تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458
المشاهدات: 173140
تحميل: 5035


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173140 / تحميل: 5035
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 10

مؤلف:
ISBN: 964-319-197-4
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

حدوث الربا فيها ، فكانت جنساً واحداً ، كثمار النخل ، المختلفة الأنواع ، بخلاف الخُلول والأدهان ؛ لأنّ دخول الربا حصل في اُصولها قبل اشتراكها في الاسم.

والجواب : الطلع جنس واحد.

فروع :

أ - يجوز بيع لبن البقر بلبن الغنم متماثلاً ومتفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ؛ لاختلاف الجنس ، وهو أحد قولي الشافعي(١) .

ولبن الوحشي والإنسي جنسان ، ولهذا لا يضمّ إليها في الزكاة ولا ينصرف إطلاق الاسم إليها.

وفي قولٍ آخر له : إنّها جنس(٢) ، فلا يباع بعضه ببعضٍ متفاضلاً لا نقداً ولا نسيئةً.

ب - يجوز بيع الرطب بالرطب متماثلاً لا متفاضلاً على ما يأتي.

ومَنَع الشافعي من ذلك(٣) ، وجوّز في اللبن بيع بعضه ببعض متساوياً(٤) . وفرّق أصحابه(٥) بوجهين :

____________________

(١) الاُم ٣ : ٢٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) راجع المصادر في الهامش (٤) من ص ١٥٩.

(٣) الاُم ٣ : ٢٠ ، مختصر المزني : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٤ ، الوجيز ١ : ١٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ و ٨٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٥) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢.

١٦١

الأوّل : اللبن معظم منفعته في حال رطوبته ، وبقاء رطوبته من مصلحته ، بخلاف الرطب ؛ فإنّ رطوبته تفسده ، ومعظم منفعته إذا جفّ.

الثاني : الرطب ينتهي إلى حال الجفاف بنفسه ، فاعتبرت تلك الحال ، واللبن لا ينتهي إلى حال الجفاف بنفسه ، بل ربما يطرح معه غيره ليتجفّف ، فلم ينتظر به هذه الحال.

ج - يجوز بيع الجنس بعضه ببعض إذا لم يخالطه غيره ، فإن خالطه ماء أو ملح أو إنفحة وإن كان كثيراً ، لم يؤثّر في الجواز ، خلافاً للشافعي(١) .

لنا : أنّه مع الممازجة إن كان التساوي في الجنس باقياً ، جاز البيع مع التساوي قدراً ، وإن زال وحصل الاختلاف ، جاز مع التساوي قدراً ، وعدمه.

ولو باع حليباً بلبن قد حمض وتغيّر ولم يخالطه غيره ، جاز عندنا وعنده(٢) ؛ لأنّ تغيّر الصفة لا يمنع من جواز البيع ، كالجودة والرداءة.

مسألة ٨٣ : الأدهان تتبع أصولها ، وكذا الخلول والأدقّة والسمون‌ والعصير والدبوس والبيوض إن اعتبرنا العدد ، فدهن الشيرج والبزر ودهن اللوز والجوز أجناس مختلفة يباع بعضها ببعض متماثلاً ومتفاضلاً نقداً ، وفي النسيئة الأقوى : الكراهة ؛ لأنّها فروع أجناس مختلفة ، فتختلف باختلافها.

وخَلّ العنب وخَلّ التمر جنسان ، وكذا عصير العنب مع عصير الرطب جنسان ، ودبسهما جنسان أيضاً.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

١٦٢

ودقيق الحنطة ودقيق الشعير جنس واحد ، أمّا دقيق أحدهما مع دقيق الدخن أو الذرّة أو الباقلاء فجنسان.

وسمن الغنم وسمن البقر وسمن الإبل أجناس متعدّدة باختلاف اُصولها.

وكذا السمن والزيت ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - وقد سُئل عن الزيت بالسمن اثنين بواحد ، قال : « يداً بيد لا بأس »(١) .

وبيض الدجاج والنعام والطيور أجناس مختلفة باختلاف الاُصول ، وهو المشهور من مذهب الشافعي(٢) .

وفي الأدقّة حكاية قولٍ عن أمالي حرملة أنّها جنس واحد(٣) .

