تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460
المشاهدات: 162090
تحميل: 4707


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 162090 / تحميل: 4707
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 8

مؤلف:
ISBN: 964-319-051-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بخلاف صورة النزاع.

مسألة ٤٦٦ : يستحب أن يقرأ في الاُولى بعد الحمد : التوحيد ، وفي الثانية : الجحد‌ - وروي العكس(١) - رواه العامّة عن النبي(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والخاصّة عن الصادق(٣) عليه‌السلام .

وأن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول.

ولو نسي الركعتين حتى مات ، قضى عنه وليّه واجباً إن كان الطواف واجباً ، وإلّا ندباً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج من مكة فعليه أن يقضي ، أو يقضي عنه وليّه ، أو رجل من المسلمين »(٤) .

ولو نسيهما حتى شرع في السعي ، قطع السعي ، وعاد إلى المقام ، فصلّى الركعتين ، ثم عاد فتمّم السعي ؛ لما رواه محمد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلّي الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك ، قال : « ينصرف حتى يصلّي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتمّ سعيه»(٥) .

ويستحب أن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول.

مسألة ٤٦٧ : يستحب للحاج والمعتمر إذا دخل المسجد للطواف‌ أن‌

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٢٢١ / ٨٦٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٩١.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٢٢١ / ٨٧٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٩١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٣٦ / ٤٥٠ ، و ٢٨٦ / ٩٧٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٤٣ / ٤٧٣.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤٣ / ٤٧٤.

١٠١

لا يتشاغل بشي‌ء حتى يطوف ؛ لقوله تعالى :( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) (١) .

ولأنّ الطواف تحيّة المسجد ، فاستحبّ التبادر إليه.

وروى جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل مكة ارتفاع الضحى ، فأناخ راحلته عند باب بني شيبة ، ودخل إلى المسجد ، واستلم الحجر وطاف(٢) .

ولو دخل المسجد والإمام مشتغل بالفريضة ، صلّى معه المكتوبة ، ولا يشتغل بالطواف ، فإذا فرغ من الصلاة ، طاف حينئذٍ ، تحصيلاً لفضيلة الجماعة ، وتقديماً للفائت وقته ، وهو الجماعة ، دون ما لا يفوت ، وهو الطواف ، وكذا لو قربت إقامة الصلاة.

مسألة ٤٦٨ : ولا يستحب رفع اليدين عند مشاهدة البيت.

قال الشيخ : إنّه لا يعرفه أصحابنا(٣) .

وأنكر مالك استحبابه(٤) .

وقال الشافعي : لا أكرهه ولا أستحبّه(٥) .

وقال أحمد : إنّه مستحب. وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر والثوري وابن المبارك(٦) .

لما رواه العامّة عن المهاجر المكّي ، قال : سُئل جابر بن عبد الله : عن الرجل يرى البيت أيرفع يديه؟ قال : ما كنت أظنّ أنّ أحداً يفعل هذا‌

____________________

(١) البقرة : ١٤٨ ، المائدة : ٤٨.

(٢) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٤ - ٤٥٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٤.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٢٠ ، المسألة ١٢٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٢٥ ، المجموع ٨ : ٩ ، المغني ٣ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٩.

(٥) المجموع ٨ : ٨.

(٦) المغني ٣ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٩ ، المجموع ٨ : ٩.

١٠٢

إلّا اليهود ، حججنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكن يفعله(١) .

احتجّ : بما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( لا ترفع الأيدي إلّا في سبع مواطن : افتتاح الصلاة واستقبال البيت ، وعلى الصفا والمروة ، وعلى الموقفين والجمرتين )(٢) .

وهو محمول على الرفع عند الدعاء.

مسألة ٤٦٩ : يستحب أن يقف عند الحجر الأسود ويدعو ويكبّر عند محاذاة الحجر‌ ويرفع يديه ويحمد الله ويثني عليه ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، استقبل الحجر واستلمه وكبَّر(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه »(٤) الحديث.

