تذكرة الفقهاء الجزء ٥

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 182830 / تحميل: 6071
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٥-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

الزكاة عن أبيه إذا لم يَعُلْه ؛ لسقوط النفقة عنه ، وعن الولد ؛ لفقره ، وبه قال الشافعي(١) .

ولو كان المعسر صغيراً ، ووجد قدر هذا القوت ، فكذلك ، وهو أحد وجهي الشافعية. والثاني : أنّ فطرته لا تسقط ، لأنّ نفقته آكد ، فإنّها قد ثبتت في الذمة ؛ لأنّ للاُمّ أن تستقرض على الأب الغائب لنفقة الصغير ، ونفقة الكبير لا تثبت في الذمة بحال(٢) .

والفرق ممنوع ؛ لأنّ نفقة الكبير قد تثبت لو استدان له الحاكم عن الأب.

مسألة ٢٨٧ : يجب الإِخراج عن الضيف وإن تبرّع بإطعامه‌ ، مسلماً كان أو كافراً ، حُرّاً أو عبداً ، عند علمائنا أجمع وقد تقدّم الخلاف في التبرّعات.

لكن اختلف علماؤنا ، فقال بعضهم : يشترط الضيافة جميع شهر رمضان(٣) .

وشرط آخرون : ضيافة العَشْر الأواخر(٤) .

واقتصر آخرون على آخر ليلة في الشهر ، بحيث يهلّ هلال شوّال وهو في ضيافته(٥) . وهو الأقوى ؛ لقولهعليه‌السلام : ( عمّن تمونون )(٦) وهو صالح للحال والاستقبال. وحمله على الحال أولى ؛ لأنّه وقت الوجوب ، وإذا علّق الحكم على وصف ، ثبت مع ثبوته ، لا قبله ولا بعده.

ولإِطلاق اسم الضيف عليه عند الهلال.

____________________

(١) الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١٢٥ - ١٢٦.

(٢) الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١٢٦.

(٣) حكى الأقوال كلّها ، المحقّق في المعتبر : ٢٨٨ ، وبعد أن ذكر القول الأخير ، قال : وهو الأولى. وممّن اختار القول الأول : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٣ ، المسألة ١٦٢.

(٤) حكى الأقوال كلّها ، المحقّق في المعتبر : ٢٨٨ ، وبعد أن ذكر القول الأخير ، قال : وهو الأولى. وممّن اختار القول الأول : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٣ ، المسألة ١٦٢.

(٥) حكى الأقوال كلّها ، المحقّق في المعتبر : ٢٨٨ ، وبعد أن ذكر القول الأخير ، قال : وهو الأولى. وممّن اختار القول الأول : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٣ ، المسألة ١٦٢.

(٦) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في صفحة ٣٧٦ ، الهامش (٤)

٣٨١

الفصل الثالث

في قدرها وجنسها‌

مسألة ٢٨٨ : الجنس في الفطرة ما كان قوتاً غالباً‌ ، كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والاُرز والأقِط واللّبن ؛ لرواية أبي سعيد ، قال : فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صدقة الفطر صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من أقِط(١) .

ومن طريق الخاصة : قول العسكريعليه‌السلام : « ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط »(٢) .

ولأنّه مقتات ، فجاز إخراجه كالبُرّ ، وهذا عام فيمن قوته الأقِط ومن لم يكن ، وفيمن وجد الأصناف المنصوص عليها ومن لم يجد.

وقال أبو حنيفة : لا يخرج من الأقِط إلّا على وجه القيمة(٣) .

وعن أحمد روايتان في الواجد : إحداهما : الإِجزاء كقولنا ، والاُخرى : المنع ؛ لأنّ الأقِط جنس لا تجب الزكاة فيه ، فلا يجزئ إخراجه للواجد غيره من باقي الأصناف(٤) .

____________________

(١) سنن النسائي ٥ : ٥١.

(٢) التهذيب ٤ : ٧٩ / ٢٢٦ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ / ١٤٠.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ - ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٢ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ١٢‌

(٤) المغني ٢ : ٦٦٠ - ٦٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

٣٨٢

وقول أبي سعيد : كُنّا نُخرج صاعاً من أقِط(١) ؛ وهُمْ من أهل الأمصار ؛ يُبطله.

وأمّا اللبن فإنّه يجوز إخراجه - عند علمائنا أجمع - لكلّ أحد سواء قدر على غيره من الأجناس أو لا - وهو قول أحمد في رواية ، وحكاه أبو ثور عن الشافعي(٢) - لأنّه يقتات به. ولأنّه أكمل من الأقِط ؛ لإِمكان حصول الأقِط منه.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « الفطرة على كلّ قوم ما يغذّون عيالاتهم : لبن أو زبيب أو غيره »(٣) .

وعن أحمد رواية : أنّه لا يجزئ اللبن بحال ؛ لعدم ذكره في خبر أبي سعيد(٤) .

وعدم ذكره فيه لا يدلّ على العدم.

وعنه اُخرى : أنّه يجزئ عند عدم الأصناف(٥) .

وأمّا الاُرز ، فإنّه أصل عند علمائنا ؛ لأنّه يقتات به.

ولقول أبي الحسن العسكريعليه‌السلام : « وعلى أهل طبرستان الاُرز »(٦) .

ومنع منه أحمد ؛ لعدم الذكر في خبر أبي سعيد(٧) . وقد سبق.

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٦١ ، سنن النسائي ٥ : ٥١ و ٥٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٤٦ / ٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٣ ، والموطّأ ١ : ٢٨٤ / ٥٣.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٨ / ٢٢١ ، الإستبصار ٢ : ٤٣ / ١٣٧.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

(٥) المغني ٢ : ٦٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٩ / ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ / ١٤٠.

(٧) اُنظر : المغني ٢ : ٦٦٥ و ٦٦٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

٣٨٣

مسألة ٢٨٩ : يجوز إخراج ما كان قوتاً‌ وإن غاير الحنطة والشعير والتمر والزبيب واللبن والأقِط، مع وجودها وعدمها بالقيمة ، عند علمائنا - وهو رواية عن أحمد(١) - لقولهعليه‌السلام : ( أغنوهم عن الطلب )(٢) وهو يحصل بالقوت.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « الفطرة على كلّ من أصاب قوتاً فعليه أن يؤدّي من ذلك القوت »(٣) .

وعن أحمد رواية : أنّه لا يجزئ إلّا الخمسة المنصوصة ، إلّا مع عدمها(٤) .

وقال مالك : يخرج من غالب قوت البلد(٥) .

وقال الشافعي : أيّ قوت كان الأغلب على الرجل ، أدّى زكاة الفطرة منه(٦) .

