تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 129634
تحميل: 5007


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 129634 / تحميل: 5007
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

تذكرة الفقهاء الجزء الحادي عشر

تأليف العلامة الحلي

الجزء الحادي عشر

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥

المقصد الثالث : في وثاقه عقد البيع وضعفه.

مقدّمة : الأصل في البيع اللزوم ؛ لأنّ الشارع وضعه مفيداً لنقل الملك من البائع إلى المشتري ، والأصل الاستصحاب ، والغرض تمكّن كلٍّ من المتعاقدين من التصرّف فيما صار إليه ، وإنّما يتمّ باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه. وإنّما يخرج عن أصله بأمرين :

أحدهما : ثبوت الخيار إمّا لأحد المتعاقدين أو لهما من غير نقصٍ في أحد العوضين بل للتروّي خاصّة.

والثاني : ظهور عيب في أحد العوضين ، فهنا فصلان :

٦

٧

الفصل الأوّل :

في الخيار.

وفيه مطلبان :

المطلب الأوّل : في أقسامه‌ ، وهي سبعة ، وينظمها مباحث :

الأوّل : خيار المجلس.

مسألة ٢٢٥ : ذهب علماؤنا إلى أنّ لكلٍّ من المتبايعين خيارَ الفسخ بعد العقد ما داما في المجلس ، ولا يلزم العقد بمجرّده ، إلّا أن يشترطا أو أحدهما سقوط الخيار وهو قول عليّعليه‌السلام وابن عمر وأبي هريرة وأبي بردة من الصحابة ، ومن التابعين : شريح والشعبي وسعيد بن المسيّب والحسن البصري وطاوُوس وعطاء والزهري. ومن الفقهاء : الأوزاعي وابن أبي ذئب وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد والشافعي(١) لما رواه الجمهور عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « المتبايعان كلّ واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرّقا إلّا بيع الخيار »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « البيّعان بالخيار‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٧ / ١١٢٥ ، الاستذكار ٢٠ : ٢٢٩ ٢٣٠ / ٢٩٩٥٧ - ، بداية المجتهد ٢ : ١٧٠ ، مختصر المزني : ٧٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٩ : ١٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٠.

(٢) الموطّأ ٢ : ٦٧١ / ٧٩ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٢ ٢٧٣ / ٣٤٥٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٨.

٨

ما لم يفترقا ، فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما »(١) .

ولأنّه عقد يحصل فيه التغابن ، ويحتاج إلى التروّي ، فوجب أن يشرع لاستدراك أمره بثبوت الخيار ليخلص من الغبن المؤدّي إلى الضرر المنفي شرعاً. ولأنّه عقد يقصد به تمليك المال ، فلا يلزم بمجرّد العقد ، كالهبة.

وقال أبو حنيفة ومالك : يلزم العقد بالإيجاب والقبول ، ولا يثبت خيار المجلس ؛ لأنّ عمر قال : البيع صفقة أو خيار. معناه : صفقة لا خيار فيها ، أو صفقة فيها خيار. ولأنّه عقد معاوضة ، فلا يثبت فيه خيار ، كالنكاح والكتابة والخلع(٢) .

وقول عمر ليس حجّةً خصوصاً مع معارضته لما ورد عن النبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام . وقد روى الشعبي عن عمر(٣) أيضاً مثل قولنا ، فسقط الاستدلال بهذه الرواية بالكلّيّة ، أو تُحمل « أو » بمعنى الواو.

ولأنّا نقول بموجبه ؛ فإنّ البيع إمّا صفقة لا خيار فيها بشرط إسقاط الخيار ، أو خيار بأصل العقد.

والنكاح يخالف البيع ؛ فإنّه لا يدخله خيار الشرط. ولأنّه لا يعقد في العادة إلّا بعد التروّي والفكر ؛ لعدم تكثّره ، بخلاف البيع.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٧٠ / ٦ ، الخصال ١٢٧ ١٢٨ / ١٢٨ ، التهذيب ٧ : ٢٠ / ٨٥ ، الاستبصار ٣ : ٧٢ / ٢٤٠.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٦ / ١١٢٥ ، الاستذكار ٢٠ : ٢٢٦ ٢٢٧ / ٢٩٩٤١ و ٢٩٩٤٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥ ١٦ ، التهذيب للبغوي - ٣ : ٢٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٩ : ١٨٤ ، بداية المجتهد ٢ : ١٧٠ ، المغني ٤ : ٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٩.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٣٧.

