تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119859 / تحميل: 5661
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٢٢٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بالعاقد ، فليس لأحد الموكّلين ردّ نصيبه خاصّةً ، كما لو اشترى ومات عن ابنين وخرج معيباً ، لم يكن لأحدهما ردّ نصيبه خاصّة.

وهل لأحد الموكّلين والابنين أخذ الأرش؟

أمّا عندنا : فنعم.

وأمّا عند الشافعي : فكذلك إن وقع اليأس عن ردّ الآخر بأن رضي به. وإن لم يقع ، فكذلك على أصحّ الوجهين(١) .

ب - لو وكّلا واحداً ببيع عبدٍ لهما ، أو وكّل أحد الشريكين صاحبه ، فباع الكلّ ثمّ ظهر عيب ، فعلى الأوّل لا يجوز للمشتري ردّ نصيب أحدهما. وعلى الوجوه الباقية يجوز.

ولو وكّل رجل اثنين ببيع عبده ، فباعاه من رجلٍ ، فعلى الأوّل يجوز للمشتري ردّ نصيب أحدهما. وعلى الوجوه الباقية لا يجوز.

ولو وكّلا رجلاً بشراء عبد أو وكّل رجلٌ رجلاً بشراء عبد له ولنفسه ، ففَعَل وظهر العيب ، فعلى الأوّل والثالث ليس لأحد الموكّلين إفراد نصيبه بالردّ. وعلى الثاني والرابع يجوز.

وقال القفّال : إنّه إن علم البائع أنّه يشتري لاثنين ، فلأحدهما ردّ نصيبه ؛ لرضا البائع بالتبعيض. وإن جهله البائع ، فلا(٢) . ولا بأس به عندي.

ج - لو وكّل اثنان رجلا ببيع عبد ، ورجلان رجلا بشرائه ، فتبايع الوكيلان وخرج معيبا ، فعلى الأوّل لا يجوز التفريق. وعلى الوجوه الباقية يجوز.

ولو وكّل رجلٌ رجلين ببيع عبد ورجلٌ رجلين بشرائه ، وتبايع الوكلاء ، فعلى الأوّل يجوز التفريق ، ولا يجوز على الوجوه الباقية.

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٩٩ ، المجموع ٩ : ٣٨٦.

٤١

المقصد السادس : فيما يندرج في المبيع‌

وضابطه الاقتصار على ما يتناوله اللفظ لغةً وعرفاً.

والألفاظ التي تمسّ الحاجة إليها ستّة تشتمل عليها مباحث ستّة :

الأوّل : الأرض.

مسالة ٥٦٦ : إذا قال : بعتك هذه الأرض أو العرصة أو الساحة أو البقعة‌ ، تناول اللفظ ما دلّ عليه حقيقةً ، وهو نفس الأرض ، فلو كان فيها ما هو متّصل بها كالأشجار والأبنية ، أو منفصل كالأمتعة وشبهها ، لم يدخل.

ولا خلاف في الثاني إلّا فيما يستثنى من المفتاح وشبهه ، وإنّما اختلفوا في الأوّل.

فإذا قال : بعتك هذه الأرض دون ما فيها من البناء والشجر ، لم يدخلا إجماعاً.

وإن قال : بعتكها بما فيها أو بما اشتملت عليه حدودها ، دخلا قطعاً.

وإن أطلق ، لم تدخل عندنا ، لخروجها عن مسمّى الأرض.

وقال الشافعي هنا : إنّه يدخل في البيع. وقال في الرهن : إذا قال : رهنتك هذه الأرض ، ولم يقل : بحقوقها ، لم يدخل الشجر والبناء في الرهن(١) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٥ ، الوسيط ٣ : =

٤٢

واختلف أصحابه على طرق ثلاثة :

أحدها : أنّ البناء والغراس لا يدخل في بيع الأرض إذا كان مطلقاً ، وكذلك في الرهن ، والذي قال هنا أراد به إذا قال : بحقوقها ، لأنّ الأرض اسم لا يتناول البناء والشجر ، وهما ينفردان عنها في البيع ، فلم يدخلا في البيع باسم الأرض.

الثاني : أنّ جوابه مختلف ، ولا فرق بين البيع والرهن ، فتكون المسألتان على قولين ، أحدهما : لا يدخل فيهما البناء والشجر. والثاني : يدخلان ، لأنّهما للدوام والثبات في الأرض ، فأشبهت أجزاء الأرض ، ولهذا يلحق بها في الأخذ بالشفعة.

الثالث : الفرق بين البيع والرهن ؛ فإنّ البيع يزيل الملك ، فهو أقوى من الرهن الذي لا يزيله. ويفيد البيع ملك ما يحدث في الأرض من الشجر ، بخلاف الرهن ، فليستتبع البيع البناء والشجر ، ولهذا كان النماء الحادث في الأصل المبيع للمشتري ، ولم يكن النماء الحادث في الأصل المرهون مرهوناً. وهذا الثالث عندهم أوضح الطرق(١) .

لا يقال : لو باع النخل ، لم تدخل فيه الثمرة وإن كانت متّصلةً.

لأنّا نقول : الثمرة لا تراد للبقاء ، فليست من حقوقها ، بخلاف البناء والشجر.

____________________

= ١٦٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٦ - ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤ ، المغني ٤ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٥ ، الوسيط ٣ : ١٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤ - ١٩٥ ، المغني ٤ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

٤٣

والوجه ما قلناه أوّلاً.

مسالة ٥٦٧ : لو قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، ففي دخول البناء والشجر إشكال عندي أقربه : عدم الدخول ؛ لأنّ ذلك ليس من حقوق الأرض ، بل حقوقها الممرّ ومجرى الماء وأشباه ذلك.

وقال الشيخرحمه‌الله : يدخل(١) . وبه قال الشافعي(٢) .

وحكى الجويني في وجهٍ أنّه لا يدخل(٣) ، كما قلناه.

وقد روى محمد بن الحسن الصفّار عن العسكري ٧ في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة فيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه ، وذكر فيه أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها أتدخل النخل والأشجار والزرع في حقوق الأرض أم لا؟ فوقّع ٧ « إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها»(٤) .

وهذا الخبر صحيح لا ريب فيه ، إنّما المشكل صورة النزاع ، فإنّه فرق بين أن يبيع الأرض بحقوقها وهو المتنازع ، وبين أن يبيعها بما أغلق(٥) عليه بابها الذي هو الجواب ، فإنّ الشجر والبناء والزرع والبذر وأصل البقل تدخل في الصورة الثانية.

وكذا لو قال : بعتك الأرض بما فيها أو ما اشتملت عليه حدودها.

مسالة ٥٦٨ : الزرع قسمان :

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٠٥ ، الخلاف ٣ : ٨٢ ، المسألة ١٣٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨.

(٤) التهذيب ٧ : ١٣٨ / ٦١٣.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « يغلق ».

٤٤

أ - ما لا تتعدّد فائدته وثمرته ، بل توجد(١) مرّة واحدة ، كالحنطة والشعير والدخن وغيرها. وهذا لا يدخل في الأرض لو قال : بعتك هذه الأرض ، لأنّه ليس للدوام والثبات ، فكان كالأمتعة في الدار.

وكذا لا يدخل في الأرض الجزر الثابت ولا الفجل ولا السلق ولا الثوم ، كالحنطة والشعير ، وبه قال الشافعي(٢) .

أمّا لو قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، فإنّ هذا القسم من الزرع لا يدخل عندنا ؛ لأنّ الثابت المستمرّ - كالبناء والغرس - لا يدخل ، فغيره أولى بعدم الدخول ، وبه قال الشافعي(٣) .

ب - ما تتعدّد فائدته وتوجد(٤) ثمرته مرّة بعد اُخرى في سنتين وأكثر ، كالقطن والباذنجان والنرجس والبنفسج ، ولا تدخل في الأرض اُصولها عندنا وإن قال : بحقوقها.

وللشافعي قولان كالأشجار(٥) .

وأمّا الظاهر من ثمارها عند العقد فهو للبائع.

وفي النرجس والبنفسج وجه للشافعيّة : أنّهما من قبيل الزرع لا يدخلان(٦) .

وأمّا ما يجزّ مراراً كالقتّ والقصب والهندباء والكرّاث والنعناع والكرفس والطرخون فلا تدخل في الأرض عندنا وإن قال : بحقوقها ، لا ما ظهر منها ولا اُصولها.

____________________

(١) الظاهر : « تؤخذ » بدل « توجد ».

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ١٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٤) الظاهر : « تؤخذ » بدل « توجد ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

٤٥

وقال الشافعي : لا تدخل الجزّة الظاهرة عند البيع ، بل هي للبائع ، وفي دخول الأصول الخلاف(١) .

