تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182155 / تحميل: 6068
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ب - لو اُسر المالك لم تسقط الزكاة عنه إذا لم يمنع من التصرف في ماله ، وإن منع سقطت ، والغائب لا زكاة فيه إذا لم يكن في يد وكيله ولم يتمكن منه.

ج - لو مضى على المفقود سنون ثم عاد زكّاه لسنة استحباباً.

د - لو غصبت الماشية فلا زكاة على ما قلناه ، والموجبون قالوا : إن كانت سائمة في يد المالك والغاصب وجبت الزكاة ، وإن كانت معلوفة عندهما فلا زكاة قولاً واحداً.

وإن كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب فوجهان : الوجوب لأن السوم من المالك يوجب الزكاة فكذا من الغاصب ، كما لو غصب بذراً فزرعه وجب العشر في الخارج.

والعدم لعدم رضا المالك بإسامتها فلا تجب عليه الزكاة بفعل الغاصب.

ولو سامها المالك وعلفها الغاصب فوجهان : الزكاة ؛ لأنّ علف الغاصب محرّم فلا يمنع من إيجاب الزكاة ، والسقوط ، لأنّ الشرط - وهو السوم - لم يوجد(١) .

والحقّ ما قلناه.

مسألة ١٢ : المرتد إن كان عن فطرة خرجت أمواله عنه في الحال إلى ورثته ، ولا تقبل توبته‌ ، بل يقتل في الحال فيستأنف ورثته الحول من حين انتقال الملك إليهم وتمكنهم منه.

ثم إن كان عن غير فطرة انتظر به العود ، فإن عاد إلى الإسلام بعد حلول الحول وجب عليه الزكاة بحلول الحول ، وإن لم يعد فقتل بعد حلول الحول ، أو لحق بدار الحرب وجب أن تخرج عنه الزكاة لبقاء ملكه إلى حين القتل ، ومنعه عن التصرف فيه مستند إلى اختياره لتمكنه من الرجوع إلى الإسلام.

____________________

(١) راجع : المغني ٢ : ٦٣٩ - ٦٤٠.

٢١

وللشافعي في مال المرتد مطلقاً ثلاثة أقوال : بقاء الملك ، وزواله ، وكونه موقوفاً ، فإن أسلم ظهر البقاء ، وإن قتل على الردّة ظهر الزوال ، فحكم الزكاة مبني عليه إن زال سقطت وإلّا وجبت(١) .

وقال أحمد : إذا ارتدّ قبل الحول وحال الحول مرتدّاً فلا زكاة عليه ، لأنّ الإسلام شرط في الوجوب(٢) .

وهو غلط ، لما بيّنا من أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع.

قال : ولو رجع استأنف حولاً(٣) .

ولو ارتدّ بعد الحول لم تسقط الزكاة سواء كان عن فطرة أو لا - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لأنّه حق وجب فلا يسقط كالدَّين.

وقال أبو حنيفة : تسقط ، لأنّ من شرطها النيّة فسقطت بالردّة كالصلاة(٥) .

والأصل ممنوع ، نعم لا يطالب بفعلها ، ولا تدخلها النيابة فإذا عاد وجبت عليه ، والزكاة تدخلها النيابة ويأخذها الإمام من الممتنع ، فإن أسلم بعد أخذها لم تلزمه إعادتها ، لأنّها سقطت عنه بأخذها ، ولو أخذها غير الإِمام ونائبه لم تسقط فإنه لا ولاية للآخذ عليه فلا يقوم مقامه ، بخلاف نائب الإمام.

ولو أدّاها في حال ردّته لم تجزئه ، لأنّه كافر فلا تصح منه كالصلاة.

مسألة ١٣ : الدَّين إن كان على مليّ باذل فلعلمائنا قولان : وجوب الزكاة فيه على صاحبه.

ورواه الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وبه قال الثوري ، وأبو ثور ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، الوجيز ١ : ٨٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٨ - ٩.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٩.

(٤) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، حلية العلماء ٣ : ٨ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٣ ، المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٩.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٤ ، المجموع ٥ : ٣٢٨ ، المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٩ ، حلية العلماء ٣ : ٨.

٢٢

وأصحاب الرأي ، وأحمد ، إلّا أنهم قالوا : لا يلزمه إخراجها حتى يقبضه فيؤدّي لما مضى(١) .

وقال عثمان ، وابن عمر ، وجابر ، وطاوس ، والنخعي ، وجابر بن زيد ، والحسن ، وميمون ، والزهري ، وقتادة ، وحماد بن أبي سليمان ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، والشافعي : عليه إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه ، لأنّه مالك قادر على أخذه والتصرف فيه فلزمه إخراج الزكاة عنه كالوديعة(٢) .

لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل يكون له الدّين أيزكّيه؟

قال : « كلّ دَين يدعه هو إذا أراد أخذه فعليه زكاته ، وما كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة »(٣) .

وعدم الوجوب - وبه قال عكرمة ، وعائشة ، وابن عمر(٤) - لأنّه غير تام فلا تجب زكاته كعرض القنية.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله الحلبي ليس في الدين زكاة؟ قال : « لا »(٥) .

وسأل إسحاق أبا إبراهيمعليه‌السلام ، الدين عليه زكاة؟ فقال : « لا ، حتى يقبضه » قلت : فإذا قبضه يزكّيه؟ قال : « لا ، حتى يحول عليه الحول في يديه »(٦) .

وقال سعيد بن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، وعطاء الخراساني :

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ٩٢ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٧ ، وفتح العزيز ٥ : ٢٠٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٥ ، حلية العلماء ٣ : ٩٢ ، المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٢ ، الأموال - لأبي عبيد - : ٤٣٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٢ / ٨٢.

(٤) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤ ، رحمة الاُمّة ١ : ١١٧.

(٥) التهذيب ٤ : ٣٢ / ٨٠.

(٦) التهذيب ٤ : ٣٤ / ٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨ / ٧٩.

٢٣

يزكّيه إذا قبضه لسنة واحدة(١) .

فأما إن كان على معسر ، أو جاحد ، أو مُماطل فلا زكاة عليه عندنا ، لعدم تمكّنه منه ، فأشبه المغصوب ، وبه قال قتادة ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأهل العراق ، وأحمد في رواية(٢) .

وفي الثانية : يزكّيه إذا قبضه ، وبه قال الثوري ، وأبو عبيد(٣) .

لقول عليعليه‌السلام في الدين المظنون : « إن كان صادقاً فليزكّه إذا قبضه لما مضى »(٤) .

ولأنّه مملوك يجوز التصرف فيه فوجبت زكاته لما مضى كالدّين على الملي.

والرواية للاستحباب ، والأصل ممنوع ، والفرق : التمكّن.

فروع :

أ - لا فرق بين الحالّ والمؤجّل في عدم الوجوب فيه عند قائله ، لأنّ البراءة تصح من المؤجَّل فيكون ملكاً.

نعم هو في حكم الدَّين على المعسر ، لعدم تمكّن قبضه في الحال.

ب - لو منع البائع المشتري من المبيع فحال الحول لم تجب الزكاة ، لعدم التمكّن.

ولو مكّنه منه فلم يقبضه وحال الحول فإن كان معيّناً فالزكاة على المشتري ، وإن كان مطلقاً فكالدَّين ، وكذا المال المسلم فيه.

وللشافعي ثلاثة أقوال : القطع بمنع الوجوب ، لضعف الملك ، إذ لا ينفذ بيعه قبل القبض ، والقطع بالوجوب لتمكّنه من القبض ، والوجهان(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٤.

(٢ و ٣ ) المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٥.

(٤) سنن البيهقي ٤ : ١٥٠.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٠٠ - ٥٠١.

٢٤

ج - إذا قبّض المشتري الثمن عن السلم ، أو عن غير المقبوض ، وحال عليه الحول فالزكاة على البائع لثبوت ملكه فيه ، فإن انفسخ العقد لتلف المبيع أو تعذّر المسلم فيه وجب ردّ الثمن ، والزكاة على البائع.

د - الدَّين المؤجّل لا زكاة فيه عندنا ، وللشافعي قولان ، أحدهما : أنه كالمغصوب إن تعذّر استيفاؤه لإِعسار أو جحود فيجري فيه القولان.

والثاني : أنّه كالغائب الذي يسهل إحضاره فتجب فيه الزكاة لحصول النماء في المدّة ، فإنّ الشي‌ء إذا بيع مؤجّلاً زيد في ثمنه.

وله ثالث : القطع بالمنع ، لأنّه لا ملك قبل الحلول.

وعلى تقدير الوجوب ففي وجوب الإِخراج في الحال قولان : الثبوت كالغائب الذي يسهل إحضاره ، والمنع إلى أن يقبض لأنّ خمسة نقداً تساوي ستّة فيؤدّي إلى الإِجحاف(١) .

ه - الدَّين إن لم يكن لازماً - كمال الكتابة عند الشيخ(٢) - لا زكاة فيه و - لو كان الدَّين نعماً فلا زكاة فيه ، ومن أوجبها في الدَّين توقّف هنا ، لأنّ السوم شرط وما في الذمة لا يوصف بكونه سائماً(٣) .

ويشكل بأنّهم ذكروا في السلم في الحيوان التعرّض لكونه لحم راعية أو معلوفة ، فإذا جاز أن يثبت في الذمة لحم راعية جاز أن تثبت راعية(٤) .

مسألة ١٤ : أوجب الشيخ في المبسوط الزكاة في الرهن‌ سواء تمكّن الراهن من فكّه أو لا - وبه قال الشافعي ، وأحمد(٥) - لوجود المقتضي وهو الملك.

قال : فإن كان للراهن مال سواه كلّف إخراج الزكاة منه ، لأنّ الزكاة من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٠٢ ، مغني المحتاج ١ : ٤١٠ - ٤١١.

(٢) الخلاف ، كتاب المكاتب ، المسألة ١٧ ، المبسوط ٦ : ٩١.

(٣ و ٤ ) راجع فتح العزيز ٥ : ٥٠١ و ٩ : ٢٩٩.

