تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202085 / تحميل: 6024
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

والفرق : أنّ الإرث والاستدامة أقوى من الابتداء ، لثبوته بهما للمحرم في الصيد مع منعه من ابتدائه ، ولا يلزم من ثبوت الأقوى ثبوت الأدون مع أنّنا نقطع الاستدامة عليه بمنعه منها وإجباره على إزالتها.

فروع :

أ - الخلاف واقع في اتّهابه‌ وقبول الوصيّة به والاستئجار عليه.

ب - لو وكّل الكافر مسلماً في شراء مسلم ، لم يصحّ‌ - وبه قال أحمد(١) - لأنّ الملك يقع للموكّل.

ولو انعكس ، فالأقرب : الصحّة - وهو أحد وجهي أحمد(٢) - لأنّ المانع ثبوت السبيل ، والملك هنا للمسلم.

والآخر له : لا يصحّ ؛ لأنّ ما مَنَع من شرائه مَنَع من التوكيل فيه ، كالـمُحْرم في الصيد(٣) .

والفرق : الممنوع هنا الإعانة.

ج - لو كان المسلم ممّن ينعتق على الكافر ، فالأقرب عندي : صحّة البيع ؛ لأنّه يستعقب العتق وإن كرهه ، فلا إذلال ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٤) ، وإحدى روايتي أحمد(٥) .

____________________

= ٣٨٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ و ٣٥٩ - ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١١ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٤٢١.

(١ - ٣) المغني ٤ : ٣٣٢.

(٤) في « ق ، ك » : الشافعي.

(٥) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، الوسيط ٣ : ١٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١ ، المغني ٤ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣.

٢١

وفي الاُخرى : لا يصحّ ؛ لأنّ ما مَنَع من شرائه لم يُبح له الشراء وإن زال ملكه ، كالصيد(١) .

والفرق : أنّ الـمُحْرم لو ملكه لثبت عليه ، بخلاف المتنازع.

د - كلّ شراء يستعقب العتق فكالقريب ، كما لو أقرّ كافر بحُرّيّة عبدٍ مسلم ثمّ اشتراه من مالكه ، أو قال لغيره : أعتق عبدك المسلم عنّي وعليَّ ثمنه ، ففَعَل. والخلاف كما تقدّم.

ه - يجوز أن يستأجر الكافر مسلماً لعملٍ في ذمّته ؛ لأنّه دَيْنٌ عليه ، ويتمكّن من تحصيله بغيره.

وآجر بعض الأنصار نفْسَه من ذمّيّ يستقي له كلّ دَلْو بتمرة ، وأتى به النبي ٦ فلم ينكره(٢) .

وكذا في الإجارة على العين.

وللشافعي وجهان :

أظهرهما عنده : الصحّة ؛ إذ لا يستحقّ بالإجارة رقبته بل منفعته بعوضٍ ، وهو في يد نفسه إن كان حُرّاً ، وفي يد سيّده إن كان عبداً.

والثاني : يبطل ؛ لما فيه من الاستيلاء والإذلال باستحقاق استعماله(٣) .

فإن قلنا بالصحّة ، فهل يؤمر بأن يؤجر من مسلمٍ؟ للشافعي وجهان(٤) .

____________________

(١) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣ ، المغني ٤ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٨١٨ / ٢٤٤٨ ، المغني ٤ : ٣٣٢.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٠٢ ، المجموع ٩ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المجموع ٩ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

٢٢

و - في صحّة ارتهان الكافر المسلمَ وجهان للشافعي(١) ، وسيأتي.

ويجوز إعارته وإيداعه منه.

ز - لا يمنع الكافر من استرجاعه بالعيب ، ويتصوّر على وجهين : بأن يبيع مسلماً(٢) - ورثه أو أسلم في يده - بثوبٍ من مسلمٍ ثمّ يجد في الثوب عيباً - وهو أظهر وجهي الشافعي(٣) - لأنّه قهري كالإرث. والآخر : المنع ؛ لأنّه مختار ، فتُستردّ قيمة العبد ويفرض كالتالف ، فالثوب له ردّه قطعاً(٤) .

أو بأن يجد مشتري العبد فيه عيباً.

وفيه للشافعي وجهان : المنع ؛ فإنّه كما يحرم على الكافر تملّك المسلم كذا يحرم على المسلم تمليك الكافر المسلم. والجواز ، إذ لا اختيار للكافر هنا(٥) .

ح - إذا حصل المسلم في ملك الكافر بإرثٍ أو شراءٍ وقلنا بصحّته ، أو أسلم العبد دون مولاه ، أمره الحاكم بإزالة الملك عنه إمّا ببيعٍ أو عتقٍ أو غيرهما ، ولا يكفي الرهن والإجارة والتزويج والحيلولة.

وفي الكتابة للشافعي وجهان : الأظهر : الاكتفاء ؛ لقطع السلطنة عنه.

والمنع ؛ لبقاء ملك الرقبة (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣١٦ ، المجموع ٩ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٢) أي : عبداً مسلماً.

(٣و٤) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، الوسيط ٣ : ١٥ ، المجموع ٩ : ٣٥٦ - ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٥) الوسيط ٣ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المجموع ٩ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٦) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠ ، الوسيط ٣ : ١٦ ، الحاوي الكبير =

٢٣

والأقرب عندي : الأوّل في المطلقة ، والثاني في المشروطة.

ط - لو أسلمت مستولدة الكافر ، امتنع بيعها‌ على أصحّ قولي الشافعي. وفي أمره بالإعتاق ، له وجهان : الأمر ؛ لاستحقاقها العتق ، ولابُدّ من دفع الذلّ. والأظهر : المنع ؛ للإجحاف والتخسير ، فيُحال بينهما ، وتستكسب في يد غيره له ، ويؤخذ منه النفقة(١) (٢) . وهو عندي حسن.

ي - لو امتنع الكافر من إزالة الملك حيث يُؤمر ، باعَهُ الحاكم بثمن المثل ، ويكون الثمن للكافر ، فإن لم يجد راغباً ، صبر مع الحيلولة. ولو مات الكافر ، أمر وارثه بما يؤمر مُورثه‌

يأ - لا يجوز للكافر شراء المصحف‌ - وهو أظهر قولي الشافعي(٣) - لما فيه من تعظيم الكتاب العزيز. والآخر له : الجواز(٤) .

وفي أخبار(٥) الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عندي تردّد. وللشافعي وجهان(٦) .

مسألة ٧ : يشترط في العاقد انتفاء الحَجْر عنه‌ ، فلو كان محجوراً عليه برقٍّ أو سفهٍ أو فَلْسٍ أو مرضٍ مع المحاباة وقصور الثلث على رأي ، بطل ، أو وقف على الإجازة على الخلاف ، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى في أبوابه.

____________________

= ٥: ٣٨٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣.

(١) أي : يؤخذ من الكافر نفقة المستولدة.

(٢) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠ ، الوسيط ٣ : ١٦ ، المجموع ٩ : ٣٥٧ - ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٤.

(٣و٤) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، الوسيط ٣ : ١٣ ، حلية العلماء ٤ : ١١٨ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٥ ، المغني ٤ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٥) أي : كُتُب الحديث.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١.

٢٤

وهل يشترط البصر؟ الأظهر : لا ، فيصحّ بيع الأعمى وشراؤه مع الوصف الرافع للجهالة ، سواء كان ممّا يدرك بالذوق أو الشمّ أو لا. وله خيار الخلف في الصفة ، كالـمُبصر ، وبه قال أحمد وأبو حنيفة(١) .

وللشافعيّة طريقان : أحدهما : أنّه على قولين. والثاني : القطع بالمنع ؛ لأنّا نثبت خيار الرؤية في بيع الغائب وهنا لا رؤية ، فيكون كبيع الغائب على شرط نفي الخيار(٢) .

قال الشافعي : ولو رآه بصيراً ثمّ اشتراه قبل مضيّ زمن يتغيّر فيه ، صحّ(٣) .

ولو باع سَلَماً أو أسلم ، فإن عمي بعد ما بلغ سنّ التمييز ، صحّ ؛ لأنّ الاعتماد في السّلم على الأوصاف وهو يعرفها ، ثمّ يوكّل من يقبض ، ولا يصحّ قبضه بنفسه على أصحّ قوليه ، لأنّه لا يميّز بين المستحقّ وغيره.

وإن عمي قبل سنّ التمييز أو كان أكمه ، فوجهان عنده : عدم الصحّة ؛ لعدم معرفته بالألوان. وأظهرهما : الجواز ؛ لأنّه يتخيّل فرقاً بين الألوان ويعرف أحوالها بالسماع(٤) .

ومَنَع المزني من تسلّمه(٥) .

وقال عبيد الله بن الحسن : يجوز شراؤه ، وإذا أمر إنساناً بالنظر إليه ، لزمه(٦) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ ، حلية العلماء ٤ : ٩٧ - ٩٨ ، المجموع ٩ : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ٧٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٣٠٢.

(٣) المجموع ٩ : ٣٠٣ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٤) المجموع ٩ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣.

(٦) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

٢٥

الفصل الرابع :

العوضان‌

ويشترط فيهما أُمور :

الأوّل : الطهارة.

مسألة ٨ : يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصليّة ، فلا تضرّ النجاسة العارضة مع قبول التطهير.

