تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208279 / تحميل: 5749
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ولو قلع جلدة عليها شعر ، لم يكن عليه ضمان ؛ لأنّ زوال الشعر بالتبعية ، فلا يكون مضموناً ، كما لو قطع أشفار عيني غيره ، فإنّه لا يضمن أهدابهما.

مسألة ٣٩٦ : اختلف قول الشيخ -رحمه‌الله - في المحرم هل له أن يحلق رأس المـُحِلّ؟ فجوّزه في الخلاف‌ ولا ضمان - وبه قال الشافعي وعطاء ومجاهد وإسحاق وأبو ثور(١) - لأصالة براءة الذمّة(٢) .

وقال في التهذيب : لا يجوز - وبه قال مالك وأبو حنيفة ، وأوجبا عليه الضمان ، وهو عند أبي حنيفة صدقة(٣) - لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يأخذ الحرام من شعر الحلال »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فالشاة تصرف إلى المساكين ، ولا يجوز له أن يأكل من اللحم شيئاً ؛ لأنّها كفّارة ، فيجب دفعها إلى المساكين ، كغيرها من الكفّارات.

ولما رواه ابن بابويه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث كعب ( والنسك شاة لا يطعم منها أحد إلّا المساكين )(٥) .

مسألة ٣٩٧ : أجمع علماء الأمصار على أنّ المـُحْرم ممنوع من قصّ أظفاره‌ ، وتجب فيه الفدية عند عامّة أهل العلم(٦) - وبه قال حمّاد ومالك‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢٠٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٩ ، المجموع ٧ : ٢٤٨ و ٣٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٤ ، المغني ٣ : ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٢.

(٢) الخلاف ٢ : ٣١١ - ٣١٢ ، المسألة ١٠٣.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٩ ، المجموع ٧ : ٢٤٨ و ٣٥٠ ، المغني ٣ : ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٤.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٤٠ - ٣٤١ ذيل الحديث ١١٧٨ والحديث ١١٧٩.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٢٨ - ٢٢٩ ذيل الحديث ١٠٨٤.

(٦) المغني ٣ : ٥٣١ - ٥٣٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٢.

٢١

والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي وعطاء في إحدى الروايتين(١) - لأنّه أزال ما منع من إزالته لأجل التنظيف والترفّه ، فوجبت الفدية ، كحلق الشعر.

وفي الرواية الاُخرى عن عطاء : أنّه لا كفّارة ؛ لأنّ الشرع لم يرد فيه بفدية(٢) .

ونمنع عدم ورود الشرع على ما يأتي ، والقياس يدلّ عليه.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجب في الظفر الواحد مُدٌّ من طعام عند علمائنا أجمع - وبه قال أحمد والشافعي في أحد أقواله(٣) - لأنّ أبا بصير سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - : عن رجل قلّم ظفراً من أظافيره وهو مُحْرم ، قال : « عليه في كلّ ظفر قيمة مُدَّ من طعام حتى يبلغ عشرة »(٤) .

والثاني للشافعي : عليه درهم.

والثالث : ثُلْث دم ؛ لأنّ الدم عنده يجب في ثلاثة أظفار(٥) .

إذا ثبت هذا ، ففي الظفرين مُدّان ، وفي الثلاثة ثلاثة أمداد ، وهكذا يزيد في كلّ ظُفْر مُدٌّ إلى أن يستوعب القصّ أظفار يديه معاً ، فيجب عليه دم شاة عند علمائنا ؛ لأصالة البراءة من الدم ، فلا يثبت إلّا بدليل.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « فإن قلّم أصابع يديه كلّها فعليه دم شاة »(٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٣١ - ٥٣٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٧ ، المجموع ٧ : ٢٤٨ و ٣٧٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٧.

(٢) المغني ٣ : ٥٣٢ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٧.

(٣) المغني ٣ : ٥٣٢ ، الاُم ٢ : ٢٠٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٧ ، المجموع ٧ : ٣٧١ و ٣٧٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤١ ، الاستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥١ ، والفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٧٥.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٤٦٧ ، المجموع ٧ : ٣٧١ و ٣٧٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤١ ، الاستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥١ ، والفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٧٥.

٢٢

وفي حديث الحلبي عنهعليه‌السلام « مدّ في كلّ إصبع ، فإن هو قلّم أظافيره عشرتها فإنّ عليه دم شاة »(١) .

وقال أبو حنيفة : إن : قلّم خمس أصابع من يد واحدة ، لزمه الدم ، ولو قلّم من كلّ يد أربعة أظفار ، لم يجب عليه دم ، بل الصدقة. وكذا لو قلّم يداً واحدة إلّا بعض الظفر لم يجب الدم.

وبالجملة : فالدم عنده إنّما يجب بتقليم أظفار يد واحدة كاملة - وهو رواية لنا(٢) - لأنّه لم يستكمل منفعة اليد من التزيين والإرفاق الكامل ، بل تحصل بالشين في أعين الناس ، بخلاف اليد الواحدة(٣) .

وهو حجّة لنا ؛ فإنّ الإرفاق والتزيين إنّما يحصلان بتقليم اليدين معاً أو الرِّجْلين معاً ، لا بإحدى اليدين أو إحدى الرِّجلين.

وقال الشافعي : إن قلّم ثلاثة أظافير في مجلس واحد ، وجب الدم ، ولو كانت في ثلاثة أوقات متفرّقة ، ففي كلّ ظفر الأقوال الثلاثة. ولا يقول : إنّه يجب الدم عند التكامل ، وفي أصحابه من قال : عليه دم. وليس هو المذهب عندهم ؛ لأنّ الثلاثة جمع يقع عليها اسمه ، فأشبه ما لو قلّم خمساً من كلّ واحدة أو العشرة(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥٢.

(٢) كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٣٠٩ ، المسألة ١٠٠.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٤ ، المغني ٣ : ٥٣٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٨ ، المجموع ٧ : ٣٧٦ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠٩ ، المسألة ١٠٠.

(٤) انظر : المغني ٣ : ٥٣٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٧٢ ، والحاوي الكبير ٤ : ١١٧ ، والمجموع ٧ : ٣٦٩ و ٣٧٦ ، و ٣٨٠ - ٣٨١ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠٩ و ٣١٠ ، المسألتان ١٠٠ و ١٠١.

٢٣

ونمنع تعلّق الدم بما يقع عليه اسم الجمع ، ولا عبرة به مع النصّ.

وقال محمّد : إذا قصّ خمسة أظفار من يدين أو رجلين أو منهما أو من واحدة منهما ، وجب الدم ؛ لأنّه ربع وزيادة ، فأشبه قصّ يد واحدة أو رِجْل واحدة(١) .

ونمنع ثبوت الحكم في الأصل.

فروع :

أ - الكفّارة تجب على كلّ مَنْ قلّم متعمّداً‌ ، ولا شي‌ء على الناسي ولا الجاهل عند علمائنا - وبه قال إسحاق وابن المنذر وأحمد(٢) - لما تقدّم.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وليس عليك فداء شي‌ء أتيته وأنت مُحْرمٌ جاهلاً به إذا كنت مُحْرماً في حجّك ولا عمرتك إلّا الصيد عليك الفداء بجهل كان أو عمد »(٣) الحديث.

ب - لو قصّ بعض الظفر ، وجب عليه ما يجب في جميعه.

ج - لو قصّ أظفار يديه ورجليه معاً ، فإن اتّحد المجلس ، وجب دم واحد ، وإن كان في مجلسين ، وجب دمان.

روى أبو بصير - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قلت له : فإن قلّم أظافير رجليه ويديه جميعاً ، قال : « إن كان فَعَل ذلك في مجلس واحد ، فعليه دم ، وإن كان فَعَله متفرّقاً في مجلسين ، فعليه دمان »(٤) .

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ١٩٤ ، المجموع ٧ : ٣٧٦.

(٢) الشرح الكبير ٣ : ٣٥٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٧٠ / ١٢٨٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٢ / ١١٤١ ، الاستبصار ٢ : ١٩٤ / ٦٥١.

٢٤

د - مَنْ أفتى غيره بتقليم ظفره ، فقلّمه فأدماه ، وجب على المفتي دم شاة‌ ، لأنّه الأصل في إراقة الدم.

ولأنّ إسحاق الصيرفي سأل الكاظمَعليه‌السلام : أنّ رجلاً أحرم فقلّم أظفاره ، وكانت إصبع له عليلة فترك ظفرها لم يقصّه ، فأفتاه رجل بعد ما أحرم ، فقصّه فأدماه ، قال : « على الذي أفتاه شاة »(١) .