(٥) المجموع ٥ : ٣٤٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠١ ، حلية العلماء ٣ : ٢١ ، المغني ٢ : ٥٤٣.

٢٥

مؤونة الرهن فتلزم الراهن كنفقة المضارب ، ولا تخرج من النصاب لتعلّق حقّ المرتهن ، والزكاة لا يتعيّن إخراجها منه.

وإن كان معسراً اُخذت الزكاة من الرّهن لتعلّق حقّ المساكين بالعين ، وحقّ المرتهن في الذمة فإنّه لو هلك رجع على الراهن بماله(١) .

وقال في الخلاف : لو كان له ألف واستقرض ألفاً ، ورهن هذه لزمه زكاة القرض دون الرهن(٢) .

وهو يعطي عدم وجوب الزكاة في الرهن ، وهو الوجه عندي ، لعدم تمكّنه منه سواء كان في يده أو في يد المرتهن أو غيرهما.

مسألة ١٥ : لا زكاة في المال الموقوف‌ ، لعدم تمكّنه من التصرّف بأنواعه ، ولعدم اختصاص أحد به.

وكذا مال الحبس والمعمّر ، لأنّ الملك وإن كان باقياً إلّا أنه ممنوع من التصرف فيه بأنواعه.

مسألة ١٦ : تسلّط الغير مانع من وجوب الزكاة‌ ، فلو نذر الصدقة بالنصاب ، فمضى الحول قبل الصدقة لم تجب الزكاة ، لتعلّق النذر بعين المال ، وكونه واجب الصرف إلى النذر قبل أن تجب فيه الزكاة ، وهو أصحّ وجهي الشافعي.

وله آخر : وجوب الزكاة ، لأنّ المال لا يتعيّن بتعيين الناذر ، والدّين لا يمنع الزكاة ، ولأنّه لم يخرج عن ملكه قبل الصدقة(٣) .

ونمنع القاعدتين(٤) ، والملك وإن كان باقياً إلّا أنّه ناقص لوجوب الصدقة‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠٨ - ٢٠٩.

(٢) الخلاف ٢ : ١١٠ ، المسألة ١٢٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠.

(٤) من القاعدتين : عدم منع الدّين للزكاة ، ويأتي من المصنّفرحمه‌الله في الفرع « ب » وفي المسألة اللاحقة ما ينافي هذا المنع ، فلاحظ.

٢٦

به.

فروع :

أ - لو جعل هذه الأغنام ضحايا ، أو هذا المال صدقة بنذر وشبهه كان سقوط الزكاة فيه أقوى ، لانتقال المال عنه إلى ما نذره ، ولم يبق فيه حقيقة ملك.

ب - لو نذر الصدقة بعشرين ديناراً ولم يعيّن لم تسقط الزكاة عندنا ، سواء كان له أزيد أو لا ، لأنّ الدَّين لا يمنع الزكاة على ما يأتي(١) ، وهو أحد وجهي الشافعي بناءً على عدم منع الدَّين لضعف حقّ الله تعالى ، إذ لا مُطالب له فهو أضعف من دَين الآدمي(٢) .

ج - لو كان النذر مشروطاً فإشكال ينشأ من استصحاب الملك السالم عن معارضة تعلّق النذر لعدم الشرط الآن ، ومن تعلّق النذر به.

د - لو استطاع بالنصاب ووجب الحج ، ثم مضى الحول على النصاب فالأقرب عدم منع الحج من الزكاة لتعلّق الزكاة بالعين بخلاف الحج.

مسألة ١٧ : الدّين لا يمنع الزكاة‌ عند علمائنا أجمع ، فلو كان عليه دَين بقدر النصاب أو أزيد ، وحال الحول وجبت الزكاة سواء كان النصاب من الأموال الظاهرة - وهي الأنعام والغلّات - أو الباطنة - وهي النقدان - وبه قال ربيعة ، وحماد بن أبي سليمان ، والشافعي - في الجديد - وابن أبي ليلى(٣) ، لأنه حرّ مسلم ملك نصاباً حولاً فوجبت الزكاة عليه كمن لا دَين عليه ، وللعمومات.

ولأنّه لو لم تجب لم تجب في القرض لشغل الذمة بمثله والثاني باطل.

لقول الباقرعليه‌السلام ، وقد سئل عن زكاة القرض؟ فقال : « على‌

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة.

(٢) المجموع ٥ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠.

(٣) المغني ٢ : ٦٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٤١١.

٢٧

المقترض لأنّه في يده »(١) .

وقال مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، وعطاء ، وسليمان بن يسار ، وميمون ابن مهران ، والحسن ، والنخعي ، والليث ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، وأحمد : إنّ الدَّين يمنع من الزكاة في الباطنة(٢) .

وأما الظاهرة ، فقال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي : إنّه لا يمنع(٣) ، وعن أحمد فيها روايتان(٤) .

واحتجّوا برواية ابن عمر : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : « إذا كان لرجل ألف درهم ، وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه »(٥) .

ويحمل - مع صحّته - على اختلال شرط الوجوب.

فروع :

أ - قال أبو حنيفة : الدَّين يمنع في الأموال كلّها مع توجّه المطالبة إلّا في الغلّات ، لأنّ الواجب فيها عنده ليس صدقة(٦) .

ب - القائلون بأنّ الدَّين مانع شرطوا استغراق النصاب أو نقصه ، ولا وجه لقضائه سوى النصاب أو ما لا يستغنى عنه ، فلو كان له عشرون ديناراً وعليه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٠ / ٦ ، التهذيب ٤ : ٣٣ / ٨٥ نقلاً بالمعنى.

(٢) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٥ ، مقدمات ابن رشد : ٢٥٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٦ ، المغني ٢ : ٦٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٤ ، المجموع ٥ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٥ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٢٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦ ، مغني المحتاج ١ : ٤١١ ، المغني ٢ : ٦٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٥.

(٤) المغني ٢ : ٦٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٤ - ٤٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦.

(٥) أوردها ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٣٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٤.

(٦) اللباب ١ : ١٣٧ ، شرح العناية ٢ : ١١٧ ، المغني ٢ : ٦٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٦.

٢٨

دينار ولا وجه سوى العشرين فلا زكاة عندهم ، ولو كان له أحد وعشرون فعليه زكاة عشرين.

ولو كان له مائة من الغنم ، وعليه ما يقابل ستّين فعليه زكاة أربعين.

ولو كان عليه ما يقابل أحداً وستّين فلا زكاة(١) ، وعندنا تجب الزكاة.

ج - لو كان عليه دَين وله مالان من جنسين ، فعندنا تجب الزكاة ، فلا بحث.

والمانعون اختلفوا ، فقال بعضهم : يجعل الدّين في مقابلة ما الحظّ للمساكين في جعله في مقابلته ، فلو كان عليه خمس من الإِبل وله خمس من الإِبل ومائتا درهم فإن كانت عليه سلماً أو دية ونحوها ممّا يقضى بالإِبل جعل الدَّين في مقابلتها ووجبت زكاة الدراهم.

وإن كان قد أتلفها أو غصبها جعلت قيمتها في مقابلة الدراهم.

وإن كانت قرضاً فإن كانت إذا جعلت في أحدهما فضلت فضلة تنقص النصاب الآخر دون العكس جعلت على العكس ، لأنّ له ما يقضي به الدّين ، فلو كان له خمس من الإِبل ومائتا درهم ، وعليه ستّ من الإِبل قيمتها مائتان جعل الدَّين في مقابلة الدراهم.

ولو كان عليه مائتان وخمسون درهماً ، وله خمس من الإِبل تساوي الدَّين جعل الدَّين في مقابلة الإِبل.

ولو كان عليه مائة درهم ، وله مائتان ، وتسع من الإِبل تساوي الأربعة الزائدة المائة وجبت الزكاة فيهما(٢) .

د - لو كان أحد المالين لا زكاة فيه كمن عليه مائتان وله مائتان وعروض للقُنية يساوي الدَّين جعل الدّين في مقابلة العروض ، وبه قال مالك وأبو‌

____________________

(١) راجع المغني ٢ : ٦٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٦.

(٢) المغني ٢ : ٦٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٦.

٢٩

عبيد(١) .

وقال أصحاب الشافعي : إنّه مقتضى قوله ، لأنّه مالك للنصاب زيادة عن دَينه فوجبت عليه زكاتها ، كما لو كان جميع ماله جنساً واحداً(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجعل الدَّين في مقابلة ما يقضى منه فلا زكاة هنا ، لأنّ الدَّين يقضى من جنسه ، وهو قول الليث بن سعد وأحمد(٣) .

ه- لو كان الدّين لله تعالى كالكفّارة والنذر لم يمنع الزكاة عندنا.

وأمّا المانعون في الآدمي ، ففيه(٤) وجهان : المنع كدَين الآدمي ، لأنّه دَين يجب قضاؤه.

وقالعليه‌السلام : « دَين الله أحقّ أن يقضى »(٥) .

وعدمه ، لأنّ الزكاة آكد ، لتعلّقها بالعين(٦) .

ولو نذر أن يتصدّق بخمسة دراهم فحال الحول على مائتي درهم لم يتداخلا ، لاختلاف سببهما.

وعند بعض الجمهور يتداخلان إن نوى الزكاة ، لأنّها صدقة(٧) .

و - لو حجر الحاكم عليه قبل الحول ، ثم حال الحول على الحجر فلا زكاة ، لعدم تمكّنه من التصرّف.

ولو حجر بعد الحول ووجوب الزكاة لم يمنع من إخراجها ، لأنّه واجب عليه متعلّق بالعين.

وقال بعض الجمهور : يمنع ، لانقطاع تصرّفه في ماله. وقيل بالسقوط‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٧٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥٠ ، المغني ٢ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٧.

(٣) المغني ٢ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٧.

(٤) أي : فلهم في دين الله تعالى وجهان.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ٤٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٠٤ / ١٥٤.

(٦ و ٧ ) المغني ٢ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٨.

٣٠

إذا حجر قبل إمكان الأداء كالتلف(١) . وليس بجيد.

