تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458
المشاهدات: 173059
تحميل: 5035


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 173059 / تحميل: 5035
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 10

مؤلف:
ISBN: 964-319-197-4
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وإن كان البيع مؤجّلاً ، لم يصحّ الشرط إن كان معلوم النسبة ، وصحّ البيع ، وإلّا فلا.

ولا فرق في اشتراط ذلك في المبيع أو الثمن.

ب - لو عيّنا في البيع رجلاً يتولّى الكيل أو الوزن(١) ، احتمل اللزوم ؛ إخلاداً إلى ثقته ومعرفته ونصحه. والعدم ؛ لقيام غيره مقامه.

وللشافعي وجهان(٢) .

والأقوى عندي : اللزوم مع الحلول ، أمّا مع الأجل فيحتمل البطلان قويّاً ؛ لإمكان عدمه.

ج - لو باع داراً وشرط سكناها ، أو دابّةً واستثنى ظهرها ، فإن لم يعيّن مدّةً ، بطل العقد ، للجهالة ، وثبوت الغرر. وإن عيّن مدّةً ، صحّ عندنا ؛ عملاً بمقتضى الشرط السالم عن معارضة الكتاب والسنّة ، وبه قال أحمد(٣) . وللشافعي قولان(٤) .

د - لو باعه داراً بشرط أن يقفها عليه وعلى عقبه ونسله ، فالأولى الصحّة ، كما لو شرط وقفها على الغير. وكذا لو باعه داراً(٥) بشرط أن يقف عليه دكّانه أو على غيره.

____________________

(١) في « ك» : والوزن.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٦٩ و ٣٧٨ ، وفي المغني ٤ : ٢٢٨ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٦ نُسب القول بعدم الصحّة إلى الشافعي.

(٥) في « ق ، ك» : داره.

٢٨١

وكذا يصحّ لو شرط إعماره إيّاها ؛ لأنّه شرط مرغب فيه يصحّ الابتداء به ، فصحّ جَعْله شرطاً في عقدٍ قابل للشروط. فعلى هذا لو أطلق الإعمار ، احتمل البطلان ؛ لأنّه كما ينصرف إلى عمر البائع ينصرف إلى عمر المشتري ولا أولويّة.

ولو شرط الإسكان ، صحّ وإن كان مطلقاً ، وله إخراجه متى شاء ؛ للوفاء بمطلق الشرط. وفرقٌ بين أن يشرط له سكناها من غير تعيين مدّة وبين أن يشرط الإسكان ؛ لأنّ الثاني شرطه التقرّبُ إلى الله تعالى ، بخلاف الأوّل.

ه- لو باعه بشرط أن لا يسلّم المبيع حتى يستوفي الثمن ، فالأقوى الصحّة ؛ لأنّه كشرطه الرهن.

وقال الشافعي : إن كان الثمن مؤجّلاً ، بطل العقد. وإن كان حالّاً ، يُبنى على أنّ البداءة في التسليم بمَنْ؟ فإن جُعل ذلك من قضايا العقد ، لم يضرّ ذِكْره ، وإلّا فسد العقد(١) .

و - لو قال لغيره : بِعْ عبدك من زيد بألف على أن عليَّ خمسمائة ، فباعه على هذا الشرط ، صحّ البيع عندنا ؛ لأنّه شرط سائغ لا يوجب جهالةً في المبيع ولا في الثمن ، فكان لازماً.

ولابن سريج من الشافعيّة قولان :

أظهرهما : أنّه لا يصحّ البيع ؛ لأنّ الثمن يجب جميعه على المشتري ، وهاهنا جعل بعضه على غيره.

والثاني : نعم ، ويجب على زيد ألف وعلى الآمر خمسمائة ، كما لو‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.

٢٨٢

قال : ألق متاعك [ في البحر ](١) على أن عليَّ كذا(٢) .

والوجه : أن نقول : إن قصد الآمر الضمان من الثمن ، كان ضماناً متبرّعاً به صحيحاً. وإن قصد الجعالة ، لزمه مع الفعل ، وعلى المشتري ألف كاملة.

وكذا لو قال : بِعْه منه بألف على أنّ الألف عليَّ ، صحّ ، وكان الثمن لازماً له بمجرّد الضمان المتبرّع به ، ولا يرجع على المشتري ، ولا يجب على المشتري للبائع شي‌ء.

ز - لو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ صاع بدرهم على أن أزيدك صاعاً ، وقصد هبة صاع أو بيعه من موضعٍ آخر ، بطل عندنا ؛ للجهل بالصبرة ، فلو علما بها(٣) ، صحّ البيع عندنا.

