تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202147 / تحميل: 6026
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وقال ابن سيرين : الجنس الواحد هو العلّة(١) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يؤخذ البعير بالبعيرين لـمّا أنفذ بعض الجيوش وقد نفدت الإبل(٢) .

وهذا البحث ساقط عنّا ؛ لأنّا نعتبر النصّ لا القياس ، فمهما دلّ على شي‌ء عملنا به ، وقد سُئل الصادقعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال : « لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(٣) .

مسألة ٧٦ : قد بيّنّا أنّ كلّ مكيل أو موزون يجري فيه الربا مع الشرائط سواء اُكل أو لا.

أمّا الشافعي حيث علّل بالطعم اعتبره ، فكلّ موضع لا يثبت فيه الطعم لا يثبت فيه الربا إلّا النقدين.

ولا فرق عنده بين أن يُؤكل للتداوي ، كالهليلج والسقمونيا وغيرهما ، وبين ما يؤكل لسائر الأغراض.

وقسّم المطعومات إلى أربعة : ضرْب يؤكل قوتاً ، وآخر يؤكل تأدّماً ، وثالث يؤكل تفكّهاً ، ورابع يؤكل تداوياً. ويجري الربا في ذلك كلّه لا في مأكول الدوابّ ، كالقضب والحشيش والنوى(٤) .

وحُكي وجهٌ للشافعيّة : أنّ ما يهلك كثيره ويستعمل قليله في الأدوية‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢. المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٨.

(٢) علل الحديث ١ : ٣٩٠ / ١١٦٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٤) المجموع ٩ : ٣٩٧ و ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ و ٧٣.

١٤١

- كالسقمونيا - لا يجري فيه الربا(١) .

وفي الزعفران عندهم وجهان :

أصحّهما : جريان الربا فيه ؛ لأنّ المقصود الأظهر منه الأكل تنعّماً أو تداوياً إلّا أنّه يمزج بغيره.

والثاني : لا يجري ؛ لأنّه يقصد منه الصبغ واللون(٢) ، وهو قول القاضي أبي حامد(٣) .

والطين الخراساني لا يُعدّ مأكولاً ، ويُسفَّه آكِلُه - وإنّما يأكله قومٌ لعارضٍ بهم - ولو كان مستطاباً ؛ لاشتراك الكلّ في استطابته ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : « لا تأكلي الطين فإنّه يُصفّر اللون »(٤) ويجري آكل ذلك مجرى من يأكل التراب والخزف ، فإنّ من الممكن من يأكل ذلك ، فلا ربا فيه.

وعند بعضهم أنّه ربويّ(٥) .

والأرمني دواء ، كالهليلج.

وفيه وجه آخر لهم : أنّه لا ربا فيه ، كسائر أنواع الطين(٦) ، وهو قول القاضي ابن كج(٧) .

وأمّا دهن البنفسج والورد واللبان ففيه لهم وجهان ، أحدهما : ثبوت الربا ؛ لأنّها متّخذة من السمسم اكتسبت رائحة من غيره ، وإنّما لا يؤكل في‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ - ٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٤) كما في المغني ٤ : ١٣٩.

(٥و٦) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

١٤٢

العادة ضنّاً بها(١) .

وفي دهن الكتّان وجهان عندهم ، أصحّهما : أنّه ليس بربويّ ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل(٢) .

وكذا دهن السمك ؛ لأنّه يُعدّ للاستصباح وتدهين السُّفُن لا للأكل(٣) .

وفي وجهٍ : أنّه مال ربا ؛ لأنّه جزء من السمك(٤) .

وفي حبّ الكتّان وجهان(٥) ، وكذا في ماء الورد(٦) .

ولا ربا عندهم في العُود والمصطكي(٧) .

وأمّا الماء ففي صحّة بيعه وثبوت الملك فيه وجهان ، فعلى الجديد فيه وجهان أيضاً :

أصحّهما : أنّه ربويّ ؛ لأنّه مطعوم ، لقوله تعالى :( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٨) .

والثاني : لا ربا فيه ؛ لأنّه ليس مأكولاً(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ - ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ و ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٧٣.

(٣ و٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥.

(٧) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٨) البقرة : ٢٤٩.

(٩) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ - ٧٤.

١٤٣

ولا ربا في الحيوان ؛ لأنّه لا يؤكل على هيئته ، وما يُباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجهٍ يجري فيه الربا(١) .

والحقّ عندنا في ذلك كلّه ثبوت الربا في كلّ مكيل أو موزون ، سواء كان مأكولاً أو لا. والسمك يوزن ، فيجري فيه الربا مطلقاً.

مسألة ٧٧ : إذا بِيع مالٌ بمالٍ فأقسامه ثلاثة :

الأوّل : أن لا يكون شي‌ء منهما ربويّاً.

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر.

الثالث : أن يكونا ربويّين.

فالأوّل لا يجب فيه رعاية التماثل قدراً ولا الحلول ولا التقابض في المجلس ، اتّحدا جنساً أو لا ، فيجوز بيع ثوبٍ بثوبين ، وعبد بعبدين ، ودابّة بدابّتين ، وبيع ثوبٍ بعبد وعبدين نقداً ونسيئةً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به ما لم يكن فيه كيل ولا وزن »(٤) .

وسأل منصورُ بن حازم الصادقَعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال :

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٢) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ - ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٩ / ٢٦١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٦ - ٥٧.

(٤) التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ - ١٠١ / ٣٤٩.

١٤٤

« لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام : « لا بأس بالثوب بالثوبين »(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز إسلاف الشي‌ء في جنسه(٣) . فلا يجوز بيع فرس بفرسين سلفاً ولا نسيئةً ، بل يجب التقابض في المجلس عنده ، وهو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة(٤) . ولأنّ الجنس أحد وصفَي علّة تحريم التفاضل ، فيحرم فيه النسأ، كالوصف الآخر(٥) .

وتُحمل الرواية على النساء في الطرفين ، أو على أنّ النهي للتنزيه نهي كراهة لا نهي تحريم. والربا عندنا يثبت لا لعلّة ، بل للنصّ على ثبوته في كلّ مكيل أو موزون ، وإباحة التفاضل فيما عداهما ، على أنّه منقوض بإسلاف الدراهم في الحديد.

وقال مالك : يجوز إسلاف أحد الشيئين في مثله متساوياً لا متفاضلاً.

ولا يجوز بيع حيوان بحيوانين من جنسه بصفة يقصد بهما أمراً واحداً إمّا الذبح أو غيره ؛ لأنّ الغرض إذا كان بهما سواء ، كان بيع الواحد باثنين نسيئةً ذريعةً إلى الربا(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٢) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٨.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٣ / ٢٢٧٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٨ / ١٢٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ٢٤٧ / ٦٨٤٧ ، و ٢٤٨ / ٦٨٥١ ، و ٢٧٣ / ٦٩٤٠.

(٥) المغني ٤ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥.

١٤٥

ويبطل بقولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبِيعوا كيف شئتم »(١) .

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر ، كبيع ثوبٍ بدراهم أو دنانير ، أو بيع حيوان بحنطة أو شعير. وحكمه كالأوّل ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر - وإن كان أزيد قيمةً منه - نقداً ونسيئةً؛ للإجماع على السلف والنسيئة مع تغاير الثمن - الذي هو أحد النقدين - والمثمن ، إلّا الصرف خاصّةً ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

الثالث كالأوّل عندنا ؛ للإجماع على إسلاف أحد النقدين في البُرّ أو الشعير أو غيرهما من الربويّات والمكيلات ، والنسيئة أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : إن اختلفت العلّة فيهما ، كالذهب بالقوت ، فلا تجب رعاية التماثل ولا الحلول ولا التقابض ، فيجوز إسلاف أحد النقدين في البُرّ ، أو بيع الشعير بالذهب نقداً أو نسيئةً.