٩

إذا ثبت هذا ، فقد اختلفوا في قولهعليه‌السلام : « إلّا بيع الخيار ».

فقال أبو حنيفة ومالك : بيع الخيار ما يثبت فيه الخيار بالشرط إمّا ثلاثة أيّام ، كما هو مذهب أبي حنيفة ، أو ما تدعو الحاجة إليه ، كقول مالك(١) .

وقال الشافعي : بيع الخيار ما قطع فيه الخيار وأسقط منه(٢) .

مسألة ٢٢٦ : ويثبت هذا خيار المجلس في جميع أقسام البيع ، كالسلف والنسيئة والمرئيّ والموصوف والصرف والتولية والمرابحة ، وبالجملة جميع ما يندرج تحت لفظ البيع ممّا لم يشترط فيه سقوطه ؛ لعموم قوله : « البيّعان بالخيار »(٣) عند كلّ مَنْ أثبت الخيار إلّا في صُور وقع فيها الخلاف :

أ - إذا باع مال نفسه من ولده الصغير أو بالعكس ، فالأقرب ثبوت الخيار هنا - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٤) لأنّ الوليّ هنا قائم مقام الشخصين في صحّة العقد ، فكذا في الخيار.

والثاني : لا يثبت ؛ لأنّ لفظ الخبر « البيّعان » وليس هنا اثنان(٥) .

والجواب : أنّه ورد على الغالب.

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٥ ، المغني ٤ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

(٢) المجموع ٩ : ١٩٠ ١٩١.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٨٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٦ / ٢١٨٢ و ٢١٨٣ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٤ / ٣٤٥٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٥٠ / ١٢٤٧ ، سنن النسائي ٧ : ٢٤٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٩ ٢٧١.

(٤و٥) الوسيط ٣ : ١٠١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠١ ، المجموع ٩ : ١٧٦.

١٠

وعلى ما قلناه يثبت الخيار للوليّ وللطفل معاً ، والوليّ نائب عن الطفل ، فإن التزم لنفسه وللطفل ، لزم. وإن التزم لنفسه ، بقي الخيار للطفل. وإن التزم للطفل ، بقي لنفسه.

ولو فارق المجلس ، لم يبطل الخيار ؛ لأنّ مفارقة المجلس مع الاصطحاب لا تُعدّ مفارقةً مؤثّرة في زوال الخيار ، والشخص لا يفارق نفسه وإن فارق المجلس ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : أنّه بمفارقته المجلس يلزم العقد(١) . وليس بجيّد.

وحينئذٍ إنّما يلزم بإسقاط الخيار ، أو اشتراط سقوطه في العقد ، وإلّا يثبت دائماً.

وكذا لو باع مال أحد ولديه على الآخر وهُما صغيران ، والبحث كما تقدّم.

ب - لو اشترى مَنْ ينعتق عليه بالملك كالأب والابن ، لم يثبت خيار المجلس فيه أيضاً ؛ لأنّه ليس عقد مغابنة من جهة المشتري ؛ لأنّه وطّن نفسه على الغبن المالي ، والمقصود من الخيار أن ينظر ويتروّى لدفع الغبن عن نفسه.

وأمّا من جهة البائع فهو وإن كان عقد معاوضة لكنّ النظر إلى جانب العتق أقوى ، وهو أحد قولي الشافعيّة.

وفي الآخر : يثبت ؛ لقولهعليه‌السلام : « لن يجزي(٢) ولد والده إلّا بأن‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠١ ، المجموع ٩ : ١٧٦.

(٢) في المصادر : « لا يجزي ».

١١

يجده مملوكاً فيشتريه(١) فيعتقه »(٢) فإنّه يقتضي إنشاء إعتاقٍ بعد العقد(٣) . وهو ممنوع.

وأكثر الشافعيّة بنوا الخيارَ هنا على أقوال الملك في زمن الخيار ، فإن كان للبائع ، فلهما الخيار ، ولا يحكم بالعتق إلّا بعد مضيّ الخيار. وإن كان موقوفاً ، فلهما الخيار أيضاً ، وإذا أمضيا العقد ، ظهر أنّه عتق بالشراء. وإن كان للمشتري ، فلا خيار له ، ويثبت للبائع(٤) .