ولو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير ، لم يصحّ إجماعاً ؛ لقوله تعالى :( فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٢) والأعيان لا يصحّ تحريمها ، وأقرب مجازٍ إليها جميع وجوه الانتفاع ، وأعظمها البيع ، فكان حراماً.

ولقول جابر : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهو بمكة - يقول : « إنّ الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام »(٣) .

وما عرضت له النجاسة إن قَبِل التطهير ، صحّ بيعه ، ويجب إعلام المشتري بحاله ، وإن لم يقبله ، كان كنجس العين.

____________________

(١) المائدة : ٩٠.

(٢) المائدة : ٣.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١١٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٠٧ / ١٥٨١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩١ / ١٢٩٧ ، سنن النسائي ٧ : ٣٠٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٢ ، مسند أحمد ٤ : ٢٧٠ / ١٤٠٦٣.

٢٦

فرع : كما لا يجوز للمسلم مباشرة بيع الخمر‌ فكذا لا يجوز أن يوكّل فيه ذمّيّاً ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأكثر أهل العلم(١) .

وقال أبو حنيفة : يجوز للمسلم أن يوكّل ذمّيّاً في بيعها وشرائها(٢) .

وهو خطأ ؛ لما تقدّم. ولأنّه نجس العين ، فيحرم فيه التوكيل ، كالخنزير.

مسألة ٩ : الكلب إن كان عقوراً ، حرم بيعه ، عند علمائنا‌ - وبه قال الحسن وربيعة وحمّاد والأوزاعي والشافعي وداوُد وأحمد(٣) . وعن أبي حنيفة روايتان(٤) . وبعضُ أصحاب مالك مَنَعه(٥) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ثمن الكلب(٦) .

وقال الرضاعليه‌السلام : « ثمن الكلب سُحْتٌ »(٧) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٢٧ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، المغني ٤ : ٣٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٤١ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٧ ، المغني ٤ : ٣٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥ ، حلية العلماء ٤ : ٥٥ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٦ - ٢٢٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦ ، بداية المجتهد ٢ : ١٢٦ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٧٩.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ - ٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٩ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٧٨ ، ١١٠ ، ١١١ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٨ / ١٥٦٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٧٥ / ١٢٧٦ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٩ / ٣٤٨١ - ٣٤٨٣ ، سنن النسائي ٧ : ١٨٩ ، سنن البيهقي ٦ : ٦ ، الموطّأ ٢ : ٦٥٦ / ٦٨ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ٢٤٣ - ٢٤٤ / ٩٤٨ و ٩٥٠ و ٩٥٢ ، مسند أحمد ٤ : ٢٦٠ / ١٤٠٠٢ ، و ٢٩٦ / ٢٩٧ ، ١٤٢٤٢ ، و ٣٢٠ ، ١٤٣٨٨.

(٧) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٤ ، تفسير العياشي ١ : ٣٢١ / ١١١.

٢٧

وقال الصادقعليه‌السلام : « ثمن الكلب الذي لا يصيد سُحْتٌ »(١) .

أمّا كلب الصيد : فالأقوى عندنا جواز بيعه - وبه قال أبو حنيفة ، وبعض أصحاب مالك ، وجابر وعطاء والنخعي(٢) - لما روي عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ثمن الكلب والسنّور إلّا كلب الصيد(٣) .

وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام عن ثمن كلب الصيد ، قال : « لا بأس بثمنه ، والآخر لا يحلّ ثمنه »(٤) .

ولأنّه يحلّ الانتفاع به ، ويصحّ نقل اليد فيه والوصيّة به.

وقال الشافعي وأحمد والحسن وربيعة وحمّاد والأوزاعي وداوُد بالتحريم - وهو قولٌ لنا - لأنّهعليه‌السلام نهى عن ثمن الكلب(٥) ، وهو عامّ.

ولأنّه نجس العين ، فأشبه الخنزير(٦) .

ونمنع العموم ؛ إذ ليس من صِيَغه ، والنجاسة غير مانعة ، كالدهن النجس ، والخنزير لا ينتفع به ، بخلافه.

فروع :

أ - إن سوّغنا بيع كلب الصيد ، صحّ بيع كلب الماشية والزرع‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٧ ، تفسير العياشي ١ : ٣٢١ / ١١٤.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٧٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٢٧ ، المنتقى - للباجي - ٥ : ٢٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٣) سنن النسائي ٧ : ٣٠٩ ، سنن البيهقي ٦ : ٦.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٦.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الهامش (٦) من ص ٢٦.

(٦) المجموع ٩ : ٢٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٥ - ٣٧٦ ، بداية المجتهد ٢ : ١٢٦ ، المغني ٤ : ٣٢٤ - ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

٢٨

والحائط ؛ لأنّ المقتضي - وهو النفع - حاصل هنا.

ب - تصحّ إجارة كلب الصيد‌ - وبه قال بعض الشافعيّة(١) - لأنّها منفعة مباحة فجازت المعاوضة عنها.

ومَنَع بعضُهم والحنابلة ؛ لأنّه حيوان يحرم بيعه فحرمت إجارته ، كالخنزير ، ولا تُضمن منفعته في الغصب فلا يجوز أخذ العوض عنها(٢) .

والأصلان ممنوعان ، والخنزير لا منفعة فيه.

ج - تصحّ الوصيّة بالكلب الذي يباح(٣) اقتناؤه ، وكذا هبته ، وبه قال بعض الشافعيّة وبعض الحنابلة(٤) .

وقال الباقون منهما : لا تصحّ الهبة ؛ لأنّها تمليك في الحياة ، فأشبهت البيع(٥) .

والحكم في الأصل ممنوع.

د - يحرم قتل ما يباح اقتناؤه من الكلاب إجماعاً ، وعليه الضمان‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٠١ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، الوجيز ١ : ٢٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٩٠ ، الوسيط ٤ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٨٤ - ٣٨٥ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٥٣.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٠١ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، الوجيز ١ : ٢٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٩٠ ، الوسيط ٤ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٨٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٥٣ ، منهاج الطالبين : ١٥٩ ، المغني ٤ : ٣٢٥.

(٣) في الطبعة الحجريّة : مباح.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٥٩ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٤١ - ١٤٢ ، حلية العلماء ٤ : ٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، المغني ٤ : ٣١٥.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٦٠ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧.

٢٩

على ما يأتي ، وبه قال مالك وعطاء(١) .

وقال الشافعي وأحمد : لا غرم ؛ لأنّه يحرم أخذ عوضه ، فلا يجب غرمٌ بإتلافه(٢) .

والأصل ممنوع.

أمّا الكلب العقور فيباح قتله إجماعاً ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « خمس من الدوابّ كلّهنّ فاسق يُقتلن في الحرم : الغُراب والحِدَأة والعقرب والفأرة والكلب العقور »(٣) .

أمّا الكلب الأسود : فإن كان ممّا ينتفع به ، لم يُبَحْ قتله - خلافاً لأحمد(٤) - لما تقدّم. وقولهُصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الكلب الأسود شيطان »(٥) لا يبيح قَتْلَه.

ه - لا بأس ببيع الهرّ ، عند علمائنا - وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحمّاد والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي(٦) - لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بثمن الهرّ »(٧) .

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٥ : ٢٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٨ ، المغني ٤ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٢) المجموع ٩ : ٢٢٨ ، المغني ٤ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٥٧ ، ٧١ ، الموطّأ ١ : ٣٥٧ ، ٩٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٠٩ و ٢١٠ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٤) المغني ٤ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٦٥ ، ٥١٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٦ ، ٩٥٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٨٧ ، ٧٠٢ ، سنن الترمذي ٢ : ١٦١ - ١٦٢ / ٣٣٨ ، سنن النسائي ٢ : ٦٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٤ ، مسند أحمد ٦ : ١٨٤ / ٢٠٨١٦ ، و ١٨٧ - ١٨٨ / ٢٠٨٣٥.

(٦) المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٢٧ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٦ - ٢٨ ، الوسيط ٣ : ١٩ ، مختصر المزني : ٩٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨١ و ٣٨٢ ، المجموع ٩ : ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨ - ١٩.

(٧) التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٧.

٣٠

ولأنّه ينتفع به ، ويحلّ اقتناؤه ، فجاز بيعه كغيره.

وكرهه أبو هريرة وطاوُس ومجاهد وجابر بن زيد وأحمد ؛ لما روي عن جابر أنّه سُئل عن ثمن السنّور ، فقال : زجر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك(١) (٢) .

وهو محمول على غير المملوك ، أو ما لا نفع فيه.

و - يجوز اقتناء كلب الصيد والزرع والماشية والحائط ، دون غيره ؛ لقولهعليه‌السلام : « من اتّخذ كلباً إلّا كلب ماشية أو صيد أو زرع نقص من أجره كلّ يوم قيراط »(٣) .

ولو اقتناه لحفظ البيوت ، فالأقرب : الجواز - وهو قول بعض الشافعيّة ، وبعض الحنابلة(٤) - لأنّه في معنى الثلاثة.

ومَنَع منه بعضُهم ؛ لعموم النهي(٥) .

ز - يجوز تربية الجِرْو(٦) الصغير لإحدى المنافع المباحة‌ - وهو أقوى وجهي الحنابلة(٧) - لأنّه قصد لذلك ، فله حكمه ، كما جاز بيع العبد الصغير الذي لا نفع فيه.

