نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٢

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 301

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف: الصفحات: 301
المشاهدات: 131128
تحميل: 4941


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 301 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131128 / تحميل: 4941
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 12

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الصفرية من الخوارج. وذكر أنه نحل ذلك الرأي إلى ابن عباس، وكان ذلك كذبه على ابن عباس.

وحدّثت عن مصعب الزبيري قال: كان عكرمة يرى رأي الخوارج، فطلبه بعض ولاة المدينة فتغيّب عند داود بن الحصين ومات عنده.

وذكر عن يحيى بن معين أنه قال: إنما لم يذكر مالك بن أنس عكرمة لأن عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

وقد اختلفوا في وقت وفاة عكرمة فقال بعضهم: توفي سنة ١٠٥.

ذكر محمد بن عمر أن ابنة عكرمة حدّثته أن عكرمة توفي سنة ١٠٥ وهو ابن ثمانين سنة. قال ابن عمر: وحدّثني خالد بن القاسم البياضي قال: مات عكرمة وكثير عزّة الشاعر في يوم واحد سنة ١٠٥ فرأيتهما جميعاً صلّي عليهما في موضع واحد بعد الظهر في موضع الجنائز فقال الناس: مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس.

قال: وقال غير خالد بن القاسم: وعجب الناس لاجتماعهما في الموت واختلاف رأيهما، عكرمة يظن به أنه يرى رأي الخوارج يكفر بالنظرة، وكثير شيعي يؤمن بالرجعة.

حدثني يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال: ثنا ابن بكير قال ثنا الدراوردي قال: توفي عكرمة وكثير عزّة الشّاعر بالمدينة في يوم واحد، فما حمل جنازتهما إلّا الزنج.

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: مات عكرمة في سنة ١٠٧.

وروى عن يحيى بن معين أنه قال: مات عكرمة سنة ١٠٥.

وكان عكرمة جوّالاً في البلاد، قدم البصرة فسمع منه أهلها، والكوفة فحمل عنه كثير ممّن بها، واليمن فكتب عنه بها كثير من أهلها، والمغرب فسمع منه به جماعة من أهله، والمشرق فكتب عنه به.

حدثني يحيى بن عثمان بن صالح قال ثنا نعيم بن حماد قال ثنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي قال: قدم علينا عكرمة خراسان فقلت له: ما أقدمك إلى بلادنا؟

٢٤١

قال: قدمت آخذ من دنانير ولاتكم ودراهمهم.

وأما أبو تميلة فإنه روى عن عبد العزيز بن أبي رواد قال قلت لعكرمة:

تركت الحرمين وجئت إلى خراسان؟ قال: أسعى على بناتي. غير أنّ وفاته كانت بمدينة رسول الله ».

وقال بتفسير:( وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ) الآية(١) من ( تفسيره ): « حدثنا ابن وكيع قال ثني أبي عن عبد الجبار بن ورد عن القاسم بن أبي بزة قال قال لي مجاهد: سل عنها عكرمة( وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ) . فسألته فقال: الإِخصاء. قال مجاهد: ماله؟ لعنه الله! فو الله لقد علم أنه غير الإِخصاء. ثم قال: سله، فسألته فقال عكرمة: ألم تسمع إلى قول الله تبارك وتعالى:( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ) ؟ قال: لدين الله. فحدثت به مجاهد فقال: ماله أخزاه الله ».

« حدثني المثنى قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا هارون النحوي قال ثنا مطر الوراق قال: ذكرت لمجاهد قول عكرمة في قوله( فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ) . فقال: كذب العبد( وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ) قال: دين الله ».

وقال الزمخشري بتفسير الآية(٢) من ( الكشاف ): « وقيل للحسن: أن عكرمة يقول: هو الخصاء. فقال: كذب عكرمة، هو دين الله ».

وقال الشهرستاني: « ولنختم المذاهب بذكر رجال الخوارج من المتقدمين: عكرمة، وأبو هارون العبدي، وأبو الشعثاء، وإسماعيل بن سميع »(٣) .

وقال ياقوت بترجمة عكرمة: « ومات - فيما قرأت بخط الصولي من كتاب البلاذري - سنة خمس ومائة، وقيل ست ومائة، وهو ابن ثمانين سنة قال: وكان موته وموت كثير عزّة الشاعر في يوم واحد، فوضعا جميعاً وصلّي عليهما، وكثير كان

____________________

(١). سورة النساء: ١١٩.

(٢). سورة النساء: ١١٩.

(٣). الملل والنحل ١ / ١٢٣.

٢٤٢

شيعياً وعكرمة يرى رأي الخوارج، ذكره الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن البيع في تاريخ نيسابور ».

« وذكر القاضي أبو بكر محمد بن عمر الجعابي في كتاب الموالي عن ابن الكلبي قال: وعكرمة هلك بالمغرب، وكان قد دخل في رأي الحرورية الخوارج، فخرج يدعوهم بالمغرب إلى الحروري.