واختلف أصحابه ، فقال بعضهم بقول مالك. وقال بعضهم : الاعتبار بغالب قوت المـُخرج ، فإن عدل عن الواجب الى أعلى منه جاز ، والى أدون قولان(٧) .

فروع :

أ - السُّلْت نوع من الشعير ، أو شبهه ، مقتات ، فيجزئ بالأصالة إن‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٦٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٣ / ١٤ ، التهذيب ٤ : ٧٨ / ٢٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ / ١٣٦.

(٤) المغني ٢ : ٦٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٥) المغني ٢ : ٦٦٥ و ٦٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨١.

(٦) الاُم ٢ : ٦٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٣٢ ، المغني ٢ : ٦٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٠ ، المغني ٢ : ٦٦٥ - ٦٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

٣٨٤

كان شعيراً ، وإن شابهه فبالقيمة. وكذا العلس بالنسبة إلى الحنطة.

ب - يجوز إخراج الدقيق من الحنطة والشعير ، والسويق ، على أنّهما أصلان - وبه قال أحمد وأبو حنيفة(١) - لقولهعليه‌السلام : ( أو صاعاً من دقيق )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كلّه حنطة أو دقيق أو سويق أو سُلْت »(٣) .

ولأنّهما أجزاء الحبّ تفرّقت ، ويمكن كيلها وادّخارها ، فجاز إخراجها كما قبل الطحن.

ج - يجوز إخراج الخُبز أصلاً ؛ لأنّه يقتات به. ولأنّه أنفع. ولأنّ الانتفاع الذاتي - وهو الاغتذاء - إنّما يتمّ بصيرورتها خُبزاً ، فكفاية الفقير مؤونة ذلك أولى.

ومنع أحمد من ذلك ؛ لخروجه عن الكيل والادّخار(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ الغاية الذاتية حاصلة ، فلا اعتبار بالأمر العرضي.

د - لا يجزئ إخراج الهريسة والكبولا وشبههما ، ولا الخِلّ والدِّبْس إلّا بالقيمة ؛ لانتفاء الاقتيات.

ه- لا يجوز إخراج المعيب كالمسوَّس والمبلول ومتغيّر الطعم ؛ لقوله تعالى( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٥) .

و - تستحب تنقية الطعام لسلامته عن مخالطة غيره ، ولو كان المخالط‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١١٦.

(٢) سنن الدارقطني ٢ : ١٤٦ / ٣٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٨٢ / ٢٣٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٣ / ١٣٩.

(٤) المغني ٢ : ٦٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٣.

(٥) البقرة : ٢٦٧.

٣٨٥

كثيراً بحيث يُعدّ عيباً ، وجبت تنقيته ، ولو لم يكثر جاز ، ولا تجب الزيادة على الصاع إذا كان يخرج بالصاع عادةً.

ز - من أيّ الأصناف المنصوص عليها أخرج جاز وإن لم يكن قوتاً له ولا لبلده - وبه قال أحمد(١) - للامتثال ؛ لورود الأمر بحرف التخيير.

وقال مالك : يخرج من غالب قوت البلد(٢) .

مسألة ٢٩٠ : قد بيّنّا أنّه يجوز إخراج أحد هذه الأجناس المنصوص عليها وإن كان غالب قوت البلد غيرها‌ ، عند علمائنا.

وللشافعي قولان : هذا أحدهما ؛ للتخيير في الخبر. وفي الآخر : لا يجوز ؛ لقولهعليه‌السلام : ( أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ) وإنّما يحصل بقوت أهل البلد(٣) .

وهو ممنوع.

مسألة ٢٩١ : أفضل هذه الأجناس : إخراج التمر ، ثم الزبيب ، ثم غالب قوته‌.

وبأولوية التمر على الباقي قال مالك وأحمد ، اقتداءً بأفعال الصحابة(٤) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنّه‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٢) المغني ٢ : ٦٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٥٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٨٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٣٢ - ١٣٣ ، الوجيز ١ : ١٠٠ ، فتح العزيز ٦ : ٢١٠ - ٢١٣ ، وأورد لفظ الحديث ، الرافعي في فتح العزيز ٦ : ١١٧ و ٢١٣ وأبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٧٢. وفي سنن البيهقي ٤ : ١٧٥ : ( أغنوهم عن طواف هذا اليوم ).

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٥٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣١.

٣٨٦

أسرع منفعةً »(١) وأقلّ كُلفةً.

ولاشتماله على القوت والحلاوة ، فكان أولى.

وقال الشافعي وأبو عبيد : البُرّ أولى ، لأنّه أغلى ثمناً وأنفسها ، وقد سئلعليه‌السلام عن أفضل الرقاب ، فقال : ( أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها )(٢) .

والاُولى ممنوعة.

وأمّا أولوية الزبيب بعده : فلما تقدّم في التمر من اشتماله على الحلاوة والقوت ، وقلّة كُلفة التناول وسُرعته ، وبه قال بعض الحنابلة(٣) .

وقال الباقون : الأفضل بعد التمر البُرّ(٤) .

مسألة ٢٩٢ : ويجوز إخراج القيمة‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال الحسن البصري والثوري وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة(٥) - لأنّ معاذاً طلب من أهل اليمن ، العَرَض(٦) . وكان عمر بن الخطّاب يأخذ العروض في الصدقة(٧) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بالقيمة في الفطرة »(٨) .

ولأنّ القيمة أعمّ نفعاً ، وأكثر فائدةً. ولأنّ الغاية دفع الحاجة ، وهو‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٧١ / ٣ ، الفقيه ٢ : ١١٧ / ٥٠٥ ، علل الشرائع : ٣٩٠ ، الباب ١٢٨ ، الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٨٥ / ٢٤٨.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٣ ، فتح العزيز ٦ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ١٣٣ - ١٣٤ ، وانظر أيضاً : صحيح البخاري ٣ : ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٤٣ / ٢٥٢٣ ، الموطّأ ٢ : ٧٧٩ / ١٥ ، مسند أحمد ٢ : ٣٨٨ و ٥ : ١٥٠ ، سنن البيهقي ١٠ : ٢٧٣ ، مصنف ابن أبي شيبة ٩ : ١٠٧ - ١٠٨.

(٣ و ٤ ) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٤.

(٥) المغني ٢ : ٦٧١ - ٦٧٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧.

(٦) سنن البيهقي ٤ : ١١٣ ، والمغني لابن قدامة ٢ : ٦٧٢ ، نقلاً عن سعيد بن منصور.

(٧) المغني ٢ : ٦٧٢ - ٦٧٣ ، نقلاً عن سعيد بن منصور.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٦ / ٢٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ / ١٦٧.

٣٨٧

يحصل مع اختلاف صُوَر الأموال.

ومنع الشافعي ومالك وأحمد من ذلك ؛ لما فيه من العدول عن النص(١) .

