تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 201428 / تحميل: 6022
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ودونكم مردا، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد واثنين، واجعلوا رقباءكم في صياصي(٤) الجبال وبأعلى الاشراف وبمناكب الأنهار، يريئون لكم، لئلا يأتيكم عدوكم من مكان مخافة أو أمن، وإذا نزلتم فانزلوا جمعيا وإذا رحلتم فارحلوا جميعا، وإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح والترسة(٥) ، واجعلوا رماتكم يلون ترستكم، كيلا تصاب لكم غرة ولا تلقى لكم غفلة، واحرس عسكرك بنفسك، وإياك أن ترقد أو تصبح إلا غرارا(٦) أو مضمضة(٧) ، ثم ليكن ذلك شأنك ودأبك حتى تنتهي إلى عدوك، وعليك بالتأني في حزبك(٨) وإياك والعجلة إلا أن تمكنك فرصة، وإياك أن تقاتل إلا أن يبدؤوك أو يأتيك أمري، والسلام عليك ورحمة الله ).

١٥ -( باب حكم المحاربة بالقاء السم والنار، وارسال الماء، ورمي المنجنيق، وحكم من يقتل بذلك من المسلمين)

[١٢٣٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : ( أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين ).

__________________

(٤) الصياصي: الحصون ( لسان العرب ج ٧ ص ٥٢ - صيص ).

(٥) الترسة: جمع ترس، وهو من أدوات الحرب التي كانوا يحتمون بها من ضربات السيوف ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٥٦ ).

(٦) الغرار: النوم القليل، وقيل: هو القليل من النوم وغيره ( لسان العرب ج ٥ ص ١٧ ( غرر ) ).

(٧) مضمضة: في حديث عليعليه‌السلام ( ولا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة ) كما جعل للنوم ذوقا أمرهم أن لا ينالوا منه إلا بألسنتهم ولا يسيغوه فشبهه بالمضمضة بالماء والقائه من الفم من غير ابتلاع ( لسان العرب ج ٧ ص ٢٣٤ ).

(٨) في المصدر: حربك.

الباب ١٥

١ - الجعفريات ص ٨٠.

٤١

[١٢٣٨٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: ( يقتل المشركون بكل ما أمكن قتلهم به، من حديد أو حجارة أو ماء أو نار أو غير ذلك، فذكر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصب المنجنيق على أهل الطائف، وقالعليه‌السلام : إن كان معهم في الحصن قوم من المسلمين، فاقفوهم معهم ولا يتعمدهم(١) بالرمي، وارموا المشركين وانذروا المسلمين(٢) - إن كانوا أقيموا مكرهين - ونكبوا عنهم ما قدرتم، فإن أصبتم منهم أحدا ففيه الدية ).

١٦ -( باب كراهة تبييت العدو، واستحباب الشروع في القتال عند الزوال)

[١٢٣٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يستحب أن يبدأ بالقتال بعد زوال الشمس، وبعد أن يصلي الظهر.

١٧ -( باب أنه لا يجوز أن يقتل من أهل الحرب، المرأة ولا المقعد ولا الأعمى ولا الشيخ الفاني ولا المجنون ولا الولدان، إلا أن يقاتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية)

[١٢٣٨٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقتلوا في الحرب إلا من جرت عليه

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٦.

(١) في المصدر: فلا تتعمدوا إليهم.

(٢) وفيه زيادة: ليتقوا.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧١.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ٧٩.

٤٢

المواسي ).

وتقدم عن الدعائم، قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته: ( ولا تقتلوا وليدا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة )(١) .

[١٢٣٨٦] ٢ - عوالي اللآلي: وفي الحديث أن سعد بن معاذ حكم في بني قريضة، بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم، وأمر بكشف مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذاري، وصوبه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٨ -( باب جواز إعطاء الأمان ووجوب الوفاء، وإن كان المعطى له من أدنى المسلمين ولو عبدا، وكذا من دخل بشبهة الأمان)

[١٢٣٨٧] ١ - نهج البلاغة: في عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام للأشتر: ( لا تدفعن صلحا دعاك إليه عدو(١) لله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، ورواحة من همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن، وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض الله سبحانه شئ الناس عليه أشد اجتماعا - مع تفريق أهوائهم وتشتيت آرائهم - من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين، لما استوبلوا(٢) عن(٣) عواقب الغدر،

__________________

(١) تقدم في الباب ١٤ الحديث ١ عن الدعائم ج ١ ص ٣٦٩.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢١ ح ٩٧.

الباب ١٨

١ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١١٧ ح ٥٣.

(١) في المصدر: عدوك.

(٢) استوبلوا المدينة، أي استوخموها ولم توافق أبدانهم. والوبيل: الذي لا يستمرأ ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٢٠ ).

(٣) في المصدر: من.

٤٣

فلا تغدرن بذمتك ولا تخيسن(٤) بعهدك، ولا تختلن عدوك، فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي، وقد جعل الله عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره فلا إدغال(٥) ولا مدالسة ولا خداع فيه، ولا تعقد عقدا يجوز فيه العلل، ولا تعولن على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة، ولا يدعوك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى ( طلب )(٦) انفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق ( أمر )(٧) ترجو انفراجه وفضل عاقبته، خير من غدر تخاف تبعته وإن تحيط بك ( فيه من الله طلبته، لا تستقبل )(٨) فيها دنياك ولا آخرتك ).

ورواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول(٩) وفيه: ( لا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة من همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كل الحذر من مقاربة عدوك في طلب الصلح، فإن العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم وتحصين(١٠) كل مخوف تؤتى منه، وبالله الثقة في جميع الأمور، وإن لجت(١١) بينك وبين عدوك قضية عقدت له بها صلحا أو ألبسته منك ذمة ) إلى آخره.

[١٢٣٨٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إليه عهدا، وكان مما عهد فيه: ( ولا تدفعن صلحا

__________________

(٤) خاس فلان بوعده، يخيس إذا أخلف وخاس بعهده إذا غدر ونكت ( لسان العرب ج ٦ ص ٧٥ ).

(٥) إدغال: في الحديث: اتخذوا دين الله دغلا أي يخدعون الناس، وأصل الدغل، الشجر الملتف الذي يكمن أهل الفساد به ( لسان العرب ج ١١ ص ٢٤٥ ).

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) أثبتناه من المصدر.

(٨) ما بين القوسين في المصدر: من الله فيه طلبه فلا تستقيل.

(٩) تحف العقول ص ٩٧.

(١٠) وفيه: تحصن.

(١١) لجت: قد لجت القضية بيني وبينك: أي وجبت ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٥٥ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٧.

٤٤

دعاك إليه عدوك فإن في الصلح دعة للجنود، ورخاء للهموم، وأمنا للبلاد، فإن أمكنتك القدرة والفرصة من عدوك، فانبذ عهده إليه، واستعن بالله عليه، وكن أشد ما تكون لعدوك حذرا عندما يدعوك إلى الصلح، فإن ذلك ربما يكون مكرا وخديعة، وإذا عاهدت فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة والصدق ) الخ(١) .

[١٢٣٨٩] ٣ - وعن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم ).

[١٢٣٩٠] ٤ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد الخيف، فقال: رحم الله امرءا مقالتي فوعاها، وبلغها إلى من ليسمعها، فرب حامل فقه وليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ( وقال )(١) : ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لائمة المسلمين، وللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، والمسلمون إخوة تكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، فإذا أمن أحد من المسلمين أحدا من المشركين، لم يجب أن تخفر ذمته(٢) ).

[١٢٣٩١] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: ( إذا أومأ أحد من

__________________

(١) ورد في هامش الحجرية ما لفظه ( نسب في الدعائم عهدهعليه‌السلام إلى الأشتر، إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه عهد إليه - عليعليه‌السلام -  وفرقه على أبواب مخصوصة ) ( منه قده ). علما أن عهد الإمامعليه‌السلام إلى مالك الأشتر الموجود في نهج البلاغة يختلف عن العهد المذكور في الدعائم مع تشابه في بعض الفقرات.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ورد في هامش الحجرية ما نصه: قوله: ( لم يجب أن تخفر ذمته ) هكذا كان الأصل ولعل الصحيح يجب أن لا يخفر، كما يظهر بالتأمل.

٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

٤٥

المسلمين، أو أشار بالأمان إلى أحد من المشركين، فنزل على ذلك فهو في أمان ).

[١٢٣٩٢] ٦ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: ( الأمان جائز بأي لسان كان ).

[١٢٣٩٣] ٧ - ابن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن أبي بكر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن عقدة، عن محمد بن إسماعيل، عن عم أبيه الحسين بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام قال: ( أوفوا بعهد من عاهدتم ).

[١٢٣٩٤] ٨ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: ( إذا أومأ(١) أحد من المسلمين إلى أحد من أهل الحرب(٢) فهو أمان ).

ورواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، مثله(٣) .

[١٢٣٩٥] ٩ وبهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس للعبد من الغنيمة شئ، إلا من خرثي(١) المتاع، وأمانه جائز، وأمان المرأة إذا هي أعطت القوم الأمان ).

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٨.

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢١١.

٨ - الجعفريات ص ٨١.

