تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 130043
تحميل: 5011


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 130043 / تحميل: 5011
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

في التعرّض للأوصاف التي يعتني بها أهل البصر ، ويرغب فيها في الرقيق - كالكَحَل(١) والدَّعَج(٢) وتَكَلْثم(٣) الوجه وسمن الجارية - إشكال ينشأ من تسامح الناس بإهمالها ، ويعدّون ذكرها استقصاءً ، ومن أنّها مقصودة لا يورث ذكرها العزّة.

وللشافعيّة وجهان ، أظهرهما : عدم الوجوب(٤) .

وشرط بعض الشافعيّة الملاحة ؛ لأنّها من جملة المعاني ؛ إذ المرجع إلى ما يميل إليه طبع كلّ أحد(٥) .

والأظهر : عدم اعتبارها.

وكذا لا يجب التعرّض لجعودة الشعر وسبوطته.

مسألة ٤٥٥ : لا يشترط في الجارية ذكر الثيوبة والبكارة‌ إلّا مع اختلاف القيمة باختلافهما اختلافاً بيّناً.

وللشافعيّة قولان.

أحدهما : عدم الوجوب.

والثاني : الوجوب بناءً على اختلاف القيمة هل يتحقّق بهما أو لا؟(٦) .

ولو شرط كون العبد يهوديّاً أو نصرانيّاً ، جاز ، كشرط الصنعة.

فإن دفع إليه مسلماً ، احتمل وجوب القبول ؛ لأنّه أجود ويجب قبول الأجود. والعدم ؛ لأنّه قد يرغب إلى الكافر ؛ لاتّساع العاملين فيه.

____________________

(١) الكَحَل في العين : أن يعلو منابت الأجفان - الأشفار - سواد مثل الكُحْل من غير كُحْل. لسان العرب ١١ : ٥٨٤ « كحل ».

(٢) الدعج : شدّة سواد العين مع سعتها. لسان العرب ٢ : ٢٧١ « دعج ».

(٣) الكَلْثمة : اجتماع لحم الوجه. لسان العرب ١٢ : ٥٢٥ « كلثم ».

(٤-٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٠.

٣٠١

ولو شرط كونه ذا زوجة أو كون الجارية ذات زوج ، جاز إذا لم يندر وجوده ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

ولو شرط كونه سارقاً أو زانياً ، جاز قاله بعض الشافعيّة(٢) .

ولا بأس به ، لكنّ الأقرب أنّه لو أتاه بالسليم ، وجب القبول.

ولو شرط كون الجارية مغنّيةً أو عوّادة(٣) ، لم يجز ؛ لأنّها صناعة محظورة ، والسرقة والزنا اُمور تحدث ، كالعور وقطع اليد(٤) .

وفي الفرق إشكال.

مسألة ٤٥٦ : لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة ، جاز - وهو قول بعض الشافعيّة(٥) لأنّه حيوان يجوز السَّلَم فيه ، فجاز إسلاف بعضه في بعض ، كالإبل.

وقال أبو إسحاق من الشافعيّة : لا يجوز ؛ لأنّها قد تكبر في المحلّ وهي بالصفة المشترطة ، فيسلّمها بعد أن يطأها ، فتكون في معنى استقراض الجواري(٦) .

وهو غلط ؛ لأنّ الشيئين إذا اتّفقا في إفادة معنىً ما ، لم يلزم اتّحادهما ، على أنّا نمنع حكم الأصل ؛ فإنّ استقراض الجواري جائز عندنا على ما يأتي ، وإذا اشترى جارية ووطئها ثمّ وجد بها عيباً ، ردّها ، ولا يجري مجرى الاستقراض. ولأنّه يجوز إسلاف صغار الإبل في كبارها ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٠ - ٢٦١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٤ - ٤١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦١.

(٣) في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٥ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٦١ : « قوّادة ». والعوّادة : التي تضرب بالعود الذي هو آلة من المعازف. القاموس المحيط ١ : ٣١٩ « عود ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦١.

(٥و٦) حلية العلماء ٤ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦١.

٣٠٢

فجاز في الرقيق.

إذا تقرّر هذا ، فلو جاء بالجارية الصغيرة وقد كبرت على الصفات المشترطة ، وجب على المشتري القبول ؛ لأنّ المثمن موصوف وهي بصفته. ولأنّه قد جاء بما عليه على الوجه الذي عليه ، فيجب عليه قبوله ، كغيره من الأسلاف ، وهو أحد قولي الشافعيّة(١) .

والثاني : لا يجوز ، وإلّا لزم اتّحاد الثمن والمثمن(٢) .

واستحالته هنا ممنوعة ، ولم يتّحد في أصل العقد ، والمحال إنّما هو ذلك ، وعلى هذا لا فرق بين أن تكون الجارية صغيرةً أو كبيرةً في كبيرة بصفتها ، وإذا وطئها ، فلا مبالاة بالوطي ، كوطي الثيّب وردّها بالعيب.

مسألة ٤٥٧ : ويجب في الإبل ما يجب [ ذكره ] في مطلق الحيوان‌ من النوع والذكورة والاُنوثة واللون ، كالأحمر والأسود والأزرق ، والسنّ ، كابن مخاض أو بنت لبون أو غير ذلك ، ويزيد : من نتاج بني فلان ونَعَمهم إذا كثر عددهم وعرف بهم نتاج ، كطي وبني قيس.