وهو ممنوع ؛ فإنّ إيجاب نوع لا يمنع من غيره.

وعن أحمد رواية اُخرى : أنّه لا تجزئ القيمة في الفطرة خاصة(٢) .

تذنيب : لا قدر معيّن للقيمة ، بل المرجع فيه الى القيمة السوقية ؛ لأنّ الواجب : العين ، والقيمة السوقية بدل ، فتعتبر وقت الإِخراج.

وما ورد من التقدير بدرهم(٣) أو أربعة دوانيق(٤) ؛ محمول على أنّ القيمة وقت السؤال كانت ذلك.

مسألة ٢٩٣ : وقدر الفطرة عن كلّ رأس صاع من أحد الأجناس‌ - وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو سعيد الخُدري والحسن وأبو العالية(٥) - لقول أبي سعيد الخُدري : كُنّا نخرج صاعاً من طعام(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الرضاعليه‌السلام : « صاع بصاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٧) .

وقال سعيد بن المسيب وعطاء وطاوُس ومجاهد وعروة بن الزبير وأصحاب‌

____________________

(١) حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، المغني ٢ : ٦٧١.

(٢) المغني ٢ : ٦٧١.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٩ / ٢٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ / ١٦٨.

(٤) الفقه المنسوب للإِمام الرضاعليه‌السلام : ٢١٠ ، المقنعة : ٤١.

(٥) المغني ٢ : ٦٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩ ، المجموع ٦ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨١ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٨٥.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ١٦١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩ / ٦٧٣ ، سنن النسائي ٥ : ٥١ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٤٦ / ٣٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٥.

(٧) الكافي ٤ : ١٧١ / ٥ ، الفقيه ٢ : ١١٥ / ٤٩٢ ، التهذيب ٤ : ٨٠ / ٢٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٤٦ / ١٤٨.

٣٨٨

الرأي : يجزئ نصف صاع من البُرّ(١) - وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان ، إحداهما : صاع ، والْأُخرى : نصف صاع(٢) - لما روي عن النبيعليه‌السلام ، قال : ( صاع من قَمح بين كلّ اثنين )(٣) .

وأنكر ابن المنذر هذا الحديث(٤) .

مسألة ٢٩٤ : والصاع أربعة أمداد. والمدّ رطلان وربع بالعراقي‌ ، قدره : مائتان واثنان وتسعون درهماً ونصف. والدرهم : ستة دوانيق.

والدانق : ثمان حبّات من أوسط حبّات الشعير ، يكون قدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي ، وستة بالمدني عند علمائنا ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام كان يتوضّأ بمُدّ ، ويغتسل بصاع(٥) . مع كثافة شعره ، وتمام خَلْقه ، واستظهاره في أفعال الغُسل ، وفعله للمندوب منه من المضمضة والاستنشاق وتكرار الغسلات ، ويتعذّر ذلك فيما هو أقلّ.

ومن طريق الخاصة : قول أبي الحسن العسكريعليه‌السلام : « يدفع الصاع وزناً ستة أرطال برطل المدينة ، والرطل مائة وخمسة وتسعون‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩ ، المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٦ ، اللباب ١ : ١٦٠.

(٢) المغني ٢ : ٦٥٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩ ، المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٦ ، اللباب ١ : ١٦٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ٢٢٥.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١٤ / ١٦٢٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٠ / ٥٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٧ ، وانظر أيضاً : المغني ٢ : ٦٥٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٥٩.

(٤) المغني ٢ : ٦٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٠.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٢٥٨ / ٥١ ، سنن الترمذي ١ : ٨٣ - ٨٤ / ٥٦ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٤ / ٧٣.

٣٨٩

درهماً »(١) .

وفي رواية اُخرى عنهعليه‌السلام : « الصاع ستة أرطال بالمدني ، وتسعة أرطال بالعراقي »(٢) .

وقال أبو حنيفة : الصاع ثمانية أرطال(٣) ، لقول أنس : إنّهعليه‌السلام كان يتوضّأ بالمـُدّ ويغتسل بالصاع. والمـُدّ رطلان(٤) .

وليس حجّةً ؛ لأنّه(٥) من كلام الراوي ، مع أنّ أهل الحديث طعنوا فيه(٦) .

وقال الشافعي : الصاع خمسة أرطال وثُلث بالبغدادي - وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف(٧) - لأنّ الرشيد غيَّر الصاع بالمدينة فكان ذلك.

وهو مسلَّم ، فإنّ أرطال المدينة تقارب ذلك.

مسألة ٢٩٥ : ويجزئ من اللبن أربعة أرطال بالمدني ، هي ستة بالعراقي‌ ؛ لخلوصه من الغش ، وعدم احتياجه الى مؤونة.

فروع :

أ - الأصل في الإِخراج الكيل ، وقدَّره العلماء بالوزن(٨) ؛ لأنّه أضبط ،

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٧٩ / ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ / ١٤٠.

(٢) الكافي ٤ : ١٧٢ / ٩ ، الفقيه ٢ : ١١٥ / ٤٩٣ ، التهذيب ٤ : ٨٣ - ٨٤ / ٢٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٤٩ / ١٦٣.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٤٨ ، المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩.

(٤) شرح معاني الآثار ٢ : ٥٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٤ / ٧٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧١.

(٥) أي : قوله : والمدّ رطلان.

(٦) كما في المعتبر - للمحقق الحلّي - : ٢٨٩ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٧١.

(٧) المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٨٦ ، المغني ٢ : ٦٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٠ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٤٨.

(٨) كما في المغني ٢ : ٦٥٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٦٠ ، وفتح العزيز ٦ : ١٩٥.

٣٩٠

فيجزئه الصاع من جميع الأجناس ، سواء كان أثقل أو أخفّ.

ولو أخرج بالوزن ، فالوجه : الإِجزاء وإن نقص عن الكيل.

ومنع محمد بن الحسن الشيباني ، لما فيه من الاختلاف ، فإنّ في البُرّ أثقل وأخفّ(١) .

ب - لو أخرج صاعاً من جنسين أجزأ - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٢) - لأنّه أخرج من المنصوص عليه. ولأنّ أحد النصفين إن ساوى الآخر قيمة أو كان أنقص أو أكثر ، أجزأ.

ومنع الشيخ منه - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه مخالف للخبر(٤) . وهو ممنوع.

ج - الأقرب : إجزاء أقلّ من صاع من جنس أعلى إذا ساوى صاعاً من أدون ، كنصف صاع من حنطة يساوي صاع شعير ، لأنّ القيمة لا تخصّ عيناً.

ولأنّ في بعض الروايات : « صاع أو نصف صاع حنطة »(٥) وإنّما يحمل على ما اخترناه.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٠.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٣.

(٣) المجموع ٦ : ١٣٥ ، فتح العزيز ٦ : ٢٢٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤١.