(١) في المصدر: رمى.

(٢) في المصدر زيادة: بحبل.

(٣) نوادر الراوندي ص ٣٢.

٩ - الجعفريات ص ٨١

(١) في الطبعة الحجرية ( تجفى )، وفى المصدر ( يخفى )، والظاهر ما أثبتناه هو الصواب، وقد وردت الكلمة في الحديث ٦ من الباب ٣٩، والخرثي: متاع البيت أو ردئ المتاع ( النهاية ج ٢ ص ١٩ ).

٤٦

١٩ -( باب تحريم الغدر والقتال مع الغادر)

[١٢٣٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له فيما عهد إليه: ( وإياك والغدر بعهد الله والاخفار لذمته، فإن الله جعل عهده وذمته أمانا أمضاه بين العباد برحمته، والصبر على ضيق ترجو انفراجه، خير من غدر تخاف ( أوزاره وتبعاته )(١) وسوء عاقبته ).

[١٢٣٩٧] ٢ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنة أوفى منه، وما يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة، ما لهم قاتلهم الله! قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ).

وقالعليه‌السلام (١) : ( الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل(٢) الغدر وفاء عند الله ).

[١٢٣٩٨] ٣ - الصدوق في الخصال: عن الحسن بن عبد الله العسكري، عن محمد بن موسى بن الوليد، عن يحيى بن حاتم، عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود،

__________________

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٨.

(١) في المصدر: تبعه نقمته.

٢ - نهج البلاغة ج ١ ص ٨٨ رقم ٤٠.

(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٢١٠ رقم ٢٥٩.

(٢) في الحجرية: لأهل، وما أثبتناه من المصدر.

٣ - الخصال ج ١ ص ٢٥٤ ح ١٢٩.

٤٧

عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( أربع من كن فيه فهو منافق - إلى أن قال - وإذا عاهد غدر ).

[١٢٣٩٩] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ( أسرع الأشياء عقوبة، رجل عاهدته على أمر، وكان من نيتك الوفاء به، ومن )(١) نيته الغدر بك ).

٢٠ -( باب أنه يحرم أن يقاتل في الأشهر الحرم من يرى لها حرمة، ويجوز أن يقاتل من لا يرى لها حرمة)

[١٢٤٠٠] ١ - العياشي في تفسيره: عن العلاء بن الفضيل قال: سألته عن المشركين، أيبتدئ بهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟ فقال: ( إذا كان المشركون ابتدؤوهم باستحلالهم ورأي المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه، وذلك قوله:( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص ) (١) .

[١٢٤٠١] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: الأشهر الحرم: رجب مفرد، وذو القعدة وذو الحجة ومحرم متصله، حرم الله فيها القتال، ويضاعف فيها الذنوب وكذلك الحسنات.

[١٢٤٠٢] ٣ - وقال في قوله تعالى:( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل ) (١) الآية: فإنه كان سبب نزولها، لما هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة، بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة تتعرض لعير قريش،

__________________

٤ - الغرر ج ١ ص ١٩٥ ح ٣٥١.

(١) في المصدر: له وفى.

الباب ٢٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٨٦ ح ٢١٥.

(١) البقرة: ٢ ١٩٤.

٢ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٧.

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ٧١.

(١) البقرة ٢: ٢١٧.

٤٨

حتى بعث عبد الله بن جحش في نفر من أصحابه إلى نخلة - وهي بستان بني عامر - ليأخذوا عير قريش ( حين )(٢) أقبلت من الطائف، عليها الزبيب والادم والطعام، فوافوها وقد نزلت العير وفيهم عمرو بن الحضرمي - إلى أن قال - فحمل عليهم عبد الله بن جحش، وقتل ابن الحضرمي وأفلت أصحابه، وأخذوا العير بما فيها وساقوها إلى المدينة، وكان ذلك في أول يوم من رجب من الأشهر الحرم، فعزلوا العير وما كان عليها لم ينالوا منها شيئا، فكتبت قريش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنك استحللت الشهر الحرام، وسفكت فيه الدم وأخذت المال، وكثر القول في هذا، وجاء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا: يا رسول الله، أيحل القتل في الشهر الحرام؟ فأنزل الله:( ويسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله ) (٣) الآية.

قال: القتال في الشهر الحرام عظيم الخبر.

٢١ -( باب حكم الأسارى في القتل، ومن عجز منهم عن المشي)

[١٢٤٠٣] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( أسر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر أسارى، وأخذ الفداء منهم، فالامام مخير إذا أظفره الله بالمشركين، بين(١) أن يقتل المقاتلة، أو يأسرهم ويجعلهم في الغنائم ويضرب عليهم السهام، ومن رآى المن عليه منهم من عليه، ومن رأى أن يفادى به فادى به، إذا رأى فيما يفعله من ذلك كله الصلاح المسلمين ).

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ٢١٧.

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٧.

(١) في الطبعة الحجرية ( من )، وما أثبتناه من المصدر.

٤٩

[١٢٤٠٤] ٢ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه أتي بأسير يوم صفين فقال: لا تقتلني يا أمير المؤمنين، فقال: ( أفيك خير أتبايع؟ ) قال: نعم، قال للذي جاء به: ( لك سلاحه، وخل سبيله )، وأتاه عمار بأسير فقتله.

[١٢٤٠٥] ٣ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر: من استطعتم أن تأسروه(١) من بني عبد المطلب فلا تقتلوه، فإنهم إنما أخرجوا كرها ).

[١٢٤٠٦] ٤ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن ( نمير بن وعلة )(١) ، عن الشعبي قال: لما أسر عليعليه‌السلام الأسرى يوم صفين فخلى سبيلهم أتوا معاوية، وقد كان عمرو بن العاص يقول لاسرى أسرهم معاوية: اقتلهم، فما شعروا إلا بأسراهم قد خلى سبيلهم عليعليه‌السلام ، فقال معاوية: يا عمرو لو أطعناك في هؤلاء الأسرى لوقعنا في قبيح من الامر، ألا ترى قد خلى سبيل أسرانا، فأمر بتخلية من في يديه من أسرى عليعليه‌السلام ، وقد كان عليعليه‌السلام إذا أخذ أسيرا من أهل الشام خلى سبيله، إلا أن يكون قد قتل من أصحابه أحدا فيقتله به، فإذا خلى سبيله فإن عاد الثانية قتله ولم يخل سبيله الخبر.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٣.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٦.

(١) في الطبعة الحجرية ( تأسروا )، وما أثبتناه من المصدر.

٤ - وقعه صفين ص ٥١٨.

(١) في الطبعة الحجرية ( غير بن عله )، وما أثبتناه من المصدر، وقد جاء في هامشه: ( ذكره في لسان الميزان مصحفا برسم: نمير بن دعلة ).

٥٠

٢٢ -( باب أن من كان له فئة من أهل البغي وجب أن يتبع مدبرهم ويجهز على جريهم ويقتل أسيرهم، ومن لم يكن له فئة لم يفعل ذلك بهم)

[١٢٤٠٧] ١ - دعائم الاسلام: وإذا انهزم أهل البغي وكانت لهم فئة يلجؤون إليها، طلبوا وأجهز على جرحاهم واتبعوا وقتلوا، ما أمكن اتباعهم وقتلهم، وكذلك سار أمير المؤمنينعليه‌السلام في أصحاب صفين، لان معاوية كان وراءهم، وإذا لم يكن لهم فئة لم ( يطلبوا )(١) ولم يجهز على جرحاهم، لأنهم إذا ولوا تفرقوا، وكذلك روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه سار في أهل الجمل، لما قتل طلحة والزبير، وقبض على عائشة، وانهزم أصحاب الجمل، نادى مناديه: لا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ثم دعا ببغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء فركبها، ثم قال: ( تعال يا فلان وتعال يا فلان ) ) حتى جمع(٢) إليه زهاء ستين شيخا كلهم من همدان، قد شكوا(٣) الأترسة وتقلدوا السيوف ولبسوا المغافر، فسار وهم حوله حتى انتهى إلى دار عظيمة فاستفتح ففتح له، فإذا هو بنساء يبكين بفناء الدار، فلما نظرن إليه صحن صيحة واحدة وقلن: هذا قاتل الأحبة، فلم يقل لهن شيئا، وسأل عن حجرة عائشة، ففتح له بابها ودخل، وسمع منهما كلام شبيه بالمعاذير، لا والله وبلى والله، ثم إنهعليه‌السلام خرج فنظر إلى امرأة(٤) فقال لها:

__________________

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٤.

(١) في المصدر: يتبعوا بالقتل.

(٢) وفيه: اجتمع.

(٣) وفيه: تنكبوا.

(٤) في المصدر زيادة: طواله أدماء تمشى في الدار.

