تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481
المشاهدات: 147508
تحميل: 5155


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 147508 / تحميل: 5155
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 7

مؤلف:
ISBN: 964-319-007-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقال الشافعي ومالك والأوزاعي : إذا أتى بأفعال الحجّ ، لزمه دم.

وقال الشعبي وطاوس وداود : لا يلزمه شي‌ء(١) .

لنا : أصالة عدم وجوب الدم فلا يثبت منافيه إلّا بدليل.

وأمّا إذا نوى التمتّع ، فلزوم الدم ثابت بالإجماع.

والمتمتّع إذا أحرم من مكة ، لزمه الدم ، ولو أحرم من الميقات ، لم يسقط الدم.

وقالت العامة : يسقط الدم(٢) .

لنا : أنّ الدم استقرّ بإحرام الحج ، فلا يسقط بعد استقراره ، وكذا لو أحرم المتمتّع من مكة ومضى الى الميقات ثم منه الى عرفات.

وقال الشيخ : يسقط(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز نيّة حجّتين ولا عمرتين ، ولو فعل ، قيل : تنعقد إحداهما ، وتلغو الاُخرى(٤) ، وبه قال مالك والشافعي(٥) .

وقال أبو حنيفة : ينعقد بهما ، وعليه قضاء إحداهما ، لأنّه أحرم بهما ولم يتمّهما(٦) .

____________________

(١) كما في المعتبر : ٣٣٨ نقلاً عن الشيخ في الخلاف ٢ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، المسألة ٣٠ ، وفيه : وقال الشعبي : عليه بدنة. وقال طاوس : لا شي‌ء عليه. وبه قال داود.

وانظر : الاُم ٢ : ١٣٣ ، والحاوي الكبير ٤ : ٣٩ ، والمجموع ٧ : ١٩٠ و ١٩١ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٥٢.

(٢) كما في المعتبر : ٣٣٨.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٧.

(٤) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١.

(٥) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٢٠٣ ، الاُم ٢ : ١٣٦ ، مختصر المزني : ٧٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥٥.

(٦) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٢٠٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥٥.

١٨١

وليس بجيّد ؛ لأنّهما عبادتان لا يلزمه المضيّ فيهما ، فلا يصحّ الإِحرام بهما ، كالصلاتين.

وعلى هذا لو أفسد حجّه أو عمرته ، لم يلزمه إلّا قضاؤها إن قلنا بانعقاد إحداهما.

وعند أبي حنيفة يلزمه قضاؤهما معاً ، بناءً على صحة إحرامه بهما(١) .

مسألة ١٣٤ : المكّي إذا خرج عن مكة ثم عاد وحجّ على ميقات ، أحرم منه ، وجاز له التمتّع ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام مَهْيَعَةَ(٢) ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يَلَمْلَمْ ، وهي لهم ولكلّ آتٍ من غيرهم ممّن أراد الحج والعمرة(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « مَنْ دخل المدينة فليس له أن يحرم إلّا من المدينة»(٤) .

وأمّا جواز التمتع : فلأنّه إذا خرج عن مكة إلى مصر من الأمصار ، ومرّ على ميقات من المواقيت ، صار ميقاتاً له ، ولحقه أحكام ذلك الميقات.

ولما رواه الكاظمعليه‌السلام : عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل له أن يتمتّع؟ قال : « ما أزعم أنّ ذلك ليس له ، والإِهلال بالحجّ أحبّ اليّ ، ورأيت مَنْ سأل أبا جعفرعليه‌السلام ، قال : نويت الحج من المدينة كيف أصنع؟

قال : تمتّع ، قال : إنّي مقيم بمكة وأهلي فيها ، فيقول : تمتّع »(٥) في‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٥٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦١.

(١) مَهْيَعَة : اسم للجُحْفة. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٣٧٧ ، معجم البلدان ٥ : ٢٣٥.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٢٥ - ١٢٦ بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ - ٥٨ / ١٧٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣ - ٣٤ / ١٠٠ ، الاستبصار ٢ : ١٥٨ / ٥١٨.

١٨٢

حديث طويل.

مسألة ١٣٥ : ومن كان من أهل الأمصار فجاور بمكة ثم أراد حجّة الإِسلام ، خرج الى ميقات أهله ، فأحرم منه ، فإن تعذّر ، خرج الى أدنى الحلّ ؛ ولو تعذّر ، أحرم من مكة.