ويستحب له أن يستلم الحجر ويُقبّله إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ عمر بن الخطّاب انكبّ على الحجر وقال : أما إنّي أعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع ، ولو لا أنّي رأيت رسول الله يُقبّلك لما قبّلتك(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استلموا الركن ، فإنّه يمين الله في خلقه يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل ، ويشهد لمن استلمه بالموافاة »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإن لم يتمكّن من الاستلام ، استلمه بيده وقبّل يده ،

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٧٥ / ١٨٧٠ ، وسنن النسائي ٥ : ٢١٢ ، وفيه : فلم نكن نفعله.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٨٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٨٩.

(٣) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٤ ، وليس فيه تكبير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٢ - ٤٠٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٠١ / ٣٢٩.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٥ / ٢٥٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨١ / ٢٩٤٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٤.

(٦) التهذيب ٥ : ١٠٢ / ٣٣١ ، وبتفاوت يسير في الكافي ٤ : ٤٠٦ / ٩.

١٠٣

فإن لم يتمكّن من ذلك ، أشار إليه بيده - وبه قال الشافعي(١) - لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن وجدته خالياً وإلّا فسلّم من بعيد »(٢) .

وسُئل الرضاعليه‌السلام : عن الحجر الأسود أيقاتل عليه الناس إذا كثروا؟ قال : « إذا كان كذلك فأوم بيدك »(٣) .

وليس الاستلام واجباً ؛ لأصالة البراءة.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حجّ فلم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة ، قال : « هو من السنّة ، فإن لم يقدر فالله أولى بالعذر »(٤) .

ومقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع ، ولو قُطعت من المرفق ، استلم بشماله ؛ لقول عليعليه‌السلام وقد سُئل عن الأقطع كيف يستلم؟ : « يستلم الحجر من حيث القطع ، فإن كانت مقطوعةً من المرفق استلم الحجر بشماله »(٥) .

مسألة ٤٧٠ : ويستحب أن يستلم الركن اليماني‌ ويُقبّله ، فإن لم يتمكّن ، استلمه بيده وقبّل يده - وبه قال أحمد(٦) - لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا استلم الركن ، قبَّله ، ووضع خدّه الأيمن عليه(٧) .

وقال ابن عمر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يستلم إلّا الحجر والركن‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣١٨ - ٣١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٩ ، المجموع ٨ : ٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٩.

(٢) الكافي ٤ : ٤٠٥ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٣.

(٣) التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٥ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٠ / ١٨ ، التهذيب ٥ : ١٠٦ - ١٠٧ / ٣٤٥.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠.

(٧) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، وبتفاوت يسير في المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٦ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٦.

١٠٤

اليماني(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم [ عن جعفر ](٢) عن أبيه [عليهما‌السلام ](٣) قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يستلم الركن إلّا الركن الأسود واليماني ، ويُقبّلهما ، ويضع خدّه عليهما »(٤) .

وقال الشافعي : يستحب أن يستلمه بيده ويُقبّل يده ولا يُقبّله(٥) .

وقال أبو حنيفة : لا يستلمه(٦) .

وقال مالك : يستلمه ولا يُقبّل يده ، وإنّما يضعها على فيه(٧) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع أهل العلم على استلام الركنين ، وإنّما اختلفوا في التقبيل ، فشرّكه قوم بينهما وخصّ قوم الحجر به(٨) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب استلام الأركان كلّها ، وآكدها ركن الحجر واليماني ، ذهب إليه علماؤنا - وبه قال ابن عباس وجابر وابن الزبير(٩) - لما رواه العامّة أنّه لمـّا قدم معاوية مكة وابن عباس بها ، فاستلم‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٤ / ٢٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣١ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٦ ، المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٢ و ٣ ) أضفناها من المصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ١٠٥ - ١٠٦ / ٣٤١ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٧٧٤.

(٥) الاُم ٢ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٣٥ و ٥٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٩.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المغني ٣ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٤ - ٣٩٥.

(٧) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ - ٣٦٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٧ - ٢٨٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المجموع ٨ : ٥٨.

(٨) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٩) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ - ٣٣١.

١٠٥

ابن عباس الأركان كلّها ، فقال معاوية : ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستلم إلّا الركنين اليمانيّين ، فقال ابن عباس : ليس من البيت شي‌ء مهجور(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قلت للرضاعليه‌السلام : أستلم اليماني والشامي والغربي؟ قال : « نعم »(٢) .