وأبعد منه وجهٌ ذكره الشافعيّة في الخُلول والأدهان ، ويجري مثله في عصير العنب وعصير الرطب(٤) .

وبيوض الطيور أجناس عندهم إن قالوا بتعدّد اللُّحْمان ، وإلّا فوجهان ، أصحّهما : التعدّد في البيوض عندهم(٥) .

والزيت المعروف مع زيت الفجل - وهو دهن يتّخذ من بزر الفجل يسمّى زيتاً - جنسان ؛ لأنّه يصلح لبعض ما لا يصلح له الزيت.

ومن الشافعيّة من ألحقهما(٦) باللُّحْمان(٧) .

والتمر من النخل مع التمر الهندي جنسان ؛ لاختلافهما في الحقيقة‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩ ، و ٩٧ / ٤١٦ ، و ١٢١ / ٥٢٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٦) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ألحقها. والصحيح ما أثبتناه.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

١٦٣

والأصول.

وعن [ ابن القطان ](١) من الشافعيّة وجهٌ : أنّهما واحد(٢) .

والبطّيخ المعروف مع الهندي مختلفان.

وللشافعيّة فيه قولان(٣) .

وكذا القثّاء مع الخيار.

والبقول - كالهندباء والنعنع وغيرهما - أجناس ؛ لاختلافهما حقيقةً وجنساً.

مسألة ٨٤ : الأصل مع كلّ فرعٍ له واحدٌ‌ ، وكذا فروع كلّ أصل واحدٌ - وذلك كاللبن الحليب مع الزُّبْد والسمن والمخيض واللِّبَأ والشيراز(٤) والأقِط والمـَصْل(٥) والجبن والترجين(٦) والكشك والكامخ ، والسمسم مع الشيرج والكُسْب والراشي ، وبزر الكتّان مع حبّه ، والحنطة مع الدقيق والخبز على اختلاف أصنافه من الرقاق والفرن وغيرهما ومع الهريسة ، والشعير مع السويق ، والتمر مع السيلان والدبس والخَلّ منه والعصير منه ، والعنب مع دبسه وخَلّه ، والعسل مع خَلّه ، والزيت مع الزيتون وغير ذلك - عند علمائنا‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : أبي العطاف. وذلك تصحيف. وما أثبتناه كما في المصدر ، وهو الموافق لما في تاريخ بغداد ٤ : ٣٦٥ / ٢٢٢٩ ، وطبقات الفقهاء - للشيرازي - : ١٢١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ : ٢١٤ / ٣٢٧ ، وطبقات الشافعيّة - للاسنوي - ٢ : ١٤٦ / ٩١٧ ، وطبقات الشافعيّة - لابن قاضي شهبة - ١ : ١٢٤ / ٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٤) الشيراز : اللبن الرائب المستخرج ماؤه. تاج العروس ٤ : ٤٣ « شرز ».

(٥) المـَصْل : ما سال من الأقِط إذا طُبخ ثمّ عصر. لسان العرب ١١ : ٤٢٦ « مصل ».

(٦) ارتجن الزُّبْدُ : طبخ فلم يَصْفُ وفسد. لسان العرب ١٣ : ١٧٦ « رجن ».

١٦٤

أجمع ، فلا يجوز التفاضل بين اللبن والزُّبْد والسمن والمخيض واللِّبَأ والأقِط وغير ذلك ممّا تقدّم ، بل يجب التماثل نقداً ، ولا يجوز نسيئةً لا متماثلاً ولا متفاضلاً. ولا فرق في ذلك بين أن يباع الأصل مع فرعه ، أو بعض فروعه مع البعض.

ومَنَع الشافعي من بيع الزُّبْد والسمن باللبن متساوياً نقداً ؛ لأنّهما مستخرجان من اللبن ، ولا يجوز عنده بيع ما استخرج من شي‌ء بأصله(١) ، كما لا يجوز بيع الشيرج بالسمسم ، والزيت بالزيتون(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّهما إن تساويا في الحقيقة ، جاز البيع فيهما مع التساوي قدراً ونقداً. وإن اختلفا ، جاز مطلقاً.

قال أبو إسحاق - ممّا حكي عنه في التعليل - : إنّ الزُّبْد لا يخلو من لبن فيكون بيع لبن مع غيره بلبن(٣) .