(٥) التهذيب ٤ : ٨٥ / ٢٤٦.

٣٩١

الفصل الرابع

في الوقت‌

مسألة ٢٩٦ : تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان‌ - وبه قال الشافعي في الجديد ، وأحمد وإسحاق والثوري ومالك في إحدى الروايتين(١) - لقولهعليه‌السلام : ( فرض زكاة الفطر طهرة للصائم )(٢) ولا يصدق عليه يوم العيد اسم الصوم.

ومن طريق الخاصة عن الصادقعليه‌السلام : أنّه سئل عن مولود وُلد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا ، قد خرج الشهر » وسئل عن يهودي أسلم ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا »(٣) .

ولأنّها تضاف الى الفطر ، فتجب به ، كزكاة المال ، لاقتضاء الإِضافة‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٦ و ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٦ - ١٢٧ ، المغني ٢ : ٦٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١١.

(٢) سنن الدارقطني ٢ : ١٣٨ / ١ ، سنن أبي داود ٢ : ١١١ / ١٦٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ / ١٨٢٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٣ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠٩ ، وفي غير الأول : ابن عباس قال : فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، زكاة الفطر طهرةً للصائم. وفي الأول : ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : زكاة الفطر. الى آخره.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٢ / ١٢ ، التهذيب ٤ : ٧٢ / ١٩٧‌

٣٩٢

الاختصاص ، والسبب أخصّ بحكمه من غيره.

وقال بعض علمائنا : إنّها تجب بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر(١) - وبه قال الشافعي في القديم، وأبو حنيفة وأصحابه ، ومالك في الرواية الاُخرى ، وأبو ثور(٢) - لقولهعليه‌السلام : ( أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم )(٣) .

ولا دلالة فيه ؛ لحصول الإِغناء بالدفع ليلة الفطر. ولأنّها واجب موسَّع ، فالوجوب بالغروب والإِخراج قبل الصلاة.

وقال بعض أصحاب مالك : تجب بطلوع الشمس يوم الفطر ؛ للأمر بالإِخراج قبل الخروج الى المصلّى(٤) .

ولا حجّة فيه.

وللشافعي ثالث : إنّما تجب بمجموع الغروب وطلوع الفجر ؛ لتعلّقها بالفطر والعيد(٥) . وهو يصدق فيما قلناه أيضاً.

مسألة ٢٩٧ : لو ولد له مولود ، أو ملك عبداً ، أو تزوّج ، أو بلغ قبل الغروب بلحظة‌ ، وجبت عليه الفطرة عنهم ، ولو كان بعد الغروب سقطت وجوباً - لا استحباباً - الى الزوال ، ولو تجدّد ذلك بعد الزوال يوم الفطر ، سقط الاستحباب أيضاً.

____________________

(١) كالشيخ المفيد في المقنعة : ٤١ ، والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائله ) ٣ : ٨٠ ، وسلّار في المراسم : ١٣٤ ، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٦٩ ، وابن الجنيد كما في المعتبر : ٢٨٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٦ - ١٢٧ و ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١١ ، المغني ٢ : ٦٧٨ - ٦٧٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٧.

(٣) تقدّمت الإِشارة الى مصادره في صفحة ٣٨٥ ، الهامش (٣)

(٤) حلية العلماء ٣ : ١٢٦ ، المجموع ٦ : ١٢٨.

(٥) فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، المجموع ٦ : ١٢٧.

٣٩٣

وكذا لو بلغ أو أسلم أو زال جنونه أو استغنى قبل الهلال ، وجبت عليه ، واستحب لو كان بعده قبل الزوال ، وبعده يسقط الاستحباب أيضاً ، لأنّ معاوية بن عمار سأل الصادقعليه‌السلام عن مولود وُلد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا ، قد خرج الشهر » وسأله عن يهودي أسلم ليلة ( الفطر )(١) عليه فطرة؟ قال : « لا »(٢) .

فروع :

أ - لو اتّهب عبداً فأهلَّ شوّال قبل القبض ، فالزكاة على الواهب - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ القبض شرط ملك المتّهب.

وقال مالك : الزكاة على المتّهب(٤) ؛ لأنّ القبض ليس شرطاً. وسيأتي بطلانه.

ولو مات فقبض الوارث قَبل شوّال فلا انتقال أيضاً.

ب - لو مات ولده أو عبده ، أو أعتقه ، أو باعه ، أو ماتت زوجته ، أو طلّقها قبل الغروب ، فلا زكاة عليه إجماعاً ، وتجب بعده.

وعلى اعتبار الوقتين : الغروب والطلوع - كما هو مذهب الشافعي(٥) - لو طلّق زوجته أو زال ملكه وسط الليل ثم عاد في الليل ، ففي الزكاة عند الشافعية وجهان(٦) .

ج - لو مات العبد بَعد الهلال قَبل إمكان أداء الزكاة عنه ، وجب الإِخراج‌

____________________

(١) في النسخ الخطية : ( العيد ) بدل ( الفطر ).

(٢) الكافي ٤ : ١٧٢ / ١٢ ، التهذيب ٤ : ٧٢ / ١٩٧.

(٣) الاُم ٢ : ٦٣ ، المجموع ٦ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٧.

(٤) اُنظر : حلية العلماء ٣ : ١٢٧.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٦ - ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٦.

(٦) المجموع ٦ : ١٢٧ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٣.

٣٩٤

عنه ؛ لوجود السبب.

وقال بعض الشافعية : تسقط ؛ لتلف المال الذي هو سبب الوجوب ، كالنصاب(١) .

والفرق : أنّ الزكاة تجب في عين النصاب فسقطت ، وهنا الزكاة في الذمة ، فلا تسقط بتلف السبب.

د - لو أوصى ( له )(٢) بعبد ثم مات بعد الهلال فالزكاة عليه ؛ لعدم الانتقال. وقبله(٣) إن قبل الموصى له قبله(٤) فعليه ، لتحقّق الملك قبل الهلال. وبعده(٥) قال الشيخ : لا زكاة ، لانتفاء المالك(٦) .

والوجه : وجوب الزكاة على الموصي إن جعلنا القبول سبباً أو شرطاً في الملك ، وإن جعلناه كاشفاً فعلى الموصى له.

وللشافعي كالقولين ، وله ثالث : إنّه يدخل في ملك الموصى له بغير اختياره بموت الموصي ، فالزكاة عليه(٧) .

ه- لو مات الموصى له قام وارثه مقامه في القبول ، فإن قبل قبل الهلال فعليه في ماله ، وعلى القول بالكشف تجب في مال الموصى له.

و - لو مات - وعليه دَينٌ - بعد الهلال ، ففطرة عبده عليه ؛ لوجود المقتضي ، ولو قصرت التركة ، تحاصّ الدُّيّان وأرباب الزكاة.