والشافعي لمـّا جوّز بيع الصبرة مَنَع البيع هنا على تقدير إرادة الهبة أو بيعه القفيز من موضعٍ آخر ؛ لأنّه شرط عقد(٤) في عقد. وإن أراد أنّها إن خرجت عشرة آصُع ، اُخذت تسعة دراهم ، فإن كانت الصيعان مجهولةً ، لم يصح عنده أيضاً ؛ لأنّه لا يدري حصّة كلّ صاع. وإن كانت معلومةً ، صحّ. وإن كانت عشرةً ، فقد باع كلّ صاع وتُسْعاً بدرهم(٥) .

ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ صاع بدرهم على أن أنقصك صاعاً ،

____________________

(١) ما بين المعقوفين من العزيز شرح الوجيز وروضة الطالبين.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٦ - ١٣٧ ، وفي روضة الطالبين ٣ : ٧٥ من دون نسبة إلى ابن سريج.

(٣) في « ق ، ك» : علماها.

(٤) في « ق ، ك» : عقداً.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٤.

٢٨٣

فإن أراد ردّ صاعٍ إليه ، فهو فاسد عند الشافعي ؛ لأنّه شرط عقداً في عقد. وإن أراد أنّها إن خرجت تسعة آصُع اُخذت عشرة دراهم ، فإن كانت الصيعان مجهولةً ، لم يصح عندنا وعنده. وإن كانت معلومةً ، صحّ عنده ، فإذا كانت تسعة آصُع ، فيكون كلّ صاع بدرهم وتُسْع(١) .

وبعض الشافعيّة مَنَع من الصحّة مع العلم أيضاً ؛ لأنّ العبارة لا تبنى على الحمل(٢) المذكور(٣) .

ح - لو قال : بعتك هذه الدار أو هذه الأرض بكذا ، صحّ البيع مع المشاهدة‌ وإن جُهل قدرهما. وكذا لو قال : بعتك نصفها أو ربعها أو غيرهما(٤) من الأجزاء المشاعة.

ولو قال : بعتك هذه الأرض كلّ ذراع بدرهم ، فإن علما قدر الذُّرْاعان ، صحّ البيع ، وإلّا بطل.

وقال أبو حنيفة : يبطل مطلقاً ولا في ذراعٍ واحد ، بخلاف الصبرة ، فإنّه(٥) يجوز فيها إطلاق القفيز ، والأرض لا يجوز فيها إطلاق الذراع(٦) .

وقال الشافعي : يصحّ مع المشاهدة(٧) .

ولو قال : بعتك من هذه الأرض عشرة أذرع ، لم يصحّ ؛ لاختلاف‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٥.

(٢) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة ، وفي العزيز شرح الوجيز : لأنّ العبارة لا تنبئ عن المجمل. وفي المجموع وروضة الطالبين : لقصور العبارة عن الحمل - المحمل -.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٥.

(٤) في « ق ، ك» : غيره.

(٥) في « ق ، ك» : « لأنّه » بدل « فإنّه ».

(٦) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨.

(٧) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣ - ٣٤.

٢٨٤

أجزائها ، والجملة غير معلومة ، فلا يمكن أن تكون معيّنةً ولا مشاعةً.

ط - لو باعه شيئاً وشرط فيه قدراً معيّناً ، فأقسامه أربعة ؛ لأنّه إمّا أن يكون مختلف الأجزاء أو متّفقها ، وعلى التقديرين فإمّا أن ينقص المقدار عن الشرط أو يزيد :

الأوّل : أن يبيع مختلف الأجزاء - كالأرض والثوب - وينقص ، كأن يبيع أرضاً معيّنة على أنّها عشرة أذرع أو ثوباً كذلك فنقص ذراعاً.

قال علماؤنا : يتخيّر المشتري بين الفسخ والإمضاء. وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين(١) .

أمّا الصحّة : فلصدور العقد من أهله في محلّه جامعاً للشروط فكان صحيحاً. وللعموم السالم عن معارضة ما يقتضي البطلان ، ونقص الجزء كنقص الصفة.

وأمّا الخيار : فللنقص ، وهو عيب.

والقول الآخر للشافعي : البطلان ؛ لأنّ قضيّة قوله : « بعتك هذه الأرض » اختصاص البيع بهذه الأرض وعدم تناوله لغيرها ، وقضيّة الشرط أن تدخل الزيادة(٢) في البيع ، فوقع التضادّ. لكنّ الأظهر عندهم : الأوّل(٣) ، كما اخترناه.

إذا تقرّر هذا ، فنقول : إذا اختار المشتري البيع ، فهل يُجيز بجميع الثمن أو بالقسط؟ لعلمائنا قولان.

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ - ٧٥.

(٢) أي : الذراع الواحد الناقص. وفي العزيز شرح الوجيز : أن لا تدخل الزيادة.

فلاحظ.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤.