٥١

( إلي يا صفية ) ( فأتته مسرعة )(٥) فقال: ( ألا تبعدين هؤلاء ( الكليبات )(٦) ، يزعمن أني قاتل الأحبة، لو كنت قاتل الأحبة لقتلت من في هذه الحجرة ومن في هذه ومن في هذه ) وأومأعليه‌السلام بيده إلى ثلاث حجر، ( فذهبت إليهن )(٧) فما بقيت في الدار صائحة إلا سكتت ولا قائمة إلا قعدت، قال الأصبغ وهو صاحب الحديث: وكان في إحدى الحجرات عائشة ومن معها من خاصتها، وفي الأخرى مروان بن الحكم وشباب من قريش، وفي الأخرى عبد الله بن الزبير وأهله، فقيل للأصبغ: فهلا بسطتم أيديكم على هؤلاء(٨) ، أليس هؤلاء كانوا أصحاب القرحة، فلم استبقيتموهم؟ قال(٩) : قد ضربنا بأيدينا إلى قوائم سيوفنا، وحددنا أبصارنا نحوه لكي يأمرنا فيهم بأمر، فما فعل وواسعهم عفوا.

[١٢٤٠٨] ٢ - الشيخ المفيدرضي‌الله‌عنه في كتاب الكافئة في إبطال توبة الخاطئة: عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن عبد الله بن عاصم، عن محمد بن بشير الهمداني قال: ورد كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام مع عمر بن سلمة الأرحبي إلى أهل الكوفة، فكبر الناس تكبيرة سمعها عامة الناس واجتمعوا لها في المسجد، ونودي الصلاة جمعا فلم يتخلف أحد، وقرئ الكتاب فكان فيه: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قرظة بن كعب ومن قبله من المسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم، الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنا لقينا القوم الناكثين  - إلى أن قالعليه‌السلام - فلما هزمهم الله، أمرت أن لا يتبع مدبر، ولا يجاز(١) على جريح، ولا يكشف عورة، ولا يهتك ستر، ولا يدخل دار إلا

__________________

(٥) في المصدر: قالت: لبيك يا أمير المؤمنين.

(٦) وفيه: الكلبات عنى.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) في المصدر زيادة: فقتلتموهم.

(٩) وفيه: قال الأصبغ.

٢ - الكافئة في أبطال توبة الخاطئة:

(١) أجاز عليه: قتله ونفذ فيه أمره ( لسان العرب ج ٥ ص ٣٢٧ ).

٥٢

بإذن، وآمنت الناس ) الخبر.

[١٢٤٠٩] ٣ - وفي أماليه: عن علي بن خالد المراغي، عن الحسن بن علي، عن جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه، عن إسحاق بن يزيد، عن خالد بن مختار، عن الأعمش، عن حبة العرني، قال في حديث: فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض - إلى أن قال - فولى الناس منهزمين، فنادى منادي أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تجيزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.

[١٢٤١٠] ٤ - وعن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن عبد الله بن مستورد، عن محمد بن ميسر(١) عن إسحاق بن رزين(٢) ، عن محمد بن الفضل بن عطا مولى مزينة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن محمد بن عليعليه‌السلام ابن الحنفية قال: كان اللواء معي يوم الجمل - إلى أن قال - ثم أمر مناديه فنادى: لا يدفف(٣) على جريح، ولا يتبع مدبر، ومن أغلق بابه فهو آمن.

[١٢٤١١] ٥ - محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة: عن محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداذ، عن أحمد بن هليل، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( لما التقى أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البصرة، نشر الراية - رأيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - فتزلزلت أقدامهم، فما اصفرت الشمس حتى قالوا: امنا يا ابن أبي طالب، فعند ذلك قال: ( لا تقتلوا الاسراء، ولا تجهزوا على(١) جريح،

__________________

٣ - أمالي المفيد ص ٥٨.

٤ - أمالي المفيد ص ٢٤.

(١) في المصدر: منير.

(٢) وفيه: وزير.

(٣) أدفف على الجريح: أجهز عليه وأتمم قتله ( لسان العرب ج ٩ ص ١٠٥ ).

٥ - غيبه النعماني ص ٣٠٧.

(١) ليس في المصدر.

٥٣

ولا تتبعوا موليا، ومن القى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن ).

[١٢٤١٢] ٦ - وعن علي بن الحسين قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان(١) الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: ( إن علياعليه‌السلام قال: كان لي أن اقتل المولى وأجهز على الجريح، ولكن تركت ذلك للعاقبة من أصحابي إن خرجوا(٢) لم يقتلوا، والقائمعليه‌السلام ( له )(٣) أن يقتل المولي ويجهز على الجريح ).

[١٢٤١٣] ٧ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: عن عبيد بن كثير، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال: لما هزمنا أهل البصرة، جاء علي بن أبي طالبعليه‌السلام حتى أسند إلى حائط من حيطان البصرة، ثم ذكر دخولهعليه‌السلام في دار كانت فيها عائشة وجماعة مجروحون، إلى أن قال الراوي للأصبغ: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة، هلا ملتم عليهم بحد(١) السيوف؟ قال: يا ابن أخي، أمير المؤمنين كان أعلم منك وسعهم أمانه، إنا لما هزمنا القوم نادى مناديه: لا يدفف على جريح، ولا يتبع مدبر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، سنة يستن بها بعد يومكم هذا الخبر.

__________________

٦ - غيبه النعماني ص ٢٣١.

(١) في الطبعة الحجرية ( الحسن ) وما أثبتناه من المصدر، كما تكرر كثيرا هذا السند في الغيبة ص ٢٣٣ ح ١٨ وص ٢٣٦ ح ٢٥ وص ٢٣٧ ح ٢٦ وص ٢٤١ ح ٣٨ و ص ٢٨٩ ح ٦ وص ١١٥ ح ١١ وص ٨٦ ح ١٧ وغيرها، انظر أيضا جامع الرواه ج ٢ ص ١٥٧.

(٢) في المصدر: جرحوا.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٧ - تفسير فرات الكوفي ص ٢٩.

(١) في المصدر: بهذه.

٥٤

[١٢٤١٤] ٨ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة(١) ، عن الشعبي قال: لما أسر عليعليه‌السلام أسرى يوم صفين  - إلى أن قال - وكان لا يجيز على الجرحى، ولا على من أدبر بصفين لمكان معاوية.

[١٢٤١٥] ٩ - وعن عمر بن سعد بإسناده قال: كان من أهل الشام بصفين رجل يقال له الأصبغ بن ضرار، وكان يكون طليعة ومسلحة(١) فندب له عليعليه‌السلام الأشتر، فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل، وكان عليعليه‌السلام ينهى عن قتل الأسير الكاف، فجاء به ليلا وشد وثاقه وألقاه مع أضيافه ينتظر به الصباح، وكان الأصبغ شاعرا مفوها ( فأيقن بالقتل )(٢) ، ونام أصحابه فرفع صوته وأسمع الأشتر أبياتا يذكر فيها حاله ويستعطفه، فغدا به الأشتر عليعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس، والله لو علمت أن قتله الحق قتلته، وقد بات عندنا الليلة وحركنا، فإن كان فيه القتل فاقبله وإن غضبنا فيه، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لنا، قال: ( هو لك يا مالك، فإذا أصبت أسير أهل القبلة فلا تقتله فإن أسير أهل القبلة لا يفادى ولا يقتل ) فرجع به الأشتر إلى منزله وقال: لك ما أخذنا منك(٣) وليس لك عندنا غيره.

[١٢٤١٦] ١٠ - القاضي نعمان المصري صاحب الدعائم في شرح الاخبار: عن سلام قال: شهدت يوم الجمل - إلى أن قال - وانهزم أهل البصرة، نادى

__________________

٨ - كتاب صفين ص ٥١٨.

(١) راجع ص ٥٠ ح ٤ هامش ١.

٩ - كتاب صفين ص ٤٦٦.

(١) في المصدر زيادة: لمعاوية.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية ( معك )، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - شرح الاخبار.

٥٥

منادي عليعليه‌السلام : لا تتبعوا مدبرا، ولا من ألقى سلاحه، ولا تجهزوا على جريح، فإن القوم قد ولوا وليس لهم فئة يلجؤون إليها، جرت السنة بذلك في قتال أهل البغي.

٢٣ -( باب حكم سبي أهل البغي وغنائمهم)

[١٢٤١٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه لما هزم أهل الجمل، جمع كل ما أصابه في عسكرهم مما أجبلوا به عليه، فخمسه وقسم أربعة أخماسه على أصحابه ومضى، فلما صار إلى البصرة قال أصحابه: يا أمير المؤمنين اقسم بيننا ذراريهم وأموالهم، قال: ( ليس لكم ذلك ) قالوا: وكيف أحللت لنا دماءهم ولم تحلل لنا سبي ذراريهم؟ قال: ( حاربنا الرجال فقتلناهم فأما النساء ( والذراري )(١) فلا سبيل لنا عليهن، لأنهن مسلمات وفي دار هجرة فليس لكم عليهن من سبيل، ( وما أجلبوا به )(٢) واستعانوا به على حربكم وضمه عسكرهم وحواه فهو لكم، وما كان في دورهم فهو ميراث على فرائض الله، ( لذراريهم )(٣) وعلى نسائهم العدة، وليس لكم عليهن ولا على الذراري من سبيل ) فراجعوه في ذلك، فلما أكثروا عليه قال: ( هاتوا سهامكم فاضربوا على عائشة أيكم يأخذها وهي رأس الامر!؟ ) فقالوا: نستغفر الله، قال: ( فأنا استغفر الله ) فسكتوا ولم يتعرض(٤) لما كان في دورهم و ( لا )(٥) لنسائهم ولا لذراريهم.