البحث الرابع : في جزاء قتل هوامّ الجسد وقطع الشجر.

مسألة ٣٩٨ : يجب برمي القملة عن جسد المـُحْرم أو قتلها كفٌّ من طعام‌ - وبه قال عطاء(٢) - لأنّه حصل به الترفّه والتنظّف ، فوجب عليه الفداء ، كحلق الرأس.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « المـُحْرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمّداً ، وإن فعل(٣) شيئاً من ذلك خطأً فليطعم مكانها طعاماً قبضةً بيده »(٤) .

وقال أصحاب الرأي : يتصدّق بمهما كان(٥) .

وقال إسحاق : يتصدّق بتمرة(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٣٣ / ١١٤٦.

(٢) المغني ٣ : ٢٧٤ ، المجموع ٧ : ٣٣٤.

(٣) في المصدر : « وإن قتل ».

(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٦ / ١١٦٠ ، الإستبصار ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ / ٦٦١.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٢٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٣٣٤.

(٦) المغني ٣ : ٢٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٣٣٤.

٢٥

وقال مالك : حفنة من طعام(١) .

وقال طاوُس وسعيد بن جبير وأبو ثور وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين : لا شي‌ء عليه ؛ لأنّ ابن عباس سُئل : عن مُحْرم ألقى قملة ثم طلبها فلم يجدها ، فقال : تلك ضالّة لا تبتغى(٢) .

ولا دلالة فيه على عدم الفدية.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفّارة تجب في العمد والسهو والخطأ ، كالصيد. وللرواية(٣) .

مسألة ٣٩٩ : يحرم قطع شجرة الحرم في قول العلماء كافّة ، وتجب في الكبيرة بقرة ، وفي الصغيرة شاة ، وفي أبعاضها قيمة ، قاله الشيخ(٤) .

وأوجب الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي الضمان ، وهو مروي عن ابن عباس وعطاء(٥) .

لقولهعليه‌السلام : ( ولا يعضد شجرها )(٦) .

ولقول ابن عباس : في الدوحة بقرة ، وفي الجزلة شاة(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول أحدهماعليهما‌السلام : « إذا كان في دار الرجل‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٧٣ - ٢٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٣٣٤.

(٢) المغني ٣ : ٢٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٣٣٤.

(٣) تقدّمت في صدر المسألة.

(٤) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٤.

(٥) الاُم ٢ : ٢٠٨ ، مختصر المزني : ٧١ ، المجموع ٧ : ٤٩٤ و ٤٩٦ ، فتح العزيز ٧ : ٥١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٢ ، فتح الباري ٤ : ٣٥ ، المغني ٣ : ٣٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦٥.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ١٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٨٩ / ٤٤٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٢ / ٢٠١٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢١١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٩٥.

(٧) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٦ ، المغني ٣ : ٣٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٠.

٢٦

شجرة من شجر الحرم ولم تنزع ، فإن أراد نَزْعها ، نَزَعها ، وكفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها على المساكين »(١) .

والرواية مرسلة.

وقال مالك : لا ضمان فيه ؛ لأنّ قطع شجر الحلّ لا يوجب الجزاء على المـُحْرم ، فكذا قطع شجر الحرم ؛ لأنّ ما حرم بالإِحرام لا يتفاوت ، كالصيد(٢) .

والجواب : أنّ هتك حرمة الحرم يحصل في الفرع(٣) دون الأصل ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فالضمان ما قلناه عندنا وعند مَنْ أوجبه من العامّة ، إلّا أصحاب الرأي ؛ فإنّهم أوجبوا القيمة في الجميع ؛ لأنّه لا مقدّر فيه ، فأشبه الحشيش(٤) .

ونمنع الصغرى.

البحث الخامس : فيما يجب بالفسوق والجدال.

مسألة ٤٠٠ : المـُحْرم إذا جادل صادقاً مرّةً أو مرّتين ، لم يكن عليه شي‌ء من الكفّارة‌ ؛ للأصل ، ويتوب ، فإن جادل ثلاثاً صادقاً ، وجب عليه دم شاة ؛ لارتكابه المحظور والمنهي عنه في قوله تعالى :( وَلا جِدالَ ) (٥) وهو يتناول الصادق والكاذب ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا جادل فوق مرّتين‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٨١ / ١٣٣١.

(٢) بداية المجتهد ١ : ٣٦٥ ، المغني ٣ : ٣٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٠ ، فتح العزيز ٧ : ٥١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٢ ، فتح الباري ٤ : ٣٥.

(٣) الفرع هنا شجر الحرم باعتبار أنّه جُعل مقيساً على الأصل وهو شجر الحِلّ.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٠ ، المغني ٣ : ٣٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٠ ، المجموع ٧ : ٤٩٦.

(٥) البقرة : ١٩٧.

٢٧

فعلى المصيب دم يهريقه وعلى المخطئ بقرة »(١) .

ولو جادل مرّةً كاذباً ، وجب عليه دم شاة ، فإن جادل مرّتين ، كان عليه بقرة ، فإن جادل ثلاثاً كاذباً ، كان عليه جزور ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا جادل الرجل وهو مُحْرم وكذب متعمّداً فعليه جزور »(٢) .

هذا كلّه إذا فَعَله متعمّداً ، فإن فَعَله ساهياً ، لم يكن عليه شي‌ء.

مسألة ٤٠١ : الجدال : قول الرجل : لا والله وبلى والله ؛ لأنّ معاوية بن عمّار روى - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يقول : لا لعمري ، وهو مُحْرم ، قال : « ليس بالجدال ، إنّما الجدال قول الرجل : لا والله وبلى والله ، وأمّا قوله : لاها ، فإنّما طلب الاسم ، وقوله : يا هناه ، فلا بأس به ، وأمّا قوله : لا بل شانيك ، فإنّه من قول الجاهلية »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فهل الجدال مجموع اللفظتين ، أعني « لا والله » و « بلى والله » أو إحداهما؟ الأقرب : الثاني.

وأمّا الفسوق : فهو الكذب ، ولا شي‌ء فيه ؛ للأصل.

ولأنّ محمّد بن مسلم والحلبي قالا للصادقعليه‌السلام : أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه؟ قال : « لم يجعل الله له حدّاً ، يستغفر الله ويلبّي »(٤) .

البحث السادس : فيما يجب بالاستمتاع.

مسألة ٤٠٢ : مَنْ وطئ امرأته وهو مُحْرم عالماً بالتحريم‌ عامداً قبل‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٧ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢١٢ / ٩٦٨.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٥ / ١١٥٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٦ / ١١٥٧.

(٤) الفقيه ٢ : ٢١٢ / ٩٦٨.

٢٨

الوقوف بالموقفين فسد حجّه بإجماع العلماء كافّة ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس : أنّ رجلاً سأله ، فقال : إنّي واقعت بامرأتي ونحن مُحْرمان ، فقال : أفسدت حجّك ، انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقضوا ما يقضون ، وحلِّ إذا أحلّوا ، فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك ، واهديا هدياً ، فإن لم تجدا ، فصُوما ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجعتم(١) .

[ وفي حديث ابن عباس ](٢) : ويتفرّقان من حيث يُحْرمان حتى يقضيا حجّهما(٣) .

قال ابن المنذر : قول ابن عباس أعلى شي‌ء روي فيمن وطئ في حجّه(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه زرارة ، قال : سألته عن مُحْرم غشي امرأته وهي مُحْرمة ، فقال : « جاهلين أو عالمين؟ » قلت : أجبني عن الوجهين جميعاً ، فقال : « إن كانا جاهلين ، استغفرا ربّهما ، ومضيا على حجّهما ، وليس عليهما شي‌ء ، وإن كانا عالمين ، فُرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه ، وعليهما بدنة ، وعليهما الحجّ من قابل ، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه ، فُرّق بينهما حتى يقضيا مناسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا » قلت : فأيّ الحجّتين لهما؟ قال : « الاُولى التي أحدثا فيها ما أحدثا ، والاُخرى عليهما عقوبة »(٥) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجب عليه إتمام الحجّ الفاسد ، والحجّ من قابل ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) المغني ٣ : ٣٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٣ - ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٧٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣١٧ / ١٠٩٢.