وعند بعضهم أنّها تدخل قطعاً في بيع الأرض ؛ لأنّها كامنة فيها بمنزلة أجزائها(٢) .

وبالجملة ، كلّ زرع لا يدخل في البيع لا يدخل وإن قال : بعت الأرض بحقوقها عند الشافعي(٣) .

مسالة ٥٦٩ : إذا باع الأرض وفيها زرع ، كان البيع صحيحاً‌ ؛ عملاً بالأصل ، كما لو باع داراً مشغولة بأمتعة البائع ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو إسحاق من الشافعيّة : إنّ للشافعي فيها قولين ، كما لو باع العين المستأجرة ، فإنّ فيها قولين باعتبار استثناء المنفعة ، والمعتدّة إذا استحقّت السكنى في الدار ، لم يجز بيعها عندهم قولاً واحداً(٥) .

وأنكر باقي أصحاب الشافعي عليه ، وفرّقوا بينهما ؛ لأنّ بقاء الزرع في الأرض لا يحول بين يدي المشتري وبين الأرض ، وإنّما للبائع ترك الزرع والدخول للحاجة إلى ذلك ، بخلاف المستأجر والمعتدّة ، فإنّ يدهما حائلة ، وفرق بينهما ، ولهذا لو زوّج أمته وباعها ، يصحّ البيع قولا واحدا ، لأنّ يد الزوج ليست حائلة ، وإنّما ينتفع ببعض منافعها.

قالوا : ولو كان الأمر على ما قاله أبو إسحاق ، لكان البيع هنا باطلاً قولاً واحداً ؛ لأنّ مدّة إكمال الزرع مجهولة(٦) .

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٤) الوجيز ١ : ١٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.

(٥ و ٦ ) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

٤٦

مسالة ٥٧٠ : إذا ثبت أنّ البيع صحيح ، وأنّ الزرع للبائع‌ ، فإنّ له تبقيته إلى أوان الحصاد بغير اُجرة عليه في المدّة - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ تبقية الزرع مستثناة من بيعه ، فكأنّه باع العين دون المنفعة.

وقال أبو حنيفة : ليس له ذلك ؛ لأنّه بالبيع ملك المشتري المنافع(٢) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإنّه إذا حضر وقت الحصاد ، أمر بالقطع وتفريغ الأرض ، وعليه تسويتها وقلع العروق التي يضرّ بقاؤها بالأرض ، كعروق الذرّة ، كما لو كان في الدار دابّة لا يتّسع لها الباب ، فإنّها تنقض ، وعلى البائع ضمانه.

ولو قطع البائع الزرع قبل أوان حصاده ، لم يكن له الانتفاع بالأرض ، وكانت المنفعة للمشتري؛ لأنّه إنّما استحقّ تبقية هذا الزرع قضاءً للعادة بالتبقية ، ولئلّا يتضرّر بقطعه ، وهذه الضرورة قد زالت ، فإذا أزاله ، لم يكن له الانتفاع بمكانه ، كما لو باع داراً فيها قماش له ، فإنّ عليه نقله بمجرى العادة ، فإن جمع الحمّالين ونقله في ساعة واحدة ، لم يكن له حبس الدار إلى أن يمضي زمان العادة في النقل والتفريغ ، كذا هنا.

وإذا ترك الزرع حتى استحصد ، وجب عليه نقله بحسب الإمكان ، فإن أراد تبقيته ؛ لأنّه أنفع له ، لم يترك ، فإذا حصده ، فإن بقي له اُصول لا تضرّ بالأرض ، لم يكن عليه نقلها ، وإلّا وجب.

مسالة ٥٧١ : إذا كان المشتري جاهلاً بالزرع بأن تقدّمت رؤيته للأرض قبل البيع وقبل الزرع ، ثمّ باعها بعده ، كان له الخيار في فسخ البيع ؛ لنقص‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠.

٤٧

المبيع عادة ، وعدم تمكّنه من الانتفاع به عقيب العقد وهو مقتضاه. وإن شاء أجاز البيع مجّاناً بغير أرش ولا اُجرة.

وإن كان عالماً ، لزمه البيع ، وسقط خياره ، كعالم العيب قبل البيع.

وإذا خلّى البائع بينه وبين الأرض المشغولة بزرعه ، كان إقباضاً له.

وهل يدخل في ضمان المشتري بذلك؟ الأقرب : ذلك وإن تعذّر انتفاعه بها ، لشغل الزرع المتقدّم - وهو أظهر قولي الشافعيّة(١) - لحصول التسليم في الرقبة ، وهي المبيعة.

والثاني : لا يدخل في ضمان المشتري ؛ لأنّها مشغولة بملك البائع ، كما ذكرنا فيما إذا كانت الدار مشحونةً بأمتعة البائع(٢) .

والمعتمد : الأوّل ، والفرق أنّ التفريغ في الأمتعة متأتٍّ في الحال ، على أن الجويني أورد فيها وجهاً(٣) أيضاً.

مسالة ٥٧٢ : إذا كان في الأرض اُصول لما يجزّ مرّة بعد اُخرى‌ ، فقد قلنا : إنّها لا تدخل في بيع الأرض.

وقال الشافعي : تدخل. فعلى قوله يشترط المشتري على البائع قطع الجزّة الظاهرة ؛ لأنّها تزيد، ويشتبه المبيع بغيره(٤) .

وكذا عندنا لو شرط دخول اُصولها في العقد.

ولا فرق بين أن يكون ما ظهر بالغاً أوان الجزّ أو لا يكون.

قال بعض الشافعيّة : إلّا القصب ، فإنّه لا يكلّف قطعه إلّا أن يكون ما ظهر قدراً ينتفع به. ولو كان في الأرض أشجار خلافٍ تُقطع من وجه‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

٤٨

الأرض ، فهي كالقصب(١) .

مسالة ٥٧٣ : لو كان في الأرض بذر كامنٌ لم يظهر‌ ، لم يدخل في بيع الأرض وإن قال : بحقوقها ، على ما تقدّم.

وقال الشافعيّ هنا بالتفصيل الذي ذكره في الزرع ، فالبذر(٢) الذي لا ثبات لنباته ويؤخذ(٣) دفعةً واحدة لا يدخل في بيع الأرض المبيعة ، ويبقى إلى أوان الحصاد ، وللمشتري الخيار مع جهله، فإن تركه البائع له ، سقطه خياره ، وعليه القبول ، قاله الشافعي(٤) .

وعندي فيه إشكال.

ولو قال البائع : أنا آخذه وأفرغ الأرض ، فلا خيار للمشتري أيضاً إن قصر الزمان ، وإلّا فله الخيار.

وأمّا البذر الذي يدوم(٥) نباته ، كنوى النخل والجوز واللوز وبذر الكرّاث ونحوه من البقول فإنّ حكمها في الدخول تحت بيع الأرض حكم الأشجار ؛ لأنّ هذه الاُصول تُركت في الأرض للتبقية ، فهي كاُصول الشجر إذا غُرست(٦) .

والحقّ ما قلناه نحن من عدم الدخول في القسمين ؛ عملاً بالأصل ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.

(٢) في « س » والطبعة الحجريّة : « فالقدر » بدل « فالبذر ». والكلمتان ساقطتان في « ي » والظاهر ما أثبتناه لأجل السياق وكما هو في المصدر أيضاً.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « يوجد » بدل « يؤخذ ». والظاهر ما أثبتناه وكما هو في المصدر أيضاً.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦ - ١٩٧.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « تقدّم » بدل « يدوم ». والصحيح ما أثبتناه كما هو في المصدر أيضاً.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

٤٩

واستصحاب ملك البائع.

مسالة ٥٧٤ : إذا باع أرضاً وفيها حجارة ، فإمّا أن تكون مخلوقةً فيها أو لا.

فإن كانت مخلوقةً ، دخلت في بيع الأرض مع الإطلاق ؛ لأنّها من جملة الأرض.

ثمّ إن كانت مضرّةً بالغراس وتمنع عروقه من النفوذ ، فإن كان المشتري عالماً بذلك ، فلا خيار له. وإن لم يكن عالماً ، ثبت له الخيار ؛ لأنّ ذلك عيب ، وبه قال الشافعي(١) .

وفيه وجهٌ(٢) آخر له : أنّه ليس بعيب ، وإنّما هو فوات فضيلة(٣) .

وإن لم تضرّ بالأرض ولا بالشجر بأن تكون بعيدةً من وجه الأرض لا تصل إليها عروق الشجر، فلا خيار للمشتري ، لأنّ ذلك ليس بعيب.

