تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119879 / تحميل: 5661
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٢٢٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ما أراك إلّا قد جمعت خيانةً وغشّاً للمسلمين »(١) .

مسالة ٦٨٢ : إذا قال له إنسان : اشتر لي ، فلا يعطه(٢) من عنده وإن كان الذي عنده أجود ، لأنّه إنّما أمره بالشراء ، وهو ظاهر في الشراء من الغير.

قال الصادقعليه‌السلام : « إذا قال لك الرجل : اشتر لي ، فلا تعطه من عندك وإن كان الذي عندك خيراً منه »(٣) .

وسأل إسحاقُ الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يبعث إلى الرجل فيقول له : ابتع لي ثوبا ، فيطلب في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده ، قال : « لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول ( إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً )(٤) وإن كان عنده خيرا ممّا يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده »(٥) .

مسالة ٦٨٣ : إذا قال التاجر لغيره : هلمّ أحسن إليك‌ ، باعه من غير ربح استحبابا.

قال الصادقعليه‌السلام : « إذا قال الرجل للرجل : هلمّ أحسن بيعك ، يحرم عليه الربح »(٦) .

ويكره الربح على المؤمن ، فإن فعل فلا يكثر منه.

قال الصادقعليه‌السلام : « ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٦١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٣ ، ٥٥.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « فلا يعطيه ».

(٣) الكافي ٥ : ١٥١ - ١٥٢ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٥٢ / ٩٩٨ ، و ٧ : ٦ - ٧ / ١٩.

(٤) الأحزاب : ٧٢.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٥٢ / ٩٩٩.

(٦) الكافي ٥ : ١٥٢ / ٩ ، الفقيه ٣ : ١٧٣ / ٧٧٤ ، التهذيب ٧ : ٧ / ٢١.

١٨١

من مائة درهم فاربح عليه قوت يومك ، أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم وارفقوا بهم »(١) .

وينبغي أن يكون الساكت عنده بمنزلة المماكس ، والجاهل بمنزلة البصير المذاقّ.

قال قيس : قلت للباقرعليه‌السلام : إنّ عامّة من يأتيني إخواني فحدّ لي من معاملتهم ما لا أجوزه إلى غيره ، فقال : « إن ولّيت أخاك فحسن ، وإلاّ فبع بيع البصير المذاق »(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام في رجل عنده بيع وسعّره سعرا معلوما ، فمن سكت عنه ممّن يشتري منه باعه بذلك السعر ، ومن ماكسه فأبى أن يبتاع منه زاده » قال : « لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس ، فأمّا أن يفعله لمن أبى عليه ويماكسه(٣) ويمنعه مَنْ لا يفعل فلا يعجبني إلّا أن يبيعه بيعاً واحداً »(٤) .

مسالة ٦٨٤ : يستحبّ إذا دخل السوق الدعاءُ وسؤال الله تعالى أن يبارك له فيما يشتريه ويخير له فيما يبيعه ، والتكبير والشهادتان عند الشراء.

قال الصادقعليه‌السلام : « إذا دخلت سوقك فقُلْ : اللّهمّ إنّي أسألك من خيرها وخير أهلها ، وأعوذ بك من شرّها وشرّ أهلها ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغى عليّ أو أعتدي أو يُعتدى عليَّ ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ إبليس وجنوده وشرّ فسقة العرب والعجم ، وحسبي الله‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٤ / ٢٢ ، التهذيب ٧ : ٧ / ٢٣ ، الاستبصار ٣ : ٦٩ / ٢٣٢.

(٢) التهذيب ٧ : ٧ / ٢٤ ، وفي الكافي ٥ : ١٥٣ - ١٥٤ / ١٩ عن ميسّر عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

(٣) في المصدر : « كايسه » بدل « ماكسه ».

(٤) الكافي ٥ : ١٥٢ / ١٠ ، التهذيب ٧ : ٨ / ٢٥.

١٨٢

الذي لا إله إلّا هو عليه توكّلت ، وهو ربّ العرش العظيم »(١) .

وإذا اشترى المتاع ، قال ما روي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا اشتريت شيئاً من متاع أو غيره فكبّر ، ثمّ قُلْ : اللّهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك ، فاجعل فيه فضلاً ، اللّهمّ إنّي اشتريته ألتمس فيه رزقك ، فاجعل لي فيه رزقاً ، ثمّ أعد على(٢) كلّ واحدة ثلاث مرّات »(٣) .

قال الصادقعليه‌السلام : « وإذا أراد أن يشتري شيئاً قال : يا حيّ يا قيّوم يا دائم يا رؤوف يا رحيم ، أسألك بعزّتك وقدرتك وما أحاط به علمك أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقاً وأوسعها فضلاً وخيرها عاقبةً فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له » قال الصادقعليه‌السلام : « إذا اشتريت دابّةً أو رأساً فقُلْ : اللّهمّ ارزقني أطولها حياةً وأكثرها منفعةً وخيرها عاقبةً »(٤) .

مسالة ٦٨٥ : ينبغي له إذا بُورك له في شي‌ء من أنواع التجارة أو الصناعة أن يلتزم به. وإذا تعسّر عليه فيه رزقه ، تحوّل إلى غيره.

قال الصادقعليه‌السلام : « إذا رزقت في(٥) شي‌ء فالزمه »(٦) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئاً فليتحوّل إلى غيرها »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٦ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٩ / ٣٢.

(٢) كلمة « على » لم ترد في الكافي.

(٣) الكافي ٥ : ١٥٦ / ١ ، التهذيب ٧ : ٩ / ٣٣.

(٤) الكافي ٥ : ١٥٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩ - ١٠ / ٣٤.

(٥) في الفقيه والتهذيب : « من » بدل « في ».

(٦) الكافي ٥ : ١٦٨ ( باب لزوم ما ينفع من المعاملات ) الحديث ٣ ، الفقيه ٣ : ١٠٤ / ٤٢٣ ، التهذيب ٧ : ١٤ ، ٦٠.

(٧) الكافي ٥ : ١٦٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١٤ / ٥٩.

١٨٣

وينبغي له التساهل والرفق في الأشياء.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بارك الله على سهل البيع ، سهل الشراء ، سهل القضاء ، سهل الاقتضاء »(١) .

مسالة ٦٨٦ : يجوز لوليّ اليتيم الناظر في أمره المصلح لمالِه أن يتناول اُجرة المثل‌ ؛ لأنّه عمل يستحقّ عليه اُجرة ، فيساوي(٢) اليتيم غيره.

وسأل هشامُ بن الحكم الصادقَعليه‌السلام فيمن تولّى مال اليتيم مالَه أن يأكل منه؟ قال : « ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك »(٣) .

ويستحبّ له التعفّف مع الغنى ، قال الله تعالى :( وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ) (٤) .

مسالة ٦٨٧ : يجوز أن يواجر الإنسان نفسه.

سأل ابنُ سنان الكاظمَعليه‌السلام عن الإجارة ، فقال : « صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته ، فقد آجر موسىعليه‌السلام نفسه واشترط فقال : إن شئت ثماني وإن شئت عشراً ، وأنزل الله عزّ وجلّ فيه( أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ) (٥) »(٦) .

قال الشيخرحمه‌الله : لا ينافي هذا ما رواه الساباطي عن الصادقعليه‌السلام ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٨ / ٧٩.

(٢) في « ي » وظاهر « س » : « فساوى ».

(٣) التهذيب ٦ : ٣٤٣ / ٩٦٠.

(٤) النساء : ٦٠.

(٥) القصص : ٢٧.

(٦) الكافي ٥ : ٩٠ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٠٦ / ٤٤٢ ، التهذيب ٦ : ٣٥٣ / ١٠٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٥٥ / ١٧٨.

١٨٤

قال : قلت له : الرجل يتّجر فإن هو آجر نفسه اُعطي ما يصيب في تجارته ، فقال : « لا يواجر نفسه ، ولكن يسترزق الله عزّ وجلّ ويتّجر فإنّه إذا آجر نفسه حظر على نفسه الرزق »(١) لأنّه محمول على الكراهة ، لعدم الوثوق بالنصح(٢) .

وأقول : لا استبعاد في نهيه عن الإجارة للإرشاد ، فإنّ التجارة أولى ؛ لما فيها من توسعة الرزق ، وقد نبّهعليه‌السلام في الخبر عليه. ولأنّه قد روي « أنّ الرزق قسّم عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منها(٣) في التجارة ، والباقي في سائر الأجزاء(٤) »(٥) .

مسالة ٦٨٨ : يحرم بيع السلاح لأعداء الدين في وقت الحرب‌ ، ولا بأس به في الهدنة.

قال هند السرّاج : قلت للباقرعليه‌السلام : أصلحك الله ما تقول إنّي كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعهم فلمـّا عرّفني الله هذا الأمر ضقت بذلك وقلت : لا أحمل إلى أعداء الله ، فقال : « احمل إليهم فإنّ الله عزّ وجلّ يدفع بهم عدوّنا وعدوّكم - يعني الروم - فإذا كانت الحرب بيننا فمَنْ حمل إلى عدوّنا سلاحاً يستعينون به علينا فهو مشرك »(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٥٣ / ١٠٠٢ ، الاستبصار ٣ : ٥٥ / ١٧٧.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٥٣ ، ذيل الحديث ١٠٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٥٥ ، ذيل الحديث ١٧٨.

(٣) في « س ، ي » : « منه ».

(٤) كذا قوله : « في سائر الأجزاء ». ونصّ الرواية في المصدر هكذا : « الرزق عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها ».

(٥) الكافي ٥ : ٣١٨ - ٣١٩ / ٥٩ ، الفقيه ٣ : ١٢٠ / ٥١٠.