ولو أقرّ بها بعد الحجر لم يقبل في حقّ الغرماء فتصير في ذمّته لا في المال ، ويحتمل القبول.

ولو صدّقه الغرماء أو ثبت بالبينة أو بالإِقرار قبل الحجر وجب إخراجها من المال.

ولو أقرّ الغرماء بها أخرجوها ، ولم يقبل في حق المديون إلّا مع تصديقه.

ز - لو جنى عبد التجارة تعلّق أرشها برقبته ، ومنع وجوب الزكاة فيه إن نقص عن النصاب عند المانعين ، لأنّه دَين.

ح - لو مات بعد الحول وتعلّق الزكاة ، وعليه دَين مستوعب قُدّمت الزكاة ، لتعلّقها بالعين قبل تعلّق الدَّين بها فإنّه إنّما يتعلّق بعد الموت ، وهو أحد أقوال الشافعي.

والثاني : تقديم حقّ الآدمي ، لاحتياجه ، كما يقدّم قطع القصاص على السرقة. والثالث : التوزيع ، لتساويهما(٢) . والحقّ ما تقدّم.

نعم لو كان عوضها كفّارة أو غيرها من الحقوق التي لا تتعلّق بالعين فإنّ الحقّ التقسيط.

مسألة ١٨ : لو استقرض الفقير النصاب وتركه حولاً وجبت الزكاة عليه‌ ، لأنّه مالك للنصاب متمكّن منه فوجبت عليه زكاته ، ومن خالف في المديون خالف هنا.

ولو شرط الزكاة على المقرض ، قال الشيخ : كانت زكاته على مالكه عملاً بالشرط(٣) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٨ - ٤٥٩.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥١١ ، مغني المحتاج ١ : ٤١١.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٢١٣.

٣١

ولقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن رجل استقرض مالاً ، وحال عليه الحول وهو عنده : «إن كان الذي أقرضه يؤدّي زكاته فلا زكاة عليه ، وإن كان لا يؤدّي أدّى المستقرض »(١) .

وفيه إشكال ، لأنّه حقّ عليه يفتقر إلى النية ، فلا يتعلّق بغيره بالشرط ، والحديث لا يدلّ على مطلوبه.

إذا ثبت هذا فإن قلنا : الدَّين لا زكاة فيه فلا بحث ، وإن أوجبنا فيه الزكاة فلا زكاة هنا على المالك ، لأنّ زكاته على المقترض فلا تجب فيه اُخرى على غيره.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « زكاتها إن كانت موضوعةً عنده حولاً على المقترض » قلت : فليس على المـُقرض زكاتها؟ قال : « لا ، لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد ، وليس على الدافع شي‌ء لأنّه ليس في يده [ شي‌ء ](٢) لأنّ المال في يد الآخر ، فمن كان المال في يده زكّاه » قال ، قلت : أفيزكّي مال غيره من ماله؟ فقال : « إنّه ماله ما دام في يده ، وليس [ ذلك المال ](٣) لأحد غيره - ثم قال - يا زرارة أرأيت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو؟ وعلى من؟ » قلت : للمقترض ، قال : « فله الفضل وعليه النقصان ، وله أن يلبس وينكح ويأكل منه ولا ينبغي له أن يزكّيه؟!(٤) بل يزكّيه فإنّه عليه »(٥) .

إذا عرفت هذا فإنّ القرض يجري في الحول بالقبض ، إذ قبضه شرط في الملك.

مسألة ١٩ : من ترك لأهله نفقةً بلغت النصاب فصاعدا‌ً ، وحال عليه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٢٠ / ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٢ - ٣٣ / ٨٣.

(٢) زيادة من المصدر.

(٣) زيادة من المصدر.

(٤) في التهذيب : « أن لا يزكّيه ».

(٥) التهذيب ٤ : ٣٣ / ٨٥ ، والكافي ٣ : ٥٢٠ / ٦ وفيه عن الإِمام الصادقعليه‌السلام

٣٢

الحول ، فإن كان حاضراً وجبت عليه الزكاة ، لأنّه مالك متمكّن لم يخرج عنه ملكه.

وإن كان غائباً فلا زكاة فيه ، أمّا على أهله ، فلعدم الملك في حقّهم ، وأمّا عليه ، فلأنّها في معرض الإِتلاف.

مسألة ٢٠ : عدم قرار الملك مقتضٍ لنقصه‌ ، فلو وهب نصاباً لم يجر في الحول إلّا بعد القبول والقبض ، لأنّ الملك إنّما يتمّ بهما ، فإن حال الحول على ملكه وجبت الزكاة.

وإن رجع الواهب قبل إمكان الأداء فلا زكاة على المتّهب ولا على الواهب وإن كان الرجوع بعد الحول.

ولو رجع الواهب قبل الأداء مع التمكّن منه قدّم حقّ الفقراء ، لتعلّقه بالعين حين الحول ، ولا يضمنه المتّهب كما لو تلف قبل رجوعه.

مسألة ٢١ : الموصى له إنّما يملك بأمرين : موت الموصي والقبول‌ ، فلو أوصى له بنصاب لم ينتقل إليه إلّا بهما ، فإذا مات الموصي وقَبِل ابتدأ الحول حينئذٍ ، لأنّه حين الملك ، وينبغي اشتراط القبض أو التمكّن منه.

وإن قلنا : القبول كاشف والملك يحصل بالوصيّة والموت فكذلك ، لقصور الملك قبله.

وأمّا الوارث فإنّما يملك بموت المورّث لا بصيرورة حياته غير مستقرة ، وإنّما يجري الحول من حين القبض أو تمكّنه منه ، فلو مات المورّث ولم تصل التركة إليه لم يعتدّ من الحول.

مسألة ٢٢ : لا تجري الغنيمة في الحول إلّا بعد القسمة‌ ، ولا يكفي عزل الإِمام بغير قبض الغانم ، فلو تأخّرت قسمة الغنيمة حولاً فلا زكاة ، لعدم استقرار الملك فإنّ للإِمام أن يقسّم بينهم قسمة بحكم فيعطي كلّ واحد من أيّ الأصناف شاء ، فلم يتمّ ملكه على شي‌ء معيّن ، بخلاف ما لو ورثوا ما تجب فيه الزكاة.

٣٣

هذا إذا كانت من أجناس مختلفة ، ولو كانت الغنيمة من جنس واحد فالوجه ذلك أيضاً ، لأنّ ملكهم في غاية الضعف ، ولهذا يسقط بالإِعراض ، وهو أحد وجهي الشافعي(١) ، وعن أحمد : الوجوب ، للملك(٢) .

أما لو اختاروا التملّك ومضى حول من وقت التملّك ، فإن كانت من جنس واحد وجبت الزكاة إن بلغ نصيب كلّ واحد منهم النصاب.

وإن كانت من أجناس مختلفة فلا زكاة سواء كانت جميعها ممّا تجب فيه الزكاة أو لا.

مسألة ٢٣ : لو آجر داره أربع سنين بمائة معجّلة فقبضها وجب عند كلّ حول زكاة الجميع‌ وإن كان في معرض التشطير ، وبه قال مالك والشافعي - في أحد القولين - وأحمد(٣) ، لأنّه ملكه ملكاً تامّاً بالعقد ، ويجوز التصرّف فيه بجميع أنواعه ، ولو كان جاريةً جاز له وطؤها.

وقال أبو حنيفة والشافعي في الثاني : لا يلزمه أن يخرج عند تمام كلّ سنة إلّا زكاة القدر الذي استقرّ ملكه عليه ، لأنّه قبل الاستقرار في معرض السقوط بالانهدام وهو يورث ضعف الملك(٤) . وينتقض بالصداق.

قالوا : فيخرج في السنة الاُولى زكاة ربع المال وهي : خمسة أثمان دينار ، لاستقرار الملك على الربع ، وعند تمام الثانية يستقرّ ملكه في خمسين وقد ملكها منذ سنتين ، فعليه زكاة خمسين لسنتين : ديناران ونصف ، لكنّه يحطّ عنه ما أدّى في الاُولى يبقى دينار وسبعة أثمان دينار ، وعند تمام الثالثة‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٥٣ - ٣٥٤ ، الوجيز ١ : ٦٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٢.

(٢) المغني ٢ : ٦٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٧.

(٣) المجموع ٦ : ٢٣ ، الوجيز ١ : ٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٤ ، المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦.

(٤) المجموع ٦ : ٢٤ ، الوجيز ١ : ٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٤ ، المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦.

٣٤

يستقرّ ملكه على خمسة وسبعين وقد ملكها منذ ثلاث سنين ، فعليه زكاتها لثلاث سنين : خمسة دنانير وخمسة أثمان دينار يحط ما أدّى في السنتين يبقى ثلاثة دنانير وثُمن ، وعند تمام الرابعة يستقرّ على الجميع وقد ملكه من أربع سنين فعليه زكاته لأربع [ سنين ](١) عشرة دنانير يحط عنه ما أدى ويخرج الباقي أربعة دنانير وثلاثة أثمان دينار(٢) .

تذنيب : لو كانت الاُجرة ديناً فهي كالدَّين إن أوجبنا الزكاة فيه وجبت هنا ، وإلّا فلا ، وبه قال أحمد(٣) .

وقال مالك وأبو حنيفة : لا يزكّيها حتى يقبضها ويحول عليها الحول ، لأنّ الاُجرة إنّما تستحق بانقضاء مدّة الإِجارة لا بالعقد(٤) .

مسألة ٢٤ : لو اشترى نصاباً جرى في الحول حين العقد‌ ، لأنّه حين الملك ، ولهذا يملك المشتري النماء المنفصل ، وبه قال أحمد(٥) ، وعند الشيخ بانقضاء الخيار(٦) - وبه قال مالك وأحمد في رواية(٧) - وإلّا لم يعد بالفسخ ، والملازمة ممنوعة. وكذا لو شرطا خياراً زائداً جرى في الحول من حين العقد أيضاً ، وعند الشيخ من حين انقضاء الخيار(٨) .