وإن اتّفقت العلّة ، فإن اتّحد الجنس ، وجب فيه رعاية التماثل والحلول والتقابض في المجلس ، كما لو باع الذهب بالذهب والبُرّ بالبُرّ ، وثبت فيه أنواع الربا الثلاثة - وعندنا لا يجب الثالث إلّا في الصرف - وإن اختلف الجنس ، لم يجب التماثل ، بل الحلول والتقابض في المجلس ؛ لقولهعليه‌السلام : « ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبُرّ بالشعير والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٣) (٤) .

____________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦ ، المغني ٤ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٧.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧ - ٤٨.

١٤٦

والجواب : يحتمل أن يكون التقييد باليد على سبيل الأولويّة ، أو في الصرف.

فروع :

أ - يكره بيع الجنسين المختلفين متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فلا يصلح »(١) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فإنّه لا يصلح »(٢) .

ب - المصوغ من أحد النقدين لا يجوز بيعه بجنسه‌ من التبر أو المضروب متفاضلاً بل بوزنه وإن كان المصوغ أكثر قيمةً. وكذا الصحيح والمكسّر لا يجوز التفاضل فيهما مع اتّحاد الجنس - وبه قال الشافعي(٣) - لما رواه عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقايةً من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال أبو الدرداء : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن مثل هذا إلّا مِثْلاً بمثل ، فقال له معاوية : ما أرى بهذا بأساً ، قال أبو الدرداء : مَنْ يعذرني من هذا ، اُخبره عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويُخبرني عن رأيه ، والله لا ساكنتك بأرضٍ أنت فيها ، ثمّ قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك ، فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلّا وزناً بوزن مِثْلاً بمِثْلٍ(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ - ٩٤ / ٣٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٤ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٣.

١٤٧

وقال مالك : يجوز أن يبيعه بقيمته من جنسه(١) . وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه(٢) .

واحتجّ مَنْ أجازه : بأنّ الصنعة لها قيمة ، ولهذا لو أتلفه وجبت قيمته وإن زادت.

والجواب : لا نسلّم أنّ الصنعة تدخل في البيع وإن قوّمت على الغاصب. سلّمنا لكن لا نسلّم أنّه يقوّم بجنسه بل بغير جنسه.

ج - الفلوس يثبت الربا فيها عندنا ؛ لأنّها موزونة ، وبه قال أبو حنيفة(٣) ، وهو وجه ضعيف للشافعيّة ؛ لحصول معنى الثمنيّة(٤) .

وفي الأظهر عندهم : انتفاء الربا ؛ لانتفاء الثمنيّة والطعم ، والوزن والكيل ليسا علّةً عندهم(٥) وقد تقدّم بطلان التعليل.

د - يكره بيع أفراد الجنس الواحد إذا لم يدخله الكيل والوزن متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « البعير بالبعيرين والدابّة بالدابّتين يداً بيد ليس به بأس »(٦) وهو يدلّ بمفهومه على كراهيّة النسيئة فيه.

ه- لا يشترط التقابض في المجلس مع اتّحاد الجنس واختلافه إلّا في الصرف‌ - وبه قال بعض الشافعيّة(٧) - لأنّهما عينان من غير جنس الأثمان ، فجاز التفرّق فيهما قبل القبض ، كالحديد. نعم ، يشترط الحلول‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٢) المصادر في الهامش (١) ما عدا العزيز شرح الوجيز.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٤ و ٥) المجموع ٩ : ٣٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٦) الكافي ٥ : ١٩٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٧٧ / ٧٩٧ ، التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١١ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ / ٣٤٧.

(٧) روضة الطالبين ٣ : ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

١٤٨

مع الاتّفاق جنساً.

وقال بعض الشافعيّة : إذا كانا ربويّين ، وجب فيهما القبض قبل التفرّق ، كالذهب والفضّة(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : « لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البُرّ بالبُرّ ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلّا سواء بسواء عيناً بعين يداً بيد »(٢) .

والجواب : أنّه لا يدلّ على المنع مع عدم التقابض إلّا من حيث المفهوم ، وهو ضعيف.

مسألة ٧٨ : لعلمائنا قولان في أنّ الحنطة والشعير هل هُما جنس واحد أو جنسان؟

والأقوى عندي : الأوّل - وبه قال مالك والليث والحكم وحمّاد(٣) - لأنّ معمر بن عبد الله بعث غلاماً له ومعه صاع من قمح ، فقال : اشتر شعيراً ، فجاءه بصاع وبعض صاع ، فقال له : ردّه ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، وطعامنا يومئذٍ الشعير(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يصلح الشعير بالحنطة إلّا واحداً بواحد »(٥) .

____________________

(١) روضة الطالبين ٣ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٠ ، ١٥٨٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ ، ١١٠٢١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١١ ، المغني ٤ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩ - ١٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٤ / ١٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٤ / ٨٣ و ٨٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٠.

(٥) الكافي ٥ : ١٨٩ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٨.

١٤٩

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ » وسُئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد إلّا شعيراً أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال : « لا ، إنّما أصلهما واحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تبع الحنطة بالشعير إلّا يداً بيد ، ولا تبع قفيزاً من حنطة بقفيزين من شعير »(٢) .

ولأنّ أحدهما يُغشّ بالآخر ، فهُما كنوعي جنسٍ واحد.

وقال بعض(٣) علمائنا : إنّهما جنسان يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً يداً بيد ونسيئةً - وبه قال الشافعي(٤) - لقولهعليه‌السلام : « بيعوا الذهب بالورق ، والورق بالذهب ، والبُرّ بالشعير ، والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٥) .

ولأنّهما لا يشتركان في الاسم الخاصّ ، فكانا جنسين ، كالشعير والذرّة.

وأجابوا عن حديث معمر بأنّه أعمّ من هذا الحديث. والغشّ ينتقض بالفضّة ، فإنّه يُغشّ بها الذهب.

والجواب : أنّ الراوي فهم تناول الطعام لصورة النزاع. وبالجملة فالتعويل على أحاديث الأئمّةعليهم‌السلام . والاختصاص بالاسم لا يُخرج الماهيّات عن التماثل ، كالحنطة والدقيق.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٨.

(٣) هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٥٤.

(٤) الاُمّ ٣ : ٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، المحلّى ٨ : ٤٩٢ ، المغني ٤ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩.

(٥) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ / ١١٠٢١.

١٥٠

مسألة ٧٩ : ثمرة النخل كلّها جنس واحد‌ ، كالبَرْنِيّ والمعقلي والآزاد والدقل وإن كان رديئاً في الغاية لا يجوز التفاضل فيه نقداً ولا نسيئةً ، فلا يباع مُدٌّ من البَرْنيّ بمُدَّيْن من الدقل وكذا البواقي لا نقداً ولا نسيئةً ، وكذا ثمرة الكرم كلّها جنس واحد ، كالأسود والأبيض والطيّان والرازقي ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يباع مختومان من شعير بمختومٍ من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، والتمر مِثْل ذلك»(١) .

وكان عليّعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر(٢) .

وفي حديثٍ آخر ذلك وزيادة : « ولم يكنعليه‌السلام يكره الحلال »(٣) .

وسُئل عن الطعام والتمر والزبيب ، فقال : « لا يصلح شي‌ء منه اثنان بواحد إلّا أن تصرفه نوعاً إلى نوع آخر ، فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر »(٤) وإطلاق التمر يدلّ على اتّحاده حقيقةً.

وقال الباقرعليه‌السلام : « يكره وسق من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، لأنّ تمر المدينة أجودهما»(٥) .

تذنيب : الطلع كالثمرة في الاتّفاق وإن اختلفت اُصولهما‌ ، وطلع الفحل كطلع الإناث.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠٠ ، و ٩٧ / ٤١٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٩٦ - ٩٧ / ٤١٢ ، وصدر الحديث فيهما هكذا :

كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر.

(٤) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٤ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٦.

(٥) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٥ ، التهذيب ٧ : ٩٥ - ٩٦ / ٤٠٨.