[١٢٤١٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: ( ما أجلب به أهل البغي من مال

__________________

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: فأما ما أجلبوا عليكم به لذراريهم.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) وفيه: يعرض.

(٥) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٦.

٥٦

وسلاح وكراع(١) ومتاع وحيوان وعبد وأمة وقليل وكثير، فهو فئ يخمس ويقسم كما تقسم غنائم المشركين ).

[١٢٤١٩] ٣ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه سأله عمار حين دخل البصرة فقال: يا أمير المؤمنين، بأي شئ تسير في هؤلاء؟ قال: ( بالمن والعفو، كما سار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة ).

[١٢٤٢٠] ٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: ( سار عليعليه‌السلام بالمن والعفو في عدوه من أجل شيعته، ( لأنه )(١) كان يعلم أنه سيظهر عليهم عدوهم من بعده، فأحب أن يقتدي من جاء من بعده به، فيسير في شيعته بسيرته، ولا يجاوز فعله فيرى الناس أنه تعدى وظلم ).

[١٢٤٢١] ٥ - وفي شرح الاخبار لصاحب الدعائم: عن موسى بن طلحة بن عبيد الله، وكان فيمن أسر يوم الجمل وحبس مع من حبس من الأسارى بالبصرة، فقال: كنت في سجن عليعليه‌السلام بالبصرة، حتى سمعت المنادي ينادي، أين موسى بن طلحة بن عبيد الله؟ قال: فاسترجعت واسترجع أهل السجن، وقالوا: يقتلك، فأخرجني إليه، فلما وقفت بين يديه قال لي: ( يا موسى ) قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: ( قل استغفر الله ) قلت: استغفر الله وأتوب إليه، ثلاث مرات، فقال لمن كان معي من رسله: ( خلوا عنه ) وقال لي: ( اذهب حيث شئت، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع فخذه، واتق الله فيما تستقبله من أمرك، واجلس في بيتك ) فشكرت وانصرفت، وكان عليعليه‌السلام قد أغنم

__________________

(١) الكراع: السلاح، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٠٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٤.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٤.

(١) ليس في المصدر.

٥ - شرح الاخبار.

٥٧

أصحابه ما أجلب به أهل البصرة إلى قتاله - أجلبوا به يعني اتوا به في عسكرهم - ولم يعرض لشئ غير ذلك لورثتهم، وخمس ما أغنمه مما أجلبوا به عليه، فجرت أيضا بذلك السنة.

[١٢٤٢٢] ٦ - وعن إسماعيل بن موسى، بإسناده عن أبي البختري قال: لما انتهى عليعليه‌السلام إلى البصرة خرج أهلها - إلى أن قال - فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين، فأمر عليعليه‌السلام مناديا ينادي: لا تطعنوا في غير مقبل، ولا تطلبوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، وما كان بالعسكر فهو لكم مغنم، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عز وجل، فقام إليه قوم من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟ فقال: ( لان القوم على الفطرة، وكان لهم ولاء قبل الفرقة، وكان نكاحهم لرشده ) فلم يمرضهم ذلك من كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لهم: ( هذه السيرة في أهل القبلة فأنكرتموها، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه!؟ ) فرضوا بما قال، فاعترفوا صوابه وسلموا الامر.

[١٢٤٢٣] ٧ - الشيخ المفيد في كتاب الكافئة في إبطال توبة الخاطئة: عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام في حديث: ( أن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال لعبد الله بن وهب الراسبي، لما قال في شأن أصحاب الجمل: إنهم الباغون الظالمون الكافرون المشركون، قال: أبطلت يا بن السوداء، ليس القوم كما تقول، لو كانوا مشركين سبينا أو غنمنا أموالهم، وما ناكحناهم ولا وارثناهم ).

[١٢٤٢٤] ٨ - كتاب درست بن أبي منصور: عن الوليد بن صبيح قال: سأل المعلى بن خنيس أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: جعلت فداك، حدثني

__________________

٦ - شرح الاخبار:

٧ - الكافئة:

٨ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٤.

٥٨

عن القائمعليه‌السلام إذا قام يسير بخلاف سيرة عليعليه‌السلام ، قال: فقال له: ( نعم ) قال: فأعظم ذلك معلى، وقال: جعلت فداك، مم ذاك؟ قال: فقال: ( لان علياعليه‌السلام سار بالناس سيرة وهو يعلم أن عدوه سيظهر على وليه من بعده، وأن القائمعليه‌السلام إذا قام ليس إلا السيف، فعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وافعلوا(١) فإنه إذا كان ذاك لم تحل مناكحتهم ولا موارثتهم ).

[١٢٤٢٥] ٩ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام - في حديث طويل، في قصة أهل النهروان، إلى أن قال -: ( قال(١) لهم عليعليه‌السلام : فأخبروني ماذا أنكرتم علي؟(٢) قالوا: أنكرنا أشياء يحل لنا قتلك بواحدة منها - إلى أن قالوا - وأما ثانيها: إنك حكمت يوم الجمل فيهم بحكم خالفته بصفين، قلت لنا يوم الجمل: لا تقتلوهم مولين ولا مدبرين ولا نياما ولا ايقاظا، ولا تجهزوا على جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فلا سبيل عليه، وأحللت لنا سبي الكراع والسلاح، وحرمت علينا سبي الذراري، وقلت له بصفين: اقتلوهم ( مولين و )(٣) مدبرين ونياما وايقاظا، وأجهزوا على كل جريح، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه، ومن أغلق بابه فاقتلوه، وأحللت لنا سبي الكراع والسلاح والذراري، فما العلة فيها اختلف فيه الحكمان؟ إن يكن هذا حلالا فهذا حلال، وإن يكن هذا حراما فهذا حرام - إلى أن قال - ثم قالعليه‌السلام : ( وأما(٤) حكمي يوم الجمل بما خالفته يوم صفين، فإن

__________________

(١) في المصدر هكذا: وافعلوا ولا فعلوا.

٩ - الهداية ص ٢٣ أ.

(١) نفس المصدر ص ٢٤ أ.

(٢) في المصدر زيادة: والقتال بغير السؤال والجواب لكم وأنتم المقتولون.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) نفس المصدر ص ٢٥ أ.

٥٩

أهل الجمل أخذت عليهم بيعتي فنكثوها وخرجوا من حرم الله وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى البصرة، ولا إمام لهم ولا دار حرب تجمعهم، فإنما أخرجوا عائشة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله معهم لكراهتها لبيعتي، وقد خبرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن خروجها علي(٥) بغي وعدوان، من أجل قوله عز وجل:( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) (٦) وما من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واحدة أتت بفاحشة غيرها، فإن فاحشتها كانت عظيمة، أولها خلافها فيها أمرها الله في قوله عز وجل:( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) (٧) فإن تبرجها أعظم من خروجها وطلحة والزبير إلى الحج، فوالله ما أرادوا حجة ولا عمرة، ومسيرها من مكة إلى البصرة، واشعالها حربا قتل فيه طلحة والزبير وخمسة وعشرون ألفا من المسلمين، وقد علمتم أن الله عز وجل يقول:( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) (٨) إلى آخر الآية، فقلت لكم لما أظهرنا الله عليهم ما قلته، لأنه لم تكن لهم دار حرب تجمعهم، ولا إمام يداوي جريحهم ويعيدهم إلى قتالكم مرة أخرى، وأحللت لكم الكراع والسلاح(٩) وحرمت(١٠) الذراري، فأيكم يأخذ عائشة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في سهمه؟ ) قالوا: صدقت والله في جوابك، وأصبت وأخطأنا، والحجة لك، قال لهم: ( وأما قولي بصفين: اقتلوهم مولين ومدبرين ونياما وايقاظا، وأجهزوا على كل جريح، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه، ومن أغلق بابه فاقتلوه، وأحللت لكم سبي الكراع والسلاح وسبي الذراري،

__________________

(٥) في المصدر زيادة: خروج.

(٦) الأحزاب ٣٣: ٣٠.

(٧) الأحزاب ٣٣: ٣٣.

(٨) النساء ٤: ٩٣.

(٩) في المصدر زيادة: لأنه به قدروا على قتالكم ولو كنت أحللت الكراع والسلاح.

(١٠) في المصدر: وسبي.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

انعقد باطلاً.

وقال أبو حنيفة : ينقلب جائزاً ؛ لأنّه أسقط المفسد قبل تقرّره ، فجعل كأن لم يكن ، ولهذا لو أسقط في الأجل الصحيح قبل مضيّ المدّة ، جعل كأن لم يكن إلّا إلى هذا الوقت ويتمّ البيع(١) .

وليس بشي‌ء ، لأنّه مع الصحيح إسقاط لحقّ ثبت في عقد صحيح ، وهنا لم يثبت ، لفساد العقد ، فلا يتحقّق الإسقاط.

تذنيب : لو باعه بحكم المشتري ولم يعيّن ، بطل البيع إجماعاً‌ ، فإن هلك في يد المشتري ، فعليه قيمته.