والآخر : لا يجوز ؛ لأنّه ليس أحدَ المنتفع بها(٨) .

ح - لو اقتناه للصيد ثمّ ترك الصيد مدّة ، لم يحرم اقتناؤه مدّة تركه. وكذا لو حصد الزرع أو هلكت الماشية أو خرج من البستان إلى أن يصيد أو‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٩٩ / ١٥٦٩.

(٢) المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠ ، المجموع ٩ : ٢٢٩.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٢٠٣ / ٥٨ ، سنن أبي داوُد ٣ : ١٠٨ / ٢٨٤٤ ، سنن الترمذي ٤ : ٨٠ / ١٤٩٠ ، سنن البيهقي ١ : ٢٥١ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٤ و ٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، المجموع ٩ : ٢٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٦) الجِرْوُ : ولد الكلب. القاموس المحيط ٤ : ٣١٢.

(٧ و ٨) المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

٣١

يزرع آخر أو يشتري ثمرة اُخرى.

ط - لو اقتنى كلب الصيد مَنْ لا يصيد ، جاز‌ - وهو أحد وجهي الحنابلة(١) - لاستثنائهعليه‌السلام كلب الصيد(٢) .

والآخر : المنع ؛ لأنّه اقتناه لغير حاجة ، فأشبه غيره ؛ إذ معنى كلب الصيد كلب يصيد(٣) . والمراد بالقوّة.

مسألة ١٠ : لا يجوز بيع السرجين النجس إجماعاً منّا‌ - وبه قال مالك والشافعي وأحمد(٤) - للإجماع على نجاسته ، فيحرم بيعه ، كالميتة.

وقال أبو حنيفة : يجوز ؛ لأنّ أهل الأمصار يبايعونه لزروعهم من غير نكيرٍ ، فكان إجماعاً(٥) .

ونمنع إجماع العلماء ، ولا عبرة بغيرهم. ولأنّه رجيع نجس ، فلم يصحّ بيعه ، كرجيع الآدمي.

أمّا غير النجس : فيحتمل عندي جواز بيعه.

مسألة ١١ : لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ إجماعاً منّا‌ ، وبه قال أحمد(٦) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الهامش (٣) من ص ٣٠.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٤) المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦ ، المجموع ٩ : ٢٣٠ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٥ - ٥٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦.

(٥) المجموع ٩ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٣ ، المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٦) المغني ٤ : ٣٢٩.

٣٢

وقال أبو حنيفة : يجوز(١) .

أمّا بعد الدباغ : فكذلك عندنا ؛ لأنّه لا يطهر به ، خلافاً للجمهور ، وقد تقدّم(٢) ذلك.

أمّا عظام الميتة : فيجوز بيعها ما لم تكن من نجس العين ، كالكلب والخنزير ، ولهذا جاز بيع عظام الفيل.

ولبن الشاة الميتة حرام لا يصحّ بيعه.

وعلى قول الشيخ(٣) يجوز بيعه.

فروع :

أ - لحم المذكّى ممّا لا يؤكل لحمه لا يصحّ بيعه ؛ لعدم الانتفاع به في غير الأكل المحرَّم. ولو فرض له نفع مّا ، فكذلك ؛ لعدم اعتباره في نظر الشرع.

ب - لا يصحّ بيع الترياق ؛ لأنّه يحرم تناوله ؛ لاشتماله على الخمر ولحوم الحيّات. ولا يحلّ التداوي به إلّا مع خوف التلف. وكذا سمّ الأفاعي لا يحلّ بيعه(٤) .

أمّا السمّ من الحشائش : فإن كان لا ينتفع به أو كان يقتل قليله ، لم يجز بيعه ؛ لعدم نفعه. وإن أمكن التداوي بيسيره ، جاز بيعه.

ج - الأليات المقطوعة من الشاة الميتة أو الحيّة لا يحلّ بيعها‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٣.

(٢) في ج ٢ ص ٢٣٢ ، المسألة ٣٢٨.

(٣) النهاية : ٥٨٥.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الجحريّة : بيعها. والصحيح ما أثبتناه.

٣٣

ولا الاستصباح بدهنها مطلقاً.

أمّا الدهن النجس بملاقاة النجاسة له فيجوز بيعه لفائدة الاستصباح به تحت السماء خاصّة.

وللشافعي قولان :

أحدهما : لا يجوز تطهيره ، فلا يصحّ بيعه ، وبه قال مالك وأحمد(١) .

والثاني : يجوز تطهيره ، ففي بيعه عنده وجهان(٢) .

وفي جواز الاستصباح قولان ، والأظهر عنده : جوازه ومنع بيعه(٣) .

والدهن النجس بذاته - كوَدَك(٤) الميتة - لا يجوز بيعه عنده(٥) قولاً واحداً. وفي الاستصباح وجهان(٦) .

ويجوز هبة الدهن النجس والصدقة به والوصيّة به ، وكذا الكلب الجائز بيعه.

وبعض الشافعيّة مَنَع من الهبة والصدقة خاصّة(٧) .

مسألة ١٢ : يجوز بيع كلّ ما فيه منفعة‌ ؛ لأنّ الملك سبب لإطلاق‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٩ : ٢٣٦ و ٢٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ - ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٩ : ٢٣٦ - ٢٣٧ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ - ٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧.

(٣) المجموع ٩ : ٢٣٧ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧.

(٤) الوَدَك : الدسم لسان العرب ١٠ :٥٠٩ « ودك »

(٥) المجموع ٩ : ٢٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧.

(٦) المجموع ٩ : ٢٣٧ - ٢٣٨.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥ ، وانظر المجموع ٩ : ٢٣٩.

٣٤

التصرّف ، والمنفعة المباحة كما يجوز استيفاؤها يجوز أخذ العوض عنها ، فيباح لغيره بذل ماله فيها توصّلاً إليها ودفعاً للحاجة بها ، كسائر ما اُبيح بيعه.

وسواء اُجمع على طهارته ، كالثياب والعقار وبهيمة الأنعام والخيل والصيود ، أو مختلفاً في نجاسته ، كالبغل والحمار وسباع البهائم وجوارح الطير ، الصالحة للصيد ، كالفهد والصقر والبازي والشاهين والعقاب ، والطير المقصود صوته ، كالهزار والبلبل. وهذا هو الأقوى عندي ، وبه قال الشافعي وأحمد(١) .

وقال بعض علمائنا : يحرم بيع السباع كلّها إلّا الهرّ ، والمسوخ ، برّيّةً كانت ، كالقرد والدبّ ، أو بحريّةً ، كالضفادع والسلاحف والطافي ، والجوارح كلّها طائرةً كانت ، كالبازي ، أو ماشيةً ، كالفهد(٢) .

وقال أبو بكر بن عبد العزيز وابن أبي موسى : لا يجوز بيع الصقر والفهد ونحو هذا ؛ لأنّها نجسة ، فأشبهت الكلب(٣) .

والنجاسة ممنوعة.

مسألة ١٣ : الفقّاع عندنا نجس إجماعاً ، فلا يجوز بيعه ولا شراؤه ؛ لأنّه كالخمر على ما تقدّم(٤) ، خلافاً للجمهور(٥) كافّة. وكذا النبيذ ، خلافاً لبعض الجمهور(٦) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٢٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٦ - ٢٨ ، روضة الطالبين ١٨ - ١٩ ، المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٤.

(٢) المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٩ - ١٠.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٤) تقدّم في ج ١ ص ٦٥ ( الفرع الثالث ).

(٥) المغني ١٠ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٣٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ١١١ ، بدائع الصنائع ٥ : ١١٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١ : ٢٨ ، المجموع ٢ : ٥٦٤.

٣٥

والدم كلّه نجس ، فلا يصحّ بيعه. وكذا ما ليس بنجس منه ، كدم غير ذي النفس السائلة ؛ لاستخباثه.

وكذا يحرم بيع أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه.

وقيل(١) : في الأبوال كلّها إلّا بول الإبل ؛ لفائدة الاستشفاء به.

والمتولّد بين نجس العين وطاهرها يتبع الاسم.

الشرط الثاني : المنفعة.

مسألة ١٤ : لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه‌ ؛ لأنّه ليس مالاً ، فلا يؤخذ في مقابلته المال ، كالحبّة والحبّتين من الحنطة ، ولا نظر إلى ظهور الانتفاع إذا انضمّ إليها أمثالها ، ولا إلى أنّها قد توضع في الفخّ(٢) أو تُبذر. ولا فرق بين زمان الرخص والغلاء. ومع هذا فلا يجوز أخذ حبّة من صُبْرة الغير ، فإن اُخذت ، وجب الردّ ، فإن تلفت ، فلا ضمان ؛ لأنّه لا ماليّة لها.

وهذا كلّه للشافعي أيضاً ، وفي وجهٍ آخر له : جواز بيعها وثبوت مثلها في الذمّة(٣) . وليس بجيّد.

مسألة ١٥ : لا يجوز بيع ما لا ينتفع به من الحيوانات‌ ، كالخفّاش والعقارب والحيّات وبنات وردان والجِعْلان والقنافذ واليرابيع ؛ لخسّتها ، وعدم التفات نظر الشرع إلى مثلها في التقويم ، ولا تثبت الملكيّة لأحدٍ عليها ، ولا اعتبار بما يورد في الخواصّ من منافعها ، فإنّها مع ذلك لا تعدّ مالاً. وكذا عند الشافعي(٤) .

