تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207278 / تحميل: 5732
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

والوسم والفصد ، والغرض عدم اختلاطها بغيرها ، وإباحة المساكين إذا ضلّت ، وامتناع اللصوص منها.

وقال مالك : إن كانت البقرة ذات سنام ، فلا بأس بإشعارها ، وإلّا فلا(١) .

ويستحب تقليد الهدي بأن يجعل في رقبته نعل قد صلّى فيه ، وهو مشترك بين الإبل والبقر والغنم - وبه قال أحمد(٢) - لما رواه العامّة عن عائشة ، قالت : كنت أفتل القلائد للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقلّد الغنم ، ويقيم في أهله حلالاً(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « كان الناس يقلّدون الغنم والبقر ، وإنّما تركه الناس حديثاً »(٤) .

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يسنّ تقليد الغنم ، وإلّا لنُقل(٥) . وقد بيّنّا النقل.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الإشعار يكون في صفحة السنام من الجانب الأيمن ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور(٦) - لما رواه العامّة‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ٣١٣ ، المغني ٣ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧٩.

(٢) المغني ٣ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٦٦ / ١٧٥٦٣ و ١٧٥٦٤.

(٣) المغني ٣ : ٥٩١ ، وصحيح البخاري ٢ : ٢٠٨.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٠٩ / ٩٥٢.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٣٧ ، المغني ٣ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٠ ، فتح العزيز ٨ : ٩٤ - ٩٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧٧ ، المجموع ٨ : ٣٦٠ ، الاستذكار ١٢ : ٢٦٥ / ١٧٥٦٣.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٨ : ٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ - ٢٤٣ ، المجموع ٨ : ٣٥٨ و ٣٦٠ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٦٩ / ١٧٦٨١ ، المغني ٣ : ٥٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٠.

٣٠١

أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى بذي الحليفة ثم دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ، وسلت الدم عنها بيده(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ويشقّ سنامها الأيمن »(٢) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ التيامن في شأنه كلّه(٣) .

وقال مالك وأبو يوسف : تشعر في صفحتها اليسرى - وهو رواية عن أحمد - لأنّ ابن عمر فَعَله(٤) .

وفِعْلُ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أولى.

ولو كانت البُدْنُ كثيرةً ، دخل بينها وشقّ سنام إحداهما من الأيمن والاُخرى الأيسر.

مسألة ٦٣١ : لا ينبغي أن يأخذ من جلود الهدايا شيئاً ، بل يتصدّق بها ، ولا يُعطيها الجزّار؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ذبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن اُمّهات المؤمنين بقرةً بقرةً ، ونحر هو ستّاً وستّين بدنة ، ونحر عليعليه‌السلام أربعاً وثلاثين بدنة ، ولم يُعط الجزّارين من جلالها ولا قلائدها ولا جلودها ولكن تصدّق به »(٥) .

وفي رواية صحيحة عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يعطى جلالها وجلودها وقلائدها الجزّارين ، وأمر أن يتصدّق بها »(٦) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩١٢ / ١٢٤٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٦ / ١٧٥٢ ، سنن الدارمي ٢ : ٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٢ ، ومسند أحمد ١ : ٢٥٤ و ٢٨٠ و ٣٣٩ و ٣٤٧ بتفاوت يسير.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٠٩ / ٩٥٥ بتفاوت يسير.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٢٦ / ٦٧ وفيه التيمّن

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣٧٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٦٩ / ١٧٥٨٢ ، المغني ٣ : ٥٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٠ ، فتح العزيز ٨ : ٩٣ - ٩٤ ، المجموع ٨ : ٣٦٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٧٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٥ - ٢٧٦ / ٩٧٩.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٢٨ / ٧٧١ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٦ / ٩٨٠.

٣٠٢

مسألة ٦٣٢ : روى جميل بن دراج - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق ، قال : « لا ينبغي إلّا أن يكون ناسياً » ثم قال : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه اُناس يوم النحر ، فقال بعضهم : يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح ، وقال بعضهم : حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّر إلّا قدّموه ، فقال : لا حرج »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز أن يحلق ولا أن يزور البيت إلّا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محلّه وهو منى يوم النحر بأن يشتريه ويجعله في رحله بمنى ، لأنّ وجوده في رحله في ذلك الموضع بمنزلة الذبح.

وقال الشيخ : مَنْ تمتّع عن اُمّه وأهلّ بحجّة عن أبيه فهو بالخيار في الذبح إن فعل فهو أفضل ، وإن لم يفعل فليس عليه شي‌ء(٢) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام في رجل تمتّع عن اُمّه وأهلّ بحجّة عن أبيه ، قال : « إن كان ذبح فهو خير له ، وإن لم يذبح فليس عليه شي‌ء ، لأنّه إنّما تمتّع عن اُمّه وأهلّ بحجّة عن أبيه »(٣) .

مسألة ٦٣٣ : المتمتّع الواجد للهدي إذا مات قبل الفراغ من الحجّ ، لم يسقط عنه الدم‌ ، بل يخرج من تركته - وهو أصحّ قولي الشافعي(٤) - لأنّه وجب بالإحرام بالحجّ والتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، وأنّه موجود.

والثاني : لا يجب ؛ لأنّ الكفّارة إنّما تجب عند تمام النسكين على سبيل الرفاهية وربح أحد النفرين ، وإذا مات قبل الفراغ لم يحصل هذا الغرض(٥) .

وأمّا الصوم : فإن مات قبل التمكّن منه ، سقط عنه ، وقد سبق - وهو‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ١ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ / ١٤٩٦ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ / ٧٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠٠٩.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٣٩ ذيل الحديث ٨٠٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٩ / ٨٠٧.

(٤ و ٥ ) الوجيز ١ : ١١٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٩٢ ، المجموع ٧ : ١٩١.

٣٠٣

أصحّ قولي الشافعي(١) - لأنّه صوم لم يتمكّن من الإتيان به ، فأشبه رمضان.

والثاني : يهدي عنه ؛ لأنّ الصوم قد وجب بالشروع في الحجّ ، فلا يسقط من غير بدل(٢) .

وأمّا إن تمكّن من الصوم ولم يصم حتى مات ، وجب على وليّه القضاء - وهو القديم للشافعي(٣) - لأنّه صوم مفروض فاته بعد القدرة عليه.

وفي الجديد : يطعم عنه وليّه من تركته لكلّ مسكين مدّ ، فإن تمكّن من جميع العشرة ، فعشرة أمداد ، وإلّا فبالقسط.

وهل يجب صرفه إلى فقراء الحرم أم يجوز صرفه إلى غيرهم؟ قولان.

وله قول آخر : إنّه يجب في فوات ثلاثة أيّام إلى العشرة شاة ، وفي يوم ثلث شاة ، وفي يومين ثلثا شاة(٤) .

البحث السادس : في الضحايا.

مسألة ٦٣٤ : الضحيّة مستحبّة ، قال الله تعالى :( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٥) قيل في التفسير : إنّه الاُضحية بعد صلاة العيد(٦) .

وروى أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ضحّى بكبشين أقرنين أملحين(٧) .

____________________

(١ و ٢ ) فتح العزيز ٧ : ١٩٣ ، المجموع ٧ : ١٩١.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٩٤ ، المجموع ٧ : ١٩٢.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٩٤ - ١٩٥ ، المجموع ٧ : ١٩٢.

(٥) الكوثر : ٢ و ٣.

(٦) كما في المغني ١١ : ٩٥ ، وانظر الحاوي الكبير ١٥ : ٧٠.

(٧) سنن أبي داود ٣ : ٩٥ / ٢٧٩٤ ، وفي صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٦ و ١٥٥٧ / ١٧ و ١٨ ، وسنن الترمذي ٤ : ٨٤ / ١٤٩٤ ، وسنن النسائي ٧ : ٢٢٠ ، وسنن الدارمي ٢ : ٧٥ بتقديم وتأخير.

٣٠٤

والأقرن : ما لَه قرنان ، والأملح : ما فيه سواد وبياض والبياض أغلب.

وفي رواية : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد ، فاُتي به فضحّى به ، فأضجعه وذبحه ، وقال : ( بسم الله ، اللّهم اقبل من محمد وآل محمد ومن اُمّة محمد )(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه ابن بابويه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ضحّى بكبشين ذبح واحداً بيده ، فقال : ( اللّهم هذا عنّي وعن مَنْ لم يضحّ من أهل بيتي ) وذبح الآخر وقال : ( اللّهم هذا عنّي وعن مَن لم يضحّ من أُمّتي ) وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يضحّي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ سنة بكبش ويذبح كبشاً آخر عن نفسه(٢) .

مسألة ٦٣٥ : الاُضحيّة مستحبّة وسنّة مؤكّدة ليست واجبةً - وبه قال أبو بكر وعمر وابن مسعود البدري وابن عباس وابن عمر وبلال وسويد بن غفلة وسعيد بن جبير(٣) وعطاء وعلقمة والأسود وأحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي والمزني وابن المنذر(٤) - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( كتب عليَّ النحر ولم يكتب عليكم )(٥) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٧ / ١٩٦٧ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٤ / ٢٧٩٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٧ ، مسند أحمد ٦ : ٧٨ ، شرح معاني الآثار ٤ : ١٧٦ - ١٧٧.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٩٣ / ١٤٤٨.