هذا إذا لم يجاور مدّة سنتين ، فإن مضى عليه سنتان وهو مقيم بمكة ، صار من أهل مكة وحاضريها ليس له أن يتمتّع ، وبه قال الشيخ في كتابي الأخبار(١) .

وقال في النهاية : لا ينتقل فرضه عن التمتّع حتى يقيم ثلاث سنين(٢) .

وقد روى زرارة - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « مَنْ أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له » فقلت لأبي جعفر : أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ قال : « فلينظر أيّهما الغالب عليه فهو من أهله »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فذو المنزلين بمكة وناءٍ يعتبر في حقّه أغلبهما إقامةً ، فيُحْرم بفرض أهله ، فإن تساويا ، تخيّر في التمتّع وغيره.

إذا ثبت هذا ، فلو لم تمض هذه المدّة ، ففرضه التمتّع يخرج الى الميقات ، ويُحْرم منه مع المكنة ، وإلّا فمن حيث أمكن ؛ لأنّه لم ينتقل فرضه عن فرض إقليمه ، فيلزمه الإِحرام من ميقاتهم ، أمّا لو تعذّر فإنّه يخرج الى خارج الحرم فيحرم منه ، للضرورة ، ولأنّ ميقاته قد تعذّر عليه ، فيسقط اعتباره ، كما لو تعذّر عليه التمتّع ، وذلك كقضية عائشة ، ولو كان الإِحرام من مكة جائزاً ، لما كلّفها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تحمّل المشقّة.

وروى الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : رجل ترك‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٤ ذيل الحديث ١٠٠ ، الاستبصار ٢ : ١٥٩ ذيل الحديث ٥١٨.

(٢) النهاية : ٢٠٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٤ / ١٠١ ، الاستبصار ٢ : ١٥٩ / ٥١٩.

١٨٣

الإِحرام حتى دخل مكة ، قال : « يرجع الى ميقات أهل بلاده ، الذي يُحرمون منه فيُحْرم ، وإن خشي أن يفوته الحج ، فليُحْرم من مكانه ، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج »(١) .

وقال الشافعي : يجوز أن يُحرم من مكة مع المكنة من الخروج الى الميقات(٢) ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بالإِحرام من مكة للتمتّع(٣) .

وليس حجّةً ؛ لجواز أمرهم بإحرام الحج لا بإحرام العمرة ، أو أنّ ذلك كان للضرورة.

البحث الثاني : في وقت أداء النسكين‌

مسألة ١٣٦ : أشهر الحج شوّال وذو القعدة وذو الحجة عند أكثر علمائنا(٤) ، وبه قال مالك ، وهو مروي عن ابن عباس وعمر وابن عمر(٥) ؛ لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) (٦) وأقلّ الجمع ثلاثة.

وما رواه زرارة عن الباقرعليه‌السلام ، قال : «( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) شوّال وذو القعدة وذو الحجّة ، ليس لأحد أن يُحرم بالحج في سواهنّ ، وليس لأحد أن يُحرم قبل الوقت الذي وقّت رسول الله صلّى الله عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨٠.

(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٤١.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ٣٥٦.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية ٢٠٧ ، وابن ادريس في السرائر : ١٢٦ ، والمحقق في شرائع الاسلام ١ : ٢٣٧ ، والمعتبر : ٣٣٦.

(٥) المغني ٣ : ٢٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٥ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١ ٣١ ، المجموع ٧ : ١٤٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦١ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٦.

(٦) البقرة : ١٩٧.

١٨٤

وآله ، وإنّما مثل ذلك مثل مَنْ صلّى أربعاً في السفر وترك الثنتين »(١) .

ولأنّه يصح أن يقع في باقي ذي الحجة شي‌ء من أفعال الحج ، كالطواف والسعي وذبح الهدي.

وقال بعض علمائنا هي : شوّال وذو القعدة والى قبل الفجر من عاشر ذي الحجّة(٢) ؛ لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) (٣) ولا يمكن فرضه بعد طلوع الفجر من يوم النحر.

ولقوله تعالى :( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ ) (٤) وهو سائغ يوم النحر ؛ لأنّه يمكنه التحلّل في أوّله.

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ المراد : فمن فرض في أكثرهن ، وبه يتمّ المطلوب.

وقال بعض علمائنا : هي شوّال وذو القعدة والى طلوع الفجر من ليلة النحر(٥) . وبه قال الشافعي(٦) .