وأمّا إن لم تكن مخلوقةً في الأرض ، فإمّا أن تكون مبنيّهً فيها مدرجة في البناء ، فإنّها أيضاً تدخل في الأرض إن قلنا بدخول البناء ، أو اشترط دخوله. وإمّا أن تكون مودعةً فيها مدفونة للنقل [ فإنّها ] لم تدخل في البيع - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّها بمنزلة الكنوز والأقمشة في الدار وقد تُركت في الأرض للنقل والتحويل.

وإذا كانت للبائع عند الإطلاق ، فإمّا أن يكون المشتري عالماً بالحال من كونها في الأرض وضررِها ، أو جاهلاً.

فإن كان عالماً ، فلا خيار له في فسخ العقد وإن تضرّر بقلع البائع ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « وفي وجه ».

(٣ و ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

٥٠

وله إجبار البائع على القلع والنقل تفريغاً لملكه ؛ لأنّه لا عرف في تبقيتها ، بخلاف الزرع ، فإنّ له أمداً ينتظر.

ولا اُجرة للمشتري في مدّة القلع والنقل وإن طالت ، كما لو اشترى داراً فيها أقمشة وهو عالم بها ، لا اُجرة له في مدّة النقل والتفريغ.

وعلى البائع - إذا نقل - تسوية الأرض ؛ لأنّ الحفر حصل بنقل ملكه من غير تعدٍّ من صاحب الأرض ، فكان عليه تسويتها.

وإن كان جاهلاً بالحجارة أو علمها وجهل ضررها ، فالأحوال أربعة :

أ - أن لا يكون في ترك الحجارة ولا في قلعها ضرر ، فإن لم يحوج النقل وتسوية الأرض إلى مدّة لمثلها اُجرة ولم تنقص الأرض بها ، فللبائع النقل ؛ لأنّها ملكه ، وعليه تسوية الأرض ، ولا خيار للمشتري إن كان الزمان يسيراً. وإن كان كثيراً يضرّ بمنفعة الأرض ، فله الخيار ، فإن فسخ ، فلا كلام. وإن أجاز ، فهل له الاُجرة؟ وجهان.

وله إجبار البائع على النقل.

وحكى الجويني وجهاً أنّه لا يجبر ، والخيرة للبائع(١) . والمذهب عندهم الأوّل(٢) .

ب - أن لا يكون في قلعها ضرر ويكون في تركها ضرر ، فيؤمر البائع بالنقل ، ولا خيار للمشتري ، كما لو اشترى داراً فلحق سقفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال ، أو كانت البالوعة مفسدةً ، فقال البائع : أنا أصلحه وأنقيها ، لا خيار للمشتري.

ج - أن يكون الترك والقلع معاً مضرّين ، فيتخيّر المشتري ، سواء‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.

٥١

جهل أصل الأحجار أو يكون قلعها مضرّاً. ولا يسقط خياره بأن يترك البائع الأحجار ؛ لما في بقائها من الضرر.

ولو قال البائع للمشتري : لا تفسخ وأنا أغرم لك اُجرة المثل مدّة النقل ، لم يسقط خياره أيضاً، كما لو قال البائع : لا تفسخ بالعيب لأغرم لك أرشه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. والثاني: السقوط(١) . وليس بجيّد.

ثمّ إن اختار المشتري البيع ، فعلى البائع النقلُ وتسوية الأرض ، سواء كان النقل قبل القبض أو بعده.

وهل تجب اُجرة المثل لمدّة النقل إن كان النقل قبل القبض؟ قال الشافعي : يبنى على أنّ جناية البائع قبل القبض كآفة سماويّة أو كجناية الأجنبيّ؟ إن قلنا بالأوّل ، لم تجب ، لأنّ المبيع قبل القبض مضمون بالثمن ، فلا يضمن البائع إلّا ما يتقسّط عليه الثمن. وإن قلنا بالثاني ، فهو كما لو نقل بعد القبض(٢) .

وإن كان النقل بعد القبض ، فوجهان للشافعيّة : عدم الوجوب ؛ لأنّ إجازته رضا بتلف المنفعة في مدّة النقل. وأصحّهما عند أكثرهم : أنّها تجب ؛ لأنّ البيع قد استقرّ والمنافع مضمونة على المتلف ، كضمان أجزائه على المتلف وإن كان البائعَ ، وكما لو جنى على المبيع بعد القبض ، عليه ضمانه.

والحاصل أنّ في وجوب الاُجرة ثلاثة أوجه ، ثالثها - وهو الأظهر عندهم - : الفرق بين أن يكون(٣) النقل قبل القبض ، فلا تجب ، أو بعده‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « بين كون ».

٥٢

فتجب(١) .

ويجري مثل هذا الخلاف في وجوب الأرش لو بقي في الأرض بعد التسوية نقصان وعيب(٢) .

د - أن يكون في قلعها ضرر ولا يكون في تركها ضرر ، فللمشتري الخيار ، فإن أجاز ، ففي الاُجرة والأرش ما مرّ. ولا يسقط خياره بأن يقول : أقلع وأغرم الاُجرة أو أرش النقص. ولو رضي بترك الأحجار في الأرض ، سقط خيار المشتري إبقاء للعقد.

ثمّ ينظر في الترك ، فإن اقتصر البائع على قوله : تركتها للمشتري ، كان ذلك إعراضا لا تمليكا - وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٣) - فتكون باقية على ملك البائع ، والترك أفاد قطع الخصومة.

فإن أراد الرجوع ، فله ذلك - وبه قال أكثر الشافعيّة(٤) - ويعود خيار المشتري.

وقال الجويني : لا رجوع له ، ويلزمه الوفاء بالترك(٥) .

والثاني للشافعيّة : أنّه تمليك ليكون سقوط الخيار في مقابلة ملك حاصل(٦) .

ولو قال : وهبتها منك وحصلت شرائط الهبة ، حصل الملك. ومنهم مَنْ طرّد الخلاف ؛ لأنّه لا يقصد حقيقة الهبة ، إنّما قصد دفع الفسخ.

وإن لم تجمع شرائط الهبة ، بطلت.

وللشافعيّة في صحّتها للضرورة وجهان ، إن صحّحناها ، ففي إفادة‌

____________________

(١ - ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨ - ١٩٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.

٥٣

الملك ما ذكرنا في لفظ الترك(١) .

هذا كلّه إذا كانت الأرض بيضاء ، أمّا إذا كان فيها غرس ، نُظر إن كانت حاصلةً يوم البيع واشتراها مع الأرض ، فنقصان الأشجار وتعيّبها بالأحجار كعيب(٢) الأرض في إثبات الخيار وسائر الأحكام.

وإن أحدثها المشتري بعد الشراء ، فإن كان قد أحدثها عالماً بالأحجار ، فللبائع قلعها ، وليس عليه ضمان نقصان الغراس.

وإن أحدثها جاهلاً ، فله الأرش عندنا ؛ لأنّه عيب تعقّبه تصرّف المشتري ، فسقط ردّه.

وللشافعيّة في ثبوت الخيار للمشتري وجهان : الثبوت ؛ لأنّ الضرر ناشٍ من إيداعه الأحجار في الأرض. والأصحّ عندهم : عدمه ؛ لرجوع الضرر إلى غير المبيع(٣) .

فإن كانت الأرض تنقص بالأحجار أيضاً ، نُظر فإن لم يورث الغرس وقلع الغروس نقصاناً في الأرض ، فله القلع والفسخ عند الشافعي(٤) لا عندنا.

وإن أورث الغرس أو القلع نقصاناً ، فلا خيار في الفسخ ، إذ لا يجوز له ردّ المبيع ناقصاً ، ولكن يأخذ الأرش.

وإذا قلع البائع الأحجار فانتقص الغراس ، فعليه أرش النقص بلا خلاف.

ولو كان فوق الأحجار زرع إمّا للبائع أو للمشتري ، ترك إلى أوان‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

(٢) كذا ، والظاهر : « كتعيّب ».

(٣ و ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

٥٤

الحصاد ؛ لأنّ له غايةً منتظرة ، بخلاف الغراس ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا فرق بينه وبين الغراس(٢) .

تذنيب : إنّما وجب على البائع والغاصب تسوية الحفر إذا حفر في الأرض المغصوبة ، ولم يوجبوا على هادم الجدار أن يعيده ، بل أوجبوا الأرش ؛ لأنّ [ طمّ ](٣) الحفر لا يتفاوت ، وهيئات البناء تختلف وتتفاوت ، فيشبه(٤) [ طمّ ](٥) الحفر بذوات الأمثال ، والهدم بذوات القِيَم حتى لو رفع لبنة أو اثنتين(٦) من رأس الجدار وأمكن الردّ من غير اختلاف في الهيئة ، لزمه الردّ إلى تلك الهيئة.

البحث الثاني : في البستان.