ولأنّهما ركنان ، فاستحبّ استلامهما ، كاليمانيّين.

وأنكر الفقهاء الأربعة ذلك(٣) ؛ لقول ابن عمر : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يستلم الركن اليماني والأسود في كلّ طوفة ، ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر(٤) .

قال ابن عمر : ما أراه لم يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلّا لأنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيمعليه‌السلام (٥) .

والجواب : رواية الإثبات مقدَّمة.

ويحتمل : أنّه كان يقف عند اليمانيّين أكثر.

تنبيه : في الاستلام لغتان : الهمز وعدمه.

____________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٩٤ - ٩٥ بتفاوت ، وفي ذيله ما يشعر باختلاف الناس في هذه الرواية ، فمنهم من قال بأنّ المجيب هو معاوية. وانظر : صحيح البخاري ٢ : ١٨٦ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢١٣ / ٨٥٨ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٧ ، ومسند أحمد ١ : ٢١٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١٠٦ / ٣٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ / ٧٤٣.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٨ ، المغني ٣ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، وبتفاوت في صحيح البخاري ٢ : ١٨٦ ، وصحيح مسلم ٢ : ٩٢٤ - ٢٤٤ ، ومسند أحمد ٢ : ١٨.

(٥) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٩٦٩ / ٣٩٩ ، وصحيح البخاري ٢ : ١٧٩ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٧.

١٠٦

فعلى الثاني قال السيّد المرتضى : إنّه افتعال من السِّلام ، وهي الحجارة(١) .

فإذا مسّ الحجر بيده ومسحه بها ، قيل : استلم ، أي مسّ السِّلام بيده.

وقيل : إنّه مأخوذ من السَّلام(٢) ، أي أنّه يُحيّي نفسه عن الحجر ؛ إذ ليس الحجر ممّن يحيّيه ، وهذا كما يقال : اختدم : إذا لم يكن له خادم سوى نفسه.

وحكى ثعلب : الهمز ، وفسّره بأنّه اتّخذه جُنّةً وسلاحاً من اللأمة(٣) ، وهي الدرع(٤) . وهو حسن.

مسألة ٤٧١ : يستحب الاستلام في كلّ شوط‌ ، لأنّ النبيعليه‌السلام كان يستلم الركن اليماني والأسود في كلّ طوفة(٥) .

ويستحب الدعاء في الطواف بالمنقول ، والوقوف عند اليماني والدعاء عنده.

ويستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع ، ويبسط يديه على حائطه ، ويلصق به بطنه وخدّه ، ويدعو بالمأثور ، ويعترف بذنوبه.

قال الصادقعليه‌السلام : « ثم أقرّ لربّك بما عملت من الذنوب فإنّه ليس عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلّا غفر له »(٦) .

ولو نسي الالتزام حتى جاز موضعه في مؤخّر الكعبة مقابل الباب‌

____________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٧٥.

(٢) تهذيب اللغة ١٢ : ٤٥١.

(٣) اللامة : الهول. لسان العرب ١٢ : ٥٥٧ « لوم ».

(٤) كما في رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٧٥.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٠٥ ، الهامش (٤).

(٦) الكافي ٤ : ٤١١ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٠٧ - ١٠٨ / ٣٤٩.

١٠٧

دون الركن اليماني بقليل ، فلا إعادة عليه.

ولو ترك الاستلام ، لم يكن عليه شي‌ء ، وبه قال عامّة الفقهاء ؛ لأنّه مستحب ، فلا يتعقّب بتركه جناية.

وحكي عن الحسن البصري والثوري وعبد الملك بن الماجشون أنّ عليه دماً(١) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٢) .

وليس حجّةً ؛ لأنّه مخصوص بالواجب.

قال الشيخ في المبسوط : قد روي أنّه يستحب الاضطباع ، وهو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن ويجعله على منكبه الأيسر(٣) .

وهو مأخوذ من الضَّبْع ، وهو عضد الإنسان ، وأصله التاء قلبوها طاءً ؛ لأنّ التاء متى وقعت بعد صاد أو ضاد أو طاء ساكنة قلبت طاء.

