نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 507

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 507
المشاهدات: 279600
تحميل: 6913


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 279600 / تحميل: 6913
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

إهداء

الى حامل لواء الامامة الكبرى والخلافة العظمى

ولى العصر المهدى المنتظر الحجّة ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه

يا أيّها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ

وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل

وتصدّق علينا إن الله يجزي المتصدّقين

علي

٥

٦

مقدّمة هذه الطبعة

لقد سبق وأن انتشر من كتابنا: حديث الثقلين، وحديث السفينة، وحديث النور، وحديث الغدير، وقسم السند من حديث أنا مدينة العلم وعلى بابها

وكانت في عشرة أجزاء.

ووقع - والحمد لله - موقع الرّضا والقبول، والتقدير اللائق والثناء الجميل من مراجع الأمة، وكبار العلماء، ورجال الفكر والتحقيق

ولهم منّى الشكر الجزيل المتواصل

ولا عجب فإنّ كتاب ( عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ) كتاب لم يؤلَّف مثله في بابه في السّلف والخلف كما وصفه علماؤنا الكبار

والجهد الذي بذلته في سبيل إحيائه بنقله الى اللغة العربيّة، وتخليص لبابه، ومراجعة مصادره، وتنظيم بحوثه، والتعليق والاستدراك عليه لا يبذله الّا الأقلّون

ومن شاء الوقوف على جانبٍ من عظمة الكتاب فليرجع الى المقدّمة التي أسميتها بـ ( دراسات في كتاب العبقات ).

٧

وهذه الطبعة

جاءت منقّحةً ممّا كان في الطبعة السابقة من أخطاء علمية أو فنيّة أو مطبعيّة ومزيدةً بفوائد كثيرة تجعلها متميّزةً عن تلك كتوفّر طائفةٍ كبيرةٍ من المصادر المخطوطة سابقاً أو العثور على جملةٍ من المطبوعات فكان من الضروري إرجاع المطالب المنقولة عنها إليها. والأهم من ذلك: أن بعض المصادر التي نقل عنها بواسطة مؤلّفاتٍ أخرى أصبحت الآن بأيدينا - بفضل المطابع ودور النشر - فأوردت البحوث عنها مباشرةً، ووضعتها في محالّها في الكتاب، إلى جنب الروايات المنقولة بالواسطة. كما أني رجّحت في قسمٍ من الهوامش أن تكون في المتن.

ولهذه الأمور وغيرها جعلت عنوان الكتاب ( نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار).

وأرجو الله عزّ وجل أن يجعل هذه العمل خدمةً للأمة الإسلامية للوصول الى وحدتها وإعادة مجدها، وأن يكون نافعاً لي - ولجميع من آزرني فيه بأي نحوٍ من الأنحاء - يوم لا ينفع مال ولا بنون.

المؤلِّف

٨

دراسات

في كتاب العبقات

٩

١٠

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

وبعد: فان الاعتقادات أشرف الموضوعات، وأهمها الامامة، فان من العدل نصب الامام على العباد كي يعبد به الله تعالى، وتتبع سنن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويصلح أمر المعاد.

وكتاب «عبقات الأنوار في امامة الأئمة الاطهار » أجل ما كتب في الامامة من صدر الإسلام الى الآن، ولم يكتب مثله في بابه في السلف والخلف، ومن كتب بعده فيها فعيال عليه، وناسج على منواله، وسالك في سبيله

وقد منّ الله تعالى علي أن وفقني لتعريبه وتهذيبه ومراجعة مصادره وتحقيقه منذ عام ١٣٨٥، وبعد أن شرعت بدراسة العلوم الإسلامية في الحوزات العلمية فكان كلما سنحت لي فرصة انتهزتها لخدمته، وكلما

١١

حصلت في الدروس عطلة صرفتها في كتابته حتى تم اعداد عدة مجلدات منه، وطبع حتّى الآن عشرة أجزاء بمدينة قم في الفترة ما بين سنة ١٣٩٨ وسنة ١٤٠٨ ه‍.

وقد كانت لي مذكرات كتبتها في خلال العمل حول الكتاب وأساليبه في ردوده واستدلالاته، وما يتوفر عليه من فوائد وتحقيقات لم يسبق إليها في سائر المؤلفات، وإضافات على ما كتبته في حياة المؤلّف وأسرته والتعريف بكتابه ومكتبته.