وإن مات قبله ، قال الشيخ : لا يلزم أحداً فطرته ، لعدم الانتقال الى‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في « ط ».

(٣) أي : مات قبل الهلال.

(٤) أي : قبل الهلال.

(٥) أي : كان القبول بعد الهلال.

(٦) الخلاف ٢ : ١٤٥ ، المسألة ١٨٠.

(٧) المجموع ٦ : ١٣٨ ، فتح العزيز ٦ : ٢٤٠ - ٢٤١ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٨.

٣٩٥

الوارث ، فإنّه لا إرث قبل الدَّين. ولا الى الدُّيّان ؛ للآية(١) (٢) .

والوجه : ثبوتها على الوارث ؛ لامتناع ثبوت ملك لا مالك له. وعدم صلاحية الميت للملك. والدُّيّان لا يملكون ، وإلّا لم يزل عنهم بالإِبراء.

ولأنّ الحالف مع الشاهد هو الوارث لا الدُّيّان. ولأنّه لو مات بعض الورثة ثم اُبرئ الميت ، كانت التركة بين الحي وورثة الميت. والآية محمولة على القسمة.

ز - لو ملك الولد قبل الهلال قوت يوم العيد ، سقط عن والده نفقة ذلك اليوم ، فإن لم يَعُله فلا زكاة عليه ، ولا على الولد ؛ لفقره.

ح - لو وقع بين المعتق نصفه وبين المولى مهاياة ، فوقعت نوبة الهلال على أحدهما ، احتمل اختصاصه بالفطرة ، لاختصاصه بالعيلولة. والشركة ؛ لأنّه كالنائب عن صاحبه.

مسألة ٢٩٨ : يستحب إخراجها يوم العيد قبل الخروج الى المصلّى ، ويتضيّق عند الصلاة‌ ؛ لأنّ ابن عباس روى : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فرض زكاة الفطرة طُهرةً للصائم من اللغو والرفث ، وطعمةً للمساكين ، فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات(٣) .

ومن طريق الخاصة : عن الصادقعليه‌السلام نحوه(٤) .

ولأنّ الغرض إغناء الفقير عن السعي فيه ، وإنّما يتحقّق قبل الصلاة.

فروع :

أ - لو أخّرها عن صلاة العيد اختياراً أثم عند علمائنا أجمع - وبه قال‌

____________________

(١) وهي : قوله تعالى :( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ ) ، النساء : ١٢.

(٢) الخلاف ٢ : ١٤٤ ، المسألة ١٧٩.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١١ / ١٦٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ / ١٨٢٧ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٣.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٦ / ٢١٤ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ - ٤٥ / ١٤٣.

٣٩٦

الشافعي(١) - لأنّ الإِغناء في اليوم إنّما يتحقّق بالإِخراج قبل الصلاة.

ولأنّ العيص سأل الصادقعليه‌السلام عن الفطرة متى هي؟ قال : « قبل الصلاة يوم الفطر »(٢) .

ولأنّه تأخير للواجب عن وقته ، فكان حراماً.

وقال عطاء ومالك وأحمد وأصحاب الرأي : يكره وليس بمحرَّم(٣) .

وعن أحمد رواية بالجواز من غير كراهية(٤) .

ولو أخّرها عن يوم العيد ، قال أحمد : يأثم وعليه القضاء(٥) .

وحكي عن ابن سيرين والنخعي : أنَّهما رخصا في تأخيرها عن يوم العيد(٦) .

ب - لو تمكّن من إخراجها يوم العيد ولم يخرج أثم على ما تقدّم ، ولا تسقط عنه ، بل يجب عليه قضاؤها ؛ إذ البراءة من الأمر بالإِخراج إنّما يحصل به ، ولو لم يتمكّن فلا إثم.

ثم إن كان قد عزلها أخرجها مع الإِمكان ؛ لتعيّنها للصدقة ، فلا تسقط بفوات الوقت ، كما لو عدم مستحق زكاة المال.

وإن لم يكن عزلها ، فعليه القضاء أيضا ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٧) .

____________________

(١) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٩٠ ، وفي المجموع ٦ : ١٤٢ هكذا : لو أخّرها عن صلاة الإِمام ، وفَعَلها في يومه ، لم يأثم ، وكانت أداءً ، وإن أخّرها عن يوم الفطر أثم. وكذا في فتح العزيز ٦ : ١١٧.

(٢) التهذيب ٤ : ٧٥ / ٢١٢ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ / ١٤١.

(٣) المغني ٢ : ٦٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٤) المغني ٢ : ٦٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٥) المغني ٢ : ٦٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩.

(٦) المجموع ٦ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، المغني ٢ : ٦٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩.

(٧) حكاه المحقّق في المعتبر : ٢٩٠.

٣٩٧

وقيل : تسقط(١) . وليس بمعتمد.

وقيل : تكون أداءً(٢) . وليس بجيّد ؛ لأنّها عبادة فات وقتها قبل فعلها ، فكانت قضاءً.

ج - يجوز العزل كزكاة المال ، فإذا عزلها ولم يُخرجها مع القدرة ضمن ، وإن لم يتمكّن فلا ضمان.

وقال أحمد : يضمنها مطلقاً(٣) .

ويجوز نقلها الى غير البلد مع عدم المستحق فيه لا مع وجوده فيه.

ويجوز إخراجها من المال الغائب عنه. والأفضل : إخراجها في بلد المالك وتفريقها فيه.

د - يجوز تقديم الفطرة من أول رمضان لا عليه ، عند أكثر علمائنا(٤) - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّ سبب الصدقة الصوم والفطر عنه ، فإذا وجد أحدهما ، جاز تعجيلها ، كزكاة المال بعد ملك النصاب.

ولقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وهو في سعة أن يعطيها في أول يوم يدخل في شهر رمضان»(٦) .

وقال أبو حنيفة : يجوز تقديمها من أول الحول ، لأنّها زكاة مخرجة عن‌

____________________

(١) القائل هو : الحسن بن زياد وداود ، كما في المجموع ٦ : ١٤٢ ، وبدائع الصنائع ٢ : ٧٤ ، كما حكاه عن الحسن بن زياد وعن بعض فقهائنا ، المحقق في المعتبر : ٢٩٠ واستحسنه.

(٢) القائل هو ابن إدريس في السرائر : ١٠٩.

(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٩٠.

(٤) منهم : الصدوقان كما في الفقيه ٢ : ١١٨ ذيل الحديث ٥١١ ، والمقنع : ٦٧ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٩١ ، والمبسوط ١ : ٢٤٢ ، والخلاف ٢ : ١٥٥ ، المسألة ١٩٨ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٩٠.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٦ / ٢١٥ ، الاستبصار ٢ : ٤٥ - ٤٦ / ١٤٧.

