تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460
المشاهدات: 162145
تحميل: 4707


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 162145 / تحميل: 4707
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 8

مؤلف:
ISBN: 964-319-051-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ويجب فيه العدد ، وهو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة ، فلا يجزئه لو أخلّ ولو بحصاة ، بل يجب عليه الإكمال ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة : كذا فعلوا.

ويجب إيصال كلّ حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رمياً بفعله ، فلو وضعها بكفّه في المرمى ، لم يجزئه إجماعاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بالرمي(١) ، وهذا لا يسمّى رمياً ، فلا يكون مجزئاً.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « خُذْ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها »(٢) .

ولو طرحها طرحا ، قال بعض العامّة : لا يجزئه(٣) .

وقال أصحاب الرأي : يجزئه ؛ لصدق الاسم(٤) .

والضابط تبعية الاسم ، فإن سمّي رميا ، أجزأه ، وإلاّ فلا.

ويجب أن يقع الحصى في المرمى ، فلو وقع دونه ، لم يجزئه إجماعاً.

قال الصادقعليه‌السلام : « فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها »(٥) .

مسألة ٥٦٤ : يجب أن تكون إصابة الجمرة بفعله ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا‌

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٠ / ١٩٦٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٦ / ٣٠٢٣ و ١٠٠٨ / ٣٠٢٨ و ٣٠٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٧٢ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٩٨ / ٦٦١.

(٣) المغني ٣ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٨.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٧ ، المغني ٣ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٧ - ٤٥٨.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨٣ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٨٥ / ١٣٩٩ ، التهذيب ٥ : ٢٦٦ - ٢٦٧ / ٩٠٧.

٢٢١

فعل ، وقال : « خُذوا عنّي مناسككم »(١) .

ولقولهعليه‌السلام : ( بمثلها فارموا )(٢) أوجب استناد الرمي إلينا.

ولو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرّت على سننها أو أصابت شيئاً صلباً كالمحمل وشبهه ثم وقعت في المرمى بعد ذلك ، أجزأه ؛ لأنّ وقوعها في المرمى بفعله ورميه ، بخلاف المزدلف في المسابقة ، فإنّه لا يعتدّ به في الإصابة ، لأنّ القصد إبانة الحذق ، فإذا ازدلف السهم فقد عدل عن السنن ، فلم تدلّ الإصابة على حذقه ، فلهذا لم يعتد به ، بخلاف الحصاة ، فإنّ الغرض إصابة الجمرة بفعله كيف كان.

أمّا لو وقعت الحصاة على ثوب إنسان فنفضها فوقعت في المرمى ، فإنّه لا يجزئه - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه لم يمتثل أمر الإصابة بفعله.

وقال أحمد : يجزئه ؛ لأنّ ابتداء الرمي من فعله ، فأشبه ما لو أصاب موضعاً صلباً ثم وقعت في المرمى(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المأخوذ عليه الإصابة بفعله ولم تحصل ، فأشبه ما لو وقعت في غير المرمى فأخذها غيره فرمى بها في المرمى.

وكذا لو وقعت على ثوب إنسان فتحرّك فوقعت في المرمى ، أو على عنق بعير فتحرّك فوقعت في المرمى ؛ لإمكان استناد الإصابة إلى حركة‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٨ / ٣٠٢٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٦٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٧ ، بتفاوت يسير.

(٣) الاُم ٢ : ٢١٣ ، مختصر المزني : ٦٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٠ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٨ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤١.

(٤) المغني ٣ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤١.

٢٢٢

البعير والإنسان.

ولو رماها نحو المرمى ولم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا ، فالوجه أنّه لا يجزئه - وهو قول الشافعي في الجديد(١) - لأصالة البقاء ، وعدم يقين البراءة.

وقال في القديم : يجزئه ؛ بناءً على الظاهر(٢) .

ولو رمى حصاة فوقعت على حصاة فطفرت الثانية في المرمى ، لم يجزئه ؛ لأنّ التي رماها لم تحصل في المرمى ، والتي حصلت لم يرمها ابتداءً.

ولو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى ، لم يجزئه ؛ لأنّه لم يقصده ، بخلاف ما لو رمى إلى صيد فوقع في غيره ، صحّت تذكيته ؛ لعدم القصد في الذكاة ، والرمي يعتبر فيه القصد.