٢٩

ويكفّر ببدنة ، وإذا انتهيا إلى المكان الذي أحدثا فيه ما أحدثا ، فُرّق بينهما بأن لا يخلوا بأنفسهما إلّا ومعهما ثالث محترم حتى يقضيا مناسك القضاء إن حجّا على ذلك الطريق - وممّن قال بوجوب الفدية : ابن عباس وطاوُس وعطاء ومجاهد ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور(١) لأنّه وطئ في إحرامٍ تامّ عامداً ، فوجب به عليه بدنة ، كما لو وطئ بعد الوقوف بالموقفين.

ولرواية معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل محرم وقع على أهله ، فقال : « إن كان جاهلاً فليس عليه شي‌ء ، وإن لم يكن جاهلاً فإنّ عليه أن يسوق بدنة ، ويُفرّق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ، وعليهما الحجّ من قابل »(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجب عليه شاة - وقال الثوري وإسحاق : تجب عليه بدنة ، فإن لم يجد ، فشاة(٣) - لأنّه معنى يتعلّق به وجوب القضاء ، فلا يتعلّق به وجوب البدنة ، كالفوات(٤) .

وهو باطل ؛ للفرق ، فإنّ الفوات لا تجب فيه الشاة بالإجماع ، بخلاف الإفساد ، وإذا ثبت الفرق ، بطل الإلحاق.

مسألة ٤٠٣ : يجب عليه إتمام الحجّ الفاسد‌ عند علمائنا - وهو قول‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٢٤ - ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، المجموع ٧ : ٣٨٧ و ٤١٤ و ٤١٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٥ - ٢١٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧.

(٢) التهذيب ٥ : ٣١٨ / ١٠٩٥.

(٣) المغني ٣ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، المجموع ٧ : ٤١٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٥ - ٢١٦.

٣٠

عامّة العلماء(١) - لقوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٢) وهو يتناول الفاسد.

ولما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، وعمر وابن عباس وأبي هريرة أنّهم قالوا : مَنْ أفسد حجّه يمضي في فاسدة ، ويقضي من قابل(٣) . ولم يعرف لهم مخالف ، فكان إجماعاً.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ويفرّق بينهما حتى يقضيا المناسك »(٤) .

وقالت الظاهرية : يخرج من إحرامه ، ولا يجب عليه الإتمام ؛ لقولهعليه‌السلام : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو مردود )(٥) (٦) .

والجواب : المضيّ في الفاسد مأمور به.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجب عليه القضاء في السنة المـُقْبلة على الفور وجوباً عند علمائنا - وبه قال الشافعي(٧) - لما رواه العامّة : أنّ رجلاً أفسد حجّه ، فسأل عمر ، فقال : يقضي من قابل ، وسأل ابن عباس ، فقال كذلك ،

____________________

(١) الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٥ - ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٣٨٨ و ٤١٤.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٢ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٢٣ ، المحلّى ٧ : ١٩٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٦٧.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٨ / ١٠٩٥.

(٥) كتاب السّنة - لابن أبي عاصم - ١ : ٢٨ / ٥٢ ، وبتفاوت في صحيح البخاري ٣ : ٩١ ، وصحيح مسلم ٣ : ١٣٤٣ - ١٣٤٤ / ١٨ ، ومسند أحمد ٦ : ١٤٦ و ١٨٠ و ٢٥٦.

(٦) المحلّى ٧ : ١٨٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٦ ، المجموع ٧ : ٣٨٨ و ٤١٤.

(٧) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ - ٤٧٤ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠.

٣١

وسأل ابن عمر ، فقال كذلك(١) ، ولم يوجد لهم مخالف ، فكان إجماعاً.

ومن طريق الخاصّة : ما تقدّم في المسألة السابقة(٢) .

ولأنّه لمـّا دخل في الإحرام تعيّن عليه ، فيجب أن يكون قضاؤه متعيّناً.

ولأنّ الحجّ واجب على الفور ، والتقدير أنّه لم يقع ؛ إذ الفاسد لا يُخرج المكلّف عن عهدة التكليف.

واختلف أصحاب الشافعي على قولين : أحدهما كما قلناه.

والثاني أنّه على التراخي ؛ لأنّ الأداء واجب على التراخي ، فالقضاء أولى ، فإنّ الصوم يجب على الفور ، وقضاؤه على التراخي(٣) .

ونمنع التراخي في الأداء ، وقد سبق(٤) .

مسألة ٤٠٤ : المرأة الموطوءة إذا كانت مُحْرمةً ، فإن طاوعت الزوج ، فسد حجّها ، ووجب إتمامه وبدنة والحجّ من قابل ، وإن أكرهها ، لم يكن عليها شي‌ء ، وتحمّل عنها البدنة خاصّةً - وبه قال ابن عباس وسعيد بن المسيّب والنخعي والضحّاك ومالك والحكم وأحمد(٥) - لوجود المقتضي - وهو الإِفساد - في حقّها ، كوجوده في حقّه ، فتساويه في العقوبة.

ولما رواه علي بن أبي حمزة ، قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام : عن‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٦ ، المغني ٣ : ٣٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١.

(٢) من رواية زرارة.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٢ ، المجموع ٧ : ٣٨٩.

(٤) سبق في ج ٧ ص ١٧ ، المسألة ٨.

(٥) المغني ٣ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧١.

٣٢

رجل مُحْرم واقع أهله ، فقال : « قد أتى عظيماً » قلت : أفتني ، قال : « استكرهها أو لم يستكرهها؟ » قلت : أفتني فيهما جميعاً ، فقال : « إن كان استكرهها ، فعليه بدنتان ، وإن لم يكن استكرهها ، فعليه بدنة ، وعليها بدنة ، ويفترقا من المكان الذي كان فيه ما كان حتّى ينتهيا إلى مكّة ، وعليهما الحجّ من قابل لا بُدّ منه »(١) .

وقال الشافعي : يجزئهما هدي واحد - وبه قال عطاء وأحمد في إحدى الروايتين - لأنّه جماع واحد ، فلم يوجب أكثر من بدنة ، كرمضان(٢) .

ونمنع الحكم في الأصل ؛ لقول ابن عباس : أهد ناقةً ، ولْتُهْدِ ناقةً(٣) .

ولأنّها أحد المجامعين من غير إكراه ، فلزمها بدنة ، كالرجل.

فروع :

أ - لو كانت المرأة مُحلّةً ، لم يتعلّق بها شي‌ء ، ولا يجب عليها كفّارة ولا حجّ ، ولا على الرجل بسببها ؛ لأنّه لم تحصل منها جناية في إحرام ، فلا عقوبة عليها.

ب - لو أكرهها - وهي مُحْرمة - على الجماع ، وجب عليه بدنتان : إحداهما عن نفسه ، والاُخرى عنها ؛ لأنّ البدنتين عقوبة هذا الذنب ، وقد صدر بالحقيقة عنه ، فكانت العقوبة عليه ، وبه قال عطاء ومالك وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣١٧ - ٣١٨ / ١٠٩٣.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٥ ، المجموع ٧ : ٣٩٥ ، المغني ٣ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٧.

(٣) المغني ٣ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٧.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧١.

٣٣

وقال في الاُخرى : لا شي‌ء عليه عنها. وبه قال إسحاق وأبو ثور وابن المنذر(١) .

وعنه ثالثة : أنّ البدنة عليها(٢) .

وهو خطأ ؛ لما مرّ.

ولا يجب عليها حجّ ثانٍ ولا عليه عنها ، بل يحجّ عن نفسه في القابل ، لبقاء حجّتها على الصحّة.

ج - إذا كانت مطاوعةً ، وجب عليها قضاء الحجّ ؛ لما قلناه.

ونفقة الحجّ عليها لا على الزوج.

وللشافعية وجهان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّ عليه غرامة الحجّ لها(٣) .

وهو غلط ؛ فإنّ نفقة الأداء لم تكن عليه ، فكذا القضاء.

احتجّوا : بأنها غرامة تعلّقت بالوطء ، فكانت على الزوج كالمهر(٤) .

والجواب : أنّ المهر عوض بُضْعها ، أمّا الكفّارة فإنّها عقوبة.

وعلى هذا فثمن ماء غسلها عليها خاصّة ، خلافاً لهم(٥) .

مسألة ٤٠٥ : يجب عليهما أن يفترقا في القضاء إذا بلغا المكان الذي وطئها فيه إلى أن يقضيا المناسك‌ إن حجّا على ذلك الطريق - وبه قال الشافعي في القديم ، وأحمد(٦) - لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، وعمر‌

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٣ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٧.

(٣ و ٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٢ ، المجموع ٧ : ٣٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ ، المجموع ٧ : ٣٩٩ ، المغني ٣ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٨.