فلما عزمنا - بحول الله وقوته، ورعاية سيدنا الامام المهدي عجل الله فرجه وعنايته - على اعادة طبع تلك المجلدات والاستمرار في طبع ما بقي منها، دونت تلك المذكرات، وجعلتها في أبواب تتقدمها تمهيدات، فالباب الاول: في بيان التزام المؤلف بقواعد البحث وآداب المناظرة، والثاني: في أسلوبه في الاستدلال، والثالث: في أسلوبه في الرد، والرابع: في بحوث وتحقيقات في كتاب العبقات، والخامس: في التعريف بالكتاب، والسادس: في ترجمة المؤلّف ومشاهير أسرته، والسابع: في التعريف بمكتبة الاسرة، والثامن: في التعريف بكتاب التحفة الاثني عشرية، والتاسع: في ترجمة مؤلّف التحفة الاثني عشرية، والعاشر: في بيان عملنا في الكتاب.

وقد سميت هذه المجموعة باسم ( دراسات في كتاب العبقات ).

والله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وان يتقبلها بأحسن قبول، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. انه سميع مجيب.

قم المشرفة

١ / محرم الحرام / ١٤١١

علي الحسيني الميلاني

١٢

كلمة المؤلف

تمهيدات

*(١)*

لبى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعوة ربه لكن شريعته خاتمة الشرائع ولا نبيّ بعده فلا بد له من وصي يقوم بأمره، وخليفة يخلفه في أمته.

وهذا أمر لا خلاف فيه ولا كلام.

انّما الكلام في شخص الخليفة عن رسول الله، فأصحابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرون عدداً، وفيهم المهاجرون والأنصار، القرشيون وغيرهم، والأقارب والأباعد

فمن الخليفة من بعده؟

وما الطريق الى معرفته؟

يقول الله عزّ وجلّ:( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (١) .

____________________

(١). سورة النساء: ٦٩.

١٣

ويقول سبحانه:( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ ) (١) .

ويقول تعالى:( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (٢) .

ويقول:( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٣) .

و ( الامامة ) « شيء » تنازعت الامة فيه، وأمر « شجر » بينهم، فيجب ردها الى « الله والرسول » وهم - وربك - لا يؤمنون حتى يحكموا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضى، ولا يكون لهم الخيرة، ويسلموا تسليماً

والعقل يرى أن أقرب الطرق وأوثقها الى معرفة « الوصي » هو الرجوع الى نفس « النبي » هذا النبي الذي( ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (٤). ... ولو فرض أنه قد فوض اليه أمر تعيين الخليفة من بعده، فانه أعرف الناس بأصحابه، وأحرصهم على أمته

فلنرجع الى الله والرسول، أي: الى الكتاب والسنة.

*(٢)*

في القرآن الكريم طوائف من الآيات لها علاقة بمسألة الامامة والخلافة:

١ - الآية الواردة في خصوص مسألة الامامة، وهي قوله تعالى:( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ. قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً

____________________

(١). سورة النساء: ٦٣.

(٢). سورة القصص: ٦٨.

(٣). سورة الأحزاب: ٣٦.

(٤). سورة النجم: ٣.

١٤

قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) .

اذن: « الامامة » لا تنال: « الظالمين ».

٢ - الآيات التي تعطينا الملاك العام للافضلية والتقدم، كقوله تعالى:

( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (٢) .

( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (٣) .

( فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (٤) .

فملاك التقدم في هذاه الآيات هو « التقوى » و « العلم » و « الجهاد ».

٣ - الآيات النازلة في قضايا ومواطن خاصة، في حق أشخاص من الصحابة يستدل بها على الاولوية بالامامة، كقوله تعالى:

( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥) .

فقد جعل الله سبحانه في هذه الآية « الولاية » لمن آمن وأقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع.

الا أن المرجع في تعيين من نزلت في حقه هو « السنة ».

وفي السنة أيضاً طوائف من الأحاديث لها علاقة بموضوع الامامة والخلافة أهمها طائفتان:

الاولى: النصوص الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خصوص موضوع الامامة والخلافة.

والثانية: النصوص الواردة في تفسير الآيات المتعلقة بالامامة المشار

____________________

(١). سورة البقرة: ١١٩.

(٢). سورة الحجرات: ١٣.

(٣). سورة المجادلة: ١٣.

(٤). سورة النساء: ٩٨.

(٥). سورة المائدة: ٦٠.

١٥

إليها

ونحن يمكننا معرفة « الوصي » على ضوء النصوص من الطائفة الاولى، كما يمكننا معرفته بمراجعة نصوص الطائفة الثانية، والنظر في كلمات المفسرين وأخبار المؤرخين حول نزول تلك الآيات.