إذا قال : بعتك هذا الباغ أو البستان ، دخل فيه الأرض والأشجار والحائط الدائر عليه ؛ لأنّ لفظ « البستان » يدلّ على مجموع هذه الأشياء بالمطابقة ، لتبادر الذهن إليه.

ولو كان فيه بناء - كبيت أو دار - ففي دخوله في البستان ما مرّ في لفظة « الأرض » فعندنا لا يدخل. وعند الشافعي قولان(٧) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

(٣ و ٥ ) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٤) في « س ، ي » : « فشبه ».

(٦) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « حتى لو وقع لبنة أو اثنتان ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٧) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، الوجيز ١ : ١٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، الوسيط ٣ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

٥٥

وهل يدخل العريش الذي توضع عليه القضبان؟ الظاهر عند الجويني(١) دخوله.

والأقرب عندي : عدم الدخول.

قالت الشافعيّة : لفظ « الكَرْم » كلفظ « البستان »(٢) .

وليس جيّداً ؛ فإنّ العادة والعرف والاستعمال تقتضي عدم دخول الحائط في مسمّى الكَرْم ، ودخوله في البستان.

ولو قال : هذه الدار بستان ، دخلت الأبنية والأشجار معاً.

ولو قال : هذا الحائط بستان ، أو هذه المحوطة ، دخل الحائط المحيط وما فيه من الأشجار ، وأمّا البناء ففيه(٣) ما سبق ، كذا قال بعض الشافعيّة(٤) .

ولا يظهر فرق بين الأبنية والأشجار في المحوطة ، فإمّا أن يدخلا معاً أو يخرجا معاً.

ويدخل المجاز والشرب في لفظ « البستان » و « الباغ » وإن لم يقل : « بحقوقه » على إشكال.

البحث الثالث : في القرية.

إذا قال : بعتك هذه القرية أو الدسكرة ، دخل في المبيع الأبنية‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٢) الوسيط ٣ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وأمّا الشافعيّة » بدل « وأمّا البناء ففيه ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

٥٦

والساحات الداخلة في السور وسور المحيط بها ؛ لأنّ القرية اسم لذلك ، لأنّها مأخوذة من الجمع.

ولا تدخل المزارع فيها - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه لو حلف أن لا يدخل القرية ، لم يحنث بدخول المزارع.

ولو قال : بعتكها بحقوقها ، لم تدخل أيضاً ؛ لأنّها ليست من حقوق القرية ، فلا بُدَّ من النصّ على المزارع ، وبه قال أكثر الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : إنّها تدخل(٣) . وبعضهم قال : إن قال : بحقوقها ، دخلت ، وإلّا فلا(٤) .

وكلاهما ضعيف.

أمّا الأشجار التي في وسط القرية فإنّها على الخلاف السابق فيما لو باع أرضاً وفيها شجر.

والأولى عندي عدم دخولها في القرية.

وقال بعض الشافعيّة : إنّها تدخل في لفظ القرية ، ولا تدخل في لفظ الأرض(٥) .

وقال الشافعي : إذا قال : بحقوقها ، دخلت الأشجار قولاً واحداً(٦) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، الوسيط ٣ : ١٧٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ، منهاج الطالبين : ١٠٦.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٤) فتح العزيز بهامش المجموع ٩ : ٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ، وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ قد سقط بعض القول فلاحِظْ.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤.

(٦) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

٥٧

وتدخل فيها البيوت وحيطانها والسقوف والطرق المسلوكة فيها.

ولو وجدت قرينة تدلّ على إرادة المزارع ، دخلت ، وإلّا فلا ، كما لو ساومه على القرية ومزارعها واتّفقا على ثمن معيّن ثمّ اشترى القرية بذلك الثمن ؛ فإنّ المزارع تدخل هنا ؛ للقرينة الدالّة على الدخول.

وكذا لو بذل ثمناً لا يصلح إلّا للجميع ، دخلت ، عملاً بشاهد الحال.

البحث الرابع : الدار.

مسالة ٥٧٥ : إذا قال : بعتك هذه الدار ، دخل في المبيع الأرض والأبنية على تنوّعها حتى الحمّام المعدود من مرافقها ؛ لتناول اسم الدار لذلك كلّه.

وعن الشافعي أنّ الحمّام لا يدخل(١) .

وحَمَله أصحابه على حمّامات الحجاز ، وهي بيوت من خشب تنقل(٢) .

ولو كان في وسطها أشجار ، لم تدخل عندنا.

وقال الشافعي : إن قال : بحقوقها ، دخلت قطعاً. وإن أطلق ، فعلى الطرق المذكورة في لفظ الأرض(٣) .

ونقل الجويني في دخولها ثلاثة أوجه ، ثالثها : الفرق بين أن تكثر بحيث يجوز تسمية الدار بستاناً ، فلا تدخل في لفظ الدار ، وبين أن لا تكون كذلك فتدخل(٤) .

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ و ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ و ١٩٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ - ٢٠١.

٥٨

مسالة ٥٧٦ : الآلات التي في الدار على أقسام ثلاثة :

أ - المنقولات ، كالدلو والبكرة والرشا والمجارف(١) والسُّرُر والرفوف الموضوعة على الأوتاد من غير تسمّر والسلالم التي لم تسمّر ولم تطيّن والأقفال والكنوز والدفائن.

وهذه لا تدخل في البيع ، وبه قال الشافعي(٢) .

وأمّا المفاتيح للأغلاق المثبتة فالأقرب : دخولها - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٣) - لأنّها من توابع المغلاق المثبت.

والآخر : لا تدخل كسائر المنقولات(٤) .

وكذا الأقرب في ألواح الدكاكين الموضوعة في أبوابها الدخولُ ؛ لأنّها أبواب لها ، فأشبه الباب المثبت.

ويحتمل عدم الدخول ؛ لأنّها تنقل وتحوّل ، فكانت كالفرش.

وللشافعيّة وجهان(٥) .

ب - ما اُثبت في الدار تتمّةً لها ليدوم فيها ويبقى ، كالسقوف‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « المخارق ». وفي « س ، ي » : « المخارف ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ و ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٣ و ٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

٥٩

والأبواب المنصوبة وما عليها من التعاليق(١) والحَلَق والسلاسل والضباب(٢) .

وهذه تدخل في البيع ؛ لأنّها معدودة من أجزاء الدار.

ج - ما اُثبت على غير هذا الوجه ، كالرفوف والدنان والإجّانات المثبتة والسلالم المسمّرة والأوتاد المثبتة في الأرض والجُدْران والتحتاني من حجري الرحى وخشب القصّار ومعجن الخبّاز.

والأقرب : عدم الدخول ؛ لأنّها ليست من أجزاء الدار ، وإنّما اُثبتت لسهولة الارتفاق بها كيلا تتزعزع وتتحرّك عند الاستعمال.

وللشافعي في الفوقاني من حجري الرحى وجهان إن أدخلنا التحتاني ، والأصحّ : الدخول عندهم(٣) .

وقطع الجويني بدخول الحجرين في بيع الطاحونة ، وبدخول الإجّانات المثبتة إذا باع باسم المدبغة(٤) .

مسالة ٥٧٧ : في دخول مسيل الماء في بيع الأرض وشربها من القناة والنهر المملوكين إشكال أقربه : عدم الدخول ، إلّا أن يشترطها ويقول : « بحقوقها ».

وعن بعض الشافعيّة أنّه لا يكفي ذكر الحقوق(٥) .

____________________

(١) الظاهر : « المغاليق » بدل « التعاليق ».

(٢) في « س ، ي » : « الضبّات ». وفي الطبعة الحجريّة : « والضباط ». وهو غلط ، والظاهر ما أثبتناه. والضبّة : حديدة عريضة يضبّب بها الباب والخشب. والجمع : ضباب. لسان العرب ١ : ٥٤١ « ضبب ».

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ - ١٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.

(٥) فتح العزيز بهامش المجموع ٩ : ٣٤ ، وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ قد سقط حرف « لا » في قوله : « لا يكفي » ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

٦٠

ولا تدخل الحجارة المدفونة ولا الآجر المدفون ؛ لأنّه مودع فيها ، إلّا أن تكون الحجارة والآجر مثبتين فيها.

مسالة ٥٧٨ : إذا كان في الدار بئر الماء ، دخلت في المبيع‌ ؛ لأنّها من أجزاء الدار ، وبه قال الشافعي(١) .

وأمّا الماء الحاصل في البئر فالأقرب دخوله.

وللشافعي وجهان :

أحدهما : أنّه مملوك لصاحب الدار ؛ لأنّه نماء ملكه ، فكان داخلاً في ملكه كلبن الشاة ، وبه قال ابن أبي هريرة.