إذا ثبت هذا ، فأكثر العلماء على استحبابه(٤) ، لقول ابن عباس : لمـّا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قريش ، فاجتمعت نحو الحجر ، اضطبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) .

قال الشافعي : ويبقى مضطبعاً حتى يتمّ السعي بين الصفا والمروة ويتركه عند الصلاة للطواف(٦) .

____________________

(١) اُنظر : المجموع ٨ : ٥٩ ، وفي حلية العلماء ٣ : ٣٣١ ، والمغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨ حكاية القول بذلك عنهم في ترك الرمل لا ترك الاستلام ، فلاحظ.

(٢) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ، والشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٧٤ وابنا قدامه في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٣) المبسوط ١ : ٣٥٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٩١ - ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩١.

(٥) مسند أحمد ١ : ٣٠٥.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٣٨ - ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ٢٠.

١٠٨

وقال أحمد : لا يضطبع في السعي(١) .

وقال مالك : إنّه ليس بمستحب. قال : ولم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا يذكر أنّ الاضطباع سنّة(٢) .

مسألة ٤٧٢ : يستحب له أن يقصد في مشيه بأن يمشي مستوياً بين السَّرَع والإبطاء ، قاله الشيخ –رحمه‌الله - في بعض كتبه(٣) .

وقال في المبسوط : يستحب أن يرمل ثلاثاً ، ويمشي أربعاً في طواف القدوم خاصّة ؛ اقتداءً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

واتّفقت العامّة على استحباب الرمل في الأشواط الثلاثة الأُوَل ، والمشي في الأربعة في طواف القدوم ؛ لما رواه الصادقعليه‌السلام عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمل ثلاثاً ومشى أربعاً(٥) .

والسبب فيه قول ابن عباس : قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة ، فقال المشركون : إنّه يقدم عليكم قوم تنهكهم(٦) الحمّى ولقوا منها شرّاً ، فأمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يرملوا الأشواط الثلاثة ، وأن يمشوا بين الركنين ، فلمـّا رأوهم قالوا : ما نراهم إلّا كالغزلان(٧) .

ولو ترك الرمل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّه مستحب ، وهو قول عامّة‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢.

(٢) المغني ٣ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣١ ، المجموع ٨ : ٢١.

(٣) النهاية : ٢٣٧.

(٤) المبسوط ١ : ٣٥٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ / ١٩٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٢ / ٨٥٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٣ / ٢٩٥١ و ١٠٢٣ / ٣٠٧٤.

(٦) نهكته الحُمّى : جهدته وأضْنَتْه ونقصت لحمه. لسان العرب ١٠ : ٤٩٩ « نهك ».

(٧) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ١٧٨ / ١٨٨٦ و ١٧٩ / ١٨٨٩.

١٠٩

الفقهاء(١) .

وقال الحسن البصري : إنّ عليه دماً. وهو محكي عن الثوري وعبد الملك بن الماجشون(٢) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٣) .

وجوابه : المراد من النسك الواجبُ.

ويعارضه ما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : ليس على من ترك الرمل شي‌ء(٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية سعيد الأعرج ، أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال : « كُلٌّ واسع ما لم يؤذ أحداً »(٥) .

ولو تركه في الثلاثة الأُول ، لم يقض في الأربع الباقية ؛ لأنّها هيئة في الأُول ، فإذا فات موضعها ، سقطت ، ولزم سقوط هيئة البواقي.

وإذا قلنا باستحباب الرمل في الثلاثة الأُول ، استحبّ من الحِجْر إليه - وهو قول أكثر العلماء(٦) - لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمل من الحِجْر إلى الحِجْر(٧) .

وقال طاوُس وعطاء والحسن وسعيد بن جبير : يمشي ما بين الركنين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بأن يرملوا الأشواط الثلاثة ويمشوا ما‌

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٣ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٨ ، المجموع ٨ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣١.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ، والشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٧٤ وابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٨.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، المجموع ٨ : ٩٨.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٩٢١ / ٢٣٣ - ٢٣٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٢ / ٨٥٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٩ / ١٨٩١.

١١٠

بين الركنين ليرى المشركون جَلَدَهُمْ(١) لمـّا وَهَنَتْهم(٢) الحُمّى حتى قال المشركون : هؤلاء أجلد منّا(٣) .