٢٨٥

أحدهما : بجميع الثمن - وهو أظهر قولي الشافعي(١) - لأنّ المتناول بالإشارة تلك القطعة لا غير وإن كان الأظهر عنده(٢) في الصبرة الإجازةَ بالقسط ؛ لأنّ صبرة الطعام إذا كانت ناقصةً عن الشرط وأجزاؤها متساوية ، يكون ما فقده مثل ما وجده ، وفي الثوب أو القطعة من الأرض لم يكن ما فقده مثل ما وجده. ولأنّه في الصبرة لا يؤدّي تقسيط ذلك إلى جهالة الثمن في التفصيل وإن كان في الجملة مجهولاً ، وأمّا الثوب أو القطعة فإنّه إذا قسّم الثمن على قيمة ذُرْعانه وجعل الفائت مثل واحد منها ، أدّى إلى أن يكون الثمن حالة العقد مجهولاً في الجملة والتفصيل.

لا يقال : أليس إذا وجد عيباً وقد حدث عنده عيب ، أخذ أرشه ، فصار الثمن مجهولاً في الجملة والتفصيل؟

لأنّا نقول : ذلك لا يؤثّر في العقد ؛ لأنّه وقع في الابتداء على الجملة ، وصحّ بها ، ولهذا لا يسقط منه شي‌ء مع إمكان الردّ ، وهنا يكون واقعاً في الابتداء على ما ذكرنا.

لا يقال : لِمَ لا قسّمتموه على عدد الذُّرْعان؟

لأنّا نقول : ذُرْعان الثوب تختلف ، ولهذا لو باع ذراعاً منه ولم يعيّن موضعه ، لم يجز.

والثاني : أنّه يتخيّر بين الفسخ والإمضاء بحصّته من الثمن ، ولا يقسّط بالنسبة إلى الأجزاء ؛ لاختلافها ، بل بالنسبة من القيمة حال كمالها ونقصها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٤ ، وحلية العلماء ٤ : ١٠٩.

٢٨٦

وللشيخ قول : إنّه إذا كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض ، وجب عليه أن يوفيه منها(١) .

وليس بعيداً من الصواب ؛ لأنّه أقرب إلى المثل من الأرش.

إذا تقرّر هذا ، فنقول : لا يسقط خيار المشتري بأن يحطّ البائع من الثمن قدر النقصان.

الثاني : أن يبيعه مختلف الأجزاء - كالأرض والثوب - فيزيد على المشترَط ، مثل : أن يبيعه على أنّها عشرة أذرع فتخرج أحد عشر ، فالخيار هنا للبائع بين الفسخ والإمضاء للجميع بكلّ الثمن ، ولا يمكن أن يُجعل ذراع منه للبائع ؛ لأنّ ذلك مختلف. ولأنّه يؤدّي إلى الاشتراك ولم يرضيا بذلك.

ويحتمل ثبوت الزيادة للبائع ، فيتخيّر المشتري حينئذٍ ؛ للتعيّب بالشركة.

فإن دفع البائع الجميعَ ، سقط خياره. ويحتمل عدم سقوطه. والأوّل أقوى ؛ لأنّ زيادة العين هنا كزيادة الصفة ؛ إذ العقد تناول القطعة المعيّنة ، فزيادة الذراع زيادة وَصْفٍ ، فيجب على المشتري قبوله ، كما لو دفع إليه أجود.

وللشافعي قولان في صحّة البيع وبطلانه(٢) ؛ إذ لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة ولا المشتري على أخذ ما سمّاه.

فإن صحّحه ، فالمشهور عنده : أنّ للبائع الخيار. فإن أجاز ، فالجميع‌

____________________

(١) النهاية : ٤٢٠.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

٢٨٧

للمشتري ولا يطالبه للزيادة بشي‌ء(١) .

واختار بعض الشافعيّة أنّه لا خيار للبائع ، ويصحّ البيع في الكلّ بالثمن المسمّى ، وينزّل شرطه منزلة ما لو شرط كون المبيع معيباً فخرج سليماً ، لا خيار له(٢) .

فعلى المشهور لو قال المشتري : لا تفسخ فإنّي أقنع بالقدر المشروط والزيادة لك ، فهل يسقط خيار البائع؟ فيه قولان : السقوط ؛ لزوال الغبن عن البائع. وعدمه ؛ لأنّ ثبوت حقّ المشتري على الشياع يجرّ ضرراً(٣) .

ولو قال : لا تفسخ حتى أزيدك في الثمن لما زاد ، لم يكن له ذلك ، ولم يسقط به خيار البائع عندنا وعند الشافعي(٤) قولاً واحداً.

وكذا حكم الثوب والشياه لو باعها على أنّها عشرون رأساً فنقصت أو زادت.