قال الشيخ : يوم ابتاعه إلّا أن يحكم على نفسه بأكثر من ذلك ، فيلزمه ما حكم به دون القيمة. ولو كان بحكم البائع فحَكَم بأقلّ من قيمته ، لم يكن له أكثر(٢) .

والمعتمد : بطلان البيع ؛ للجهالة ، ووجوب القيمة يوم التلف إن كان من ذوات القِيَم ، وإلّا المثل.

ويحتمل في ذي القيمة اعتبارها يوم القبض والأعلى. وكذا لو باعه بحكم ثالثٍ من غير تعيين الثمن أو وصفه أو شرط فيه.

وكما يجب القيمة على المشتري أو المثل كذا يجب عليه أرش النقص لو حصل والأجرة إن كان ذا اُجرة إن استوفى المنافع ، وإلّا فإشكال.

ولا يضمن تفاوت السعر ، وله الزيادة التي فَعَلها في العين ، عيناً كانت أو صفةً ، وإلّا فللبائع وإن كانت منفصلةً.

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ٢٧.

(٢) النهاية ونكتها ٢ : ١٤٦.

١٠١

الشرط السادس : عدم النهي.

اعلم أنّ النهي قد يقتضي الفساد وقد لا يقتضيه ، والثاني قد يكون للتحريم وقد يكون للكراهة ، وقد مضى بعض ذلك ، وقد وقع الخلاف في كثيرٍ من الباقي ، ونحن نبيّن بعون الله تعالى جميع ذلك على التفصيل. ويحصره أقسام :

الأوّل : بيع ما لم يقبض. والنظر فيه يتعلّق بأمور ثلاثة :

الأوّل : ماهيّة القبض.

قال الشيخ : القبض فيما لا يُنقل ويُحوّل هو التخلية ، وإن كان ممّا يُنقل ويُحوّل ، فإن كان مثل الدراهم والدنانير والجواهر وما يتناول باليد ، فالقبض هو التناول ، وإن كان مثل الحيوان ، فالقبض نقل البهيمة وغيرها إلى مكان آخر. وإن كان ممّا يُكال أو يُوزن ، فالقبض فيه الكيل أو الوزن(١) .

وبه قال الشافعي في أظهر القولين ، وأحمد في أظهر الروايتين(٢) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله »(٣) .

وسُئل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه ، فقال : « ما لم يكن كيل أو وزن فلا يبعه حتى يكيله أو يزنه إلّا أن‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٢٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٠ ، المجموع ٩ : ٢٧٥ - ٢٧٦ و ٢٨٣ ، الوسيط ٣ : ١٥٢ ، الوجيز ١ : ١٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٥ - ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٦ - ٢٢٧ ، المغني ٤ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٣١ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٨ - ١٩.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١١٦٢ ، ١٥٢٨.

١٠٢

يوليه الذي قام عليه »(١) فجَعَلعليه‌السلام الكيلَ والوزنَ هو القبض ؛ لأنّا أجمعنا على بيع الطعام بعد قبضه.

وسُئلعليه‌السلام عن رجل اشترى متاعاً من آخر وأوجبه غير أنّه ترك المتاع عنده ولم يقبضه وقال : آتيك غداً إن شاء الله ، فسُرق المتاع ، من مال مَنْ يكون؟ فقالعليه‌السلام : « من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته ، فالمبتاع ضامن لحقّه حتى يردّ ماله إليه »(٢) فجَعَل القبض هو النقل.

ولقضاء العرف بذلك ، وعادة الشرع ردّ الناس إلى العرف فيما لم يضع له الشارع لفظاً.

وقال أبو حنيفة : « القبض التخلية مطلقاً في المنقول وغيره - وهو قولٌ(٣) لنا وللشافعي ، وقول مالك ، ورواية عن أحمد - مع التمييز ؛ لأنّه خلّى بينه وبين المبيع ، فكان قبضاً له ، كالعقار(٤) .

ونمنع المساواة ؛ للعرف.

وفي روايةٍ عن الشافعي : تكفي التخلية لنقل الضمان إلى المشتري ؛ لأنّ البائع أتى بما عليه ، فيخرج عن ضمانه ، والتقصير من المشتري ؛ حيث لم ينقل ، فيثبت ما هو حقّ البائع. ولا تكفي لجواز التصرّف(٥) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٥ / ١٤٦.

(٢) الكافي ٥ : ١٧١ - ١٧٢ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٢١ / ٨٩ ، و ٢٣٠ / ١٠٠٣.

(٣) من القائلين به : المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٢٩.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ٢٤٤ ، المجموع ٩ : ٢٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٥ و ١٧٦ ، الوسيط ٣ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٦ ، المغني ٤ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٣١.

(٥) المجموع ٩ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٦ ، الوسيط ٣ : ١٥٢.

١٠٣

مسألة ٥٩ : هل يشترط في القبض كونه فارغا عن أمتعة البائع؟ قال الشافعي : نعم(١) .

والأقرب عندي : المنع مع التخلية وتمكينه من اليد والتصرّف بتسليم المفتاح إليه ، فلو باع داراً أو سفينةً مشحونةً بأقمشة ومكّنه منها بحيث جعل له تحويله من مكانٍ إلى غيره ، كان قبضاً.

ولا يشترط في التخلية حضور المتبايعين عند المبيع ، وهو أظهر وجوه الشافعي(٢) .

وآخر : اشتراطه ، فإذا حضرا وقال البائع للمشتري : دونك هذا ، ولا مانع ، حصل القبض(٣) .

وآخر : اشتراط حضور المشتري دون البائع ليتمكّن من إثبات اليد عليه ، وإذا حصلت التخلية ، فإثبات اليد والتصرّف إليه(٤) .

وهل يشترط زمان إمكان المضيّ إليه؟ أصحّ الوجهين للشافعيّة : نعم(٥) .

مسألة ٦٠ : إذا كان المبيع في موضع لا يختصّ بالبائع‌ ، كفى في المنقول النقلُ من حيّز إلى آخر. وإن كان في موضع يختصّ به ، فالنقل من زاوية إلى اُخرى بغير إذن البائع لا يكفي لجواز التصرّف ، ويكفي لدخوله في ضمانه. وإن نقل بإذنه ، حصل القبض ، وكأنّه استعار البقعة المنقول إليها.

ولو اشترى الدار مع الأمتعة فيها صفقة وخلّى بينهما ، حصل القبض في الدار. وفي الأمتعة إشكالٌ ، أصحّ وجهي الشافعي : عدم القبض بدون‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٥ ، المجموع ٩ : ٢٧٦ ، منهاج الطالبين : ١٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٥.

(٢ - ٥) المجموع ٩ : ٢٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٥.

١٠٤

نقلها ، كما لو بِيعت وحدها. والثاني : أنّ القبض يحصل فيها تبعاً(١) .

ولو أحضر البائع السلعة فقال المشتري : ضَعْه ، ففَعَل ، تمّ القبض - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه كالوكيل في الوضع.

ولو لم يقل المشتري شيئاً ، أو قال : لا اُريد ، حصل القبض ؛ لوجود التسليم ، كما إذا وضع الغاصب المغصوبَ بين يدي المالك ، يبرأ عن الضمان ، وهو أصحّ وجهي الشافعي. والضعيف : لا يحصل ، كما في الإيداع(٣) .

وللمشتري الاستقلال بنقل المبيع إن كان الثمن مؤجّلاً أو [ وفّاه ](٤) - كما أنّ للمرأة قبض الصداق من دون إذن الزوج إذا سلّمت نفسها - وإلّا فلا ، وعليه الردّ ؛ لأنّ البائع يستحقّ الحبس لاستيفاء الثمن ، ولا ينفذ تصرّفه فيه لكن يدخل في ضمانه.

وإذا كان المبيع معتبراً تقديره ، كما لو اشترى ثوباً مذارعة ، أو أرضاً كذلك ، أو متاعاً موازنة ، أو حنطة مكايلة ، أو معدوداً بالعدد ، لم يكف النقل والتحويل ، بل لا بُدّ من التقدير على إشكالٍ. وهذا كلّه كقول الشافعي(٥) .

فروع :

أ - لو قبض جزافاً ما اشتراه مكايلة ، دخل المقبوض في ضمانه. فإن باعه كلّه ، لم يصحّ ؛ لأنّه ربما يزيد على قدر ما يستحقّه.

ولو باع ما يستحقّه ، فالوجه عندي : الجواز - وهو أضعف وجهي‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٥.

(٢) المجموع ٩ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٦.

(٣) المجموع ٩ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٧.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » وظاهر الطبعة الحجريّة : وزنه. وما أثبتناه يقتضيه السياق وكما هو مفاد المصادر للفقه الشافعي.

(٥) المجموع ٩ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٧.

١٠٥

الشافعي(١) - لحصول القبض. وأصحّهما عنده : المنع ؛ لأنّه لم يجر قبض مستحقّ بالعقد(٢) . وهو ممنوع.

ب - لا اعتبار بالقبض الفاسد ، بل الصحيح ؛ لسقوط الأوّل عن نظر الشرع ، فلا يكون شرطاً في صحّة شرعيّ(١) .

