تذكرة الفقهاء الجزء ٦

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-46-9
الصفحات: 333
المشاهدات: 216483
تحميل: 4841


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216483 / تحميل: 4841
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 6

مؤلف:
ISBN: 964-5503-46-9
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقال عطاء : يأكل بقية يومه ؛ وهو رواية عن أحمد(١) ، ولم يقل به غيرهما.

ولو أصبح بنيّة صوم شعبان ، فبان أنّه من رمضان ، نقل النيّة اليه ولو قبل الغروب ، وأجزأه.

ج - لو أخبره عدل واحد برؤية الهلال ، وأوجبنا الشاهدين ، فنوى أنّه من رمضان ، لم يجزئه لو بان منه. ولو كان عارفاً بحساب التسيير ، أو أخبره العارف بالهلال ، لم يصح بنيّة رمضان ؛ لأنّ ذلك ليس طريقاً الى ثبوت الأهلّة في نظر الشرع وإن أفاد الظنّ.

د - لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غداً من رمضان فإنّه صائم ، وإن كان من شوّال فهو مفطر ، قال بعض الشافعية : يصحّ ؛ لأصالة بقاء الشهر(٢) .

ويبطل ؛ لعدم الجزم.

ولو نوى أنّه يصومه عن رمضان أو نافلة ، لم يصحّ إجماعاً.

ه - لو نوى يوم الشك عن فرض عليه ، أجزأه من غير كراهة ، خلافاً لبعض الشافعية(٣) .

و - صوم الصبي شرعي ، وينعقد بنيّته(٤) ، فإن بلغ قبل الزوال بغير المبطل ، وجب عليه تجديد نيّة الفرض ، وإلّا فلا‌.

____________________

(١) المغني ٣ : ٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥.

(٢) المجموع ٦ : ٢٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٢٦ - ٣٢٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣.

(٤) في النسخ الخطية : وتنعقد نيّته. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية.

٢١

الفصل الثاني

فيما يمسك عنه الصائم‌

وهو اُمور :

الأول : يجب الإِمساك عن الأكل والشرب نهاراً من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس‌ بالنصّ والإِجماع.

قال الله تعالى( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (١) .

ولا فرق بين المعتاد وغيره عند علمائنا ، سواء يغذّى به أو لا - وهو قول عامة أهل العلم(٢) - للعموم ، ولأنّ حقيقة الصوم الإِمساك ، وهو غير متحقّق مع تناول غير المعتاد.

وقال الحسن بن صالح بن حي : لا يفطر بما ليس بطعام ولا بشراب(٣) .

وكان أبو طلحة الأنصاري يأكل البرد في الصوم ، ويقول : ليس بطعام ولا شراب(٤) .

____________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) المغني ٣ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨.

(٣) المغني ٣ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣١٧.

(٤) المغني ٣ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨ ، المجموع ٦ : ٣١٧ ، ومسند أحمد ٣ : ٢٧٩.

٢٢

وقال أبو حنيفة : لو ابتلع حصاةً أو فستقةً بقشرها ، لم تجب الكفّارة(١) ؛ فاعتبر في إيجاب الكفّارة ما يتغذّى به أو يتداوى به ، وهو مذهب السيد المرتضى(٢) .

والكلّ باطل بما تقدّم.

فروع :

أ - بقايا الغذاء المتخلّفة بين أسنانه إن ابتلعها عامداً نهاراً ، فسد صومه ، سواء أخرجها من فمه أو لا ؛ لأنّه ابتلع طعاماً عامداً فأفطر ، كما لو أكل.

وقال احمد : إن كان يسيراً لا يمكنه التحرّز منه فابتلعه ، لم يفطر ، وإن كان كثيراً أفطر(٣) .

وقال الشافعي : إن كان ممّا يجري به الريق ، ولا يتميّز عنه ، فبلعه مع ريقه ، لم يفطره ، وإن كان بين أسنانه شي‌ء من لحم أو خبز حصل في فيه ، متميّزاً عن الريق ، فابتلعه مع ذكره للصوم ، فسد صومه(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يفطر به ؛ لأنّه لا يمكنه التحرّز منه ، فأشبه ما يجري به الريق(٥) .

وهو خلاف الفرض ، فإنّه مع عدم إمكان التحرّز عنه عفو.

ب - الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت العادة به ، لا يفطر ؛ لعدم إمكان التحرّز منه.

وكذا لو جمعه في فيه ثم ابتلعه ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر :

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٠ و ١٣٨ ، المغني ٣ : ٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٨.