ولا يرد بيع اللبن بمثله ؛ لأنّ الزُّبْد لا حكم له ما دام في أصله ولم ينفرد ، فإنّ بيع السمسم بالسمسم يجوز مع تفاضل الدهن ولا يجوز بيع الشيرج بالسمسم.

وهذا الأصل عندنا باطل ؛ لأنّه عندنا يجوز بيع السمسم بالشيرج متساوياً نقداً لا نسيئةً.

ومَنَع الشافعي أيضاً من بيع المخيض باللبن ؛ لأنّ اللبن فيه زُبْد‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ١٢١.

١٦٥

والمخيض لا زُبْد فيه فيؤدّي إلى تفاضل اللبنين(١) .

وما ذكرناه أحقّ ؛ لعدم الانفكاك من التماثل والاختلاف ، وعلى كلا التقديرين يجوز.

وقد علّل(٢) أيضاً بأنّ في المخيض أجزاءً مائيّة ، ولا يجوز بيع المشوب بالماء بالخالص. وهو ممنوع أيضاً.

ومَنَع أيضاً من بيع اللِّبَأ والشيراز بالحليب ؛ لانعقاد أجزائها ، فلا يمكن كيلها ، ولا يجوز بيع اللبن وزناً(٣) . وهو ممنوع.

ومَنَع أيضاً من بيع اللبن بالمـَصْل والجبن والكشك ؛ لانعقاد أجزائها ، ومخالطة الملح والإنفحة(٤) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ الأجزاء اليسيرة لا اعتبار لها في حصول الاختلاف ، ولو حصل ، جاز أيضاً.

وأمّا المطبوخ فإن لم تنعقد أجزاؤه وإنّما يسخن ، فإنّه يجوز عنده بيع بعضه ببعض ، كالعسل المصفّى بالشمس والنار(٥) . وإن طبخ حتى انعقدت أجزاؤه ، فوجهان عنده : الجواز ، كما يجوز بيع الدهن بالدهن ، والمنع ؛ لما فيه من لبن وغيره ، فكان كبيع لبن وغيره بلبن(٦) . والأصل ممنوع.

والسمن يجوز بيع بعضه ببعض ؛ لأنّه لا يخالطه غيره. قال : وبيعه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٢) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

١٦٦

وزناً أحوط(١) .

وأمّا المخيض فإن خالطه ماء ، لم يجز بيع بعضه ببعض عنده ؛ لجواز تفاضل اللبنين أو الماءين ، وإن لم يخالطه ماء ، جاز(٢) .

وعندنا يجوز مطلقاً.

وأمّا الأقِط والمـَصْل والجبن والكامخ فلا يجوز بيع الواحد منها بواحد من نوعه عنده ؛ لانعقاد أجزائها ، والكيل مختلف فيها والكيل أصلها ، وفيها ما خالطه غيره(٣) .

ولا اعتبار عندنا بذلك بل يجوز.

وأمّا بيع نوعٍ منها بنوعٍ آخر - كالسمن بالزُّبْد والمخيض ، والزُّبْد بالمخيض - فإنّه جائز عندنا.

ومَنَع الشافعي من السمن بالزُّبْد ؛ لأنّ السمن مستخرج منه ، وجوّز الباقي ، وإنّما أجاز المخيض بالسمن ؛ لأنّ المخيض ليس فيه سمن ، فكانا بمنزلة الجنسين(٤) .

ثمّ اعترض على نفسه في المنع من بيع الشيرج بالكُسْب ، والمخيض والسمن بمنزلته.

وأجاب : بأنّ الكُسْب لا ينفرد عن الشيرج ، ولا بُدّ أن يبقى فيه شي‌ء ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧ - ٥٨.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١ و ١٢٢.

١٦٧

بخلاف اللبن ، فإنّ المخيض لا يبقى فيه سمن(١) .

وعندنا أنّ المخيض والسمن جنسٌ يجوز بيع بعضه ببعض متماثلاً لا متفاضلاً.

وأمّا الزُّبْد بمثله يجوز بيعه به.

وحكي عن أبي إسحاق أنّه لا يجوز ؛ لأنّه إذا كان في الزُّبْد لبن ، لم يجز بيعه باللبن عنده(٢) .