(٦) الكافي ٥ : ١١٢ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٥٣ / ١٠٠٤ ، الاستبصار ٣ : ٥٨ / ١٨٩.

١٨٥

وقال حكم السرّاج للصادقعليه‌السلام : ما ترى فيما يحمل إلى الشام من السروج وأداتها؟ فقال : « لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّكم في هدنة ، فإذا كانت المباينة حرم عليكم أن تحملوا إليهم السلاح والسروج »(١) .

وقال السرّاد للصادقعليه‌السلام : إنّي أبيع السلاح ، قال : « لا تبعه في فتنة »(٢) .

ويجوز بيع ما يُكنّ من النبل لأعداء الدين ؛ لأنّ محمّد بن قيس سأل الصادقَعليه‌السلام عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح؟ فقال : « بِعْهما ما يكنّهما ، الدرع والخُفّين ونحو هذا»(٣) .

مسالة ٦٨٩ : يجوز الأجر على الختان وخفض الجواري.

قال الصادقعليه‌السلام : « لمـّا هاجرن النساء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هاجرت فيهنّ امرأة يقال لها : أمّ حبيب وكانت خافضة تخفض الجواري ، فلمـّا رآها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لها : يا اُمّ حبيب ، العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت : نعم يا رسول الله إلّا أن يكون حراماً فتنهاني عنه ، قال : لا ، بل حلال فاُدْني منّي حتى اُعلّمك ، فدنت منه ، فقال : يا اُمّ حبيب إذا أنت فعلت فلا تَنْهكي ، أي لا تستأصلي ، وأشمّي فإنّه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج ».

قال : « وكانت لاُمّ حبيب اُخت يقال لها : اُمّ عطيّة ماشطة ، فلمـّا‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٥٤ / ١٠٠٥ ، الاستبصار ٣ : ٥٧ / ١٨٧ ، وفي الكافي ٥ : ١١٢ / ١ بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٥ : ١١٣ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٥٤ / ١٠٠٧ ، الاستبصار ٣ : ٥٧ / ١٨٦.

(٣) الكافي ٥ : ١١٣ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٥٤ / ١٠٠٦ ، الاستبصار ٣ : ٥٧ - ٥٨ / ١٨٨.

١٨٦

انصرفت اُمّ حبيب إلى اُختها أخبرتها بما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأقبلت اُمّ عطيّة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بما قالت لها اُختها ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اُدني منّي يا اُمّ عطيّة إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة ، فإنّ الخرقة تذهب بماء الوجه »(١) .

مسالة ٦٩٠ : يكره كسب الإماء والصبيان.

قال الصادقعليه‌السلام : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كسب الإماء فإنّها إن لم تجده زنت إلّا أمة قد عُرفت بصنعة يد ، ونهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة فإنّه إن لم يجد سرق»(٢) .

ويكره للصانع سهر الليل كلّه في عمل صنعته ؛ لما فيه من كثرة الحرص على الدنيا وترك الالتفات إلى اُمور الآخرة.

قال الصادقعليه‌السلام : « مَنْ بات ساهراً في كسب ولم يعط العين حظَّها من النوم فكسبه ذلك حرام »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « الصنّاع إذا سهروا الليل كلّه فهو سحت »(٤) .

وهو محمول على الكراهة الشديدة ، أو على التحريم إذا منع من الواجبات أو منع القسم بين الزوجات.

مسالة ٦٩١ : يجوز بيع عظام الفيل واتّخاذ الأمشاط وغيرها منها‌ ؛ لأنّها طاهرة ينتفع بها ، فجاز بيعها ؛ للمقتضي للجواز ، السالم عن المانع.

ولأنّ عبد الحميد بن سعد سأل الكاظمَعليه‌السلام عن عظام الفيل يحلّ بيعه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١١٨ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٦٠ - ٣٦١ / ١٠٣٥.

(٢) الكافي ٥ : ١٢٨ / ٨ ، التهذيب ٦ : ٣٦٧ / ١٠٥٧.

(٣) الكافي ٥ : ١٢٧ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٦٧ / ١٠٥٩.

(٤) الكافي ٥ : ١٢٧ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٦٧ / ١٠٥٨.

١٨٧

أو شراؤه للذي يجعل منه الأمشاط؟ فقال : « لا بأس قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط »(١) .

وكذا يجوز بيع الفهود وسباع الطير.

سأل عيصُ بن القاسم - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام عن الفهود وسباع الطير هل يلتمس التجارة فيها؟ قال : « نعم »(٢) .

أمّا القرد فقد روي النهي عن بيعه.

قال الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القرد أن يشترى أو يباع »(٣) .

وفي الطريق قول ، فالأولى الكراهة.

ودخل إلى الصادقعليه‌السلام رجل فقال له : إنّي سرّاج أبيع جلود النمر ، فقال : « مدبوغة هي؟» قال : نعم ، قال : « ليس به بأس »(٤) .

مسالة ٦٩٢ : لا بأس بأخذ الهديّة.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الهديّة على ثلاثة وجوه : هديّة مكافأة ، وهديّة مصانعة ، وهديّة لله عزّ وجلّ »(٥) .

وروى إسحاق بن عمّار قال : قلت له : الرجل الفقير يهدي الهديّة يتعرّض لما عندي فآخذها ولا اُعطيه شيئاً أتحلّ لي؟ قال : « نعم ، هي لك حلال ولكن لا تدع أن تعطيه »(٦) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٢٦ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٧٣ / ١٠٨٣.

(٢) الكافي ٥ : ٢٢٦ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٧٣ / ١٠٨٥.

(٣) الكافي ٥ : ٢٢٧ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٨٦ ، و ٧ : ١٣٤ / ٥٩٤.

(٤) الكافي ٥ : ٢٢٧ / ٩ ، التهذيب ٧ : ١٣٥ / ٥٩٥.

(٥) الكافي ٥ : ١٤١ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٧٨ / ١١٠٧.

(٦) الكافي ٥ : ١٤٣ / ٦ ، الفقيه ٣ : ١٩٢ / ٨٧٢ ، التهذيب ٦ : ٣٧٩ / ١١١٢.

١٨٨

وقال محمّد بن مسلم : « جلساء الرجل شركاؤه في الهديّة »(١) .

وهي مستحبّة مرغَّبٌ فيها ؛ لما فيها من التودّد.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لأن أهدي لأخي المسلم هديّة تنفعه أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمثلها »(٢) .

وقبولها مستحبّ ؛ اقتداءً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه قال : « لو اُهدي إليَّ كراع لقبلت »(٣) .

ولو أهدي إليه هديّة طلباً لثوابها فلم يثبه ، كان له الرجوع فيها إذا كانت العين باقيةً ؛ لما رواه عيسى بن أعين قال : سألت الصادقَعليه‌السلام عن رجل أهدى إلى رجل هديّة وهو يرجو ثوابها فلم يثبه صاحبها حتى هلك وأصاب الرجل هديّته بعينها ، أله أن يرتجعها إن قدر على ذلك؟ قال : « لا بأس أن يأخذه »(٤) .

مسالة ٦٩٣ : لا يجوز عمل التماثيل والصور المجسّمة. ولا بأس بها فيما يوطأ بالأرجل ، كالفراش وشبهه ؛ لما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : إنّما(٥) نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل ونفرشها ، قال : « لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ ، وإنّما يكره منها ما نُصب على الحائط وعلى السرير »(٦) .

مسالة ٦٩٤ : يجوز لمن أمره غيره بشراء شي‌ء أن يأخذ منه على ذلك‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٤٣ / ١٠ ، التهذيب ٦ : ٣٧٩ / ١١١٣.

(٢) الكافي ٥ : ١٤٤ / ١٢ ، التهذيب ٦ : ٣٨٠ / ١١١٥.

(٣) الكافي ٥ : ١٤١ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٧٨ / ١١٠٨.

(٤) الفقيه ٣ : ١٩٢ / ٨٧١ ، التهذيب ٦ : ٣٨٠ / ١١١٦.

(٥) كذا في المصدر والطبعة الحجريّة ، وفي « س ، ي » : « إنّا » بدل « إنّما ».

(٦) التهذيب ٦ : ٣٨١ / ١١٢٢.

١٨٩

الجُعْل ؛ لأنّه فعل مباح.

ولما رواه ابن سنان عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سأله أبي وأنا حاضر ، فقال : ربما أمرنا الرجل يشتري لنا الأرض أو الدار أو الغلام أو الخادم ونجعل له جُعْلاً ، فقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس به »(١) .

مسالة ٦٩٥ : لا بأس بالزراعة ، بل هي مستحبّة.

روى سيابة أنّ رجلاً سأل الصادقعليه‌السلام : أسمع قوماً يقولون : إنّ الزراعة مكروهة ، فقال : « ازرعوا واغرسوا ، فلا والله ما عمل الناس عملاً أحلّ ولا أطيب منه ، والله لنزرعنّ الزرع ولنغرسنّ(٢) غرس النخل بعد خروج الدجّال »(٣) .

وسأل هارون بن يزيد الواسطي الباقرَعليه‌السلام (٤) عن الفلّاحين ، فقال : « هُم الزارعون كنوز الله في أرضه ، وما في الأعمال شي‌ء أحبّ إلى الله من الزراعة ، وما بعث الله نبيّاً إلّا زارعاً ، إلّا إدريسعليه‌السلام فإنّه كان خيّاطاً »(٥) .

مسالة ٦٩٦ : يجوز أخذ أجر البذرقة من القوافل إذا رضوا بذلك‌ ، وإلّا حرم.