الثالث : أن يكون متساوي الأجزاء وينقص ، فالخلاف هنا كما تقدّم في المختلف ، لكن بعض مَنْ خيّر المشتري بين الأخذ بالجميع أو الفسخ هناك جَعَل له الخيار هنا بين أخذ الحصّة من الثمن والفسخ ؛ لما مرّ من الفرق.

الرابع : أن يبيع متساوي الأجزاء ويزيد ، فالخلاف الخلاف في المختلف مع الزيادة ، لكن بعض مَنْ أبطل البيع أوّلاً أو قال بأنّه يأخذ الجميع بالمسمّى خيّر هنا المشتري بين الفسخ والأخذ للمشترَط بالمسمّى ، فيردّ الزيادة إلى البائع.

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ - ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.

٢٨٨

ي - لو باع شيئاً بشرط نفي خيار المجلس وقَبِله المشتري ، جاز عندنا ، ولزم البيع والشرط ؛ لصحّته ، لتضمّنه إسقاط حقّ المشتري من الرجوع فيما وقع صحيحاً أو حقّ البائع.

وللشافعيّة طريقان ، أظهرهما : أنّ المسألة على قولين :

الصحّة ؛ لقولهعليه‌السلام : « المتبايعان بالخيار ما لم يتفرّقا إلّا بيع الخيار »(١) وأراد البيع الذي نفى عنه الخيار واستثناه من قوله : « بالخيار ».

وأصحّهما عندهم : البطلان(٢) .

فإن صحّ الشرط ، صحّ البيع ولزم. وإن أبطلنا الشرط ، ففي فساد البيع عندهم وجهان ، أصحّهما عندهم : نعم ، لأنّه شرط ينافي مقتضى العقد ، فأشبه ما إذا قال : بعتك بشرط أن لا اُسلّمه(٣) .

يأ - لو باع الغائب بشرط نفي خيار الرؤية ، فالأقوى عندي : الجواز ، كما لو أسقط خياره لو وجده ناقصاً عن شرطه.

وللشافعيّة فيه الخلاف الذي سبق في شرط نفي خيار المجلس.

وأكثرهم قطعوا هنا بفساد الشرط والبيع معاً ؛ لأنّ المشتري لم ير المبيع ولا عرف حاله ، فنفي الخيار فيه يؤكّد الغرر ، بخلاف نفي خيار المجلس ؛ لأنّه غير مُخلٍّ بمقصود العقد(٤) ، ولا يثبت فيه غرر ، وإنّما أثبته‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٨٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٣ / ١٥٣١ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٢ - ٢٧٣ / ٣٤٥٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٨.

(٢) الوسيط ٣ : ١٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ - ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٨ - ١٧٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ - ١٢٢.

(٤) في العزيز شرح الوجيز هكذا : ونفي خيار المجلس لا يمكن غرراً بل هو مخلّ لمقصود العقد. فلاحظ.

٢٨٩

الشرع على سبيل الإرفاق بالمتعاقدين ، فجاز أن يكون نفيه غير قادح(١) .

يب - لو قال لعبده : إذا بعتك فأنت حُرٌّ ، لم يصح ؛ لبطلان العتق المعلّق عندنا. ويجوز عند الجمهور.

نعم ، يجوز عندنا تعليق نذر العتق كأن يقول : لله عليَّ أن اُعتقك إذا بعتك.

فعلى ما اختاره الجمهور في الصورة الاُولى لو باعه بشرط نفي الخيار ، قالت الشافعيّة : إن قلنا : البيع باطل ، أو قلنا : الشرط صحيح ، لم يعتق.

أمّا على التقدير الأوّل : فلأنّ اسم البيع يقع على الصحيح ولم يوجد.

وأمّا على الثاني : فلأنّ ملكه قد زال والعقد قد لزم ، ولا سبيل له إلى إعتاق ملك الغير.

وإن قلنا : العقد صحيح والشرط باطل ، عُتق ؛ لبقاء الخيار ، ونفوذ العتق من البائع في زمان الخيار(٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يعتق إلّا أن يبيع بشرط الخيار ؛ لأنّ خيار المجلس غير ثابت عندهما(٣) .

وعلى الصورة التي تجوز عندنا - وهو النذر - لو باعه بشرط نفي الخيار ، لم يصح البيع ؛ لصحّة النذر ، فيجب الوفاء به ، ولا يتمّ برفع الخيار.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٩.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢.

٢٩٠

وعلى قول بعض علمائنا - من صحّة البيع مع بطلان الشروط - يلغو الشرط ، ويصحّ البيع ويعتق.

يج - يجوز أن يجمع بين شيئين مختلفين فما زاد في عقدٍ واحد ، كبيع وسَلَفٍ وإجازة أو بيعٍ ونكاحٍ وإجارة ، أو إجارة وبيع وكتابة ونكاح ، ويقسّط العوض على قيمة المبيع وإجارة المثل ومهر المثل من غير حصرٍ لمهر المثل على إشكال.