(٢) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤.

(٣) المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩ - ٥٠.

(٤) المجموع ٦ : ٣١٧ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٤ - ٣٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٣ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٠ ، المجموع ٦ : ٣١٧.

٢٣

يفطر(١) .

أمّا لو خرج من فيه بين أصابعه أو ثوبه ، ثم ابتلعه ، فإنّه يفطر.

ولو أخرج حصاةً وشبهها من فيه وعليها بلّة من الريق ، ثم أعاده وعليه الريق ، وابتلع الريق ، أفطر ، خلافاً لبعض الجمهور(٢) .

ولو ابتلع ريق غيره ، أفطر.

ولو أبرز لسانه وعليه ريق ، ثم ابتلعه ، لم يفطر ؛ لعدم انفصاله عن محلّه.

ج - لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه ، لم يفطر ؛ لأنّه معتاد في الفم ، غير واصل من خارج ، فأشبه الريق ، ولعموم البلوى به.

وقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته »(٣) .

وقال الشافعي : يفطر - وعن أحمد روايتان(٤) - لأنّه يمكن الاحتراز منه ، فأشبه القي‌ء(٥) .

ونمنع الصغرى.

د - حكم الازدراد حكم الأكل ، فلو ابتلع المعتاد وغيره ، أبطل صومه.

الثاني : الجماع ، وقد أجمع العلماء كافة على إفساد الصوم بالجماع الموجب للغسل في قبل المرأة ؛ للآية(٦) ، سواء أنزل أو لم ينزل.

ولو وطأ في الدُّبُر فأنزل ، فسد صومه إجماعاً ، ولو لم ينزل ، فالمعتمد‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٣١٨ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤.

(٢) المغني ٣ : ٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٤.

(٣) الكافي ٤ : ١١٥ ( باب في الصائم يزدرد نخامته ) الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٣٢٣ / ٩٩٥.

(٤) المغني ٣ : ٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٤ - ٧٥.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، المغني ١ : ٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٤ - ٧٥.

(٦) البقرة : ١٨٧.

٢٤

عليه الإِفساد ؛ لأنّه جماع في محلّ الشهوة ، فأشبه القُبُل.

ولو جامعها في غير الفرجين ، أفسد مع الإِنزال ، وإلّا فلا.

ولا فرق بين وطء الحيّة والميتة ، ولا بين الغلام والمرأة ، والموطوء كالواطئ.

ولو وطأ الدابة فأنزل ، أفسد ، وإلّا فلا.

الثالث : الإِنزال نهاراً عمداً مُفسدٌ ، سواء كان باستمناء أو ملامسة أو ملاعبة أو قُبلة إجماعاً ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام ، سئل عن الرجل يضع يده على شي‌ء من جسد امرأة فأدفق ، فقال : « كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً أو يعتق رقبة »(١) .

ولو نظر إلى ما لا يحلّ النظر اليه عامداً بشهوة فأمنى ، قال الشيخ : عليه القضاء(٢) .

ولو كان نظره الى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء.

ولو أصغى أو تسمّع الى حديث فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ عملاً بأصالة البراءة.

وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري : لا يفسد الصوم بالإِنزال عقيب النظر مطلقاً ؛ لأنّه إنزال من غير مباشرة ، فأشبه الإِنزال بالفكر(٣) .

وقال أحمد ومالك والحسن البصري وعطاء : يفسد به الصوم مطلقاً ؛ لأنّه إنزال بفعل يتلذّذ به ، ويمكن التحرّز عنه ، فأشبه الإِنزال باللمس(٤) .

ولو أنزل من غير شهوة - كالمريض - عمداً ، أفسد صومه.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٢٠ / ٩٨١.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٢.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٠.

(٤) المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المدونة الكبرى ١ : ١٩٩.

٢٥

ولو قلنا بالإِفساد بالنظر ، فلا فرق بين التكرار وعدمه ، وبه قال مالك(١) .

وقال أحمد : لا يفسد إلّا بالتكرار(٢) .

ولو فكّر فأمنى لم يفطر ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أصحاب مالك : يفطر(٤) .

وتكره القُبلة للشاب الذي تُحرّك القُبلة شهوته ، ولا تكره لمن يملك إربه(٥) ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام ، كان يُقبِّل وهو صائم ، وكان أملك الناس لإِربه(٦) .

ولو أمذى بالتقبيل ، لم يفطر عند علمائنا ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وهو مروي عن الحسن والشعبي والأوزاعي(٧) .