وقال بعضهم : وتسعة من ذي الحجة(٧) .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : إلى آخر العاشر من ذي الحجة - وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن الزبير وعطاء ومجاهد والحسن والشعبي والنخعي وقتادة والثوري وأحمد - لقول ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير : شهران وعشر ليال(٨) . وإذا أطلق ذلك ، اقتضى تعدّده من الأيّام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢١ - ٣٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٥١ / ١٥٥ ، الاستبصار ٢ : ١٦١ / ٥٢٧.

(٢) الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٠٨.

(٣ و ٤) البقرة : ١٩٧.

(٥) الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٥٨ ، المسألة ٢٣.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٢٧ ، فتح العزيز ٧ : ٧٤ ، المجموع ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥١.

(٧) الشيخ الطوسي في الجمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢٢٦.

(٨) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٠ و ٦١ ، المغني ٣ : ٢٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٩ و ٢٣٠ ، =

١٨٥

ولأنّ يوم النحر يدخل به وقت ركن من أركان الحج ، وهو : طواف الزيارة ، ويقع فيه كثير من أفعال الحجّ ، كالرمي والنحر والحلق والطواف والسعي والرجوع الى منى ، فكان من أشهره ، كيوم عرفة.

واعلم : أنّه لا فائدة كثيرة في هذا النزاع ؛ للإِجماع على أنّه لو فاته الموقفان فقد فاته الحجّ ، وأنّه يصح كثير من أفعال الحج يوم العاشر وما بعده.

مسألة ١٣٧ : لو أحرم بالحجّ قبل أشهره ، لم ينعقد إحرامه للحجّ ، وينعقد للعمرة - وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد والشافعي(١) - لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) (٢) تقديره : وقت الحجّ أشهر ، أو أشهر الحجّ أشهر ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف اليه مقامه ، وإذا ثبت أنّه وقته ، لم يجز تقديم إحرامه عليه ، كأوقات الصلوات.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ أحرم بالحجّ في غير أشهُر الحجّ فلا حجّ له »(٣) .

وأمّا انعقاده للعمرة : فلقول الصادقعليه‌السلام في رجل فرض الحجّ من غير أشهر الحجّ ، قال : « يجعلها عمرة »(٤) .

وقال مالك والثوري والنخعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق : ينعقد إحرامه ، واذا بقي على احرامه الى وقت الحجّ ، جاز ؛ لقوله تعالى :

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٢٧ ، التفسير الكبير ٥ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥١ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١٣١ ، المجموع ٧ : ١٤٥.

(١) المغني ٣ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٩ ، الاُم ٢ : ١٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٨ - ٢٩ و ٣٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٢ ، فتح العزيز ٧ : ٧٧ ، المجموع ٧ : ١٤٢ و ١٤٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٠ ، المحلّى ٧ : ٦٦.

(٢) البقرة : ١٩٧.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢٢ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٢ / ٥٢٩.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٧٨ / ١٣٦١.

١٨٦

( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ ) (١) فدلّ على أنّ جميع الأشهر ميقات(٢) .

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ الأزمنة أوقات للحوادث التي من جملتها الحجّ.

مسألة ١٣٨ : لا ينعقد الاحرام بالعمرة المتمتّع بها قبل أشهر الحجّ ، فإن أحرم بها في غيرها ، انعقد للعمرة المبتولة - وهو أحد قولي الشافعي وأحمد(٣) - لأنّ الإِحرام بالعمرة نسك وركن من أركانها ، فيعتبر وقوعه في أشهر الحجّ ، كما يعتبر وقوع باقيها.

ولأنّ المتمتّع بها داخَلَه في الحجّ ؛ لقولهعليه‌السلام : ( دخلت العمرة في الحجّ هكذا ) وشبّك بين أصابعه(٤) ، والحجّ لا يصح إحرامه قبل أشهره ، فكذا ما دخل فيه.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تكون عمرة إلّا في أشهر الحجّ »(٥) .

ولأنّه أتى بنسك لا تتم العمرة إلّا به في غير أشهر الحج ، فلا يكون متمتّعاً كما لو طاف.

وقال الشافعي في ثاني قوليه : إنّه إذا أحرم بالعمرة في رمضان وأتى بالطواف والسعي والحلق في شوّال وحجّ من سنته فإنّه يكون متمتّعاً(٦) .

وقال مالك : إذا أحرم بها في غير أشهر الحجّ ولم يتحلّل من إحرام‌

____________________

(١) البقرة : ١٨٩.

(٢) المغني ٣ : ٢٣١ - ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٩ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٥ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٩ ، المجموع ٧ : ١٤٤ ، المحلّى ٧ : ٦٦.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٣٨ - ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٩ - ٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٧.

