تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202088 / تحميل: 6024
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بالثوبين ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس به » وقد سُئل عن الثوب بالثوبين(١) .

وكذا يجوز بيع الغزل بالثياب المبسوطة وإن كان أحدهما أكثر وزناً ؛ لخروج الثوب بالصنعة عن الوزن.

ولأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن بيع الغزل بالثياب المبسوطة والغزل أكثر وزناً من الثياب ، قال : « لا بأس »(٢) .

ج - لو كان الشي‌ء في أصله غير موزون ولا مكيل ثمّ صار باعتبار صفةٍ إلى الكيل أو الوزن ، جرى فيه الربا حالة اتّصافه بتلك الصفة لا قبلها ، وذلك كالبطّيخ ، والرمّان إذا كان رطباً ولم يدخله الكيل والوزن حينئذٍ ، فإنّه لا يجري فيه الربا ، فيجوز بيع بعضه ببعضٍ متفاضلاً. أمّا إذا جُفّف وصار موزوناً حالة جفافه ، فإنّه يثبت فيه الربا في هذه الحال ، فلا يجوز بيع بعضه ببعضٍ متفاضلاً ، بل متساوياً.

وللشافعي حال رطوبته قولان :

الجديد : ثبوت الربا فيه ، فلا يجوز بيع بعضه ببعض رطبين إذا كان له حالة جفاف متساوياً ومتفاضلاً ، كما لا يجوز بيع الرطب بالرطب وإن تساويا. ويجوز في حالة الجفاف بشرط التساوي.

والقديم : عدم الربا ، فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلاً وإن جفّ ؛ لأنّه ليس مال ربا.

وإن كان ممّا لا يجفّ ، كالقثّاء ، ففي جواز بيع بعضه ببعضٍ في حال الرطوبة قولان : المنع مطلقاً ، كبيع الرطب بالرطب. والجواز مع التساوي‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٢) الكافي ٥ : ١٩٠ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٣٧ / ٥٩٦ ، التهذيب ٧ : ١٢٠ / ٥٢٤ ، وفي الأخيرين : « المنسوجة » بدل « المبسوطة ».

٢٠١

وزناً ؛ لأنّ معظم منافع هذه الأشياء في حالة الرطوبة ، فأشبهت بيع اللبن باللبن.

فعلى هذا إن لم يمكن كيله كالبطّيخ والقثّاء ، بِيع وزناً. وإن أمكن ، كالتفّاح والتين ، ففي بيعه وزناً وجهان للشافعيّة ، أصحّهما : الوزن ؛ لأنّه أحصر. وعلى الوجهين لا بأس بتفاوت العدد فيه(١) .

د - كما لا يجوز بيع الموزون بجنسه جزافاً كذا لا يجوز بيعه مكيلاً ، إلّا إذا عُلم عدم التفاوت فيه. وكذا المكيل لا يجوز بيعه جزافاً ولا موزوناً ، إلّا مع علم عدم التفاوت.

ه- لو كانا في حكم الجنس الواحد واختلفا في التقدير ، كالحنطة المقدّرة بالكيل ، والدقيق المقدّر بالوزن ، احتمل تحريم البيع بالكيل أو الوزن(٢) ؛ للاختلاف قدراً. وتسويغه بالوزن.

و - يجوز بيع الخبز بمثله وإن احتمل اختلافهما في الأجزاء المائيّة. وكذا الخلّ بمثله ؛ لعدم الأصالة.

[ الأمر الثاني ](٣) : في الأحكام.

مسألة ٩٨ : لو دعت الضرورة إلى بيع الربويّات متفاضلاً مع اتّحاد الجنس ، وجب توسّط عقد بينهما‌ ، فيباع الناقص بجنس مخالف ثمّ يشتري الزائد بذلك الجنس ، فلو أرادا بيع دراهم أو دنانير صحاح بمكسّرة أكثر وزناً ، بِيع الدراهم الصحاح بدنانير أو بجنس آخر كالثياب ثمّ اشتري بتلك الدنانير أو الثياب الدراهم المكسّرة أو بالعكس ؛ لانتفاء الربا هنا ؛ لعدم‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨١ - ٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١.

(٢) في « ق ، ك» : بالوزن.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : المطلب الثالث. وما أثبتناه مطابق لما قسّمه المؤلّفقدس‌سره .

٢٠٢

شرطه ، وهو اتّحاد الجنس.

وروى أبو سعيد الخدري أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمَّر أخا عَدِيٍّ على خيبر ، فأتى بتمر جيّد ، فقال : « أوَ تمر خيبر كلّه هكذا؟ » فقال : لا ، ولكنّا نبيع الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة ، فقال : « لا تفعلوا ولكن بِيعوا تمركم بعوض ثمّ اشتروا بثمنه من هذا التمر »(١) .

ومن طريق الخاصّة : رواية سماعة ، قال : سألته عن الطعام والتمر والزبيب ، فقال : « لا يصلح شي‌ء منه اثنان بواحد إلّا إن كان صرفته نوعاً إلى نوع آخر ، فإذا صرفته فلا بأس به اثنين بواحد وأكثر »(٢) .

فروع :

أ - لا فرق بين أن يتّخذ ذلك عادة أو لا‌ - وبه قال الشافعي(٣) - للأصل.

وقال مالك : يجوز مرّة واحدة ، ولا يجوز أن يجعله عادة(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ المقتضي إن كان كونه رباً ، لم يجز ولا مرّة. وإن كان غيره ، فلا بدّ من بيانه.

ب - يجوز توسّط غير البيع ، وذلك بأنّ يقترض الزائد ثمّ يستقرض الآخر منه الناقصَ ثمّ يتباريان ، أو يهب كلّ واحد منهما ماله من صاحبه ، أو‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٠٢ و ٢٢٩ ، و ٥ : ١٧٨ ، و ٩ : ١٣٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢١٥ / ١٥٩٣ ، سنن النسائي ٧ : ١٧١ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٧ / ٥٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٥ و ٢٩١ ، الموطّأ ٢ : ٦٢٣ / ٢٠ و ٢١.

(٢) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٤ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٦ بتفاوت في بعض الألفاظ.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، المغني ٤ : ١٩٣.

٢٠٣

يبيع الصحاح بمثل وزنها من المكسّرة ويهب صاحب المكسّرة الزيادة منه ، فيجوز جميع ذلك سواء شرط في إقراضه وهبته وبيعه ما يفعله الآخر أو لا ، خلافاً للشافعي ؛ فإنّه سوّغ مع عدم الشرط لا معه(١) .

لنا : عموم قولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٢) .

ج - لو باع النصف الشائع من دينارٍ قيمته عشرة دراهم بخمسة ، جاز ، ويسلّم إليه الكلّ ليحصل تسليم النصف ، ويكون النصف الآخر أمانةً في يده. أمّا لو كان له عشرة على غيره فأعطاه عشرةً عدداً فوُزنت فكانت أحد عشر ، كان الدرهم الزائد للمقبوض منه على الإشاعة ، ويكون مضموناً عليه ؛ لأنّه قبضه لنفسه. ثمّ إذا سلّم الدراهم الخمسة ، فله أن يستقرضها ويشتري بها النصف الآخر ، فيكون جميع الدينار له ، وعليه خمسة.

ولو باعه بعشرة وليس مع المشتري إلّا خمسة فدفعها إليه ثمّ استقرض منه خمسة أُخرى وردّها إليه عن باقي الثمن ، جاز ، وبه قال الشافعي(٣) . أمّا لو استقرض الخمسة المدفوعة إليه ، جاز عندنا ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٤) .

مسألة ٩٩ : القسمة تمييز أحد النصيبين من الآخر وإفراز الحقوق بعضها من بعض‌ ، وليست بيعاً - وهو أحد قولي الشافعي(٥) - لأنّ لها اسماً

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٣ و ٤ ) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٢٦ و ١٢٧ ، وانظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ٥١.

٢٠٤

يخصّها ، وتدخل فيها القرعة ، ولا تفتقر إلى لفظ بيعٍ أو تمليكٍ ، ولا يجوز إلّا بقدر الحقّين ، ولا يثبت بها الشفعة.

والقول الأصحّ : أنّها بيع ؛ لأنّ كلّ جزء من ذلك مشترك بينهما ، فإذا تعيّن لأحدهما شي‌ء بالقسمة ، فقد اشترى نصيب شريكه فيما تعيّن له بنصيبه ممّا تعيّن لشريكه ، فكان ذلك بيعاً(١) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فنقول : إذا كان المقسوم ممّا يدخل فيه الربا ، جازت القسمة كيلاً ووزناً ، وقسمة المكيل بالوزن وبالعكس ، وما لا يباع بعضه ببعضٍ عنده(٢) ، كالرطب بمثله والعنب بمثله ، متساوياً ومتفاضلاً ، نقداً ونسيئةً وإن كان يمنع ذلك في البيع.

وكذا يجوز أن يأخذ أحدهما الرطب أو العنب والآخر التمر أو الزبيب.

ويجوز قسمة الثمرة على رؤوس النخل.

وللشافعي قولان مبنيّان على أنّ القسمة بيعٌ أم لا ، فإن كانت بيعاً ، لم تجز ، كما لا يجوز بيع الثمرة على أصلها بمثلها.

ونحن نمنع ذلك ؛ لجواز بيع الثمرة على رؤوس النخل بمثلها. نعم ، الممنوع بيعها بخرصها تمراً.

وإن لم تكن عنده بيعاً وإنّما هي إفراز حقٍّ ، فقولان ، أحدهما : المنع مطلقاً. والثاني : الجواز في الرطب والعنب خاصّةً دون باقي الثمار ؛ لأنّ للخرص مدخلاً فيهما ، ولهذا جاز خرصهما على الفقراء ، فجازت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٢٦ و ١٢٧ ، وانظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ٥١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ و ٣٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ و ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١ و ٥٥.