(٣) في المجموع والمغني والشرح الكبير والاستذكار : « سعيد بن المسيّب » بدل « سعيد بن جبير ». ولم يرد كلّ منهما في بقية المصادر في الهامش التالي.

(٤) المغني ١١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٥ ، المهذّبَ - للشيرازي - ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٨ : ٣٨٣ و ٣٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٤٢٩ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٨ ، الوجيز ٢ : ٢١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٧١ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٦ - ١٥٧ / ٢١٣٧٩ - ٢١٣٨١ و ٢١٣٨٣ و ٢١٣٨٤.

(٥) سنن الدار قطني ٤ : ٢٨٢ / ٤٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٤ ، مسند أحمد ١ : ٣١٧ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ٣٠١ / ١١٨٠٣.

٣٠٥

وقال ربيعة ومالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأصحاب الرأي : إنّها واجبة ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( على أهل كلّ بيت في كلّ عام اُضحية وعتيرة )(١) (٢) .

وقد ضعّفه المحدّثون(٣) ، ويظهر ضعفه بإيجاب العتيرة ، وهي ذبيحة كانت الجاهلية تذبحها في رجب.

والهدي يجزئ عن الاُضحية. والجمع بينهما أفضل ؛ لأنّه دم ذبح للنسك في وقت الاُضحية ، فكان مجزئاً عنها.

ولقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « يجزئك من الاُضحية هديك »(٤) .

مسألة ٦٣٦ : أيّام الأضاحي بمنى أربعة : يوم النحر وثلاثة أيّام بعده ، وفي غيرها من الأمصار ثلاثة : يوم النحر ويومان بعده ، عند علمائنا أجمع - وبه قال سعيد بن جبير(٥) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( عرفة كلّها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة ، وأيّام منى كلّها منحر )(٦) .

____________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٩٣ / ٢٧٨٨ ، سنن الترمذي ٤ : ٩٩ - ١٥١٨.

(٢) المغني ١١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٤٢٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٧١ ، المجموع ٨ : ٣٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦٩ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٨ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٥ - ١٥٦ / ٢١٣٧٧ و ٢١٣٧٨ و ٢١٣٨٢.

(٣) اُنظر على سبيل المثال : معالم السنن - للخطابي - ٤ : ٩٤ ، وكما في المغني ١١ : ٩٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٨٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٣ ، وفيه : « يجزئه هديه ».

(٥) ما نسب إليه في المغني ٣ : ٤٦٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، والاستذكار ١٥ : ٢٠١ / ٢١٥٨٠ ، وتفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ هو أنّه قال : النحر في الأمصار يوم واحد ، وفي منى ثلاثة أيّام. وما هو موجود في حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ أنّه قال : يجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصّة ، ولأهل السواد فيه وفي أيّام التشريق. وكذلك في المجموع ٨ : ٣٩٠.

(٦) سنن البيهقي ٥ : ١١٥ بتفاوت.

٣٠٦

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام لمـّا سأله عمّار الساباطي عن الأضحى بمنى ، قال : « أربعة أيّام » وعن الأضحى في سائر البلدان ، قال : « ثلاثة أيّام »(١) .

وقال الحسن وعطاء : إنّها أربعة أيّام مطلقاً. وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك والثوري : ثلاثة أيّام : يوم النحر ويومان بعده مطلقاً(٣) .

وقال محمد بن سيرين : لا تجوز الاُضحية إلّا في يوم الأضحى خاصّة ؛ لأنّ يوم الأضحى اختصّ بتسمية الأضحى دون غيره ، فاختصّ بها(٤) .

والاختصاص بالتسمية لا يوجب ذلك.

ولو فاتت هذه الأيّام ، فإن كانت الاُضحية واجبةً بالنذر وشبهه ، لم تسقط ، ووجب قضاؤها؛ لأنّ لحمها مستحقّ للمساكين ، فلا يسقط حقّهم بفوات الوقت ، وإن كانت تطوّعاً ، فات ذبحها ، فإن ذبحها ، لم تكن اُضحيةً ، فإن فرّق لحمها على المساكين ، استحقّ الثواب على التفرقة دون الذبح.

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩١ / ١٤٣٩ ، التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣١.

(٢) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٤ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٩ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠٢ / ٢١٥٨٦ و ٢١٥٨٧.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٩ ، المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٤ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠١ / ٢١٥٨١ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣.

(٤) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠٠ / ٢١٥٧٩ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣.

٣٠٧

مسألة ٦٣٧ : وقت الاُضحية إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين ، سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ.

وقال الشافعي : يعتبر قدر صلاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانعليه‌السلام يصلّي في الاُولى بـ( ق ) وفي الثانية بـ( اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ ) (١) .

وقال عطاء : وقتها إذا طلعت الشمس(٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : من شرط الاُضحية أن يصلّي الإمام ويخطب ، إلّا أنّ أبا حنيفة يقول : أهل السواد يجوز لهم الاُضحية إذا طلع الفجر ؛ لأنّ عنده لا عيد لهم(٣) .

مسألة ٦٣٨ : الأيّام المعدودات أيّام التشريق‌ إجماعاً ، والأيّام المعلومات عشرة أيّام من ذي الحجّة آخرها غروب الشمس من يوم النحر ، عند علمائنا ، وبه قال عليعليه‌السلام وابن عباس وابن عمر والشافعي(٤) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ٨٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٨ : ٣٨٧ و ٣٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٤ - ١٥٥ ، وانظر : صحيح مسلم ٢ : ٦٠٧ / ٨٩١ ، وسنن الترمذي ٢ : ٤١٤ / ٥٣٣ ، وسنن أبي داود ١ : ٣٠٠ / ١١٥٤.

(٢) المغني ١١ : ١١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٥ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ١٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٥ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٤ - ١٥٥ ، المجموع ٨ : ٣٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المغني ١١ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٤ - ٥٥٥ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٢ - ٤٣ ، بداية المجتهد ١ : ٤٢٥ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٧٦.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٦ ، الاستذكار ١٥ : ١٩٩ / ٢١٥٦٦ - ٢١٥٦٩ ، مختصر المزني : ٧٣ ، الوجيز ١ : ١٣٢ ، فتح العزيز ٨ : ٨٩ ، المجموع ٨ : ٣٨١ ، تفسير القرطبي ٣ : ٢ و ٣ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٣ : ٢٣٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٨ ، وحكاه عنهم الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢.

٣٠٨

وقال مالك : ثلاثة أيّام أوّلها يوم النحر(١) . فجَعَل أوّل أيّام التشريق وثانيها من المعدودات والمعلومات.

وقال أبو حنيفة : ثلاثة أيّام أوّلها يوم عرفة وآخرها أوّل أيّام التشريق(٢) . فجعل أوّل التشريق من المعدودات والمعلومات.

وقال سعيد بن جبير : المعدودات : هي المعلومات(٣) .

والحقّ المغايرة ؛ لدلالة اختلاف الاسمين على تغاير معنييهما ، إلّا أنّ الترادف على خلاف الأصل.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز الذبح عندنا في اليوم الثالث من أيّام التشريق ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز ؛ لأنّه ليس من المعلومات(٥) .

وليس بمعتمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن صيام أيّام التشريق ، وقال :

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠٠ / ٢١٥٧٣ و ٢١٥٧٥ و ٢١٥٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٦ ، فتح العزيز ٨ : ٨٩ ، المجموع ٨ : ٣٨١ وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢.

(٢) فتح العزيز ٨ : ٨٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٦ ، المجموع ٨ : ٣٨١ ، وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢.

(٣) اُنظر : الاستذكار ١٥ : ١٩٨ / ٢١٥٦٣ ، وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢.

(٤) المجموع ٨ : ٣٨١ و ٣٨٧ - ٣٨٨ و ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٩ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٨٣ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ٧٣ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ ، وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٣٣.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٩ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٨٣ - ٨٤ ، المجموع ٨ : ٣٨١ و ٣٩٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٧٦ ، وعنهما في الخلاف ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٣٣.

٣٠٩

( إنّها أيّام أكل وشرب وبعال )(١) .

وفي رواية : ( أنّها أيّام أكل وشرب )(٢) .

وفي اُخرى : ( إنّها أيّام أكل وشرب [ وذكر ](٣) وذبح )(٤) .

فثبت بذلك أنّ الثالث من أيّام الذكر والذبح معاً.

وعند أبي حنيفة : أنّه ليس من أيّام الذكر ولا الذبح(٥) .

مسألة ٦٣٩ : يجوز لمن دخل عليه عشر ذي الحجّة وأراد أن يضحّي أن يحلق رأسه أو يقلّم أظفاره‌ من غير كراهة ولا تحريم ، لأنّه لا يحرم عليه الوطء ولا الطيب ولا اللباس فكذا حلق الشعر وقلم الأظفار ، وبه قال أبو حنيفة(٦) .