ولو وقعت على مكان أعلى من الجمرة فتدحرجت في المرمى ، فالأقرب الإجزاء ؛ لحصولها في المرمى بفعله ، خلافاً لبعض الشافعيّة(٣) .

ولو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها ، لم يجزئه ، سواء رماها الطائر في المرمى أو لا ؛ لأنّ حصولها في المرمى لم يكن بفعله.

ولو رمى بحصاة كان قد رماها فأصابت غير المرمى فأصاب المرمى ثانياً ، صحّ.

ولو أصابت الحصاة إنساناً أو غيره ثم وقعت على المرمى ، أجزأه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « وإن أصابت إنساناً أو جَمَلا ثم وقعت‌

____________________

(١) الاُمّ ٢ : ٢١٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤١ ، المجموع ٨ : ١٧٥.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٨١ ، المجموع ٨ : ١٧٥.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٨١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٢.

٢٢٣

على الجمار أجزأك »(١) .

مسألة ٥٦٥ : ويرمي كلّ حصاة بانفرادها‌ ، فلو رمى الحصيات دفعةً واحدة ، لم يجزئه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمى متفرّقاً(٢) ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٣) وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي(٤) .

وقال عطاء : يجزئه(٥) .

وهو مخالف لما فَعَله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ويرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قِبَل وجهها مستحبّاً إجماعاً ؛ لما روى العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رمى الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبّر مع كلّ حصاة(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام : « وارمها من بطن الوادي ، واجعلهنّ على يمينك كلّهنّ »(٧) .

ويستحب أن يرميها مستقبلاً لها مستدبراً للكعبة ، بخلاف غيرها من الجمار ، وهو قول أكثر العلماء ؛ لما روى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه رمى جمرة العقبة مستدبراً للقبلة(٨) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٣ - ٤٨٤ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٨٥ / ١٣٩٩ ، التهذيب ٥ : ٢٦٦ - ٢٦٧ / ٩٠٧.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٨ / ٣٠٣١ و ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٩.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٢١ ، الاُم ٢ : ٢١٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٩ ، المجموع ٨ : ١٨٥ ، المغني ٣ : ٤٦٠ - ٤٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٧.

(٥) المغني ٣ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٧ ، المجموع ٨ : ١٨٥.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٠ / ١٩٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٠.

(٧) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٦.

(٨) الكامل في الضعفاء - لابن عدي - ٥ : ١٨٧٨ ، وأورده الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٦٩.

٢٢٤

وينبغي أن يرميها من قِبَل وجهها ، ولا يرميها من أعلاها ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الحسن - : « ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قِبَل وجهها ولا ترمها من أعلاها »(١) .

قال الشيخرحمه‌الله : جميع أفعال الحجّ يستحب أن تكون مستقبل القبلة من الوقوف بالموقفين ورمي الجمار إلّا جمرة العقبة يوم النحر ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رماها مستقبلها مستدبراً للكعبة(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلا ينبغي أن يرميها من أعلاها.

وروى العامّة أنّ عمر جاء والزحام عند الجمرة فصعد فرماها من فوقها(٣) .

وهو ممنوع ؛ لما رووه عن عبد الرحمن بن يزيد(٤) أنّه مشى مع عبد الله بن مسعود وهو يرمي الجمرة ، فلمـّا كان في بطن الوادي اعترضها فرماها ، فقيل له : إنّ ناساً يرمونها من فوقها ، فقال : من هاهنا - والذي لا إله غيره - رأيت الذي نزلت عليه سورة البقرة رماها(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام : « ولا ترم أعلى الجمرة »(٦) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « ولا ترمها من أعلاها »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٧٨ - ٤٧٩ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٩٨ / ٦٦١.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٩.

(٣) المغني ٣ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٤.

(٤) في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجرية : عبد الله بن سويد ، بدل عبد الرحمن بن يزيد ، وما أثبتناه من المصادر.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ٢١٧ - ٢١٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٤٣ - ٩٤٤ / ٣٠٥ - ٣٠٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٤٥ - ٢٤٦ / ٩٠١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٩ ، المغني ٣ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٦.

(٦) التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٦.

(٧) المصدر في الهامش (١).