ومتى يعتق؟ فيه وجهان عندهم :

أظهرهما : أنّه لا يحكم بالعتق حتى يمضي زمان الخيار ثمّ يحكم بعتقه يوم الشراء.

والثاني : أنّه يعتق في الحال.

وحينئذٍ هل يبطل خيار البائع؟ وجهان ، كما إذا أعتق المشتري العبدَ الأجنبيّ في زمن الخيار ، فإنّ فيه الوجهين. وأقواهما : ثبوت الخيار للبائع وإن كان المشتري مالكاً في زمن الخيار ، وأنّ العبد لا يعتق في الحال ؛ لأنّه لم يوجد منه الرضا إلّا بأصل العقد(٥) .

ج - إذا اشترى العبد نفسه من مولاه وقلنا بالصحّة ، فلا خيار له.

وللشافعيّة في خيار المجلس هنا وجهان(٦) .

____________________

(١) في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجريّة : « يشتريه ». وما أثبتناه من المصادر.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ١١٤٨ / ١٥١٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٠٧ / ٣٦٥٩ ، سنن أبي داوُد ٤ : ٣٣٥ ؛ ٥١٣٧ ، سنن الترمذي ٤ : ٣١٥ / ١٩٠٦ ، مسند أحمد ٢ : ٤٥٨ / ٧١٠٣ ، و ٥١٧ / ٧٥١٦ ، و ٣ : ٧٢ ، ٨٦٧٦ و ١٩٣ ، ٩٤٥٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧١ ، المجموع ٩ : ١٧٦.

(٤و٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠١ ، المجموع ٩ : ١٧٦.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧١ ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠١ ، المجموع ٩ : ١٧٦ - ١٧٧.

١٢

د - لو اشترى جمداً في شدّة الحرّ ، ففي الخيار إشكال. وللشافعيّة وجهان ؛ لتلفه بمضيّ الزمان(١) .

ه - لو شرطا نفي خيار المجلس في عقد البيع ، صحّ الشرط وسقط الخيار.

وللشافعيّة في صحّة البيع والشرط قولان(٢) .

و - لو اشترى الغائب بوصفٍ ، يثبت عندنا خيار المجلس والرؤية معاً فيه.

وللشافعي في صحّة البيع قولان ، فإن قال بصحّته ، لم يثبت خيار المجلس مع خيار الرؤية عنده(٣) . وليس بجيّد.

مسألة ٢٢٧ : ولا يثبت خيار المجلس في شي‌ء من العقود سوى البيع عند علمائنا ؛ عملاً بأصالة اللزوم ، وعروض الجواز ، خرج عنه البيع ؛ لقولهعليه‌السلام : « البيّعان بالخيار »(٤) فيبقى الباقي على اللزوم بمقتضى عموم قوله تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٥) .

وأثبت الشافعي خيار المجلس فيما شابه البيع ، كصلح المعاوضة(٦) .

وهو مبنيّ على القياس الباطل عندنا.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠١ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

(٢) التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٨ ١٧٩.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٠١ ١٠٢ ، والمجموع ٩ : ١٧٧.

(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٩ ، الهامش (٣)

(٥) المائدة : ١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٠ ، المجموع ٩ : ١٧٥.

١٣

إذا ثبت هذا ، فاعلم أنّ العقدإمّا أن يكون جائزاً من الطرفين - كالشركة والوكالة والقراض والوديعة والعاريةأو جائزاً من أحد الطرفين لازماً من الآخر ، كالضمان والكتابة. ولا خيار في هذين القسمين.

أمّا الجائز من الطرفين : فلأنّهما بالخيار أبداً ، فلا معنى لخيار المجلس.

وأمّا الجائز من أحدهما : فلهذا المعنى من حيث هو جائز في حقّه ، والآخر دخل فيه موطّناً نفسه على الغبن ، ومقصود الخيار التروّي لدفع الغبن عن نفسه.