(٥) التهذيب ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ / ١٥١٤ ، المعتبر : ٣٣٦.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٤٩ - ٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١.

١٨٧

العمرة حتى دخلت أشهر الحجّ ، صار متمتّعاً(١) .

وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحجّ ، صار متمتّعاً إذا دخلت عليه أشهر الحجّ(٢) .

وكلّ هذه الأقوال لا حجّة عليها ، فلا يلتفت اليها.

مسألة ١٣٩ : العمرة المبتولة تجوز في جميع أيّام السنة بغير خلاف بين علماء الأمصار ؛ لما رواه العامة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( عمرة في رمضان تعدل حجّةً )(٣) .

واعتمرعليه‌السلام في شوّال وفي ذي القعدة(٤) .

واعتمرت عائشة من التنعيم ليلة المحصب(٥) ، وهي الليلة التي يرجعون فيها من منى الى مكة.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « السنة اثنا عشر شهراً ، يعتمر لكلّ شهر عمرة»(٦) .

ولأنّها عبادة لها تحريم وتحليل فكان من جنسها عبادة غير موقّتة ، كالصلاة.

مسألة ١٤٠ : المتمتّع إذا دخل مكة وخاف فوات الوقت لو أكملها ، جاز له أن ينقل نيته الى الإِفراد ليدرك أحد الموقفين ثم يعتمر عمرة مفردة بعد إتمام الحج.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٣٩٥ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٢٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٣٠ - ٣١.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣٤ ، فتح العزيز ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٢٧٦ / ٩٣٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٦.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩١٦ / ٢١٧ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨١ / ١٢١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٤٤.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٧٨ / ١٣٦٢.

١٨٨

وكذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلّل وإنشاء إحرام الحجّ ، نقلتا حجّتهما الى الإِفراد ، واعتمرتا بعده ، لأنّ التكليف منوط بالقدرة.

ولما رواه جميل عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية ، قال : « تمضي كما هي الى عرفات فتجعلها حجّةً مفردة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج الى التنعيم فتحرم وتجعلها عمرة »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو غلب على ظنّها أنّها تطهر وتدرك الموقف ، صبرت على إحرام المتعة الى أن تطهر ثم تطوف وتتمّ متعتها ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقعليه‌السلام عن المرأة تجي‌ء متمتّعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة ، فقال : « إن كانت تعلم أنّها تطهر وتطوف بالبيت وتحلّ من إحرامها وتلحق الناس فلتفعل »(٢) .

البحث الثالث : في المواقيت‌

والنظر في أمرين :

الأول : تعيينها‌

مسألة ١٤١ : المواقيت ستّة ، فقد أجمع العلماء كافّة على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على أربعة مواقيت ، وهي : ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويَلَمْلَمْ.

وروى العامة عن ابن عباس ، قال : وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ،

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٤٠ / ١١٤٦ ، التهذيب ٥ : ٣٩٠ / ١٣٦٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٧ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٤٢ / ١١٥٨ ، التهذيب ٥ : ٣٩١ / ١٣٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٣١١ / ١١٠٨.

١٨٩

ولأهل اليمن يَلَمْلَمْ ، قال : فهي لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ، فمن كان يريد الحجّ والعمرة فمن كان دونهن فمهلَّه(١) من أهله ، وكذلك أهل مكة يهلّون منها(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « من تمام الحجّ والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تجاوزها إلّا وأنت محرم ، فإنّه وقّت لأهل العراق - ولم يكن يومئذٍ عراق - بطن العقيق من قبل أهل العراق ، ووقّت لأهل اليمن يلملم ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ، وهي : مَهْيَعَة ، ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ومن كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله »(٣) .

وأمّا ميقات أهل العراق : فقد اتّفقوا على أنّه لو أحرم من ذات عرق أحرم من الميقات ، وكان أنس يحرم من العقيق ، واستحسنه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البرّ(٤) ، واختلفوا في ثبوته.

قال العلماء : إنّه يثبت بالنصّ من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وبه قال أحمد وأصحاب أبي حنيفة(٥) ؛ لما رواه العامة عن ابن عباس ، قال : وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل العراق ذات عرق(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو أيّوب الخزّاز‌

____________________

(١) أي : موضع الإِهلال بالإِحرام.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٣٨ / ١١٨١ ، صحيح البخاري ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٦.

(٤) المغني ٣ : ٢١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٣ ، الاُم ٢ : ١٣٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٧ : ٨١ ، المجموع ٧ : ١٩٧.

(٥) المجموع ٧ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٨١.