١٥١

مسألة ٨٠ : اللحوم أجناس مختلفة باختلاف اُصولها‌ ، فلحم الغنم ضأنه وما عزه جنس واحد ، ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأوّل ، ولحم الإبل عرابها وبخاتيّها جنس آخر مغاير للأوّلين ، وكذا باقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع - وهو أصحّ قولي الشافعي ، وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد في رواية(١) - لأنّها فروع اُصول مختلفة هي أجناس متعدّدة ، وكانت أجناساً كاُصولها ، كما في الأدقّة والخلول. ولأنّها متفاوتة في المنافع ومتخالفة في الأغراض والغايات ، فأشبهت المختلفات جنساً.

وللشافعي قول آخر : إنّها جنس واحد ، فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلّها جنس واحد - وهو رواية عن أحمد أيضاً - لأنّها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التمييز إلّا بالإضافة ، فكانت جنساً واحداً ، كأنواع الرطب والعنب ، وتخالف الثمار المختلفة بالحقيقة ، فإنّها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنّها امتازت بأساميها الخاصّة(٢) .

والجواب : المنع من الاشتراك في الاسم الخاصّ ، وليس إطلاق لفظ اللحم عليها إلّا كإطلاق الحيوان والجسم عليها.

وقال مالك : اللُّحْمان(٣) ثلاثة أصناف : الإنسي والوحشي صنف واحد ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اللحمان : جمع لحم. لسان العرب ١٢ : ٥٣٥ « لحم ».

١٥٢

والطير صنف ، ولحوم ذوات الماء صنف واحد - وهو رواية اُخرى عن أحمد إلّا أنّه جعل الوحشي صنفاً آخر - لأنّ لحم الطير لا تختلف المنفعة به ، ولا يختلف القصد في أكله(١) .

والجواب : يبطل بلحم الإبل ولحم الغنم ، فإنّها تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها.

فروع :

أ - الوحشيّ من كلّ جنس مخالف لأهليّة ، فالبقر الأهلي مع البقر الوحشيّ جنسان مختلفان ، والغنم الأهليّة والغنم الوحشيّة - وهي الظباء - جنسان ، والحُمُر الوحشيّة والأهليّة جنسان أيضاً عندنا ، وبه قال الشافعي في أصحّ القولين وأحمد(٢) ، خلافاً لمالك(٣) ، وقد سبق.

ب - لحم السمك مخالف لباقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع ، وهو أصحّ قولي الشافعي وأحمد في رواية(٤) .

وللشافعي قول : إنّ اللُّحْمان كلّها صنف واحد(٥) ، فعلى هذا القول في السمك عنده قولان:

أحدهما : أنّ لحومها ولحوم باقي الحيوانات البرّيّة جنس واحد ؛

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ - ١٥٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اُنظر : المصادر في الهامش (١).

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، وانظر : المغني ٤ : ١٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٢) من ص ١٥١.

١٥٣

لشمول الاسم لها ، قال الله تعالى :( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ) (١) (٢) .

والجواب : أنّه كشمول الثمار للتمر والتفّاح.

والثاني : أنّ الحيتان مخالفة لباقي اللحوم ؛ لأنّ لها اسماً خاصّاً ، ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم ، لم يحنث بلحوم الحيتان. ولأنّه لا يسمّى لحماً عند الإطلاق ، ولهذا لا يضاف اللحم إلى اسمه فيقال : لحم السمك ، كما يقال : لحم الإبل(٣) .

ج - لحم السمك هل هو جنس واحد أو أجناس؟ الأقوى : الأوّل ؛ لشمول اسم السمك للكلّ ، والاختلاف بالعوارض لا يوجب الاختلاف في الحقيقة.

ويحتمل أن يكون أجناساً متعدّدة ، فكلّ ما اختصّ باسمٍ وصفةٍ كان جنساً مخالفاً لما غايره ممّا اختصّ باسمٍ آخر وصفة اُخرى ، فالشبّوط والقطّان والبُنّي أجناس مختلفة ، وكذا ما عداها.

د - الأقوى في الحمام - وهو ما عبّ وهَدَر ، أو كان مطوّقاً على اختلاف التفسير - أنّه جنس واحد ، فلحم القماري والدباسي والفواخت جنس واحد ؛ لشمول اسم الحمام لها ، وتقاربها في المنافع.

ويحتمل تعدّدها بتعدّد ما يضاف إليه.

أمّا الحمام مع غيره من الطيور كالعصافير والدجج فأولى بالتغاير.

ه- الجراد جنس بانفراده مغاير لسائر اللحوم البرّيّة والبحريّة ، وهو ظاهر عند علمائنا حيث أوجبوا اختلاف اللحوم باختلاف اُصولها ، وهو‌

____________________

(١) فاطر : ١٢.

(٢ و ٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥.

١٥٤

أصحّ قولي الشافعي(١) . وفي قول آخر للشافعي : إنّه من جنس اللحوم ، فحينئذٍ هل هو من البرّيّة أو البحريّة؟ وجهان(٢) .

و - أعضاء الحيوان الواحد كلّها جنس واحد مع لحمه ، كالكرش والكبد والطحال والقلب والرئة ، والأحمر والأبيض واحد ، وكذا الشحوم كلّها بعضها مع بعض ومع اللحم جنس واحد ؛ لأنّ أصلها واحد ، وتدخل تحت اسمه.

وللشافعيّة في ذلك طريقان :

الأشهر عندهم أن يقال : إن جعلنا اللحوم أجناساً ، فهذه أولى ؛ لاختلاف أسمائها وصفاتها ، وإن قلنا : إنّها جنس واحد ، ففيها وجهان ؛ لأنّ مَنْ حلف أن لا يأكل اللحم لا يحنث بأكل هذه الأشياء على الصحيح.

والثاني عن القفّال أن يقال : إن جعلنا اللحوم جنساً واحداً ، فهذه مجانسة لها ، وإن جعلناها أجناساً ، فوجهان ؛ لاتّحاد الحيوان ، فأشبه لحم الظهر مع شحمه(٣) .

وكذا المخ جنس آخر عندهم. والجلد جنس آخر. وشحم الظهر مع شحم البطن جنسان. وسنام البعير معهما جنس آخر ، أمّا الرأس والأكارع فمن جنس اللحم(٤) .

والكلّ عندنا باطل ؛ فإنّ الحقّ تساوي هذه الأشياء. والتعلّق بالحنث أو بعدمه غير مفيد ؛ فإنّ اليمين يتبع الاسم وإن كانت الحقيقة واحدةً ، كما لو حلف أن لا يأكل خبزاً ، فأكل دقيقاً ، لم يحنث وإن كان واحداً.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٥

تنبيه : كلّ ما حكمنا فيه باختلاف الجنس وتغايره ، فإنّه يجوز بيع بعضه ببعض‌ متفاضلاً نقداً ونسيئةً إلّا الصرف ، فلا يجوز النسيئة فيه ، وكلّ ما حكمنا فيه بالتماثل فإنّه لا يجوز التفاضل فيه.

مسألة ٨١ : المشهور المنع من بيع اللحم بحيوان من جنسه‌ - وبه قال الفقهاء السبعة(١) ومالك والشافعي وأحمد(٢) - لما رواه الجمهور عن سعيد بن المسيّب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع اللحم بالحيوان(٣) . ومراسيل ابن المسيّب حجّة عندهم(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كره اللحم بالحيوان »(٥) .

ولأنّه نوعٌ في الربا بِيع بأصله الذي هو منه فلم يجز ، كما لو باع‌

____________________

(١) وهُمْ : سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمّد وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار. وفي السابع ثلاثة أقوال ، فقيل : سالم بن عبد الله بن عمر. وقيل : أبو سلمة بن عبد الرحمن. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

اُنظر : تهذيب الأسماء واللغات ١ : ١٧٢ ، ١٤٠ ، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٠ : ١٨.

(٢) المغني ٤ : ١٥٩ - ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الموطّأ ٢ : ٦٥٥ ، ٦٤ ، المراسيل - لأبي داود - : ١٣٣ ، ١٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧١ ، ٢٦٦.