كتب محمّد بن الحسن الصفّار إليه : رجل يبذرق القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف ، ويشارطونه على شي‌ء مسمّى أن يأخذ منهم إذا صاروا إلى الأمن ، هل يحلّ له أن يأخذ منهم؟ فوقّععليه‌السلام « إذا واجر(٦)

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٨١ / ١١٢٤.

(٢) في « ي » والطبعة الحجريّة والكافي : « ليزرعنّ ليغرسنّ ».

(٣) الكافي ٥ : ٢٦٠ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٨٤ - ٣٨٥ / ١١٣٩.

(٤) كذا في « س ، ي » والطبعة الحجريّة. وفي المصدر : « يزيد بن هارون الواسطي عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ».

(٥) التهذيب ٦ : ٣٨٤ / ١١٣٨.

(٦) في المصدر : « آجر ».

١٩٠

نفسه بشي‌ء معروف أخذ حقّه إن شاء الله »(١) .

مسالة ٦٩٧ : يكره بيع العقار إلّا لضرورة.

قال أبان بن عثمان : دعاني الصادقعليه‌السلام فقال : « باع فلان أرضه؟ » فقلت : نعم ، فقال: « مكتوب في التوراة أنّه مَنْ باع أرضاً أو ماءً ولم يضعه في أرض وماء ذهب ثمنه محقاً »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « مشتري العقدة مرزوق وبائعها ممحوق »(٣) .

وقال مسمع للصادقعليه‌السلام : إنّ لي أرضاً تُطلب منّي ويرغّبوني ، فقال لي : « يا أبا سيّار أما علمت أنّه مَنْ باع الماء والطين ولم يجعل ماله في الماء والطين ذهب ماله هباءً » قلت : جعلت فداك إنّي أبيع بالثمن الكثير فأشتري ما هو أوسع ممّا بعت ، فقال : « لا بأس »(٤) .

مسالة ٦٩٨ : يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد‌ ؛ لأنّه قد صار ملكاً للبائع بالعقد ، فيندرج تحت قوله تعالى :( وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ ) (٥) .

وروى إبراهيم الكرخي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : اشتريت للصادقعليه‌السلام جاريةً فلمـّا ذهبت أنقدهم قلت : أستحطّهم ، قال : « لا ، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة»(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٨٥ / ١١٤١.

(٢) الكافي ٥ : ٩١ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٨٧ - ٣٨٨ / ١١٥٥.

(٣) الكافي ٥ : ٩٢ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٨٨ / ١١٥٦.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٨٨ / ١١٥٧ ، وبتفاوت في الكافي ٥ : ٩٢ / ٨.

(٥) هود : ٨٥.

(٦) الكافي ٥ : ٢٨٦ ( باب الاستحطاط بعد الصفقة ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ٢٣٣ / ١٠١٧ ، الاستبصار ٣ : ٧٣ / ٢٤٣.

١٩١

قال الشيخ : إنّه محمول على الكراهة(١) ؛ لما روى معلّى بن خنيس عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يشتري المتاع ثمّ يستوضع ، قال : « لا بأس به » وأمرني فكلّمت له رجلاً في ذلك(٢) .

وعن يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يستوهب من الرجل الشي‌ء بعد ما يشتري فيهب له ، أيصلح له؟ قال : « نعم »(٣) .

وكذا في الإجارة. روى عليّ أبو الأكراد عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : إنّي أتقبّل العمل فيه الصناعة وفيه النقش فاُشارط النقاش على شي‌ء فيما بيني وبينه العشرة أزواج بخمسة دراهم أو العشرين بعشرة ، فإذا بلغ الحساب قلت له : أحسن ، فأستوضعه من الشرط الذي شارطته عليه ، قال : « بطيب نفسه؟ » قلت : نعم ، قال : « لا بأس »(٤) .

مسالة ٦٩٩ : أصل الأشياء الإباحة إلّا أن يُعلم التحريم في بعضها.

روي عن الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - قال : « كلّ شي‌ء يكون منه حرام وحلال فهو حلال لك أبداً حتى تعرف أنّه حرام بعينه فتدعه »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « كلّ شي‌ء هو لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قِبَل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، أو المملوك عندك ولعلّه حُرٌّ قد باع نفسه أو خُدع فبِيع أو قُهر ، أو امرأة تحتك وهي اُختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٣٣ ، ذيل الحديث ١٠١٧ ، الاستبصار ٣ : ٧٤ ، ذيل الحديث ٢٤٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٣٣ / ١٠١٨ ، الاستبصار ٣ : ٧٣ / ٢٤٤.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٣٣ - ٢٣٤ / ١٠١٩ ، الاستبصار ٣ : ٧٤ / ٢٤٥.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٣٤ / ١٠٢٠.

(٥) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٣٩ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٨.

١٩٢

ذلك أو تقوم به البيّنة »(١) .

مسالة ٧٠٠ : لا ينبغي التهوين في تحصيل قليل الرزق‌ ، فإنّ علي بن بلال روى عن الحسين الجمّال قال : شهدت إسحاق بن عمّار وقد شدّ كيسه وهو يريد أن يقوم فجاء إنسان يطلب دراهم بدينار ، فحلّ الكيس وأعطاه دراهم بدينار ، فقلت له : سبحان الله ما كان فضل هذا الدينار ، فقال إسحاق بن عمّار : ما فعلت هذا رغبة في الدينار ، ولكن سمعت الصادقَعليه‌السلام يقول : « من استقلّ قليل الرزق حرم الكثير »(٢) .

مسألة ٧٠١ : ينبغي الاقتصاد في المعيشة وترك الإسراف.

قال الباقرعليه‌السلام : « من علامات المؤمن ثلاث : حسن التقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة ، والتفقّه في الدين » وقال : « ما خير في رجل لا يقتصد في معيشته ما يصلح [ لا ](٣) لدنياه ولا لآخرته »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام في قوله عزّ وجلّ :( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ) (٥) قال : « ضمّ يده » فقال : « هكذا »( وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ ) (٦) قال : « وبسط راحته » وقال : « هكذا »(٧) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ثلاثة من السعادة : الزوجة الموافقة(٨) ، والأولاد البارّون ، والرجل يرزق معيشته ببلده يغدو إليه ويروح »(٩) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٣١٣ - ٣١٤ / ٤٠ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ ، ٩٨٩.

(٢) الكافي ٥ : ٣١١ / ٣٠ ، التهذيب ٧ : ٢٢٧ / ٩٩٣.

(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٣٦ / ١٠٢٨.

(٥ و ٦ ) الإسراء : ٢٩.

(٧) التهذيب ٧ : ٢٣٦ / ١٠٣١.

(٨) في المصدر : « المؤاتية » بدل « الموافقة ».

(٩) التهذيب ٧ : ٢٣٦ / ١٠٣٢ ، وفي الكافي ٥ : ٢٥٨ ( باب أنّ من السعادة ) الحديث ٢ بتفاوت يسير.

١٩٣

الفصل الثاني : في الشفعة

الشفعة مأخوذة من قولك : شفعت كذا بكذا ، إذا جعلته شفعاً به كأنّ الشفيع يجعل نصيبه شفعاً بنصيب صاحبه.

وأصلها التقوية والإعانة ، ومنه الشفاعة والشفيع ؛ لأنّ كلّ واحد من الموترين(١) يتقوّى بالآخَر.

وفي الشرع عبارة عن استحقاق الشريك انتزاع حصّة شريكه ، المنتقلة عنه بالبيع ، أو حقّ تملّك قهري يثبت(٢) للشريك القديم على الحادث ، وليست بيعاً ، فلا يثبت فيها خيار المجلس.

ولا بدّ في الشفعة من مشفوع - وهو المأخوذ بالشفعة ، وهو محلّها - ومن آخذٍ له ، ومن مأخوذ منه ، فهُنا مباحث :

البحث الأوّل : المحلّ.

محلّ الشفعة كلّ عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة.

واعلم أنّ أعيان الأموال على أقسام ثلاثة :

الأوّل : الأراضي. وتثبت فيها الشفعة أيّ أرض كانت بلا خلاف - إلّا من الأصمّ(٣) - لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « الشفعة فيما‌

____________________

(١) كذا في « س ، ي » والطبعة الحجريّة.

(٢) في « س ، ي » : « ثبت ».

(٣) حلية العلماء ٥ : ٢٦٣ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٤٦٠.

١٩٤

لم يقسم ، فإذا وقعت(١) الحدود فلا شفعة »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « الشفعة لا تكون إلّا لشريكٍ »(٣) .

احتجّ الأصمّ على قوله بنفي الشفعة في كلّ شي‌ء : بأنّ في إثباتها إضراراً بأرباب الأملاك ، فإنّه إذا علم المشتري أنّه يؤخذ منه ما يبتاعه ، لم يبتعه ، ويتقاعد الشريك بالشريك ، ويستضرّ المالك(٤) .

وهو غلط ؛ لما تقدّم من الأخبار. وما ذكره غلط ؛ لأنّا نشاهد البيع يقع كثيراً ولا يمتنع المشتري - باعتبار استحقاق الشفعة - من الشراء. وأيضاً فإنّ له مدفعاً إذا علم التضرّر بذلك بأن يقاسم الشريك ، فتسقط الشفعة إذا باع بعد القسمة.

وتثبت الشفعة في الأراضي سواء بيعت وحدها أو مع شي‌ء من المنقولات ، ويوزّع الثمن عليهما بالنسبة ، ويأخذ الشفيع الشقص بالقسط.