وقال أبو حنيفة : إن كان الخيار للبائع لم ينتقل ، وإن كان للمشتري خرج عن البائع(٩) ولم يدخل في ملك المشتري(١٠) . وليس بجيّد ، لاستحالة‌

____________________

(١) زيادة أثبتناها من المصدر.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥١٤.

(٣) المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦.

(٤) المغني ٢ : ٦٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٤٦ ، والمنتقى للباجي ٢ : ١١٤.

(٥) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٧ ، الخلاف ٢ : ١١٤ ، المسألة ١٣٥.

(٧) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٧ ، الخلاف ٢ : ١١٤ ، المسألة ١٣٥.

(٩) أي : خرج عن ملك البائع.

(١٠) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧.

٣٥

ملك بغير مالك.

وللشافعي ثلاثة أقوال : قولان كقولنا وقول الشيخ ، والثالث : أنّه مراعى ، فإن فسخاه ظهر عدم الانتقال ، وإن أمضياه ظهر الانتقال(١) .

فروع :

أ - لو كان الخيار أزيد من حول ففسخ البائع العقد بعد الحول فالزكاة على المشتري لتعلّقها بالعين ويسقط من الثمن ما قابل الفريضة سواء فسخ قبل تمكّنه من الأداء أو بعده.

ب - الحول ينقطع عن البائع بمجرّد العقد وإن كان الخيار له ، ولا فرق بين أن يقبض المشتري أو لا ، فلو تمّ الحول في مدّة الخيار المشروط ، أو تمّ وهما في المجلس فلا زكاة على البائع ، لانتقال ملكه عنه ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الثاني : الزكاة على البائع بناء على عدم الانتقال(٢) .

ج - لو رُجّع المبيع إلى المالك أو ردّ عليه استأنف حولاً ، لأنّه ملك متجدّد حدث بعد زواله ، وكذا لو فسخ البيع في مدّة المجلس بخياره ، لأنّه لا يمنع نقل الملك.

د - لو حال الحول في مدّة الخيار فالزكاة على المشتري ، لأنّه مالكه ، وعلى قول الشيخ الزكاة على البائع.

فإن أخرجها من غيره فالبيع بحاله ، وإن أخرجها منه بطل البيع في المخرج دون الباقي ، لأنّ تفريق الصفقة لا يقتضي الفسخ.

وهل يثبت الخيار للمشتري؟ إشكال ينشأ من التفريق ، ومن تقدير وجوده عند العقد لعلم المشتري به.

وإن لم يخرجها حتى سلّمه إلى المشتري ، وانقضت مدّة الخيار لزم‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٧ ، المجموع ٥ : ٣٥١.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠٤ ، و ٥١٧.

٣٦

البيع فيه ، وكان عليه الإِخراج من غيره ، كما لو باع ما وجبت الزكاة فيه.

مسألة ٢٥ : لو أصدقها نصابا ، فإن كان في الذمّة كان دينا‌ حكمه حكم الديون ، ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده ، لأنّه دين في الذمّة ، ولا بين أن يكون حيواناً أو غيره.

وقال الشافعي : لا زكاة في الحيوان ، لأنّ من شرط وجوب الزكاة السوم للنماء وهو غير حاصل في الدَّين(١) .

فإن طلّقها قبل الدخول وأخذت نصفه ، فإن أوجبنا الزكاة في الدّين وجب فيما قبضته دون ما لم تقبضه ، لأنّه دَين لم يتعوّض عنه ، ولم تقبضه فأشبه ما تعذّر قبضه لفلس أو جحود.

وكذا لو فسخت النكاح قبل الدخول فسقط المهر كلّه فلا زكاة.

وكذا كلّ دَين سقط قبل قبضه من غير إسقاط صاحبه ، أو يأس صاحبه من استيفائه ، لأنّ الزكاة مواساة فلا تلزم فيما لم يحصل.

فروع :

أ - لو كان الصداق عيناً ملكته بالعقد فتجب عليها الزكاة إذا حال عليه الحول سواء كان في يد الزوج الباذل أو في يدها وإن كان كلّه في معرض السقوط بالردّة ، والفسخ ، أو بعضه بالطلاق.

ب - لو كان الصداق نصاباً فحال عليه الحول ثم سقط نصفه وقبضت النصف فعليها زكاة المقبوض ، لأنّ الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختصّ به ، فاختصّ السقوط به.

ولو مضى عليه حول ثم قبضته كلّه زكّته لذلك الحول ، ولو مضت عليه أحوال قبل قبضه ثم قبضته زكّته لما مضى كلّه ما لم ينقص عن النصاب ، لأنّه مال تستحقّ قبضه ، ويجبر المديون على أدائه فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع ،

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٠١ و ٥١٣.

٣٧

وبه قال أحمد والشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه ، لأنّه بدل عمّا ليس بمال فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كمال الكتابة(٢) .

ونمنع الأصل ، ويفرّق بعدم استحقاق قبضه فإنّ للمكاتب أن يمتنع من أدائه.

ج - لو قبضت صداقها قبل الدخول ومضى عليه حول ، فزكّته من العين ، ثمّ طلّقها الزوج رجع عليها بنصفه وكانت الزكاة من النصف الباقي فيرجع في عشرين جزءا من الغنم من تسعة وثلاثين جزءا ، وهو قول للشافعي وأحمد(٣) ، لقوله تعالى( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (٤) ولأنّه يمكنه الرجوع في العين فلم يكن له العدول إلى القيمة.

وقال الشافعي في بعض أقواله : يرجع الزوج بنصف الموجود ونصف قيمة المخرج ، لأنّه لو تلف الكلّ رجع عليها بنصف قيمته فكذلك إذا تلف البعض(٥) .

والجواب : الفرق بأنّه مع تلف الكلّ لا يمكنه الرجوع في العين.

وله قول ثالث : التخيير بين نصف الموجود ونصف قيمة المفقود ، وبين نصف قيمة الكلّ(٦) ، لأنّه قد تبعّض عليه حقّه فلم يمكنه الرجوع إلى نصف العين فكان له العدول إلى القيمة.

والوجه عندي الرجوع في نصف الموجود ، والمطالبة بعوض الزكاة إمّا‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١ ، المجموع ٦ : ٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣.

(٣) المجموع ٦ : ٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣ ، المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١.

(٤) البقرة : ٢٣٧.

(٥) المجموع ٦ : ٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣ ، المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥١.

(٦) المجموع ٦ : ٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٣‌

٣٨

مِثلاً أو قيمةً على التفصيل.

ولو زكّته من غير العين كان له الرجوع في نصف العين.

د - لو طلّقها بعد الحول وقبل الإِخراج ، قال الشيخ : فإن أخرجتها من عين المال أخذ الزوج نصف الباقي ، وإن أخرجتها من غيره فكذلك.

وإن لم تكن أخرجت لكن اقتسمت هي والزوج الصداق كان ما أخذه الزوج صحيحاً ، وعليها فيما أخذته حقّ الصدقة ، فإن هلك نصيبها وبقي نصيب الزوج كان للساعي أن يأخذ حقّه من نصيب الزوج ، ويرجع الزوج عليها بقيمته ، لأنّ الزكاة تجب في العين دون الذمة(١) .

وهذا القول من الشيخ يشعر بأنّ لها أن تخرج من العين ، وبه قال الشافعي(٢) .

ومنع أحمد من ذلك ، لأنّ حقّ الزوج تعلّق به على وجه الشركة ، والزكاة لم تتعلّق به على وجه الشركة(٣) .

ه- للشافعي في جواز القسمة قبل أداء الزكاة على تقدير تعلّقها بالعين ، وجهان : المنع ، لأنّ المساكين شركاء معهما فلا تجوز القسمة دونهم ، والجواز ، لأنّ للمالك الدفع من أيّ الأموال شاء ، فحينئذٍ للساعي الأخذ من نصيب الزوجة كلّ الزكاة ، لأنّها وجبت عليها قبل ثبوت حقّ الزوج ، فإذا لم يجد لها مالا أخذ من نصيب الزوج ، لأنّ الزكاة وجبت بسببه.

فإذا أخذ الزكاة ففي بطلان القسمة وجهان : البطلان ، لتعيّن حقّ الفقراء في المال المقسوم ، وعدمه ، لأنّ تعيينه حصل بعد صحّة القسمة ، ويرجع الزوج عليها بقيمة الزكاة(٤) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٠٨.

(٢) الاُم ٢ : ٢٥ ، المجموع ٦ : ٣١.

(٣) المغني ٢ : ٦٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٢.

(٤) المجموع ٦ : ٣٠ و ٣١.

٣٩

و - لو كان الصداق ديناً فأبرأته منه بعد الحول فالزكاة عليها على تقدير وجوب الزكاة في الدَّين - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّها تصرّفت فيه فأشبه ما لو قبضته.

والثانية : الزكاة على الزوج ، لأنّه ملك ما ملك عليه فكأنّه لم يزل ملكه عنه(١) .

وهو غلط ، فإنّ الزوج لم يملك شيئاً ، بل سقط الدَّين عنه.

ويحتمل عدم الوجوب ، فإنّ المرأة لم تقبض ، فلم تلزمها زكاته ، كما لو سقط بغير إسقاطها.

وكذا البحث في كلّ دين أبرأه صاحبه منه بعد الحول.

ز - لو طلّقها بعد الحول قبل الدخول والتمكّن من الأداء وجبت الزكاة وإن استحقّ الزوج النصف قبل التمكّن من الأداء ، بخلاف التالف ، لأنّ العين هنا باقية وقد أخذت عوضها وهو البضع ، بخلاف التالف ، إذ لا عوض له.

ح - لو تلف النصف بتفريطها تعلّق حقّ الساعي بالعين ، وضمنت للزوج.

مسألة ٢٦ : اللقطة إنّما تملك بالتعريف حولاً‌ ، ونيّة التملّك على الأقوى ، فلا تجري في حول الزكاة حتى يمضي حول التعريف ، ثم ينوي التملّك فحينئذٍ يستقبل الحول ، وبه قال الشافعي(٢) .