والصحيح عندهم : الجواز - كمذهبنا - لأنّ ذلك القدر يسير لا يتبيّن إلّا بالنار والتصفية ، فلم يكن له حكم(٣) .

فروع :

أ - دهن السمسم وكُسْبه جنسٌ واحد عندنا ؛ لما بيّنّا من أنّ الفروع المستندة إلى أصلٍ واحد جنسٌ واحد ، فلا يجوز بيع الشيرج بالكُسْب متفاضلاً.

وقال الشافعي : إنّهما جنسان ، كالمخيض والسمن(٤) .

والأصل عندنا ممنوع.

ب - عصير العنب مع خَلّه وعصير التمر مع خَلّه‌ بل والعنب مع خَلّه والتمر مع خَلّه جنسٌ واحد في كلّ واحد منها ، فلا يجوز بيع عصير العنب بخَلّ العنب متفاضلاً ، ولا عصير التمر بخَلّ التمر متفاضلاً.

____________________

(١) لم نعثر على الاعتراض والجواب فيما بين أيدينا من المصادر.

(٢ و ٣ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ وفيه الصحيح عدم الجواز من دون نسبته إلى أبي إسحاق ، وكذا في بقيّة المصادر.

(٤) التذهيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٦٨

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : أنّهما جنسان ؛ لاختلافهما في الوصف والاسم والمقصود(١) . وهو ممنوع.

ج - الشيرج مع دهن ما يضاف إليه جنس واحد يحرم التفاضل فيه‌ ويجب التساوي نقداً ، كالشيرج ودهن البنفسج ودهن النيلوفر.

مسألة ٨٥ : يجوز بيع عسل النحل بعضه ببعض متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز نسيئةً ولا متفاضلاً مطلقاً قبل التصفية من الشمع وبعدها ؛ لأصالة الإباحة ، وورود النصّ(٢) بها مع سلامته عن معارضة الربا ؛ لما يأتي من جواز بيع الشيئين المختلفين بجنسيهما ، وبعد التصفية يكونان مِثْلين.

ومَنَع الشافعي من بيع بعضه ببعض قبل التصفية متساوياً ومتفاضلاً ؛ لأدائه إلى تفاضل العَسَلين ؛ لأنّ الشمع قد يكون في أحدهما أكثر(٣) .

ثمّ اعترض أصحابه بجواز بيع التمر بعضه ببعض وإن جاز أن يكون النوى في أحدهما أكثر ، وكذا بيع قديد اللحم بقديدٍ وإن كان فيه عظام.

ثمّ أجابوا بأنّ النوى والعظام من مصلحة التمر واللحم فلم يكلّف نزعه ؛ للضرورة ، فجاز بيعه معه ، بخلاف الشمع. ولأنّ العظام والنوى غير مقصودين ، بخلاف الشمع ، ولا يجوز ما فيه الربا بجنسه ومعه ما يقصد بالبيع(٤) . وهو ممنوع.

وأمّا إن صُفّي فإن صُفّي بالشمس ، جاز بيع بعضه ببعض ؛ لأنّ الشمس لا يختلف تأثيرها فيه. وإن صُفّي بالنار ، فوجهان ، أصحّهما :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) الاُمّ ٣ : ٢٤ ، مختصر المزني : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٨.

(٤) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ١١٨.

١٦٩

الجواز ؛ لقلّة الاختلاف. والبطلان ؛ لاختلاف أثر النار ، فربما عقدت أجزاء بعضه دون بعض(١) .

والحقّ ما قلناه نحن.

فروع :

أ - عسل الطَّبَرْزد وعسل القصب جنس واحد ، وهُما جميعاً من قصب السكر. ويجوز بيع أحدهما بالآخر وبعضٍ منه ببعض عند علمائنا.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما ؛ لخفّة أثر النار فيهما. والثاني : المنع ؛ لأجل الطبخ(٢) .

وعندنا لا أثر للنار في المنع.

ب - يجوز بيعهما بعسل النحل ؛ لأنّهما جنسان مختلفان باختلاف اُصولهما ، فجاز التساوي فيهما والتفاضل نقداً ، وفي النسيئة خلاف.