٣٤

وعثمان وابن عباس(١) ، ولا مخالف لهم ، فكان إجماعاً.

ومن طريق الخاصّة : ما تقدّم(٢) في حديث زرارة : « وإن كانا عالمين فُرّق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه حتى يقضيا مناسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا ».

واختلف أصحاب الشافعي على وجهين : أحدهما كما قلنا ، والثاني : أنّه مستحب(٣) .

وقال مالك : يفترقان من حيث يُحْرمان - ونقله في الموطّأ(٤) عن عليعليه‌السلام - لأنّ التفريق إنّما يكون لخوف مواقعة الوطء ، وذلك يوجد بإحرامهما(٥) .

والجواب : أنّ التفريق في جميع المسافة مشقّة عظيمة ، فاقتصر على موضع مواقعة المحظور ؛ لأنّه الذي به يحصل الداعي إلى الوطء.

وقال أبو حنيفة : لا أعرف هذه التفرقة ؛ لأنّه لو وطئها في رمضان ، لم يجب التفريق بينهما في قضائه ، فكذا هنا(٦) .

والجواب : التفريق في الصوم مشقّة ؛ لأنّ السكنى يجمعهما.

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٦٧.

(٢) تقدّم في المسألة ٤٠٢.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٣ ، المجموع ٧ : ٣٩٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١.

(٤) الموطّأ ١ : ٣٨١ - ٣٨٢ / ١٥١.

(٥) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١ ، المغني ٣ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٢.

٣٥

ولأنّ القضاء في رمضان لا يتعيّن ، وهنا متعيّن.

ولأنّ مشقّة إفساد قضاء رمضان أقلّ كثيراً من المشقّة هنا ، فكان الاحتراز هنا عمّا يفسده أشدّ من الاحتراز هناك.

إذا عرفت هذا ، فإنّ التفريق ينبغي أن يكون في القضاء من المكان الذي أحدثا فيه ما أحدثا حتى يقضيا المناسك.

والروايات تعطي التفريق أيضاً في الحجّة الاُولى من ذلك المكان حتى يأتيها بها فاسدة أيضاً.

وهو جيّد ؛ لأنّ التحريم في الفاسد ثابت كالصحيح ، فوجبت التفرقة.

وحدّ الافتراق أن لا يخلوا بأنفسهما ، بل متى اجتمعا كان معهما ثالث مُحترم ؛ لأنّ وجود الثالث يمنع من الإقدام على المواقعة ، كمنع التفريق.

ولقول الصادقعليه‌السلام : في المـُحْرم يقع على أهله ، قال : « يفرّق بينهما ، ولا يجتمعان في خباء إلّا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدي محلّه »(١) .

مسألة ٤٠٦ : لو وطئ ناسياً أو جاهلاً بالتحريم ، لم يفسد حجّه ، ولا شي‌ء عليه - وبه قال الشافعي في الجديد(٢) - لقولهعليه‌السلام : ( رُفع عن أمّتي الخطأ والنسيان )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إن كانا جاهلين استغفرا ربّهما ، ومضيا على حجّهما ، وليس عليهما شي‌ء »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١١٠٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٧٨ ، المجموع ٧ : ٣٤١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩ ، المغني ٣ : ٣٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢١.

(٣) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣١٧ / ١٠٩٢.

٣٦

ولأنّها عبادة تجب بإفسادها الكفّارة ، فافترق وطء العامد والناسي فيها ، كالصوم.

وقال الشافعي في القديم : يفسد حجّه ، وتجب الفدية كالعامد - وبه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي - لأنّه سبب يتعلّق به وجوب القضاء ، فاستوى عمده وسهوه كالفوات.

ولأنّه من محظورات الإحرام ، فاستوى عمده وسهوه ، كقتل الصيد(١) .

والفرق : أنّ الفوات ترك ركن ، فاستوى عمده وسهوه ، كغيره من الاُصول.

وجزاء الصيد ضمان الإتلاف ، وذلك يستوي في الاُصول عمده وسهوه.

تذنيب : لو اُكره على الجماع ، لم يفسد حجّه ، ولا كفّارة عليه عندنا - وللشافعي قولان كالناسي(٢) - لقولهعليه‌السلام : ( وما استكرهوا عليه )(٣) .

ولأنّ الإكراه يرفع الفساد في حقّ المرأة ، فكذا في حقّ الرجل ، لعدم الفرق بينهما.

مسألة ٤٠٧ : لا فرق بين الوطء في القُبُل والدُّبُر من المرأة والغلام في وجوب الكفّارة وإفساد الحجّ‌ - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأبو يوسف‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩ ، المجموع ٧ : ٣٤١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، المغني ٣ : ٣٣٨ - ٣٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢١.

(٢) المجموع ٧ : ٣٤١ - ٣٤٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٨.

(٣) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

٣٧

ومحمّد(١) - لأنّه وطء في فرج يوجب الغسل ، فيوجب الإفساد ، كالقُبُل.

وللروايات الدّالة على إيجاب ما ذكرنا على مَنْ واقع أو غشي امرأته ، وهو صادق في المتنازع.

وقال أبو حنيفة : لا يفسد بالوطء في الدُّبُر - رواه عنه أبو ثور - لأنّه وطء لا يتعلّق به الإحصان والإحلال ، فأشبه الوطء فيما دون الفرج(٢) .

والفرق : أنّ وطء ما دون الفرج لا يوجب الغسل ، وليس كبيرةً في حقّ الأجنبية ، ولا يوجب مهراً ولا حدّاً ولا عدّة ، بخلاف المتنازع.

قال الشيخرحمه‌الله : من أصحابنا مَنْ قال : إتيان البهيمة واللواط بالرجال والنساء بإتيانها في دُبُرها كلّ ذلك يتعلّق به فساد الحجّ. وبه قال الشافعي(٣) .

ومنهم مَنْ قال : لا يتعلّق الفساد إلّا بالوطء في قُبُل المرأة.

وقال أبو حنيفة : إتيان البهيمة لا يفسده ، والوطء في الدُّبُر على روايتين : المعروف : أنّه يفسده.

واستدلّ على الأوّل : بطريقة الاحتياط ، وعلى الثاني : ببراءة الذمّة(٤) .

وهو يدلّ على تردّد الشيخ في تعلّق الإفساد بوطء دُبُر المرأة والغلام.

وجزم في المبسوط بتعلّق الفساد بوطء دُبُر المرأة(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٤ ، المغني ٣ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، المغني ٣ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٤.

(٣) في الطبعة الحجرية زيادة : ومنهم من قال : لا يتعلّق به فساد الحجّ. وفي النسخ « ف ، ط ، ن » مضافا إلى ذلك زيادة : وبه قال الشافعي. ولم ترد في المصدر.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٧٠ - ٣٧١ ، المسألة ٢١٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٦.

٣٨

وأمّا إتيان البهائم : فقال مالك وأبو حنيفة : لا يفسد به الحجّ ؛ لأنّه انعقد صحيحاً ، فلا يفسده إلّا دليل شرعي ، ولم يثبت(١) .

وقال الشافعي : يفسد الحجّ(٢) .

مسألة ٤٠٨ : لو استمنى بيده ، قال الشيخرحمه‌الله : حكمه حكم المجامع ، إن كان قبل الوقوف بالموقفين ، فسد حجّه ، ووجب عليه بدنة(٣) ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل أبا الحسنعليه‌السلام : ما تقول في مُحْرم عبث بذكره فأمنى ، قال : « أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو مُحْرم : بدنة والحجّ من قابل »(٤) .

ولأنّه هتك حرمة الإحرام بالإنزال على وجه أبلغ من الوطء ؛ لاقترانه(٥) في القبح ، فكان مساوياً له في العقوبة.

وقال ابن إدريس : لا يفسد الحجّ ، وتجب البدنة ؛ للأصل الدالّ على براءة الذمّة ، خرج وجوب الكفّارة ، للإجماع ، فيبقى الباقي على أصله(٦) .

مسألة ٤٠٩ : لو وطئ فيما دون الفرج وأنزل ، وجب عليه بدنة ، ولا يفسد حجّه وإن كان قبل الموقفين - وبه قال أحمد في إحدى الروايتين(٧) - لأنّه جماع ، فوجبت الفدية ، كالفرج.

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤٢١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٦.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٣ ، المجموع ٧ : ٤٠٩ و ٤٢١ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٤ ، المغني ٣ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٢.

(٣) النهاية : ٢٣١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٤ ذيل الحديث ١١١٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٢٤ / ١١١٣.