وقال مالك وأحمد : يفطر(٨) .

الرابع : إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق اختياراً ، كغبار الدقيق والنفض ، مفسدٌ للصوم - خلافاً للجمهور(٩) - لأنّه أوصل إلى الجوف ما ينافي الصوم.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ١٩٩ ، المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤ ، المجموع ٦ : ٣٢٢ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤.

(٢) المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ و ٤٤.

(٣) المجموع ٦ : ٣٢٢ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦.

(٤) التفريع ١ : ٣٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦ ، وفيه : وعن أصحابه ( مالك ) في الفكر اختلاف.

(٥) الإِرب والإِربة : الحاجة. لسان العرب ١ : ٢٠٨ ، الصحاح ١ : ٨٧.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٣٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٧٧ / ٦٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١١ / ٢٣٨٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٣٣.

(٧) المجموع ٦ : ٣٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤.

(٨) المدونة الكبرى ١ : ١٩٦ ، المجموع ٦ : ٣٢٣ ، المغني ٣ : ٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦.

(٩) المغني ٣ : ٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٨ - ٤٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٧ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٨.

٢٦

ولأنّ سليمان بن جعفر(١) سمعه يقول : « إذا شمّ رائحة غليظة ، أو كنس بيتاً ، فدخل في أنفه وحلقه غبار ؛ فإنّ ذلك له فطر ، مثل الأكل والشرب والنكاح »(٢) .

ولو كان مضطرّاً أو لم يشعر به ، لم يفطر إجماعاً.

الخامس : مَن أجنب ليلاً وتعمّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير ضرورة ولا عذر ، فسد صومه عند علمائنا ، وبه قال أبو هريرة وسالم ابن عبد الله والحسن البصري وطاوس وعروة ، وبه قال الحسن بن صالح بن حي والنخعي في الفرض خاصّة(٣) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن أصبح جُنُباً فلا صوم له )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ، ثم ترك الغسل متعمّداً حتى أصبح ، قال : « يعتق رقبةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً»(٥) .

وقال الجمهور : لا يفسد الصوم(٦) ؛ للآية(٧) .

ولقول عائشة : أشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن كان‌

____________________

(١) في المصدر : سليمان بن حفص المروزي.

(٢) التهذيب : ٤ : ٢١٤ / ٦٢١ ، الاستبصار ٢ : ٩٤ / ٣٠٥ بتفاوت يسير في الأخير.

(٣) المغني ٣ : ٧٨ - ٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المجموع ٦ : ٣٠٧ - ٣٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٢ - ١٩٣.

(٤) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٧٤ ، المسألة ١٣ ، والرافعي في فتح العزيز ٦ : ٤٢٤ ، وفي مسند احمد ٢ : ٢٤٨ بتفاوت يسير.

(٥) التهذيب ٤ : ٢١٢ / ٦١٦ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ / ٢٧٢.

(٦) المغني ٣ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٣٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٠٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٢.

(٧) وهي قوله تعالى :( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة : ١٨٧.

٢٧

ليُصبح جُنُباً من جماع غير احتلام ، ثم يصومه(١) .

ولا دلالة في الآية ؛ لعود الغاية إلى الجملة القريبة.

والحديث ممنوع ، ومحمول على القرب من الصباح ؛ لمواظبتهعليه‌السلام ، على أداء الفرائض في أول وقتها.

فروع :

أ - لو طلع عليه الفجر وهو مجامع ، نزع من غير تلوّم ، ووجب القضاء إن لم يُراع الفجر ، ولو نزعه بنيّة الجماع فكالمجامع.

ولو راعى الفجر ، ولم يظنّ قُربه ، ثم نزع مع أول طلوعه ، لم يفسد صومه ؛ لأنّ النزع ترك الجماع ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٢) .

وقال مالك وأحمد والمزني وزفر : يبطل صومه(٣) .

وأوجب أحمد الكفّارة(٤) .

ب - لو طلع الفجر وفي فمه طعام ، لَفَظَه ، فإن ابتلعه ، فسد صومه.

ج - قال ابن أبي عقيل : إنّ الحائض والنفساء لو طهرتا ليلا ، وتركتا الغسل حتى يطلع الفجر عمداً ، وجب القضاء خاصة.

السادس : لو أجنب ليلاً ، ثم نام ناوياً للغسل حتّى أصبح ، صحّ صومه. ولو لم يَنو ، فسد صومه ، وعليه القضاء - خلافاً للجمهور(٥) - لما تقدّم من اشتراط الطهارة في ابتدائه ، وبنومه قد فرّط في تحصيل الشرط.