ولو نسب إلى طائفة قليلة ، لم يجز ، كما لو نسب الثمرة إلى بستانٍ بعينه.

ولو اختلف نتاج بني فلان وكان فيها أرحبيّة(٣) ومُجَيْديّة(٤) ، فلا بدّ‌

____________________

(١و٢) حلية العلماء ٤ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦١.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦١.

(٣) أرحب : حيّ أو موضع ينسب إليه النجائب الأرحبيّة. لسان العرب ١ : ٤١٦ « حرب ».

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : محدثة. والصحيح ما أثبتناه. قال الفيّومي في المصباح المنير : ٥٦٤ : الإبل المـُجَيْديّة على لفظ التصغير. ونقل عن الأزهري أنّها من إبل اليمن كالأرحبيّة.

٣٠٣

من التعيين - وهو أظهر قولي الشافعيّة(١) - لأنّ الأنواع مقصودة ، فوجب ذكرها. والآخر : لا يجب ؛ لأنّ الإنتاج إذا كان واحداً ، تقارب ولم يختلف(٢) .

مسألة ٤٥٨ : ويجب في الخيل ما يجب ذكره في مطلق الحيوان‌ من الاُمور الأربعة وما يجب في الإبل ، فإنّ لها نتاجاً كنتاج الإبل ، ولا يجب ذكر الشيات(٣) ، كالأغرّ والمحجَّل ، فإن ذكرها ، وجب له ذلك. ولو أهمل ، جاز وحمل قوله : « أشقر » أو « أدهم » على البهيم ؛ لأنّ قوله : « أسود » أو « أشقر » يقتضي كون اللون كلّه ذلك ؛ لأنّه الحقيقة.

مسألة ٤٥٩ : البغال والحمير لا نتاج لها ، فلا يبيّن نوعهما‌ بالإضافة إلى قوم ، بل يصفهما وينسبهما إلى بلادهما ، ويصفهما بكلّ وصف تختلف به الأثمان.

وأمّا الغنم فإن عرف لها نتاج ، فهي كالإبل. وإن لم يعرف لها نتاج ، نسبت إلى بلادها. وكذا البقر.

ولو أسلم في شاة حامل أو معها ولدها أو بقرة كذلك ، جاز ، خلافاً للشافعي(٤) .

ولو أسلم في شاة لبون ، صحّ ؛ لأنّه وصف مميّز ، فجاز كغيره.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، ويكون ذلك شرطاً يتميّز به ، ولا يكون سَلَماً في لبن. والثاني : لا يجوز ؛ لأنّه بمنزلة السلف في حيوان معه لبن مجهول ، فلا يجوز(٥) . وهو ممنوع.

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦١.

(٣) الشية : كلّ لون يخالف معظم لون الفرس وغيره. والجمع : شياة. الصحاح ٦ : ٢٥٢٤ « وشى ».

(٤) التهذيب – للبغوي - ٣ : ٥٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥٩.

(٥) المهذّب – للشيرازي - ١ : ٣٠٥ ، حلية العلماء ٤ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥٩.

٣٠٤

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا يلزمه تسليم اللبن ، بل له أن يحلبها ويسلّمها ، فإنّ الواجب ما من شأنه ذلك.

مسألة ٤٦٠ : هل يجوز السَّلَم في الطيور؟ الأقرب : ذلك‌ إن أمكن ضبطها بالوصف كالنَّعَم وغيرها.

وللشافعيّة فيه قولان ، أحدهما : الجواز كالنَّعَم. والثاني : المنع ؛ لأنّه لا يمكن ضبط سنّها ، ولا يعرف قدرها بالذرع(١) .

ويمنع اشتراطهما فيها.

وعلى ما قلناه من الجواز يذكر النوع ، ويصفه بالصغر والكبر من حيث الجثّة ، ولا يكاد يعرف سنّها ، فإن عرف ، ذكره.

ويجوز السَّلَم في السمك والجراد حيّاً وميّتاً عند عموم الوجود ، ويوصف كلّ جنس من الحيوان بما يليق به.

مسألة ٤٦١ : ويصف اللبن بما يميّزه عن غيره‌ من ذكر النوع أوّلاً ومن اللون ، ونوع العلف ، كالعوادي - وهي التي ترعى ما حلاً من النبات - والأوارك(٢) ، وهي التي تقمّ في الحمض ، وهو كلّ نبات فيه ملوحة ، فتسمّى حمضيّة ، وتختلف ألبانها بذلك ، فلا بدّ من التعرّض له ، ويذكر معلوفة أو راعية ؛ لاختلاف اللبن بهما. والإطلاق يقتضي الحلاوة والطراوة ، فلا يحتاج أن يقول : حليب يومه ، أو حلواً.

وأمّا السمن فيجب أن يذكر جنس حيوانه ، فيقول : سمن بقر أو ضأن‌

____________________

(١) المهذّب – للشيرازي - ١ : ٣٠٥ ، التهذيب – للبغوي - ٣ : ٥٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٢.