٢٠٥

قسمتهما بين الشركاء ، بخلاف باقي الثمار(١) .

والحقّ عندنا الجواز مطلقاً.

مسألة ١٠٠ : قد بيّنّا أنّ الجيّد والردي‌ء في الجنس الواحد واحدٌ لا يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن رجل استبدل قَوْصَرتين(٢) فيهما بسرٌ مطبوخ بقَوْصَرة فيها مشقّق ، فقال : « هذا مكروه ؛ لأنّ عليّاًعليه‌السلام كان يكره أن يستبدل وسقاً من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، ولم يكن [ عليّ ](٣) عليه‌السلام يكره الحلال »(٤) .

مسألة ١٠١ : يجوز بيع العصير بالبُخْتُج(٥) مِثْلاً بمِثْل نقداً ؛ لأنّ خالد بن أبي الربيع(٦) سأل الصادقَعليه‌السلام : ما ترى في التمر والبسر الأحمر مِثْلاً بمِثْل؟ قال : « لا بأس » قلت : فالبُخْتُج والعصير(٧) مِثْلاً بِمثْل؟ قال : « لا بأس »(٨) .

واعلم أنّ هذا الحديث يدلّ على جواز بيع التمر بالبسر الأحمر.

والمراد به البسرُ المطبوخ بالنار ؛ لذهاب رطوبته ، ومساواته للتمر في عدم‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ ، وانظر روضة الطالبين ٣ : ٥١.

(٢) القَوْصَرَّة - بالتشديد - : هذا الذي يكنز فيه التمر من البواري. وقد يخفّف. الصحاح ٢ : ٧٩٣ « قصر ».

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٩٦ - ٩٧ / ٤١٢.

(٥) البُخْتُج : العصير المطبوخ. وأصله بالفارسيّة : ميبخته ، أي : عصير مطبوخ. النهاية - لابن الأثير - ١ : ١٠١ «بختج ».

(٦) كذا ، وفي المصدر : عن خالد عن أبي الربيع.

(٧) في التهذيب : « العنب » بدل « العصير ».

(٨) الكافي ٥ : ١٩٠ / ١٨ ، التهذيب ٧ : ٩٧ - ٩٨ / ٤١٨.

٢٠٦

النقصان عند الجفاف ، بخلاف الرطب بالتمر.

مسألة ١٠٢ : قد بيّنّا جواز بيع البُرّ بالسويق متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز متفاضلاً ولا نسيئةً ؛ لاتّحاد الأصل فيهما ، ولا اعتبار بزيادة الرَّيع(١) في أحدهما ؛ لما رواه محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : ما تقول في البُرّ بالسويق؟ فقال : « مِثْلاً بمِثْل لا بأس به » قال : قلت له : إنّه يكون له رَيْعٌ أو يكون له فضل ، فقال : « ليس له مؤونة؟ » قلت : بلى ، قال : « فهذا بذا » وقال : « إذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يداً بيد »(٢) .

مسألة ١٠٣ : لو دفع إلى الطحّان طعاماً وقاطعه على أن يُعطيه به طحيناً أنقص‌ ، أو دفع إلى العصّار سمسماً وقاطعه على شيرج أنقص ، لم يجز.

وكذا مع التساوي فيهما. أمّا الأوّل : فلربا الفضل ، وأمّا الثاني : فلربا النسيئة.

وسأله محمّد بن مسلم عن الرجل يدفع إلى الطحّان الطعام فيقاطعه على أن يُعطي صاحبه لكلّ عشرة اثنتي عشرة دقيقاً ، فقال : « لا » قال : فقلت : فالرجل يدفع السمسم إلى العصّار ويضمن له لكلّ صاع أرطالاً مسمّاة ، قال : « لا »(٣) .

مسألة ١٠٤ : يكره أن يدفع الإنسان إلى غيره البقر والغنم‌ على أن يدفع إليه كلّ سنة من ألبانها وأولادها شيئاً معلوماً. وإن فعل ذلك ، كان ضريبةً غير لازمة.

وكذا يكره أن يدفع الغنم والإبل إلى غيره على أن يبدل له - إذا‌

____________________

(١) الرَّيْعُ : النماء والزيادة. لسان العرب ٨ : ١٣٧ « ريع ».

(٢) الكافي ٥ : ١٨٩ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٤.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٩ / ١١ ، التهذيب ٧ : ٩٦ / ٤١١.

٢٠٧

ولدت - الذكور بالإناث وبالعكس.

لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن رجلٍ قال لرجلٍ : ادفع إليَّ غنمك وإبلك تكون معي فإذا ولدت أبدلت لك إن شئت إناثها بذكورها أو ذكورها بإناثها ، فقال : « إنّ ذلك فعلٌ مكروه ، إلّا أن يبدلها بعد ما تولّد ويعزلها ».

قال : وسألته عن الرجل يدفع إلى الرجل بقراً وغنماً على أن يدفع اليه كلّ سنة من ألبانها وأولادها كذا وكذا ، قال : « ذلك مكروه »(١) .

مسألة ١٠٥ : لا ربا بين الولد ووالده‌ ، فلكلّ واحد منهما أن يأخذ الفضل من صاحبه ؛ لأنّ مال الولد في حكم مال الوالد. وكذا بين السيّد وعبده المختصّ به ؛ لأنّ مال العبد لمولاه. ولا بين الرجل وزوجته ، ولكلٍّ منهما أن يأخذ الفضل من صاحبه. ولا بين المسلم والحربيّ ، فيأخذ منهم الفضل ولا يعطيهم إيّاه ؛ لأنّهم في الحقيقة في‌ءٌ للمسلمين.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « ليس بين الرجل وولده وبينه وبين عبده ولا بين أهله ربا ، إنّما الربا فيما بينك وبين ما لا تملك » قلت : والمشركون بيني وبينهم ربا؟ قال : « نعم » قلت : فإنّهم مماليك ، فقال : « إنّك لست تملكهم ، إنّما تملكهم مع غيرك ، أنت وغيرك فيهم سواء ، والذي بينك وبينهم ليس من ذلك ، لأنّ عبدك ليس مثل عبد غيرك »(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ليس بين الرجل وولده ربا ، وليس بين السيّد وعبده ربا »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٢٠ - ١٢١ / ٥٢٦ ، وفي الكافي ٥ : ١٩١ / ٩ بدون الذيل.

(٢) الاستبصار ٣ : ٧١ / ٢٣٦ ، وفي الكافي ٥ : ١٤٧ / ٣ ، والتهذيب ٧ : ١٧ / ٧٥ بزيادة يسيرة.

(٣) الكافي ٥ : ١٤٧ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٨ / ٧٦.

٢٠٨

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا ، فإنّا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ونأخذ منهم ولا نعطيهم »(١) .

فروع :

أ - لا فرق في تحريم الربا بين المسلمين بين دار الحرب ودار الإسلام ، فلا يجوز للمسلم أن يُربي على المسلم في الدارين - وبه قال مالك وأحمد والشافعي وأبو يوسف(٢) - للعموم(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا ربا بين مسلمَين(٤) إذا أسلما في دار الحرب(٥) .

ب - لا ربا عندنا بين المسلم والحربيّ سواء كان ذا أمان أو لا ، وسواء كان في دار الإسلام أو دار الحرب - وبه قال أبو حنيفة(٦) - للأحاديث السابقة.

وروى الجمهور عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب »(٧) ونحن لم نشرط الدار.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٤٧ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١٨ / ٧٧ ، الاستبصار ٣ : ٧٠ - ٧١ / ٢٣٥.

(٢) المغني ٤ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٩٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٧٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٢ ، الوسيط ٣ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٣) البقرة : ٢٧٥.

(٤) في « ق ، ك» : المسلمَيْن.

(٥) المغني ٤ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٩٩ - ٢٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ - ١٠٠.

(٦) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٩٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٧٥ ، المغني ٤ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٩٩.

(٧) أورده ابنا قدامة في المغني ٤ : ١٧٦ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٠٠ نقلاً عن مكحول.

٢٠٩

ولأنّه في الحقيقة في‌ء للمسلمين وقد بذل ماله بإذنه للمسلم فجاز(١) له أخذه منه حيث أزال أمانه عنه ببذله له.

وقال الشافعي ومالك وأحمد وأبو يوسف : يثبت الربا بين المسلم والحربيّ مطلقاً كثبوته بين المسلمين ؛ للعموم(٢) (٣) .

ج - هل يثبت الربا بين الجدّ وولد الولد؟ إشكال ، أقربه : الثبوت ؛ عملاً بالعموم الدالّ على التحريم ، وأصالة إرادة الحقيقة ، وولد الولد يسمّى ولداً مجازاً.

وكذا يثبت بينه وبين زوجته بالعقد المنقطع ؛ لأنّ التفويض في مال الرجل إنّما يثبت(٤) في حقّ العقد الدائم ، فإنّ للزوجة أن تأخذ من مال الرجل المأدوم.

ولا فرق بين الولد الذكر والأنثى ، لشمول اسم الولد لهما.

د - يثبت الربا بين السيّد وعبده المشترك بينه وبين غيره ، لخروج حصّة الغير عن ملكه في نفس العبد وفيما في يده ، وعليه دلّ حديث الباقر(٥) عليه‌السلام .

ه- في ثبوت الربا بين المسلم والذمّيّ خلاف أقربه : الثبوت ؛ لعصمة أموالهم ، وعموم الأحاديث والنصوص الدالّة على تحريم مطلق الربا.

مسألة ١٠٦ : يجب على آخذ الربا المحرَّم ردّه على مالكه إن عرفه‌ ؛ لأنّه مالٌ له لم ينتقل عنه إلى الآخذ ، ويده يد عادية ، فيجب دفعه إلى المالك‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : فجائز.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١ ، المغني ٤ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٩٨ - ١٩٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٩٢.