(٦) أورده المحقق في المعتبر : ٣٤٢.

١٩٠

- في الصحيح - : حدّثني عن العقيق أوقت وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو شي‌ء صنعه الناس؟ فقالعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ، وهي عندنا مكتوبة مَهْيَعَة ، ووقّت لأهل اليمن يَلَمْلَمْ ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل نجد العقيق وما أنجدت »(١) .

وقال قوم : إنّه يثبت قياساً ؛ لأنّ أهل العراق كانوا مشركين(٢) .

ولا حجّة فيه ؛ لعلمهعليه‌السلام بأنّهم يسلمون ، أو يمرّ على هذا الميقات مسلمون.

مسألة ١٤٢ : مَنْ كان منزله دون الميقات فميقاته منزله بإجماع العلماء - خلافاً لمجاهد ؛ فإنّه قال : يُهلّ بمكة(٣) . وهو خطأ - لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام وابن مسعود وعمر في قوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٤) قالوا : إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك(٥) .

وعن النبيعليه‌السلام في قوله : ( فمن كان دونهنّ فمهلّه من أهله )(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « ومن كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣١٩ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٥٥ / ١٦٨.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٧ : ٨٠ ، المجموع ٧ : ١٩٧ ، وراجع : المغني والشرح الكبير ٣ : ٢١٤.

(٣) المغني ٣ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٢٠٣ - ٢٠٤.

(٤) البقرة : ٢٩٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، تفسير الطبري ٢ : ١٢٠ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٦٣ - ٢٦٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٧) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ - ٥٥ / ١٦٦.

١٩١

مسألة ١٤٣ : ميقات أهل المدينة ذو الحليفة - وهو مسجد الشجرة - اختياراً ، وهو على عشرة مراحل من مكة ، وعن المدينة ميل ، وعند الضرورة الجحفة.

روى العامّة عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( مهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر من الجحفة )(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « الإِحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يُحْرم قبلها ولا بعدها ، وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، وهو مسجد الشجرة »(٢) الحديث.

وفي الصحيح عن الحلبي ، قال : سألته من أين يُحْرم الرجل إذا جاوز الشجرة؟ فقال : « من الجحفة ولا يجاوز الجحفة إلّا محرماً »(٣) .

وكان الصادقعليه‌السلام عليلاً فأحرم من الجحفة(٤) .

مسألة ١٤٤ : العقيق ميقات أهل العراق ، وكلّ جهاته ميقات من أين أحرم جاز ، لكن الأفضل الإِحرام من المسلخ ، وتليه غمرة ، وآخره ذات عرق.

وروى العامّة عن ابن عباس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقّت لأهل المشرق العقيق(٥) .

قال ابن عبد البرّ : العقيق أولى وأحوط من ذات عرق ، وذات عرق‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٤١ / ١٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧.

(٢) الكافي ٤ : / ٣١٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٩٨ / ٩٠٣ ، التهذيب ٥ : ٥٥ / ١٦٧.

(٣) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٦.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٤٣ / ١٧٤٠ ، سنن الترمذي ٣ : ١٩٤ / ٨٣٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨.

١٩٢

ميقاتهم بإجماع(١) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « وقّت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل العراق العقيق أوّله المسلخ ووسطه غمرة وآخره ذات عرق ، وأوّله أفضل »(٢) .

واعلم أنّ أبعد المواقيت ذو الحليفة على عشرة مراحل من مكة ، وتليه في البُعْد : الجحفة ، والمواقيت الثلاثة على مسافة واحدة بينها وبين مكة ليلتان قاصدتان.

مسألة ١٤٥ : المواقيت المذكورة مواقيت لأهلها ولمن مرّ بها ممّن يُريد الحجّ أو العمرة ، فإذا حجّ الشامي من المدينة فجاز على ذي الحليفة ، أحرم منها ، وإن حجّ من اليمن ، فميقاته يلملم ، وإن حجّ من العراق ، فميقاته العقيق ، وكذا غيرها ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لما روى العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( هُنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ممّن أراد الحجّ والعمرة )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « مَنْ دخل المدينة فليس له أن يُحْرم إلّا من المدينة»(٤) .

ولأنّ التكليف بالمضيّ إلى ميقات بلده ضرر ، فيكون منفيّاً.

مسألة ١٤٦ : الصبي ميقاته هذه المواقيت ، ويجوز أن يجرّد من فخّ ، وأن يؤخّر إحرامه(٤) إليه ، لما رواه معاوية بن عمّار ، قال : سمعت الصادقعليه‌السلام يقول : « قدّموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢١٤.