وإذا تم ذلك وجب العمل والاتباع عقلا ونقلا - كما أشرنا - وبذلك يرتفع « التنازع » و « التشاجر »( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

وان إمكان تعيين الخليفة على ضوء تلك الأحاديث، يتوقف على ثبوتها سنداً ودلالة، أي: لا بد أولا من الوثوق بصدور الحديث من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا ثبت صدوره عنه نظرنا في مدلوله ومفاده، فان دل على معنى - من غير معارض له في ذلك - أخذنا به وقلنا: هذا ما قضى الله ورسوله به، وصدق الله ورسوله.

وهذه هي الطريقة التي يتبعها الفقهاء بالنسبة الى نصوص الفروع الفقهية والمسائل الشرعية، فلماذا لا تتبع في نصوص مسألة الامامة؟

*(٣)*

نشأت الطائفة الشيعية في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - كما دلت الأحاديث المتفق عليها - والشيعي من شايع علياً(١) وتابعه و والاه. وقد عرف بهذه الصفة عدة من خيار صحابة النبيّ، اعتقدوا إمامتهعليه‌السلام للامة وخلافته بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وانحازوا اليه بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يفارقوه حين فارقه الناس، ولم يعرضوا عنه حين أعرض عنه الجمهور

وتطورت هذه الفرقة، وامتدت جذورها الى جميع الأقطار، وانتشرت

____________________

(١). القاموس المحيط « شاع ».

١٦

عقائدها في كل مكان، واعتنقها طائفة كبيرة من التابعين فمن بعدهم، رجعوا الى أئمة أهل البيت فيما أشكل عليهم من الكتاب والسنة، وعندهم درسوا، وعنهم أخذوا. فكان فيهم المفسرون، والفقهاء، والمحدثون، والزهاد، والعلماء

حتى جاء دور الامام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ، فأصل الأصول وشيد الأركان، فعرف مذهب هذه الفرقة بـ « المذهب الجعفري ».

*(٤)*

واشتغل الشيعة في مسألة « الامامة » منذ وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجد وجهد، لأنها عندهم « زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا، وعز المؤمنين ».

« ان الامامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي ».

« بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفيء والصدقات، وإمضاء الحدود والاحكام، ومنع الثغور والأطراف »(١) .

فدافعوا عنها، وضحوا من أجلها، واستسهلوا المشاق في سبيلها، ولم تثن عزائمهم السياط ولا السجون، وحتى استشهد من لا يحصي عددهم الا الله.

قالوا: « الخليفة » بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو « عليّ بن أبي طالب » لا سواه واستدلوا - منذ اليوم الاول - لما قالوا بالكتاب والسنة فانه « ما من شيء الا وفيه كتاب أو سنة »(٢). ... وهما المرجع في كل شيء، ولا يكون المؤمن مؤمناً حتى يسلم لما جاءا به تسليماً

ثم ألفوا في ذلك الكتب، ونظموا الاشعار في ظروف قاسية وايام صعبة، يتتبعهم الجواسيس، وتلاحقهم السلطات

____________________

(١). الكافي ١ / ٢٠٠.

(٢). المصدر نفسه ١ / ٥٩.

١٧

ومع ذلك كله تراهم - إذا نظرت أحوالهم وسبرت أخبارهم - لا يعتمدون في بحوثهم الا على الكتاب والسنة، يطلبون الحق، وينشدون الحقيقة، رائدهم الدين الصحيح، والإصلاح ما استطاعوا، بهدوء ووقار، ونقاش متين، وأدب رفيع، وجدال بالتي هي أحسن

*(٥)*

ويعتقد الشيعة الامامية بأن مسألة « الامامة » بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي مسألة أصولية كالنبوة(١) . وبأن في النصوص الواردة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تعيين الامام من بعده غنى عن أي دليل آخر. وهم - وان كان اعتمادهم في السنة على ما ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق اهل بيته المعصومين - يحتجون في هذه المسألة بالنصوص الواردة عن طريق خصومهم، والمسطورة في أسفار مخالفيهم هذا من حيث السند.

وأما من حيث الدلالة فقد صدرت تلك الأقوال من النبيّ الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « بلسان عربي مبين » وكما يرجع في فهم كلماته والألفاظ الصادرة عنه في مسائل الصلاة، والصيام، والحج، والجهاد، والبيع، والشراء، والنكاح، والطلاق وأمثالها الى العرف واللغة كذلك يرجع الشيعة في فهم مداليل ألفاظه في مسألة الامامة والخلافة الى اللغة

____________________

(١). ويستدلون على ذلك أيضاً بالكتاب والسنة كما لا يخفى على من راجع كتبهم في الامامة.