(٥) الظاهر - كما في هامش الطبعة الحجرية - : لمشابهته إيّاه.

(٦) السرائر : ١٢٩.

(٧) المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨.

٣٩

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل وقع على أهله فيما دون الفرج ، قال : « عليه بدنة ، وليس عليه الحجّ من قابل »(١) .

وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام : في المـُحْرم يقع على أهله ، قال : « إن كان أفضى إليها ، فعليه بدنة ، والحجّ من قابل ، وإن لم يكن أفضى إليها ، فعليه بدنة ، وليس عليه الحجّ من قابل »(٢) .

ولأنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحجّ ، فلم يفسد الحج ، كالتقبيل.

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : تجب عليه بدنة ، ويفسد حجّه - وبه قال الحسن وعطاء ومالك وإسحاق - لأنّها عبادة يفسدها الوطء ، فأفسدها الإنزال عن مباشرة ، كالصيام(٣) .

والفرق : أنّ الصوم يخالف الحجّ في المفسدات.

وقال الشافعي وأصحاب الرأي : عليه شاة ؛ لأنّه مباشرة فيما دون الفرج ، فأشبه القُبْلة(٤) .

والفرق : أنّه أفحش ذنباً من القبلة ، فالعقوبة فيه أشدّ.

ولو لم ينزل ، قال العامّة : تجب الشاة(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣١٨ - ٣١٩ / ١٠٩٧ ، الاستبصار ٢ : ١٩٢ / ٦٤٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٣ - ٣٧٤ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٨ ، الاستبصار ٢ : ١٩٢ / ٦٤٥.

(٣) المغني ٣ : ٣٣٠ - ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٢٩١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٠ ، المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨.

(٥) المغني ٣ : ٣٣٠.

٤٠

مسألة ٤١٠ : لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار أو التقليد ، لم يكن عليه شي‌ء‌ وإن تلبّس بالإحرام ؛ لأنّ انعقاد الإحرام بأحد الثلاثة ، فإذا وطئ قبلها ، لم يصادف إحراما منعقدا ، لأنّ حريزا روى - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام : « في الرجل إذا تهيّأ للإحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّي »(١) .

مسألة ٤١١ : لو جامع بعد الوقوف بالموقفين ، لم يفسد حجّه ، وعليه بدنة لا غير ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( مَنْ أدرك عرفة فقد تمّ حجّه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا واقع الرجل دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) دلّ بمفهومه على عدم وجوب الحجّ لو جامع بعد الوقوف بالمزدلفة.

وقال الشافعي : لا فرق بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الإفساد إذا كان قبل التحلّل الأوّل ، ولو كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويأتي بالطواف ، وعليه الكفّارة ؛ لأنّه وطء عمد صادف إحراماً تامّاً ، فأفسده ، كما لو كان قبل الوقوف(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣١٦ - ٣١٧ / ١٠٩٠ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٧.

(٢) النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ و ٣٢٥ و ٥١٦ و ٥١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) المغني ٣ : ٥١٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٣٨٧ - ٣٨٨ و ٤١٤ ، المغني ٣ : ٥١٦.

٤١

والفرق : أنّ الوطء قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحجّ لم يقع بعد ، بخلاف ما بعده.

وقال مالك وأحمد : يفسد حجّه إن كان قبل التحلّل الأوّل ، وإن كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويفسد ما بقي من إحرامه ، ويجب عليه أن يُحرم بعمرة ويأتي بالطواف في إحرام صحيح ، وتلزمه شاة(١) .

مسألة ٤١٢ : لو كان الوطء بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بمزدلفة ، فسد حجّه‌ أيضاً ، قاله أكثر العلماء(٢) ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : مَنْ وطئ بعد التحلّل فقد تمّ حجّه ، وعليه بدنه(٣) .

والظاهر أنّه قاله نقلاً عن الرسولعليه‌السلام ، وهو يدلّ بمفهومه على عدم التمام لو وطئ قبل التحلّل.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة ، أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يفسد ، ويجب عليه بدنة ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( الحجّ عرفة مَنْ وقف بعرفة فقد تمّ حجّه )(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥١٦ و ٥١٩ - ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ و ٣٢٦ - ٣٢٨ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ - ٤٠٨ ، و ٤١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٢) المغني ٣ : ٥١٦ و ٣٢٣ - ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، =

٤٢

وهو لا يدلّ على المطلوب إلّا بالمفهوم ، وهو لا يقول به.

مسألة ٤١٣ : لو كرّر الوطء وهو مُحْرم ، وجب(١) عليه بكلّ وطء كفّارة ، وهي بدنة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٢) - لأنّه وطء صادف إحراماً لم يتحلّل منه ، فوجب به البدنة ، كما لو كان الإحرام صحيحاً.

ولأنّ الإحرام الفاسد كالصحيح في سائر الكفّارات.

وقال الشافعي : إن وطئ بعد أن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه الكفّارة.

وهل الكفّارة الثانية شاة أو بدنة؟ قولان.

وإن وطئ قبل أن يكفّر ، فأقوال ثلاثة : أحدها : لا شي‌ء عليه. والثاني : شاة. والثالث : بدنة(٣) .

وقال أبو حنيفة : تجب عليه شاة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا ، إلّا أن يتكرّر الوطء في مجلس واحد على وجه الرفض للإحرام ، بأن ينوي به رفض الإحرام ؛ لأنّه وطء صادف إحراماً نقضت حرمته ، فلم تجب به الفدية ، كما لو وطئ بعد التحلّل(٤) .

والفرق : أنّ الوطء بعد التحلّل لم يصادف الإحرام ، أو قد تحلّل من‌

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، والرواية في الاختيار والبدائع.

(١) في « ن » والطبعة الحجرية : كان.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٢ - ٤٧٣ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٦٦ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، وانظر : فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ ، والمجموع ٧ : ٤٢٠ ، وبداية المجتهد ١ : ٣٧١.

٤٣

معظم محظوراته ، بخلاف الوطء في الإِحرام الكامل.

وقال مالك : لا يجب عليه بالوطء الثاني شي‌ء ؛ لأنّه وطء لا يتعلّق به إفساد الحج ، فلا تجب به الكفّارة ، كما لو كان في مجلس واحد(١) .

والجواب : أنّ عدم تعلّق الإفساد به لا يمنع وجوب الكفّارة ، كقتل الصيد ولُبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات.

وقال أحمد في الرواية الثانية : إن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه عن الثاني بدنة ؛ لأنّه وطئ في إحرام لم يتحلّل منه ، ولا أمكن تداخل كفّارته في غيره ، فأشبه الوطء الأوّل(٢) .

والشيخ -رحمه‌الله - تردّد في الخلاف في تكرّر الكفّارة مع عدم التكفير في الأوّل(٣) ، وجزم في المبسوط بالتكرّر مطلقاً(٤) .

مسألة ٤١٤ : لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة ، وجب عليه جزور‌ إن كان موسراً ، فإن عجز ، وجب عليه بقرة ، فإن عجز ، فشاة ؛ لما تقدّم من أنّ من جامع بعد التحلّل الأوّل وجب عليه بدنة ، وقد سبق(٥) الخلاف فيه.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سأله : عن متمتّع وقع على أهله ولم يزر ، قال : « ينحر جزورا »(٦) .

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، المغني ٣ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

(٥) سبق في المسألة ٤١١.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٤.

٤٤

وسأله عيص بن القاسم : عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت ، قال : «يُهريق دماً »(١) .

ولو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئاً ، وجب عليه الكفّارة : بدنة. وكذا لو أتمّ طوافه ثم جامع بعد أن سعى شيئاً من سعيه ، وجبت البدنة. وكذا لو كان بعد تمام السعي قبل طواف النساء ، وجب عليه البدنة ، وحجّه صحيح ، لأنّه وطئ في إحرام ، فكان عليه بدنة ، كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل وقع [ على ](٢) امرأته قبل أن يطوف طواف النساء ، قال : « عليه جزور سمينة ، وإن كان جاهلاً ، فليس عليه شي‌ء »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو جامع قبل طواف الزيارة أو بعده قبل طواف النساء جاهلاً بالتحريم أو ناسياً ، لم تجب عليه كفّارة ؛ لأنّهما عذران يسقطان الكفّارة في الوطء قبل الموقفين ، فهنا أولى.