ولو أجنب فنام على عزم ترك الغسل حتى طلع الفجر ، فهو كالتارك‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤٠ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢١٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٠٩ و ٣١١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٣ ، المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧.

(٣) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٠٩ و ٣١١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٣ - ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٣.

(٤) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧ ، المجموع ٦ : ٣١١.

(٥) المغني ٣ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المجموع ٦ : ٣٠٧.

٢٨

للغسل عمداً.

ولو أجنب ثم نام ناوياً للغسل حتى طلع الفجر ، فلا شي‌ء عليه ، فإن استيقظ ثم نام حتى يطلع الفجر ، وجب القضاء خاصة ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام : الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان ، قال : « ليس عليه شي‌ء » قلت : فإنّه استيقظ ثم نام حتى أصبح ، قال : « فليقض ذلك اليوم عقوبة »(١) .

ولو احتلم نهاراً في رمضان من غير قصد ، لم يفطر ، وجاز له تأخير الغسل إجماعاً.

السابع : القي‌ء عمداً مبطل للصوم‌ عند أكثر علمائنا(٢) ، وهو قول عامة العلماء(٣) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن ذرعه القي‌ء وهو صائم فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا تقيّأ الصائم فقد أفطر ، وإن ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتم صومه »(٥) .

وقال السيد المرتضى وابن إدريس : لا يفسد صومه(٦) - وبه قال عبد الله ابن عباس وابن مسعود(٧) - لقولهعليه‌السلام : ( لا يفطر مَن قاء )(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢١٢ / ٦١٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ / ٢٧١.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ١٥٤ - ١٥٥ ، والمبسوط ١ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٣ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ١٩٢ ، والمحقق في المعتبر : ٣٠٣ ، وشرائع الإِسلام ١ : ١٩٢.

(٣) المغني ٣ : ٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١ ، المجموع ٦ : ٣١٩ - ٣٢٠.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٣١٠ / ٢٣٨٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢١٩.

(٥) الكافي ٤ : ١٠٨ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ / ٧٩١.

(٦) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤ ، السرائر : ٨٨.

(٧) المغني ٣ : ٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

(٨) سنن أبي داود ٢ : ٣١٠ / ٢٣٧٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٠.

٢٩

ونقول بموجبه فيما إذا ذرعه.

أمّا لو ذرعه القي‌ء فإنّه لا يفطر بإجماع العلماء.

وحكي عن الحسن البصري في إحدى الروايتين عنه : أنّه يفطر(١) . وهو غلط.

الثامن : اختلف علماؤنا في الاحتقان بالمائعات هل هو مفسد أم لا؟ للشيخ قولان :

أحدهما : الإِفساد(٢) - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٣) - لقول الرضاعليه‌السلام : «الصائم لا يجوز له أن يحتقن »(٤) .

ولأنّه أوصل إلى جوفه ما يصلح بدنه وهو ذاكر للصوم ، فأشبه الأكل.

والثاني : لا يفسد(٥) - وبه قال الحسن بن صالح بن حي وداود(٦) - لأنّ الحقنة لا تصل إلى المعدة ، ولا الى موضع الاغتذاء ، فلا يؤثّر فساداً ، كالاكتحال ، ولا يجري في مجرى الاغتذاء ، فلا يفسد الصوم ، كالاكتحال.

وقال مالك : يفطر بالكثير منها دون القليل(٧) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦.

(٢) الخلاف ٢ : ٢١٣ ، المسألة ٧٣ ، الجمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢١٣ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧١ - ٢٧٢.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٣ و ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩.

(٤) الفقيه ٢ : ٦٩ / ٢٩٢ ، التهذيب ٤ : ٢٠٤ / ٥٨٩ ، الاستبصار ٢ : ٨٣ / ٢٥٦ ، والكافي ٤ : ١١٠ / ٣ وفيه مضمراً.

(٥) اُنظر : النهاية : ١٥٦ ، والاستبصار ٢ : ٨٣ - ٨٤.

(٦) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤.

(٧) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢١٣ ، المسألة ٧٣ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، وانظر : الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٦ ، وفتح العزيز ٦ : ٣٦٣ ، وحلية العلماء ٣ : ١٩٥.

٣٠

أمّا الاحتقان بالجامد : فإنّه مكروه لا يفسد به الصوم ، خلافاً للجمهور ؛ فإنّهم لم يفرّقوا بين المائع والجامد(١) ، وبه قال أبو الصلاح وابن البراج(٢) .