ج - يجوز بيع السُّكَّر بالسُّكَّر متساوياً نقداً لا نسيئةً.

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّ النار تدخله(٣) . وقد بيّنّا أنّ ذلك غير مانع.

د - يجوز بيع السُّكَّر بعسل النحل متفاضلاً ؛ لاختلافهما في الجنس.

ويجوز بيع السُّكَّر بعسله عندنا ، خلافاً للشافعي(٤) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤.

(٢) حكى الوجهين السبكي في تكملة المجموع ١١ : ٩٧ عن القاضي أبي الطيّب وغيره.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٤) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفّرة لدينا.

١٧٠

ه- يباع العسل بالعسل وزناً وكيلاً ؛ لعدم التفاوت بينهما ، وثبوت التقارب فيهما.

وقال الشافعي : يباع وزناً(١) .

وقال أبو إسحاق : يباع كيلاً ؛ لأنّ أصله الكيل(٢) .

و - السُكَّر والنبات والطَّبَرْزد جنس واحد ، وبه قال الشافعي(٣) .

والسُّكَّر الأحمر - وهو القواليب(٤) - عَكَرُ(٥) الأبيض ومن قصبه جنس من السُّكَّر والنبات أيضاً.

قال الجويني : الأظهر أنّه من جنس السُّكَّر(٦) .

وللشافعيّة وجهان(٧) .

مسألة ٨٦ : قد بيّنّا أنّ أصل كلّ شي‌ء وفرعه واحد يباع أحدهما بالآخر متساوياً لا متفاضلاً، نقداً ، ولا يجوز نسيئةً مطلقاً إذا كان ممّا يكال أو يوزن ، فيجوز بيع الحنطة بدقيقها ودقيق الشعير وسويقها والسويق بالدقيق متساوياً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك وربيعة والليث والنخعي وقتادة وإسحاق والشافعي في أحد القولين ، لكن بعض أصحابه أنكر هذا القول عنه ، وعن أحمد روايتان(٨) - عملاً بالأصل السالم عن‌

____________________

(١ و ٢) كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ٣ : ٥٨ ، المسألة ٨٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٤) القلبة - بالضمّ - : الحمرة. وقلبت البسرة : إذا احمرّت. تاج العروس ١ : ٤٣٧ « قلب ».

(٥) ورد في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « عكس » بدل « عكر » وذلك تصحيف. وما أثبتناه هو الصحيح. والعَكَرُ : دُرْديّ كلّ شي‌ء وآخره وخاثره. لسان العرب ٤ : ٦٠٠ « عكر ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٨) المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، =

١٧١

معارضة الربا ، لوجوب التساوي الرافع للربا.

وقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مِثْلاً بمِثْل لا بأس به»(١) ومثله عن الصادق(٢) عليه‌السلام .

ولأنّ الدقيق نفس الحنطة ، وإنّما تفرّقت أجزاؤه ، فصار بمنزلة الحنطة الدقيقة مع السمينة.

والمشهور عن الشافعي : المنع - وهو محكيّ عن الحسن البصري ومكحول والحكم وحمّاد وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ التماثل معتبر في ذلك بحالة الكمال والادّخار ، لأنّ النبيعليه‌السلام سُئل عن بيع الرطب بالتمر ، فقال : « أينقص الرطب إذا يبس؟ » قالوا : نعم ، قال : « فلا إذَنْ »(٣) فإذا باع الدقيق بالحنطة ، لم يعلم تساويهما حنطتين ، فلم يجز(٤) .

والجواب : المنع من التفاوت ؛ لأصالة بقاء التساوي.

وقال أبو ثور(٥) : يجوز بيع الدقيق بالحنطة متفاضلاً ؛ لأنّهما بمنزلة الجنسين ؛ لاختلافهما في الاسم ، فإنّه لو حلف لا يأكل أحدهما ، لم يحنث‌

____________________

= الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ و ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ و ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(١) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠١.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ٤٢ / ٩٨.

(٣) سنن الدار قطني ٣ : ٥٠ / ٢٠٦ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٨ ، المغني ٤ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢.

١٧٢

بأكل الآخر.