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٢ : ٩.

(٢) الفخُّ : المصيدة الصحاح ١ : ٤٢٨ « فخخ »

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٦ ، المجموع ٩ : ٢٣٩ - ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨.

(٤) الوجيز ١ : ١٣٣ - ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨ ، المجموع ٩ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩ ، منهاج الطالبين : ٩٤.

٣٦

وفي السباع التي لا تصلح للصيد عنده وجهان ؛ لمنفعة جلودها(١) .

أمّا العَلَق : ففي بيعه لمنفعة امتصاص الدم إشكال.

وأظهر وجهي الشافعي وأحمد : الجواز(٢) .

وكذا ديدان القزّ تُترك في الشصّ(٣) فيصاد بها السمك(٤) .

والأقرب عندي : المنع - وهو أحد الوجهين لهما(٥) - لندور الانتفاع ، فأشبه ما لا منفعة فيه؛ إذ كلّ شي‌ء فله نفعٌ مّا.

ومَنَع الشافعي من بيع الحمار الزَّمن(٦) .

وليس بجيّد ؛ للانتفاع بجلده.

مسألة ١٦ : ما أسقط الشارع منفعته لا نفع له‌ ، فيحرم بيعه ، كآلات الملاهي ، مثل العود والزمر ، وهياكل العبادة ، المبتدعة ، كالصليب والصنم ، وآلات القمار ، كالنرد والشطرنج إن كان رُضاضها(٧) لا يُعدّ مالاً ، وبه قال الشافعي(٨) .

وإن عُدّ مالاً ، فالأقوى عندي : الجواز مع زوال الصفة المحرّمة.

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨ و ٢٩ ، المجموع ٩ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩.

(٢) الوسيط ٣ : ٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ، المجموع ٩ : ٢٤١ و ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠ ، المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٢٤٨ ، المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ - ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

(٧) رُضاض الشيء : كُساره لسان العرب ٧ : ١٥٤ « رضض »

(٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

٣٧

وللشافعي ثلاثة أوجه : الجواز مطلقاً ؛ لما يتوقّع في المآل. والفرق بين المتّخذة من الخشب ونحوه والمتّخذة من الجواهر النفيسة. والمنع - وهو أظهرها - لأنّها آلات المعصية لا يقصد بها سواها(١) .

أمّا الجارية المغنّية إذا بِيعت بأكثر ممّا يرغب فيها لو لا الغناء : فالوجه : التحريم - وبه قال أحمد والشافعي في أحد الوجوه(٢) - لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يجوز بيع المغنّيات ولا أثمانهنّ ولا كسبهنّ »(٣) .

وسُئل الصادقعليه‌السلام عن بيع جواري(٤) المغنّيات ، فقال : « شراؤهنّ وبيعهنّ حرام ، وتعليمهنّ كفر ، واستماعهنّ نفاق »(٥) .

ولأنّه بذل للمعصية.

والثاني : يبطل إن قصد الغناء ، وإلّا فلا.

والثالث - وهو القياس - : يصحّ(٦) .

ولو بيعت على أنّها ساذجة ، صحّ.

مسألة ١٧ : يصحّ بيع الماء المملوك ؛ لأنّه طاهر ينتفع به لكن يكره‌ ، وسيأتي.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٠ - ٢١ ، وفيه الأظهر هو التفصيل. العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

(٢) المغني ٤ : ٣٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٦ - ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

(٣) أورد نصّه ابنا قدامة في المغني ٤ : ٣٠٧ ، والشرح الكبير ٤ : ٤٧ ، وفي سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٣ / ٢١٦٨ ما بمعناه.

(٤) في الكافي والتهذيب : الجواري.

(٥) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٨ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٤.

٣٨

وهل يجوز بيعه على طرف النهر أو بيع التراب والحجارة حيث يعمّ وجودها؟ للشافعي وجهان : الجواز - وبه نقول - لظهور منفعته. والمنع ؛ لأنّه سفه(١) .

وكذا يجوز بيع كلّ ما يعمّ وجوده وهو مملوك ينتفع به.

مسألة ١٨ : يجوز بيع لبن الآدميّات عندنا‌ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه طاهر ينتفع به ، كلبن الشاة. ولجواز أخذ العوض عليه في إجارة الظئر.

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز - وعن أحمد روايتان كالمذهبين - وهو وجه للشافعيّة ؛ لأنّه مائع خارج من آدميّ ، فأشبه العرق. ولأنّه من آدميّ ، فأشبه سائر أجزائه(٣) .

والفرق : عدم نفع العرق ، ولهذا لا يباع عرق الشاة ويباع لبنها ، وسائر أجزاء الآدميّ يجوز بيعها ، كالعبد والأمة ، وإنّما حرم في الحُرّ ؛ لانتفاء المالك ، وحرم بيع المقطوع من العبد ؛ لعدم المنفعة.

مسألة ١٩ : يجوز بيع العبد الموصى بخدمته دائماً ، والبستان الموصى بنفعه مؤبّداً ؛ لفائدة الإعتاق والإرهان وجميع فوائدهما لو أسقط الموصى له حقّه ، ولا يجوز بيع ما لا نفع فيه ، كرطوبات الإنسان وفضلاته ،

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ - ٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، المجموع ٩ : ٢٥٥ - ٢٥٦.

(٢) الوسيط ٣ : ٢٠ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١ ، حلية العلماء ٤ : ٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المجموع ٩ : ٢٥٤ ، المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٥.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١ ، المجموع ٩ : ٢٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤ ، الوسيط ٣ : ٢٠.

٣٩

كشعره وظفره ، عدا اللبن على ما تقدّم(١) .

الشرط الثالث : الملك.

فلا يصحّ بيع المباحات وما يشترك فيه المسلمون قبل حيازته ، مثل : الكلإ ، والماء ، والحطب قبل حيازتها إجماعاً.

ولو كانت في ملكه ، فالوجه : أنّها له - وسيأتي - فيصحّ بيعها.

وعن أحمد روايتان(٢) .

فإن قلنا بالصحّة فباع الأرض ، لم يدخل الكلأ ولا الماء إلّا أن ينصّ عليهما ؛ لأنّهما(٣) بمنزلة الزرع.

وكذا لا يصحّ بيع السمك قبل اصطياده ، ولا الوحش قبل الاستيلاء عليه.

مسألة ٢٠ : لا يصحّ بيع الأرض الخراجيّة‌ ؛ لأنّها ملك المسلمين قاطبة لا يتخصّص بها أحد. نعم ، يصحّ بيعها تبعاً لآثار المتصرّف.

وفي بيع بيوت مكة إشكال ، المرويّ : المنع - وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وأبو عبيد(٤) ، وكرهه إسحاق(٥) - لقولهعليه‌السلام في مكة : « لا تُباع رباعها ولا تُكرى بيوتها »(٦) .

____________________

(١) في المسألة السابقة (١٨).

(٢) المغني ٤ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٤.

(٣) في « ق ، ك » : لأنّه.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٥٥ ، المجموع ٩ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٤ : ٦٩ - ٧٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٥ ، الوسيط ٧ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٢.

(٥) المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٢.

(٦) نقله ابنا قدامة في المغني ٤ : ٣٣٠ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٢ عن الأثرم. ونحوه في سنن البيهقي ٦ : ٣٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

قولي الشافعي ، والأصحّ عنده : البطلان(١) .

وكذا الخلاف لو ربح الغاصب في المغصوب ، يكون الربح له أو للمالك؟(٢) .

والحقّ عندنا أنّه إن اشترى بعين المال ، كان للمالك الربحُ مع الإجازة. وإن لم يجز ، بطل البيع من أصله. وإن اشترى في الذمّة ، فللغاصب الربحُ ؛ لأنّه نقد المال ديناً عليه.

و - لو باع مال أبيه على ظنّ أنّه حيٌّ وأنّه فضوليٌّ فظهر بعد العقد أنّه كان ميّتاً وأنّ الملك كان للبائع ، فإنّه يصحّ البيع ؛ لصدوره من المالك في محلّه ، وهو أصحّ قولي الشافعي(٣) . وهذا بخلاف ما لو أخرج مالاً وقال : إن مات مورّثي فهذا زكاة ما ورثته منه ، وكان قد ورث ، فإنّه لا يجزئه ؛ لأنّ النيّة شرط في الزكاة ، ولم يبن نيّته على أصل ، أمّا البيع فلا حاجة له إلى النيّة.

والثاني للشافعي : البطلان ، فإنّه وإن كان منجّزاً في الصورة إلّا أنّه معلّق في المعنى. والتقدير : إن مات مورّثي فقد بعتك. ولأنّه كالعابث حيث باشر العقد مع اعتقاده(٤) أنّه لغيره ، والعبث لا عبرة به في نظر الشرع(٥) .

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣.

(٣) الوسيط ٣ : ٢٣ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٤) في « ق ، ك» : اعتقاد.

(٥) الوسيط ٣ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢ - ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

٢٢١

وأمّا الهازل فلا ينعقد بيعه عندنا. وفي انعقاده عنده وجهان(١) .