(٢) في « س » والطبعة الحجريّة : « والأوراك ». وفي « ي » : « والإدراك ». والكلّ غلط ، والصحيح ما أثبتناه. والإبل الأوارك : التي اعتادت أكل الأراك. وهو شجر من الحمض. لسان العرب ١٠ : ٣٨٩ « أرك ».

٣٠٥

أو معز ، وبمكّة : سمن ضأن نجديّة ، وسمن ضأن تهاميّة ، ويتباينان في الطعم واللون والثمن ، فيجب ذكره أبيض أو أصفر ، وأنّه حديث أو عتيق. وإطلاقه يقتضي الحديث ؛ لأنّ العتيق معيب.

وقيل(١) : إن كان متغيّراً ، وإلّا فلا ، إنّما يصلح للجراح.

ويذكر الجيّد والردي والقدر وزناً.

وأمّا الزُّبْد فيذكر فيه ما ذكر في السمن ، وأنّه زُبْد يومه أو أمسه ؛ لأنّه يختلف بذلك. ولا يجوز أن يعطيه زُبْداً أُعيد في السقا وطرّي ، فإن أعطاه ما فيه رقّة ، فإن كان لحَرّ الزمان ، قبل. وإن كان لعيب ، لم يقبل.

وأمّا الجبن فيصفه بما تقدّم ويقول : رطب ، أو يابس ، حديث ، أو عتيق. ويذكر بلده ؛ لاختلافه باختلاف البلدان.

وأمّا اللِّبَأ فيوصف بما يوصف به اللبن إلّا أنّه يوزن. ويجوز السَّلَم فيه قبل الطبخ إذا كان حليباً. ويذكر لونه ؛ لأنّه يختلف.

وأمّا إذا طُبخ بالنار ، فعندنا يجوز السَّلَم فيه مع إمكان ضبطه ، خلافاً لبعض الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : يجوز ؛ لأنّ النار التي تكون فيه لينة لا تعقد أجزاءه(٣) .

والأوّل أشهر عندهم(٤) ؛ لأنّ النار تختلف فيه ويختلف باختلافها.

مسألة ٤٦٢ : يجب أن يذكر في الثياب الجنس‌ من قطن أو كتّان ، والبلد الذي ينسج فيه ، كبغداديّ أو رازيّ أو مصريّ إن اختلف به الغرض ،

____________________

(١) القائل هو القاضي أبو الطيّب ، كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٦٥ ، وانظر حلية العلماء ٤ : ٣٧٠.

(٢و٣) المهذّب – للشيرازي - ١ : ٣٠٤ ، التهذيب – للبغوي - ٣ : ٥٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ٣٧٠.

(٤) اُنظر : حلية العلماء ٤ : ٣٧٠.

٣٠٦

والطول والعرض ، والصفاقة والرقّة ، والغِلَظ والدقّة ، والنعومة أو الخشونة ، والجودة والرداءة. وقد يغني(١) ذكر النوع عن البلد والجنس إن دلّ عليهما ، ولا يذكر مع هذه الأوصاف الوزنَ ، فإن ذكره ، جاز ، وهو قول بعض الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : لا يجوز ؛ لأنّ اشتراط الوزن مع هذه الأوصاف يوجب العزّة ؛ لبُعْد اتّفاقه(٣) .

وهو ممنوع ؛ فإنّه يجوز في الأواني.

وإن ذكر الخام أو المقصور ، جاز. وإن أطلق ، أعطاه ما شاء ؛ لتناول الاسم له ، والاختلاف به يسير ، وبه قال الشافعي(٤) .

وإن ذكر جديداً مغسولاً ، جاز. وإن ذكر لبيساً مغسولاً ، لم يجز ؛ لاختلاف اللُّبْس ، فلا ينضبط.

ولو شرط أن يكون الثوب مصبوغاً ، جاز مع تعيين اللون مطلقاً عندنا.

وقال الشافعي : إن كان يصبغ غزله ، جاز ؛ لأنّ ذلك من جملة صفات الثوب. وإن صبغ بعد نسجه ، لم يجز ؛ لأنّه يصير في معنى السَّلَم في الثوب والصبغ المجهول. ولأنّ صبغ الثوب يمنع من الوقوف على نعومته وخشونته(٥) .

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « مضى » بدل « يغني ». وذلك تصحيف. والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المهذّب – للشيرازي - ١ : ٣٠٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٦٦.

(٣) المهذّب – للشيرازي - ١ : ٣٠٦ ، التهذيب – للبغوي - ٣ : ٥٧٥ ، حلية العلماء ٤ : ٣٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٠٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٦.

(٥) المهذّب – للشيرازي - ١ : ٣٠٥ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٥٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ٣٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٦.

٣٠٧

والوجهان باطلان ؛ لأنّ السَّلَم في المجموع لا يستلزم انعقاده بالتفصيل في الأجزاء ، ولو كان السَّلَم في مجموع الثوب والصبغ ، لكان كذلك وإن كان الصبغ في الغزل ، وأيّ فرق بينهما؟ والنعومة والخشونة تُدركان مع الصبغ وعدمه ؛ إذ ذلك ليس جوهراً قائماً في المصبوغ مانعاً من إدراكه ، ولو جاز ذلك ، لما صحّ السلف في الغزل المصبوغ ولا في الغزل المنسوج.