(٤) في « ق ، ك» : ثبت.

(٥) الكافي ٥ : ١٤٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٧ / ٧٥ ، الاستبصار ٣ : ٧١ / ٢٣٦.

٢١٠

كالغصب. ولو لم يعرف المالك ، تصدّق به عنه ؛ لأنّه مجهول المالك. ولو وجد المالك قد مات ، سلّم إلى الوارث ، فإن جهلهم ، تصدّق به إذا لم يتمكّن من استعلامهم. ولو لم يعرف المقدار وعرف المالك ، صالحه. ولو لم يعرف المالك ولا المقدار ، أخرج خُمْسه ، وحلّ له الباقي.

هذا إذا فَعَل الربا متعمّداً ، وأمّا إذا فَعَله جاهلاً بتحريمه ، فالأقوى أنّه كذلك.

وقيل : لا يجب عليه ردّه(١) ؛ لقوله تعالى :( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ) (٢) وهو يتناول المال الذي أخذه على وجه الربا.

وسُئل الصادقعليه‌السلام عن الرجل يأكل الربا وهو يرى أنّه له حلال(٣) ، قال : « لا يضرّه حتى يصيبه متعمّداً [ فإذا أصابه متعمّداً ](٤) فهو بمنزلة الذي قال الله عزّ وجلّ »(٥) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام قال : « أتى رجل إلى أبيعليه‌السلام (٦) ، فقال : إنّي قد(٧) ورثت مالاً وقد علمت أنّ صاحبه الذي ورثته منه قد كان يُربي وقد عرفت أنّ فيه رباً وأستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه وقد سألت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز ، فقالوا : لا يحلّ لك أكله‌

____________________

(١) قال به الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٧٦.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : أنّ له حلالاً. وما أثبتناه من المصدر.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) الكافي ٥ : ١٤٤ - ١٤٥ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٥ / ٦٦.

(٦) في « ق ، ك » : أتى رجل أبيعليه‌السلام . وفي الطبعة الحجريّة والتهذيب : أتى رجل إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام . وهو كما ترى.

(٧) كلمة « قد » لم ترد في « ق ، ك».

٢١١

من أجل ما فيه ، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : إن كنت تعرف أنّ فيه مالاً معروفاً رباً وتعرف أهله فخُذْ رأس مالك وردّ ما سوى ذلك ، وإن كان مختلطاً فكُلْه هنيئاً ، فإنّ المال مالك ، واجتنب ما كان يصنع صاحبه ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد وضع ما مضى من الربا وحرّم عليهم ما بقي ، فمن جهله وسع له جهله حتى يعرفه ، فإذا عرف تحريمه حرم عليه ، ووجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه ، كما يجب على مَنْ يأكل الربا »(١) .

إذا تقرّر هذا ، فإنّما أباحعليه‌السلام له الربا مع امتزاجه بناءً على أنّ الميّت ارتكبه بجهالةٍ ، وتمام الحديث يدلّ عليه.

القسم الثالث : الغرر. وقد نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر(٢) ، كبيع عسيب الفحل ، وبيع ما ليس عنده ، وبيع الحمل في بطن اُمّه ؛ لنهيهعليه‌السلام عنه(٣) . ولأنّه غرر ؛ لعدم العلم بسلامته وصفته وقد يخرج حيّاً أو ميّتاً ، ولا يقدر على تسليمه عقيب العقد ولا الشروع فيه ، بخلاف الغائب.

ومن الغرر بيع الملاقيح والمضامين. والملاقيح ما في بطون الاُمّهات ، والمضامين ما في أصلاب الفحول. وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضربه الفحل في عام أو أعوام(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٦ / ٧٠ ، وبتفاوت في بعض الألفاظ في الكافي ٥ : ١٤٦ ضمن الحديث ٩ ، والفقيه ٣ : ١٧٥ / ٧٨٩.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ / ١٥١٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ / ٢١٩٤ و ٢١٩٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٤ / ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ / ١٢٣٠ ، سنن الدار قطني ٣. ١٥ / ٤٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٨ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥١ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٤ / ٧٥ ، مسند أحمد ١ : ٤٩٧ / ٢٧٤٧.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٣٣٨ و ٣٤١ ، غريب الحديث - للهروي - ١ : ٢٠٦ ، الاستذكار - لابن عبد البرّ - ٢٠ : ٩٨ / ٢٩٤٠٠.

(٤) كما في المغني ٤ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١.

٢١٢

ومنه بيع المـَجْر ؛ لنهيهعليه‌السلام عنه(١) . ولأنّه غرر.

قال أبو عبيدة : هو بيع ما في الأرحام(٢) . وقيل : القمار(٣) ، وقيل : المحاقلة والمزابنة(٤) .

ويجوز أن يبيع الدابّة ويشترط حملها ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٥) والجهالة هنا لا تضرّ ؛ لأنّه تابع ، فأشبه أساسات الحيطان ، وهو أحد قولي الشافعيّة بناءً منه على أنّ الحمل له حكمه(٦) ، فيجوز اشتراطه. وفي الثاني : لا يجوز بناءً على أنّه لا حكم للحمل(٧) .

ولو باعها على أنّها تضع بعد شهر أو مدّة بعينها ، بطل العقد - وبه قال الشافعي(٨) - لأنّه شرط غير مقدور.

مسألة ١٠٧ : لو باع شاةً على أنّها لبون ، صحّ‌ - وبه قال الشافعي في أحد‌

____________________

(١) غريب الحديث - للهروي - ١ : ٢٠٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤١ ، الاستذكار - لابن عبد البرّ - ٢٠ : ٩٨ / ٢٩٤٠٠.

(٢) حكاه عنه الرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٤.

(٣ و ٤) المغني ٤ : ٢٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٣١.

واختلف في معنى المحاقلة ، فقيل : هي اكتراء الأرض بالحنطة. وقيل : هي المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما. وقيل : هي بيع الطعام في سُنبلة بالبُرّ. وقيل : بيع الزرع قبل إدراكه. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٤١٦ « حقل».

وأمّا المزابنة فهي بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر. وأصله من الزبن ، وهو الدفع ، كأنّ كل واحد من المتبايعين يزبن صاحبه عن حقّه بما يزداد منه. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ٢٩٤ « زبن ».

(٥) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٦) في الطبعة الحجريّة : حكم.

(٧) الوسيط ٣ : ٨٥ ، الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣.

٢١٣

القولين(١) - لأنّه يتحقّق وجوده في الحيوان ، ويأخذ قسطاً من الثمن ، فجاز شرطه.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز ؛ لأنّه لا يصحّ بيعه في الضرع فلا يصحّ اشتراطه ، كالحمل(٢) .

وبطلان التالي ممنوع. والفرق : عدم العلم بوجود الحمل ، بخلاف اللبن ، فإنّه معلوم الوجود.

أمّا لو شرط أنّها تحلب قدرا معلوما في كلّ يوم ، فإنّه لا يصحّ ، لتعذّر الوفاء به ، ولعدم ضبط اللبن.

مسألة ١٠٨ : يجوز بيع البيض المنفصل إذا كان ممّا يؤكل لحمه‌ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ المقصود وإن كان مستوراً إلّا أنّه لمصلحته ، كالجوز.

وإن كان غير ما يؤكل لحمه ، جاز عندنا أيضاً إذا كان ممّا ينتفع به بأن يصير فرخاً ؛ لأنّه لا ينتفع به في الأكل ، وهو أحد قولي الشافعي بناءً على أنّ منيّة نجس أم لا ، فإن كان نجساً ، لم يجز بيعه ، وإلّا جاز(٤) .

وأمّا إذا كان متّصلاً بالحيوان ، فلا يجوز بيعه منفردا ، كالحمل ، ويجوز اشتراطه.

وإن انفصل من الحيوان بعد موته ، فإن كان قد اكتسى الجلد الفوقاني الصلب ، كان مباحاً. وإن لم يكتس الجلد الصلب ، كان حراماً ؛ لأنّه مائع‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٢٦ ، الوسيط ٣ : ٨٤ ، المجموع ٩ : ٣٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥.

(٣) اُنظر : المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٩ ، المجموع ٩ : ٢٥٣ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢.

٢١٤

فينجس بها ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : إنّه لا يحلّ(٢) ؛ لأنّه بمنزلة لحمها. وهو ممنوع.

ويجوز بيع بزر القزّ عندنا ؛ لأنّه طاهرٌ ينتفع به ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : لا يجوز بناءً على بيض ما لا يؤكل لحمه(٣) .

مسألة ١٠٩ : ومن الغرر بيع الطير في الهواء والسمك في الماء‌ وقد سلف(٤) . ولا يجوز استئجار بِرَك الحِيتان لأخذ السمك منها - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّ العين لا تُملك بالإجارة. وبيع السمك فيها لا يجوز ؛ لأنّه غرر.

فإن استأجرها ليحبس السمك فيها ويأخذه ، جاز ، كما يجوز إجارة الشبكة للصيد. ولأنّه عقد على منفعة مقصودة ، فجاز العقد عليها ، وبه قال أكثر الشافعيّة(٦) .

وقال أبو حامد(٧) في التعليق : لا يجوز. وفرّق بين البِرْكة والشبكة ؛ فإنّ الشبكة تحبس الصيد، والاصطياد يكون بها ، وأمّا البِرْكة فإنّ الصيد‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٨ ، المجموع ١ : ٢٤٤ ، حلية العلماء ١ : ١١٩ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ١٨٦ ، روضة الطالبين ١ : ١٢٨.

(٢) التهذيب - للبغوي - ١ : ١٨٦ ، المجموع ١ : ٢٤٤ ، روضة الطالبين ١ : ١٢٨ ، حلية العلماء ١ : ١١٩ - ١٢٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٩ ، المجموع ٩ : ٢٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤.

(٤) في ص ٥٠ و ٥١ ، المسألتان ٢٧ و ٢٨.