فروع :

أ - لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه ، أفسد صومه عند الشيخ(٣) ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٤) .

وقال مالك : لا يفطر(٥) ، وبه قال أبو يوسف ومحمد(٦) ، وهو الوجه.

ب - لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه ، أو أمر غيره بذلك ، قال الشيخ : يفسد صومه(٧) ، وبه قال الشافعي(٨) .

والوجه : أنّه لا يفسد ، وبه قال أبو يوسف ومحمد(٩) .

ج - لو قطّر في اُذنه دهناً أو غيره ، لم يفطر ؛ للأصل.

ولأنّ ابن أبي يعفور سأل الصادقعليه‌السلام ، عن الصائم يصب الدواء‌

____________________

(١) اُنظر المصادر في الهامش (٣) من الصفحة ٢٩.

(٢) الكافي في الفقه : ١٨٣ ، المهذّب - للقاضي ابن البراج - ١ : ١٩٢.

(٣) حكاه عن مبسوط الشيخ ، المحقق في المعتبر : ٣٠٣ ولم نجده فيه.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩.

(٥) حكاه عنه النووي في المجموع ٦ : ٣٢٠ ، والقفّال الشاشي في حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، وانظر : المدوّنة الكبرى ١ : ١٩٨.

(٦) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

(٧) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٣.

(٨) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

(٩) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

٣١

في اُذنه ، قال : « نعم »(١) .

وقال بعض علمائنا : يفطر(٢) ؛ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد إذا وصل إلى الدماغ ؛ لأنّه جوف فالواصل اليه يغذّيه ، فيفطر به ، كجوف البدن(٣) .

وهو منقوض : بالاكتحال.

د - لو قطَّر في إحليله دواءً أو غيره ، لم يفطر ، سواء وصل الى المثانة أو لا - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٤) - لأنّ المثانة ليست محلاً للاغتذاء ، فلا يفطر بما يصل إليها ؛ ولأنّه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ ، وإنّما يخرج البول رشحا.

وقال الشافعي : يفطر ؛ وبه قال أبو يوسف - واضطرب قول محمد فيه(٥) - لأنّ المثانة كالدماغ في أنّها من باطن البدن(٦) .

ونمنع المساواة.

التاسع : قال الشيخان : الكذب على الله تعالى ، وعلى رسوله والأئمّة‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٣١١ / ٩٤١ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ / ٣٠٧.

(٢) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٤ و ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٧ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩ ، المدونة الكبرى ١ : ١٩٨.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٧٠ - ٣٧١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩.

(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ - ٦٠.

(٦) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٧٠ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٥.

٣٢

عليهم‌السلام ، مفسد للصوم(١) - وبه قال الأوزاعي(٢) - لقول الصادقعليه‌السلام : « الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم » قال أبو بصير : هلكنا ، فقالعليه‌السلام : « ليس حيث تذهب ، إنّما ذلك الكذب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى الأئمّةعليهم‌السلام »(٣) .

وهو محمول على المبالغة.

وقال السيد المرتضى : لا يفسده(٤) ؛ وهو قول الجمهور(٥) ، وهو المعتمد ؛ لأصالة البراءة ، ولا خلاف في أنّ الكذب على غير الله تعالى وغير رسوله والأئمّةعليهم‌السلام ، غير مفسد.

وأمّا المشاتمة والتلفّظ بالقبيح فكذلك ، إلّا الأوزاعي ، فإنّه أوجب بهما الإِفطار(٦) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه )(٧) .

ولا دلالة فيه ، والإِجماع على خلاف قوله.

العاشر : الارتماس في الماء ، قال الشيخان : إنّه يفسد الصوم(٨) ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال :

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٠ ، المقنعة : ٥٤.

(٢) حكاه عنه السيد المرتضى في الانتصار : ٦٣ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٠٢.

(٣) الكافي ٤ : ٨٩ / ١٠ ، التهذيب ٤ : ٢٠٣ / ٥٨٥.

(٤) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤ ، وحكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٠٢.

(٥) كما في المعتبر : ٣٠٢.

(٦) اُنظر : حلية العلماء ٣ : ٢٠٧.

(٧) صحيح البخاري ٣ : ٣٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٠٧ / ٢٣٦٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٨٧ / ٧٠٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٩ / ١٦٨٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٧٠ ، مسند أحمد ٢ : ٤٥٢ - ٤٥٣.