والأقرب : جواز السلف في الثياب المخيطة ، كالقميص والسروال إذا ضبط بالطول والعرض والسعة.

مسألة ٤٦٣ : ويصف الكرسف - وهو القطن - بنسبة(١) البلد ، كالبصريّ والموصليّ ، واللون ، كالأبيض والأسمر ، والنعومة والخشونة ، والجيّد والردي ، وكثرة لحمه وقلّته ، وطول العطب(٢) وقصرها ، وكونه عتيقاً أو حديثاً إن اختلف الغرض به. ويصف القدر بالوزن ، فإن شرط منزوع الحَبّ ، جاز. وإن أطلق ، كان له بحَبّه ؛ لأنّ الحَبّ فيه بمنزلة النوى في التمر. والمطلق يحمل على الجافّ.

ويجوز السَّلَم في الحليج وفي حبّ القطن ، ولا يجوز في القطن في الجوزق(٣) قبل التشقّق ؛ لعدم معرفته. ويجوز بعده.

وللشافعيّة قولان ، هذا أحدهما ، وأظهرهما عندهم : العدم ؛ لاستتار المقصود بمالا مصلحة فيه(٤) .

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « نسبة ».

(٢) العطب : القطن. لسان العرب ١ : ٦١٠ « عطب ».

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « الجوز ». ولم نعثر في اللغة على كلمة « الجوز » بهذا المعنى ، والصحيح ما أثبتناه.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٦.

٣٠٨

ويجوز السَّلَم في الغزل ، ويصفه بما ذكرناه إلاّ الطول والقصر ، ويزيد فيه : دقيقاً أو غليظاً. ويجوز السَّلَم في غزل(١) الكتّان ، ويجوز شرط كون الغزل مصبوغاً ، وبه قال الشافعي وإن منع في الثوب(٢) .

مسألة ٤٦٤ : يذكر في الإبريسم البلد ، فيقول : خوارزميّ ، أو بغداديّ. ويصف لونه ، فيقول : أبيض أو أصفر. ويذكر الجودة أو الرداءة ، والدقّة أو الغِلَظ. ولا يحتاج إلى ذكر النعومة أو الخشونة ؛ لأنّه لا يكون إلّا ناعماً.

وهل يجوز السلف في القزّ وفيه دودة؟ الأقرب عندي : ذلك ، ويكون الدود جارياً مجرى النوى في التمر.

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّه إن كان حيّاً ، لم يكن فيه مصلحة في كونه فيه ، فإنّه يقرضه ويفسده. وإن كان ميّتاً ، فلا يجوز بيعه ، والقزّ دونه مجهول. وإن كان قد خرج منه الدود ، جاز السَّلَم فيه(٣) .

مسألة ٤٦٥ : يجب أن يذكر في الصوف سبعة أوصاف : البلد ، كالحلوانيّ والحلبيّ أو غير ذلك. واللون ، كالأبيض والأسود والأحمر ، وطويل الطاقات أو قصيرها ، وصوف الذكورة أو الإناث ؛ لأنّ صوف الإناث أنعم ، فيستغنى بذلك عن ذكر النعومة والخشونة. ويذكر الزمان ، فيقول : خريفيّ أو ربيعيّ ؛ لأنّ الصوف الخريفيّ أنظف ؛ لأنّه عقيب الصيف. ويذكر الجودة أو الرداءة. ويذكر مقداره وزناً ، ولا يقبل إلّا نقيّاً من الشوك والبعر. وإن شرط كونه مغسولاً ، جاز. فإن عابه الغسل ، فالأقوى عندي : الجواز ، خلافاً للشافعي(٤) .

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « عود » بدل « غزل ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١٩ - ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٥.

٣٠٩

وكذا الوبر والشعر يجوز السلف فيهما كالصوف ، ويضبط بالأوصاف والوزن.

مسألة ٤٦٦ : الخشب أنواع ، منه الحطب المتّخذ للوقود ، ويذكر نوعه من الطرفاء والخلاف والأراك والعرعر وغير ذلك ؛ لاختلاف الأغراض بسببه ، ويذكر الدقّة والغِلَظ ، أو الوسط ، واليبوسة أو الرطوبة(١) ، والجودة أو الرداءة ، ويذكر مقداره بالوزن ، وأنّه من نفس الشجر أو أغصانه ، ولا يجب التعرّض للرطوبة والجفاف ، فالمطلق يحمل على الجافّ ، ويجب قبول المعوج والمستقيم ؛ لأنّهما واحد.

ومنه خشب البناء ، فيذكر نوعه من التوت أو الساج ، والطول ، والغلظ والدقّة ، والرطوبة أو اليبوسة ، فإن كان يختلف لونه ، ذكره ، ويصف طوله وعرضه إن كان له عرض ، أو دوره أو سمكة ، والجودة والرداءة ، فإن ذكر وزنه ، جاز ، ولا يحتاج إليه ، خلافاً لبعض الشافعيّة(٢) . وإن لم يذكر سمحاً ، جاز ، وليس له العُقد ؛ لأنّه عيب ، فإذا أسلم فيه ، لزمه أن يدفعه إليه من طرفه إلى طرفه بالعرض ، أو الدور أو السمك الذي شرطه ، فإن كان أحد طرفيه أغلظ ممّا شرطه(٣) ، فقد زاده خيراً. وإن كان أدقّ ، لم يجب عليه أخذه.