وكذا بيع التلجئة باطل عندنا. وصورته أن يخاف غصب ماله والإكراه(٢) على بيعه فيبيعه من إنسان بيعاً مطلقاً ولكن توافقا قبله على أنّه لدفع الظلم.

وظاهر مذهب الشافعي انعقاده(٣) .

وهو خطأ ؛ لقوله تعالى :( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ) (٤) .

وكذا الخلاف عنده لو باع العبد على [ ظنّ ](٥) أنّه آبق أو مكاتب فظهر أنّه قد رجع أو فسخ الكتابة ، وفيما إذا زوّج أمة أبيه على ظنّ أنّه حيّ ثمّ بان موته هل يصحّ النكاح؟(٦)

والوجه عندنا : صحّة ذلك.

أمّا لو قال : إن مات أبي فقد زوّجتك هذه الجارية ، فإنّ العقد هنا باطل ، لتعلّقه على شرط. وله قولان(٧) .

وهذه المسألة مع أكثر فروعها قد سبقت(٨) .

مسألة ١١١ : يجوز بيع الأعمى وشراؤه‌ ، سواء كان أكمه وهو الذي‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٢) كذا ، والظاهر : أو الإكراه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١ ، المغني ٤ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩.

(٤) النساء : ٢٩.

(٥) أضفناها من المصدر.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣ - ٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٦١.

(٨) في ص ١٤ وما بعدها ، المسألة ٥ وفروعها.

٢٢٢

خُلق أعمى ، أو يكون قد عمي بعد أن أبصر لكن بشرط علمه بالمبيع أو المشتري إمّا باللمس إن عرفه به أو بالذوق إن علمه به أو يوصف له وصفاً يرفع الجهالة - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد(١) - لعموم الجواز. ولأنّه بيع صدر من أهله في محلّه ، فكان سائغاً. ولأنّ المقتضي موجود ، والأصل ، والمعارض لا يصلح للمانعيّة ؛ لأنّا فرضنا معرفته ، فكان كما لو باع شيئاً غائباً عنه يعلم بالمشاهدة. ولأنّ في الصحابة مَنْ كان أعمى ولم ينقل أنّهم منعوا من البيع مع كثرتهم ، ولو كانوا منعوا ، لنقل. ولأنّ الأخرس تقوم إشارته مقام عبارته فالأعمى ينبغي أن يقوم مسّه وذوقه وشمّه مقام رؤيته.

وقال الشافعي : إن كان أكمه ، لم يجز بيعه. وإن كان عمي بعد أن كان بصيراً ، فإن اشترى ما لم يره ، لم يجز البيع. وإن اشترى ما قد كان رآه ، فإن كان الزمان يسيراً لا يتغيّر في مثله أو كان المبيع ممّا لا يتغيّر وإن مرّ عليه الزمان الطويل ، فإنّ هذا يجوز له بيعه. فإنّ وجده متغيّراً ، ثبت له الخيار. وإن كان قد مضى زمان يتغيّر فيه كأن رآه صغيراً(٢) وقد صار رجلاً ، فإنّه لا يصحّ بيعه.

هذا على القول بعدم جواز بيع خيار الرؤية ، وأمّا على الجواز فهل يصحّ بيعه؟ فيه وجهان :

أحدهما : لا يجوز أيضاً ؛ لأنّ بيع خيار الرؤية يثبت فيه الخيار متعلّقاً

____________________

(١) التلقين - في الفقه المالكي - ١ - ٢ : ٣٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٧٩ ، ١١٥٧ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ ، المجموع ٩ : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢.

(٢) أي : كأن رأى العبد المبيع صغيراً.

٢٢٣

بالرؤية ، وهذا منفي في حقّ الأعمى.

والثاني : يجوز ؛ لأنّ رؤيته إذا لم تكن شرطاً في صحّة البيع فلم يفقد في حقّ الأعمى إلّا الرؤية. ويمكن أن يقوم صفة غيره له مقام رؤيته في إثبات الخيار.

ووجه المنع : أنّه مبيع مجهول الصفة عند العاقد ، فلا يصحّ بيعه ، كما لو قال : بعتك عبداً(١) .

والجواب : المنع من جهل الصفة ، إذ التقدير العلمُ بها.

إذا ثبت هذا ، فقد أثبت علماؤنا وأبو حنيفة(٢) له الخيار إلى معرفته بالمبيع إمّا بمسّه أو بذوقه أو أن يوصف له إذا لم يدركه بذلك.

واعلم أنّ السَّلَم كالحالّ يجوز بيع الأعمى فيه وشراؤه كالبصير ، وبه قال الشافعي(٣) .

قال المزنيّ : أراد بذلك الأعمى الذي عرف الألوان قبل أن يعمى ، فأمّا مَنْ خُلق أعمى فلا معرفة له بالأعيان.

وصوَّب المزنيَّ أبو العباس وأبو علي ابن أبي هريرة. وخطّأه أبو إسحاق المروزي ؛ فإنّ الأعمى يجوز أن يتعرّف الصفات في نفسه‌

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٧٠ - ١٧١ ، المسألة ٢٧٩. وانظر : المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، والمجموع ٩ : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، ومختصر اختلاف العلماء ٣ : ٧٩ ، ١١٥٧ ، والمغني ٤ : ٢٩٩ ، والشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٣) الوسيط ٣ : ٣٨ ، الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣ و ٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ ، المجموع ٩ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٥.

٢٢٤

بالسماع ، فإذا أسلم في ثوب موصوف ، جاز ، ويكون بمنزلة بصير يُسلم في شي‌ء لم يره ويذكر أوصافه ، فإنّه يجوز ، كذا هنا(١) .

وهذه المسألة أيضاً قد سلفت(٢) .

مسألة ١١٢ : من الغرر جهالة الثمن على ما تقدّم‌ ، ومن صُور الجهالة أن يبيع الشي‌ء بثمنين مختلفين أحدهما حالٌّ والآخر مؤجّل ، أو أحدهما إلى أجل والآخر إلى أزيد ، فيقول مثلاً : بعتك هذا الثوب إما بعشرة دراهم نقدا أو باثني عشر نسيئة ، وإمّا بعشرة مؤجّلة إلى شهر أو باثني عشر إلى شهرين - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيعتين(٤) في بيعة(٥) .

وفسّره الشافعي بأمرين ، أحدهما هذا ، قال : ويحتمل أن يكون المراد أن يقول : بعتك عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك هذه بألف(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن‌

____________________

(١) مختصر المزني : ٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٣ - ٣٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣ و ٥٤.

(٢) في ص ٢٤ ، المسألة ٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤ ، الوجيز ١ : ١٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤ ، الوسيط ٣ : ٧١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٦.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : بيعين. وما أثبتناه من المصادر.

(٥) سنن الترمذي ٣ : ٥٣٣ / ١٢٣١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٣ ، مسند أحمد ٢ : ٣٦٦ / ٦٥٩١ ، و ٣ : ٢٤٦ / ٩٧٩٥ ، و ٢٩٧ / ١٠١٥٧ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٣ / ٧٢.

(٦) مختصر المزني : ٨٨ ، الوسيط ٣ : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٦ - ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤.

٢٢٥

بيع ما ليس عندك ، وعن بيعين في بيع »(١) .

ولأنّ الثمن هنا مجهول ، فكان بمنزلة ما لو قال : بعتك هذا العبد أو هذه الجارية بألف.

أمّا لو قال : بعتك بعشرة نقداً وباثني عشر إلى شهر ، فإنّه كذلك عندنا ؛ لعدم التعيين.

وقال بعض(٢) علمائنا : يكون للبائع أقلّ الثمنين في أبعد الأجلين ؛ لأنّه رضي بنقل العين في مقابلة الثمن القليل بالأجل الكثير ، فلا تجوز الزيادة عليه لأجل الزيادة في الأجل.

ولما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر عن آبائهعليهم‌السلام : « أنّ عليّاًعليه‌السلام قضى في رجل باع بيعاً واشترط شرطين : بالنقد كذا ، وبالنسيئة كذا ، فأخذ المبتاع على ذلك الشرط فقال : هو بأقلّ الثمنين وأبعد الأجلين ، يقول : ليس له إلاّ أقلّ النقدين إلى الأجل الذي أجّله نسيئةً »(٣) .

والجواب : يُمنع رضاه بالأقلّ ثمناً والأزيد أجلاً ، بل رضي بالأقلّ ثمناً مع قلّة الأجل ، وبالأكثر مع زيادته.

والرواية ضعيفة جدّاً ؛ لأنّ السكوني ضعيف ، والراوي عنه النوفلي ضعيف أيضاً.

وجوّز بعض الشافعيّة هذا البيع(٤) ، ويكون له بعشرة معجّلاً ، وباثني عشر مؤجّلاً.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٣٠ / ١٠٠٥.

(٢) الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٨٧ - ٣٨٨.

(٣) التهذيب ٧ : ٥٣ / ٢٣٠.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤.

٢٢٦

إذا ثبت هذا ، فالتفسير الذي ذكره الشافعي ثانياً ليس بشي‌ء عندنا ؛ لأنّه يجوز البيع بشرط على ما يأتي إن شاء الله.

تذنيب : لو قال : بعتك نصف هذا العبد بألف ونصفه بألفين ، صحّ. ولو قال : بعتك هذا العبد بألف نصفه بستمائة ، لم يصحّ ؛ لأنّ ابتداء كلامه يقتضي توزيع الثمن على المثمن بالسويّة ، وآخره يناقضه ، هكذا قال بعض الشافعيّة(١) .