مسألة ٤١٥ : لو جامع بعد أن طاف شيئاً من طواف النساء ، قال الشيخرحمه‌الله : إن كان قد طاف أكثر من النصف ، بنى عليه بعد الغسل ، ولا شي‌ء عليه ، وإن كان أقلّ من النصف ، وجب عليه الكفّارة وإعادة الطواف(٤) ؛ لموافقته الأصل ، وهو : براءة الذمّة.

ولأنّ معظم الشي‌ء يعطي حكم ذلك الشي‌ء غالباً.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٥.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٨ ذيل الحديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١٠٩.

(٤) النهاية : ٢٣١ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

٤٥

ولأنّ حمران بن أعين سأل الباقرَعليه‌السلام : عن رجل كان عليه طواف النساء وحده ، فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثم غشي جاريته ، قال : « يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه ، ويستغفر ربّه ولا يعود ، وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجّه ، وعليه بدنة ، ويغتسل ثم يعود فيطوف اُسبوعاً »(١) .

مسألة ٤١٦ : ولا فرق في الوطء بين أن يطأ في إحرام حجّ واجب أو مندوب‌؛ لأنّه بعد التلبّس بالإحرام يصير المندوب واجبا ، ويجب عليه إتمامه ، كما يجب عليه إتمام الحجّ الواجب.

ولأنّ الحجّ الفاسد يجب عليه إتمامه ، فالمندوب أولى.

إذا عرفت هذا ، فكلّ موضع قلنا : إنّه يفسد الحجّ الواجب فيه ، كالوطء قبل الموقفين ، فإنّه يفسد الحجّ المندوب فيه أيضاً ، فلو وطئ قبل الوقوف بالموقفين في الحجّ المندوب ، فسد حجّه ، ووجب عليه إتمامه وبدنة والحجّ من قابل ، ولو كان بعد الموقفين ، وجب عليه بدنة لا غير.

وكذا لا فرق بين أن يطأ امرأته الحُرّة أو جاريته المـُحْرمة أو المـُحِلّة إذا كان مُحْرماً ، فإنّ الحكم في الجميع واحد.

فإن كانت أمته مُحْرمةً بغير إذنه ، أو مُحِلّةً ، فإنّه لا تتعلّق بها كفّارة ولا به عنها.

ولو كانت مُحْرمةً بإذنه ، فطاوعته ، فالأقرب : وجوب الكفّارة ، كما في العبد المأذون إذا أفسد.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١١٠.

٤٦

ولو أكرهها ، فإن قلنا في المطاوعة بوجوب الكفّارة عنها ، تحمّلها السيّد ، وإلّا فلا.

مسألة ٤١٧ : لو وطئ أمته وهو مُحِلٌّ وهي مُحْرمة ، فإن كان إحرامها بغير إذنه ، فلا عبرة به ، ولا كفّارة عليه ، وإن كان بإذنه ، وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن لم يجد ، فشاة أو صيام ثلاثة أيّام ؛ لأنّه هتك إحراماً صحيحاً.

ولرواية إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مُحِلّ وقع على أمة مُحْرمة ، قال : « موسراً أو معسراً؟ » قلت : أجبني عنهما ، قال : « هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قِبَل نفسها؟ » قلت : أجبني عنها ، قال : « إن كان موسراً وكان عالماً أنّه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالإِحرام ، فعليه بدنة ، وإن شاء بقرة ، وإن شاء شاة ، وإن لم يكن أمرها بالإحرام ، فلا شي‌ء عليه موسراً كان أو معسراً ، وإن كان أمرها وهو معسر ، فعليه دم شاة أو صيام »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو كانا مُحْرمين أو كان هو مُحْرماً ، وجبت عليه الكفّارة.

ولو كان هو مُحِلّاً وهي مُحْرمة بإذنه ، وجبت عليه البدنة لا غير ، سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، وسواء طاوعته أو أكرهها ، لكن لو طاوعته ، فسد حجّها ، ووجب عليه أن يأذن لها في القضاء ؛ لأنّه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراماً صحيحاً ، وكان الفساد منه ، فوجب عليه الإذن في القضاء ، كالصيام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ - ٣٧٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ / ١١٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٩.

٤٧

ولو زنى بامرأة ، تعلّق به من الأحكام ما يتعلّق بالوطء الصحيح ؛ لأنّه أبلغ في هتك الإحرام ، فكانت العقوبة واجبةً عليه.

مسألة ٤١٨ : مَنْ وجب عليه بدنة في إفساد الحجّ فلم يجد ، كان عليه بقرة ، فإن لم يجد ، فسبع شياه على الترتيب ، فإن لم يجد ، فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاماً يتصدّق به ، فإن لم يجد ، صام عن كلّ مدّ يوماً ، وبه قال الشافعي(١) .

وفي [ أصحابه ] من قال : هو مخيّر(٢) .

واستدلّ عليه الشيخ -رحمه‌الله - بإجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط(٣) .

وابن بابويه قال : مَنْ وجبت عليه بدنة في كفّارة فلم يجد ، فعليه سبع شياه ، فإن لم يقدر ، صام ثمانية عشر يوماً بمكّة أو في منزله(٤) .

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : أنّها على التخيير إن شاء أخرج أيّ هذه الخمسة(٥) ، التي ذكرناها ، أعني : البدنة والبقرة وسبع شياه وقيمة البدنة والصيام.

لنا : أنّ الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : أوجبوا البدنة في الإفساد ، وذلك‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١٨ ، فتح العزيز ٨ : ٧٥ - ٧٦ ، المجموع ٧ : ٤٠١ و ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤.

(٢) الكلام من بداية المسألة إلى هنا من كلام الشيخ الطوسي في الخلاف ، ونقله المصنّف في المنتهى ٢ : ٨٤١ مصدّراً بقوله : قال الشيخ. وما بين المعقوفين أثبتناه من الخلاف ، وفي « ف » والطبعة الحجرية : ( وفي أصحابنا ) أمّا في « ط ، ن » فلم يتبيّن لنا اللفظ ، لسقوطه.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٧٢ ، المسألة ٢١٣.

(٤) المقنع : ٧٨.

(٥) حلية العلماء ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٤١٦.

٤٨

يقتضي تعيّنها ، والبقرة دونها جنساً وقيمةً.

ولقولهعليه‌السلام : ( مَنْ راح في الساعة الاُولى فكأنّما قرّب بدنةً ، ومَنْ راح في الثانية فكأنّما قرّب بقرةً )(١) يعني إلى الجمعة.

ولأنّ ذلك سبب يجب به القضاء ، فكانت كفّارته على الترتيب ، كالفوات.

وأحمد قاس على قتل النعامة.

والفرق : أنّ الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة ، فكان مخيّراً فيها ، وهنا ينتقل إلى ما هو دونها.

مسألة ٤١٩ : لو وطئ في العمرة قبل السعي ، فسدت عمرته ، ووجب عليه بدنة وقضاؤها - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّها عبادة تشتمل على طواف وسعي ، فوجب بالوطء فيها بدنة ، كالحجّ.

ولرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : « قد أفسد عمرته ، وعليه بدنة ، ويقيم بمكّة مُحلّاً حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بلاده ، فيُحْرم منه ويعتمر »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط ، فسدت‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، الموطّأ ١ : ١٠١ / ١ ، سنن أبي داود ١ : ٩٦ / ٣٥١ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٢ / ٤٩٩.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٨ - ٥٣٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٧٥ / ١٣٤٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ - ٣٢٤ / ١١١١.

٤٩

عمرته ، ووجب عليه القضاء وشاة ؛ لأنّها عبادة لا تتضمّن الوقوف ، ولا يجب عليه بالوطء فيها بدنة ، كما لو قرنها بحجّه(١) .

ونمنع حكم الأصل.

وقال أحمد : يجب بالوطء القضاء وشاة إذا وجد في الإحرام(٢) .

إذا عرفت هذا ، فالبدنة والإفساد يتعلّقان بالوطء في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف - وبه قال الشافعي(٣) - لرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام (٤) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ بعد أربعة أشواط ، لم تفسد عمرته ، ووجبت الشاة ؛ لأنّه وطئ بعد ما أتى بركن العبادة ، فأشبه ما إذا وطئ بعد الوقوف في الحج ، وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّ الشاة تقوم مقام الطواف والسعي في حقّ المحصر ، فقامت مقام بعض ذلك هنا(٥) .

والجواب : أنّ محظورات الإحرام سواء مثل الطيب واللباس والصيد تستوي قبل الإتيان بأكثر الطواف وبعده ، كذلك الوطء.