٢٢٥

مسألة ٥٦٦ : ويستحب له أن يرميها خذفاً‌ بأن يضع كلّ حصاة على بطن إبهامه ويدفعها بظفر السبّابة ؛ لقول الرضاعليه‌السلام : قال : « تخذفهنّ خذفاً وتضعها [ على الإبهام ](١) وتدفعها بظفر السبّابة »(٢) .

ولو رماها على غير هذه الصفة أجزأ.

ويستحب أن يكون بينه وبين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعاً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعاً »(٣) .

ويستحبّ أن يكبّر مع كلّ حصاة ، ويدعو بالمنقول.

قال الشافعي : ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالرمي ؛ لأنّ التلبية شعار الإحرام ، والرمي أخذ في التحليل(٤) .

وقال القفّال : إذا رحلوا من مزدلفة ، مزجوا التلبية بالتكبير في ممرّهم ، فإذا انتهوا إلى الجمرة وافتتحوا الرمي ، محضوا التكبير(٥) .

البحث الرابع : في الأحكام.

مسألة ٥٦٧ : يجب الإتيان إلى منى لقضاء المناسك بها‌ من الرمي والذبح والحلق أو التقصير.

وينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة‌

____________________

(١) أضفناها من المصدر.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٦.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٨ - ٤٧٩ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٩٨ / ٦٦١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٧٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٨ : ١٦٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٠ ، المغني ٣ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٨.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٧٠ - ٣٧١ ، المجموع ٨ : ١٦٩.

٢٢٦

الكبرى ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلكها(١) .

وحدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « حدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر »(٢) .

وهو قول عطاء والشافعي(٣) .

مسألة ٥٦٨ : لا يشترط في الرمي الطهارة‌ وإن كانت أفضل ، فيجوز للمحدث والجنب والحائض وغيرهم الرمي إجماعاً ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه أمر عائشة بالإتيان بأفعال الحجّ سوى الطواف ، وكانت حائضاً(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الحسن - : « ويستحب أن يرمي الجمار على طهر »(٥) .

ويجوز الرمي راجلاً وراكباً ، والأوّل أفضل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان لا يأتيها - يعني جمرة العقبة - إلّا ماشياً ذاهباً وراجعاً(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - عن آبائه : ، قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يرمي الجمار ماشياً »(٧) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٩١ - ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٢٩.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٨٠ / ١٣٧٥.

(٣) المغني ٣ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٥ ، الاُم ٢ : ٢١٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٣ ، المجموع ٨ : ١٣٠.

(٤) صحيح البخاري ١ : ٨٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٣ - ٨٧٤ / ١١٩ - ١٢١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٨ / ٢٩٦٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٨١ / ٩٤٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤٧٨ - ٤٧٩ - ١ ، التهذيب ٥ : ١٩٨ - ٦٦١.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٠ - ٢٠١ / ١٩٦٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٤٤ - ٢٤٥ / ٩٠٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣١.

(٧) التهذيب ٥ : ٢٦٧ / ٩١٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٨ / ١٠٦.

٢٢٧

وقد روى العامّة عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن أبيه الباقرعليه‌السلام عن جابر ، قال : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرمي على راحلته يوم النحر ، ويقول : ( لتأخذوا عنّي مناسككم فإنّي لا أدري لعلّي لا أحجّ بعد حجّتي هذه )(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - وقد سأله معاوية بن عمّار عن رجل رمى الجمار وهو راكب ، فقال : « لا بأس به »(٢) .

ويستحب أن يرفع يده في الرمي حتى يرى بياض إبطه ، قاله بعض العامّة(٣) ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فَعَله(٤) .

وأنكر ذلك مالك(٥) .

ويستحب أن لا يقف عند جمرة العقبة ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ ابن عباس وابن عمر رويا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام : « ولا تقف عند جمرة العقبة »(٧) .

مسألة ٥٦٩ : يجوز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها.

قال ابن عبد البرّ : أجمع علماء المسلمين على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رماها ضحى ذلك اليوم(٨) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٣٤ / ١٢٩٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٠١ / ١٩٧٠ ، سنن النسائي ٥ : ٢٧٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٧ / ٩١١ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٨ / ١٠٦٥.

(٣) المغني ٣ : ٤٦١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩٥ ، المجموع ٨ : ١٧٠.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ٢١٩.

(٥) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٢٣.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٩ / ٣٠٣٢ و ٣٠٣٣.