(٥ و ٦) المجموع ٩ : ٢٨٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٣٢٥.

(٧) هو أحمد بن محمّد الإسفرائيني ، المتوفّى سنة ٤٠٦ ه‍ ، له مصنّفات منها :

التعليقة الكبرى في الفروع. كشف الظنون ١ : ٤٢٣ - ٤٢٤. وانظر ترجمته في طبقات الفقهاء - للشيرازي - : ٢٢٣ ، وتاريخ بغداد ٤ : ٣٦٨ - ٣٧٠ / ٢٢٣٩ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ : ٢٠٨ - ٢١٠. وكتابه هذا لم يتوفّر لدينا.

٢١٥

ينحصر فيها بغيرها.

وهذا لا معنى له ؛ لأنّ البِرْكة بها يمكن الاصطياد ويحبس كالشَّرَك(١) ، والانتفاع المقصود حاصل بها.

فروع :

أ - لو استأجر أرضاً للزراعة فدخل إليها السمك‌ ثمّ نضب الماء منها وبقي السمك ، لم يملكه المستأجر بذلك ، بل كان أحقّ به ؛ لأنّ غيره ليس له التخطّي في الأرض ولا الانتفاع بها ، فلو تخطّى أجنبيٌّ فأخذ السمك ، ملكه بالأخذ.

ب - لو طفرت سمكة إلى سفينة فيها رُكّاب ، لم يملكها صاحب السفينة ، وهي لآخذها ، وليس صاحب السفينة أحقّ بها من الركّاب ؛ لأنّ لهم التخطّي فيها.

ج - لو عشَّش الطائر في دار أو أرض وفرَّخ فيها ، أو توحَّل الظبي في أرضه ، لم يملكه بذلك ما لم يثبت يده عليه ، ويكون صاحب الأرض أحقّ بذلك. وكذا إذا سقط ثلج في أرض إنسان ، لم يملكه بذلك ، وكان أحقّ به. ولو دخل الماء في أرضه ، لم يملكه. فإن نصب شبكة فوقع فيها صيد ، ملكه وإن كانت في غير أرضه ؛ لأنّها بمنزلة يده. وكذا لو غرف الماء بدلوه ولو من أرض غيره ، ملكه. وهذه الفروع كلّها موافقة للشافعيّة(٢) .

مسألة ١١٠ : بيع الفضولي جائز عندنا لكن يكون موقوفاً على إجازة المالك‌ ، فإن أجاز البيع ، لزم ، وإلّا بطل. ولا يقع فاسداً في أصله ولا لازماً.

____________________

(١) الشَّرَك : حبائل الصائد. لسان العرب ١٠ : ٤٥٠ « شرك ».

(٢) لم نعثر على تلك الفروع في مظانّها من المصادر المتوفّرة لدينا.

٢١٦

ولا فرق بين البيع والشراء - وبه قال مالك والشافعي في القديم(١) - لأنّه عقد صدر من أهله في محلّه ، وله مُجيزٌ في حال وقوعه ، فجاز أن يقف على إجازته ، كالوصيّة.

ولأنّهعليه‌السلام دفع إلى عروة البارقي ديناراً يشتري به شاةً ، فاشترى به شاتين وباع إحداهما بدينار وجاء بشاة ، ودينار ، فقال النبيّعليه‌السلام : « بارك الله في صفقة يمينك »(٢) فأجازعليه‌السلام بيع الشاة وشراء الشاتين ، ولو كان بيع الفضولي وشراؤه باطلين ، لما أقرّهعليه‌السلام على ذلك.

وقال أبو حنيفة : يقف البيع على إجازة المالك ، ولا يقف الشراء على إجازة المشتري له ، بل يقع للوكيل(٣) .

وعن أحمد روايتان في البيع والشراء جميعاً(٤) .

وقال الشافعي في الجديد : يبطل البيع من أصله(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام لحكيم ابن حزام : « لا تبع ما ليس عندك »(٦) .

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٧٢ ، منهاج الطالبين : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المجموع ٩ : ٢٥٩ و ٢٦١ ، حلية العلماء ٤ : ٧٦ و ٧٧ ، الوسيط ٣ : ٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٠ ، المغني ٤ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٥٥٩ / ١٢٥٨ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٠ / ٢٩.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٨ و ٦٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٨ و ١٥٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦ ، حلية العلماء ٤ : ٧٥ ، الوسيط ٣ : ٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، المجموع ٩ : ٢٦١ ، المغني ٤ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨.

(٤) المغني ٤ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨ ، حلية العلماء ٤ : ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، المجموع ٩ : ٢٦١ ، بداية المجتهد ٢ : ١٧٢.

(٥) الوسيط ٣ : ٢٢ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١ ، حلية العلماء ٤ : ٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٠ ، منهاج الطالبين : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المجموع ٩ : ٢٥٩ ، المغني ٤ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨.

(٦) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٧ / ٢١٨٧ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٣ / ٣٥٠٣ ، سنن النسائي =

٢١٧

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن سلف وبيع ، وعن بيعين في بيع ، وعن بيع ما ليس عندك ، وعن ربح ما لم يضمن »(١) .

ولأنّ بيع الآبق غير صحيح مع كونه مملوكاً ؛ لعدم القدرة على التسليم ، فبيع ما لا ملك فيه ولا قدرة على تسليمه أولى.

والجواب : النهي لا يدلّ على الفساد في المعاملات. ونمنع التعليل في الآبق بما ذُكر ، سلّمنا لكنّ الفرق ظاهر ؛ فإنّ القدرة في المتنازع موجودة إذا أجاز المالك.

فروع :

أ - هذا الخلاف الواقع في بيع الفضولي أو شرائه ثابت في النكاح على الأقوى‌ وإن كان للشيخ قول بأنّ النكاح لا يقع موقوفاً بل إمّا لازم أو باطل(٢) .

أمّا الطلاق فللشافعي القولان فيه وكذا في العتق(٣) .

وأمّا الإجارة والهبة فعندنا يقعان موقوفين على الإجازة. وللشافعي القولان(٤) .

ب - لو اشترى الفضولي لغيره شيئاً بعين مال الغير ، وقف على الإجازة‌

____________________

= ٧ : ٢٨٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٧ ، مسند أحمد ٤ : ٤٠٣ / ١٤٨٨٧ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٣ : ٢١٧ / ٣٠٩٧.

(١) التهذيب ٧ : ٢٣٠ / ١٠٠٥.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٤ : ١٦٣ ، الخلاف ٤ : ٢٥٧ - ٢٥٨ ، المسألة ١١.

(٣ و ٤) المجموع ٩ : ٢٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢.

٢١٨

عندنا ، وهو القديم للشافعي ، وعلى الجديد لا يصحّ(١) .

وإن اشترى في الذمّة ، فإن أطلق ونوى كونه للغير ، وقف على الإجازة ، فإن ردّ ، نفذ في حقّه ، وهو القديم للشافعي ، وعلى الجديد يقع للمباشر(٢) .

ولو أضاف فقال : اشتريت لفلان بألفٍ في ذمّته ، فهو كما لو اشترى بعين ماله. ولو قال : اشتريت لفلان بألف ، ولم يضف الثمن إلى ذمّة الغير ، وقف على إجازة الغير ، فإن ردّ ، احتمل نفوذه في حقّه. والبطلان.

وعلى قول الشافعي في القديم : يقف على الإجازة ، فإن ردّ ، فالاحتمالان(٣) . وعلى الجديد وجهان : إلغاء التسمية فيقع العقد عن المباشر. والبطلان(٤) .

ج - لو اشترى الفضولي لغيره شيئاً بمال نفسه ، فإن لم يُسمّه ، وقع العقد عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أو لا. وإن سمّاه ، فإن لم يأذن له ، لغت التسمية ، وبه قال الشافعي(٥) .

وهل يقع عنه أو يبطل من أصله؟ احتمال. وللشافعي وجهان(٦) .

وإن أذن له ، فهل تلغو التسمية؟ للشافعي وجهان ، فإن قلنا به ، ففي‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المجموع ٩ : ٢٦٠.

(٣) في « ق ، ك» ، والطبعة الحجريّة : فالاحتمالات. وما أثبتناه موافق لما في المصادر.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٠ - ٥٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ - ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦٠.

(٥ و ٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦٠.

٢١٩

بطلان العقد أو وقوعه عن العاقد وجهان. وإن قلنا : لا ، وقع عن الآذن(١) .

والثمن المدفوع هل يكون قرضاً أو هبةً؟ فيه للشافعي وجهان(٢) .

والأقرب : البطلان فيما لو أذن ؛ إذ ليس للإنسان أن يملك شيئاً والثمن على غيره.

وقال أبو حنيفة في البيع والنكاح : إنّه يقف عقد الفضولي فيه على الإجازة. وأمّا الشراء فقد قال في صورة الشراء المطلق : يقع عن العاقد ، ولا يقع موقوفاً(٣) .

وعن أصحابه اختلاف فيما إذا سمّى الغير(٤) .

د - شرط الوقف(٥) عند أبي حنيفة أن يكون للعقد مُجيزٌ في الحال‌ سواء كان مالكاً أو لا حتى لو أعتق عن الطفل أو طلّق امرأته ، لا يتوقّف على إجازته بعد البلوغ. والمعتبر إجازة من يملك التصرّف عند العقد حتى لو باع مال الطفل فبلغ وأجاز ، لم ينعقد. وكذا لو باع مال الغير ثمّ ملكه وأجاز(٦) .

والمعتمد : أنّ الطلاق لا يقع موقوفاً.

ه- لو غصب مالاً وباعه وتصرّف في ثمنه مرّة بعد اُخرى ، كان ذلك موقوفاً على اختيار المالك في إجازة الجميع أو أيّها شاء ، وفسخ الجميع أو أيّها شاء ، وله تتبّع العقود الكثيرة ، فيراعي مصلحته ، وهذا أضعف‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦٠.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٨ - ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٤) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢.