ولو ترك الرمل في أوّل شوط ، رمل في الاثنين ، وإن تركه في الاثنين ، رمل في الثالث خاصّةً.

ولو تركه في طواف القدوم ، لم يستحب قضاؤه في طواف الحجّ ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما رمل في طواف القدوم(٤) ، خلافاً لبعض العامّة(٥) .

وقال بعض العامّة : ليس على أهل مكّة رمل - وقاله ابن عباس وابن عمر - لأنّه شُرّع في الأصل لإظهار الجلد والقوّة لأهل البلد(٦) .

ولا يستحب للنساء الرمل ولا الاضطباع.

ويرمل الحامل للمريض والصبي ، والراكب يحثّ دابّته.

وللشافعي قول آخر في أنّ الحامل للمريض لا يرمل به(٧) .

مسألة ٤٧٣ : يستحب التداني من البيت في الطواف ؛ لأنّه المقصود ، فالدنوّ منه أولى ولو كان بالقرب زحام لا يمكنه أن يرمل فيه ، فإن كان يعلم أنّه إن وقف وجد فرجةً ، وقف ، فإذا وجد فرجةً ، رمل ، وإن كان يعلم أنّه لا يجد فرجةً لكثرة الزحام وعلم أنّه إن خرج إلى حاشية الناس‌

____________________

(١) الجَلَد : القوّة والصبر. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٢٨٤ « جلد ».

(٢) أي : أضعفتهم. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٣٤ « وهن ».

(٣) المغني ٣ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٧ ، المجموع ٨ : ٥٨.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٥) المغني ٣ : ٣٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٣.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٢.

(٧) المجموع ٨ : ٤٤.

١١١

يمكن الرمل ، خرج ورمل ، وكان أفضل من التداني ، وإن لم يتمكّن من الخروج ، طاف من غير رمل ، ولو تباعد حتى طاف بالسقاية وزمزم ، لم يجزئ - خلافاً للشافعي(١) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا فَعل ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

مسألة ٤٧٤ : يستحب أن يطوف ماشياً مع القدرة ، ولو ركب معها ، أجزأه ، ولا يلزمه دم - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ جابراً قال : طاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرفَ عليهم ليسألوه ، فإنّ الناس غشوه(٤) .

وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد : إن طاف راكباً لعذر ، فلا شي‌ء عليه ، وإن كان لغير عذر ، فعليه دم ؛ لأنّها عبادة واجبة تتعلّق بالبيت ، فلا يجوز فعلها لغير عذر راكباً ، كالصلاة(٥) .

والفرق : أنّ الصلاة لا تصحّ راكباً وهنا تصحّ.

مسألة ٤٧٥ : يستحب طواف ثلاثمائة وستّين طوافاً‌ ، فإن لم يتمكّن فثلاثمائة وستّين شوطاً ، ويلحق الزيادة بالطواف الأخير بأن يطوف اُسبوعاً ، ثم يصلّي ركعتين ، وهكذا.

ويجوز القرآن في النوافل على ما يأتي ، فيؤخّر الصلاة فيها إلى حين‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ١٧٧ ، فتح العزيز ٧ : ٣٠١ ، المجموع ٨ : ٣٩.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٧ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٧ / ٢٥٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٠.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٤ - ٤٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٠ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٧.

١١٢

الفراغ.

وإن لم يستطع ، طاف ما يمكن منه.

قال الصادقعليه‌السلام : « يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستّين اُسبوعاً عدد أيّام السنة ، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستّين شوطاً ، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف »(١) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٤٧٦ : قد بيّنّا وجوب الطهارة من الحدث والخبث في الثوب والبدن ، ووجوب الستر ، فلو طاف جنباً أو محدثاً أو عارياً ، أو طافت المرأة حائضاً أو نفساء ، أو طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة عالماً أو ناسياً في طواف الفريضة ، لم يعتد بذلك الطواف ، وكذا لو كان يطأ في مطافه النجاسات المتعدّية إلى بدنه أو ثوبه.