أبو علي الأهوازي قال: لمـّا توفي عبد الله بن عباس كان عكرمة عبداً مملوكاً، فباعه علي بن عبد الله بن عباس على خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فأتى عكرمة علياً فقال له: ما خير لك، أتبيع علم أبيك؟ فاستقال خالداً فأقاله وأعتقه، وكان يرى رأي الخوارج ويميل إلى استماع الغناء. وقيل عنه: إنه كان يكذب على مولاه. والله أعلم.

وقال عبد الله بن الحارث: دخلت على عليّ بن عبد الله بن عباس وعكرمة موثق على باب الكنيف، فقلت: أتفعلون هذا بمولاكم؟ فقال: إن هذا يكذب على أبي.

وقد قال ابن المسيب لمولاه: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

وقال يزيد بن هارون: قدم عكرمة مولى ابن عباس البصرة، فأتاه أيوب السختياني وسليمان التيمي ويونس بن عبيد، فبينا هو يحدّثهم إذ سمع غناءً فقال عكرمة: اسكتوا، فتسمع، ثم قال: قاتله الله فلقد أجاد، أو قال: ما أجود ما قال. فأما سليمان ويونس فلم يعودا إليه وعاد إليه أيوب. فقال يزيد بن هارون: لقد أحسن أيوب.

الرياشي عن الأصمعي عن نافع المدني قال: مات كثير الشاعر وعكرمة في يوم واحد، قال الرياشي: فحدّثنا ابن سلام: إن أكثر الناس كانوا في جنازة كثير، لأن عكرمة كان يرى رأي الخوارج، وتطلّبه بعض الولاة فتغيّب عند داود بن الحصين حتى مات عنده سنة سبع ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وهو يومئذ

٢٤٣

ابن ثمانين سنة ».

« حماد بن زائدة ثنا عثمان بن مرة قلت للقاسم: إن عكرمة مولى ابن عباس قال ثنا ابن عباس: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن المزفت والمقيّر والدباء والحنتم والجرار فقال: يا ابن أخي إن عكرمة كذّاب يحدّث غدوة حديثاً يخالفه عشياً.

يحيى بن البكاء سمعت ابن عمر يقول لنافع: إتّق الله - ويحك يا نافع - ولا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

يزيد بن زنّاد قال دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيّد على باب الحش، قلت: ما لهذا كذا؟ قال: إنه يكذب على أبي »(١) .

وقال النووي بترجمته: « وقال محمد بن سعد: كان كثير العلم بحراً من البحور، ليس يحتجّ بحديثه، ويتكلّم الناس فيه »(٢) .

وقال ابن خلكان: « وقد تكلّم الناس فيه، لأنه كان يرى رأي الخوارج » قال: « وقال عبد الله بن أبي الحارث: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة موثق على باب كنيف. فقلت: أتفعلون هذا بمولاكم؟ فقال: إن هذا يكذب على أبي »(٣) .

وقال المزي بترجمته: « قال بشر بن المفضل عن عبد الله بن عثمان بن خثيم: سألت عكرمة أنا وعبد الله بن سعيد عن قوله تعالى:( وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ ) قال: بسوقها كبسوق النساء عند ولادتها. قال: فرجعت إلى سعيد بن جبير فذكرت ذلك له فقال: كذب، بسوقها طولها.

وقال إسرائيل عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة إنه كره كرى الأرض. قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس: إن

____________________

(١). معجم الْأُدباء ١٢ / ١٨١.

(٢). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤١.

(٣). وفيات الأعيان ٢ / ٤٢٨.

٢٤٤

أمثل ما أنتم صانعون استيجار الأرض البيضاء سنة بسنة.

وقال مسلم بن إبراهيم عن الصلت بن دينار أبي شعيب المجنون: سألت محمد بن سيرين عن عكرمة قال: ما يسوءني أنه يكون من أهل الجنة، ولكنّه كذّاب.

وقال عامر عن الصلت بن دينار قلت لمحمد بن سيرين: إن عكرمة يؤذينا ويسمعنا ما نكره. قال فقال كلاماً فيه لين: أسأل الله أن يميته ويريحنا منه.

وقال وهب بن خالد سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب ذكرا عكرمة فقال يحيى: كان كذّابا.

وقال أبو بكر الإسماعيلي عن هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي سمعت ابن أبي ذيب يقول: رأيت عكرمة مولى ابن عباس وكان غير ثقة.

قال إبراهيم بن المنذر الحزامي عن معين بن عيسى ومطرف بن عبد الله المدني ومحمد بن الضحاك قالوا: كان مالك لا يرى عكرمة ثقة ويأمر أن لا يؤخذ عنه.

وقال أبوبكر بن أبي خيثمة: رأيت في كتاب علي بن المديني سمعت يحيى ابن سعيد يقول: حدّثوني - والله - عن أيوب أنه ذكر له أن عكرمة لا يحسن الصلاة. قال أيوب: وكان يصلي؟.

وقال الفضل بن موسى عن رشدين بن كريب: رأيت عكرمة قد أُقيم قائماً في لعب النرد.