٣٩٨

بدنه ، فإذا كان المخرج عنه موجوداً جاز إخراجها قبل الوقت ، كزكاة المال بعد وجود النصاب(١) .

والفرق : وجود السبب في زكاة المال وهو النصاب ، وزكاة الفطر سببها : الفطر ، لإِضافتها اليه. على أنّا نمنع حكم الأصل.

وقال أحمد : يجوز تقديمها قبل الهلال بيوم أو يومين خاصة(٢) .

وقال بعض الجمهور : يجوز تقديمها من بعد نصف الشهر(٣) .

الفصل الخامس

في المستحق‌

مسألة ٢٩٩ : مصرف زكاة الفطر مصرف زكاة المال‌ ، لعموم قوله تعالى( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ ) الآية(٤) .

ولا يجوز دفعها الى من لا يجوز دفع زكاة المال اليه ، فلا تدفع الى الذمّي عند علمائنا - وبه قال مالك والليث والشافعي وأبو ثور وأحمد(٥) - لأنّها زكاة ، فلا تدفع الى غير المسلم ، كزكاة المال ، وقد أجمع العلماء على منع الذمّي من زكاة المال إلّا لمصلحة التأليف.

وقال أبو حنيفة : يجوز(٦) ، لقولهعليه‌السلام : ( تصدّقوا على أهل‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨ ، المجموع ٦ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٤.

(٢) المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨ ، المجموع ٦ : ١٤٢.

(٣) المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٤) التوبة : ٦٠.

(٥) المغني ٢ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٢.

(٦) المغني ٢ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٤ ، الهداية للمرغيناني =

٣٩٩

الأديان )(١) .

ونمنع صحة السند ، ويحمل على المندوبة.

مسألة ٣٠٠ : ويشترط في المدفوع اليه : الإِيمان‌ ، سواء وجد المستحقّ أو لا ، وينتظر بها ، ويحمل من بلده مع عدمه الى بلد آخر. ولا يعطى المستضعف - خلافاً للشيخ(٢) - لقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « الزكاة لأهل الولاية »(٣) .

وسئل الرضاعليه‌السلام عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال : « لا ، ولا زكاة الفطرة »(٤) .

ولو دفع الى غير المؤمن أعاد ؛ لأنّه دفع الحقّ الى غير مستحقّه ، فيبقى في العهدة.

ولو كان الدافع غير مؤمن ثم استبصر ، أعاد أيضاً ؛ للرواية(٥) .

وكذا يشترط فيه كلّ ما يشترط في مستحقّ زكاة المال من الفقر ، وعدم وجوب الإِنفاق عليه.

ويجوز صرفها في الأصناف الثمانية ، لأنّها صدقة ، فأشبهت صدقة المال.

مسألة ٣٠١ : ويجوز دفعها الى الواحد‌ عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، ومالك وأبو ثور وأحمد وابن المنذر(٦) - لورود الآية(٧) ببيان المصرف‌.

____________________

= ١ : ١١٣ ، المجموع ٦ : ٢٤٢.

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٧٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٢ ، النهاية : ١٩٢ ، والتهذيب ٤ : ٨٨ ذيل الحديث ٢٥٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٥٢ / ١٣٥.

(٤) التهذيب ٤ : ٥٢ / ١٣٧ ، والكافي ٣ : ٥٤٧ / ٦.

(٥) تقدّمت آنفاً.

(٦) المغني ٢ : ٧١٢ - ٧١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٤ - ٦٦٥.

(٧) التوبة : ٦٠.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

قال المصنّف ١(١) :

التاسع : الضرورة قاضية بالفرق بين من أحسن إلينا دائما ، ومن أساء إلينا دائما ، وحسن مدح الأوّل وذمّ الثاني ، وقبح ذمّ الأوّل ومدح الثاني ، ومن شكّ في ذلك فقد كابر مقتضى عقله.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٥.

٤٤١

وقال الفضل(١) :

هذا الحسن وهذا القبح ممّا لا نزاع فيه بأنّهما عقليّان ؛ لأنّهما يرجعان إلى الملاءمة والمنافرة ، أو الكمال والنقص.

على إنّه قد يقال : جاز أن يكون هناك عرف عامّ هو مبدأ لذلك الجزم المشترك ، وبالجملة : هو من إقامة الدليل في غير محلّ النزاع ، والله تعالى أعلم.

هذه جملة ما أورده من الدلائل على رأيه العاطل ، وقد وفّقنا الله لأجوبتها كما يرتضيه أولو الآراء الصائبة.

ولنا في هذا المبحث تحقيق نريد أن نذكره في هذا المقام ، فنقول :

اتّفقت كلمة الفريقين من الأشاعرة والمعتزلة على إنّ من أفعال العباد ما يشتمل على المصالح والمفاسد ، وما يشتمل على الصفات الكمالية والنقصانية ، وهذا ممّا لا نزاع فيه.

وبقي النزاع في أنّ الأفعال التي تقتضي الثواب أو العقاب ، هل في ذواتها جهة محسّنة ، صارت تلك الجهة سبب المدح والثواب ، أو جهة مقبّحة ، صارت سببا للذمّ والعقاب ، أو لا؟

فمن نفى وجود هاتين الجهتين في الفعل ، ماذا يريد من هذا النفي؟!

إن أراد عدم هاتين الجهتين في ذوات الأفعال ، فيرد عليه أنّك

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٧.

٤٤٢

سلّمت وجود الكمال والنقص والمصلحة والمفسدة في الأفعال ، وهذا عين التسليم بأنّ الأفعال في ذواتها جهة الحسن والقبح ؛ لأنّ المصلحة والكمال حسن ، والمفسدة والنقص قبح.

وإن أراد نفي كون هاتين الجهتين مقتضيتان للمدح والثواب بلا حكم الشرع بأحدهما ؛ لأنّ تعيين الثواب والعقاب للشارع والمصالح والمفاسد في الأفعال التي تدركهما العقول ، لا يقتضي تعيين الثواب والعقاب بحسب العقل ؛ لأنّ العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد في الأفعال ، ومزج بعضها ببعض ، حتّى يعرف الترجيح ويحكم بأنّ هذا الفعل حسن لاشتماله على المصلحة ، أو قبيح لاشتماله على المفسدة ، فهذا الحكم خارج عن طوق العقل فتعيّن تعيّنه للشرع.

فهذا كلام صالح صحيح لا ينبغي أن يردّه المعتزلي.

مثلا : شرب الخمر كان مباحا في بعض الشرائع ، فلو كان شرابه حسنا في ذاته بالحسن العقلي ، كيف صار حراما في بعض الشرائع الأخر؟! هل انقلب حسنه الذاتي قبحا؟!

