلْمُ ذلِكَ عِنْدَهُ ، وَهُوَ الْمُقَدِّرُ لَهُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ تَقْدِيراً. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ‌

__________________

(١) في حاشية « ض » : « ولايشغل ».

(٢)التوحيد ، ص ٢٥٣ ، ح ٤ ، بسنده عن محمّد بن إسماعيل ؛الفقيه ، ج ٢ ، ص ٢٤٩ ، ح ٢٣٢٥ ، بسنده عن عيسى بن يونس. وفيالأمالي للصدوق ، ص ٦١٦ ، المجلس ٩٠ ، ضمن ح ٤ ؛ وعلل الشرائع ، ص ٤٠٣ ، ضمن ح ٤ ، بسند آخر إلى قوله : « ويعلم أسرارهم » ومن قوله : « إنّما وصفت المخلوق » ؛ وفيالإرشاد للمفيد ، ج ٢ ، ص ١٩٩ ، بسند آخر ، إلى قوله : « ويعلم أسرارهم » ومن قوله : « فلايخلو منه مكان » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٣٩٩ ، ح ٣٢١.

(٣) في « بح » : « في كلّ ».

(٤) في « ب ، بح » والوافي : - « من الليل ». وفي شرح المازندراني : « الليلة ».

(٥) في « بح » وحاشية « ف » : « سماء ». وفي حاشية « ج » : « سمائك ».

(٦) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « يتكيّف ». وفي حاشية « ج » : « يتنكّف - يكتنف ». وفي حاشية « ض » : « يكتنف ». وفيالتعليقة للداماد ، ص ٣٠٧ : « تكنّفه واكتنفه بمعنى ، أي ، أحاط به. والتعدية بـ « على » لتضمين معنى الاحتواء ». وانظر :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٢٤ ( كنف ).

(٧) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « يتكيّف ». وفي حاشية « ج » : « يتنكّف - يكتنف ».

(٨) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وحاشية بدرالدين : « يتكيّف ». وفي حاشية « ج » : « يتنكّف - يكتنف ». وفي حاشية « بح » : « يكتنف ».

(٩) في « ج ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف » : « جلّ وعزّ ».

٣١٤

فِي(١) السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَهُوَ كَمَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ ، وَالأَشْيَاءُ كُلُّهَا لَهُ(٢) سَوَاءٌ عِلْماً وقُدْرَةً وَ(٣) مُلْكاً وَإِحَاطَةً».

* وَعَنْهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى مِثْلَهُ.(٤)

وَ(٥) فِي قَوْلِهِ تَعَالى : ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوى ثَلثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ) (٦) :

٣٣٢/ ٥. عَنْهُ ، عَنْ(٧) عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالى :( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إلّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إلّا هُوَ سادِسُهُمْ ) فَقَالَ : « هُوَ وَاحِدٌ وَاحِدِيُّ(٨) الذَّاتِ ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ، وَبِذَاكَ(٩) وَصَفَ نَفْسَهُ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ مُحِيطٌ بِالْإِشْرَافِ وَالْإِحَاطَةِ وَالْقُدْرَةِ( لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلَا أَكْبَرُ ) (١٠) بِالْإِحَاطَةِ وَالْعِلْمِ ، لَابِالذَّاتِ ؛ لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ مَحْدُودَةٌ تَحْوِيهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ ، فَإِذَا كَانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا(١١) الْحَوَايَةُ(١٢) ».(١٣)

__________________

(١) في شرح صدر المتألّهين : « على ».

(٢) في « بس » : « له كلّها ».

(٣) في « ب » : - « و ».

(٤)الوافي ، ج ١ ، ص ٤٠٣ ، ح ٣٢٤.

(٥) هكذا في « ب ، ج ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف ». وفي سائر النسخ والمطبوع : - « و ». قال المازندراني في شرحه : « وفي قوله ، عطف على الحركة والانتقال أي باب الحركة والانتقال ، وفي تفسير قوله تعالى ».

(٦) المجادلة (٥٨) : ٧.

(٧) في « بر » : - « عنه ، عن ». والضمير راجع إلى محمّد بن يعقوب مصنّف الكتاب ، كما هو الظاهر.

(٨) في التوحيد : « أحَديّ ».

(٩) في « ب ، بس » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : « وبذلك ».

(١٠) سبأ (٣٤) : ٣.

(١١) في « بح » : « ألزمها ».

(١٢) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ١٠٧ : « ضمير التأنيث في « لزمها » للذات يعني إذا كان عدم بعد شي‌ء عنه باعتبار حصول ذاته تعالى في مكان قريب منه ، لزم احتواء المكان عليه وكونه فيما يحيط به حدود أربعة ، كلّ حدّ مقابل لنظيره ، وأنّه محال ». وانظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٣٠٥.