قال أحمد بن سليمان عن إسماعيل بن عليّة: ذكر أيوب عكرمة فقال: كان قليل العقل.

قال سعيد: كان عكرمة يحدّث بالحديث ثم يقول في نفسه إن كان كذلك.

قال أحمد: كان من أعلم الناس ولكنّه كان يرى رأي الخوارج، ولم يدع موضعاً إلّا خرج إليه، ورأيُ الصفرية من عكرمة لما كان عندهم.

قال الحاكم أبو أحمد: إحتجّ بحديثه الأئمة القدماء، لكن بعض المتأخّرين

٢٤٥

أخرج حديثه من حيّز الصحاح.

وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: كان يرى رأي الخوارج، فطلبه بعض ولاة المدينة فتغيّب عند داود بن الحصين حتى مات عنده.

وقال أبو داود السنجي عن الأصمعي عن أبي الزناد: مات كثير وعكرمة مولى ابن عباس في يوم واحد قال: فأخبرني غير الأصمعي قال: فشهد الناس جنازة كثير وتركوا جنازة عكرمة.

وقال يحيى بن بكير عن الدراوردي، فما شهدهما إلّا سودان المدينة.

عن علي بن المديني قال: سمعت بعض المدنيّين يقول: اتفقت جنازته وجنازة كثير عزة بباب المسجد في يوم واحد، فما قام إليها أحد من أهل المسجد، ومن هناك لم يرو عنه مالك.

قال الواقدي قال غير خالد بن القاسم: عجب الناس لاجتماعهما في الموت واختلاف رأيهما، عكرمة يظن أنه يرى رأي الخوارج يكفر بالنظرة، وكثير شيعي يؤمن بالرجعة »(١) .

وقال الذهبي بترجمته: « حماد بن زيد: قيل لأيّوب: أكان عكرمة يتّهم؟ فسكت ساعة ثم قال: أما أنا فلم أكن أتّهمه.

عفان ثنا وهب قال شهدت يحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب فذكرا عكرمة فقال يحيى: كذّاب، وقال أيوب: لم يكن بكذّاب.

جرير بن يزيد عن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث قال: دخلت على علي ابن عبد الله فإذا عكرمة في وثاق عند باب الحش، فقلت له: ألا تتق الله؟ فقال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي.

ويروى عن ابن المسيب أنه كذّب عكرمة.

الحصيب بن ناصح ثنا خالد بن خداش: شهدت حماد بن زيد في آخر يوم

____________________

(١). تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٦٤.

٢٤٦

مات فيه فقال: أحدّثكم بحديث لم أحدّث به قط، لأني أكره أن ألقى الله ولم أُحدّث به: سمعت أيوب يحدّث عن عكرمة قال: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به. قلت: ما أسوأها عبارة وأخبثها! بل أنزله ليهدي به وليضل به الفاسقين.

فطر بن خليفة قلت لعطا: إن عكرمة يقول قال ابن عباس: سبق الكتاب الخفين. فقال: كذب عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: لا بأس بمسح الخفين وإنْ دخلت الغائط. قال عطا: والله إن كان بعضهم ليرى أن المسح على القدمين يجزي.

إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال: لو أن عبد ابن عباس اتّقى الله وكفّ من حديثه لشدّت إليه المطايا.

مسلم بن إبراهيم ثنا الصلت أبو شعيب قال سألت: محمد بن سيرين عن عكرمة فقال: ما يسوءني أن يكون من أهل الجنة ولكنّه كذّاب.

ابن عيينة عن أيوب: أتينا عكرمة فحدّث فقال أيحسن حسنكم مثل هذا.

إبراهيم بن المنذر ثنا هشام بن عبد الله المخزومي سمعت ابن أبي ذئب يقول: رأيت عكرمة وكان غير ثقة.

قال محمد بن سعد: كان عكرمة كثير العلم والحديث بحراً من البحور، وليس يحتج بحديثه، ويتكلّم الناس فيه ».

« وقال مطرف بن عبد الله: سمعت مالكاً يكره أن يذكر عكرمة ولا يرى أن يروى عنه.

قال أحمد بن حنبل: ما علمت أن مالكاً حدّث بشيء لعكرمة إلّا في الرجل يطأ امرأته قبل الزيارة. رواه عن ثور عن عكرمة.

أحمد بن أبي خيثمة قال: رأيت في كتاب علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول: حدّثوني - والله - عن أيوب أنه ذكر له عكرمة لا يحسن الصلاة فقال أيوب: وكان يصلي؟

٢٤٧

الفضل السيناني عن رجل قال: رأيت عكرمة قد أُقيم قائماً في لعب النرد.

يزيد بن هارون: قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب ويونس وسليمان التيمي فتسمع صوت غناء فقال: أُسكتوا. ثم قال: قاتله الله لقد أجاد. فأما يونس وسليمان التيمي فما عادا إليه.