(٧) الكافي ٤ : ٤٧٨ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٩٧ / ٦٥٦.

(٨) المغني ٣ : ٤٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٠.

٢٢٨

وقال جابر : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده(١) .

وقال ابن عباس : قدمنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اُغيلمة بني عبد المطلب على حُمُرات لنا من جَمْع فجَعَل يلطح(٢) أفخاذنا [ ويقول : ](٣) ( اُبينيَّ(٤) لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس )(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « الرمي(٦) ما بين طلوع الشمس إلى غروبها »(٧) .

وقد رُخّص للمعذور - كالخائف والعاجز والمرأة والراعي والعبد - في الرمي ليلاً من نصفه ؛ للعذر ، أمّا غيرهم فليس لهم الرمي إلّا بعد طلوع الشمس - وبه قال مجاهد والثوري والنخعي(٨) - لما رواه العامّة : أنّ‌

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٤٥٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٦٠ ، وفي صحيح مسلم ٢ : ٩٤٥ / ٣١٤ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٤ / ٣٠٥٣ ، وسنن النسائي ٥ : ٢٧٠ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢٤١ / ٨٩٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٣١ بتفاوت يسير.

(٢) اللَّطْحُ : الضرب بالكفّ ، وليس بالشديد. النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٢٥٠ « لطح ».

(٣) أضفناها من المصادر.

(٤) اُبيني ، قال ابن الأثير في النهاية ١ : ١٧ « أبن » : وقد اختُلف في صيغتها ومعناها ، فقيل : إنّه تصغير ابني ، كأعمى واُعيمى ، وهو اسم مفرد يدلّ على الجمع. وقيل : إنّ ابناً يُجمع على أبناء مقصوراً وممدوداً. وقيل : هو تصغير ابن.

وفيه نظر. وقال أبو عبيدة : هو تصغير بنيَّ جمع ابن مضافاً إلى النفس.

(٥) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٧ / ٣٠٢٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٢ ، المغني ٣ : ٤٥٩.

(٦) في المصدر : « رمي الجمار ».

(٧) التهذيب ٥ : ٢٦٢ / ٨٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٦ / ١٠٥٤.

(٨) المغني ٣ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٥.

٢٢٩

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر اُمّ سلمة ليلة النحر ، فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل ويضحّي ويفيض بالليل »(٢) .

وجوّز الشافعي وعطاء وابن أبي ليلى وعكرمة بن خالد الرميَ ليلاً من نصفه الأخير للمعذور وغيره(٣) .

وعن أحمد أنّه لا يجوز الرمي إلّا بعد طلوع الفجر ، وهو قول مالك وأصحاب الرأي وإسحاق وابن المنذر(٤) .

مسألة ٥٧٠ : يجوز تأخير الرمي إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك.

قال ابن عبد البرّ : أجمع أهل العلم على أنّ مَنْ رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها وإن لم يكن ذلك مستحبّاً(٥) ؛ لأنّ ابن عباس قال : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يسأل يوم النحر بمنى ، قال رجل : رميت بعد ما أمسيت ، فقال : ( لا حرج )(٦) .

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٩٤ / ١٩٤٢ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٦٣ / ٨٩٥.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٨٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٢ ، المجموع ٨ : ١٨٠ ، المغني ٣ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٠.

(٤) المغني ٣ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٠ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤١٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٨١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٢.

(٥) المغني ٣ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦١.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٢١٤ - ٢١٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٧٢ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٣ - ٢٥٤ / ٧٧ ، سنن البيهقي ٥ : ١٥٠.

٢٣٠

إذا عرفت هذا ، فلو غابت الشمس فقد فات الرمي ، فليرم من غده - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(١) - لما رواه العامّة عن ابن عمر ، قال : مَنْ فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تزول الشمس من الغد(٢) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى ، فعرض له [ عارض ](٣) فلم يرم حتى غابت الشمس ، قال : « يرمي إذا أصبح مرّتين : مرّة لما فاته ، والاُخرى ليومه الذي يصبح فيه ، وليفرّق بينهما تكون إحداهما بكرة وهو للأمس والاُخرى عند زوال الشمس »(٤) .

وقال الشافعي ومحمد وابن المنذر ويعقوب : يرمي ليلاً(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إرم ولا حرج )(٦) .