الثاني : المنقولات‌ ، كالأقمشة والأمتعة والحيوانات ، وفيها لعلمائنا قولان :

أحدهما - وهو المشهور - : أنّه لا شفعة فيها - وبه قال الشافعي(٥) -

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وضعت » بدل « وقعت ». وما أثبتناه هو الموافق لما في المصادر ، وكذا تأتي الرواية أيضاً بعنوان « وقعت » في ص ٢٠٧ - ٢٠٨.

(٢) الموطّأ ٢ : ٧١٣ / ١ ، التمهيد ٧ : ٣٧ - ٤٤ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٥ / ٣٥١٤ ، سنن البيهقي ٦ : ١٠٣ و ١٠٥ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٠٨ / ١١٩٨٦.

(٣) التهذيب ٧ : ١٦٤ / ٧٢٥.

(٤) المغني والشرح الكبير ٥ : ٤٦٠.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٣ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١١٦ ، الوجيز ١ : ٢١٥ ، الوسيط ٤ : ٦٩ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٣٧ ، =

١٩٥

لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا شفعة إلّا في رَبْعٍ أو حائط »(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ، ثمّ قال : لا ضرر ولا إضرار »(٢) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « ليس في الحيوان شفعة »(٣) .

ولأنّ الأصل عدم الشفعة ، ثبت في الأراضي بالإجماع ، فيبقى الباقي على المنع.

والثاني لعلمائنا : تثبت الشفعة في كلّ المنقولات - وبه قال مالك في إحدى الروايات عنه(٤) - لما رواه العامّة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « الشفعة في كلّ شي‌ء »(٥) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يونس عن بعض رجاله عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الشفعة لمن هي؟ وفي أيّ شي‌ء هي؟ ولمن تصلح؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ فقال : « الشفعة جائزة في كلّ شي‌ء من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشي‌ء بين شريكين لا غيرهما ، فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحقّ به من غيره ، وإن زاد على‌

____________________

= العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٢ و ٤٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٥ ، منهاج الطالبين : ١٥١.

(١) نصب الراية ٤ : ١٧٨ نقلاً عن البزار في مسنده.

(٢) الكافي ٥ : ٢٨٠ / ٤ ، الفقيه ٣ : ٤٥ / ١٥٤ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ / ٧٢٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١٦٥ / ٧٣٣ ، الاستبصار ٣ : ١١٧ - ١١٨ / ٤١٩.

(٤) حلية العلماء ٥ : ٢٦٣ - ٢٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٣ ، المغني ٥ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧٢.

(٥) سنن الترمذي ٣ : ٦٥٤ / ١٣٧١ ، سنن البيهقي ٦ : ١٠٩ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ١٢٣ / ١١٢٤٤ ، شرح معاني الآثار ٤ : ١٢٥.

١٩٦

الاثنين فلا شفعة لأحدٍ منهم »(١) .

ولأنّ الشفعة تثبت لأجل ضرر القسمة ، وذلك حاصل فيما يُنقل.

والجواب : أنّ خبر العامّة وخبر الخاصّة معاً مرسلان ، وأخبارنا أشهر ، فيتعيّن العمل بها وطرح أخبارهم. والضرر بالقسمة إنّما هو لما يحتاج إليه من إحداث المرافق ، وذلك يختصّ بالأرض دون غيرها ، فافترقا.

وقد وردت رواية تقتضي ثبوت الشفعة في المملوك دون باقي الحيوانات :

روى الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في المملوك بين شركاء فيبيع أحدهم نصيبه ، فيقول صاحبه : أنا أحقّ به ، أله ذلك؟

قال : « نعم إذا كان واحدا » فقيل : في الحيوان شفعة؟ فقال : « لا »(٢) .

وعن عبد الله بن سنان قال : قلت للصادقعليه‌السلام : المملوك يكون بين شركاء فباع أحدهم نصيبه ، فقال أحدهم : أنا أحقّ به ، إله ذلك؟ قال : « نعم إذا كان واحداً »(٣) .

وعن مالك رواية اُخرى : أنّ الشفعة تثبت في السفن خاصّة(٤) .

الثالث : الأعيان التي كانت منقولةً في الأصل ثمّ اُثبتت في الأرض للدوام‌ ، كالحيطان والأشجار ، وإن بيعت منفردةً ، فلا شفعة فيها على المختار ؛ لأنّها في حكم المنقولات ، وكانت في الأصل منقولةً ، وستنتهي‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٨١ / ٨ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ - ١٦٥ / ٧٣٠ ، الاستبصار ٣ : ١١٦ / ٤١٣.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٠ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٦ / ٧٣٥ ، الاستبصار ٣ : ١١٦ / ٤١٥.

(٣) التهذيب ٧ : ١٦٥ - ١٦٦ / ٧٣٤ ، الاستبصار ١ : ١١٦ / ٤١٤.

(٤) حلية العلماء ٥ : ٢٦٣ - ٢٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٣ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٢.

١٩٧

إليه وإن طال أمدها ، وليس معها ما تجعل تابعةً له ، وبه قال الشافعي(١) .

وحكى بعض أصحابه قولاً آخَر : أنّه تثبت فيها الشفعة كثبوتها في الأرض(٢) .

ولو بِيعت الأرض وحدها ، ثبتت الشفعة فيها ، ويكون الشفيع معه كالمشتري.

وإن بِيعت الأبنية والأشجار مع الأرض ، ثبتت الشفعة فيها تبعا للأرض ، لأنّ في بعض أخبار العامّة لفظ « الرّبع »(٣) وهو يتناول الأبنية ، وفي بعض أخبار الخاصّة : « والمساكن »(٤) وهو يتناول الأبنية أيضاً ، وفي بعضها : « الدار »(٥) وهو يتناول الجدران والسقوف والأبواب.

مسالة ٧٠٢ : الأثمار على الأشجار - سواء كانت مؤبَّرةً أو لا - إذا بِيعت معها ومع الأرض ، لا تثبت فيها الشفعة - وبه قال الشافعي(٦) - وكذا إذا شرط إدخال الثمرة في البيع ؛ لأنّها لا تدوم في الأرض.

وكذا الزروع الثابتة في الأرض ؛ لأنّ ما لا يدخل في بيع الأرض بالإطلاق لا يثبت له حكم الشفعة ، كالفدان(٧) الذي يعمل فيها ، وعكسه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١٩٥ ، الهامش (١).

(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١٩٥ ، الهامش (٢).

(٥) راجع : الكافي ٥ : ٢٨٠ / ٢ ، والتهذيب ٧ : ١٦٥ / ٧٣١ ، والاستبصار ٣ : ١١٧ / ٤١٧.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٩ ، ١٩٦٧ ، المغني ٥ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧١.

(٧) الفَدان : الذي يجمع أداة الثورين في القِران للحرث. لسان العرب ١٣ : ٣٢١ « فدن ».

١٩٨

البناء والشجر.

وقال الشيخ وأبو حنيفة ومالك : تدخل الثمار والزروع مع اُصولها ومع الأرض التي نبت الزرع بها(١) ؛ لأنّها متّصلة بما فيه الشفعة ، فتثبت الشفعة فيها ، كالبناء والغراس(٢) .

ويمنع الاتّصال ، بل هي بمنزلة الوتد المثبت في الحائط.

وفي الدولاب الغرّاف والناعورة نظر من حيث عدم جريان العادة بنقله ، فكان كالبناء.

والأقرب : عدم الدخول.

ولا تدخل الحبال التي تركب عليها الدلاء.

مسالة ٧٠٣ : قد بيّنّا أنّه لا تثبت الشفعة في المنقولات‌ ، ولا فرق بين أن تباع منفردةً أو مع الأرض التي تثبت فيها الشفعة ، بل يأخذ الشفيع الشقص من الأرض خاصّة بحصّته من الثمن.

وعن مالك رواية ثالثة أنّها : إن بِيعت وحدها ، فلا شفعة فيها. وإن بيعت مع الأرض ، ففيها الشفعة ؛ لئلّا تتفرّق الصفقة(٣) .

والجواب : المعارضة بالنصوص.

ولو كانت الثمرة غير مؤبَّرة ، دخلت في المبيع شرعاً ، ولا يأخذها الشفيع ؛ لأنّها منقولة. ولأنّ المؤبَّرة لا تدخل في الشفعة فكذا غيرها ، وهو‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « يثبت الزرع فيها » بدل « نبت الزرع بها ».

(٢) الخلاف ٣ : ٤٤٠ ، المسألة ١٥ ، المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٩ ، المبسوط - للسرخسي - ١٤ : ١٣٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٧ - ٢٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٩ / ١٩٦٧ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٤٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤ ، المغني ٥ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٣.

١٩٩

أحد قولي الشافعي. والآخَر : أنّها تدخل في الشفعة ؛ لدخولها في مطلق البيع(١) .

وعلى هذا فلو لم يتّفق الأخذ حتى تأبّرت ، فوجهان للشافعيّة :

أظهرهما : الأخذ ؛ لأنّ حقّه تعلّق بها ، وزيادتها كالزيادة الحاصلة في الشجرة.

والثاني : المنع ؛ لخروجها عن كونها تابعةً للنخل.

وعلى هذا فبِمَ يأخذ الأرض والنخيل؟ وجهان :

أشبههما : بحصّتهما من الثمن كما في المؤبَّرة ، وهو مذهبنا.

والثاني : بجميع الثمن تنزيلاً له منزلة عيبٍ يحدث بالشقص(٢) .

ولو كانت النخيل حائلةً عند البيع ثمّ حدثت الثمرة قبل أخذ الشفيع ، فإن كانت مؤبَّرةً ، لم يأخذها. وإن كانت غير مؤبَّرة ، فعلى قولين(٣) .

وعندنا لا يأخذها ؛ لاختصاص الأخذ عندنا بالبيع ، والشفعة ليست بيعاً.