عمرو بن خالد بمصر ثنا خلاد بن سليمان الحضرمي عن خالد بن أبي عمران قال: كنّا بالمغرب وعندنا عكرمة في وقت الموسم فقال: وددت أن بيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً.

ابن المديني عن يعقوب الحضرمي عن جدّه قال: وقف عكرمة على باب المسجد فقال: ما فيه إلّا كافر. قال: وكان يرى رأي الأباضيّة.

يحيى بن بكير قال: قدم عكرمة مصر وهو يريد المغرب، قال: فالخوارج الذين هم بالمغرب عنه أخذوا.

قال ابن المديني: كان يرى رأي نجدة الحروري. قال مصعب الزبيري كان عكرمة يرى رأي الخوارج قال: وادّعى على ابن عباس أنه كان يرى رأي الخوارج.

خالد بن نزار ثنا عمر بن قيس عن عطا بن أبي رباح: إن عكرمة كان أباضياً.

أبو طالب سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان عكرمة من أعلم الناس ولكنه كان يرى رأي الصفرية، ولم يدع موضعاً إلّا خرج إليه: خراسان والشام واليمن ومصر وإفريقية، كان يأتي الُأمراء فيطلب جوائزهم، وأتى الجند إلى طاوس فأعطاه ناقة.

وقال مصعب الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج، فطلبه متولي المدينة فتغيّب بالمدينة عند داود بن الحصين حتى مات عنده.

وروى سليمان بن معبد السنجي قال: مات عكرمة وكثير عزّة في يوم فشهد الناس جنازة كثير وتركوا جنازة عكرمة.

٢٤٨

وقال عبد العزيز الدراوردي: مات عكرمة وكثير عزّة في يوم، فما شهدهما إلّا سودان المدينة.

إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن أبيه قال: أتي بجنازة عكرمة مولى ابن عباس وكثير عزة بعد العصر، فما علمت أن أحداً من أهل المسجد حل حبوته إليهما.

قال جماعة: مات سنة خمس ومائة. وقال الهيثم وغيره: سنة ست وقال جماعة: سنة سبع ومائة.

وعن ابن المسيب أنه قال لمولاه برد: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

ويروى ذلك عن ابن عمر أنه قال لنافع، ولم يصحّ سنيد بن داود في تفسيره.

ثنا عباد بن عباد عن عاصم الأحول عن عكرمة في رجل قال لغلامه: إن لم أجلدك مائة سوط فامرأتي طالق. قال: لا يجلد غلامه ولا يطلق امرأته. هذه من خطوات الشيطان. ذكره في تفسير( لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ) (١) .

وقال في ( المغني في الضعفاء ): « عكرمة مولى ابن عباس. من أوعية العلم، تكلّموا فيه لرأيه لا لحفظه، اُتهم برأي الخوارج، وثّقه غير واحد، وكذّبه مجاهد وابن سيرين ومالك. فالله أعلم. واعتمده البخاري، وأما مسلم فروى له مقروناً بآخر »(٢) .

وقال في ( تذكرة الحفاظ ): « وقد تكلّم فيه بأنه على رأي الخوارج، ومن ثمّ أعرض عنه مالك الامام، ومسلم ». قال: « وقال طاوس: لو أن عبد ابن عباس اتّقى الله وأمسك عن بعض حديثه لشدّت إليه المطايا »(٣) .

وقال ابن حجر بترجمته: « وقال حماد بن زيد عن أيوب قال عكرمة: أرأيت

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٩٣ - ٩٧.

(٢). المغني ٢ / ٤٣٨.

(٣). تذكرة الحفاظ ١ / ٩٥.

٢٤٩

هؤلاء الذين يكذّبوني من خلفي أفلا يكذّبوني في وجهي، فإذا كذّبوني في وجهي فقد والله كذّبوني.

وقال ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: كان عكرمة قليل العقل خفيفاً، كان قد سمع الحديث من رجلين، وكان إذا سئل حدّث به عن رجل، ثم يسئل عن بعد ذلك فيحدّث به عن الآخر، فكانوا يقولون: ما أكذبه.

قال ابن لهيعة: وكان قد أتى نجدة الحروري فأقام عنده ستة أشهر، ثم أتى ابن عباس فسلّم عليه فقال ابن عباس: قد جاء الخبيث قال: وكان يحدّث برأي نجدة.

وقال ابن لهيعة عن أبي الأسود: كان أوّل من أحدث فيهم - أي أهل المغرب - رأي الصفرية.

وقال يعقوب بن سفيان: سمعت ابن بكير يقول: قدم عكرمة مصر وهو يريد المغرب، ونزل هذه الدار وخرج إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.

وقال علي بن المديني: كان عكرمة يرى رأي نجدة.

وقال يحيى بن معين: إنما لم يذكر مالك بن أنس عكرمة لأن عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

وقال عطا: كان إباضياً.

وقال الجوزجاني: قلت لأحمد عكرمة كان أباضياً؟ فقال يقال: إنه كان صفرياً.