(٥) أي : توقُّف صحّة تصرّف الفضولي على الإجازة.

(٦) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أحدهما : حين التلف ، وهو الأقوى ؛ لأنّه قبضها بإذن مالكها فلم يضمن إلّا يوم التلف ، كالعارية. ولأنّه في كلّ حال مخاطب بردّ العين لا غير ، والقيمة إنّما تعلّقت بذمّته يوم التلف. ولو كانت العين موجودةً ، لم يضمن تفاوت القيمة السوقيّة.

والثاني : أنّه يضمنها بالأكثر من قيمتها من حين القبض إلى حين التلف ؛ لأنّه في كلّ حال مأمور بردّها ، فإذا لم يفعل ، وجب عليه قيمتها في تلك الحال ، كالمغصوب

ونمنع وجوب القيمة إذا لم يفعل بل إذا تلفت ، والتقدير بقاؤها.

إذا ثبت هذا ، فالحال لا يخلو إمّا أن تكون قيمته في يد الأوّل والثاني على السواء أو لا.

فإن كان الأوّل ، رجع بالقيمة على مَنْ شاء كما قلناه ، لكن يستقرّ الضمان على الثاني. فإذا رجع المالك عليه ، لم يرجع الثاني على الأوّل بشي‌ء ؛ لاستقرار التلف في يده.

وإن كان الثاني ، فلا يخلو إمّا أن تكون الزيادة في يد الأوّل بأن كانت تساوي في يده مائتين ثمّ صارت تساوي مائة ثمّ باعها ، فإن رجع على الأوّل ، رجع بمائتين ، ورجع الأوّل على الثاني بمائة. وإن رجع على الثاني ، رجع بمائةٍ ويرجع على الأوّل بالمائة الاُخرى ، ولا يرجع الأوّل على الثاني بشي‌ء.وإمّا أن تكون الزيادة في يد الثاني ، فإن رجع على الأوّل ، رجع عليه بالمائة لا غير ، ويرجع علي الثاني بالمائة الزائدة ؛ لحصولها في يده وتلفها في يده ، ويرجع الأوّل على الثاني بالمائة الأصليّة التي أخذها المالك منه. وإن رجع على الثاني ، رجع عليه بالمائتين ، ولا يرجع على الأوّل بشي‌ء.

٣٠١

هذا إذا قلنا بأنّه يرجع بأكثر القِيَم ، وإن قلنا : يرجع بالقيمة يوم التلف لا غير ، فإن كانت قيمته حينئذٍ أقلّ من قيمتها مع الأوّل ، رجع بها خاصّة ، وإن كانت أكثر ، رجع بها على الثاني ، ولا يرجع الثاني على الأوّل بشي‌ء.

هذا كلّه فيما إذا كانت العين من ذوات القِيَم ، وإن كانت من ذوات الأمثال ، رجع بالمثل على مَنْ شاء ، ويكون الحكم ما تقدّم. فإن تعذّر المثل ، رجع بالقيمة حين الإعواز. ولو كان المشتري الثاني قد دفع إلى الأوّل الثمنَ ، رجع به عليه.

تنبيه : إذا كان البيع فاسداً وتقابضا الثمن والمثمن وأتلف البائع الثمن‌ ، لم يكن للمشتري إمساك العبد عليه ، بل يجب ردّه على البائع ، ويكون المشتري من جملة الغرماء ؛ لأنّه لم يقبضه وثيقةً ، وإنّما قبضه على أنّه يملكه ، فإذا بان بخلاف ذلك(١) ، وجب ردّه ، وبه قال بعض الشافعيّة(٢) .

وقال أبو حنيفة : للمشتري إمساك العبد ويكون أحقَّ به من بين سائر الغرماء ، فيستوفي منه الثمن(٣) .

مسألة ١٣٠ : لو فسد العقد بشرطٍ فاسد ثمّ حذفا الشرط‌ ، لم ينقلب العقد صحيحاً ، سواء كان الحذف في المجلس أو بعده - وبه قال الشافعي في أحد القولين(٤) - لأنّه وقع باطلاً ، ولا موجب لتصحيحه ، والأصل بقاء ما كان على ما كان. ولأنّ العقد الفاسد لا عبرة به ، فلا يكون لمجلسه‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : « بخلافه » بدل « بخلاف ذلك ».

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٣٦ ، المغني ٤ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٥ ، وفيها نسبة القول إلى الشافعي.

(٣) حلية العلماء ٤ : ١٣٦ ، المغني ٤ : ٣١٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٥.

٣٠٢

حكمٌ ، بخلاف الصحيح.

وقال أبو حنيفة : إن كان الحذف في المجلس ، انقلب صحيحاً. وهو القول الآخر للشافعي(١) .

مسألة ١٣١ : لو زاد في الثمن أو المثمن أو زاد شرط الخيار أو الأجل أو قدرهما‌ ، فإن كان بعد لزوم العقد ، لم يلحق بالعقد ؛ لأنّ زيادة الثمن لو التحقت بالعقد ، لوجب على الشفيع كلّ ذلك ، والتالي باطل إجماعاً. وكذا الحكم في رأس مال السَّلَم والمـُسْلَم فيه والصداق وغيرها. وكذا لو نقص في مدّة الخيار من الثمن وغيره ، لا يلتحق بالعقد حتى يأخذ الشفيع بما سمّي في العقد لا بما بقي بعد الحطّ ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أبو حنيفة : الزيادة في المثمن والصداق ورأس المال في السَّلَم تلزم ، وكذا في الثمن إن كان باقياً. وإن كان تالفاً ، فله مع أصحابه اختلاف فيه ، ولا يثبت في المـُسْلَم فيه على المشهور. وشرط الأجل يلتحق بالعقد في الثمن والاُجرة والصداق وسائر الأعواض.

قال : فأمّا الحطّ : فإن حطّ البعض ، يلتحق بالعقد دون حطّ الكلّ(٣) .

وإن كانت هذه الإلحاقات قبل لزوم العقد بأن كانت في مجلس العقد أو في زمن الخيار المشروط ، فعندنا لا تلتحق كما لا تلتحق بعد لزوم العقد ؛ لتمام العقد ، كما بعد اللزوم.

وللشافعي ثلاثة أقوال ، هذا أحدها.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ - ٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ - ١٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٥.

٣٠٣

والثاني : أنّها تلحق في خيار المجلس دون خيار الشرط ؛ لأنّ مجلس العقد كنفس العقد ، ألا ترى أنّه يصلح لتعيين رأس مال السَّلَم والعوض في عقد الصرف ، بخلاف زمان الخيار المشروط؟

والثالث : أنّها تلحق. أمّا في مجلس العقد : فلما ذكرناه. وأمّا في زمن الخيار المشروط : فلأنّه في معناه من حيث إنّ العقد غير مستقرّ بعدُ ، والزيادة قد يحتاج اليها لتقرير(١) العقد ؛ فإنّ زيادة العوض من أحدهما تدعو الآخر إلى إمضاء العقد.

ثمّ اختلف أصحابه.

فقال بعضهم : هذا الجواز مطلق.

وقال بعضهم : بل هو مفرَّع على قولنا : إنّ الملك في زمن الخيار للبائع ، فأمّا إذا قلنا : إنّه للمشتري ، أو قلنا : إنّه موقوف وأمضينا(٢) العقد ، لم يلتحق ، كما بعد اللزوم. وإن قلنا : إنّه موقوف واتّفق الفسخ ، فيلحق ، ويرتفع بارتفاع العقد ؛ لأنّا إذا قلنا : إنّ الملك للمشتري ، فالزيادة في الثمن لا يقابلها شي‌ء من المثمن. وكذا الأجل والخيار لا يقابلهما شي‌ء من العوض ، وحينئذٍ يمتنع الحكم بلزومهما.

وإذا قالوا : إنّها تلتحق ، فالزيادة تجب على الشفيع كما تجب على المشتري. وفي الحطّ قبل اللزوم مثل هذا الخلاف. فإن اُلحق بالعقد ، انحطّ عن الشفيع أيضاً. وعلى هذا الوجه ما يلتحق بالعقد من الشروط الفاسدة‌

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : لتقدير. والصحيح ما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : وإمضاء. والصحيح ما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

٣٠٤

قبل انقضاء الخيار بمثابة ما لو اقترنت بالعقد في إفساده. وإن حطّ جميع الثمن ، كان كما لو باع بغير ثمن(١) .

وقد قلنا ما عندنا في ذلك.

وقد بقي من المناهي ما يُذكر في مظانّه ، كالمحاقلة والمزابنة ، ويُذكران في بيع الثمار ؛ لتعلّقهما بها ، وغير ذلك من المناهي المحرّمة والمكروهة يُذكر إنْ شاء الله تعالى في لواحق البيع.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٥ - ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٤ - ٣٧٥.

٣٠٥

المقصد الثاني :

في أنواع البيع‌

وفيه فصول :

الأوّل : في الحيوان.

وفيه مطلبان :

الأوّل : الاُناسي من أنواع الحيوان إنّما يُملكون بسبب الكفر الأصلي‌ إذا سُبوا ثمّ يسري الرقّ إلى ذرّيّة المملوك وأعقابه وإن أسلموا ما لم يتحرّروا بسبب من أسباب التحرير.

سُئل الصادقعليه‌السلام عن قوم مجوس خرجوا على ناس من المسلمين في أرض الإسلام هل يحلّ قتالهم؟ قال : « نعم وسبيهم »(١) .

وسُئل الكاظمعليه‌السلام عن القوم يغيرون على الصقالبة(٢) والنُّوبة(٣) فيسرقون أولادهم من الجواري والغلمان فيعمدون إلى الغلمان فيخصونهم ثمّ يبعثون إلى بغداد إلى التجّار ، فما ترى في شرائهم ونحن نعلم أنّهم مسروقون ، إنّما أغاروا(٤) عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال : « لا بأس بشرائهم ، إنّما أخرجوهم(٥) من الشرك إلى دار الإسلام »(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٦١ / ٢٩٤.