وإن كان الخشب من الجذوع ، وجب ذكر نوعها ، فإنّ البادرايا والإبراهيمي والفحل والدقل أصلب من غيرها(٤) .

____________________

(١) كذا ، والظاهر زيادة جملة « واليبوسة أو الرطوبة » لأنّ المؤلّفقدس‌سره سيذكر عدم وجوب التعرّض للرطوبة والجفاف.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « شرط ».

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « غيره ». والصحيح ما أثبتناه.

٣١٠

ولا يجوز السَّلَم في المخروط ؛ لاختلاف أعلاه وأسفله.

ومنه : عيدان القسيّ والسهام. ويجب ذكر النوع من نَبْع(١) أو غيره ، والدقّة أو(٢) الغِلَظ.

وقال بعضهم : يجب أن يذكر أنّها جبليّة أو سهليّة ؛ لأنّ الجبليّ أصلح وأقوى لها(٣) .

وبعضهم أوجب فيه وفي خشب البناء التعرّض للوزن(٤) (٥) .

ويذكر قِدَم نباتها وحدوثه.

ومنه ما يصلح للنصب ، فيذكر نوعه ، كالآبنوس ، ولونه ، وغِلَظه أو دقّته ، وسائر ما يحتاج إلى معرفته بحيث يخرج من حدّ الجهالة.

ومنه ما يطلب ليغرس ، فيسلم فيه بالعدد ، ويذكر النوع والطول والغِلَظ.

مسألة ٤٦٧ : أقسام الأحجار ثلاثة‌(٦) :

منها : ما يتّخذ للأرحية. ويجب أن يصفها بالبلد ، فيقول : موصليّ أو تكريتيّ. وإن اختلف نوعه ، ذكره. وكذا يذكر اللون إن اختلف. ويصف دوره وثخانته ، وجودته ورداءته. وإن ذكر وزنه ، جاز ، وكذا إن تركه.

وإن ذكره ، شرط وزنه بالقبّان إن أمكن. وإن تعذّر ، وُزن بالسفينة ، فيترك فيها وينظر إلى أيّ حدّ تغوص ثمّ يخرج ويوضع مكانه رمل وشبهه‌

____________________

(١) النَّبْعُ : شجر من أشجار الجبال تتّخذ منه القسيّ. لسان العرب ٨ : ٣٤٥ « نبع ».

(٢) في الطبعة الحجرية : « و» بدل « أو ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٧.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « للّون » بدل « للوزن ». وما أثبتناه من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٧.

(٦) أقسام الأحجار ، المذكورة هنا أكثر من ثلاثة.

٣١١

حتى تغوص السفينة إلى الحدّ الذي غاصت ، ثمّ يخرج ذلك ويوزن فيعرف وزن الحجارة.

ومنها : ما يتّخذ للبناء ، فيذكر نوعها ولونها من البياض أو الخضرة ، ويصف عظمها ، فيقول : ما يحمل البعير منها اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً على سبيل التقريب ؛ لتعذّر التحقيق. ويصف الوزن مع ذلك ، والجودة والرداءة.

ويجوز السَّلَم في الأحجار الصغار التي تصلح للمنجنيق ، ولا يجوز إلّا وزناً ، وينسبها إلى الصلابة ، ولا يقبل المعيب.

ومنها : الرخام ، ويذكر نوعه ، ولونه وصفاءه ، وجودته أو رداءته ، وطوله وعرضه إن كان له عرض ، و(١) دوره إن كان مدوّراً ، وثخانته. وإن كان له خطوط مختلفة ، ذكرها.

ومنها : حجارة الأواني ، فيذكر نوعها ، كبِرام طوسيّ أو مكّيّ ، وجودتها ورداءتها وجميع ما يختلف الثمن باختلافه وقدره وزناً.

ومنها : البلور ، ويصفه بأوصافه.

ويجوز السَّلَم(٢) في الآنية المتّخذة منها ، فيصف طولها وعرضها وعمقها وثخانتها وصنعتها إن اختلفت ، فإن وزن مع ذلك ، كان أولى.

ومنها : حجارة النورة والجصّ ، وينسبها إلى أرضها ، فإنّها تختلف بالبياض أو السمرة ، ويذكر الجودة أو الرداءة.

وإن أسلف في النورة والجصّ ، يذكر كيلاً معلوماً ، ولا يجوز إجمالاً. وليس له أخذ الممطور منها وإن يبس ؛ لأنّه عيب.

ومنها : الآجُرّ ، ويصف طوله وعرضه وثخانته.

____________________

(١) في « ي » والطبعة الحجريّة : « أو » بدل « و».

(٢) في « س » : « السلف » بدل « السَّلَم ».

٣١٢

وفي وجهٍ للشافعي : المنع من السلف فيه ؛ لأنّ النار مسّته(١) .

ويصف اللِّبْن بالطول والعرض والثخانة.

ولو أسلف(٢) في اللِّبْن وشرط طبخه ، جاز. والمرجع في ذلك إلى العادة.