والأقوى عندي : الجواز ؛ لأنّ الأوّل كالمطلق أو العامّ ، والثاني كالمبيِّن له.

مسألة ١١٣ : من صُور جهالة الثمن ما لو استثنى بعضاً منه غير معلوم‌ كأن يقول : بعتك بعشرة إلّا شيئاً ، أو جزءاً ، أو نصيباً ، ولم يُعيّن. ولا يحمل على الوصيّة اقتصاراً بما يخالف العرف على مورد النصّ خصوصاً مع عدم التنصيص في غيره.

ولو قال : بعتك هذا القفيز من الطعام بأربعة دراهم إلّا ما يخصّ واحداً منه ، فإن أراد ما يساوي واحداً في الحال ، فإن عرفا المقدار ، صحّ ، وإلّا فلا.

وإن أراد ما يساوي واحداً عند التقويم ، بطل ؛ لأنّه مجهول.

وإن أراد ما يخصّه إذا وُزّع القفيز على المبلغ المذكور قبل الاستثناء ، صحّ ، وكان الاستثناء(٢) للربع ، فيصحّ البيع في ثلاثة أرباع القفيز بأربعة.

وإن أراد ما يخصّه إذا وُزّع الباقي بعد الاستثناء على المبلغ المذكور على معنى أن يكون قد استثنى من القفيز ما يخصّ واحداً ممّا يستقرّ عليه‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤.

(٢) في « ق ، ك» : استثناء.

٢٢٧

البيع بعد الاستثناء ، دخلها الدور ، لأنّا لا نعلم قدر المبيع إلاّ بعد معرفة المستثنى وبالعكس ، فنقول : إنّه يبطل البيع ، للجهالة حالة العقد ، إلاّ أن يعرفا ذلك وقت العقد بطريق الجبر والمقابلة أو غيره.

وطريقه أن نقول : المستثنى شي‌ء(١) ، فالمبيع قفيز [ إلّا شيئاً ، فربع قفيز ](٢) إلّا ربع شي‌ء هو الذي يخصّ الدرهم ، وقد تقدّم أنّ الذي يخصّ الدرهم شي‌ء ، فربع قفيز كامل يعدل شيئاً وربع شي‌ء ، فالقفيز الكامل يعدل خمسة أشياء ، فالمستثنى خُمْسه ؛ لأنّ المستثنى شي‌ء وقد ظهر أنّه خُمْسة.

أو نقول : صحّ البيع في الجميع إلّا في شي‌ء - وذلك الشي‌ هو ما يقابل الواحد - بجميع الثمن ، فإذا جبرنا القفيز بشي‌ء وزِدْنا على الأربعة ما يقابله - وهو واحد - صار القفيز بأجمعه يعدل خمسة ، فالمقابل للواحد الخُمْس.

فروع :

أ - لو قال : بعتك بعشرة إلّا ثلث الثمن ، فالثمن سبعة ونصف ؛ لأنّا نفرض الثمن شيئاً فنقول : إنّه قد باعه بعشرة إلّا ثلث شي‌ء يعدل شيئاً كاملاً ، وهو جملة الثمن ، فإذا جبرنا وقابلنا، كانت العشرة الكاملة تعدل شيئاً وثلثاً ، فالشي‌ء الذي هو الثمن ثلاثة أرباع العشرة.

ولو قال : إلّا ربع الثمن ، فالثمن ثمانية. ولو قال : إلّا خُمْس الثمن ، فهو ثمانية وثلث ، وعلى هذا.

ب - لو قال : بعتك بعشرة وثلث الثمن ، فهو خمسة عشر ؛ لأنّا‌

____________________

(١) « الشي‌ء » عند المحاسبين هو العدد المجهول المضروب في نفسه ، في باب الجبر والمقابلة. كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : ١٠٤٨.

(٢) ما بين المعقوفين من تصحيحنا.

٢٢٨

نفرض الثمن شيئاً مجهولاً ، والثمن يعدل عشرة وثلث شي‌ء ، فعشرة وثلث شي‌ء تعدل شيئاً هو جملة الثمن ، يسقط ثلث شي‌ء بثلث شي‌ء ، تبقى عشرة تعدل ثلثي شي‌ء ، فالشي‌ء الكامل يعدل خمسة عشر.

ولو باعه بعشرة وربع الثمن ، فهو ثلاثة عشر وثلث ؛ لأنّا نفرض الثمن شيئاً ، فعشرة وربع شي‌ء تعدل الثمن وهو شي‌ء ، فإذا أسقطنا ربع شي‌ء بربع شي‌ء ، بقي عشرة تعدل ثلاثة أرباع شي‌ء ، فكلّ ربع ثلاثة وثلث ، فالثمن ثلاثة عشر وثلث ، وعلى هذا.

ج - لو قال : بعتك نصيبي - وهو السدس مثلاً - من الدار من حساب مائتين ، صحّ البيع‌ وإن جهل في الحال قدر الثمن ، ويكون له سدس المائتين ؛ لأنّ المراد جَعْل المائتين في مقابلة الجميع ، ويكون له ما يقتضيه الحساب.

ولو قال : بعتك نصيبي من ميراث أبي من الدار ، فإن عرف القدر حالة العقد ، صحّ. وإن جهل ، بطل. ولو عرف عدد الورثة وقدر الاستحقاق إجمالاً ، فالأقوى الصحّة ، ويكون له ما يقتضيه الحساب.

وكذا لو قال : بعتك جزءاً من مائة وأحد عشر جزءاً ، فإنّه يصحّ وإن جهل النسبة. وكذا يصحّ لو عكس ، فقال : بعتك نصف تُسْعِ عُشْرِ هذا الموضع وجهل القدر من السهام.

وكذا لو باع من اثنين صفقةً قطعةَ أرضٍ على الاختلاف بأن ورث من أبيه حصّةً ومن اُمّه أقلّ أو أكثر ، وجعل لواحدٍ منهما أحدَ النصيبين وللآخر الباقي ، فإنّه يصحّ وإن جهلا قدر نسبة النصيب إلى الجميع في الحال ونسبة النصيب في الثمن ، ويرجعان إلى ما يقتضيه الحساب ؛ إذ الثمن في مقابلة الجملة ، فلا تضرّ جهالة الأجزاء.

٢٢٩

د - لو باعه خمسة أرطالٍ على سعر المائة باثني عشر درهماً ، صحّ‌ وإن جهل في الحال قدر الثمن ؛ لأنّه ممّا يُعلم بالحساب ، ولا يمكن تطرّق الزيادة إليه ولا النقصان ، فينتفي الغرر ، ويثبت الثمن ثلاثة أخماس درهمٍ ؛ لأنّ نسبة المائة إلى ثمنها - وهو اثنا عشر - كنسبة خمسة إلى ثمنها ، فالمجهول الرابعُ ، فيضرب الثاني - وهو اثنا عشر - في الثالث - وهو خمسة - يبلغ ستّين يقسمها على الأوّل - وهو مائة - يخرج ثلاثة أخماس درهمٍ ، وهو ثمن المبيع. أو نقول : الاثنا عشر عُشْرٌ وخُمْس عُشْر المائة ، فنأخذه بهذه النسبة من الخمسة ، وهو ثلاثة أخماس واحد.

ولو قال : بعتك بخمسة دراهم على سعر المائة باثني عشر ، أخذت ربع وسدس المائة ؛ لأنّ الخمسة ربع وسدس من الاثني عشر(١) .

ه- لو كان له ثلاث قطائع من الغنم ثانيها ثلاثة أمثال أوّلها ، وثالثها ثلاثة أمثال ثانيها ، فاشترى آخر منه ثلثي الأوّل وثلاثة أرباع الثاني وخمسة أسداس الثالث ، اجتمع له مائة وخمسة وعشرون رأساً ، فطريق معرفة قدر كلّ قطيع أن نقول : نفرض القطيع الأوّل شيئاً فالثاني ثلاثة أشياء والثالث تسعة أشياء ، فنأخذ ثلثي شي‌ء وثلاثة أرباع ثلاثة أشياء وخمسة أسداس تسعة أشياء ، ونجمعها ، فتكون عشرة أشياء وربع وسدس شي‌ء ، وهو يعدل مائة وخمسة وعشرين ، فالشي‌ء يعدل اثني عشر.

و - لو تطرّقت الجهالة بعد البيع ، لم تثمر فساده ، بل وقع صحيحاً. ثمّ إن لم يمكن تدارك العلم ، اصطلحا ، ويجبرهما الحاكم عليه قطعاً للتنازع. وإن أمكن ، وجب المصير إليه ، فلو كان له قطعة أرض بين‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : وسدس الاثني عشر.