(٤) اُنظر : مختصر المزني : ٧٨ ، والجرح والتعديل ٤ : ٦١ ، والكفاية - للخطيب البغدادي - : ٤٠٤ ، واللمع : ١٥٩ ، والحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والمجموع ( المقدّمة ) ١ : ٦٠ و ٦١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ : ٢٢١.

(٥) الكافي ٥ : ١٩١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٥ / ١٩٤ ، و ١٢٠ / ٥٢٥.

١٥٦

الشيرج(١) بالسمسم من غير اعتبارٍ.

والأقرب عندي : الجواز على كراهيّةٍ ؛ للأصل السالم عن معارضة ثبوت الربا ؛ لفقد شرطه ، وهو التقدير بالكيل أو الوزن ، المنفي في الحيوان الحيّ. وأمّا الكراهيّة : فللاختلاف.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني بالجواز ؛ لأنّه باع ما فيه الربا بما لا ربا فيه فجاز ، كما لو باع الحيوان بالدراهم(٢) .

وقال محمّد بن الحسن : يجوز على اعتبار اللحم في الحيوان ، فإن كان دون اللحم الذي في مقابلته ، جاز(٣) .

فروع :

أ - الممنوع إنّما هو بيع لحم الحيوان بجنسه ، أمّا بغير جنسه - كلحم الشاة بالإبل - فإنّه يجوز ؛ لجواز بيع لحم أحدهما بلحم الآخر فبالآخر حيّاً أولى.

أمّا الشافعيّة : ففي كون اللحوم كلّها جنساً واحداً أو أجناساً(٤) متعدّدة عندهم قولان ، فإن قالوا بالوحدة ، لم يجز بيع لحم الشاة بالإبل الحيّة ، ولا لحم البقر بالشاة الحيّة وكذا البواقي. وإن قالوا باختلاف ، فقولان :

____________________

(١) الشيرج : دهن السمسم. تاج العروس ٢ : ٦٤ « شرج ».

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، المغني ٤ : ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، مختصر المزني : ٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « جنس واحد أو أجناس » بالرفع.

١٥٧

أحدهما : المنع ؛ لأنّ أبا بكر منع من بيع العناق بلحم الجزور(١) .

والجواب : أنّ فعل أبي بكر وقوله ليس حجّةً.

والثاني(٢) : الجواز - وبه قال مالك وأحمد - لأنّه يجوز بيعه بلحمه فجواز بيعه به أولى(٣) .

ب - يجوز بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالآدمي والسبع وغيرهما ، عندنا ؛ لجواز بيعه بجنسه فبغيره حيّاً أولى. ولأنّ سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ، وهو منفيّ هنا ، وبه قال مالك وأحمد ، لأنّ الحيوان لا ربا فيه جملة فجاز بيعه بما فيه الربا(٤) .

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : المنع - وهو اختيار القفّال - لعموم السنّة(٥) . وهو ممنوع.

ج - يجوز بيع اللحم بالسمكة الحيّة ، ولحم السمك بالحيوان الحيّ عندنا ؛ لما تقدّم.

وعند الشافعي قولان ، أحدهما : أنّ لحم السمك إن كان من جملة اللحم ، كان كما لو باع لحم غنم ببقر. وإن كان ليس من جملة اللُّحْمان ،

____________________

(١) رواه الشافعي في مختصر المزني : ٧٨ ، وأورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢٨٤ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، وكذلك ابنا قدامة في المغني ٤ : ١٦٢ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» هكذا : وإن قالوا بالتعدّد والثاني. وجملة « وإن قالوا بالتعدّد » زائدة ؛ حيث ذكرها المصنّفقدس‌سره آنفاً بقوله : وإن قالوا بالاختلاف.

(٣) الوسيط ٣ : ٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ - ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٣ - ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٤) التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٨

فقولان ؛ لوقوع اسم اللحم والحيوان عليه. والثاني : الجواز(١) .

د - يجوز بيع الشحم والألية والطحال والقلب والكِلية والرئة بالحيوان عندنا‌ - وللشافعيّة وجهان(٢) - وكذا السنام بالإبل ؛ للنهي عن بيع اللحم بالحيوان ، ولم يرد في غيره.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه في معنى اللحم.

وكذا الوجهان في بيع الجلد بالحيوان إن لم يكن مدبوغاً [ وإن كان مدبوغاً ](٣) فلا منع. وعلى الوجهين أيضاً بيع لحم السمك بالشاة(٤) .

ه- يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية من البيض ، أو بدجاجة فيها بيضة ، أو ببيضة لا غير ؛ لوجود المقتضي ، وهو عموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٥) السالم عن معارضة الربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن هنا.

ومَنَع الشافعيّة من بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة قولاً واحداً ؛ لأنّ ذلك بمنزلة بيع اللبن بالحيوان اللبون(٦) . وسيأتي.

مسألة ٨٢ : الألبان تابعة لاُصولها تختلف باختلافها وتتّفق باتّفاقها‌ ، فلبن الغنم ضأنه ومعزه(٧) جنسٌ ، ولبن الإبل عرابها وبخاتيّها جنسٌ آخر مغاير للأوّل ، ولبن البقر عرابها وجاموسها جنس واحد مخالف للأوّلين.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) نفس المصدر في الهامش (٢).

(٥) البقرة : ٢٧٥.

(٦) الذي عثرنا عليه في المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ هو منع بيع بيضة بدجاجة في جوفها بيض.

(٧) في « ق ، ك» : ماعزه.

١٥٩

ولبن الوحشي مخالف للإنسي ، فلبن البقر الوحشي(١) مخالف للبن البقر الإنسي. وكذا لبن الظبي ولبن الشاة جنسان ، عند علمائنا أجمع.

وقد نصّ الشافعي على أنّ الألبان أجناس(٢) ، ولم يذكر غير ذلك ، إلّا أنّ له في اللُّحْمان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد - قاله أصحابه - لا فرق بينها(٣) (٤) ، فجعلوا في الألبان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد ، وهو المشهور عن أحمد. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّها أجناس ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

لنا : أنّها فروع تابعة لاُصول مختلفة بالحدّ والحقيقة ، فكانت فروعها تابعةً لها ، كالأدهان والخُلول - وهذا بخلاف اللُّحْمان ، فإنّ للشافعي قولاً بالتماثل فيها(٦) - لأنّ الاُصول التي حصل اللبن منها باقية بحالها وهي مختلفة ، فيدام حكمها على الفروع ، بخلاف اُصول اللحم.

احتجّ الآخرون بأنّ الألبان اشتركت في الاسم الخاصّ في أوّل حال‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : بقر الوحش.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» : بينهما. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، الوسيط ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ و ١٥٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

١٦٠

حدوث الربا فيها ، فكانت جنساً واحداً ، كثمار النخل ، المختلفة الأنواع ، بخلاف الخُلول والأدهان ؛ لأنّ دخول الربا حصل في اُصولها قبل اشتراكها في الاسم.

والجواب : الطلع جنس واحد.

فروع :

أ - يجوز بيع لبن البقر بلبن الغنم متماثلاً ومتفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ؛ لاختلاف الجنس ، وهو أحد قولي الشافعي(١) .

ولبن الوحشي والإنسي جنسان ، ولهذا لا يضمّ إليها في الزكاة ولا ينصرف إطلاق الاسم إليها.

وفي قولٍ آخر له : إنّها جنس(٢) ، فلا يباع بعضه ببعضٍ متفاضلاً لا نقداً ولا نسيئةً.

ب - يجوز بيع الرطب بالرطب متماثلاً لا متفاضلاً على ما يأتي.

ومَنَع الشافعي من ذلك(٣) ، وجوّز في اللبن بيع بعضه ببعض متساوياً(٤) . وفرّق أصحابه(٥) بوجهين :

____________________

(١) الاُم ٣ : ٢٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) راجع المصادر في الهامش (٤) من ص ١٥٩.