وإذا بقيت الثمرة للمشتري ، فعلى الشفيع إبقاؤها إلى الإدراك مجّاناً.

وهذا إذا بِيعت الأشجار مع الأرض أو مع البياض الذي يتخلّلها ، أمّا إذا بيعت الأشجار ومغارسها لا غير ، فوجهان للشافعي ، وكذا لو باع الجدار مع الاُسّ :

أحدهما : أنّه تثبت الشفعة ؛ لأنّها أصل ثابت.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٦.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٤ - ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

كما لو باع ملكه قبل العلم بالشفعة. وإن أخذه بالشفعة ثمّ فسخ البيع ، فالحكم في الشفعة كالحكم في الزوائد الحادثة في زمن الخيار.

مسالة ٧٢٠ : إذا اشترى شقصاً فوجد به عيباً ، فإن كان المشتري والشفيع معاً عالمـَين به ، لم يكن للشفيع ردّه لو أخذه من المشتري ، ولم يكن للمشتري ردّه لو لم يكن الشفيع أخذه ، بل يثبت(١) للمشتري الأرش.

ولو لم يعلما معاً بالعيب ، كان للشفيع ردّه على المشتري ، وللمشتري ردّه على البائع.

وإن علم به المشتري خاصّةً دون الشفيع ، كان للشفيع ردّه بالعيب على المشتري ، ولم يكن للمشتري ردّه على البائع.

وإن كان الشفيع عالماً به دون المشتري ، لم يكن للشفيع ردّه على المشتري ، ويثبت للمشتري الأرش.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه استدرك ظلامته ، فلم يكن له الرجوع بالأرش(٢) .

وقال بعضهم : إنّه لم ييأس من الردّ(٣) .

فإن رجع إلى المشتري ببيعٍ أو إرث أو غير ذلك ، فهل له ردّه؟ مبنيّ على التعليلين ، إن قلنا : إنّه لا يرجع ؛ لأنّه استدرك ظلامته ، لم يكن له ردّه. وإن قلنا بالآخَر ، فله ردّه.

____________________

(١) في « س ، ي » : « ثبت ».

(٢ و ٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٢١

وإذا لم يكن المشتري عالماً بالعيب وأراد(١) ردّه وأراد الشفيع أخذه ورضي بكونه معيباً ، فللشافعي قولان :

أحدهما : أنّ الشفيع أولى بالإجابة ؛ لأنّه حقٌّ سابق على حقّ المشتري ، فإنّه ثابت بالبيع. ولأنّ الغرض للمشتري استدراك الظلامة والوصول إلى الثمن ، وهذا الغرض يحصل بأخذ الشفيع ، ولأنّا لو قدّمنا المشتري ، بطل حقّ الشفيع بالكلّيّة ، ولو قدّمنا الشفيع ، حصل للمشتري مثل الثمن أو قيمته.

وهذا أقوى عندي وهو قول أكثرهم.

والثاني : أنّ المشتري أولى ؛ لأنّ الشفيع إنّما يأخذ إذا استقرّ العقد وسلم عن الردّ. ولأنّه قد يريد استرداد عين ماله ودفع عهدة الشقص عنه(٢) .

مسالة ٧٢١ : لو ردّه المشتري بالعيب قبل علم الشفيع ومطالبته ثمّ علم وجاء يطلب الشفعة‌ ، فإن قلنا : إنّ المشتري أولى عند اجتماعهما - كما هو أحد قولي الشافعي(٣) - فلا يُجاب الشفيع.

وإن قلنا : الشفيع أولى ، فللشافعي وجهان :

أظهرهما : أنّه يُجاب ويفسخ الردّ ، أو نقول : تبيّنّا أنّ الردّ كان باطلاً. وهو الأقوى عندي.

والثاني : لا يجاب ؛ لتقدّم الردّ(٤) .

وهذا الخلاف في أنّ الشفيع أولى أو المشتري جارٍ فيما إذا اشترى‌

____________________

(١) في « س ، ي » : « فأراد ».

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦١ - ١٦٢.

٢٢٢

شقصاً بعبدٍ ثمّ وجد البائع بالعبد عيباً فأراد ردّه واسترداد الشقص ، وأراد الشفيع أخذه بالشفعة ، وسيأتي(١) ، وفيما إذا اشترى شقصاً بعبدٍ وقبض الشقص قبل تسليم العبد ، فتلف العبد في يده، تبطل شفعة الشفيع في وجهٍ ، ويتمكّن من الأخذ في الثاني(٢) ، كما لو تلف بعد أخذ الشفيع ، فإنّ الشفعة لا تبطل ، بل على الشفيع قيمة العبد للمشتري ، وعلى المشتري قيمة الشقص للبائع.

ولو كان الثمن معيّناً وتلف قبل القبض ، بطل البيع والشفعة.

مسالة ٧٢٢ : لا تثبت الشفعة في عقد غير البيع‌ ، سواء كان عقد معاوضة كالهبة المعوّض عنها ، والإجارة والنكاح وغيرها من جميع العقود عند علمائنا أجمع ، فلو تزوّج امرأة وأصدقها شقصاً ، لم تثبت الشفعة عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٣) - للأصل الدالّ على أصالة عصمة مال الغير ، وأنّه لا يحلّ أخذه منه إلّا عن طيبة نفس ، خرج ما اتّفقنا على إثبات الشفعة فيه ؛ للنصوص ، فيبقى الباقي على أصله.

وما رواه - في الصحيح(٤) - أبو بصير عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة على بيت في دار له وفي تلك الدار شركاء ، قال : « جائز له ولها ، ولا شفعة لأحد من الشركاء عليها »(٥) .

____________________

(١) في ص ٢٧٧ ، المسألة ٧٥٤.

(٢) أي : في الوجه الثاني.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٠ - ١١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٩ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤ - ٤٦٥.

(٤) جملة « في الصحيح » لم ترد في « س ، ي ».

(٥) الفقيه ٣ : ٤٧ / ١٦٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٧ / ٧٤٢.

٢٢٣

وقول الصادقعليه‌السلام : « الشفعة في البيوع »(١) .

ولأنّ البُضْع ليس بمال ، وإذا ملك الشقص بغير مال ، لا تثبت فيه الشفعة ، كالهبة.

وقال الشافعي ومالك : تثبت الشفعة(٢) . ثمّ اختلفا ، فقال الشافعي : يأخذه الشفيع بمهر مثل الزوجة(٣) .

وقال مالك : بقيمة الشقص ؛ لأنّه عقد معاوضة ، فجاز أن تثبت الشفعة في الأرض المملوكة به ، كالبيع(٤) (٥) .

ويمنع صلاحيّة عقد المعاوضة للعلّيّة ، بل العلّة عقد خاصّ ، وهو البيع.

قال مالك : ولو أوجبنا مهر المثل ، لقوّمنا البُضْع على الأجانب ، ولأضررنا(٦) بالشفيع ؛ لأنّه قد يتفاوت مهر المثل مع المسمّى ؛ لأنّ المهر قد يسامح فيه في العادة ، بخلاف البيع(٧) (٨) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٨١ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ / ٧٢٨.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٣٨٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢ ، المنتقى - للباجي - ٦ : ٢٠٧ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٦ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، المنتقى - للباجي - ٦ : ٢٠٨.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « كالمبيع ».

(٥) المنتقى - للباجي - ٦ : ٢٠٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤.

(٦) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة بدل « لأضررنا » : « لاضربنا ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٧) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة بدل « البيع » : « البضع ». وما أثبتناه من المصدر.

(٨) اُنظر : المغني ٥ : ٤٦٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

٢٢٤

قالت الشافعيّة : إنّ المرأة ملكت الشقص القابل للشفعة ببدلٍ ليس له مثل ، فوجب الرجوع إلى قيمته في الأخذ بالشفعة ، كما لو باع سلعةً لا مثل لها(١) .

ولا يمتنع تقويم البُضْع على الأجنبيّ بسببٍ ، كما نقوّمه(٢) على المرضعة وشاهدَي الطلاق إذا رجعا. والمسامحة لا اعتبار بها ، والظاهر أنّ العوض يكون عوض المثل.

مسالة ٧٢٣ : إذا أصدقها شقصاً ثمّ طلّقها قبل الدخول‌ ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : تثبت الشفعة(٣) .

فعلى قوله لا يخلو إمّا أن يكون قد طلّقها بعد ما أخذ الشفيع الشقصَ أو بعد عفوه قبل علمه.

فإن طلّقها بعد ما أخذ ، رجع الزوج إلى قيمة الصداق ؛ لزوال ملكها عن الصداق ، كما لو باعته ثمّ طلّقها ، ويكون له قيمة نصف الصداق أقلّ ما كان من حين العقد إلى حين القبض.

وإن طلّقها بعد عفو الشفيع ، رجع في نصف الشقص ؛ لأنّ حقّ الشفيع قد سقط ، والشقص في يدها نصفه ، وتعلّق حقّ الشفيع قبل سقوطه لا يمنع من الرجوع بعد سقوطه ، ألا ترى أنّه لو باعته ثمّ اشترته ثمّ طلّقها الزوج ، فإنّه يرجع في نصفه.

____________________

(١) اُنظر : المغني ٥ : ٤٦٩.

(٢) في « ي » : « يقوَّم » بدل « نقوّمه ».

(٣) مختصر المزني : ١٢٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

٢٢٥

وإن طلّقها قبل أن يعلم الشفيع ثمّ علم وجاء يريد أخذه بالشفعة ، فله أخذ نصفه.

وأمّا النصف الآخَر فهل الزوج أولى به أو الشفيع؟ وجهان للشافعيّة :

أحدهما : أنّ الشفيع أولى ؛ لأنّ حقّه أسبق ، فإنّ حقّ الزوج ثبت بالطلاق.