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّه لا يعرف قدر ما يذهب في طبخه من الحطب. ولأنّه قد يتلَهْوَج(٣) ويفسد(٤) . وليس بشي‌ء.

مسألة ٤٦٨ : ويصف أنواع العطر بما يميّز كلّ واحد منها عن صاحبه ، فيذكر لون العنبر : أبيض أو أشهب أو أخضر. وإن اختلف في البلدان ، قال : عنبر بلد كذا. ويذكر الجودة أو الرداءة.

ويذكر قطعة وزنها كذا إن وجد من الإقطاع بذلك الوزن. فإن شرط قطعة ، لم يجبر على أخذ قطعتين. وإن أطلق ، كان له أن يعطيه صغاراً أو كباراً.

وأمّا العود فيتفاوت نوعه ، فيجب ذكره ، كالهنديّ وغيره. ويذكر كلّ ما يعرف به ، والجودة أو الرداءة. وكذا الكافور ، والمسك ، ولا يجوز السَّلَم في فأره ؛ لأنّ بيعه بالوزن.

مسألة ٤٦٩ : ويجوز السَّلَم في الُّلبان‌(٥) والمصطكي والصمغ العربي وصمغ الشجر(٦) كلّه ، فإن كان منه في شجرة واحدة - كالُّلبان - وصفه بأنّه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٨.

(٢) في « س » : « أسلم » بدل « أسلف ».

(٣) أي : لم ينعم طبخه. لسان العرب ٢ : ٣٦٠ « لهج ».

(٤) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٥) اللُّبان : الكندر. لسان العرب ١٣ : ٣٧٧ « لبن ».

(٦) في الطبعة الحجريّة : « الشجرة ».

٣١٣

أبيض ، وأنّه غير ذكر ، فإنّ منه شيئاً يعرفه أهل العلم به يقولون : إنّه ذكر إذا مضغ فسد.

وما كان منه في شجرٍ شتّى - كالغراء - وصف شجره.

ويوزن فيه شي‌ء من الشجر ، ولا يوزن الشجرة إلّا محضة(١) .

والطين الأرمني وطين البحيرة والمختوم يدخلان في الأدوية. ويوصف جنسه ولونه وجودته أو رداءته ، ويذكر الوزن.

وإن كانت معرفته عامّةً ، جاز السلف فيه وإن خفي عن المسلمين إذا عرفه غيرهم.

وقال الشافعي : إن لم يعرفه المسلمون ، لم يجز. وأقلّهم عَدْلان يشهدان على تميّز(٢) الأرمني عن غيره من الطين الذي بالحجاز وشبهه(٣) .

مسألة ٤٧٠ : يصف الرصاص بالنوع ، فيقول : قلعي أو اُسْرُبّ ، والنعومة أو الخشونة ، والجودة أو الرداءة ، واللون إن كان يختلف ، والوزن.

ويصف الصفر بالنوع من شَبَهٍ وغيره ، واللون ، والخشونة أو النعومة ، والوزن.

وكذا يصف النحاس والحديد ، ويزيد في الحديد : الذكر أو الاُنثى ، والذكر أكثر ثمناً ؛ فإنّه أحدّ وأمضى.

وأمّا الأواني المتّخذة منها فيجوز السَّلَم فيها – وبه قال الشافعي(٤) - فيسلم في طشت أو تَوْر من نحاس أحمر أو أبيض أو شَبَهٍ أو رصاص أو‌

____________________

(١) كذا ، والظاهر أنّ العبارة هكذا : « ولا يوزن فيه شي‌ء من الشجر ، ولا توزن الصمغة إلّا محضة ».

(٢) في الطبعة الحجريّة : « تمييز ».

(٣) الاُمّ ٣ : ١١٧.

(٤) الاُمّ ٣ : ١٣١.

٣١٤

حديد ، ويذكر سعةً معروفة ، ويذكر معه الوزن.

ولو لم يذكره ، قال الشافعي : يصحّ ، كما يصحّ أن يبتاع ثوباً بصفة(١) (٢) .

والأقرب : أنّه شرط.

ومَنَع بعض الشافعيّة السَّلَم في القماقم والسطول المقدرة(٣) والمراجل ؛ لاختلافها ، فإنّ القمقمة بدنها واسع وعنقها ضيّق(٤) .

وقال آخرون منهم بجوازه ؛ لإمكان وصفه ، وعدم التفاحش في اختلافه(٥) .

ولو ابتاع أواني من شجر معروف ، صحّ مع إمكان ضبطه وسعته وقدره من الكبر والصغر والعمق ، ويصفه بأيّ عمل ، وبالثخانة أو الرقّة. وإن شرط وزنه ، كان أولى.

مسألة ٤٧١ : التمر أنواع ، فيجب في السَّلَم فيه ذكر النوع ، كالبرنيّ والمعقليّ. وإن(٦) اختلفت البلدان في الأنواع ، وجب النسبة إليها ، فيقال : برنيّ بغداد أحلى من برنيّ البصرة ، وآزاد الكوفة خير من آزاد بغداد.

ويذكر اللون إن اختلف النوع ، كالمكتوم والطبرزد منه أحمر وأسود.