ولو كان أحد الأعواض مؤجّلاً ، قسّط المسمّى عليه كذلك ، فلو باعه عبداً يساوي عشرةً حالّاً وعشرين مؤجّلاً إلى سنة مثلاً ، وآجره داره مدّة سنة بعشرين وثمن المبيع مؤجّل سنة والعوض عشرون ، قسّط بينهما بالسويّة.

خاتمة تتعلّق بحكم البيع الفاسد :

البيع الفاسد لا يفيد ملكيّة المشتري للمعقود عليه ، سواء فسد من أصله أو باقتران شرطٍ فاسد أو بسببٍ آخر. ولو قبضه ، لم يملكه بالقبض.

ولو تصرّف فيه ، لم ينفذ تصرّفه فيه ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك والشافعي وأحمد(١) - لقوله تعالى :( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (٢) .

وقول الصادقعليه‌السلام في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثمّ يجي‌ء مستحقّ الجارية ، فقال : « يأخذ الجاريةَ المستحقُّ ، ويدفع إليه المبتاع‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٣ ، الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٧.

(٢) البقرة : ١٨٨.

٢٩١

قيمة الولد ، ويرجع على مَنْ باعه بثمن الجارية وقيمة الولد ، التي(١) اُخذت منه »(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن اشترى بما لا قيمة له - كالدم والميتة - فالحكم كما قلناه.

وإن اشتراه بشرطٍ فاسد أو بما لَه قيمة في الجملة - كالخمر والخنزير - ثمّ قبض المبيع بإذن البائع ، ملكه ، ونفذ تصرّفه فيه ، لكن للبائع أن يستردّه بجميع زوائده المتّصلة والمنفصلة.

ولو تلف في يده أو زال ملكه عنه ببيعٍ أو هبة أو إعتاق ، وبالجملة كلّ تصرّف يمنع من الرجوع ، فعليه قيمته إلّا أن يشتري عبداً بشرط العتق ، فإنّه قال : يفسد العقد ، وإذا تلف في يده ، فعليه الثمن.

ويكره للمشتري التصرّف فيها ، فإن وطئها ، ردّها ومهرها. فإن قال : بعتكها ولم يذكر العوض ، ملكها بالقبض. ولو قال : بعتكها بغير عوضٍ ، لم يملك بالقبض.

واستدلّ بحديث بريرة ؛ فإنّ عائشة اشترتها واشترطت لمواليها الولاء فقبضتها وأعتقتها ، فأجاز النبيّ ٦ العتق(٣) ، وهذا العقد(٤) فاسد.

ولأنّ المشتري على صفة يملك المبيع ابتداء العقد وقد حصل عليه ضمان بدله من عقدٍ فيه تسليطٌ ، فوجب أن يملكه ، كما لو كان العقد‌

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة والاستبصار : « الذي » بدل « التي » وما أثبتناه من التهذيب.

(٢) التهذيب ٧ : ٨٢ / ٣٥٣ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ / ٢٨٥.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٢٠٠ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤٢ - ١١٤٣ / ٨ ، سنن البيهقي ١٠ : ٣٣٦ - ٣٣٧ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤٥.

(٤) في « ق ، ك » : وهذا عقد.

٢٩٢

صحيحاً(١) .

وحديث بريرة ممنوع ، سلّمناه ، لكن يحتمل أنّ الشرط وقع قبل العقد أو بعد تمامه ، والبيع الصحيح لا يملك فيه بالقبض ، ويملك عليه فيه المسمّى ، بخلاف المتنازع ، ومع الفرق يبطل القياس.

ثمّ نعارضه بأنّه مبيع مستردّ بزوائده المتّصلة والمنفصلة ، فلا يثبت الملك فيه للمشتري ، كما لو اشترى بدم أو ميتة عنده.

مسألة ١٢٧ : إذا اشترى شراءً فاسداً ، وجب عليه ردّه على مالكه‌ ؛ لعدم خروجه عنه بالبيع ، وعليه مئونة الردّ ، كالمغصوب ؛ لوجوب ما لا يتمّ الواجب إلّا به.

وليس للمشتري حبسه لاسترداد الثمن ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الآخر : له ذلك ، وبه قال أبو حنيفة(٢) .

ولا يتقدّم به على الغرماء ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الآخر : يتقدّم ، وبه قال أبو حنيفة(٣) .

ويجب عليه أيضاً اُجرة المثل للمدّة التي كانت في يده ، سواء استوفى المنفعة أو تلفت تحت يده ؛ لأنّ يده ثبتت عليه بغير حقّ ، فهو كالمغصوب.