٢٣٠

شجرتين وقدرها ، أربعة عشر ذراعاً وطول إحدى الشجرتين ستّة وطول الاُخرى ثمانية ، فاجتاز ظبيٌ بينهما فطار إليه طائران من الرأسين بالسويّة حتى تلاقيا على رأس الظبي ، فباع القطعة من اثنين بثمنٍ واحد صفقةً واحدة لأحدهما من أصل شجرته إلى موضع الظبي وللآخر من موضع الظبي إلى أصل الاُخرى ، ثمّ خفي موضع الالتقاء ، فطريق معرفة حقّ كلٍّ منهما أن يجعل ما بين أصل الشجرة القصيرة إلى موضع الظبي شيئاً ونضربه في نفسه ، فيكون الحاصل مالاً(١) ، ونضرب طولها - وهو ستّة - في نفسه ، فيكون المجموع مالاً وستّة وثلاثين ، وجَذْرُه مقدار ما طار الطائر؛ لأنّه وَتَر القائمة ، فيكون مُربَّعه مساوياً لمجموع مُربَّعي صاحبتها بشكل العروس(٢) ، ويبقى من موضع الظبي إلى أصل الاُخرى أربعة عشر إلّا شيئاً مُربّعه مائة وستّة وتسعون ومالٌ إلّا ثمانية وعشرين شيئاً ، ومربّع الطويلة أربعة وستّون مجموعهما مائتان وستّون ومال إلّا ثمانية وعشرين شيئاً ، وهو يعدل مالاً وستّةً وثلاثين ، لتساوي الوَتَرين حيث طارا بالسويّة ، فإذا جبرت وقابلت ، بقي مائتان وأربعة وعشرون تعدل ثمانية وعشرين شيئاً ، فالشي‌ء يعدل ثمانية ، وهو ما بين أصل القصيرة والظبي ، فيبقى ما بينه وبين أصل الاُخرى يعدل ستّةً ، فكلّ وَتَر عشرةٌ.

ز - لو باع اثنين صفقةً قطعة على شكل مثلّث قاعدته أربعة عشر‌

____________________

(١) المال عند المحاسبين هو الحاصل من ضرب الشي‌ء في نفسه ، في الجبر والمقابلة. كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : ١٤٢٢.

(٢) شكل العروس عند المهندسين هو : أنّ كلّ مثلّث قائم الزاوية فإنّ مربّع وتر زاويته القائمة يساوي مربّعي ضلعيها. وإنّما سُمّي به ؛ لحسنه وجماله. كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : ١٠٤١.

٢٣١

ذراعاً وأحد ضلعيه الباقيين ثلاثة عشر والآخر خمسة عشر على أن يكون لأحدهما من مسقط العمود في القاعدة إلى أحد الضلعين ، وللآخر منه إلى الضلع الآخر وبسط الثمن على الأذرع ، فطريق معرفة نصيب كلٍّ منهما أن نقول : نفرض ما بين الضلع الأقصر ومسقط العمود شيئاً ، فيكون مربّعه مالاً ومربّع الضلع مائة وتسعة وستون ، وإذا نقص المال منه ، بقي مربّع العمود مائة وتسعة وستّون إلّا مالاً ، ويبقى من مسقط العمود إلى الطرف الآخر أربعة عشر إلّا شيئاً ، ومربّعها مائة وستّة وتسعون ومال إلّا ثمانية وعشرين شيئاً ، ويسقط(١) من مربّع الأوّل ، وهو مائتان وخمسة وعشرون ، تبقى تسعة وعشرون وثمانية وعشرون شيئاً إلّا مالاً ، وهو مربّع العمود ، ويكون معادلاً لمائة وتسعة وستّين إلّا مالاً ، فإذا قابلت ، بقي مائة وأربعون تعدل ثمانيةً وعشرين شيئاً ، فالشي‌ء خمسة ، وهو ما بين طرف القاعدة التي تلي الأقصر ومسقط العمود ، ومربّعه خمسة وعشرون ، وإذا(٢) أسقطناه من مائة وتسعة وستّين ، بقي مائة وأربعة وأربعون ، وهو مربّع العمود. ومن الجانب الآخر يكون ما بين مسقط العمود وطرف القاعدة تسعة مربّعة أحد وثمانون ، وإذا أسقطناه من مائتين وخمسة وعشرين ، تبقى مائة وأربعة وأربعون ، وهو مربّع العمود ، والعمود يكون اثني عشر.

ح - لو قال زيد لعمرو : بعتك داري بثمن [ ما معي و ](٣) ثلث ما معك تمام ثمن المبيع ، فقال عمرو : قبلت(٤) بثمن [ ما معي ](٥) وربع ما معك‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : « وينقص » بدل « ويسقط ».

(٢) في « ك» : فإذا.

(٣ و ٥) ما بين المعقوفين من تصحيحنا.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة زيادة : وبعتك داري. وهي غلط.

٢٣٢

تمامه ، فطريق معرفة قدر الثمن وقدر ما مع كلٍّ منهما أن نفرض ما مع زيد شيئاً وما مع عمرو ثلثه تصحيحاً للثلث ، فإذا أخذ زيد واحداً ، صار معه شي‌ء وواحد ، وهو ثمن المبيع ، وإذا أخذ عمرو ربع ما مع زيد ، صار معه ثلثه وربع شي‌ء ، وهو ثمن المبيع ، فشي‌ء واحد يعدل ثلثه وربع شي‌ء ، فإذا قابلت ، صار ثلاثة أرباع شي‌ء يعدل اثنين ، والشي‌ء يعدل اثنين وثلثي واحد ، فالثمن ثلاثة وثلثا واحدٍ ، فإذا صحّحت الكسر ، كان مع زيد ثمانية ومع عمرو تسعة وثمن المبيع أحد عشر.

ط - لو باعه حوض ماء ركز فيه رمح ظهر حال انتصابه ستّة أذرع ثمّ مال حتى غاب رأسه في الماء ، وكان بين موضعه وقت الانتصاب وموضع رأسه عند المغيب عشرة أذرع من الجانبين ، فطريق معرفة قدر عمقه أن نفرض القدر(١) الغائب من الرمح وقت الانتصاب شيئاً ، فيكون مُربّعه مع مُربّع العشرة مساوياً لمـُربّع الرمح بشكل العروس ، ومُربّع الشي‌ء مالٌ ، ومُربّع العشرة مائة، فمُربّع طول الرمح مالٌ ومائة ، فكان طول الرمح وقت الانتصاب شيئاً وستّة ، ومُربّعه مالٌ واثنا عشر شيئاً وستّة وثلاثون ؛ لأنّ الخطّ إذا انقسم بقسمين ، فإنّ مُربّعه مساوٍ لمـُربّع كلّ قسم ولضرب أحد القسمين في الآخر مرّتين ، فالمال ضرب الشي‌ء في نفسه ، وستّة وثلاثون ضرب ستّة في نفسها ، واثنا عشر شيئاً ضرب ستّة في الشي‌ء مرّتين ، وهو معادل المال ومائة ، وبعد المقابلة تبقى أربعة وستّون تعدل اثني عشر شيئاً ، ويكون الشي‌ء خمسةُ وثلثا ، وطول الرمح أحد عشر وثلث ذراع ، فالفاضل عن ستّة عمق الماء.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : قدر.

٢٣٣

مسألة ١١٤ : يجوز ابتياع الجزء المشاع المعلوم النسبة من كلّ جملة يصحّ بيعها ، سواء كان عقاراً أو حيواناً أو نباتاً أو ثمرةً معلومة القدر أو طعاماً معلوم القدر ؛ للأصل ، وانتفاء المانع وهو الجهالة.

ولو باع جزءاً شائعاً من شي‌ء بمثله من ذلك الشي‌ء - كما لو كانت العين بينهما نصفين فباع أحدهما الآخر نصفه بنصف صاحبه - جاز عندنا ؛ للأصل. ولأنّه بيع صدر من أهله في محلّه فكان صحيحاً.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : لا يصحّ ؛ لانتفاء فائدته(١) .

ونمنع انتفاء الفائدة ، بل له فوائد :

منها : ما لو ملكا أو أحدهما نصيبه بالهبة ، انقطعت ولاية الرجوع بالتصرّف.

ومنها : لو ملكه بالشراء ثمّ اطّلع بعد هذا التصرّف على عيب ، لم يملك الردّ على بائعه.

ومنها : لو ملّكتْه صداقاً وطلّقها الزوج قبل الدخول ، لم يكن له الرجوع فيه.

وكذا يجوز ابتياع الجملة واستثناء الجزء الشائع ، كربع الثمرة وقدر الزكاة.

مسألة ١١٥ : قد بيّنّا أنّ بيع الغائب لا يصحّ إلّا مع تقدّم الرؤية‌ أو الوصف الرافع للجهالة؛ لما فيه من الغرر.

وللشافعي في بيع الأعيان الغائبة والحاضرة التي لم تُر مع عدم‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٥٦ - ٢٥٧ و ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨.

٢٣٤

الوصف قولان :

قال في القديم والإملاء والصرف [ من ](١) الجديد : إنّه صحيح - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد - لقولهعليه‌السلام : « من اشترى شيئاً لم يره فله الخيار إذا رآه »(٢) ومعلومٌ أنّ الخيار إنّما يثبت في العقود الصحيحة.

ولأنّه عقد معاوضة ، فلم يكن [ من ](٣) شرطه رؤية المعقود عليه ، كالنكاح.

وقال في الاُم والبويطي : لا يصحّ - وهو ما اخترناه ، وبه قال المزني - لأنّه غرر وقد نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الغرر(٤) .

ولأنّه مبيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد فلم يصحّ بيعه ، كما لو أسلم في شي‌ء ولم يصفه(٥) .