وهذا ممّا لا يجوز ، فبقي أنّه كان مشتملا على مصلحة ومفسدة ، كلّ واحد منهما بوجه ، والعقل كان عاجزا عن إدراك المصالح والمفاسد بالوجوه المختلفة.

فالشرع صار حاكما بترجيح جهة المصلحة في زمان ، وترجيح جهة المفسدة في زمان آخر ، فصار حلالا في بعض الأزمنة حراما في البعض الآخر.

فعلى الأشعري أن يوافق المعتزلي ؛ لاشتمال ذوات الأفعال على جهة المصالح والمفاسد ، وهذا يدركه العقل ولا يحتاج في إدراكه إلى الشرع.

٤٤٣

وهذا في الحقيقة هو الجهة المحسّنة والمقبّحة في ذوات الأفعال.

وعلى المعتزلي أن يوافق الأشعري أنّ هاتين الجهتين في العقل لا تقتضي حكم الثواب والعقاب والمدح والذمّ باستقلال العقل ؛ لعجزه عن مزج جهات المصالح والمفاسد في الأفعال.

وقد سلّم المعتزلي هذا في ما لا يستقلّ العقل به ، فليسلّم في جميع الأفعال ، فإنّ العقل في الواقع لا يستقلّ في شيء من الأشياء بإدراك تعلّق الثواب.

فإذا كان النزاع بين الفريقين مرتفعا ، تحفّظ بهذا التحقيق ، وبالله التوفيق.

* * *

٤٤٤

وأقول :

قد عرفت في أوّل المطلب أنّ الملاءمة والمنافرة جهتان تقتضيان الحبّ والبغض ، والرضا والسخط ، لا الحسن والقبح العقليّين ، فلا معنى لعدّهما من معاني الحسن والقبح.

وعرفت أنّ كثيرا من صفات الكمال والنقص ، كالإحسان والإساءة أفعال حقيقية ، والحسن والقبح فيها لا يناطان بلحاظ الوصفية ، فإذا أقرّ الخصم بحسن الإحسان وقبح الإساءة فقد تمّ المطلوب.

على إنّه لا ريب بصحّة مدح المحسن وذمّ المسيء ، فيكون الإحسان حسنا والإساءة قبيحة بالمعنى الثالث الذي فيه النزاع ، فلا معنى لإرجاعه إلى أحد المعنيين الأوّلين.

وأمّا ما ذكره في العلاوة المأخوذة من « شرح المواقف »(١)

ففيه : إنّه إذا أريد من العرف العامّ اتّفاق آراء العقلاء على حسن شيء أو قبحه ، فهو الذي تذهب إليه العدلية ، ولكن لا معنى لتسميته بالعرف العامّ ، ولا يتصوّر تحقّق العرف العامّ من دون أن يكون هناك حسن وقبح عقليّان ، فإنّه ليس أمرا اصطلاحيا.

وأمّا ما بيّنه في تحقيقه فهو رجوع إلى قول العدلية بثبوت الحسن والقبح العقليّين ، بسبب جهات محسّنة أو مقبّحة ، ولا نزاع لأهل العدل معهم إلّا بهذا كما سبق.

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ١٩٢.

٤٤٥

كما إنّ ظاهره تسليم اقتضائهما للمدح والذمّ عقلا ، لكنّه قال : « إنّ العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد ، وعاجز عن إدراك استحقاق الثواب والعقاب على الأفعال من حيث هي » وهو مسلّم في الجملة عند العدليّين ، فإنّهم لا يقولون : إنّ جميع الأفعال يدرك العقل حسنها أو قبحها ، بل منها ما هو علّة للحكم بالحسن والقبح ، كالعدل والظلم

ومنها ما هو مقتض للحكم كالصدق أو الكذب

ومنها ما هو يختلف بالوجوه والاعتبارات ، والعقل قد يعجز عن إدراك الوجوه.

وأمّا تمثيله بشرب الخمر ، فغير صحيح عند الإمامية ؛ لما أخبرهم به أهل البيت من أنّ الخمر لم يحلّ في شرع من الشرائع(١) ، وأهل البيت أدرى بما فيه.

* * *

__________________

(١) الكافي ٦ / ٣٩٥ ح ١ ، تهذيب الأحكام ٩ / ١٠٢ ح ٤٤٥.