(٣) الاُم ٣ : ٢٠ ، مختصر المزني : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٤ ، الوجيز ١ : ١٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ و ٨٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٥) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢.

١٦١

الأوّل : اللبن معظم منفعته في حال رطوبته ، وبقاء رطوبته من مصلحته ، بخلاف الرطب ؛ فإنّ رطوبته تفسده ، ومعظم منفعته إذا جفّ.

الثاني : الرطب ينتهي إلى حال الجفاف بنفسه ، فاعتبرت تلك الحال ، واللبن لا ينتهي إلى حال الجفاف بنفسه ، بل ربما يطرح معه غيره ليتجفّف ، فلم ينتظر به هذه الحال.

ج - يجوز بيع الجنس بعضه ببعض إذا لم يخالطه غيره ، فإن خالطه ماء أو ملح أو إنفحة وإن كان كثيراً ، لم يؤثّر في الجواز ، خلافاً للشافعي(١) .

لنا : أنّه مع الممازجة إن كان التساوي في الجنس باقياً ، جاز البيع مع التساوي قدراً ، وإن زال وحصل الاختلاف ، جاز مع التساوي قدراً ، وعدمه.

ولو باع حليباً بلبن قد حمض وتغيّر ولم يخالطه غيره ، جاز عندنا وعنده(٢) ؛ لأنّ تغيّر الصفة لا يمنع من جواز البيع ، كالجودة والرداءة.

مسألة ٨٣ : الأدهان تتبع أصولها ، وكذا الخلول والأدقّة والسمون‌ والعصير والدبوس والبيوض إن اعتبرنا العدد ، فدهن الشيرج والبزر ودهن اللوز والجوز أجناس مختلفة يباع بعضها ببعض متماثلاً ومتفاضلاً نقداً ، وفي النسيئة الأقوى : الكراهة ؛ لأنّها فروع أجناس مختلفة ، فتختلف باختلافها.

وخَلّ العنب وخَلّ التمر جنسان ، وكذا عصير العنب مع عصير الرطب جنسان ، ودبسهما جنسان أيضاً.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

١٦٢

ودقيق الحنطة ودقيق الشعير جنس واحد ، أمّا دقيق أحدهما مع دقيق الدخن أو الذرّة أو الباقلاء فجنسان.

وسمن الغنم وسمن البقر وسمن الإبل أجناس متعدّدة باختلاف اُصولها.

وكذا السمن والزيت ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - وقد سُئل عن الزيت بالسمن اثنين بواحد ، قال : « يداً بيد لا بأس »(١) .

وبيض الدجاج والنعام والطيور أجناس مختلفة باختلاف الاُصول ، وهو المشهور من مذهب الشافعي(٢) .

وفي الأدقّة حكاية قولٍ عن أمالي حرملة أنّها جنس واحد(٣) .

وأبعد منه وجهٌ ذكره الشافعيّة في الخُلول والأدهان ، ويجري مثله في عصير العنب وعصير الرطب(٤) .

وبيوض الطيور أجناس عندهم إن قالوا بتعدّد اللُّحْمان ، وإلّا فوجهان ، أصحّهما : التعدّد في البيوض عندهم(٥) .

والزيت المعروف مع زيت الفجل - وهو دهن يتّخذ من بزر الفجل يسمّى زيتاً - جنسان ؛ لأنّه يصلح لبعض ما لا يصلح له الزيت.

ومن الشافعيّة من ألحقهما(٦) باللُّحْمان(٧) .

والتمر من النخل مع التمر الهندي جنسان ؛ لاختلافهما في الحقيقة‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩ ، و ٩٧ / ٤١٦ ، و ١٢١ / ٥٢٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٦) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ألحقها. والصحيح ما أثبتناه.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

١٦٣

والأصول.

وعن [ ابن القطان ](١) من الشافعيّة وجهٌ : أنّهما واحد(٢) .

والبطّيخ المعروف مع الهندي مختلفان.

وللشافعيّة فيه قولان(٣) .

وكذا القثّاء مع الخيار.

والبقول - كالهندباء والنعنع وغيرهما - أجناس ؛ لاختلافهما حقيقةً وجنساً.

مسألة ٨٤ : الأصل مع كلّ فرعٍ له واحدٌ‌ ، وكذا فروع كلّ أصل واحدٌ - وذلك كاللبن الحليب مع الزُّبْد والسمن والمخيض واللِّبَأ والشيراز(٤) والأقِط والمـَصْل(٥) والجبن والترجين(٦) والكشك والكامخ ، والسمسم مع الشيرج والكُسْب والراشي ، وبزر الكتّان مع حبّه ، والحنطة مع الدقيق والخبز على اختلاف أصنافه من الرقاق والفرن وغيرهما ومع الهريسة ، والشعير مع السويق ، والتمر مع السيلان والدبس والخَلّ منه والعصير منه ، والعنب مع دبسه وخَلّه ، والعسل مع خَلّه ، والزيت مع الزيتون وغير ذلك - عند علمائنا‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : أبي العطاف. وذلك تصحيف. وما أثبتناه كما في المصدر ، وهو الموافق لما في تاريخ بغداد ٤ : ٣٦٥ / ٢٢٢٩ ، وطبقات الفقهاء - للشيرازي - : ١٢١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ : ٢١٤ / ٣٢٧ ، وطبقات الشافعيّة - للاسنوي - ٢ : ١٤٦ / ٩١٧ ، وطبقات الشافعيّة - لابن قاضي شهبة - ١ : ١٢٤ / ٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٤) الشيراز : اللبن الرائب المستخرج ماؤه. تاج العروس ٤ : ٤٣ « شرز ».

(٥) المـَصْل : ما سال من الأقِط إذا طُبخ ثمّ عصر. لسان العرب ١١ : ٤٢٦ « مصل ».

(٦) ارتجن الزُّبْدُ : طبخ فلم يَصْفُ وفسد. لسان العرب ١٣ : ١٧٦ « رجن ».

١٦٤

أجمع ، فلا يجوز التفاضل بين اللبن والزُّبْد والسمن والمخيض واللِّبَأ والأقِط وغير ذلك ممّا تقدّم ، بل يجب التماثل نقداً ، ولا يجوز نسيئةً لا متماثلاً ولا متفاضلاً. ولا فرق في ذلك بين أن يباع الأصل مع فرعه ، أو بعض فروعه مع البعض.

ومَنَع الشافعي من بيع الزُّبْد والسمن باللبن متساوياً نقداً ؛ لأنّهما مستخرجان من اللبن ، ولا يجوز عنده بيع ما استخرج من شي‌ء بأصله(١) ، كما لا يجوز بيع الشيرج بالسمسم ، والزيت بالزيتون(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّهما إن تساويا في الحقيقة ، جاز البيع فيهما مع التساوي قدراً ونقداً. وإن اختلفا ، جاز مطلقاً.

قال أبو إسحاق - ممّا حكي عنه في التعليل - : إنّ الزُّبْد لا يخلو من لبن فيكون بيع لبن مع غيره بلبن(٣) .

ولا يرد بيع اللبن بمثله ؛ لأنّ الزُّبْد لا حكم له ما دام في أصله ولم ينفرد ، فإنّ بيع السمسم بالسمسم يجوز مع تفاضل الدهن ولا يجوز بيع الشيرج بالسمسم.

وهذا الأصل عندنا باطل ؛ لأنّه عندنا يجوز بيع السمسم بالشيرج متساوياً نقداً لا نسيئةً.

ومَنَع الشافعي أيضاً من بيع المخيض باللبن ؛ لأنّ اللبن فيه زُبْد‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ١٢١.

١٦٥

والمخيض لا زُبْد فيه فيؤدّي إلى تفاضل اللبنين(١) .

وما ذكرناه أحقّ ؛ لعدم الانفكاك من التماثل والاختلاف ، وعلى كلا التقديرين يجوز.

وقد علّل(٢) أيضاً بأنّ في المخيض أجزاءً مائيّة ، ولا يجوز بيع المشوب بالماء بالخالص. وهو ممنوع أيضاً.