والثاني : الزوج أولى ؛ لأنّ حقّه ثبت بالنصّ.

والأوّل أصحّ عندهم ؛ لأنّ حقّ الشفعة في الجملة ثبت أيضاً بالإجماع ، كما أنّ حقّ الزوج ثبت بالنصّ في الجملة(١) .

وهذا عندنا ساقط ؛ إذ لا شفعة هنا.

مسالة ٧٢٤ : لو اشترى شقصاً وأفلس بالثمن وأراد البائع الرجوع في الشقص وطلبه الشفيع، فالأقوى عندي : تقديم حقّ الشفيع ، ويؤخذ منه الثمن ويدفع إلى البائع ؛ لأنّ حقّه ثبت بالعقد ، وحقّ البائع ثبت بالإفلاس ، والعقد أسبق ، وأسبق الحقّين أولى بالرعاية. ولأنّ منع الشفيع يقتضي إبطال حقّه بالكلّيّة ، وإذا قدّمناه ، لا يبطل حقّ البائع ، بل ينتقل إلى البدل. ولأنّ حقّ الشفيع أقوى من حقّ البائع ، فإنّ الشفيع يُبطل تصرّف المشتري ويأخذ الشقص ، والبائع لا يُبطل تصرّف المشتري عند إفلاسه ، وهذا وجهٌ للشافعي(٢) .

وله وجهان آخَران :

أحدهما : تقديم حقّ البائع ؛ لاستناد حقّه إلى ملك سابق. ولأنّ البائع‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

٢٢٦

لم يرض بزوال الشقص إلّا على أن يسلم له الثمن ، فإذا لم يسلم ، وجب أن لا يؤخذ منه.

والآخَرَ : الشفيع أولى ، ويكون الثمن اُسوة الغرماء ؛ لأنّ حقّ البائع إذا انتقل عن العين إلى الذمّة ، التحق بسائر الغرماء.

وقيل : يقدّم البائع بالثمن رعايةً للجانبين.

والثالث(١) : إن كان البائع سلّم الشقص ثمّ أفلس المشتري ، لم يكن أولى بالثمن ؛ لرضاه بذمّة المشتري. وإن لم يسلّمه ، فهو أولى بالثمن(٢) .

وهذا الخلاف بين الشافعيّة ثابت في الزوج إذا طلّق قبل الدخول أو ارتدّ والمهر الشقص(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّ الشفيع أولى من الزوج ، والبائع أولى من الشفيع في الإفلاس ؛ لأنّ الثابت للزوج بالطلاق الملكُ ، والشفيع يثبت له ولاية التملّك ، لكنّ الشفيع أسبق حقّاً ، فهو أولى بالتقديم(٤) .

هذا إن اجتمع الشفيع مع الزوج أو البائع ، أمّا لو أخذ الشفيع الشقص من يد الزوجة ثمّ طلّق الزوج ، أو من يد المشتري ثمّ أفلس ، فلا رجوع للزوج وللبائع بحال ، لكنّ البائع يرجع إلى الثمن ، والزوج إلى القيمة في مالها ، كما لو زال الملك ببيع وشبهه.

ولو طلّقها قبل علم الشفيع وأخذ النصف ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : إذا جاء الشفيع ، ففي استرداده ما أخذ الزوج وجهان ،

____________________

(١) أي الوجه الثالث للشافعيّة أيضاً.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥.

٢٢٧

كما إذا جاء بعد الردّ بالعيب(١) .

وحكى الجويني طريقةً قاطعة بالمنع ؛ لأنّ المهر يشطر بالطلاق من غير اختيار ، فيبعد نقضه. فإن قلنا : يستردّه ، أخذه وما بقي في يدها ، وإلّا أخذ ما في يدها ، ودفع إليها نصف مهر المثل(٢) .

ولو كان للشقص الممهور شفيعان وطلبا وأخذ أحدهما نصفه وطلّقها قبل أن يأخذ الآخَر ، لم يأخذ الزوج النصف الحاصل في يد الشفيع.

وهل هو أولى في النصف الآخَر أم الشفيع؟ فيه ما سبق من الخلاف.

ويجري فيما إذا أخذ أحد الشفيعين من يد المشتري ثمّ أفلس ، فإن قلنا : الشفيع أولى ، ضارَبَ البائع مع الغرماء بالثمن.

وإن قلنا : البائع أولى ، فإن شاء أخذ النصف الثاني وضارَبَ مع الغرماء بنصف الثمن ، وإلّا تركه وضارب بجميع الثمن.

مسالة ٧٢٥ : قد بيّنّا أنّ الشفعة إنّما تثبت بالبيع خاصّةً.

وقال الشافعي : تثبت بكلّ عقد معاوضة(٣) .

ووافقنا(٤) على ما إذا ملك من غير معاوضة ، فلا شفعة عليه ، كالإرث والهبة والوصيّة.

أمّا الإرث : فلأنّ الوارث يملك بغير اختياره ، بخلاف المشتري المالك باختياره ، فإنّه بدخوله على الشريك سلّط الشريك عليه دفعاً للتضرّر به ، وقد كان من حقّه أن لا يدخل عليه.

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٣ و ٤ ) حلية العلماء ٥ : ٢٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

٢٢٨

وأمّا الهبة والوصيّة : فلأنّ المتّهب والموصى له تقلّدا المنّة من الواهب والموصي حيث قبلا تبرّعهما ، ولو أخذ الشفيع ، لأخذ عن استحقاقٍ وتسلّط ، فلا يكون متقلّداً للمنّة ، ووضع الشفعة على أن يأخذ الشفيع بما أخذ به المتملّك.

أمّا لو شرط في الهبة الثواب أو قلنا : إنّها تقتضي الثواب مع الإطلاق ، فلا شفعة فيها أيضاً عندنا.

وقال الشافعي : إن كان العوض معلوماً ، صحّت الهبة ، وكانت بيعاً ، وتثبت فيه الشفعة ، سواء تقابضا أو لم يتقابضا - وبه قال زفر - لأنّه ملك بعوض ، فلم يفتقر إلى التقابض ، كالبيع(١) .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا تثبت حتى يتقابضاً ؛ لأنّ الهبة لا تلزم إلّا بالقبض ، فهو بمنزلة بيع الخيار(٢) .

وأجاب الشافعيّة بأنّه لا يصحّ ما قالوه من اعتبار لفظ الهبة ؛ لأنّ العوض يصرفها عن مقتضاها ، وتصير عبارةً عن البيع ، وخاصّة عندهم ينعقد بها النكاح ، ولا يفتقر النكاح إلى القبض(٣) .

فأمّا إذا كانت بغير شرط العوض ، فكذلك مبنيّ على القولين في اقتضائها الثواب.

وكلّ موضع قلنا : تقتضي الثواب تثبت الشفعة فيها بمثل الثواب إن كان مثليّاً ، وإلّا القيمة. وكلّ موضع قلنا : لا تقتضيه ، لم تثبت الشفعة ولو‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٥ / ١٩٥٨ ، بدائع الصنائع ٥ : ١١.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٥ / ١٩٥٨ ، المغني ٥ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤.

(٣) اُنظر : المغني ٥ : ٤٦٨ - ٤٦٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٦٤.

٢٢٩

أثابه الموهوب له.

وقال ابن أبي ليلى : تثبت الشفعة فيها بقيمة الشقص - وهو إحدى الروايتين عن مالك - لأنّ الشفعة تثبت لإزالة الضرر بالاشتراك ، وذلك موجود في الهبة(١) .

قالت الشافعيّة : إنّه يملكها بغير بدل ، فأشبه الميراث(٢) . وأمّا الضرر فلا يزال بضرر ، وفي أخذ الهبة ضرر ؛ لأنّه لا عوض فيها ، وإذا أخذها بغير عوض ، أبطل غرض(٣) الواهب والمتّهب معاً.

وعن الشافعي قولٌ آخَر : إنّه إذا شرط الثواب ، أو قلنا : إنّها تقتضيه ، لا يؤخذ – كمذهبنا - لأنّه ليس المقصود منه المعاوضة.

وعلى قول الأخذ ففي أخذه قبل قبض الموهوب وجهان :

أظهرهما : الأخذ ؛ لأنّه صار بيعاً.

والثاني : لا ؛ لأنّ الهبة لا تتمّ إلّا بالقبض ، وهذا هو الخلاف في أنّ الاعتبار باللفظ أم بالمعنى؟(٤)

مسالة ٧٢٦ : لو كان بين اثنين دار‌ ، فادّعى أجنبيّ ما في يد أحدهما ، فصالَحه المتشبّث عليه ، فلا شفعة عندنا ؛ لأنّها تتبع البيع ، والصلح عقد مستقلّ بنفسه مغاير للبيع.

وقال الشافعي : إن صالَحه بعد إقراره له به ، صحّ الصلح ، وتثبت‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٣.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٤ ، وانظر : المغني ٥ : ٤٦٨ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٦٣.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « عوض » بدل « غرض ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

٢٣٠

الشفعة للشريك ؛ لأنّ الصلح عنده بيع. وإن(١) أنكره وصالَح ، لم يصحّ الصلح عنده بناءً على مذهبه من أنّ الصلح لا يصحّ عن الإنكار(٢) .

وكذا لو ادّعى رجل على أحد الشريكين في الدار ألفاً ، فصالَحه منها على نصف الدار الذي له ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : إن كان مع الإقرار بالألف ، صحّ الصلح ، وكان للشفيع أخذه بالألف. وإن كان الصلح مع الإنكار ، لم يصحّ الصلح ، ولم تجب الشفعة(٣) .