وعند الشيخ تملك بمضيّ التعريف حولاً وإن لم ينو التملّك(٣) ، وهو ظاهر مذهب أحمد(٤) .

وإذا ملكها وجب عليه مثلها أو قيمتها إن لم تكن مثليّةً ، وبه قال‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٢.

(٢) المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣ ، وانظر : المجموع ١٥ : ٢٦٧.

(٣) النهاية : ٣٢٠.

(٤) المغني ٢ : ٦٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

[ وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بمتعة مثلها لا بالمهر ؛ لأنّ المتعة هي التي وجبت بالطلاق ، والشقص عوض عنها(١) .

ولو أخذ من المكاتب شقصاً عوضاً عن النجوم ، فلا شفعة عندنا ](٢) .

وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بمثل النجوم أو بقيمتها ؛ لأنّ النجوم هي التي قابلته(٣) .

ولو جعل الشقص اُجرة دار ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : يؤخذ بقيمة المنفعة ، وهي اُجرة مثل الدار(٤) .

ولو صالح على الشقص عن دم ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بقيمة الدم ، وهي الدية(٥) . ويعود فيه مذهب مالك(٦) .

ولو استقرض شقصاً ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : يأخذه الشفيع بقيمته وإن قلنا : إنّ المستقرض يردّ المثل ؛ لأنّ القرض مبنيّ على الإرفاق ، والشفعة ملحقة بالإتلاف(٧) (٨) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٢) بعض ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز » نصّاً ، ونحوه في « التهذيب » للبغوي ، و « روضة الطالبين ». وبعضه الآخَر من تصحيحنا لأجل السياق.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٤و٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٦) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة. وورد في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ - تتمّةً لقول الشافعي - : « ويقود منه الجريح ويذهب ملكه » بدل « ويعود فيه مذهب مالك ».

(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « بالإتلاف ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

٢٦١

مسالة ٧٤٧ : لو كان الثمن مؤجَّلاً‌ ، مثلاً : اشترى الشقص بمائة مؤجَّلة إلى سنة ، فللشيخرحمه‌الله قولان :

أحدهما - وهو الأقوى عندي ، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في القديم(١) - : أنّ للشفيع الأخذ كذلك بعد إقامة كفيل إذا لم يكن مليّاً ، وليس له الصبر والأخذ عند الأجل(٢) .

لنا : أنّ الأخذ إنّما يكون بالثمن ، ويجب أن يكون على الشفيع مثل الثمن قدراً ووصفاً ، والتأجيل وصف في الثمن. ولأنّ الشفعة على الفور ، وتأخير الطلب إلى الأجل مناف للفوريّة ، وأخذها بالثمن المعجّل إضرار بالشفيع بغير وجه ، فلم يبق إلّا ما قلنا توصّلاً إلى الجمع بين الحقوق كلّها.

وقال الشيخ أيضاً : يتخيّر الشفيع بين أن يأخذه ويعجّل الثمن ، وبين أن يصبر إلى أن يحلّ الأجل ثمّ يأخذه بالثمن(٣) - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد(٤) - لأنّ ذلك يؤدّي إلى أن يلزم المشتري قبول ذمّة الشفيع ، والذمم لا تتماثل ، ولهذا إذا مات مَنْ عليه الدَّيْن المؤجَّل ، حلّ الأجل ، ولم ينتقل إلى ذمّة الورثة. وملاءة الأشخاص لا توجب تماثل الذمم ، فإنّها تختلف في كون بعضها أوفى وبعضها أسهل في المعاملة.

____________________

(١) الموطّأ ٢ : ٧١٥ ، ذيل الحديث ٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٩ ، المغني ٥ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٣ ، المحلّى ٩ : ٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، وانظر : روضة الطالبين ٤ : ١٧١ - ١٧٢.

(٢) النهاية : ٤٢٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٢ ، الخلاف ٣ : ٤٣٣ ، المسألة ٩ من كتاب الشفعة.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ٢٧ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٣ / ١٩٥٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٥٦ ، الوسيط ٤ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١ - ١٧٢ ، المغني ٥ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٣.

٢٦٢

ولأنّ في ذلك تغريراً بالمشتري ؛ لجواز أن يذهب مال الشفيع قبل حلول الأجل ، فيلزمه غرمه ، ولا يجوز أن يلزمه ذلك ، ولم يحصل له حظّ بهذا البيع.

وهو ممنوع ؛ لأنّا نلزم الشفيع بكفيل مليّ يرتضيه المشتري ، فاندفع المحذور.

وللشافعي قولٌ ثالث : إنّ الشفيع يأخذه بسلعة قيمتها الثمن إلى سنة ؛ لأنّه لم يأخذ السلعة بثمن مؤجّل على ما تقدّم ، وإن أخذها بثمنٍ حالّ في الحال أو بعد انقضاء الأجل ، فقد كلّفناه أكثر من الثمن ؛ لأنّ ما يباع بمائة إلى سنة لا يساويها حالّا ، ولئلّا يتأخّر الأخذ ولا يتضرّر الشفيع(١)

وعلى ما اخترناه فإنّما يأخذه بثمنٍ مؤجّل إذا كان مليّاً موثوقاً به أو(٢) إذا أعطى كفيلاً مليّاً ، وإلّا لم يأخذه ؛ لأنّه إضرار بالمشتري ، وهو أحد قولي الشافعي على تقدير قوله بما قلناه. والثاني له : أنّ له الأخذ على الإطلاق ، ولا ينظر إلى صفته ، ولو أخذه ثمّ مات ، حلّ عليه الأجل(٣) .

وعلى قول أبي حنيفة والشيخ والشافعي في الجديد لا يبطل حقّ الشفيع بالتأخير ؛ لأنّه تأخير بعذر ، ولكن هل يجب تنبيه المشتري على الطلب؟ فيه وجهان ، أحدهما : لا ؛ إذ لا فائدة فيه. والثاني : نعم ؛ لأنّه ميسور وإن كان الأخذ معسوراً(٤) .

ولو مات المشتري وحلّ عليه الثمن ، لم يتعجّل الأخذ على الشفيع ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

٢٦٣

بل هو على خيرته إن شاء أخذ في الحال ، وإن شاء صبر إلى مجي‌ء ذلك المحلّ.

ولو مات الشفيع ، فالخيرة التي كانت له تثبت لورثته.

ولو باع المشتري الشقص قبل أن يحلّ الأجل ، صحّ البيع ؛ لأنّ الثمن لو كان حالّاً فباع المشتري صحّ بيعه ، فإذا كان مؤجّلاً وتأخّر الأخذ ، كان جواز البيع أولى ، ويتخيّر الشفيع بين أن يجيز البيع الثاني ويأخذه بالثمن الثاني وبين أن يفسخه إمّا في الحال أو عند حلول الأجل ، ويأخذه بالثمن الأوّل ؛ لأنّ ذلك كان له ، ولا يسقط بتصرّف المشتري.

هذا إذا قلنا : إنّ للشفيع نقض تصرّف المشتري ، وهو الظاهر عندهم(١) ، وفيه خلاف ، وإن قلنا بالثالث ، فتعيين(٢) العرض إلى الشفيع وتعديل القيمة [ إلى ](٣) مَنْ يعرفها.

ولو لم يتّفق طلب الشفعة حتى حلّ الأجل ، وجب أن لا يطالب على هذا القول إلّا بالسلعة المعدلة ؛ لأنّ الاعتبار في قيمة عوض المبيع بحال البيع ، ألا ترى أنّه إذا باع بمتقوّم ، تعتبر قيمته يوم البيع. وعلى القولين الآخَرَيْن لو أخّر الشفعة ، بطل حقّه.

مسالة ٧٤٨ : لو ضمّ شقصاً مشفوعاً إلى ما لا شفعة فيه في البيع‌ ، مثل أن يبيع نصفَ دار وثوباً أو عبداً أو غيرهما صفقةً واحدة ، بسط الثمن عليهما باعتبار القيمتين ، وأخذ الشفيع الشقص بحصّته من الثمن ، عند علمائنا ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد(٤) ، ولا شفعة في المضموم ؛

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فيتعيّن ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢ ، المغني ٥ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٢.

٢٦٤

لأنّ المضموم لا شفعة فيه ولا هو تابع لما فيه الشفعة ، فلا تثبت فيه الشفعة ، كما لو أفرده.

وقال مالك : تثبت الشفعة فيهما معاً. ويروى عنه أيضاً أنّه إن كان من مصالح الضيعة وتوابعها كالثيران وآلات الحرث والعبد العامل في البستان ، أخذه الشفيع مع الشقص. وإن كان غير ذلك ، لم يأخذه ؛ لأنّه لو أخذ الشقص وحده ، تبعّضت الصفقة على المشتري ، وفي ذلك ضرر ، ولا يزال الضرر عن الشفيع بإلحاق ضرر المشتري(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه أدخله على نفسه بجمعه في العقد بين ما ثبت فيه الشفعة وما لا تثبت.

ثمّ النظر إلى قيمتهما يوم البيع ؛ فإنّه وقت المقابلة.

قال الجويني : إذا قلنا : إنّ الملك ينتقل بانقطاع الخيار ؛ فيجوز أن يعتبر وقت انقطاع الخيار ، لأنّ انتقال الملك - الذي هو سبب الشفعة - حينئذٍ يحصل(٢) .

وهذا يتأتّى على قول الشيخ أيضاً.

وإذا أخذ الشفيع الشقص ، لم يثبت للمشتري الخيار وإن تفرّقت الصفقة عليه ، لدخوله فيها عالماً بالحال.

مسالة ٧٤٩ : إذا اشترى شقصاً من دار فاستهدمت إمّا بفعل المشتري أو بغير فعله ، فلها أحوال :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠ ، المغني ٥ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٠.