ويصفه بالصغر والكبر ، والجودة والرداءة ، والحداثة والعتق ، فإن‌

____________________

(١) في « س ، ي » : « يصفه ».

(٢) الاُمّ ٣ : ١٣١.

(٣) كذا ، والظاهر : « المدوّرة » بدل « المقدرة ».

(٤) التهذيب – للبغوي - ٣ : ٥٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٨ ، منهاج الطالبين : ١١٢ ، وانظر : حلية العلماء ٤ : ٣٧٠.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٣٦٩.

(٦) في « س ، ي » : « فإن » بدل « وإن ».

٣١٥

قال : عتيق عام أو عامين ، كان أحوط. وإن لم يذكر ، جاز ، ويعطيه ما يقع عليه اسم العتيق غير متغيّر ولا مسوّس ، فيصف التمر بستّة : النوع ، والبلد ، واللون ، والجودة أو الرداءة ، والحداثة أو العتق ، والصغر أو الكبر - وبه قال الشافعي(١) - لاختلاف الأثمان باختلاف هذه الأوصاف.

وقال أصحاب أبي حنيفة : يكفي أن يذكر الجنس والنوع والجودة ؛ لأنّ ذلك يشتمل على هذا(٢) .

مسألة ٤٧٢ : إذا أسلم في الرطب ، وصفه بما يصف التمر‌ إلّا الحداثة والعتق ؛ فإنّ الرطب لا يكون عتيقاً ، فإذا أسلم في الرطب ، لم يجبر على أخذ المذنَّب(٣) والبُسْر ، وله أن يأخذ ما أُرطب كلّه ، ولا يأخذ مشدّخاً ، وهو ما لم يترطّب فشدّخ ، ولا الناشف ، وهو ما قارب أن يتمر ؛ لخروجه من كونه رطباً. وكذا ما جرى مجراه من العنب والفواكه.

وقال بعض الشافعيّة : يجب التعرّض للحديث والعتيق في الرطب(٤) .

نعم ، يجوز أن يشترط لفظ « يومه » أو « أمسه » ويلزم ما شرط. وإن أطلق ، جازا معاً.

وأمّا التمر فلا يأخذه إلّا جافّاً ؛ لأنّه لا يكون تمراً حتى يجفّ. وليس عليه أن يأخذه معيباً ، ويرجع فيه إلى أهل الخبرة. ولا يجب تقدير المدّة‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٣٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٤ ، منهاج الطالبين : ١١٢.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٣٦٤.

(٣) المذنّب من البُسْر : الذي قد بدا فيه الأرطابُ من قِبَل ذَنَبِه. لسان العرب ١ : ٣٩٠ « ذنب ».

(٤) الوسيط ٣ : ٤٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٤.

٣١٦

التي مضت عليه. ويأخذه مكبوساً. ولا يأخذ ما عطش فأضرّ به العطش ، ولا الفطير الذي لا يتناهى تشميسه.

مسألة ٤٧٣ : يصف الحنطة باُمور ستّة : البلد ، فيقول : شاميّة أو عراقيّة ، فإن أطلق ، حُمل على ما يقتضيه العرف إن اقتضى شيئاً ، وإلّا بطل ، ويقول : محمولة أو مولدة ، يعني محمولة من البلد الذي تنسب إليه ، أو تكون مولدة في غيره. ويذكر الحداثة والعتق ، والجيّد أو الردي‌ء. واللون ، كالحمراء أو البيضاء أو الصفراء وإن اختلفت بالحدارة ، وهو امتلاء الحَبّ ، أو الدقّة وصفائه ، ويذكر الصرابة أو ضدّها.

وينبغي أن يذكر القويّ أو ضدّه ، والاُنوثة أو ضدّها ، والحداثة أو العتق(١) .

وإذا أسلف في الدقيق ، ضبطه بالوصف. ولو أسلم في طعام على أن يطحنه ، جاز ، خلافاً للشافعي(٢) .

والعَلَس قيل : إنّه جنس من الحنطة ، حبّتان في كمام فيترك كذلك ؛ لأنّه أبقى له حتى يراد استعماله ليؤكل(٣) .

وحكمه حكم الحنطة في كمامها لا يجوز السلف فيه إلّا ما يلقى(٤) عنه كمامه - عند الشافعيّة(٥) - لاختلاف الكمام ، ولغيبوبة الحبّ فلا يُعرف.

والأولى : الجواز ، ويبنى فيه على العادة. وله السليم.

____________________

(١) الظاهر زيادة جملة : « والحداثة أو العتق » حيث ذكرهما المصنّفقدس‌سره آنفاً.

(٢) الاُمّ ٣ : ١٣٠.

(٣) الاُمّ ٣ : ١٠٣.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « إلّا ما يتلف » بدل « إلّا ما يلقى ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) الاُمّ ٣ : ١٠٣.

٣١٧

وكذا حكم كلّ صنف من الحبوب من اُرز أو دخن أو سلت يوصف كما توصف الحنطة [ ويطرح(١) ] كمامه دون قشره عند الشافعيّة(٢) .

وعندنا الأقرب : جوازه.

وكذا يصف الشعير بما يصف به الحنطة.