والجواب : الاختلاف بالاسم لا يوجب الاختلاف في الحقيقة ؛ لأنّ(١) أفراد النوع تختلف في الاسم وإن استوى حكمه. وينتقض ببيع اللحم بالحيوان ، مع أنّ النصّ عن أهل البيت : المنع ، ولم يقولوا ذلك إلّا عن وحي.

فروع :

أ - قد بيّنّا أنّه يجوز بيع الحنطة بالسويق متساوياً نقداً ؛ لأنّهما جنسٌ واحد.

ومَنَع الشافعي(٢) منه ، بل جعلوه أبعد من الحنطة بالدقيق في الجواز ؛ لأنّ النار تدخله ، ومنه ما ينقع بالماء ثمّ يجفّف ثمّ يقلى.

والكلّ عندنا جائز متساوياً نقداً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام وقد سُئل عن البُرّ بالسويق ، فقال : « مِثْلاً بِمِثْلٍ لا بأس به »(٣) .

ب - يجوز بيع الحنطة بالخبز متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً ولا متفاضلاً.

لنا : أنّ الخبز فرع الحنطة ، فكان حكمها حكم الجنس الواحد.

وقال الشافعي(٤) : لا يجوز بيع الحنطة بالخبز - وبه قال أحمد(٥) - لأنّه‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : فإنّ ، بدل لأنّ.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٠.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٩ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٥) الشرح الكبير ٤ : ١٦٠.

١٧٣

متنوَّع أصلٍ يحرم فيه الربا ، فلم يجز بيعه بالدقيق مع الحنطة.

والجواب : المنع من حكم الأصل.

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع الخبز بالحنطة متفاضلاً(١) - وهو قياس قول أبي ثور(٢) - لأنّ بالصنعة صار في حكم الجنسين.

والجواب : زيادة الصفة غير مؤثّرة في الاتّحاد بالحقيقة.

ج - يجوز بيع الخبز بالخبز ، سواء كانا رطبين أو يابسين أو بالتفريق ، مِثْلاً بمِثْل ، نقداً لا نسيئةً - وبه قال أحمد(٣) - للأصل ، ولأنّ معظم منفعتهما في حال رطوبتهما ، فجاز بيع أحدهما بالآخر ، كاللبن باللبن.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع أحدهما بالآخر ، إذا كانا رطبين أو أحدهما ؛ لأنّهما جنس يجري فيه الربا ، بِيع بعضه ببعض على صفة يتفاضلان في حال الكمال والادّخار.

وإن كانا يابسين مدقوقين بحيث يمكن كليهما ، فقولان :

قال في كتاب الصرف : لا يجوز ؛ لأنّه قد خالطه الملح ، فقد يكثر في أحدهما دون الآخر.

وروى عنه حرملة أنّه يجوز ؛ لأنّ ذلك حالة كمالٍ وادّخار ، وليس للملح موضع للمكيال ، فإنّ الملح يطرح مع الماء فيصير صفةً فيه(٤) .

والحقّ ما قدّمناه من الجواز مطلقاً.

____________________

(١) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٣) المغني ٤ : ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٤) الاُم ٣ : ٨٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ و ٩١.

١٧٤

د - بيع الحنطة بالفالوذج جائز عندنا.

ومَنَع الشافعي(١) من بيعه بالحنطة كالدقيق ؛ لأنّه نشأ ، وهو من الحنطة ، وكذا كلّ ما يعمل من الحنطة لا يجوز بيعه بالحنطة ، وكذا ما يعمل من التمر لا يباع بالتمر ، وكلّ ما يجري فيه الربا كذلك.

وعندنا يجوز متساوياً مع الاتّفاق ، ومتفاضلاً لا معه.

ه- بيع الدقيق بالدقيق جائز إذا اتّحد أصلهما ، كدقيق الحنطة بمثله أو بدقيق الشعير ؛ لأنّهما جنس على ما تقدّم(٢) . ولا فرق بين الناعم بالناعم أو الخشن بالناعم ، ومع الاختلاف في الأصل يجوز متفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ، كدقيق الحنطة بدقيق الذرّة ، وبه قال أحمد(٣) .