(١٣)التوحيد ، ص ١٣١ ، ح ١٣ ، بسنده عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن اُذينة.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٠١ ، ح ٣٢٣.

٣١٥

فِي قَوْلِهِ :( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) : (١)

٣٣٣/ ٦. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) فَقَالَ : « اسْتَوى عَلى(٢) كُلِّ شَىْ‌ءٍ(٣) ؛ فَلَيْسَ شَىْ‌ءٌ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ شَىْ‌ءٍ »(٤) .

٣٣٤/ ٧. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ ، عَنْ سَهْلٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ :

أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) فَقَالَ : « اسْتَوى مِنْ(٥) كُلِّ شَيْ‌ءٍ ؛ فَلَيْسَ شَيْ‌ءٌ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ».(٦)

٣٣٥/ ٨. وَعَنْهُ ، عَنْ(٧) مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) فَقَالَ : « اسْتَوى فِي(٨) كُلِّ شَيْ‌ءٍ ؛ فَلَيْسَ شَيْ‌ءٌ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، لَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ بَعِيدٌ(٩) ، وَلَمْ‌

__________________

(١) طه (٢٠) : ٥.

(٢) في التوحيد والمعاني وحاشية ميرزا رفيعا : « من ».

(٣) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ١٠٩ : « استوى على كلّ شي‌ء ، أي استولى عليه بالقدرة والغلبة ، أو استوت نسبته إليه بالعلم والإحاطة ».

(٤)التوحيد ، ص ٣١٦ ، ح ٤ ، عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمّد بن يحيى ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن بعض رجاله رفعه ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ١ ، ص ٤١٣ ، ح ٣٣٤.

(٥) في حاشية « بح » : « على ». وفي حاشية « ض ، بر » : « في ».

(٦)التوحيد ، ص ٣١٥ ، ح ١ ؛ وتفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٥٩ ، بسندهما عن سهل بن زياد الآدمي. وفيالتوحيد ، ص ٣١٧ ، ح ٧ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٢٩ ، ح ١ ، بسند آخر عن الحسن بن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ١ ، ص ٤١٣ ، ح ٣٣٥.

(٧) في « بر » : - « وعنه ، عن ».

(٨) في التوحيد : « من ».

(٩) في « ف » : « قريب ».

٣١٦

ي َ قْرُبْ مِنْهُ قَرِيبٌ(١) ، اسْتَوى فِي(٢) كُلِّ شَيْ‌ءٍ »(٣) .

٣٣٦/ ٩. وَعَنْهُ ، عَنْ(٤) مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، أَوْ فِي شَيْ‌ءٍ ، أَوْ عَلى شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ كَفَرَ ». قُلْتُ(٥) : فَسِّرْ(٦) لِي ، قَالَ : « أَعْنِي بِالْحَوَايَةِ(٧) مِنَ الشَّيْ‌ءِ(٨) لَهُ ، أَوْ بِإِمْسَاكٍ لَهُ(٩) ، أَوْ مِنْ شَيْ‌ءٍ سَبَقَهُ »(١٠) .

٣٣٧/ ١٠. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى : « مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ مِنْ شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ جَعَلَهُ مُحْدَثاً ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ جَعَلَهُ مَحْصُوراً ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَلى شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ جَعَلَهُ مَحْمُولاً »(١١) .

فِي قَوْلِهِ تَعَالى :( وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمَآءِ إِلهٌ وَفِى الْأَرْضِ إِلهٌ ) (١٢) :

٣٣٨/ ١١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو شَاكِرٍ الدَّيَصَانِيُّ : إِنَّ فِي الْقُرْآنِ آيَةً هِيَ قَوْلُنَا(١٣) ، قُلْتُ : مَا(١٤) هِيَ؟ فَقَالَ :

__________________

(١) في « ف » : « بعيد ».

(٢) في التوحيد : « من ».

(٣)التوحيد ، ص ٣١٥ ، ح ٢ ، بسنده عن محمّد بن الحسين.الوافي ، ج ١ ، ص ٤١٣ ، ح ٣٣٦.

(٤) في « بر » : - « وعنه ، عن ».

(٥) في حاشية « ض » : « فقلت ».

(٦) في « ض » : « فسّره ».

(٧) فيالوافي : « الباء في « بالحواية » و « بإمساك » متعلّق بمحذوف ، تقديره : أعني بقولي في شي‌ء كونه بالحواية فالحواية تفسير لـ « في » ، والإمساك لـ « على » والسبق لـ « من ». والنشر على غير ترتيب اللفّ ». وانظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٣٠٦ ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ١١٤.

(٨) في شرح المازندراني : « من شي‌ء ».