مسالة ٧٢٧ : لو اشترى شقصا فعفا الشريك عن الشفعة ثمّ تقايلا‌ ، لم تثبت الشفعة بالإقالة عندنا على ما تقدّم(٤) من أنّ الشفعة تتبع البيع ، وأنّ الإقالة ليست بيعاً.

وقال الشافعي : إن قلنا : إنّ الإقالة فسخ لا بيع ، فلا شفعة ، كما لا يأخذ بالردّ بالعيب ؛ لأنّ الفسوخ وإن اشتملت على ترادّ العوضين فلا تعطى أحكام المعاوضات ، ألا ترى أنّه يتعيّن فيها العوض الأوّل. وإن قلنا : إنّها بيع ، فله الشفعة وأخذه من البائع(٥) .

وقال أبو حنيفة : تثبت الشفعة بالإقالة ، وبالردّ بالعيب بالتراضي(٦) ؛ لأنّه نقل الملك بالتراضي ، فأشبه البيع(٧) .

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فإن » بدل « وإن ».

(٢) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٤٤٩ - ٤٥٠ ، المسألة ٣٠.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٤٥٠ ، المسألة ٣١.

(٤) في ص ٢٢٢ ، المسألة ٧٢٢ ، وفي ص ١١٧ ، المسألة ٦٢٧.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٦) في « س » والطبعة الحجريّة : « وبالتراضي ».

(٧) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٨ ، المغني ٥ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

٢٣١

ولو تقايلا قبل علم الشريك بالبيع ، كان له الأخذ بالشفعة وفسخ الإقالة ؛ لسبق حقّه على الإقالة.

وقال الشافعي : إن قلنا : إنّ الإقالة بيع ، فالشفيع بالخيار [ بين ](١) أن يأخذ بها وبين أن يُبطلها حتى يعود الشقص إلى المشتري ، فيأخذ منه. وإن جعلناها فسخاً ، فهو كطلب الشفعة بعد الردّ بالعيب(٢) .

أمّا لو باع المشتري ، فللشريك هنا الخيار بين الأخذ من الأوّل وفسخ البيع الثاني ، وبين الأخذ من الثاني.

مسالة ٧٢٨ : لو جعل الشقص اُجرةً في إجارة ، أو جُعْلاً في جعالة‌ ، أو أصدقها شقصاً أو متّعها به أو خالعها على شقص ، أو صالَح عليه عن(٣) مال أو دم أو جراحة عن إقرار أو(٤) إنكار أو جعله المكاتب عوض نجومه ، لم تثبت الشفعة في شي‌ء من ذلك عندنا ، بل إنّما تثبت الشفعة في الشراء لا غير ، وبه قال أبو حنيفة ، وهو رواية عن أحمد(٥) ، وقد تقدّم(٦) بيانه.

ولو أقرضه شقصاً ، صحّ القرض ، وبه قال الشافعي(٧) .

وليس للشفيع أخذه بالشفعة عندنا.

وقال الشافعي : له الأخذ(٨) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « من » بدل « عن ».

(٤) في « س ، ي » : « و» بدل « أو ».

(٥) بدائع الصنائع ٥ : ١٠ - ١١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٧٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٩ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤ - ٤٦٥.

(٦) في ص ٢٢٢ ، المسألة ٧٢٢.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣ - ١٦٤.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

٢٣٢

والجعالة لا تثبت بها الشفعة ، كما قلنا.

وعند الشافعي تثبت بعد العمل ، لأنّ الملك حينئذٍ يحصل للعامل(١) .

أمّا لو اشترى بالشقص شيئاً أو جَعَله رأس مال السَّلَم ، فالأقرب : ثبوت الشفعة ؛ لصدق البائع على المشتري.

ولو بذل المكاتب شقصاً عوضاً عن بعض النجوم ثمّ عجز ورقّ ، فلا شفعة عندنا.

وأمّا عند الشافعي ففي بطلان الشفعة وجهان ينظر في أحدهما إلى أنّه كان عوضاً أو لا ، وفي الثاني إلى خروجه أخيراً عن العوضيّة ، وهذا أظهر عندهم(٢) .

ويشبه هذا الخلاف خلافهم فيما إذا كان الثمن عيناً وتلف قبل القبض(٣) .

ولو قال لمستولدته : إن خدمتِ أولادي شهراً ، فلك هذا الشقص ، فخدَمَتْهم ، استحقّت الشقص عند الشافعي. وفي ثبوت الشفعة وجهان :

أحدهما : تثبت ؛ لأنّها ملكتْه بالخدمة ، فكان كالمملوك بالإجارة وسائر المعاوضات.

وأظهرهما : المنع ؛ لأنّه وصيّة معتبرة من الثلث كسائر الوصايا ، وذكر الخدمة شرط داخل على الوصيّة(٤) .

مسالة ٧٢٩ : لوليّ الصبي والمجنون أن يأخذ لهما بالشفعة ما بِيع في شركتهما مع الغبطة لهما، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

٢٣٣

وأبو حنيفة(١) - لأنّه خيار جُعل لإزالة الضرر عن المال ، فملكه الوليّ في حقّ الصبي والمجنون ، كخيار الردّ بالعيب. وللعمومات الدالّة على ثبوت الشفعة للشريك ، فيدخلان فيه ، وكلّ حقٍّ هو لهما فإنّما يتولّاه الوليّ.

ولما رواه الخاصّة عن الصادقعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : وصيّ اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان [ له ](٢) رغبة فيه »(٣) .

وقال ابن أبي ليلى : لا شفعة فيه ؛ لأنّ الوليّ لا يثبت له الأخذ بالشفعة ، لأنّه لا يملك العفو، ومن لا يملك العفو لا يملك الأخذ ، ولا يمكن الانتظار بها ؛ لأنّ في ذلك إضرارا بالمشتري ، فبطلت(٤) .

وقال الأوزاعي : تثبت الشفعة ، وليس للوليّ أن يأخذ بها ، ويتأخّر ذلك إلى زوال الحجر عن مستحقّها ؛ لأنّ خيار القصاص ثبت للصبي ولا يستوفيه الوليّ ، كذلك الشفعة(٥) .

والجواب : لا نسلّم أنّه ليس له العفو ، بل له ذلك مع المصلحة.

سلّمنا ، لكنّ العفو إسقاط حقّه ، والأخذ استيفاء حقّه ، وهذا فرقٌ ، كما يملك قبض حقوقه ولا يملك إسقاط شي‌ء منها.

وخيار القصاص ثابت للوليّ مع المصلحة.

سلّمنا ، لكنّ القصد التشفّي ، وذلك لا تدخله النيابة ، والغرض‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٧٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٦ ، الوسيط ٤ : ٣٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٥ ، فتاوى قاضى خان ( بهامش الفتاوى الهنديّة ) ٣ : ٥٣٦ ، المغني ٥ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٦ - ٤٨٧.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ٢٨١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ١٦٦ / ٧٣٧.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٧٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ ، ١٩٥٥ ، المغني ٥ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٥.

(٥) المغني ٥ : ٤٩٥ و ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٧.

٢٣٤

بالشفعة إزالة الضرر عن المال ، وهو ممّا تدخله(١) النيابة.

مسالة ٧٣٠ : إنّما يأخذ الوليّ لهما إذا كان الأخذ مصلحةً بأن يكون قد بِيع بأقلّ من ثمن مثله ، أو تزيد قيمة الملك بأخذه ، أو يكون له مال يحتاج أن يشترى به العقار ، فيأخذه بثمن المثل.

وإن كان الحظّ في الأخذ فتُرك ، لم يصحّ الترك ، ولم تسقط الشفعة ، وكان للصبي والمجنون بعد الكمال أخذ الشقص - وبه قال محمد وزفر(٢) - لأنّه إسقاط حقَّ للمولّى عليه ، لا حظّ له في إسقاطه ، فلم يسقط ، كالإبراء وإسقاطِ خيار الردّ بالعيب.

وقال أبو حنيفة : إذا عفا ، سقطت ؛ لأنّ مَنْ ملك الأخذ ملك العفو ، كالمالك(٣) .

والفرق : أنّ المالك يملك الإبراء والتبرّع ، بخلاف الوليّ ، فبطل القياس.

وإن كان الحظّ في الترك - بأن يكون قد اشترى بأكثر من ثمن المثل أو لم يكن للصبي مال يشتري به فاستقرض له ورهن ماله وأخذ الشقص - لم يصحّ أخذه ، فإن أخذه ، لم يصحّ ، ولم يملكه الصبي بهذا الأخذ ، بل يكون باقياً على ملك المشتري ، ولا يقع للوليّ.

وكذا لو اشترى بأكثر من ثمن المثل ، لم يصحّ ، ولا يقع له إن سمّى الشراء للطفل. ولو أطلق ، وقع له ، بخلاف الأخذ بالشفعة ؛ لأنّ الشفعة تؤخذ بحقّ الشركة ، وذلك مختصّ بالصبي ، ولهذا لو أراد الوليّ الأخذ لنفسه ، لم يصحّ ، بخلاف الشراء.

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « يدخل » بدل « تدخله ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المغني ٥ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٦.

(٣) المغني ٥ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٦.

٢٣٥

وفي النكاح لو تزوّج لغيره بغير إذنه ، لم يقع للعاقد ؛ لأنّه يفتقر إلى ذكر الزوجين ، بخلاف البيع ؛ لأنّ عقد النكاح اختصّ بالمعقود له ، والشراء لا يحتاج إلى ذكر المشتري له.

مسالة ٧٣١ : العفو كالترك ليس للوليّ العفو عن الشفعة مع الحظّ بالأخذ ولا تركها كما بيّنّا.