واختلف قول الشافعي في الدقيق بالدقيق مع اتّحاد الجنس ، فقال في القديم والجديد معاً : لا يجوز ؛ لإمكان تفاضلهما حال الكمال والادّخار ؛ لإمكان كون أحدهما من حنطة ثقيلة الوزن ، والآخر من خفيفة ، فيستويان دقيقاً ناعماً ولا يستويان حنطةً(٤) .

والمعتبر إنّما هو حالة البيع ، على أنّ التجويز لا ينافي المعلوم.

ونقل البويطي والمزني معاً عنه الجوازَ(٥) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥٠.

(٢) في ص ١٦٢ ، المسألة ٨٣.

(٣) المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير =

١٧٥

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع الناعم بالناعم والخشن بالخشن ، ولا يجوز بيع الناعم بالخشن(١) .

وقد سبق(٢) أنّ الاختلاف في الأوصاف لا يؤثّر في الاتّحاد في الحقيقة.

و - يجوز بيع الدقيق بالسويق متساوياً نقداً ، ولا يجوز متفاضلاً ولا نسيئةً ؛ لاتّحادهما في الحقيقة.

ولقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مِثْلاً بمِثْلٍ لا بأس به»(٣) .

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لدخول النار في السويق(٤) . ونمنع المانعيّة.

وقال مالك وأبو يوسف ومحمّد : يجوز بيع الدقيق بالسويق متفاضلاً(٥) . ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة(٦) .

وروايته الأصل أنّه لا يجوز ؛ لأنّ السويق صار بالصنعة جنساً آخر ،

____________________

= ٥ : ١١٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٢) في ص ١٧٣.

(٣) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠١.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، المغني ٤ : ١٥٣ - ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٥) المدوّنة الكبرى ٤ : ١٠٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٨ ، المغني ٤ : ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٦) نقله الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٥٤ ، المسألة ٧٦.

١٧٦

فصار كالجنسين(١) .

وهو ممنوع ، ومنتقض بالدقيق مع الحنطة ، فإنّه قد زال عنه اسمها بالصنعة ولم يصر جنساً آخر.

مسألة ٨٧ : الخُلول إن اتّحدت اُصولها ، جاز بيع بعضها ببعض متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز نسيئةً. وإن اختلفت ، جاز التفاضل نقداً ، ويكره نسيئةً ، فيجوز بيع خلّ العنب بخلّ العنب متساوياً - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ تلك حال ادّخاره ، فصار كبيع الزبيب بالزبيب.

وكذا يجوز بيع خلّ العنب بعصيره متساوياً عندنا وعنده(٣) ؛ لأنّه لا ينقص إذا صار خَلّاً ، فهُما متساويان في حال الادّخار.

ويجوز بيع خلّ العنب بخلّ التمر عندنا وعنده(٤) ؛ لأنّهما جنسان.

ويجوز بيع خلّ العنب بخلّ الزبيب عندنا - خلافاً له(٥) - لاتّحاد أصلهما.

احتجّ بأنّ في خلّ الزبيب ماءً.

وهو غير مانع ؛ لأنّه إن أفاد اختلاف الحقيقة ، جاز متفاضلاً ، وإلّا متساوياً.

ويجوز بيع خلّ الزبيب عندنا ؛ لاتّحاد جنسهما.

____________________

(١) فتاوى قاضى خان بهامش الفتاوى الهنديّة ٢ : ٢٧٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٧.

(٢) الاُم ٣ : ٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) المجموع ١١ : ١٥٠.

(٤ و ٥ ) الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

١٧٧

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّ في كلّ واحد منهما ماءً ، فإن قلنا : في الماء ربا ، لم يجز ؛ لمعنيين : جواز تفاضل الزبيب والعنب ، وجواز تفاضل الماء(١) . وليس بشي‌ء.

وكذا يجوز بيع خلّ التمر بخلّ التمر عندنا ، خلافاً له ؛ لاشتمالهما على الماء عنده(٢) .

فأمّا خلّ التمر بخلّ الزبيب(٣) فإنّه يجوز عندنا متساوياً ومتفاضلاً.

وعنه وجهان : إن قلنا : في الماء ربا ، لم يجز. وإن قلنا : لا ربا فيه ، جاز ؛ لاختلاف جنسي الزبيب والتمر(٤) .