٤٤٦

فهرس المحتويات

من هم الفرة الناجية؟من هم الفرقة الناجية؟ ٥

من هم الفرقة الناجية؟ ٧

وبعد ، ٧

وقال الفضل(١) : ١١

أقول : ٢٥

المحسوسات أصل الاعتقادات ٤١

المسألة الأولى ٤١

في الإدراك ٤١

[ المبحث ] الأوّل ٤١

[ الإدراك أعرف الأشياء ] ٤١

وقال الفضل : ٤٤

وأقول : ٤٧

المبحث الثاني ٥١

في شرائط الرؤية ٥١

وقال الفضل : ٥٣

وأقول : ٥٥

المبحث الثالث ٦١

في وجوب الرؤية عند حصول هذه الشرائط ٦١

وقال الفضل : ٦٣

وأقول : ٦٦

المبحث الرابع ٧١

في امتناع الإدراك مع فقد الشرائط ٧١

٤٤٧

وقال الفضل : ٧٥

وأقول : ٧٨

المبحث الخامس ٨١

في أنّ الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية ٨١

وقال الفضل : ٨٣

وأقول : ٨٦

المبحث السادس ٩٣

في أنّ الإدراك ليس لمعنى ٩٣

وقال الفضل : ٩٥

وأقول : ٩٧

المبحث السابع ١٠١

في أنّه تعالى يستحيل أن يرى ١٠١

وقال الفضل : ١٠٥

وأقول : ١١٠

المسألة الثانية ١٣٣

في النظر وفيه مباحث : ١٣٣

[ المبحث ] الأوّل ١٣٣

إنّ النظر الصحيح يستلزم العلم ١٣٣

وقال الفضل : ١٣٥

وأقول : ١٣٧

المبحث الثاني ١٤١

في أنّ النظر واجب بالعقل ١٤١

وقال الفضل : ١٤٣

وأقول : ١٤٨

٤٤٨

المبحث الثالث ١٥٣

في أنّ معرفة الله تعالى واجبة بالعقل ١٥٣

وقال الفضل : ١٥٥

وأقول : ١٥٨

المسألة الثالثة ١٦٥

في صفاته تعالى ١٦٥

[ المبحث ] الأوّل ١٦٥

إنّه تعالى قادر على كلّ مقدور ١٦٥

وقال الفضل : ١٦٧

وأقول : ١٦٩

المبحث الثاني ١٧٣

في أنّه تعالى مخالف لغيره ١٧٣

وقال الفضل : ١٧٥

وأقول : ١٧٦

المبحث الثالث ١٧٩

في أنّه تعالى ليس بجسم ١٧٩

وقال الفضل : ١٨٢

وأقول : ١٨٣

المبحث الرابع ١٨٩

في أنّه تعالى ليس في جهة ١٨٩

وقال الفضل : ١٩٠

وأقول : ١٩٢

المبحث الخامس ١٩٥

في أنّه تعالى لا يتّحد بغيره ١٩٥

٤٤٩

وقال الفضل : ١٩٦

وأقول : ٢٠٠

المبحث السادس ٢٠٣

في أنّه تعالى لا يحلّ في غيره ٢٠٣

وقال الفضل : ٢٠٥

وأقول : ٢١٠

في حقيقة الكلام ٢٢٣

المبحث السابع ٢٢٣

في أنّه تعالى متكلّم ٢٢٣

[ المطلب ] الأوّل ٢٢٣

في حقيقة الكلام ٢٢٣

وقال الفضل : ٢٢٥

وأقول : ٢٢٩

كلامه تعالى متعدّد ٢٣٥

[ المطلب ] الثاني ٢٣٥

في أنّ كلامه تعالى متعدّد ٢٣٥

وقال الفضل : ٢٣٧

وأقول : ٢٣٨

حدوث الكلام ٢٤١

المطلب الثالث ٢٤١

في حدوثه ٢٤١

وقال الفضل : ٢٤٤

وأقول : ٢٤٦

٤٥٠

استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة ٢٥١

المطلب الرابع ٢٥١

في استلزام الأمر والنهي : الإرادة والكراهة ٢٥١

وقال الفضل : ٢٥٢

وأقول : ٢٥٤

كلامه تعالى صدق ٢٥٧

المطلب الخامس ٢٥٧

في أنّ كلامه تعالى صدق ٢٥٧

وقال الفضل : ٢٥٩

وأقول : ٢٦١

صفاته عين ذاته ٢٦٧

المبحث الثامن ٢٦٧

في أنّه تعالى لا يشاركه شيء في القدم ٢٦٧

وقال الفضل : ٢٧٠

وأقول : ٢٧٤

البقاء ليس زائدا على الذات ٢٨٥

المبحث التاسع ٢٨٥

في البقاء ٢٨٥

المطلب الأوّل ٢٨٥

إنّه ليس زائدا على الذات ٢٨٥

وقال الفضل : ٢٨٨

وأقول : ٢٩١

إنّه تعالى باق لذاته ٢٩٥

المطلب الثاني ٢٩٥

٤٥١

في أنّ الله تعالى باق لذاته ٢٩٥

وقال الفضل : ٢٩٧

وأقول : ٢٩٩

البقاء يصحّ على الأجسام ٣٠٣

خاتمة ٣٠٣

[ الحكم ] الأوّل ٣٠٣

البقاء يصحّ على الأجسام [ بأسرها ] ٣٠٣

وقال الفضل : ٣٠٥

وأقول : ٣٠٦

البقاء يصحّ على الأعراض ٣٠٧

الحكم الثاني ٣٠٧

في صحّة بقاء الأعراض ٣٠٧

وقال الفضل : ٣١١

وأقول : ٣١٦

القدم والحدوث اعتباريّان ٣٢١

المبحث العاشر ٣٢١

في أنّ القدم والحدوث اعتباريّان ٣٢١

وقال الفضل : ٣٢٣

وأقول : ٣٢٤

نقل الخلاف في مسائل العدل ٣٢٥

المبحث الحادي عشر ٣٢٥

في العدل ٣٢٥

[ المطلب ] الأوّل ٣٢٥

في نقل الخلاف في مسائل هذا الباب ٣٢٥

٤٥٢

وقال الفضل : ٣٢٧

وأقول : ٣٢٨

قال المصنّف ٣٢٩

وقال الفضل : ٣٣٠

وأقول : ٣٣٢

قال المصنّف ٣٣٤

وقال الفضل : ٣٣٥

وأقول : ٣٣٦

قال المصنّف ٣٣٧

وقال الفضل : ٣٣٨

وأقول : ٣٣٩

قال المصنّف ٣٤٠

وقال الفضل : ٣٤١

وأقول : ٣٤٢

قال المصنّف ٣٤٥

وقال الفضل : ٣٤٦

وأقول : ٣٤٧

قال المصنّف ٣٤٨

وقال الفضل : ٣٤٩

وأقول : ٣٥٠

قال المصنّف ٣٥١

وقال الفضل : ٣٥٢

وأقول : ٣٥٣

قال المصنّف ٣٥٦

٤٥٣

وقال الفضل : ٣٥٧

وأقول : ٣٥٨

قال المصنّف ٣٦٢

وقال الفضل : ٣٦٣

وأقول : ٣٦٤

قال المصنّف ٣٦٥

وقال الفضل : ٣٦٦

وأقول : ٣٦٧

قال المصنّف ٣٦٨

وقال الفضل : ٣٦٩

وأقول : ٣٧٠

قال المصنّف ٣٧١

وقال الفضل : ٣٧٢

وأقول : ٣٧٣

قال المصنّف ٣٧٤

وقال الفضل : ٣٧٦

وأقول : ٣٧٧

قال المصنّف ١ : ٣٧٨

وقال الفضل : ٣٧٩

وأقول : ٣٨١

ترجيح أحد المذهبين ٣٨٥

وقال الفضل : ٣٨٩

وأقول : ٣٩٤

٤٥٤

إثبات الحسن والقبح العقليّين ٤٠٩

المطلب الثاني ٤٠٩

في إثبات الحسن والقبح العقليّين ٤٠٩

وقال الفضل : ٤١١

وأقول : ٤١٣

قال المصنّف ٤١٥

وقال الفضل : ٤١٦

وأقول : ٤١٧

قال المصنّف ٤١٨

وقال الفضل : ٤١٩

وأقول : ٤٢٠

قال المصنّف ٤٢١

وقال الفضل : ٤٢٢

وأقول : ٤٢٣

قال المصنّف ٤٢٤

وقال الفضل : ٤٢٥

وأقول : ٤٢٦

قال المصنّف ٤٢٧

وقال الفضل : ٤٢٨

وأقول : ٤٢٩

قال المصنّف ١ : ٤٣٠

وقال الفضل : ٤٣١

وأقول : ٤٣٢

قال المصنّف ٤٣٥

٤٥٥

وقال الفضل : ٤٣٦

وأقول : ٤٣٧

قال المصنّف ٤٣٨

وقال الفضل : ٤٣٩

وأقول : ٤٤٠

قال المصنّف ١ : ٤٤١

وقال الفضل : ٤٤٢

وأقول : ٤٤٥

فهرس المحتويات ٤٤٧

٤٥٦

457

458

459

460