مسألة ٤٢٠ : القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هدياً ، وعندهم هو مَنْ يقرن الإحرامين على ما مضى(٦) الخلاف فيه ، فلو أفسد القارن‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٥ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٤) تقدّمت الرواية في صدر المسألة.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٨ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٦) مضى في ج ٧ ص ١٢٥ ، المسألة ٩٥.

٥٠

حجّه ، وجب عليه بدنة ، وليس عليه دم القرآن ، ويجب عليه القضاء ؛ لأنّه أفسد حجّاً ، فكان عليه بدنة ، كالمتمتّع والمفرد.

وقال الشافعي : إذا وطئ القارن - على تفسيرهم - لزمه بدنة بالوطء ودم القران ، ويقضي قارنا ، ويلزمه دم القران في القضاء أيضا ، فإن قضى مفردا ، جاز ، ولا يسقط عنه دم القران الذي يلزمه في القضاء(١) . وبه قال أحمد إلّا أنّه قال : إذا قضى مفرداً ، لم يجب دم القران(٢) .

وقال أبو حنيفة : يفسد إحرامه ، وتجب عليه شاة لإفساد الحجّ ، وشاة لإفساد العمرة ، وشاة القران ، إلّا أن يكون قد وطئ بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط(٣) .

مسألة ٤٢١ : إذا قضى الحاجّ والمعتمر ، فعليه في قضاء الحجّ الإحرامُ من الميقات ، وعليه في إحرام العمرة الإحرامُ من أدنى الحِلّ - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّه لا يجوز الإحرام قبل الميقات على ما تقدّم(٥) ، فلا يجوز في القضاء ؛ لأنّه تابع.

وأمّا في العمرة : فلأنّ الإحرام من أدنى الحلّ هو الواجب في الأداء ، فكذا في القضاء.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، المجموع ٧ : ٤١٦ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٣) انظر : بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، والمبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٧٧ ، والمجموع ٧ : ٤١٦ ، والمغني ٣ : ٤٩٩ و ٥١٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٤) المجموع ٧ : ٤١٥ - ٤١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣.

(٥) تقدّم في ج ٧ ص ١٩٥ ، المسألة ١٤٩.

٥١

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عائشة أن تقضي عمرتها من التنعيم(١) .

وقال الشافعي : إذا أفسد الحجّ والعمرة ، لزمه القضاء من حيث أحرم بالأداء - وبه قال أحمد - لأنّ كلّ مسافة وجب عليه قطعها مُحْرِماً في الأداء وجب عليه في القضاء ، كما لو أحرم قبل الميقات(٢) .

ونحن نقول بموجبه ؛ لأنّه لا يجب عليه قطع المسافة مُحْرماً إلّا من الميقات.

وينتقض : بأنّه لا يجب عليه في القضاء سلوك طريق الأداء إجماعا ، لكنّ الشافعي أوجب الإحرام من المحاذي للأوّل(٣) .

مسألة ٤٢٢ : إذا أفسد في القضاء ، وجب عليه بدنة اُخرى ، وإتمام القضاء ، والقضاء من قابل‌ ؛ للعمومات ، ويلزمه أن يأتي بالقضاء ، ولا يتكرّر عليه ، بل إذا أتى بحجّة واحدة ، كفاه.

وكذلك إن تكرّر إفساد القضاء ، كفاه قضاء واحد ، لأنّ الحجّ الواجب واحد ؛ فإذا لم يأت به على وجهه ، وجب عليه الإتيان به على وجهه.

ولا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضاً عن إفساد القضاء بمفرده ، بل إذا أتى في السنة الثالثة بحجّة صحيحة ، كفاه عن الفاسد ابتداءً وقضاءً.

ولو أفسد الثالث ، كفاه في الرابعة إتيان حجّة صحيحة عن جميع ما تقدّمه ؛ لأنّ الفاسد إذا انضمّ إليه القضاء ، أجزأ عمّا كان يجزئ عنه الأداء لو لم يفسده ، فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده بالقضاء ، أجزأ عمّا كان‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٨٠ / ١٣٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٧ /٩٩٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٣ / ٩٢٤.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٤ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ - ٣٩٠ و ٤١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٣٨٤ - ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤.

(٣) المجموع ٧ : ٣٩٠.

٥٢

يجزئ عنه الفاسد لو كان صحيحاً ، ولو كان صحيحاً ، سقط به قضاء الأوّل ، كذلك إذا قضاه ، وهذا يقتضي أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد.

مسألة ٤٢٣ : لو عقد المـُحْرم لمـُحْرمٍ على امرأة ودخل المـُحْرم ، وجبت على العاقد الكفّارة‌ ، كما تجب على الواطئ. وكذا لو كان العاقد مُحِلّاً ، لرواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا ينبغي للرجل الحلال أن يُزوّج مُحْرماً يعلم أنّه لا يحلّ له » قلت : فإن فعل فدخل بها الـمُحْرم ، قال : « إن كانا عالمين فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة إن كانت محرمة ، وإن لم تكن مُحْرمةً ، فلا شي‌ء عليها إلّا أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوّجها مُحْرم ، فإن كانت علمت ثم تزوّجته فعليها بدنة »(١) .

مسألة ٤٢٤ : لو نظر إلى غير أهله فأمنى ، لم يفسد حجّه‌ ، ووجب عليه بدنة ، فإن عجز ، فبقرة ، فإن عجز ، فشاة ، عند علمائنا - وبعدم الإفساد قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٢) - لأنّه إنزال عن غير مباشرة ، فأشبه الإنزال عن الفكر والاحتلام.

وقال مالك : إن ردّد النظر حتى أمنى ، وجب عليه الحجّ من قابل - وبه قال الحسن البصري وعطاء - لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأشبه الإنزال بالمباشرة(٣) .

والفرق : أنّ المباشرة أبلغ في اللذّة ، وآكد في استدعاء الشهوة ، والفاحشة فيها أعظم.

ولو نظر إلى غير أهله ولم يكرّر النظر أو كرّره حتى أمنى ، وجب عليه البدنة عندنا ؛ لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأوجب البدنة ، كالجماع فيما‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٠ - ٣٣١ / ١١٣٨.

(٢و٣) المغني ٣ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

٥٣

دون الفرج.

ولقول الباقرعليه‌السلام في رجل مُحْرم نظر إلى غير أهله فأنزل : « عليه جزور أو بقرة ، فإن لم يجد فشاة »(١) .

وقال ابن عباس وأحمد في إحدى الروايتين : إن كرّر النظر ، وجبت بدنة ، وإن لم يكرّر ، فشاة(٢) .

وقال في الاُخرى : تجب شاة مطلقاً. وهو قول سعيد بن جبير وإسحاق(٣) .

وقال أبو ثور : لا شي‌ء عليه مطلقاً(٤) . وبه قال أبو حنيفة - حكايةً(٥) عنه - [ و ](٦) الشافعي(٧) .

ولو كرّر النظر حتى أمذى ، لم يجب عليه شي‌ء ، لأصالة براءة الذمّة.

وقال أحمد : يجب به دم ، لأنّه جزء من المني(٨) . وليس بشي‌ء.

ولو كرّر النظر ولم يقترن به مني ولا مذي ، لم يكن عليه شي‌ء ، ولا نعلم فيه خلافا ، إلاّ رواية عن أحمد أنّه من جرّد امرأته ولم يكن منه غير التجريد : أنّ عليه شاة(٩) . وليس بشي‌ء.

ولو فكّر فأنزل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ الفكر يعرض الإنسان من‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٦.

(٤-٢) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٥) « حكاية » : صحّفت في « ف ، ط » والطبعة الحجرية إلى « حكاه » وسقطت في « ن » والصحيح ما أثبتناه اعتماداً على منتهى المطلب - للمصنّف - ٢ : ٨٤٢ والمغني ٣ : ٣٣٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٦) أضفناها لأجل السياق.

(٧) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٨) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٩) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠.

٥٤

غير اختيار ، فلا تتعلّق به عقوبة.

مسألة ٤٢٥ : لو نظر إلى أهله من غير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لا ، لأنّ النظر إلى الزوجة سائغ ، بخلاف الأجنبية.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه »(١) .

وإن نظر إليها بشهوة فأمنى ، كان عليه بدنة ، عند علمائنا - ولم يفرّق العامّة بين الزوجة والأجنبية ، بل حكموا بما قلناه عنهم أوّلا(٢) مطلقا - لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ومن نظر إلى امرأته نظرة بشهوة فأمنى فعليه جزور »(٣) .