وجوابه : أنّه إنّما كان في النهار ؛ لأنّه سأله في يوم النحر ، ولا يكون اليوم إلّا قبل الغروب.

وقال مالك : يرمي ليلاً. ثم اضطرب قوله ، فتارةً أوجب الدم حينئذٍ ، وتارةً أسقطه(٧) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٥٩ - ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦١.

(٢) المغني ٣ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦١ وفي سنن البيهقي ٥ : ١٥٠ بتفاوت يسير.

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٦٢ / ٨٩٣.

(٥) الاُم ٢ : ٢١٤ ، المغني ٣ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦١.

(٦) صحيح البخاري ١ : ٣١ و ٤٣ و ٢ : ٢١٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٤٨ / ١٣٠٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٣٣ / ٨٨٥ و ٢٥٨ / ٩١٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١١ / ٢٠١٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٤ / ٧٨.

(٧) المنتقى - للباجي - ٣ : ٥٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٦٧ ، المغني ٣ : ٥٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦١.

٢٣١

مسألة ٥٧١ : يستحب الرمي عند زوال الشمس ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ارم في كلّ يوم عند زوال الشمس »(١) .

ويستحب أن لا يقف عند جمرة العقبة إجماعاً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ثم تمضي إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار ولا تقف عندها »(٢) .

ولأنّ يعقوب بن شعيب سأل - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن الجمار ، فقال : « قُمْ عند الجمرتين ولا تقم عند جمرة العقبة » فقلت : هذا من السنّة؟ قال : « نعم » قلت : ما ذا أقول إذا رميت؟ قال : « كبّر مع كلّ حصاة »(٣) .

قال الشيخرحمه‌الله : وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر بلا خلاف ، ووقت الإجزاء من طلوع الفجر اختياراً ، فإن رمى قبل ذلك ، لم يجزئه ، ولصاحب العذر الرمي ليلاً.

وبمثل ما قلناه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق.

وقال الشافعي : أوّل وقت الإجزاء إذا انتصفت ليلة النحر. وبه قال عطاء وعكرمة(٤) .

مسألة ٥٧٢ : قدر حصى الجمار سبعون حصاة : سبع منها لجمرة العقبة ترمى يوم النحر خاصّة ، ويرمى كلّ يوم من أيّام التشريق الجمار الثلاث كلّ جمرة بسبع حصيات يبدأ بالاُولى - وهي العظمى - ثم الوسطى ثم جمرة‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٠ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ / ٨٨٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٦ / ١٠٥٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤٨٠ - ٤٨١ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ / ٨٨٨.

(٣) الكافي ٤ : ٤٨١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ - ٢٦٢ / ٨٨٩.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٤٤ - ٣٤٥ ، المسألة ١٦٧.

٢٣٢

العقبة إجماعاً.

ويستحب غسل الحصى - وبه قال ابن عمر وطاوُس(١) - لأنّ ابن عمر غسله(٢) ، والظاهر أنّه توقيف.

ولاحتمال ملاقاته لنجاسة ، فمع الغسل يزول الاحتمال وإن لم يكن معتبراً شرعاً.

ولو كان الحجر نجساً ، استُحبّ له غسله ، فإن لم يغسله ورمى به ، أجزأه ؛ لحصول الامتثال.

وقال عطاء ومالك : لا يستحب(٣) . وعن أحمد روايتان(٤) .

وسيأتي باقي مباحث الرمي إن شاء الله تعالى.

الباب الثاني : في الذبح.

وفيه مباحث :

الأوّل : الهدي.

مسألة ٥٧٣ : إذا فرغ من جمرة العقبة ، ذبح هديه أو نَحَره‌ إن كان من الإبل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستّين بدنة بيده ثم أعطى عليّاًعليه‌السلام فنحر ما غبر(٥) وأشركه في هديه(٦) .

____________________

(١ - ٤ ) المغني ٣ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٥٥.

(٥) أي : ما بقي. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٣٣٧ « غبر ».

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٦ - ١٠٢٧ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٩.

٢٣٣

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «فلمـّا أضاء له النهار أفاض حتى انتهى إلى منى ، فرمى جمرة العقبة ، وكان الهدي الذي جاء به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعاً وستّين أو ستّاً وستّين ، وجاء عليعليه‌السلام بأربع وثلاثين أو ستّ وثلاثين ، فنحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستّا وستّين ، ونحر عليعليه‌السلام أربعاً وثلاثين بدنة »(١) .