وقال الشافعي : يكره(٧) .

وقال أحمد وإسحاق : يحرم عليه ؛ لما روته اُمّ سلمة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحّي فلا يمسّ من شعره ولا من بشره شيئاً )(٨) والنهي يقتضي التحريم(٩) .

وهو ممنوع ومعارض بقول عائشة : كنت أفتل قلائد هدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يقلّدها هو بيده ثم يبعث بها مع أبي بكر ، فلا يحرم‌

____________________

(١) شرح معاني الآثار ٢ : ٢٤٤ و ٢٤٦.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢١٢ / ٣٣ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٤٤ - ٢٤٦.

(٣) أضفناها لأجل السياق من كتاب الخلاف للشيخ الطوسيرحمه‌الله .

(٤) أوردها الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣٧ ذيل المسألة ٣٣٣.

(٥) كما في كتاب الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٣٣.

(٦) المغني ١١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩١ ، المجموع ٨ : ٣٩٢.

(٧) المجموع ٨ : ٣٩٢ ، المغني ١١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩١.

(٨) صحيح مسلم ٣ : ١٥٦٥ / ١٩٧٧ ، سنن النسائي ٧ : ٢١٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٦.

(٩) المغني ١١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، المجموع ٨ : ٣٩٢.

٣١٠

عليه شي‌ء أحلّه الله له حتى ينحر الهدي(١) .

وقد روى علماؤنا أنّ مَنْ أنفذ هدياً من اُفق من الآفاق يواعد أصحابه يوماً يقلّدونه فيه أو يشعرونه ويجتنب هو ما يجتنبه المـُحْرم ، فإذا كان يوم الميعاد ، حلّ ما يحرم منه(٢) . وهو مروي عن ابن عباس(٣) . وخالفت العامّة ذلك(٤) .

وقد رواه ابن بابويه - في الصحيح - عن معاوية بن عمّار ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يبعث بالهدي تطوّعاً وليس بواجب ، فقال : « يواعد أصحابه يوماً يقلّدونه ، فإذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المـُحْرم إلى يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين صدّه المشركون يوم الحديبية نحر وأحلّ ورجع إلى المدينة »(٥) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ما يمنع أحدكم من أن يحجّ كلّ سنة » فقيل : لا يبلغ ذلك أموالنا ، فقال : « أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه ، فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وأتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس »(٦) .

مسألة ٦٤٠ : لا تختصّ الاُضحية بمكان ، بل يجوز أن يضحّي حيث‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٧ - ٢٠٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٥٩ / ٣٦٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٤ و ٩ : ٢٦٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٦٤ - ٢٦٥ بتفاوت.

(٢) النهاية - للطوسي - : ٢٨٣ ، الخلاف ٢ : ٤٤١ ، المسألةَ ٣٤٠.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٥٩ / ٣٦٩ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٦٤ ، المجموع ٨ : ٣٦٠ ، وكما في الخلاف ٢ : ٤٤١ ، المسألة ٣٤٠.

(٤) كما في الخلاف ٢ : ٤٤١ ، المسألة ٣٤٠ ، وانظر : المجموع ٨ : ٣٦٠.

(٥) الفقيه ٢ : ٣٠٦ / ١٥١٧.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٠٦ / ١٥١٨.

٣١١

شاء من الأمصار ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ضحّى بالمدينة بكبشين أملحين(١) .

والفرق بينه وبين الهدي : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث بُدْنه إلى الحرم وضحّى بالمدينة(٢) ، ولأنّ الهدي له تعلّق بالإحرام ، بخلاف الاُضحية.

مسألة ٦٤١ : وتختصّ الاُضحية بالنَّعَم : الإبل والبقر والغنم ، بإجماع علماء الإسلام.

قال الله تعالى :( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ) (٣) قال المفسّرون : هي الإبل والبقر والغنم(٤) .

ولا يجزئ إلّا الثنيّ من الإبل والبقر والمعز ، ويجزئ من الضأن الجذع ، وهو قول أكثر العلماء(٥) .

وقال الزهري : لا يجزئ الجذع من الضأن أيضاً(٦) .

ويبطل بما رواه العامّة عن عقبة بن عامر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قسّم ضحايا بين أصحابنا ، فأعطاني جذعاً فرجعت إليه ، فقلت : يا رسول الله إنّه جذع ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ضحّ به )(٧) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٢١٠.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٩٥٧ / ١٣٢١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٧ / ١٧٥٧.

(٣) الحج : ٣٤.

(٤) اُنظر تفسير القرطبي ١٢ : ٤٤ ، والتبيان ٧ : ٣١٤ ، ومجمع البيان ٤ : ٨١.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٨ : ٣٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٧٦ ، المغني ١١ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢.

(٦) الحاوي الكبير ٥ : ٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، المجموع ٨ : ٣٩٤ ، المغني ١١ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢.

(٧) صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٦ / ١٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٨٨ / ١٥٠٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢١٨ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٩ بتفاوت يسير.

٣١٢

وقال الأوزاعي : يجزئ الجذع من جميع الأجناس(١) .

ويبطل بما رواه العامّة عن البراء بن عازب أنّ رجلاً يقال له : أبو بردة ابن نيار ، ذبح قبل الصلاة ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( شاتك شاة لحم ) فقال : يا رسول الله عندي جذعة من المعز ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ضحّ بها ولا تصلح لغيرك )(٢) .

وفي رواية : ( تجزئك ولا تجزئ أحداً بعدك )(٣) .

وهو نصٌّ في عدم إجزاء المعز لغير أبي بردة ، فلا يجزئ من غير المعز ؛ لعدم القائل بالفرق.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن عليعليه‌السلام ، أنّه كان يقول : « الثنيّة من الإبل والثنيّة من البقر ومن المعز ، والجذعة من الضأن »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فالثنيّ من البقر والمعز ما لَه سنة ، ودَخَل في الثانية ، ومن الإبل ما لَه خمس سنين ، ودخل في السادسة ، وجذع الضأن هو الذي له ستّة أشهر.

مسألة ٦٤٢ : الأفضل الثنيّ من الإبل ثم الثنيّ من البقر ثم الجذع من الضأن‌ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٥) - لما رواه العامّة عن‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢ - ٥٤٣.

(٢) صحيح البخاري ٧ : ١٣١ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٦ - ٩٧ / ٢٨٠١ بتفاوت يسير.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢١ - ٢٢ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٨٣ - ٢٨٤ بتفاوت يسير.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٦ / ٦٨٨.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٨ : ٣٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، المغني ١١ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٠.

٣١٣

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في الجمعة : ( مَنْ راح في الساعة الاُولى فكأنّما قرَّب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما فكأنّما قرَّب بقرة ، ومَنْ راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرَّب كبشاً »(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام في الهدي : « أفضله بدنة ، وأوسطه بقرة ، وأخسّه شاة»(٢) .

وقال مالك : الأفضل الجذع من الضأن ثم الثنيّ من البقر ثم الثنيّ من الإبل(٣) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أفضل الذبح الجذع من الضأن ، ولو علم الله خيراً منه لفدى به إسحاقعليه‌السلام )(٤) .

وهو محمول على أنّه أفضل من باقي أسنان الغنم.

والجذعة من الغنم أفضل من إخراج سُبع بدنة ؛ لأنّ إراقة الدم مقصودة في الاُضحية ، وإذا ضحّى بالشاة ، حصلت إراقة الدم جميعه.

مسألة ٦٤٣ : يستحب أن يكون أملح سميناً.

قال ابن عباس في قوله تعالى :( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (٥) قال : تعظيمها استسمان الهدي واستحسانه(٦) .

وينبغي أن يكون تامّاً ، فلا تجزئ في الضحايا العوراء البيّن عورها ،

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٧٢ / ٤٩٩ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٢٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٧ وفيه : « وأخفضه شاة ».

(٣) التفريع ١ : ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٣ ، المغني ١١ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٠.

(٤) لم نجده في المصادر الحديثية ، وانظر : المغني ١١ : ٩٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٤٠.

(٥) الحج : ٣٢.

(٦) تفسير الطبري ١٧ : ١١٣ ، المغني ١١ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢.

٣١٤

ولا العرجاء البيّن عرجها ، ولا المريضة البيّن مرضها ، ولا العجفاء التي لا تنقى.

ونهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يضحّى بالمصفرة والبخقاء والمستأصلة والمشيّعة والكسراء(١) .

فالمصفرة : مقطوعة الاُذنين من أصلهما حتى بدا صماخهما ، والأذن عضو مستطاب ، والبخقاء : العمياء ، والمستأصلة : التي استؤصل قرناها ، والمشيّعة : التي تتأخّر عن الغنم لهزالها ، والكسراء كالعرجاء.

وتكره الجلحاء ، وهي المخلوقة بغير قرن ، وهي الجمّاء ، والعضباء لا تجزئ.

وقال عليعليه‌السلام : « أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باستشراف العين والاُذن ، ولا نضحّي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء »(٢) .