ولو أحدث في خلال الطواف ، فإن كان بعد طواف أربعة أشواط ، تطهّر وأتمّ طوافه ، وإن كان قبل ذلك ، تطهّر واستأنف الطواف من أوّله ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام : في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : « يخرج ويتوضّأ ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه ، وإن كان أقلّ من النصف أعاد الطواف »(٢) .

ولم يفصّل العامّة ذلك ، بل قالوا : إن تعمّد الحدث ، فللشافعي قولان : أحدهما : أنّه يستأنف ، كالصلاة. وأصحّهما : البناء. ويحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة ، كالفعل الكثير والكلام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٤ ، الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٦ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٤.

١١٣

وإن سبقه الحدث ، فإن قلنا : يبني في العمد ، فهنا أولى ، وإن قلنا : يستأنف ، فقولان : أصحّهما : البناء.

هذا إذا لم يَطُل الفصل ، وإن طال ، بنى(١) .

ولو كان الطواف نفلاً ، لم يجب عليه الاستئناف ولا إتمامه بطهارة.

ولو ذكر أنّه طاف محدثاً ، فإن كان طواف فريضة ، استأنف الطواف والصلاة إن كان قد صلّى بحدثه.

ولو كان الطواف نفلاً وصلّى ، أعاد الصلاة خاصّةً بعد الطهارة ؛ لرواية حريز - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في رجل طاف تطوّعاً وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء ، فقال : « يُعيد الركعتين ولا يعيد الطواف »(٢) .

ولو شكّ في الطهارة ، فإن كان في أثناء الطواف ، تطهّر واستأنف ؛ لأنّه شكّ في العبادة قبل فراغها ، فيعيد ، كالصلاة ، ولو شكّ بعد الفراغ ، لم يستأنف.

مسألة ٤٧٧ : لو طاف ستّة أشواط ناسياً وانصرف ثم ذكر ، فليضف إليها شوطاً آخر ، ولا شي‌ء عليه ، وإن لم يذكر حتى يرجع إلى أهله ، أَمَر مَنْ يطوف عنه.

وقال أبو حنيفة : يجبره بدم(٣) .

لنا : أصالة البراءة من الدم ، وبقاء عهدة التكليف في الشوط المنسي إلى أن يأتي به.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٢٨٧ ، المجموع ٨ : ٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٣.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٥.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٦ ، المغني ٣ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥١١ ، المجموع ٨ : ٢٢.

١١٤

ولرواية الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحِجْر ، قال : « يعيد ذلك الشوط »(١) .

وسأل سليمانُ بن خالد الصادقَعليه‌السلام : عمّن فاته شوط واحد حتى أتى أهله ، قال : « يأمر مَنْ يطوف عنه »(٢) .

ولو ذكر أنّه طاف أقلّ من سبعة أشواط وهو في السعي ، قطع السعي ، وتمّم الطواف ، ثم رجع فتمّم السعي ؛ لأنّ السعي تابع ، فلا يُفعل قبل تحقّق متبوعه ، وإنّما يتحقّق بأجزائه.

ولأنّ إسحاق بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا والمروة ، فبينا هو يطوف إذ ذكر أنّه قد نقص من طوافه بالبيت ، قال : « يرجع إلى البيت فيُتمّ طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيُتمّ ما بقي »(٣) .

مسألة ٤٧٨ : لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة ، فإن كان قد جاز النصف ، بنى ، وإن لم يكن جازه ، أعاد.

وإن كان طواف نافلة ، بنى عليه مطلقاً ؛ لأنّه مع تجاوز النصف يكون قد فَعَل الأكثر ، فيبني عليه ، كالجميع.

ولرواية الحلبي - في الصحيح - قال : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوةً فدخله ، كيف يصنع؟ قال : « يعيد طوافه ، وخالف السنّة »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٠٩ / ٣٥٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ - ٢٤٩ / ١١٩٤ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ / ٣٥٤.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ / ١١٩٠ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ - ١١٠ / ٣٥٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٣ / ٧٦٨.

١١٥

وعن أبي الفرج قال : طفت مع الصادقعليه‌السلام خمسة أشواط ثم قلت : إنّي اُريد أن أعود مريضاً ، فقال : « احفظ مكانك ثم اذهب فعُدْه ثم ارجع فأتمّ طوافك »(١) .