مسألة ٥٧٤ : هدي التمتّع واجب بإجماع العلماء.

قال الله تعالى :( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) .

وروى العامّة عن ابن عمر ، قال : تمتّع الناس مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعمرة إلى الحجّ ، فلمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للناس : ( مَنْ لم يسق الهدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصّر ثم ليهلّ بالحجّ ويهدي ، فمَنْ لم يجد الهدي فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - في المتمتّع « وعليه الهدي » فقلت : وما الهدي؟ فقال : « أفضله بدنة ، وأوسطه بقرة وأخسّه شاة »(٤) .

ولا فرق بين المكّي وغيره ، فلو تمتّع المكّي ، وجب عليه الهدي ؛ للعموم.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٥٤ - ٤٥٧ / ١٥٨٨.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٠١ / ١٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٠ / ١٨٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧ و ٢٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٧ ، وفيه : « وأخفضه شاة ».

٢٣٤

مسألة ٥٧٥ : وإنّما يجب الهدي على غير أهل مكّة وحاضريها‌ ؛ لأنّ فرضهم التمتّع ، أمّا أهل مكّة وحاضروها : فليس لهم أن يتمتّعوا ؛ لأنّ فرضهم القِران أو الإفراد ، فلا يجب عليهم الهدي إجماعاً ؛ لأنّ الله تعالى قال( ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (١) .

وقال الصادقعليه‌السلام - في الحسن - عن المفرد ، قال : « ليس عليه هدي ولا اُضحية »(٢) .

وأمّا القارن : فإنّه يكفيه ما ساقه إجماعاً ، وتستحب له الاُضحية ؛ لأصالة براءة الذمّة.

وقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة : إذا قرن بين الحجّ والعمرة ، لزمه دم(٣) .

وقال الشعبي : تلزمه بدنة(٤) .

وقال داود : لا يلزمه شي‌ء(٥) .

مسألة ٥٧٦ : قد بيّنّا أنّ فرض المكّي القِران أو الإفراد‌ ، فلو تمتّع قال الشيخ : يسقط عنه الفرض ، ولا يلزمه دم. وقال الشافعي : يصحّ تمتّعه وقرانه ، وليس عليه دم. وقال أبو حنيفة : يكره له التمتّع والقران ، فإن خالف وتمتّع ، فعليه دم المخالفة دون التمتّع والقران.

واستدلّ الشيخ بقوله تعالى :( فَمَنْ تَمَتَّعَ - إلى قوله -ذلِكَ لِمَنْ

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٤١ - ٤٢ / ١٢٢.

(٣) الاُمّ ٢ : ١٣٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٩ ، المجموع ٧ : ١٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٧٨ ، النتف ١ : ٢١٢.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠.

(٥) حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ ، المجموع ٧ : ١٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٢.

٢٣٥

لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (١) .

قال : معناه أنّ الهدي لا يلزم إلّا مَنْ لم يكن من حاضري المسجد ، ويجب أن يكون قوله :( ذلِكَ ) راجعاً إلى الهدي لا إلى التمتّع ؛ لأنّ مَنْ قال : مَنْ دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن غاصباً ، فُهم منه الرجوع إلى الجزاء لا إلى الشرط.

ثم قال : ولو قلنا : إنّه راجع إليهما ، وقلنا : إنّه لا يصحّ منهم التمتّع أصلاً ، كان قويّاً(٢) .

مسألة ٥٧٧ : دم التمتّع نسك عند علمائنا‌ - وبه قال أصحاب الرأي(٣) - لقوله تعالى :( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها ) (٤) أخبر بأنّه جعلها من الشعائر ، وأمر بالأكل منها ، فلو كان جبراناً ، لما أمرنا بالأكل منها.

وقال الشافعي : إنّه جبران ؛ لإخلاله بالإحرام من الميقات ؛ لأنّه مرّ به وهو مُريد للحجّ والعمرة وحَجَّ من سنته(٥) .

وهو ممنوع ؛ فإنّ ميقات حجّ التمتّع عندنا مكّة وقد أحرم منه.