والصحيحُ : أن يسلّم المبيع باختياره أو يوفّي المشتري الثمن ، فله القبض بغير اختيار البائع. والفاسدُ : أن يكون الثمن حالّاً وقبض المبيع بغير اختيار البائع من غير دفع الثمن ، فللبائع المطالبة بالردّ إلى يده ؛ لأنّ له حقّ الحبس إلى أن يستوفي.

ج - لو كان لزيد طعامٌ على عمرو سلماً ، ولخالد مثله على زيد ، فقال زيد : اذهب إلى عمرو واقبض لنفسك ما لي عليه ، فقبضه ، لم يصحّ لخالد ، عند أكثر علمائنا(٤) - وبه قال الشافعي وأحمد(٥) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام حتى يجري فيه الصاعان ، يعني صاع البائع وصاع المشتري(٦) ، وسيأتي ، بل ينبغي أن يكتال لنفسه ويقبضه ثمّ يكيله على مشتريه.

وهل يصحّ لزيْدٍ؟ الوجه : المنع - وبه قال الشافعي وأحمد في رواية(٧) - لأنّه لم يجعله نائباً في القبض ، فلم يقع له ، بخلاف الوكيل.

____________________

(١و٢) المجموع ٩ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٧.

(٣) كذا في « ق ، ك » والطبعة الحجرية.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ١٢٢ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٣٨٧ - ٣٨٨.

(٥) المجموع ٩ : ٢٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٨.

(٦) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٠ ، ٢٢٢٨ ، سنن الدار قطني ٣ : ٨ ، ٢٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١٦ ، ولم ترد فيها كلمة « بالطعام ».

(٧) المغني ٤ : ٢٤٠ ، وانظر : المجموع ٩ : ٢٧٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٧٨ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٨.

١٠٦

وفي رواية : يصحّ ، لأنّه أذن له في القبض ، فأشبه الوكيل(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه قبضه لنفسه باطلاً ، فحينئذٍ يكون باقياً على ملك عمرو.

وكذا لو دفع إليه مالاً وقال : اشتر لي به طعاماً ، فإن قال : اقبضه لي ثمّ اقبضه لنفسك ، صحّ الشراء والقبض للموكّل.

وهل يصحّ لنفسه؟ مَنَعه الشيخ ؛ لاتّحاد المقبوض والقابض(٢) . وهو وجه للشافعي(٣) .

وفي آخر : الجواز ؛ لأنّ الباطل أن يقبض من نفسه لغيره(٤) .

ولو قال : اقبضه لنفسك ، منع الشافعيّة منه ، لأنّه لا يتمكّن من قبض مال الغير لنفسه ، فإنّ فعله فهو مضمون عليه(٥) .

وإن قال : اشتر لنفسك ، لم يصحّ الشراء ؛ لأنّه لا يصحّ أن يملك الإنسان بثمنٍ لغيره. ولا يتعيّن له بالقبض ، وبه قال الشافعي(٦) .

وقال أحمد : يصحّ الشراء ، كالفضولي(٧) .

وتكون الدراهم أمانةً في يده ؛ لأنّه لم يقبضها ليتملّكها.

فإن اشترى ، نُظر إن اشترى في الذمّة ، وقع عنه ، وأدّى الثمن من ماله. وإن اشترى بعينها ، للشافعيّة وجهان : الصحّة والبطلان(٨) .

ولو كان المالان أو المحال به قرضاً أو إتلافاً ، جاز عندنا ، خلافاً‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٤٠.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٢١.

(٣ و ٤) المجموع ٩ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٩ - ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٠.

(٥ و ٦) المجموع ٩ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٠.

(٧) المغني ٤ : ٢٤١.

(٨) المجموع ٩ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٠.

١٠٧

للشافعي(١) .

د - لو أبقى زيدٌ الطعامَ في المكيال لمـّا اكتاله لنفسه وسلّمه إلى مشتريه ، جاز ، وينزّل استدامته في المكيال منزلة ابتداء الكيل ، وهو أظهر وجهي الشافعي ، وبه قال أحمد(٢) .

ولو اكتاله زيد ثمّ كاله على مشتريه فوقع في المكيال زيادة أو نقصان بما يعتاد في المكيال ، فالزيادة لزيدٍ والنقصان عليه ، وإن كان كثيراً ، رُدّت الزيادة إلى الأوّل ورجع عليه بالنقصان.

ه- يجوز التوكيل في القبض من المشتري وفي الإقباض من البائع. وهل يجوز أن يتولّاهما الواحد؟ مَنَعه الشيخ(٣) - وبه قال الشافعي في وجهٍ(٤) - لأنّه لا يجوز أن يكون قابضاً مُقبضاً.

والوجه : الجواز - وبه قال أحمد والشافعي في وجهٍ(٥) - كما لو باع الأب من ولده الصغير.

وكذا يجوز أن يوكّل المشتري من يده يد البائع ، كعبده.

و - لو أذن لمستحقّ الطعام أن يكتال من الصبرة حقّه ، فالوجه عندي : الجواز‌ - وهو أضعف وجهي الشافعيّة(٦) - لأنّ القصد معرفة القدر.

وأصحّهما : المنع ؛ لأنّ الكيل أحد ركني القبض ، فلا يجوز أن يكون‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٧٣ - ٢٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠١ - ٣٠٢.

(٢) المجموع ٩ : ٢٧٩ - ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٩ ، المغني ٤ : ٢٤١.

(٣) اُنظر : المبسوط - للطوسي - ٢ : ٣٨١.

(٤) المجموع ٩ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٠.

(٥) المغني ٥ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١١.

(٦) المجموع ٩ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٠.

١٠٨

نائباً فيه عن البائع متأصّلاً لنفسه(١) .

ز - لو قال مَنْ عليه طعام من سَلَم وله مثله لمستحقّه : احضر اكتيالي وأقبضه لك ، ففَعَل ، فالوجه : الجواز.

ومَنَع منه الشافعي وأحمد ؛ للنهي(٢) (٣) .

وهل يكون قابضاً لنفسه؟ لأحمد وجهان :

أقواهما : نعم ؛ لأنّ قبض المسلم فيه قد وجد في مستحقّه ، فصحّ القبض له ، كما لو نوى القبض لنفسه ، فإذا قبضه غريمه ، صحّ. وإن قال : خُذْه بهذا الكيل فأخذه ، صحّ ؛ لأنّه قد شاهد كيله وعلمه ، فلا معنى لاعتبار كيله مرّة ثانية.

والمنع - وبه قال الشافعي - للنهي(٤) (٥) .

النظر الثاني : في وجوبه(١)

يجب على كلّ واحد من المتبايعين تسليم ما استحقّه الآخر بالبيع ، فإن قال كلٌّ منهما : لا أدفع حتى أقبض ، قال الشيخ : يُجبر البائع أوّلاً(٧) .

وأطلق ، وهو أحد أقوال الشافعي ، الأربعة ، وأحمد في رواية ؛ لأنّ تسليم‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٠.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٠ / ٢٢٢٨ ، سنن الدار قطني ٣ : ٨ / ٢٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١٦.

(٣) المجموع ٩ : ٢٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠٨ ، المغني ٤ : ٢٤٠.

(٤) راجع المصادر في الهامش (٢).

(٥) المغني ٤ : ٢٤٠ - ٢٤١.

(٧) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٤٧ - ١٤٨.

١٠٩

المبيع يتعلّق به استقرار البيع وتمامه ، فإنّ ملك المشتري في المبيع إنّما يستقرّ بتسليمه إلى البائع ؛ لأنّه لو تلف قبل القبض ، بطل.

وثانيها - وبه قال أبو حنيفة ومالك - : أنّه يُجبر المشتري على تسليم الثمن أوّلاً ؛ لأنّ حقّه متعيّن في المبيع ، فيؤمر بدفع الثمن ليتعيّن حق البائع أيضاً.

وثالثها : لا يُجبران لكن يُمنعان من التخاصم ، فإن سلّم أحدهما ما عليه ، اُجبر الآخر.

ورابعها : أنّ الحاكم يُجبرهما معاً على التسليم(١) .

هذا إذا كان الثمن في الذمّة ، وإن كان معيّناً أو تبايعا عَرْضاً بعَرْض ، فقولان للشافعيّة خاصّة : عدم الإجبار لهما(٣) (٤) ، والإجبار لهما معاً ، وبه قال الثوري وأحمد(٤) .

والأخير عندي على التقديرين أجود ؛ لأنّ كلّ واحد منهما قد وجب له حقٌّ على صاحبه.

مسألة ٦١ : إذا ابتدأ البائع بالتسليم إمّا تبرّعاً أو بالإجبار على القول به ، اُجبر المشتري‌ على التسليم في الحال إن كان الثمن حاضراً في‌

____________________

(١) الوسيط ٣ : ١٥٦ ، الوجيز ١ : ١٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢ و ٣١٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨١ ، المغني ٤ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٢.

(٢) كلمة « لهما » لم ترد في « ق ، ك ».

(٣) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة زيادة : وبه قال أحمد. وحذفناها لأجل السياق ، مضافاً إلى عدم وجود قول له بعدم الإجبار في المغني والشرح الكبير.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨١ - ١٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٢ - ٣١٣ ، المغني ٤ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٢.

١١٠

المجلس ، وإن كان في البلد ، فكذلك.