ولأنّ الصادقعليه‌السلام أمر أبان بن تغلب ، فقال : « اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته » فقلت : وإن كان فريضةً؟ قال : « نعم وإن كان فريضةً »(٢) .

وفي حديث آخر : جواز القعود والاستراحة ثم يبني(٣) .

ولو دخل عليه وقت فريضة ، قطع الطواف ، وصلّى الفريضة ، ثم عاد فتمّم طوافه من حيث قطع ، وهو قول العامّة ، إلّا مالكاً ؛ فإنّه قال : يمضي في طوافه إلّا أن يخاف فوات الفريضة(٤) .

وهو باطل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( إذا اُقيمت الصلاة فلا صلاة إلّا المكتوبة)(٥) والطواف صلاة.

ولأنّ وقت الحاضرة أضيق من وقت الطواف ، فكانت أولى.

ولأنّ عبد الله بن سنان سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل كان في طواف النساء واُقيمت الصلاة ، قال : « يصلّي - يعني الفريضة - فإذا فرغ بنى من حيث قطع »(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٩ / ٣٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٣ - ٢٢٤ / ٧٧٢.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٠ / ٣٩٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٠ - ١٢١ / ٣٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٤ - ٢٢٥ / ٧٧٤.

(٤) المغني ٣ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٣.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٤٩٣ / ٧١٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٢ / ١٢٦٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٨٢ / ٤٢١ ، سنن النسائي ٢ : ١١٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٦٤ / ١١٥١ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٨٢ ، مسند أحمد ٢ : ٤٥٥.

(٦) التهذيب ٥ : ١٢١ / ٣٩٦.

١١٦

إذا عرفت هذا ، فإنّه يبني بعد فراغه من الفريضة ، ويُتمّ طوافه ، وهو قول العلماء إلّا الحسن البصري ؛ فإنّه قال : يستأنف(١) .

والأصل خلافه.

وكذا البحث في صلاة الجنازة ، فإنّها تُقدّم.

وهل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟ دلالة ظاهر الحديث على الأوّل.

ولو خاف فوات الوتر ، قطع الطواف وأوتر ثم بنى على ما مضى من طوافه ؛ لأنّها نافلة متعلّقة بوقت ، فتكون أولى من فعل ما لا يفوت وقته.

ولقول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - : « ابدأ بالوتر واقطع الطواف »(٢) .

مسألة ٤٧٩ : لو حاضت المرأة وقد طافت أربعة أشواط ، قطعت الطواف وسعت ، فإذا فرغت من المناسك ، أتمّت الطواف بعد طُهْرها ، ولو كان دون أربعة ، أبطلت الطواف وانتظرت عرفة ، فإن طهرت وتمكّنت من باقي أفعال العمرة والخروج إلى الموقف ، فَعَلت ، وإلّا صارت حجّتها مفردةً ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت ، قال : « تُتمّ طوافها ، وليس عليها غيره ، ومتعتها تامّة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة ، لأنّها زادت على النصف وقد قضت متعتها ، ولتستأنف بعدُ الحجَّ ، وإن هي لم تطف إلّا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحجَّ ، فإن أقام بها جمّالها بعد الحجّ لتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر »(٣) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٦ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ / ٣٩٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤١ - ٢٤٢ / ١١٥٥ ، وفي التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧١ ، والاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١٢ إلى قولهعليه‌السلام : « ولتستأنف بعدُ الحجَّ ».

١١٧

مسألة ٤٨٠ : الطواف ركن مَنْ تركه عامداً بطل حجّه ، ولو تركه ناسياً ، قضاه ولو بعد المناسك ، فإن تعذّر العود ، استناب فيه.

روى علي بن جعفر - في الصحيح - عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع؟ قال : « يبعث بهدي إن كان تركه في حجّ بعثه في حجّ ، وإن تركه في عمرة بعثه في عمرة ، ووكّل مَنْ يطوف عنه ما ترك من طوافه »(١) .

قال الشيخ : هذا محمول على طواف النساء ؛ لأنّ مَنْ ترك طواف النساء ناسياً جاز له أن يستنيب غيره مقامه في طوافه ، ولا يجوز له ذلك في طواف الحجّ ، بل يجب عليه إعادة الحجّ وبدنة(٢) ؛ لما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - أنّه سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة ، قال : « إن كان على وجه جهالة في الحجّ أعاد وعليه بدنة »(٣) .