فالمقابلة : أن تُقطع من مقدّم الاُذن أو يبقى معلّقاً فيها ، كالزنمة ، والمدابرة : أن تُقطع من مؤخّر الاُذن ، والخرقاء : أن تكون مثقوبةً من السمة ، فإنّ الغنم توسم في آذانها ، فتنثقب بذلك ، والشرقاء : أن تشقّ اُذنها ، فتصير كالشاختين(٣) .

____________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٩٧ / ٢٨٠٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٥ ، مسند أحمد ٤ : ١٨٥ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٦٩.

(٢) سنن أبي داود ٣ : ٩٧ - ٩٨ / ٢٨٠٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٧٧ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٧٥.

(٣) كذا في الطبعة الحجرية ، وفي « ق ، ك » بالسين المهملة ، وليس لكلا اللفظين أصل لغوي ، والصواب بالسين والدال ، أو الشين والدال بلا فرق ، من سدخ الغرّة أو شدخها ، كما في لسان العرب ٣ : ٢٨. والمراد : تدلّي الاُذن عند شدخها على الوجه.

٣١٥

مسألة ٦٤٤ : يستحب التضحية بذوات الأرحام من الإبل والبقر والفحولة من الغنم‌ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « أفضل البُدْن ذوات الأرحام من الإبل والبقر ، وقد يجزئ الذكورة من البُدْن والضحايا من الغنم الفحولة »(١) .

ولا يجوز التضحية بالثور ولا بالجمل بمنى ، ويجوز ذلك في الأمصار.

قال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « يجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجد(٢) الإناث ، والإناث أفضل »(٣) .

ولا يجوز التضحية بالخصي ؛ لنقصانه ؛ لرواية محمد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته أيضحّى بالخصي؟ قال : « لا »(٤) .

مسألة ٦٤٥ : يجب ذبح البقر والغنم ، فلا يجوز نحرهما‌ ، ويجب نحر الإبل ، فلا يجوز ذبحها ، فإن خالف ، حرم الحيوان ، عند علمائنا ، وبه قال مالك(٥) .

وجوّز الشافعي الذبحَ والنحرَ في جميع الحيوان(٦) .

وتجب التذكية بإزهاق الروح ، وإنّما يكون بقطع الأعضاء الأربعة : الحلقوم - وهو مجرى النفس - والمري - وهو مجرى الطعام والشراب - والودجان - وهُما عِرْقان يحيطان بالحلقوم - عند علمائنا أجمع ، وبه قال‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٠٤ / ٦٨٠.

(٢) في المصدر : « لم يجدوا ».

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٥ / ٦٨٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٥ / ٦٨٦.

(٥) بداية المجتهد ١ : ٤٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤.

(٦) روضة الطالبين ٢ : ٤٧٥ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ٤٤٤ ، المغني ١١ : ٤٨ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٤.

٣١٦

مالك وأبو يوسف(١) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما أنهر الدم وفرى الأوداج فكُلْ )(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجب قطع ثلاثة من الأربع أيّها قطع(٣) .

وقال محمد بن الحسن : يجب قطع أكثر كلّ واحد من الأربعة(٤) .

وقال الشافعي : الواجب قطع الحلقوم والمري ، واستحبّ قطع الودجين(٥) .

مسألة ٦٤٦ : يستحب أن يتولّى ذبح اُضحيته بنفسه ؛ اقتداءً بالنبي(٦) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن لم يُحسن الذباحة ، جعل يده مع يد الذابح.

ويجوز استنابة المسلم ، ولو استناب كافراً ، لم يجزئ ، عند علمائنا ، وبه قال الشافعي إلّا أن يكون ذمّيّاً عنده(٧) .

ومالك وإن جوّزه إلّا أنّه قال : يكون لحم شاة لا اُضحية(٨) .

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٤٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٣ ، المغني ١١ : ٤٦ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٨.

(٢) أورده السرخسي في المبسوط ١٢ : ٢ ، والكاساني في بدائع الصنائع ٥ : ٤١.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٢ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٦٨ ، بدائع الصنائع ٥ : ٤١ ، النتف ١ : ٢٢٦ - ٢٢٧ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٨.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٥ : ١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٤١ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٢ - ٣.

(٥) الاُم ٢ : ٢٣٦ - ٢٣٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٧٠ و ٤٧١ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٧ - ٨٨ ، الوجيز ٢ : ٢١٢ ، المغني ١١ : ٤٦ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٣ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٦٩.

(٦) اُنظر : صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٦ / ١٩٦٦ ، وسنن البيهقي ٩ : ٢٥٩ و ٢٨٥ ، وسنن الدارمي ٢ : ٧٥.

(٧) الحاوي الكبير ١٥ : ٩١ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٦٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٦ ، المغني ١١ : ١١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٣.

(٨) المنتقى - للباجي - ٣ : ٨٩ ، المجموع ٨ : ٤٠٤ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٩١.

٣١٧

والحقّ ما قلناه ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا يذبح ضحاياكم إلّا طاهر )(١) .

ولأنّ عليّاًعليه‌السلام وعمر منعا من أكل ذبائح نصارى العرب(٢) .

ويجوز ذبيحة الصبيان مع معرفتهم بشرائط الذبح ، ويجوز ذباحة الأخرس وإن لم ينطق ، نعم يجب تحريك لسانه بالتسمية.

ويجوز ذباحة النساء إجماعاً ؛ لما رواه ابن عمر أنّ جاريةً لآل كعب كانت ترعى غنماً فرأت بشاة منها رَبْواً(٣) ، فأخذت حجراً فكسرته وذبحتها به ، فذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : (تؤكل )(٤) .

وهو يدلّ على جواز ذبح المرأة وإن كانت حائضاً ؛ لأنّ ترك الاستفصال يُشعر به ، وصحّة(٥) ذكاة شاة الغير بغير إذنه ، وجواز الذبح بالحجر ، وذبح الحيوان إذا خيف موته.

ويجوز ذبح السكران والمجنون ؛ للحكم بإسلامهما ، لكن يكره ؛ لعدم معرفتهما بمحلّ الذكاة ، فربما قطعا غير المشترط.

ويستحب أن يتولّى الذبيحة المسلمُ البالغ العاقل الفقيه ؛ لأنّه أعرف بشرائط الذبح ووقته ، فإن فُقد الرجل ، فالمرأة ، فإن فُقدت ، فالصبي ، فإن فُقد ، فالسكران والمجنون.

مسألة ٦٤٧ : يجب استقبال القبلة عند الذبح وتوجيه الذبيحة إليها ؛

____________________

(١) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ١٥ : ٩١ ، وابن قدامة في المغني ١١ : ١١٧ ، وفي الفردوس ٥ : ١٤٨ / ٧٧٧٩ بتفاوت يسير.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٥٨ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨٤.

(٣) الرَّبْوُ : النَّفَس العالي. لسان العرب ١٤ : ٣٠٥ « ربا » والمراد : ما أشفى على الموت.

(٤) صحيح البخاري ٧ : ١١٩ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨١ نحوه.

(٥) « وصحّة » عطف على مدخول حرف الجرّ. وكذا ما بعدها.

٣١٨

لأنّهعليه‌السلام ضحّى بكبشين ، فلمـّا وجّههما قرأ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ) (١) (٢) .

وتجب فيها التسمية ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ) (٣) .

ولا تكره الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الذبيحة مع التسمية ، بل هي مستحبّة - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه شُرّع فيه ذكر الله تعالى فشُرّع فيه ذكر رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كالأذان.

وقال أحمد : ليس بمشروع(٥) .

وقال أبو حنيفة ومالك : إنّه مكروه(٦) ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( موطنان لا اُذكر فيهما : عند الذبيحة وعند العطاس )(٧) .

ومراده لا اُذكر فيهما مع الله تعالى على الوجه الذي يذكر معه في غيرهما ، فإنّ في الأذان يشهد لله بالتوحيد ، ويشهد للنبي بالرسالة ، وكذا في شهادة الإسلام والصلاة ، وهنا يسمّي الله تعالى ، ويصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والصلاة ليست من جنس التسمية وكذا العطاس ؛ فإنّ المروي فيه أنّه يسمّي‌

____________________

(١) الأنعام : ٧٩.

(٢) سنن أبي داود ٣ : ٩٥ / ٢٧٩٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٤٣ / ٣١٢١ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨٥.

(٣) الأنعام : ١٢١.

(٤) الاُم ٢ : ٢٣٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٩٥ - ٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥ ، المجموع ٨ : ٤١٠ ، المغني ١١ : ٦.

(٥) المغني ١١ : ٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥.

(٦) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٦ ، المجموع ٨ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥ ، المدوّنة الكبرى ٢ : ٦٦.

(٧) أورده ابن قدامة في المغني ١١ : ٦ ، والماوردي في الحاوي الكبير ١٥ : ٩٦.

٣١٩

الله تعالى ويصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

ويستحب الدعاء بالمنقول.

ولو نسي التسمية ، لم تحرم ، ويستحب أن يسمّي عند أكله.