وأظهر وجهي الشافعي : الحجر عليه في المبيع(١) عند بعض الشافعيّة(٢) ، ومطلقاً عند آخرين ؛ لئلّا يتصرّف في أملاكه بما يفوت حقّ البائع(٣) .

والأقرب : عدم الحجر ، وهو أضعفهما(٤) .

وإن كان غائباً قدر مسافة القصر ، قال الشافعي : لا يكلّف البائع الصبر إلى إحضاره ، بل في وجهٍ يباع المبيع ويوفى حقّه من ثمنه.

والأظهر عنده : أنّ له الفسخ ، كما لو أفلس المشتري(٥) .

وعند علمائنا : له الفسخ بعد ثلاثة أيّام مع انتفاء الإقباض ثمناً ومثمناً ، وسيأتي.

وإن قصر عنها ، فهل هو كالبلد أو مسافة القصر؟ للشافعي وجهان(٦) .

وإن كان معسراً ، فهو مفلس ، فإن حجر عليه الحاكم ، فالبائع أحقّ بمتاعه إن شاء فسخ وإن شاء ضرب مع الغرماء.

وقال الشافعي : إن كان معسراً ، فالبائع أحقّ بمتاعه في أحد الوجهين.

____________________

(١) في « ق ، ك » : « البيع » بدل ما أثبتناه ، والمثبت - كما في المصدر أيضاً - هو الصحيح.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٢ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٢ ، منهاج الطالبين : ١٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٣ ، المغني ٤ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٢.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٢ ، منهاج الطالبين : ١٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٤ ، المغني ٤ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٤ ، المغني ٤ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣.

١١١

وفي الآخر : يباع ويوفى حقّ البائع من ثمنه(١) ، فإن فضل ، فللمشتري(٢) .

فروع :

أ - كلّ موضع قلنا : له الفسخ ، فله ذلك بغير حكم حاكم‌ - وبه قال أحمد(٣) - لأنّه فسخ المبيع(٤) للإعسار بثمنه ، فملكه البائع ، كالفسخ في عين ماله إذا أفلس. وكلّ موضع قلنا : يحجر عليه ، فذلك إلى الحاكم ؛ لأنّ ولاية الحجر إليه.

ب - إنّما يثبت للبائع حقّ الحبس إذا كان الثمن حالّاً ، وليس له الحبس إلى أن يستوفي الثمن المؤجّل. وكذلك ليس له الحبس إذا لم يتّفق التسليم إلى أن حلّ الأجل ، وبه قال الشافعي(٥) .

ج - لو ابتدأ المشتري بالتسليم إمّا تبرّعاً أو إجباراً على تقدير وجوبه ، فالحكم في البائع كالحكم في المشتري في المسألة.

د - لو هرب المشتري قبل وزن الثمن وهو معسر مع عدم الإقباض ، احتمل أن يملك البائع الفسخ في الحال ؛ لتعذّر استيفاء الثمن. والصبر ثلاثة أيّام ؛ للرواية(٦) . والأوّل أقوى ؛ لورودها في الباذل.

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : ثمنها. وتأنيث الضمير باعتبار السلعة. وما أثبتناه لأجل السياق.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٤ ، المغني ٤ : ٢٩٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣.

(٣) المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣.

(٤) كذا ، والظاهر : البيع.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٣.

(٦) الكافي ٥ : ١٧١ / ١١ ، الفقيه ٣ : ١٢٧ / ٥٥٤ ، التهذيب ٧ : ٢١ / ٨٨.

١١٢

وإن كان موسراً ، أثبت البائع ذلك عند الحاكم ، ثمّ إن وجد الحاكم له مالاً ، قضاه ، وإلّا باع المبيع وقضى منه ، والفاضل للمشتري ، والمعوز عليه.

مسألة ٦٢ : ليس للبائع الامتناع من تسليم المبيع بعد قبض الثمن لأجل الاستبراء‌ ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد(١) .

وحُكي عن مالك ذلك في القبيحة ، أمّا الجميلة فتوضع على يدي عَدْلٍ حتى تستبرأ ؛ لأنّ التهمة تلحقه فيها فمنع منها(٢) .

وليس بجيّد ؛ فإنّه مبيع لا خيار فيه ، قبض ثمنه فوجب دفعه إليه كغيره. والتهمة لا تمنعه من التسلّط ، كالقبيحة.

ولو طالب المشتري البائعَ بكفيلٍ لئلّا تظهر حاملاً ، لم يكن له ذلك ؛ لأنّه ترك التحفّظ لنفسه حال العقد.

النظر الثالث : في حكمه.

وله حكمان : انتقال الضمان إلى المشتري ، وتسويغ التصرّفات. فهنا مطلبان :

الأوّل : الضمان. ولا خلاف عندنا في أنّ الضمان على البائع قبل القبض مطلقاً ، فلو تلف حينئذٍ ، انفسخ العقد ، وسقط الثمن - وبه قال الشافعي وأحمد في روايةٍ(٣) ، وهو محكي عن الشعبي وربيعة(٤) - لأنّه‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣ - ١٢٤.

(٢) المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٤.

(٣) الوسيط ٣ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ١٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٦ - ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٩ ، منهاج الطالبين : ١٠٢ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٩ ، المغني ٤ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٨.

(٤) لم نعثر على قولهما فيما بين أيدينا من المصادر.

١١٣

قبض مستحقّ بالعقد ، فإذا تعذّر ، انفسخ البيع ، كما لو تفرّقا قبل القبض في الصرف.

وقال أبو حنيفة : كلّ مبيعٍ تلف قبل قبضه فهو من ضمان البائع إلّا العقار(١) .

وقال مالك : إذا هلك المبيع قبل القبض ، لا يبطل البيع ، ويكون من ضمان المشتري ، إلّا أن يطالبه به فلا يسلّمه ، فيجب عليه قيمته للمشتري - وبه قال أحمد وإسحاق - لقوله ٧ : « الخراج بالضمان »(٢) ونماؤه للمشتري ، فضمانه عليه. ولأنّه من ضمانه بعد القبض فكذا قبله ، كالميراث(٣) .

ولا حجّة في الخبر ، لأنّه لم يقل : « الضمان بالخراج » والخراج : الغلّة ، والميراث لا يراعى فيه القبض وهنا يراعى ، فإنّه يراعى في الدراهم والدنانير ، بخلاف الميراث فيهما ، وهذا مذهب مالك ، وهو اختيار أحمد(٤) .

ونقل عنهما معا أنّ المبيع إذا لم يكن مكيلا ولا موزونا ولا معدودا ، فهو من ضمان المشتري ، ومنهم من أطلق(٥) ، كما تقدّم.

تذنيب : لو أبرأ المشتري البائع عن ضمان المبيع ، لم يبرأ ، وحكم العقد لا يتغيّر‌ - وبه قال الشافعي(٦) - فلو تلف المبيع قبل القبض ، انفسخ‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٨.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٤ ، ٢٢٤٣ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٨٤ ، ٣٥٠٨ - ٣٥١٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٢١ و ٣٢٢ ، مسند أحمد ٧ : ٧٤ ، ٢٣٧٠٤.

(٣) الوسيط ٣ : ١٤٣ ، المحلّى ٨ : ٣٧٩ ، المغني ٤ : ٢٣٧ و ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٧ و ١٢٩.

(٤) انظر : المغني ٤ : ١٩٢ ، والشرح الكبير ٤ : ١٧٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٧.

(٦) منهاج الطالبين : ١٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٧.

١١٤

العقد ، وسقط الثمن عن المشتري إن لم يكن دفعه ، وإن كان قد دفعه ، استعاده.

وللشافعي قول آخر : إنّه لا ينفسخ العقد ، ولا يسقط الثمن عن المشتري(١) .

مسألة ٦٣ : إذا انفسخ العقد ، كان المبيع تالفاً على ملك البائع‌ ، فلو كان عبداً ، كان مؤونة تجهيزه عليه ، وبه قال الشافعي(٢) .

وهل يقدّر أنّه ينتقل الملك إليه قُبَيْل التلف ، أو يبطل العقد من أصله؟ فيه احتمال. وأصحّ وجهي الشافعيّة : الأوّل(٣) ، فالزوائد الحادثة في يد البائع - كالولد والثمرة والكسب(٤) - للمشتري ، وللبائع على الثاني.

مسألة ٦٤ : إذا تلف المبيع قبل القبض ، فإن تلف بآفة سماويّة ، فهو من مال البائع‌ على ما تقدّم.

فإن أتلفه المشتري ، فهو قبضّ منه ؛ لأنّه أتلف ملكه ، فكان كالمغصوب إذا أتلفه المالك في يد الغاصب ، يبرأ من الضمان ، وبه قال الشافعي(٥) .

وله وجه : أنّه ليس بقبض ولكن عليه القيمة للبائع ، ويستردّ الثمن ، ويكون التلف من ضمان البائع(٦) .

وإن أتلفه البائع ، قال الشيخ : ينفسخ البيع ، وحكمه حكم ما لو تلف‌

____________________

(١ و ٢) روضة الطالبين ٣ : ١٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٧.

(٣) روضة الطالبين ٣ : ١٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٨.

(٤) أي : كسب العبد المبيع مثلاً.