والجواب عن الحديث : أنّا نقول بموجبه ؛ فإنّ الخيار إنّما يثبت فيما إذا لم يخرج على الوصف ؛ إذ لا وجه له على تقدير الصحّة مطلقاً سواء وصف أو لا ؛ لوجود الرضا من المتبايعين على التبادل في الثمن والمثمن‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « في ». والمثبت أنسب بالعبارة.

(٢) أورد نصّه الرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، وبتفاوت يسير في سنن الدار قطني ٣ : ٤ ، ١٠ وسنن البيهقي ٥ : ٢٦٨.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « في ». والمثبت أنسب بالعبارة.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ / ١٥١٣ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٤ / ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ / ١٢٣٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٥ ، ٤٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٦ وفيها : نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع الغرر.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٢ - ٢٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، المجموع ٩ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، بداية المجتهد ٢ : ١٥٥ ، المغني ٤ : ٧٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٨.

٢٣٥

مهما كانا ، فيكون بمنزلة المرئي ، ومعلومٌ أنّ المرئي لا خيار فيه ، فلمـّا أثبت الخيار علمنا اقترانه باشتراط وَصْفٍ رافعٍ للجهالة.

والقياس عندنا باطل مع قيام الفرق والقلب بأن يقال : فلا يثبت فيه خيار الرؤية ، كالنكاح.

إذا تقرّر هذا ، فنقول : اختلف أصحابه في محلّ القولين على طريقين ، أصحّهما عند أكثرهم : أنّ القولين مطّردان في المبيع الذي لم يره واحد منهما أو رآه أحدهما خاصّة.

والثاني : أنّ القولين فيما إذا شاهده البائع دون المشتري ، وأمّا إذا لم يشاهده البائع ، فإنّه يبطل البيع قولاً واحداً ؛ لسهولة الاجتناب عن هذا الغرر على البائع ، لأنّه المالك والمتصرّف في المبيع. ومنهم مَنْ عكس ؛ لأنّ البائع مُعرضٌ عن الملك والمشتري محصّل له ، فهو [ أجدر ](١) بالاحتياط.

وحينئذٍ يخرج لهم طريقة ثالثة ، وهي القطع بالصحّة إذا رآه المشتري(٢) .

فروع :

أ - لو آجر غير المرئيّ له(٢) ، فإن كان المباشر للعقد قد رآه ، صحّت الإجارة عندنا ، وإن لم يكن قد رآه ، لم تصحّ.

وعند الشافعيّة القولان السابقان في بيع الغائب مع عدم الرؤية(٤) .

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : آخذ. وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز وكما هو مستفاد من عبارة النووي في المجموع فإنّه عبّر بـ « أولى » بدل « أجدر ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، المجموع ٩ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥.

(٣) ورد في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : لو أجاز بيع غير المرئي له. وصحّحناها بما في المتن لأجل السياق وطبقاً لما في المصادر الآتية في الهامش التالي.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٠.

٢٣٦

ب - لو آجر شيئاً بعينٍ غائبة أو صالح عليها أو جعلها رأس مال السَّلَم‌ ثمّ سلّم في مجلس عقد السلم ، بطل عندنا ذلك كلّه ، خلافاً للشافعي ، فإنّ فيه قولي(١) بيع الغائب عنده(٢) .

ج - لو أصدقها عيناً غائبة أو خالعها عليها أو عفا عن القصاص عليها ، صحّ النكاح عنده‌ وحصلت البينونة وسقط القصاص. وفي صحّة المسمّى القولان ، فإن لم يصحّ ، وجب مهر المثل على الرجل في النكاح وعلى المرأة في الخلع ووجبت الدية على المعفوّ عنه(٣) .

وعندي في ذلك إشكال.

د - الأقرب جواز هبة الغائب غير المرئي ولا الموصوف ورهنِه ؛ لأنّهما ليسا من عقود المغابنات ، بل الراهن والواهب مغبونان ، والمتّهب والمرتهن مرتفقان ، ولا خيار لهما عند الرؤية ؛ لانتفاء الحاجة إليه.

ه- لو رآه قبل الشراء ثمّ وجده كما رآه بعد الشراء ، فلا خيار له ، وهو قول الشافعي تفريعاً على صحّة البيع عنده(٤) .

وإن وجده متغيّراً ، لم يبطل البيع من أصله - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٥) - لبقاء(٦) العقد في الأصل على ظنٍّ غالب ، لكن له الخيار.

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : قول. والصحيح ما أثبتناه.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٠.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٤ - ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٠ - ٢٩١.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٨ و ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٦.

(٥) الوسيط ٣ : ٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٦.

(٦) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة. والظاهر : لبناء.

٢٣٧

وأضعف الوجهين : البطلان ، لتبيّن انتفاء المعرفة(١) .

ولا نعني بالتغيّر هنا التعيّب خاصّة.

و - استقصاء الأوصاف على الحدّ المعتبر في السَّلَم لا يقوم مقام الرؤية وكذا سماع وصفه بالتواتر ؛ لأنّ الرؤية تطلع على اُمور لا يمكن التعبير عنها ، وهو أصحّ وجهي الشافعي(٢) .

وفي الآخر : أنّه يقوم الاستقصاء والسماع بالتواتر مقام الرؤية ؛ لأنّ ثمرة الرؤية المعرفة وهما يفيدانها ، فيصحّ البيع ، ولا خيار(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ بعض الأوصاف لا يحصل علمه إلّا بالرؤية.

مسألة ١١٦ : الرؤية المشترطة في كلّ شي‌ء على حسب ما يليق به‌ ، ففي شراء الدار لا بُدّ من رؤية البيوت والسقوف والسطوح والجدران داخلاً وخارجاً ورؤيةِ المستحمّ والبالوعة. وفي شراء البستان لا بُدّ من رؤية الأشجار واحدة واحدة والجدران ومسيل الماء ، ولا يحتاج إلى رؤية أساس البنيان ولا عروق الأشجار.

وفي اشتراط رؤية طريق الدار إشكال.

ولا يجوز رؤية العورة في الأمة والعبد ، ولا بُدّ من رؤية باقي بدن العبد ، وهو أظهر وجهي الشافعي(٤) .

وكذا في بدن الجارية ؛ لاختلاف الصفات.

وللشافعي وجوه : اعتبار رؤية ما يُرى في العبد ، ورؤية ما يبدو عند‌

____________________

(١) اُنظر : المصادر في الهامش (٥) من ص ٢٣٦.

(٢ و ٣ ) الوسيط ٣ : ٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ - ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

٢٣٨

المهنة ، والاكتفاء برؤية الوجه والكفّين(١) .

ويشترط رؤية الشعر ، وهو أصحّ وجهي الشافعي(٢) .

والأقرب اشتراط رؤية الأسنان واللسان ، وهو أحد وجهي الشافعي(٣) .

ولا بُدّ في الدوابّ من رؤية مقدّمها ومؤخّرها وقوائمها وظهرها.

ولا يشترط جري الفرس بين يديه - خلافاً لبعض الشافعيّة(٤) - للأصل.

ولو كان الثوب رقيقاً لا يختلف وجهاه ، كفى رؤية أحدهما ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٥) .

ولا بُدّ من تقليب الأوراق في شراء الكتب ورؤية جميعها.

ولا يصحّ بيع اللبن في الضرع على ما تقدّم(٦) .

ولو قال : بعتك من اللبن الذي في ضرع هذه البقرة كذا رطلاً ، لم يجز ؛ لعدم العلم بوجود القدر في الضرع ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. وفي الآخر : يجوز ، كما لو باع قدراً من اللبن في الظرف ، فيجي‌ء‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، الوسيط ٣ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٢) الوسيط ٣ : ٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩ ، المجموع ٩ : ٢٩٢.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٢٩٢.

(٦) في ص ٦٣ ، المسألة ٣٦.

٢٣٩

فيه حينئذٍ قولا بيع الغائب(١) .

ولو سكب شيئاً من اللبن فأراه إيّاه ثمّ باعه مُدّاً ممّا في الضرع ، لم يجز.

وفي روايةٍ لنا : الجواز ، وقد سلفت(٢) .

وللشافعي القولان(٣) .

ويحتمل عندي الجواز لو كان المبيع قدراً يسيراً يتيقّن وجوده حالة الحلب.

ولو قبض على قدر من الضرع وأحكم شدّه ثمّ باعه ما فيه ، لم يصحّ عندنا. وللشافعي وجهان(٤) .

فروع :

أ - يجوز بيع الشاة المذبوحة قبل السلخ وبعده ، سواء بِيع اللحم وحده أو الجلد وحده أو بِيعا معاً ، لكن بعد السلخ لا يجوز إلّا بالوزن ، أمّا قبله فالأقرب جوازه من دونه.

ومَنَع الشافعي من بيعها قبل السلخ وبعده ، سواء بِيع اللحم وحده أو الجلد وحده أو بِيعا معاً؛ لأنّ المقصود اللحم ، وهو مجهول(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٦.

(٢) في ص ٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٦.

(٤) الوسيط ٣ : ٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠ ، المجموع ٩ : ٣٢٦.

(٥) الوسيط ٣ : ٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٠ ، المجموع ٩ : ٢٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١ ، وفيها عدم صحّة بيعها قبل السلخ فقط.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458