ومَنَع أيضاً من بيع اللِّبَأ والشيراز بالحليب ؛ لانعقاد أجزائها ، فلا يمكن كيلها ، ولا يجوز بيع اللبن وزناً(٣) . وهو ممنوع.

ومَنَع أيضاً من بيع اللبن بالمـَصْل والجبن والكشك ؛ لانعقاد أجزائها ، ومخالطة الملح والإنفحة(٤) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ الأجزاء اليسيرة لا اعتبار لها في حصول الاختلاف ، ولو حصل ، جاز أيضاً.

وأمّا المطبوخ فإن لم تنعقد أجزاؤه وإنّما يسخن ، فإنّه يجوز عنده بيع بعضه ببعض ، كالعسل المصفّى بالشمس والنار(٥) . وإن طبخ حتى انعقدت أجزاؤه ، فوجهان عنده : الجواز ، كما يجوز بيع الدهن بالدهن ، والمنع ؛ لما فيه من لبن وغيره ، فكان كبيع لبن وغيره بلبن(٦) . والأصل ممنوع.

والسمن يجوز بيع بعضه ببعض ؛ لأنّه لا يخالطه غيره. قال : وبيعه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٢) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

١٦٦

وزناً أحوط(١) .

وأمّا المخيض فإن خالطه ماء ، لم يجز بيع بعضه ببعض عنده ؛ لجواز تفاضل اللبنين أو الماءين ، وإن لم يخالطه ماء ، جاز(٢) .

وعندنا يجوز مطلقاً.

وأمّا الأقِط والمـَصْل والجبن والكامخ فلا يجوز بيع الواحد منها بواحد من نوعه عنده ؛ لانعقاد أجزائها ، والكيل مختلف فيها والكيل أصلها ، وفيها ما خالطه غيره(٣) .

ولا اعتبار عندنا بذلك بل يجوز.

وأمّا بيع نوعٍ منها بنوعٍ آخر - كالسمن بالزُّبْد والمخيض ، والزُّبْد بالمخيض - فإنّه جائز عندنا.

ومَنَع الشافعي من السمن بالزُّبْد ؛ لأنّ السمن مستخرج منه ، وجوّز الباقي ، وإنّما أجاز المخيض بالسمن ؛ لأنّ المخيض ليس فيه سمن ، فكانا بمنزلة الجنسين(٤) .

ثمّ اعترض على نفسه في المنع من بيع الشيرج بالكُسْب ، والمخيض والسمن بمنزلته.

وأجاب : بأنّ الكُسْب لا ينفرد عن الشيرج ، ولا بُدّ أن يبقى فيه شي‌ء ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧ - ٥٨.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١ و ١٢٢.

١٦٧

بخلاف اللبن ، فإنّ المخيض لا يبقى فيه سمن(١) .

وعندنا أنّ المخيض والسمن جنسٌ يجوز بيع بعضه ببعض متماثلاً لا متفاضلاً.

وأمّا الزُّبْد بمثله يجوز بيعه به.

وحكي عن أبي إسحاق أنّه لا يجوز ؛ لأنّه إذا كان في الزُّبْد لبن ، لم يجز بيعه باللبن عنده(٢) .

والصحيح عندهم : الجواز - كمذهبنا - لأنّ ذلك القدر يسير لا يتبيّن إلّا بالنار والتصفية ، فلم يكن له حكم(٣) .

فروع :

أ - دهن السمسم وكُسْبه جنسٌ واحد عندنا ؛ لما بيّنّا من أنّ الفروع المستندة إلى أصلٍ واحد جنسٌ واحد ، فلا يجوز بيع الشيرج بالكُسْب متفاضلاً.

وقال الشافعي : إنّهما جنسان ، كالمخيض والسمن(٤) .

والأصل عندنا ممنوع.

ب - عصير العنب مع خَلّه وعصير التمر مع خَلّه‌ بل والعنب مع خَلّه والتمر مع خَلّه جنسٌ واحد في كلّ واحد منها ، فلا يجوز بيع عصير العنب بخَلّ العنب متفاضلاً ، ولا عصير التمر بخَلّ التمر متفاضلاً.

____________________

(١) لم نعثر على الاعتراض والجواب فيما بين أيدينا من المصادر.

(٢ و ٣ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ وفيه الصحيح عدم الجواز من دون نسبته إلى أبي إسحاق ، وكذا في بقيّة المصادر.

(٤) التذهيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٦٨

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : أنّهما جنسان ؛ لاختلافهما في الوصف والاسم والمقصود(١) . وهو ممنوع.

ج - الشيرج مع دهن ما يضاف إليه جنس واحد يحرم التفاضل فيه‌ ويجب التساوي نقداً ، كالشيرج ودهن البنفسج ودهن النيلوفر.

مسألة ٨٥ : يجوز بيع عسل النحل بعضه ببعض متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز نسيئةً ولا متفاضلاً مطلقاً قبل التصفية من الشمع وبعدها ؛ لأصالة الإباحة ، وورود النصّ(٢) بها مع سلامته عن معارضة الربا ؛ لما يأتي من جواز بيع الشيئين المختلفين بجنسيهما ، وبعد التصفية يكونان مِثْلين.

ومَنَع الشافعي من بيع بعضه ببعض قبل التصفية متساوياً ومتفاضلاً ؛ لأدائه إلى تفاضل العَسَلين ؛ لأنّ الشمع قد يكون في أحدهما أكثر(٣) .

ثمّ اعترض أصحابه بجواز بيع التمر بعضه ببعض وإن جاز أن يكون النوى في أحدهما أكثر ، وكذا بيع قديد اللحم بقديدٍ وإن كان فيه عظام.

ثمّ أجابوا بأنّ النوى والعظام من مصلحة التمر واللحم فلم يكلّف نزعه ؛ للضرورة ، فجاز بيعه معه ، بخلاف الشمع. ولأنّ العظام والنوى غير مقصودين ، بخلاف الشمع ، ولا يجوز ما فيه الربا بجنسه ومعه ما يقصد بالبيع(٤) . وهو ممنوع.

وأمّا إن صُفّي فإن صُفّي بالشمس ، جاز بيع بعضه ببعض ؛ لأنّ الشمس لا يختلف تأثيرها فيه. وإن صُفّي بالنار ، فوجهان ، أصحّهما :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) الاُمّ ٣ : ٢٤ ، مختصر المزني : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٨.

(٤) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ١١٨.

١٦٩

الجواز ؛ لقلّة الاختلاف. والبطلان ؛ لاختلاف أثر النار ، فربما عقدت أجزاء بعضه دون بعض(١) .

والحقّ ما قلناه نحن.

فروع :

أ - عسل الطَّبَرْزد وعسل القصب جنس واحد ، وهُما جميعاً من قصب السكر. ويجوز بيع أحدهما بالآخر وبعضٍ منه ببعض عند علمائنا.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما ؛ لخفّة أثر النار فيهما. والثاني : المنع ؛ لأجل الطبخ(٢) .

وعندنا لا أثر للنار في المنع.

ب - يجوز بيعهما بعسل النحل ؛ لأنّهما جنسان مختلفان باختلاف اُصولهما ، فجاز التساوي فيهما والتفاضل نقداً ، وفي النسيئة خلاف.

ج - يجوز بيع السُّكَّر بالسُّكَّر متساوياً نقداً لا نسيئةً.

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّ النار تدخله(٣) . وقد بيّنّا أنّ ذلك غير مانع.

د - يجوز بيع السُّكَّر بعسل النحل متفاضلاً ؛ لاختلافهما في الجنس.

ويجوز بيع السُّكَّر بعسله عندنا ، خلافاً للشافعي(٤) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤.

(٢) حكى الوجهين السبكي في تكملة المجموع ١١ : ٩٧ عن القاضي أبي الطيّب وغيره.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٤) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفّرة لدينا.