(٢) الفقيه ٢ : ١٩٩ / ٩٠٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٥٧ - ٥٨ / ١٧٩.

(٥) في النسخ الخطية والحجرية : إحرامهم. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

١٩٣

مَرّ ثم يصنع بهم ما يصنع بالمـُحْرم ويطاف بهم ويسعى بهم ، ومن لم يجد منهم هدياً صام عنه وليّه»(١) .

وسأل أيّوب(٢) الصادقعليه‌السلام عن الصبيان أين نجرّدهم للإِحرام؟

فقال : « كان أبي يجرّدهم من فخّ »(٣) .

مسألة ١٤٧ : ميقات عمرة التمتّع هذه المواقيت ، وميقات حجّه مكّة لا غير ، فإن أحرم من غير مكة اختياراً ، لم يجزئه ، وكان عليه العود إلى مكة لإِنشاء الإِحرام ، ذهب إليه علماؤنا.

وقال أحمد : يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحجّ(٤) .

وليس بصحيح ؛ لما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على عائشة وهي تبكي ، قال لها : ( أهلّي بالحجّ )(٥) وكانت بمكة.

وأمر أصحابه بالإِحرام من مكة لمـّا فسخوا الحجّ(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كان يوم التروية - إلى أن قال - وادخل المسجد - إلى أن قال - فأحرم بالحجّ »(٧) .

إذا عرفت هذا ، فلو أحرم من غير مكة اختياراً ، لم يجزئه ، وكان عليه العود إلى مكة لإِنشاء الإِحرام ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أمر أصحابه بالإِحرام من مكة(٨) .

وقال الشافعي : يجوز أن يخرج إلى أحد المواقيت فيُحْرم بالحجّ‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٠٤ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٦٦ / ١٢٩٤ ، التهذيب ٥ : ٤٠٩ / ١٤٢٣.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : أبو أيوب ، وما أثبتناه من المصدر وكما في المعتبر : ٣٤٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٠٩ / ١٤٢١.

(٤) المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٥٤ - ١٥٥ / ١٧٨٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٥.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٢ / ١٢١٤ ، المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

(٧) الكافي ٤ : ٤٥٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٧ / ٥٥٧.

(٨) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٢ / ١٢١٤ ، المغني ٣ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٨.

١٩٤

منه(١) .

ويجوز أن يُحرم من أيّ موضع كان من مكة ؛ لأنّها كلّها ميقات ، لكن الأفضل الإِحرام من المسجد ، وأفضله تحت الميزاب أو في مقام إبراهيمعليه‌السلام .

ولو خرج من مكة بغير إحرام ناسياً أو جاهلاً ، رجع إليها أو أحرم منها ، فإن عرض له مانع ، أحرم من موضعه ولو بعرفات ، وكذا في الخائف من الرجوع.

مسألة ١٤٨ : هذه المواقيت المذكورة مواقيت للحجّ على ضروبه وللعمرة المفردة إجماعاً إذا قدم مكة حاجّاً أو معتمراً.

أمّا المفرد والقارن إذا قضيا مناسك الحج وأرادا الاعتمار ، أو غيرهما ممّن يريد الاعتمار ، فإنّه يلزمه أن يخرج إلى أدنى الحلّ ، فيُحْرم بالعمرة المفردة ثم يعود إلى مكة للطواف والسعي ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا أرادت عائشة أن تعتمر بعد التحلّل من الحجّ أمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم(٢) ، وهو من الحلّ.

ولو خرج إلى أحد المواقيت فأحرم منه ، جاز لكن خفّف عنه بالإِحرام من أدنى الحلّ.

وينبغي أن يُحْرم من الجعرانة ؛ فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اعتمر منها(٣) ، فإن فاتته فمن التنعيم ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام أمر عائشة بالإِحرام منها(٤) ، فإن فاتته فمن الحديبية ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا قفل(٥) من‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٧٨ ، المجموع ٧ : ١٩٦.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٤ و ٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧١ / ١١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٥٧‌

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٠٥ - ٢٠٦ - ١٩٩٣ و ١٩٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١٨٠ / ٨١٦.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٠ - ٨٧١ / ١١٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٦.

(٥) قفل : رجع. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٩٢.

١٩٥

حنين أحرم بالجعرانة(١) .

النظر الثاني : في أحكام المواقيت‌

مسألة ١٤٩ : لا يجوز الإِحرام قبل الميقات عند علمائنا إلّا لناذر على خلاف ، ولمـُريد العمرة في رجب إذا خاف فواته.