(٨) النهاية : ١٤٨ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٠ ، المقنعة : ٥٤.

٣٣

الأكل والشرب والنساء والارتماس في الماء »(١) .

ولا حجّة فيه ؛ لجواز التضرّر بالتحريم دون الإِفساد ، كما هو القول الآخر للشيخ(٢) ؛ لأنّ إسحاق بن عمار قال للصادقعليه‌السلام : رجل صائم ارتمس في الماء متعمّداً أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال : « ليس عليه قضاء ولا يعودنّ »(٣) .

قال الشيخ : لست أعرف حديثاً في إيجاب القضاء والكفّارة ، أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء(٤) .

وقال السيد المرتضى : لا يفسد الصوم ، وهو مكروه(٥) ؛ وبه قال مالك وأحمد(٦) والحسن والشعبي(٧) .

وقال باقي الجمهور : إنّه غير مكروه أيضاً(٨) .

ولا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرّد والاغتسال من غير كراهة.

ولو ارتمس(٩) فدخل الماء إلى حلقه ، أفسد صومه ، سواء كان دخول الماء اختياراً أو اضطراراً ، إذا كان الارتماس اختياراً.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٨٩ / ٥٣٥ ، و ٢٠٢ / ٥٨٤ و ٣١٨ - ٣١٩ / ٩٧١ ، والاستبصار ٢ : ٨٠ / ٢٤٤ وفيه وفي الموضعين الأوّلين من التهذيب : ثلاث خصال.

(٢) الاستبصار ٢ : ٨٥ ذيل الحديث ٢٦٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٠٩ - ٢١٠ / ٦٠٧ و ٣٢٤ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٨٤ - ٨٥ / ٢٦٣.

(٤) الاستبصار ٢ : ٨٥ ذيل الحديث ٢٦٣.

(٥) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤.

(٦) حكاه عنهما ، المحقق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : المغني ٣ : ٤٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢.

(٧) المغني ٣ : ٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢.

(٨) حكاه المحقق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٩٣ ، والمجموع ٦ : ٣٤٨.

(٩) في « ف » زيادة : في الماء.

٣٤

ولو صبّ الماء على رأسه ، فدخل حلقه متعمّداً ، أفسد صومه. وكذا لو كان الصبّ يؤدّي إليه قطعاً مع الاختيار لا الاضطرار ، ولو لم يؤدّ ، لم يفسد.

الحادي عشر : قال المفيد وأبو الصلاح : السعوط(١) الذي يصل إلى الدماغ‌ من الأنف مفسد للصوم مطلقاً(٢) - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٣) - لأنّ النبيعليه‌السلام ، قال للقيط بن صبرة : ( وبالغ في الاستنشاق إلّا أن تكون صائماً )(٤) .

ولأنّ الدماغ جوف ، فالواصل اليه يُغذّيه ، فيفطر به ، كجوف البدن.

والمنع إنّما كان للخوف من النزول الى الحلق ؛ لعروضه في الاستنشاق غالباً ، والتغذية لا تحصل من ذلك. واشتراك الدماغ والمعدة في اسم الجوف لا يقتضي اشتراكهما في الحكم.

وقال الشيخ : إنّه مكروه لا يفسد الصوم ، سواء بلغ الى الدماغ أو لا ، إلّا ما نزل إلى الحلق ؛ فإنّه يفطر ، ويوجب القضاء(٥) ؛ وبه قال مالك والأوزاعي وداود(٦) ، وهو المعتمد ؛ عملاً بالأصل.

مسألة ٩ : يكره مضغ العِلك ، وليس محرَّماً - وبه قال الشعبي والنخعي‌

____________________

(١) السعوط : الدواء يصبّ في الأنف. الصحاح ٣ : ١١٣١.

(٢) المقنعة : ٥٤ ، الكافي في الفقه ١٨٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٣ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩.

(٤) سنن أبي داود ١ : ٣٥ - ٣٦ / ١٤٢ و ٢ : ٣٠٨ / ٢٣٦٦ ، سنن الترمذي ٣ : ١٥٥ / ٧٨٨ ، سنن النسائي ١ : ٦٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٤٢ / ٤٠٧ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ١٤٨.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٢.

(٦) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٤ ، المدونة الكبرى ١ : ١٩٧.

٣٥

وقتادة والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(١) - للأصل.

ولأنّ أبا بصير سأل الصادقعليه‌السلام ، عن الصائم يمضغ العِلك ، فقال : « نعم »(٢) .