(٩) في شرح المازندراني : - « له ».

(١٠)التوحيد ، ص ٣١٧ ، ح ٥ ، بسنده عن الحسين بن سعيد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤١٤ ، ح ٣٣٧.

(١١)التوحيد ، ص ٣١٧ ، ح ٦ : « وفي رواية اُخرى : من زعم أنّ الله ».وفيه ، ص ٣١٧ ، ح ٩ ، عن محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ١ ، ص ٤١٤ ، ح ٣٣٨.

(١٢) الزخرف (٤٣) : ٨٤.

(١٣) في التوحيد : « قوّة لنا » بدل « قولنا ».

(١٤) في التوحيد والوافي : « وما ».

٣١٧

( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ) (١) فَلَمْ أَدْرِ بِمَا أُجِيبُهُ ، فَحَجَجْتُ(٢) ، فَخَبَّرْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقَالَ(٣) : « هذَا كَلَامُ زِنْدِيقٍ(٤) خَبِيثٍ ، إِذَا(٥) رَجَعْتَ إِلَيْهِ ، فَقُلْ لَهُ : مَا اسْمُكَ بِالْكُوفَةِ؟ فَإِنَّهُ يَقُولُ(٦) : فُلَانٌ ، فَقُلْ لَهُ : مَا اسْمُكَ بِالْبَصْرَةِ؟ فَإِنَّهُ يَقُولُ : فُلَانٌ ، فَقُلْ(٧) : كَذلِكَ اللهُ رَبُّنَا فِي السَّمَاءِ إِلهٌ ، وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ، وَفِي الْبِحَارِ(٨) إِلهٌ ، وَفِي الْقِفَارِ إِلهٌ ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ إِلهٌ ».

قَالَ(٩) : فَقَدِمْتُ ، فَأَتَيْتُ أَبَا شَاكِرٍ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : هذِهِ نُقِلَتْ مِنَ الْحِجَازِ.(١٠)

٢٠ - بَابُ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ‌

٣٣٩/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ رَفَعَهُ ، قَالَ :

سَأَلَ الْجَاثَلِيقُ(١١) أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام ، فَقَالَ لَهُ(١٢) : أَخْبِرْنِي عَنِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - يَحْمِلُ الْعَرْشَ أَمِ(١٣) الْعَرْشُ يَحْمِلُهُ؟

__________________

(١) في حاشية « بح » : + « قال ».

(٢) عند صدر المتألّهين : « فَحُجِجْتُ » أي صرتُ محجوجاً مغلوباً لأبي شاكر. وعند المازندراني : « فَحَجَجتُ » أي فذهبتُ إلى مكّة وفعلت أفعال الحجّ ، مع احتمال الأوّل. اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٣٠٩ ؛شرح المازندراني ، ص ٤ ، ص ١١٦. (٣) وفي « ف ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « قال ».

(٤) « الزنديق » من الثنويّة ، أو القائل ببقاء الدهر ، أو القائل بالنور والظلمة ، أو من لايؤمن بالآخرة وبالربوبيّة ، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان. ويقال عند العرب لكلّ ملحد ودهري. اُنظر :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٤٧ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ( زندق ). (٥) في « ض » : « فإذا ».

(٦) في « بح » وحاشية « ف » : + « لك ».

(٧) في « ف » وشرح صدر المتألّهين : + « له ».

(٨) في حاشية « ض » : « البحر ».

(٩) في « بر » : - « قال ».

(١٠)التوحيد ، ص ١٣٣ ، ح ١٦ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٠٠ ، ح ٣٢٢.

(١١) « الجاثليق » : رئيس النصارى في بلاد الإسلام.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٥٨ ( جاثليق ).

(١٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار. وفي « بح » والمطبوع : - « له ».

(١٣) في البحار : « أو ».

٣١٨

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام : « اللهُ - عَزَّ وجَلَّ - حَامِلُ الْعَرْشِ وَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَذلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ) (١) ».

قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ :( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) (٢) فَكَيْفَ قَالَ(٣) ذلِكَ(٤) ، وَقُلْتَ : إِنَّهُ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟!