ولو كان الحظّ في الترك فتُرك ، سقطت الشفعة ، وإذا زال الحجر عن المحجور عليه ، لم يكن له المطالبة بها - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ الوليّ يتبع الحظّ والمصلحة للمولّى عليه ، فله الأخذ إذا كان فيه حظّ ، فإذا كان الحظّ في العفو ، وجب أن يصحّ ، كما يصحّ الأخذ ، ولهذا يصحّ من الوليّ الردّ بالعيب ، وإذا بلغ ، لم يكن له الاعتراض ، كذا هنا.

وقال بعض(٢) الشافعيّة : ليس للوليّ أن يعفو ، وإنّما يترك الأخذ إذا لم يكن حظّاً ، فإذا زال الحجر ، كان المحجور عليه بالخيار. وجَعَله قولاً ثانياً للشافعي - وبه قال زفر ومحمد بن الحسن الشيباني(٣) - لأنّ المستحقّ للشفعة له أخذها ، سواء كان له فيها حظّ أو لم يكن ، وإنّما يعتبر الحظّ في حقّ المولّى [ عليه ](٤) ، وإذا زال عنه الحجر ، كان له الأخذ.

مسالة ٧٣٢ : لو باع الوصي أو الوليّ شقصا للطفل وطفل آخر - هو وليّه أيضا - شريك‌ ، كان له الأخذ بالشفعة للآخَر ؛ لأنّ الأوّل قد يحتاج إلى البيع ، والثاني إلى الأخذ.

ولو كان الوليّ هو الشريك ، فالأقرب : أنّ له الأخذ ؛ لأنّه حقّ ثبت له على المشتري بعد تمام العقد وانقطاع ملك الطفل ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١ و ٢ ) حلية العلماء ٥ : ٣١٣.

(٣) اُنظر : بدائع الصنائع ٥ : ١٦ ، وحلية العلماء ٥ : ٣١٢.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

٢٣٦

الشافعيّة. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّه ليس له أخذه بالشفعة ؛ لأنّه لو مُكّن منه ، لم يؤمن أن يترك النظر والاستقصاء للصبي ، ويسامح في البيع ليأخذ بالشفعة بالثمن البخس ، كما أنّه لا يُمكّن من بيع ماله من نفسه(١) .

ولو رفع ذلك إلى الحاكم فباعه ، أخذه الوصيّ ؛ لزوال التهمة.

ولو كان البائعُ الأبَ أو الجدَّ له ، جاز له الأخذ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه يجوز أن يبيع من نفسه. ولأنّ ولايتهما أقوى ، وكذا شفقتهما.

ولو اشترى شقصاً للطفل وهو شريك في العقار ، فله الأخذ بالشفعة ؛ لثبوت السبب السالم عن معارضة التهمة ؛ إذ لا يزيد في الثمن ليأخذ به ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الثاني : أنّه ليس له الأخذ ؛ لأنّه يلزم الصبي العهدة ولا منفعة له فيه(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ له أن يشتري للصبي وأن يشتري منه.

ولو وكّل الشريكُ شريكَه في البيع فباع ، فله الأخذ بالشفعة - وهو أحد قولي الشافعيّة ، وقال بعضهم : إنّه قول الأكثر(٤) - لأنّ الموكّل ناظر لنفسه ، يعترض ويستدرك إن وقف على تقصير الوكيل ، والصبي عاجز عن ذلك ، فيُصان حقّه عن الضياع.

وقال بعضهم : ليس له الأخذ ؛ للتهمة(٥) .

ولو وكّل إنسان أحد الشريكين ليشتري الشقص من الآخَر ، فاشتراه ، فله الأخذ.

وهنا إشكال ، وهو إن رضي الشريك بالبيع ، تبطل شفعته ، وفي هذه الصور كيف تتحقّق الشفعة مع قصد البيع ورضاه حيث كان وكيلاً باختياره!؟

____________________

(١ - ٥ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

٢٣٧

وقال أبو حنيفة : في الوكيل والوصي معاً تثبت الشفعة في الشراء ، ولا تثبت في البيع(١) .

ولو وكّل الشريكُ شريكَه ببيع نصف نصيبه ، أو أذن له في بيع نصيبه أو بعض نصيبه مع نصيب الموكّل إن شاء ، فباع نصف نصيب الموكّل مع نصف نصيبه صفقة واحدة ، فللموكّل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة.

وهل للوكيل أخذ نصيب الموكّل؟ للشافعي(٢) الوجهان السابقان.

مسالة ٧٣٣ : إنّه سيأتي(٣) الخلاف في أنّ الشفعة هل تثبت مع الكثرة أم لا؟ فإن قلنا به لو كان ملكٌ بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه من أحد الآخَرَيْن ، فالشفعة بين المشتري والشريك الآخَر يشتركان في المبيع - وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني والشافعي في أصحّ الوجهين(٤) - لاستوائهما في الشركة وسبب الشفعة ، كما لو كان المشتري غيره.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ الشريك الثالث منفرد بالشفعة ، ولا حقّ فيه للمشتري - وهو محكيّ عن الحسن البصري وعثمان البتّي - لأنّ الشفعة تستحقّ على المشتري ، فلا يجوز أن يستحقّها المشتري على نفسه(٥) .

وليس بصحيح ؛ لأنّا لا نقول : تجب له الشفعة ، بل لا يستحقّ عليه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

(٣) لم نعثر على الخلاف فيما يأتي من مسائل الشفعة ، وقد تقدّم في ص ٢٠١ - ٢٠٢ ، المسألة ٧٠٦.

(٤) المغني ٥ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩ - ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥ ، المغني ٥ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٥.

٢٣٨

في نصف النصيب ؛ لأنّه أولى من الشريك الآخَر ، ولا بُعْد في استحقاق الإنسان على نفسه لأجل تعلّق حقّ الغرماء ، كالعبد المرهون إذا جنى على عبدٍ آخَر لسيّده ، فإنّه يثبت للسيّد على العبد أرش الجناية لأجل تعلّق حقّ الغير به ، ولو لم يكن مرهوناً ، ما تعلّق به ، فعلى هذا يكون الثالث بالخيار بين أن يترك جميع المبيع ، أو يأخذ الجميع ، وعلى الأوّل يتخيّر بين أن يأخذ نصف المبيع أو يترك.

فإن قال المشتري : خُذ الكلَّ أو اترك الكلَّ وقد تركتُ أنا حقّي ، لم تلزمه الإجابة ، ولم يصح إسقاط المشتري الشفعة ؛ لأنّ ملكه مستقرّ على النصف بالشراء ، فأشبه ما إذا كان للشقص شفيعان : حاضر وغائب ، فأخذ الحاضر الجميعَ ، ثمّ عاد الغائب ، له أن يأخذ نصفه ، وليس للحاضر أن يقول : اترك الكلَّ أو خُذ الكلَّ وأنا تركت حقّي ، ولا نظر إلى تبعّض الصفقة عليه ، فإنّه لزم من دخوله في هذا العقد.

وعن بعض الشافعيّة وجه : أنّه إذا ترك فيه المشتري حقّه ، وجب على الآخَر أخذ الكلّ أو ترك الكلّ ، كما إذا باع من أجنبيّ وله شفيعان ، فترك أحدهما حقّه ، يأخذ الآخَر الكلَّ أو يترك الكلَّ ، إلّا أنّ هذا الترك سابق على اختيار التملّك هناك ، وفيما نحن فيه اختيار(١) التملّك بالشراء ، فلم يؤثّر الإعراض بعده(٢) .

ولو كان بين اثنين دار فباع أحدهما نصف نصيبه من ثالث ثمّ باع النصف الثاني من ذلك الثالث ، فعلى أحد قولي الشافعيّة حكمه حكم ما لو‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « اختار ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

٢٣٩

باع النصف الثاني من أجنبيّ. وعلى الآخَر : لا شفعة للمشتري ، وللشفيع الخيار بين أن يأخذ الكلَّ أو يأخذ أحد النصفين دون الآخَر(١) .

مسالة ٧٣٤ : تبرّعات المريض عندنا من الثلث‌ ، فلو باع المريض شقصاً من دار وله شفيع ، فإمّا أن يبيع بثمن المثل أو بدونه ، فإن باع بثمن المثل ، لزم البيع ، وثبتت فيه الشفعة ، سواء كان المشتري والشفيع وارثين أو أحدهما أو غير وارثين - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ البيع بثمن المثل لا اعتراض فيه ، وإنّما يعترض على المريض في التبرّع ، وبه قال أبو يوسف ومحمد(٣) أيضاً.

وقال أبو حنيفة : لا يصحّ بيعه من وارثه ؛ لأنّه محجور عليه في حقّه ، فصار كبيع الصبي(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّه محجور عليه في التبرّع في حقّه ، كما يحجر عليه في حقّ الأجنبيّ في الثلث ، ويصحّ أن يبيع منه بثمن مثله مطلقاً ، كذا هنا.

وإن باع بدون ثمن المثل ، فلا يخلو إمّا أن يكون المشتري والشفيع أجنبيّين أو وارثين أو المشتري وارثاً والشفيع أجنبيّاً أو بالعكس.

فإن كانا أجنبيّين ، فإن احتمل الثلث المحاباة ، صحّ البيع ، وأخذ الشقص بالشفعة ، ولا(٥) إشكال ؛ لأنّ المحاباة وقعت في البيع ، فإذا وقع البيع مسترخصاً ، لم يسقط حقّ الشفعة ، ولم يجز أن يأخذه بأكثر من الثمن.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

(٢ - ٤ ) حلية العلماء ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٥ : ٤٧٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣٥.

(٥) في « ي » والطبعة الحجريّة : « فلا » بدل « ولا ».

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381