والثاني : أنّه غير مملوك ، لأنّه يجري تحت الأرض ويجي‌ء إلى ملكه ، فهو بمنزلة الماء يجري من النهر إلى ملكه لا يملكه بذلك. ولأنّه لو كان ملكاً لصاحب الدار ، لم يجز للمستأجر إتلافه ، لأنّ الإجارة لا تستحقّ إتلاف الأعيان ، فعلى هذا لو دخل داخل فاستقى ماءً بغير إذن صاحب الدار ، ملك الماء وإن كان متعدّياً بالدخول(٢) .

وإذا باع الماء الذي في البئر ، لم يصحّ البيع على الوجهين عند الشافعي(٣) ؛ لأنّه في أحد الوجهين لا يملك الماء ، فلا يصحّ. وفي الآخر : يكون الماء مجهولاً فيها ، ولا يمكن تسليمه ؛ لأنّه إلى أن يسلّمه يختلط به غيره ، فإذا باع الدار ، لم يدخل الماء في البيع المطلق على الوجهين.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، و ٦ : ٢٣٩ - ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢ ، و ٤ : ٣٧٣ ، المغني ٤ : ٢١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٤٢ ، وروضة الطالبين ٤ : ٣٧٥.

٦١

وأمّا عندنا فإنّه يجوز بيعه منضمّاً إلى الدار ، والجهالة لا تضرّ ؛ لأنّها تابعة ، كأساسات الحيطان.

وإن شرط دخول الماء في البيع ، صحّ عندنا وعنده على قوله : إنّ الماء مملوك(١) .

وأمّا العيون المستنبطة فإنّها مملوكة.

وهل يملك الذي فيها؟ أمّا عندنا : فنعم. وأمّا عند الشافعي :

فوجهان(٢) .

ولا يمكن بيع الماء الذي فيها منفرداً ؛ للجهالة. ويجوز بيع العين وجزء منها.

وأمّا المياه التي في الأنهار - كالفرات ودجلة وما دونها من المياه في الجبال والعيون - فليست مملوكةً ، ومَنْ أخذ منها شيئاً وحازه(٣) ملَكَه ، وجاز له بيعه.

وإذا جرى من هذه المياه شي‌ء إلى ملك إنسان ، لم يملكه بذلك ، كما لو توحّل ظبي في أرضه أو نزل ثلج إلى ساحته.

وكذا إذا حفر نهراً فجرى الماء إليه من هذه الأنهار ، لم يملكه بذلك ، فيجوز لغيره الشرب منه.

أمّا لو حفر النهر وقصد بذلك إجراء الماء وكان النهر مملوكاً له ، فالأولى أنّه يملكه ؛ لأنّه قد حازه(٤) حيث أجراه في نهره ، فكان كما لو أخذ في آنيته.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٢) انظر : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٤٠ ، وروضة الطالبين ٤ : ٣٧٣ ، والمغني ٤ : ٢١٧ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.

(٣ و ٤ ) في الطبعة الحجريّة و « س ، ي » : « أحازه ». والصحيح ما أثبتناه.

٦٢

مسالة ٥٧٩ : لو كان في الأرض أو الدار معدن ظاهر - كالنفط والملح والغاز والكبريت - فهو كالماء هل يملكه صاحب الأرض؟ للشافعيّة وجهان(١) .

وعندنا أنّه مملوك له إذا كان في ملكه.

وإن كان باطناً كالذهب والفضّة وغيرهما من الجامدات ، فهي مملوكة تتبع الأرض في الملك وفي البيع ؛ لأنّها جزء منها - وبه قال الشافعي(٢) - إلّا أنّه لا يجوز بيع معدن الذهب بالذهب.

ولو بِيع بالفضّة ، جاز عندنا ، وعنده قولان(٣) سبقا في الجمع بين البيع والصرف.

مسالة ٥٨٠ : لو باع داراً في طريقٍ غير نافذٍ ، دخل حريمها في البيع وطريقها.

وفي دخول الأشجار فيه ما سبق. وإن كانت في طريقٍ نافذ ، لم يدخل الحريم والأشجار في البيع ، بل لا حريم لمثل هذه الدار ، قاله الشافعي(٤) .

مسالة ٥٨١ : لو باع داراً ، دخل فيها الأعلى والأسفل‌ ؛ لأنّ اسم الدار يشملهما ، إلّا أن تشهد العادة باستقلال الأعلى بالسكنى ، فلا يدخل. وكذا الخان.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٩ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٨٠ - ٣٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢ - ٢٠٣.

٦٣

البحث الخامس : العبد.

مسالة ٥٨٢ : إذا باع عبده أو أمته ، لم يتناول العقد مالَ العبد إن كان له مال وقلنا : إنّه يملك بالتمليك ؛ اقتصاراً على ما يتناوله اللفظ وإبقاءً لغيره على أصله.

ولو شرط البائع المال لنفسه ، فلا بحث في أنّه له ؛ لأنّ ملك العبد ناقص ، وللمولى انتزاعه منه دائماً.

وإن باعه مع المال ، فإن قلنا : إنّه لا يملك ما ملّكه مولاه ، اعتبر فيه شرائط البيع ، فلو كان مجهولاً ، لم يصح. وكذا لو كان دَيْناً والثمن دَيْنٌ ، أو كان ذهباً والثمن منه.

ولو كان ذهباً والثمن فضّة أو بالعكس ، جاز عندنا.

وللشافعي قولان(١) .

وإن قلنا : إنّه يملك ، انتقل المال إلى المشتري مع العبد ، ولا تضرّ الجهالة عند الشافعي(٢) ؛ لأنّ المال هنا تابع وجهالة التابع محتملة كجهالة الأساسات والحمل واللبن وحقوق الدار ، بخلاف الأصل ؛ فإنّه لا يحتمل الجهالة.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ المال ليس بمبيع لا أصلاً ولا تبعاً ولكن شرطه للمبتاع تبقية له على العبد كما كان ، فللمشتري انتزاعه ، كما كان للبائع الانتزاع ، فلو كان المال ربويّا والثمن من جنسه ، فلا بأس. وعلى الأوّل لا يجوز ذلك ، ولا يحتمل الربا في التابع كما في الأصل(٣) .

____________________

(١ - ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

٦٤

والتحقيق أن نقول : إن باعه العبد وماله بحيث كان المال جزءاً من المبيع ، شرط فيه ما شرط في المبيع. وإن باعه العبد وشرط له المال ، كان المال للمشتري ، واشترط فيه شرائط البيع.

مسالة ٥٨٣ : الأقرب : عدم دخول الثياب التي للعبد في بيعه‌ ، اقتصارا على ما تناوله حقيقة اللفظ ، كالسرج لا يدخل في بيع الدابّة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : تدخل ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنّ ما عليه من الثياب يدخل اعتباراً بالعرف ، وبه قال أبو حنيفة(١) .

ولا بأس بهذا القول عندي ، وهو الذي اخترناه في كتاب القواعد(٢) .

والثاني : يدخل ساتر العورة دون غيره(٣) .

ولا وجه له ؛ لأنّ العرف يقضي بالثاني واللغة بالأوّل ، فهذا لا اعتبار به.

ولو جرّده من الثياب وباعه ، لم تدخل قطعاً.

وكذا البحث في عذار الدابّة ومفقودها.

ويدخل نعلها ؛ لأنّه متّصل بها ، فصار كالجزء منها.

مسالة ٥٨٤ : ولا يدخل حمل الجارية ولا الدابّة في بيعهما إلّا مع الشرط‌ ، ولا ثمرة شي‌ء من الأشجار إلّا النخل إذا لم يؤبَّر. ولو شرط خلاف ذلك ، جاز. وقد تقدّم(٤) البحث في هذا كلّه.

____________________

(١ و ٣ ) الحاوي الكبير ٥ : ١٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ - ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٢) قواعد الأحكام ٢ : ٨٥.

(٤) في ج ١٠ ص ٢٧٥ و ٣١٥ - ٣١٦ و ٣٨٤ ، المسائل ١٢٥ و ١٤٠ و ١٨٣.

٦٥

البحث السادس : الشجر.

مسالة ٥٨٥ : إذا باع شجرة ، دخل أغصانها في البيع‌ ؛ لأنّها معدودة من أجزائها.

أمّا الغصن اليابس فالأقرب : دخوله ، ولهذا يحنث لو حلف لا يمسّ جزءا منها ، فلمسه. والقطع لا يخرجه عن الجزئيّة ، والدخول في مسمّى الشجرة كالصوف على الغنم.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : أنّه لا يدخل ؛ لأنّ العادة فيه القطع ، كما في الثمار(١) .

ولو كانت الشجرة يابسةً ، دخلت أغصانها اليابسة قطعاً.

وتدخل العروق أيضاً في مسمّى الشجرة ؛ لأنّها جزء منها. وكذا الأوراق ؛ لأنّها جزء من الشجرة.