ولو زادت العين في يد المشتري زيادة منفصلة كالولد والثمرة ، أو متّصلة كالسمن وتعلّم الصنعة ، وجب عليه ردّ الزيادة أيضاً ؛ لأنّها نماء ملك البائع ، فيتبع الملك ، فإن تلفت الزيادة ، ضمنها المشتري ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، المجموع ٩ : ٣٧٧ ، المغني ٤ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٣ ، وليس فيها بعض الفروع المذكورة في المتن.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.

٢٩٣

الشافعيّة. وفي الآخر : لا يضمنها المشتري عند التلف(١) .

وإن نقصت ، وجب عليه ردّ أرش النقصان ؛ لأنّ الجملة مضمونة عليه حيث قبضها بغير حقّ. ولأنّه قبضها على سبيل المعاوضة ، فأشبهت المقبوض على وجه السوم.

وإن تلف جميعها ، وجب عليه قيمتها يوم التلف ، كالعارية. ويحتمل يوم القبض. ويحتمل أكثر القيم من حين القبض إلى حين التلف ، كالمغصوب ؛ فإنّه في كلّ آن مخاطب من جهة الشرع بالردّ.

هذا إذا(٢) لم يكن مثليّاً ، وإن كان مثليّاً ، وجب ردّ مثله ؛ لأنّه أقرب إلى العين من القيمة ، ولا يضمن تفاوت السعر ، كما لو كانت العين باقيةً ودفعها ، لم يضمن تفاوت السوق.

وللشافعي(٣) هذه الأقوال الثلاثة.

ولو أنفق على العبد أو الدابّة مدّة مقامه في يده ، لم يرجع على البائع إن كان عالماً بفساد البيع ؛ لأنّه يكون كالمتبرّع بالإنفاق على مال الغير. وإن كان جاهلاً ، رجع ؛ لأنّ الغارّ هو البائع.

وللشافعي(٤) في الجاهل وجهان هذا أحدهما.

مسألة ١٢٨ : لو كان المبيع بالبيع الفاسد جاريةً ، لم يجز للمشتري وطؤها‌ ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وإن ذهب أبو حنيفة إلى الملك(٥) بما‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.

(٢) في « ق ، ك » : « إن » بدل « إذا ».

(٣و٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٠ و ٣٧١.

٢٩٤

تقدّم من الشروط.

فإن وطئها عالماً بالتحريم ، وجب عليه الحدّ مطلقاً عندنا ؛ لأنّه وطئ ملك الغير بغير إذنه مع علمه بالتحريم وانتفاء الشبهة عنه ؛ إذ التقدير العلمُ بالتحريم ، فكان زانياً يجب عليه الحدّ.

وللشافعي أقوال :

أحدها : ثبوت الحدّ إن اشتراها بميتة أو دم ، وسقوطه إن اشتراها بما لَه قيمة ، كالخمر ، والخنزير أو بشرطٍ فاسد ؛ لاختلاف العلماء ، كالوطئ في النكاح بلا وليّ.

والثاني : وجوب الحدّ مطلقاً ؛ لأنّ أبا حنيفة لم يُبح الوطء وإن كان يثبت الملك ، بخلاف الوطئ في النكاح بلا وليّ.

والثالث : سقوط الحدّ مطلقاً ؛ لأنّه يعتقد أنّها ملكه. ولأنّ في الملك اختلافاً(١) .

وليس بمعتمد.

ويجب المهر ، سواء سقط الحدّ أو لا ، ولا يسقط بالإذن الذي يتضمّنه التمليك الفاسد.

وقال الشافعي : إذا لم يجب الحدّ يجب المهر(٢) ؛ لأنّ الحدّ إذا سقط للشبهة لم يسقط المهر.

وهل يشترط في وجوبه عدم علمها(٣) بالتحريم؟ الأقرب عندي :

____________________

(١) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٧٦ و ٧٧ ، والمجموع ٩ : ٣٧٠ و ٣٧١.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٧ - ٣١٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧١.

(٣) في « ق ، ك » بدل « عدم علمها » : « جهلها ».

٢٩٥

العدم ؛ لأنّها ملك الغير ، فلا عبرة بالعلم في طرفها ، بخلاف الحُرّة حيث سقط مهرها مع علمها بالتحريم ؛ لأنّ الجارية هنا مال ، فالتصرّف فيها بالوطي تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، فكان عليه عوضه.

ويحتمل السقوط ، لنهيهعليه‌السلام عن مهر البغيّ(١) .

ثمّ إذا وجب المهر ، لا يخلو إمّا أن تكون ثيّبا أو بكرا ، فإن كانت ثيّبا ، وجب مهر مثلها. وإن كانت بكرا ، وجب مع المهر أرش البكارة. أمّا مهر البكر : فللاستمتاع بها. وأمّا أرش البكارة : فلإتلاف ذلك الجزء.