ومن النصوص النبوية الدالة على ذلك الحديث المشهور المتفق عليه: « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » وله ألفاظ أخرى في مختلف الكتب، هذا بالنسبة الى أصل الامامة.

قالوا: والمراد امامة على وأولاده، واستدلوا على هذا بنصوص كذلك، منها ما أخرجه الحاكم والطبرانيّ وأبو نعيم وغيرهم عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال: « من أحب أن يحيى حياتي ويموت موتى ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربى فليتول على بن أبى طالب فانه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ».

١٨

والعرف، والى سائر الأحاديث النبوية، لان « الحديث يفسر بعضه بعضاً ».

وفي هذا المقام أيضاً يحتج الشيعة بكلمات علماء أهل السنة في التفسير واللغة والأدب وغير ذلك

هذه طريقة الشيعة في الاستدلال بالنصوص على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهي طريقة واضحة لا غموض فيها ولا اعوجاج ولا اضطراب

وقال أهل السنة بأن « الخليفة » بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو « أبو بكر » وقد اختلف استدلالهم على هذا الاعتقاد، واضطربت كلماتهم فتارة: يستدلون بالنصوص التي يروونها في فضل أبي بكر مثل: « لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر ». وأخرى: يستدلون بالافضلية. فقالوا بأن « الأتقى » في قوله تعالى:( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) هو « ابو بكر » و « الأتقى » هو « الأفضل » لقوله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) فأبو بكر هو الأفضل. ولا تنعقد ولاية المفضول عند وجود « الأفضل». وثالثة: يستدلون بالإجماع.

وأجاب الشيعة ببطلان الحديث المذكور سنداً ودلالة.

وبأن المرجع في تعيين المراد من « الأتقى » في الآية هو السنة.

وبأن الإجماع غير منعقد على خلافة أبي بكر.

*(٦)*

وأنكر أهل السنة النص على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وألفوا الكتب في الرد على الشيعة، الا أنها - في الأكثر - مشحونة بالبغضاء والشحناء، والسب والاهانة، والكذب والبهتان

لينظر المنصف الى ما كتبه العلامة الحلّي المتوفى سنة ٧٢٦ مثل كتاب ( منهاج الكرامة في الامامة ) وكتاب ( نهج الحق ) ليرى هناك

١٩

الاحتجاج بصحاح أهل السنة، وسائر كتبهم المعتمدة في الفنون المختلفة، بأسلوب متين، لا تعصب فيه ولا تعسف ثم لينظر الى كتاب ( منهاج السنة )(١) الذي كتبه احمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية في الرد على ( منهاج الكرامة ) وما كتبه فضل الله بن روزبهان الخنجي في الرد على ( نهج الحق ) وهو الكتاب الذي أسماه بـ ( إبطال نهج الباطل )(٢) .

فهل قابلاه بالمثل استدلالاً وأدباً ومتانة؟

ثم ان أقل ما يجده المنصف المتتبع لكتب أهل السنة هو التعصب وانكار الحقيقة ولنذكر لذلك مثالا:

يقول الشيعي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم غدير خم: « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

فيقول رجل من أهل السنة: هذا كذب لم يقله رسول الله.

فيجيب الشيعي قائلا: أخرجه فلان وفلان من أهل السنة.

فإذا رأى السني أن لا جدوى لانكار أصل القضية قال:

وأين كان عليّ في ذاك اليوم؟ كان باليمن

فيعود الشيعي ليقول: روى قدومه من اليمن فلان وفلان من أهل السنة.

وإذا انتهى دور المكابرة في السند. قال:

صدر الحديث: « ألست أولى » من وضع الشيعة.

____________________

(١). رد عليه أحد أعلام الشيعة في القرن الثامن بكتاب: « الإنصاف في الانتصاف لأهل الحق من الإسراف ». ولنا مناقشات كثيرة معه في شرحنا على كتاب منهاج الكرامة سنقدّمه للطبع إن شاء الله.

(٢). رد عليه القاضي نور الله التستري الشهيد ببلاد الهند بكتاب: « احقاق الحق وإزهاق الباطل » وعمد الشيخ محمد حسن المظفر الى تأليف كتاب « دلائل الصدق لنهج الحق » تتميماً لما كتبه القاضي المذكور. وقد أعاد سيدنا النجفي المرعشي طبع « احقاق الحق » مع تعليقات كثيرة جداً، صدر في ٢٥ جزء.

٢٠