وكذا الرهن لا يثبت فيه خيار المجلس ، إلّا أن يكون مشروطاً في بيعٍ وأقبضه قبل التفرّق وأمكن فسخ الرهن بأن يفسخ البيع حتى ينفسخ الرهن تبعاً.

وقال بعض الشافعيّة : يثبت الخيار في الكتابة(١) . وبعضهم أثبته في الضمان(٢) . وهُما غريبان.

أو يكون لازماً من الطرفين ، وهو قسمان : إمّا أن يكون عقداً وارداً على العين ، وإمّا وارداً على المنفعة.

فمن أنواع الأوّل : البيعُ ، ويثبت خيار المجلس في جميع أنواعه إلّا ما استثني. ويثبت خيار الشرط في جميع أنواعه إلّا السلف والصرف وبه قال الشافعي(٣) لافتقار العقد فيهما إلى التقابض في المجلس والتفرّق من غير علقة بينهما ، وثبوت الخيار بعد التفرّق يمنع لزوم القبض فيه ، ويثبت‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٠ ، المجموع ٩ : ١٧٥.

(٣) الوجيز ١ : ١٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ و ١٩٣ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٢ و ٢٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، المجموع ٩ : ١٩٢.

١٤

بينهما علقة بعد التفرّق.

ولا يثبت خيار المجلس في الصلح ؛ لاختصاص الخبر(١) بالبيع.

وقسّم الشافعي الصلحَ إلى أقسام ثلاثة : صلح هو بيع ، مثل أن يدّعي داراً فيقرّ المتشبّث له بها ثمّ يصالحه منها على عوض. وصلح هو إجارة بأن يدّعي داراً فيقرّ له بها ثمّ يصالحه على أن يخدمه هو أو عبده أو يسكنه داره سنةً. وصلح هو هبة وحطيطة بأن يدّعي عليه شيئاً فيقرّ له ثمّ يبرئه من بعضه إن كان دَيْناً ويأخذ الباقي ، أو يهب له بعضه إن كان عيناً ويأخذ الباقي. فالأوّل يدخله الخياران معاً ، والباقيان لا يدخلهما شي‌ء من الخيارين ؛ لأنّه شرع فيهما على يقين بأنّه لا حظّ له فيهما(٢) .

وأمّا الإقالة : فإنّها فسخ عندنا ، وهو أحد قولي الشافعي(٣) ، فلا يثبت فيها الخيار.

وفي الثاني له : أنّها بيع ، فيثبت فيها الخيار(٤) .

والحوالة ليست بيعاً عندنا ، فلا يثبت فيها خيار المجلس.

وعند الشافعي قولان :

أحدهما : أنّها ليست معاوضةً ، فلا خيار فيها.

والثاني : أنّها معاوضة فوجهان ، أظهرهما : أنّه لا خيار أيضاً ؛ لأنّها ليست على قواعد المعاوضات ؛ إذ لو كانت معاوضةً ، كانت باطلةً ؛ لاشتمالها على بيع دَيْن بدَيْن. ولأنّهما بمنزلة الإبراء ، ولهذا لا تصحّ بلفظ‌

____________________

(١) أي خبر « البيّعان بالخيار » المتقدّم في ص ٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ و ١٧٢ و ١٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٠ و ١٠٢ و ١١٠ ، المجموع ٩ : ١٧٥ و ١٩٢.

(٣و٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

١٥

البيع ، وتجوز في النقود من غير قبض(١) .

والضمان ليس بيعاً ، فلا يدخله الخيار وبه قال الشافعي(٢) لأنّ الضامن دخل فيه مقطوعاً به مع الرضا بالغبن.

وأمّا الشفعة : فليست بيعاً عندنا ، فلا يثبت فيها خيار المجلس لأحدٍ ، ولا خيار الشرط ؛ لأنّها لا تقف على التراضي.

وقال الشافعي : لا يثبت فيها خيار الشرط. وأمّا خيار المجلس فلا يثبت للمشتري ؛ لأنّه يؤخذ منه الشقص بغير اختياره.

وفي ثبوته للشفيع وجهان :

الثبوت ؛ لأنّ سبيل الأخذ بالشفعة سبيل المعاوضات ، ولهذا يثبت فيه الردّ بالعيب والرجوع بالعهدة.