مسألة ٤٧٤ : ويصف العسل بالبلد ، كالجبليّ والمكّي والبلديّ. والزمان ، كالربيعيّ والخريفيّ والصيفيّ. واللون ، كالأبيض والأصفر. والجودة والرداءة. وله عسل صافٍ من الشمع ، سواء صفّي بالنار أو بغيرها. ويجب عليه قبوله.

وقال الشافعي : لا يجبر على قبول ما صفّي بالنار ؛ لأنّ النار تغيّر طعمه فتنقصه ، ولكن يصفّيه بغير نار(٣) .

وقال بعضهم : إن صفّي بنار لينة ، لزمه أخذه(٤) .

وإن جاءه بعسل رقيق ، رجع إلى أهل الخبرة ، فإن أسندوا الرقّة إلى الحَرّ ، لزمه قبوله. وإن أسندوها إلى العيب ، لم يُجبر على قبوله.

ولو شرطه بشمعه غير صافٍ منه ، جاز ، وكان بمنزلة النوى.

مسألة ٤٧٥ : قد بيّنّا أنّه يجوز اشتراط الجودة والرداءة ، بل يجب ؛ لاختلاف(٥) في القيمة بأعيانهما.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « بطرح ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) الاُمّ ٣ : ١٠٤.

(٣) الاُمّ ٣ : ١٠٦.

(٤) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٥) كذا ، والظاهر : للاختلاف.

٣١٨

ولا يجوز اشتراط الأجود إجماعاً ؛ لعدم انحصاره ؛ فإنّه ما من متاع إلّا ويمكن وجود ما هو أجود منه.

وفيه إشكال ؛ لإمكان ضبطه في بعض الأمتعة ، كالطعام ، فإنّه قد تتناهى جودته.

وأمّا إن شرط الأردأ ، فقال بعض(١) فقهائنا وبعض(٢) الشافعيّة : إنّه يجوز ؛ لأنّه بأيّ طعام أتاه لزمه أخذه ؛ لأنّه إن كان أردأ(٣) ، وجب قبوله. وإن كان غيره أردأ منه ، وجب قبوله أيضاً ؛ لأنّه إذا دفع فوق حقّه في الوصف ، وجب عليه قبوله ، فلا يؤدّي إلى التنازع والاختلاف.

والحقّ : المنع أيضاً هنا ؛ لأنّ الأردأ غير مضبوط حالة العقد ، والمبيع يجب أن يكون مضبوطاً حالة العقد ، فينتفي شرط صحّة البيع ، فتنتفي الصحّة.

البحث الثالث : في شرط كون المـُسْلَم فيه دَيْناً.

يشترط في المـُسْلَم فيه عندنا كونه دَيْناً ؛ لأنّ لفظ السَّلَم والسلف موضوع للدَّيْن ، فلو قال : بعتك هذه السلعة سَلَماً ، وهي مشاهدة ، لم يصح ؛ لاختلال اللفظ.

أمّا لو قال : أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد ، فليس بسَلَمٍ أيضاً ، فإن قصد بلفظ السَّلَم مطلق البيع ، احتُمل الانعقادُ ؛ لجواز إرادة‌

____________________

(١) لم نتحقّقه.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٠٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٩.

(٣) في « س » : « لأنّه إن كان الواجبَ » بدل « لأنّه إن كان أردأ ».

٣١٩

المجاز مع القرينة. والمنعُ ؛ للاختلال ، وقد سبق.

وكذا يشترط فيه كون المـُسْلَم فيه مؤجّلاً ، فلا يجوز السلف الحالّ ، وقد تقدّم(١) .

البحث الرابع : إمكان وجود المـُسْلَم فيه عند الحلول.

مسألة ٤٧٦ : يشترط كون المـُسْلَم فيه موجوداً وقت الأجل‌ ليصحّ إمكان التسليم فيه.

وهذا الشرط ليس من خواصّ السَّلَم ، بل هو شرط في كلّ مبيع ، وإنّما تعتبر القدرة على التسليم عند وجوب التسليم ، سواء كان المبيع حالّاً أو مؤجّلاً ، فلو أسلم في منقطع عند المحلّ - كالرطب في الشتاء - لم يصح.

وكذا لو أسلم فيما يندر وجوده ويقلّ وقت الأجل حصوله ، كالرطب في أوّل وقته أو آخره ؛ لتعذّر حصول الشرط.

ولو غلب على الظنّ وجوده وقت الأجل لكن لا يحصل إلّا بمشقّة عظيمة ، كالقدر الكثير من الباكورة(٢) ، فالأقرب : الجواز ؛ لإمكان التحصيل عند الأجل وقد التزمه المسلم إليه.

وقال أكثر الشافعيّة : لا يجوز ؛ لأنّ السَّلَم عقد غرر ، فلا يحتمل فيه معاناة المشاقّ العظيمة(٣) .

مسألة ٤٧٧ : يجوز أن يسلم في شي‌ء ببلدٍ لا يوجد ذلك الشي‌ء فيه ،

____________________

(١) في ص ٢٦٤ ، المسألة ٤٢٧.

(٢) الباكورة من كلّ شي‌ء : المعجّل المجي‌ء والإدراك. والاُنثى : باكورة. لسان العرب ٤ : ٧٧ « بكر ».

(٣) الوسيط ٣ : ٤٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥١.

٣٢٠