وأطبق العامّة على جوازه(٢) ، واختلفوا في الأفضل.

فقال مالك : الأفضل الإِحرام من الميقات ، ويكره قبله. وبه قال عمر وعثمان والحسن وعطاء ومالك وأحمد وإسحاق(٣) .

وقال أبو حنيفة : الأفضل الإِحرام من بلده(٤) .

وعن الشافعي كالمذهبين(٥) .

وكان علقمة والأسود وعبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم(٦) .

لنا : ما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أحرم من الميقات(٧) ، ولا يفعل إلّا الراجح ، وقالعليه‌السلام : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٨) فوجب‌

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٧٢.

(٢) المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٧ : ٢٠٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٠٥.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، حلية العلمَاء ٣ : ٢٧٠ ، فتح العزيز ٧ : ٩٣.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٨٥ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، فتح العزيز ٧ : ٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٢.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٠ ، فتح العزيز ٧ : ٩٣ ، المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

(٦) المغني ٣ : ٢٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، وانظر : المجموع ٧ : ٢٠٢.

(٧) المغني ٣ : ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٧.

(٨) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

١٩٦

اتّباعه.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « من أحرم بالحجّ في غير أشهر الحجّ فلا حجّ له ، ومن أحرم دون الميقات فلا إحرام له »(١) .

ولأنّه أحرم قبل الميقات ، فكان حراماً ، كالإِحرام قبل أشهر الحجّ.

ولما فيه من التغرير بالإِحرام والتعرّض لفعل محظوراته ، وفيه مشقّة على النفس ، فمُنع ، كالوصال في الصوم.

احتجّوا : بما رواه العامّة عن اُمّ سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّها سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : (من أهلّ بحجّة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر)(٢) .

وفي الطريق ضعف عند العامّة(٣) .

مسألة ١٥٠ : سوّغ أكثر أصحابنا(٤) الإِحرام قبل المواقيت في موضعين :

الأول : إذا نذر أن يُحرم قبل الميقات ؛ لما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل جعل لله عليه شكراً أن يُحرم من الكوفة ، قال : « فليُحْرم من الكوفة وليف لله بما قال »(٥) .

الثاني : مَنْ يريد الإِحرام بالعمرة المفردة في رجب ، فإنّه إذا خشي تقضّيه قبل الوصول إلى الميقات ، جاز له أن يُحْرم قبل الميقات ليدرك التلبّس بالعمرة في رجب ؛ لما رواه إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام عن‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٢ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٧ ، الاستبصار ٢ : ١٦٢ / ٥٢٩.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٤٣ / ١٧٤١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠ ، وانظر : المغني ٣ : ٢٢٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٦.

(٣) المغني ٣ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٣ - ٢٢٤.

(٤) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ١٥٩ - ١٦٠ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٤٢ ، وشرائع الإِسلام ١ : ٢٤٢ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ١٧٨.

(٥) التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦٢ ، الاستبصار ٢ : ١٦٣ / ٥٣٤.

١٩٧

الرجل يجي‌ء معتمراً ينوي عمرة رجب ، فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق ، أيُحْرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخّر الإِحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال : « يُحْرم قبل الوقت لرجب ، فإنّ لرجب فضلاً وهو الذي نوى »(١) .

مسألة ١٥١ : وكما لا يجوز الإِحرام قبل الميقات كذا لا يجوز مجاوزته بغير إحرام لمن يريد النسك ، فإن جاوزه فعليه أن يرجع ليُحْرم منه إن أمكنه ، سواء تجاوزه عالماً أو جاهلاً ، وسواء علم تحريم ذلك أو جهله ، فإن رجع إليه فأحرم منه ، فلا شي‌ء عليه ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ فائدة توقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهذه المواقيت : الإِلزام بالمناسك منها لا يتقدّم عنها ولا يتأخّر.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « من تمام الحجّ والعمرة أن تُحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تجاوزها إلّا وأنت مُحْرم »(٢) .

مسألة ١٥٢ : لو أحرم غير الناذر وغير مريد الاعتمار في رجب قبل الميقات ، لم ينعقد إحرامه ، ولم يعتدّ به ، ولو فعل ما هو محظور على المـُحْرم ، لم يكن عليه شي‌ء ، وإذا بلغ الميقات ، وجب عليه تجديد الإِحرام من رأس ؛ لأنّ ما فَعَله كان منهيّاً عنه ، فلا يكون مجزئاً.