١٧٠

ه- يباع العسل بالعسل وزناً وكيلاً ؛ لعدم التفاوت بينهما ، وثبوت التقارب فيهما.

وقال الشافعي : يباع وزناً(١) .

وقال أبو إسحاق : يباع كيلاً ؛ لأنّ أصله الكيل(٢) .

و - السُكَّر والنبات والطَّبَرْزد جنس واحد ، وبه قال الشافعي(٣) .

والسُّكَّر الأحمر - وهو القواليب(٤) - عَكَرُ(٥) الأبيض ومن قصبه جنس من السُّكَّر والنبات أيضاً.

قال الجويني : الأظهر أنّه من جنس السُّكَّر(٦) .

وللشافعيّة وجهان(٧) .

مسألة ٨٦ : قد بيّنّا أنّ أصل كلّ شي‌ء وفرعه واحد يباع أحدهما بالآخر متساوياً لا متفاضلاً، نقداً ، ولا يجوز نسيئةً مطلقاً إذا كان ممّا يكال أو يوزن ، فيجوز بيع الحنطة بدقيقها ودقيق الشعير وسويقها والسويق بالدقيق متساوياً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك وربيعة والليث والنخعي وقتادة وإسحاق والشافعي في أحد القولين ، لكن بعض أصحابه أنكر هذا القول عنه ، وعن أحمد روايتان(٨) - عملاً بالأصل السالم عن‌

____________________

(١ و ٢) كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ٣ : ٥٨ ، المسألة ٨٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٤) القلبة - بالضمّ - : الحمرة. وقلبت البسرة : إذا احمرّت. تاج العروس ١ : ٤٣٧ « قلب ».

(٥) ورد في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « عكس » بدل « عكر » وذلك تصحيف. وما أثبتناه هو الصحيح. والعَكَرُ : دُرْديّ كلّ شي‌ء وآخره وخاثره. لسان العرب ٤ : ٦٠٠ « عكر ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٨) المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، =

١٧١

معارضة الربا ، لوجوب التساوي الرافع للربا.

وقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مِثْلاً بمِثْل لا بأس به»(١) ومثله عن الصادق(٢) عليه‌السلام .

ولأنّ الدقيق نفس الحنطة ، وإنّما تفرّقت أجزاؤه ، فصار بمنزلة الحنطة الدقيقة مع السمينة.

والمشهور عن الشافعي : المنع - وهو محكيّ عن الحسن البصري ومكحول والحكم وحمّاد وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ التماثل معتبر في ذلك بحالة الكمال والادّخار ، لأنّ النبيعليه‌السلام سُئل عن بيع الرطب بالتمر ، فقال : « أينقص الرطب إذا يبس؟ » قالوا : نعم ، قال : « فلا إذَنْ »(٣) فإذا باع الدقيق بالحنطة ، لم يعلم تساويهما حنطتين ، فلم يجز(٤) .

والجواب : المنع من التفاوت ؛ لأصالة بقاء التساوي.

وقال أبو ثور(٥) : يجوز بيع الدقيق بالحنطة متفاضلاً ؛ لأنّهما بمنزلة الجنسين ؛ لاختلافهما في الاسم ، فإنّه لو حلف لا يأكل أحدهما ، لم يحنث‌

____________________

= الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ و ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ و ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(١) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠١.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ٤٢ / ٩٨.

(٣) سنن الدار قطني ٣ : ٥٠ / ٢٠٦ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٨ ، المغني ٤ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢.

١٧٢

بأكل الآخر.

والجواب : الاختلاف بالاسم لا يوجب الاختلاف في الحقيقة ؛ لأنّ(١) أفراد النوع تختلف في الاسم وإن استوى حكمه. وينتقض ببيع اللحم بالحيوان ، مع أنّ النصّ عن أهل البيت : المنع ، ولم يقولوا ذلك إلّا عن وحي.

فروع :

أ - قد بيّنّا أنّه يجوز بيع الحنطة بالسويق متساوياً نقداً ؛ لأنّهما جنسٌ واحد.

ومَنَع الشافعي(٢) منه ، بل جعلوه أبعد من الحنطة بالدقيق في الجواز ؛ لأنّ النار تدخله ، ومنه ما ينقع بالماء ثمّ يجفّف ثمّ يقلى.

والكلّ عندنا جائز متساوياً نقداً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام وقد سُئل عن البُرّ بالسويق ، فقال : « مِثْلاً بِمِثْلٍ لا بأس به »(٣) .

ب - يجوز بيع الحنطة بالخبز متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً ولا متفاضلاً.

لنا : أنّ الخبز فرع الحنطة ، فكان حكمها حكم الجنس الواحد.

وقال الشافعي(٤) : لا يجوز بيع الحنطة بالخبز - وبه قال أحمد(٥) - لأنّه‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : فإنّ ، بدل لأنّ.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٠.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٩ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٥) الشرح الكبير ٤ : ١٦٠.

١٧٣

متنوَّع أصلٍ يحرم فيه الربا ، فلم يجز بيعه بالدقيق مع الحنطة.

والجواب : المنع من حكم الأصل.

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع الخبز بالحنطة متفاضلاً(١) - وهو قياس قول أبي ثور(٢) - لأنّ بالصنعة صار في حكم الجنسين.

والجواب : زيادة الصفة غير مؤثّرة في الاتّحاد بالحقيقة.

ج - يجوز بيع الخبز بالخبز ، سواء كانا رطبين أو يابسين أو بالتفريق ، مِثْلاً بمِثْل ، نقداً لا نسيئةً - وبه قال أحمد(٣) - للأصل ، ولأنّ معظم منفعتهما في حال رطوبتهما ، فجاز بيع أحدهما بالآخر ، كاللبن باللبن.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع أحدهما بالآخر ، إذا كانا رطبين أو أحدهما ؛ لأنّهما جنس يجري فيه الربا ، بِيع بعضه ببعض على صفة يتفاضلان في حال الكمال والادّخار.

وإن كانا يابسين مدقوقين بحيث يمكن كليهما ، فقولان :

قال في كتاب الصرف : لا يجوز ؛ لأنّه قد خالطه الملح ، فقد يكثر في أحدهما دون الآخر.

وروى عنه حرملة أنّه يجوز ؛ لأنّ ذلك حالة كمالٍ وادّخار ، وليس للملح موضع للمكيال ، فإنّ الملح يطرح مع الماء فيصير صفةً فيه(٤) .

والحقّ ما قدّمناه من الجواز مطلقاً.

____________________

(١) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٣) المغني ٤ : ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٤) الاُم ٣ : ٨٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ و ٩١.

١٧٤

د - بيع الحنطة بالفالوذج جائز عندنا.

ومَنَع الشافعي(١) من بيعه بالحنطة كالدقيق ؛ لأنّه نشأ ، وهو من الحنطة ، وكذا كلّ ما يعمل من الحنطة لا يجوز بيعه بالحنطة ، وكذا ما يعمل من التمر لا يباع بالتمر ، وكلّ ما يجري فيه الربا كذلك.

وعندنا يجوز متساوياً مع الاتّفاق ، ومتفاضلاً لا معه.

ه- بيع الدقيق بالدقيق جائز إذا اتّحد أصلهما ، كدقيق الحنطة بمثله أو بدقيق الشعير ؛ لأنّهما جنس على ما تقدّم(٢) . ولا فرق بين الناعم بالناعم أو الخشن بالناعم ، ومع الاختلاف في الأصل يجوز متفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ، كدقيق الحنطة بدقيق الذرّة ، وبه قال أحمد(٣) .

واختلف قول الشافعي في الدقيق بالدقيق مع اتّحاد الجنس ، فقال في القديم والجديد معاً : لا يجوز ؛ لإمكان تفاضلهما حال الكمال والادّخار ؛ لإمكان كون أحدهما من حنطة ثقيلة الوزن ، والآخر من خفيفة ، فيستويان دقيقاً ناعماً ولا يستويان حنطةً(٤) .

والمعتبر إنّما هو حالة البيع ، على أنّ التجويز لا ينافي المعلوم.