وفي أوراق التوت ، الخارجة(٢) في زمن الربيع نظر ينشأ : من أنّها كثمار سائر الأشجار ، فلا تدخل. ومن أنّها جزء من الشجرة(٣) فتدخل ، كما في غير الربيع. وهو الأقوى عندي.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

وكذا شجر النبق يدخل فيه ورقه.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وفي ورق التوت الخارج ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « الشجر ».

(٤) راجع المصادر في الهامش ( ١).

٦٦

وللشافعيّة طريقان ، هذا(١) أحدهما ، كأوراق سائر الأشجار. والثاني : عدم الدخول ؛ لأنّها تلتقط ليغسل بها الرأس(٢) .

مسالة ٥٨٦ : لو باع شجرة يابسة نابتة‌ ، فعلى المشتري تفريغ الأرض منها. ولو(٣) شرط إبقاءها ، فإن عيّن المدّة ، صحّ. وإن أبهم ، بطل ، إذ لا حدّ لها ينتهي إليه.

وأطلق الشافعي البطلان لو شرط الإبقاء ، كما لو اشترى الثمرة بعد التأبير ، وشرط عدم القطع عند الجذاذ(٤) . والفرق ظاهر.

ولو باعها بشرط القطع أو القلع ، جاز.

وتدخل العروق في البيع عند شرط القلع ، ولا تدخل عند شرط القطع ، بل تقطع عن وجه الأرض.

وهل له الحفر إلى أن يصل إلى منبت العروق؟ إشكال.

مسالة ٥٨٧ : لو باع شجرة رطبة بشرط الإبقاء أو بشرط القلع‌ ، اتّبع الشرط ، فإن أطلق ، فالأقرب أنّه يجب الإبقاء ؛ تبعاً للعادة ، كما لو اشترى ما يستحقّ إبقاءه.

ولا يدخل المغرس في البيع عندنا ؛ لأنّ اسم الشجرة لا يتناوله ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : أنّه يدخل - وبه قال أبو حنيفة - لأنّه يستحقّ منفعة المغرس لا إلى غاية ، وذلك لا يكون إلّا على سبيل الملك ، ولا وجه لتملّكه إلّا دخوله في البيع(٥) .

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « وهذا ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤.

(٣) في « س ، ي » : « فلو ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٤ ، منهاج الطالبين : ١٠٦.

٦٧

والمقدّمتان ممنوعتان ؛ لأنّ الغاية انتهاء حياة الشجرة وقد يستحقّ غير المالك المنفعة لا إلى غاية ، كما لو أعار جداره ليضع غيره الجذع عليه.

فعلى الأوّل - الذي اخترناه - لو انقلعت الشجرة أو قلعها المالك ، لم يكن له أن يغرس بدلها ، وليس له أن يبيع المغرس ، وعلى الثاني له أن يغرس بدلها ويبيع المغرس.

وكذا لو باع بستاناً واستثنى منه البائع نخلة.

ولو اشترى النخلة أو الشجرة بحقوقها ، لم يدخل المغرس ، بل الإبقاء ، وليس له الإبقاء في المغرس ميّته إلّا أن يستخلف عوضاً من فراخها المشترطة.

مسالة ٥٨٨ : لو باع شجرة أو نخلة ولها فراخ‌ ، لم تدخل الفراخ في النخلة والشجرة ؛ لأنّها خارجة عن المسمّى ، فلا يتناولها العقد إلّا مع الشرط.

ولو تجدّدت الفراخ بعد البيع ، فهي لمشتري النخلة. ولا يستحقّ المشتري إبقاءها في الأرض إلّا مع الشرط ، فإن لم يشرط ، كان له قلعها عن أرضه عند صلاحية الأخذ لا قبله ، كما في الزرع ، ويرجع في ذلك إلى العادة.

ولو اشترى النخلة بحقوقها ، لم تدخل الفراخ.

ولو استثنى شجرة أو نخلة من البستان الذي باعه ، أو اشترى نخلة أو شجرة من جملة البستان الذي للبائع ، كان له الممرّ إليها والمخرج منها ومدّ(١) جرائدها من الأرض.

____________________

(١) في « س » : « مدى » بدل « مدّ ».

٦٨

ولو انقلعت ، لم يكن له غرس اُخرى ، سواء كان مشترياً للنخلة أو بائعاً لها ، إلّا أن يستثني الأرض.

مسالة ٥٨٩ : لو باع النخل وعليه ثمرة ظاهرة‌ ، فإن كانت مؤبّرةً ، فهي للبائع إجماعاً ، إلّا أن يشترطها المشتري ، فتكون له ؛ عملاً بمفهوم قولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(١) .

وإن لم تكن مؤبّرةً ، فهي للمشتري ، إلّا أن يشترطها البائع ، فتكون له.

ومع الإطلاق للمشتري عندنا - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل(٢) - لما رواه العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ باع نخلاً بعد أن تؤبّر فثمرتها للبائع إلّا أن يشترط المبتاع »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ باع نخلاً قد لقح فالثمرة للبائع إلّا أن يشترطها(٤) المبتاع ، قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك »(٥) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : مَنْ باع نخلاً قد أبّره فثمره للذي باع إلّا أن يشترط المبتاع » ثمّ قال : « إنّ عليّاًعليه‌السلام قال :

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) الوسيط ٣ : ١٧٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥ ، المنتقى - للباجي - ٤ : ٢١٥ ، التفريع ٢ : ١٤٦ ، الذخيرة ٥ : ١٥٧ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٥ / ١١٧٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٩٧ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٦٨ / ١١١٤٧.

(٤) في المصدر : « يشترط ».

(٥) الكافي ٥ : ١٧٧ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٨٧ / ٣٦٩.

٦٩

قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك »(١) .

وهو يدلّ على أنّ النخل إذا لم تؤبّر ، تكون الثمرة للمشتري ؛ لأنّهعليه‌السلام جعل الإبار حدّاً لملك البائع ، وهو يدلّ على أنّه جعل ما قبله حدّاً لملك المشتري. ولأنّها قبل التأبير كالجزء من النخلة لا يعلم حالها من صحّة الثمرة وفسادها.

وقال ابن أبي ليلى : إنّها للمشتري بكلّ حال ؛ لأنّها متّصلة بالأصل اتّصال الخلقة ، فكانت تابعةً له ، كالأغصان(٢) .

ونمنع المساواة ؛ فإنّ الغصن يطلب بقاؤه ، بخلاف الثمرة ، وهو جزء من النخلة داخل في اسمها ، بخلاف الثمرة. ولأنّه نماء كامنٌ لظهوره غاية ، فلم يتبع أصله بعد ظهوره ، كالحمل.

وقال أبو حنيفة : تكون للبائع أبّرت أولا ؛ لأنّه نماء جذاذ انتهى إليه الحدّ ، فلم يتبع أصله ، كالزرع(٣) .

ويبطل بأنّه نماء كامن لظهوره غاية ، فكان تابعاً لأصله قبل ظهوره ، كالحمل عنده(٤) ، والزرع ليس من نماء الأرض ولا متّصلاً بها ، بل هو مودع فيها.

مسالة ٥٩٠ : النخل إمّا فحول أو إناث‌ ، وأكثر المقصود من طلع‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٨٧ / ٣٧٠.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٥ / ١١٧٣ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠١ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ٧٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٣) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٩٥ - ٩٦ / ١١٧٣ ، الوسيط ٣ : ١٧٨ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠١ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٢٠٦.

(٤) الاستذكار ١٩ : ١٤ / ٢٧٩١١ و ٢٧٩١٢.

٧٠

الفحول استصلاح ثمرة الإناث به.

والذي يبدأ(١) أوّلاً منها أكمة صغيرة ثمّ تكبر وتطول حتى تصير كآذان الحمار ، فإذا كبرت تشقّقت فتظهر العناقيد في أوساطها فيذرّ فيها طلع الفحول ليكون الحاصل من رطبها أجود ، فالتشقيق وذرّ طلع الفحول فيها هو التأبير والتلقيح.

ولا فرق بين أن يؤبّرها الملقّح أو يؤبّرها اللواقح ، فإذا كانت الفحول في ناحية الصبا فهبّ الصبا وقت التأبير فأبّرت الإناث برائحة طلع الفحول وكذا إذا تأبّرت من نفسها ، الحكم في الجميع واحد ؛ لظهور المقصود.

إذا ثبت هذا ، فالتأبير إنّما يعتبر في إناث النخل لا فحولها ، فلو باع فحولاً بعد تشقيق طلعها ، لم يندرج في البيع إجماعاً. وكذا إن لم يتشقّق عندنا - وهو أضعف وجهي الشافعيّة(٢) - عملاً بالأصل ، وعدم تناول اسم النخلة له ، السالم عن معارضة نصّ التأبير ، لأنّا قد بيّنّا أنّ جزءه ذرّ طلع الفحل فيه ، وإنّما يتحقّق ذلك في الإناث. ولأنّ طلع الفحل يؤكل على هيئته ، ويُطلب لتلقيح الإناث به ، وليس له غاية منتظرة بعد ذلك ، فكان ظهوره كظهور ثمرة لا قشر لها ، بخلاف طلع الإناث.