٢٦٥

أ - أن تتعيّب من غير تلف شي‌ء منها ولا انفصال بعضها عن بعض بأن يتشقّق جدار أو تميل أسطوانة أو ينكسر جذع أو يضطرب سقف ، فالشفيع بالخيار بين الأخذ بكلّ الثمن ، وبين الترك ، ويكون تعيّبه في يد المشتري كتعيّب المبيع في يد البائع ، فإنّه يتخيّر المشتري بين الفسخ وبين الأخذ بجميع الثمن ، عند بعض(١) علمائنا ، وبه قال الشافعي(٢) .

وعند بعضهم(٣) يسقط(٤) الأرش ، فينبغي هنا أن يكون كذلك.

ب - أن يتلف بعضها ، فيُنظر إن تلف شي‌ء من العرصة بأن غشيها السيل فغرّقها ، أخذ الباقي بحصّته من الثمن.

وإن بقيت العرصة بتمامها وتلفت السقوف والجدران باحتراقٍ وغيره ، فإن قلنا : إنّ الأبنية كأحد العبدين المبيعين(٥) ، أخذ العرصة بحصّتها من‌

____________________

(١) كالشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٠٩ ، المسألة ١٧٨ ، والمبسوط ٢ : ١٢٧ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٠٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٢ - ١٧٣.

(٣) اُنظر : نكت النهاية ( النهاية ونكتها ) ٢ : ١٦١ - ١٦٢.

(٤) كذا بصيغة الإثبات. وفي جواهر الكلام ١٦ : ٣٥٩ حيث نقل عبارة التذكرة قال : « لا يسقط الأرش ». وقال المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٤ : ٤١٧ - ٤١٨ عند شرح قول المصنّف في القواعد : « ولو انهدم أو تعيّب بفعل المشتري قبل المطالبة » : فهاهنا أربع صور : الاولى : أن يكون ذلك بفعل المشتري قبل مطالبة الشفيع بالشفعة بأن ينقض البناء أو يشقّ الجدار أو يكسر الجذع إلى أن ساق الكلام إلى قوله : وقد سبق في كتاب البيع وجوب الأرش على البائع إذا تعيّب المبيع في يده فينبغي أن يكون هنا كذلك ، وقد نبّه كلام المصنّف في التذكرة على ذلك. انتهى ، فلاحظ قوله : « وجوب الأرش على البائع » حيث إنّه يخالف قول المصنّف : « يسقط الأرش » ويوافق ما في الجواهر من قوله : « لا يسقط ». وانظر أيضاً : الكافي في الفقه - للحلبي -: ٣٥٥.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « المسمّيين » بدل « المبيعين ». والظاهر ما أثبتناه.

٢٦٦

الثمن ، وهو الأصحّ ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(١) .

وإن قلنا : إنّها كأطراف العبد وصفاته ، أخذها بكلّ الثمن على رأي - وبه قال الشافعي(٢) - وبما بعد الأرش على رأي.

وفرّق بعضهم بين أن يكون التلف بآفة سماويّة ، فيأخذها بجميع الثمن ، أو بإتلاف متلفٍ ، فيأخذها بالحصّة ؛ لأنّ المشتري يحصل له بدل التالف ، فلا يتضرّر ، وبه قال أبو حنيفة(٣) .

ج - أن لا يتلف شي‌ء منها ولكن ينفصل بعضها عن بعض بالانهدام وسقوط الجدران ، فإنّ الشفيع يأخذ الشقص مع الأبعاض - وهو أحد قولي الشافعي(٤) - لأنّها دخلت في البيع وكانت متّصلة به حالة البيع ممّا يدخل في الشفعة ، فكذا بعد النقض ، وكونه منقولا عرض بعد البيع وبعد تعلّق حقّ الشفيع به ، والاعتبار بحال جريان العقد ، ولهذا لو اشترى داراً فانهدمت ، يكون النقض والعرصة للمشتري وإن كان النقض لا يندرج في البيع لو وقع بعد الانهدام.

والثاني للشافعي : لا يأخذ الشفيع النقض ؛ لأنّه منقول كما لو كان في الابتداء كذلك وأدخل النقض في البيع ، لا يؤخذ بالشفعة(٥) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣ ، المغني ٥ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥١ / ١٩٧٢ ، المغني ٥ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٣.

(٤و٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

٢٦٧

فإن قلنا بالأوّل ، أخذه مع العرصة بجميع الثمن أو بما بعد الأرش على ما تقدّم ، أو يعرض عن الكلّ.

وإن قلنا : إنّه لا يأخذه - كما هو اختيار الشافعي في القول الثاني - فيبني على أنّ السقوف والجدران كأحد العبدين أو كطرف العبد؟ إن قلنا بالأوّل ، أخذ العرصة وما بقي من البناء بحصّتهما من الثمن.

وإن قلنا بالثاني ، فوجهان :

أحدهما : أنّه يأخذ بالحصّة ؛ لأنّ الأنقاض كانت من الدار المشتراة ، فيبعد أن تبقى للمشتري مجّاناً ويأخذ الشفيع ما سواه بتمام الثمن.

والثاني - وهو قياس الأصل المبنيّ عليه - : أن يأخذ بتمام الثمن ، كما في الحالة الاُولى. وعلى هذا فالأنقاض تشبه بالثمار والزوائد التي يفوز بها المشتري قبل قبض الشفيع(١) .

ومنهم مَنْ كان يطلق قولين - تفريعاً على أنّ النقض غير مأخوذ من غير البناء - على أنّ النقض كأحد العبدين أو كأطراف العبد؟(٢)

ووجه الأخذ بالكلّ : أنّه نَقْصٌ حصل عند المشتري ، فأشبه تشقّق الحائط ، والأخذِ بالحصّة : أنّ ما لا يؤخذ من المبيع بالشفعة تسقط حصّته من الثمن ، كما إذا اشترى شقصاً وسيفاً.

واعلم أنّ المزني نقل عن الشافعي أنّ الشفيع مخيّر بين أن يأخذه بجميع الثمن أو يردّ(٣) .

وقال في القديم ومواضع من الجديد : أنّه يأخذه بالحصّة(٤) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ - ٥١٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

(٣) مختصر المزني : ١٢٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

٢٦٨

وقد ذكر بعض الشافعيّة فيه خمس طرق :

أ - منهم مَنْ قال : إنّ ما انهدم من الدار لا يدخل في الأخذ بالشفعة ، وإنّما يأخذ العرصة وما فيها من البناء ؛ لأنّ ذلك منفصل عنها ، كما لو باع داراً ، لم يدخل فيها ما كان منفصلاً عنها. وهل يأخذ العرصة والبناء الذي فيها بجميع الثمن أو بالحصّة؟ قولان.

ب - ما ذُكر في الطريقة الاُولى إلّا في أنّه يأخذ ذلك بحصّته من الثمن قولاً واحداً.

ج - إنّ ما انفصل من الدار يستحقّه الشفيع مع الدار ؛ لأنّ استحقاقه للشفعة إنّما كان حال عقد البيع وفي ذلك الحال كان متّصلاً.

د - المسألة على اختلاف حالين ، فالموضع الذي قال : يأخذها بالحصّة إذا ذهب بعض العرصة بغرقٍ أو غير ذلك ، والموضع الذي قال : يأخذها بجميع الثمن إذا كانت العرصة باقيةً وإنّما ذهب البناء.

ه- إنّ الموضع الذي قال : يأخذ بالحصّة إذا تلف بعض الأعيان بفعله أو فعل آدميّ ، والموضع الذي قال : يأخذه بجميع الثمن إذا حصل ذلك بأمر سماويّ(١) .

وبهذه(٢) الطريقة الأخيرة قال أبو حنيفة(٣) .

أقول : ما فعله المشتري مضمون ( وإن كان إذا )(٤) حصل بغير فعله لم يضمنه ، كما لو قلع عين المبيع ، كان تضمينها عليه ، ولو سقطت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « هذه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٥١ / ١٩٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١١ ، المغني ٥ : ٥٠٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٣.

(٤) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : « وإذا كان ».

٢٦٩

لم يسقط شي‌ء من الثمن.

هذا كلّه إذا كان التعيّب لا بفعل المشتري أو بفعله قبل الطلب ، أمّا إذا كان بفعل المشتري بعد الطلب ، فهل يضمن المشتري؟ قولان لعلمائنا ، الأقرب : الضمان.

ولو تلف بعض المبيع ، أخذه بحصّته من الثمن.

مسالة ٧٥٠ : إذا بنى المشتري أو غرس قبل القسمة ، كان للشريك قلعه‌ ، لا من حيث الشفعة ، بل من حيث إنّ أحد الشريكين إذا بنى أو غرس في الأرض المشتركة ، كان للشريك الآخر قلعه وتخريب البناء مجّاناً ، وله الأخذ بالشفعة بعد القلع وقبله.

وإن كان المشتري قد قسّم - إمّا لغيبة الشريك ، أو لصغره - بإذن الحاكم ، أو لكذبه في الإخبار بالثمن فعفا ، أو في الاتّهاب فظهر(١) البيع ، أو قاسمه وكيله وأخفى(٢) عنه وجه الحظّ في الأخذ بالشفعة ثمّ يجي‌ء الموكّل فيظهر له الوجه ثمّ بنى أو غرس أو زرع بعد القسمة والتمييز ثمّ علم الشفيع ، فللمشتري قلع غرسه وبنائه ؛ لأنّه ملكه.

فإذا قلعه ، لم يكن عليه تسوية الحفر ؛ لأنّه غرس وبنى في ملكه ، وما حدث من النقص فإنّما حدث في ملكه ، وذلك ممّا لا يقابله الثمن ، وإنّما يقابل الثمن سهام الأرض من نصف وثلث وربع ، ولا يقابل التراب ، فيكون الشفيع بالخيار بين أن يأخذ الأرض بجميع الثمن أو يترك.

وإن لم يقلع المشتري الغراس ، تخيّر الشفيع بين ثلاثة أشياء : ترك الشفعة ، وأخذها ودفع قيمة البناء والغراس إن رضي الغارس والباني ،

____________________

(١) في « س ، ي » : « فيظهر ».

(٢) في « س ، ي » : « خفي ».