لا يقال : كيف يجب المهر مع أنّ السيّد أذن في الوطء ، ومعلوم أنّ السيّد لو أذن في وطئ أمته ، لم يجب المهر ، فكيف يجب مع مهر البكر أرش البكارة!؟ مع أنّ الرجل إذا نكح نكاحا فاسدا حرّة وأزال بكارتها أنّه لا يضمن البكارة.

لأنّا نقول : أمّا الإذن فيمنع حصوله من السيّد ، وإنّما ملّكه الجارية ، والتمليك إذا كان صحيحا ، تضمّن إباحة الوطء. وإذا كان فاسدا ، لم يبحه ، فلم يسقط بذلك ضمانه.

والنكاح تضمّن في الحرّة الإذن في الوطء ، لأنّه معقود على الوطء ، والوطء يتضمّن إتلاف البكارة. وليس كذلك البيع ، فإنّه ليس بمعقود على الوطء ، ولهذا يجوز شراء من لا يحلّ وطؤها ولا يصحّ نكاحها. ولأنّها سلّمت نفسها في النكاح لا على وجه الضمان لبدنها ، وهنا البيع يقتضي ضمان البدن ، فافترقا.

لا يقال : إذا أوجبتم مهر البكر ، فكيف توجبون ضمان البكارة وقد‌

____________________

(١) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٧ / ٣٤٢٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٣٩ / ١١٣٣ ، و ٥٧٥ / ١٢٧٦ ، و ٤ : ٤٠٢ / ٢٠٧١ ، سنن النسائي ٧ : ١٨٩ و ٣٠٩ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٣.

٢٩٦

دخل ضمانها في المهر!؟

لأنّا نقول : إتلاف البكارة إتلاف جزء من البدن ، والمهر ضمان المنفعة ، فلا يدخل أحدهما في الآخر.

لا يقال : إذا ضمن البكارة ، ينبغي أن يجب مهر ثيّب ؛ لأنّه قد ضمن البكارة ، ويجري مجرى مَنْ أزال بكارتها بإصبعه ثمّ وطئها.

لأنّا نقول : إذا وطئها بكراً ، فقد استوفى منفعة هذا الجزء ، فوجب عليه قيمة ما استوفى من المنفعة ، فإذا أتلفه ، وجب ضمان عيبه.

ويحتمل أنّ عليه عُشْرَ قيمتها إن كانت بكراً ، ونصفَ العُشْر إن كانت ثيّباً ؛ لما روي عن الصادقعليه‌السلام في رجل تزوّج امرأةً حُرّة فوجدها أمّةً ، إلى أن قال : « وإن كان زوّجها وليُّ لها ، رجع على وليّها بما أخذته ، ولمواليها عليه إن كانت بكراً عُشْر قيمتها [ وإن كانت غير بكر فنصف عُشْر قيمتها ](١) بما استحلّ من فرجها »(٢) .

فروع :

أ - لو حملت هذه الجارية من المشتري ، لحق به الولد ؛ لأنّه وطئها بشبهة ، فيكون حُرّاً ؛ لأنّ الشبهة من جهة الملك ، ولا يمسّه الرقّ ، ولا يثبت عليه ولاء ، بل هو حُرّ الأصل. ويجب على الواطئ قيمته للبائع ؛ لأنّه نماء ملكه وقد حال بينه وبينه بالحُرّيّة ، فكان عليه قيمته.

ولقول الصادقعليه‌السلام في رجل اشترى جاريةً فأولدها فوجدت‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصادر.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٤ - ٤٠٥ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣٤٩ / ١٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٧٨٧ بتفاوت في بعض الألفاظ.

٢٩٧

الجارية مسروقة ، قال : « يأخذ الجاريةَ صاحبُها ، ويأخذ الرجل ولده بقيمته »(١) .

ب - لو نقصت بالولادة ، وجب عليه مع قيمته الولد أرش نقصان الولادة ، ولا يجبر الولد النقصان ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجبر الولد النقصان(٣) .

وسيأتي بطلانه في باب الغصب إن شاء الله تعالى.

ج - تعتبر قيمة الولد يوم سقوطه حيّاً ؛ لأنّه وقت الحيلولة بينه وبين صاحبه. ولو سقط ميّتاً ، فلا شي‌ء ؛ لأنّه لا قيمة له حينئذٍ ، ولا يقوَّم قبل سقوطه ؛ لأنّه لا قيمة له حينئذٍ ، فإذا لم يكن له قيمة حين سقط ، لم يضمن وهو قبل ذلك لا قيمة له.