قال ابن سنان - في الصحيح - : سمعت الصادقعليه‌السلام يقول : « إذا ذبح المسلم ولم يسمّ ونسي فكُلْ من ذبيحته ، وسمِّ الله على ما تأكل »(٢) .

مسألة ٦٤٨ : إذا ذبحها ، قطع الأعضاء الأربعة السابقة ، ولا يقطع رأسها‌ إلى أن تموت ، فإن قطعه ، فقولان :

أحدهما : التحريم - وبه قال سعيد بن المسيّب(٣) - لأنّها ماتت من جرحين : أحدهما مبيح ، والآخر مُحرِّم ، فلا تحلّ.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « ولا تنخعها حتى تموت »(٤) .

والآخر : الحِلّ ؛ لأنّها بقطع الأعضاء الأربعة تكون مذكّاةً ، فلا أثر للزائدة ؛ لحصوله والحياة غير مستقرّة.

ولو ذبحها من قفاها ، سُمّيت القفية ، فإن بقيت حياتها مستقرّةً بعد قطع قفاها ثم قُطعت الأعضاء ، حلّت ، وإلّا فلا ، وبه قال الشافعي(٥) .

وقال مالك وأحمد : لا تحلّ(٦) .

____________________

(١) الكافي ٢ : ٤٧٩ / ٩ ، و ٤٨٠ / ١٧ و ٢٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٢ / ٧٤٧.

(٣) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٨ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٦ : ٥٣ ، المسألة ١٣.

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٨ / ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٩٩ - ٣٠٠ / ١٤٨٩ ، التهذيب ٥ : ٢٢١ / ٧٤٦.

(٥) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٧١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٥٩ ، المجموع ٩ : ٨٧ و ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ ، المغني ١١ : ٥١ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٦.

(٦) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٩ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ ، المغني ١١ : ٥١ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٦.

٣٢٠

وروى العامّة عن عليعليه‌السلام أنّه إن كان سهواً حلّت ، وإلّا فلا(١) .

ويعرف استقرار الحياة بوجود الحركة القويّة بعد قطع العنق قبل قطع المري والودجين والحلقوم ، ولو كانت ضعيفةً أو لم تتحرّك ، لم تحلّ ؛ لاجتماع فعل يدلّ على الإباحة وآخر يدلّ على التحريم ، ولأنّ الظاهر من حال الحيوان إذا قُطع رأسه من قفاه لا تبقى فيه حياة مستقرّة قبل قطع الأعضاء الأربعة.

وتكره الذباحة ليلاً في الاُضحية وغيرها ؛ لنهيهعليه‌السلام عنها(٢) ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فلو ذبحها ليلاً ، أجزأه ؛ لأنّ الليل محلّ الرمي ، فكان محلّ الذبح ، كالنهار.

وقال مالك : لا تجزئه ويكون لحم شاة(٣) ؛ لقوله تعالى :( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ) (٤) والأيّام تُطلق على بياض النهار دون الليل.

وهو ممنوع ، فإنّ الأيّام إذا اجتمعت ، دخلت الليالي فيها ، ولهذا تدخل في الاعتكاف لو نذر ثلاثة أيّام.

مسألة ٦٤٩ : يستحب الأكل من الاُضحية‌ إجماعاً.

وقال بعضهم بوجوبه(٥) ؛ للآية(٦) ، فإنّه قرن الأكل بالإطعام.

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٩.

(٢) كما في المغني ١١ : ١١٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٥٧.

(٣) المدوّنة الكبرى ٢ : ٧٣ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٤ ، المجموع ٨ : ٣٩١ ، المغني ١١ : ١١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٧.

(٤) وردت في نسختي « ق ، ك » والطبعة الحجرية الآية ٣٤ من سورة الحج ، وهي( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ) وأثبتنا في المتن الآية ٢٨ من نفس السورة ؛ لأجل السياق.

(٥) المغني ١١ : ١١٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٢ ، المجموع ٨ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥.

(٦) الحج : ٢٨.

٣٢١

وهو غير دالّ على الوجوب كما في قوله تعالى :( كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) (١) فالإيتاء واجب دون الأكل.

ويجوز أن يأكل الأكثر ، ويتصدّق بالأقلّ.

قال الشيخ : فإن أكل الجميع ، ضمن الفقراء قدر المجزئ(٢) . وبه قال الشافعي(٣) ؛ للآية(٤) .

وقال بعض الشافعية : لا يضمن ، وتكون القربة في الذبح خاصّة(٥) .

ويستحب أن يأكل الثلث ، ويتصدّق بالثلث ، ويهدي الثلث - وهو الجديد للشافعي(٦) - لقوله تعالى :( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٧) القانع : السائل ، والمعترّ : غير السائل.

وفي القديم : يأكل النصف ، ويتصدّق بالنصف(٨) ، لقوله تعالى :( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ) (٩) .

____________________

(١) الأنعام : ١٤١.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٩٣.

(٣) الحاوي الكبير ١٥ : ١١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩١ ، المجموع ٨ : ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٦.

(٤) الحج : ٢٨.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٧ ، المجموع ٨ : ٤١٦ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩١ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٦.

(٦) الاُم ٢ : ٢١٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٦ ، المجموع ٨ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٢ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٧.

(٧) الحج : ٣٦.

(٨) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٦ ، المجموع ٨ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٢ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٧.

(٩) الحج : ٢٨.

٣٢٢

ولا ينافي الإهداء الثابت بالآية الاُخرى.

مسألة ٦٥٠ : لا يجوز بيع لحم الأضاحي‌ - وبه قال الشافعي وأكثر العامّة(١) - لأنّه بذبحه خرجت عن ملكه ، واستحقّها المساكين.

وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه وشراؤه(٢) .

ويكره بيع جلودها وإعطاؤها الجزّارين ، فإن باعها ، تصدّق بثمنه.

ومنع الشافعي من بيعه(٣) ، وبه قال أبو هريرة(٤) .

وقال عطاء : لا بأس ببيع اُهب الأضاحي(٥) .

وقال الأوزاعي : يجوز بيعها بآلة البيت التي تصلح للعارية ، كالقِدْر والقدوم(٦) والمنخل والميزان(٧) .

لنا : ما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، قال : « أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أقوم على بُدْنه واُقسّم جلودها وجلالها ولا اعطي الجزّارين منها شيئاً »(٨) .

ومن طريق الخاصّة : قول معاوية بن عمّار - في الصحيح - أنّه سأل‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٧ ، المجموع ٨ : ٤١٩ - ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٨ ، المغني ١١ : ١١٢.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٩ ، المجموع ٨ : ٤٢٠ ، المغني ١١ : ١١٢.

(٣) المجموع ٨ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٣ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٨ ، المغني ١١ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٧.

(٤) المغني ١١ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٧.

(٥) الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٩.

(٦) القدوم : التي ينحت بها. لسان العرب ١٢ : ٤٧١ « قدم ».

(٧) المجموع ٨ : ٤٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٠ ، المغني ١١ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٧.

(٨) صحيح البخاري ٢ : ٢١٠ - ٢١١ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٥٤ / ١٣١٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٤١ بتفاوت يسير.

٣٢٣

الصادقَعليه‌السلام : عن الإهاب ، فقال : « تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت ولا يعطى الجزّارين »(١) .

وروى علي بن جعفر - في الصحيح - عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحّى بها أن يجعلها جراباً؟ قال : « لا يصلح أن يجعلها جراباً إلّا أن يتصدّق بثمنها »(٢) .

ولا يجوز أن يعطى الجزّار لجزارته ، لأنّ التضحية واجبة عليه مع وجوبها ، فكانت الأجرة عليه ، ويوصل ذلك إلى الفقراء ، ولو كان الجزّار فقيراً ، جاز أن يأخذ منها شيئاً لفقره ؛ لأنّه من المستحقّين.

مسألة ٦٥١ : يجوز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيّام وادّخارها‌ ، وقد نسخ بذلك النهي عنها.

روى العامّة عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا نأكل لحم الأضاحي بعد ثلاث ، ثم أذن لنا أن نأكل ونقدّد ونهدي إلى أهالينا(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيّام ثم أذن فيها ، قال : كُلوا من لحوم الأضاحي بعد ذلك وادّخروا »(٤) .

ويكره أن يُخرج شيئاً ممّا يضحّيه عن منى ، بل يفرّق بها ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام - في الصحيح - : « لا يخرج منه شي‌ء إلّا السنام بعد ثلاثة أيّام »(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٢٨ / ٧٧١ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٦ / ٩٨٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٨ / ٧٧٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٦ / ٩٨٢.

(٣) الموطّأ ٢ : ٤٨٤ / ٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٦٢ / ٢٩ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٩١ نحوه.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٢٦ / ٧٦٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٤ / ٩٧٢ بتفاوت يسير.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٢٦ / ٧٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٤ / ٩٧٤.

٣٢٤

وقال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « لا تخرجنّ شيئاً من لحم الهدي »(١) .

ولا بأس بإخراج لحم ما ضحّاه غيره إذا اشتراه منه أو أهداه إليه.

ويكره أن يضحّي بما يربّيه.