٢٧٠

ويصير الملك له ، وأن يُجبر المشتري على القلع ، ويضمن له ما نقص له بالقلع.

وقيل : رابعٌ : أن يُبقيه في الأرض باُجرة(١) .

فأمّا إذا طالبه بقلع ذلك من غير أن يضمن له النقص ، لم يلزمه قلعه ، قاله الشيخ(٢) رحمه‌الله ، والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق والنخعي(٣) ؛ لأنّه بنى في ملكه الذي يملك نفعه ، فلم يُجبر على قلعه مع الإضرار به ، كما لو كان لا شفعة فيه.

وقال أبو حنيفة والثوري : يُجبر على قلعه ؛ لأنّه بنى في حقّ غيره بغير إذنه ، فكان عليه قلعه ، كما لو بنى فيها وبانت مستحقَّةً(٤) .

وفرّق(٥) الأوائل بأنّه غرس في ملك غيره(٦) .

وقول أبي حنيفة عندي لا بأس به ، والبناء وإن كان في ملكه لكنّه ملكٌ غير مستقرّ ، فلا يؤثّر في منع القلع ، والقياس على عدم الشفعة باطل.

لا يقال : القسمة تقطع الشركة ، وتردّ العلقة بينهما إلى الجوار ، وحينئذٍ وجب أن لا تبقى الشفعة ؛ لاندفاع الضرر الذي كُنّا نثبت الشفعة لدفعه ، كما لا تثبت ابتداءً للجار.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٨ ، الخلاف ٣ : ٤٣٩ ، المسألة ١٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المغني ٥ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٣.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٩ ، المغني ٥ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٣.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فرّقوا ».

(٦) المغني ٥ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٣.

٢٧١

لأنّا نقول : الجوار وإن لم يكن يكتفى به في الابتداء إلّا أنّه اكتفي به في الدوام عند حصول الشركة في الابتداء ، ولم يخرّج على الخلاف في بطلان الشفعة فيما إذا باع نصيبه جاهلاً بالشفعة ؛ لأنّ الجوار على حال ضرب اتّصال قد يؤدّي إلى التأذّي(١) بضيق المرافق وسوء الجوار ، ولذلك اختلف العلماء في ثبوت الشفعة به.

إذا عرفت هذا ، فلا فرق بين تصرّف المشتري والمستعير إذا بنى في أرض المعير أو غرس. ولو كان قد زرع ، ترك زرعه إلى أن يدرك ويحصد.

وهل للشفيع أن يطالبه باُجرة بقاء الزرع؟ الأقوى : العدم ، بخلاف المستعير ، فإنّه زرع أرض الغير وقد رجع في العارية ، فكان عليه الاُجرة ، أمّا المشتري فإنّه زرع ملك نفسه واستوفى منفعته بالزراعة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : له المطالبة ، كما أنّ المعير يبقي بالاُجرة(٢) . وقد بيّنّا الفرق.

وكذا لو باع أرضاً مزروعة ، لا يطالبه المشتري بالاُجرة لمدّة بقاء الزرع.

وللشافعيّة في الصور الثلاث - صورة بيع الأرض المزروعة ، وصورة العارية ، وصورة الشفعة - وجهان في وجوب الاُجرة ، لكنّ الظاهر عندهم في صورة العارية وجوب الاُجرة ، وفي الصورتين الاُخريين المنع ؛ للمعنى الجامع لهما ، وهو أنّه استوفى منفعة ملكه(٣) .

وأمّا إذا زرع بعد المقاسمة ، فإنّ الشفيع يأخذ بالشفعة ، ويبقى زرع المشتري إلى أوان الحصاد ، لأنّ ضرره لا يبقى ، والأجرة عليه ، لأنّه زرعه‌

____________________

(١) في « س » والطبعة الحجريّة : « على حال ضرر إيصال قد يتأدّى إلى التأذّي ». وفي « ي » : « على حال ضرر أيضاً . .». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠.

٢٧٢

في ملكه.

تذنيب : إذا زرع ، لزم الشفيع إبقاء الزرع ، وحينئذٍ يجوز له تأخير الشفعة إلى الإدراك والحصاد ؛ لأنّه لا ينتفع به قبل ذلك ، ويخرج الثمن من يده ، فله في التأخير غرض صحيح ، وهو الانتفاع بالثمن إلى ذلك الوقت ، قاله بعض الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : ويحتمل أن لا يجوز التأخير وإن تأخّرت المنفعة ، كما لو بِيعت الأرض في وسط الشتاء ، لا تؤخّر الشفعة إلى أوان الانتفاع(٢) . ولعلّ بينهما فرقاً.

ولو كان في الشقص أشجار عليها ثمار لا تستحقّ بالشفعة ، ففي جواز التأخير إلى وقت القطاف وجهان للشافعيّة(٣) .

وعندي أنّه يجب الأخذ معجّلاً.

مسالة ٧٥١ : لو تصرّف المشتري بوقف أو هبة وغيرهما ، صحّ‌ ؛ لأنّه واقع في ملكه ، وثبوت حقّ التملّك للشفيع لا يمنع المشتري من التصرّف ، كما أنّ حقّ التملّك للواهب بالرجوع(٤) لا يمنع تصرّف المتّهب ، وكما أنّ حقّ التملّك للزوج بالطلاق لا يمنع تصرّف الزوجة.

وعن ابن سريج من الشافعيّة أنّ تصرَّفاته باطلة ؛ لأنّ للشفيع حقّاً لا سبيل إلى إبطاله ، فأشبه حقّ المرتهن(٥) .

وإذا قلنا بالصحّة على ما اخترناه نحن - وهو الظاهر من قول الشافعيّة(٦) - أنّه يُنظر إن كان التصرّف ممّا لا تثبت به الشفعة ، فللشفيع نقضه ، وأخذ‌

____________________

(٣-١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فالرجوع ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥و٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨.

٢٧٣

الشقص بالشفعة ، وإلّا تخيّر بين الأخذ بالأوّل وفسخ الثاني ، وبين إمضائه والأخذ بالثاني.

وعن المروزي أنّه ليس تصرّف المشتري بأقلّ من بنائه ، فكما لا ينقض المشتري بناؤه لا ينبغي أن ينقض تصرّفه(١) .

واختلفت الشافعيّة في موضع هذا الوجه :

فمنهم مَنْ خصّصه بما تثبت فيه الشفعة من التصرّفات ، أمّا ما لا تثبت فله نقضه ، لتعذّر الأخذ به.

ومنهم مَنْ عمّم وقال : تصرّف المشتري يُبطل حقَّ الشفيع ، كما يُبطل تصرّف المشتري المفلس حقَّ الفسخ للبائع ، وتصرّف المرأة حقَّ الرجوع إلى العين إذا طلّق قبل الدخول ، وتصرّف المتّهب رجوعَ الواهب. نعم ، لو كان التصرّف بيعاً ، تجدّد حقّ الشفعة بذلك(٢) .

وعن أبي إسحاق من الشافعيّة أنّها لا تتجدّد أيضاً ؛ لأنّ تصرّف المشتري إذا كان مبطلاً للشفعة ، لا يكون مثبتاً لها ، كما إذا تحرّم(٣) بالصلاة ثمّ شكّ فجدّد نيّةً وتكبيراً ، لا تنعقد بها الصلاة ؛ لأنّه يحصل بها الحلّ فلا يحصل العقد(٤) .

ووجه ظاهر المذهب : أنّ للشفيع نقض تصرّف المشتري ؛ لأنّ حقّه ثابت بأصل العقد ، فلا يتمكّن المشتري من إبطاله ، ولا يشبه تصرّف المفلس وتصرّف المرأة في الصداق ، فإنّ حقّ البائع والزوج لا يبطل بالكلّيّة ، بل ينتقل إلى الثمن والقيمة ، والواهب رضي بسقوط حقّه حيث سلّمه إليه وسلّطه عليه ، وهنا لم يبطل حقّ الشفيع بالكلّيّة ، ولم يوجد منه‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « أحرم » بدل « تحرّم ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٢.

٢٧٤

رضا ولا تسليم(١) .

قال بعض الشافعيّة : يجوز أن يبنى الوجهان على القولين فيما إذا عُتقت الأمة تحت عبد وطلّقها قبل أن تختار الفسخ ، هل ينفذ الطلاق؟

ووجه الشبه : أنّ الطلاق يُبطل حقّها في الفسخ ولم تسلّطه عليه ، كما ذكرنا في الشفيع(٢) .

وحكي عن بعضهم أنّه لا ينقض الشفعةَ تصرّفُ الوقف ، وينقض ما عداه(٣) .

مسالة ٧٥٢ : النخل تتبع الأرض في الشفعة‌ ، وبه قال الشافعي(٤) .

فإن طالب بالشفعة وقد زادت النخل بطولٍ وسعفٍ ، رجع في ذلك ؛ لأنّ هذه زيادة غير متميّزة ، فتبعت الأرض في الرجوع ، كسمن الجارية.

اعترض بعض الشافعيّة بأنّه كيف جعلتم النخل تبعاً للأرض في الشفعة وقد قلتم : إنّ الأرض تتبع النخل في المساقاة ، فتجوز المزارعة على ما بين النخل من البياض تبعاً للنخيل!؟

واُجيب : بأنّه يجوز أن تكون الأرض تبعاً في حكمٍ يختصّ بالنخل ، والنخل تبعاً لها في حكم آخَر يختصّ بالأرض ، وإنّما لا يجوز أن يكون الشي‌ء تابعاً ومتبوعاً في أمرٍ واحد ، وقد عرفت الكلبُ مقيس على الخنزير في النجاسة ، والخنزير مقيس عليه في الغَسْل من ولوغه عندهم(٥) .

ولو طلّق الزوج قبل الدخول وكان الصداق نخلاً وقد طالت ، لا يرجع في النصف ، لأنّ الزوج يمكنه الرجوع في القيمة إذا تعذّر الرجوع في‌

____________________

(٣-١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٢.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤.

(٥) لم نعثر على الاعتراض والجواب عنه في المصادر المتوفّرة لدينا.