(٢) الصقالبة : جيلٌ تُتاخِم بلادُهم بلادَ الخزر بين بُلْغَر وقسطنطنية. القاموس المحيط ١ : ٩٣ « صقلب ».

(٣) النُّوبة : جيلٌ من السودان. لسان العرب ١ : ٧٧٦ « نوب ».

(٤ و ٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : أغار أخرجهم. وما أثبتناه من المصدر.

(٦) التهذيب ٦ : ١٦٢ / ٢٩٧.

٣٠٦

ولو التقط الطفل من دار الحرب ولا مسلم فيها ، مُلك ، ولا يُملك لو التقط من دار الإسلام ولا من دار الحرب إذا كان فيها مسلم ؛ لجواز أن يكون منه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « المنبوذ حُرٌّ»(١) .

وسُئل الباقرعليه‌السلام عن اللقيطة ، فقال : « حُرّة لا تباع ولا توهب »(٢) .

فإذا انتفى هذا التجويز ، مُلك.

ولو أقرّ اللقيط من دار الإسلام - بعد بلوغه - بالرقّيّة ، قُبِل ؛ لقولهعليه‌السلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز »(٣) .

وقيل : لا يقبل ؛ للحكم بحُرّيّته أوّلاً شرعاً ، فلا يتعقّبه الرقّ(٤) .

أمّا لو كان معروف النسب ؛ فإنّه لا يُقبل إقراره بالرقّيّة قطعاً.

وبالجملة ، كلّ مَنْ أقرّ على نفسه بالعبوديّة وكان بالغاً رشيداً مجهول النسب ، حُكم عليه بها، سواء كان المقَرّ له مسلماً أو كافراً ، وسواء كان المقِرّ مسلماً أو كافراً.

ولو رجع بعد إقراره عنه ، لم يلتفت إلى رجوعه ؛ لاشتماله على تكذيب إقراره ، ودَفْعِ ما يثبت عليه عنه بغير موجب.

ولو أقام بيّنةً ، لم تُسمع ؛ لأنّه بإقراره أوّلاً قد كذّبها.

أمّا لو اشترى عبداً فادّعى الحُرّيّة ، قُبلت دعواه مع البيّنة ، وإلّا فلا.

سُئل الصادقعليه‌السلام عن شراء مماليك(٥) أهل الذمّة إذا أقرّوا لهم بذلك ، فقال : « إذا أقرّوا لهم بذلك فاشتر وانكح »(٦) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٢٤ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٧٨ / ٣٣٦.

(٢) التهذيب ٧ : ٧٨ / ٣٣٤.

(٣) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة المتوفّرة لدينا.

(٤) ممّن قال به ابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٥٤.

(٥) في الكافي : مملوكي. وفي التهذيب : مملوك.

(٦) الكافي ٥ : ٢١٠ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٧٠ / ٢٩٩.

٣٠٧

مسألة ١٣٢ : العبد الذي يوجد في الأسواق يُباع ويُشترى يجوز شراؤه. وإن ادّعى الحُرّيّة ، لم يقبل منه ذلك إلّا بالبيّنة. وكذا الجارية ؛ لأنّ ظاهر التصرّف يقتضي بالرقّيّة.

ولما رواه حمزة بن حمران - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام ، قال : أدخل السوق واُريد أشتري جاريةً ، فتقول : إنّي حُرّة ، فقال : « اشترها إلّا أن تكون لها بيّنة »(١) .

وفي الصحيح عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن مملوك ادّعى أنّه حُرٌّ ولم يأت ببيّنة على ذلك ، أشتريه؟ قال : « نعم »(٢) .

أمّا لو وُجد في يده(٣) وادّعى رقّيّته ولم يُشاهَدْ شراؤه له ولا بيعه إيّاه ، فإن كان كبيراً ، فإن صدّقه ، حُكم عليه بمقتضى إقراره. وإن كذّبه ، لم تُقبل دعواه الرقّيّة إلّا بالبيّنة ؛ عملاً بأصالة الحُرّيّة. وإن سكت من غير تصديقٍ ولا تكذيبٍ ، فالوجه : أنّ حكمه حكم التكذيب ؛ إذ قد يكون السكوت لأمرٍ غير الرضا.

وإن كان صغيراً ، فإشكال أقربه أصالة الحُرّيّة فيه.

مسألة ١٣٣ : يملك الرجل كلَّ بعيد وقريب ، سوى أحد عشر : الأب والاُمّ ، والجدّ والجدّة لهما أو لأحدهما وإن علوا ، والولد ذكراً كان أو اُنثى ، وولد الولد كذلك وإن نزل ، والاُخت ، والعمّة والخالة وإن علتا ، كعمّة الأب وخالته وعمّة الجدّ وخالته وهكذا في التصاعد ، سواء كانتا لأب أو لاُمّ أو لهما ، وبنت الأخ وبنت الاُخت وإن نزلتا ، سواء كانت الاُخوّة من الأبوين أو‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١١ / ١٣ ، الفقيه ٣ : ١٤٠ / ٦١٣ ، التهذيب ٧ : ٧٤ / ٣١٨.

(٢) الفقيه ٣ : ١٤٠ / ٦١٤ ، التهذيب ٧ : ٧٤ / ٣١٧.

(٣) أي : في يد المتصرّف.

٣٠٨

من أحدهما ، فمن ملك أحد هؤلاء عُتق عليه.

أمّا المرأة فتملك كلَّ أحد ، سوى الأب والاُمّ والجدّ والجدّة وإن علوا ، والأولاد وإن نزلوا.

مسألة ١٣٤ : الرضاع يساوي النسب في تحريم النكاح إجماعاً.

وهل يساويه في تحريم التملّك؟ لعلمائنا قولان أحدهما : نعم - وهو الأقوى - لما رواه ابن سنان - في الصحيح - قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام - وأنا حاضر - عن امرأة أرضعت غلاماً مملوكاً لها من لبنها حتى فطمته هل يحلّ لها بيعه؟ قال : فقال : « لا ، هو ابنها من الرضاعة حرم عليها بيعه وأكل ثمنه » قال : ثمّ قال : « أليس قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟ »(١) .

وعن السكوني عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام « أنّ عليّاًعليه‌السلام أتاه رجل ، فقال : إنّ أمتي أرضعت ولدي وقد أردت بيعها ، فقال : خُذْ بيدها وقُلْ : مَنْ يشتري منّي اُمّ ولدي؟ »(٢) .

فيحرم على الرجل أن يملك من الرضاع ما يحرم أن يملكه من النسب ، كالأب وإن علا ، والاُمّ والبنت وإن نزلت وغيرهم ممّا تقدّم.

وكذا المرأة يحرم عليها أن تملك من الرضاع ما يحرم عليها من النسب.

مسألة ١٣٥ : يكره للإنسان أن يملك القريب غير مَنْ ذكرناه‌ ، كالأخ والعمّ والخال وأولادهم. وتتأكّد في الوارث.

ويصحّ أنّ يملك كلٌّ من الزوجين صاحبه ؛ لعدم المقتضي للمنع ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٢٦ / ١٣٤٢.

(٢) الفقيه ٣ : ٣٠٩ / ١٤٨٨ ، التهذيب ٧ : ٣٢٥ / ١٣٤٠.

٣٠٩

لكن الزوجيّة تبطل. ولو ملك كلٌّ منهما بعض صاحبه ، بطل النكاح أيضاً.

وما يؤخذ من دار الحرب بغير إذن الإمام فهو للإمام خاصّة ؛ للرواية(١) ، لكن رخّصواعليهم‌السلام : لشيعتهم خاصّة في حال غيبة الإمامعليه‌السلام التملّكَ والوطء وإن كانت للإمام أو بعضها ، ولا يجب إخراج حصّة غير الإمام منها ؛ لتطيب مواليد الشيعة.

ولا فرق بين أن يسبيهم المسلم أو الكافر ؛ لأنّ الكافر من أهل التملّك ، والمحلّ قابل للملكيّة.

وكلّ حربيٍّ قهر حربيّاً فباعه صحّ بيعه وإن كان أخاه أو زوجته أو ابنه أو أباه ، وبالجملة كلّ مَنْ ينعتق عليه وغيرهم ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتّخذها ، قال : « لا بأس »(٢) .

ولأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن الرجل يشتري امرأة رجل من أهل الشرك يتّخذها ، قال : « لا بأس »(٣) .

أمّا غير مَنْ ينعتق عليه : فلأنّ القاهر مالك للمقهور بقهره إيّاه.

وأمّا مَنْ ينعتق عليه : ففيه إشكال ينشأ من دوام القهر المبطل للعتق لو فرض. ودوام القرابة الرافعة للملك بالقهر.

والتحقيق : صرف الشراء إلى الاستنقاذ وثبوت الملك للمشتري بالتسلّط ، ففي لحوق أحكام البيع حينئذٍ نظر.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٣٥ / ٣٧٨.

(٢) التهذيب ٧ : ٧٧ / ٣٣٠ ، الاستبصار ٣ : ٨٣ / ٢٨١.

(٣) التهذيب ٧ : ٧٧ / ٣٢٩ ، الاستبصار ٣ : ٨٣ / ٢٨٠.

٣١٠

المطلب الثاني : في الأحكام.

مسألة ١٣٦ : كما يصحّ ابتياع جملة الحيوان كذا يصحّ ابتياع أبعاضه بشرطين : الإشاعة ، وعلم النسبة ، كالنصف والثلث ، إجماعاً ؛ لوجود المقتضي خالياً عن المعارض.