مسألة ٦٥٢ : إذا تعذّرت الاُضحية ، تصدّق بثمنها‌ ، فإن اختلفت أثمانها جمع الأعلى والأوسط والأدون ، وتصدّق بثلث الجميع ؛ لأنّ أبا الحسنعليه‌السلام وقّع إلى هشام المكاري : « انظروا إلى الثمن الأوّل والثاني والثالث فأجمعوا ثم تصدّقوا بمثل ثلثه »(٢) .

وإذا اشترى شاةً تجزئ في الاُضحية بنيّة أنّها اُضحية ، قال الشيخ : تصير أضحية بذلك ، ولا يحتاج إلى قوله : إنّها أضحية ، ولا إلى نيّة مجدّدة ، ولا إلى إشعار ولا تقليد(٣) - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّه مأمور بشراء الاُضحية ، فإذا اشتراها بالنيّة ، وقعت عنها ، كالوكيل إذا اشترى لموكّله بأمره.

وقال الشافعي في الجديد : لا تصير اُضحية إلّا بقوله : قد جعلتها اُضحية ، أو : هي اُضحية ، وما أشبهه - وفي القديم : تصير اُضحية بالنيّة مع الإشعار أو التقليد - لأنّها إزالة ملك على وجه القربة ، فلا تؤثّر فيها النيّة المقارنة للشراء ، كما لو اشترى عبداً بنيّة العتق(٥) .

إذا ثبت هذا ، فإذا عيّن الاُضحية بما يصحّ به التعيين ، زال ملكه عنها.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٢٦ / ٧٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٣٨ - ٢٣٩ / ٨٠٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٩٠.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٧٤ ، المجموع ٨ : ٤٢٦ ، المغني ١١ : ١٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٠.

(٥) روضة الطالبين ٢ : ٤٧٧ ، المجموع ٨ : ٤٢٣ و ٤٢٥ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٠ - ١٠١ ، المغني ١١ : ١٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٠.

٣٢٥

وهل له إبدالها؟ قال أبو حنيفة ومحمد : نعم له ذلك ، ولا يزول ملكه عنها(١) .

وقال الشافعي : لا يجوز له إبدالها ، وقد زال ملكه عنها(٢) . وبه قال أبو يوسف وأبو ثور(٣) ، وهو ظاهر كلام الشيخ(٤) ؛ لما روي عن عليعليه‌السلام أنّه قال : « مَنْ عيّن اُضحيةً فلا يستبدل بها»(٥) .

واحتجّ أبو حنيفة : بأنّ النبيعليه‌السلام أهدى هدايا فأشرك عليّاًعليه‌السلام فيها(٦) ، وهو إنّما يكون بنقلها إليه.

ويجوز أن يكونعليه‌السلام وقت السياق نوى أنّها عنه وعن عليعليه‌السلام .

فعلى قول التعيين يزول ملكها عن المالك ، ويفسد بيعها ، ويجب ردّها مع بقائها ، وإن تلفت ، فعلى المشتري قيمتها أكثر ما كانت من حين قبضها إلى حين التلف ، وعلى البائع أكثر الأمرين من قيمتها إلى حين التلف أو مثلها يوم التضحية. وكذا لو أتلفها أو فرّط في حفظها فتلفت ، أو ذبحها قبل وقت الاُضحية. هذا اختيار الشافعي(٧) .

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ١٣ ، المغني ١١ : ١١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦١ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٠١.

(٢) روضة الطالبين ٢ : ٤٧٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٠١ ، المغني ١١ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٢.

(٣) الحاوي الكبير ١٥ : ١٠١ ، المغني ١١ : ١١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٢.

(٤) الخلاف ٦ : ٥٥ ، المسألة ١٦ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٩١.

(٥) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ، كتاب الضحايا ، ذيل المسألة ١٦ ، والماوردي في الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٢.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٧ / ٣٠٧٤.

(٧) الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٥ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٨١ ، المجموع ٨ : ٣٧١ ، المغني ١١ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧٠.

٣٢٦

وقال الشيخرحمه‌الله : قيمتها يوم التلف(١) . وبه قال أبو حنيفة(٢) ، لأنّه أتلف الأضحية ، فلزمه قيمتها ، كالأجنبي.

واحتجّ الشافعي : بأنّها اُضحية مضمونة عليه لحقّ الله تعالى وحقّ المساكين ، لوجوب نحرها وتفرقة لحمها ، ولا يجزئه دفعها إليهم قبل ذلك ، فلو كانت قيمتها يوم التلف عشرة ثم زادت قيمة الأضاحي فصارت عشرين ، وجب شراء أضحية لعشرين ليوفي حقّ الله تعالى وهو نحرها ، بخلاف الأجنبي ، فإنّه لا يلزمه حقّ الله تعالى فيها. وفيه قوّة.

فإن أمكنه أن يشتري بها أضحيتين ، كان عليه إخراجهما معا.

ولو فضل جزء حيوان يجزئ في الأضحية - كالسّبع - فعليه شراؤه ، لإمكان صرفه في الأضحية ، فلزمه ، كما لو أمكنه أن يشتري به جميعا. ولو تصدّق بالفاضل ، جاز ، لكنّ الأوّل أفضل. ولو قصر الفاضل عن السّبع ، تصدّق به.

ولو كان المتلف أجنبيّا ، فعليه القيمة يوم الإتلاف ، فإن أمكن أن يشتري بها أضحية أو أكثر ، فعلى ما تقدّم ، وإلاّ جاز شراء جزء حيوان الأضحية ، فإن قصر ، تصدّق به ، ولا شي‌ء على المضحّي ، لأنه غير مفرّط.

ولو تلفت الاُضحية في يده أو سُرقت من غير تفريط ، لم يضمن ، وقد سأل معاويةُ بن عمّار الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل اشترى اُضحية فماتت أو سُرقت قبل أن يذبحها ، قال : « لا بأس وإن أبدلها فهو أفضل ، وإن لم يشتر فليس عليه شي‌ء »(٣) .

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٩١.

(٢) المغني ١١ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٥ ، المجموع ٨ : ٣٧١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٩٣ - ٤٩٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ - ٢١٨ / ٧٣٣.

٣٢٧

والفرق بينه وبين منذور العتق لو أتلفه أو تلف بتفريطه ، فإنّه ظاهر لا يضمنه ؛ لأنّ الحقّ في الاُضحية للفقراء وهم باقون بعد تلفها ، والحقّ في عتق العبد له ، فإذا تلف ، لم يبق مستحقّ لذلك ، فسقط الضمان ، فافترقا.

ولو اشترى شاةً وعيّنها للاُضحية ثم وجد بها عيباً ، لم يكن له ردّها ؛ لزوال ملكه عنها ، ويرجع بالأرش ، فيصرفه في المساكين ، ولو أمكنه أن يشتري به حيواناً أو جزءاً منه مجزئاً في الاُضحية ، كان أولى.

مسألة ٦٥٣ : إذا عيّن اُضحيّةً ، ذبح معها ولدها‌ ، سواء كان حملاً حال التعيين أو حدث بعد ذلك ؛ لأنّ التعيين معنى يزيل الملك عنها ، فاستتبع الولد ، كالعتق.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لا يضرّ بولدها ثم انحرهما جميعاً »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز له شرب لبنها ما لم يضرّ بولدها ، عند علمائنا ، وبه قال الشافعي(٢) ، لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام لـمّا رأى رجلاً يسوق بدنةً معها ولدها ، فقال : « لا تشرب من لبنها إلّا ما فضل عن ولدها »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فاحلبها ما لا يضرّ بولدها »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٣ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٢٠ / ٧٤١.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٣٦٤ - ٣٦٥ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٨ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٤ ، المجموع ٨ : ٣٦٧ ، المغني ١١ : ١٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٥.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٣ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٨ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨٨.

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٣ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٢٠ / ٧٤١.

٣٢٨

وقال أبو حنيفة : لا يحلبها ، ويرشّ على الضرع الماء حتى ينقطع اللبن ؛ لأنّ اللبن متولّد من الاُضحية ، فلم يجز للمضحّي الانتفاع به ، كالولد(١) .

والفرق : إمكان حمل الولد إلى محلّه ، بخلاف اللبن.

والأفضل أن يتصدّق به.

ويجوز له ركوب الأضحية ؛ لقوله تعالى :( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (٢) .

مسألة ٦٥٤ : إذا أوجب اُضحيةً بعينها وهي سليمة فعابت عيباً يمنع الإجزاء من غير تفريط ، لم يجب إبدالها‌ ، وأجزأه ذبحها ، وكذا حكم الهدايا ؛ لأصالة براءة الذمّة. ولأنّها لو تلفت لم يضمنها فكذا أبعاضها.

وقال أبو حنيفة : لا تجزئه(٣) .

ولو كانت واجبة عليه على التعيين ثم حدث بها عيب لمعالجة الذبح ، أجزأه أيضاً ، وبه قال أبو حنيفة استحسانا(٤) .

وقال الشافعي : لا يجزئه(٥) .