ولأنّ الباقرعليه‌السلام شبّه ذلك بمن صلّى في السفر أربعاً(٣) ، والصادقعليه‌السلام شبّهه بمن صلّى العصر(٤) ستّاً(٥) ، والمعنى واحد ، وهو‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٣ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦٠ ، الاستبصار ٢ : ١٦٢ - ١٦٣ / ٥٣٢.

(٢) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٦.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢١ - ٣٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٥١ / ١٥٥ ، الاستبصار ٢ : ١٦١ / ٥٢٧.

(٤) في الاستبصار والطبعة الحجرية و « ط » : الظهر.

(٥) التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٦ ، الاستبصار ٢ : ١٦١ - ١٦٢ / ٥٢٨.

١٩٨

الزيادة في الفريضة ، كزيادة المـُحْرم قبل الميقات على المقدار المعتبر في نظر الشرع.

وقال الباقرعليه‌السلام : « من أحرم من دون الوقت الذي وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأصاب شيئاً من النساء والصيد فلا شي‌ء عليه »(١) .

وأطبق الجمهور كافّة على صحة هذا الإِحرام(٢) .

مسألة ١٥٣ : لو ترك الإِحرام من الميقات عامداً مع إرادة النسك ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات والإِحرام منه مع المكنة ، ولا نعلم في ذلك خلافاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل المواقيت مواطن الإِحرام ، ومنع من الجواز بها إلّا لمـُحْرم إذا كان مُريداً للنسك(٣) .

ولما روى العامّة أنّ أبا الشعثاء جابر بن زيد رأى ابن عباس يردّ مَنْ جاوز الميقات غير مُحْرم(٤) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل ترك الإِحرام حتى دخل الحرم ، فقال : « يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يُحْرمون منه ، فيُحرم ، وإن خشي أن يفوته الحجّ فليُحْرم من مكانه ، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج»(٥) .

إذا عرفت هذا ، فلو لم يتمكّن من الرجوع إلى الميقات وكان قد ترك الإِحرام من الميقات عامداً متمكّناً منه مع إرادة النسك ، بطل حجّة - وبه قال سعيد بن جبير(٦) - لأنّه ترك الإِحرام من الميقات عامداً متمكّناً ، فبطل حجّه ،

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٥.

(٢) تقدّم تخريجه في المسألة ١٤٩.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٦٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٣٨ - ٨٣٩ / ١١ و ١٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٤) الاُم ٢ : ١٣٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨٠.

(٦) المغني ٣ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٢ ، المجموع ٧ : =

١٩٩

كما لو ترك الوقوف بعرفة.

وقالت العامّة : يجبره بدم ، ويُحْرم من موضعه ؛ لما رواه ابن عباس : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( من ترك نسكاً فعليه دم )(١) .

ونحن إنّما نثبت العموم لو قلنا بصحة الحج ، وهو ممنوع.

ولو أحرم من موضعه مع تركه عامداً قادراً ، لم يجزئه على ما بيّنّاه ، ولو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم يجدّد الإِحرام ؛ لأنّ الأول لم ينعقد ، فجرى مجرى الإِخلال بالإِحرام.

ولا فرق في بطلان الحج بين أن يكون عدم التمكّن من الرجوع لمرض أو خوف أو ضيق الوقت.

مسألة ١٥٤ : لو ترك الإِحرام عامداً فقد قلنا بوجوب الرجوع ، فإن رجع إلى الميقات وأحرم منه ، فلا دم عليه ، سواء رجع بعد التلبّس بشي‌ء من أفعال الحج ، كطواف القدوم مثلاً ، أو الوقوف ، أو لم يتلبّس - وبه قال عطاء والحسن والنخعي(٢) - لأنّ إحرامه من موضعه لا اعتداد به ، وكذا ما فعله ، ومع الرجوع إلى الميقات يصح إحرامه ، والأصل براءة الذمّة من الدم.

ولأنّه رجع إلى الميقات وأحرم منه ، فلا شي‌ء عليه ، كما لو لم يفعل شيئاً من مناسك الحج.

وقال الشافعي : إن رجع قبل التلبّس ، فلا شي‌ء عليه ، وإن رجع بعد التلبّس ، وجب عليه دم(٣) ؛ لأنّه أحرم من دون الميقات فوجب الدم ، لكن برجوعه سقط ، لأنّه حصل في الميقات محرماً قبل التلبّس بشي‌ء من أفعال‌

____________________

= ٢٠٨.

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٨.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١ ، فتح العزيز ٧ : ٩٢ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥.

٢٠٠