ولا فرق بين ذي الطعم وغيره ، ولا بين القوي الذي لا يتحلّل أجزاؤه والضعيف الذي يتحلّل إذا تحفّظ من ابتلاع المتحلّل من أجزائه وإن وجد طعمه في حلقه.

مسألة ١٠ : لا بأس بما يُدخله الصائم في فمه إذا لم يتعدّ الحلق‌ ، كمصّ الخاتم ومضغ الطعام وزقّ(٣) الطائر وذوق المرق ؛ لقولهعليه‌السلام : ( أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته(٤) )(٥) .

وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن صبّ الدواء في اُذن الصائم ، فقال : « نعم ويذوق المرق ويزقّ الفرخ »(٦) .

فإن أدخل شيئاً في فمه وابتلعه سهواً ، فإن كان لغرض صحيح ، فلا قضاء عليه ، وإلّا لزمه.

ولو تمضمض فابتلع الماء سهواً ، فإن كان للتبرّد ، فعليه القضاء ، وإن كان للصلاة ، فلا شي‌ء عليه.

وكذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب وقَطر المطر ، فإن فَعَله عمداً أفطر.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٣ ، المجموع ٦ : ٣٥٣ ، المغني ٣ : ٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٦ - ٧٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ - ١٢٦ ، الجامع الصغير للشيباني : ١٤١.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٢٤ - ١٠٠٢.

(٣) زقّ الطائر فَرَخه : أطعمه بفيه. الصحاح ٤ : ١٤٩١.

(٤) مجّ الرجل الشراب من فيه : إذا رمى به. الصحاح ١ : ٤٠.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٣١١ / ٢٣٨٥ ، سنن الدارمي ٢ : ١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٦١ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٣ : ٦١ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٣١ ، وليس فيها ( ثم مججته ).

(٦) التهذيب ٤ : ٣١١ / ٩٤١ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ / ٣٠٧.

٣٦

مسألة ١١ : ولا بأس بالسواك للصائم‌ ، سواء الرطب واليابس ، في أول النهار أو آخره عند علمائنا - وبه قال مالك وأبو حنيفة(١) - لأنّ عامر بن ربيعة قال : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما لا اُحصي يتسوّك وهو صائم(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الحلبي : سألت الصادقعليه‌السلام : أيستاك الصائم بالماء والعود الرطب يجد طعمه؟ فقال : « لا بأس به »(٣) .

وقال أحمد : يكره بالرطب مطلقاً ، ويكره باليابس بعد الزوال - وبه قال ابن عمر وعطاء ومجاهد والأوزاعي وإسحاق وقتادة والشعبي والحكم(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ، ولا تستاكوا بالعشي فإنّه ليس من صائم تيبس شفتاه إلّا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامة)(٥) .

ويحمل على التسوّك لاستجلاب الريق ؛ لدلالة آخر الحديث عليه.

تذنيب :

يجوز أن يتسوّك بالماء وبالمبلول به‌ ، ويتحفّظ من ابتلاع الرطوبة.

مسألة ١٢ : إنّما يبطل الصوم بالمفطرات لو وقع عمداً‌ ، أمّا لو وقع نسياناً فلا ، على ما يأتي الخلاف فيه.

وكذا ما يحصل من غير قصد ، كالغبار الداخل من غير قصد ، وماء المضمضة ، وكما لو صُبّ في حلقه شي‌ء كرهاً ، فإنّه لا يفسد صومه إجماعاً.

أمّا لو اُكره على الإِفطار بأن توعَّده وخوَّفه حتى أكل ، قال الشيخ : إنّه‌

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٢٠٠ - ٢٠١ ، التفريع ١ : ٣٠٨ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٦ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٩.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ٣٠٧ / ٢٣٦٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١٠٤ / ٧٢٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٠٢ / ٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٢ / ٧٨٢ ، الاستبصار ٢ : ٩١ / ٢٩١.

(٤) المغني ٣ : ٤٥ - ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٦ ، معالم السنن - للخطّابي - ٣ : ٢٤٠ - ٢٤١.

(٥) المعجم الكبير - للطبراني - ٤ : ٧٨ / ٣٦٩٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٠٤ / ٧ و ٨.

٣٧

يفطر(١) ؛ وبه قال أبو حنيفة ومالك(٢) - وللشافعي قولان(٣) - لأنّ الصوم الإِمساك ، ولم يتحقّق.

ولأنّه فَعَل ضدّ الصوم ذاكراً له ، غايته أنّه فعله لدفع الضرر عن نفسه ، لكنه لا أثر له في دفع الفطر ، كما لو أكل أو شرب لدفع الجوع أو العطش.