والمتمتّع إذا أحرم بالحجّ من مكّة لزمه الدم إجماعاً ، أمّا عندنا : فلأنّه نسك ، وأمّا عند المخالف : فلأنّه أخلّ بالإحرام من المواقيت.

فلو أتى الميقات وأحرم منه ، لم يسقط عنه الدم عندنا.

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) الخلاف ٢ : ٢٧٢ ، المسألة ٤٢.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٨٦ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨ ، المجموع ٧ : ١٧٦.

(٤) الحجّ : ٣٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٤٥ - ٤٦ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٨.

٢٣٦

وقالت العامّة بسقوطه(١) .

ويبطل بقوله تعالى :( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) .

ولو أحرم المفرِد بالحجّ ودخل مكّة ، جاز له أن يفسخه ، ويجعله عمرةً يتمتّع بها ، قاله علماؤنا ، خلافاً لأكثر العامّة ، وادّعوا أنّه منسوخ(٣) .

وليس بجيّد ؛ لثبوت مشروعيّته ؛ فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بذلك(٤) ، ولم يثبت النسخ.

ويجب عليه الدم ، لثبوت التمتّع المقتضي له.

مسألة ٥٧٨ : إذا أحرم بالعمرة وأتى بأفعالها في غير أشهر الحجّ ثم أحرم بالحجّ في أشهره ، لم يكن متمتّعاً ، ولا يجب عليه الدم ؛ لأنّه لم يأت بالعمرة في زمان الحجّ ، فكان كالمفرد ، فإنّ المفرد إذا أتى بالعمرة بعد أشهر الحجّ ، لم يجب عليه الدم إجماعاً.

ولو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحجّ وأتى بأفعالها في أشهره من الطواف وغيره وحجّ من سنته ، لم يكن متمتّعاً ، قاله الشيخ(٥) ، ولا يلزمه دم - وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال أحمد(٦) - لأنّه أتى بركن من أركان‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) الشرح الكبير ٣ : ٢٥٤ ، المجموع ٧ : ١٦٦ - ١٦٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٨ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩١.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ - ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٥) الخلاف ٢ : ٢٧٠ ، المسألة ٣٨ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٠٧.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٣٨ - ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١ ، المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٦.

٢٣٧

العمرة في غير أشهر الحجّ ، وهو يستلزم إيقاع أركانها فيه.

وقال الشافعي في القول الثاني : يجب به الدم ، ويكون متمتّعاً ؛ لأنّه أتى بأفعال العمرة في أشهر الحجّ ، واستدامة الإحرام بمنزلة ابتدائه ، فهو كما لو ابتدأ بالإحرام في أشهر الحجّ(١) .

وقال مالك : إذا لم يتحلّل من إحرام العمرة حتى دخلت أشهر الحجّ ، صار متمتّعاً(٢) .

وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحجّ ، صار متمتّعاً(٣) .

مسألة ٥٧٩ : إذا أحرم المتمتّع من مكّة بالحجّ ومضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات ، لم يسقط عنه الدم‌ ؛ للآية(٤) ، وقد بيّنّا أنّ الدم نسك لا جبران.

وقال الشافعي : إن مضى من مكّة إلى عرفات ، لزمه الدم قولاً واحداً ، وإن مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات ، فقولان : أحدهما : لا دم عليه ؛ لأنّه لو أحرم من الميقات ، لم يجب الدم ، فإذا عاد إليه مُحْرماً قبل التلبّس بأفعال الحجّ ، صار كأنّه أحرم منه. والثاني : لا يسقط ، كما قلناه - وبه قال مالك(٥) - لأنّ له ميقاتين يجب مع الإحرام من أحدهما الدم ، فإذا أحرم منه ، وجب الدم ، ولم يسقط بعد ذلك ، كما لو عاد بعد التلبّس بشي‌ء من المناسك(٦) .

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٣٨ - ١٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٦.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٢٨.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) حلية العلماء ٣ : ٢٦١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٧ و ٢٠٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

٢٣٨

وقال أبو حنيفة : لا يسقط الدم حتى يعود إلى بلده(١) ؛ لأنّه لم يُلمّ(٢) بأهله ، فلم يسقط دم التمتّع ، كما لو رجع إلى ما دون الميقات. وليس بجيّد ؛ لأنّ بلده موضع لا يجب عليه الإحرام منه بابتداء الشرع ، فلا يتعلّق سقوط دم التمتّع بالعود إليه ، كسائر البلاد ، ودون الميقات ليس ميقات بلده.