واستدلّ الشيخ على الجميع برواية معاوية بن عمّار ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت ». وقال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج ، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه »(٤) .

مسألة ٤٨١ : لو شكّ في عدد الطواف ، فإن كان بعد فراغه ، لم يلتفت ، وإن كان في أثنائه ، فإن كان شكّه في الزيادة ، قطع ولا شي‌ء‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٨ ذيل الحديث ٤٢١ ، والاستبصار ٢ : ٢٢٨ ذيل الحديث ٧٨٨.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٧ - ١٢٨ / ٤٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٧ وفيه عن علي بن يقطين.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٩.

١١٨

عليه ، وإن كان في النقصان ، مثل : أن يشكّ بين الستّة والسبعة أو الخمسة والستّة ، فان كان طواف الفريضة ، أعاده من أوّله ؛ لأنّ الزيادة والنقصان محظوران.

ولرواية معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في رجل لم يدر ستّة طاف أم سبعة ، قال : « يستقبل »(١) .

وسأل حنّان بن سدير الصادقَعليه‌السلام : في رجل طاف فأوهم قال : طفت أربعة وقال : طفت ثلاثة ، فقال الصادقعليه‌السلام : « أيّ الطوافين : طواف نافلة أو طواف فريضة؟ » ثم قال : « إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف ، وإن كان طواف نافلة واستيقن الثلاث وهو في شكّ من الرابع أنّه طاف فليبن على الثالث فإنّه يجوز له »(٢) .

ويجوز البناء على الأكثر في النافلة ، لما رواه رفاعة عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة ، قال : « طواف نافلة أو فريضة؟ » قال : أجبني فيهما ، قال : « إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت ، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف »(٣) .

ويجوز التعويل على غيره في عدد الطواف ، كالصلاة ؛ لأنّ سعيد الأعرج سأل الصادقعليه‌السلام : عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه؟ قال : « نعم »(٤) .

مسألة ٤٨٢ : لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة ، فلو طاف ثمانية ، أعاد ، ولو كان سهواً ، استحبّ له أن يُتمّم أربعة عشر‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٧ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١١٠ / ٣٥٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٧ - ٤١٨ - ٧ ، التهذيب ٥ : ١١١ - ٣٦٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤٩ / ١١٩٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٠.

١١٩

شوطا ؛ لأنّها فريضة ذات عدد فتبطلها الزيادة مع العمد كالصلاة.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو بصير : عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض ، قال : « يعيد حتى يستتمّه »(١) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « مَنْ طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتمّ أربعة عشر شوطا ثم ليصلّ ركعتين »(٢) .

وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية ، قال : « يضيف اليها ستّة »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإذا كمّل أربعة عشر شوطاً ، صلّى ركعتي طواف الفريضة وسعى ثم عاد إلى المقام وصلّى ركعتي النفل.

ولو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنّه قد طاف سبعاً ، فليقطع الطواف ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه أتى بالواجب ، وإن لم يذكر حتى يجوزه ، تمّم أربعة عشر شوطاً ، لأنّ أبا كهمس سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال : « إن كان ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه ، وإن لم يذكر حتى يبلغه فليتمّ أربعة عشر شوطا وليصلّ أربع ركعات »(٤) .

مسألة ٤٨٣ : لا يجوز القرآن في طواف الفريضة عند أكثر علمائنا(٥)

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١١ / ٣٦١ ، الاستبصار ٢ : ٢١٧ / ٧٤٦.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٢ / ٣٦٤ ، الاستبصار ٢ : ٢١٨ / ٧٥٠.

(٣) التهذيب ٥ : ١١١ - ١١٢ / ٣٦٢ ، الاستبصار ٢ : ٢١٨ / ٧٤٨.

(٤) التهذيب ٥ : ١١٣ / ٣٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١٩ / ٧٥٣ وفيه وفي نسخة « ن » : أبا كهمش.

(٥) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٢٣٨ ، والمبسوط ١ : ٣٥٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٣٢ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣٧٣.

١٢٠