ويحتمل : عدم الإِفطار - وبه قال أحمد والشافعي في الثاني من قوليه(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( رفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )(٥) .

ولأنّه غير متمكّن ، فلا يصحّ تكليفه.

ولو فَعَل المـُفطِرَ جاهلاً بالتحريم ، أفسد صومه ؛ لأنّ له طريقاً الى العلم ، فالتفريط من جهته ، فلا يسقط الحكم عنه.

ويحتمل : العدم كالناسي.

ولأنّ زرارة وأبا بصير سألا الباقرعليه‌السلام ، عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، وأتى أهله وهو مُحرِم ، وهو لا يرى إلّا أنّ ذلك حلال له ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٦) .

ويمكن حمله على الكفّارة والإِثم.

ولو أكل ناسياً ، فظنّ إفساد صومه ، فتعمّد الأكل ، قال الشيخ : يفطر ،

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٣.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، المجموع ٦ : ٣٢٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٥ و ٣٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٨.

(٥) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٠٨ / ٦٠٣.

٣٨

وعليه القضاء والكفّارة. قال : وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه يقضي ولا يكفّر(١) .

والمعتمد : ما اختاره الشيخ.

مسألة ١٣ : قد سبق(٢) أنّه لو نوى الإِفطار بعد انعقاد الصوم ، لم يفطر‌ ؛ لانعقاده شرعاً ، فلا يبطل إلّا بوجه شرعي.

هذا إذا عاد إلى نيّة الصوم ، ولو لم يَعُد ، فالوجه القضاء - وبه قال أصحاب الرأي والشافعية في أحد الوجهين(٣) - لأنّه لم يصم لفوات شرطه ، وهو : النية المستمرة فعلاً أو حكماً ، فلا يعتدّ بإمساكه.

وقال أحمد وأبو ثور والشافعية في الوجه الثاني : يفطر مطلقاً(٤) .

وعلى كلّ تقدير ، فلا كفّارة ؛ لأصالة البراءة ، السالم عن الهتك.

ولو نوى القطع في النفل ، لم يصح صومه. وإن عاد فنواه ، صحّ ، كما لو أصبح غير ناوٍ للصوم.

ولو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة اُخرى ، لم يفطر ؛ لأنّه لو نوى الإِفطار في الحال ، لم يفطره ، فالأولى في المستقبل عدمه.

ولو نوى أنّه إن وجد طعاماً أفطر ، وإن لم يجد لم يفطر ، لم يبطل صومه ؛ لأنّ نيّة الجزم بالإِفطار غير مؤثّرة فيه ، فمع التردّد أولى.

وقد نازع بعض المشترطين لاستمرار حكم النيّة في الموضعين.

وقال الشيخ : لو نوى الإِفطار في يوم يعلمه من رمضان ، ثم جدّد نيّة الصوم قبل الزوال ، لم ينعقد(٥) .

وهو جيّد وإن كان فيه كلام.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٣.

(٢) سبق في الفرع « د » من المسألة ٣.

(٣و٤) المغني ٣ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٧.

٣٩

الفصل الثالث

فيما يوجب القضاء والكفّارة أو القضاء خاصة‌

مسألة ١٤ : الجماع عمداً في فرج المرأة يوجب القضاء والكفّارة‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول عامة العلماء(١) - لأنّ رجلاً جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : هلكت ، فقال : ( وما أهلكك؟ ) قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال : لا ، قال : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ) قال : لا ، قال : فهل تستطيع إطعام ستين مسكيناً؟ ) قال : لا أجد ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اجلس ) فجلس ، فبينا هو جالس كذلك ، اُتي بعَرَقٍ(٢) فيه تمر ، فقال له النبيعليه‌السلام : ( اذهب فتصدّق به ) فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما بين لابتيها(٣) أهل بيت أحوج منّا ، فضحك‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧.

(٢) العَرَق : السفيفة المنسوجة من الخوص أو غيره قبل أن يجعل منه الزبيل. ومنه قيل للزبيل : عَرَق. الصحاح ٤ : ١٥٢٢. وجاء في هامش « ن » : وبخط المصنّف : العرق : المكتل.

(٣) أي : لابتا المدينة المنورة. واللّابة : الحرّة. وهي : الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها. والمدينة تقع ما بين حرّتين عظيمتين. النهاية لابن الأثير ٤ : ٢٧٤ « لوب ».

٤٠