وأمّا بيع الدبس بالدبس فيجوز عندنا متساوياً مع اتّفاق أصله ، كدبس التمر بدبس التمر ، ومع الاختلاف يجوز التفاضل ، كدبس التمر بدبس العنب.

ومَنَع الشافعي من جوازه وإن تساويا قدراً وجنساً ؛ لاشتماله على الماء وقد دخلته النار(٥) .

ويجوز عندنا بيع الدبس بالتمر مع اتّحاد الأصل متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً.

وقال الشافعي : لا يجوز مطلقاً ؛ لما تقدّم(٦) .

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) في « ق ، ك» : خلّ الزبيب بخلّ التمر.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٦) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠.

١٧٨

مسألة ٨٨ : يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز‌ وإن كان عليهما قشر ؛ لأنّ صلاحه فيه. والجوز موزون ؛ لأنّه أكبر من التمر وربما تجافى في المكيال. وأمّا اللوز فإنّه مكيل ، وهذا مذهب الشافعي(١) .

وحكى القاضي ابن كج عن نصّ الشافعي أنّه لا يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز في القشر(٢) .

ويجوز عندنا بيع لبّ الجوز بلبّ الجوز ولبّ اللوز بلبّ اللوز - وبه قال الشافعي(٣) - عملا بالأصل.

وعند الشافعيّة وجهٌ آخر : أنّه لا يجوز بيع اللبّ باللبّ ؛ لخروجه عن حال الادّخار(٤) .

ويجوز بيع البيض بالبيض وإن كان أحدهما أكبر أو أزيد من الآخر.

وللشافعي قولان : أحدهما : المنع ، كما في الجوز بالجوز. والثاني - وهو المشهور - : الجواز مع التساوي(٥) . والمعيار فيه الوزن عنده(٦) .

وليس بشي‌ء.

مسألة ٨٩ : الأدهان أربعة :

أ - ما يُعدّ للأكل ، كالزيت والشيرج ودهن الجوز واللوز(٧) ودهن الصنوبر وما أشبه ذلك ، فهذا يجري فيه الربا بشرط التساوي جنساً ، وإنّما يتساوى الجنس باعتبار اتّحاد الأصول على ما تقدّم ، فيجوز بيع الشيرج‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، وانظر روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٣ - ٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٧) في « ق ، ك» : اللوز والجوز.

١٧٩

بالشيرج متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً ، وهو ظاهر مذهب الشافعيّة(١) .

وحكي عن أبي إسحاق أنّه قال : الشيرج لا يباع بعضه ببعض ؛ لأنّه يطرح في طبخه الماء والملح(٢) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ الماء لا يختلط به ويتميّز مع كُسْبه ، وكذا الملح وإن أثّر طعمه فيه دون جسمه ، على أنّ هذا المزج لا يغيّر الحقيقة عن التساوي.

ويجوز بيع جنس بجنس آخر متساوياً ومتفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ، كدهن الشيرج بدهن اللوز ، وبه قال الشافعي(٣) .

ب - ما يُعدّ للتطيّب ، كدهن الورد والبنفسج والبان. وعندنا يجري فيه الربا ؛ لأنّه موزون سواء اختلف ما يضاف إليه أو لا.

وللشافعي قولان ، أحدهما : أنّه لا ربا فيه ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل. والثاني : فيه الربا ؛ لأنّ أصله السمسم ، وإنّما يُعدّ لأعظم منفعته ؛ لأنّه ليس بمأكولٍ ، وحينئذٍ فكلّه واحد ؛ لأنّ أصله واحد وإنّما اختلفت الرائحة(٤) .

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع المتطيّب متفاضلاً وإن كان أصله واحداً إذا اختلف طيبه ؛ لاختلاف المقصد بهما ، فصارا كالجنسين(٥) .

وقالوا أيضاً : يجوز بيع المتطيّب بغير المتطيّب متفاضلاً(٦) .

والكلّ باطل ؛ لأنّها فروع أصلٍ واحد فيه الربا ، فلا يجوز التفاضل‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، المجموع ١١ : ١٣٩.

(٣) اُنظر : الاُم ٣ : ١٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٢.

(٥) المغني ٤ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٥.

(٦) حلية العلماء ٤ : ١٨٥.

١٨٠