٢٧٥

العين ، والقيمة تنوب منابها ، وفي الشفعة إذا لم يرجع في ذلك ، سقط حقّه من الشفعة ، فلهذا لم يسقط من الأصل لأجل ما حدث من البائع.

إذا عرفت هذا ، فإن كان في هذه النخل طلع حدث ، نُظر فإن كان قد اُبّر وتشقّق ، كان للمشتري ؛ لأنّه بمنزلة النماء المنفصل من ملكه.

وإن كان لم يؤبّر ، فهل يتبع في الشفعة؟

أمّا عندنا فلا ؛ لاختصاص الشفعة بالبيع خاصّةً.

وأمّا عند الشافعي فقولان(١) ، كالمفلس إذا ابتاع نخلاً وحدث فيها طلع لم يؤبّر وأراد البائع الرجوع في النخل.

ويفارق ذلك البيعَ ؛ لأنّه أزال ملكه باختياره ، وكان الطلع تابعاً إذا لم يكن ظاهراً ، ويكون في الردّ بالعيب كالشفعة.

وكذلك إذا كان انتقال الملك بغير عوض - كالهبة ، وفسخ الهبة - فيه قولان(٢) .

فإن كان المشتري اشترى النخل وفيها الطلع ، فإن كان مؤبَّراً ، فإنّه لا يتبع في البيع ، وإذا اشترطه ، دخل في البيع ، ولا تثبت فيه الشفعة ، وإنّما يأخذ الأرض والنخل بحصّتهما من الثمن.

فإن كانت غير مؤبَّرة ، تبعت بمطلق العقد.

فإن أخذ الشفيع الشقص قبل أن تؤبّر الثمرة ، لم يأخذه الشفيع بالثمرة إن تجدّدت بعد الشراء.

وإن كانت موجودةً حال البيع ، فالأقوى : الدخول في الشفعة ، كما دخلت في البيع ، فصارت بمنزلة النخل في الأرض.

____________________

(١ و ٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٧٦

وإن أخذ الشقص بعد التأبير ، لم يتبعه الطلع.

وقال بعض الشافعيّة : إذا أخذ الشفيع الشقص قبل أن يؤبّر الطلع ، كان في الطلع القولان ؛ لأنّه لو ثبت حقّ الشفيع في هذا الطلع ، لوجب أن يأخذه وإن تشقّق ؛ لأنّ ذلك زيادة متّصلة(١) .

والغراس تبع في الشفعة ؛ لأنّه يراد للتبقية في الأرض والتأبيد.

مسالة ٧٥٣ : إذا تبايعا بثمن ثمّ زاده المشتري عليه زيادة أو نقص البائع منه شيئاً بعد العقد، فإن كان ما اتّفقا عليه من الزيادة أو الحطّ بعد لزوم البيع وانقضاء الخيار ، لم يكن للشفيع في ذلك حقّ ، ولا عليه شي‌ء لا في حطّ الكلّ ولا في حطّ البعض ؛ لأنّ الشفيع إنّما يأخذ بما استقرّ عليه العقد ، والذي استقرّ عليه المسمّى.

ولو كان في زمن الخيار ، لم يلحق أيضاً الشفيع عندنا ؛ لوقوع العقد على شي‌ء ، فلا تضرّ الزيادة والنقيصة بعده.

وقال الشافعي : يثبت ذلك التغيير في حقّ الشفيع في أحد الوجهين ؛ لأنّ حقّ الشفيع إنّما ثبت إذا تمّ العقد ، وإنّما يستحقّ بالثمن الذي هو ثابت في حال استحقاقه. ولأنّ زمن الخيار بمنزلة حالة العقد ، والتغيير يلحق بالعقد ؛ لأنّهما على اختيارهما فيه كما كانا في حال العقد(٢) .

فأمّا إذا انقضى الخيار وانبرم(٣) العقد فزاد أو نقص ، لم يلحق بالعقد ؛ [ لأنّ الزيادة ](٤) لا تثبت إلّا أن تكون هبةً مقبوضةً ، والنقصان يكون‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) الوجيز ١ : ٢١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣ ، المغني ٥ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٢.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « لزم » بدل « انبرم ».

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « والزيادة ». والظاهر ما أثبتناه كما في المغني والشرح الكبير.

٢٧٧

إبراءً ، ولا يثبت [ ذلك ](١) في حقّ الشفيع ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يثبت النقصان بعد الخيار للشفيع ، ولا تثبت الزيادة وإن كانا(٣) عنده يلحقان بالعقد ، ويقول : الزيادة تضرّ بالشفيع فلم يملكها(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ ذلك تغيّر بعد استقرار العقد ، فلم يثبت في حقّ الشفيع ، كالزيادة.

والفرق ليس بصحيح ؛ لأنّ ذلك لو لحق بالعقد ، لثبت في حقّه وإن أضرّ به ، كما لو كان في زمن الخيار.

ولو حطّ كلّ الثمن في زمن الخيار ، لم يلحق الحطّ عندنا بالشفعة - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّ ذلك بمنزلة ما لو باع بلا ثمن ، فلا شفعة للشريك ؛ لأنّه يصير هبةً ، فيبطل على رأي ، ويصحّ على رأي.

أمّا إذا حطّ منه أرش العيب ، فإنّه يثبت في حقّ الشفيع ؛ لأنّه سقط بجزء فقد من المبيع ، ولهذا فاته جزء من الثمن.

مسالة ٧٥٤ : لو كان ثمن الشقص عبداً ، ثبتت الشفعة عندنا‌ ، خلافاً لبعض علمائنا وبعض الجمهور ، وقد سبق(٦) ، ويأخذ الشفيع بقيمة العبد.

فإن وجد البائع بالعبد عيباً ، فإمّا أن يكون [ قبل ](٧) أن يحدث عنده‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المغني والشرح الكبير.

(٢) المصادر في الهامش (٢) من ص ٢٧٦.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « كان » بدل « كانا ». وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٤) المغني ٥ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٦) في ص ٢٥٧ ، المسألة ٧٤٥.

(٧) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « بعد » بدل « قبل ». والصحيح ما أثبتناه.

٢٧٨

عيب أو يكون الوقوف على العيب بعد حدوث عيب عنده. فإن علمه قبل أن يحدث عنده عيب ، فإمّا أن يكون ذلك بعد أخذ الشفيع بالشفعة أو قبله.

فإن وقف عليه بعد أخذ الشفيع ، كان له ردّ العبد على المشتري ، ولم يكن له استرجاع الشقص ؛ لأنّ الشقص قد ملكه بالأخذ ، فلم يكن للبائع إبطال ملكه ، كما لو كان المشتري قد باعه ثمّ وجد البائع بالثمن عيباً ، فإنّه يردّه ، ولا يفسخ بيع المشتري ، ويرجع البائع إلى قيمة الشقص ، كذا هنا.

وقال بعض الشافعيّة : يستردّ المشتري الشقص من الشفيع ، ويردّ عليه ما أخذه ، ويسلّم الشقص إلى البائع ؛ لأنّ الشفيع نازل منزلة المشتري ، فردُّ البائع يتضمّن نقض ملكه ، كما يتضمّن نقض ملك المشتري لو كان في ملكه(١) .

والمشهور عندهم(٢) ما قلناه.

فإذا دفع الشفيع قيمة العبد إلى المشتري ودفع المشتري إلى البائع قيمة الشقص ، فإن تساويا ، فلا بحث. وإن تفاوتا ، لم يرجع المشتري على الشفيع إن كانت قيمة الشقص أكثر بشي‌ء ، ولا يرجع الشفيع على المشتري إن كانت قيمة العبد أكثر - وهو أحد قولي الشافعيّة(٣) - لأنّ الشفيع أخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد ، فلا يلزمه أكثر من ذلك.

والثاني : يتراجعان ؛ لأنّ المشتري استقرّ عليه عوض الشفيع قيمته ، فينبغي أن يستحقّ ذلك على الشفيع ، فيرجع كلّ مَنْ كان ما دفعه أكثر على صاحبه بالزيادة(٤) .

ولو عاد الشقص إلى المشتري ببيع أو هبة أو ميراث أو غير ذلك ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٤ ، وأيضاً : فتح العزيز ١١ : ٤٥٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٤.

(٢ - ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٤.

٢٧٩

لم يكن للبائع أخذه منه ، بخلاف الغاصب إذا دفع القيمة لتعذّر ردّ المغصوب ثمّ قدر عليه ، فإنّه يجب عليه ردّه على المالك ، واسترداد ما دفعه من القيمة ؛ لأنّ المالك لم يزل ملكه عن المغصوب بالتقويم ودفع القيمة ، وإنّما أخذنا القيمة للضرورة وقد زالت ، وهنا زال ملك البائع عنه وصار ملكاً للشفيع ، وانقطع حقّه عنه ، وإنّما انتقل حقّه إلى القيمة ، فإذا أخذها ، لم يبق له حقّ.

وحكى بعض الشافعيّة فيه وجهين بناءً على أنّ الزائل العائد كالذي لم يزل ، أو كالذي لم يعد؟(١)

وأمّا إذا كان قد علم بالعيب قبل أن يأخذ الشفيع بالشفعة ، فهنا حقّان ، ففي تقديم أيّهما للشافعيّة وجهان :

أحدهما : الشفيع أولى ؛ لأنّ حقّه سبق حقّ البائع في الردّ.

والثاني : البائع أولى ؛ لأنّ الشفعة تثبت لإزالة الضرر عن الشريك ، فلا نثبتها مع تضرّر البائع بإثباتها(٢) .

وحكى الجويني الجزم بتقديم البائع(٣) .

والوجه عندي : تقديم حقّ الشفيع ؛ لسبقه.

فإذا قلنا : الشفيع أحقّ ، فإنّ البائع يأخذ من المشتري قيمة الشقص ، ويرجع المشتري على الشفيع بقيمة العبد ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : يرجع على الشفيع بقيمة الشقص(٤) .

ولو وجد البائع العيب في العبد بعد أن حدث عنده عيب أو بعد‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٤.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٣.

(٤) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460