وقال خلاد بن سليمان عن خالد بن أبي عمران: دخل علينا عكرمة إفريقية وقت الموسم فقال: وددت أني اليوم بالموسم بيدي حربة أضرب بها يميناً وشمالاً. قال: فمن يومئذ رفضه أهل إفريقية.

وقال مصعب الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج وزعم أن مولاه كان كذلك.

٢٥٠

وقال أبو خلف الخراز عن يحيى البكاء: سمعت ابن عمر يقول لنافع: إتّق الله ويحك يا نافع ولا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس.

وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد بن المسيب: إنه كان يقول لغلامه برد: يا برد لا تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس.

وقال اسحق بن عيسى الطباع: سألت مالك بن أنس: أبلغك أن ابن عمر قال لنافع لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس؟ قال: لا، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه.

وقال جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد على باب الحش قال قلت: ما لهذا؟ قال: إنه يكذب على أبي. وقال هشام بن سعد عن عطاء الخراساني قلت لسعيد بن المسيب: إن عكرمة يزعم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تزوّج ميمونة وهو محرم فقال: كذب مخبثان.

وقال شعبة عن عمرو بن مرة: سأل رجل ابن المسيب عن آية من القرآن فقال: لا تسألني عن القرآن وسل عنه من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء. يعني عكرمة.

وقال فطر بن خليفة قلت لعطا: إن عكرمة يقول سبق الكتاب المسح على الخفين فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس يقول: امسح على الخفين وإن خرجت من الخلاء.

وقال إسرائيل عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة أنه كره كرى الأرض، قال: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: كذب عكرمة سمعت ابن عباس يقول: إن أمثل ما أنتم صانعون استيجار الأرض البيضاء سنة بسنة.

وقال وهيب بن خالد عن يحيى بن سعيد الأنصاري: كان كذّاباً.

وقال إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى وغيره: كان مالك لا يرى عكرمة ثقة ويأمر أن لا يؤخذ عنه.

٢٥١

وقال الدوري عن ابن معين: كان مالك يكره عكرمة قلت: فقد روى عن رجل عنه قال: نعم شيء يسير.

وقال الربيع عن الشافعي وهو - يعني مالك بن أنس - سيّء الرأي في عكرمة قال: لا أرى لأحد أنْ يقبل حديثه.

وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل: عكرمة - يعني ابن خالد المخزومي - أوثق من عكرمة مولى ابن عباس.

وقال أبو عبد الله: وعكرمة مضطرب الحديث يختلف عنه وما أدري.

وقال ابن عليّة: ذكره أيوب فقال: كان قليل العقل.

وقال الأعمش عن إبراهيم: لقيت عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى قال: يوم القيامة. فقلت إنّ عبد الله كان يقول: يوم بدر، فأخبرني من سأله بعد ذلك فقال: يوم بدر.

وقال عباس بن حماد بن زائدة وروح بن عبادة عن عثمان بن مرة قلت للقاسم: إنّ عكرمة مولى ابن عباس قال كذا وكذا. فقال: يا ابن أخي إن عكرمة كذّاب يحدّث غدوة حديثاً يخالفه عشية.

وقال القاسم بن معن بن عبد الرحمن: حدّثني أبي عن عبد الرحمن قال: حدّث عكرمة بحديث فقال: سمعت ابن عباس يقول كذا وكذا. قال فقلت: يا غلام هات الدواة فقال: أعجبك؟ قلت: نعم. قال: تريد أن تكتبه؟ قلت: نعم. قال: إنما قلته برأيي.

وقال إبراهيم بن ميسرة عن طاوس: لو أن مولى ابن عباس اتّقى الله وكفّ من حديثه لشدّت إليه المطايا ».

« وقال الحاكم أبو أحمد: احتجّ بحديثه الأئمة القدماء، لكن بعض المتأخرين أخرج حديثه من حيّز الصحاح.

وقال مصعب الزبيري: كان يرى رأي الخوارج، فطلبه بعض ولاة المدينة فتغيّب عند داود بن الحصين حتى مات عنده.

٢٥٢

وقال البخاري ويعقوب بن سفيان عن علي بن المديني: مات بالمدينة سنة ١٠٤. زاد يعقوب عن علي: فما حمله أحد، اكتروا له أربعة. وسمعت بعض المدنيّين يقول: إتّفقت جنازته وجنازة كثير عزّة بباب المسجد في يوم واحد فما قام إليها أحد. قال: فشهد الناس جنازة كثير وتركوا عكرمة.

وعن أحمد نحوه لكن قال: فلم يشهد جنازة عكرمة كثير أحد.

وقال الدراوردي نحو الذي قبله لكن قال: فما شهدهما إلّا السودان، ومن هنا لم يرو عنه مالك.

وقال مالك بن أنس عن أبيه نحوه لكن قال: فما علمت أن أحداً من أهل المسجد حل حبوته إليهما.

وقال أبو داود السنجي عن الأصمعي عن ابن أبي الزناد: مات كثير وعكرمة في يوم واحد فأخبرني غير الأصمعي [ قال فشهد الناس جنازة كثير وتركوا جنازة عكرمة ].