ولا يصحّ بيع الجزء المعيّن ، فلو باعه يدَه أو رِجْلَه أو نصفَه الذي فيه رأسه أو الآخر ، بطل ؛ لعدم القدرة على التسليم.

وكذا لا يصحّ أن يبيع جزءاً مشاعاً غير معلوم القدر ، مثل أن يبيعه جزءاً منه أو نصيباً أو شيئاً أو حظّاً أو قسطاً أو سهماً ، بطل ؛ للجهالة.

ويصحّ لو باعه نصفَه أو ثلثَه أو غير ذلك من الأجزاء المشاعة المعلومة.

ويُحمل مطلقه على الصحيح ، كما لو باعه النصف ، فإنّه يُحمل على الجزء المشاع ؛ لأصالة صحّة العقد.

أمّا المذبوح : فالأقوى عندي جوازه فيه ؛ لزوال المانع هناك ، فإنّ القدرة على التسليم ثابتة هنا ، فيبقى المقتضي للصحّة خالياً عن المانع.

مسألة ١٣٧ : لو استثنى البائع الرأسَ والجلد في الحيّ ، فالأقرب : بطلان البيع‌ في السفر والحضر ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) .

وقال أحمد : يجوز ذلك. وتوقّف في استثناء الشحم(٢) .

وقال مالك : يجوز ذلك في السفر ، ولا يجوز في الحضر ؛ لأنّ المسافر لا يمكنه الانتفاع بالجلد والسواقط. فجوّز له أن يشتري اللحم‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٢٢٣ ، المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٧٥.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٢٣ ، المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

٣١١

دونها(١) .

وهو خطأ ؛ لجواز انتفاعه ببيعها وغيرِه من الطبخ وشبهه.

وقال بعض(٢) علمائنا : يكون للبائع بنسبة ثمن الرأس والجلد إلى الباقي.

وكذا لو اشترك اثنان في شراء شاة وشرط أحدهما الرأس والجلد ، لم يصحّ ، وكان له بقدر ما لَه ؛ لرواية السكوني عن الصادقعليه‌السلام قال : « اختصم إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان اشترى أحدهما من الآخر بعيراً واستثنى البيِّع الرأسَ والجلد ثمّ بدا للمشتري أن يبيعه ، فقال للمشتري : هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد »(٣) .

وعن هارون بن حمزة الغنوي عن الصادقعليه‌السلام في رجل شهد بعيراً مريضاً وهو يُباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم فجاء واشترك فيه رجل آخر بدرهمين بالرأس والجلد فقضي أنّ البعير بري‌ء فبلغ ثمانية دنانير ، فقال : « لصاحب الدرهمين خُمْس ما بلغ ، فإن قال : اُريد الراُس والجلد فليس له ذلك ، هذا الضرار ، و، قد اُعطي حقّه إذا اُعطي الخُمْس »(٤) .

فروع :

أ - قد نقلنا الخلاف في الصحّة والبطلان. والأقرب عندي : التفصيل ، وهو صحّة أن يستثني البائع الرأسَ والجلد في المذبوح ، والبطلان في الحيّ.

____________________

(١) المدوّنة الكبرى ٤ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٤ : ٢٢٣ ، المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

(٢) الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٩٢ ، المسألة ١٤٩.

(٣) الكافي ٥ : ٣٠٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٨١ / ٣٥٠.

(٤) الكافي ٥ : ٢٩٣ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٧٩ / ٣٤١ بتفاوت.

٣١٢

ب - لا فرق بين الرأس والجلد وغيرهما من الأعضاء. ولو استثنى الشحم ، بطل البيع في الحيّ والمذبوح. وكذا لو استثنى عشرة أرطال من اللحم فيهما معاً.

ج - لو اشترك اثنان في شراء حيوان أو غيره وشرط أحدهما لنفسه الشركة في الربح دون الخسران ، فالأقرب : بطلان الشرط. ولو شرطا أن يكون لأحدهما رأس المال ، والربح والخسران للآخر ، احتمل الجواز.

د - لو قال إنسان لغيره : اشتر حيواناً أو غيره بشركتي أو بيننا ، فاشتراه كذلك ، صحّ البيع لهما ، وعلى كلٍّ منهما نصف الثمن ؛ لأنّه عقد يصحّ التوكيل فيه ، فيلزم الموكّل حكم ما فَعَله الوكيل ، فإن أدّى أحدهما الجميعَ بإذن الآخر في الإنقاد عنه ، لزمه قضاؤه ؛ لأنّه أمره بالأداء عنه. ولو لم يأذن له في الأداء عنه بل تبرّع بذلك ، لم يجب عليه القضاء ، وكان شريكاً في العين. ولو تلفت العين ، كانت بينهما ، ثمّ رجع الآخر على الآمر بما نقده عنه بإذنه.

مسألة ١٣٨ : لو اشترى اثنان جاريةً ، حرم على كلّ واحد منهما وطؤها. فإن وطئها أحدهما لشبهةٍ ، فلا حدّ ؛ لقولهعليه‌السلام : « ادرؤا الحدود بالشبهات »(١) .

ولو كان عالماً بالتحريم ، سقط من الحدّ بقدر نصيبه ، وحُدّ بقدر نصيب شريكه.

____________________

(١) تاريخ بغداد ٩ : ٣٠٣ ، إحكام الفصول في أحكام الاُصول : ٦٨٦ ، كنز العمّال ٥ : ٣٠٥ / ١٢٩٥٧ نقلاً عن أبي مسلم الكجي عن عمر بن عبد العزيز مرسلاً.

٣١٣

فإن حملت ، قُوّم عليه حصّة الشريك وانعقد الولد حُرّاً وإن كان عالماً بالتحريم ؛ لتمكّن الشبهة فيه بسبب الملكيّة التي له فيها ، وعلى أبيه قيمة حصّة الشريك منه يوم الولادة ؛ لأنّه وقت الحيلولة وأوّل أوقات التقويم.

إذا تقرّر هذا ، فإنّه لا تُقوّم هذه الأمة على الواطئ الشريك بدون الحمل ، خلافاً لبعض(١) علمائنا ؛ لعدم المقتضي له.

ويحتمل التقويم بمجرّد الوطئ ؛ لإمكان العلوق منه ، وتحفّظاً من اختلاط الأنساب.

وفي رواية ابن سنان ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجال اشتركوا في أمة ، فائتمنوا بعضهم على أن تكون الأمة عنده ، فوطئها ، قال : « يدرأ عنه من الحدّ بقدر ما لَه فيها من النقد ، ويُضرب بقدر ما ليس له فيها ، وتُقوّم الأمة عليه بقيمة ويلزمها ، فإن كانت القيمة أقلّ من الثمن الذي اشتُريت به الجارية اُلزم ثمنها الأوّل ، وإن كان قيمتها في ذلك اليوم الذي قُوّمت فيه(٢) أكثر من ثمنها اُلزم ذلك الثمن وهو صاغر ، لأنّه استفرشها » قلت : فإن أراد بعض الشركاء شراءها دون الرجل ، قال : « ذلك له ، وليس له أن يشتريها حتى تستبرأ ، وليس على غيره أن يشتريها إلّا بالقيمة »(٣) .

وهذه الرواية غير دالّة على المطلوب من وجوب التقويم بنفس الوطئ ؛ لأنّه سوّغ لغيره من الشركاء شراءها ، فلو وجب التقويم ، لم يجز ذلك.

إذا ثبت هذا ، فنقول : لو أراد الواطئ شراءها بمجرّد الوطئ ، لم تجب‌

____________________

(١) الشيخ الطوسي في النهاية : ٤١١ - ٤١٢.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « بها » بدل « فيه ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ٢١٧ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٧٢ / ٣٠٩.

٣١٤

إجابته لكن تستحبّ ، ومع الحمل يجب التقويم ، فإذا قُوّمت عليه بمجرّد الوطئ ، فلا يخلو إمّا أن تكون قيمة الجارية حينئذٍ أقلّ من الثمن الذي اشتريت به أو أكثر أو مساوياً. ولا إشكال في المساوي والأكثر بل في الأقلّ ، فنقول : لا يجب عليه زيادة عن القيمة ، وتُحمل الرواية على ما إذا نقصت القيمة بالوطي ، وأنّه يجب عليه تمام الثمن إذا كانت الجارية تُساويه لولاه. ويؤيّده تعليلهعليه‌السلام بقوله : « لأنّه استفرشها » ولو أراد أحد الشركاء شراءها واُجيب إليه ، لم يجب عليه أكثر من القيمة ؛ لعدم وقوع نقصان منه للعين وأوصافها.

مسألة ١٣٩ : لو اشترى حيواناً ، ثبت له الخيار مدّة ثلاثة أيّام على ما يأتي. فلو باعه حيواناً ثمّ تجدّد فيه بعد الشراء عيب قبل القبض ، كان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء ، وكذا غير الحيوان ، فإن اختار الفسخ ، فلا بحث. وإن اختار الإمضاء ، أمسك بجميع الثمن على رأي ، ومع الأرش على الأقوى ؛ لأنّ الجميع مضمون على البائع وكذا أبعاضه.

ولو تلف الحيوان بعد القبض في يد المشتري ، فضمانه على البائع أيضاً إذا لم يُحدث فيه المشتري حدثاً ولا تصرّف فيه إذا كان التلف في الثلاثة ؛ لأنّ الخيار فيها للمشتري ، فالضمان على البائع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إن حدث بالحيوان قبل ثلاثةٍ ، فهو من مال البائع »(١) .

أمّا لو أحدث فيه وتصرّف ثمّ تلف ، لم يكن له الرجوع على البائع بشي‌ء. وكذا لو تلف بعد الثلاثة وإن لم يتصرّف ؛ لسقوط الخيار حينئذٍ.

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١٢٧ / ٥٥٥ ، التهذيب ٧ : ٦٧ / ٢٨٨.

٣١٥

وكذا لو تلف غير الحيوان بعد القبض ولا خيار هناك ، فمن ضمان المشتري.