لا يقال : لو ضربه أجنبيُّ فسقط ميّتاً ، وجب عليه الضمان ، وكان للسيّد من ديته أقلّ الأمرين من دية الجنين ومن قيمته حين(٤) سقط.

لأنّا نقول : الواطئ يضمنه بالحيلولة بينه وبين سيّده ، ووقت الحيلولة حين السقوط وكان ميّتاً ، فلم يجب ضمانه. وضمان الضارب قائم مقام خروجه حيّاً ، فلهذا ضمنه للبائع ، وإنّما ضمن الأقلّ ؛ لأنّ دية الجنين إن كانت أقلّ ، لم يضمن أكثر من ذلك ؛ لأنّه بسبب ذلك ضمن. وإن كانت القيمة أقلّ ، كان الباقي لورثته ، ويطالب به المالك مَنْ شاء من الجاني والمشتري.

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٥ / ١٠ ، التهذيب ٧ : ٦٥ / ٢٨٠ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ / ٢٨٦.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٢.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٣٠٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ٢٢.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « يوم » بدل « حين ».

٢٩٨

وقال أبو حنيفة : يعتبر قيمة الولد يوم المحاكمة(١) .

د - قيمة الولد تستقرّ هنا على المشتري ، أمّا لو اشترى جاريةً واستولدها فخرجت مستحقَّةً ، يغرم قيمة الولد ، ويرجع على البائع ؛ لأنّه غرّه إن كان جاهلاً بالحال. وإن علم عدم استحقاق البائع لها ، لم يرجع ؛ لعدم المقتضي للرجوع.

ه- لو سلّم الجارية المبيعة إلى البائع حاملاً فولدت في يد البائع ، ضمن المشتري ما نقص بالولادة. ولو ماتت من ذلك ، ضمن القيمة ؛ لثبوت السبب في يده ، فكان كوجود المسبَّب عنده. وكذا لو أحبل أمة غيره بشبهة فماتت في الطلق.

أمّا لو أكره امرأةً حُرّةً على الزنا فحملت ثمّ ماتت في الطلق ، احتمل الضمان أيضاً ؛ لأنّه سبّب في الإتلاف. وعدمه.

وللشافعي قولان(٢) .

فعلى الثاني الفرقُ : أنَّ الولد لم يلحق بالزاني فلم يثبت تكوّنه منه ، وهنا قد ثبت كونه منه.

ولأنّ ضمان المملوك أوسع من ضمان الحُرّ ؛ لأنّه يضمن باليد وبالجناية ، فجاز أن يضمن المملوكة بذلك دون الحُرّة.

و - هذه الأمة لو حبلت لم تكن(٣) في الحال اُمَّ ولد ؛ إذ هي ملك الغير في نفس الأمر.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩١ ، المجموع ٩ : ٣٧٢.

(٣) في « ق ، ك» : لم تك.

٢٩٩

فإن ملكها المشتري بعد ذلك في وقتٍ مّا من الدهر ، قال الشيخ : تصير اُمّ ولد(١) ، بناءً منه على أنّ مَنْ أولد من جارية غيره ولداً حُرّاً ثمّ ملكها فإنّها تصير اُمّ ولد ؛ لأنّها علقت منه بحُرَّ ، فأشبه مملوكته.

والمعتمد خلافه ؛ لرواية ابن مارد(٢) . ولأنّها حملت منه في ملك غيره ، فأشبهت الأمة المزوّجة.

وللشافعي قولان(٣) .

ولو علقت بمملوكٍ ، لم تصر اُمَّ ولد إلّا في مسألة واحدة ، وهي المكاتب إذا وطئ أمته ، فإذا ملكها بعد ذلك ، فالاحتمالان.

وللشافعي القولان(٤) أيضاً.

مسألة ١٢٩ : لو باع المشتري فاسداً(٥) ما اشتراه ، لم يصحّ‌ ؛ لأنّه لم يملكها(٦) بالشراء الأوّل ، ويجب على المشتري الثاني ردّها على البائع الأوّل ، فإن تلفت في يد المشتري الثاني ، كان للمالك أن يطالب بقيمتها مَنْ شاء منهما ؛ لأنّ الأوّل ضامن ، والثاني قبضها من يد ضامنة بغير إذن صاحبها ، فكان ضامناً. ولأنّه دخل فيها على وجه الضمان كالمشتري الأوّل.

ومتى تعتبر القيمة؟ لعلمائنا قولان :

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٠ ، و ٦ : ١٨٦.

(٢) التهذيب ٧ : ٤٨٢ - ٤٨٣ / ١٩٤٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥١٩ ، حلية العلماء ٦ : ٢٤٤ ، روضة الطالبين ٨ : ٥٥٣.

(٥) أي المشتري شراءً فاسداً.

(٦) تأنيث الضمير هنا وما بعدها باعتبار العين المبيعة.

٣٠٠