وقال عمرو بن علي وغير واحد مات سنة ١٠٥.

وقال الواقدي: حدثتني ابنته أم داود أنه توفي سنة ١٠٥ وهو ابن ثمانين سنة.

وقال أبو عمر الضرير والهيثم بن عدي: مات ١٠٤.

وقال عثمان بن أبي شيبة وغير واحد: مات سنة ١٠٧، وقيل: إنه مات سنة ١١٥ وذلك وهم.

قلت: ونقل الإِسماعيلي في المدخل أن عكرمة ذكر عند أيوب وأنه لا يحسن الصلاة فقال أيوب: أو كان يصلي؟

ومن طريق هشام بن عبد الله المخزومي: سمعت ابن أبي ذيب يقول: كان عكرمة غير ثقة وقد رأيته.

وعن مطرف: كان مالك يكره أن يذكر عكرمة ولا يرى أن يروى عنه.

ومن طريق جرير بن حازم عن أيوب: كنّا نأتي عكرمة فيحلف أن لا يحدّثنا

٢٥٣

فما نكون بأطمع منه في ذلك إذا حلف، فقال له رجل في ذلك فقال: تحديثي لكم كفارته »(١) .

وقال العيني: « السابعة: في الصحيح جماعة جرحهم بعض المتقدّمين، وهو محمول على أنه لم يثبت جرحهم بشرطه، فإن الجرح لا يثبت إلّا مفسّراً مبيّن السبب عند الجمهور، ومثّل ذلك ابن الصلاح بعكرمة، وإسماعيل بن أبي اُويس، وعاصم بن علي، وعمرو بن مرزوق، وغيرهم. قال وأحتج مسلم بسويد ابن سعيد وجماعة منهم اشتهر الطعن فيهم، قال: وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يقبل إلّا إذا فسّر سببه.

قلت: قد فسّر الجرح في هؤلاء. أمّا عكرمة فقال ابن عمر -رضي‌الله‌عنه - لنافع: لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وكذّبه مجاهد وابن سيرين ومالك. وقال أحمد: يرى رأي الخوارج الصفرية. وقال ابن المديني: يرى رأي نجدة. ويقال: كان يرى السيف. والجمهور وثّقوه واحتجوا به، ولعلّه لم يكن داعية »(٢) .

وقال السيوطي في ( الأوائل ): « أول من قال برأي الصفرية في المغرب: عكرمة مولى ابن عباس. أخرجه ابن عساكر من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود ».

وقال عبد الحق الدهلوي في ( رجال المشكاة ) بترجمة عكرمة: « وقيل: إنه كان يرى رأي الخوارج، وينسبه إلى عباس أيضاً. وقال ابن عمر لنافع: إتّق الله ولا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس » قال: « وقال القاسم: عكرمة كذّاب، يحدّث بكرة وينسى عشيّة. وقال طاوس: لو أنّ مولى ابن عباس اتّقى الله وكفّ عن حديثه لشدّت إليه المطايا ».

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٢٣٤.

(٢). عمدة القاري - المقدّمات ١ / ٨.

٢٥٤

ترجمة إسماعيل بن أبي أويس

وفي الطريق الثاني ( إسماعيل بن عبد الله الأصبحي المعروف بابن أبي أويس ) وهو ابن أخت مالك. ولا تخفى مثالب هذا الرجل وقوادحه على من نظر في كتب الرجال لأهل السنة. قال النّسائي في ( الضعفاء ): « إسماعيل بن أبي أويس ضعيف »(١) وقال الذهبي: « وقال ابن عدي قال أحمد بن أبي يحيى: سمعت ابن معين يقول: هو وأبوه يسرقان الحديث. وقال الدولابي في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: كذّاب، كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب. وقال العقيلي: حدثني أُسامة البصري سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل بن أبي أويس يساوي فلسين فلسين. قلت: وساق له ابن عدي ثلاثة أحاديث ثم قال: روى عن خاله مالك غرائب لا يتابعه عليها أحد »(٢) .

وقال في ( الكاشف ): « إسماعيل بن عبد الله بن أبي أُويس الأصبحي، عن خاله مالك وأبيه وأخيه أبي بكر عبد الحميد وسلمة بن وردان. وعنه خ م وإسماعيل القاضي وعلي البغوي وأُمم قال أبو حاتم: مغفّل محلّه الصدق. وضعّفه النسائي مات سنة ٢٢٦ »(٣) .

وقال ابن حجر العسقلاني: « وقال ابن أبي خيثمة عنه ( أي عن ابن معين ) صدوق ضعيف العقل ليس بذاك. يعني إنه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤدّيه أو يقرأ من غير كتابه.

وقال معاوية بن صالح عنه: هو وأبوه ضعيفان.

وقال عبد الوهاب بن عصمة عن أحمد بن أبي يحيى عن ابن معين: ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث.

____________________

(١). الضعفاء للنسائي - المجموع في الضعفاء والمتروكين: ٥٤.