(٥) الوسيط ٣ : ١٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦١.

١١٥

بأمرٍ سماويّ ؛ لامتناع التسليم(١) . وهو أصحّ وجهي الشافعي - وبه قال أبو حنيفة - لأنّ المبيع مضمون عليه بالثمن ، فإذا أتلفه ، سقط الثمن(٢) .

والآخر له - وبه قال أحمد - : لا ينفسخ البيع ، ويكون كالأجنبي يضمنه بالمثل في المثلي ، وبالقيمة في غيره ، لانتقال الملك عنه إلى المشتري وقد جنى على ملك غيره ، فأشبه إتلاف الأجنبي(٣) .

وإن أتلفه أجنبيّ ، قال الشيخ : لا يبطل البيع ، بل يتخيّر المشتري بين الفسخ فيسترجع الثمن من البائع ؛ لأنّ التلف حصل في يد البائع ، وبين الإمضاء فيرجع على الأجنبي بالقيمة إن لم يكن مثليّاً ، ويكون القبض في القيمة قائم مقام القبض في المبيع ؛ لأنّها بدله(٤) . وبه قال أبو حنيفة وأحمد والشافعي في أحد القولين(٥) .

وهل للبائع حبس القيمة لأخذ الثمن؟ يحتمل ذلك ، كما يحبس المرتهن قيمة الرهن. والعدم ، لأنّ الحبس غير مقصود بالعقد حتى ينتقل إلى البدل ، بخلاف الرهن.

وللشافعي(٦) كالوجهين.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١١٧.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٩.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٩ ، المغني ٤ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٦.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١١٧.

(٥) المغني ٤ : ٢٣٦ - ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٥ - ١٢٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦١ - ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ، حلية العلماء ٤ : ٣٤٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٢.

١١٦

فروع :

أ - لو استغلّ البائعُ المبيعَ قبل القبض ثمّ تلف ، فلا اُجرة عليه‌ إن جعلنا إتلافه كالسماويّة ، وإلّا فعليه الاُجرة.

وللشافعي(١) كالوجهين.

ب - لو أكلت الشاة ثمنها المعيّن قبل القبض ، فإن كانت في يد المشتري ، فهو كما لو أتلفه. وإن كانت في يد البائع ، فهو كإتلافه. وكذا إن كانت في يد أجنبيّ ، فكإتلافه. وإن لم تكن في يد أحدٍ ، انفسخ البيع ؛ لأنّه هلك(٢) قبل القبض بأمرٍ لا ينسب إلى آدميّ ، فصار كالسماويّة.

ج - إتلاف الثمن المعيّن كالمثمن في الأحكام المذكورة هناك ، أمّا غير المعيّن فلا يبطل البيع بإتلافه. وكذا الثمن المضمون.

د - لو باع عيناً باُخرى وقبض إحداهما فباعها أو أعتقها أو استحقّت بالشفعة ثمّ تلفت الأخرى قبله ، بطل العقد الأوّل دون الثاني ، ويرجع مشتري التالفة بقيمة عينه ؛ لتعذّر ردّه ، وعلى الشفيع مثل الثمن ؛ لأنّه عوض الشقص. ولو تلفت العين الاُخرى قبل قبض المشتري الثاني ، بطل البيعان.

مسألة ٦٥ : لو تلف بعض المبيع قبل القبض بآفة سماويّة ، فإن كان للتالف قسطٌ من الثمن‌ ، كعبدٍ من عبدَيْن مات(٣) ، بطل العقد فيه عند كلّ مَن يُبطل البيعَ بالإتلاف.

وفي الآخر خلاف.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٢.

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : لأنّ المبيع هلك والصحيح ما أثبتناه ؛ لأنّ الفرض أنّ الهالك هو الثمن لا المبيع.

(٣) في « ك » زيادة : أحدهما.

١١٧

أمّا عندنا فلا يبطل ، بل يتخيّر المشتري في الفسخ ؛ لتبعّض الصفقة عليه ، والإمضاء.

وللشافعيّة قولان :

أحدهما : الفسخ بناءً على الإبطال بتفريق الصفقة.

والآخر : الصحّة على ذلك التقدير فرقاً بين الفساد المقترن بالعقد ، والطارئ(١) .

وإن لم يكن للتالف قسطٌ من الثمن ، كما لو سقطت يد العبد ، لعلمائنا قولان :

أحدهما : تخيير المشتري بين الفسخ والإمضاء مجّاناً مع القدرة على الفسخ ؛ لأنّه ارتضاه معيباً ، فكأنّه اشتراه معيباً عالماً بعيبه ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

والثاني : أنّ للمشتري مع اختيار الإمضاء الأرشَ ؛ لأنّه عوض الجزء الفائت قبل قبضه ، وكما لو تلف الجميع كان مضموناً على البائع فكذا البعض إمّا الجزء أو الوصف. وهو أقواهما عندي.

ولو تعيّب بفعل المشتري ، كما لو قطع يد العبد قبل قبضه ، فلا خيار له ؛ لأنّه أتلف ملكه ، فلا يرجع به على غيره ، ويجعل قابضاً لبعض المبيع حتى يستقرّ عليه ضمانه.

وإن مات العبد في يد البائع بعد الاندمال ، فلا يضمن اليد المقطوعة بأرشها المقدّر ولا بما نقص القطع من القيمة ، وإنّما يضمنها بجزء من‌

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٩٢ ، الوجيز ١ : ١٤٠ و ١٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٤١ و ٢٩٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩٢ ، المغني ٤ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٦.

١١٨

الثمن كما يضمن الكلّ بكلّ الثمن ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

وأصحّ وجهي الشافعيّة في كيفيّته - وبه قال ابن سُريج - : أنّه يقوّم صحيحاً ومقطوعاً ويؤخذ من الثمن بمثل نسبة التفاوت(١) ، فلو كان صحيحاً بعشرين ومقطوعاً بخمسة عشر ، فعليه ربع الثمن.

وأضعفهما : أنّه يستقرّ من الثمن بنسبة أرش اليد من القيمة ، وهو النصف ، فلو قطع يديه وانْدملتا ثمّ مات العبد في يد البائع ، وجب على المشتري تمام الثمن(٢) .

والثاني : أنّ إتلافه ليس بقبض ، فلا يكون قابضاً بشي‌ء من العبد ، ويضمن بأرشها المقدّر ، وهو نصف القيمة ، كالأجنبي(٣) .

ولو تعيّب بفعل أجنبيّ ، تخيّر المشتري بين الفسخ ، ويتبع البائع الجاني ، والإمضاء بجميع الثمن ، ويغرم الجاني.

قال بعض الشافعيّة : إنّما يغرم إذا قبض العبد لا قبله ؛ لجواز انفساخ البيع بموت العبد في يد البائع(٤) .

ثمّ الغرامة الواجبة على الأجنبي نصف القيمة أو ما نقص من القيمة بالقطع؟ قولان للشافعيّة ، أصحّهما : الأوّل(٥) .

ولو تعيّب بفعل البائع ، احتمل جَعْل جنايته كالأجنبي ، فيتخيّر المشتري بين الفسخ والرجوع عليه بالأرش. وكالسماويّة - وهو الأشهر من وجهي الشافعيّة(٦) - فيتخيّر بين الفسخ والإمضاء مجّاناً.

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : بمثل تلك نسبة التفاوت. والصحيح ما أثبتناه.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٤ - ١٦٥.

(٤) القائل هو الماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٥ ، وكما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٦٥.

(٥ و ٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩٢ - ٢٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٥.

١١٩

فروع :

أ - احتراق سقف الدار أو تلف بعض الأبنية كتلف عبدٍ من عبدين ؛ لأنّه يمكن إفراده بالبيع بتقدير الاتّصال والانفصال ، بخلاف يد العبد ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. والآخر : أنّه كسقوط يد العبد(١) .

ب - النقص ينقسم إلى فوات صفة ، وهو العيب ، وإلى فوات جزء ، وينقسم إلى ما لا ينفرد بالقيمة والماليّة ، كيد العبد ، وهو في معنى الوصف ، وإلى ما ينفرد ، كأحد العبدين.

ج - المبيع بصفة أو رؤية متقدّمة من ضمان البائع حتى يقبضه المبتاع‌ - وبه قال أصحاب أحمد(٢) - وإن لم يكن مكيلاً أو موزوناً ؛ لتعلّق حقّ التوفية به ، فجرى مجرى الكيل.

وقال أحمد : لو اشترى من رجل عبداً بعينه فمات في يد البائع ، فهو من مال المشتري ، إلّا أن يطلبه فيمنعه البائع. ولو حبسه عليه ببقيّة الثمن ، فهو غاصب ، ولا يكون رهناً إلّا أن يكون قد اشترط في نفس البيع الرهن(٣) .

المطلب الثاني : في التصرّفات.

مسألة ٦٦ : لعلمائنا في بيع ما لم يقبض أقوال أربعة :

الجواز على كراهيّة مطلقاً‌ - وبه قال البتّي(٤) خاصّة - للأصل الدالّ‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦٦.

(٢) المغني ٤ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٥.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٨.

(٤) المغني ٤ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٥ ، وانظر : بداية المجتهد ٢ : ١٤٤.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458