ولو تجدّد في الحيوان عيب في الثلاثة من غير جهة المشتري ، تخيّر - كالأوّل - في الردّ والإمساك مجّاناً أو مع الأرش على الأقوى ؛ لما تقدّم من أنّ جميعه مضمون على البائع فكذا أبعاضه.

ولو كان العيب سابقاً ، كان له الردّ مع عدم التصرّف مطلقاً ، سواء كان حيواناً أو غيره ، ذا خيار أو غيره ، وله الأرش مخيّراً فيهما. ولو تصرّف ، لم يكن له الردّ مطلقاً إلّا مع وطئ الأمة الحامل وحلب الشاة المصرّاة خاصّة ، لكن يثبت له الأرش. وإذا ردّ ، لم يلزمه - سوى العين - شي‌ء ؛ لأنّ العيب مضمون على البائع ، ولا يمنع العيب المتجدّد من الردّ بالعيب السابق.

أمّا لو تجدّد بعد الثلاثة أو كان المشتري قد تصرّف في العين ، لم يكن له الردّ لا مع الأرش ولا بدونه.

ووافقنا مالك على أنّ عهدة الرقيق ثلاثة أيّام إلّا في الجنون والجذام والبرص ، فأيّها إذا ظهر في السنة يثبت(١) الخيار(٢) ، كما قلناه نحن.

ومَنَع الشافعي(٣) من ذلك.

مسألة ١٤٠ : لو باع أمةً أو دابّةً وكانت حبلى ، فإن شرط دخول الحمل في البيع‌ بأن قال : بعتك هذه الأمة وحملها ، لم يصح ؛ لأنّه مجهول على ما‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : ثبت.

(٢) الاستذكار ١٩ : ٣٧ ، المعونة ٢ : ١٠٦٤ ، التلقين ١ - ٢ : ٣٩٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٨ / ١١٧٦ ، معالم السنن - للخطّابي - ٥ : ١٥٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٤٢.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٤١ ، الاستذكار ١٩ : ٤٠ - ٤١ / ٢٨٠٥١ ، معالم السنن - للخطّابي - ٥ : ١٥٧ ، المعونة ٢ : ١٠٦٤.

٣١٦

تقدّم(١) .

وإن شرطه فقال : بعتك هذه الأمة بكذا والحمل لك ، دخل الحمل في البيع ، وكان مستحقّاً للمشتري ، كما لو اشترط دخول الثمرة.

وإن استثناه البائع ، لم يدخل في البيع ، وكان باقياً على ملكه. وإن أطلق ، فكذلك يكون للبائع ؛ لأنّه ليس جزءاً من الاُمّ ، فلا يدخل في مسمّاها.

وقال الشافعي : لو أطلق ، دخل الحمل في البيع تبعاً ؛ لأنّه كالجزء منه(٢) . وهل يقابله قسط من الثمن؟ له خلاف [ و ](٣) أقوال تأتي. ولو استثنى البائع الحملَ ، ففي صحّة البيع عنده وجهان(٤) .

إذا تقرّر هذا ، فلو عُلم وجود الحمل عند البائع ، كان الولد له ما لم يشترطه المشتري. ولو أشكل ولم يُعلم أنّه هل تجدّد عند المشتري أو كان عند البائع ، حُكم به للمشتري ؛ لأصالة العدم السابق.

فلو وضعت الجاريةُ الولدَ لأقلّ من ستّة أشهر ، فهو للبائع ، ولو كان لأزيد من مدّة الحمل ، فهو للمشتري. ولو كان بينهما ، فكذلك.

فإن اختلفا في وقت إيقاع البيع فادّعى المشتري تقدُّمَه على ستّة أشهر والبائعُ تأخَّرَه عن ستّة أشهر ، قدّم قول البائع مع عدم البيّنة واليمين.

ولو سقط الولد قبل قبضه أو في الثلاثة من غير فعل المشتري وكان‌

____________________

(١) في ص ٢٧٥ ، المسألة ١٢٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٤، الاستذكار ١٩ : ١٤ / ٢٧٩١١.

(٣) أضفناها لأجل السياق.

(٤) الوسيط ٣ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.

٣١٧

الولد مشترطاً في البيع ، قُوّمت حاملاً وحائلاً ، واُخذ من الثمن بنسبة التفاوت.

ولو اشترى الدابّة أو الأمة على أنّها حامل فلم تكن كذلك ، فله الردّ مع عدم التصرّف ، والأرش مع التصرّف.

مسألة ١٤١ : العبد والأمة لا يملكان شيئاً عند أكثر(١) علمائنا‌ - سواء ملّكهما مولاهما شيئاً أو لا - لا أرش جناية ولا فاضل ضريبة ولا غيرهما.

ووافقنا الشافعي في ذلك إذا لم يملّكه مولاه ، فإن ملّكه مولاه ، فقولان :

أحدهما - القديم - : أنّه يملك ، وبه قال مالك إلّا أنّه قال : يملك وإن لم يملّكه مواليه و [ إليه ](٢) ذهب داوُد وأهل الظاهر وأحمد في إحدى الروايتين.

والثاني للشافعي - الجديد - : أنّه لا يملك - كما قلناه نحن - وبه قال أبو حنيفة والثوري وأحمد في الرواية الاُخرى ، وإسحاق(٣) ، وهو مذهب الشيخ أبي جعفر من علمائنا. وقال أيضاً : إنّه يملك فاضل الضريبة وأرش الجناية(٤) .

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٢١ ، المسألة ٢٠٧ ، وابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٥٣ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ٥٨.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) الوسيط ٣ : ٢٠٤ ، الوجيز ١ : ١٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٦٥ و ٢٦٦ ، حلية العلماء ٥ : ٣٦٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٠ ، المحلّى ٨ : ٣٢٠ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ٣ : ١١٦٥ ، الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ١٤٧ ، المعونة ٢ : ١٠٦٩ ، المغني ٤ : ٢٧٧.

(٤) النهاية : ٥٤٣.

٣١٨

لنا : قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (١) وقوله تعالى :( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ ) (٢) نفى عن المماليك ملكيّة شي‌ء ألبتّة.

ولأنّه مملوك فلا يكون مالكاً ؛ لتوقّف ملكيّته لغيره على ملكيّته لنفسه. ولأنّه مال فلا يصلح أن يملك شيئاً ، كالدابّة.

احتجّوا بما رواه العامّة عنهعليه‌السلام « مَنْ باع عبداً وله مال فمالُه للعبد إلّا أن يستثنيه السيّد»(٣) .

ومن طريق الخاصّة بما رواه زرارة قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : الرجل يشتري المملوك ومالَه ، قال : « لا بأس به » قلت : فيكون مال المملوك أكثر ممّا اشتراه به ، قال : « لا بأس »(٤) .

ولأنّه آدميّ حيّ فأشبه الحُرّ.

والجواب عن الأوّل : أنّه غير ثابت عندهم ، ومعارض بما رواه العامّة ، وهو قولهعليه‌السلام : « مَنْ باع عبداً وله مال فمالُه للبائع إلّا أن يشترطه المبتاع »(٥) ولو ملكه العبد ، لم يكن للبائع ، فلمـّا جعله للبائع دلّ على انتفاء ملكيّة العبد.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن‌

____________________

(١) النحل : ٧٥.

(٢) الروم : ٢٨.

(٣) سنن الدارقطني ٤ : ١٣٣ - ١٣٤ / ٣١ ، وفيه : « مَنْ أعتق عبداً »

(٤) الكافي ٥ : ٢١٣ / ٣ ، الفقيه ٣ : ١٣٩ / ٦٠٦ ، التهذيب ٧ : ٧١ / ٣٠٥.

(٥) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٨ / ٣٤٣٣ و ٣٤٣٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٢٤ ، مسند أحمد ٢ : ٧٣ / ٤٥٣٨ ، و ٤ : ٢٣١ / ١٣٨٠٢.

٣١٩

أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل باع مملوكاً فوجد له مالاً ، فقال : « المال للبائع ، إنّما باع نفسه ، إلّا أن يكون شرط عليه أنّ ما كان له من مالٍ أو متاعٍ فهو له »(١) والتقريب ما تقدّم.

لا يقال : لو لم يملك العبد شيئاً ، لم تصحّ الإضافة إليه. ولأنّه يملك النكاح.

لأنّا نقول : الإضافة إلى الشي‌ء قد تصحّ بأدنى ملابسة ، كقولك لأحد حاملي الخشبة : خُذْ طرفك. وقال الشاعر :

إذا كوكب الخرقاء

(٢)

أضاف الكوكب إليها ؛ لشدّة سيرها فيه.

وملك النكاح ؛ للحاجة إليه والضرورة ؛ لأنّه لا يستباح في غير ملك.

ولأنّه لمـّا ملكه لم يملك السيّد إزالة يده عنه ، بخلاف المال ، فافترقا.

فروع :

أ - قال الشيخرحمه‌الله : إذا باع العبد وله مال ، فإن كان البائع يعلم أنّ له مالاً ، دخل المال في البيع. وإن لم يعلم ، لم يدخل وكان للبائع(٣) ؛ لما رواه زرارة - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يشتري المملوك وله مال لمن ماله؟ فقال : « إن كان علم البائع أنّ له مالاً ، فهو‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٣ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٧١ / ٣٠٦.

(٢) المحتسب ٢ : ٢٢٨ ، المخصّص ٦ : ٤ ، شرح المفصّل ، المجلّد ١ ، الجزء ٣ ، الصفحة ٨ ، المقرّب : ٢٣٥ ، لسان العرب ١ : ٦٣٩ « غرب ». وتمام البيت هكذا :

إذا كوكب الخرقاء لاح بسُحْرةٍ

سُهيلٌ أذاعت غَزْلها في الغرائب

(٣) النهاية : ٥٤٣.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458