والمنع ؛ لأنّ المشتري لا خيار له ، ويبعد اختصاص خيار المجلس بأحد المتعاقدين(٣) .

فاختلف أصحابه على تقدير الثبوت في معناه.

فقال بعضهم : إنّ الشفيع بالخيار بين الأخذ والترك ما دام في المجلس مع القول بالفور(٤) .

وغلّط إمام الحرمين هذا القائلَ ، وقال : إنّه على الفور ، ثمّ له الخيار‌

____________________

(١) التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

(٢) التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ و ١٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ و ١١١ ، المجموع ٩ : ١٧٧ و ١٩٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

١٦

في أخذ الملك وردّه(١) .

وأمّا اختيار عين المال المبيع من المفلس : فليس ببيع عندنا ، فلا يثبت فيه خيار ، بل يلزمه أخذه ، ولا خيار له ، وهو قول أكثر الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم وجهاً : إنّه بالخيار ما دام في المجلس(٣) .

وأمّا الوقف : فلا خيار فيه عندنا وعند الشافعي(٤) ؛ لأنّه إزالة ملك على وجه القربة ، ويزول أيضاً إلى غير ملك ، فهو كالعتق.

وأمّا الهبة بنوعيها : فلا خيار فيها عندنا ؛ لأنّها ليست بيعاً.

وأمّا الشافعي فقال : إنّها غير لازمة قبل القبض ، فلا خيار فيها(٥) . وإذا قبض فإن لم يكن فيها ثواب ، فلا خيار فيها ؛ لأنّه قصد التبرّع ، فلا معنى لإثبات الخيار فيها.

وإن وهب بشرط الثواب أو مطلقاً وقلنا : أنّه يقتضي الثواب ، فيه وجهان :

أظهرهما : أنّه لا خيار فيها ؛ لأنّها لا تسمّى بيعاً ، ولفظ الهبة لفظ الإرفاق ، فلا يثبت بمقتضاه الخيارُ.

والثاني : أنّه يثبت فيها خيار المجلس وخيار الشرط(٦) .

وقال بعضهم : إنّه لا يثبت خيار الشرط ، وفي خيار المجلس‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

(٢-٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

(٥) المهذّب للشيرازي ١ : ٤٥٤ ، التهذيب للبغوي ٤ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٦ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٣٧ ، المجموع ٩ : ١٧٧ ١٧٨.

(٦) التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

١٧

قولان(١) .

وأمّا الوصيّة : فلا خيار فيها ؛ لأنّه بالخيار إلى أن يموت ، وإذا(٢) مات فات.

وأمّا القسمة : فلا خيار فيها ، سواء تضمّنت ردّاً أو لا ؛ لأنّها ليست بيعاً.

وقال الشافعي : يثبت الخيار إن تضمّنت ردّاً. وإن لم تتضمّن ، فإن جرت بالإجبار ، فلا خيار فيها. وإن جرت بالتراضي ، فإن قلنا : إنّها إفراز حقّ ، لم يثبت خيار. وإن قلنا : إنّها بيع ، فكذلك في أصحّ الوجهين(٣) .

وأمّا النوع الثاني - وهو الوارد على المنفعة فمنه النكاح ، ولا يثبت فيه خيار المجلس ؛ للاستغناء عنه بسبق التأمّل غالباً. ولأنّه لا يقصد فيه العوض.

وأمّا الصداق : فلا يثبت فيه خيار المجلس عندنا ؛ لأنّه ليس ببيع.

وللشافعيّة قولان :

أحدهما : ما قلناه ؛ لأنّه أحد عوضي النكاح ، وإذا لم يثبت في أحد العوضين لم يثبت في الآخر. ولأنّ المال تبع [ في ](٤) النكاح ، وإذا لم يثبت الخيار في المتبوع لم يثبت في التابع.

والثاني : يثبت ؛ لأنّ الصداق عقد مستقلّ.

ومنهم مَنْ قال : يثبت فيه خيار الشرط. فعلى هذا إن فسخ ، وجب مهر المثل.

____________________

(١) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٣.

(٢) في « ق ، ك » : « فإذا ».

(٣) التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٣ ٢٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ١٧٨.

(٤) أضفناها من المصدر. وفي الطبعة الحجريّة : « يتبع النكاح ».