(٢). ميزان الاعتدال ١ / ٢٢٢.

(٣). الكاشف ١ / ١٢٥.

٢٥٥

وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى: مخلّط يكذب وليس بشيء.

وقال أبو حاتم: محلّه الصدق وكان مغفّلاً.

وقال النسائي: ضعيف.

وقال في موضع آخر: غير ثقة.

وقال اللالكائي: بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدّي إلى تركه ولعلّه بان له ما لم يبن لغيره، لأنّ كلام هؤلاء كلّهم يؤول إلى أنه ضعيف.

وقال ابن عدي: روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد.

وقال الدولابي في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: ابن أبي أُويس كذّاب كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب.

وقال العقيلي في الضعفاء: ثنا أُسامة الرفاف بصري سمعت يحيى بن معين يقول: ابن أبي أُويس يسوى فلسين.

وقال الدار قطني: لا أختاره في الصحيح ».

« وحكى ابن أبي خيثمة عن عبد الله بن عبيد الله العباسي صاحب اليمن أن إسماعيل ارتشى من تاجر عشرين ديناراً حتى باع له على الأمير ثوباً يساوي خمسين بمائة.

وذكره الإِسماعيلي في المدخل فقال: كان ينسب في الخفة والطّيش إلى ما أكره ذكره.

قال وقال بعضهم: جانبناه للسنّة.

وقال ابن حَزم في المحلى قال أبو الفتح الأزدي: حدّثني سيف بن محمد أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث. وقرأت على عبد الله بن عمر عن أبي بكر بن محمد: إن عبد الرحمن بن مكي أخبرهم كتابةً أنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا أبو غالب محمد بن الحسن بن احمد البقلاني، أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، ثنا أبو الحسن الدار قطني، قال ذكر محمد بن موسى الهاشمي - وهو أحد الأئمة وكان النسائي يخصه بما لم يخص به ولده - فذكر عن أبي عبد

٢٥٦

الرحمن قال: حكى لي سلمة بن شبيب قال: بم توقّف أبو عبد الرحمن. قال: فما زلت بعد ذلك أُداريه أنْ يحكي لي الحكاية حتى قال قال لي سلمة بن شبيب: سمعت إسماعيل بن أبي أُويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم.

قال البرقاني قلت للدار قطني: من حكى لك هذا عن محمد بن موسى؟ قال: الوزير، كتبتها من كتابه وقرأتها عليه. يعني بالوزير الحافظ الجليل جعفر بن خنزابة.

قلت: وهذا هو الذي بان للنسائي منه حتى تجنّب حديثه، وأطلق القول فيه بأنه ليس بثقة، ولعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح. وأما الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلّا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات. وقد أوضحت ذلك في مقدمة شرحي على البخاري والله أعلم »(١) .

قلت: ما ذكره ابن حجر أخيراً من قوله: « لعلّ هذا كان من إسماعيل في شبيبته ثم انصلح » فاحتمال - لو قبل - لم يبق مجالاً للطعن في راوٍ من الرواة أبداً، وقوله « وأمّا الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلّا الصحيح من حديثه الذي شارك فيه الثقات » ظن لا يغني عن الحق، ولا يغيّر من الواقع والحقيقة شيئاً، وأمّا قوله « وقد أوضحت ذلك في مقدمة شرحي على البخاري» فهذا نصّ ما قاله هناك:

« إسماعيل بن أبي أُويس عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن عامر الأصبحي، ابن أُخت مالك بن أنس، احتج به الشيخان إلّا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه، ولا أخرج له البخاري مما ينفرد به، سوى حديثين. وأمّا مسلم فأخرج له أقل مما خرّج له البخاري. وروى له الباقون سوى النسائي فإنه أطلق القول بضعفه. وروى عن سلمة بن شبيب ما يوجب طرح روايته واختلف فيه قول ابن معين فقال مرة: ضعيف. وقال مرة: كان يسرق الحديث هو وأبوه. وقال

____________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ٢٧١.

٢٥٧

أبو حاتم محلّه الصدق وكان مغفّلاً. وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به. وقال الدار قطني: لا أختاره في الصحيح. قلت: وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح إن إسماعيل أخرج له أُصوله وأذن له أن ينتقي منها، وأنْ يعلّم له على ما يحدّث به، ويعرض عمّا سواه، وهو مشعر بأنّ ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا فلا يحتجُّ بشيء من حديثه غير ما في الصحيح، من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلاّ أن يشاركه غيره فيعتبر به »(١) .