مسألة ٥٨٠ : قد بيّنّا أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة ، فإذا فرغ المتمتّع من أفعال العمرة ، أنشأ الإحرام بالحجّ من مكّة ، فإن خالف وأحرم من غيرها ، وجب عليه أن يرجع إلى مكّة ، ويُحْرم منها ، سواء أحرم من الحِلّ أو من الحرم إذا أمكنه ، فإن لم يمكنه ، مضى على إحرامه ، وتمّم أفعال الحجّ ، ولا يلزمه دم لهذه المخالفة ؛ لأنّ الدم يجب للتمتّع ، فإيجاب غيره منفيّ بالأصل.

وقال الشافعي : إن أحرم من خارج مكّة وعاد إليها ، فلا شي‌ء عليه ، وإن لم يَعُدْ إليها ومضى على وجهه إلى عرفات ، فإن كان أنشأ الإحرام من الحِلّ ، فعليه دم قولاً واحداً ، وإن أنشأ من الحرم ، ففي وجوب الدم قولان :

أحدهما : لا يجب ؛ لأنّ الحكم إذا تعلّق بالحرم ولم يختص ببقعة منه ، كان الجميع فيه سواءً ، كذبح الهدي.

والثاني : يجب ؛ لأنّ ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه ، فإذا ترك ميقاته ، وجب عليه الدم وإن كان ذلك كلّه من حاضري المسجد الحرام(٣) .

مسألة ٥٨١ : يشترط في التمتّع : النيّة ، على ما سبق ، فلو لم يَنْوه ، لم يكن متمتّعاً ولم يجب الدم ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الآخر : يكون متمتّعاً ويجب الدم ؛ لأنّه إذا أحرم بالعمرة من‌

____________________

(١) حلية العلماء ٣ : ٢٦١.

(٢) لمّ به وألمَّ والتمَّ : نزل. لسان العرب ١٢ : ٥٥٠ « لمم ».

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٦٥ ، المسألة ٣١.

٢٣٩

الميقات وحجّ من سنته ، فقد صار جامعاً بينهما فيجب الدم(١) .

والحقّ خلافه.

والقارن والمفرد إذا أكملا حجّهما ، وجب عليهما الإتيان بعمرة مفردة بعد الحجّ يُحرمان بها من أدنى الحِلّ ، فلو أحرما من الحرم ، لم يصح ، ولو طافا وسَعَيا ، لم يكونا معتمرين ، ولا يلزمهما دم.

وللشافعي قولان : أحدهما كما قلناه ، لكن خلاف الشافعي في المفرد خاصّةً ، والثاني : تكون عمرةً صحيحةً ، ويجب الدم(٢) .

لنا : أنّه يجب أن يقدّم الخروج إلى الحلّ قبل الطواف والسعي ثم يعود ويطوف ويسعى ؛ ليكون جامعاً في نسكه بين الحِلّ والحرم ، بخلاف المتمتّع حيث كان له أن يُحْرم من مكّة ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا فسخ على أصحابه الحجّ إلى العمرة ، أَمَرهم أن يُحْرموا بالحجّ من جوف مكّة(٣) .

ولأنّ الحاجّ لا بدّ له من الخروج إلى الحِلّ للوقوف ، فيكون جامعاً في إحرامه بين الحِلّ والحرم ، بخلاف المتمتّع.

احتجّ : بأنّه ترك قطع مسافة لزمه قطعها بإحرام ، وذلك لا يمنع من الاحتساب بأفعال العبادة.

والجواب : أنّه لم يأت بالعبادة على وجهها ، فلا تكون مجزئةً.

ولو أفرد الحجّ عن نفسه فلمـّا فرغ من الحجّ خرج إلى أدنى الحرم فاعتمر لنفسه ولم يعد إلى الميقات ، لا دم عليه. وكذا مَنْ تمتّع ثم اعتمر‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ١٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧٨ - ١٧٩.

(٢) حكاهما عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٦٦ ، المسألة ٣٢.

(٣) اُنظر : صحيح البخاري ٢ : ٢٠٥ - ٢٠٦ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٦٠ / ١٨٠٥ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٧.

٢٤٠