١٨

وعلى هذين الوجهين ثبوت خيار المجلس في عوض الخلع ، أحدهما : الثبوت ؛ لأنّه معاوضة ، وإذا فسخ ، بقي الطلاق رجعيّاً. وعدمُه ؛ لأنّ القصد منه الفرقة دون المال ، فأشبه النكاح(١) .

وأمّا الإجارة : فلا يثبت فيها خيار المجلس بنوعيها ، أعني المعيّنة ، وهي المتعلّقة بالزمان ، والتي في الذمّة ؛ لأنّها ليست بيعاً.

وقالت الشافعيّة : في ثبوت خيار المجلس فيها وجهان :

الثبوت ؛ لأنّها معاوضة لازمة ، كالبيع ، بل هي ضرب منه في الحقيقة.

وقال بعضهم بعدمه ؛ لأنّ عقد الإجارة مشتمل على غرر ؛ لأنّه عقد على معدوم والخيار غرر فلا يضمّ غرر إلى غرر(٢) .

وقال القفّال : إنّ الخلاف في إجارة العين ، أمّا الإجارة على الذمّة فيثبت فيها خيار المجلس لا محالة ؛ لأنّها ملحقة بالسَّلَم حتى يجب فيها قبض البدل في المجلس(٣) . وهو ممنوع.

وقال بعضهم : لا يثبت خيار الشرط ، ويثبت خيار المجلس في إجارة الذمّة كالإجارة المعيّنة. ولأنّ الغرر يقلّ في خيار المجلس ، بخلاف خيار الشرط(٤) .

____________________

(١) المهذّب للشيرازي ٢ : ٥٨ ، الوسيط ٣ : ١٠٣ ، الوجيز ٢ : ٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٣ و ٨ : ٢٥٥ ، المجموع ٩ : ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٢ ١٠٣ ، و ٥ : ٥٩٠.

(٢) المهذّب للشيرازي ١ : ٤٠٧ ، المجموع ٩ : ١٧٨ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٤ - ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣.

(٣) التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ ، المجموع ٩ : ١٧٨.

(٤) المهذّب للشيرازي ١ : ٤٠٧ ، حلية العلماء ٥ : ٤٠٤ ٤٠٥ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٢٩٥.

١٩

وعلى تقدير ثبوت الخيار في إجارة العين فابتداء المدّة يحسب من وقت انقضاء الخيار بالتفرّق أو من وقت العقد؟ قولان :

أحدهما : من وقت انقضاء الخيار ؛ لأنّ الاحتساب من وقت العقد يعطّل [ المنافع ](١) على المكري أو المكتري ، وعلى هذا لو أراد المكري أن يكريه من غيره في مدّة الخيار ، لم يجز وإن كان محتملاً في القياس.

والصحيح عندهم : أنّه يحسب من وقت العقد ؛ إذ لو حسب من وقت انقضاء الخيار ، لتأخّر ابتداء مدّة الإجارة عن العقد ، فيكون بمنزلة إجارة الدار السنة القابلة ، وهي باطلة عندهم.

وعلى هذا فعلى مَنْ تُحسب مدّة الخيار؟ إن كان قبل تسليم العين إلى المستأجر ، فهي محسوبة على المكري. وإن كان بعد التسليم ، فوجهان مبنيّان على أنّ المبيع إذا هلك في يد المشتري في زمن الخيار من ضمان مَنْ يكون؟

أصحّهما : أنّه من ضمان المشتري ، فعلى هذا فهي محسوبة على المستأجر ، وعليه تمام الأُجرة.

والثاني : أنّها من ضمان البائع ، فعلى هذا تُحسب على المكري ، ويحطّ من الاجرة بقدر ما يقابل تلك المدّة(٢) .

وأمّا المساقاة : فلا خيار فيها عندنا للمجلس ؛ لتعلّقه بالبيع وليست به.

ولا يثبت فيها خيار الشرط عند الشافعي(٣) ، كالإجارة المعيّنة المتعلّقة بالزمان ؛ لأنّها عقد على منفعة تتلف بمضيّ الزمان ، والمساقاة من‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من « العزيز شرح الوجيز ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ ، المجموع ٩ : ١٧٨.

(٣) المهذّب للشيرازي ١ : ٣٩٩.

٢٠