أمّا لو نذر اُضحيةً مطلقة فإنّه تلزمه سليمة من العيوب ، فإن عيّنها في شاة بعينها ، تعيّنت ، فإن عابت قبل أن ينحرها عيباً يمنع الإجزاء - كالعور - لم تجزئه عن التي في ذمّته ، وعليه إخراج ما في ذمّته سليماً من العيوب.

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ١٠٨ ، المغني ١١ : ١٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٦٥.

(٢) الحجّ : ٣٣.

(٣) المغني ١١ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨٠.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ١٧ ، المجموع ٨ : ٤٠٤ ، المغني ١١ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧٤.

(٥) المجموع ٨ : ٤٠٤ ، المغني ١١ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧٤.

٣٢٩

ولو عيّن اُضحيةً ابتداءً وبها ما يمنع من الاُضحية الشرعية - كالعور - أخرجها على عيبها ، لزوال ملكه عنها بالنذر ولم تكن اُضحيةً ، بل صدقة واجبة ، فيجب ذبحها ، ويتصدّق بلحمها ، ويثاب على الصدقة لا على الاُضحية.

ولو عيّنها معيبةً ثم زال عيبها بأن سمنت بعد العجاف ، فإنّها لا تقع موقع الاُضحية ؛ لأنّه أوجب ما لا يجزئ عن الاُضحية ، فزال ملكه عنها ، وانقطع تصرّفه حال كونها غير اُضحية ، فلا تجزئ ؛ لأنّ الاعتبار حالة الإيجاب ، لزوال الملك به ، ولهذا لو عابت بعد التعيين ، لم يضرّه ذلك ، وأجزأ عنه. وكذا لو كانت معيبةً فزال عيبها ، لم تجزئه.

مسألة ٦٥٥ : لو ضلّت الاُضحية المعيّنة من غير تفريط ، لم يضمن ؛ لأنّها أمانة ، فإن عادت قبل فوات أيّام التشريق ، ذبحها ، وكانت أداءً ، وبعد فواتها يذبحها قضاءً ، قاله الشيخ(١) ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يذبحها بل يسلّمها إلى الفقراء ، فإن ذبحها ، فرّق لحمها ، وعليه أرش النقصان بالذبح(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الذبح أحد مقصودي الهدي ، ولهذا لا يكفي شراء اللحم ، فلا يسقط بفوات وقته ، كتفرقة اللحم ، وذلك بأن يذبحها في أيّام التشريق ثم يخرج قبل تفريقها ، فإنّه يفرّقها بعد ذلك.

احتجّ : بأنّ الذبح موقّت ، فسقط بفوات وقته ، كالرمي والوقوف(٤) .

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٩٢ ، وانظر : الخلاف ٦ : ٥٩ ، المسألة ٢٠.

(٢) الحاوي الكبير ١٥ : ١١٠ - ١١١ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٨٧ ، المجموع ٨ : ٣٩٧.

(٣) المغني ١١ : ١١٦ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١١.

(٤) اُنظر : المغني ١١ : ١١٦.

٣٣٠

والفرق : أنّ الاُضحية لا تسقط بفوات الوقت ، بخلاف الرمي والوقوف.

ولو أوجب اُضحيةً في عام فأخّرها إلى قابل ، كان عاصياً ، وأخرجها قضاءً.

ولو ذبح اُضحية غيره ، المعيّنة ، أجزأت عن صاحبها ، وضمن الأرش - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ الذبح أحد مقصودي الهدي ، فإذا فَعَله شخصٌ بغير إذن المضحّي ، ضمن ، كتفرقة اللحم.

وقال أبو حنيفة : لا يجب عليه شي‌ء ؛ لأنّ الاُضحية أجزأت عنه ووقعت موقعها ، فلم يجب على الذابح ضمان الذبح ، كما لو أذن له(٢) .

والفرق : أنّ مع عدم الإذن يعصي فيضمن.

وقال مالك : لا تقع موقعها ، وتكون شاة لحم يلزم صاحبها بدلها ، ويكون له أرشها ؛ لأنّ الذبح عبادة ، فإذا فَعَلها غيرُه بغير إذنه ، لم تصح ، كالزكاة(٣) .

ونمنع احتياجها إلى نيّة كإزالة النجاسة ، بخلاف الزكاة ، ولأنّ القدر المخرج في الزكاة لم يتعيّن إلّا بإخراج المالك ، بخلاف المعيّنة.

وإذا أخذ الأرش ، صَرَفَه إلى الفقراء ؛ لأنّه وجب لنقص في الاُضحية المتعيّنة لهم ، ويتخيّر بين الصدقة به وشراء حيوان أو جزء للاُضحية.

مسألة ٦٥٦ : تجزئ الاُضحية عن سبعة ، وكذا الهدي المتطوّع به ، سواء كان الجميع متقرّبين أو بعضهم يريد اللحم ، وسواء كانوا أهل بيت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ١١٢ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٨٢ - ٤٨٣ ، المغني ١١ : ١١٨.

(٢) المغني ١١ : ١١٨ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٢.

(٣) المغني ١١ : ١١٨ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٢ - ١١٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦٧.

٣٣١

واحد أو لم يكونوا ، وبه قال الشافعي ومالك ، إلّا أنّ مالكاً اشترط كونهم أهل بيت واحد(١) .

وقال أبو حنيفة : يجوز إذا كانوا كلّهم متقرّبين(٢) . وقد سلف(٣) .

والعبد القنّ والمدبَّر واُمّ الولد والمكاتب المشروط لا يملكون شيئاً ، فإن ملّكهم مولاهم شيئاً ، ففي ثبوت ذلك قولان : الأقوى : العدم ، فلا تجوز لهم اُضحية.

وعلى قول ثبوته يجوز لهم أن يضحّوا ، ولو ضحّوا من غير إذن سيّدهم ، لم يجز.

ولو انعتق بعضه وملك بجزء الحُرّيّة اُضحية ، جاز له أن يضحّي بها من غير إذن.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٧ ، المجموع ٨ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٦٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٣ ، المغني ١١ : ١١٩.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٤٤ ، المغني ١١ : ١١٩ - ١٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٣.

(٣) تقدّم في ص ٢٨٢ ، المسألة ٦١٩.

٣٣٢

٣٣٣

الفصل السادس

في الحلق والتقصير‌

مسألة ٦٥٧ : إذا ذبح الحاجّ هديه ، وجب عليه الحلق أو التقصير بمنى يوم النحر‌ ، عند علمائنا ، وهو نسك عندنا - وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لقوله تعالى :( مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) (٢) ولو لم يكن نسكاً ، لم يصفهم الله تعالى به ، كالطيب واللُّبْس.

ولما رواه العامّة عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أحلّوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصّروا )(٣) والأمر للوجوب.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا ذبحت اُضحيتك فاحلق رأسك »(٤) والأمر للوجوب أو للقدر الدالّ على استحقاق الثواب ، فيكون عبادةً لا مباحاً صرفاً.

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله داوم عليه هو وأصحابه وفعلوه في حجّهم وعمرتهم ، ولو لم يكن نسكاً لم يداوموا عليه ولا خلوا به في أكثر الأوقات‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٣ : ٣١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٠ ، الوجيز ١ : ١٢١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٨ : ٢٠٥ و ٢٠٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٦٧.

(٢) الفتح : ٢٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٧٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٤٠ / ٨٠٨.

٣٣٤

ولم يفعلوه إلّا نادراً ، لأنّه لم يكن عبادة لهم فيداوموا عليه ، ولا فيه فضل فيفعلوه.

وقال الشافعي وأحمد [ في الرواية الاُخرى ](١) : أنّه إطلاق محظور لا نسك ؛ لقولهعليه‌السلام لمـّا سعى بين الصفا والمروة : ( مَنْ كان منكم ليس معه هدي فليحلّ وليجعلها عمرة )(٢) وأمره بالحلّ عقيب السعي يقتضي عدم وجوب الحلق والتقصير(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ المعنى : فليحلّ بالتقصير أو الحلق.

مسألة ٦٥٨ : يتخيّر الحاجّ بين الحلق والتقصير أيّهما فَعَل أجزأه ، عند أكثر علمائنا(٤) - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لقوله تعالى :( مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) (٦) والجمع غير مراد ، فيتعيّن التخيير.

وما رواه العامّة من أنّه كان مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنْ قصّر ولم ينكرعليه‌السلام عليه(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الحديبية : اللّهم اغفر للمحلّقين ، مرّتين ، قيل : وللمقصّرين‌

____________________

(١) أضفناها لأجل السياق.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ - ١٠٢٤ / ٣٠٧٤.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٨ : ٢٠٥ و ٢٠٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٦٧.

(٤) منهم ابن إدريس في السرائر : ١٤١ ، والمحقّق في المختصر النافع : ٩٢.

(٥) المغني ٣ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٤.

(٦) الفتح : ٢٧.

(٧) صحيح البخاري ٢ : ٢١٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٤٥ / ١٣٠١ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٥٦ / ٩١٣ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٣.

٣٣٥

يا رسول الله؟ قال : وللمقصّرين »(١) .