ونقل البويطي والمزني معاً عنه الجوازَ(٥) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥٠.

(٢) في ص ١٦٢ ، المسألة ٨٣.

(٣) المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير =

١٧٥

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع الناعم بالناعم والخشن بالخشن ، ولا يجوز بيع الناعم بالخشن(١) .

وقد سبق(٢) أنّ الاختلاف في الأوصاف لا يؤثّر في الاتّحاد في الحقيقة.

و - يجوز بيع الدقيق بالسويق متساوياً نقداً ، ولا يجوز متفاضلاً ولا نسيئةً ؛ لاتّحادهما في الحقيقة.

ولقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مِثْلاً بمِثْلٍ لا بأس به»(٣) .

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لدخول النار في السويق(٤) . ونمنع المانعيّة.

وقال مالك وأبو يوسف ومحمّد : يجوز بيع الدقيق بالسويق متفاضلاً(٥) . ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة(٦) .

وروايته الأصل أنّه لا يجوز ؛ لأنّ السويق صار بالصنعة جنساً آخر ،

____________________

= ٥ : ١١٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٢) في ص ١٧٣.

(٣) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠١.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، المغني ٤ : ١٥٣ - ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٥) المدوّنة الكبرى ٤ : ١٠٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٨ ، المغني ٤ : ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٦) نقله الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٥٤ ، المسألة ٧٦.

١٧٦

فصار كالجنسين(١) .

وهو ممنوع ، ومنتقض بالدقيق مع الحنطة ، فإنّه قد زال عنه اسمها بالصنعة ولم يصر جنساً آخر.

مسألة ٨٧ : الخُلول إن اتّحدت اُصولها ، جاز بيع بعضها ببعض متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز نسيئةً. وإن اختلفت ، جاز التفاضل نقداً ، ويكره نسيئةً ، فيجوز بيع خلّ العنب بخلّ العنب متساوياً - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ تلك حال ادّخاره ، فصار كبيع الزبيب بالزبيب.

وكذا يجوز بيع خلّ العنب بعصيره متساوياً عندنا وعنده(٣) ؛ لأنّه لا ينقص إذا صار خَلّاً ، فهُما متساويان في حال الادّخار.

ويجوز بيع خلّ العنب بخلّ التمر عندنا وعنده(٤) ؛ لأنّهما جنسان.

ويجوز بيع خلّ العنب بخلّ الزبيب عندنا - خلافاً له(٥) - لاتّحاد أصلهما.

احتجّ بأنّ في خلّ الزبيب ماءً.

وهو غير مانع ؛ لأنّه إن أفاد اختلاف الحقيقة ، جاز متفاضلاً ، وإلّا متساوياً.

ويجوز بيع خلّ الزبيب عندنا ؛ لاتّحاد جنسهما.

____________________

(١) فتاوى قاضى خان بهامش الفتاوى الهنديّة ٢ : ٢٧٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٧.

(٢) الاُم ٣ : ٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) المجموع ١١ : ١٥٠.

(٤ و ٥ ) الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

١٧٧

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّ في كلّ واحد منهما ماءً ، فإن قلنا : في الماء ربا ، لم يجز ؛ لمعنيين : جواز تفاضل الزبيب والعنب ، وجواز تفاضل الماء(١) . وليس بشي‌ء.

وكذا يجوز بيع خلّ التمر بخلّ التمر عندنا ، خلافاً له ؛ لاشتمالهما على الماء عنده(٢) .

فأمّا خلّ التمر بخلّ الزبيب(٣) فإنّه يجوز عندنا متساوياً ومتفاضلاً.

وعنه وجهان : إن قلنا : في الماء ربا ، لم يجز. وإن قلنا : لا ربا فيه ، جاز ؛ لاختلاف جنسي الزبيب والتمر(٤) .

وأمّا بيع الدبس بالدبس فيجوز عندنا متساوياً مع اتّفاق أصله ، كدبس التمر بدبس التمر ، ومع الاختلاف يجوز التفاضل ، كدبس التمر بدبس العنب.

ومَنَع الشافعي من جوازه وإن تساويا قدراً وجنساً ؛ لاشتماله على الماء وقد دخلته النار(٥) .

ويجوز عندنا بيع الدبس بالتمر مع اتّحاد الأصل متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً.

وقال الشافعي : لا يجوز مطلقاً ؛ لما تقدّم(٦) .

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) في « ق ، ك» : خلّ الزبيب بخلّ التمر.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٦) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠.

١٧٨

مسألة ٨٨ : يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز‌ وإن كان عليهما قشر ؛ لأنّ صلاحه فيه. والجوز موزون ؛ لأنّه أكبر من التمر وربما تجافى في المكيال. وأمّا اللوز فإنّه مكيل ، وهذا مذهب الشافعي(١) .

وحكى القاضي ابن كج عن نصّ الشافعي أنّه لا يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز في القشر(٢) .

ويجوز عندنا بيع لبّ الجوز بلبّ الجوز ولبّ اللوز بلبّ اللوز - وبه قال الشافعي(٣) - عملا بالأصل.

وعند الشافعيّة وجهٌ آخر : أنّه لا يجوز بيع اللبّ باللبّ ؛ لخروجه عن حال الادّخار(٤) .

ويجوز بيع البيض بالبيض وإن كان أحدهما أكبر أو أزيد من الآخر.

وللشافعي قولان : أحدهما : المنع ، كما في الجوز بالجوز. والثاني - وهو المشهور - : الجواز مع التساوي(٥) . والمعيار فيه الوزن عنده(٦) .

وليس بشي‌ء.

مسألة ٨٩ : الأدهان أربعة :

أ - ما يُعدّ للأكل ، كالزيت والشيرج ودهن الجوز واللوز(٧) ودهن الصنوبر وما أشبه ذلك ، فهذا يجري فيه الربا بشرط التساوي جنساً ، وإنّما يتساوى الجنس باعتبار اتّحاد الأصول على ما تقدّم ، فيجوز بيع الشيرج‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، وانظر روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٣ - ٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٧) في « ق ، ك» : اللوز والجوز.

١٧٩

بالشيرج متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً ، وهو ظاهر مذهب الشافعيّة(١) .

وحكي عن أبي إسحاق أنّه قال : الشيرج لا يباع بعضه ببعض ؛ لأنّه يطرح في طبخه الماء والملح(٢) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ الماء لا يختلط به ويتميّز مع كُسْبه ، وكذا الملح وإن أثّر طعمه فيه دون جسمه ، على أنّ هذا المزج لا يغيّر الحقيقة عن التساوي.

ويجوز بيع جنس بجنس آخر متساوياً ومتفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ، كدهن الشيرج بدهن اللوز ، وبه قال الشافعي(٣) .

ب - ما يُعدّ للتطيّب ، كدهن الورد والبنفسج والبان. وعندنا يجري فيه الربا ؛ لأنّه موزون سواء اختلف ما يضاف إليه أو لا.

وللشافعي قولان ، أحدهما : أنّه لا ربا فيه ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل. والثاني : فيه الربا ؛ لأنّ أصله السمسم ، وإنّما يُعدّ لأعظم منفعته ؛ لأنّه ليس بمأكولٍ ، وحينئذٍ فكلّه واحد ؛ لأنّ أصله واحد وإنّما اختلفت الرائحة(٤) .

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع المتطيّب متفاضلاً وإن كان أصله واحداً إذا اختلف طيبه ؛ لاختلاف المقصد بهما ، فصارا كالجنسين(٥) .

وقالوا أيضاً : يجوز بيع المتطيّب بغير المتطيّب متفاضلاً(٦) .

والكلّ باطل ؛ لأنّها فروع أصلٍ واحد فيه الربا ، فلا يجوز التفاضل‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، المجموع ١١ : ١٣٩.

(٣) اُنظر : الاُم ٣ : ١٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٢.

(٥) المغني ٤ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٥.

(٦) حلية العلماء ٤ : ١٨٥.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458