والثاني : الاندراج ، كما في طلع الإناث(٣) . وليس معتمدا.

مسالة ٥٩١ : لو أبّر بعض النخلة ، كان جميع طلعها للبائع‌ ، ولا يشترط لبقاء الثمرة على ملكه تأبير جميع طلعها ؛ لما فيه من العسر ، وعدم‌

____________________

(١) كذا ، والظاهر : « يبدو » بدل « يبدأ ».

(٢ و ٣ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥.

٧١

الضبط ، ولأنّه يصدق عليه أنّه قد باع نخلاً قد اُبّر ، فيدخل تحت نصّ أنّه للبائع ، وكان غير المؤبَّر تابعاً للمؤبَّر ، وهو أولى من العكس ، كما أنّ باطن الصبرة تبع لظاهرها في الرؤية. ولأنّ الباطن صائر إلى الظهور ، بخلاف العكس.

ولو باع نخلاتٍ اُبّر بعض نخلها وبعضه غير مؤبَّر ، فالوجه عندي : أنّ النخلة المؤبَّرة ثمرتها للبائع ، وغير المؤبَّرة للمشتري ، سواء كانت النخلات من نوعٍ واحد أو من أنواع مختلفة ، وسواء كانت في بستان واحد أو بساتين.

وقال الشافعي : إن كانت في بستان واحد واتّحد النوع وباعها صفقةً واحدة ، فالحكم كما في النخلة الواحدة إذا اُبّر بعض ثمرها دون بعض.

وإن أفرد ما لم يؤبّر طلعة ، فوجهان :

أحدهما : أنّه يبقى للبائع أيضاً ؛ لدخول وقت التأبير ، والاكتفاء به عن نفس التأبير.

وأصحّهما عندهم : أنّه يكون للمشتري ؛ لأنّه ليس في المبيع شي‌ء مؤبَّر حتى يجعل غير المؤبَّر تبعاً له ، فيبقى تبعاً للأصل.

وإن اختلف النوع ، فوجهان :

أحدهما - وبه قال ابن خيران - : أنّ غير المؤبَّر يكون للمشتري ، والمؤبَّر للبائع ؛ لأنّ لاختلاف النوع تأثيراً بيّناً في اختلاف [ الأيدي ](١) وقت التأبير.

وأصحّهما : أنّ الكلّ يبقى للبائع كما لو اتّحد النوع ، دفعاً لضرر‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من « العزيز شرح الوجيز ».

٧٢

اختلاف الأيدي وسوء المشاركة.

وإن كانت في بساتين ، فحيث قلنا في البستان الواحد : إنّ كلّ واحد من المؤبَّر وغير المؤبَّر يفرد بحكمه ، فهنا أولى. وحيث قلنا بأنّ غير المؤبَّر يتبع المؤبَّر ، فهنا وجهان ، أصحّهما : أنّ كلّ بستان يفرد بحكمه.

والفرق أنّ لاختلاف البقاع تأثيراً في وقت التأبير ، وأيضاً فإنّه يلزم في البستان الواحد ضرر اختلاف الأيدي وسوء المشاركة. ولأنّ للخطّة الواحدة من التأثير في الجميع(١) ما ليس في الخطّتين ، فإنّ خطّة المسجد تجمع بين المأموم والإمام وإن اختلف البناء وتباعدت المسافة بينهما.

ولا فرق بين أن يكون البستانان متلاصقين أو متباعدين(٢) .

فروع :

أ - لو باع نخلة وبقيت الثمرة له ثمّ خرج طلع آخر من تلك النخلة أو من نخلة اُخرى حيث يقتضي الحال اشتراكهما في الحكم - كما هو عند الشافعي - احتمل أن يكون الطلع الجديد للبائع أيضاً ؛ لأنّه من ثمرة العام ، ولأنّه يصدق على تلك النخلة أنّها مؤبَّرة. وأن يكون للمشتري ؛ لأنّه نماء ملكه بعد البيع.

وللشافعيّة وجهان(٣) كهذين.

ب - لو جمع في صفقة واحدة بين فحول النخل وإناثها ، كان كما لو جمع بين نوعين من الإناث ، عند الشافعيّة(٤) .

والوجه : أنّ طلع الفحول للبائع ، وطلع الإناث للمشتري إن لم يكن‌

____________________

(١) في العزيز شرح الوجيز : « الجمع ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٢ - ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٧.

(٣ و ٤ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٨.

٧٣

مؤبّراً.

ج - لو تشقّق الطلع من قِبَل نفسه ، فقد بيّنّا أنّه كما لو أبّره.

وللشافعيّة قولان ، هذا أحدهما.

وقال بعضهم : لا يندرج تحت البيع وإن لم يؤبَّر(١) .

مسالة ٥٩٢ : غير النخل من الأشجار لا تدخل ثمارها في البيع - للأصل - إذا كانت قد خرجت ، سواء بدا صلاحها أو لا ، وسواء كانت بارزةً أو مستترةً في كمام ، وسواء تشقّق الكمام عنها أو لا. وكذا وَرْد ما يقصد وَرْدُه ، سواء تفتّح أو لا ، عند علمائنا. وكذا القطن وغيره. وبالجملة ، كلّ ما عدا النخل فإنّ ثمرته باقية على ملك البائع إذا كانت قد وجدت عند العقد ؛ عملاً بالأصل السالم عن معارضة النصّ ؛ لتخصيصه بالنخل.

وقالت الشافعيّة : ما عدا النخل أقسام :

أوّلها : ما يقصد منه الورق ، كشجر التوت. وقد سبق حكمه.

وشجر الحِنّاء ونحوه يجوز أن يلحق بالتوت. ويجوز أن يقال : إذا ظهر [ ورقه ، فهي ](٢) للبائع بلا خلاف ؛ لأنّه لا ثمر له سوى الورق ، وللتوت ثمرة مأكولة.

وثانيها : ما يقصد منها الوَرْد ، وهو ضربان :

أحدهما : ما يخرج في كمام ثمّ يتفتّح كالورد الأحمر ، فإذا بِيع أصله بعد خروجه وتفتّحه ، فهو للبائع ، كطلع النخل المؤبَّر. فإن بِيع بعد خروجه وقبل تفتّحه ، فهو للمشتري ، كالطلع قبل التأبير.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٣.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز » و « روضة الطالبين ».

٧٤

وقال بعضهم : إنّه يكون للبائع أيضاً.

والثاني : ما يخرج وَرْده ظاهراً ، كالياسمين ، فإن خرج وَرْدُه ، فهو للبائع ، وإلّا فللمشتري.

وثالثها : ما يقصد منه الثمرة ، وهو ضربان :

أحدهما : ما تخرج ثمرته بارزة بلا قشر ولا كمام ، كالتين ، فهو كالياسمين ، واُلحق العنب بالتين وإن كان لكلّ حبّة منه قشر لطيف ويتشقّق ويخرج منها نَوْرٌ لطيف ؛ لأنّ مثل ذلك موجود في ثمرة النخل بعد التأبير ، ولا عبرة به.

والثاني : ما [ لا ](١) يكون كذلك ، وهو ضربان :

أحدهما : ما تخرج ثمرته في نَوْر ثمّ يتناثر النَّوْر فتبرز الثمرة بغير حائل ، كالتفّاح والمشمش والكُمّثرى وأشباهها ، فإن باع الأصل قبل انعقاد الثمرة ، فإنها تنعقد على ملك المشتري وإن كان النَّوْر قد خرج. وإن باعه بعد الانعقاد وتناثر النّور ، فهي للبائع.

وإن باع بعد الانعقاد وقبل تناثر النّوْر ، فوجهان :

أحدهما : أنّها للمشتري تنزيلا للاستتار بالنّور منزلة استتار ثمر الشجر بالكمام.

والثاني : أنّها للبائع ؛ تنزيلاً لها منزلة استتارها بعد التأبير بالقشر الأبيض. وهو أرجح عند الكرخي.

والثاني : ما يبقى له حائل على الثمرة المقصودة ، وهو قسمان :

أحدهما : ما له قشرٌ واحد ، كالرمّان ، فإذا بيع أصله وقد ظهر الرمّان‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من « العزيز شرح الوجيز ».

٧٥

بقشره ، فهو للبائع ، ولا اعتبار بقشره ؛ لأنّ إبقاءه من مصلحته ، والذي لم يظهر يكون للمشتري.