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام : « إِنَّ الْعَرْشَ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالى مِنْ أَنْوَارٍ أَرْبَعَةٍ : نُورٍ أَحْمَرَ ، مِنْهُ احْمَرَّتِ الْحُمْرَةُ ، وَنُورٍ أَخْضَرَ ، مِنْهُ اخْضَرَّتِ(٥) الْخُضْرَةُ ، وَنُورٍ أَصْفَرَ ، مِنْهُ اصْفَرَّتِ(٦) الصُّفْرَةُ ، وَنُورٍ أَبْيَضَ ، مِنْهُ الْبَيَاضُ(٧) ، وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي حَمَّلَهُ اللهُ الْحَمَلَةَ ، وَذلِكَ نُورٌ مِنْ(٨) عَظَمَتِهِ ، فَبِعَظَمَتِهِ(٩) وَنُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ ، وَبِعَظَمَتِهِ وَنُورِهِ ابْتَغى(١٠) مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ(١١) وَالْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ خَلَائِقِهِ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْأَدْيَانِ الْمُشْتَبِهَةِ(١٢) ، فَكُلُّ(١٣) مَحْمُولٍ - يَحْمِلُهُ اللهُ بِنُورِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ - لَايَسْتَطِيعُ لِنَفْسِهِ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً وَلَا مَوْتاً وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُوراً ، فَكُلُّ شَيْ‌ءٍ مَحْمُولٌ ،

__________________

(١) فاطر (٣٥) : ٤١.

(٢) الحاقّة (٦٩) : ١٧.

(٣) في البحار : - « قال ».

(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والبحار : « ذاك ».

(٥) في « ف » : « اخضرّ ».

(٦) في « ف » : « اصفرّ ».

(٧) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي. وفي المطبوع : « منه [ ابيضّ ] البياض ». (٨) في البحار : « من نور ».

(٩) في « ض » : « وبعظمته ».

(١٠) « ابتغى » : طلب ، من ابتغيتُ الشي‌ء وتبغّيْتُه ، إذا طَلَبْتُه.الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٨٣ ( بغي ).

(١١) في « ب ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي : « السماء ».

(١٢) في « ج » : « المشتّتة ». وفي « بف » والوافي : « المتشتّتة ». وفي حاشية « بف » : « المشبّهة ». وفي حاشية « ض » : « المتشبّهة ». (١٣) في البحار : + « شي‌ء ».

٣١٩

وَاللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - الْمُمْسِكُ لَهُمَا أَنْ تَزُولَا ، وَالْمُحِيطُ(١) بِهِمَا مِنْ شَيْ‌ءٍ ، وَهُوَ حَيَاةُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ ، وَنُورُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً ) (٢) ».

قَالَ لَهُ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَيْنَ هُوَ؟

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام : « هُوَ هَاهُنَا ، وَهَاهُنَا ، وَفَوْقُ ، وَتَحْتُ ، وَمُحِيطٌ بِنَا ، وَمَعَنَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالى :( مَا يَكُونُ مِنْ نَّجْوى ثَلاثَةٍ إلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ) (٣) فَالْكُرْسِيُّ(٤) مُحِيطٌ بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرى( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ) (٥) وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى :( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (٦) فَالَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ هُمُ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ حَمَّلَهُمُ اللهُ عِلْمَهُ ، وَلَيْسَ يَخْرُجُ عَنْ(٧) هذِهِ الْأَرْبَعَةِ شَيْ‌ءٌ خَلَقَ اللهُ فِي(٨) مَلَكُوتِهِ ، وَهُوَ الْمَلَكوُتُ(٩) الَّذِي أَرَاهُ اللهُ أَصْفِيَاءَهُ وَأَرَاهُ(١٠) خَلِيلَهُعليه‌السلام ، فَقَالَ :( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (١١) وَكَيْفَ يَحْمِلُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ اللهَ(١٢) ، وَبِحَيَاتِهِ حَيِيَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَبِنُورِهِ اهْتَدَوْا إِلى‌

__________________

(١) يجوز جرّ « المحيط » بالعطف على ضمير لهما ، يعني : الممسك لهما ، والمحيط بهما أن تزولا من الشيئيّة. ويجوز رفعه بالعطف على الممسك ، يعني : المحيط بهما بما حوياه من شي‌ء. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٣١٣ ؛شرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ١٢٤ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٧٤.

(٢) الإسراء (١٧) : ٤٣.

(٣) المجادلة (٥٨) : ٧.

(٤) في « بس » : « والكرسيّ ».

(٥) طه (٢٠) : ٦ - ٧.

(٦) البقرة (٢) : ٢٥٥.

(٧) في « ف » والتعليقة للداماد والبحار : « من ».

(٨) في شرح صدر المتألّهين : + « ملكه و ».

(٩) هكذا في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والمازندراني وحاشية ميرزا رفيعا والوافي والبحار. وفي « ف » : « وهو ملكوت ». وفي المطبوع : - « وهو الملكوت ».

(١٠) في حاشية « بر » : + « إبراهيم ».

(١١) الأنعام (٦) : ٧٥.

(١٢) قرأ الداماد فيالتعليقة ، ص ٣١٤ : « حمله في الله » بدل « حملة العرش الله ». ثمّ قال : « حملَه ، بالنصب على =

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460