وأنت ترى أنّه لم يذكر في هذه العبارة كثيرا من كلمات الجرح في الرّجل، التي أوردها هو نفسه بترجمته من ( تهذيب التهذيب ) بل حتى أنه سلك سبيل الإجمال فيما ذكره، حماية للبخاري وذبّا عن كتابه مهما أمكن

وأما دعوى أنّ « ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتب من أصوله » - ولعلّ هذا هو المقصود من قوله: « وقد أوضحت » - فالجواب عنها: أنّ هذا غير مسلّم، ولو سلّم فلا ينفع، لأنّ الرجل بالإضافة إلى ضعف عقله وتخليطه وكذبه يعترف على نفسه بالوضع فإذا كان الرّجل بنفسه معترفا بالوضع كيف يطمئن ويوثق بأخباره حتى أصوله؟ ومن هنا ترى ابن حجر يقول بالتالي: « فلا يحتجّ بشيء من حديثه غير ما في الصحيح » وهذا حسن ظن بالبخاري وفعله لا غير.

وقال العيني في المقدّمة السابعة: « وأما إسماعيل بن أبي أويس فإنه أقرّ على نفسه بالوضع كما حكاه النسائي عن سلمة بن شعيب [ شبيب ] عنه. وقال ابن معين: لا يساوي فلسين، هو وأبوه يسرقان الحديث، وقال النضر بن سلمة المروزي فيما حكاه الدّولابي عنه: كذّاب كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب ».

____________________

(١). مقدمة فتح الباري: ٣٨٨.

٢٥٨

مالك بن أنس

وفي الطريق الثاني ( مالك بن أنس ) وله قوادح عظيمة، أعظمها: العداء لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وأهل بيته الطاهرين، وتفصيل ذلك كلّه مذكور في ( إستقصاء الإِفحام ) فليرجع إليه من شاء هذا كلّه بالنسبة إلى سند هذا الحديث.

وأمّا متنه ودلالته فأضعف وأوهن، وإن شئت بيان ذلك فارجع إلى كتاب ( شوارق النصوص)، فإن هناك ما يبهر الناظر اللبيب، ويقضي منه العجب العجيب.

تحريف البخاري في حديث الخوخة وضعف أسانيده

ثم إنّ بعض المتضلّعين من أهل السنة في الاختلاق والافتعال لم يكتف بجعل « الخوخة » لأبي بكر، فأبدلها بلفظ « الباب » لتتمّ بزعمه المعارضة لحديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ألا ترى أنّ البخاري بعد أن روى حديث الخوخة تحت عنوان « باب الخوخة والممرّ في المسجد » من كتاب الصلاة، عن ابن عباس.

قال في كتاب المناقب: « باب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سدّوا الأبواب إلّا باب أبي بكر. قاله ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وقد تنبّه شرّاحه إلى هذا التحريف، فحاولوا إصلاحه فقالوا: بأنّه نقل بالمعنى، قال ابن حجر: « وصله المصنف في الصلاة بلفظ: سدّوا عني كلّ خوخة. فكأنه ذكره بالمعنى »(١) . وقال العيني: « هذا وصله البخاري في الصلاة بلفظ: سدّوا عني كل خوخة في المسجد. وهذا هنا نقل بالمعنى، ولفظه في الصلاة في باب الخوخة والممرّ في المسجد »(٢) .

____________________

(١). فتح الباري ١ / ٤٤٢.

(٢). عمدة القاري ٤ / ٢٤٥.

٢٥٩

ولا يخفى عليك ما في هذا التأويل، أمّا أولاً: فلأنّه ينافي تلك المبالغات والإِغراقات التي يذكرها أولياء البخاري له في احتياطه في النقل والتزامه بنقل ألفاظ الأحاديث كما هي من غير تصرّف، كما لا يخفى على ناظر كلماتهم ومتتبّع سقطاتهم. وأمّا ثانياً: فلأنه ليس تصرف البخاري هذا من النقل بالمعنى، لوضوح الفرق بين « الخوخة » و« الباب » حتى على الأطفال وربّات الحجال، فضلاً عن ذوي الألباب من الرجال.

وكما حرّف البخاري لفظ الحديث عن ابن عباس، كذلك حرّفه نقلاً عن أبي سعيد الخدري أيضاً، فقد عرفت أنّه أخرجه عن أبي سعيد في « باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة » بلفظ « الخوخة »، لكنّه ذكر نفس الحديث في مناقب أبي بكر في « باب قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سدّوا الأبواب إلاّ باب أبي بكر، واضعا لفظ « الباب » بدلا عن « الخوخة » وهذا نصّ كلامه:

« حدثني عبد الله بن محمد، حدثني أبو عامر، حدثنا فليح قال حدثني سالم أبو النضر، عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه قال: خطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس وقال: إن الله خيّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله. قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عبد خيّر، فكان رسول الله هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متّخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن أُخوة الإِسلام ومودّته. لا يبقينّ في المسجد باب إلّا سدّ إلّا باب أبي بكر »(١) .

وقد بذل شرّاحه قصارى سعيهم في سبيل عز وهذا التحريف الشنيع إلى رواة الحديث، وأنّ البخاري نفسه برئ من ذلك لكنّ حقيقة الحال لا تخفى على أهل التحقيق، وإنْ حاول الشراح الإِخفاء والتّلبيس

____________________

(١). صحيح البخاري - مناقب أبي بكر ٥ / ٦٢.

٢٦٠