والثاني ما له قشران ، كالجوز واللوز والفستق والرانج(١) ، فإن باعها قبل خروجها ، فإنّها تخرج على ملك المشتري. وإن باعها بعد الخروج ، تبقى على ملك البائع ، ولا يعتبر في ذلك تشقّق القشر الأعلى على أصحّ الوجهين. والثاني : يعتبر.

واعلم أنّ أشجار الضربين الأخيرين منها : ما تخرج ثمرته في قشره من غير نَوْر ، كالجوز والفستق. ومنها : ما تخرج في نَوْر ثمّ يتناثر النَّوْر عنه ، كالرمّان واللوز ، وما ذكرنا من الحكم فيما إذا بِيع الأصل بعد تناثر النّور عنه ، فإن بيع قبله ، عاد الكلام السابق(٢) .

مسالة ٥٩٣ : القطن ضربان :

أحدهما : له ساق يبقى سنين ، ويثمر كلّ سنة ، وهو قطن الحجاز والشام والبصرة.

والثاني : ما لا يبقى أكثر من سنة واحدة.

[ وفي كليهما ](٣) لا يدخل الجوزق(٤) الظاهر في بيع الأصل ، سواء‌

____________________

(١) الرانج : النارجيل ، وهو جوز الهند. لسان العرب ٢ : ٢٨٤ « رنج ».

وفي « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « النارنج ». وهو غلط. والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر أيضاً.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٠ - ٣٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٥ - ٢٠٧.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وكلاهما ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « الجوز » وكذا في المواضع الآتية في هذه المسألة ، ولم نعثر في اللغة على كلمة « الجوز » بهذا المعنى. والصحيح ما أثبتناه.

٧٦

تفتّح أو لا.

وقال الشافعي : القسم الأوّل كالنخل إن بِيع الأصل قبل خروج الجوزق أو بعده قبل تشقّقه ، فالحاصل للمشتري. وإن بِيع بعد التشقّق ، فهو للبائع. والثاني كالزرع ، فإن باعه قبل خروج الجوزق أو بعده قبل تكامل القطن ، فلا بدّ من شرط القطع. ثمّ إن لم يتّفق القطع حتى خرج الجوزق ، فهو للمشتري ، لحدوثه من عين ملكه(١) .

وقال بعضهم : إن باعه بعد تكامل القطن ، فإن تشقّق الجوزق ، صحّ البيع مطلقاً ، ودخل القطن في البيع ، بخلاف الثمرة المؤبَّرة ، لا تدخل في بيع الشجرة ، لأنّ الشجرة مقصودة لثمار سائر الأعوام ، ولا مقصود هنا سوى الثمرة الموجودة. وإن لم يتشقّق ، لم يجز البيع في أصحّ الوجهين ؛ لأنّ المقصود مستور بما ليس من صلاحه ، بخلاف الجوز واللوز في القشر الأسفل(٢) .

مسالة ٥٩٤ : إذا باع الثمرة ولم يشترط القطع‌ ، استحقّ المشتري الإبقاء إلى القطاف بمجرى العادة ، فإن جرى عرف قوم بقطع الثمار ، فالأقرب :

إلحاق العرف الخاصّ بالعامّ ، وذلك كما يوجد في البلاد الشديدة البرد كروم لا تنتهي ثمارها إلى الحلاوة واعتاد أهلها قطع الحِصْرم.

إذا عرفت هذا ، فالثمار يختلف زمان أخذها ، فما يؤخذ في العادة بُسْراً يؤخذ إذا تناهت حلاوته ، وما يؤخذ رطباً إذا تناهى ترطيبه ، وليس له إلزامه بقطعه منصّفاً ، وما يؤخذ تمراً إذا انتهى نشافه.

وكذا يرجع إلى العادة في ثمرة غير النخل من سائر الأشجار.

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٧.

٧٧

تذنيب : لو خِيف على الأصل الضررُ لو بقيت الثمرة ، لم يجب القطع وإن كان الضرر كثيراً على إشكال.

مسالة ٥٩٥ : لو انتقل النخل بغير عقد البيع ، لم يثبت هذا الحكم فيه‌ ، بل الثمرة الظاهرة للناقل إذا وجدت قبل النقل ، سواء كانت مؤبّرة أو غير مؤبَّرة ، عند علمائنا.

ولا فرق بين أن يكون العقد الناقل عقد معاوضة ، كالنكاح والإجارة والصلح ، أو غير عقد معاوضة ، كما لو أصدقها نخلاً فأثمر ثمّ طلّقها وقد ظهر طلع غير مؤبّر ، فإنّه يرجع بنصف النخل دون الثمرة ؛ للأصل المانع من نقل الملك عن صاحبه إلّا بسبب شرعيّ ، السالم عن معارضة البيع.

وقال الشافعي : إنّ عقود المعاوضات تتبع البيع ، فلو أصدقها نخلاً بعد الطلع وقبل التأبير أو جَعَله مال إجارة أو عوض صلح ، دخلت الثمرة في العقد أيضاً ، قياساً على البيع(١) .

وليس بشي‌ء ؛ لأنّا نعارضه بقياس ما قبل التأبير على ما بعده.

ولو ملكها بغير عقد معاوضة ، كما إذا أصدقها نخلاً ثمّ طلّقها بعد الطلع وقبل التأبير ، فإنّه يرجع بنصف النخل خاصّة دون الثمرة ؛ لأنّ الزيادة المتّصلة لا تتبع في الطلاق فالثمرة أولى.

ولو باع نخلاً فأثمر عند المشتري ثمّ أفلس بالثمن ، رجع البائع بالنخل ، ولم تتبعه الثمرة عندنا ، لانتفاء موجبه ، وهو عقد البيع.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّها تتبع ؛ لأنّ ملكه زال عن الأصل ، فوجب أن تتبعه‌

____________________

(١) نقله السبكي أيضاً في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

٧٨

الثمرة ، كما لو زال بالبيع.

والثاني : لا تتبعه ؛ لأنّه رجع إليه بغير عقد معاوضة ، فلم يتبعه الطلع ، كما لو طلّق امرأته(١) (٢) .

وكذا لو وهب نخلة فيها طلع غير مؤبَّر ، لم يتبع الطلع الأصلَ ، وكان باقياً على ملك الواهب، سواء كان بمعاوضة أو لا.

وللشافعي القولان(٣) السابقان.

ولو رجع في الهبة بعد الطلع قبل التأبير ، لم يدخل الطلع في الرجوع.

وللشافعي القولان(٤) .

ولو رهن نخلاً قد أطلع قبل أن يؤبَّر ، لم يدخل في الرهن ؛ اقتصاراً على ما يتناوله اللفظ. ولأنّ الرهن لا يزيل الملك ، فلا يستتبع الثمرة.

وهو جديد الشافعي. وقال في القديم : يدخل(٥) .

مسالة ٥٩٦ : لو كانت الثمرة مؤبَّرةً ، فهي للبائع‌ ، فإن تجدّدت اُخرى في تلك النخلة ، فهي له أيضاً ، وإن كان في غيرها ، فللمشتري ، فإن لم تتميّزا ، فهُما شريكان ، فإن لم يعلما قدر ما لكلٍّ منهما ، اصطلحا ، ولا فسخ ؛ لإمكان التسليم.

وكذا لو اشترى طعاماً فامتزج بطعام البائع قبل القبض ، وله الفسخ.

ولو باع أرضاً وفيها زرع أو بذر ، فهو للبائع ، فإن شرطه المشتري‌

____________________

(١) نقله السبكي أيضاً في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

(٢) وردت العبارة في « س ، ي » والطبعة الحجريّة هكذا : « ولو باع نخلاً فأثمرت ولم تتبعها الثمرة أنّه يتبع فوجب أن تتبعها الثمرة والثاني : لا تتبعها » والصحيح ما أثبتناه.

(٣ - ٥ ) كما في تكملة المجموع ١١ : ٣٤٥.

٧٩

لنفسه ، صحّ ، ولا تضرّ الجهالة ؛ لأنّه بائع.

وللبائع التبقية إلى حين الحصاد مجّاناً. فإن قلعه ليزرع غيره ، لم يكن له ذلك ، سواء قصرت مدّة الثاني عن الأوّل أو لا.

ولو كان للزرع أصل ثابت يجزّ مرّة بعد اُخرى ، فعلى البائع تفريغ الأرض منه بعد الجزّة الاُولى. ويحتمل الصبر حتى يستقلع.

ولا تدخل المعادن في البيع إلّا مع الشرط.

ولو(١) لم يعلم بها البائع وقلنا بالدخول مع الإطلاق ، تخيّر بين الفسخ والإمضاء في الجميع.

ويدخل في الأرض البئر والعين وماؤهما على ما قلناه.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فلو ».

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381