وقال الشيخان رحمهما الله : إن كان الحاجّ صرورة ، وجب الحلق ، وكذا مَنْ لبّد شعره في الإحرام وإن لم يكن صرورةً(٢) . وبه قال الحسن البصري ومالك والشافعي والنخعي وأحمد وإسحاق(٣) ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( مَنْ لبّد فليحلق )(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « على الصرورة أن يحلق رأسه ولا يقصّر ، إنّما التقصير لمن حجّ حجّة الإسلام »(٥) .

وهو محمول على الندب.

وقال ابن عباس : من لبّد أو ضفر أو عقّد أو فتل أو عقص فهو على ما نوى ، يعني أنّه إن نوى الحلق فليحلق ، وإلّا فلا يلزمه(٦) .

وتلبيد الشعر في الإحرام : أن يأخذ عسلاً أو صمغاً ، ويجعله في رأسه لئلّا يقمل أو يتّسخ.

إذا عرفت هذا ، فالحلق أفضل إجماعاً ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( رحم الله المحلّقين ) ثلاثاً ، ثم قال : ( والمقصّرين ) مرّةً(٧) . وزيادة الترحّم تدلّ على الأولويّة.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤٣ / ٨٢٢.

(٢) المقنعة : ٦٦ ، النهاية : ٢٦٢ - ٢٦٣.

(٣) المغني ٣ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٤ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٠٢ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٣٤ ، المجموع ٨ : ٢٠٦ و ٢١٨.

(٤) المغني ٣ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٤ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٥ ، الكامل - لابن عدي - ٥ : ١٨٧٠.

(٥) الكافي ٤ : ٥٠٣ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٤٣ / ٨١٩.

(٦) المغني ٣ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٤.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٩٤٦ / ٣١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٢ / ٣٠٤٤.

٣٣٦

والحلق للملبّد والصرورة آكد فضلاً من غيرهما.

والمرأة لا حلق عليها ، ويجزئها من التقصير قدر الأنملة ؛ لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، قال : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تحلق المرأة رأسها »(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « تقصّر المرأة من شعرها لمتعتها(٢) مقدار الأنملة»(٣) .

ويجزئ من التقصير ما يقع عليه اسمه ؛ لأصالة براءة الذمة ، وسواء قصّر من شعر رأسه أو من لحيته أو من شاربه.

مسألة ٦٥٩ : يجب في الحلق والتقصير : النيّة ؛ لأنّه نسك عندنا لا إطلاق محظور.

ويستحب لمن يحلق أن يبدأ بالناصية من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا بالحلاّق ، فأخذ شقّ رأسه الأيمن فحلقه ، فجعل يقسم بين مَنْ يليه الشعرة والشعرتين ثم أخذ شقّ رأسه الأيسر فحلقه ، ثم قال : ( هاهنا أبو طلحة؟ ) فدفعه إلى أبي طلحة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : عن الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : أنّه أمر الحلّاق أن يدع الموسى على قرنه الأيمن ثم أمره أن يحلق وسمّى هو وقال : « اللّهم أعطني بكلّ شعرة نوراً يوم القيامة »(٥) .

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٢٥٧ / ٩١٤ ، سنن النسائي ٨ : ١٣٠.

(٢) في المصدر : لعمرتها.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٤٤ / ٨٢٤.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٣ / ١٩٨١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٤٤ / ٨٢٦.

٣٣٧

مسألة ٦٦٠ : مَنْ لا شعر على رأسه لا حلق عليه إجماعاً ، بل يمرّ الموسى على رأسه إجماعاً.

ولأنّ رجلاً من خراسان قدم حاجّاً وكان أقرع الرأس لا يحسن أن يلبّي ، فاستفتي له الصادقعليه‌السلام ، فأمر أن يلبّى عنه ويمرّ الموسى على رأسه فإنّ ذلك يجزئ عنه(١) .

إذا عرفت هذا ، فقال أبو حنيفة : إنّ هذا الإمرار واجب ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )(٢) وهذا لو كان له شعر ، لوجب عليه إزالته وإمرار الموسى على رأسه ، فلا يسقط الأخير بفوات الأوّل(٣) .

وقول الصادقعليه‌السلام يدلّ عليه ، فإنّ الإجزاء إنّما يستعمل في الواجب.

وقال أكثر العامّة : إنّه للاستحباب ؛ لأنّ محلّ الحلق الشعر ، فيسقط بفوات محلّه(٤) .

مسألة ٦٦١ : لو ترك الحلق والتقصير معاً حتى زار البيت ، فإن كان عامداً ، وجب عليه دم شاة ، وإن كان ناسياً ، فلا شي‌ء عليه ، وعليه إعادة الطواف والسعي ؛ لأنّه نسك أخّره عمداً عن محلّه ، فلزمه الدم.

ولأنّ محمد بن مسلم سأل الباقرعليه‌السلام : في رجل زار البيت قبل أن يحلق ، فقال : « إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أنّ ذلك لا ينبغي فإنّ عليه دم شاة »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ١٣ ، التهذيب ٥ : ٢٤٤ / ٨٢٨.

(٢) صحيح البخاري ٩ : ١١٧ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٨١ / ٢٠٤ ، مسند أحمد ٢ : ٥٠٨.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٧٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٠ ، المغني ٣ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٩ ، المجموع ٨ : ٢١٢.

(٤) المغني ٣ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٨ ، المجموع ٨ : ٢١٢.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٤٠ / ٨٠٩.

٣٣٨

وسأل محمّدُ بن حمران الصادقعليه‌السلام : عن رجل زار البيت قبل أن يحلق ، قال : « لا ينبغي إلّا أن يكون ناسياً »(١) .

وسأل علي بن يقطين - في الصحيح - الكاظمَعليه‌السلام : عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصّر حتى زارت البيت وطافت وسعت من الليل ما حالها؟ وما حال الرجل إذا فعل ذلك؟ قال : « لا بأس يقصّر ويطوف للحجّ ثم يطوف للزيارة ثم قد حلّ من كلّ شي‌ء »(٢) .

مسألة ٦٦٢ : لو رحل من منى قبل الحلق ، رجع وحلق بها أو قصّر‌ واجباً مع الاختيار ، ولو لم يتمكّن من الرجوع ، حلق مكانه ، وردّ شعره إلى منى ليدفن هناك ، ولو لم يتمكّن ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّه قد ترك نسكاً واجباً ، فيجب عليه الإتيان به وتداركه مع المكنة.

وسأل الحلبي - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال : « يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقاً كان أو تقصيراً »(٣) .

[ وعن أبي بصير ، قال : سألته عن رجل جهل أن يقصّر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى ، قال : « فليرجع إلى منى حتى يحلق شعره بها أو يقصّر ، ](٤) وعلى الصرورة أن يحلق »(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤٠ / ٨١٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤١ / ٨١١.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٤١ / ٨١٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠١١.

(٤) حيث إنّ قولهعليه‌السلام الآتي : « وعلى الصرورة أن يحلق » ليس من تتمّة رواية الحلبي ، السابقة ، وإنّما من تتمّة رواية أبي بصير ، فلذلك أثبتنا صدرها في المتن من التهذيب والاستبصار.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٤١ / ٨١٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠١٢.

٣٣٩

وقال الصادقعليه‌السلام في رجل زار ولم يحلق رأسه ، قال : « يحلقه بمكّة ، ويحمل شعره إلى منى ، وليس عليه شي‌ء »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإذا حلق رأسه بمنى ، استحبّ له أن يدفن شعره بها ، لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « كان علي بن الحسينعليهما‌السلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى ويقول : كانوا يستحبّون ذلك » ، قال : وكان الصادقعليه‌السلام يكره أن يخرج الشعر من منى ويقول : « مَنْ أخرجه فعليه أن يردّه »(٢) .

مسألة ٦٦٣ : يستحب لمن حلق رأسه أو قصّر أن يقلّم أظفاره ويأخذ من شاربه‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً.

قال ابن المنذر : ثبت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا حلق رأسه قلّم أظفاره(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا ذبحت اُضحيتك فاحلق رأسك واغتسل وقلّم أظفارك وخُذْ من شاربك »(٤) .

ووقت الحلق يوم النحر إجماعاً ، فلا يجوز قبله.

قال الله تعالى :( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٥) .

ويجب أن يؤخّره عن الذبح والرمي ، فيبدأ بالرمي ثم الذبح ثم الحلق واجباً ، عند أكثر علمائنا(٦) - وبه قال مالك والشافعي في أحد القولين ، وأبو حنيفة وأحمد(٧) - لقوله تعالى :( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤٢ / ٨١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٦ / ١٠١٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤٢ / ٨١٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٦ / ١٠١٤.

(٣) المغني ٣ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٦ ، المجموع ٨ : ٢١٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٤٠ - ٨٠٨.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) منهم : ابن حمزة في الوسيلة : ١٨٠ ، والمحقّق في المختصر النافع : ٩٢.

(٧) اُنظر حلية العلماء ٣ : ٣٤٣ ، والمجموع ٨ : ٢٠٧ ، وفتح العزيز ٧ : ٣٨١ ، والمغني ٣ : ٤٧٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٧٠.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460