مسألة ٤٢٦ : لو مسّ امرأته بشهوة ، فعليه شاة ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، وإن كان بغير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، ويكون حجّه صحيحاً على كلّ تقدير ، سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٤) - لأنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحدّ ، فلا يفسد الحجّ ، كما لو أنزل. وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّه فَعَل مُحرَّماً في إحرامه ، فوجبت الفدية.

ولأنّ محمّد بن مسلم سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، فقال : « إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يُمْن ، أمذى أو لم يُمْذ ، فعليه دم يهريقه ، فإن حملها أو مسّها‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤٢.

(٢) في المسألة السابقة.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٤) المجموع ٧ : ٤١١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٥ ، المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨.

٥٥

بغير شهوة فأمنى أو لم يُمْن ، فليس عليه شي‌ء »(١) .

وقال مالك : إذا أنزل مع المسّ ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّها عبادة يفسدها الوطء ، فأفسدها الإنزال عن المباشرة ، كالصوم(٢) .

والفرق : أنّ الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الإمساك عنه لأجله ، بخلاف الحجّ.

مسألة ٤٢٧ : لو قبَّل امرأته ، فإن كان بشهوة ، كان عليه جزور ، وإن كان بغير شهوة ، كان عليه شاة ، ولا يفسد حجّه على كلّ تقدير ، وسواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده - ووافقنا على عدم الإفساد سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه إنزال بغير وطء ، فلم يفسد به الحجّ ، كالإنزال عن نظر.

وقال مالك : إن أنزل ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، ورواية عن سعيد بن جبير - لأنّه إنزال عن سبب محرّم ، فأفسد الحجّ ، كالإنزال عن الجماع(٤) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ، ولهذا أفسد الحجّ مع الإنزال وعدمه.

إذا عرفت هذا ، فالشيخرحمه‌الله أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢٠.

(٢) المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٣٢ و ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

٥٦

مطلقاً ، والبدنة فيه مع الشهوة مطلقاً(١) ، ولم يعتبر الإنزال ؛ لأنّ علي بن أبي حمزة سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، قال : « عليه بدنة وإن لم ينزل ، وليس له أن يأكل منه»(٢) .

وقال ابن إدريس : إن قبَّل بشهوة وأنزل ، وجبت البدنة ، وإن لم ينزل ، وجبت الشاة(٣) ؛ للأصل.

ولما رواه مسمع - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « إنّ حال الـمُحْرم ضيّقة ، إن قبَّل امرأته على غير شهوة وهو مُحْرم ، فعليه دم شاة ، ومَنْ قبَّل امرأته على شهوة ، فعليه جزور ، ويستغفر الله »(٤) .

وهو الأقرب.

ويجوز للمُحْرم أن يُقبِّل اُمّه حال الإحرام ؛ لأنّ الحسين بن حمّاد سأل الصادقَعليه‌السلام : عن المحرم يُقبِّل اُمّه ، قال : « لا بأس به ، هذه قُبْلة رحمة ، إنّما تكره قُبْلة الشهوة »(٥) .

ولو لاعب امرأته وهو مُحْرمٌ فأمنى ، كان عليه بدنة ؛ لأنّه إنزال عن سبب مُحرَّم ، فوجبت البدنة ، كما لو أنزل عن نظر.

وهل يجب عليها الكفّارة؟ نصّ الشيخ في التهذيب والمبسوط عليه(٦) ؛ لأنّه أنزل بملاعبة منها لَه ، فوجب عليها بدنة ، كالجماع.

ولأنّ عبد الرحمن بن الحجّاج سأل الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يعبث‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٨.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٣.

(٣) السرائر : ١٣٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ذيل الحديث ١١٢٣ ، المبسوط ١ : ٣٣٨.

٥٧

بامرأته حتى يمني وهو مُحْرم من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ما ذا عليهما؟ فقال : « عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الذي يجامع »(١) .

ولو سمع كلام امرأة أو استمع على مَنْ يجامع من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لتعذّر التحرّز عن مثل ذلك ، فلو وجبت العقوبة لزمه الحرج.

أمّا لو كان برؤية ، فإنّه تجب عليه الكفّارة على ما تقدّم ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقَعليه‌السلام - في الحسن - عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حائط وهو مُحْرم فتشاهى حتى أنزل ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٢) .

وسأله سماعة بن مهران في مُحْرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء»(٣) .

قال المفيدرحمه‌الله : لو قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، فعليه بدنة ، أنزل أو لم ينزل ، فإن هوت المرأة ذلك ، كان عليها مثل ما عليه(٤) .

مسألة ٤٢٨ : قد بيّنّا أنّه إذا أفسد حجّه ، وجب عليه إتمامه ، خلافاً لجماعة الظاهرية(٥) .

وقال مالك : يجعل الحجّة عمرة ، ولا يقيم على الحجّ الفاسد(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ - ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ - ٣٢٨ / ١١٢٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٦.

(٤) المقنعة : ٦٨.

(٥) المحلّى ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

(٦) الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

٥٨

وليس بجيّد ؛ لما تقدّم.

ولا يحلّ من الفاسد ، بل يجب عليه أن يفعل بعد الفساد كلّ ما يفعله لو كان صحيحاً ، ولا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بالمزدلفة والرمي وغيرهما.

ويحرم عليه بعد الفساد كلّ ما كان مُحرَّماً عليه قبله من الوطء ثانياً وغيره من المـُحرّمات.

ولو جنى في الإحرام الفاسد ، وجب عليه ما يجب في الإحرام الصحيح.

ويجب عليه القضاء من قابل ، سواء كانت الفاسدة واجبةً بأصل الشرع أو النذر ، أو كانت تطوّعاً ، ولا نعلم فيه خلافاً. ويجب على الفور.

ولو أفسد القضاء ، لم يجب قضاؤه ، وإنّما يقضي عن الحجّ الأوّل.

ولو اُحصر في حجّ فاسد ، فله التحلّل إجماعاً ؛ لأنّه يباح له في الصحيح ففي الفاسد أولى.

فلو أحلّ فزال الحصر وفي الوقت سعة ، فله أن يقضي في ذلك العام ، ولا يتصوّر القضاء في عام الإفساد في غير هذه الصورة.

ولو حجّ تطوّعاً فأفسده ثم اُحصر ، كان عليه بدنة للإفساد ودم للإحصار ، ويكفيه قضاء واحد في القابل ؛ لأنّ المقضي واحد.

ويجب القضاء على الفور - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّه لزم وتضيّق بالشروع.

ولقول الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : : إنّه يقضي من قابل.

وللشافعي قول آخر : إنّه على التراخي ، كالأصل.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ - ٤٧٤.

٥٩

ولأنّ الوقت قد فات ، واستوت بعده الأوقات(١) .

وقد بيّنّا فساده.

وله ثالث : إنّه إن وجبت الكفّارة بعُدْوان فعل ، فعلى الفور ؛ لأنّ التراخي نوع [ ترفيه ](٢) وإن لم يكن بعُدوان ، فعلى التراخي(٣) .

وأجرى الجويني الخلاف في التعدّي بترك الصوم هل هو على الفور أو على التراخي؟ وكذا الصلاة.

أمّا ما يجب فيه القتل ، كترك الصلاة عمداً مع تخلّل التعزير ثلاث مرّات ، فإنّه يجب فيه الفور(٤) و أمّا ما لا عدوان فيه ، فللشافعي وجهان تقدّما :

أحدهما : الفور ، لقولهعليه‌السلام : ( فليصلّها إذا ذكرها ).

والثاني : جواز التأخير ؛ لما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه فاتته صلاة الصبح ، فلم يصلّها حتى خرج من الوادي(٥) .

وقد عرفت أنّه يحرم في القضاء من الميقات.

وقال الشافعي : إن أحرم قبل الميقات ، أحرم في القضاء من ذلك المكان. وقد سبق(٦) .

ولو جاوزه ، أراق دماً ، كما لو جاوز الميقات الشرعي.

وإن كان قد أحرم من الميقات ، فعليه في القضاء مثله.

وإن كان قد أحرم بعد مجاوزة الميقات ، فإن كان مُسيئاً بتجاوزه ،

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) « ترفيه » : صحّفت في « ف » والطبعة الحجرية بـ « تفرقة » ولم يتبيّن لنا اللفظ في « ط ، ن » لسقوطه فيهما ، وما أثبتناه من المصدر.

(٣ و ٤ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٤.

(٦) سبق في المسألة ٤٢١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460